You are on page 1of 11

‫ملخص كتاب‬

‫أزمة العالم الحديث‬










‫ِّد‬
‫مق مة‬
‫يناقش غينون األزمة التي يمر بها العالم الحديث‪ ،‬ويشير إلى أن‬
‫سبب هذه األزمة يتلَّخ ص في االنقطاع عن التراث والجوانب‬
‫ِّك‬
‫الروحية‪ ،‬ففي هذا الكتاب‪ ،‬ير ز غينون على التدهور الذي أنتجه‬
‫العقل الغربي الحديث في مجاالت العلوم والفلسفة واالجتماع‬
‫والسياسة‪ ،‬ويعرض نماذج من هذا التدهور الذي يظهر في‪:‬‬
‫العلم الدنيوي‪ ،‬والفردانية‪ ،‬والفوضى االجتماعية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬كما‬
‫يشير الكاتب أيًض ا إلى وجهة نظره في كيفية الخروج من هذه‬
‫األزمة‪.‬‬








‫كيف وصلنا إلى العصر المظلم؟‬
‫يسِّم ي غينون هذا العصر الحديث بـ"العصر المظلم"‪ ،‬ولكي نعرف‬
‫كيف وصلنا إلى العصر المظلم نحتاج العودة إلى التاريخ‪ ،‬ويركز‬
‫غينون على العصر الوسيط الذي يمتد من عهد شارلمان إلى‬
‫بداية القرن الرابع عشر ألنه يمثل بداية انحالل المسيحية وبداية‬
‫األزمة الحديثة‪ ،‬وبالتالي فإن حقبتي النهضة واإلصالح كانتا نتيجة‬
‫لالنحالل الذي حصل في العصر الوسيط‪ ،‬وحصل فيهما قطيعة‬
‫تامة مع الفكر التقليدي الذي كان منتشًر ا في العصور القديمة‪.‬‬
‫وبمقارنة العصر الكالسيكي بالعصر الحديث‪ ،‬نجد أن الفلسفة في‬
‫وقت اليونان كانت تشير إلى محبة الحكمة واالستعداد المؤدي إلى‬
‫المعرفة‪ ،‬لكنها انحرفت بعد ذلك في العصر الحديث وأصبحت‬
‫ِّك‬
‫"دنيوية"‪ ،‬إذ أصبحت الفلسفة تر ز على اإلنسان وتنحصر في‬
‫العقل‪ ،‬وبالتالي ال تعترف بما فوق العقل أو الميتافيزيقا‪.‬‬
‫ويرى غينون أن العصر الحديث هو عصر شاذ ألنه يستغل كل ما‬
‫تم رفضه من أفكار وعلوم في العصور والحضارات السابقة‪ ،‬ويرى‬
‫المؤلف أنه رغم غموض وشذوذ العصر الحديث؛ فإنه جزء من‬
‫المسيرة العامة لدورة التاريخ‪ ،‬وقد أخبرت العقائد الرَّب انية‬
‫بقدومه‪ ،‬وفي هذا العصر يتحَّو ل الناس عن مصدر معرفتهم‬
‫الروحي ويغرقون في الجانب المادي دون أي ضوابط‪.‬‬








‫الشرق في مواجهة الغرب‬
‫يوضح غينون أن التمايز بين الحضارات المختلفة ال يعني التعارض‬
‫بينها‪ ،‬فيمكن أن يكون هناك تفاهم أو تكامل بين تلك الحضارات إذا‬
‫كانت ترتكز على نفس المبادئ‪ ،‬وهذه المبادئ تتمَّث ل في الحدس‬
‫العقلي والمذهب الميتافيزيقي الروحي‪.‬‬
‫ويرى غينون أن الشرق ال يمثل حضارة واحدة‪ ،‬بل توجد حضارات‬
‫شرقية‪ ،‬ولذلك يميز بين الحضارة الصينية‪ ،‬والحضارة الهندية‪،‬‬
‫والحضارة اإلسالمية‪ ،‬ولكن رغم التباين الموجود بين هذه‬
‫الحضارات‪ ،‬فإنها متكاملة ألنها حضارات تقليدية ترتكز على نفس‬
‫المبادئ‪ ،‬بينما يظهر التعارض بين الشرق والغرب ألن الحضارة‬
‫الغربية منقطعة عن أي تقليد وال تعترف بأي مبدأ أسمى‪ ،‬فالعقل‬
‫الشرقي متناقض مع العقل الغربي ألن األول تقليدي والثاني معاٍد‬
‫للتقليد‪ ،‬ولذلك فإن عودة الغرب إلى التقليد ستضمن إعادة التفاهم‬
‫مع الشرق‪.‬‬
‫من المظاهر التي تفصل الشرق عن الغرب أيًض ا أن الحضارة الغربية‬
‫الحديثة هي حضارة مادية‪ ،‬ويظهر هذا في العلم الحديث الذي‬
‫يحصر الواقع في األشياء المحسوسة‪ ،‬ويظهر أيًض ا في سيطرة‬
‫االقتصاد والصناعة على حياة األفراد‪ ،‬وهذه الحضارة المادية تخلق‬
‫ِّد‬ ‫ِّذ‬
‫ألفرادها حاجات وهمية وتغ ي الشهوات دون أن تح د نقطة‬
‫بعينها للتوُّق ف عندها‪.‬‬
‫وينتقد غينون التصُّو ر الذي يقوم على أن العالقات التجارية بين‬
‫ِّق‬
‫الدول يمكن أن تح ق تقارًب ا بين الشرق والغرب ألنه يرى أن المجال‬
‫االقتصادي ميدان صراع على المصالح‪ ،‬وبالتالي ال يحقق أي تفاهم‬
‫بين الشعوب‪ ،‬وأن الشرق اضطَّر إلى االنخراط في التجارة والصناعة‬
‫من أجل التخُّل ص من الهيمنة الغربية‪.‬‬








‫المعرفة في مواجهة الفعل‬
‫يب ن غينون أحد أسباب التعارض بين الشرق والغرب‪ ،‬وهو‬ ‫ِّي‬
‫المقابلة بين المعرفة (أو التأمل) والفعل‪ ،‬فالعقل الشرقي يتجه‬
‫نحو التأمل أكثر ولكنه ال يلغي الفعل بل يعتبره ثمرة ونتيجة‬
‫للتأمل‪ ،‬بينما العقل الغربي يتجه نحو الفعل لكنه يؤكد هيمنة‬
‫الفعل ويقوم بنزع أي قيمة للتأمل‪ ،‬وبسبب انقطاع الغرب عن‬
‫التأمل والروحانيات؛ ابتدعوا نظريات تضع العمل فوق كل شيء‬
‫مثل البراغماتية‪ ،‬ولم يكن العقل الغربي هكذا دائًم ا؛ ففي العصر‬
‫القديم والوسيط كان العقل الغربي يميل إلى التأمل قبل الفعل‪،‬‬
‫إال أن العقل الغربي الحديث أحدث قطيعة مع التأمل وجنح‬
‫للفعل‪.‬‬
‫ويبرهن المؤلف على أهمية تقديم التأمل على الفعل؛ فيقول إن‬
‫الفعل هو تغيير عابر ومؤقت للكائن‪ ،‬وهذا الفعل ال بد أن يرتبط‬
‫بمبدأ أعلى منه‪ ،‬والمبدأ ال يمكن أن يوجد من غير التأمل أو‬
‫المعرفة‪ ،‬لكن ما يحصل في الغرب الحديث هو أن الفعل بسبب‬
‫انفصاله عن المعرفة وغياب المبدأ‪ ،‬أصبح الغاية في حد ذاته‬
‫وبالتالي ُي نتج فوضى عقيمة‪ ،‬ولذلك كانت السمة األكثر وضوًح ا‬
‫للعصر الحديث هي الرغبة في الحركة والتغيير الذي ال ينتهي‪،‬‬
‫والسرعة الزائدة لألحداث‪ ،‬وهذا التشتت واالضطراب سببه‬
‫المادية التي يجنح إليها العالم الغربي؛ فالمادة تشير إلى الكثرة‬
‫واالنقسام‪ ،‬لذلك كلما انغمسنا في المادة أكثر زادت عوامل‬
‫االنقسام والتضاد‪ ،‬وكلما ارتقينا نحو الروحانية اقتربنا من الوحدة‬
‫التي ال تتحَّق ق إال بالوعي بالمبادئ العامة‪.‬‬









‫العلم المقدس ضد العلم الدنيوي‬
‫يف ق غينون بين العلم المقدس وبين العلم الدنيوي؛ فالعلم‬ ‫ِّر‬
‫الدنيوي هو العلم الحديث الذي اقتصر على الحس والتجربة‪،‬‬
‫وأحدث قطيعة مع مصادر المعرفة األخرى كالحدس‪ ،‬أما العلم‬
‫المقدس فهو العلم التقليدي الذي ال يقتصر على مصدر واحد‬
‫للمعرفة ويأخذ في اعتباره مصادر المعرفة األخرى‪.‬‬
‫فالعلم في التصور التقليدي هو امتداد أو فرع ثانوي للعقيدة‪،‬‬
‫أي أن العلم ليس له قيمة في ذاته‪ ،‬وإنما قيمته تابعة للعقيدة‬
‫التي يستمد منها مبادئه‪ ،‬ولذلك فهو علم مقدس‪ ،‬بينما العلم‬
‫الحديث الذي أحدث قطيعة مع العقيدة والحدس ال يمكن إال أن‬
‫يكون علًم ا دنيوًّي ا‪ ،‬وهذا العلم ال يعكس معرفة حقيقية‪ ،‬وإنما‬
‫ينحصر في تطبيقات عملية فقط؛ بسبب تركيزه على النزعة‬
‫التجريبية وعدم انطالقه من أية مبادئ عامة‪.‬‬
‫ولذلك يعتقد غينون أن العلم الدنيوي ما هو إال "معرفة جاهلة"؛‬
‫معرفة تجهل كل ما يتجاوزها وتجهل كل غاية أسمى منها‬
‫ألنها تقتصر على الحس فقط‪ ،‬وبالتالي تنغلق في مجال محدود‬
‫ال تتجاوزه وتحرم نفسها من التواصل مع الحقائق المتعالية على‬
‫الحس‪ ،‬وكذلك يرى أن العلم الدنيوي الذي يفتخر به الغرب ال يمثل‬
‫سوى انحراف عن العلم الحقيقي (العلم المقدس)‪.‬‬








‫الفردانية‬
‫تعني الفردانية إنكار أي مبدأ أعلى من الفرد‪ ،‬وبالتالي اختزال‬
‫الحضارة في العنصر اإلنساني فقط‪ ،‬هذه الفردانية هي نفسها‬
‫اإلنسانوية التي ظهرت في عصر النهضة‪ ،‬ومن نتائج الفردانية‪:‬‬
‫إنكار الحدس العقلي والجانب الروحاني ألنها ملكات أعلى من‬
‫الفرد‪ ،‬ووضع العقل فوق كل شيء ألنها ملكة إنسانية‪ ،‬بل حتى‬
‫العقل أصبح غير مقبول إال بمقدار قدرته على تكييف المادة‬
‫لصنع مخترعات جديدة‪ ،‬ولذلك اعتبر غينون الفردانية هي السبب‬
‫األساسي لالنحطاط الحالي للغرب‪ ،‬هذه العقلية التي تركز على‬
‫الدنيا واإلنسان كانت موجودة في العصور السابقة‪ ،‬لكنها كانت‬
‫محدودة وشاذة‪ ،‬أما اليوم أصبحت هي العقلية المنتشرة في‬
‫العالم الغربي‪.‬‬
‫ويشير المؤلف إلى أن العقل المعادي للتقليد الذي أنتجته‬
‫الفردانية هو عقل معاٍد للدين ألن الدين شكل خاص من التقليد‪،‬‬
‫وهذا العقل يقوم بتصغير حجم الدين ومنحه مكانة محدودة‬
‫حتى ال يؤثر في باقي جوانب الحياة‪ ،‬ولكنه يرى أن حفظ العقيدة‬
‫يحتاج إلى تعليم تقليدي ليضمن حفظ التفسير األصولي‪ ،‬كما أن‬
‫المؤهلين للكالم باسم عقيدة معَّي نة ال ُي فترض بهم الحديث‬
‫مع الدنيويين أو الخوض في حرب كالمية معهم‪ ،‬بل عليهم‬
‫فقط أن يعرضوا العقيدة كما هي على هؤالء القادرين على‬
‫فهمها‪.‬‬








‫الفوضى االجتماعية‬
‫يرى غينون أن العالم الغربي يعيش حالة من الفوضى في المجال‬
‫االجتماعي‪ ،‬فلم يعد هناك أحد من الناس يجد المكانة التي تناسبه‬
‫داخل المجتمع‪ ،‬وأصبح الناس يعملون فيما ال ُي حسنون‪ ،‬ويرى‬
‫غينون أن السبب في هذه الفوضى هو إنكار الفوارق الطبيعية‬
‫الموجودة بين البشر وإلغاء الطبقات تحت اسم "المساواة"‪ ،‬ومن‬
‫هنا ينتقد المؤلف فكرة المساواة ويعتبرها مبدأ كاذًب ا ألنه‬
‫يتعَّذ ر وجود كائنين متمايزين وفي نفس الوقت متشابهين‪.‬‬
‫ويرى الكاتب أن أفكاًر ا مثل المساواة والتقدم والديمقراطية هي‬
‫أفكار زائفة أسهمت في رعاية العقل الحديث المعادي للتقليد‪،‬‬
‫ويراد منها إحداث ردات فعل عاطفية والتأثير في الجماهير‪.‬‬
‫ويربط غينون فكرة المساواة بفكرة الديمقراطية ألن جوهر‬
‫الديمقراطية يقوم على أن أي فرد يساوي فرًد ا آخر‪ ،‬وأن األغلبية‬
‫ِّو‬
‫هي التي تك ن السلطة‪ ،‬وبالتالي يصبح الكم هو المعيار ال‬
‫الكفاءة‪ ،‬فالديمقراطية فكرة زائفة ألن الشعب في الحقيقة ال‬
‫يملك السلطة‪ ،‬وبالتالي ال يستطيع منحها‪ ،‬فالسلطة الحقيقية ال‬
‫يمكن أن تأتي إال من أعلى‪ ،‬وحتى تكتسب أي سلطة الشرعيَة‬
‫الالزمة تحتاج إلى تصديق من ِق بل شيء أعلى من المستوى‬
‫االجتماعي وهو السلطة الروحية‪ ،‬لكن المهارة الكبرى للحكام في‬
‫العالم الحديث تظهر في قدرتهم على خداع الشعب أنه يحكم‬
‫نفسه بنفسه‪ ،‬وهذا الخداع يتم من خالل فكرة االقتراع العام‬
‫الذي يؤكد أن رأي األغلبية هو اآلمر والناهي‪ ،‬لكن المؤلف يرى أن‬
‫رأي األغلبية يتأثر بالعاطفة ال العقالنية وأن السياسيين يستغلون‬
‫هذا فيقومون بتوجيه هذا الرأي وتعديله‪.‬‬








‫َل‬
‫اجتياح الغرب الحديث للعا م‬
‫يوضح غينون كيف يقوم الغرب باجتياح كل شيء‪ ،‬سواء من خالل‬
‫االستعمار والغزو‪ ،‬أو من خالل التجارة واالستيالء على موارد‬
‫اآلخرين‪ ،‬وبينما لم يستطع االستعمار سوى التحُّك م باألجساد ولم‬
‫تتعَّد آثاره المجال السياسي واالقتصادي‪ ،‬فإن التغريب واالبتعاث‬
‫استطاعا التأثير في عقول بعض الشرقيين وجعلهم معادين‬
‫للتقليد‪ ،‬فقد تأثر بعض الشرقيين اليوم بالغرب وهجروا‬
‫تقاليدهم بسبب التعليم الذي حصلوا عليه في الجامعات‬
‫األمريكية واألوروبية‪ ،‬وبالتالي أصبحوا غربيين من جهة العقلية‪،‬‬
‫ويرجع السبب الوحيد في تأثرهم بالغرب إلى جهلهم بالعقائد‬
‫التقليدية‪ ،‬وعلى الرغم من أن هؤالء الشرقيين "المتغربين"‬
‫يمثلون حاالت فردية‪ ،‬فإن الغربيين يعتقدون أن هؤالء األفراد‬
‫يمثلون الشرق‪ ،‬ولذلك يرى الكاتب أن الناس في الغرب ال يعرفون‬
‫الشرقيين الحقيقيين‪.‬‬
‫في نفس الوقت الذي يقوم الغرب باجتياح العالم والسيطرة‬
‫عليه‪ ،‬يستغرب غينون من هؤالء الذين يعتبرون نفاذ بعض‬
‫األفكار الشرقية إلى الغرب يمثل خطًر ا عليهم يجب التصدي له‪،‬‬
‫ولذلك يقوم بتوجيه نقد الذع لـ"هنري ماسي" مؤلف كتاب‬
‫"الدفاع عن الغرب"‪ ،‬فغينون يرى أن من الالزم إصالح الغرب ال‬
‫الدفاع عن الغرب أو معاداة الشرق‪.‬‬
‫ويشير غينون إلى أن الغرب يفرض هيمنته من خالل إعالء‬
‫شعارات مثل "المساواة" و"الحرية" و"القانون" ويمنع اآلخرين من‬
‫التفكير بخالف ذلك‪ ،‬ولم يعد في الغرب سوى صنفين من الناس‪:‬‬
‫السَّذ ج الذين ينخدعون بهذه الشعارات ويؤمنون أنهم أصحاب‬
‫رسالة تحُّض رية للعالم‪ ،‬واألذكياء الذين يستغلون عقلية السَّذ ج‬
‫لتحقيق مصالحهم‪.‬‬








‫إدراك األزمة والحل‬
‫يرى غينون أن عدًد ا أكبر من الناس أدركوا حقيقة األزمة التي تمر‬
‫بها الحضارة الغربية‪ ،‬لكنهم مخطئون حيث يظنون أن هذه هي‬
‫نهاية العالم‪ ،‬فغينون يعتقد أننا قاربنا على نهاية العالم الحديث‬
‫تحديًد ا‪ ،‬أي أنه يتنبأ بسقوط الحضارة الغربية بشكلها الحالي‪ ،‬ويرى‬
‫أن التغيير الذي سيحصل سيؤثر في شكل العالم كله‪ ،‬لكنه ال‬
‫يعرف كيف سيكون شكل العالم تحديًد ا‪ ،‬ويظل المؤلف متفائاًل‬
‫ألن نهاية هذا العالم هي نفسها بداية عالم جديد أفضل‪.‬‬
‫ويرى المؤلف أن لدينا حاًّل من اثنين‪ :‬إما انتظار كارثة حقيقية تحل‬
‫بالعالم الغربي الحديث وتنهيه‪ ،‬وإما إصالح الغرب من اآلن‪ ،‬وال‬
‫يتأَّت ى هذا اإلصالح إال من خالل العودة إلى التراث والعقل‬
‫التقليدي‪ ،‬والذي يستطيع إحياء التقاليد الغربية هو نخبة فكرية‬
‫مكونة بشكل قوي‪ ،‬وهذه النخبة موجودة بالفعل في الشرق‪،‬‬
‫لكنها غير موجودة اليوم في الغرب‪ ،‬ولذلك ستحتاج النخبة هناك‬
‫إلى شيء من اثنين‪ :‬إما العودة إلى تراثها الخاص وإحياؤه‪ ،‬وإما‬
‫االستعانة بالشرق ومعرفة العقائد الشرقية الستلهامها في‬
‫إحياء التراث الغربي‪ ،‬وهذه النخبة يجب أن تبدأ من المبادئ العامة‬
‫وترجع إلى الحدس والمذهب الروحي‪ ،‬كما يرى غينون أن هذه‬
‫النخبة تحتاج أن ترتكز على منظمة غربية؛ وهي الكنيسة‬
‫الكاثوليكية ألنها هي التي تملك طابًع ا تقليدًّي ا وتحفظ العقيدة‬
‫هناك‪.‬‬








‫وختاًم ا‬
‫يرى غينون أن العالم الغربي الحديث يعيش أزمة؛ هذه األزمة‬
‫سببها األول أن العقل الحديث معارض للتراث والتقاليد‪ ،‬وهذه‬
‫األزمة تتجَّل ى في العلم الذي أصبح دنيوًّي ا تجريبًّي ا وانقطع عن‬
‫العقيدة الروحية‪ ،‬وفي الفوضى االجتماعية التي سببها إلغاء‬
‫الطبقات والفوارق البشرية‪ ،‬وفي التصادم بين الشرق والغرب‬
‫الذي يرجع إلى انقطاع الغرب عن المبادئ العامة التي يتبَّن اها‬
‫الشرق‪ ،‬لكن غينون ما زال متفائاًل ويرى أن من الممكن إصالح‬
‫الغرب من خالل نخبة تضطلع بهذه المهمة وتقوم بإعادة‬
‫الروابط مع التقاليد‪.‬‬







You might also like