You are on page 1of 7

‫‪ 

‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ Øˉ_àÚè…^jÖ]‬‬
‫»‪ Ûã¹]æÚ^]è…^i‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪‬‬
‫ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻱ ﺍﻟﺘﺄﻫﻴﻠﻲ‬
‫ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺑﺎﺣﺚ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻴﺎﺽ‬
‫ﻣﺮﺍﻛﺶ – ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫<‬ ‫<<‬ ‫‪ h^jÓÖ]l^Þ^ée‬‬
‫ﺗﺄﻟﻴﻒ‪:‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ ‪ :‬ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻬﺎﻣﺶ ﻭﺍﻟﻤﻬﻤﺶ‬
‫ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻴﻌﻘﻮﺑﻲ‬ ‫ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺰﻣﻦ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺷﺮﻓﺎﺕ )‪(٨١‬‬
‫ﺧﺎﻟﺪ ﻃﺤﻄﺢ‬ ‫ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ ‪.٢٠١٦‬‬

‫‪DOI‬‬ ‫‪10.12816/0045098‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬


‫ﻬﻤ‪‬ﺶ‬
‫ﻤ َ‬
‫ﺍﻻﺳﺘﻮﻏﺮﺍﻓﻴﺎ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ‪ ،‬ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺤﻮﻟﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ‪ ،‬ﺍﻟ ُ‬

‫‪ ‬‬
‫تاريخ صالونات النخبة نحو مطابخ العامة‪ ،‬فألن واقع البحث‬
‫‪ »]†Æçj‰]Ø}‚Ú‬‬
‫التاريخي اليوم أضحى يفرض قراءة تجارب استوغرافية أجنبية‬
‫يبدو أن مفهوم دراسات الهامش واملهمش أخذ يخرتق باحة‬
‫حاولت تسليط مبضع بحثها عىل حياة البسطاء واملهمشني من‬
‫العلوم اإلنسانية واالجتماعية منذ نهاية القرن التاسع عرش‬
‫أجل فهم مغاير ملا جرى‪.‬‬
‫ضمن سياقات استوغرافية أجنبية‪ .‬ولسوف يربز من خالل‬
‫ثمة نقاش صاخب‪ ،‬يدور حاليًا غري بعيد عنا‪ ،‬داخل‬
‫تحليالت عراب تيار الحتمية الجغرافية األملاني فريدريك راتزل‪،‬‬
‫جامعات أوربية وأمريكية وحتى آسيوية‪ ،‬يسطع ويخبو‪ ،‬تبعا‬
‫الذي سيلبسه رداء الفقر والتهميش املجايل‪ ،‬واألنرتبولوجي كوبر‬
‫لتجاذبات الراهن االنساني‪ ،‬بني اتجاهات فلسفية وتاريخية‬
‫الذي سيكسبه بع ًدا ثقافيًا وحضاريًا‪ .‬والحال سيمثل هذا‬
‫وأدبية‪ ،‬يُعيد طرح قضايا خالفية ظلت لسنوات عديدة تتصدر‬
‫الورش الجديد بمقتىض التجديدات املنهجية الحادثة يف حقل‬
‫واجهة مجالت التاريخ وأروقة مدرجات الجامعات‪ .‬نقاش يُسأل‬ ‫التاريخ واملعرفة التاريخية ً‬
‫آفاقا واعدة ملختيص الزمن من أجل‬
‫مسرية اإلنسان يف التاريخ‪ ،‬من حيث هي ذات منتجة للتاريخ‪،‬‬
‫توصيف أكثف للمايض البرشي‪ ،‬وعله اهتمام يعكس يف جزء منه‬
‫مستوعبة لرشوطه‪ ،‬مُتحررة من وصايته وهيمنته‪ ،‬حسب‬
‫مركزية مفهومي الهامش والهامشية يف كشف كثري من قضايا‬
‫جريارد نوراييل)‪ ،(١‬وذلك بشكل يُسهم يف إعادة بناء وتركيب‬
‫تحتجب وراء براديغم الحدث التاريخي الرسمي‪ ،‬وتقود نحو‬
‫املايض بناء مفاهيميًا وإشكاليًا‪ ،‬فبني االنتصار لتاريخ البنيات‬
‫تأويل وتخصيب املعرفة التاريخية‪ ،‬بشكل يسهم يف هدم وإعادة‬
‫والزمن الطويل الذي هيمن للحظات عىل مسار الكتابة‬
‫بناء الواقعة التاريخية من زاوية جديدة‪ ،‬بمفاهيم جديدة‬
‫ﻋﺮض ﻛﺘـــﺎب‬

‫عرابي الحوليات والتاريخ الجديد‪ ،‬وبني العودة إىل‬


‫التاريخية مع ﱠ‬ ‫ومصادر جديدة‪.‬‬
‫تاريخ األفراد وبيوغرافيات البسطاء الذي ظهر مع تجارب‬
‫وَ َل ِنئ أثارت الباحثة إلني بارو اهتمام الباحثني يف حقل‬
‫استوغرافية جديدة خارج فرنسا‪ ،‬يستوطن جدل ابستمولوجي‬
‫مبكرا إىل أهمية هذا الحقل الواعد‪ ،‬وهي تهم بتفكيك‬‫ً‬ ‫التاريخ‬
‫واسع يخيم عىل ابستمولوجيا التاريخ‪.‬‬
‫املنجز االستوغرايف لصاحب العمران البرشي عبد الرحمان ابن‬
‫خلدون‪ ،‬من خلفية نقل مركز االهتمام يف العلوم االنسانية من‬
‫‪ ‬‬

‫‪  ١٤٣‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬
‫‪ ‬‬
‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٧‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ‬
‫‪ ‬‬
‫فرضت نفسها كحقل جديد إلحياء الذاكرة التاريخية واملوروث‬ ‫ولنئ عكس هذا النقاش يف جزء منه صعوبة اإلمساك بوقائع‬
‫املشرتك‪ ،‬تتناول جوانب متعددة‪ ،‬مثل السري الجماعية‪ ،‬السري‬ ‫املايض‪ ،‬وإعادة تركيب معطياته تركيبًا يقربنا من فهم ما جرى‪،‬‬
‫املتوازية‪ ،‬السري املتقاطعة‪ ،‬السري الفكرية‪ ،‬وسري الناس‬ ‫عميقا بني املركز والهامش‪ ،‬العام والخاص‪،‬‬‫ً‬ ‫فألن هناك تداخال ً‬
‫العاديني‪.‬‬ ‫أساسا من تعقد بنية‬‫ً‬ ‫الكيل والجزئي‪ ،‬األعىل واألسفل‪ ،‬يمتح‬
‫ومهما بدا للبعض من تجاذب بني هذه الرؤى‪ ،‬فإننا أمام‬ ‫األنساق الكربى واختالف الفئات االجتماعية‪.‬‬
‫توجه مختلف بدأ يفرض نفسه داخل مسار الكتابة التاريخية‪،‬‬ ‫بعد مرحلة الكسوف واإلقصاء املمنهج الذي مارسته مدرسة‬
‫يف جامعات متعددة‪ ،‬بدرجات مختلفة‪ ،‬توجه يستشعر التعقيد‬ ‫الحوليات الفرنسية عىل تاريخ األفراد والرسد والحدث‪ ،‬باسم‬
‫الذي يميز مايض الظاهرة االنسانية‪ ،‬ويعمق التفكري يف‬ ‫االنتصار ملوجة البنيات واألنساق االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬التي‬
‫الفردانيات وخصوصيات الحياة الخاصة لبعض األفراد‬ ‫سادت ردحا من الزمن عىل الكتابة التاريخية)‪ .(٢‬تُسجل اليوم‬
‫واملجموعات‪ ،‬ويعيد بناء نسق األحداث التاريخية من زوايا‬ ‫عودة قوية لالهتمام بتاريخ املهمشني والبسطاء من الناس)‪،(٣‬‬
‫جديدة‪ ،‬كما يعيد هدم األصنام الثالث املقدسة لقبيلة مؤرخي‬ ‫عودة تعيد معها إىل الضوء الفرد كصانع للتاريخ‪ ،‬وكمركز‬
‫الحوليات‪ .‬توجه يوصف اليوم باالنفجار البيوغرايف‪.‬‬ ‫لالهتمام والتساؤل داخل مختربات العلوم اإلنسانية‪ .‬عودة إىل‬
‫تاريخ عامة الناس حسب املؤرخ الربيطاني إريك هوبزباوم)‪.(٤‬‬
‫‪ h^jÓÖ]°Ú^–Ú‬‬
‫يطرح كتاب التاريخ من أسفل‪ ،‬يف تاريخ الهامش واملهمش‬ ‫‪ h^jÓÖ]íéqçÖçÊ…çÚ‬‬
‫جملة قضايا منهجية وتاريخية تعتمل داخل مخترب التاريخ‬ ‫ينساق تأليف "التاريخ من أسفل‪ :‬يف تاريخ الهامش‬
‫والعلوم اإلنسانية‪ ،‬بتقسيم موضوعاتي يرتكز عىل أربعة فصول‬ ‫واملهمش"‪ ،‬الصادر حديثا عن منشورات الزمن سنة ‪٢٠١٦‬م‪،‬‬
‫أساسية‪ ،‬يُحاول من خاللها باحثا الكتاب اقتحام مجال كتابة‬ ‫لكل من خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬من حوايل ‪ ١٩١‬صفحة‬
‫ً‬
‫وأيضا استعماالته‪.‬‬ ‫التاريخ من أسفل من حيث غائيته‪ ،‬أدواته‪،‬‬ ‫من الحجم املتوسط‪ ،‬يف سياق موجة جديدة‪ ،‬بدأت تقتحم‬
‫كل ذلك يف املدار الذي ال يفارق تحليل تجارب منهجية انخرطت‬ ‫تدريجيا مجال الكتابة التاريخية باملغرب وخارجه‪ ،‬متشبعة‬
‫يف هذا الورش التاريخي بإيطاليا وبريطانيا والهند‪ ،‬ونقرتح‬ ‫برؤية منفتحة عىل تجارب استوغرافية متعددة‪ ،‬لكل من مدرسة‬
‫مناقشة مضامينه عرب ترسيمة موضوعاتية‪:‬‬ ‫امليكرواستوريا اإليطالية ومدرسة التاريخ من أسفل الربيطانية‬
‫ومدرسة الحياة اليومية األملانية ومدرسة التابع الهندية ومدرسة‬
‫‪ íéÚ^]æÚ^]êÚçãËÚ»IM‬‬
‫شيكاغو األمريكية‪ ،‬هذا التجديد املنهجي ينهل من تراكمات‬
‫بدأ مفهوم الهامش والهامشية يخرتق أدبيات الفكر‬
‫العلوم االجتماعية وتناهجاتها‪ ،‬بحثا عن توصيف أكثف بعبارة‬
‫اإلنساني منذ النصف الثاني من القرن العرشين من خالل‬
‫األنرتبولوجي األمريكي كليفورد كريتز للظاهرة اإلنسانية‬
‫كتابات علماء االجتماع واالنرتبولوجيني وحتى الجغرافيني‪،‬‬
‫املركبة‪ .‬ومن شأنه ذلك أن يُسهم يف إخصاب حقل املعرفة‬
‫وأخدت هذه التحديدات املفاهيمية تتزين بعباءات متعددة‪،‬‬
‫التاريخية‪ ،‬معيدا إىل دائرة الضوء أولئك الذين عَ مﱠ روا لقرون‬
‫قياسا بفضفاضية مفهوم الهامش والهامشية وتشعبات‬
‫مديدة دهاليز التاريخ وأقبيته املظلمة وذاكرة النسيان‪ ،‬نحو‬
‫تأويالته‪ ،‬فهذا الجغرايف راسل عىل مشارف نهاية القرن التاسع‬
‫ارتقاء سطح املعرفة التاريخية بتعبري إلني بارو)‪ ،(٥‬ففي عمق‬
‫عرش يُصبغه برداء املجال‪ ،‬ويعني به املجاالت الهامشية‪ ،‬يف‬
‫التفاصيل الصغرية التافهة وأحيانا املبتذلة تكمن حقيقة جانب‬
‫مقابل املجاالت املركزية‪ ،‬وذاك األنرتبولوجي كوبر يقصد به‬
‫من التاريخ حسب مشيل دو رستو‪ .‬إنه باختصار ما يسميه آالن‬
‫الثقافات املتناهية البساطة‪.‬‬
‫كوربان بالتاريخ الصامت)‪.(٦‬‬
‫برز مفهوم الهامش عند املؤرخ الربيطاني إريك هوبزباوم‬
‫غري بعيد عن فرنسا)‪ ،(٧‬انتعشت كتابة التاريخ من أسفل أو‬
‫ذو النزعة املاركسية الواضحة ممزوجا بالرصاع الطبقي‪ ،‬وهو‬
‫تاريخ الهامش يف بعض بلدان أوروبا الغربية‪ ،‬مع مدرسة‬
‫يحيل بناظره إىل التاريخ من أسفل)‪ ،(٨‬واكتىس عند املفكر‬
‫التاريخ من أسفل االنجليزية‪ ،‬ومدرسة امليكرإستوريا االيطالية‪،‬‬
‫االيطايل أنطونيو غراميش صاحب بُعدًا نظريا للداللة عن هوية‬
‫ومدرسة التاريخ اليومي األملانية‪ .‬تناغما مع الطفرات املنهجية‬
‫ا ُملهَ مﱠ ش‪ /‬الربوليتاري‪ ،‬أي تلك الجماعة من الناس التي تخضع‬
‫التي واكبت مسرية الفكر التاريخي داخل هذه البلدان‪ ،‬وتوافقا‬
‫لسيطرة طبقة نخبوية حاكمة‪ ،‬تحرمها الحق يف املشاركة يف‬
‫مع تشكل قناعة‪ ،‬لدى باحثي هذه البلدان‪ ،‬بدور األفراد يف‬
‫صنع تاريخها وثقافتها كأفراد ناشطني داخل نفس الوطن‪ ،‬يف‬
‫ﻋﺮض ﻛﺘـــﺎب‬

‫صناعة األحداث الكربى‪ ،‬وبتسليط الضوء عىل فئة اجتماعية‬


‫مقابل ذلك نجد املؤرخ الهندي راناجيت غوها يُوظف مفهوم‬
‫ظلت عىل هامش البحث والتمحيص‪ .‬إسهامات تاريخية جديدة‪،‬‬
‫‪ Subaltern‬إلعادة كتابة تاريخ الهند من زاوية جديدة‪ ،‬يربز‬
‫تطفو عىل الواجهة‪ ،‬تغزو األسواق‪ ،‬وتغري القراء بخبايا مثرية‪،‬‬
‫معها الدور الحقيقي للمهمشني يف صنع تاريخ الهند زمن‬
‫وتثري فضول القراء‪ ،‬وتنسف مختلف" الربسبوغرافيات‬
‫االحتالل الربيطاني)‪ .(٩‬وعىل نحو ما يظهر‪ ،‬فقد خالف بذلك‬
‫الكالسيكية"‪ ،‬بمفاهيم وتصورات جديدة‪ ،‬بيوغرافيات خصبة‪،‬‬
‫تنظريات أنطونيو غراميش القائلة بأن هيمنة النخب الحاكمة‬
‫‪ ‬‬

‫‪  ١٤٤‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٧‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ‬


‫‪ ‬‬
‫البنيوية يف مختلف مداخلها املعرفية‪ ،‬وهم ينسفون قلعة‬ ‫عىل باقي فئات املجتمع تستند إىل محدد ثقايف‪ ،‬بالقول أن‬
‫وجودية سارتر وألبري كامو‪ ،‬وظاهراتية هورسل‪ ،‬ولسوف‬ ‫ا ُملهمش يعيش عاملا مستقال عن عالم النخب)‪ .(١٠‬ويف سياق آخر‪،‬‬
‫تكتيس هذه املوضة الفكرية التي جذبت إليها مفكرين من‬ ‫سيعترب عمل كيانديرا باندي ‪ Gyanedra Pandy‬املوسوم‬
‫مختلف بقاع العالم سمعة سيئة‪ ،‬نتيجة تشجنها املعريف‬ ‫بعنوان ‪ Subaltern Citizens‬إضافة نوعية يف الكتابة‬
‫وإقصائها للفرد من مركز االهتمام‪ ،‬وستعمق أحداث ثورة‬ ‫التاريخية‪ ،‬من حيث أن عبارة مُهمش تحمل مسؤولية شديدة‬
‫الشباب الفرنيس سنة ‪ ١٩٦٨‬الشك يف قدرة البنيوية عىل الصمود‬ ‫لكل كتابة تاريخية تروم الكشف عن الذوات املهمشة واملقموعة‬
‫أمام إعصار تفكيكيكة جاك دريدا‪ ،‬وسيكولوجية جيل دولوز‬ ‫وأسباب تهميشها)‪.(١١‬‬
‫وفلييب غاتاري‪ .‬إعصار سيبرش ببداية أفول قلعة البنيوية‪،‬‬ ‫عىل هذا النحو‪ ،‬تظهر دراسات ا ُملهمش كقطيعة بني‬
‫وسيمهد لعودة الفرد إىل سطح الفكر‪ ،‬من حيث هو ذات واعية‬ ‫تاريخني‪ :‬تاريخ السلطة والرأسمال والبنى الفوقية‪ ،‬وتاريخ‬
‫تُعرب عن إدراكات املجتمع‪.‬‬ ‫خارج السلطة والرأسمال‪ .‬تاريخ جديد بدأ ينتعش نسبيًا خارج‬
‫تراجعت موجة البنيوية‪ ،‬التي قدمت الذات قربان ًا يف حقل‬ ‫فلكية السلطة ومداراتها‪ ،‬مستفيدًا من إرث املؤرخني املاركسيني‬
‫العلوم االنسانية)‪ ،(١٥‬وبعيدا عن ساحة الفكر الفرنيس‪ ،‬ارتسمت‬ ‫الربيطانيني تحديدا‪ ،‬ومن تبلور نظريات ما بعد الحداثة وما بعد‬
‫فجأة آفاق جديدة للتاريخ املنظور إليه من أسفل يف كل من‬ ‫الكولونيالية‪ ،‬التي ستمكن من استعادة مختلف الفاعلني‬
‫انجلرتا وأملانيا وايطاليا‪ ،‬تحت وقع تأثري مدرسة شيگاگو‬ ‫وإنصافهم يف التاريخ‪ .‬سيسهم سياق ما بعد الحداثة وما بعد‬
‫األمريكية التي كانت من قبل قد بارشت البحث يف تاريخ الهجرة‬ ‫الكولونيالية يف إعادة النظر يف املركزية األوربية‪ ،‬ولسوف يقتحم‬
‫والجريمة منذ وقت مبكر‪.‬‬ ‫التاريخ حقل الهامشية يف محاولة الستعادة دور املهمشني يف‬
‫التاريخ‪ ،‬من أجل تفكيك االستعمار وبناء الذات املستعمَ رة التي‬
‫‪ íéÞ^ŞèÖ]^éÊ]†Æçj‰÷]»Øˉ_àÚè…^jÖ]IO‬‬
‫ستنتعش بدراسات مختلفة وبمنظور مغاير‪ ،‬تغوص يف ثنايا‬
‫بعيدًا عن فرنسا‪ ،‬أثار كتاب هوارد زن "التاريخ الشعبي‬
‫جزئيات خاصة تسكن دهاليز التاريخ وأقبيته املظلمة لحياة‬
‫للواليات املتحدة من ‪ ١٤٩٢‬إىل اآلن")‪ (١٦‬جلبة كبرية يف األوساط‬
‫بعض الناس العاديني‪ ،‬إىل درجة سيصبح الفرد العادي له‬
‫الرسمية األمريكية‪ ،‬ربما لتزامنه مع سياق التوسع األمريكي من‬
‫داللته ودراميته مثله مثل تاريخ العظماء)‪ ،(١٢‬فالكتابة عن‬
‫جهة‪ ،‬ولكونه يفضح بشكل سافر تاريخ اإلبادة والرق والظلم‬
‫الحداد والطحان والفالح والراعي ستغدو أكثر أهمية يف فصل‬
‫االجتماعي‪ ،‬إىل حد جعلت إريك فورنر يعترب الكتاب بمثابة‬
‫االلتباس عن عديد من قضايا التاريخ األكثر عتمة‪.‬‬
‫نيگاتيف فوتوغرايف للتاريخ األمريكي الرسمي‪.‬‬
‫يُعرب عن هذا املنحى أيضا كل من املؤرخ االنجليزي إدوارد‬ ‫‪ Øˉ_àÚè…^jÖ]±cíèõ†Ö]‚è‚ŸæoÖ^nÖ]Øé¢]l^éÖçuIN‬‬
‫طومسون الذي نرش سنة ‪ ١٩٨٥‬مجلدا يضم عدة مقاالت‪،‬‬ ‫يتتبع الفصل األول من الكتاب إرث أجيال الحوليات الثالث‬
‫مؤسسا لورش جديد بدأ‬ ‫ً‬ ‫بعنوان جامع "التاريخ من أسفل"‪،‬‬ ‫من خالل كتابات الرواد األوائل عن تاريخ املهمش والهامش‪،‬‬
‫يقتحم تدريجيا معاقل الكتابة التاريخية‪ ،‬ويسهم يف تجددها‪،‬‬ ‫ويستقرأ استوغرافية الحولياتيني عرب ابتكار موضوعات جديدة‬
‫من جهته سيؤلف دومنيك جينوفيز كتابا بعنوان "العالم الذي‬ ‫حول تاريخ الذهنيات واإلحساس والفكر والذاكرة الجماعية‬
‫صنعه العبيد" ‪ ،The World the Slaves‬الذي ينكثب عن فئة‬ ‫واملمارسات الرمزية‪ ،‬تاريخ يتزيا برداء أنرتبولوجي)‪ .(١٣‬يرتسم‬
‫العبيد السود كفئة إجتماعية محرومة إجتماعيا‪ ،‬وتربز محاولة‬ ‫هذا املنحى بشكل أدق يف محاولة جون كلود سميث التي عىل ما‬
‫ثالثة ال تقل أهمية عن هؤالء‪ ،‬مع املؤرخ االيطايل كارلو‬ ‫تبدو شكلت ثورة كوبرنيكية يف حقل الكتابة التاريخية وقتئذ‪،‬‬
‫جينزبورغ يف كتابه "الجبن والدود"‪ ،‬التي تمثل معاينة مجهرية‬ ‫إذ نقلتها من برج عاجي نحو مالمسة القاع االجتماعي كما‬
‫ميكروسكوبية لقصة طحﱠ ان عادي من منطقة فريويل شمال‬ ‫عربت بالقول إلني بارو‪ ،‬وكذلك مع فليب أرياس الذي اهتم‬
‫إيطاليا يدعى دومينيكو سكانديللو مشهور بلقب مينوتيش‪،‬‬ ‫بتاريخ الكثل التي ظلت عىل هامش السلطة‪ ،‬وبتاريخ الطفولة‬
‫الذي سيعدم بعد حكم قضائي صادر عن محاكم التفتيش)‪.(١٧‬‬ ‫والعقليات واملوت ا ُملروض وال ﱠالمرئي‪ ،.....‬وقبلهم مؤسس‬
‫من جهته‪ ،‬يتساءل املؤرخ الربيطاني إريك هوبزباوم عن‬ ‫الحوليات لوسيان فيفر من خالل بيوغرافياته املخيالية عن‬
‫جدوائية كتابات تاريخية تقليدية ال يقرأها أحد باستثناء‬ ‫مارغاريت دونوفار وفرانسوا األول وفرانسوا رابليه‪ ،‬وأيضا من‬
‫األساتذة والطلبة من ذوي التخصص‪ ،‬حيث يشري إىل أن التاريخ‬ ‫خالل عمل إيمانويل لوروا الدوري حول راعي بسيط بمنطقة‬
‫ﻋﺮض ﻛﺘـــﺎب‬

‫من أسفل يبدأ مع نهاية القرن الثامن عرش كحقل درايس‪ ،‬من‬ ‫معزولة يف منطقة أرييج العليا يف قبل جبال الربانس)‪.(١٤‬‬
‫خالل أعمال جول ميشليه حول الثورة الفرنسية‪ ،‬غري أن البداية‬ ‫ستنطبع فرتة الخمسينيات من القرن املايض بهيمنة بنيوية‬
‫الحقيقية لتشكل التاريخ من أسفل تعود حقيقة إىل النصف‬ ‫عىل الفكر اإلنساني‪ ،‬وسيظهر أب البنيوية كلود ليفي سرتاوس‬
‫الثاني من القرن العرشين مع إدوارد طومسون‪ ،‬يف كتابه‬ ‫رفقة آخرين أمثال رومان جاكوبسون وجاك الكان ولوي‬
‫‪ ،The Making of the English Working Class‬حول‬ ‫ألتوسري وميشيل فوكو وفرناند بروديل كمن يُشيدون رصح‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٤٥‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٧‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ‬


‫‪ ‬‬
‫تعيد للفرادة وضعها االعتباري‪ ،‬وتفصح عن معطيات لم تكن‬ ‫تشكل الطبقة العاملة االنجليزية‪ ،‬الصادر يف ستينيات القرن‬
‫ملحوظة من قبل‪ ،‬بسبب تخفيض سلم املراقبة‪ ،‬فباستثمار‬ ‫املايض‪ ،‬تزامنا مع مراجعة فكرية وإديولوجية‪ ،‬قام بها اليسار‬
‫مواضيع صغرية الحجم‪ ،‬يمكننا حسب إفادة كريسيان دوالكورا‬ ‫الربيطاني الجديد وهو يعلن لحظة الطالق مع االديولوجية‬
‫)‪(٢٥‬‬
‫استخالص نتائج عامة ذات طبيعة ماكروانرتبولوجية‪.‬‬ ‫الستالينية السوفياتية‪ .‬يتضمن هذا الكتاب دعوة رصيحة‬
‫عىل نحو مشابه‪ ،‬سارت مدرسة الحياة اليومية األملانية‪،‬‬ ‫لتجاوز التاريخ النخبوي‪ ،‬والغوص يف باطن املجتمعات‪ ،‬وفق ما‬
‫وهي تعيد بعث لحظة النازية األملانية إىل السطح‪ ،‬وتنبش يف‬ ‫أكدته أعداد مجلة الحارض واملايض التي بصمت عىل توجه‬
‫)‪(١٨‬‬
‫مايض جرائمها اإلنسانية‪ ،‬بتوجه ماركيس واضح للعيان‪ ،‬وتبدو‬ ‫أنجلوساكسوني جديد يف الكتابة التاريخية‪.‬‬
‫)‪(١٩‬‬
‫مقاربة األملان شديدة التأثر بتياراألنرتبولوجيا التأويلية‪،‬‬ ‫والحال‪ ،‬تمثل اسهامات كل من كرسيتوفيل هيل وإدوارد‬
‫وبأهمية املحددات الثقافية يف مسار التاريخ‪ ،‬وتعد أعمال كل من‬ ‫تومبسون)‪ (٢٠‬وإريك هوبزباوم نواة أساسية يف بلورة مرشوع‬
‫ريتشارد دوملن وهانس ميديك ولوطك رائدة يف هذا السياق‪،‬‬ ‫الدراسات الهامشية داخل بريطانيا‪ ،‬من خالل أعداد مجلة‬
‫وهي تنبش يف تفاصيل محرقة الهولوكوست وتاريخ االمربيالية‪.‬‬ ‫املايض والحارض‪ ،‬وتظهر هذه االسهامات متجاوزة للتحليل‬
‫يف آسيا سيقود رانانجيت غوها بمعية هيئة تحرير دراسات‬ ‫االقتصادي‪ ،‬قريبة من تحليل الحركات االجتماعية الدنيا‬
‫التابع سنة ‪١٩٨٨‬م)‪ ،(٢٦‬توجهً ا تاريخيًا جدي ًدا تحت مسمى‬ ‫واملقهورين وعامة الناس باعتبارهم القوى التي تصنع العالم‪.‬‬
‫مدرسة التابع الهندية‪ ،‬يف سياق املواجهة العلنية مع عرابي‬ ‫وتكمن فرادة هذا التيار الجديد يف كونه أعاد النظر يف مفهومي‬
‫التاريخ النخبوي الهندي ملدرسة كامربيدج ومدرسة املؤرخني‬ ‫البنية التحتية التي تتحدد بالبعد االقتصادي والبنية الفوقية‬
‫القوميني‪ ،‬وستوجه سهام نقدها إىل التحليل املاركيس التي ركز‬ ‫حيث توجد السياسة والثقافة والفنون واإليديولوجيا)‪ ،(٢١‬ويف‬
‫عىل فاعلية النخب يف صناعة التاريخ‪ ،‬مُسهمة بذلك يف تقديم‬ ‫رفض التفسري األحادي املعتمد عىل الحتمية االقتصادية وفكرة‬
‫قراءة جديدة للتاريخ الهندي بإطار نظري ومفاهيمي يستمد‬ ‫الغائية القائلة بحتمية تطور املجتمعات من االقتصاد البدائي إىل‬
‫روحه من التاريخ من أسفل ونظريات ما بعد الحداثة‬ ‫اليوتوبيا الشيوعية مرورا بالعبودية والرأسمالية واالشرتاكية‪.‬‬
‫والدراسات ما بعد الكولونيالية‪.‬‬ ‫إنها رؤية تاريخية مُجددة تنطبع بتحليل ماركيس جديد ينفي‬
‫فكرة الحتمية االقتصادية‪ .‬عىل هذا النحو رست سفينة مدرسة‬
‫‪‚Ãe^Úæím]‚£]‚Ãe^Úh^Ş}æØˉ_àÚè…^jÖ]IQ‬‬
‫التاريخ من أسفل الربيطانية‪.‬‬
‫]‪ íéÖ^éÞçÖçÓÖ‬‬
‫يقف الفصل الثالث من الكتاب عند نشأة السياق الثقايف‬ ‫‪ Øˉ_àÚè…^jÖ]l]]‚jÚ]IP‬‬
‫والتاريخي لدراسات املهمش‪ ،‬حيث يتوقف عند اللحظات‬ ‫يتتبع الفصل الثاني من الكتاب امتدادات التاريخ من أسفل‬
‫النظرية الكربى التي واكبت ميالد خطاب ما بعد الحداثة وما‬ ‫يف االستوغرافيات األجنبية‪ ،‬من استعراض نماذج من مدرسة‬
‫بعد الكولونيالية لكل من إدوارد سعيد وديبيش شاكرابارتي‬ ‫امليكرواستوريا االيطالية وتاريخ الحياة اليومية األملاني‬
‫ونيتشه وهابرماس ويتنغشتاين‪ ،‬عائدًا برسدية التأصيل‬ ‫ودراسات التابع الهندية‪ ،‬مشاريع بدت جذابة وواعدة لعدة‬
‫التاريخي ملفهوم ما بعد الحداثة إىل سبعينيات القرن العرشين‪،‬‬ ‫باحثني شباب‪ ،‬وهي تعلن عن انصهار التاريخ يف أدوات التحليل‬
‫من خالل أعمال كل من فرانسوا ليوتار وجاك دريدا وميشيل‬ ‫األنرتبولوجي‪ ،‬وتسهم يف فهم مغاير لوضع األفراد والهامشيني‪،‬‬
‫فوكو وجيل دولوز وآخرين‪.‬‬ ‫بعيدا عن فلكية صعود وأفول األمم‪ ،‬وتربز لقارئ متن هذه‬
‫تفصح هذه االستعادة للنصوص املؤسسة لخطاب ما بعد‬ ‫االسهامات محاولة كل من ناتايل دافييز عن الفالح برتراند‬
‫الحداثة عن وضع رسدية الحداثة قيد التحقيق والنقد‬ ‫رولز‪ ،‬وكارلو جينزبورغ عن الطحان مينوكوشيو‪ ،‬وايمانويل‬
‫واملراجعة)‪ ،(٢٧‬وإدانة العقل البرشي‪ ،‬وكره أي مرشوع يستهدف‬ ‫لوروا الدوري عن الراعي الفرنيس‪ ،‬وآالن كوربان عن اإلسكايف‬
‫تحرير اإلنسان عرب تحريك قوى التكنولوجيا والعلم والعقل)‪،(٢٨‬‬ ‫بيناغوت‪.....‬الخ‪ .‬إنها محاوالت جديدة‪ ،‬تعود بالتاريخ إىل‬
‫ونقد إمربيالية التنوير‪ ،‬عىل نحو ما يلمسه القارئ يف تفكيكيكة‬ ‫الذات)‪ ،(٢٢‬لفهم املجتمع من خالل ِسري األفراد‪ ،‬وبدت أهميته‬
‫جاك دريدا‪ .‬وفق نفس اإلطار سينطبع العالم الثالث بدراسات‬ ‫تتأتى من خالل تصاعد التاريخ الشفاهي)‪ ،(٢٣‬الذي يستند إىل‬
‫مرجعية تنتقد االسترشاق والهيمنة االمربيالية يف كتابات فرانز‬ ‫إجراء املقابالت عند التحقيق لجمع املعلومات‪ ،‬ولعله استلهم‬
‫فانون وادوارد سعيد وألبري ميمي وليوبولد سيدار سانغور‬ ‫كثريا من َش ﱢكية علم االجتماع الفرنيس‪ ،‬الذي أعاد النظر يف عدد‬
‫ﻋﺮض ﻛﺘـــﺎب‬

‫واملهدي بن بركة‪ُ ،‬محاولة أن تُعري عن غطاء االستعمار‪،‬‬ ‫من براديغمات التفكري‪.‬‬


‫فاضحة لسياسته االستعبادية‪ .‬هذا املنعطف الثقايف كان له‬ ‫سيقتحم مصطلح امليكرواستوريا قاموس الكتابة التاريخية‬
‫إسهام بارز يف تبلور دراسات املهمش بإيعاز من األبحاث‬ ‫االيطالية)‪ (٢٤‬مطلع الثمانينات من القرن العرشين‪ ،‬من خالل‬
‫املجالية التي أرشفت عليها مدرسة شيكاغو األمريكية‪ ،‬ومن‬ ‫مجلة كراسات تاريخية )‪ (Quoderni Storici‬وسلسلة‬
‫تأويلية كليفورد غريتز التي استلهمت عالمات ورموز ماكس‬ ‫ميكرواستوريا‪ ،‬ولسوف تعترب يف وقتها مقاربة تاريخية جديدة‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٤٦‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٧‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ‬


‫‪ ‬‬
‫كوحدة للتحليل‪ .‬وهو ما يظهر من خالل تحليالت أوسكار‬ ‫فيرب‪ ،‬واعتربت أن الحياة االجتماعية لألفراد تخضع لنظام من‬
‫لويس عن أطفال سانشيز)‪.(٣٤‬‬ ‫)‪(٢٩‬‬
‫العالمات والرموز التي يجب تأويلها وتفسريها‪.‬‬
‫يختتم هذا الفصل باستعراض استوغرافية تاريخ املهمشني‬
‫‪ Øˉ_àÚè…^jÖ]l÷^ÛÃj‰÷í×nÚ_ætƒ^´IR‬‬
‫يف سياق العالم اإلسالمي‪ ،‬من خالل تجربة املؤرخ املرصي‬
‫ينحو الفصل الرابع واألخري من هذا الكتاب منحى إجرائي‬
‫محمود إسماعيل‪ ،‬وتجربة املؤرخ املغربي ابراهيم القادري‬
‫يف استعماالت ومقاربات مختلفة لتاريخ األفراد والجماعات‪،‬‬
‫ً‬
‫تطبيقا حول التاريخ الوسيط‪ ،‬للفئات‬ ‫بوتشيش‪ ،‬اللتان تضمنتنا‬
‫مُتوقفا عند ثالث نماذج بيوغرافية ملهمشني من التاريخ الرسمي‬
‫املهمشة يف الغرب االسالمي ِبعُ دﱠة منهجية وحس تاريخي ‪ ،‬ال‬
‫)‪(٣٥‬‬
‫لكل من روجر كيسمنت وغريغوري راسبوتني ومحمد بن عمر‬
‫يخلوان من نباهة تاريخية من حيث الرؤية والتصور والتفسري‬
‫األحرش‪.‬‬
‫والرتكيب‪.‬‬
‫سيثري الكاتب البريويف ماريو بارغاس يوسا يف روايته "حلم‬
‫}^‪ í³‬‬ ‫السلتي" التي اكتشفها من خالل قراءة سرية جوزيف كونراد‬
‫تبدو محاولة الباحثان خالد اليعقوبي وخالد طحطح يف‬ ‫"يف قلب الظالم"‪ ،‬اإلهتمام إىل سرية روجر كسيمنت الصاخبة‪،‬‬
‫اقتحام ورش التاريخ من أسفل كمنهج وكتطبيق حلقة من‬ ‫وهو يلفت االهتمام إىل سرية رجل رافقها غري قليل من جدل بينه‬
‫حلقات تحديث الكتابة التاريخية املغاربية‪ ،‬ونقلة نوعية يف‬ ‫وبني أجهزة املخابرات الربيطانية‪ .‬يظهر روجر كيسمنت يف‬
‫زعزعة بعض الثوابت الذهنية والتاريخية لقبيلة املؤرخني‪ ،‬بل‬ ‫رواية حلم السلتي كمُصور لحجم الكارثة االستعمارية‪،‬‬
‫وتمرد علمي ومنهجي عىل كرنوزوفيات الكتابة التاريخية‬ ‫وكمناضل من أجل حرية شعوب الكونغو والبريو واستقالل‬
‫التقليدية‪ ،‬فإذا كانت مدرسة التاريخ الجديد اقتحمت مجال‬ ‫ايرلندا من بريطانيا‪ ،‬وكمدافع عن أحقية الثقافات البدائية يف‬
‫املغيبني والهامشيني من خالل دراسة املرتوك من املصادر‬ ‫ريا مجهوال ً‬
‫ُخلفا بهذه املواقف مص ً‬ ‫الوجود رغم االختالف)‪ ،(٣٠‬م ً‬
‫وا ُملغيب من الفئات االجتماعية‪ ،‬كتاريخ املجانني وتاريخ الرعاة‬ ‫)‪(٣١‬‬
‫وركامً ا من الشائعات التي طالت سريته التاريخية‪.‬‬
‫وتاريخ اللصوص واملومسات والساحرات‪ ،‬وهي مواضيع كانت‬ ‫من جهته سيسرب كولن ولسن يف روايته "راسبوتني وسقوط‬
‫توصف يف املايض بأنها مواضيع خسيسة مقابل باملواضيع‬ ‫القيارصة" الغموض الذي اكتنف حياة يفيموفيتش غريغوري‬
‫النفيسة)‪.(٣٦‬‬ ‫راسبوتني بروسيا قبل الثورة‪ ،‬كشخصية أسطورية يف التاريخ‬
‫دخل البحث التاريخي اليوم بفضل املدارس التاريخية‬ ‫الرويس املعارص‪ ،‬تشفي من بعض أمراض العرص كمرض‬
‫الجديدة بيوت الفقراء‪ ،‬وسكن نمط عيشهم‪ ،‬واقرتب من ذهنيات‬ ‫الهيموفيليا‪ ،‬ولسوف تُظهره ثورة البالشفة بمظهر الخليع‬
‫من هم تحت‪ ،‬مع جون كلود سميث الذي تناول مسألة‬ ‫والفاجر واللص والسكري‪ ،‬إىل حد أصبحت الراسبوتينية تعني‬
‫الهامشيني يف التاريخ اعتمادًا عىل أوليس روبري‪ .‬وسيشكل‬ ‫الحركة الشهوانية املنتشية بالرقص واإلثارة والدين)‪ .(٣٢‬هي‬
‫السياق الثقايف والتاريخي ملجتمعات غري فرنسية أرضية حاضنة‬ ‫رواية تظهر كيف أن التاريخ يمكنه أن يحط من قدر الناس‬
‫للتاريخ من أسفل‪ ،‬يف كل من إيطاليا بريطانيا والهند‪ ،‬وهي‬ ‫ويجعلهم يف الحضيض‪ ،‬كما يمكنه أن يرفعهم إىل درجة‬
‫تجارب استوغرافية أعادت تشكيل الواقعة التاريخية برؤية‬ ‫القديسني‪.‬‬
‫ً‬
‫خصوصا‪.‬‬ ‫مغايرة تستنطق التفاصيل‪ ،‬وتقف عند الجزئيات‬ ‫عىل نحو مماثل‪ ،‬سيرصف املفكر املغربي عبد الله ساعف‬
‫هذه الرؤية الحادثة عىل مستوى املناهج والكتابة التاريخية‬ ‫جهده يف اقتحام لعبة كتابة السرية)‪ (٣٣‬من خالل عمله عىل‬
‫بالخارج تستقرأ منجزنا االستوغرايف عىل نحو مثري للغاية‪ ،‬حيث‬ ‫بيوغرافية محمد بن عمر األحرش‪ ،‬وهو جنرال مغربي شارك يف‬
‫ما زلنا لم ننزع بعد صفة القداسة عن التاريخ من أعىل‪ ،‬ولم‬ ‫حرب الفيتنام‪ ،‬والذي سيخصص له سرية بعنوان "أنه ما"‬
‫ننظر إىل التاريخ عىل أساس أنه علم يتجدد بتجدد األسئلة‬ ‫وسط لُجﱠ ة غامضة ومضطربة عن مسار هذا الرجل‪ ،‬وسيعتمد‬
‫واملقاربات واملفاهيم‪.‬‬ ‫عبد الله ساعف عىل شهادات زوجة األحرش كاميليا وأيضا عىل‬
‫إفادات الفرنيس جورج بودايل من أجل كشف خبايا تتعلق‬
‫بحرب الفيتنام وحياته السياسية والنقابية املغربية زمن‬
‫االستقالل إىل موته يف ظروف قاسية‪ .‬ينتقل هذا الفصل بالقارئ‬
‫إىل تحديد مفهوم الفقر يف املدينة‪ ،‬عرب منعطف األنرتبولوجيا من‬
‫ﻋﺮض ﻛﺘـــﺎب‬

‫مبحث نظري يهتم بتحليل البنى الريفية إىل مبحث يرصد‬


‫ظواهر املدينة‪ ،‬بتأثري مبارش من مدرسة شيكاغو األمريكية‪ .‬هذا‬
‫التحول سيثمر والدة ما يمكن أن نسميه بـ "النظرية التفاعلية"‬
‫أو "املالحظة التشاركية" كمقاربة سوسيولوجية تتبنى الفرد‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٤٧‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٧‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ‬


‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫]‪VÚ]ç‬‬
‫)‪ (٧‬تجدر اإلشارة إىل أن رواد الجيل الثاني ملدرسة الحوليات ناصب‬
‫‪ ‬‬
‫العداء لجنس البيوغرافيا‪ ،‬واعتربوها جثة ال يجب إحياؤها من‬ ‫)‪ (١‬جريار نوراييل‪ ،‬مؤرخ متخصص يف تاريخ الهجرة وتاريخ‬
‫جديد‪ ،‬بحجة قلة الضبط‪ ،‬اإلفراط يف الخيال والتخييل‪ ،‬واالنتماء‬ ‫العمال‪ ،‬من أهم أعماله‪ ،‬حول "أزمة التاريخ"‪" ،‬التفكري مع‬
‫للتاريخ الرسدي املرتبط بالتوجه الوضعاني ملدرسة شارل‬ ‫والتفكري ضد"‪" ،‬مسرية مؤرخ"‪" ،‬البوتقة السياسية"‪" ،‬قول‬
‫سينوبوس وفيكتور النغلوا‪ ،‬غري أن هذا التوجه‪ ،‬رسعان ما‬ ‫الحقيقة يف وجه السلطة"‪" ،‬العنرصية ومسؤولية النخبة"‪،‬‬
‫سيخفت مع بداية الثمانينات من القرن املايض‪ ،‬بعد تألق عدة‬ ‫"األبناء امللعونون للجمهورية"‪ ،‬للتوسع أكثر يرجى االطالع عىل‬
‫بيوغرافيات تاريخية‪ ،‬صاغها باحثون من تخصصات مختلفة‪،‬‬ ‫نص الحوار الذي أجرته مؤسسة مؤمنون بال حدود‪ ،‬شتنرب‬
‫علماء اجتماع‪ ،‬باحثون نفسانيون‪ ،‬أنرتبولوجيون‪ ،‬اتنولوجيون‪،‬‬ ‫‪.٢٠١٦‬‬
‫كما مؤرخون‪ .‬فهل تمثل هذه العودة ِردﱠة عىل مكتسبات‬ ‫)‪ (٢‬أثار صدور كتاب "التاريخ املفتث" لفرانسوا دوس جلبة قوية‬
‫الحوليات؟ أم استجابة لطلبات سوق القراءة‪ ،‬ومؤسسات‬ ‫داخل الوسط التاريخي الفرنيس‪ ،‬وعرب عن انشقاقات‬
‫النرش؟ أم اقتناع ببؤس التاريخ البنيوي وحجبه لقضايا‬ ‫ابستمولوجية بخصوص تصور التاريخ والكتابة التاريخية بدت‬
‫تاريخية رئيسية‪ ،‬وانتصارا لتيار الوجودية الذي ظل صاحبها‬ ‫تطفو عىل السطح‪ ،‬كما عرب عن وجود خالفات بنيوية عميقة‬
‫مقبورا داخل الوسط الجامعي الفرنيس؟‪ ،‬انظر اىل خالد‬ ‫لورثة عرش لوسيان فيفر ومارك بلوك‪ ،‬وكشف عن بداية تصدع‬
‫طحطح‪ ،‬البيوغرافيا والتاريخ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫قلعة الحوليات الفرنسية‪ ،‬وتفتت التاريخ اىل دراسة مواضيع‬
‫)‪ (٨‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ ،‬يف تاريخ‬ ‫ميكرو تاريخية‪ ،‬ذات طابع انرتبولوجي‪ ،‬فهل يا ترى يتعلق‬
‫الهامش واملهمش‪ ،‬سلسلة رشفات ‪ ،٨١‬منشورات الزمن‪،‬‬ ‫األمر بموضة عابرة؟ أم باختالف بنيوي داخل رصح الحوليات؟‬
‫نونرب ‪ ،٢٠١٦‬ص‪.١٢‬‬ ‫هل هي عودة مؤقتة إىل مواضيع أغفلتها الحوليات؟ هل هو‬
‫)‪ (٩‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ ،‬يف تاريخ‬ ‫حنني إىل تاريخ الفرد‪ ،‬ومعه التاريخ السيايس؟ ماذا ستقدم‬
‫الهامش واملهمش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.١٤‬‬ ‫السري الفردية والجماعية ألشخاص بطوليني وهامشيني لكشف‬
‫)‪ (١٠‬رانانجيت غوها يعترب املانفيستو املؤسس ملدرسة التابع‬ ‫خبايا التاريخ‪ ،‬وإلعادة ترتيب حلقات املايض املركب؟ للتوسع يف‬
‫الهندية‪ ،‬أصدر مقاال ً بعنوان‪:‬‬ ‫هذه النقطة يرجى قراءة كتاب خالد طحطح‪ ،‬البيوغرافيا‬
‫‪“One Some Aspects of the Historiography of Colonial‬‬ ‫والتاريخ‪ ،‬دار توبقال للنرش‪ ،‬الطبعة األوىل ‪.٢٠١٤‬‬
‫”‪India‬‬ ‫)‪ (٣‬صاحب هذه العودة االبستمولوجية التي قادها مؤرخون‪،‬‬
‫ضمن مجلة‬ ‫فالسفة‪ ،‬أدباء‪ ،‬وأحيان ًا أنرتبولوجيون‪ ،‬رجة قوية مست قلعة‬
‫‪Writings On Indian History and society: Subaltern‬‬ ‫الحوليات الحصينة‪ ،‬يف فرتة السبعينات من القرن املايض‪ ،‬التي‬
‫‪Studies‬‬ ‫بدأت يف التصدع‪ ،‬بعد مرحلة الهيمنة عىل املشهد الثقايف‬
‫سنة ‪ ،١٩٨٢‬عىل أنه يجب التأكيد عىل أن رانانجيت غوها استطاع أن‬ ‫واإلعالمي بفرنسا منذ نهاية ثورة الشباب الفرنيس ‪١٩٦٨‬م‪.‬‬
‫خاصا بمدرسة التابع الهندية رغم تأثره مدرسة‬ ‫ً‬ ‫ينحت مفهومً ا‬ ‫هذه الرجة جعلت سادن مدرسة الحوليات جاك لوغوف يف‬
‫ً‬
‫التاريخ من أسفل الربيطانية‪ ،‬ومختلفا عن املفهوم الفرنيس لجون‬ ‫كتابه "التاريخ الجديد" يوجه سهام نقده نحو مريدي جنس‬
‫كلود شميت الذي يعترب التهميش صناعة اجتماعية‪ ،‬بينما عند غوها‬ ‫البيوغرافيا التاريخية والرسد التاريخي‪ ،‬ومرتدي التاريخ‬
‫صناعة نخبوية‪.‬‬ ‫الشمويل‪ ،‬مشهرا عداءه صوب منارصي هذا النوع من التأليف‪،‬‬
‫)‪ (١١‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ ،‬يف تاريخ‬ ‫حيث شبههم بـ "املهاجرين الذين عادوا بعد الثورة الفرنسية‬
‫الهامش واملهمش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.١٩‬‬ ‫دون أن يتعلموا جديدًا أو ينسوا قديمً ا"‪ ،‬إنهم بتعبريه دائمً ا‬
‫)‪ (١٢‬جاك لوغوف‪ ،‬التاريخ الجديد‪ ،‬من تقديم الطبعة األوىل‪ ،‬ترجمة‬ ‫يشكلون "عودة غامضة" إىل مواضيع تاريخية قديمة‪ ،‬تحركها‬
‫وتقديم محمد الطاهر املنصوري‪ ،‬مراجعة عبد الحميد هنية‪،‬‬ ‫نوازع االديولوجيا‪ ،‬وروح االنتقام من الحوليات‪ ،‬قصد هدم‬
‫املنظمة العربية للرتجمة‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،٢٠٠٧ ،‬ص ‪.٥٩‬‬ ‫رصح الحوليات العتيد‪ ،‬التي استطاعت يف فرتات سابقة‪ ،‬أن‬
‫)‪ (١٣‬يظهر افتتان الجيل الثالث من مدرسة الحوليات بمناهج‬ ‫تعرب عىل مقدرة فائقة يف التكيف مع مختلف املنعرجات‬
‫وأدوات التحليل األنرتبولوجي واضحً ا يف جل الكتابات التاريخية‬ ‫االبستمولوجية التي كانت تواجهها‪.‬‬
‫منذ مطلع السبعينات من القرن العرشين‪ ،‬حيث تغدو املالحظة‬ ‫‪(4) Eric Hobsbawm, On History, Weidenfeld and‬‬
‫األساسية التي يالحظها املتتبع للمتن االستوغرايف خالل هذه‬ ‫‪Nicolson, London, 1997.‬‬
‫اللحظة هي انصهار التاريخ يف االنرتبولوجيا‪ ،‬ويشكل كتاب‬ ‫)‪ (٥‬عبد الغفور خوى‪ ،‬أبعاد التاريخ‪ ،‬اإلنسان‪ ،‬الزمان‪ ،‬املكان‪،‬‬
‫ﻋﺮض ﻛﺘـــﺎب‬

‫ناتان واشتل حلقة أساسية ضمن حلقة هذا االنصهار‪ ،‬من‬ ‫الطبعة األوىل‪.٢٠٠٧ ،‬‬
‫خالل نظرة مهزومي الهنود البريو إزاء الغزو االسباني‪ ،‬الذي‬ ‫‪(6) Alain Corbin, le monde retrouve de Louis François‬‬
‫أعاد االعتبار للتاريخ املحيل وذاكرة الشعوب وانتشال جزء من‬ ‫‪Pinagot: sur les traces d’un inconnu (1798- 1876).‬‬
‫تاريخ شعب اإلنكا املنيس وتقديم فرتة الغزو االسباني‪ ،‬أنظر‪:‬‬
‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٤٨‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٧‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ‬


‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬
‫)‪ (٢٦‬تألفت مدرسة التابع الهندية من رانانجيت غوها وشهيد أمني‬ ‫‪Nathan Watchel, la vision des vaincus, les indiens de‬‬
‫وديفيد أرنولد وغواتام بادرا وديبيش شاكرابارتي ودفييد‬ ‫‪Peru devant la conquête espagnole 1530-1570‬‬
‫هاريدمان وسوديبتا كافرياج وشايل مايارام‪.‬‬ ‫‪Gallimard Paris 1971.‬‬
‫)‪ (٢٧‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ ،‬يف تاريخ‬ ‫)‪ (١٤‬تشكل هذه املساهمة عالمة فارقة يف الكتابة التاريخية إذ‬
‫الهامش واملهمش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.٩٩‬‬ ‫وخاصة سجالت محاكم التفتيش‬ ‫ً‬ ‫انطلقت من مصادر جديدة‬
‫)‪ (٢٨‬نفسه‪ ،‬ص ‪.١٠٠‬‬ ‫التي حفظها جاك فورنييه أسقف بواتييه أثناء التحقيقات‪.‬‬
‫)‪ (٢٩‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ ،‬يف تاريخ‬ ‫)‪ (١٥‬باسكال جوتشيل وايمانويل لواييه‪ ،‬تاريخ فرنسا الثقايف‪ ،‬من‬
‫الهامش واملهمش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.١١٢‬‬ ‫العرص الجميل إىل أيامنا هذه‪ ،‬ترجمة مصطفى ماهر‪ ،‬املركز‬
‫)‪ (٣٠‬نفسه‪ ،‬ص ‪.١٢٤‬‬ ‫القومي للرتجمة‪ ،‬مرص‪ ،‬الطبعة االوىل‪ ،٢٠١١ ،‬ص‪.١٩‬‬
‫)‪ (٣١‬ناضل روجر كيسمنت من أجل استقالل ايرلندا عن بريطانيا‪،‬‬ ‫)‪ (١٦‬هوارد زن‪ ،‬التاريخ الشعبي للواليات املتحدة االمريكية‪،‬‬
‫رافعا شعار عيىس معنا‪ ،‬وهو توجه كان كافيا ألن يحكم عليه‬ ‫ترجمة شعبان مكاوي‪ ،‬يف جزءين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬املركز‬
‫بتهمة الخيانة العظمى‪ ،‬وبتهمة املثلية الجنسية التي ستشوه‬ ‫القومي للرتجمة‪ ،‬القاهرة‪.٢٠٠٩ ،‬‬
‫من صورته لدى الرأي العام الربيطاني‪ ،‬ولعل ما يزيد من األمر‬ ‫)‪ (١٧‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ :‬يف تاريخ‬
‫غرابة يومياته السوداء التي أثارت وال زالت تثري غري قليل من‬ ‫الهامش واملهمش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.٤٧‬‬
‫حقا؟ أم أنها محض افرتاء اختلقتها‬ ‫جدل‪ ،‬هل هي موجودة ً‬ ‫)‪ (١٨‬نفسه‪ ،‬ص ‪.٥٣‬‬
‫األجهزة الرسية الربيطانية لرضب صورته الرمزية لدى‬ ‫ً‬
‫)‪ (١٩‬كريستوفيل هيل أنجز عمال عن الحرب األهلية لسنة ‪١٦٤٠‬‬
‫الجماهري‪.‬‬ ‫التي اعتربها لم تكن مجرد جدال برملاني وديني بقدر ما هي‬
‫)‪ (٣٢‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ ،‬يف تاريخ‬ ‫ردة فعل ثورية ضد تطور النظام الرأسمايل‪ ،‬وتربز قيمته يف‬
‫الهامش واملهمش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.١٣٤‬‬ ‫استناده عىل أهمية األفكار ودورها يف تشكيل التاريخ‪ ،‬متجاوزا‬
‫)‪ (٣٣‬تنري السري التاريخية الجديدة تاريخ األعالم من خالل إبراز‬ ‫التحليل االقتصادي املحض والنظرة الضيقة لرصاع الطبقات‪.‬‬
‫البنى االجتماعية التي أفرزتها‪ ،‬وتدرسهم من خالل الوظائف‬ ‫)‪ (٢٠‬ادوارد تومبسون أحدث رجة اثنوغرافية قوية يف تاريخ القرن‬
‫التي تقلدوها‪ ،‬واألدوار التي أدوها من دون االقتصار عىل‬ ‫التاسع عرش الربيطاني‪ ،‬وتاريخ الثورة الصناعية‪ ،‬وتظهر‬
‫حرصهم يف التفسريات االجتماعية‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص‪.٤٧‬‬ ‫تأويالته متحررة من نظرية الحتمية الجغرافية‪ ،‬ومعانقة للوجه‬
‫‪(34)Oscar Lewis, Les enfants de Sanchez,‬‬ ‫االنساني لتجربة الطبقة العاملة االنجليزية‪ ،‬مُنبها إىل دور‬
‫‪autobiographie d’une famille mexicaine, traduit de‬‬ ‫املحدد الثقايف والتقاليد الشعبية يف تشكيل الطبقة االنجليزية‪،‬‬
‫‪l’Anglais par Céline Zens, Edition, Gallimard,‬‬ ‫عامال عىل أنسنة املاركسية برؤية ماركسية جديدة ومغايرة‬
‫‪paris, 1963.‬‬ ‫تضع الفعل التاريخي بيد األفراد‪.‬‬
‫)‪ (٣٥‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ ،‬يف تاريخ‬ ‫)‪ (٢١‬نفسه‪ ،‬ص ‪.٥٧‬‬
‫الهامش واملهمش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.١٦١‬‬ ‫)‪ (٢٢‬استبعدت الذات بشكل ممقوت يف كتابات رائد البنيوية كلود‬
‫)‪ (٣٦‬جاك لوغوف‪ ،‬التاريخ الجديد‪ ،‬من تقديم الطبعة األوىل‪ ،‬ترجمة‬ ‫ليفي سرتاوس‪ ،‬حيث أظهر كتابه مدارات حزينة ً‬
‫كرها شديدًا‬
‫وتقديم محمد الطاهر املنصوري‪ ،‬مراجعة عبد الحميد هنية‪،‬‬ ‫للذات والنزعة االنسانية يف سياق نظرية موت االنسان‪ ،‬وهو‬
‫املنظمة العربية للرتجمة‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،٢٠٠٧ ،‬ص‪.١٣‬‬ ‫وضع سيجعل بول ريكور يقصف البنيوية بالقول أنها محاولة‬
‫تعال من دون ذات‪ ،‬وسيحتم عىل ميشيل فوكو العودة إىل التيار‬
‫املنادي بالعودة إىل الذات يف كتبه حول تاريخ الجنسانية وتاريخ‬
‫الجنون‪.‬‬
‫)‪ (٢٣‬خالد اليعقوبي وخالد طحطح‪ ،‬التاريخ من أسفل‪ :‬يف تاريخ‬
‫الهامش واملهمش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.٦٣‬‬
‫)‪ (٢٤‬من أهم األبحاث التي ستسم مدرسة امليكرواستوريا االيطالية‬
‫خالل هذه اللحظة نذكر الجبن والدود‪ :‬عالم طحان يف القرن‬
‫السادس عرش لكارلو كينزبورغ‪ ،‬والسلطة يف القرية‪ ،‬مهنة‬
‫مغرم يف البيمونت يف القرن السادس عرش لجيوفاني ليفي‪.‬‬
‫ﻋﺮض ﻛﺘـــﺎب‬

‫‪(25) Christian Delacroix, «Echelle» Historiographies 2,‬‬


‫‪Concepts et débats, Folio histoire, Editions,‬‬
‫‪Gallimard, 2010.‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ١٤٩‬‬
‫ﺤﻜﱠﻤﺔ‪ .‬ﺭﺑﻊ ﺳﻨﻮﻳﺔ‬
‫ﻣ َ‬
‫ﻋﻠﻤﻴﺔ‪ .‬ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ‪ُ .‬‬ ‫ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ‬

‫ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ﻭﺍﻟﺜﻼﺛﻮﻥ – ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ‪ – ٢٠١٧‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ‬

You might also like