You are on page 1of 8

‫الحلقة السابعة‬

‫خلق العالم واإلنسان‬

‫تصميم الدرس‪:‬‬
‫خلق العالم‬ ‫أوالً‪:‬‬
‫ّ‬
‫خلق اإلنسان‬ ‫ثانياً‪:‬‬
‫اإلنسان "على صورة هللا ومثاله"‬ ‫ثالثاً‪:‬‬

‫رابعاً‪ :‬قراءات مقترحة‬

‫‪ .I‬خلق العالم‪:‬‬

‫يعلّم الكتاب المقدّس‪ ،‬أن هللا خلق العالم المنظور في ستّة أيّام‪.‬‬

‫سؤال الذي يطرح نفسه هو‪ :‬كيف نفهم هذه األيّام الستّة؟‬
‫ال ّ‬

‫ألن اليوم متعلّق بالشمس‪،‬‬


‫أن األمر ال يتعلّق بأي ٍّام عاديّة‪ّ ،‬‬
‫من المؤ ّكد‪ ،‬بالنسبة إلى المفهوم الكتابي‪ّ ،‬‬
‫والشمس " ُخ ِلقَت في اليوم الرابع" (تكوين ‪ .)11 - 11 :1‬فإن عبارة "يوم" ال تعني‪ ،‬في اللغة الكتابيّة‪،‬‬

‫صصة لالستعمال الشخصي للطالب المسجّلين في‬ ‫© هذه المواد مخ ّ‬ ‫مبادئ العقيدة المسيحيّة‬ ‫‪1‬‬
‫برنامج "كلمة"‪ .‬يُمنع منعا ً باتّا ً النسخ الجزئي أو الكلّي إال بإذن‬ ‫لالتصال بنا يُرجى الكتابة إلى‪:‬‬
‫ّ‬
‫خطي من جامعة البلمند‪.‬‬ ‫‪fr.porphyrios@balamand.edu.lb‬‬
‫الساعات األربع والعشرين‪ ،‬بمقدار ما تعني فترة ً زمنيّةً طويلة األمد‪ .‬يس ّمي داود النّبي‪ ،‬فيي المزميور ‪:15‬‬
‫"يوم" التجديد واالستعادة‪ .‬كما توجد عدّة دالالت كتابيّة على ّ‬
‫أن عبارة "يوم" ال‬ ‫َ‬ ‫‪ ،8‬األربعين سنة في القفر‬

‫تعني الساعات األربع والعشرين )كما في ‪ 2‬بطرس ‪.(...8 :3‬‬

‫خلق هللا العالم في ستّة أيّام‪" ،‬واستراح في اليوم السابع" (تكوين ‪ .)3 - 2 :2‬ال ييذكر الينن نهاييةً‬

‫بعد اليوم السابع كمثل النهايات التي في األيّام الستّة السابقة "وكان مساء وكان صيباح يو ًميا آخير" (تكيوين‬
‫مسيتمرا‪ .‬وال بيد مين ذكير العبيارة المسيي"يّة "الييوم الثيامن"‪،‬‬
‫و‬ ‫‪ .)1‬فاليوم السابع لم يُن َجز بعيد‪ ،‬وهيو ميا زال‬
‫وهي التسمية القديمة التي أطلقها المسي"يّون على الدّهر اآلتي‪.‬‬

‫ّ‬
‫سييت مرا ييل متال قيية للخلييق‪،‬‬ ‫أن األيّييام السييتّة هييي بمثابيية‬
‫ك ي ّل هييذه المعطيييات تجعلنييا نفتييرا ّ‬
‫معرا فنّي نسلّط فيه النّظر على لو ة تلو األخرى‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بالتدرج في الكتاب‪ ،‬كمثل‬
‫ّ‬ ‫تُستعرا‬

‫خلق هللا الوقت ّأوالً‪ّ ،‬‬


‫لكن بدء الوقت‪ ،‬كما يقول القدّيس باسيليوس الكبير فيي خلقق العقالم قت ةقتّة‬
‫أيّام‪ ،‬ليس الوقت‪" .‬البدء" هو الل"ظة ذاتها التي تصل ال"ياة المخلوقة باألبديّة‪ .‬ألنّيه بيد ًءا مين الل"ظية التيي‬
‫ينطلق فيها تدفّق الخلق‪ ،‬يبدأ العالم بالخضوع لنواميس ّ‬
‫الزمن‪ ،‬والتي ب"سيبها‪ :‬الماضيي هيو وقيتن انصيرم‪،‬‬
‫ت بعد‪ ،‬وال"اضر هيو ميدّة ال ت ُ َ"يدّ وال يُقيبي عليهيا‪ ،‬منسيابة عليى اليدّوام وتنتهيي‬
‫والمستقبل هو وقتن لم يأ ِ‬
‫اليزمن‪ .‬وأ ّميا الكيون اليذي أ ُ ِ‬
‫خير َج بيأمر هللا‬ ‫بمجرد ابتدائها‪ .‬أ ّما األبديّة فهي غياب الوقت‪ ،‬هيي خيارج نطيال ّ‬
‫ّ‬
‫الخالل من غير الموجود إلى الوجود ّ‬
‫الزمنيي‪ ،‬هيذا الكيون لين ييزول عنيد انقضياء األزمنية‪ .‬لين يضييع فيي‬
‫فإن الكون سيبقى‪ ،‬والوقت الذي هو أيقونة لألبديّة سيتجلّى ليصيير أبديّيةً‪ .‬أ ّميا‬
‫العدم‪ ،‬بل سيدخل في األبديّة‪ّ .‬‬
‫الكون فيصير ملكوت الدّهر اآلتي‪.‬‬

‫يوضح القدّيس فيالريت مطران موسكو ّ‬


‫أن األرا‪ ،‬كما هي عند بدايية الخليق‪ ،‬هيي ميادّة خاويية‪،‬‬
‫ت"مل في طيّاتها إمكانيّة الجمال والتناغم الذي لل"ياة األبديّة‪ .‬الظلمات وغطاء المياه ترمز إلى غياب تش ُّكل‬
‫وي"ركها "متنقّالً" من فوقها وناف ًخا فيها "نَفَ َ‬
‫س" ال"ياة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األرا وتنظيمها‪ ،‬أ ّما الروح فكان ي"مي المادّة‬

‫صصة لالستعمال الشخصي للطالب المسجّلين في‬ ‫© هذه المواد مخ ّ‬ ‫مبادئ العقيدة المسيحيّة‬ ‫‪2‬‬
‫برنامج "كلمة"‪ .‬يُمنع منعا ً باتّا ً النسخ الجزئي أو الكلّي إال بإذن‬ ‫لالتصال بنا يُرجى الكتابة إلى‪:‬‬
‫ّ‬
‫خطي من جامعة البلمند‪.‬‬ ‫‪fr.porphyrios@balamand.edu.lb‬‬
‫عا من الـ"‪ ،"Geocentrism‬أي م"وريّية األرا‪ ،‬فيي‬
‫سرو رواية الخلق الكتابيّة نو ً‬
‫ويال ظ مف ّ‬
‫عمل الخلق‪ .‬فمؤلّف سفر التكوين ير ّكز اهتمامه‪ ،‬إبتدا ًء من اليوم الثالث‪ ،‬على األرا وعلى ما يخرج مين‬
‫األرا‪.‬‬

‫نجيييد فيييي هيييذا األمييير رمزيّيييةً عميقييية جيييدوا‪ ،‬كميييا يال يييظ الالهيييوتي المعاصييير فالديميييير لوسيييكي‬
‫‪ ،Vladimir Lossky‬الذي يقول‪ّ :‬‬
‫"إن الم"وريّة هذه ليست من رواسب كوزمولوجيّات قديمة ليس لهيا‬
‫ي عالقيية بمفهومنييا للعييالم ميين بعييد كوبرنيكييوس‪ .‬هييذه الم"وريّيية ليسييت فيزيائيّيية بييل رو يّيية‪ .‬فيياألرا‬
‫أ ّ‬
‫المخلوقَة من القوى الرو يّة هي في الوسط ألنّهيا بَش ََيرة اإلنسيان‪ّ ،‬‬
‫ألن اإلنسيان هيو كيائن فيي الم"يور‪ ،‬هيو‬
‫ال"س‪ ،‬ألنّه يشارك بكي ّل تنظييم األرا والسيماء بميلءٍ يفيول‬
‫ّ‬ ‫ُت"د في ذاته ما هو م"سوس بما يفول‬
‫كائن ي ِ‬
‫المالئكة‪ .‬في وسط الكون ينبي قلب اإلنسان"‪.‬‬

‫ما من اجة إلى مقارنة روايية الخليق بالنظريّيات ال"ديثية عين أصيل الكيون‪ .‬ال"يوار الطوييل بيين‬
‫يستمر ويبقى مفتو ً ا‪ .‬فقد صلت م"اوالت‬
‫ّ‬ ‫والتطورات العلميّة‬
‫ّ‬ ‫العلم والالهوت ول عالقة الو ي اإللهي‬
‫عديدة لمصال"ة الكتاب المقدّس ميع العليم ال"يديث‪ .‬ولكين األمير الواضيح ّ‬
‫أن الكتياب المقيدّس ال يسيعى إليى‬
‫نين‬
‫ّ‬ ‫سيذاجة م"اولية اليدّخول فيي صيراع فكيري يول تفسيير‬
‫تقديم رواية علميّة عن نشأة الكون‪ .‬بل من ال ّ‬
‫الخلق الكتابي ب"رفيّته‪ .‬األسفار المقدّسة تأخذ في االعتبار اإلنسانَ على ضيوء العالقية بيين ميا هيو إنسياني‬
‫أن الكتاب المقدّس غالبًا ما يستعمل لغةً رمزيّةً مجازيّةً يعتمد فيها على المعارف‬
‫وما هو إلهي‪ .‬ومعنى هذا ّ‬
‫العلميّة في عصر تدوينه‪ .‬إستعماله للغة عصر من العصور أو لمفاهيمه ال يعنيي نقيل رسيالة علميّية‪ ،‬وهيذا‬
‫األمر ال يُنقن في شيء داللة الكتاب المقدّس من يث هو وسيلة لمخاطبية هللا لننسيانيّة والسيتعالنه بكي ّل‬
‫قدرته الخالّقة‪.‬‬

‫تصيور القيدرة الخالّقية التيي ف‪ .‬فياف بعيدما‬


‫ّ‬ ‫لو ة خلق العالم التي يعطينا إيّاها سفر التكيوين‪ ،‬إنميا‬
‫ّ‬
‫يتخطيى‬ ‫أعطى الوجود للعالم الرو ي وأقام فيه المالئكة‪ ،‬خلق العالم المادّي كأيقونة تعكس جميال هللا اليذي‬
‫ك ّل إدراك عقلي‪ .‬لذلك ك ّل عناصر الخليقة في العهد القديم ترفع التسبيح ف (مز ‪.)118‬‬

‫صصة لالستعمال الشخصي للطالب المسجّلين في‬ ‫© هذه المواد مخ ّ‬ ‫مبادئ العقيدة المسيحيّة‬ ‫‪3‬‬
‫برنامج "كلمة"‪ .‬يُمنع منعا ً باتّا ً النسخ الجزئي أو الكلّي إال بإذن‬ ‫لالتصال بنا يُرجى الكتابة إلى‪:‬‬
‫ّ‬
‫خطي من جامعة البلمند‪.‬‬ ‫‪fr.porphyrios@balamand.edu.lb‬‬
‫‪ .II‬خلق اإلنسان‪:‬‬

‫يوضييح الكتيياب المقييدس فييي أكثيير ميين موضييع أن اإلنسييان هييو تتييويج للخليقيية وذروة لعمييل أقييانيم‬
‫الثالوث الم"يي اإللهي‪ .‬قبل خلق اإلنسان‪ ،‬تتشاور أقانيم الثالوث‪" :‬لنصينعن اإلنسيان‪( "...‬تكيوين ‪.)22 :1‬‬

‫هذا التأكيد "لنصنعن" على المشورة اإللهيّة )‪ ،(θεία βουλή‬ليس فقط بسبب مكانة اإلنسان وإمكانياتيه‬
‫ضا لسابق علم هللا ّ‬
‫بأن اإلنسان سيعصى الوصيّة اإللهيّة ويسقط‪.‬‬ ‫الفريدة بين ك ّل الخالئق‪ ،‬بل وأي ً‬

‫إن هللا يعلم مسبقًا بمعصية آدم‪ ،‬أال يعني ذلك ّ‬


‫أن آدم بريء من جرم الخطيئة؟‬ ‫ولكن عندما نقول ّ‬

‫لعل القدّيس يو نّا الدمشقي هو خير مجيب على هذا السؤال يين يقيول إن "هللا يعليم كي ّل األشيياء‪،‬‬
‫ولكنّه ال ي"تّم ك ّل شيء‪ .‬ما ي"صل لنا بسيبب فعلنيا يعرفيه مسيبقًا‪ ،‬ولكنّيه ال يسيبق في"يدّده‪ ،‬ألنّيه ال يشياء ال‬
‫للرذيلة أن تأتي‪ ،‬وال للفضيلة أن ت ُ َ‬
‫فرا"‪.‬‬ ‫ّ‬

‫عييا ميين ال"تميّيية والجبريّيية لمصييير اإلنسييان‪ .‬إذ لييم يُكتَييب ّ‬


‫أن آدم‬ ‫لييذلك‪ ،‬فييإن سييابق علييم هللا ليييس نو ً‬
‫سيسييقط فييي الخطيئيية‪ .‬فالسييقوط لييم يتعلّييق إالّ بمشيييئة آدم ال"ي ّيرة‪ .‬هللا يعييرف ل"ظييات سييقوطنا‪ ،‬لكي ّ‬
‫ين سييابق‬
‫معرفته ال ترفع عنّا مسؤوليّة السقوط‪ ،‬بل ّ‬
‫إن ر مته عظيمية لدرجية أن يقيدّم ذاتيه ذبي"ية ليشيتري اإلنسيان‬
‫من سلطان الخطيئة‪.‬‬

‫خلق هللا اإلنسان من طين األرا‪ ،‬أي من الميادّة‪ ،‬ونفيخ فييه نَفَ َ‬
‫يس ال"يياة‪ ،‬فأصيبح اإلنسيان رو ً يا‬
‫م"ييًا (تك ‪ .)7 :2‬فمنذ البداية أخذ اإلنسان من هللا مبدأ ً إلهيوا وإمكانيّة االتّ"اد بال"ياة اإللهيّة‪.‬‬

‫عا اإلنسيانَ عليى صيورته ومثاليه‪ ،‬وضيع فييه بهيذه‬


‫يقول القدّيس أنستاسييوس السيينائي‪ " :‬هللا‪ ،‬مبي ِد ً‬
‫النفخة النّعمة‪ :‬معرفة الروح القدس ونوره"‪.‬‬

‫صصة لالستعمال الشخصي للطالب المسجّلين في‬ ‫© هذه المواد مخ ّ‬ ‫مبادئ العقيدة المسيحيّة‬ ‫‪4‬‬
‫برنامج "كلمة"‪ .‬يُمنع منعا ً باتّا ً النسخ الجزئي أو الكلّي إال بإذن‬ ‫لالتصال بنا يُرجى الكتابة إلى‪:‬‬
‫ّ‬
‫خطي من جامعة البلمند‪.‬‬ ‫‪fr.porphyrios@balamand.edu.lb‬‬
‫נֶפֶׁש العبريّيية‪ ،‬والتييي تييوازي ‪ Πνεῦμα‬اليونانيّيية‪ ،‬بأنّهييا الي ّيروح‬ ‫سير "نفخيية هللا"‪ ،‬لفظيية نيفييا‬
‫تف ّ‬
‫مدعو ليشارك في عمل األلوهة‪ .‬لذلك كانت له سلطة على ك ّل‬
‫ٌّ‬ ‫القدس‪ .‬أي أن اإلنسان‪ ،‬منذ بدء عمل الخلق‪،‬‬
‫الخليقة‪.‬‬

‫سط ما بين العال َمين المنظور وغير المنظور‪ .‬إنّه نوع من التداخل‬
‫واآلباء يصفون اإلنسان بأنّه يتو ّ‬
‫تعبيرا فلسفيوا قدي ًما م"دّدين اإلنسان على أنّه عال نم مصغر (‪،)Microcosm‬‬
‫ً‬ ‫بين العال َمين‪ .‬وهم يستعملون‬
‫والذي بشخصه يض ّم العالم المخلول بجملته‪.‬‬

‫إن اإلنسان "أخذ إمكانيّة التسلّط التي للمالئكة‪ ،‬وطريقة عيشه كانت‬
‫يقول القدّيس باسيليوس الكبير ّ‬
‫تجعله شبي ًها برؤساء المالئكة"‪.‬‬

‫وهللا‪ ،‬ب"سب الهوتنا‪ ،‬أقام اإلنسان في قلب العالم المخلول‪ُ ،‬متْ ِ"دًا فيه المبدأين الرو ي والجسدي‪،‬‬
‫وهكذا كان ي"ت ّل بشكل من األشكال مكانةً تفيول المالئكية‪ .‬القيدّيس غريغورييوس النازينيـزي (الالهيوتي)‪،‬‬
‫الذي أراد إيضاح مكانة اإلنسان‪ ،‬س ّماه "إل ًها مخلوقًيا"‪ ،‬وإذ "جبيل هللا اإلنسيان عليى صيورته ومثاليه‪ ،‬خليق‬
‫مدعوا ألن يصير إل ًها"‪.‬‬
‫و‬ ‫كائنًا‬

‫‪" .III‬على صورة هللا ومثاله"‪:‬‬

‫"لنصنعن اإلنسان على صورتنا ومثالنا" (تكوين ‪.)27 :1‬‬

‫موضيييوع "صيييورة هللا ومثاليييه" هيييو أ يييد أهييي ّم أبيييواب األنثروبولوجيييية المسيييي"يّة‪ ،‬وكييي ّل الكتّييياب‬
‫األول عالجوا هذا الموضوع وأعطوه أهميّة قصوى‪.‬‬
‫المسي"يين َ‬

‫صصة لالستعمال الشخصي للطالب المسجّلين في‬ ‫© هذه المواد مخ ّ‬ ‫مبادئ العقيدة المسيحيّة‬ ‫‪5‬‬
‫برنامج "كلمة"‪ .‬يُمنع منعا ً باتّا ً النسخ الجزئي أو الكلّي إال بإذن‬ ‫لالتصال بنا يُرجى الكتابة إلى‪:‬‬
‫ّ‬
‫خطي من جامعة البلمند‪.‬‬ ‫‪fr.porphyrios@balamand.edu.lb‬‬
‫عبارة الكتاب المقدس "صورة ومثال" موجودة أيضيا ً فيي الفلسيفة‪ .‬وكلمية ‪ εἰκόν‬اليونانيّية تعنيي‬
‫ي عم ٍل مصنوعٍ بنا ًء على نموذجٍ أصلي‪ ،‬مع كون العمل شيبي ًها بيالنموذج مين‬
‫"صورة الوجه"‪ ،‬كما تعني أ ّ‬
‫دون أن يتطابق وطبيعته‪.‬‬

‫وقد يدّد آبياء الكنيسية خصيائن الصيورة اإللهيّية فيي طبيعية اإلنسيان قيائلين إنّهيا طبيعية مخلوقية‬
‫عاقلة ورو يّة‪ .‬فقد قالوا ّ‬
‫إن اإلنسان "كائن عقلي" )‪ .(ζωόν λογικόν‬القدّيس باسيليوس الكبير َكت َ َ‬
‫يب‪:‬‬
‫صين بطبيعة عاقلة والكالم‪ ،‬اللذين يختصران كمال طبيعتنا"‪.‬‬
‫"ن"ن مخلوقون على صورة الخالق‪ ،‬مخت ّ‬

‫صورة اإللهيّة؟‬
‫ولكن ماذا عن الجسد؟ هل هو جز نء من ال ّ‬

‫القدّيس فوتييوس الكبيير يقيول مع ِبّ ًيرا عين كي ّل آبياء الكنيسية‪" :‬الجسيد ي"ميل بصيمة الخيالق‪ .‬الجسيد‬
‫البشري مثل الروح‪ ،‬هما النتاج الفنّي الذي شاءته عنايته وخيريّته المليئتان بالم"بّة لننسان"‪.‬‬

‫ال"رة‪ ،‬وفي قدرته على االختيار‪ ،‬وفي طبيعته العاقلة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫الصورة اإللهيّة قائمة في إرادة اإلنسان‬

‫الشر‪ .‬ينتظر‬
‫ّ‬ ‫هللا خلق اإلنسان ورا بالمطلق‪ ،‬وهو بم"بّته‪ ،‬ال يُر ِغ َم اإلنسان ال على الخير وال على‬
‫من اإلنسان‪ ،‬ال طاعةً عمياء‪ ،‬بل م"بّة تستجيب لم"بّته‪ .‬واإلنسان من خالل ريّته‪ ،‬يستطيع أن يتّصل باف‬
‫ويرتبط بم"بّته‪.‬‬

‫وخصييائن صييورة هللا فييي اإلنسييان تظهيير بتسييليطه علييى الخليقيية‪ ،‬وب"كمتييه وميلييه إلييى الخييير‪،‬‬
‫ت بالطبيعة‪ ،‬بل هو‪ ،‬ب"سب اآلباء‪ ،‬غير مائ ٍ‬
‫ت بالنعمية‪ .‬يسي ّمي‬ ‫وبخلوده وعدم موته‪ .‬فاإلنسان ليس غير مائ ٍ‬
‫"إن هللا خليق الينَ ْف َ‬
‫س عليى‬ ‫تتيانوس اإلنسانَ "صورة الخلود اإللهي"‪ ،‬والقيدّيس مكياريوس المصيري يقيول‪ّ :‬‬
‫عييا فيهييا نييواميس الفضيييلة‪ ،‬والطبيعيية العاقليية‪ ،‬والمعرفيية‪ ،‬وال"كميية‪،‬‬
‫صييورة فضيييلة الييروح القييدس‪ ،‬مو ِد ً‬
‫واإليمان‪ ،‬والم"بّة‪ ،‬وفضائل أخرى للروح"‪.‬‬

‫أما موهبة الخلق لدى اإلنسان فهي بمثابة صدى إلمكانيّة الخلق عند هللا‪ .‬هللا هو الذي يعمل (يو نا‬
‫لكن اإلنسان يستثمر الجنّة (تكوين ‪ .)15 :2‬فعمل الخلق اإللهي يشتهي اإلنسان أن يك ّمله‪ .‬هللا‬
‫‪ّ ،)17 :5‬‬

‫صصة لالستعمال الشخصي للطالب المسجّلين في‬ ‫© هذه المواد مخ ّ‬ ‫مبادئ العقيدة المسيحيّة‬ ‫‪6‬‬
‫برنامج "كلمة"‪ .‬يُمنع منعا ً باتّا ً النسخ الجزئي أو الكلّي إال بإذن‬ ‫لالتصال بنا يُرجى الكتابة إلى‪:‬‬
‫ّ‬
‫خطي من جامعة البلمند‪.‬‬ ‫‪fr.porphyrios@balamand.edu.lb‬‬
‫يخلق من ال وجود‪ ،‬أ ّما اإلنسان فيال يخليق مين ال وجيود‪ ،‬لكنّيه يسيتعمل الميواد التيي خلقهيا هللا‪ .‬إنّيه يسيتثمر‬
‫متسلّط عليها‪ ،‬دون أن يعني األمر أنه المبادر في إيجاد الخليقة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫األرا كسيّد‬

‫وقد أبرز آباء الكنيسة في اإلنسان تمييزا ً ما بين الصورة والمثال‪ .‬الصورة أُعطيَت لننسان فطريوا‬
‫(مع خلقه)‪ ،‬أ ّما المثال فهو دعوته‪ ،‬وعليه ت"قيقها كثمرة ل"ياة فاضلة‪.‬‬

‫يوضح القدّيس يو نّا الدّمشيقي فيي كتابيه المائية مقالية فيي اإليميان القيويم‪" :‬بالصيورة نعنيي العقيل‬
‫واالختيييار ال"ي ّير‪ ،‬وبالمثييال نعنييي التّميياهي بالفضيييلة بمقييدار اإلمكانيييات"‪ .‬يبلييس اإلنسييان المثييال باسييتثماره‬
‫الفضيلة والم"بّة‪ .‬وهو يك ّمل بها مثال هللا‪ .‬والقدّيس غريغوريوس النيصصي يقول فيي تفسييره للتطويبيات‪:‬‬
‫ّ‬
‫"ألن نهاية السيرة الفاضلة هي مماثلة هللا"‪.‬‬

‫صصة لالستعمال الشخصي للطالب المسجّلين في‬ ‫© هذه المواد مخ ّ‬ ‫مبادئ العقيدة المسيحيّة‬ ‫‪7‬‬
‫برنامج "كلمة"‪ .‬يُمنع منعا ً باتّا ً النسخ الجزئي أو الكلّي إال بإذن‬ ‫لالتصال بنا يُرجى الكتابة إلى‪:‬‬
‫ّ‬
‫خطي من جامعة البلمند‪.‬‬ ‫‪fr.porphyrios@balamand.edu.lb‬‬
:‫ قراءات مقترحة‬.IV

Florovsky George (Fr), Creation and Redemption. Vol. 3 in the Collected Works,
Nordland, Belmont 1976.

Lossky Vladimir, In the Image and Likeness of God. Ed. John H. Erickson & Thomas
E. Bird, SVSP, Crestwood 1974.

‫صصة لالستعمال الشخصي للطالب المسجّلين في‬ ّ ‫© هذه المواد مخ‬ ‫مبادئ العقيدة المسيحيّة‬ 8
‫ يُمنع منعا ً باتّا ً النسخ الجزئي أو الكلّي إال بإذن‬."‫برنامج "كلمة‬ :‫لالتصال بنا يُرجى الكتابة إلى‬
ّ
.‫خطي من جامعة البلمند‬ fr.porphyrios@balamand.edu.lb

You might also like