Professional Documents
Culture Documents
وأحاكمه
تأيلف
الشيخ عطية حممد سالم
يعترب الصيام كعبادة دينية متقدم الترشيع دلى األمم املاضية ،واألساس يف هذا املبحث قوهل
َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ذ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ذ ُ ْ َ ذ ُ َ
اَّلين ِمن قب ِلكم لعلكم تتقون} اَّلين آ َمنوا ك ِتب عليكم الصيام كما ك ِتب لَع ِ تعاىل{ :يا أيها ِ
ذ ذ ٌ
[ابلقرة ،]381 :فهو مرشوع ملن قبلنا ،ومفروض عليهم ،ومؤكد بالكتابة علينا وعليهم ،سواء اتفقت
ٌ
الكيفية أو اختلفت ،فللك أمة يف فروعها وكيفيات عباداتها ِِشعة ومنهاج.
ً َ ُ تنوعة لصيام َ
صور ُم ِّ
ٌ ْ
ورد بعضا منها ال لِلحرص واالستقصاء ،ولكن لَع سبيل ِ ن نا، قبل ن م ِ جاءت وقد
انلماذج واألمثلة.
فمن ذلك ما جاء يف قوهل -صىل اهلل عليه وسلم (( :-خري الصيام صيام أيخ داود ،اكن يصوم ً
يوما ِ
ذ ذ ُ ذ ذ ويفطر ً
أصوم فيه فأتذكر الفقراء ،وأما ايلوم اَّلي أفطر فيه يوما)) ،وعنه أنه قال(( :أما ايلوم اَّلي
فأشكر نعمة اهلل)).
َ ذ ََ ذ َ َْ َ َ َ ً
رش أحدا ومن ذلك ما جاء يف نوع صيام مريم -عليها السالم -يف قوهل تعاىل{ :ف ِإما تر ِين ِمن الب ِ
ً ً ْ َ َ ُ َ ِّ ْ لر ْ َ ِّ َ َ ْ ُ َُ
صياما عن الالكم ،ال إمسااك ْح ِن َص ْو ًما فل ْن أكل َم ايلَ ْو َم ِإن ِس ًّيا} [مريم ،]62 :فاكن ت لِ ذ وِل ِإِّن نذر
ف ِق
عن الطعام.
ْ
ومن ذلك صيام نيب اهلل موىس -عليه السالم -يف املواعدة ،كما قال العلماء عند قوهل تعاىلَ { :وِإِذ
ً ُّ ً ً َ َ ْ َ ُ َ ََْ َ ًََْ
واعدنا موىس أرب ِعني يللة} [ابلقرة ،]13 :فقالوا قىض أيامها صائما؛ تهيؤا للمالقاة ،واستعدادا
للمناجاة.
ً ً
شكرا هلل أن أجناه اهلل من فرعون يف ذلك ايلوم ،وتوارث وعن نيب اهلل موىس أيضا صيام يوم اعشوراء؛
َ َ
ايلهود صيامه عنه ،إىل أن ق ِدم -صىل اهلل عليه وسلم -املدينة ،واكنوا يف اجلاهلية يصومونه كما يف
حديث اعئشة -ريض اهلل عنها ،واكنوا يعظمون الكعبة فيه ،وجيددون كسوتها.
ذ ذ
أما ذ
مرشوعية الصيام يف اإلسالم ،فاكن هو صيام يوم اعشوراء؛ ألن انليب -صىل اهلل عليه وسلم أول
-ملا قدم املدينة ووجد ايلهود يصومونه ،سأهلم عن السبب يف صيامه ،فقالوا هل :إنه يوم نىج اهلل فيه
شكرا هلل ،فصمناه وها حنن نصومه ،فقال هلم -صىل اهلل عليه وسلم :-ً موىس من فرعون ،فصامه
((حنن أحق بموىس منكم)) فصامه -صىل اهلل عليه وسلم -وأمر املسلمني بصيامه ,وأرسل إىل
ْ ً صائما فليتم صيامهَ ،
ً ضوايح املدينة مناديَهَ :
صائما فليُمسك بقية يومه)). ومن لم يكن ((من اكن
والواقع أن صيامه -صىل اهلل عليه وسلم -لم يكن ملجرد موافقة ايلهود ،بديلل خمالفته هلم بضم
اتلاسع إيله ،وتلرصحيه -صىل اهلل عليه وسلم -بأن السبب يف صيامه هو السبب اَّلي داع موىس -
يبس ،وجناته من فرعون
عليه السالم -إىل صومه ،وهو امتنان اهلل تعاىل عليه بطريق يف ابلحر ٍ
ً
شكرا هلل ،وهذا السبب هل أهميته وعظيم مدلوهل يف مجيع األديان وتاريخ الرسل مع وقومه ،فصامه
ٌ ذ
األمم؛ ألنه إعالن وِإثبات الن ِتصار احلق لَع ابلاطل يف الرصاع ادلائم لَع ابلقاء وِإىل الصالح
واإلصالح ،برصف انلظر عن األطراف واألشخاص ،وعن الزمان واملاكن ،وَّلا قال -صىل اهلل عليه
ذ وسلم (( :-حنن ّ
أحق بموىس منكم)) ،كما بني -صىل اهلل عليه وسلم -رابطة انلبوة بقوهل(( :حنن
معاِش األنبياء أبناء عالت ،ديننا واحد)) ،وأبناء العالت هم اإلخوة ألب ووحدة ادلين يف األصول
ٌ
انتصار دلين اهلل ونبيه ،وسواء يف املبدأ زمن موىس أو زمن حممد ويف العقائد ،فنجاة موىس من عدوه
-صىل اهلل عليه وسلم؛ ألنها قضية حق وِإظهار عدل ،وهذه مبادئ اإلسالم واملسلمني.
ت ذ ذ
ِإن م ذما يلف ُ
انلظر ،ويستوقف ابلاحث هو تعظيم هذا ايلوم بصيامه؛ ملا أجرى اهلل فيه من اخلري، ِ و ِ
ذ
وأن لألمة االحتفاظ بذكرياتها اجلليلة ،واتلعبري عنها بما ِشع فيها؛ اكلصوم يف يوم اعشوراء.
ذ
مرشوعيته إىل ارتباطه ثم جاء فرض صيام رمضان يف السنة اثلانية من اهلجرة ،وقد أشارت نصوص
ذ َ ْ ُ ُ يه انبثاق فجر اهلداية ،وِإِشاقة َشمس ذ
بأعظم ُمناسبة يف هذا الوجود لكهَ ،
الرشاد اليت بددت ظلمات ِ ِ
َ ََ ْ َ ْ ْ َ ِّ َ ذ ذ ذ ْ ُ ُ
اجلَهالة ،ومهدت سبل السعادة ،يقول جربيل -عليه السالم { :-اقرأ بِاس ِم ربك ِ
اَّلي خلق} [العلق:
.]3
ً ْ
وقد جرت حكمة العليم اخلبري يف مرشوعية هذا الركن العظيم ،فبدأ باتلدرج ،أوال يوم اعشوراء ،ثم
ْ ُ َ َ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ذ َ ْ َ ْ ُ ً
اَّلين ِمن قب ِلكم} [ابلقرة:
فرض مطلقا من غري حتديد{ :ك ِتب عليكم الصيام كما ك ِتب لَع ِ
َذ ً َ ْ ُ َ
ات} [ابلقرة ،]381 :وِإن اكنت لم تقيد بعدد
،]381ثم انتقل من اإلمجال إىل اتلفصيل{ :أياما معد ٍ
ود
إال أنها مقيدة جبمع القلة ً
أياما معدودات ،شبيه بما يف قوهل تعاىل يف مبيع يوسف -عليه السالم :-
ين} [يوسف ،]62 :وكذلك األيام املعدودات؛ ود ٍة َو َاكنُوا ِفيه ِم َن ذ
الزا ِه ِد َ َ َ َ ُْ َ َ َْ َ َ َ َ ْ ُ َ
{وِشوه بِثم ٍن َب ٍس درا ِهم معد
ِ
يقونَ ُه ف ْديَ ٌة َط َع ُ
َ ُ ُ ذ ََ ُ
ام ِ يلهون لَع انلفوس تقبلها ،وقد ِشع بادئ ذي بدء لَع اتلخيريَ { :ولَع ِ
اَّلين ي ِط
فحددت
ُ ِّ
توطنت نفوسهم عليه ،واطمأنت قلوبهم إيله، م ْسكني} [ابلقرة ،]381 :ثم أُلزموا به بعد أن ذ
ِ ِ ٍ
ُْ ْ ُ َ ْ ُ َ َ َ َ ذ ُْ َ
اَّلي أن ِزل ِفي ِه القرآ َن} [ابلقرة،]381 :
هلم أيامه ،وانتىف عنهم اتلخيري يف قوهل تعاىل{ :شهر رمضان ِ
ذ ْ َْ ُْ َ َ ْ ُ َ
وبقوهل{ :ف َم ْن ش ِهد ِمنك ُم الشه َر فليَ ُصمه} [ابلقرة.]381 :
وجبانب ذلك نوافل وسنن من الصيام يف مناسبات ومالبسات أخرى ،انفرد بها الصيام عن سائر
ًّ
اعما وما اكن منها ًّ
خاصا. العبادات ،ما اكن منها
ّ ذ
ومنها صيام يوم عرفة ل ِ َمن ليس بعرفات ،وِإنه يلكفر سنة قبله وسنة بعده ،ومنها صيام الست من
شوال ،وِإنها مع رمضان بمثابة صيام ادلهر.
ُ
ومنها صوم يوم االثنني ،يوم ودل فيه انليب -صىل اهلل عليه وسلم -وأنزل عليه فيه.
وغري ذلك األيام املطلقة؛ اكأليام ابليض لك شهر ،ويوم اخلميس ...إىل غري ذلك.
ً
خروجا من مأزق؛ فمن صيام اجلربان الصيام عن دم جربا نلقص ،أو تفاديًا خلطأ ،أو
كما ِشع الصوم ً
ِّ
اتلمتع ،ومن اتلفادي للخطأ عدل دم الصيد وجزاؤه ،ومن اخلروج من املأزق الكفارة عن الظهار
وايلمني وغري ذلك.
وهكذا تطورت مرشوعيته ،وينفسح ترشيعه ،مما خص به الصيام دون غريه من العبادات.
فالصالة :تنىه عن الفحشاء ،وتغسل اَّلنوب ،كما قال -صىل اهلل عليه وسلم (( :-كنهر جار َ
أمام ٍ ٍ
َ
نورا لَع الرصاط{ :يَ ْو َم ت َرى بيت أحدكم ،يغتسل فيه لك يوم مخس مرات)) ،وتأيت يوم القيامة ً
ْ َْ َ َْ
األ ْه َهارُ ُْ ْ َ َ ُْ ْ َ َ ْ َ ُ ُ ُ ْ َْ َ َْ ْ َ َْ َ ْ ُ ْ َ ُ ُ َْ ْ َ َ ذ ٌ َْ
يهم وبِأيمانِ ِهم برشاكم ايلوم جنات ْج ِري ِمن حت ِتها
ات يسَع نورهم بني أي ِد ِ المؤ ِم ِنني والمؤ ِمن ِ
ْ ْ
ك ُه َو ال َف ْو ُز ال َعظ ُ َ َ َ َ َ
يم} [احلديد ،]36 :وكما يف احلديث(( :والصالة نور ،والصدقة ِ ادلين ِفيها ذل ِ
خ ِِ
برهان)).
ُ ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ً ُ َ ِّ ُ ُ ْ َ ُ َ ِّ
يه ْم بِ َها} [اتلوبة،]321 :
والزاكة :طهرة للمال ،وتزكية لصاحبها{ :خذ ِمن أموال ِ ِهم صدقة تطهرهم وتز ِ
ك
فيه طهرة للمال من شوائب احلقوق وتعلق عيون املساكني ،وزيادة هل وحصن ((ما نقص مال من
صدقة))(( ،حصنوا أموالكم بالزاكة)).
ذ
أما ذ
الصوم فقد تناوتله أقالم عديدة ،وحاولت أن تنسب إيله ح ً
كما شىت يف أكرث من جانب ،إال أن ِ
ابلعض قد يذهب إىل جوانب مادية؛ اكلعالج وصحة ابلدن ،أو إنسانية؛ اكلعطف لَع املساكني
والشفقة ،وهذه وِإن اكن الصوم يفيدها إال أنه ال خيتص بها ،فقد حتصل بغريه .وابلعض قد يذهب إىل
جانب خليق تربوي ،يتعلق بالقوى انلفسية من بهيمية وسبعية ،وروحانية ملكية ،وأن الصوم إضعاف
ذ
لألوىل بتقليل الطعام ،فتتقوى اثلانية ،وقد يستأنس َّللك حبديث(( :إن الشيطان جيري من ابن آدم
ً فضيقوا َجم َ
اريه)) ،وهذه أيضا تابعة لألوىل ،لم خترج عن املاديات ونطاق احلوايش. جمرى ادلمّ ،
ولكن القرآن نص رصاحة لَع أهم خصائص الصيام وحكمته ،وأبان بأنها احلكمة والغاية من
األديان لكها ،وأنها أخص خصائص الرشيعة اإلسالمية ،ويه "اتلقوى" ،وذلك يف معرض الترشيع
َْ ُ َ ذ ُ َذُ َ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ذ ُ َ َ َْ ُ
ين ِم ْن قب ِلك ْم ل َعلك ْم تتقون} [ابلقرة:
اَّل َ
األول للصيام{ :ك ِتب عليك ُم الصيام كما ك ِتب لَع ِ
.]381
و"لعل" أداة نص لَع العلة واحلكمة ،اليت يه اتلقوى ،وحقيقة اتلقوى الوقاية والسرت كما قال الشاعر:
ويه صيانة املرء من نوازع انلفس ،ويه مجاع األمر لكه يف اعمة األديان السماوية ،ودعوة
َ ُ
األمم السابقني ،وهذا باب واسع .وقد نص القرآن لَع أن الغاية من عبادة انلاس أوهلم وآخرهم من
ين منْ
َ َ ََ ُ ْ َ ذ َ َ ُّ َ ذ ُ ْ ُ ُ َ ذ ُ ُ ذ
اَّل ِ
اَّلي خلقكم و ِمجيع األمم ،يه اتلقوى كما يف قوهل تعاىل{ :يا أيها انلاس اعبدوا ربكم ِ
َْ ُ َ ذ ُ َذُ َ
قب ِلك ْم ل َعلك ْم تتقون} [ابلقرة ،]63 :ومعلوم أنه تعاىل ما خلق اجلن واإلنس إال لعبادته ،كما يف
ََ َ َْ ُ ْ
اجل ذن َو ْاإلن ْ َس إ ذال يلَ ْعبُ ُ
ون} [اَّلاريات ،]12 :فتكون اتلقوى بمضمون هاتني ِ د ِ ِ ِ قوهل تعاىل{ :وما خلقت ِ
َ
اآليتني يه الغاية ِمن خلق اثلقلني اجلن واإلنس.
َ ذ ْ َ ُ ّ ّ ذ
حق لك أمة ابتداء من قوم نوح -عليه السالم -يف قوهل تعاىل{ :كذبَت ق ْو ُم ن ٍ
وح انل ّص يف
ثم جاء ذ
ُ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ ْ ُ ٌ َ َ َ ذ ُ َ ِّ َ ُ ْ َ ُ ٌ َ ٌ َ ذ ُ ذ َ َ
ون} [الشعراء: َ
المرس ِلني * ِإذ قال لهم أخوهم نوح أال تتقون * ِإِّن لكم رسول أ ِمني * فاتقوا اَّلل وأ ِطيع ِ
.]328 - 321
َ ذ َ ْ َ ٌ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ ْ ُ ٌ َ َ َ ذ ُ َ ِّ َ ُ ْ َ ُ ٌ
وكذلك اعد؛ لقوهل تعاىل{ :كذبت اعد المرس ِلني * ِإذ قال لهم أخوهم هود أال تتقون * إِِّن لكم رسول
ون} [الشعراء.]362 - 361 : اَّلل َوأَط ُ
يع
َ ٌ َ ذ
ات ُقوا ذ َ أ ِمني * ف
ِ ِ
َ َ َ ذ ُ َ ِّ َ ُ َ ذ َ ْ َ ُ ُ ُْ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ
ني * ِإذ قال ل ُه ْم أخوه ْم َصا ِل ٌح أال تتقون * ِإِّن لك ْم وكذلك ثمود؛ لقوهل تعاىل{ :كذبت ثمود المرس ِل
ون} [الشعراء.]311 - 313 : اَّلل َوأَط ُ
يع
َُ ٌ َ ٌ َ ذ
ات ُقوا ذ َ رسول أ ِمني * ف
ِ ِ
َ ذ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ُْ ْ َ َ ْ َ َ َُ ْ ُ َ ْ ٌ ََ َ ذ ُ َ
وأصحاب األيكة؛ لقوهل تعاىل{ :كذب أصحاب األيك ِة المرس ِلني * ِإذ قال لهم شعيب أال تتقون *
ُ ِّ َ ُ ْ َ ُ ٌ َ ٌ َ ذ ُ ذ َ َ
ون} [الشعراء.]321 - 322 : َ
إِِّن لكم رسول أ ِمني * فاتقوا اَّلل وأ ِطيع ِ
ذ ذ ذ
فبني أن الكتاب الكريم لكه إنما هو هداية للمتقني ،وبيان أعماهلم يف العقائد والعبادات ،وأنها
ً ً َ َ ْ َذ ذَ َْ َ ْ َُ ْ َْ ُْ ً
مرتبطة باتلقوى ،وارتبطت بها نتائج عظام اعجال وآجال{ :ومن يت ِق اَّلل جيعل هل ِمن أم ِرهِ يْسا}
َ ذ ُ ذ َ َ ُ َ ِّ ُ ُ
ك ُم ذ ُ
اَّلل} [ابلقرة ،]686 :ولو وقع يف مأزق جاءته [الطالق ،]1 :حىت طريق العلم{ :واتقوا اَّلل ويعلم
ٌ َ ذَ َ ذ ذ اَّلل َجيْ َع ْل َ ُ َ ْ ً
اتلقوى فأخرجتهَ { :و َم ْن َي ذتق ذ َ
ين اتق ْوا ِإذا َم ذس ُه ْم َطائِف ِم َن هل خم َرجا} [الطالقِ { ،]6 :إن ِ
اَّل ِ
ذ ذ َْ ََ ذُ َ َ ُ ْ ُْ ُ َ
ان تذكروا ف ِإذا هم مب ِرصون} [األعراف ،]623 :وألن اتلقوى تمنح معية نرص اهلل للمتقني: الشيط ِ
َ ذ ذَ َ َ ذ َ ذَ ْ َ ذ َ ُ ُْ
ين ه ْم حم ِسنُون} [انلحل.]368 : اَّل
اَّلين اتقوا و ِ { ِإن اَّلل مع ِ
ذ َ ُ ّ َ ُ ً َ
ً
وسرتا ،ولكما ادلنيا تصونهم وحتفظهم ،وتكون هلم وقاية ولَع هذا تكون اتلقوى مصاحبة ل ُهم يف
جددها ذذ
وقواها ،واكتسبت حصانة ووقاية إىل اعم قادم ،وهكذا لك اعم يف رمضان. جاء الصوم
فإذ انتقل من ادلنيا الزمته اتلقوى ،وساقته إىل أقىص اغيته وأمانيه ،ابتداء من املحرش ،فيساق إىل
َ َ َ َ َ َ َ ذ َ ذَ ْ َذُ ْ َ ْذ َُ َ ذ َ َ َ ُ َ ْ َ
حت أب ْ َو ُاب َها َوقال ل ُه ْم خ َزهتُ َها َسال ٌم اءوها َوف ِت اَّلين اتقوا ربهم إىل اجلَن ِة زم ًرا حىت إذا ج ُ
ِ ِ اجلنةَ { :و ِسيق ِ
ً ً ادل َ َ َْ ُ ْ ُْ ْ َ ْ ُ ُ َ َ
مقاما أمينا: ين} [الزمر ،]21 :وبعد دخوهلم اجلنة تأيت اتلقوى فتحلهم عليكم ِطبتم فادخلوها خ ِ ِ
ٍّ ُ َ ُ َذ ََ َ {إ ذن ال ْ ُم ذتق َ
ون} [ادلخان ،]16 ،13 :ثم تزنهلم مزنلة عز ال يتطلعون ٍ ي ع و ات
ٍ ن ج يف *
ٍ ِ ني م
ِ أ امٍ قم يف
ِ ِني ِ
ُ َْ َ َ ْ ْ َ َْ َ َ َذ ُذ َ ْ ذ
يك مقت ِد ٍر} [القمر.]11 ،11 : ات َوهه ٍر * ِيف مقع ِد ِصد ٍق ِعند م ِل ٍ إىل غريه{ :إِن المت ِقني ِيف جن ٍ
السع ُ
يد ذ ذ ذ ُ
يق ه َو َولَ ذ ذ َ ََ ََْ َ ََْ ُ ََ
ِ كن اتل ِ ِ ال
ولست أرى السعادة مجع م ٍ
َ
أل ْت َىق َمز ُ ذ ْ ذ َ ُْ ذ ُ ْ َََْ
يد ِ اَّلل ل ِ
ِ َو ِعن َد الزا ِد ذخ ًرا اَّلل خري
وتقوى ِ
ذ ذ
ومن نِ َعم اهلل لَع هذه األمة أن جيعل ذلك نلا يف الصوم ،وجعله ُجنة نتيق بها لك ما خنشاه،
ذ
وننال بها لك ما نتمناه ،وصدق رسول اهلل -صىل اهلل عليه وسلم (( :-الصوم ُجنة)) ،كما يف "صحيح
ابلخاري" -رْحه اهلل -عن أيب هريرة -ريض اهلل عنه -قال :قال رسول اهلل -صىل اهلل عليه وسلم
َ ََ ُ
(( :-الصيام ُجنة ،فإذا اكن يوم صوم أحدكم فال يَرفث وال جيهل ،وِإن امرؤ قاتله أو شات َمه فليقل
َ ْ ّ
إِّن صائم مرتني ))...إىل آخر احلديث ،وعند النسايئ(( :الصوم جنة ما لم خيرقها)) ،زاد يف "األوسط":
ولعل هذا إشارة إىل الكف عن مجيع املعايص ،كما ذذ "قيل َ
نبه بم خيرقها؟" ،قال(( :بكذب أو غيبة))،
َ ُ
حديثَ :
((من لم يَدع قول الزور والعمل به ،فليس هلل حاجة يف أن يدع طعامه وِشابه)). عليه
ب به يف لك وقت ،ولكنه وهنا يف ُج ذنة الصائم لم يُطالَب برتك الزور والعمل به فحسب؛ ألن ذلك مطالَ ٌ
ٌ
أحد يرتك ذ َ
حق ُطو ِلب برتك ما هو هل من حق الرد لَع املعتدي وِإساكته ،واالنتصار نلفسه ،فإن شات َمه
ذ أن ذ ذ ً ًّ ذّ
حق الصيام مقدم ،وأثر الصوم هل فعايلته ،فكما ترك ومباحا هل ،إال الرد عليه ،وِإن اكن حقا هل،
الطعام والرشاب وغريهما ،املباحني وحمض حالل هل ،فكذلك يرتك حق الرد لَع َمن ذ
سبه ،أو شتمه،
َ ُّ
ويرد عليه بقوهل" :إِّن صائم"؛ أي :ممسك عن ذلك ،وفيه وقاية من جماراة السفهاء واملعتدين؛ أو قاتله،
ً ذ
إخالصا ألن الصائم إنسان مثايل ،ومسلم مسالم جبميع جوارحه؛ ألن اتلقوى تمأل قلبه ،فيفيض
ً
وخشواع ،ويطهر من احلقد واحلسد ،واتلقوى ستظهر يف منطوق لسانه فيكف عن وحمبة ،وخشية
الر ّد لَع َمن ّ
يسبه أو يشتمه ،ويقابل اإلساءة الكذب والغيبة ،وعن املسابة واملشاتمة؛ بل وعن ذ
ذ ّ ُ
املحرم ،وكذلك األذن يف باإلحسان" :إِّن صائم" .ومثله العني ْجللها الوقاية ،وحتجبها عن انلظر
ُّ
وتسمعها .وهكذا بقية اجلوارح تصبح يف وقاية تامة عن لك منيه عنه ،لَع ما سيأيت بيانه سماعها
فيما ينبيغ لَع الصائم فعله أو تركه.
وكىف بالصوم خصاصية أن اختصه تعاىل نلفسه دون بقية األعمال ،كما يف احلديث القديس(( :إال
الصوم؛ فإنه يل ،وأنا أجزي به)).
َ ُ ُّ
وبيان مزنتله عند اهلل ،وهذا اجلزء من احلديث
ِ أعظم مربز ومظهر لفضل الصيام ويعد هذا احلديث
يشمل مسأتلني ،األوىل :بيان أجر األعمال ومضاعفتها ،واثلانية :مزنلة الصوم عند اهلل تعاىل؛ أما
بعرش أمثاهلا ،وهذا مبدأ ّ ْ مضاعفة األعمال فقد ذ
اعم تقرر يللة اإلرساء واملعراج ِ نص هنا عن احلسنة
ربه يف اتلخفيف ،حىت استقرت إىل مخس ،وقال: انليب ذ
ّ ملا فرض اهلل لَع األمة مخسني صالة ،وراجع
ً ً
احلسنة بعرش أمثاهلا ،فاكنت الصلوات اخلمس بدال من اخلمسني صالة األوىل ،وتقرر مبدأ يف
ًّ
اإلسالم ،وحدا أدىن ملضاعفة األجر عند اهلل.
ذ
أما احلد األقىص فال حد هل؛ فقد يضاعف األجر حبسب األعمال ،أو باعتبار حال أهلها ،فمنها ما
يضاعف إىل مائة ،ومنها إىل سبعمائة؛ بل وأضعاف كثرية ،وِإىل ما ال يعلم قدره إال اهلل.
ُ
فمن األعمال اليت تضاف إىل سبعمائة وأكرث اإلنفاق يف سبيل اهلل؛ لعظم مزنلة اجلهاد؛ لقوهل تعاىل:
ُ ِّ ُ ْ ُ َ َ ُ َ ذ َ ذ
اَّللُ ذ َ َ َ َ ذ َََْ ْ َ َْ َ َ َ َ ْ ُ ََُ ذ َ ُْ ُ َ ََْ َ
اَّلل كمث ِل حب ٍة أنبتت سبع سنابِل ِيف لك سنبل ٍة ِمئة حب ٍة و
يل ِ اَّلين ين ِفقون أموالهم ِيف س ِب ِ {مثل ِ
يم} [ابلقرة.]623 : ِ ِ يُ َضا ِع ُف ل ِ َم ْن ي َ َش ُ
اء َو ذ ُ
اَّلل َواس ٌع َعل ٌ
وقد جاء يف حديث ابن عمر -ريض اهلل عنهما -قال :قال رسول اهلل -صىل اهلل عليه وسلم :-
ذ ذ
عز وجل -سبع :عمالن موجبان ،وعمالن بأمثاهلما ,وعمل بعرش أمثاهل ,وعمل ((األعمال عند اهلل -
فمن ليق اهلل يعبده ال يرشك به ً
شيئا، بسبعمائة ,وعمل ال يعلم ثوابه إال اهلل -عز وجل؛ فأما املوجبان َ
ومن ليق اهلل قد أِشك به ،وجبت هل انلار .ومن عمل سيئة جزي بهاَ .
ومن أراد أن وجبت هل اجلنةَ .
عرشاَ .
ومن أنفق ماهل يف سبيل اهلل، ً يعمل حسنة فلم يعملها ،جزي مثلهاَ ،
ومن عمل حسنة ،جزي
ضعفت هل نفقته :ادلرهم بسبعمائة ،وادلينار بسبعمائة ،والصيام هلل ال يعلم ثواب اعمله إال اهلل -عز
وجل)).
لوجه اهلل -فإن هل بهذا الرتك حسنة)) .أما اإلنفاق يف سبيل اهلل فإنه يضاعف مئات املرات حبسب
إخالص العباد ،وقوة رغباتهم وطواعيتهم ،وِإيثارهم ملا عند اهلل تعاىل ،وتقديم غريهم لَع أنفسهم؛
ُ
أعظم والفقر ثقة منهم بما عند اهلل -عز وجل ،ولو اكنوا يف حاجة ماسة؛ ألن اإلنفاق َ
وقت احلاجة
ِ
منه عند السعة والغىن ،كما قال -صىل اهلل عليه وسلم -يف فضل اإلنفاق أنه جهد املقل ،ويف الصحة
والشباب وهو يرجو الغىن وخيىش الفقر؛ ألنه يغالب ُش ذح ذ
انلفس ،ومصداق ذلك يف قوهل تعاىلَ { :و َم ْن
َُ َ َ ُ ُ ُْ ْ ُ َ ُ َ ُ ذ َْ
حون} [احلرش.]1 : وَلك هم المف ِل
يوق شح هف ِس ِه فأ ِ
وأحاسيسها ،ال بِكرثة املال وتعدا ِده ،كما قال -صىل اهلل
ِ انلفس ألن ِم ْقياس اإلنفاق حبسب دوا ِفع ذ ذ
ِ
ٌ ٌ َ
درهم َسبَ َق مائة ألف ِدرهم)) ،فقال رجل" :كيف يا رسول اهلل؟!" ،قال(( :رجل هل مال ٌ عليه وسلم (( :-
َ ُ ٌ ذ َ ُْ ٌ
ألف تصدق بِها ،ورجل هل درهمان فأخذ أحدهما كثري فأخذ ِمن عر ِضه -أي من جانبه -مائة ٍ
مائة ألف َُّ ُ ُ ذ
تلمُّيه عنها يف جنسه ،وال لغالء سعره ،فهو وِإن الواحد هنا ادلرهم فتصدق به)) ،فلم يسبق
ً
اكن نسبته واحدا من مائة ألف بالنسبة لإلنفاق ،إال أنه من جهة أخرى نسبة واحد من اثنني؛ أي
ذ ذ
نصف مال صاحبه؛ فكأنه تصدق بنصف ما يملك يف هذا ادلرهم الواحد ،أما صاحب املائة ألف
ُ ٍّ ذ ذ
فإن نسبة ما تصدق به نسبة جز ٍء من لك ،وقد ال يؤثر عليه ،وال يشعر به.
ُ
وهذه مزنلة األعمال عمومها وخصوصها من حسنة ،إىل سبعمائة ،إىل مائة ألف ،حبسب ادلوافع
ونوازع انلفس.
َ الصوم ،ألنذه فوق هذا لكّه ،وهو داخل يف خصوص قوهل تعاىل{ :إ ذه َما يُ َو ذَّف ذ
الص ِاب ُرون أما بالنّسبة إىل ذ ذ
ِ
اب} [الزمر ،]32 :وجاء عنه -صىل اهلل عليه وسلم (( :-الصوم نصف الصرب)). س أَ ْج َر ُه ْم ب َغ ْري ح َ
ِ ِ ِ ٍ
الع ْظىم ذ
للصوم فيه يف قوهل -صىل اهلل عليه وسلم (( :-إال الصوم؛ فإنه يل ،وأنا أجزي به)).
ذ
أما املزنلة ُ
َ ذ
أن َمج َ
يع األعمال هلل ،ومجيع اجلزاء عليها من اهلل تعاىل ،ولكنه خص الصوم بهذه اإلضافة ،فقيل مع
ُ
ترشيف؛ اكإلضافة يف "بيت اهلل" .وقيل ألن الصائم ليس عليه رقيب إال اهلل ،كما
ٍ يف ذلك إنها إضافة
َ
يف احلديث(( :يَدع طعامه وِشابه من أجيل)) .وقيل ألن اهلل حيفظه لصاحبه يوم القيامة إذا تقاىض
ً
انلاس باحلسنات ،وأخذ ممن عليه احلق من حسناته؛ توفية لصاحب احلق ،حىت تنفذ فلم يبق إال
حسنات الصوم ،فيقول اهلل(( :إال الصوم؛ فإنه يل ،وأنا أجزي به)) ،إىل غري ذلك مما يعظم جوانبها
ذ
اختصه اهلل لكها من مراقبة اهلل تعاىل ،وِإخالص العمل إيله ،واستشعاره طيلة صومه أنه يف عمل
ً
نلفسه .قيل أيضا إن اهلل اختصه نلفسه؛ ألن الصائم يتصف بصفة من صفات اهلل تعاىل ،ويه عدم
ُ
الطعام والرشاب ،وقد سئل انليب -صىل اهلل عليه وسلم -عن عمل يدخل اجلنة ،فعن أيب أمامة -
ذ
ريض اهلل عنه -قال :قلت :يا رسول اهللُ ،مرين بأمر ينفعين اهلل به ،قال(( :عليك بالصوم؛ فإنه ال مثل
هل)) ،ويف "الصحيحني" عن سهل بن سعد أن انليب -صىل اهلل عليه وسلم -قال(( :إن يف اجلنة بابًا
ً فمن اكن من الصائمني دخلهَ ،
ومن دخله لم يظمأ أبدا)). يُدىع الريان ،يُ ْد َىع هل الصائمونَ ،
ِ
ً ذ
وأحاكما. ولعظم مزنلة هذا الشهر فإن هل آدابًا
أما أحاكمه فمحلها كتب ودروس الفقه ،وتأيت حسب السؤال واالستفتاء حبسب ما يعرض لإلنسان،
ذ ً
أحاكما اعمة تتصل باآلداب من جهة مرااعتها ،مما ينبيغ تذكري الصائم بها ،ويه تتعلق إال أن هناك
بمأكله ومرشبه ،وأفعاهل وأقواهل.
ً َ ً ّ
اتلحري للمأكل احلالل؛ يلكون عونا لَع طاعة اهلل ،ويلكون ذلك تعويدا لَع كسب احلالل، من ذلك
ّ ُّ واتل ّ
ذ
حري عن الشبه طيلة العام؛ فريجح إذا وزن ،ويويف إذا اكل ،وال يطفف إذا اكتال ،وال يغش وال
ً ً ُ
حراما؛ إذ يدلس وال خيتلس ،إىل غري ذلك من أنواع انلقص يف املعامالت اليت تدخل عليه ماال
الواجب عليه املطعم احلالل ً
دائما ،ويف رمضان باألخص؛ ألنه ال يليق به الصوم عن احلالل وِإباحته
َ
الكسب احلرام. نلفسه
ثم يأيت بعد ذلك آداب وأحاكم املطعم واملرشب ،وهما وجبتا السحور واإلفطار.
يعترب السحور يف رمضان خصوصية من خصوصيات هذه األمة؛ ألنه لم يكن لألمم املاضية يف
ْ ُ ُ ٌ
سحور ،وَّلا قال -صىل اهلل عليه وسلم (( :-فرق ما بيننا وبينهم أكلة السحر)) ،إذ اكن صيامهم
ُ ُ َ َ
الصيام عند َمن قبلنا ويف أول اإلسالم ،حي ُرم لَع الصائم األكل والرشب والوطأ من حني ينام أو يصيل
ْ ذ ً
فيمسكون من صالة العشاء إىل الغد ،حىت تغ ُرب ال حصل به اتلحريمُ ، العشاء ،فأيّهما حصل أو
الشمس ،وتكون مدة اإلفطار يه مدة ما بني املغرب والعشاء فقط ،وِإذا نام بعد املغرب وقبل العشاء
ْ ُ
َح ُرم عليه األكل ،إىل أن جاء رجل من مزرعته بعد املغرب فذهبت زوجته حت ِِض هل الطعام ،فغلبته
ً ُ ْ َ ْ
عينُه فنام ،فلم يستطع أن يأكل وال يرشب ،وأمسك لليوم اثلاِّن وأصبح صائما ،فأغ ِِم عليه يف انلهار،
ذ
ذ ذ
انليب -صىل اهلل عليه وسلم ،ووقع من رجل أن جاء إىل أهله ،فقالت :إِّن قد نمت ،فظنها فبلغ ذلك
ذ ذ ذ
تمنع عليه فواقعها ،ثم تبني هل أنه اختان نفسه ،فأىت انليب -صىل اهلل عليه وسلم -وأخربه ،فاشتد
ُ َ َ ذُ َذ ُ ُ ْ َْ ُ َ َُْ
اَّلل أنك ْم كنتُ ْم ختتَانون أهف َسك ْم ذلك لَع انليب -صىل اهلل عليه وسلم ،فأنزل اهلل تعاىل قوهل{ :ع ِلم
ك ْم َو ُلكُوا َو ْ َ
اِش ُبوا َح ذىت يَتَبَ ذ َ ََ َ َ َْ ُ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ُ ذ َ َُْ َ ََ َ ذُ َ ُ
ني اِشوهن وابتغوا ما كتب اَّلل ل فتاب عليكم وعفا عنكم فاآل َن ب ِ
ِّ َ َ َ ذ ْ ُّ َ ذ َ ُ ُ َْ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َْ ْ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ ُ
لكم اخليط األبيض ِمن اخلي ِط األسو ِد ِمن الفج ِر ثم أتِموا الصيام ِإىل اللي ِل} [ابلقرة ،]382 :ونسخ
ُ
املنع السابق ،وأبيح نلا األكل والرشب والنساء ،ومع إباحة األكل والرشب طيلة الليل ،إال أنه عمل
ُّ ذ
انليب -صىل اهلل عليه وسلم؛ اعدي؛ لكن أكلة السحر يه الرئيسة املرتبطة بالصوم؛ وَّلا أكدها
ُ
تأخريها؛ تلحقق معىن امتداد اإلباحة إىل آخر ّ
يستحب ألنذها رخصة من اهلل ذ
امنت بها علينا ،ومن هنا
ذ ذ ُ
((تسحروا؛ فإن يف السحور بركة)) .واألمر األمر بها: الليل ،فجاء عنه -صىل اهلل عليه وسلم -
ٌ ذ َ ً
بتأخريها؛ تلكون عونا لَع صيام انلهار ،كما يف قوهل -صىل اهلل عليه وسلم (( :-إنها بركة أعطاكم
اهلل فال تدعوها)) ،وقال(( :استعينوا بطعام السحر لَع صيام انلهار ،والقيلولة لَع قيام الليل)) .ونىه
ذ
عجلوا الفطر وأخروا السحور))، صىل اهلل عليه وسلذم -عن تقديمه يف قوهل(( :ال تزال أميت َبري ما ذ
ذ
-
ِ
لسحور وِإن ذلك َحي ُصل ولو بالقليل من الطعام أو الرشاب ،كما يف قوهل -صىل اهلل عليه وسلم (( :-ا ّ
ُّ
لكه بركة؛ فال تدعوه ولو أن جيرع أحدكم جرعة من ماء؛ فإن اهلل -عز وجل -ومالئكته يصلون
ذ
املتسحرين)). لَع
ذ
واكن سحور السلف قبل األذان بما يت ِس ُع لقراءة مخسني آية ،مع أنه جيوز إىل قبيل الفجر بلحظات.
ُ ذ
أما اإلفطار فينبيغ تعجيله عند أول حلظة من الليل؛ أي عند حتقق دخول الوقت ،كما تقدم(( :ال
يزال انلاس َبري ما عجلوا الفطر))؛ رواه ابلخاري ومسلم .فال يصح إلنسان بعد ذلك أن يؤخر الفطر
ذ ً
إمعانا يف اتلأكد ،فقد حذر -صىل اهلل عليه وسلم -من اتلأخري إىل طلوع انلجوم يف حديث سهل
أميت لَع ُسنذيت ما لم َ
تنت ِظ ْر ِب ِف ْطرها انلجوم)).
ذ بن سعد عند ابن ذ
حبان(( :ال تزال
ً
صائما اكن هل كأجر فطر غريه معه؛ لقوهل -صىل اهلل عليه وسلم َ :-
((من ذ يفطر َويستحب هل أن ِّ
صيامه ،ال ينقص من أجورهما شيئًا)) ،وحيصل ذلك ولو بمزقة لنب أو حنوه.
ُ ذ
أما ما بني السحور واإلفطار ،فيجتنب شبهات اإلفطار أو ما يؤدي إيله ،ومن ذلك املبالغة يف
ذ
االستنشاق؛ خشية أن يَسبقه املاء إىل حلقه .ومنها احلجامة ،سواء احلاجم أو املحجوم؛ أما احلاجم
ذ َ
ادل ُم إىل فمه ،وأما املحجوم فخشية أن يضعف وحيتاج إىل الفطر ،وهذا ما عليهيتْسب ذ
ذ فخشية أن
ََ ذ
فحملها اجلمهور لَع اجلمهور ،وعند احلنابلة رواية أنها تفطر؛ ملا ورد من األحاديث املتعددة،
ٌ َ
الكراهية ،وْحلها احلنابلة لَع اتلحريم ،وهلذا حبث مستقل إن شاء اهلل.
ً
عفوا وغلبه فإنه ال يفطر. كما عليه أن يتجنب مثريات اليقء؛ ألن إثارته مفطرة ،أما إذا جاءه
كما عليه أن يتجنب مداعبة أهله إذا خيش من نفسه ،كما قالت اعئشة -ريض اهلل عنها " :-اكن
ْ ُ
رسول اهلل -صىل اهلل عليه وسلم -يُقبِّل نساءه وهو صائم ،وأيُّكم أملك ألربه؟!"؛ أي من رسول اهلل
-صىل اهلل عليه وسلم ،وقد نىه -صىل اهلل عليه وسلم -الشباب عن اتلعرض ملا خيىش وقوعه .كما
أن عليه أن يكرث من تالوة القرآن ،كما جاء عنه -صىل اهلل عليه وسلم -أن جربيل -عليه السالم
ذ
-اكن يدارسه القرآن يف رمضان لك سنة مرة ،ويف السنة األخرية دارسه القرآن مرتني؛ إحياء بلدء
نزوهل يف رمضان.
وأن يكرث من الصدقات ،كما جاء عنه -صىل اهلل عليه وسلم -أنه اكن أجود ما يكون يف رمضان،
دار ُسه جربيل القرآن.ُ
حينما ي ِ
ّ
وللقرآن منهج خاص يف ترشيع الصيام ،آمل أن ييْس اهلل تقديمه واالستفادة منه.
ُ َّ
حي ّبه ويرضاه ،وصىل اهلل وسلم وبارك لَع سيدنا ونبينا حممد ،ولَع آهل وصحبه
واهلل نسأل أن يوفقنا ملا ِ
أمجعني.