You are on page 1of 18

‫مرشوعية الصيام وآدابه‬

‫وأحاكمه‬

‫تأيلف‬
‫الشيخ عطية حممد سالم‬
‫يعترب الصيام كعبادة دينية متقدم الترشيع دلى األمم املاضية‪ ،‬واألساس يف هذا املبحث قوهل‬
‫َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ذ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ذ ُ ْ َ ذ ُ َ‬
‫اَّلين ِمن قب ِلكم لعلكم تتقون}‬ ‫اَّلين آ َمنوا ك ِتب عليكم الصيام كما ك ِتب لَع ِ‬ ‫تعاىل‪{ :‬يا أيها ِ‬
‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫ٌ‬
‫[ابلقرة‪ ،]381 :‬فهو مرشوع ملن قبلنا‪ ،‬ومفروض عليهم‪ ،‬ومؤكد بالكتابة علينا وعليهم‪ ،‬سواء اتفقت‬
‫ٌ‬
‫الكيفية أو اختلفت‪ ،‬فللك أمة يف فروعها وكيفيات عباداتها ِِشعة ومنهاج‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ ُ‬ ‫تنوعة لصيام َ‬
‫صور ُم ِّ‬
‫ٌ‬ ‫ْ‬
‫ورد بعضا منها ال لِلحرص واالستقصاء‪ ،‬ولكن لَع سبيل‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫نا‪،‬‬ ‫قبل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫جاءت‬ ‫وقد‬
‫انلماذج واألمثلة‪.‬‬

‫فمن ذلك ما جاء يف قوهل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬خري الصيام صيام أيخ داود‪ ،‬اكن يصوم ً‬
‫يوما‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫ويفطر ً‬
‫أصوم فيه فأتذكر الفقراء‪ ،‬وأما ايلوم اَّلي أفطر فيه‬ ‫يوما))‪ ،‬وعنه أنه قال‪(( :‬أما ايلوم اَّلي‬
‫فأشكر نعمة اهلل))‪.‬‬

‫َ ذ ََ ذ َ َْ َ َ َ ً‬
‫رش أحدا‬ ‫ومن ذلك ما جاء يف نوع صيام مريم ‪ -‬عليها السالم ‪ -‬يف قوهل تعاىل‪{ :‬ف ِإما تر ِين ِمن الب ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ ِّ ْ‬ ‫لر ْ َ‬ ‫ِّ َ َ ْ ُ‬ ‫َُ‬
‫صياما عن الالكم‪ ،‬ال إمسااك‬ ‫ْح ِن َص ْو ًما فل ْن أكل َم ايلَ ْو َم ِإن ِس ًّيا} [مريم‪ ،]62 :‬فاكن‬ ‫ت لِ ذ‬ ‫وِل ِإِّن نذر‬
‫ف ِ‬‫ق‬
‫عن الطعام‪.‬‬

‫ْ‬
‫ومن ذلك صيام نيب اهلل موىس ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬يف املواعدة‪ ،‬كما قال العلماء عند قوهل تعاىل‪َ { :‬وِإِذ‬
‫ً‬ ‫ُّ ً‬ ‫ً‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ ََْ َ ًََْ‬
‫واعدنا موىس أرب ِعني يللة} [ابلقرة‪ ،]13 :‬فقالوا قىض أيامها صائما؛ تهيؤا للمالقاة‪ ،‬واستعدادا‬
‫للمناجاة‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫شكرا هلل أن أجناه اهلل من فرعون يف ذلك ايلوم‪ ،‬وتوارث‬ ‫وعن نيب اهلل موىس أيضا صيام يوم اعشوراء؛‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ايلهود صيامه عنه‪ ،‬إىل أن ق ِدم ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬املدينة‪ ،‬واكنوا يف اجلاهلية يصومونه كما يف‬
‫حديث اعئشة ‪ -‬ريض اهلل عنها‪ ،‬واكنوا يعظمون الكعبة فيه‪ ،‬وجيددون كسوتها‪.‬‬

‫ذ‬ ‫ذ‬
‫أما ذ‬
‫مرشوعية الصيام يف اإلسالم‪ ،‬فاكن هو صيام يوم اعشوراء؛ ألن انليب ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم‬ ‫أول‬
‫‪ -‬ملا قدم املدينة ووجد ايلهود يصومونه‪ ،‬سأهلم عن السبب يف صيامه‪ ،‬فقالوا هل‪ :‬إنه يوم نىج اهلل فيه‬
‫شكرا هلل‪ ،‬فصمناه وها حنن نصومه‪ ،‬فقال هلم ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪:-‬‬‫ً‬ ‫موىس من فرعون‪ ،‬فصامه‬
‫((حنن أحق بموىس منكم)) فصامه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬وأمر املسلمني بصيامه‪ ,‬وأرسل إىل‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫صائما فليتم صيامه‪َ ،‬‬
‫ً‬ ‫ضوايح املدينة مناديَه‪َ :‬‬
‫صائما فليُمسك بقية يومه))‪.‬‬ ‫ومن لم يكن‬ ‫((من اكن‬

‫قابل ألصومن اتلاسع))؛ أي يغاير صيامه صيام‬ ‫ُ‬


‫وقال ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬لنئ عشت إىل ٍ‬
‫ايلهود بضم اتلاسع إىل العاِش‪ ،‬وهنا وقفة وتأمل يف الك األمرين‪ ،‬صيامه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪َ -‬‬
‫يوم‬
‫اعشوراء كصيام ايلهود إياه‪ ،‬وصيامه اتلاسع مع العاِش مغايرة هلم‪ ،‬فيف األول موافقة هلم يف صومهم‪،‬‬
‫ويف اثلاِّن خمالفة هلم بالزيادة عليهم‪.‬‬

‫والواقع أن صيامه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬لم يكن ملجرد موافقة ايلهود‪ ،‬بديلل خمالفته هلم بضم‬
‫اتلاسع إيله‪ ،‬وتلرصحيه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬بأن السبب يف صيامه هو السبب اَّلي داع موىس ‪-‬‬
‫يبس‪ ،‬وجناته من فرعون‬
‫عليه السالم ‪ -‬إىل صومه‪ ،‬وهو امتنان اهلل تعاىل عليه بطريق يف ابلحر ٍ‬
‫ً‬
‫شكرا هلل‪ ،‬وهذا السبب هل أهميته وعظيم مدلوهل يف مجيع األديان وتاريخ الرسل مع‬ ‫وقومه‪ ،‬فصامه‬
‫ٌ‬ ‫ذ‬
‫األمم؛ ألنه إعالن وِإثبات الن ِتصار احلق لَع ابلاطل يف الرصاع ادلائم لَع ابلقاء وِإىل الصالح‬
‫واإلصالح‪ ،‬برصف انلظر عن األطراف واألشخاص‪ ،‬وعن الزمان واملاكن‪ ،‬وَّلا قال ‪ -‬صىل اهلل عليه‬
‫ذ‬ ‫وسلم ‪(( :-‬حنن ّ‬
‫أحق بموىس منكم))‪ ،‬كما بني ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬رابطة انلبوة بقوهل‪(( :‬حنن‬
‫معاِش األنبياء أبناء عالت‪ ،‬ديننا واحد))‪ ،‬وأبناء العالت هم اإلخوة ألب ووحدة ادلين يف األصول‬
‫ٌ‬
‫انتصار دلين اهلل ونبيه‪ ،‬وسواء يف املبدأ زمن موىس أو زمن حممد‬ ‫ويف العقائد‪ ،‬فنجاة موىس من عدوه‬
‫‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم؛ ألنها قضية حق وِإظهار عدل‪ ،‬وهذه مبادئ اإلسالم واملسلمني‪.‬‬

‫ت ذ‬ ‫ذ‬
‫ِإن م ذما يلف ُ‬
‫انلظر‪ ،‬ويستوقف ابلاحث هو تعظيم هذا ايلوم بصيامه؛ ملا أجرى اهلل فيه من اخلري‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫و ِ‬
‫ذ‬
‫وأن لألمة االحتفاظ بذكرياتها اجلليلة‪ ،‬واتلعبري عنها بما ِشع فيها؛ اكلصوم يف يوم اعشوراء‪.‬‬

‫ذ‬
‫مرشوعيته إىل ارتباطه‬ ‫ثم جاء فرض صيام رمضان يف السنة اثلانية من اهلجرة‪ ،‬وقد أشارت نصوص‬
‫ذ َ ْ ُ ُ‬ ‫يه انبثاق فجر اهلداية‪ ،‬وِإِشاقة َشمس ذ‬
‫بأعظم ُمناسبة يف هذا الوجود لكه‪َ ،‬‬
‫الرشاد اليت بددت ظلمات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ََ‬ ‫ْ َ ْ ْ َ ِّ َ ذ‬ ‫ذ‬ ‫ذ ْ ُ ُ‬
‫اجلَهالة‪ ،‬ومهدت سبل السعادة‪ ،‬يقول جربيل ‪ -‬عليه السالم ‪{ :-‬اقرأ بِاس ِم ربك ِ‬
‫اَّلي خلق} [العلق‪:‬‬
‫‪.]3‬‬

‫َ ْ ُ َ َ َ َ ذ ُْ َ‬ ‫ذ‬ ‫فاكنت فاحتة ّ‬


‫اَّلي أن ِزل‬
‫الرسالة املحمدية‪ ،‬واكن ذلك يف شهر رمضان كما قال تعاىل‪{ :‬شهر رمضان ِ‬
‫ً‬ ‫َ ُْ َ َ ُْ ْ َ‬ ‫َ َ ِّ َ‬ ‫ذ‬ ‫ُْ ْ ُ ُ ً‬
‫جديرا بزمن إنزاهل‬ ‫ان} [ابلقرة‪ ،]381 :‬فاكن‬‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ر‬‫ف‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ى‬ ‫د‬‫ه‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ات‬
‫ٍ ِ‬ ‫ن‬ ‫ي‬‫ب‬ ‫و‬ ‫اس‬ ‫لن‬
‫ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫د‬ ‫ِفي ِه القرآ َن ه‬
‫ّ‬ ‫ُ َ ِّ َ‬ ‫ُ‬
‫جدد األمة روابطها بربها‪ ،‬وتوثق عهودها بمبادئ دي ِنها‪ ،‬ويبىق‬ ‫تعظيمه بصيامه‪ ،‬وِإحياؤه بقيامه؛ تل‬
‫لَع جدته ال تبليه األعوام‪ ،‬وال توهنه األيام‪.‬‬

‫ً‬ ‫ْ‬
‫وقد جرت حكمة العليم اخلبري يف مرشوعية هذا الركن العظيم‪ ،‬فبدأ باتلدرج‪ ،‬أوال يوم اعشوراء‪ ،‬ثم‬
‫ْ‬ ‫ُ َ َ َ ْ ُ ُ ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ذ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫ً‬
‫اَّلين ِمن قب ِلكم} [ابلقرة‪:‬‬
‫فرض مطلقا من غري حتديد‪{ :‬ك ِتب عليكم الصيام كما ك ِتب لَع ِ‬
‫َذ ً َ ْ ُ َ‬
‫ات} [ابلقرة‪ ،]381 :‬وِإن اكنت لم تقيد بعدد‬
‫‪ ،]381‬ثم انتقل من اإلمجال إىل اتلفصيل‪{ :‬أياما معد ٍ‬
‫ود‬
‫إال أنها مقيدة جبمع القلة ً‬
‫أياما معدودات‪ ،‬شبيه بما يف قوهل تعاىل يف مبيع يوسف ‪ -‬عليه السالم ‪:-‬‬
‫ين} [يوسف‪ ،]62 :‬وكذلك األيام املعدودات؛‬ ‫ود ٍة َو َاكنُوا ِفيه ِم َن ذ‬
‫الزا ِه ِد َ‬ ‫َ َ َ ُْ َ َ َْ َ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫{وِشوه بِثم ٍن َب ٍس درا ِهم معد‬
‫ِ‬
‫يقونَ ُه ف ْديَ ٌة َط َع ُ‬
‫َ ُ ُ‬ ‫ذ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫ام‬ ‫ِ‬ ‫يلهون لَع انلفوس تقبلها‪ ،‬وقد ِشع بادئ ذي بدء لَع اتلخيري‪َ { :‬ولَع ِ‬
‫اَّلين ي ِط‬
‫فحددت‬
‫ُ ِّ‬
‫توطنت نفوسهم عليه‪ ،‬واطمأنت قلوبهم إيله‪،‬‬ ‫م ْسكني} [ابلقرة‪ ،]381 :‬ثم أُلزموا به بعد أن ذ‬
‫ِ ِ ٍ‬
‫ُْ ْ ُ‬ ‫َ ْ ُ َ َ َ َ ذ ُْ َ‬
‫اَّلي أن ِزل ِفي ِه القرآ َن} [ابلقرة‪،]381 :‬‬
‫هلم أيامه‪ ،‬وانتىف عنهم اتلخيري يف قوهل تعاىل‪{ :‬شهر رمضان ِ‬
‫ذ ْ َْ ُْ‬ ‫َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫وبقوهل‪{ :‬ف َم ْن ش ِهد ِمنك ُم الشه َر فليَ ُصمه} [ابلقرة‪.]381 :‬‬

‫وجبانب ذلك نوافل وسنن من الصيام يف مناسبات ومالبسات أخرى‪ ،‬انفرد بها الصيام عن سائر‬
‫ًّ‬
‫اعما وما اكن منها ًّ‬
‫خاصا‪.‬‬ ‫العبادات‪ ،‬ما اكن منها‬

‫فمن ذلك صيام يوم اعشوراء‪ ،‬وِإنه يلكفر سنة اكملة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ذ‬
‫ومنها صيام يوم عرفة ل ِ َمن ليس بعرفات‪ ،‬وِإنه يلكفر سنة قبله وسنة بعده‪ ،‬ومنها صيام الست من‬
‫شوال‪ ،‬وِإنها مع رمضان بمثابة صيام ادلهر‪.‬‬

‫ُ‬
‫ومنها صوم يوم االثنني‪ ،‬يوم ودل فيه انليب ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬وأنزل عليه فيه‪.‬‬

‫وغري ذلك األيام املطلقة؛ اكأليام ابليض لك شهر‪ ،‬ويوم اخلميس‪ ...‬إىل غري ذلك‪.‬‬

‫ً‬
‫خروجا من مأزق؛ فمن صيام اجلربان الصيام عن دم‬ ‫جربا نلقص‪ ،‬أو تفاديًا خلطأ‪ ،‬أو‬
‫كما ِشع الصوم ً‬
‫ِّ‬
‫اتلمتع‪ ،‬ومن اتلفادي للخطأ عدل دم الصيد وجزاؤه‪ ،‬ومن اخلروج من املأزق الكفارة عن الظهار‬
‫وايلمني وغري ذلك‪.‬‬

‫وهكذا تطورت مرشوعيته‪ ،‬وينفسح ترشيعه‪ ،‬مما خص به الصيام دون غريه من العبادات‪.‬‬

‫ً‬ ‫منهجا ًّ‬


‫ً‬ ‫ذ‬
‫خاصا يف سبيل ترشيع الصيام مجلة وتفصيال‪ ،‬وللصيام خصائص وحكم‪.‬‬ ‫وِإن للقرآن الكريم‬
‫ُ‬
‫للك عبادة يف اإلسالم خصائصها وحكمتها‪ ،‬ولكها أنواع غذا ٍء للروح‪ ،‬تتنوع كأنواع غذاء ابلدن‪.‬‬

‫فالصالة‪ :‬تنىه عن الفحشاء‪ ،‬وتغسل اَّلنوب‪ ،‬كما قال ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬كنهر جار َ‬
‫أمام‬ ‫ٍ ٍ‬
‫َ‬
‫نورا لَع الرصاط‪{ :‬يَ ْو َم ت َرى‬ ‫بيت أحدكم‪ ،‬يغتسل فيه لك يوم مخس مرات))‪ ،‬وتأيت يوم القيامة ً‬
‫ْ َْ َ َْ‬
‫األ ْه َهارُ‬ ‫ُْ ْ َ َ ُْ ْ َ َ ْ َ ُ ُ ُ ْ َْ َ َْ ْ َ َْ َ ْ ُ ْ َ ُ ُ َْ ْ َ َ ذ ٌ َْ‬
‫يهم وبِأيمانِ ِهم برشاكم ايلوم جنات ْج ِري ِمن حت ِتها‬
‫ات يسَع نورهم بني أي ِد ِ‬ ‫المؤ ِم ِنني والمؤ ِمن ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ك ُه َو ال َف ْو ُز ال َعظ ُ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫يم} [احلديد‪ ،]36 :‬وكما يف احلديث‪(( :‬والصالة نور‪ ،‬والصدقة‬ ‫ِ‬ ‫ادلين ِفيها ذل ِ‬
‫خ ِِ‬
‫برهان))‪.‬‬

‫ُ ْ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ً ُ َ ِّ ُ ُ ْ َ ُ َ ِّ‬
‫يه ْم بِ َها} [اتلوبة‪،]321 :‬‬
‫والزاكة‪ :‬طهرة للمال‪ ،‬وتزكية لصاحبها‪{ :‬خذ ِمن أموال ِ ِهم صدقة تطهرهم وتز ِ‬
‫ك‬
‫فيه طهرة للمال من شوائب احلقوق وتعلق عيون املساكني‪ ،‬وزيادة هل وحصن ((ما نقص مال من‬
‫صدقة))‪(( ،‬حصنوا أموالكم بالزاكة))‪.‬‬

‫َ ْ َ ْ ُ ِّ‬ ‫ْ َ ِّ َ ْ ُ َ َ ً َ َ َ ُ ِّ َ‬ ‫ذ‬ ‫ً َ َ ِّ ْ‬ ‫ً‬


‫اس بِاحلج يأتوك ِرجاال ولَع لك ضا ِم ٍر يأ ِتني ِمن لك‬‫واحلج‪ :‬منافع للناس اعجال وآجال‪{ :‬وأذن ِيف انل ِ‬
‫((من أفاض من عرفات خرج من‬ ‫فَ ٍّج َعميق * ليَ ْش َه ُدوا َمنَاف َع ل َ ُه ْم} [احلج‪ ،]68 ،62 :‬ويف احلديث‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ ِ‬
‫ً‬
‫ذنوبه كيوم ودلته أمه))‪ ،‬وأيضا‪(( :‬واحلج املربور ليس هل جزاء إال اجلنة))‪ .‬هذه يه آثار الصالة والزاكة‬
‫واحلج‪ ،‬فما يه آثار الصيام؟‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ذ‬


‫حبكم‬ ‫الواقع أنها لكها عبادة هلل تعاىل‪ ،‬تعبدنا بها‪ ،‬وأوجبها علينا‪ ،‬وال يستطيع إنسان اإلحاطة ِ‬
‫ذ‬ ‫العبادات؛ ألنذها ّ‬
‫حق هلل‪ ،‬وال يعلمها إال هو؛ َ‬
‫غري أننا أِشنا إىل بعض ما جاءت به انلصوص فيما تقدم‪.‬‬

‫ذ‬
‫أما ذ‬
‫الصوم فقد تناوتله أقالم عديدة‪ ،‬وحاولت أن تنسب إيله ح ً‬
‫كما شىت يف أكرث من جانب‪ ،‬إال أن‬ ‫ِ‬
‫ابلعض قد يذهب إىل جوانب مادية؛ اكلعالج وصحة ابلدن‪ ،‬أو إنسانية؛ اكلعطف لَع املساكني‬
‫والشفقة‪ ،‬وهذه وِإن اكن الصوم يفيدها إال أنه ال خيتص بها‪ ،‬فقد حتصل بغريه‪ .‬وابلعض قد يذهب إىل‬
‫جانب خليق تربوي‪ ،‬يتعلق بالقوى انلفسية من بهيمية وسبعية‪ ،‬وروحانية ملكية‪ ،‬وأن الصوم إضعاف‬
‫ذ‬
‫لألوىل بتقليل الطعام‪ ،‬فتتقوى اثلانية‪ ،‬وقد يستأنس َّللك حبديث‪(( :‬إن الشيطان جيري من ابن آدم‬
‫ً‬ ‫فضيقوا َجم َ‬
‫اريه))‪ ،‬وهذه أيضا تابعة لألوىل‪ ،‬لم خترج عن املاديات ونطاق احلوايش‪.‬‬ ‫جمرى ادلم‪ّ ،‬‬

‫ولكن القرآن نص رصاحة لَع أهم خصائص الصيام وحكمته‪ ،‬وأبان بأنها احلكمة والغاية من‬
‫األديان لكها‪ ،‬وأنها أخص خصائص الرشيعة اإلسالمية‪ ،‬ويه "اتلقوى"‪ ،‬وذلك يف معرض الترشيع‬
‫َْ ُ َ ذ ُ َذُ َ‬ ‫ِّ َ ُ َ َ ُ َ َ َ ذ‬ ‫ُ َ َ َْ ُ‬
‫ين ِم ْن قب ِلك ْم ل َعلك ْم تتقون} [ابلقرة‪:‬‬
‫اَّل َ‬
‫األول للصيام‪{ :‬ك ِتب عليك ُم الصيام كما ك ِتب لَع ِ‬
‫‪.]381‬‬

‫و"لعل" أداة نص لَع العلة واحلكمة‪ ،‬اليت يه اتلقوى‪ ،‬وحقيقة اتلقوى الوقاية والسرت كما قال الشاعر‪:‬‬

‫ذَْ‬ ‫َََ ََ ُ‬ ‫َ ََ ذ ُ ََْ ُ ْ ْ َ َ ُ‬


‫بِايلَ ِد‬ ‫َواتقتنَا‬ ‫اوتلْه‬‫فتن‬ ‫اطه‬ ‫سقط انل ِصيف ولم ت ِرد ِإسق‬

‫ويه صيانة املرء من نوازع انلفس‪ ،‬ويه مجاع األمر لكه يف اعمة األديان السماوية‪ ،‬ودعوة‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫األمم السابقني‪ ،‬وهذا باب واسع‪ .‬وقد نص القرآن لَع أن الغاية من عبادة انلاس أوهلم وآخرهم من‬
‫ين منْ‬
‫َ‬ ‫َ ََ ُ ْ َ ذ‬ ‫َ َ ُّ َ ذ ُ ْ ُ ُ َ ذ ُ ُ ذ‬
‫اَّل ِ‬
‫اَّلي خلقكم و ِ‬‫مجيع األمم‪ ،‬يه اتلقوى كما يف قوهل تعاىل‪{ :‬يا أيها انلاس اعبدوا ربكم ِ‬
‫َْ ُ َ ذ ُ َذُ َ‬
‫قب ِلك ْم ل َعلك ْم تتقون} [ابلقرة‪ ،]63 :‬ومعلوم أنه تعاىل ما خلق اجلن واإلنس إال لعبادته‪ ،‬كما يف‬
‫ََ َ َْ ُ ْ‬
‫اجل ذن َو ْاإلن ْ َس إ ذال يلَ ْعبُ ُ‬
‫ون} [اَّلاريات‪ ،]12 :‬فتكون اتلقوى بمضمون هاتني‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قوهل تعاىل‪{ :‬وما خلقت ِ‬
‫َ‬
‫اآليتني يه الغاية ِمن خلق اثلقلني اجلن واإلنس‪.‬‬

‫َ ذ ْ َ ُ‬ ‫ّ ّ ذ‬
‫حق لك أمة ابتداء من قوم نوح ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬يف قوهل تعاىل‪{ :‬كذبَت ق ْو ُم ن ٍ‬
‫وح‬ ‫انل ّص يف‬
‫ثم جاء ذ‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ ْ ُ ٌ َ َ َ ذ ُ َ ِّ َ ُ ْ َ ُ ٌ َ ٌ َ ذ ُ ذ َ َ‬
‫ون} [الشعراء‪:‬‬ ‫َ‬
‫المرس ِلني * ِإذ قال لهم أخوهم نوح أال تتقون * ِإِّن لكم رسول أ ِمني * فاتقوا اَّلل وأ ِطيع ِ‬
‫‪.]328 - 321‬‬

‫َ ذ َ ْ َ ٌ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ ْ ُ ٌ َ َ َ ذ ُ َ ِّ َ ُ ْ َ ُ ٌ‬
‫وكذلك اعد؛ لقوهل تعاىل‪{ :‬كذبت اعد المرس ِلني * ِإذ قال لهم أخوهم هود أال تتقون * إِِّن لكم رسول‬
‫ون} [الشعراء‪.]362 - 361 :‬‬ ‫اَّلل َوأَط ُ‬
‫يع‬
‫َ ٌ َ ذ‬
‫ات ُقوا ذ َ‬ ‫أ ِمني * ف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ َ َ ذ ُ َ ِّ َ ُ‬ ‫َ ذ َ ْ َ ُ ُ ُْ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ‬
‫ني * ِإذ قال ل ُه ْم أخوه ْم َصا ِل ٌح أال تتقون * ِإِّن لك ْم‬ ‫وكذلك ثمود؛ لقوهل تعاىل‪{ :‬كذبت ثمود المرس ِل‬
‫ون} [الشعراء‪.]311 - 313 :‬‬ ‫اَّلل َوأَط ُ‬
‫يع‬
‫َُ ٌ َ ٌ َ ذ‬
‫ات ُقوا ذ َ‬ ‫رسول أ ِمني * ف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ْ َ َ َ ُ ْ َ ُ ُ ْ ُ ٌ َ َ َ ذ ُ َ ِّ َ ُ‬ ‫ت قَ ْو ُم لُوط ال ْ ُم ْر َسل َ‬‫َ ذَ ْ‬


‫وط أال تتقون * ِإِّن لك ْم‬ ‫ني * ِإذ قال لهم أخوهم ل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وقوم لوط؛ لقوهل تعاىل‪{ :‬كذب‬
‫ُ‬ ‫َُ ٌ َ ٌ َ ذُ ذَ َ‬
‫ون} [الشعراء‪.]321 - 322 :‬‬ ‫َ‬
‫رسول أ ِمني * فاتقوا اَّلل وأ ِطيع ِ‬

‫َ ذ َ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ُْ ْ َ َ ْ َ َ َُ ْ ُ َ ْ ٌ ََ َ ذ ُ َ‬
‫وأصحاب األيكة؛ لقوهل تعاىل‪{ :‬كذب أصحاب األيك ِة المرس ِلني * ِإذ قال لهم شعيب أال تتقون *‬
‫ُ‬ ‫ِّ َ ُ ْ َ ُ ٌ َ ٌ َ ذ ُ ذ َ َ‬
‫ون} [الشعراء‪.]321 - 322 :‬‬ ‫َ‬
‫إِِّن لكم رسول أ ِمني * فاتقوا اَّلل وأ ِطيع ِ‬

‫ُ ُ‬ ‫ذْ‬ ‫فلك نيب يدعو َ‬ ‫ّ‬


‫اتلقوى‪ .‬وجاء القرآن لكه دعوة إىل اتلقوى وهداية املتقني‪ ،‬كما يف مطلع‬ ‫قومه إىل‬
‫ذ‬
‫ني} [ابلقرة‪ ،]6 ،3 :‬وبني نوع هدايتهم‪،‬‬ ‫ك الْكتَ ُ‬
‫اب َال َريْ َ‬
‫ب فيه ُه ًدى للْ ُم ذتق َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫القرآن الكريم‪{ :‬الم * ذل ِ‬
‫َ‬ ‫ذ َ ُْ ُ َ َْْ َُ ُ َ ذ َ َ َ ذ َََْ ُ ْ ُْ ُ َ َ ذ َ ْ‬
‫ين يُؤ ِمنُون‬ ‫اَّل‬
‫ب وي ِقيمون الصالة و ِمما رزقناهم ين ِفقون * و ِ‬ ‫اَّلين يؤ ِمنون بِالغي ِ‬‫وطريقة عبادتِهم‪ِ { :‬‬
‫ك ُهمُ‬ ‫ُ‬
‫ْ َ ِّ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ ََ ُ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ ُْ َ َْ َ َ َ ُْ َ ْ َْ َ َ ْ َ ُ ْ ُ ُ َ‬
‫وَل‬
‫وَلك لَع هدى ِمن رب ِهم وأ ِ‬ ‫بِما أن ِزل ِإيلك وما أن ِزل ِمن قب ِلك وبِاآل َ ِخر ِة هم يوقِنون * أ ِ‬
‫ُْ ْ ُ َ‬
‫حون} [ابلقرة‪.]1 - 1 :‬‬ ‫المف ِل‬

‫ذ‬ ‫ذ ذ‬
‫فبني أن الكتاب الكريم لكه إنما هو هداية للمتقني‪ ،‬وبيان أعماهلم يف العقائد والعبادات‪ ،‬وأنها‬
‫ً‬ ‫ً َ َ ْ َذ ذَ َْ َ ْ َُ ْ َْ ُْ‬ ‫ً‬
‫مرتبطة باتلقوى‪ ،‬وارتبطت بها نتائج عظام اعجال وآجال‪{ :‬ومن يت ِق اَّلل جيعل هل ِمن أم ِرهِ يْسا}‬
‫َ ذ ُ ذ َ َ ُ َ ِّ ُ ُ‬
‫ك ُم ذ ُ‬
‫اَّلل} [ابلقرة‪ ،]686 :‬ولو وقع يف مأزق جاءته‬ ‫[الطالق‪ ،]1 :‬حىت طريق العلم‪{ :‬واتقوا اَّلل ويعلم‬
‫ٌ‬ ‫َ ذَ َ‬ ‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫اَّلل َجيْ َع ْل َ ُ َ ْ ً‬
‫اتلقوى فأخرجته‪َ { :‬و َم ْن َي ذتق ذ َ‬
‫ين اتق ْوا ِإذا َم ذس ُه ْم َطائِف ِم َن‬ ‫هل خم َرجا} [الطالق‪ِ { ،]6 :‬إن ِ‬
‫اَّل‬ ‫ِ‬
‫ذ‬ ‫ذ َْ ََ ذُ َ َ ُ ْ ُْ ُ َ‬
‫ان تذكروا ف ِإذا هم مب ِرصون} [األعراف‪ ،]623 :‬وألن اتلقوى تمنح معية نرص اهلل للمتقني‪:‬‬ ‫الشيط ِ‬
‫َ‬ ‫ذ ذَ َ َ ذ َ ذَ ْ َ ذ َ ُ ُْ‬
‫ين ه ْم حم ِسنُون} [انلحل‪.]368 :‬‬ ‫اَّل‬
‫اَّلين اتقوا و ِ‬ ‫{ ِإن اَّلل مع ِ‬

‫ذ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ َ ُ‬ ‫ً َ‬
‫ً‬
‫وسرتا‪ ،‬ولكما‬ ‫ادلنيا تصونهم وحتفظهم‪ ،‬وتكون هلم وقاية‬ ‫ولَع هذا تكون اتلقوى مصاحبة ل ُهم يف‬
‫جددها ذ‬‫ذ‬
‫وقواها‪ ،‬واكتسبت حصانة ووقاية إىل اعم قادم‪ ،‬وهكذا لك اعم يف رمضان‪.‬‬ ‫جاء الصوم‬

‫فإذ انتقل من ادلنيا الزمته اتلقوى‪ ،‬وساقته إىل أقىص اغيته وأمانيه‪ ،‬ابتداء من املحرش‪ ،‬فيساق إىل‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َ ذ َ ذَ ْ َذُ ْ َ ْذ َُ َ ذ َ َ َ ُ َ ْ َ‬
‫حت أب ْ َو ُاب َها َوقال ل ُه ْم خ َزهتُ َها َسال ٌم‬ ‫اءوها َوف ِت‬ ‫اَّلين اتقوا ربهم إىل اجلَن ِة زم ًرا حىت إذا ج ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلنة‪َ { :‬و ِسيق ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ادل َ‬ ‫َ َْ ُ ْ ُْ ْ َ ْ ُ ُ َ َ‬
‫مقاما أمينا‪:‬‬ ‫ين} [الزمر‪ ،]21 :‬وبعد دخوهلم اجلنة تأيت اتلقوى فتحلهم‬ ‫عليكم ِطبتم فادخلوها خ ِ ِ‬
‫ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َذ‬ ‫ََ َ‬ ‫{إ ذن ال ْ ُم ذتق َ‬
‫ون} [ادلخان‪ ،]16 ،13 :‬ثم تزنهلم مزنلة عز ال يتطلعون‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ات‬
‫ٍ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫يف‬ ‫*‬
‫ٍ ِ‬ ‫ني‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫امٍ‬ ‫ق‬‫م‬ ‫يف‬
‫ِ ِ‬‫ني‬ ‫ِ‬
‫ُ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َذ‬ ‫ُذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬
‫يك مقت ِد ٍر} [القمر‪.]11 ،11 :‬‬ ‫ات َوهه ٍر * ِيف مقع ِد ِصد ٍق ِعند م ِل ٍ‬ ‫إىل غريه‪{ :‬إِن المت ِقني ِيف جن ٍ‬

‫وصدق الشاعر يف قوهل‪:‬‬

‫السع ُ‬
‫يد‬ ‫ذ‬ ‫ذ ذ ُ‬
‫يق ه َو‬ ‫َولَ ذ‬ ‫ذ َ ََ ََْ َ‬ ‫ََْ ُ ََ‬
‫ِ‬ ‫كن اتل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال‬
‫ولست أرى السعادة مجع م ٍ‬
‫َ‬
‫أل ْت َىق َمز ُ‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬ ‫ذ َ ُْ ذ ُ ْ‬ ‫َََْ‬
‫يد‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل ل ِ‬
‫ِ‬ ‫َو ِعن َد‬ ‫الزا ِد ذخ ًرا‬ ‫اَّلل خري‬
‫وتقوى ِ‬

‫ذ‬ ‫ذ‬
‫ومن نِ َعم اهلل لَع هذه األمة أن جيعل ذلك نلا يف الصوم‪ ،‬وجعله ُجنة نتيق بها لك ما خنشاه‪،‬‬
‫ذ‬
‫وننال بها لك ما نتمناه‪ ،‬وصدق رسول اهلل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬الصوم ُجنة))‪ ،‬كما يف "صحيح‬
‫ابلخاري" ‪ -‬رْحه اهلل ‪ -‬عن أيب هريرة ‪ -‬ريض اهلل عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم‬
‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ُ‬
‫‪(( :-‬الصيام ُجنة‪ ،‬فإذا اكن يوم صوم أحدكم فال يَرفث وال جيهل‪ ،‬وِإن امرؤ قاتله أو شات َمه فليقل‬
‫َ ْ‬ ‫ّ‬
‫إِّن صائم مرتني‪ ))...‬إىل آخر احلديث‪ ،‬وعند النسايئ‪(( :‬الصوم جنة ما لم خيرقها))‪ ،‬زاد يف "األوسط"‪:‬‬
‫ولعل هذا إشارة إىل الكف عن مجيع املعايص‪ ،‬كما ذ‬‫ذ‬ ‫"قيل َ‬
‫نبه‬ ‫بم خيرقها؟"‪ ،‬قال‪(( :‬بكذب أو غيبة))‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حديث‪َ :‬‬
‫((من لم يَدع قول الزور والعمل به‪ ،‬فليس هلل حاجة يف أن يدع طعامه وِشابه))‪.‬‬ ‫عليه‬

‫ب به يف لك وقت‪ ،‬ولكنه‬ ‫وهنا يف ُج ذنة الصائم لم يُطالَب برتك الزور والعمل به فحسب؛ ألن ذلك مطالَ ٌ‬
‫ٌ‬
‫أحد يرتك ذ‬ ‫َ‬
‫حق‬ ‫ُطو ِلب برتك ما هو هل من حق الرد لَع املعتدي وِإساكته‪ ،‬واالنتصار نلفسه‪ ،‬فإن شات َمه‬
‫ذ‬ ‫أن ذ‬ ‫ذ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ذّ‬
‫حق الصيام مقدم‪ ،‬وأثر الصوم هل فعايلته‪ ،‬فكما ترك‬ ‫ومباحا هل‪ ،‬إال‬ ‫الرد عليه‪ ،‬وِإن اكن حقا هل‪،‬‬
‫الطعام والرشاب وغريهما‪ ،‬املباحني وحمض حالل هل‪ ،‬فكذلك يرتك حق الرد لَع َمن ذ‬
‫سبه‪ ،‬أو شتمه‪،‬‬
‫َ ُّ‬
‫ويرد عليه بقوهل‪" :‬إِّن صائم"؛ أي‪ :‬ممسك عن ذلك‪ ،‬وفيه وقاية من جماراة السفهاء واملعتدين؛‬ ‫أو قاتله‪،‬‬
‫ً‬ ‫ذ‬
‫إخالصا‬ ‫ألن الصائم إنسان مثايل‪ ،‬ومسلم مسالم جبميع جوارحه؛ ألن اتلقوى تمأل قلبه‪ ،‬فيفيض‬
‫ً‬
‫وخشواع‪ ،‬ويطهر من احلقد واحلسد‪ ،‬واتلقوى ستظهر يف منطوق لسانه فيكف عن‬ ‫وحمبة‪ ،‬وخشية‬
‫الر ّد لَع َمن ّ‬
‫يسبه أو يشتمه‪ ،‬ويقابل اإلساءة‬ ‫الكذب والغيبة‪ ،‬وعن املسابة واملشاتمة؛ بل وعن ذ‬
‫ذ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫املحرم‪ ،‬وكذلك األذن يف‬ ‫باإلحسان‪" :‬إِّن صائم"‪ .‬ومثله العني ْجللها الوقاية‪ ،‬وحتجبها عن انلظر‬
‫ُّ‬
‫وتسمعها‪ .‬وهكذا بقية اجلوارح تصبح يف وقاية تامة عن لك منيه عنه‪ ،‬لَع ما سيأيت بيانه‬ ‫سماعها‬
‫فيما ينبيغ لَع الصائم فعله أو تركه‪.‬‬

‫وكىف بالصوم خصاصية أن اختصه تعاىل نلفسه دون بقية األعمال‪ ،‬كما يف احلديث القديس‪(( :‬إال‬
‫الصوم؛ فإنه يل‪ ،‬وأنا أجزي به))‪.‬‬

‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬


‫وللصيام مزنلة خاصة بني األعمال‪ ،‬و ِم ذما أمجع عليه املسلمون أن الصيام من أفضل العبادات‪ ،‬وتقدم‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫بيان عظم نتاجئه من تقوى اهلل تعاىل‪ ،‬ومما يدل لَع علو مزنتله و ِعظم ماكنته أن اهلل تعاىل اختصه‬
‫ذ‬
‫نلفسه دون سائر األعمال‪ ،‬وتوىل اجلزاء عليه؛ لعظيم أجره‪ ،‬كما يف احلديث القديس؛ قال رسول اهلل‬
‫‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬قال اهلل ‪ -‬عز وجل ‪ :-‬لك عمل ابن آدم هل احلسنة بعرشة أمثاهلا‪ ،‬إال‬
‫الصوم؛ فإنه يل‪ ،‬وأنا أجزي به))‪.‬‬

‫َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫وبيان مزنتله عند اهلل‪ ،‬وهذا اجلزء من احلديث‬
‫ِ‬ ‫أعظم مربز ومظهر لفضل الصيام‬ ‫ويعد هذا احلديث‬
‫يشمل مسأتلني‪ ،‬األوىل‪ :‬بيان أجر األعمال ومضاعفتها‪ ،‬واثلانية‪ :‬مزنلة الصوم عند اهلل تعاىل؛ أما‬
‫بعرش أمثاهلا‪ ،‬وهذا مبدأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫مضاعفة األعمال فقد ذ‬
‫اعم تقرر يللة اإلرساء واملعراج‬ ‫ِ‬ ‫نص هنا عن احلسنة‬
‫ربه يف اتلخفيف‪ ،‬حىت استقرت إىل مخس‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫انليب ذ‬
‫ّ‬ ‫ملا فرض اهلل لَع األمة مخسني صالة‪ ،‬وراجع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫احلسنة بعرش أمثاهلا‪ ،‬فاكنت الصلوات اخلمس بدال من اخلمسني صالة األوىل‪ ،‬وتقرر مبدأ يف‬
‫ًّ‬
‫اإلسالم‪ ،‬وحدا أدىن ملضاعفة األجر عند اهلل‪.‬‬

‫ذ‬
‫أما احلد األقىص فال حد هل؛ فقد يضاعف األجر حبسب األعمال‪ ،‬أو باعتبار حال أهلها‪ ،‬فمنها ما‬
‫يضاعف إىل مائة‪ ،‬ومنها إىل سبعمائة؛ بل وأضعاف كثرية‪ ،‬وِإىل ما ال يعلم قدره إال اهلل‪.‬‬

‫ُ‬
‫فمن األعمال اليت تضاف إىل سبعمائة وأكرث اإلنفاق يف سبيل اهلل؛ لعظم مزنلة اجلهاد؛ لقوهل تعاىل‪:‬‬
‫ُ ِّ ُ ْ ُ َ َ ُ َ ذ َ ذ‬
‫اَّللُ‬ ‫ذ َ َ َ َ ذ َََْ ْ َ َْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ََُ ذ َ ُْ ُ َ ََْ َ‬
‫اَّلل كمث ِل حب ٍة أنبتت سبع سنابِل ِيف لك سنبل ٍة ِمئة حب ٍة و‬
‫يل ِ‬ ‫اَّلين ين ِفقون أموالهم ِيف س ِب ِ‬ ‫{مثل ِ‬
‫يم} [ابلقرة‪.]623 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يُ َضا ِع ُف ل ِ َم ْن ي َ َش ُ‬
‫اء َو ذ ُ‬
‫اَّلل َواس ٌع َعل ٌ‬

‫وقد جاء يف حديث ابن عمر ‪ -‬ريض اهلل عنهما ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪:-‬‬
‫ذ ذ‬
‫عز وجل ‪ -‬سبع‪ :‬عمالن موجبان‪ ،‬وعمالن بأمثاهلما‪ ,‬وعمل بعرش أمثاهل‪ ,‬وعمل‬ ‫((األعمال عند اهلل ‪-‬‬
‫فمن ليق اهلل يعبده ال يرشك به ً‬
‫شيئا‪،‬‬ ‫بسبعمائة‪ ,‬وعمل ال يعلم ثوابه إال اهلل ‪ -‬عز وجل؛ فأما املوجبان َ‬
‫ومن ليق اهلل قد أِشك به‪ ،‬وجبت هل انلار‪ .‬ومن عمل سيئة جزي بها‪َ .‬‬
‫ومن أراد أن‬ ‫وجبت هل اجلنة‪َ .‬‬
‫عرشا‪َ .‬‬
‫ومن أنفق ماهل يف سبيل اهلل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يعمل حسنة فلم يعملها‪ ،‬جزي مثلها‪َ ،‬‬
‫ومن عمل حسنة‪ ،‬جزي‬
‫ضعفت هل نفقته‪ :‬ادلرهم بسبعمائة‪ ،‬وادلينار بسبعمائة‪ ،‬والصيام هلل ال يعلم ثواب اعمله إال اهلل ‪ -‬عز‬
‫وجل))‪.‬‬

‫اَّلل َال َي ْغف ُر أَ ْن ي ُ ْ َ‬


‫رشكَ‬ ‫فيف هذا احلديث تفاوت األعمال؛ موجبان للجنة أو انلار كما قال تعاىل‪{ :‬إ ذن ذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خالصا ِمن قلبه دخل‬ ‫ً‬ ‫به} [النساء‪ ،]18 :‬وقال ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪َ :-‬‬
‫((من قال ال هلإ إال اهلل‬ ‫ِِ‬
‫ذ‬
‫اجلنة))‪ .‬وعمالن بمثلهما السيئة بواحدة ما لم يتب منها‪ ،‬والعزم لَع احلسنة ما لم يتمكن ِمن فع ِلها‬
‫هم بسيئة ولم يعملها‪ ،‬واكن تركه إياها‬ ‫((من ذ‬‫فعلَها فله عرش حسنات؛ ويف احلديث‪َ :‬‬ ‫هل حسنة‪ ،‬فإن َ‬

‫لوجه اهلل ‪ -‬فإن هل بهذا الرتك حسنة))‪ .‬أما اإلنفاق يف سبيل اهلل فإنه يضاعف مئات املرات حبسب‬
‫إخالص العباد‪ ،‬وقوة رغباتهم وطواعيتهم‪ ،‬وِإيثارهم ملا عند اهلل تعاىل‪ ،‬وتقديم غريهم لَع أنفسهم؛‬
‫ُ‬
‫أعظم‬ ‫والفقر‬ ‫ثقة منهم بما عند اهلل ‪ -‬عز وجل‪ ،‬ولو اكنوا يف حاجة ماسة؛ ألن اإلنفاق َ‬
‫وقت احلاجة‬
‫ِ‬
‫منه عند السعة والغىن‪ ،‬كما قال ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬يف فضل اإلنفاق أنه جهد املقل‪ ،‬ويف الصحة‬
‫والشباب وهو يرجو الغىن وخيىش الفقر؛ ألنه يغالب ُش ذح ذ‬
‫انلفس‪ ،‬ومصداق ذلك يف قوهل تعاىل‪َ { :‬و َم ْن‬
‫َُ َ َ ُ ُ ُْ ْ ُ َ‬ ‫ُ َ ُ ذ َْ‬
‫حون} [احلرش‪.]1 :‬‬ ‫وَلك هم المف ِل‬
‫يوق شح هف ِس ِه فأ ِ‬

‫وأحاسيسها‪ ،‬ال بِكرثة املال وتعدا ِده‪ ،‬كما قال ‪ -‬صىل اهلل‬
‫ِ‬ ‫انلفس‬ ‫ألن ِم ْقياس اإلنفاق حبسب دوا ِفع ذ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫درهم َسبَ َق مائة ألف ِدرهم))‪ ،‬فقال رجل‪" :‬كيف يا رسول اهلل؟!"‪ ،‬قال‪(( :‬رجل هل مال‬ ‫ٌ‬ ‫عليه وسلم ‪(( :-‬‬
‫َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫ٌ‬
‫ألف تصدق بِها‪ ،‬ورجل هل درهمان فأخذ أحدهما‬ ‫كثري فأخذ ِمن عر ِضه ‪ -‬أي من جانبه ‪ -‬مائة ٍ‬
‫مائة ألف ُّ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬
‫تلمُّيه عنها يف جنسه‪ ،‬وال لغالء سعره‪ ،‬فهو وِإن‬ ‫الواحد هنا‬ ‫ادلرهم‬ ‫فتصدق به))‪ ،‬فلم يسبق‬
‫ً‬
‫اكن نسبته واحدا من مائة ألف بالنسبة لإلنفاق‪ ،‬إال أنه من جهة أخرى نسبة واحد من اثنني؛ أي‬
‫ذ‬ ‫ذ‬
‫نصف مال صاحبه؛ فكأنه تصدق بنصف ما يملك يف هذا ادلرهم الواحد‪ ،‬أما صاحب املائة ألف‬
‫ُ ٍّ‬ ‫ذ‬ ‫ذ‬
‫فإن نسبة ما تصدق به نسبة جز ٍء من لك‪ ،‬وقد ال يؤثر عليه‪ ،‬وال يشعر به‪.‬‬
‫ُ‬
‫وهذه مزنلة األعمال عمومها وخصوصها من حسنة‪ ،‬إىل سبعمائة‪ ،‬إىل مائة ألف‪ ،‬حبسب ادلوافع‬
‫ونوازع انلفس‪.‬‬

‫َ‬ ‫الصوم‪ ،‬ألنذه فوق هذا لكّه‪ ،‬وهو داخل يف خصوص قوهل تعاىل‪{ :‬إ ذه َما يُ َو ذَّف ذ‬
‫الص ِاب ُرون‬ ‫أما بالنّسبة إىل ذ‬ ‫ذ‬
‫ِ‬
‫اب} [الزمر‪ ،]32 :‬وجاء عنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬الصوم نصف الصرب))‪.‬‬ ‫س‬ ‫أَ ْج َر ُه ْم ب َغ ْري ح َ‬
‫ِ ِ ِ ٍ‬

‫الع ْظىم ذ‬
‫للصوم فيه يف قوهل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬إال الصوم؛ فإنه يل‪ ،‬وأنا أجزي به))‪.‬‬
‫ذ‬
‫أما املزنلة ُ‬

‫َ‬ ‫ذ‬
‫أن َمج َ‬
‫يع األعمال هلل‪ ،‬ومجيع اجلزاء عليها من اهلل تعاىل‪ ،‬ولكنه خص الصوم بهذه اإلضافة‪ ،‬فقيل‬ ‫مع‬
‫ُ‬
‫ترشيف؛ اكإلضافة يف "بيت اهلل"‪ .‬وقيل ألن الصائم ليس عليه رقيب إال اهلل‪ ،‬كما‬
‫ٍ‬ ‫يف ذلك إنها إضافة‬
‫َ‬
‫يف احلديث‪(( :‬يَدع طعامه وِشابه من أجيل))‪ .‬وقيل ألن اهلل حيفظه لصاحبه يوم القيامة إذا تقاىض‬
‫ً‬
‫انلاس باحلسنات‪ ،‬وأخذ ممن عليه احلق من حسناته؛ توفية لصاحب احلق‪ ،‬حىت تنفذ فلم يبق إال‬
‫حسنات الصوم‪ ،‬فيقول اهلل‪(( :‬إال الصوم؛ فإنه يل‪ ،‬وأنا أجزي به))‪ ،‬إىل غري ذلك مما يعظم جوانبها‬
‫ذ‬
‫اختصه اهلل‬ ‫لكها من مراقبة اهلل تعاىل‪ ،‬وِإخالص العمل إيله‪ ،‬واستشعاره طيلة صومه أنه يف عمل‬
‫ً‬
‫نلفسه‪ .‬قيل أيضا إن اهلل اختصه نلفسه؛ ألن الصائم يتصف بصفة من صفات اهلل تعاىل‪ ،‬ويه عدم‬
‫ُ‬
‫الطعام والرشاب‪ ،‬وقد سئل انليب ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬عن عمل يدخل اجلنة‪ ،‬فعن أيب أمامة ‪-‬‬
‫ذ‬
‫ريض اهلل عنه ‪ -‬قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل‪ُ ،‬مرين بأمر ينفعين اهلل به‪ ،‬قال‪(( :‬عليك بالصوم؛ فإنه ال مثل‬
‫هل))‪ ،‬ويف "الصحيحني" عن سهل بن سعد أن انليب ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬قال‪(( :‬إن يف اجلنة بابًا‬
‫ً‬ ‫فمن اكن من الصائمني دخله‪َ ،‬‬
‫ومن دخله لم يظمأ أبدا))‪.‬‬ ‫يُدىع الريان‪ ،‬يُ ْد َىع هل الصائمون‪َ ،‬‬
‫ِ‬

‫ذ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬


‫صومه وح ِفظه‪ ،‬كما تقدم عنه ‪ -‬صىل اهلل‬ ‫وِإذا اكنت هذه مزنلة الصوم عند اهلل تعاىل‪ ،‬فإنها ل ِ َم ْن صان‬
‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ذ‬
‫عليه وسلم ‪(( :-‬والصوم ُجنة ما لم خيرقها))؛ أي بك ِذ ٍب أو غيبة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ذ‬
‫الصوم يتفاوت أيضا ِحبَ َسب األشخاص‪ ،‬وشدة املراقبة واإلخالص‪ ،‬وليس هو جمرد اإلمساك‬ ‫وألن ذ‬
‫ُ ذ‬
‫ائم‬
‫عن الطعام والرشاب فحسب؛ بل عن لك ما نيه عنه‪ ،‬وَّلا قال ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬رب ص ٍ‬
‫ُ‬
‫اجلوع والعطش))؛ أي إذا لم يَ ُصم لِسانُه أو ُ‬
‫برصه أو َس ُ‬
‫معه؛ بل وال قلبه وعموم‬ ‫ليس هل من ِصيا ِمه إال‬
‫ُ‬ ‫ألن ذ‬ ‫ذ‬
‫الصوم يف حقيق ِته عبادة ابلدن لكه طيلة ايلوم لكه‪ .‬فالصائم يف جماهدة انلفس من الفجر‬ ‫جوارحه؛‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ذ‬
‫فخص هذا الشهر املبارك‬ ‫مج َعت هل الصالة يف قيام الليل‪ ،‬والزاكة يف منتهاه؛‬
‫شهرا اكمال‪ ،‬وقد ِ‬ ‫إىل الليل ً‬
‫ذ‬
‫بثالثة أراكن من اإلسالم‪ ،‬وَّلا فإن املسلم فيه ينعم يف رحاب اجلَنة‪ ،‬نهاره صائم‪ ،‬ويلله قائم‪ ،‬ومنتهاه‬
‫إنفاق يف سبيل اهلل‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ذ‬


‫مجيعا حلفظه‪ ،‬والوفاء حبقه‪ ،‬وأسكننا فسيح جنانه‪.‬‬ ‫وفقنا اهلل‬

‫ً‬ ‫ذ‬
‫وأحاكما‪.‬‬ ‫ولعظم مزنلة هذا الشهر فإن هل آدابًا‬

‫آداب الصيام وأحاكمه‬


‫ً‬ ‫ً ّ‬
‫أداء حلقه‪ ،‬وحفاظا عليه‪ ،‬ورجاء لفضله‪ ،‬ومن ذلك الصيام‪.‬‬ ‫لك عمل جليل هل آدابُه وأحاكمه؛‬
‫ُ‬
‫صوم مجيع اجلوارح يف ّ‬ ‫ذ‬
‫انلطق والعمل؛ بل ويف اتلفكري‪ ،‬يصوم املسلم عن مجيع‬ ‫وقد تقدم نلا من آدابه‬
‫ما نىه اهلل؛ بل وعن بعض ما أباحه اهلل هل‪.‬‬

‫أما أحاكمه فمحلها كتب ودروس الفقه‪ ،‬وتأيت حسب السؤال واالستفتاء حبسب ما يعرض لإلنسان‪،‬‬
‫ذ‬ ‫ً‬
‫أحاكما اعمة تتصل باآلداب من جهة مرااعتها‪ ،‬مما ينبيغ تذكري الصائم بها‪ ،‬ويه تتعلق‬ ‫إال أن هناك‬
‫بمأكله ومرشبه‪ ،‬وأفعاهل وأقواهل‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫اتلحري للمأكل احلالل؛ يلكون عونا لَع طاعة اهلل‪ ،‬ويلكون ذلك تعويدا لَع كسب احلالل‪،‬‬ ‫من ذلك‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫واتل ّ‬
‫ذ‬
‫حري عن الشبه طيلة العام؛ فريجح إذا وزن‪ ،‬ويويف إذا اكل‪ ،‬وال يطفف إذا اكتال‪ ،‬وال يغش وال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫حراما؛ إذ‬ ‫يدلس وال خيتلس‪ ،‬إىل غري ذلك من أنواع انلقص يف املعامالت اليت تدخل عليه ماال‬
‫الواجب عليه املطعم احلالل ً‬
‫دائما‪ ،‬ويف رمضان باألخص؛ ألنه ال يليق به الصوم عن احلالل وِإباحته‬
‫َ‬
‫الكسب احلرام‪.‬‬ ‫نلفسه‬

‫ثم يأيت بعد ذلك آداب وأحاكم املطعم واملرشب‪ ،‬وهما وجبتا السحور واإلفطار‪.‬‬

‫يعترب السحور يف رمضان خصوصية من خصوصيات هذه األمة؛ ألنه لم يكن لألمم املاضية يف‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫سحور‪ ،‬وَّلا قال ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬فرق ما بيننا وبينهم أكلة السحر))‪ ،‬إذ اكن‬ ‫صيامهم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الصيام عند َمن قبلنا ويف أول اإلسالم‪ ،‬حي ُرم لَع الصائم األكل والرشب والوطأ من حني ينام أو يصيل‬
‫ْ‬ ‫ذ ً‬
‫فيمسكون من صالة العشاء إىل الغد‪ ،‬حىت تغ ُرب‬ ‫ال حصل به اتلحريم‪ُ ،‬‬ ‫العشاء‪ ،‬فأيّهما حصل أو‬
‫الشمس‪ ،‬وتكون مدة اإلفطار يه مدة ما بني املغرب والعشاء فقط‪ ،‬وِإذا نام بعد املغرب وقبل العشاء‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َح ُرم عليه األكل‪ ،‬إىل أن جاء رجل من مزرعته بعد املغرب فذهبت زوجته حت ِِض هل الطعام‪ ،‬فغلبته‬
‫ً ُ ْ َ ْ‬
‫عينُه فنام‪ ،‬فلم يستطع أن يأكل وال يرشب‪ ،‬وأمسك لليوم اثلاِّن وأصبح صائما‪ ،‬فأغ ِِم عليه يف انلهار‪،‬‬
‫ذ‬
‫ذ‬ ‫ذ‬
‫انليب ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم‪ ،‬ووقع من رجل أن جاء إىل أهله‪ ،‬فقالت‪ :‬إِّن قد نمت‪ ،‬فظنها‬ ‫فبلغ ذلك‬
‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫ذ‬
‫تمنع عليه فواقعها‪ ،‬ثم تبني هل أنه اختان نفسه‪ ،‬فأىت انليب ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬وأخربه‪ ،‬فاشتد‬
‫ُ‬ ‫َ َ ذُ َذ ُ ُ ْ َْ ُ َ َُْ‬
‫اَّلل أنك ْم كنتُ ْم ختتَانون أهف َسك ْم‬ ‫ذلك لَع انليب ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم‪ ،‬فأنزل اهلل تعاىل قوهل‪{ :‬ع ِلم‬
‫ك ْم َو ُلكُوا َو ْ َ‬
‫اِش ُبوا َح ذىت يَتَبَ ذ َ‬ ‫ََ َ َ َْ ُ ْ َ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ُ ذ َ َُْ َ ََ َ ذُ َ ُ‬
‫ني‬ ‫اِشوهن وابتغوا ما كتب اَّلل ل‬ ‫فتاب عليكم وعفا عنكم فاآل َن ب ِ‬
‫ِّ َ َ َ ذ ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ ُ ُ َْ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َْ ْ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ ُ‬
‫لكم اخليط األبيض ِمن اخلي ِط األسو ِد ِمن الفج ِر ثم أتِموا الصيام ِإىل اللي ِل} [ابلقرة‪ ،]382 :‬ونسخ‬
‫ُ‬
‫املنع السابق‪ ،‬وأبيح نلا األكل والرشب والنساء‪ ،‬ومع إباحة األكل والرشب طيلة الليل‪ ،‬إال أنه عمل‬
‫ُّ‬ ‫ذ‬
‫انليب ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم؛‬ ‫اعدي؛ لكن أكلة السحر يه الرئيسة املرتبطة بالصوم؛ وَّلا أكدها‬
‫ُ‬
‫تأخريها؛ تلحقق معىن امتداد اإلباحة إىل آخر‬ ‫ّ‬
‫يستحب‬ ‫ألنذها رخصة من اهلل ذ‬
‫امنت بها علينا‪ ،‬ومن هنا‬
‫ذ‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬
‫((تسحروا؛ فإن يف السحور بركة))‪ .‬واألمر‬ ‫األمر بها‪:‬‬ ‫الليل‪ ،‬فجاء عنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪-‬‬
‫ٌ‬ ‫ذ‬ ‫َ ً‬
‫بتأخريها؛ تلكون عونا لَع صيام انلهار‪ ،‬كما يف قوهل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬إنها بركة أعطاكم‬
‫اهلل فال تدعوها))‪ ،‬وقال‪(( :‬استعينوا بطعام السحر لَع صيام انلهار‪ ،‬والقيلولة لَع قيام الليل))‪ .‬ونىه‬
‫ذ‬
‫عجلوا الفطر وأخروا السحور))‪،‬‬ ‫صىل اهلل عليه وسلذم ‪ -‬عن تقديمه يف قوهل‪(( :‬ال تزال أميت َبري ما ذ‬
‫ذ‬
‫‪-‬‬
‫ِ‬
‫لسحور‬ ‫وِإن ذلك َحي ُصل ولو بالقليل من الطعام أو الرشاب‪ ،‬كما يف قوهل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪(( :-‬ا ّ‬
‫ُّ‬
‫لكه بركة؛ فال تدعوه ولو أن جيرع أحدكم جرعة من ماء؛ فإن اهلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬ومالئكته يصلون‬
‫ذ‬
‫املتسحرين))‪.‬‬ ‫لَع‬

‫ذ‬
‫واكن سحور السلف قبل األذان بما يت ِس ُع لقراءة مخسني آية‪ ،‬مع أنه جيوز إىل قبيل الفجر بلحظات‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ذ‬
‫أما اإلفطار فينبيغ تعجيله عند أول حلظة من الليل؛ أي عند حتقق دخول الوقت‪ ،‬كما تقدم‪(( :‬ال‬
‫يزال انلاس َبري ما عجلوا الفطر))؛ رواه ابلخاري ومسلم‪ .‬فال يصح إلنسان بعد ذلك أن يؤخر الفطر‬
‫ذ‬ ‫ً‬
‫إمعانا يف اتلأكد‪ ،‬فقد حذر ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬من اتلأخري إىل طلوع انلجوم يف حديث سهل‬
‫أميت لَع ُسنذيت ما لم َ‬
‫تنت ِظ ْر ِب ِف ْطرها انلجوم))‪.‬‬
‫ذ‬ ‫بن سعد عند ابن ذ‬
‫حبان‪(( :‬ال تزال‬

‫ذ ُْ‬ ‫ذ‬ ‫ذ‬


‫صىل اهلل عليه وسلم ‪ّ -‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫حىت يف ِطر‪ ،‬ولو‬ ‫قط صىل املغرب‬ ‫رأيت رسول اهلل ‪-‬‬ ‫أنس أيضا‪" :‬ما‬‫ويف حديث ٍ‬
‫أما لَع ّ‬ ‫ذ‬
‫أي يش ٍء يكون إفطاره؟ فجاء عنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬أنه قال‪(( :‬إذا‬ ‫لَع ِشب ِة ماء"‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫أحدكم‪ ،‬فليُ ْفطر لَع تَمر؛ فإنذه بركة‪ ،‬فإن لم جيد ً‬ ‫أفطر ُ‬
‫تمرا فاملاء؛ فإنه طهور))‪ ،‬وجاء أيضا أنه ‪-‬‬ ‫ِ‬
‫صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬اكن يفطر لَع ثالث تمرات‪ ،‬أو يشء لم تصبه انلار‪.‬‬

‫ً‬ ‫ذ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ذ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬


‫وأذاكر عند ال ِف ْط ِر؛ ألنه جاءت نصوص يف أن للصائم دعوة عند فطره‪ ،‬و ِمن األذاكر‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ووردت أدعية‬
‫((امهلل إِّن لك صمت‪ ،‬ولَع رزقك أفطرت))‪.‬‬
‫ً‬ ‫ذ‬ ‫ويف املبادرة إىل الفطر ٌّ‬
‫ممنواع من رزق اهلل‪ ،‬وقد جاء‬ ‫رس لطيف‪ ،‬هو اإلشعار بأن العبد ضعيف‪ ،‬واكن‬
‫ّ‬
‫اتلأخر؛ بل يُبادر ً‬
‫فرحا بنعمة اهلل عليه‪ ،‬كما جاء يف احلديث‪(( :‬للصائم‬ ‫هل اإلذن بتناوهل‪ ،‬فال جيمل به‬
‫فرحتان‪ :‬إذا أفطر فرح بفطره‪ ،‬وِإذا ليق ربه فرح بصومه))‪.‬‬

‫ً‬
‫صائما اكن هل كأجر‬ ‫فطر‬ ‫غريه معه؛ لقوهل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪َ :-‬‬
‫((من ذ‬ ‫يفطر َ‬‫ويستحب هل أن ِّ‬

‫صيامه‪ ،‬ال ينقص من أجورهما شيئًا))‪ ،‬وحيصل ذلك ولو بمزقة لنب أو حنوه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ذ‬
‫أما ما بني السحور واإلفطار‪ ،‬فيجتنب شبهات اإلفطار أو ما يؤدي إيله‪ ،‬ومن ذلك املبالغة يف‬
‫ذ‬
‫االستنشاق؛ خشية أن يَسبقه املاء إىل حلقه‪ .‬ومنها احلجامة‪ ،‬سواء احلاجم أو املحجوم؛ أما احلاجم‬
‫ذ‬ ‫َ‬
‫ادل ُم إىل فمه‪ ،‬وأما املحجوم فخشية أن يضعف وحيتاج إىل الفطر‪ ،‬وهذا ما عليه‬‫يتْسب ذ‬
‫ذ‬ ‫فخشية أن‬
‫ََ‬ ‫ذ‬
‫فحملها اجلمهور لَع‬ ‫اجلمهور‪ ،‬وعند احلنابلة رواية أنها تفطر؛ ملا ورد من األحاديث املتعددة‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫َ‬
‫الكراهية‪ ،‬وْحلها احلنابلة لَع اتلحريم‪ ،‬وهلذا حبث مستقل إن شاء اهلل‪.‬‬

‫ً‬
‫عفوا وغلبه فإنه ال يفطر‪.‬‬ ‫كما عليه أن يتجنب مثريات اليقء؛ ألن إثارته مفطرة‪ ،‬أما إذا جاءه‬

‫كما عليه أن يتجنب مداعبة أهله إذا خيش من نفسه‪ ،‬كما قالت اعئشة ‪ -‬ريض اهلل عنها ‪" :-‬اكن‬
‫ْ ُ‬
‫رسول اهلل ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬يُقبِّل نساءه وهو صائم‪ ،‬وأيُّكم أملك ألربه؟!"؛ أي من رسول اهلل‬
‫‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد نىه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬الشباب عن اتلعرض ملا خيىش وقوعه‪ .‬كما‬
‫أن عليه أن يكرث من تالوة القرآن‪ ،‬كما جاء عنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬أن جربيل ‪ -‬عليه السالم‬
‫ذ‬
‫‪ -‬اكن يدارسه القرآن يف رمضان لك سنة مرة‪ ،‬ويف السنة األخرية دارسه القرآن مرتني؛ إحياء بلدء‬
‫نزوهل يف رمضان‪.‬‬
‫وأن يكرث من الصدقات‪ ،‬كما جاء عنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬أنه اكن أجود ما يكون يف رمضان‪،‬‬
‫دار ُسه جربيل القرآن‪.‬‬‫ُ‬
‫حينما ي ِ‬

‫ّ‬
‫وللقرآن منهج خاص يف ترشيع الصيام‪ ،‬آمل أن ييْس اهلل تقديمه واالستفادة منه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫َّ‬
‫حي ّبه ويرضاه‪ ،‬وصىل اهلل وسلم وبارك لَع سيدنا ونبينا حممد‪ ،‬ولَع آهل وصحبه‬
‫واهلل نسأل أن يوفقنا ملا ِ‬
‫أمجعني‪.‬‬

You might also like