You are on page 1of 20

‫التحيز والحياد في الفلسفة األفريقية‬

‫دراسة في فلسفة األخالق‬


‫(‪)1‬‬
‫بواسطة‪ /‬دعاء عبدالنبي حامد‬
‫‪dodahamed754@yahoo.com‬‬

‫المستخلص‬
‫تعتبر فلسفة األخالق أحد أهم الفروع التي تناولتها الفلسفة األفريقية بالدراسة والبحث‪.‬‬
‫إن فكرة األخالق تتأرجح بشكل غير متسق في المعنى واالستخدام والتط‪##‬بيق‪ ،‬اعتم‪##‬اداً على‬
‫المجتمع أو الناس‪ .‬تتعلق األخالق بمسألة األفعال الصحيحة والخاطئة‪ .‬يعرف مجال الفلسفة‬
‫الذي يدرس األخالق باسم األخالق أو المبدأ أو السلوك األخالقي‪ .‬تتف‪##‬ق فك‪##‬رة األخالق م‪##‬ع‬
‫األفع‪##‬ال الجي‪##‬دة والس‪##‬يئة‪ ،‬والص‪##‬واب والخط‪##‬أ م‪##‬ع الخ‪##‬ير والش‪##‬ر‪ .‬األخالق هي في األس‪##‬اس‬
‫محاولة للتمييز بين مجموعة السلوكيات المقبول وتلك غير المقبولة من الناس‪ .‬إنها محاول‪##‬ة‬
‫لتنظيم السلوك بين األشخاص‪ ،‬يمكن أن تكون األخالق فردية أو اجتماعية‪ .‬وتدور األخالق‬
‫األفريقية حول "مبدأ القاعدة الذهبية" كمبدأ أخالقي مطلق‪ .‬ينص ه‪#‬ذا المب‪#‬دأ على أن "أفع‪#‬ل‬
‫لآلخرين ما تريد منهم أن يفعلوه لك"‪.‬‬
‫الكلم‪##‬ات المفتاحي‪##‬ة‪ :‬األخالق األفريقي‪##‬ة‪ ،‬العقالني‪##‬ة‪ ،‬اإلنس‪##‬انية‪ ،‬القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة‪ ،‬التح‪##‬يز‪،‬‬
‫النزاهة‪.‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪The philosophy of ethics is one of the most important branches that African‬‬
‫‪philosophy has dealt with through study and research. The idea of ethics‬‬
‫‪fluctuates inconsistently in meaning, use, and application depending on society‬‬
‫‪or people. Ethics is about the question of right and wrong actions. The field of‬‬
‫‪philosophy that studies ethics is known as ethics, principle, or ethical‬‬
‫‪behaviour." The idea of morality is consistent with good and bad actions, right‬‬
‫‪and wrong, and good and evil. Ethics is essentially an attempt to distinguish‬‬
‫‪between acceptable behaviours and those that are unacceptable to people. It is‬‬
‫‪an attempt to regulate interpersonal behaviour. Morality can be individual or‬‬
‫‪social. African morality revolves around the "golden rule principle" as an‬‬

‫‪)( 1‬‬
‫‪ -‬باحثة دكتوراه في الفلسفة األفريقية الحديثة والمعاصرة‪ ،‬كلية اآلداب جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪absolute moral principle. This principle states, "Do for others what you want‬‬
‫‪them to do for you".‬‬

‫‪Keywords: African Morality, Rationalism, Humanism, The golden rule,‬‬


‫‪.Partiality, Impartiality‬‬

‫مقدمة‬
‫إن األخالق خاصية تميز اإلنسان دون غ‪##‬يرة من الكائن‪##‬ات فاإلنس‪##‬ان‪ ،‬ه‪##‬و وح‪##‬ده ال‪##‬ذي‬
‫يصدر أحكاما ً أخالقية وهو الذي يم‪##‬يز بين فع‪##‬ل الخ‪##‬ير وفع‪##‬ل الش‪##‬ر‪ .‬يحت‪##‬ل مبحث األخالق‬
‫مكانة مرموقة في حقل الفلسفة وقد تطور المبحث األخالقي مع تطور الفك‪##‬ر الفلس‪##‬في حيث‬
‫ظهرت مجموعة من المذاهب األخالقي‪##‬ة كم‪##‬ذهب الل‪##‬ذة وم‪#‬ذهب المنفع‪##‬ة وم‪#‬ذهب ال‪##‬واجب‪.‬‬
‫واألخالق باعتبارها فرعا ً من فروع الفلسفة نجد أنها تتخ‪##‬ذ ه‪##‬دفا ً لبحث مس‪##‬ائل عدي‪##‬دة منه‪##‬ا‬
‫الخير والشر‪ ،‬ما هما وما الفرق بينهم‪##‬ا؟ وم‪##‬ا هي ماهي‪##‬ة الض‪##‬مير األخالقي ال‪##‬ذي ب‪##‬ه نق‪##‬ف‬
‫علي الخ‪#‬ير والش‪#‬ر؟ وم‪##‬ا ه‪##‬و الح‪##‬ق وم‪#‬ا ه‪##‬و ال‪#‬واجب ومن هن‪#‬ا يت‪#‬بين أن موض‪#‬وع فلس‪##‬فة‬
‫األخالق هو األعمال اإلنسانية اإلرادي‪##‬ة الص‪##‬ادرة عن تفك‪##‬ير وإرادة‪ .‬وق‪##‬د اهتمت الم‪##‬دارس‬
‫الفلسفية عبر العصور بدراسة الظاهرة األخالقية ووضع تعري‪##‬ف وتفس‪##‬ير له‪##‬ا‪ ،‬كم‪##‬ا ح‪##‬اول‬
‫الفالسفة وضع ضوابط وأسس للقيم األخالقية عبر العصور‪#.‬‬
‫إن الفك‪#‬ر األخالقي المم‪#‬يز ألفريقي‪#‬ا جن‪#‬وب الص‪#‬حراء كم‪#‬ا تم تفس‪#‬يره فلس‪#‬فيا ً يؤك‪#‬د أن‬
‫تحقيق الذات يتم من خالل األشخاص اآلخرين‪ ،‬أي من خالل المجتمع وحده‪ ،‬وفقا ً لمنظري‬
‫األخالق األفارقة؛ أن االحترام الشامل الوحيد الذي يمكن للمرء أن يعيش في‪##‬ه أس‪##‬لوب حي‪##‬اة‬
‫إنساني حقيقي هو من خالل التواصل أو االنسجام مع اآلخرين‪" ،‬الش‪##‬خص ه‪##‬و ش‪#‬خص من‬
‫خالل أشخاص آخرين"‪" ،‬فأنا إنسان ألنني أنتمي" وليس كما قال ديكارت "أنا أفكر إذن أن‪##‬ا‬
‫(‪)2‬‬
‫موج‪#‬ود"‪ ،‬التن‪#‬اغم االجتم‪#‬اعي بالنس‪#‬بة ألفريقي‪#‬ا ه‪#‬و الخ‪#‬ير األعظم‪ .‬يق‪#‬دم كواس‪#‬ي وري‪#‬دو‬

‫‪ - )*(2‬باحثة دكتوراه في الفلسفة األفريقية الحديثة‪ #‬والمعاصرة‪ ،‬كلية اآلداب جامعة القاهرة‪.‬‬
‫() ‪ -‬فيلسوف أمريكي من أصل غاني‪ ،‬ولد وريدو في كوماسي ‪ ،Kumasi‬غانا في (‪ 3‬أكتوبر ‪ 6 #- 1931‬يناير ‪ .)2022‬تلقي‬
‫تعليمة الجامعي في كل من جامعة غانا وليجون وجامعة أوكسفورد‪ .‬درس وريدو الفلس‪##‬فة في البداي‪##‬ة ع‪##‬ام ‪ 1952‬في غانا لم‪##‬دة‬
‫‪ 23‬عاماً‪ ،‬أصبح خاللها أول رئيس قسم الفلسفة ثم أستاذاً‪ .‬ذهب وريدو إلى جامعة اوكسفورد للحصول على درج‪##‬ة الماجس‪##‬تير‪.‬‬
‫في أكسفورد‪ ،‬كتب اطروحة بعنوان المعرفة‪ ،‬الحقيقة والعقل تحت اشراف جيلبرت رايل‪ ،‬الفيلس‪##‬وف التحليلي المش‪##‬هور عالمي‪#‬اً‪.‬‬
‫في ذلك الوقت‪ ،‬كان العديد‪ #‬من العلماء مشغولين بفلسفة اللغة‪ .‬كان وريدو تحت ض‪##‬غط ليتبعهم‪ ،‬لكن‪##‬ه رفض أن يص‪##‬نف ببس‪##‬اطة‬
‫على أنه فيلسوف تحليلي واعتبر نفسه باألحرى مدين (لمنهجية وراثية) كم‪##‬ا طوره‪##‬ا ج‪##‬ون دي‪##‬وي البراغم‪##‬اتي االم‪##‬ريكي‪ .‬ك‪##‬ان‬
‫حتى وفاته ‪2022‬م‪##‬ؤخراً أس‪##‬تاذاً للفلس‪#‬فة في جامع‪##‬ة جن‪#‬وب فلوري‪##‬دا‪ ،‬تامب‪##‬ا‪ ،‬فلوري‪##‬دا‪ ،‬الوالي‪##‬ات المتح‪##‬دة األمريكي‪##‬ة‪ ،‬حيث ق‪#‬ام‬
‫بالتدريس منذ عام ‪ .1987‬وقد نشر مقاالت في الفلسفة والمنطق ونظرية المعرفة األفريقية‪ .‬وهو أيض‪#‬ا ً مؤل‪##‬ف ومح‪##‬رر للعدي‪#‬د‪#‬‬
‫من الكتب‪ .‬وقد شغل منصب أستاذ زائر في جامعة كاليفورنيا ل‪##‬وس أنجل‪##‬وس (‪ ،)1980 #– 1979‬جامع‪##‬ة أب‪##‬ادان‪ ،‬نيجيري‪##‬ا (‬
‫‪ ،)1984‬جامعة ريشموند‪ ،‬فرجينيا (‪ ،)1985‬كلية ك‪#‬ارلتون‪ ،‬مينيس‪#‬وتا (‪ ،)1986‬جامع‪#‬ة دي‪#‬وك ن‪#‬ورث كارولين‪#‬ا (‪– 1994‬‬
‫‪ )1995‬و (‪ .)2001 # -1999‬وقد حصل على زمالة في مركز وودرو ويلسون الدولي للب‪##‬احثين (‪ )9851‬والمرك‪##‬ز الوط‪##‬ني‬
‫للعلوم اإلنسانية في نورث كارولينا (‪ .)1986‬كان عضو في لجنة م‪##‬ديري االتح‪##‬اد ال‪##‬دولي للجمعي‪##‬ات الفلس‪##‬فية من ‪ 1983‬إلى‬
‫نظرية في اإلجماع األخالقي كوسيلة للخ‪##‬روج من م‪##‬أزق الص‪##‬راع ح‪##‬ول األخالق‪ ،‬ويش‪##‬ير‬
‫إلى ضرورة إنهاء االستعمار الفكري أو العقلي كأساس لنظريته االخالقية‪ .‬ويحاول صياغة‬
‫نظريته األخالقية للسكان األصليين من شعب أكان والتي ستكون كافية لمعالجة الص‪##‬راعات‬
‫األخالقية في المجتمعات األفريقية‪ ،‬والتي نشأت ألن األفارقة تبنوا نظام القيم الغ‪##‬ربي‪ ،‬دون‬
‫تفكير نقدي ودون وضع هذه القيم ضمن نموذج اجتماعي ثقافي أفريقي‪.‬‬
‫وفق ‪#‬ا ً لوري‪##‬دو ال ينبغي بالض‪##‬رورة وض‪##‬ع الفلس‪##‬فة األفريقي‪##‬ة على النقيض من الفلس‪##‬فة‬
‫الغربي‪##‬ة‪ ،‬ويجب أن تفهم الفلس‪##‬فة األفريقي‪##‬ة في س‪##‬ياق ظهوره‪##‬ا م‪##‬ع محيطه‪##‬ا االجتم‪##‬اعي‬
‫والثقافي والسياسي‪ .‬يؤكد وريد أن هناك أسئلة إنسانية أساسية تتعلق بشعب ال يمكن اإلجابة‬
‫عليها إال من خالل المعرفة المتضمنة في أنظمة التفكير األصلية الخاصة بهم‪ ،‬كما يؤكد أنه‬
‫من االختزال تصور الفلس‪##‬فة األفريقي‪#‬ة على أنه‪#‬ا مج‪#‬رد فلس‪#‬فة اثني‪#‬ة‪ .‬وفيم‪##‬ا يتعل‪##‬ق ب‪#‬الحكم‬
‫األخالقي‪ ،‬فإن الفكرة المهيمنة عند وريدو هي القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة؛ معي‪##‬ار إج‪##‬رائي للحكم على‬
‫ما هو صواب أو خطأ من الفعل‪ ،‬هي دعوة إلى التع‪##‬اطف ال‪##‬ذاتي‪Eze, M.O. and Metz,( .‬‬
‫‪)T.2016. P. 73‬‬

‫المقصود باألخالق واألخالق األفريقية‬


‫أوالً الب‪###‬د من توض‪###‬يح المقص‪###‬ود ب‪###‬األخالق نظ‪###‬راً لغم‪###‬وض المص‪###‬طلح‪ ،‬فمص‪###‬طلح‬
‫"األخالق" يمكن أن يعني واحد من ثالثة أش‪##‬ياء أوالً؛ من خالل "األخالق" يمكن للم‪##‬رء أن‬
‫يعني نظري‪##‬ة الفع‪##‬ل الص‪##‬حيح‪ ،‬وال‪##‬تي تح‪##‬دد معي‪##‬ارً ا أساس‪#‬يًا (مث‪##‬ل المنفع‪##‬ة أو الكرام‪##‬ة) يتم‬
‫اس‪#‬تدعاؤها للتمي‪#‬يز بين جمي‪#‬ع األفع‪#‬ال الص‪#‬ائبة والخط‪#‬أ‪ .‬ثاني‪#‬اً؛ من خالل "األخالق" يمكن‬
‫للمرء أن يجيب على سؤال "ما الذي يجعل الحياة تعمل بشكل أفضل؟"‪ ،‬حيث يح‪##‬دد الم‪##‬رء‬
‫خاصية أخالقية تحدث فرقا ً فيها سواء كانت حياة المرء تعم‪##‬ل بش‪##‬كل أفض‪##‬ل أم ال‪ .‬أخ‪##‬يرً ا‪،‬‬
‫يمكن للمرء أن يعني نظرية الكمال‪ ،‬أي "ما هو الشخص الصالح؟"‪.‬‬
‫تتكون األخالق بشكل عام من دراسة المب‪##‬ادئ األساس‪##‬ية ال‪##‬تي توج‪##‬ه خ‪##‬ير الف‪##‬رد في س‪##‬ياق‬
‫التفاعالت االجتماعية والمجتم‪##‬ع‪ .‬ه‪##‬ذا ه‪##‬و أح‪##‬د ف‪##‬روع المعرف‪##‬ة ال‪##‬ذي يتعام‪##‬ل م‪##‬ع الس‪##‬لوك‬
‫البشري أو الفعل‪ .‬يدرس لماذا‪ ،‬ولماذا ال للفعل أو السلوك البش‪##‬ري‪ .‬والمع‪##‬نى المس‪##‬تخدم في‬
‫هذه الدراسة هو األخالق ب‪##‬المعنى الع‪##‬المي أي األخالق كمب‪##‬دأ ع‪##‬المي؛ هن‪##‬اك دائم‪#‬ا ً مب‪##‬ادئ‬
‫‪ ،1998‬ونائب رئيس المجلس األفريقي للفلسفة وأستاذ فخري بجامعة جنوب فلوريدا‪ .‬كتب وريدو األكثر ت‪##‬أثيراً في الفلس‪#‬فة‬
‫األفريقية الحديثة‪ #،‬تحت عنوان إنهاء االستعمار المفاهيمي‪ .‬من خالل إنهاء االستعمار المفاهيمي حاول وريدو معالجة معضالت‬
‫الحداثة من ناحية‪ ،‬والصراعات المتأصلة في الوعي األفريقي‪ ،‬من ناحية أخرى‪ .‬كما حاول إعادة تقييم المفاهيم الفلسفية الغربي‪##‬ة‬
‫ضمن أطر أكان اللغوية والمفاهيمية‪ .‬فكانت النتائج التي توصل إليها رائدة‪ .‬تبني العديد‪ #‬من الفالسفة األفارقة مقاربته في سياقهم‬
‫العرقي والقومي المتنوع‪.‬‬
‫يمكن لآلخ‪##‬رين مش‪##‬اركتها واعتماده‪##‬ا بس‪##‬بب كيانن‪##‬ا البش‪##‬ري‪ ،‬في حين أن األخالق ثقافي‪##‬ة‬
‫ومجتمعية ونس‪##‬بية‪ .‬األخالق األفريقية ‪ African ethics‬هي ف‪##‬رع الفلس‪##‬فة األفريقي‪##‬ة‪ ،‬ال‪##‬ذي‬
‫يتعامل مع التفكير النقدي في طريق‪##‬ة أو طبيع‪##‬ة الحي‪#‬اة والس‪##‬لوك والشخص‪##‬ية األفريقي‪##‬ة‪ .‬يتم‬
‫تعريف األخالق بواسطة ‪ K. Wiredu‬بأنها مراعاة قواعد التعديل المتن‪#‬اغم لمص‪#‬الح الف‪#‬رد‬
‫م‪##‬ع مص‪##‬الح اآلخ‪##‬رين في المجتم‪##‬ع‪ ،‬ه‪##‬و تص‪##‬ور القيم وتخصيص‪##‬ها وس‪##‬ياقها وتحليله‪##‬ا في‬
‫التجربة الثقافية األفريقية‪ .‬األخالق األفريقية تفترض وج‪#‬ود أخالقي‪#‬ات إقليمي‪#‬ة‪ .‬على ال‪##‬رغم‬
‫من أن النظريات واألفكار ذات الطابع الع‪##‬المي مطروح‪##‬ة في األخالق‪ ،‬إال أنه‪##‬ا ال تنح‪##‬رف‬
‫عن التجربة الثقافية السائدة‪ ،‬والروح الفلسفية لعصرها‪ ،‬وتحديات الوقت والت‪##‬اريخ والتقالي‪##‬د‬
‫والحضارة التي يجدونها‪ .‬هذا هو األساس إذن الستئناف "األخالق األفريقية"‪p.231, :.2008 .‬‬
‫‪).232) Azenabor‬‬

‫يتح‪##‬دث وري‪##‬دو عن األخالق ‪ morality‬باعتباره‪##‬ا القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة؛ ومن ناحي‪##‬ة أخ‪##‬رى‪،‬‬


‫يتحدث عن أخالقيات ‪ ethic‬ال غنى عنها أيضًا جماعيا ً ‪ /‬فردي‪#‬اً‪ .‬ل‪##‬ذلك‪ ،‬في ه‪##‬ذه المرحل‪##‬ة‪،‬‬
‫من اآلمن مالحظة أيًا كان مض‪#‬مون القاع‪#‬دة الذهبي‪#‬ة ومض‪#‬مون العقي‪#‬دة المجتمعي‪#‬ة‪ ،‬فه‪#‬ذان‬
‫االثن‪###‬ان يهتم‪###‬ان بش‪###‬كلين مختلفين من االعتب‪###‬ارات‪ #.‬يخبرن‪###‬ا وري‪###‬دو ك‪###‬ذلك أن األخالق‬
‫‪ ،morality‬بص‪##‬فتها القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة‪ ،‬تش‪##‬ير إلى األخالق بمعناه‪##‬ا "الخ‪##‬الص" أو "المع‪##‬نى‬
‫الدقيق"؛ وتش‪##‬ير أخالق ‪ ethic‬الجماع‪##‬ة ‪ /‬الفردي‪##‬ة إلى األخالق ب‪#‬المعنى "الواس‪##‬ع"‪ .‬يخبرن‪#‬ا‬
‫وريدو أن األخالق ‪ morality‬بالمعنى الدقيق للكلمة لها سمة " االل‪#‬تزام الج‪#‬وهر الع‪##‬المي"‪:‬‬
‫وهذه العبارة تش‪##‬ير إلى أن األخالق مس‪##‬تقلة عن العق‪##‬ل ومس‪##‬تقلة عن الثقاف‪##‬ة‪ ،‬وبالت‪##‬الي ف‪##‬إن‬
‫قواعدها تحكم جميع العالقات اإلنسانية ‪" -‬األخالق بالمعنى الدقيق للكلمة هي نفسها في كل‬
‫مك‪##‬ان"‪ ،‬من ناحي‪##‬ة أخ‪##‬رى‪ ،‬تش‪##‬ير األخالق ‪ ethic‬إلى فك‪##‬رة أن "المجتم‪##‬ع ذات‪##‬ه ل‪##‬ه طرق‪##‬ه‬
‫الخاصة لتنظيم السلوك‪ #.‬هي قاعدة خاصة بالثقافة لتنظيم التفاعالت البشرية وال‪#‬تي تنش‪##‬أ في‬
‫ضوء الظروف‪ ،‬واألزمات والفرص في مناطق معينة – وهي ليست نفسها في كل مكان‪.‬‬
‫في ض‪##‬وء ه‪##‬ذا التمي‪##‬يز؛ يمكن مالحظ‪##‬ة أن األخالق ‪ ethics‬تش‪##‬ير إلى الحق‪##‬ائق األخالقي‪##‬ة‬
‫‪ moral‬الضرورية للحياة البشرية ذاتها‪ ،‬دون هذه الحق‪##‬ائق تك‪##‬ون الحي‪##‬اة البش‪##‬رية كك‪##‬ل في‬
‫خطر‪ .‬تتجسد هذه الحقائق األخالقية العالمية أو المس‪##‬تقلة عن الثقاف‪##‬ة في القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة أو‬
‫ما يطلق عليه وريدو بالحياد التعاطفي‪ .‬ومن جانب آخر تشير كلمة أخالق ‪ ethic‬إلى قواعد‬
‫السلوك البشري المشروطة‪ ،‬وهي تشير إلى عادات حاسمة لتنظيم تفاعالت بش‪##‬رية مح‪##‬ددة‪،‬‬
‫أي مجموعة فرعي‪##‬ة من البش‪##‬ر‪ .‬كال االتج‪##‬اهين من األخالق ض‪##‬روريان للحي‪##‬اة البش‪##‬رية‪( .‬‬
‫‪)Molefe, Motsamai. 2017. P. 471, 472‬‬

‫ويتحدث وري‪##‬دو عن األخالق الص‪##‬ارمة ويقارنه‪##‬ا بالع‪##‬ادات‪ ،‬وأحيان‪##‬ا يش‪##‬ير إلى التم‪##‬يز من‬
‫حيث األخالق والفلس‪##‬فة األخالقي‪##‬ة الص‪##‬حيحة واألخالق والع‪##‬رف‪ ،‬الع‪##‬رف يهتم بمس‪##‬ائل‬
‫التفاعل البشري على مستوى طارئ‪ ،‬وهو ليس عالميا ً ويمكن أن يتغير بمرور الوقت‪ .‬تهتم‬
‫األخالق أو العادات بأسئلة حول كيفي‪##‬ة تربي‪##‬ة األطف‪##‬ال والقواع‪##‬د المتعلق‪##‬ة ب‪##‬الزواج والحي‪##‬اة‬
‫الزوجي‪##‬ة والتحي‪##‬ات وم‪##‬ا إلى ذل‪##‬ك‪ ،‬ومن ج‪##‬انب آخ‪##‬ر؛ تق‪##‬دم األخالق الص‪##‬ارمة مب‪##‬ادئ تعلم‬
‫التفاع‪#‬ل البش‪##‬ري وهي مب‪##‬ادئ أساس‪#‬ية وعالمي‪#‬ة وال‪##‬ذي ب‪#‬دونها يك‪#‬ون الوج‪##‬ود البش‪#‬ري في‬
‫خطر‪ ،‬هذه القواعد واجبة في جوهرها‪ .‬لذلك توصي األخالق والعرف بع‪##‬دم تن‪##‬اول الطع‪##‬ام‬
‫باأليد بينما تتطلب األخالق الصارمة قول الص‪##‬دق‪ ،‬ف‪##‬األولى ال ته‪##‬دد اس‪##‬تمرارية الحي‪##‬اة في‬
‫حين الثانية إذا تخلى الناس عن الص‪##‬دق والحقيق‪##‬ة كمس‪##‬ألة معي‪##‬ار مقب‪##‬ول فيك‪##‬ون المش‪##‬روع‬
‫البشري بأكمله مهدد‪)Molefe, Motsamai. 2017. P. 472( .‬‬

‫طبيعة األخالق ومصدرها في الثقافات األفريقية‬


‫لقد انشغل الفكر الفلسفي على م‪##‬ر العص‪##‬ور في بي‪##‬ان طبيع‪##‬ة األخالق ومص‪##‬درها‪ ،‬وطبيع‪##‬ة‬
‫العالقة بينه‪##‬ا وبين ال‪##‬دين‪ ،‬وق‪##‬د اتس‪##‬مت مواق‪##‬ف الفالس‪##‬فة ب‪##‬االختالف ال‪##‬ذي وص‪##‬ل إلى ح‪##‬د‬
‫التناقض فيما يخص تبعية األخالق لل‪##‬دين وأي منهم‪##‬ا يؤس‪##‬س اآلخ‪##‬ر‪ .‬وق‪##‬د اتس‪##‬مت الفلس‪##‬فة‬
‫األفريقية برؤيتها الخاصة حول طبيعة األخالق ومصدرها‪.‬‬
‫يق‪###‬ول وري‪###‬دو " اإلنس‪###‬ان في األس‪###‬اس ه‪###‬و مجموع‪###‬ة من دوائ‪###‬ر من االلتزام‪###‬ات‬
‫والمس‪##‬ؤوليات وال‪#‬تي تقابله‪#‬ا الحق‪#‬وق واالمتي‪##‬ازات متح‪#‬دة المرك‪#‬ز "‪ " ،‬مس‪##‬رح التنش‪#‬ئة‪#‬‬
‫األخالقي‪##‬ة ه‪##‬و الم‪#‬نزل عن‪#‬د أق‪#‬دام الوال‪##‬دين وفي نط‪#‬اق األق‪#‬ارب‪ .‬واآللي‪##‬ة هي مب‪#‬دأ ومث‪##‬ال‬
‫وتصحيح‪ #.‬المدى الزمني للعملية هو مدى الحياة"‪" ،‬التوجه المجتمعي للمجتمع يقصد ب‪##‬ه‬
‫أن صورة الفرد ستعتمد بشكل حاسم على مدى فائدة أفعال‪##‬ه لآلخ‪##‬رين‪ ،‬ليس ص‪##‬دفة وإنم‪#‬ا‬
‫عن طريق التصميم‪ ،‬ينظر للفرد الذي يظل مقتنعا ً بالنجاح‪#‬ات المتعلق‪##‬ة بال‪#‬ذات على أن‪##‬ه ال‬
‫يستحق لقب شخص حقيقي"‪)Wiredu. 1992. P.195, 199,200( .‬‬

‫إذن اهتمامه المعلن والعام هو رفاهية الجميع‪ ،‬فكون الفرد ملتزما ً أخالقي ‪#‬ا ً تج‪##‬اه األش‪##‬خاص‬
‫والمجتمع بشكل عام ومحدد الهدف يخلق سياقا ً اجتماعيا ً يك‪##‬ون في‪##‬ه ك‪##‬ل من اآلخ‪##‬ر وال‪##‬ذات‬
‫متساو ومتبادل‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بارزين ومعتمدين على بعضهم بشكل‬
‫إن أخالقيات الشعوب األصلية األفريقية تدور حول مبدأ "القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة" باعتب‪##‬اره المب‪##‬دأ‬
‫األخالقي النهائي‪ .‬يؤكد ‪ Bolaji Idowu‬في كتابه ‪Olodumare: God in Yoruba Religion‬‬
‫أن اليوربا لديهم مبدأ أخالقي أساسي وقد حدد هذا على أنه مبدأ القاعدة الذهبية‪ .‬وينص ه‪##‬ذا‬
‫المبدأ على ما يلي‪" :‬افعل لآلخرين م‪##‬ا تري‪##‬د أن يفعل‪##‬وه ل‪##‬ك"‪ .‬يع‪##‬ود ه‪##‬ذا المب‪##‬دأ إلى الكت‪##‬اب‬
‫المقدس‪ .‬حيث يقال إن المس‪#‬يح في بداي‪#‬ة العص‪##‬ر الميالدي ق‪#‬د نص‪#‬ح؛ "ك‪##‬ل م‪##‬ا تري‪#‬دون أن‬
‫يفعله الناس بكم‪ ،‬افعلوه لهم"‪ .‬يشبه أيضا ً الوصية التوراتية في الكتاب المقدس "أحب جارك‬
‫كما تحب نفسك" وأيضا ً عام ‪ 500‬قبل الميالد‪ ،‬ينسب إلى كونفوشيوس وجهة النظر القائل‪##‬ة‬
‫بأن "افعلوا لآلخرين ما تريدون أن يفعلوه لكم‪ ،‬وال تفعلون لآلخرين ما ال تري‪##‬دون منهم أن‬
‫يفعلوه بكم‪ .‬أنت بحاجة لهذا القانون وحده وهو أساس البقية"‪).P. 232) Azenabor .2008 .‬‬

‫هن‪###‬اك األس‪###‬اس الوج‪###‬ودي وال‪###‬ديني والمجتمعي لألخالق األفريقي‪###‬ة‪ .‬ت‪###‬دور المؤسس‪###‬ة‬


‫األنطولوجية حول االفتراضات األساسية للميتافيزيقا األفريقي‪##‬ة‪ ،‬واألخالق األفريقي‪##‬ة مش‪##‬تقة‬
‫من األنطولوجيا األفريقية – الفعل األخالقي الخ‪##‬اطئ ه‪##‬و ال‪##‬ذي ي‪##‬وازن ويقل‪##‬ل من التك‪##‬وين‬
‫وقوة حياة اإلنسان‪ .‬يخبرنا تيمبلز األخالق األفريقية أن‪##‬ه ش‪##‬يء تتطلب‪##‬ه طبيع‪#‬ة األش‪##‬ياء‪ .‬إن‪##‬ه‬
‫مفهوم وجودي وله بعد اجتماعي‪ ،‬المؤسسة الدينية لها عالقة باللجوء إلى اآلله‪##‬ة واألج‪##‬داد‪،‬‬
‫واآللهة الذين هم أوصياء على العدالة‪ .‬في الواقع‪ ،‬قي‪##‬ل إن النظ‪##‬ام األخالقي األف‪##‬ريقي يق‪##‬وم‬
‫على الدين كما ذهب جون مبيتي في كتابه األديان والفلسفة األفريقية‪ .‬بالنسبة ل‪##‬ه ف‪#‬إن ال‪##‬دين‬
‫هو بالتأكيد نظرية تأسيسية لألخالق في المجتمعات األفريقية‪.‬‬
‫لكن بالنسبة إلى وريدو‪ ،‬فإن جميع القيم تنبع من المص‪##‬لحة اإلنس‪##‬انية وتؤس‪##‬س عليه‪##‬ا‪ ،‬ومن‬
‫هنا جاء مفهومه اإلنساني عن األخالق األفريقية‪ .‬أدى هذا إلى مفهوم‪##‬ه عن الخ‪##‬ير‪ .‬م‪##‬ا ه‪##‬و‬
‫جيد في النظام األخالقي األفريقي‪ ،‬وفقا ً لرأيه‪ ،‬ه‪##‬و م‪##‬ا يع‪##‬زز المص‪##‬الح اإلنس‪##‬انية وينس‪##‬قها‪.‬‬
‫وكل ما يضر برفاهية اإلنسان أو المصالح يعتبر شريراً أو سيئاً‪ .‬األخالق األفريقية ال تق‪#‬وم‬
‫على الدين‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬أن العناصر الديني‪##‬ة ليس‪##‬ت س‪##‬وى ج‪##‬زء من المخط‪##‬ط األخالقي‪.‬‬
‫ف‪#‬األخالق ال تق‪#‬وم على ال‪#‬دين‪ ،‬ب‪##‬ل هي حيث يص‪##‬بح اإلنس‪#‬ان معوق‪#‬ا ً في تط‪##‬بيق المخالف‪##‬ات‬
‫األخالقية؛ يلجأ إلى اآللهة‪ .‬في جميع الحاالت‪ ،‬يقدم األفريقي حجج‪#‬ا ً منطقي‪##‬ة لم‪##‬اذا ال ينبغي‬
‫للمرء أن يفعل ما هو خطأ‪ .‬لذلك‪ ،‬ال يمكن تحديد س‪##‬لطة األخالق م‪##‬ع اآللهة‪P. 233) ::.2008 .‬‬
‫‪).Azenabor‬‬

‫يؤكده وريدو أن مصدر األخالق اإلنسان‪ ،‬حيث أتخذ اتجاه‪##‬ا إنس‪##‬انياً‪ ،‬ل‪##‬ذلك ينك‪##‬ر أن فك‪##‬رة‬
‫األخالق في ثقافة أك‪##‬ان التقليدي‪##‬ة يمكن وص‪##‬فها بأنه‪##‬ا خارق‪##‬ة للطبيع‪##‬ة على غ‪##‬رار الثقاف‪##‬ات‬
‫األفريقية األخرى‪ ،‬تحدد المبادئ األخالقية في ثقافة أكان الواجب الذي ال يرتك‪##‬ز فق‪##‬ط على‬
‫إمالء اآلله‪##‬ة‪ ،‬وفق‪##‬ا ً لوري‪##‬دو أخالق أك‪##‬ان هي أخالقي‪##‬ات إنس‪##‬انية بمع‪##‬نى أنه‪##‬ا تق‪##‬وم على‬
‫اعتب‪##‬ارات تتعل‪##‬ق برفاهي‪##‬ة اإلنس‪##‬ان‪ ،‬خ‪##‬ارج ال‪##‬دين‪ .‬األخالق وس‪##‬يلة إنس‪##‬انية ألنه‪##‬ا مرتبط‪##‬ة‬
‫برفاهية البشر كأعضاء في المجتمع‪ ،‬لذلك تعتمد األخالق العملية العقالنية التي نكتسب به‪##‬ا‬
‫المعتق‪##‬دات ونجعله‪##‬ا ت‪##‬ؤثر على ت‪##‬برير أفعالن‪##‬ا ومبادئن‪##‬ا األخالقي‪##‬ة‪ ،‬تنص المب‪##‬ادئ على‬
‫اإلجراءات التي تتطلب مراع‪##‬اة مص‪##‬الح اآلخ‪##‬رين‪ ،‬لمالءمته‪##‬ا م‪##‬ع مص‪##‬الح الف‪##‬رد الخاص‪##‬ة‬
‫ومصلحة المجتمع‪ .‬نتيجة لخاصية التعاطف مع مصالح اآلخرين‪ ،‬فإن المبادئ األخالقية لها‬
‫فائدة في تحسين حياة اإلنسان من خالل تشجيعهم على العيش في مجتمع‪ ،‬ويقص‪##‬د بالمنفع‪##‬ة‬
‫هن‪##‬ا أن‪##‬ه يجب على الن‪##‬اس أن يأخ‪##‬ذوا في االعتب‪##‬ار بش‪##‬كل معق‪##‬ول في تفك‪##‬يرهم األخالقي‬
‫العواقب المترتبة على أفع‪##‬الهم على االحتياج‪##‬ات والمص‪##‬الح البش‪##‬رية‪ .‬وعلى أس‪##‬اس مفه‪##‬وم‬
‫الشخص واحتياجات اإلنسان والمجتم‪##‬ع يمكنن‪#‬ا أن ن‪#‬رى لم‪#‬اذا مفه‪##‬وم األخالق في الثقاف‪##‬ات‬
‫األفريقية هو مفهوم مجتمعي وطبيعي وإنساني في األساس‪)Ikuenobe, p. 1998.p. 30, 31( .‬‬

‫يعتق‪##‬د وري‪##‬دو أن أفض‪##‬ل طريق‪##‬ة لفهم األخالق في التقالي‪##‬د األفريقي‪##‬ة هي من حيث بعض‬
‫الممتلكات المادية‪ ،‬وينكر أن األخالق يمكن أن ترتكز على أس‪##‬اس روحي‪ ،‬وبالت‪##‬الي يج‪##‬ادل‬
‫بأن إرادة هللا وعدم الحديث عن إرادة أي كائن آخر غ‪##‬ير بش‪##‬ري‪ ،‬غ‪##‬ير ق‪##‬ادرة منطقي‪#‬ا ً على‬
‫تحديد الخير‪ .‬ويذهب وريدو إلى أن القول ب‪##‬أن األخالق ال يمكن أن ترتك‪##‬ز على اعتب‪##‬ارات‬
‫روحية‪ ،‬ال يعنى أن هللا واألسالف ال يلعبون أي دور على اإلطالق‪ ،‬بل أنه ينك‪##‬ر أن يك‪##‬ون‬
‫هذا الدور أساسياً‪ ،‬إن الكيان‪##‬ات غ‪##‬ير البش‪##‬رية يمكن اعتباره‪##‬ا تلعب دوراً مكمالً‪Wiredu.( .‬‬
‫‪)1992. P.194, Wiredu. 1996. P.239‬‬

‫دور الدين في األخالق األفريقية هو أن اآللهة هم فقط ف‪##‬اعلين للعقوب‪##‬ات األخالقي‪##‬ة وليس‪##‬وا‬
‫مصادر لألخالق‪ .‬اآللهة هي آخر محاكمة استئناف في مسائل العدال‪##‬ة األخالقي‪##‬ة‪ ،‬العقوب‪##‬ات‬
‫الدينية تعزز فق‪##‬ط نظ‪##‬ام القيم األف‪##‬ريقي‪ ،‬وليس أن‪##‬ه ق‪##‬ائم على ال‪##‬دين‪ ،‬اآلله‪##‬ة هم فق‪##‬ط وكالء‬
‫للعقوبات األخالقية وليسوا سلطات يجب أن يطي‪#‬ع اإلنس‪#‬ان معطياته‪##‬ا األخالقي‪#‬ة‪ .‬إن اآلله‪#‬ة‬
‫في أفريقي‪##‬ا التقليدي‪##‬ة هي مج‪##‬رد ض‪##‬مانات لألخالق‪ ،‬كم‪##‬ا ه‪##‬و وض‪##‬ع الش‪##‬رطة في المجتم‪##‬ع‬
‫الحديث‪ .‬لذلك هناك فص‪##‬ل مف‪##‬اهيمي بين ال‪##‬دين واألخالق‪ .‬النقط‪##‬ة ال‪##‬تي نش‪##‬ير إليه‪##‬ا هي أن‬
‫األخالق ‪ / ethics‬األخالق ‪ morality‬في نظام الفك‪##‬ر األف‪##‬ريقي هي مب‪##‬دأ مش‪##‬تق بعقالني‪##‬ة‪.‬‬
‫‪).P. 235) Azenabor .2008‬‬

‫يعبر وريدو عن إنسانيته من خالل لغته األم لغة أكان ((‪ Onipa na ohia‬والتي تع‪##‬ني "أن‬
‫اإلنسان له قيمة"‪ ،‬وفقا ً لوريدو ك‪##‬ل القيم األخالقي‪##‬ة ت‪##‬دل على الطبيع‪##‬ة البش‪##‬رية وعلى وج‪##‬ه‬
‫التحديد المصالح اإلنسانية‪ ،‬فال يمكن اشتقاق األخالق إال من خالل بعض الحق‪##‬ائق المتعلق‪##‬ة‬
‫بالبشر أو بمصالحهم‪ ،‬وباختصار "اإلنسانية" هي العقيدة القائلة بأن بعض ج‪##‬وانب الطبيع‪##‬ة‬
‫البشرية هي مصدر وأساس كل قيمة أخالقية‪ ،‬ودون اإلنسان لن تك‪##‬ون هن‪##‬اك أخالق‪ ،‬ل‪##‬ذلك‬
‫فإن موقف وريدو موقف إنساني ليس خارقا ً للطبيعة‪))Molefe, M. 2016. P. 94 .‬‬

‫االستبداد المجتمعي وأثره على اإلرادة الفردية‬


‫أن محاول‪##‬ة تحدي‪##‬د القواع‪##‬د األخالقي‪##‬ة ال‪##‬تي يتم تناوله‪##‬ا في الس‪##‬ؤال‪ ،‬م‪##‬اذا يجب علين‪##‬ا‬
‫كمجتمع أن نفعل؟ أو كيف يجب أن نتصرف؟‪ ،‬أن الطبيعة التشاركية للمجتمع‪##‬ات األفريقي‪##‬ة‬
‫التقليدية والتي يقول عنها وريدو إنها تنط‪##‬وي على االس‪##‬تبداد‪ ،‬له‪##‬ا بعض المزاي‪##‬ا وال تبط‪##‬ل‬
‫إمكانية االستدالل األخالقي‪ ،‬طبيعة المجتم‪##‬ع ومحاول‪##‬ة الن‪##‬اس للحف‪#‬اظ على المجتم‪#‬ع وال‪#‬تي‬
‫يعززها المجتمع كله هي المح‪##‬ددات الرئيس‪##‬ية للمب‪##‬ادئ األخالقي‪##‬ة ال‪##‬تي يس‪##‬تخدمها األف‪##‬راد‪.‬‬
‫ولمعرفة طبيعة األخالق والتفكير األخالقي لإلنس‪##‬ان في الثقاف‪##‬ات األفريقي‪##‬ة التقليدي‪##‬ة‪ ،‬يجب‬
‫أن نفهم مفهومهم عن الشخص والمجتمع‪ ،‬والذي سيتضح أن س‪##‬بب ك‪##‬ون األخالق والتفك‪##‬ير‬
‫األخالقي في أنظمة التفكير األفريقية إشارة إلى ما يجب أن نفعله كمجتمع بدل مما يجب أن‬
‫أفعله كفرد‪))Ikuenobe, p. 1998.p.26 .‬‬

‫يج‪##‬ادل وري‪##‬دو أن التقيي‪##‬د المجتمعي في المجتمع‪##‬ات األفريقي‪##‬ة وال‪##‬تي ينط‪##‬وي على‬


‫االستبداد يبطل استخدام العقل‪ ،‬القدرة على استخدام العق‪##‬ل ش‪##‬رطا ً مس‪##‬بقا ً للتفك‪##‬ير األخالقي‪،‬‬
‫االستبداد ينطوي على أشخاص يجبرون على فعل شيء ض‪##‬د إرادتهم‪ ،‬ل‪##‬ذلك يعطي وري‪##‬دو‬
‫أهمية كبيرة ألهمية اختيار الفرد واتخاذ القرارات‪ ،‬والحاجة إلى تبرير أي تدخل في اختيار‬
‫الفرد‪ ،‬لذلك يجادل وريدو بض‪##‬رورة التنمي‪##‬ة غ‪##‬ير المش‪##‬روطة إلرادة الف‪##‬رد وال‪##‬تي يمكن أن‬
‫يعرقلها االستبداد الذي يتضمن التالعب منقبل اآلخرين‪ ،‬وهكذا يجادل بأنه يمكن النظ‪#‬ر إلى‬
‫المجتم‪#‬ع على أن‪#‬ه س‪##‬لطوي بش‪##‬كل مث‪##‬ير لالش‪#‬مئزاز بق‪#‬در م‪#‬ا تك‪##‬ون إرادة الش‪#‬خص نتيج‪#‬ة‬
‫للتالعب من قبل اآلخرين‪)Ikuenobe, p. 1998.p. 35( .‬‬

‫وفق‪#‬ا ً لوري‪##‬دو إذن أن اإلنس‪##‬ان ال يس‪##‬تطيع تش‪##‬كيل شخص‪##‬يته األخالقي‪##‬ة بالكام‪##‬ل إال من‬
‫خالل خيارت‪##‬ه العقلي‪##‬ة‪ ،‬لكن منكي‪##‬تي‪ #‬ل‪##‬ه رأى آخ‪##‬ر؛ فاإلنس‪##‬ان ال يس‪##‬تطيع تش‪##‬كيل شخص‪##‬يته‬
‫األخالقية من خالل خيارته الخاصة وحدها ألن في ذل‪##‬ك تش‪##‬جيع على االنح‪##‬راف والفردي‪##‬ة‬
‫وهي س‪#‬مات تتع‪##‬ارض م‪##‬ع المث‪##‬ل األعلى األف‪#‬ريقي لم‪#‬ا ه‪#‬و علي‪#‬ه اإلنس‪##‬ان‪Ikuenobe, p.( .‬‬
‫‪)1998.p. 37‬‬

‫أخالق التحيز والحياد والتوفيق بينهما‬


‫مصطلح "التحيز" تقريبا ً يشير إلى أن لدينا فكرة واجبات سابقة أو حتى أك‪##‬بر تج‪##‬اه عالقتن‪##‬ا‬
‫الخاصة؛ و "الحيادية" هي التي يجب أن نعامل بها جمي‪##‬ع البش‪##‬ر علي ق‪##‬دم المس‪##‬اواة‪ .‬يكمن‬
‫التحدي هنا في التوفيق بين الواجبات التي تنشأ من السمات األخالقية القائمة على المس‪##‬اواة‬
‫والعالمية ‪ -‬فرضية الحياد؛ وتلك الناشئة عن عالقاتن‪##‬ا الخاص‪##‬ة – فرض‪##‬ية التح‪##‬يز‪ .‬التمي‪##‬يز‬
‫بين م‪##‬ا يس‪##‬ميه وري‪##‬دو "األخالق " و "األخالق" يس‪##‬مح بس‪##‬د الفج‪##‬وة بين التح‪##‬يز والنزاه‪##‬ة‪#.‬‬
‫تق‪##‬ديريا ً أن هن‪##‬اك عنص‪##‬ر أخالق يتواف‪##‬ق م‪##‬ع التح‪##‬يز‪ ،‬وان هن‪##‬اك عنص‪##‬ر األخالق يتم‪##‬يز‬
‫بحيادية‪ ،‬وان كال الجانبين من وظائف الوجود البشري الذي يتميز باالزدواجية كونه ج‪##‬زءا‬
‫من األسرة البشرية بأكملها واالنتماء أيضا ً إلى بعض األشخاص كمجموعة فرعية‪ .‬بالنس‪##‬بة‬
‫لوري‪###‬دو يتم تعري‪###‬ف األخالق ب‪###‬المعنى ال‪###‬دقيق للكلم‪###‬ة‪ ،‬تح‪###‬دد أس‪###‬اس من حيث الحي‪###‬اد؛‬
‫واهتمامات التحيز ليست أخالقية بحته لكن لكليهما أهمية حاسمة لكونهم‪##‬ا يتس‪##‬مان ب‪##‬وجهين‬
‫للوجود البشري تتمثل رؤية وري‪##‬دو في أن‪##‬ه ينبغي أن ن‪##‬درك الف‪##‬رق بين القض‪##‬ايا األخالقي‪##‬ة‬
‫"الصارمة"‪ ،‬وهي بطبيعتها محايدة‪ ،‬وبين القضايا األخالقية "الواسعة"‪ ،‬والتي تكون جزئي‪#‬ة‬
‫متحيزة‪ ،‬وف ًقا لـ وريدو‪ ،‬هي وظيفة لتتبع قاعدة عالمي‪##‬ة لتحقي‪##‬ق المس‪##‬اواة في رفاهي‪##‬ة جمي‪##‬ع‬
‫البشر؛ والتحيز يتتبع تلك القواعد العرفية التي هي محاولة محلية لفهم رفاهية اإلنسان‪.‬‬
‫إن األخالق بالمعنى الدقيق للكلمة لها سمة " االلتزام الجوهر العالمي"‪ :‬وهذه العب‪##‬ارة تش‪##‬ير‬
‫إلى أن األخالق مستقلة عن العقل ومستقلة عن الثقاف‪##‬ة‪ ،‬وبالت‪##‬الي ف‪##‬إن قواع‪##‬دها تحكم جمي‪##‬ع‬
‫العالقات اإلنسانية ‪" -‬األخالق بالمعنى ال‪##‬دقيق للكلم‪##‬ة هي نفس‪##‬ها في ك‪##‬ل مك‪##‬ان" من ناحي‪##‬ة‬
‫أخرى‪ ،‬تشير األخالق إلى فكرة أن "المجتمع ذات‪##‬ه ل‪##‬ه طرق‪##‬ه الخاص‪##‬ة لتنظيم الس‪##‬لوك‪ .‬هي‬
‫قاعدة خاصة بالثقافة لتنظيم التفاعالت البشرية والتي تنشأ في ض‪##‬وء الظ‪##‬روف‪ ،‬واألزم‪##‬ات‬
‫والف‪##‬رص في من‪##‬اطق معين‪##‬ة – وهي ليس‪##‬ت نفس‪##‬ها في ك‪##‬ل مك‪##‬ان وفي ض‪##‬وء ذل‪##‬ك‪ ،‬يمكنن‪##‬ا‬
‫مالحظة أن "األخالق" تشير إلى الحقائق األخالقي‪##‬ة الض‪##‬رورية‪ #‬للحي‪##‬اة البش‪##‬رية‪ ،‬دون مث‪##‬ل‬
‫هذه الحقائق األخالقية ستكون الحياة البشرية ككل في خطر‪ .‬هذه الحقائق األخالقية العالمية‬
‫أو المستقلة عن الثقافة يتم التقاطها بواسطة القاعدة الذهبية أو ما يشير إليه وريدو بـ "الحياد‬
‫التع‪##‬اطفي"‪ .‬من ناحي‪##‬ة أخ‪##‬رى‪ ،‬تش‪##‬ير "األخالق" إلى قواع‪##‬د الس‪##‬لوك البش‪##‬ري ال‪##‬تي تك‪##‬ون‬
‫مشروطة؛ بشكل أكثر تحدي ًدا‪ ،‬يشير إلى العادات الض‪##‬رورية "لل‪##‬ترتيب الجي‪##‬د لتف‪##‬اعالت أو‬
‫أنشطة بشرية محددة "‪ .‬وبالت‪##‬الي؛ تش‪##‬ير األخالق إلى قواع‪##‬د خاص‪##‬ة بمجموع‪##‬ة أو القواع‪##‬د‬
‫لتنظيم الحي‪##‬اة البش‪##‬رية في ه‪##‬ذه المجموع‪##‬ات؛ واألخالق تش‪##‬ير إلى "الق‪##‬وانين الض‪##‬رورية‬
‫(لجميع) السلوك البشري‪ .‬ويمكنني أن أضيف أن كليهما ضروري لحياة بشرية قوية‪.‬‬
‫سعى وريدو إلع‪##‬ادة هيكل‪##‬ة الخالف بين النظري‪##‬ة المجتمعي‪#‬ة والليبرالي‪##‬ة بش‪#‬أن الحق‪##‬وق‬
‫الفردية من خالل طرح مبدأ أخالقي عالمي؛ يسمي مبدأ الحي‪##‬اد التع‪##‬اطفي‪ ،‬بالنس‪##‬بة ل‪##‬ه؛ م‪##‬ا‬
‫نحتاج القيام به هو تحديد مبدأ للسلوك‪ ،‬بدونه ف‪##‬إن بق‪##‬اء المجتم‪##‬ع البش‪##‬ري في حال‪##‬ة مقبول‪##‬ة‬
‫سيكون أمر ال يمكن تصوره‪ .‬هذا المب‪##‬دأ ه‪##‬و مب‪##‬دأ الحي‪##‬اد الوج‪##‬داني ويتم التعب‪##‬ير عن‪##‬ه "دع‬
‫سلوكك يظهر في جميع األوقات اهتماما ً باآلخرين"‪)Wiredu. 1996. P. 29( .‬‬

‫إن الفك‪##‬ر األخالقي األف‪##‬ريقي يمكن تفس‪##‬يره على أفض‪##‬ل وج‪##‬ه من حيث التح‪##‬يز‪ ،‬وأح‪##‬د أهم‬
‫المف‪#‬اهيم المركزي‪#‬ة في األخالق األفريقي‪#‬ة ه‪#‬و مفه‪#‬وم "الشخص‪##‬ية"‪ .‬ه‪#‬ذا المفه‪#‬وم في ه‪#‬ذه‬
‫الحالة معياري بقدر ما هو ادعاء حول من هو الشخص الجيد أو نم‪##‬وذج أخالقي‪ ،‬أي ك‪##‬ائن‬
‫بش‪#‬ري يتم‪#‬يز بالفض‪#‬يلة األخالقي‪#‬ة‪ .‬يهتم مفه‪#‬وم الشخص‪#‬ية بكيفي‪#‬ة تص‪#‬رف الف‪#‬رد وفق‪#‬ا ً إلى‬
‫القواعد والمعايير األخالقية ذات الصلة؛ يقيم الم‪##‬رء باعتب‪##‬اره ف‪##‬اعالً أخالقي‪#‬اً‪Molefe, M.( .‬‬
‫‪)2016. P. 104‬‬

‫الشخصية األخالقية هي نوع من المكانة التي يجب بلوغها ويمكن بلوغها بالتناسب المباشر‬
‫مع مشاركة الفرد أو الحياة المجتمعية واالجتماعية من خالل الوفاء بالتزام‪##‬ات الف‪##‬رد‪ ،‬ال‪##‬تي‬
‫يح‪##‬ددها س‪##‬ن الف‪##‬رد ومكانت‪##‬ه‪ .‬في النظ‪##‬ام األخالقي للس‪##‬كان األفارق‪##‬ة األص‪##‬ليين‪ ،‬يق‪##‬ال إن‬
‫للشخص ثالثة مستويات من الوجود‪ ،‬اوال كفرد‪ ،‬وثانيا كعض‪##‬و في جماع‪##‬ة‪ ،‬وثالث‪##‬ا كعض‪##‬و‬
‫في مجتمع‪ ،‬وكلها تتفاعل وتتداخل باس‪##‬تمرار‪ .‬ول‪##‬ذلك ف‪#‬إن المجتم‪##‬ع األف‪##‬ريقي يعطي أهمي‪##‬ة‬
‫كبيرة للقيم المجتمعية‪ ،‬تلك القيم التي تدعم العالقات االجتماعية والسلوك وتوجههما‪ .‬مفهوم‬
‫الشخص في نظام الفكر األخالقي األف‪##‬ريقي يجس‪##‬د أيض‪#‬ا ً االفتراض‪##‬ات األخالقي‪##‬ة المس‪##‬بقة‪،‬‬
‫ويقال إن اإلنسان الشرير والقاسي واألناني وغير المتعاطف ليس إنساناً؛ ففي ثقاف‪##‬ة اليورب‪##‬ا‬
‫يسمي "إينيان" “‪ ”eniyan k’eyan‬وثقافة أكان يس‪#‬مي "أوني اونيب‪#‬ا" “‪”onnye onipa‬؛ كال‬
‫المفه‪##‬ومين يؤك‪##‬دان على فك‪##‬رة االفتق‪##‬ار إلى الشخص‪##‬ية األخالقي‪##‬ة‪ .‬فهي تم‪##‬يز بين مفه‪##‬وم‬
‫الشخص واإلنسان‪ .‬ويمكن للمرء أن يكون إنس‪##‬انا ً دون أن يك‪##‬ون إنس‪##‬اناً‪ ،‬ال س‪##‬يما أن هن‪##‬اك‬
‫مث‪##‬ل علي‪##‬ا ومع‪##‬ايير أخالقي‪##‬ة معين‪##‬ه أو س‪##‬لوكا شخص‪##‬يا يمنح‪##‬ه أو تمنح‪##‬ه "اومول‪##‬وابي" "‬
‫‪ "Omolúàbí‬في ثقافة اليوربا‪ ،‬وهو يعني "شخص حس‪##‬ن الس‪##‬لوك" ل‪##‬ه قيم أخالقي‪##‬ة أساس‪##‬ية‬
‫مثل الغفران وروح المصالحة وحسن الجوار والمساعدة والتسامح والتعايش الس‪#‬لمي وكله‪#‬ا‬
‫فض‪##‬ائل أخالقي‪##‬ة‪ .‬ل‪##‬ذلك ق‪##‬د نفس‪##‬ر االختالف‪##‬ات في ك‪##‬ل من القيم والنظم األخالقي‪##‬ة األفريقي‪##‬ة‬
‫واألوروبية كتلك الخاصة باالختالفات األنطولوجية الموجودة في مفهوم وطبيعة اإلنسان أو‬
‫الوجود‪ .‬في حين أن األفارق‪##‬ة جم‪##‬اعيين وعض‪##‬ويين ف‪##‬إن األوروب‪##‬يين لي‪##‬براليون وفردي‪##‬ون‪.‬‬
‫على الرغم من تعددية النظام االجتماعي والتعقيد وعدم التجانس في أفريقيا‪ ،‬ال ي‪#‬زال هن‪#‬اك‬
‫وحدة في الفكر والترابط‪)Azenabor. 2018. P. 165( .‬‬

‫إن المبدأ القائل بأن الشخص هو شخص من خالل أشخاص آخرين مفه‪##‬وم جي‪##‬د من الش‪##‬كل‬
‫الفلسفي‪ ،‬فهو ادعاء بأنه يجب على الم‪##‬رء أن يتط‪##‬ور إلى ش‪##‬خص حقيقي أو يعيش أس‪##‬لوب‬
‫حياة إنساني حقيقي‪ ،‬من خالل مشاركة أسلوب حياة وتحسين نوعية حياة اآلخرين وه‪##‬ذا م‪##‬ا‬
‫يقصده معظم األفارقة بكلم‪##‬ة الص‪##‬داقة أو الش‪##‬عور ب‪##‬الحب‪ .‬يالح‪##‬ظ ك‪##‬وامي جيكي ‪Kwame‬‬
‫‪ Gyekye‬أنه بالنسبة لشعب أكان يمكن القول بأن الفضائل المثالية واألخالقي‪##‬ة تش‪##‬مل الك‪##‬رم‬
‫واللطف والرحمة واإلحس‪##‬ان واالح‪##‬ترام واالهتم‪##‬ام ب‪##‬اآلخرين‪ ،‬ويش‪##‬ير بي‪##‬تر ب‪##‬اريس ‪Peter‬‬
‫‪ Paris‬أنه ال توجد فضيلة تحظى بالثناء الكبير بين األفارقة واألمريكيين األفارقة من فضيلة‬
‫اإلحسان ألنها تجسد هدف المجتمع‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن فضيلة اإلحسان تتضمن الكث‪##‬ير‬
‫من المعاني اإلنسانية الرائعة مثل الود والعطف والحب والتراحم والتسامح‪...‬إلخ‪ .‬أيضا ً دي‬
‫ماسلو ‪ D. Masolo‬ي‪##‬ري في أفريقي‪##‬ا جن‪##‬وب الص‪##‬حراء أن األعم‪##‬ال الخيري‪##‬ة وغيره‪##‬ا من‬
‫الفضائل مثل التأدب واإلحس‪##‬ان لآلخ‪##‬رين هي أك‪##‬ثر ج‪##‬وانب الممارس‪##‬ات والمث‪##‬ل الجماعي‪##‬ة‬
‫شهرة‪ ،‬إذن يظهر الشخص التميز البشري فقط بق‪##‬در م‪##‬ا يتمت‪##‬ع بس‪##‬مات شخص‪##‬ية تع‪##‬بر عن‬
‫تقدير العالقات المجتمعية أو الودية تل‪##‬ك ال‪##‬تي تتعل‪##‬ق بمش‪##‬اركة أس‪##‬لوب حي‪##‬اة م‪##‬ع اآلخ‪##‬رين‬
‫واالهتمام بنوعية حياتهم‪).p. 104 Metz, Thaddeus. 2012 ( .‬‬

‫يخبرنا وريدو أن هناك طريقة مؤكدة واحدة لفهم القيم التي تميز أخالقيات المجتمع‬
‫األفريقي يمكن الحصول عليها من مفه‪##‬وم الشخص‪##‬ية‪ .‬األخالق ب‪##‬المعنى ال‪##‬دقيق للكلم‪##‬ة هي‬
‫مجرد جانب واحد من جوانب حياتنا‪ ،‬من بين العديد من الج‪##‬وانب األخ‪##‬رى‪ .‬وبالت‪##‬الي؛ ف‪##‬إن‬
‫حديث وريدو عن األخالق األفريقية باعتبارها مجتمعيه وليس‪##‬ت فردي‪##‬ة كم‪##‬ا ه‪##‬و معت‪##‬اد في‬
‫السياق الغربي يوضح كي‪##‬ف تح‪##‬اول المجتمع‪##‬ات المختلف‪##‬ة معالج‪##‬ة بعض األس‪##‬ئلة الحاس‪##‬مة‬
‫المتعلق‪##‬ة بالحي‪##‬اة البش‪##‬رية وال‪##‬تي تتج‪##‬اوز نط‪##‬اق األخالق ب‪##‬المعنى ال‪##‬دقيق للكلم‪##‬ة يع‪##‬رّ ف‬
‫ً‬
‫أساس‪#‬ا يُفهم على أنه‪##‬ا إح‪##‬دى‬ ‫"المجتمعي‪##‬ة" على أنه‪##‬ا مجتم‪##‬ع تك‪##‬ون في‪##‬ه الهوي‪##‬ة الشخص‪##‬ية‬
‫وظائف عالقاتنا في المجتم‪##‬ع؛ وه‪##‬ذه العالق‪##‬ات ب‪##‬دورها‪ ،‬تول‪##‬د واجب‪##‬ات والتزام‪##‬ات لتعزي‪##‬ز‬
‫رفاهية المجتمع ككل‪ .‬في حين أن الفردية تعمل إلى حد كبير ضمن إطار يركز بش‪##‬كل ع‪##‬ام‬
‫على الخصوصية والحريات والحق‪##‬وق الفردي‪##‬ة‪ ،‬تؤك‪##‬د الجماعي‪##‬ة على واجباتن‪##‬ا ومس‪##‬ؤوليتنا‬
‫تج‪##‬اه اآلخ‪##‬رين باعتباره‪##‬ا األثق‪##‬ل‪ ،‬دون التخلي بالض‪##‬رورة عن حقوقنا‪ .‬إن ه‪##‬ذه التش‪##‬اركية‬
‫المجتمعية هي جوهر كيفية تنظيم األفارقة التقليديين لمجتمعاتهم‪ ،‬يفهم األفراد أنفس‪##‬هم أك‪##‬ثر‬
‫على أنهم يتحملون واجبات تجاه ع‪##‬ائالتهم وقب‪##‬ائلهم ومجتمع‪##‬اتهم‪ .‬إن الفش‪##‬ل في إتق‪##‬ان ه‪##‬ذه‬
‫القواعد العرضية التي تستلزم واجباتنا تجاه اآلخرين له آثارا خط‪##‬يرة على س‪##‬معة الم‪##‬رء أو‬
‫مكانته االجتماعية‪ .‬المفهوم المستخدم اللتقاط هذه الفك‪##‬رة من المكان‪##‬ة االجتماعي‪##‬ة المرتبط‪##‬ة‬
‫بكيفية نجاح أو فشل المرء في الوفاء بالتزاماته االجتماعية في السياق المجتمعي هو مفه‪##‬وم‬
‫الشخصية‪)Wiredu. 2008. P.333, 342( .‬‬

‫إن تحقيق الفضائل األخالقية المرتبطة بأخالقيات مجتمعية تؤهل الم‪##‬رء كش‪##‬خص‪ ،‬والفش‪##‬ل‬
‫في أداء هذه الواجبات المجتمعية تقلل منه إلى منزلة غير شخص‪ .‬يخبرنا وريدو ب‪##‬ذلك "إن‬
‫التقصير المطلق في الواجبات والمسؤوليات يمكن أن ي‪##‬ؤدي إلى التقلي‪##‬ل من مكان‪##‬ة الف‪##‬رد‬
‫كشخص في عيون المجتم‪##‬ع "‪ .‬ويخبرنا ك‪##‬ذلك "أن األفارق‪##‬ة يجعل‪##‬ون مهمتهم في الحي‪##‬اة‬
‫حتى ال يفقدوا مكانتهم االجتماعية في المجتمع"‪ .‬إذن مفهوم أكان المث‪##‬الي للشخص‪##‬ية‪ ،‬من‬
‫منظور اجتماعي‪ ،‬إنه تصور للفرد الذي من خالل التفكير الناضج والدافع الثابت قادر على‬
‫إيجاد سبل عيش كافية بشكل معق‪##‬ول لل‪##‬ذات واألس‪##‬رة ومجموع‪##‬ة واس‪##‬عة من األق‪##‬ارب‪ ،‬إلى‬
‫جانب تقديم مساهمات كبيرة لرفاهية المجتمع ككل‪ .‬التوجه المجتمعي للمجتمع المعنى يعنى‬
‫أن صورة الفرد سيعتمد بشكل حاسم على مدى فائدة أفعاله لآلخرين أك‪##‬ثر من نفس‪##‬ه‪ ،‬ليس‪،‬‬
‫بالطبع‪ ،‬عن طريق الصدفة أو بالصدفة ولكن عن قصد‪ .‬ومع ذلك ف‪#‬إن النص‪##‬يحة الض‪#‬منية‪،‬‬
‫ال تعبر عن إنكار الذات‪ ،‬ألن شعبا أكان يدركون جي ًدا أن األعمال الخيري‪##‬ة في أم‪##‬اكن أبع‪##‬د‬
‫يجب أن تبدأ من المنزل‪)Wiredu. 1992. P.200( .‬‬

‫ينتقل وريدو إذن من ال‪##‬ذات‪ ،‬إلى األس‪##‬رة‪ ،‬إلى "مجموع‪##‬ة واس‪##‬عة من األق‪##‬ارب الت‪##‬ابعين "‪،‬‬
‫وأخيراً للمجتمع ككل‪ .‬ومن المعقول قراءة وريدو على أنها تشير إلى أن قوة التزاماتن‪##‬ا تق‪##‬ل‬
‫كلما خرجنا من محيط واجبنا األول وهو تجاه أحبائنا القريبين منا مباشرة‪ ،‬وبعد ذلك يمكننا‬
‫االنتقال إلى األقارب وأخيرً ا إلى المجتمع ككل‪ .‬هذا التفسير لوري‪##‬دو يوض‪##‬ح فك‪##‬رة التح‪##‬يز‪.‬‬
‫والتحيز يمكن معرفته من خالل الترتيب السابق‪ ،‬علمًا بتأكي‪##‬ده أن القاع‪##‬دة ال‪##‬تي ترش‪##‬دنا في‬
‫أداء واجباتنا هي ذلك "الخيري‪##‬ة" وال‪#‬تي تب‪#‬دأ من الم‪#‬نزل‪ .‬إن مفه‪#‬وم األخالق إذن يتض‪#‬من‬
‫ترتيب‪#‬ا ً مجتمعي‪#‬ا ً يؤك‪##‬د على بعض االلتزام‪##‬ات والواجب‪##‬ات المنبثق‪##‬ة عن األخالق العام‪##‬ة‪ .‬إن‬
‫الواجبات االجتماعية حاسمة في اكتساب المرء بعض المكانة االجتماعية في المجتمع‪ ،‬وهو‬
‫ع‪##‬ادة م‪##‬ا يع‪##‬بر عنه‪##‬ا من خالل مفه‪##‬وم الشخص‪##‬ية‪ً .‬‬
‫أيض ‪#‬ا أن أح‪##‬د اآلث‪##‬ار الض‪##‬منية لفك‪##‬رة‬
‫الشخصية هي فكرة التحيز تجاه المقربين منا‪ ،‬ولكنها ال تحد من نطاقنا الواجبات األخ‪##‬رى‪.‬‬
‫إنه ببساطة يضع تسلساًل هرميًا أو أولويات بينهم‪.‬‬
‫إذن يميزاألفارقة الفرد الذي ال يتعامل بشكل إيجابي مع اآلخرين بأن‪##‬ه يفتق‪##‬ر إلى اإلنس‪##‬انية‪.‬‬
‫من المهم أن نالح‪##‬ظ أن مي‪22‬تز ي‪##‬ذكر أن ه‪##‬ذه الحال‪##‬ة الشخص‪##‬ية تتك‪##‬ون بالكام‪##‬ل من خالل‬
‫االرتب‪##‬اط اإليج‪##‬ابي المتعل‪##‬ق ب‪##‬اآلخرين‪ .‬تش‪##‬ير ه‪##‬ذه العالق‪##‬ة "اإليجابي‪##‬ة" م‪##‬ع اآلخ‪##‬رين إلى‬
‫واجباتنا المتعلقة باآلخر وبعبارة أخرى‪ ،‬ال يمكنني تحقي‪##‬ق ه‪##‬دفي في أن أص‪##‬بح شخص‪#‬ا ً إال‬
‫من خالل تعزيز الخير أو مصلحة اآلخر‪ .‬والقيام بهذه المسؤوليات والواجبات يشكل ب‪##‬دوره‬
‫هويتي األخالقية بصفتي شخصا‪ .‬وهكذا؛ فإن فكرة الشخصية تستدعي إلى األذه‪##‬ان أخالق ‪#‬ا ً‬
‫أخرى‪ ،‬فيما يتعلق بهذا اآلخر تقودني األخالق في النهاي‪##‬ة إلى تحقي‪##‬ق منزل‪##‬ة الشخص‪##‬ية‪(( .‬‬
‫‪.Molefe. 2017. P‬‬

‫هناك نوعان من التحيز الذي يتبعه المفه‪##‬وم المجتمعي األف‪##‬ريقي للشخص‪##‬ية‪ .‬وفق ‪#‬ا ً لوري‪##‬دو‬
‫يجب أن تبدأ األعمال الخيرية في المنزل‪ ،‬أنه تحيز متمركز حول اآلخر‪ .‬الن‪##‬وع الث‪##‬اني من‬
‫التحيز يستلزم التوجه واإلدراك الذاتي لمفهوم الشخصية‪ ،‬والذي يتض‪##‬من التح‪##‬يز المتمرك‪##‬ز‬
‫حول الفاعل‪ ،‬الذي يحققه المرء من خالل الوفاء بواجباته تجاه اآلخرين‪.‬‬

‫أما فيم‪##‬ا يتعل‪##‬ق بفك‪##‬رة األخالق والحي‪##‬اد أو النزاه‪##‬ة وال‪##‬تي تهتم ب‪##‬األخالق ب‪##‬المعنى ال‪##‬دقيق‬
‫للكلمة‪.‬‬
‫من األفضل تفسير نظرية وريدو األخالقية من منظور الرفاهية واالدعاء بأن الرفاهي‪##‬ة هي‬
‫القيمة الوحيدة التي يجب أن تأخذها النظري‪##‬ة األخالقي‪##‬ة على محم‪##‬ل الج‪##‬د‪ ،‬في النهاي‪##‬ة ومن‬
‫أجل مصلحته‪ ،‬الرفاهية هي افتراض مسبق غير قابل لالخ‪##‬تزال لك‪##‬ل األخالق‪ ،‬ك‪##‬ل مس‪##‬عى‬
‫أخالقي هو نوع معين من السعي وراء رفاهية اإلنسان‪ ،‬فحكمة أكان حول اآلراء األخالقي‪#‬ة‬
‫تفترض مواءمة المصالح كوسيلة‪ ،‬وضمان رفاهية اإلنسان كغاي‪##‬ة لك‪##‬ل المس‪##‬اعي األخالقية‬
‫ه‪##‬ذه الق‪##‬راءة لـ وري‪##‬دو ي‪##‬دعمها بعض مالحظات‪##‬ه؛ في البداي‪##‬ة‪ ،‬يف‪##‬ترض وري‪##‬دو أن رفاهي‪##‬ة‬
‫اإلنسان هي افتراض غير قابل لالختزال لكل األخالق ‪ #...‬كل مسعى أخالقي هو نوع معين‬
‫من الس‪#‬عي خل‪#‬ف رفاهي‪#‬ة اإلنس‪#‬ان‪ ،‬ويس‪#‬تمر في اإلش‪#‬ارة إلى أن "مب‪##‬دأ حكم‪##‬ة أك‪##‬ان ح‪##‬ول‬
‫وجهات النظر األخالقية على وجه التحديد التي يعرفها ‪ ...‬تفترض التوفي‪##‬ق بين المص‪##‬الح‬
‫كوسيلة‪ ،‬وضمان رفاهية اإلنسان كغاية‪ ،‬لكل مسعى أخالقي"‪Wiredu. 1996a. P. 65(( .‬‬

‫من هذين االقتباسين‪ ،‬ال شك في أن وريدو يفترض الرفاهية على أنها القاعدة األساسية التي‬
‫تستند إليها نظريته األخالقية‪ .‬هذا التفسير مدعوم بإشارته إلى الرفاهية باعتباره غ‪##‬ير قابل‪##‬ة‬
‫لالختزال لجميع األخالق‪ .‬إن اإلشارة إلى الرفاهية على أنها "غ‪##‬ير قابل‪##‬ة لالخ‪##‬تزال" يع‪##‬ني‬
‫ضمنا ً أنها كذلك حقيقة أخالقية أساسية‪ ،‬وأن جميع الحق‪##‬ائق (األخالقي‪##‬ة) األخ‪##‬رى تختزله‪##‬ا‪.‬‬
‫ثانيًا‪ ،‬لغة وريدو للتعبير عن الرفاهية كغاية وتنسيق بين المص‪##‬الح كوس‪##‬يلة تجس‪##‬د الرفاهي‪##‬ة‬
‫ضا كالخير النهائي‪ ،‬الهدف الصحيح لجمي‪##‬ع األعم‪##‬ال األخالقي‪##‬ة‪ .‬بعب‪##‬ارة أخ‪##‬رى‪ ،‬األفع‪##‬ال‬‫أي ً‬
‫الصحيحة والخاطئة هي وظيفة لتأمين رفاهية اإلنس‪##‬ان‪ ،‬أو أن األفع‪##‬ال ص‪##‬حيحة أو خاطئ‪##‬ة‬
‫بالنسبة إلى ما إذا كانت أنها في نهاية المطاف تحقق أو تحبط رفاهية اإلنسان‪ .‬يعتقد وري‪##‬دو‬
‫أن القاعدة الذهبية أو مبدأ الحياد التعاطفي يؤدي إلى رفاهية جميع البشر‪.‬‬
‫الرفاهية إذن قاعدة أساس‪##‬ية ترتك‪##‬ز عليه‪#‬ا جمي‪#‬ع األخالق‪ ،‬هي خاص‪##‬ية أخالقي‪#‬ة يمكنن‪#‬ا من‬
‫خالله‪##‬ا تق‪##‬ييم األفع‪##‬ال أو الشخص‪##‬يات األخالقي‪##‬ة‪ ،‬فجمي‪##‬ع القيم األخالقي‪##‬ة األخ‪##‬رى يمكن أن‬
‫تختزل إلى الرفاهية‪ ،‬بمعنى آخر؛ الحرية أو المس‪##‬اواة جي‪##‬دة ألنه‪##‬ا ت‪##‬ؤدى إلى الرفاهي‪##‬ة‪ ،‬إن‬
‫اإلشارة إلى الرفاهية كغاية يعني االدعاء بأنها خير مطلق‪ ،‬جوهر وه‪##‬دف األخالق‪ ،‬بمع‪##‬نى‬
‫أن األفعال بتكون صحيحة أو خاطئة بقد ما تنتج أو تؤدي إلى الرفاهية‪ .‬يمكننا اعتب‪##‬ار مب‪##‬دأ‬
‫وريدو أشبه بمذهب السعادة بمعنى أن الغاية من األخالق هو الوصول إلى مرحلة الرفاهي‪##‬ة‬
‫والسعادة‪ ،‬ومن جانب أخر يشبه مذهب المنفعة العامة كما صورها جيرمي بنتام‪.‬‬

‫القاعدة الذهبية في فلسفة وريدو األخالقية‬


‫القاعدة الذهبية و "الحياد التعاطفى" هما تعب‪##‬يران متكافئ‪##‬ان عن األخالق‪ .‬يعم‪##‬ل ه‪##‬ذا المب‪##‬دأ‬
‫على التنسيق أو تعديل المصالح البش‪##‬رية من أج‪##‬ل ض‪##‬مان رفاهي‪##‬ة اإلنس‪#‬ان‪ .‬لم‪##‬اذا يجب أن‬
‫تكون المصالح البشرية معدلة أو منسقة؟ تم العثور على إجابة هذا السؤال في شكل ص‪##‬ورة‬
‫فنية لتمساح برأسين ومعدة واح‪#‬دة‪ .‬الرس‪##‬الة ال‪##‬تي يتم توص‪#‬يلها هي أن‪#‬ه على ال‪#‬رغم من أن‬
‫أيض‪#‬ا مص‪##‬الح متض‪##‬اربة ت‪##‬ؤدي إلى نش‪##‬وب‬ ‫للبشر مصالح مشتركة جوهري‪##‬ة‪ ،‬إال أن ل‪##‬ديهم ً‬
‫صراعات حقيقية ‪ #...‬والهدف من األخالق ‪...‬هو‪ #‬التوفيق بين ذلك المص‪##‬الح المتض‪##‬اربة من‬
‫خالل التكيف المنهجي لتحقيق الصالح العام المتمثل في ضمان رفاهية الجميع‪.‬‬
‫وفقا ً لوري‪##‬دو أن تنس‪#‬يق المص‪#‬الح ه‪#‬و الوس‪#‬يلة‪ ،‬واله‪##‬دف من األخالق ه‪##‬و ض‪##‬مان رفاهي‪##‬ة‬
‫اإلنس‪##‬ان‪" .‬االنس‪##‬جام بين المص‪##‬الح البش‪##‬رية"‪ #‬يتم تفعيله‪##‬ا من خالل االحتك‪##‬ام إلى القاع‪##‬دة‬
‫الذهبية‪ ،‬والتي تهدف في النهاية إلى تحقيق الرفاهية‪ .‬يعطي وريدو عدة توض‪#‬يحات للقاع‪#‬دة‬
‫الذهبية‪ .‬في بعض الحاالت‪ ،‬يمثلها بشكل إيج‪##‬ابي مث‪##‬ل الق‪##‬ول دع س‪##‬لوكك يظه‪##‬ر في جمي‪##‬ع‬
‫األوقات االهتمام الواجب بمصالح اآلخرين ‪ ...‬يمكن أن يقال عن شخص م‪##‬ا أن‪##‬ه يع‪##‬بر عن‬
‫االهتم‪##‬ام ال‪##‬واجب بمص‪##‬الح اآلخ‪##‬رين إذا ك‪##‬ان يفك‪##‬ر في ت‪##‬أثير أفعال‪##‬ه على اهتمام‪##‬اتهم أو‬
‫مصالحهم‪ ،‬وفي بعض الحاالت‪ ،‬بشكل سلبي‪" :‬ال تفع‪##‬ل لآلخ‪##‬رين م‪##‬ا ال تفعل‪##‬ه ل‪##‬ك" وري‪##‬دو‬
‫ضا أن هذا المبدأ الحياد المتع‪##‬اطف‬ ‫يساوي القاعدة الذهبية بالحياد التعاطفي يخبرنا وريدو أي ً‬
‫يتطلب من‪##‬ا "أن نك‪##‬ون على اس‪##‬تعداد لوض‪##‬ع أنفس‪##‬نا في مك‪##‬ان اآلخ‪##‬رين‪Wiredu. 1992.(( .‬‬
‫‪P.194: 198‬‬
‫يؤكد وريدو أن هناك مبدأ اساسيا يقوم عليه اإلجماع األخالقي وهو تعديل اهتمام‪##‬ات الف‪##‬رد‬
‫لصالح اآلخرين حتى إذا كان التكلفة المحتملة هي إنكار الذات‪ #.‬وهذا يعني أن‪##‬ه بين مص‪##‬الح‬
‫الفرد والمجتمع يأتي مبدأ معين من اإلجماع‪ .‬وفقا ً لوريد ه‪##‬و في كث‪##‬ير من األحي‪##‬ان مس‪##‬تفيد‬
‫من اآلخرين أكثر من التضحية بالمصلحة الذاتية‪ .‬لذا فإن مصلحة الفرد محمية‪ .‬ولذلك ف‪##‬إن‬
‫توافق اآلراء هو ببس‪#‬اطة التوفي‪#‬ق بين المص‪##‬الح المتباين‪#‬ة والمتعارض‪##‬ة من خالل المراع‪##‬اة‬
‫الكافية لوجهة نظر جميع األطراف‪ .‬ويعبر عن ذلك على النحو التالي‪" :‬تواف‪##‬ق اآلراء ه‪##‬و‬
‫مسألة حل وسط والحل الوس‪#‬ط ه‪#‬و تع‪#‬ديل معين لمص‪#‬الح الف‪#‬رد إلى الض‪#‬رورة المش‪#‬تركة‬
‫لعمل شيء ما"‪ .‬هذا يعزز التعايش السلمي‪.‬‬
‫وهن‪##‬اك ش‪##‬روط مس‪##‬بقة لمب‪##‬دأ الحي‪##‬اد التع‪##‬اطفي‪ ،‬يكمن الش‪##‬رط األول للتواف‪##‬ق في تعاطفن‪##‬ا‬
‫األخالقي مع نوعنا‪ .‬لهذا السبب نتبنى في سلوكنا مبدأ "الحياد الوجداني" (التعاطف)‪ #.‬المبدأ‬
‫األساسي هنا هو دائما ً التصرف‪ #‬بطريقة تتجنب القيام بأشياء لها تأثير على اآلخرين‪ ،‬والتي‬
‫لن تكون موضع ترحيب لو كان المرء في نفس الموق‪##‬ف‪ .‬ل‪##‬ذا ف‪##‬إن النظري‪##‬ة تض‪##‬ع ض‪##‬وابط‬
‫على السعي وراء المصلحة الذاتية‪ .‬الشرط الثاني هو الرغبة في العيش في وئام مع بعضنا‬
‫البعض وتأمين رفاهي‪##‬ة الن‪##‬اس‪ .‬وهن‪##‬ا اإلجم‪##‬اع ه‪##‬و ح‪##‬ل وس‪##‬ط يق‪##‬وم على الرغب‪##‬ة والتف‪##‬اهم‬
‫واالتفاق‪ .‬ال يجب اعتبار االتفاق هنا إجماع على ما هو صحيح أو خط‪##‬أ أو ح‪##‬تى بش‪##‬أن م‪##‬ا‬
‫يجب فعله أو ال يجب القيام ب‪##‬ه‪ .‬يجب فق‪##‬ط أن يك‪##‬ون م‪##‬ا يجب القي‪##‬ام ب‪##‬ه"‪ .‬الش‪##‬رط المس‪##‬بق‬
‫الث‪##‬الث ه‪##‬و وج‪##‬ود المص‪##‬الح المش‪##‬تركة ال‪##‬تي تش‪##‬ترك فيه‪##‬ا جمي‪##‬ع البش‪##‬ر‪ -‬بش‪##‬كل أساس‪##‬ي‪،‬‬
‫األشخاص الذين يتش‪##‬اركون نفس المص‪##‬الح‪ #.‬عالوة على ذل‪##‬ك ف‪##‬إن اإلجم‪##‬اع أساس‪##‬ي للعم‪##‬ل‬
‫األخالقي من خالل المناقشات واألفكار العقالنية‪ .‬الشرط المسبق الرابع ال‪##‬ذي يعم‪##‬ل أيض‪#‬ا ً‬
‫كأساس لإلجماع هو مبدأ التعديل – تعديل مصلحة الف‪##‬رد لمص‪##‬الح المجتم‪##‬ع ح‪##‬تى ل‪##‬و كلف‪##‬ه‬
‫إنكاراً للذات‪ .‬تم تحليل هذا المبدأ وفقا ً لمبدأ "القاعدة الذهبية" في األخالق األفريقي‪##‬ة بالنس‪##‬بة‬
‫لوريدو فإن اإلجماع هو التوفيق بين المصالح المتباينة من أجل مجتمع مس‪##‬تقر‪ .‬وبن‪##‬ا ًء على‬
‫ما تقدم يتضح أن نظرية وريدو األخالقي‪##‬ة في جوهره‪##‬ا ذات أبع‪##‬اد اجتماعي‪##‬ة‪Azenabor.( .‬‬
‫‪)2018. P.159, 160‬‬

‫ومن الجدير باالهتمام مالحظة أن هذه النظرية األخالقي‪##‬ة له‪##‬ا جانب‪##‬ان‪ .‬من ناحي‪##‬ة‪ ،‬األخالق‬
‫هي وظيف‪##‬ة من بعض علم النفس األخالقي المع‪##‬بر عن‪##‬ه من خالل فض‪##‬ائل التع‪##‬اطف‪ ،‬ومن‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬هناك عنصر الحياد‪ .‬فيما يتعلق بالتعاطف‪ ،‬يخبرن‪##‬ا وري‪##‬دو أن‪##‬ه ك‪##‬ذلك "أص‪##‬ل‬
‫جميع الفضائل األخالقية"‪ .‬الجانب الثاني يتعلق إلى حد كبير بمدى إظهار التع‪##‬اطف‪ .‬وه‪##‬و‬
‫متساو لجميع الن‪##‬اس‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ليس تعاطفا مخصصا لمجموعة فرعية من الناس بل أنه يتجلى بشكل‬
‫ينص مبدأ وريدو على أن فضيلة التعاطف يجب أن تظهر على قدم المساواة مع كل إنسان‪،‬‬
‫ومن هنا يسمي نظريته بالحي‪##‬اد التع‪##‬اطفي‪ .‬بعب‪##‬ارة أخ‪##‬رى‪ ،‬نحن بحاج‪##‬ة إلى االهتم‪##‬ام بنفس‬
‫القدر برفاهية كل إنسان أو أن تعاطفنا يجب أال يميز بين البشر‪)Wiredu.1996. p. 71( .‬‬
‫لكن كي‪##‬ف يمكنن‪##‬ا التوفي‪##‬ق بين ه‪##‬اتين الس‪##‬متين المتف‪##‬اوتتين لفلس‪##‬فة وري‪##‬دو األخالقي‪##‬ة‪،‬‬
‫التش‪##‬اركية اإلفريقي‪##‬ة باعتباره‪##‬ا أخالقي‪##‬ة‪ ،‬والحي‪##‬اد التع‪##‬اطفي ال‪##‬ذي يعت‪##‬بره بمثاب‪##‬ة أص‪##‬ل‬
‫األخالق؟‬
‫إن طرح هذا السؤال يتطلب سد الفج‪#‬وة بين التح‪#‬يز والحي‪#‬اد‪ ،‬على األق‪#‬ل في ض‪#‬وء فلس‪#‬فة‬
‫وري‪##‬دو األخالقي‪##‬ة‪ ،‬ال‪##‬تي له‪##‬ا آثاره‪##‬ا على لغ‪##‬ز التح‪##‬يز والحي‪##‬اد بش‪##‬كل أوس‪##‬ع في الفلس‪##‬فة‬
‫األخالقية‪ .‬يتضمن حل وريدو تقدير حقيق‪##‬ة أن ه‪##‬ذين األم‪##‬رين ال يختلف‪##‬ان أو ال يتعارض‪##‬ان‬
‫بالضرورة مع بعض‪##‬ها البعض‪ .‬في الواق‪##‬ع‪ ،‬الفك‪##‬رة هي أن اعتب‪##‬ارات الحي‪##‬اد هي األساس‪##‬ية‬
‫وان التحيز تكميلية‪ .‬ه‪##‬ذا يع‪##‬ني أن األخالق ب‪#‬المعنى ال‪##‬دقيق للكلم‪##‬ة تس‪##‬تجيب لوق‪##‬ائع البش‪##‬ر‬
‫كجزء من األسرة البشرية بأكملها‪ ،‬واألخالق في نطاقه‪##‬ا الواس‪##‬ع تس‪##‬تجيب لوق‪##‬ائع اإلنس‪##‬ان‬
‫كجزء من بعض المجموعات الفرعية‪ .‬هذان الجانبان من الوجود البش‪##‬ري ض‪##‬روري لحي‪##‬اة‬
‫بشرية قوية أو حتى كاملة‪ .‬تعد االعتبارات المتعلقة بكونك جزءًا من الجنس البشري بأسره‬
‫أساسا ً بقدر ما تعمل كأساس لت‪##‬أمين أو ض‪##‬مان اس‪##‬تمرارية المش‪##‬روع البش‪##‬ري‪ .‬إنه‪##‬ا بمثاب‪##‬ة‬
‫القواعد األخالقية التي تنطبق على جميع الثقافات البشرية والتي تعتمد عليها جميع الثقاف‪##‬ات‬
‫البشرية‪ .‬تنطلق هذه القواعد من حقيقة المساواة في مصالح جميع البشر‪ .‬وله‪##‬ذا الس‪##‬بب من‬
‫األفضل تفسير هذه القواعد على أس‪#‬اس ع‪#‬دم التح‪#‬يز‪ .‬وله‪#‬ذا الس‪#‬بب بال‪#‬ذات يص‪#‬ف وري‪#‬دو‬
‫نظريته األخالقية‪ ،‬كما ذكر سابقاً‪ ،‬بالحياد الوجداني‪ ،‬مما يشير إلى أنن‪##‬ا يجب أن ينظ‪##‬ر إلى‬
‫رفاهية جميع البش‪##‬ر على ق‪##‬دم المس‪##‬اواة‪ ،‬ومن هن‪##‬ا ف‪#‬إن اإلص‪##‬رار على الحي‪##‬اد ه‪##‬و الج‪##‬انب‬
‫التنظيمي لمبدأ العمل الصحيح‪))Molefe. 2017. P. 478 .‬‬

‫لكن‪ ،‬وريدو يدرك أيضا ً أن اإلنسان ال يوجد فقط كعض‪##‬و في ك‪##‬ل المجتم‪##‬ع البش‪##‬ري‪ ،‬ولكن‬
‫ضا كعضو في بعض المجموعات الفرعية مثل العائلة واألصدقاء وم‪##‬ا إلى ذل‪##‬ك‪ .‬ال‪##‬ذي –‬ ‫أي ً‬
‫التي هو‪ ،‬أن يولد اإلنسان ألم وأب معينين‪ ،‬في عائلة معينة‪ ،‬في أسرة معينة في ثقافة معينة‬
‫وما إلى ذلك‪ .‬تمامًا مثل الحياة البشرية في بعدها العالمي لديها أخالقيات تنظمه‪##‬ا‪ ،‬ح‪##‬تى في‬
‫بعد المجموعة الفرعية فإنها تتطلب أنظم‪##‬ة تس‪##‬تجيب لخصوص‪##‬ية ه‪##‬ذا الج‪##‬انب من الوج‪##‬ود‬
‫اإلنساني‪ .‬ق‪#‬د يتس‪#‬اءل البعض هن‪#‬ا لم‪#‬اذا ال يتم التس‪#‬لح ب‪##‬األخالق لتنظيم الحي‪#‬اة البش‪##‬رية في‬
‫حياتها في المجموعة الفرعية‪ .‬تسعى النزاهة الوجدانية بش‪##‬كل أساس‪##‬ي إلى مراع‪##‬اة رفاهي‪##‬ة‬
‫الجميع على قدم المساواة ألن كل إنسان يتساوى في مصلحته مع اآلخرين‪ .‬والقيمة إلعطاء‬
‫األولوية لوظائف األسرة أو األصدقاء في إطار التحيز‪ ،‬حيث يضع الم‪##‬رء األولوي‪##‬ة لعائلت‪##‬ه‬
‫بسبب حقائق االنتماء إلى ه‪##‬ذه المجموع‪##‬ة الفرعي‪##‬ة‪ .‬لكن وري‪##‬دو على علم بـحدود األخالق‬
‫بالمعنى الدقيق للكلمة‪ .‬في هذا التفكير ينشأ الحياد والتحيز على وجه التحدي‪##‬د بس‪##‬بب طبيع‪##‬ة‬
‫ووظيفة ما يعنيه أن تكون إنسا ًنا‪ :‬عضو في كل ومجموعة فرعي‪##‬ة في نفس ال‪##‬وقت‪ .‬الجس‪##‬ر‬
‫الذي يقترحه وريدو يرقى إلى مجرد تقدير ازدواجية الوجود البشري‪ .‬في وجودها‪ ،‬إذا كان‬
‫لها أن تكون قوية وصادقة لما يعنيه أن تكون انسانا‪ ،‬فيجب أن يتح‪##‬دث عن وجوده‪##‬ا داخ‪##‬ل‬
‫كل وداخل مجموعة فرعية‪ .‬وبالت‪##‬الي‪ ،‬الحي‪##‬اد والتح‪##‬يز هم‪##‬ا من الس‪##‬مات الحاس‪##‬مة للوج‪##‬ود‬
‫البشري نفسه‪))Ibid, p.479 .‬‬

‫لكن م‪##‬اذا يح‪##‬دث عن‪##‬دما يتع‪##‬ارض الحي‪##‬اد والتح‪##‬يز؟ يمكن ح‪##‬ل الم‪##‬أزق بينهم‪##‬ا من منظ‪##‬ور‬
‫أخالقي أفريقي لم يتم استكشافه جي ًدا‪ .‬يتعامل الحياد مع القضايا األخالقية المناسبة التي له‪##‬ا‬
‫عالقة ببقاء البشر على هذا النحو‪ ،‬ويتعامل التحيز م‪##‬ع قض‪##‬ايا معين‪##‬ة من الوج‪##‬ود اإلنس‪##‬اني‬
‫ليست أخالقية بحتة‪ .‬المجاالت العالمية تتميز بالحياد‪ ،‬ويتميز مي‪##‬دان الخصوص‪##‬ية ب‪##‬التحيز‪.‬‬
‫كالً من التحيز وعدم التحيز سمتان مميزتان للوجود اإلنساني؛ واحداً يهتم برفاهية البش‪##‬رية‬
‫جمع‪##‬اء‪ ،‬وآخ‪##‬ر يهتم بتس‪##‬هيل الرفاهي‪##‬ة على مس‪##‬توى المجموع‪##‬ات الفرعي‪##‬ة‪ .‬إذن يمكن س‪##‬د‬
‫الفج‪#‬وة بين االث‪#‬نين ب‪##‬القول إن كليهم‪##‬ا س‪##‬مات أساس‪#‬ية للوج‪#‬ود البش‪##‬ري‪ .‬يتم تنظيم اإلنس‪#‬ان‬
‫كعض‪##‬و في األس‪##‬رة البش‪##‬رية بم‪##‬وجب قواع‪##‬د المس‪##‬اواة‪ ،‬وكعض‪##‬و في مجموع‪##‬ة فرعي‪##‬ة يتم‬
‫تنظيمها من خالل القواعد التي تسبب التحيز‪))Molefe. 2017. P. 480 .‬‬

‫يف‪##‬ترض وري‪##‬دو أن‪##‬ه في حال‪##‬ة وج‪##‬ود تض‪##‬ارب في المص‪##‬الح‪ ،‬هن‪##‬اك تواف‪##‬ق بين المص‪##‬الح‬
‫المتعارضة‪ ،‬الن مصلحتنا المشتركة في البقاء هي التي تجبرن‪##‬ا على التوفي‪##‬ق بين المص‪##‬الح‬
‫المختلفة‪ .‬يمكن فهم نظرية وريدو أيضا ً على خلفية التوجه األخالقي األف‪##‬ريقي وه‪##‬و مش‪##‬تق‬
‫من األنطولوجيا األفريقي‪##‬ة‪ .‬يس‪##‬عى الوج‪##‬ود األنطول‪##‬وجي إلى تعزي‪##‬ز فض‪##‬ائل مث‪##‬ل التع‪##‬اون‬
‫والتفاهم والتضامن والمسؤولية الجماعية واالنسجام والمعاملة بالمث‪##‬ل واالل‪##‬تزام والمس‪##‬اعدة‬
‫المتبادلة والقيم المجتمعية وحب األخرين وتع‪##‬ديل المص‪##‬الح الفردي‪##‬ة م‪##‬ع مص‪##‬الح المجتم‪##‬ع‪.‬‬
‫لذلك توفر األنطولوجيا خلفية مشتركة للتفاهم والعالق‪##‬ات‪ .‬يجب جم‪##‬ع مص‪##‬الح ك‪##‬ل ف‪##‬رد من‬
‫أفراد المجتمع ومن ثم سيتم النظر في مصلحة األغلبية أو ترجيح المصلحة وسيتم التضحية‬
‫بمصالح األقليات من أجل المص‪##‬لحة األك‪##‬بر‪ .‬ه‪#‬ذا ه‪##‬و أس‪#‬اس الحري‪##‬ة والعدال‪#‬ة والتض‪##‬امن‪.‬‬
‫نقطة أخرى مثمرة في نظرية وريدو األخالقية هي فكرته عن المص‪##‬الحة‪ .‬مح‪##‬ور نظريت‪##‬ه‪.‬‬
‫تم النظر إلى هذه الفكرة على أنه‪##‬ا عالمي‪##‬ة وله‪##‬ا آث‪##‬ار بعي‪##‬دة الم‪##‬دى على األخالق العالمي‪##‬ة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن تقدير موقف وريدو بش‪##‬كل أفض‪##‬ل على خلفي‪##‬ة إدراك إن‪##‬ه ال يمكن‬
‫بسهولة وضع قاعدة أخالقية صالحة عالمياً‪ ،‬وذلك تحديداً بسبب المجتمع المتعدد األع‪##‬راق‪.‬‬
‫وهذا هو السبب في الحاجة إلى توافق اآلراء بين جميع المعنيين أو المتض‪##‬ررين‪ .‬غ‪##‬ير أن‪##‬ه‬
‫من وجهة نظرغارنيس ‪ Graness‬فإن نظرية التوافق في اآلراء التي وضعها وري‪##‬دو يمكن‬
‫أن تصبح عالمية‪ ،‬خاص‪#‬ة وأنه‪#‬ا "تق‪#‬وم على المص‪#‬الحة ال‪#‬تي ت‪#‬وفر أساس‪#‬ا ً علمي‪#‬ا ً للوس‪#‬طية‬
‫السلمية ذات المصلحة المختلفة"‪).P. 162,167) Azenabor .2018 .‬‬

‫إن مب‪##‬دأ القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة وعالمي‪##‬ة وري‪##‬دو يمكن مقارنته‪##‬ا بش‪##‬كل إيج‪##‬ابي م‪##‬ع مب‪##‬دأ عالمي‪##‬ة‬
‫إيمانويل كانط في كتابه تأسيس ميتافيزيقا األخالق ومحاضرات حول األخالق‪ ،‬حيث يقترح‬
‫نهجا ً جديداً لألخالق ‪ Ethics‬واألخالق ‪ Morality‬من خالل محاولة تأس‪##‬يس المب‪##‬دأ االس‪##‬مي‬
‫أو األس‪##‬اس األخالقي وتص‪##‬بح الحتمي‪##‬ة القاطع‪##‬ة بالنس‪##‬بة لكان‪##‬ط‪ ،‬مب‪##‬دأ الش‪##‬مولية‪ .‬وتتلخص‬
‫عالمية كانط فيما يلي‪:‬‬
‫القاعدة األولى‪ ،‬قاعدة (التعميم) ومضمنها "أفعل طبقا للقاع‪##‬دة ال‪##‬تي يمكن‪##‬ك في نفس ال‪##‬وقت‬
‫أن تريدها قانونا عاما" (كانط‪ ،2020 ،‬ص ‪ .)93‬والغاية من التعميم هو اإلنسان‪ ،‬وهو مض‪##‬مون‬
‫القاعدة الثانية‪ ،‬قاعدة (الغائية) والتي تقول "أفع‪#‬ل بحيث تعام‪##‬ل اإلنس‪#‬ان دائم‪##‬ا في شخص‪##‬ك‬
‫وفي غيرك من األشخاص باعتبارها غاية في ذاتها ال باعتبارها مجرد وسيله" (كانط‪،2020 ،‬‬
‫ص ‪ .)109‬وفقا ً لكانط‪ ،‬علينا أن نعامل أنفس‪##‬نا وأن نعام‪##‬ل اآلخ‪##‬رين دائم‪##‬ا باعتب‪##‬ارهم غاي‪##‬ات‬
‫وليس باعتبارهم مجرد وسائل‪ .‬ومن خالل اإلرادة باعتبارها تعبيرا عن العق‪##‬ل مص‪##‬در ك‪##‬ل‬
‫قانون‪ ،‬ال يصبح القانون مفروضا ً عليها من أي س‪##‬لطة خارجي‪##‬ة ألنه‪##‬ا هي ال‪##‬تي تض‪##‬ع ه‪##‬ذا‬
‫الق‪##‬انون وتفرض‪##‬ه على نفس‪##‬ها وعلى ه‪##‬ذا النح‪##‬و نص‪##‬ل الي القاع‪##‬دة الثالث‪##‬ة وهي (الحري‪##‬ة)‬
‫ومضمونها "أفعل بحيث تستطيع إرادتك في نفس الوقت أن تعتبر نفسها مشرعا لقانون ع‪##‬ام‬
‫من خالل قاعدتها"‪)Kant, 1994, p.259( .‬‬

‫إن الحتمية األخالقية للتعميم‪ ،‬وفقا ً لكانط قاطعة؛ يجب أن تكون ملزمة للجميع بنفس القدر‪.‬‬
‫بالنسبة إلى كانط فإن كل المفاهيم األخالقية لها مكانها واص‪##‬لها بالكام‪##‬ل في العق‪##‬ل البش‪##‬ري‬
‫الخالص‪ .‬وهكذا بالنسبة لكانط ال يوجد معطي للق‪##‬انون أو مؤل‪##‬ف لألخالق خ‪##‬ارج اإلنس‪##‬ان‪.‬‬
‫بما أن العقل يمنح اإلنسان القدرة على أن يك‪##‬ون أخالقي ‪#‬ا ً وأن يل‪##‬تزم بالق‪##‬انون‪ ،‬ي‪##‬ترتب على‬
‫ذلك أن األخالق بالنسبة لإلنسان هي واجب ذاتي وهذا هو المقصود ب "الحتمية"‪ .‬الحتمي‪##‬ة‬
‫هي قاعدة تنص على مبدأ ع‪##‬المي لألخالق‪ ،‬يه‪##‬دف الي تحقي‪##‬ق العدال‪##‬ة‪ ،‬أو م‪##‬ا أطل‪##‬ق علي‪##‬ه‬
‫كانط "مملكة الغايات العالمية"‪ ،‬إن موقف كانط القائل بعدم وجود معطي للقانون أو واض‪##‬ع‬
‫لألخالق خارج اإلنسان له صلة وجودية‪ .‬ي‪##‬دفع كان‪##‬ط عن عقالني‪##‬ة اإلنس‪##‬ان كامل‪##‬ة ويط‪##‬ور‬
‫فكرة االستقاللية األخالقية‪ ،‬التي تهدف إلى فضح نظرية مذهب القانون الطبيعي القائلة ب‪##‬أن‬
‫هللا أو اإلنسان الخارق أو الروحاني هو منشأ األخالق‪).P. 236) Azenabor .2008 .‬‬

‫يتفق كل من القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة وقاع‪##‬دة كان‪##‬ط للتعميم في أنهم‪##‬ا قواع‪##‬د عقالني‪##‬ة واجتماعي‪##‬ة؛‬
‫كالهما مبادئ العقل‪ .‬القاعدة الذهبية هي أكثر إنسانية وتصف األخالق بش‪##‬كل أفض‪##‬ل‪ .‬وم‪##‬ع‬
‫ذلك‪ ،‬ف‪#‬إن القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة‪ ،‬علي عكس مب‪##‬دأ التعميم الك‪##‬انطي‪ ،‬هي ليس‪##‬ت قاع‪##‬دة للتعميم أو‬
‫التطبيق الشامل‪ ،‬بل إنها تتعامل مع مواقف معي‪##‬ه بحيث تح‪##‬دد ك‪##‬ل قاع‪##‬دة التط‪##‬بيق الخ‪##‬اص‬
‫بها‪ .‬فهناك اختالف بين مبدأ القاعدة الذهبية ومبدأ القابلية للتعميم عند كانط‪ .‬الفرق الرئيس‪##‬ي‬
‫بينهما هو أنه في حين أن القاعدة الذهبية تبدأ من الذات وتأخذ بعين االعتبار عواقب ال‪##‬ذات‬
‫أوالً‪ ،‬فإن مبدأ الشمولية من ناحية أخرى‪ ،‬يبدأ من اآلخر ويأخ‪#‬ذ في االعتب‪#‬ار الع‪#‬واقب على‬
‫اآلخر أوالً وقبل الذات‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬فإن مبدأ القاعدة الذهبية يتجاوز ال‪##‬ذات ويمت‪##‬د إلى‬
‫مص‪##‬لحة اآلخ‪##‬رين – األص‪##‬دقاء والعائل‪##‬ة والمجتم‪##‬ع من أج‪##‬ل التع‪##‬اون والتض‪##‬امن‪ #.‬بالنس‪##‬بة‬
‫للقاعدة الذهبية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لكانط‪ ،‬فإن استخدام إنس‪##‬ان لإلنس‪##‬ان كوس‪##‬يلة لتحقي‪##‬ق‬
‫غاية هو أمر غير أخالقي‪ .‬كانط يدعونا إلى معامل‪##‬ة اآلخ‪##‬رين على أنهم غاي‪##‬ات وليس أب‪##‬داً‬
‫وسيلة‪ ،‬وهو تعزيز المصلحة الذاتية للفرد‪).P. 238) Azenabor .2008 .‬‬

‫نقد نظرية وريدو األخالقية‬


‫هناك من يرى أن مبدأ وريدو للحياد العاطفي غير مهم وفق‪#‬ا ً لالس‪##‬تراتيجية ال‪##‬تي نص‪##‬ح‬
‫بها منكيتي في مقالته "الفلسفة والدولة في أفريقيا"‪ ،‬حيث الح‪##‬ظ منكي‪##‬تي أن‪##‬ه في العدي‪##‬د من‬
‫الدول األفريقية اليوم هناك مجتمعات عرقي‪##‬ة ولغوي‪##‬ة متع‪##‬ددة تتع‪##‬ارض معتق‪##‬داتها الثقافي‪##‬ة‪،‬‬
‫وبالتالي لديها مصالح متباينة تثبت أنها عقبة أمام ظهور هيئة سياسية موحدة بشكل صحي‪،‬‬
‫هذا الوضع يحمل أمالً ضئيالً إلمكانية تنسيق النوايا المتعددة لمواطن معين من خالل نظ‪##‬ام‬
‫معتقد أخالقي أو عرفي موحد‪)Hallen, Barry. 2015. P.5( .‬‬

‫كما يناقش ثاد ميتز ‪ Thad Metz‬بشكل نقدي نظرية وريدو األخالقي‪##‬ة للحي‪##‬اد الع‪##‬اطفي‬
‫كمثال مفيد في الخطاب األخالقي األفريقي‪ ،‬لكنه ال يقدم وصفا ً تفصيليا ً لطبيع‪##‬ة "المنفع‪##‬ة"‬
‫المقصودة والتي يفترض ببساطة أنها شبيهة‪ ،‬بمذهب المنفعة الغربي‪ ،‬كما انتقد مي‪##‬تز أيض ‪#‬ا ً‬
‫حيادية وريدو ورفض القاعدة الذهبية باعتبارها غير محددة كمبدأ للعمل الصحيح ‪Molefe,( .‬‬
‫‪)M. 2016. P. 92‬‬

‫ومن وجهة نظر موليفي ‪ Molefe‬ينتقد النزعة اإلنسانية والحيادية ل‪##‬دي وري‪##‬دو إليمان‪##‬ه‬
‫بأن أفضل طريقة للمعرفة األخالقية األفريقية هي مناشدة بعض االعتبارات الديني‪##‬ة المتبع‪##‬ة‬
‫في فكر جون مبيتي‪ ،‬ينتقد موليفي وريدو نظراً ألنه لم يقدم سببا ً فلس‪##‬فيا ً جي‪##‬داً لالعتق‪##‬اد ب‪##‬أن‬
‫األخالق ال يمكن أن تستند إلى اعتبارات دينية أو أنه يجب أن تق‪##‬وم على اعتب‪##‬ارات مادي‪##‬ة‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالحي‪##‬اد يعتق‪##‬د م‪##‬وليفي أن الب‪##‬ديهيات األخالقي‪##‬ة األفريقي‪##‬ة مث‪##‬ل الص‪##‬دقة تب‪##‬دأ من‬
‫المنزل وأنها توحي بأن األخالق في الفكر األفريقي تم أخذها بشكل أفضل من حيث التح‪##‬يز‬
‫وه‪##‬و اعتب‪##‬ار أخالقي يتع‪##‬ارض م‪##‬ع مب‪##‬دأ وري‪##‬دو األخالقي والمتمث‪##‬ل في الحي‪##‬اد التع‪##‬اطفي‪.‬‬
‫‪))Molefe, M. 2016. P. 93‬‬

‫إن إنسانية وريدو تنبع من بعض األقوال المأثورة من أك‪##‬ان وال‪##‬تي تق‪##‬ول ب‪##‬أن جمي‪##‬ع البش‪##‬ر‬
‫يحملون كل القيم األخالقية بمعنى يمكن اشتقاق كل القيم األخالقية من البشر‪ ،‬ذلك ص‪##‬حيحا ً‬
‫من الناحية األنثروبولوجي‪##‬ة‪ ،‬فالن‪##‬اس بالفع‪##‬ل في أك‪##‬ان يعتق‪##‬دون ذل‪##‬ك‪ ،‬وبالتأكي‪##‬د ق‪##‬د يؤس‪##‬س‬
‫الفيلسوف فلسفته في مثل هذه البيانات األخالقية األنثروبولوجي‪##‬ا‪ .‬لكن كفالس‪##‬فة ف‪##‬إن مهمتن‪##‬ا‬
‫ليست مجرد تحليل ما يتضمنه بعض البيانات األنثروبولوجية األخالقية فيم‪##‬ا يتعل‪##‬ق بمس‪##‬ألة‬
‫األخالق‪ ،‬يتطلب المعيار الفلسفي إثبات صحة االدعاء المعنى بأن "البشر يحملون ك‪##‬ل القيم‬
‫األخالقية"؛ ال يكفي تحليل معناه بل نحن بحاجة إلى أس‪##‬باب وأدل‪##‬ة على م‪##‬ا إذا ك‪##‬ان اعتق‪##‬اد‬
‫أكان في الواقع صحيح من الناحية الفلسفية‪))Molefe, M. 2016. P. 100 .‬‬
‫أيضا ً على الرغم من روعة وعظمة نظرية وريدو إال أن هناك نقاط مش‪##‬كوك فيه‪##‬ا حيث تم‬
‫مهاجمة عالمية وريدو؛ أن االدع‪##‬اء بص‪##‬حة اإلجم‪##‬اع ال‪##‬ذي تم التوص‪##‬ل إلي‪##‬ه في المناقش‪#‬ات‬
‫األخالقية ومحاولة وضع معايير عالمية للمعايير األخالقية موضع شك عندما يتعل‪##‬ق األم‪##‬ر‬
‫بادع‪##‬اء الحقيق‪##‬ة‪ .‬اإلجم‪##‬اع ال يمكن أب‪##‬دا أن ي‪##‬دعي الص‪##‬الحية العالمي‪##‬ة أو ص‪##‬حة الحكم‬
‫األخالقي‪ .‬إن تعددية وجهات النظر العالمي‪##‬ة وأنظم‪##‬ة القيم واألفك‪##‬ار ح‪##‬ول "الحي‪##‬اة الطيب‪##‬ة"‬
‫تجعل من المستحيل إيجاد توافق آراء صحيحة فيما بين المواضيع في الخطاب‪##‬ات األخالقي‪##‬ة‬
‫العملية‪ .‬ولذلك فإن حقيقة التوافق العالمي في اآلراء مس‪##‬ألة إش‪##‬كالية وذل‪##‬ك تحدي‪##‬داً ألن القيم‬
‫األخالقية ثقافي‪##‬ة‪ .‬ال يوج‪##‬د معي‪##‬ار أخالقي مس‪##‬تقل يمكن تطبيق‪##‬ه على جمي‪##‬ع الثقاف‪##‬ات جمي‪##‬ع‬
‫األماكن وجميع الش‪#‬عوب في جمي‪#‬ع األوق‪#‬ات‪ .‬ه‪#‬ذا أم‪#‬ر مس‪#‬تحيل من الناحي‪#‬ة الموض‪#‬وعية‪.‬‬
‫وعلى ال‪##‬رغم من ط‪##‬رح النظري‪##‬ات واألفك‪##‬ار ذات الط‪##‬ابع الع‪##‬المي في األخالقي‪##‬ات فإنه‪##‬ا ال‬
‫تختل‪##‬ف عن عص‪##‬رها وتح‪##‬ديات زمنه‪##‬ا وتاريخه‪##‬ا وتقالي‪##‬دها وحض‪##‬ارتها‪P. 167) ::.2108 .‬‬
‫‪).Azenabor‬‬

‫خاتمة‬
‫قدمت الفلسفة األفريقية وجهة نظر ج‪##‬ديرة ب‪##‬االحترام في مج‪##‬ال فلس‪##‬فة األخالق‪ ،‬نظ‪##‬راً لم‪##‬ا‬
‫تتض‪##‬منها من أه‪##‬داف وغاي‪##‬ات تتعل‪##‬ق بمص‪##‬الح الف‪##‬رد والمجتم‪##‬ع‪ .‬ن‪##‬اقش وري‪##‬دو األخالق‬
‫األفريقية من خالل ثقافته األم‪ ،‬ثقافة أكان في غان‪##‬ا مت‪#‬أثر بال ش‪#‬ك بتل‪#‬ك الثقاف‪##‬ة المجتمعي‪##‬ة‪.‬‬
‫أهتم وريدو بالتفرقة الحاسمة بين اتجاه األخالق من حيز التحيز والحياد ووضع استراتيجية‬
‫لكيفية التوفيق بينهما لما فيه الصالح العالم والذي ال يتعارض م‪##‬ع ص‪##‬الح األف‪##‬راد من خالل‬
‫مبدأ الحي‪##‬اد التع‪##‬اطفي‪ ،‬أس‪##‬اس األخالق األفريقي‪##‬ة إذن؛ مب‪##‬دأ القاع‪##‬دة الذهبي‪##‬ة األفريقي‪##‬ة ه‪##‬و‬
‫التع‪##‬اطف‪ .‬س‪##‬لك وري‪##‬دو مس‪##‬لك إنس‪##‬اني في نظريت‪##‬ه األخالقي‪##‬ة‪ ،‬وعلى ال‪##‬رغم من أن لل‪##‬دين‬
‫واآللهة أدوارهم ومكانهم في األخالق بصفة عامة واألخالق األفريقي‪##‬ة بص‪##‬فة خاص‪##‬ة‪ ،‬ف‪##‬إن‬
‫اإلنسان ككائن عقالني له أيضا ً دور يلعب‪##‬ه في ص‪##‬ياغة أنم‪##‬اط الس‪##‬لوك والمب‪##‬ادئ األخالقي‪##‬ة‬
‫لتنظيم حياة اإلنس‪#‬ان وس‪#‬لوكه‪ ،‬حيث يجب أن يرتب‪#‬ط أس‪##‬اس األخالق بالمص‪#‬لحة اإلنس‪##‬انية‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬مصلحة اإلنسان كما تفترضها القاعدة الذهبية‪ ،‬وليس فقط العقل البش‪##‬ري‪ .‬أخ‪##‬يراً ق‪##‬دم‬
‫وريدو نظرية أخالقية تشير إلى االتجاه الوجودي في الفلسفة األفريقية الحديثة والمعاصرة‪#،‬‬
‫حيث االهتمام باإلنسان سواء على مستوى الفرد أو مستوى الجماعة‪.‬‬
‫‪:References‬‬

‫‪- Azenabor, Godwin. (2008). "The Golden Rule principle in an African ethics,‬‬
‫‪and Kant’s Categorical Imperative". An African Journal of Philosophy.‬‬
‫‪http://www.quest-journal.net‬‬
- Azenabor, Godwin. (2018). " An African Theory of Moral Conflict Resolution:
A Kwesi Wiredu’s Paradigmatic Approach". Journal of Contemporary
Research, 15(4). Pp. 151-171.
- Eze, M.O. and Metz, T. (2016). "Emergent Issues in African philosophy: A
Dialogue with Kwasi Wiredu". Philosophia Africana. Vol. 17. No.2. Pp. 73- 86.
- Hallen, Barry. (2015). "Personhood in a Communitarian Context". Thought and
Practice: A Journal of the philosophy Association of Kenya (P A K). Vol. 7
NO. 2. PP.1-10. http://dx.doi.org/10.4314/tp.v7i2.2
- Ikuenobe, P. (1998). "Moral Education and Moral Reasoning in Traditional
African Cultures". The Journal of Value Inquiry32. Pp.25- 42.
- Kant, E. (1994). "Fundamental Principles of the Metaphysic of Morals".
translated by Thomas kingsmill Abbott in Great Books of the Western World
United States of America.
- Metz, Thaddeus. (2012). "Ethics in Africa and Aristotle some points of
contrast". Phronimon vol. 13. No. 2. Pp.99- 117.
- Molefe, Motsamai. (2016). "A Critique of Kwasi Wiredu's humanism and
impartiality". Acta Academica 48 (1): 91- 110.
http://dx.doi.org/10.18820/24150479/aa48i1.5
- Molefe, Motsamai. (2017). An African perspective on the partiality and
impartiality debate: Insights from Kwasi Wiredu's moral philosophy". South
African Journal of Philosophy, 36:4, 470-482.
https://doi.org/10.1080/02580136.2017.1342465
- Wiredu, Kwasi. (1992). "Moral Foundations of an African Culture". Capter 9 in
person and community: Ghanaian philosophical studies.
- Wiredu, Kwasi. (1996). "Cultural universals and particulars: an African
perspective". Indiana University press.
- Wiredu, Kwasi. (1996)."Reply to English / Hamme. Journal of Social
philosophy 27: pp.234- 243. http://dx.doi.org/10.1111/j.1467-
9833.1996.tb00248.x
.‫ عبد الغفار مكاوي‬:‫ ترجمة‬."‫ "تأسيس ميتافيزيقا االخالق‬.)2020( .‫ إيمانويل‬،‫كانط‬ -
.‫ الناشر مؤسسة هنداوي‬.‫مراجعة عبد الرحمن بدوي‬

You might also like