You are on page 1of 28

‫ذ‪.

‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬


‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫حمارضات يف مادة‬
‫التسويق الرتايب‬

‫الس نة اجلامعية ‪9191 - 9102‬‬

‫‪1‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫إن الاهتمام املتزايد باملجال الترابي املحلي و الجهوي جاء كضرورة لحل املشاكل التي‬

‫تعرفها العديد من القطاعات ‪ ،‬خصوصا الاقتصادية و الاجتماعية منها ‪ ،‬وذلك بالبحث عن‬

‫الحلول املمكنة للخروج من هذه املشاكل ‪ ،‬في إطار ما يصطلح عليه اليوم بالحكامة املحلية‬

‫‪ ،‬و التي تأخذ من التراب املحلي أو الجهوي حجر الزاوية لكل مقاربة تنموية ‪ ،‬وذلك راجع إلى‬

‫ثالثة أسباب رئيسية وهي‪:‬‬

‫كون التراب يشكل املستوى الذي يمكننا من تقدير أو تقييم التبادالت بين‬ ‫‪.1‬‬

‫املادة و املعلومة وبين املجتمعات ومحيطها؛‬

‫كل العناصر التي تبدوا نظرية ومجردة على املستوى املركزي مثل البصمة‬ ‫‪.2‬‬

‫إلايكولوجية الشراكة املسؤولية ‪ ،‬العالقة بين الاقتصادي والاجتماعي تصبح على‬

‫املستوى الجهوي و املحلي أشياء محسوسة وملموسة وقابلة للحس؛‬

‫يمثل التراب الوعاء املالئم لتحديد فلسفة عامة للحكامة وتقويتها في الحدود‬ ‫‪.3‬‬

‫الخاصة بكل تقليد من التقاليد املجتمعية‪.‬‬

‫هذه العوامل أو ألاسباب أصبحت تتجلى داخل كل مجال كيفما كان نوعه‬

‫ومستواه‪ ،‬وذلك نظرا لعالقة التأثير و التأثر بين مختلف مكونات املجال من جهة ‪ ،‬وبين‬

‫املجال و باقي التفاعالت الخارجية ألاخرى سواء املتعلقة باملجاالت أو التي تفرضها املنافسة‬

‫الدولية من جهة أخرى ‪ ،‬خصوصا بعد تنامي وانتشار أفكار وتجليات العوملة ‪ ،‬املتمثلة في‬

‫التنافسية الاقتصادية أو ما يصطلح عليه بعوملة الاقتصاد‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫وللتسويق الترابي خصوصيته التي تميزه عن باقي املفاهيم املجاورة له كمفهوم‬

‫التسويق املعتمد لدى املقاوالت ‪ ،‬فمن جهة ال يتم قياس التسويق الترابي عن طريق‬

‫املقاييس كـ" الجزء من السوق " ‪ ،‬بل يخضع ملعايير نوعية وللجاذبية الترابية‪ .‬ومن جهة‬

‫أخرى فالتسويق التقليدي يتوجه إلى الزبون ‪ ،‬في حين يتجه التسويق الترابي إلى املرتفقين‬

‫" ‪ " Usager‬فاألول يعتمد على منطق املقاولة ‪ ،‬و الثاني على منطق إداري من أجل ذلك ففي‬

‫إطار التنمية الترابية التي تساهم فيها الشركات الاقتصادية املختلطة ‪ ،‬فاملواجهة بين‬

‫املنطقين قد تفض ي إلى تعارض بين املردودية من ناحية و التساوي أمام الخدمات العمومية‬

‫من ناحية ثانية ‪ ،‬وهي تلخص املشاكل التي تطرحها التجزئة "‪ "Segmentation‬للطلب‬

‫الترابي‪.‬‬

‫من أجل ذلك ينبغي عدم الخلط بين التسويق في بعده املقاوالتي و التسويق الترابي‪،‬‬

‫فإذا كان التسويق الترابي يعتمد على أسس التسويق املعتمدة في املقاوالت ‪ ،‬خاصة تسويق‬

‫املنتجات أو تسويق الخدمات ‪ ،‬فإن تطبيقه على البعد الترابي يفرض أن يتأقلم مع هذه‬

‫الطبيعة‪.‬‬

‫من هذا املنطلق ‪ ،‬فإن أهمية دراسة موضوع " التسويق الترابي "‪ ،‬تكمن في املكانة‬

‫البارزة واملتميزة التي تحظى بها التنمية الترابية ‪ ،‬والتي نالت حيزا كبيرا من اهتمام الباحثين‬

‫والدارسين ‪ ،‬وذلك لكونها أصبحت إستراتيجية الدول في التقدم والازدهار‪.‬‬

‫فبعد أن كانت الدولة املركزية تهيمن على جميع ألانشطة الاقتصادية والاجتماعية‬

‫وتعتبر هي املسؤول املباشر عن تنمية مختلف مناطق البالد ‪ ،‬فإنه أمام تراجع دورها وازدياد‬

‫‪3‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫حاجيات املواطنين وعدم قدرتها على تلبيتها ‪ ،‬فإنه البد من العمل على تكليف املستوى‬

‫املحلي بتنمية نفسه خاصة وأن املواطن هو ألادرى بحاجياته وكيفية تلبيتها‪ .‬لذا البد من‬

‫توفير الشروط القانونية والاقتصادية والثقافية الضرورية لجعل املستوى الجهوي‬

‫واملحلي يساهم في تنمية نفسه بنفسه‪.‬‬

‫ومن هنا تأتي أهمية دراسة موضوع التسويق الترابي من خالل فلسفته وإستراتيجيته‬

‫التي تهدف باألساس إلى تشخيص واقع املجال وتناقضاته ‪ ،‬ومؤهالته الطبيعية و املادية و‬

‫البشرية وتحديد أولوياته ‪ ،‬وربطه بواقعه الوطني و الدولي ‪ ،‬وإبراز ألاولويات ومتابعة‬

‫املنجزات ‪ ،‬والوقوف على ألاخطاء و الاستعانة بالخطط البديلة أو الاحتياطية ‪ ،‬و املوازنة بين‬

‫مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية‪.‬‬

‫وبناء عليه سنتطرق في هذه املحاضرات إلى خمس نقط أساسية مقسمة إلى محورين‬

‫وفق التصميم التالي ‪:‬‬

‫املحور أاول ‪ :‬أاساس النظري لسياسة التسويق الترابي‬


‫املحور الثاني ‪ :‬التدبير ااستراتيجي لسياسة التسويق الترابي‬

‫‪4‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫املحور أاول ‪ :‬أاساس النظري لسياسة التسويق الترابي ‪:‬‬


‫إن الحديث عن ألاساس النظري لسياسة التسويق الترابي يقودنا إلى البحث عن‬

‫مفهومه و تمييزه عن بعض املفاهيم املشابهة له ( أوال) ‪ ،‬ثم عناصره الاساسية ( ثانيا) على‬

‫أن نخلص إلى صيرورته و ديناميكياته (ثالثا) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مفهوم التسويق الترابي و تمييزه عن بعض املفاهيم املشابهة ‪:‬‬


‫أ – تعريف التسويق الترابي ‪:‬‬

‫تعرف املوسوعة العاملية ‪ ،‬التسويق املجالي " بذلك املصطلح الذي يمكن أنشطة‬

‫مؤسسة معينة ‪ ،‬من بذل قصارى جهدها من أجل كشف حاجة حقيقية مقبولة من أجل‬

‫تحويلها إلى طلب سريع ‪ ،‬عن طريق منتوج أو خدمة ‪ ،‬تمكن املؤسسة إذا ما باعتها من‬

‫الوصول إلى أهدافها املسطرة "‪.‬‬

‫و حسب ألاستاذ "عبد اللطيف شكور " ‪ ،‬فإن التسويق الترابي هو ‪ " :‬تلك الصيرورة‬

‫التي تهدف إلى جلب الشركات و املؤسسات و الرقي الشامل من خالل تكوين صورة إيجابية‬

‫لهذا املجال "‪ .‬كما يعتبره أيضا ‪ " :‬شكال حديثا للتدبير الترابي أو املجال يمكن من إعداد‬

‫استراتيجية و صورة واضحة للتراب أو املجال ‪ ،‬و التركيز على املواقع ‪ ،‬أي اختيار املواقع‬

‫املناسبة لألنشطة املهمة " ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫ويضيف ألاستاذ " شكور " بأنه ‪":‬حالة روحية بمعنى أن التسويق الترابي أو املجالي‬

‫يتضمن أراء املواطنين ‪ ،‬الزبناء املرتفقين لكي تلبى أحسن حاجياتهم ‪ ،‬و بالتالي ضرورة التيهئ‬

‫و التحسب ألية حالة غير مرغوب فيها و الغير متوقعة "‪.‬‬

‫و حسب "‪ "Patrick NOISETTE‬فإن ‪":‬التسويق الترابي ليس بتلك العملية التواصلية‬

‫فحسب ‪ ،‬بل هو طريقة للتفكير و تطبيق سياسة مجالية تنموية داخل سياق اقتصاد‬

‫السوق "‪ .‬و بهذا املعنى فإن التسويق الترابي مرتبط بشكل كبير بالتدبير الاقتصادي التنموي‬

‫في مجال أنشطة املقاوالت أو السياحة أو غيرها‪.‬‬

‫و ترى الباحثة "منا الزاوي ‪ "Mouna ZAOUI‬بأن ‪":‬التسويق الترابي هو استراتيجية‬

‫وواسطة بين املقاولة و املواطنين أو الزبناء ‪ ،‬وبين الجماعات الترابية ‪ ،‬وبين من يعيش فوق‬

‫أرضها ‪ ،‬و هو أداة لقياس مدى صالحية السياسة التنموية املتبعة ‪ ،‬و بين هذه السياسات و‬

‫الاشخاص املوجهة إليهم ‪ ،‬وعندما نتحدث عن التسويق الترابي نتحدث عن التنمية‬

‫الحضرية ‪ ،‬و عن مردودية املقاوالت‪ ،‬وعن جودة الحياة املعاشة للمواطنين " ‪.‬‬

‫وإجماال فإن التسويق الترابي يهدف باألساس إلى جعل الجماعات الترابية مقاوالت‬

‫حقيقية الستقطاب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات ألاجنبية والوطنية ‪،‬وخلق نوع من‬

‫الدينامية التنموية التي تعيد رسم معالم املجال‪،‬وجعله في الاتجاه الصحيح الذي يخدم‬

‫إلانسان بالدرجة ألاولى ومن ثمة ضمانه الرفاه و العيش الكريم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫إال أن تحقيق هذا املبتغى يستدعي من الجماعات‪/‬الوحدات الترابية الاعتماد على‬

‫إستراتيجية تقوم على مجموعة من املرتكزات والقواعد املضبوطة تحدد كيفية تسويق‬

‫املجال الترابي ‪ ،‬حددها "‪ ، "FABRICE Hatem‬في ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬تقنيات التفاوض ‪،‬‬


‫‪ ‬تقنيات الحضور في املحافل والتظاهرات الدولية‪،‬‬
‫‪ ‬تقنيات التواصل مع الصحافة‪،‬‬
‫‪ ‬تقنيات احتواء جماعات الضغط‪،‬‬
‫‪ ‬تقنيات القيادة‪.‬‬

‫ب – التسويق الترابي و بعض املفاهيم املشابهة ‪:‬‬


‫‪ -1‬الذكاء الترابي ‪:‬‬

‫يعرف "جيرودو ‪ "GIRAUDAUT.J.J‬الذكاء الترابي بكونه ‪ " :‬يطمح إلى أن يصبح علما‬

‫متعدد الاختصاصات موضوعه التنمية املستدامة للمجاالت الترابية داخل مجتمع املعرفة‪،‬‬

‫و مجال اشتغاله الجماعات الترابية‪ .‬و أما الهدف فهو العمل على إطالق دينامية للتنمية‬

‫املستدامة على مستوى املجال الترابي ‪ ،‬تقوم على الجمع بين أهداف اقتصادية و اجتماعية‬

‫و بيئية و ثقافية ‪ ،‬و التفاعل بين املعرفة و العمل ‪ ،‬و تقاسم املعلومات ‪ ،‬و التشاور أثناء‬

‫بلورة املشاريع ‪ ،‬و التعاون في القيام باألعمال و في تقييم نتائجها "‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫و ترتكز تعاريف أخرى على دور تكنولوجيات املعلومات و الاتصاالت في تعزيز‬

‫الجوانب التقنية و قابلية تطبيق الذكاء الترابي في التنمية املستدامة لألقاليم‪ .‬و في هذا‬

‫الصدد يعتبر "دوما ‪ "Dumas‬بأن ‪ ":‬الذكاء الترابي هو بمثابة صيرورة معرفية و تنظيم‬

‫للمعلومات و ألاقاليم ‪ :‬مجال عالقات ذات مغزى"‪ .‬في حين يرى "برتاتشيني ‪"BERTACCHINI‬‬

‫بأن "الذكاء الترابي يمكن تشبيهه باإلقليمية التي تنتج عن ظاهرة الربط بين موارد إقليم‬

‫معين و نقل الصالحيات بين فاعلين محليين لديهم توجهات ثقافية مختلفة "‪.‬‬

‫و هكذا فاستراتيجية الذكاء الترابي ترمي إلى تحقيق نمو "ذكي و مستدام و إدماجي‪".‬‬

‫‪ -‬نمو ذكي ‪:‬معناه تنمية اقتصاد ينبني على املعرفة و الابتكار؛‬

‫‪ -‬نمو مستدام ‪:‬أي النهوض باقتصاد أكثر فاعلية في استخدام املوارد أكثر تنافسية؛‬

‫‪ -‬نمو إدماجي ‪ :‬يحث على اقتصاد ذو معدل تشغيل مرتفع يعزز التماسك الاجتماعي و‬

‫الترابي ‪".‬‬

‫و في السياق ذاته ‪ ،‬فإن الذكاء الترابي يسعى إلى تحقيق مجموعة من ألاهداف‬

‫الرئيسية و املتمثلة أساسا في‪:‬‬

‫‪" -‬معرفة التراب من أجل التحكم في املوارد؛‬

‫‪ -‬قدرة التعبئة السريعة للقدرات و الكفاءات ملواجهة وضعيات أزمة أو فرص؛‬

‫‪ -‬املعرفة و التحكم في البنيات التحتية ‪ ،‬بما فيها الاستقبالية (الطرق ‪ ،‬الشبكات)‬

‫و التراثية؛‬

‫‪ -‬جرد املمارسات الجيدة على مستوى مناطق أخرى لالستفادة منها؛‬

‫‪8‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫‪ -‬استراتيجية النفوذ التي تعتمد بالخصوص على معرفة مهارات و منتوجات املنطقة‬

‫من أجل الترويج لها و استكشافها بشكل فعال‪" .‬‬

‫وبناء عليه ‪ ،‬فإن الذكاء الترابي يكتس ي مقاربة شاملة نسقية ‪" ،‬فهو في نفس الوقت‬

‫نمط فكر (وضع اليقين الشخص ي للفرد موضع تساؤل ؛ ضرورة التوفر على قناعات مع‬

‫الحذر من اليقين التام) و نمط عمل (التعبئة جماعيا حول مشاريع مشتركة) ‪.‬‬

‫‪ -2‬التواصل الترابي ‪:‬‬

‫يستطيع التواصل الترابي"‪ "La Communication Territoriale‬املساهمة في تثبيت‬

‫دعائم الحكامة املحلية من عدة مستويات منها ‪ :‬تنمية الديمقراطية املحلية ‪ ،‬إعطاء قيمة‬

‫مضافة للتراب املحلي ‪ ،‬الرفع من قيمة و فعالية الاتصال و التواصل داخل التراب من جهة‪،‬‬

‫و من جهة أخرى فهو يسمح بفتح حوار و نقاش داخلي على مستوى الجماعات ‪ ،‬و كيفية‬

‫تحسين العالقات مع املواطنين "‪.‬‬

‫فبفضل سياسة التواصل الترابي تتحسن إمكانية التواصل داخل التراب املحلي‬

‫للجماعة ‪ ،‬الذي يتغيا تحقيق هدفين محوريين ‪ :‬هدف خارجي – اقتصادي ‪ ،‬يركز على تنمية‬

‫الجماعة‪/‬الجهة بجذب الاستثمارات و الرساميل الوطنية و ألاجنبية ‪ ،‬و هدف داخلي‪-‬سياس ي‬

‫يفسر و يشرعن لعمل املجالس الجماعية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫و يرى الباحث "إسفي رولي ‪ ،"Essevez-ROULET‬بأن سياسة التواصل الترابي ال تهتم‬

‫بالتواصل باملفهوم الضيق لكلمة تواصل‪ ،‬و إنما هي ‪" :‬وسيلة التأمل و التفكير ‪Une‬‬

‫‪ Manière De Penser‬بهدف خلق و وضع سياسات ترابية مندمجة لتحقيق التنمية "‪.‬‬

‫إنها"آلية استراتيجية للسياسات الترابية التنموية التي يقوم بها املقاولون‪/‬املستثمرون‬

‫و زبنائهم ‪ Clients‬من جهة ‪ ،‬و الجماعات الترابية و الساكنة القاطنة على ترابها من جهة‬

‫ثانية "‪.‬‬

‫و سياسة التواصل الترابي لها عالقة مباشرة بالتسويق الترابي و الزمة إلنجاحه ‪،‬‬

‫لذلك فاستراتيجية التسويق البد أن تحتوي على تحديد القنوات التواصلية الالزم توفرها‬

‫سواء لبث املعلومة (عرض ترابي‪ ،‬تشجيع‪ )...‬أو الستقبالها (معرفة استراتيجية مقاولة تود‬

‫تغيير موطنها ‪ La Délocalisation‬مثال) ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العناصر ااساسية في سياسة التسويق الترابي ‪:‬‬


‫يتكون التسويق من أربعة عناصر أساسية ه ي‪ :‬املنتج ‪ ،‬السعر‪ ،‬التوزيع و الترويج ‪،‬‬

‫و تمثل هذه العناصر املحاور الرئيسية ألية استراتيجية تسويقية تتبناها املؤسسة للتعامل‬

‫مع السوق‪.‬‬

‫أ ‪ : -‬املنتج ‪:Product‬‬
‫يعرف املنتج بأنه أي فكرة أو خدمة أو سلعة يمكن الحصول عليها من قبل املستهلك ‪،‬‬

‫من خالل عملية مبادلة بينه و بين البائع بمقابل نقدي أو عيني "‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫و حسب رأي ألاستاذة " غنام الزعيم وفاء "‪ ،‬فإن مفهوم املنتج في التسويق يختلف‬

‫من وجهة نظر الصانع ‪ Fabricant‬من جهة ‪ ،‬و املستهلك من جهة ثانية ‪ ،‬إذ يعتبره الصانع "‬

‫بكونه يتميز بمجموعة من الطبائع ‪ Caractéristiques‬التقنية ‪ ،‬و إلانجازات ‪ ،‬و اسم العالمة‬

‫التجارية و غيرها‪ ،"...‬أما من وجهة نظر املستهلك فإن "املنتج يرتبط بصورة العالمة التجارية‬

‫أو بالتصميم إلاجمالي املناسب للسلعة ‪ ،‬و بتواجد نجاعة في الانتفاع"‪.‬‬

‫و في مجال التسويق الترابي ‪ ،‬فإنه يمكن اعتبار الجهة أو املجال بصفة عامة بمثابة‬

‫منتوج‪ .‬هذا ألاخير الذي يعتبر مجموعة من املتغيرات التي يمكن أن تتحول إلى إجابة على‬

‫متطلبات املقاولين و املستثمرين‪ ،‬لخلق مناخ مناسب لالستثمار‪.‬‬

‫ب‪ :‬السع ــر ‪: Price‬‬

‫يعتبر السعر العنصر الثاني في املزيج التسويقي الذي يمثل قيمة ما يدفع لشراء املنتج‪،‬‬

‫إنه الوسيلة التي تستطيع املؤسسة بواسطتها أن تغطي تكاليفها ‪ ،‬و تحقق من خاللها الربح‪.‬‬

‫و تشتمل سياسة '' التسعير " تحديد سعر السلعة و تسعير تشكيلة املنتجات و‬

‫سياسة الخصم و الائتمان ‪ ،‬كما تأخذ هذه السياسة بعين الاعتبار درجة مرونة الطلب و‬

‫الدخل و التكلفة و املنافسة السائدة في السوق و الظروف الاقتصادية العامة ‪.‬‬

‫و في مجال التسويق الترابي فإن سياسة التسعير‪/‬الثمن تهدف إلى التأثير بطريقة‬

‫مباشرة أو غير مباشرة في الثمن الحضري أو القروي للتراب‪/‬ألارض آخذة بعين الاعتبار‬

‫‪11‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫الثمن املحددة في الجبايات املحلية ‪ ،‬و ثمن ألاراض ي املوجودة في ألاماكن الاقتصادية ‪ .‬كما‬

‫يتعين على السعر أن يأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطنين املحليين ‪.‬‬

‫ج‪ :‬التوزيــع ‪:Distribution‬‬

‫يقصد به تصريف املنتجات بأكبر كفاءة توزيعية ممكنة و تحديد هذه املنافذ‬

‫املستخدمة حسب طبيعة السلعة و هيكل الصناعة ‪ ،‬و يمثل مجموعة ألانشطة التي‬

‫تنطوي على عملية التحريك املادي للسلع و الخدمات ‪ ،‬من أماكن إنتاجها إلى ألاسواق‪.‬‬

‫و في مجال التسويق الترابي فإن استراتيجية التوزيع ترتكز على ثالثة مكونات هي‪:‬‬

‫‪ ‬اختيار طريقة أو بنية بيع املنتوج الترابي‪.‬‬

‫‪ ‬اختيار خصائص معينة للفريق املسؤول عن تقديم العرض الترابي‪.‬‬

‫‪ ‬تنبؤ كيفية تقديم الخدمات بعد البيع ‪ Service Après Vente‬من خالل‬

‫العالقة بين الجماعات الترابية و املقاوالت املوجودة للرفع من سمعة‪/‬قيمة‬

‫التراب ‪.‬‬

‫د ‪ -‬الترويــج ‪: Promotion‬‬

‫يشتمل الترويج على عمليات اتصال إقناعي تستهدف التأثير على املستهلك الستمالة‬

‫سلوكه الشرائي ‪ ،‬و يتم الترويج بأساليب كثيرة و متعددة من أبرزها إلاعالن ‪ ،‬و الدعاية‬

‫التجارية ‪ ،‬و البيع الشخص ي ‪ ،‬و وسائل ترويج املبيعات‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫و إذا نظرنا إلى الترويج من منظار املستهلك فإنه يعتبر مصدرا رئيسا للمعلومات التي‬

‫يحتاجها التخاذ قراراته الاستهالكية ‪ ،‬و عليه فالترويج يمد املستهلك بمعرفة واسعة عن‬

‫بدائل سلعية عديدة ‪ ،‬تمكنه من عقد املقارنات الالزمة التي من شأنها أن تساعده في‬

‫الوصول إلى أنسب البدائل ‪.‬‬

‫و فيما يتعلق بالسياسة الترويجية في مجال التسويق الترابي ‪ ،‬فإن هذه الاستراتيجية‬

‫ترتكز على مبدأين هما ‪:‬‬

‫التعريف باملنتوج و العرض الترابي أو املجالي‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫اختيار الوسائل التي سيتم استعمالها من أجل جلب انتباه الطلب‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ثالثا ‪ :‬صيرورة سياسة التسويق الترابي ‪:‬‬

‫يعرف التسويق الترابي ثالثة مراحل أساسية في الصيرورة إلاستراتيجية ‪ ،‬تبدأ‬

‫بتشخيص الحالة الراهنة لواقع تراب الجماعة (أ)‪ ،‬ثم تحديد الخيارات الاستراتيجية‬

‫املطروحة (ب)‪ ،‬و أخيرا وضع إلاستراتيجية و متابعتها (ج)‪.‬‬

‫أ ‪ -‬تبدأ بتشخيص الحالة الراهنة لواقع تراب الجماعة ‪:‬‬

‫تنطلق "الصيرورة الاستراتيجية ‪ La Démarche Stratégique‬للتسويق الترابي من‬

‫تشخيص الحالة الراهنة لتراب الجماعة املحلية و محيطها الخارجي ‪ ،‬فالتشخيص عمل من‬

‫شأنه أن يحدد العوامل الداخلية و الخارجية التي تؤهل أو تعوق التنمية الترابية للجماعة"‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫و للوصول إلى هذه الغاية‪ ،‬فإن الجماعات الترابية مطالبة بجمع و تنظيم املعلومة املتعلقة‬

‫بالتراب‪.‬‬

‫وبناء عليه ‪ ،‬فإن مرحلة تشخيص واقع التراب بالجماعة تتطلب القيام بتشخيص‬

‫إحصائي للتراب من خالل جمع املعلومات سواء منها الكمية أو النوعية املتعلقة به‪،‬‬

‫و كذلك تلك املتعلقة بوسط الانتاج و طبيعة ألانشطة الاقتصادية املوجودة‪ .‬هذا باإلضافة‬

‫إلى تحليل و تحديد حجم و عدد املنشآت املستحدثة (أنشطة القطاعات ‪ ،‬القيمة املضافة‬

‫لهذه القطاعات)‪ ،‬و تحليل أنشطة املقاوالت املوجودة ‪ ،‬و عدد املقاوالت التي تم إغالقها‬

‫و أسباب ذلك‪.‬‬

‫ب ‪ :‬تحديد الخيارات ااستراتيجية للتراب‬

‫بعد تشخيص الحالة الراهنة لواقع التراب في الصيرورة الاستراتيجية للتسويق‬

‫الترابي‪ ،‬تأتي مرحلة تحديد الخيارات الاستراتيجية لدراسة كل الخيارات املمكن إتباعها‬

‫و إلاستراتيجيات املمكن اعتمادها‪.‬‬

‫من هذا املنطلق‪ ،‬فمرحلة تحديد الخيارات الاستراتيجية للتراب ترتكز على تحليل‬

‫طرق العمل من خالل تقويم قدرة الفاعلين املحليين على تحديد الوضعية املتعلقة‬

‫بالتراب‪/‬املجال‪ .‬و كذا دراسة طرق جاذبية الاستثمار إلى التراب املحلي و تحديد مؤهالته ‪،‬‬

‫عن طريق وضع مقاييس تمكن الفاعلين الاقتصاديين من املشاركة في تطبيق الاستراتيجية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫ج ‪ : -‬تنفيذ ااستراتيجية‬
‫تعد مرحلة تنفيذ الاستراتيجية املحطة ألاخيرة في الصيرورة إلاستراتيجية للتسويق‬

‫الترابي ‪ ،‬فبعد معرفة واقع التراب‪/‬املجال و موقعه و تحديد إلاستراتيجية الناجعة في‬

‫تأهيله‪ ،‬تأتي مرحلة التنفيذ و التي ترتكز على نقطتين أساسيتين ‪:‬‬

‫‪ .1‬التحليل املقارن ‪ :‬الذي يرتكز على دراسة الطرق التطبيقية الخاصة بسياق‬

‫عمل معين ‪ ،‬وكذا تحديد نمط العمل الفعال لتدبير النفقات ‪ ،‬الوقت و ألاخطار‪.‬‬

‫و تمكن هذه العملية من تأمين قيادة ألاعمال ‪ ،‬ثم تحديد طرق للتطبيقات‬

‫الفعالة‪.‬‬

‫‪.2‬اليقظة الاستراتيجية ‪ :‬تهدف إلى جمع و معالجة و تنشيط املعلومات املؤدية إلى‬

‫تعريف و تحليل التطورات الخاصة بعوامل النجاح ‪ ،‬خصوصا منها املتعلقة‬

‫باألنشطة الاقتصادية ‪ .‬و تمكن هذه التقنية من القيام بمالءمة العرض الترابي‬

‫للجماعات املحلية حسب التغيرات التي يمكن أن تطرأ ‪ ،‬و املساعدة على التخفيض‬

‫من الضغط التنافس ي للجماعات ‪ ،‬و تحديد مصاريف هذه املالءمة و مدتها الزمنية ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫املحور الثاني ‪ :‬التدبير ااستراتيجي لسياسة التسويق الترابي‪:‬‬


‫يرتكز التدبير الاستراتيجي لسياسة التسويق الترابي على مجموعة من التقنيات و تآاليات‬

‫التي تستعملها الجماعات الترابية في التسويق لعرضها الترابي ( أوال) ‪ ،‬كما أن سياسة التسويق‬

‫الترابي يقوم بعدة إجراءات في مجال تدبير املشاريع الترابية ( ثانيا) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تقنيات ووسائل الجذب الترابي للجماعات الترابية‪:‬‬

‫تتجلى العناصر ألاساسية للجذب الترابي للجماعات الترابية في كل من إلاعفاءات‬

‫و التحفيزية الجبائية (أ) ‪ ،‬وفي تهييئ البنيات الاستقبالية و املناطق الصناعية (ب)‪ ،‬باإلضافة‬

‫إلى التموقع على التراب (ج)‪.‬‬

‫أ‪ :‬إلاعفاءات و التحفيـزات الجبائية ‪:‬‬


‫إن دعم و تشجيع الاستثمار و تنمية الاقتصاد املحلي ال يتم فقط عبر آليات الدعم‬

‫املباشر أو إيجاد بنيات أساسية و بيئة مالئمة ‪ ،‬و إنما يعتبر تخفيض التكلفة و التقليص من‬

‫ألاعباء الجبائية إحدى وسائل تشجيع املقاوالت و املستثمرين على الاستثمار في تراب‬

‫الجماعة و الاستقرار بها‪.‬‬

‫و هكذا فقد اتجه املغرب منذ بداية الاستقالل نحو تشجيع إحداث و نمو املقاوالت‬

‫الخاصة‪ ،‬في إطار إستراتيجية الليبرالية الاقتصادية التي تبناها ‪ ،‬عن طريق مدونات‬

‫الاستثمار التي تخول العديد من املزايا الجبائية للمستثمرين الخواص املغاربة و ألاجانب ‪.‬‬

‫و ذلك بهدف خلق نشاط مالي و اقتصادي قوي ‪ ،‬و العمل على إيجاد مناصب للشغل‬

‫‪16‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫و النهوض باألنشطة الاقتصادية ذات ألاولوية ‪ ،‬و إنعاش املناطق التي تشكو من التخلف‬

‫و التهميش‪.‬‬

‫و قد بدأ اعتماد مدونات الاستثمار باملغرب منذ سنة ‪ ،1591‬و اتخذت بعد ذلك عدة‬

‫إجراءات في هذا الاتجاه في كل من سنوات ‪ 1591‬و ‪ 1595‬و ‪ 1593‬و ‪ 1513‬و ‪1519‬‬

‫و ‪ ،1511‬و أخيرا أحدث قانون إطار بمثابة ميثاق لالستثمار سنة ‪.1559‬‬

‫و رغبة منها في توحيد مدونات الاستثمار املختلفة ‪ ،‬و إدماج الامتيازات املتعددة في إطار‬

‫منظومة عامة ‪ ،‬و إلغاء الترخيصات إلادارية املسبقة ‪ ،‬مع الاحتفاظ بنظام تفضيلي لصالح‬

‫املناطق الضعيفة اقتصاديا‪ ،‬عمدت السلطات العمومية إلى تبني ميثاق لالستثمار في شهر‬

‫نونبر ‪ ،1559‬و يحدد مجال إلاعفاءات الجبائية و الامتيازات املتصلة بها ‪ ،‬و التي عملت‬

‫القوانين املالية السنوية على إقرارها ابتداء من سنة ‪.1559‬‬

‫و قد نصت املادة الثانية من القانون إلاطار رقم ‪ 11-59‬على أن ما يحتوي عليه من‬

‫تدابير تحفيزية لالستثمار إنما تستهدف تشجيع التصدير و إنعاش التشغيل و تخفيض تكلفة‬

‫الاستثمار و ترشيد استهالك الطاقة و املاء و املحافظة على البيئة ‪.‬‬

‫و في هذا الصدد ‪ ،‬فقد حاولت السلطات العمومية دعم التدابير التي تم تبنيها من‬

‫خالل قانون إلاطار املتعلق بتشجيع الاستثمار عبر مجموعة من إلاصالحات تهم تحرير‬

‫املبادالت الخارجية ‪ ،‬إصالح القطاع البنكي ‪ ،‬إعادة النظر في القطاع البورص ي ‪ ،‬و اعتماد‬

‫سياسة الخوصصة ‪ .‬و هي كلها إجراءات تندرج في إطار إستراتيجية عامة تستهدف باألساس‬

‫‪17‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫تقوية التراب الوطني و تنمية قدرته على جذب الرساميل الكبرى الدولية و التموقع في قلب‬

‫حركية الاستثمارات و املبادالت الدولية‪.‬‬

‫تأسيسا على ما سبق ‪ ،‬يمكن القول بأن املبادرات التشجيعية على مستوى إلاعفاءات‬

‫الجبائية من شأنها أن تساهم في إنعاش الاقتصاد املحلي و خلق فرص الشغل و الرفع من‬

‫مداخيل الجماعات نفسها خدمة لتنمية محلية مستدامة‪ .‬كما أن إقرار إجراءات لفائدة‬

‫املقاوالت الخاصة و منح الاختصاصات ألاساسية في هذا السياق للجماعات الترابية قصد‬

‫تدبير إلاعانات املباشرة و غير املباشرة و آليات تدخلها الاقتصادي ‪ ،‬يؤدي إلى منح هامش‬

‫أكبر للوحدات الالمركزية من أجل الرفع من قدراتها التدبيرية و تخطيط تنميتها الاقتصادية‬

‫وفق العوامل املميزة لبيئتها و محيطها و حاجياتها ألاساسية‪.‬‬

‫ب ‪ :‬تهيئ البنيات االستقبالية و المناطق الصناعية ‪:‬‬

‫تضطلع املناطق الصناعية بدور حيوي في تحريك عجلة الاقتصاد املحلي‪ ،‬سواء على‬

‫صعيد إنعاش الاقتصاد أو التشغيل بتراب الجماعة ‪ ،‬ألجل ذلك بدأت الجماعات الترابية‬

‫تشارك في إعداد و تجهيز املناطق الصناعية مستندة في ذلك على الاختصاصات املوكولة لها‬

‫بمقتض ى القانون ‪ ،‬و ذلك بهدف خلق إطار مناسب الستقبال الاستثمارات املحلية و‬

‫املشاريع الصناعية بغية تجميعها في منطقة واحدة‪ ،‬تستطيع من خاللها تحقيق نوع من‬

‫التوازن داخل مجالها الترابي‪ ،‬و بالتالي منع تشتت املناطق الصناعية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫من هذا املنطلق‪ ،‬فإن إحداث املناطق الصناعية يندرج في إطار الرفع من جاذبية‬

‫الجماعات الترابية لالستثمارات بشقيها الوطني و ألاجنبي ‪ ،‬و بالتالي فقد أضحى القاسم‬

‫املشترك بين كل الجماعات هو سعيها ألن تصبح قابلة لالستثمار ‪ ،‬و من ثمة فإن‬

‫الوحدات‪/‬الجماعات الترابية هي التي تحرص على تقوية قدرتها إلاستقطابية عبر تدليل‬

‫الصعاب التي قد تعرقل عمل املسستثمرين‪.‬‬

‫و في هذا إلاطار فإن تنافسية املقاوالت لم تعد تستند فقط إلى املنجزات التي تحققها‬

‫كل واحدة منها بشكل منفرد ‪ ،‬بل أصبحت تنجم عن أشكال التعاون و التكامل التي‬

‫تستطيع القيام بتطويرها فيما بينها‪ .‬لذلك ‪ ،‬نالحظ و باملوازاة مع تنامي حدة املنافسة ‪،‬‬

‫بروز نماذج جديدة للعالقة فيما بين املنشآت إلانتاجية ‪ :‬الفرعية ‪Sous Traitance‬‬

‫الشراكة‪ ،...‬و مختلف أنواع التنظيم املجالي لإلنتاج ‪ :‬شبكة املقاوالت ‪ ،‬أنساق الصناعة‬

‫املحلية‪ ،...‬و التي تؤكد على أهمية تمركز عدة وحدات مرتبطة فيما بينها فوق تراب معين‪.‬‬

‫و باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬فإن املقاوالت تتجه نحو حث الجماعات الترابية على توفير‬

‫محيط للجودة ‪ ،‬إذ تعتبر أن شكل املوقع أو املنطقة التي من شأنها أن تحتضن نشاطها‬

‫ترتبط بصورة منتوجها ‪.‬‬

‫فالوحدات إلانتاجية تختار موطنا لها بناءا على معيارين أساسيين ‪ ،‬أولهما ‪ :‬نوعية‬

‫ألانشطة التي تتواجد به و املؤسسات التي تمارسها (معيار البحث عن التكامل)‪ ،‬و ثانيهما ‪:‬‬

‫الجودة الجمالية للمنطقة (توفرها على مناطق خضراء ‪.)....‬‬

‫‪19‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫تأسيسا على ما سبق ‪ ،‬فإن الجماعات الترابية تهدف من وراء سياسة إعداد و تجهيز‬

‫املناطق الصناعية إلى تحقيق مجموعة من ألاهداف ‪ ،‬و املتمثلة في التحكم في نوع‬

‫الصناعات املتواجدة باملنطقة ‪ ،‬و رفض كل صناعة ملوثة للبيئة ‪ ،‬ثم خلق صناعات يمكنها‬

‫أن تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية للجماعة ‪ ،‬و تأخذ بعين الاعتبار الثروات الطبيعية‬

‫التي تزخر بها املنطقة‪.‬‬

‫و في "النظام الفرنس ي" فقد اعتبر إنعاش الاقتصاد املحلي من أهم أدوار الجهات و باقي‬

‫الجماعات الترابية ‪ ،‬فإضافة إلى الاختصاصات املخولة لهذه الهيئات الالمركزية في هذا‬

‫الصدد ‪ ،‬تم إقرار نقل مجموعة من مجاالت الاختصاص ‪ ،‬باملوازاة مع نقل الاعتمادات و‬

‫املنح التمويلية املالئمة ‪ ،‬و على رأسها تكليف هذه الجماعات الترابية بإنجاز أزيد من‬

‫‪ 19.111‬كلم من الطرق و تجهيز مجموعة من املطارات (باستثناء املطارات الدولية‪) .‬‬

‫و تبقى الجماعات الترابية مختصة بشكل أساس ي بتهيئة املناطق الصناعية و املناطق‬

‫املخصصة لألعمال التجارية إضافة إلى "مشاتل للمقاوالت"‪ ، Pépinières des Entreprises‬و‬

‫قد أنفقت البلديات وحدها على هذه العمليات و ألاوراش خالل سنة ‪ 2111‬ما يفوق ‪111‬‬

‫مليون أورو‪.‬‬

‫أما في "النظام الكندي"‪ ،‬فإن البلديات تختص بالتخطيط و البرمجة على مختلف‬

‫ألاصعدة فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية و تشجيع الاستثمار املحلي‪ ،‬كما يمتاز تدخلها‬

‫بحرية أكبر فيما يخص إقرار و برمجة املشاريع و ألاوراش املتعلقة بتقوية و تهيئة البنيات‬

‫ألاساسية لألنشطة الاقتصادية (الشبكة الطرقية‪ ،‬التطهير‪ ،‬القناطر و القنوات‪ ،)...‬و ذلك‬

‫‪20‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫بهدف تسهيل عملية استقرار املقاوالت في تراب الجماعة‪ ،‬و تخفيض تكاليف إنشائها و‬

‫ممارستها ألنشطتها التجارية أو الصناعية‪.‬‬

‫ج ‪ :‬التموقع على التراب‬


‫يساعد التموقع على التراب البحث عن إمكانات تطوير العرض الترابي و تموقعاته‬

‫داخل ألاسواق الدولية من خالل آليات الجذب التي تتخصص فيها الوكاالت و املؤسسات‬

‫املهتمة بجذب الاستثمارات و تنمية املجاالت الترابية ‪ .‬و تتميز هذه إلاستراتيجية بالتموقع‬

‫و التميز داخل أسواق املنافسة الدولية‪ ،‬كما تعرف هذه املرحلة باختيار "عالمة للمجال‬

‫الترابي"‪ ، Une Marque sur l’Espace Territorial‬تمكن من التعبير عن هويته‪ ،‬تنافسيته‬

‫و أصالته ‪...‬الخ‪.‬‬

‫و هكذا فإن تقنيات التموقع " ‪ "Techniques de Positionnement‬كما هي معمول بها‬

‫في املنتوجات ذات القيمة الاستهالكية الكبرى‪ ،‬أصبحت قابلة للتطبيق على الوحدات‬

‫الترابية‪.‬‬

‫فإذا كانت املدينة تمثل خصائص موضوعية "‪"Caractéristiques Objectives‬‬

‫(كاملناخ‪ ،‬التشكيلة الاقتصادية‪ ،‬التموقع الجغرافي‪ ،‬التاريخ‪ ،‬الحضارة‪ )...،‬فإن التموقع‬

‫يهدف إلى إعطاء أولوية لعوامل دون أخرى حسب إستراتيجية التسويق املراد إتباعها‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫فالتموقع على التراب بهذا املعنى هو سياسة إرادية تتأسس على حسن اختيار مكانة‬

‫للمدينة‪/‬الجهة داخل ألاسواق الدولية‪ ،‬في مواجهة منافسين عدة و بتقديم أحسن العروض‬

‫الترابية للزبائن تتناسب مع حجم و طبيعة التراب املراد الاستثمار و الاستيطان به‪.‬‬

‫من هذا املنطلق فإن التموقع يعني مجموعة من ألاعمال التي يتم القيام بها للحصول‬

‫على املكانة املرجوة في ذهن زبائن التراب‪ .‬و هو يستند على الامتيازات التنافسية للتراب‪ ،‬و‬

‫يشمل عنصرين متكاملين ‪ :‬التعريف و التمايز‪.‬‬

‫فالتعريف "‪ " l’identification‬هو عنصر مرادف ألسرة التراب أو ألسرة املجاالت‬

‫الترابية‪ ،‬و هي مرتبطة بالعرض الترابي في فكرة الزبون‪.‬‬

‫أما التمايز "‪ "Différenciation‬فهو يتأسس على مجموعة من العروض الخاصة التي‬

‫يقدمها تراب معين و التي تميز عرضه عن باقي العروض و تسهم في جاذبيته الترابية‪.‬‬

‫و يتأسس التموقع على التراب على خمسة شروط أساسية و هي‪:‬‬

‫‪ .1‬الوضوح و البساطة؛‬

‫‪ .2‬الجاذبية؛‬

‫‪ .3‬املصداقية؛‬

‫‪ .1‬التمايز؛‬

‫‪ .9‬القدرة على التنافس ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫كما يرتكز كذلك التموقع على التراب على بعدين أحدهما "شمولي أو جماعي ‪Global‬‬

‫‪ "ou d’Ensemble‬بغية تغطية أكبر عينة ممكنة من الزبائن ‪ ،‬أما البعد الثاني فيتجلى من‬

‫خالل تحديد أسواق يظهر بأنها متناسبة مع إلامكانيات التي يمتلكها التراب ‪ ،‬و بالتالي يسهل‬

‫عملية احتالل أماكن مناسبة في هذا الشأن ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التسويق الترابي و تدبير املشاريع الترابية ‪:‬‬


‫إن الحديث عن تدبير املشاريع الترابية بناء على سياسة التسويق الترابي ‪ ،‬تتطلب‬

‫الوقوف بداية عند مفهوم املشروع الترابي ( أ ) ‪ ،‬ثم مراحل اعداد املشاريع الترابية (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ :‬مفهوم املشروع الترابي ‪:‬‬


‫يتألف املشروع الترابي"‪ "Le Projet Territorial‬من مصطلحين ‪ " :‬املشروع " و "‬

‫التراب " ‪ .‬فاملشروع يقصد منه تسليط الضوء على ما نتوخى الى انجازه و تحقيقه في‬

‫املستقبل ‪ ،‬و هو عبارة عن املشاريع التي حددها و وضعها فاعلوا التنمية لتعزيز هوية التراب‬

‫و خلق دينامية جماعية تصبح عامال يفض ي الى مجموعة من املبادرات و ألافعال ‪.‬‬

‫أما مصطلح "التراب" فهو يعد من املفاهيم الغنية دالليا ‪ ،‬و هو ينسب للمجال‬

‫الجغرافي ‪ ،‬و الوقائع الاجتماعية و الاقتصادية ‪ ،‬و التمثيالت الثقافية و ألايديولوجية ‪،‬‬

‫و مواقف الفاعلين الاجتماعيين ‪.‬‬

‫و مفهوم التراب هو أبعد ما يكون عن الجمود ‪ ،‬فهو ثمرة العالقات الاجتماعية‪ .‬و كل‬

‫تراب يتضمن مبدئيا امكانية أو عدة مؤهالت قابلة للتفعيل ‪ ،‬و ال تنحصر املؤهالت‬

‫‪23‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫الاقتصادية فقط على املعطيات الطبيعية ‪ ،‬بل إنها تمتد كذلك إلى املؤهالت البشرية و‬

‫املهارات و التجهيزات‪ ،...‬كما أنه يشكل أحد أشكال التأقلم مع مخلفات العوملة‪.‬‬

‫و على هذا ألاساس ‪ ،‬و انطالقا من التوليفة بين املصطلحين ‪" :‬املشروع " و "التراب "‪،‬‬

‫فإن املقصود باملشروع الترابي هو ذلك املجال الاقتصادي و الاجتماعي و املادي الذي تصاغ‬

‫ضمنه مجموعة من املشاريع فوق تراب ما‪ .‬فالتراب إذن من خالل هذا املفهوم كفيل‬

‫باحتضانه ملشاريع ترابية محددة و متنوعة‪.‬‬

‫بطبيعة الحال ‪ ،‬و لتحقيق هذا املبتغى فإن املشروع الترابي ينبني و يرتكز على أربعة‬

‫أبعاد و هي‪:‬‬

‫رؤية للمستقبل بين الفاعلين و املواطنين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫إرادة جماعية قوية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫نظام قيم مشتركة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وجود محاور كبرى على املدى املتوسط و البعيد تحظى‬ ‫‪‬‬

‫بموافقة‪/‬بمصادقة الفاعلين‪.‬‬

‫ب ‪ :‬مراحل اعداد املشاريع الترابية‬


‫يمر إنجاز املشروع الترابي بثالثة مراحل أساسية و هي ‪ :‬تشخيص إلاشكاليات ألاساسية‬

‫لتراب الجهة (‪ ،)1‬تحديد أو قبول قائمة املشاريع الترابية بالجهة (‪ )2‬و كذا تنفيذ املشروع‬

‫الترابي (‪.)3‬‬

‫‪24‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫‪ - 1‬تشخيص إلاشكاليات ألاساسية لتراب الجهة‪:‬‬

‫‪Diagnostique des problèmes et du contexte territoire de la région‬‬


‫إن عملية تنفيذ املشروع الترابي تعطي تصورا مسبقا ملا سيكون عليه تراب الجهة‬

‫من حيث إنجازاته و نقط ضعفه و إختالالته خالل الخمسة عشرة أو العشرين سنة‬

‫القادمة‪ ،‬كما يتعلق ألامر كذلك بكل من ‪:‬‬

‫‪ -1‬الصياغة الجيدة ألهداف املشروع‪.‬‬

‫‪ -2‬إعطاء بعد جيد للمشروع‪.‬‬

‫و باإلضافة الى ذلك يجب تحديد مميزات التراب على مستوى الثروات الطبيعية و‬

‫الثقافية و التراثية‪...‬إلخ ‪ .‬و تهدف هذه املرحلة إلى جمع املعلومات الالزمة لتشخيص‬

‫إلاشكاليات املحددة و املميزة ملجال الجهة‪ .‬و باختصار ‪ ،‬فإن ألامر يتعلق باستيعاب‬

‫إلاشكاليات الخاصة بالجهة و تحديد شبكة الفاعلين ‪.‬‬

‫و لتحقيق ذلك ‪ ،‬يصبح من الضروري إجراء لقاء بين الرائدين و املقررين املحليين‬

‫و الجهويين ‪ ،‬و في الواقع يرتبط نجاح مشروع ترابي بإعداد نظام مهيكل من قبل الفاعلين‪.‬‬

‫و قد يؤدي تزايد عدد الفاعلين و التنافس بينهم إلى عواقب سلبية و تبذير للمال ‪ ،‬و من هنا‬

‫تصبح عالقة الشراكة بين الرائدين و املقررين املحليين أمرا ضروريا‪.‬‬

‫و بهذا الصدد ‪ ،‬قبل البدء في تصور مشاريع ترابية أو تقديم اقتراحات بشأنها ‪،‬‬

‫يصبح من الضروري أن نبحث عن تآاليات التقنية إلعداد و تنمية املنطقة املعينة على‬

‫الصعيد‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫‪ -1‬الوطني ‪ :‬التصميم الوطني إلعداد التراب‪.‬‬

‫‪ -2‬الجهوي ‪ :‬التصميم الجهوي إلعداد التراب‪.‬‬

‫‪ -3‬املحلي ‪ :‬مخطط توجيهي للتهيئة العمرانية ‪ ،‬تصميم التهيئة‪...‬إلخ‪.‬‬

‫و تهدف هذه الاستشارة املسبقة الى تجنب تبذير املال و الوقت و كذا العمل املكرر‪.‬‬

‫و باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬ال يمكن مباشرة إنجاز أعمال مندمجة دون تحديد مسبق ألشكال‬

‫تدخل القطاعات و معرفة برامجها لتلبية حاجيات الساكنة و التنمية الاقتصادية‪.‬‬

‫و أخيرا ‪ ،‬يتعلق ألامر في هذه املرحلة بتحديد اذا أمكن ذلك ‪ ،‬أولى املشاريع التي تلبي‬

‫املقاييس التالية في مجال إعداد التراب‪:‬‬

‫‪ -1‬التواصل الترابي من حيث القيمة املضافة‪.‬‬

‫‪ -2‬التواصل من حيث التوجهات و ألاولويات املضمنة بمخطط إعداد التراب للجهة‬

‫املعنية‪.‬‬

‫‪ -3‬تأثير الشبكة و الوقع البنيوي على مجموع التراب الجهوي و الوطني‪.‬‬

‫‪ : - 2‬تحديد أو قبول قائمة املشاريع الترابية بالجهة‪:‬‬


‫‪Identifier et/ ou arrêter la liste des projets de territoire dans la région‬‬
‫يجب على املشاريع املرتبطة باملرحلة الثانية أن تلبي مجموعة من املقاييس املحددة و‬

‫التي تدخل ضمن شروط واجبة املراجعة ألجل قبول املشاريع الترابية املقترحة‪:‬‬

‫‪ -1‬خلق القيمة املضافة ‪.‬‬

‫‪ -2‬إقامة شراكة باإلضافة الى التمويل‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫‪ -3‬يجب أن تقدم من طرف فاعلين متمكنين و ممثلين مليدان النشاط املعني‪.‬‬

‫و بالتالي فعلى املشروع أن يكون بتحالف مع مختلف الفاعلين و بتدعيم منهم‪.‬‬

‫‪ -1‬ان تعود بالنفع على ألاقاليم ألاخرى بالجهة و على املغرب ككل ‪ ،‬مع ألاخذ بعين‬

‫الاعتبار الواقع السوسيو اقتصادي للتراب املعني باملشروع‪.‬‬

‫‪ -9‬أن تكون املشاريع موضوع إجماع من طرف جميع ألاطراف املعنية قبل انطالقتها‬

‫بواسطة التزام عام للتدخل حسب الكفاءة ‪ ،‬و ذلك خالل كل مرحلة يكون فيها‬

‫التدخل أمرا ضروريا‪.‬‬

‫و في هذه املرحلة ‪ ،‬تنسب املحاور الاستراتيجية التي تمت بلورتها في مرحلة‬

‫"التشخيص " إلى فرق عمل تنحصر مهمتها في القيام بتحاليل معمقة ذلك أن تشكيل فرق‬

‫عمل يسمح بتعبئة مختلف الفاعلين حول املشروع الترابي ‪ ،‬يفرض على هؤالء تحضير‬

‫بطاقات املشروع أو بطاقات عمل ضرورية لتحديد التوجهات الاستراتيجية‪.‬‬

‫‪ : -3‬تنفيذ املشروع الترابي‪La Mise en Oeuvre du Projet de Territoire :‬‬


‫يجب على املشروع الترابي أن يتوفر على التمويل الكافي ‪ ،‬و في هذه املرحلة يتم تعيين‬

‫لجنة رائدة للمشروع تشمل الفاعلين العوام و الخواص املعنيين بالقطاع املعني و العناصر‬

‫الضرورية التي تم اختيارها ملباشرة العملية و كذلك كآليات لتحسيس الساكنة ‪ ،‬ومن هنا‬

‫يتعين‪:‬‬

‫‪ ‬إضفاء صبغة التميز على عملية التعاقد كإجراء عملي للتنفيذ‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫ذ‪.‬محمد ادلرويش أس تاذ ابحث ابللكية متعددة التخصصات ابلرش يدية‬
‫الإجازة املهنية التدبري الرتايب و الت منية اجملالية ‪ -‬املومس اجلامعي ‪9191-9102‬‬

‫بعد مرحلة البحث عن إجماع حول مشروع التراب و الذي يعتبر في الواقع ‪ ،‬إجراء‬

‫اتفاق بين الفاعلين‪ ،‬فإن الغاية تكمن في التوجه نحو إجراء التعاقد الذي يحمل مختلف‬

‫الشركاء مسؤولية تقسييم التكلفة بينهم‪.‬‬

‫‪ ‬تقييم النتائج ‪:‬‬

‫‪ -1‬التقييم ألاولي ‪ :‬يتعلق ألامر باملرحلة ألاولية حيث يتم تحديد الاختبارات‬

‫الكبرى و ألاهداف على املدى البعيد‪.‬‬

‫‪ -2‬التقييم وقت إلانجاز ‪ :‬و يتم خالل مرحلة إنجاز املشروع‪ .‬و هذا التقييم يتم‬

‫بصفة دائمة‪ ،‬كما أنه يتوخى إلى انسجام التطبيقات مع ألاهداف‪.‬‬

‫‪ -3‬التقييم املالحق ‪ :‬و الذي يتم بعد الانتهاء من إنجاز املشروع‪.‬‬

‫‪28‬‬

You might also like