Professional Documents
Culture Documents
بعنوان:
سياسة
اآلثار االقتصادية الكلية لصدمات أسعار النفط وصدمات ال ّ
المالية من منظور النّمذجة غير الهيكلية
-حالة االقتصاد الجزائري (-)2014-1970
السنة الجامعية
2019/2018
قال تعاىلَ ﴿ :ر ِّب َأ ْو ِّزع ِِّْن َأ ْن َأ ْش ُك َر ِّنع َم َت َك ال َّ ِِّت َأنْ َع ْم َت عَ َ ََّل َوعَ ََل َو ِّ َاِل َّي َو َأ ْن
َأ ْ َْع َل َصا ِّل ًحا تَ ْرضَ ا ُه َو َأ ْد ِّخلْ ِِّن ِّب َر ْ َْحتِّ َك ِِّف ِّع َبا ِّدكَ َّ
الصا ِّل ِّح َي﴾ سورة المنل ،الآية .19
قال رسول هللا صَل هللا عليه وسمل﴿ :التح ُّدث بنعمة هللا شكر ،وتركها كفر،
ومن ال يشكر القليل ال يشكر الكثري ،ومن ال يشكر الناس ال يشكر هللا﴾
(البهيقي).
﴿اللهم اجعلنا من اذلين تفكروا فاعتربوا ،ونظروا فأبرصوا ،ومسعوا فتعلقت قلوهبم
ابملنازعة اىل طلب الآخرة ،اللهم اجعلنا من اذلين اذا أحس نوا اس تبرشوا ،واذا
اىل من ال يسعِن رد مجيلها ..اىل من ُجعلت اجلنة حتت قدمهيا ..أيم احلبيبة حفظها هللا وأطال ْعرها...
اىل روح واِلي وجديت تغمدهام هللا برْحته الواسعة وجعل هذا العمل صدقة جارية هلام...
اىل قرة عيِن ،ويل عهدي ..ابِن "جامل محمد اسالم" حفظه هللا وأنبته نباات حس نا...
اىل أخِت العزيزة وابنتهيا أآية وماراي ،واخويت فاروق خاِل ويوسف...
اىل أساتذيت العزاء ..العاليل عالوة ،محمد صاحل ،ومولود حشامن ،جزامه هللا عنا لك خري...
اىل أساتذتنا الكرام اذلين غرسوا فينا حب النجاح والمتزي ..واىل لك من علمنا ولو حرفا...
يقول تعاىلَ ﴿ :وا ْذ تَأَ َّذ َن َرب ُّ ُ ْك ل َ ِّئ َش َك ْر ُ ْت َ َل ِّزيدَ نَّ ُ ْك ﴾ (ابراهمي :الآية .)7
امحلد هلل رب العاملي والصالة والسالم عَل س يدان محمد أرشف املرسلي وس يد ايخلق أمجعي وعَل حصابته
الكرمي ومن تبعهم ابحسان اىل يوم اِلين.
بعد شكر هللا العَل القدير وْحده عَل ما أنعم به علينا من ِّن َعم وعَل ما وهبنا من عقل وحسن تدبري ،ال
يس ُعِن ِف هذه ال ُعجاةل اال أن أتقدم جبزيل الشكر وعظمي ووافر الامتنان اىل الس تاذ اِلكتور :عالوة لعاليل اذلي
م يبخل عَل بنصاحئه القيمة وارشاداته املفيدة وتوجهياته الصائبة وتشجيعه احملفز.
كام ال يفوتِن أن أتقدم بشك ٍر خاص اىل الس تاذ اِلكتور محمد صاحل اذلي أرشف عَل العمل طيةل
الس نوات الثالث الوىل ،وم يبخل عَل ال بنصيحة علمية وال دنيوية (ابرك هللا فيك أس تاذي) .والشكر موصول
أيضا اىل الس تاذ اِلكتور مولود حشامن عَل لك اِلمع واملساعدة والنصاحئ القمية (شكرا جزيال أس تاذي).
وِف الخري ال أنىس أن أتقدم بأمسى معاين الشكر وأجل معاين التقدير اىل لك الساتذة اذلين رافقوين
طيةل مشواري اِلرايس ،وللك من علمِن حرفًا ،ولك من قدم يل يد املساعدة من قريب أو من بعيد ولو حىت
بلكم ٍة طيبة.
ويل ُّ
لك توفيق. وامحلد هلل من قبل ومن بعد ،فهو ُّ
فهرس المحتويات
فهرس المحتويات
02. تمهيد............................................................................................
المبحث :01اضطرابات أسعار النفط :نظرة تاريخية واثباتات تجريبية03. ...............................
.1المسار التاريخي لتطورات أسعار الخام في السوق العالمية03. .......................................
.1.1أسعار النفط :منذ البداية ..إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية03. ..................................
.2.1تراجع سيطرة الشركات البترولية ،ظهور أوبك ..وتطورات أسعار الخام07. .........................
.3.1تطورات أسعار الخام في ظل انهيار وتالشي احتكار كبرى الشركات النفطية08. ....................
.2تحليل العوامل المسؤولة عن تذبذب وتقلب أسعار الخام في السوق العالمية14. .......................
14. .1.2العوامل المحددة لحركة تطور أسعار الخام...................................................
.2.2األدلة واإلثباتات التجريبية حول محددات تقلبات أسعار النفط19. ..................................
المبحث :02العالقة "أسعار النفط-اقتصادي كلي" :األسس النظرية واألدلة التجريبية23. ................
23. .1اإلطار النظري ) :(Theoretical Frameworkآليات تأثير تقلبات أسعار النفط على االقتصاد الكلي..
24. .1.1أسعار النفط والنشاط االقتصادي :قنوات وميكانيزمات االنتقال.................................
.2.1التأصيل النظري آلثار صدمات أسعار النفط على المتغيرات االقتصادية الكلية األساسية28. ........
.2أسعار النفط واالقتصاد الكلي :مسح لألدبيات التجريبية )33. ..........(Empirical Literature Survey
34. .1.2الحقائق التجريبية بخصوص البلدان المستهلكة والمستوردة للنفط...............................
40. .2.2عرض نتائج أهم األدبيات التجريبية بخصوص البلدان المنتجة والمصدرة للنفط.................
IV
فهرس المحتويات
المبحث :03وفرة النفط ..تقلبات أسعاره ،والتحديات التي تواجه االقتصاديات النفطية44. ................
.1الثروة النفطية وسلوك اقتصاديات البلدان المنتجة للنفط في ظل الوفرة وتقلبات األسعار44. ...........
ِّ
المصدرة44. ................................ .1.1صدمات أسعار النفط والتقلبات االقتصادية في البلدان
49. .2.1وفرة النفط والنمو االقتصادي في االقتصاديات النفطية :مفارقة الوفرة...........................
.2االقتصاديات النفطية وأطروحة لعنة الموارد :الدعائم النظرية واإلطار التجريبي52. ....................
.1.2أطروحة "لعنة الموارد" :المفهوم واألبعاد53. .......................................................
.2.2التفسيرات األساسية ألطروحة "لعنة الموارد" ودور تقلبات أسعار الموارد (النفط)56. .................
خالصة الفصل63. ....................................................................................
الفصل الثاني :السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية64. .
65. تمهيد.............................................................................................
المبحث :01السياسة المالية :المبادئ النظرية واألسس الفكرية66. ....................................
66. .1السياسة المالية :مقاربة اقتصادية ما بين األهداف واألدوات......................................
.1.1مفهوم السياسة المالية66. ........................................................................
.2.1األهداف الرئيسية للسياسة المالية68. .............................................................
.3.1أدوات السياسة المالية وآثارها على النشاط االقتصادي70. .........................................
.2تطور دور وأهمية السياسة المالية ضمن مختلف المقاربات االقتصادية الكلية86. .....................
.1.2السياسة المالية بين الحياد والتدخل :وجهة النظر الكالسيكية مقابل الكينزية86. .....................
88. .2.2أسس وتوجهات السياسة المالية في الفكر ما بعد الكينزي......................................
المبحث :02اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية :خلفية نظرية وحقائق تجريبية91. ...............
91. .1اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية :اإلطار النظري ).................(Theoretical Aspects
.1.1آثار السياسة المالية من جانب الطلب93. ............)Demand-Side Effects of Fiscal Policy( :
100. .2.1آثار السياسة المالية من جانب العرض............)Supply-Side Effects of Fiscal Policy( :
102. .3.1الجوانب المؤسساتية للسياسة المالية..............(Institutional Aspects of Fiscal Policy) :
.2اآلثار االقتصادية للسياسة المالية :عرض األدبيات التجريبية )104. ...(Empirical Literature Review
.1.2النتائج التجريبية لألدبيات ذات الصلة باقتصاديات البلدان الصناعية المتقدمة106. ...................
.2.2النتائج التجريبية لألدبيات المتعلقة باقتصاديات البلدان النامية والناشئة (بما فيها البلدان النفطية)112. .
V
فهرس المحتويات
المبحث :03قراءة في خصائص ،دور ،وتحديات السياسة المالية في االقتصاديات النفطية116. ..........
.1السياسة المالية في االقتصاديات النفطية بين التقلب والتبعية لعائدات النفط116. ........................
.1.1معالم ومميزات السياسة المالية في االقتصاديات النفطية117. .......................................
.2.1صدمات وتقلبات أسعار النفط واستجابة السياسة المالية في اقتصاديات البلدان النفطية120. ..........
122. .3.1االقتصاديات النفطية ودورية السياسة المالية..............(pro-cyclicality of fiscal policy) :
.2التحديات الرئيسية التي تواجه السياسة المالية نتيجة التبعية لعائدات النفط127. .........................
.1.2التحديات والقضايا قصيرة األجل :إدارة وتسيير االقتصاد الكلي والتخطيط المالي127. ................
.2.2التحديات والقضايا طويلة األجل :االستدامة المالية والمساواة بين األجيال129. .......................
.3.2التكاليف االقتصادية الكلية لتقلبات السياسة المالية134. .............................................
خالصة الفصل136. .................................................................. ..................
الفصل الثالث :أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار
137. التحليلي التطبيقي.......................................................... ..........
138. تمهيد.............................................................................................
المبحث :01واقع السياسة المالية ومؤشرات أداء االقتصاد الجزائري وحركة أسعار النفط :قراءة
139. تحليلية...........................................................................................
.1مسار السياسة المالية في االقتصاد الجزائري في ظل حركة أسعار النفط خالل الفترة(139. )2014-1970
.1.1انعكاسات حركة أسعار النفط على مسار سياسة اإليرادات العامة خالل الفترة (139. ....)2014-1970
.2.1انعكاسات حركة أسعار النفط على توجهات سياسة اإلنفاق العام خالل الفترة (149. .....)2014-1970
.2أداء االقتصاد الكلي الجزائري في ظل تقلبات أسعار النفط والسياسة المالية خالل الفترة (-1970
157. ............................................................................................)2014
.1.2انعكاسات حركة أسعار النفط والسياسة المالية على نمو االقتصاد الجزائري (158. ......)2014-1970
.2.2انعكاسات حركة أسعار النفط وتوجهات السياسة المالية على المستوى العام لألسعار (-1970
167. ............................................................................................)2014
المبحث :02المعالجة الكمية ألثر صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على أداء
178. االقتصاد الكلي الجزائري :مقاربة نماذج ".................................................."VAR
.1صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية وأداء االقتصاد الكلي الجزائري من منظور نماذج
VI
فهرس المحتويات
VII
ق ائمة الجداول
قائمة الجداول
قائمة الجداول:
الصفحة العنوان الرقم
( )1.3ملخص اختبارات االستق اررية )) (Dickey-Fuller (1979,1981لمتغيرات النظام األساسي194. ..
( )2.3نتائج اختبارات التكامل المتزامن لـ " "Johansenلمتغيرات النظام األساسي المحدد197. .......
( )3.3ملخص نتائج اختبارات السببية "وفق "Grangerبين متغيرات النظام األساسي محل -209.
210 الدراسة.
( )4.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي )231. .........(LRGDP. V.D
( )5.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام )232. .(V. D. of LGDPD
( )6.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة اإليرادات العامة الحقيقية )233. ...........(LRGREV. V.D
234. ( )7.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة اإلنفاق العام الحقيقي )..............(LRGEXP. V.D
235. ( )8.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة عرض النقد الحقيقي )..................(LRM2. V.D
IX
ق ائمة األشكال البيانية
قائمة األشكال البيانية
XI
ق ائمة ومحتويات المالحق
قائمة ومحتويات المالحق
الجدول ( )1-Iتطورات األسعار المعلنة للخام األمريكي (خام بنسلفانيا) للفترة (293. ....)1899-1860
الجدول ( )2-Iتطورات األسعار المعلنة للخام األمريكي (متوسط أسعار خامات الو.م.أ) للفترة
(293. ................................................................)1935-1900
الجدول ( )3-Iتطور األسعار المعلنة للخام األمريكي في خليج المكسيك ) (FOBخالل الفترة
(294. ...............................................................)1944-1936
الجدول ( )4-Iتطورات األسعار المعلنة لكل من الخام العربي والخام األمريكي في الخليجين
العربي والمكسيكي للفترة (294. ........................................)1949-1945
تطورات األسعار المعلنة ٍّ
لكل من الخام :العربي ،األمريكي والفنزويلي للفترة (-1949 الجدول ()5-I
294. .......................................................................)1960
الجدول ( )6-Iتطورات األسعار المعلنة لبرميل خام القياس –العربي الخفيف ) -(34°للفترة
(295. ...............................................................)1970-1960
الجدول ( )7-Iتطورات األسعار المعلنة (واألسعار الرسمية) لبرميل خام القياس –العربي الخفيف
) -(34°خالل الفترة (295. ............................................)1979-1971
الجدول ( )8-Iتطورات األسعار الرسمية ألوبك –لبرميل خام القياس (العربي الخفيف )-)(34°
خالل الفترة (295. ....................................................)1989-1980
خامات أوبك (متوسط السعر) خالل الفترة (-1990 ّ تطورات سعر اإلشارة لسلة الجدول ()9-I
296. .......................................................................)1999
الجدول ( )10-Iتطورات السعر الفوري لسلة خامات أوبك خالل الفترة (296. ...........)2014-2000
296. تطور اإلحتياطات العالمية المثبتة من النفط الخام خالل الفترة (..)2014-1960 الشكل ()2-I
297. تطور اإلنتاج العالمي من النفط الخام خالل الفترة (..............)2014-1960 الشكل ()3-I
297. تطور الطلب العالمي على النفط الخام خالل الفترة (.............)2014-1960 الشكل ()4-I
الجدول ( )11-Iتطور اإلحتياطي ،اإلنتاج والطلب العالمي على النفط الخام خالل الفترة (297. -1970
298- .......................................................................)2014
المثبتة من النفط الخام لدى أعضاء أوبك خالل الفترة (298. .)2014-1960 الشكل ()5-I
اإلحتياطات ُ
XIII
قائمة ومحتويات المالحق
XIV
قائمة ومحتويات المالحق
القيم النظرية لإلحصائيات " "tلكل من الحد الثابت وحد االتجاه العام في نماذج الجدول ()7-II
320. Dickey-Fullerعند مستوى معنوية ) (1%و).........................(5%
الفرضية H0والفرضية H1في كل نموذج من نماذج إختبار 321..........Dickey-Fuller الجدول ()8-II
XV
قائمة ومحتويات المالحق
XVI
قائمة ومحتويات المالحق
XVII
مقدّمة عامّة
مقدمة عامة
طرح اإلشكالية:
في ظل األهمية البالغة التي اكتساها النفط كمادة حيوية وسلعة استراتيجية ال غنى عنها؛ ظلَّت أسعاره
تمثل المحرك األساسي والمحدد األهم لألداء االقتصادي الكلي في مختلف اقتصاديات بلدان العالم ،كما تمت
اإلشارة إليه من طرف عديد الدراسات واألبحاث األساسية ،التي عكفت على إيجاد تفسيرات واضحة ومقنعة
للعالقة بين حركة أسعار النفط وتقلبات النشاط االقتصادي الكلي .1وفي هذا اإلطار ،تشير الكثير من هذه
الدراسات إلى اختالف آثار صدمات األسعار المذكورة على األداء االقتصادي الكلي ،بين االقتصاديات
المستوردة للنفط ونظيرتها المصدرة؛ فبينما تشكو المجوعة األولى من ارتفاع أسعار النفط ،باعتباره ُمدخال
أساسيا من مدخالت النظام اإلنتاجي؛ نجد أن المجموعة الثانية تتضرر من صدمات انخفاض هذه األسعار،
كما تأتي شدة تقلبها -هي األخرى -مصحوبة بعواقب غير محمودة على اقتصاديات هذه البلدان ،بالنظر
إلى كون النفط موردا اقتصاديا تعتمد عليه موازنات حكوماتها ،وتقوم عليه أسس التنمية االقتصادية لديها.
مع واقع التبعية للعائدات النفطية التي تبقى رهينة تقلبات أسعار هذا المورد في األسواق العالمية؛ لطالما
تميز النشاط االقتصادي الكلي في البلدان المصدرة للنفط بحتمية تعرضه للتقلبات ،بين حاالت االنتعاش
غالبا ما تأتي مصحوبة
والرواج من جهة ،وحاالت االنكماش والركود من جهة أخرى .وهي التقلبات التي ً
1منبينهذهالدراساتنذكر(سبيلالمثال)دراساتكلٌّ منPierceو)1974(Enzler؛Brunoو)1982(Sachs؛Rascheو،(1977(Tatom
()1981؛)1981(Dohner؛)1982(Darby؛)1983(Hamilton؛Burbidgeو)1984(Harrisson؛Gisserو .)1986(Godwin
أ
مقدمة عامة
بتفاقم وضعيات الكساد ،مع ما يرافقها من ظهور وتراكم للطاقات اإلنتاجية العاطلة ،وكذا أزمات التضخم،
وما تخلفه هذه األخيرة من ٍ
تأثير سلبي على االقتصاد .بينما يتوقف نوع ومقدار اآلثار التي تخلفها تقلبات
أسعار النفط على مجمل األداء االقتصادي الكلي في مجموعة البلدان المعنية في الغالب ،على طريقة تعامل
حكوماتها -التي غالبا ما تسيطر على الجزء األهم من النشاط االقتصادي بتلقيها المباشر لعائدات النفط
وتحكمها في إنفاقها -مع فوائض المداخيل واإليرادات ،وعلى كيفية توظيفها لهذه الفوائض ،في إطار السياسة
االقتصادية (والسياسة المالية على وجه الخصوص) ،التي تبقى بدورها رهينة وضعية سوق النفط العالمية
(،)2009 غرارPieschacón ،)2008( Husain et al واألسعار السائدة ضمنها؛ إذ يذكر عديد الباحثين –على
El Anshasy ،)2012( El Anshasyو -)2012( Bradleyفي هذا الصدد أن أسعار النفط تمس وتؤثر على
األداء االقتصادي الكلي القتصاديات البلدان المصدرة للنفط من خالل قناة السياسة المالية.
قتصادا
ً في ذات السياق ،تُعد الجزائر –بتوفرها على ثروات نفطية معتبرة جعلت من االقتصاد الجزائري ا
نفطيا بالدرجة األولى -من البلدان المصدرة للنفط التي ارتبط اقتصادها ،وكذا سياستها االقتصادية وسياستها
ٍ
بشكل خاص ،ارتباطًا وثيقًا بتوجهات سوق النفط العالمية ،واتجاهات األسعار في هذه السوق .بينما المالية
خلَّف هذا االرتباط واالعتماد الواسع لالقتصاد الجزائري على العائدات النفطية ،كمصدر رئيسي للدخل
آثار على االقتصاد الكلي الجزائري ،جعلت من النشاط االقتصادي واألداء
الوطني والعملة والنقد األجنبيً ،ا
هونا بتطورات وتقلبات أسعار النفط ،وما يقابلها من تقلبات في قيمة الصادرات
االقتصادي الكلي مر ً
واإليرادات النفطية ،ومن ثم في اإليرادات العامة والسياسة المالية.
في هذا الصدد ،يمكن أن نالحظ بجالء –وبإلقاء نظرة بسيطة على التطور التاريخي لالقتصاد الجزائري-
مباشر على السياسة المالية وادارة
ا تأثير
ا أنه قد كان للتقلبات المذكورة في أسعار النفط واإليرادات النفطية
اإلنفاق العام ،ومن ثم على األداء االقتصادي الكلي .إذ نالحظ –في هذا السياق -أن تراكم الفوائض المالية
الذي رافق انتعاش أسعار النفط خالل سبعينات القرن الماضي وبداية الثمانينات ،قد أدى إلى انتهاج سياسة
مالية توسعية ،قادت إلى مستويات عالية من اإلنفاق العام ،كان من الصعب التراجع عنها بعد االنهيار
والتراجع الذي شهدته أسعار النفط -ومعها اإليرادات النفطية -مع حلول النصف الثاني من عقد الثمانينات؛
ليدخل االقتصاد الجزائري بذلك مرحلة من الضعف والتراجع ،و َسمتها االختالالت المالية واالقتصادية الهيكلية
التي قادته للجوء إلى المؤسسات المالية الدولية ،وتبني حزمة من برامج اإلصالح االقتصادي والمالي
المقترحة والمفروضة من طرف هذه المؤسسات ،الحتواء األوضاع وتصحيح االختالالت ،التي تجلَّت أساسا
في عجز الموازنة العامة وارتفاع حجم الدين العام نتيجة تراكم الديون الخارجية؛ تدهور االستثمار العام
ب
مقدمة عامة
وتراجع الناتج الداخلي الخام الحقيقي ومعدالت النمو االقتصادي ،وارتفاع معدالت البطالة والتضخم.
مع حلول عقد التسعينات ،وفي إطار اإلصالحات االقتصادية التي ُشرع في تنفيذها ،من أجل تغيير نمط
تسيير االقتصاد ،والتخفيف من تبعية السياسة المالية لإليرادات النفطية ،تم تبني قانون اإلصالح الضريبي
عام ،1992مع تقليل تدخل الدولة في االقتصاد وفتح المجال للمبادرة الخاصة ،بعد التخلي عن النهج
االشتراكي واالنتقال إلى العمل بنهج اقتصاد السوق .غير أن أهم ما ميز هذه المرحلة هو تواصل ارتفاع
حجم الدين العام نتيجة ارتفاع المديونية الخارجية ،وتبني الدولة لسياسة التطهير المالي للمؤسسات العاجزة؛
األمر الذي أسفر عن اختالل في المالية العامة للدولة ،وأضفى ميزة عدم القدرة على التحمل الموازني ،رغم
االتجاهات التقشفية المتشددة التي سلكتها السياسة المالية خالل أغلب فترات المرحلة المعنية .ذلك قبل أن
تأتي فترة ما بعد اإلصالحات مصحوبة بنوع من الراحة المالية ،التي أضفتها عودة أسعار النفط للتحسن
واالرتفاع التدريجي منذ الثالثي األخير للعام ،1999مما أعطى دفعا جديدا للسياسة المالية والنشاط
االقتصادي ،تجسد من خالل إقرار مجموعة من البرامج اإلنفاقية االستثمارية التوسعية ،التي كانت تهدف إلى
إنعاش االقتصاد ودعم وتحفيز النمو ،والتي تجلت في برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي ( ،)2004-2001ثم
البرنامج التكميلي لدعم النمو االقتصادي ( ،)2009-2005وبعده برنامج توطيد النمو االقتصادي (-2010
.)2014وهي البرامج التي رافقها ارتفاع وتوسع كبير في اإلنفاق الحكومي االستثماري ،وتحسن غير مسبوق
في معظم مؤشرات األداء االقتصادي الكلي ،ولعل أهمها تراجع حجم الدين العمومي نتيجة انخفاض
المديونية الخارجية ،تحسن معدالت النمو االقتصادي ،وتراجع معدالت البطالة والتضخم.
من خالل التمعن في الحقائق التي يتضمنها الوصف المقدم أعاله بشأن تطورات االقتصاد الجزائري،
تتضح بجالء هشاشة هيكل هذا االقتصاد ،وحالة التقلب والالّ إستقرار التي تكتنفه ،نظير ارتباطه الوثيق
واعتماده الواسع على العائدات النفطية ،التي تخضع لحركة وتقلبات أسعار النفط الواقعة تحت تأثير عديد
العوامل الخارجية ،التي ال يملك صناع القرار وواضعي السياسات االقتصادية سلطة التحكم فيها .فالتطورات
الموصوفة تُبدي تبعية وخضوع ق اررات السياسة االقتصادية عامةً ،والسياسة المالية على وجه الخصوص،
ومن ثم األداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،للتقلبات في اإليرادات النفطية وأسعار النفط؛ األمر الذي لطالما
أدى إلى اختالل االستقرار االقتصادي الكلي ،ومرور االقتصاد الجزائري بتقلبات عدة ،رافقتها أوضاع تتراوح
بين حاالت االنكماش والركود وضعف أداء النمو االقتصادي من جهة ،وبروز الضغوط التضخمية
ووضعيات الكساد التضخمي من جهة أخرى.
ضمن اإلطار الموصوف ،جاءت الدراسة الحالية لتسلط الضوء على نوع ومقدار اآلثار التي تخلفها
ت
مقدمة عامة
الصدمات في أسعار النفط والصدمات الناتجة عن إجراءات وتدابير السياسة المالية المرافقة لها ،على
توجهات وسلوك المتغيرات األساسية لألداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،معتمدين في ذلك –على غرار ما
جاء في الكثير من األدبيات التطبيقية التي اهتمت بالموضوع -على أساليب وأدوات القياس االقتصادي
والتحليل الكمي ،التي توفرها وتتيحها مقاربة النمذجة غير الهيكلية ( .(Non-Structural Modelingوبالتحديد
على تقنيات ووسائل التحليل التي تقدمها "مقاربة أنظمة أشعة االنحدارات الذاتيةVector Autoregressions -
،"Systems Approachالتي تعد أهم مقاربات النمذجة غير الهيكلية ،والتي شكلت –منذ أن تم تقديمها ألول
مرة من طرف الباحث واالقتصادي " "C.A. Simsعام –1980وسيلة قياسية وأداةً كمية مالئمة ،لتحليل
العالقات والتفاعالت الديناميكية بين المتغيرات االقتصادية ،في مختلف الدراسات واألبحاث التطبيقية التي
تهدف إلى وصف وتحليل البيانات ،إنتاج تنبؤات حول ظاهرة معينة ،أو تحليل السياسات االقتصادية .إذ
تملك أدوات مقاربة النمذجة المذكورة ،القدرة على تقديم الوصف الصحيح ،والشامل ،والدقيق ،للهيكل
الديناميكي الحقيقي للعالقات السائدة بين متغيرات النظام االقتصادي المدروس ،بتفاديها لقيود التمييز التي
تعكس محتوى وتوجه مختلف النظريات االقتصادية ،فاسحة المجال للمعطيات والبيانات للتعبير عن الواقع.
"وفق منهج ومنظور مقاربة النمذجة غير الهيكلية ،وباالعتماد على أدوات وتقنيات هذ المقاربة؛ ما مدى
تأثير ومساهمة ٌّ
كل من صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية المرافقة لها في تحديد اتجاهات
وسلوك المتغيرات األساسية لألداء االقتصادي الكلي في الجزائر؟ ،وما هو شكل ومقدار استجابة المتغيرات
المعنية تجاه الصدمات محل االهتمام؟".
1
What The Data Say About The Macroeconomic Effects of Oil Prices and Fiscal Policy Shocks in Algeria?.
ث
مقدمة عامة
ُبغية اإلحاطة واإللمام بحيثيات الموضوع ،تَوجَّب معالجة اإلشكالية الرئيسية من خالل اإلحاطة بجوانب
األسئلة الفرعية ،التي يمكن إيجازها فيما يلي:
.1ما هي أبرز المحطات التاريخية التي شهدتها أسعار النفط ؟؛ ما هي أهم العوامل المسؤولة عن تذبذب
وتقلب أسعار الخام في السوق العالمية وفق األبيات االقتصادية النظرية والتطبيقية؟ ،وما هو األساس
واإلطار النظري ،واألدلة والحقائق التجريبية بشأن العالقة بين أسعار النفط واألداء االقتصادي الكلي؟.
ِّ
المصدرة للنفط في ظل الوفرة النفطية وتقلبات أسعار .2ماهي أهم التحديات التي تواجه اقتصاديات البلدان
الخام؟؛ ما هو واقع اقتصاديات هذه البلدان -وضمنها االقتصاد الجزائري -من أطروحة مفارقة الوفرة
(Paradoxولعنة الموارد )(Resource Curse؟ ،وماهي الدعائم النظرية واإلطار التجريبي )of Plenty
،(Mechanismوقناة هامة ) (Transmision Chanelالنتقال آثار صدمات أسعار النفط إلى األداء
االقتصادي الكلي في الجزائر ،على غرار ما تم إثباته في عديد البلدان المصدرة للنفط؟.
.6إلى أي مدى يمكن اعتبار الصدمات والتقلبات في أسعار النفط بمثابة السبب الرئيسي لتقلبات األداء
االقتصادي الكلي في الجزائر؟؛ إلى أي حد تتأثر السياسة المالية في االقتصاد الجزائري بحركة وتقلبات
أسعار النفط؟ ،وهل تؤدي هذه السياسة دو ار في التخفيف من حدة اآلثار السلبية ،ومعالجة واحتواء
األوضاع االقتصادية بعد الصدمات النفطية ،أم أنها تكون عديمة الفعالية ومسايرة لتقلبات الدورة
االقتصادية (دورية) Procyclical-؟.
ج
مقدمة عامة
يمكن ضمنيا تلخيص جميع التساؤالت السابقة من الناحية القياسية للبحث في التساؤل التالي:
ضمن اإلطار التطبيقي-التجريبي لمقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " ،"VARوباالعتماد على
أدوات وتقنيات هذه المقاربة –باعتبارها أهم مقاربات النمذجة غير الهيكلية -ما هو نوع ومقدار التأثير
الذي تمارسه صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على المتغيرات األساسية لألداء
االقتصادي الكلي في الجزائر؟ ،وما هي آليات مختلف العالقات الديناميكية السائدة بين متغيرات النظام
األساسي محل الدراسة؟.
فرضيات البحث:
.1تتسم حركة أسعار النفط بالالّ إستقرار وحدة التقلب ،نتيجة تداخل وتفاعل مجموعة متنوعة من العوامل،
بينما يكون للتقلبات والصدمات في هذه األسعار أث ار جليا على األداء االقتصادي الكلي القتصاديات
البلدان المصدرة للنفط -ومن بينها الجزائر -إذ تنعكس التقلبات والصدمات المذكورة بشكل مباشر وغير
مباشر على اتجاهات وسلوك متغيرات األداء االقتصادي الكلي.
.2تميل االقتصاديات النفطية –على غرار جل االقتصاديات الغنية بالموارد -إلى النمو بصورة أبطأ ،مقارنة
بنظيرتها التي تفتقر للموارد الطبيعية وال تتوفر على القدر اليسير منها ،إذ توجد عالقة ارتباط سلبي بين
وفرة الموارد –على غرار الموارد النفطية -وأداء النمو االقتصادي.
.3تؤثر صدمات أسعار النفط على األداء االقتصادي الكلي للبلدان المصدرة للنفط ،عبر العديد من قنوات
وميكانيزمات االنتقال .بينما تعد السياسة المالية من بين أهم القنوات والميكانيزمات التي تؤثر من خاللها
أسعار النفط على األداء االقتصادي الكلي في مجموعة البلدان المذكورة (ومن بينها الجزائر)؛ كما تُعتبر
هذه السياسة من أهم األدوات المتاحة أم صناع القرار ،لمعالجة األوضاع االقتصادية بعد االختالالت
الناجمة عن الصدمات في أسعار النفط.
.4تتوقف فعالية السياسات المالية للدولة على طرق تمويل اإلنفاق الحكومي ،ومصادر الحصول على
اإليرادات العامة ،لذا تتأثر السياسة المالية في الجزائر –على غرار باقي االقتصاديات المصدرة للنفط-
المحدد ٍ إلى ٍّ
حد بعيد بأوضاع سوق النفط العالمية .وبعبارة أخرى تُعتبر حركة أسعار النفط بمثابة ُ
األساسي لق اررات السياسة المالية في الجزائر ،بتحكمها في اإليرادات المالية.
.5تمارس السياسات المالية التوسعية في الجزائر ،نوعا من اآلثار الكينزية فيما يتعلق بتأثيرها على النشاط
ح
مقدمة عامة
الحقيقي ،إذ غالبا ما يؤدي انتهاج سياسة مالية توسعية من خالل زيادة اإلنفاق الحكومي –على سبيل
المثال -إلى ارتفاع الطلب الكلي ،ومن ثم زيادة اإلنتاج وتحسن نمو الناتج بفعل أثر المضاعف.
.6تنبع التحديات التي تواجه السياسة المالية في اقتصاديات البلدان المنتجة للنفط من واقع كون العائدات
واإليرادات النفطية قابلة لالستنزاف والنضوب ،تخضع للتقلبات إذ تحكمها عوامل خارجية ال يملك
واضعي السياسات سلطة التحكم فيها ،ويكتنفها الاليقين في ظل الال إستقرار الذي يميز أسعار النفط؛
بينما تكون هذه التحديات أصعب كلما زادت حصة اإليرادات النفطية ضمن إجمالي اإليرادات العامة.
.7تمثل الصدمات في متغيرة سعر النفط ،ثم الصدمات في متغيرات السياسة المالية ،بداية ديناميكية التأثير
المتبادل بين متغيرات النظام محل الدراسة .بينما يمكن -في ظل حيادية ومصداقية البيانات اإلحصائية
المعتمد عليها -تقديم الوصف الشامل والدقيق لمختلف العالقات والتفاعالت الديناميكية السائدة بين
متغيرات النظام األساسي المحدد ،من خالل محاكاة الهيكل الديناميكي للنموذج القياس اقتصادي المقدر.
أهمية البحث:
لطالما شكلت التنمية االقتصادية إحدى االهتمامات الكبرى للبلدان المتقدمة والنامية على حد سواء ،غير
أن هذه القضية الزالت تولى باهتمام بالغ لدى مجموعة البلدان األخيرة ،باعتبار أنها تمثل خيا ار حتميا
للخروج من معضلة التخلف االقتصادي؛ بينما عمدت مجموعة البلدان المعنية –وفق هذا المنطلق -إلى
حشد وتعبئة كل مواردها المتاحة ،لبلوغ هذا الهدف االستراتيجي واللحاق بركب المتقدمين ،متبنية في ذلك
استراتيجيات متباينة ،ومنتهجة مناهج متعددة بغية الوصول إلى االستراتيجية المثلى والكفيلة بتحقيق هدفها.
في هذا الصدد ،تنبع أهمية الدراسة الحالية من الدور الذي تضطلع به أسعار النفط والسياسة المالية،
باعتبارهما المحرك الرئيسي للتنمية االقتصادية واالجتماعية في البلدان المصدرة للنفط؛ إذ تسلط الدراسة
تنجم عن صدمات أسعار النفط –باعتبارها المحدد
الضوء على أهم اآلثار االقتصادية الكلية التي يمكن أن ُ
الرئيسي للعائدات النفطية ومن ثم لإليرادات العامة للدولة -وكذا صدمات السياسة المالية ،في و ٍ
احد من أهم
االقتصاديات المصدرة للنفط ،متمثال في االقتصاد الجزائري ،وذلك باالعتماد على مقار ٍ
بة كمية في تحليل
األوضاع االقتصادية عقب الصدمات في أسعار النفط وفي إجراءات السياسة المالية ،تعتمد على منهج
النمذجة غير الهيكلية ،الذي نعتقد أنه يوفر إطا ار أكثر مالئمة للتحليل والكشف عن ديناميكية الظواهر
االقتصادية .وذلك ألننا نعتقد أن المعرفة المسبقة باآلثار الحقيقية المترتبة عن الصدمات محل االهتمام،
سوف تساهم دون شك في توجيه السياسة االقتصادية للدولة بشكل عام ،والسياسة المالية على وجه
خ
مقدمة عامة
الخصوص ،بما يتوافق وتوفير الظروف المالئمة لكبح اآلثار السلبية التي يمكن أن تنجم عن الصدمات محل
االهتمام ،ومن ثم تحقيق أهداف التنمية االقتصادية.
أهداف البحث:
نتطلع ونعمد من خالل هذه الدراسة إلى بلوغ جملة من األهداف ،نورد بعضها فيما يلي:
.1محاولة إبراز المكانة التي يكتسيها النفط في االقتصاد الجزائري ،وتبعية ق اررات السياسة االقتصادية
ألوضاع سوق النفط ،واتجاهات األسعار في هذه السوق ،وما يمكن أن يؤدي إليه استمرار هذا الوضع
من عواقب على مستقبل أداء االقتصاد الوطني ،في ظل تذبذب أسعار هذا المورد وعدم استقرار أسواقه.
.2محاولة تقييم مدى تبعية إجراءات وتدابير السياسة المالية لحركة وتقلبات أسعار النفط ،ومن ثم تقييم
الدور الذي يمكن أن تؤديه هذه السياسة كقناة انتقال تؤثر من خاللها صدمات أسعار النفط على األداء
االقتصادي الكلي الجزائري من جهة؛ ومحاولة الفصل في إمكانية اللجوء إلى السلطة المالية ،لمعالجة
االختالالت االقتصادية واستعادة والتوازن االقتصادي بعد الصدمات في أسعار النفط ،من جهة أخرى.
.3محاولة الفصل في كيفية ونمط استجابة المتغيرات األساسية لألداء االقتصادي الكلي في الجزائر تجاه
الصدمات الناتجة عن أسعار النفط واجراءات وتدابير السياسة المالية.
الم َّ
حدد، .4محاولة الكشف عن شبكة العالقات والتفاعالت الديناميكية السائدة بين متغيرات النظام األساسي ُ
وتحديد اتجاهات عالقات السببية فيما بينها ،مع التركيز على قياس وتكميم درجة ونسبة مساهمة ٌّ
كل من
صدمات أسعار النفط وكذا صدمات السياسة المالية ،في تفسير التقلبات التي تشهدها متغيرات األداء
االقتصادي الكلي األساسية في االقتصاد الجزائري .وبعبارة أدق ،محاولة تحديد موقع الصدمات محل
االهتمام ،من مصادر التقلبات التي تمس المتغيرات األساسية لألداء االقتصادي الكلي في الجزائر.
في مقدمة األسباب واالعتبارات الموضوعية التي دفعتنا إلى اختيار الموضوع محل الدراسة كموضوع
للبحث ،يأتي االرتباط الوثيق واالعتماد الواسع لالقتصاد الجزائري على اإليرادات والعائدات النفطية باعتبارها
المصدر األساسي للدخل الوطني ،العملة األجنبية ،واإليرادات العامة؛ ذلك فضال عن ندرة الدراسات المحلية
التي تناولت تقييم وتحليل آثار تقلبات وصدمات أسعار النفط على األداء االقتصادي الكلي ،ضمن نظام
متغيرات يتضمن –إلى جانب متغيرة سعر النفط ومتغيرات األداء االقتصادي الكلي -متغيرات السياسة
د
مقدمة عامة
االقتصادية (كالسياسة المالية على سبيل المثال)؛ في الوقت الذي يعد فيه الجمع والمزج بين هذه التوليفة من
المتغيرات ضمن نفس النظام إلى جانب متغيرة سعر النفط ،ضروريا لرصد مختلف اآلثار المباشرة وكذا غير
المباشرة ،التي يمكن أن تتربت عن الصدمات في أسعار النفط ،خاصة إذ أخذنا بعين االعتبار اإلطار
العملي للمقاربة القياسية المعتمدة ،متمثلة في مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " ،"VARباعتبارها
إحدى أهم التقنيات الكمية التي تقدمها مقاربة النمذجة غير الهيكلية.
عالوة على ما سبق ،فإن تضارب نتائج الدراسات التطبيقية ذات الصلة بالموضوع –والمطبقة على
مختلف اقتصاديات العالمُ -يملي علينا ويدفع بنا إلى محاولة الوصول إلى حقائق تجريبية أو تطبيقية تُفضي
إجماع حول طبيعة تأثير صدمات أسعار النفط ،والصدمات النوعية أو الهيكلية في إجراءات وتدابير
ٍ إلى
السياسة المالية ،على المتغيرات األساسية لألداء االقتصادي الكلي في الجزائر؛ بينما نجد –في هذا الصدد-
أن اعتماد منهج ومنظور النمذجة غير الهيكلية ،من شأنه أن يمنح البيانات المستخدمة حرية التعبير التلقائي
ٍ
شروط ُمسبقة. عن حقيقة وواقع العالقات السائدة بين متغيرات النظام محل الدراسة ،وذلك دون أية قيود أو
المنهج المعتمد:
تعتمد األبحاث العلمية على مناهج تفرضها شروط كثيرة أهمها طبيعة إشكالية البحث؛ لذلك فإنه وبالنظر
سنتعمد المزج بين
َّ للطابع التطبيقي-التحليلي للدراسة ،ولغرض اإلحاطة بمختلف جوانب الموضوع ،فإننا
المنهج الوصفي التحليلي ،وكذا المنهج التاريخي ،حين يستدعي األمر سرد الوقائع التاريخية ومحاولة
تفسيرها من خالل ربط األسباب بالنتائج .ذلك باإلضافة إلى اعتماد المنهج االستقرائي واالستنباطي،
الموظِّف ألدوات القياس الكمي-متمثلةً في أدوات القياس االقتصادي التي توفرها مقاربة النمذجة غير
الهيكلية -لغرض إعطاء تصور لحقيقة هيكل العالقات السائدة بين متغيرات النظام األساسي المحدد ،وكذا
محاولة قياس وتكميم حجم واتجاهات اآلثار التي يمكن أن تترتب عن الصدمات في أسعار النفط وفي
إجراءات وتدابير السياسة المالية على األداء االقتصادي الكلي لالقتصاد الجزائري.
حدود البحث:
تتعلق حدود الدراسة الحالية بتناول الموضوع الذي تعالجه ضمن إطارين ،أحدهما مكاني واآلخر زماني.
فيما يتعلق باإلطار المكاني ،ارتأينا أن تتم معالجة اإلشكالية التي تطرحها الدراسة واسقاطها على واقع
االقتصاد الجزائري .في حين ُحددت الفترة ( )2014-1970كإطار زمني للدراسة ،وذلك باعتبار أنها تتضمن
ذ
مقدمة عامة
بالنسبة لكل من حركة أسعار النفط ،وتوجهات واجراءات السياسة المالية؛ وتشمل
عديد الدورات االقتصادية ّ
الرخاء االقتصادي ،التي غالبا ما تتزامن مع فترات انتعاش أسعار النفط ،مع ما يمكن أن ٌّ
كل من فترات ّ
يرافقها من سياسات مالية توسعية؛ وكذا فترات ِّ
الضيق واالنكماش االقتصادي المتزامنة مع فترات تراجع
أسعار النفط ،مع ما يمكن أن يرافقها من إنكماشات في السياسة المالية .فبإلقاء نظرة بسيطة على الوقائع
ٍ
تذبذبات كبيرة في أسعار النفط، االقتصادية التي شهدتها الفترة محل الدراسة ،نجد أنها كانت شاهدة على
وبالمقابل شهدت مرور االقتصاد الجزائري بمراحل مختلفة ،تماشيا مع تطور الظروف الخارجية والمحلية.
صعوبات البحث:
على غرار ما يحدث مع كل الباحثين ،واجهتنا العديد من الصعوبات والمشاكل ،نورد أهمها فيما يلي:
.1ندرة وعدم توفر اإلحصائيات والبيانات الالزمة ،حيث يتسم االقتصاد الجزائري بضيق قاعدة البيانات
المتاحة ،خاصة منها البيانات منخفضة التردد (الشهرية ،والفصلية).
.2تباين اإلحصائيات واختالفها من مصدر آلخر ،سواء تعلق األمر بالمصادر المحلية أو الدولية.
.3صعوبة الحصول على بعض المقاالت العلمية ذات الصلة بالموضوع ،وخاصة الحديثة منها.
.4تشعب وتداخل المحاور ذات الصلة بموضوع البحث.
الدراسات السابقة:
على حد علمنا ،فإنه –وخاصة على المستوى المحلي -لم يسبق تناول ودراسة اآلثار االقتصادية الكلية
لكل من صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية بشكل آني مباشر .غير ذلك ،نرى –من ناحية
أخرى -أن الموضوع الذي نحن بصدد معالجته يتضمن شقين رئيسين؛ يتعلق األول منهما بدراسة اآلثار
االقتصادية الكلية لصدمات أسعار النفط ،بينما يتعلق الشق الثاني بدراسة وتحليل اآلثار االقتصادية الكلية
كم هائل من الدراسات التي تناولت موضوع تأثير صدمات
لصدمات السياسة المالية .وفي هذا الصدد ،هناك ٌّ
أسعار النفط على متغيرات األداء االقتصادي الكلي .إذ أنه ،ومنذ منتصف سبعينات القرن الماضي تم
تسجيل ارتباطات ُملفتة للنظر بين حركة أسعار النفط وتقلبات النشاط االقتصادي في مختلف اقتصاديات
بلدان العالم؛ حيث أصبح عديد الخبراء االقتصاديين ينظرون إلى حركات هذه األسعار على أنها المصدر
األساسي واألهم لتقلبات الدورة االقتصادية ،وعديد الدراسات التطبيقية أثبتت أن صدمات أسعار النفط كانت
تُتبع دائما بأزمات اقتصادية عالمية عنيفة .ومنذ ذلك الحينُ ،بذلت الكثير من الجهود من أجل دراسة وتحليل
ر
مقدمة عامة
اآلليات والميكانيزمات التي تؤثر من خاللها صدمات أسعار النفط على األداء االقتصادي الكلي ،وقياس
وتكميم اآلثار التي يمكن أن تخلفها هذه الصدمات على النشاط االقتصادي الكلي.
من ناحية أخرى ،فإنه وبالنظر إلى كوننا سنخصص جزءا من الدراسة لعرض وتقديم مسح لألدبيات
التطبيقية التي تناولت العالقة بين حركة أسعار النفط واالقتصاد الكلي ،فإننا سنكتفي في هذا المحل بتقديم
لمحة بسيطة عن هذه األدبيات .وفي هذا الصدد ،نجد أن الدراسات النظرية األولية (على غرار دراسات
Pierceو)1974( Enzler؛ Brunoو ))1982( Sachsقد ركزت على قنوات صدمات العرض وتعديالت
الطلب التقليدية؛ بينما قامت أولى الدراسات التجريبية (على غرار Rascheو ،)(1977 a,b( Tatomعلى
تقدير انحدارات إجمالي الناتج المحلي ) (GDPعلى متغيرة سعر النفط والعديد من المتغيرات األخرى .بعدها
جاءت دراسات تجريبية َّ
عدةُ ،معتمدةً على أساليب اقتصادية قياسية مختلفة ،الختبار العالقة النظرية بين
حالة االقتصاد الكلي وحركة أسعار النفط في مختلف بلدان العالم ،أين ركزت معظم الدراسات اهتمامها على
تحليل العالقة المعنية بالنسبة لالقتصاد األمريكي وباقي اقتصاديات بلدان منظمة التعاون والتنمية االقتصادية
محدودا فيما يتعلق بالبلدان النامية ،وخاصة منها المصدرة للنفط.1
ً ) ،(OECDبينما بقي عدد هذه الدراسات
منذ األعمال األساسية لـ ،)1983( Hamiltonو Burbidgeو)1984( Harrison؛ تم تعريف عالقات سببية
–وفق مفهوم -Grangerتتجه من أسعار النفط نحو المتغيرات االقتصادية الكلية األمريكية على غرار إجمالي
الناتج المحلي ) ،(GDPالبطالة ،والتضخم؛ في حين تم إجراء عدد أقل من الدراسات بالنسبة للبلدان األخرى،
مقارنة بعدد الدراسات المتعلقة باالقتصاد األمريكي .ومن أهم تلك الدراسات نجد –على سبيل المثال-
المتحصل
أعمال ،)1994( Mork et alو Jiménez-Rodríguezو ،)2005( Sánchezالذين أثبتوا أن النتائج ُ
أيضا على اقتصاديات كل من اليابان ،ألمانيا ،فرنسا ،كندا،
عليها بالنسبة لالقتصاد األمريكي ،كانت تنطبق ً
المملكة المتحدة ،والنرويج (مع تأثير إيجابي لتغيرات أسعار النفط على مستوى الناتج بالنسبة للنرويج) ،بينما
قام )2001( Papapetrouبتحليل أثر مؤشر أسعار االستهالك الخاص بالمنتجات النفطية على االقتصاد
المنتجات الصناعية،
اليوناني ،وتوصل إلى وجود عالقة سببية تتجه من أسعار النفط نحو كل من أسعار ُ
العمالة وأسعار األسهم المالية.2
بالرغم من تركيز أغلب الد راسات واألبحاث على تحليل آثار صدمات أسعار النفط على االقتصاديات
المستوردة للنفط ،إال أنه قد ظهرت حديثا بعض الد ارسات التي اهتمت باختبار آثار تغيرات أسعار
الصناعية ُ
1تفاصيلأدقوأفرضمن- Jones. D.W., and P.N. Leiby. (1996), "The Macroeconomic Impacts of Oil Price Shocks: A :
Review of Literature and Issues", Oak Ridge National Laboratory, September, 33 p.
2لتقديمأكثرتفصيالً،أنظر:سلسلةالعروض)(Series of ReviewsالمقدمةمنطرفJonesو،)1996(Leibyو.)2004(Jones et al
ز
مقدمة عامة
المصدرة لهذا المورد .وفي هذا الصدد ،وعلى سبيل المثال ،أظهر Eltony
ّ النفط على االقتصاد الكلي للبلدان
و )2001( Al-Awadiأن تقلبات أسعار النفط تعد مسؤولة عن نسبة معتبرة من التقلبات التي تشهدها
المغيرات االقتصادية الكلية في الكويت ،كما أثبتت نتائج دراستهما أهمية صدمات أسعار النفط في التأثير
على متغيرة اإلنفاق الحكومي ،التي تمثل المحدد األهم لمستوى النشاط االقتصادي؛ إذ بين الباحثان في هذا
الصدد ،أن السياسة المالية تكون أكثر فعالية من السياسة النقدية في تحفيز النشاط االقتصادي الكلي عقب
الصدمات النفطية .بينما وجد Mehraraو )2007( Oskouiأن تقلبات أسعار النفط تمثل المصدر األهم ّ
ٍ
وبدرجة أقل بالنسبة للكويت واندونيسيا .وقد فسر للتقلبات االقتصادية الكلية في كل من إيران والسعودية،
الباحثان هذه النتيجة بقدرة االقتصاد الكويتي على التأقلم مع صدمات أسعار النفط ،من خالل اللجوء إلى
صناديق االدخار واالستقرار ،واإلصالحات الهيكلية المناسبة؛ بينما تساعد السياسات المالية المالئمة في
إندونيسيا –وفقهما -على تفادي االختالالت االقتصادية الهيكلية ،وتسمح بتحقيق نمو اقتصادي أسرع وأوسع،
بعيدا عن قطاع الصناعات االستخراجية الذي يتضمن الصناعة النفطية.
ً
بالنسبة لالقتصاد الجزائري ،حاول جمعة رضوان ( )2007تقدير حجم وكيفية تأثير تطورات األسعار
العالمية للنفط على الواردات الجزائرية خالل الفترة ( ،)2004-1970ليتوصل إلى نتيجة تفيد بوجود عالقة
طردية بين أسعار النفط والواردات .بينما ركز العمري علي ( ،)2008اهتمامه على تقدير تأثيرات تطورات
أسعار الخام على النمو االقتصادي في الجزائر ،وقد توصل –هو اآلخر -إلى وجود عالقة طردية بين
تغيرات أسعار النفط الخام والتغيرات التي تحدث في إجمالي الناتج المحلي في الجزائري .ذلك قبل أن يقوم
بوعوينة مولود ( ،)2010بدراسة العالقة بين أسعار النفط وبعض المتغيرات االقتصادية الكلية (الناتج المحلي
الخام ،اإليرادات الكلية ،الواردات) في الجزائر باالعتماد على مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية
" ،"VARوباستخدام عينة بيانات تتكون من ( )39مشاهدة تمتد على طول الفترة ()2008-1970؛ ليجد -وفق
نتائج اختبارات السببية حسب Grangerوتحليل دوال االستجابة -أن أسعار النفط تؤثر بصفة غير مباشرة
تمارس تأثيرات مباشرة وغير
ُ –من خالل متغيرة الواردات -على الناتج الداخلي الخام (عالقة طردية) ،بينما
مباشرة على متغيرة اإليرادات الكلية (عالقة طردية) ،أما النتيجة التي اعتبرها الباحث غير منطقية -في حالة
المثبتة بين أسعار النفط وقيمة الواردات.
االقتصاد الجزائري -فتتعلق بالعالقة العكسية ُ
لباني يسمينة ( ،)2009اهتمت بتقدير انعكاسات تغيرات أسعار النفط على االقتصاد الجزائري .وفي هذا
الصدد ،أثبتت نتائج المحاكاة وفق نموذج التوازن العام القابل للحساب –باعتبار السنة ( )2002كسنة
مرجعية -أن ارتفاع حجم اإليرادات الجبائية الناتج عن ارتفاع أسعار النفط أدى إلى التبعية التامة لقطاع
س
مقدمة عامة
المحروقات وعدم تشجيع اإلنتاج في باقي القطاعات ،كقطاع الفالحة الذي كان من بين القطاعات المتضررة
بانخفاض إنتاجه وقيمته المضافة .كما أظهرت النتائج أن ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى تراجع معدالت
البطالة ،مع ارتفاع الدخل واالدخار للوحدات االقتصادية ،مما يؤدي إلى زيادة االستهالك والطلب
االستثماري ،الذي يؤدي بدوره إلى زيادة قيمة الواردات وانخفاض الصادرات من جميع أنواع المنتجات،
ليؤدي كل هذا إلى ارتفاع المستوى العام لألسعار .من ٍ
جهة أخرى ،كشفت نتائج المحاكاة أن انخفاض أسعار
النفط –في ظل فرضية عدم إمكانية االقتراض من الخارج -يؤدي إلى نتائج معاكسة تماما للنتائج المتحصل
عليها في حالة ارتفاع األسعار .بينما قام بن سبع حمزة ( ،)2012بدراسة أثر صدمات أسعار النفط على
بعض متغيرات االقتصاد الكلي الجزائري (عرض النقد ،اإلنفاق الحكومي ،البطالة والتضخم) باالعتماد على
تقنية ""VAR؛ وخلص –حسب نتائج اختبارات السببية وفق ،Grangerتحليل دوال االستجابة وتفكيك
التباين -إلى أن أسعار النفط تمارس تأثيرات قوية ومختلفة على المتغيرات االقتصادية الكلية محل بالدراسة.
من ناحية أخرى ،قامت دراسات تجريبية عدة بتقييم فعالية السياسة المالية في التأثير على االقتصاد
الكلي ،من خالل تقدير حجم واشارة المضاعفات المالية المرافقة للتدابير واإلجراءات المالية التقديرية ،ورصد
االستجابات الديناميكية للمتغيرات االقتصادية الكلية تجاه صدمات اإلنفاق العام والتغيرات الضريبية ،وكذا
عن طريق تقييم قدرة عوامل االستقرار التلقائية على التخفيف من الصدمات االقتصادية الكلية .ومع ذلك
يمكن القول أن السياسة المالية قد حظيت بقدر أقل من االهتمام على صعيد األدبيات التجريبية ،مقارنة
باالهتمام البالغ الذي أوليت به السياسة النقدية ،وكذا بالنظر إلى ما ناله دورها اإلستقراري من نقاش وجدل
نظري حاد .فضال عن ذلك ،وعلى غرار األدبيات النظرية ،كشفت نتائج الدراسات التجريبية عن عدم توافق
وخالف كبير؛ حيث تباينت هذه النتائج باختالف درجة تطور وتنمية األنظمة االقتصادية ،وكذا بتباين
المقاربات المعتمدة لتحديد وتعريف صدمات السياسة المالية.
كما الشأن بالنسبة لألدبيات حول اآلثار االقتصادية الكلية لصدمات أسعار النفط ،سنكتفي ضمن هذا
المحل بتقديم نبذة مختصرة عن األدبيات ذات الصلة بدراسة اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية ،نركز
من خاللها على الرسائل واألطروحات األكاديمية المحلية بشكل خاص؛ وذلك باعتبار أنه سيتم تخصيص
جزءا هاما من الدراسة لتقديم مسح شامل لألدبيات التجريبية (بمختلف أنواعها) ،التي تناولت العالقة بين
الصدمات الناتجة عن إجراءات وتدابير السياسة المالية ووضعية االقتصاد الكلي .ونجد في هذا الصدد ،أن
القسم األكبر من األدبيات التجريبية -على غرار األدبيات النظرية -ذات الصلة بدراسة اآلثار االقتصادية
الكلية التي تُحدثها الصدمات في إجراءات السياسة المالية ،قد ركز على تحليل آليات هذه اآلثار بالنسبة
ش
مقدمة عامة
لالقتصاديات الصناعية المتقدمة ،وذلك باالعتماد على عدة مقاربات منهجية لتعريف وتحديد الصدمات
المالية ،بينما نالت االقتصاديات النامية (وضمنها االقتصاديات النفطية) نصيبا أقل من االهتمام.
عمدت أولى الدراسات التجريبية إلى تقدير مضاعفات السياسة المالية من خالل "محاكاة"Simulation-
الم َّ
قدرة تجريبيا (على غرار نموذج " "MULTIMODلصندوق النقد النماذج االقتصادية الكلية الهيكلية الكبيرة ُ
المعتمدة في دراسات
الدولي ،ونموذج " "INTERLINKلمنظمة التعاون االقتصادي والتنمية )ُ ،)(OECD
على غرار دراسات Hunt ،)1995( Bartolini et al ،)1993( Bryant et al ،)1988( Bryant et alوLaxton
( ،)2003و .)2004( Barrell et alوبينما خلصت هذه الدراسات -ودراسات أخرى خصت االقتصاديات
المتقدمة على غرار االقتصاد األمريكي واليابان واإلتحاد األوروبي و -OECDبشكل عام إلى أن مضاعفات
السياسة المالية تكون موجبة في المدى القصير ،كان هناك اتفاق فيما بينها على أن مضاعف اإلنفاق أكبر
من مضاعف الضرائب ،في نتيجة تتوافق مع النظرية الكينزية األساسية1؛ في حين أجمعت أغلب الدراسات
على أن هذه المضاعفات تأخذ قيما أقل على المدى الطويل بسبب آثار المزاحمة .وأكثر من ذلك ،أثبتت
عدة نماذج أنها يمكن أن تأخذ قيم صفرية أو سالبة.
فضال عن ذلك ،تم االعتماد على مقاربات كمية واقتصادية قياسية مختلفة ،لتقييم آثار السياسة المالية
على المتغيرات االقتصادية الكلية األساسية ،وخاصة الناتج .إذ اعتمدت بعض الدراسات -على غرار دراسات
Rotemberg ،)1981( Barroو ،)1996( Devereux et al ،)1993( Woodfordو -)2001( Ardagnaعلى
نماذج التوازن العام الديناميكية الصغيرة؛ بينما عمدت دراسات أخرى إلى استخدام نماذج المعادالت مختصرة
الشكل ،وذلك على غرار دراسات Romer ،)1989( Eisnerو Cheng ،)1994( Romerو،)1997( Lai
.)1999( Weberفي حين أُستُخدمت مقاربات عدة -طُ ِّور معظمها على بيانات االقتصاد األمريكي -لتحديد
صدمات السياسة المالية في إطار مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " ،"VARالتي أصبحت الوسيلة
التجريبية األكثر استخداما لدراسة اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية مع نهاية تسعينات القرن العشرين.
وقد تمثلت هذه المقاربات في المقاربة القصصية ) ،(Narrative Approachالتي تعتمد على المتغيرات
الوهمية ) ،(Dummy Variablesوالتي تم تطويرها في دراسات Rameyو ،)1998( ShapiroوEdelberg et al
()1999؛ المقاربة التك اررية التقليدية ) ،(Recursive Approachالتي تعتمد على ترتيب " "Choleskyلتحديد
الصدمات المالية ،والمطورة من طرف Fatásو)2001b( Mihov؛ مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية
الهيكلية ) ،(Structural VARالتي تعتمد على إدراج معلومات حول مرونة المتغيرات المالية لتغيرات الناتج
1فيهذاالصدد،وحسبمختلفالدراسات،تراوحتمعظممضاعفاتاإلنفاقبين0,6و1,4؛بينماتراوحتمضاعفاتالضرائببين0,3و .0,8
ص
مقدمة عامة
واألسعار ،لتحديد االستجابات التلقائية للسياسة المالية ،والتي تم تقديمها من قَبل BlanchardوPerotti
()2002؛ وأخي ار مقاربة قيود اإلشارة ) ،(Sign Restrictionsالمطورة من طرف Mountfordو،)2005( Uhlig
والتي تتضمن تطبيق قيود إشارة على دوال االستجابة الدفعية.
بالنسبة القتصاديات البلدان النامية (وضمنها االقتصاديات النفطية) ،جاءت األدبيات التجريبية ذات
الصلة باآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية شيحة نسبيا ،في ظل اجتماع جملة من العوامل المؤسساتية
الهيكلية ،مع النقص والقصور النسبي في بيانات المالية العامة في هذه البلدان (وخاصة الفصلية منها) .وفي
هذا السياق ،حاولت بعض الدراسات األولية تقدير نماذج اقتصادية كلية تخص اقتصاديات البلدان المعنية،
لغرض قياس آثار مختلف الصدمات –بما فيها صدمات السياسة المالية -على االقتصاد؛ وقد شملت األدلة
التجريبية المقدمة ،تقديرات مضاعفات السياسة (التي نجدها في دراسات على غرار Khanو،)1981( Knight
Haqueو ،))1995( Owoye et al ،)1991( Montielوالعالقة بين العجز المالي وأسعار الفائدة واإلستثمار
الخاص (ضمن دراسات على غرار Blejerو Agénor ،)1984( Khanو ،))1996( Montielإضافة إلى
اختبارات التكافؤ الريكاردي (في دراسات على غرار .))2000(Giavazzi et al ،)1993( Haque et al
عالوة على ذلك ،عمدت أعمال ودراسات عدة إلى تحليل آثار مختلف إجراءات وتدابير السياسة المالية
ضمن اقتصاديات البلدان المصدرة للنفط .وفي هذا الصدد ،وجد - )2005( Antónعلى سبيل المثال -أن
النفقات الحكومية تمارس آثا ار إيجابية محدودة على نمو االقتصاد المكسيكي ،بينما تأتي اآلثار على الرفاه
االجتماعي سلبية ،وجد عالية عندما يتم تمويل االرتفاع في اإلنفاق الحكومي من خالل رفع الضرائب .بينما
توصل – )2004( Al-Obaidفي دراسة خصت االقتصاد السعودي -إلى وجود عالقة إيجابية في المدى
الطويل بين حصة اإلنفاق العام من الناتج اإلجمالي وحصة الفرد منه ،بما يتوافق مع قانون " ."Wagnerفي
حين خلص Usenobongو- )2015( Johnsonضمن دراسة أحدث خصت االقتصاد النيجيري -إلى أن
الصدمات اإليجابية في اإلنفاق الرأسمالي الحكومي على الخدمات اإلجتماعية ،تُتبع بآثار إيجابية مستمرة
على اإلستهالك الخاص والناتج الحقيقي ،غير أن هذا يأتي مصحوبا بتكلفة ارتفاع معدالت التضخم في
المدى القصير؛ كما وجد الباحثان أن الصدمات اإليجابية في اإليرادات النفطية تسفر –هي األخرى -عن
آثار إيجابية على الناتج الحقيقي من خالل تأثيرها على اإلنفاق العام.
بالنسبة لالقتصاد الجزائري ،تناولت دراسات كثيرة موضوع العالقة بين السياسة المالية واالقتصاد الكلي،
وفعالية هذه األخيرة في التأثير على النشاط االقتصادي .في هذا الصدد –وعلى سبيل المثال -عمد دراوسي
ض
مقدمة عامة
مسعود ( )2006إلى دراسة دور السياسة المالية في تحقيق التوازن االقتصادي في الجزائر خالل الفترة
( ،)2004-1990وذلك من خالل محاولة الكشف عن أثر اإلنفاق واالقتطاع العامين على التوازن االقتصادي
العام؛ ليتوصل في األخير إلى نتيج ٍة أساسية تُفيد بوجود مساهمة فعالة للسياسة المالية في عالج المشكالت
االقتصادية وتحقيق التوازن االقتصادي على المدى المتوسط ،وذلك من خالل تخفيض عجز الموازنة تارةً
وتحقيق فائض تارةً أخرى؛ غير أن االختالالت التي تصيب اقتصاديات الدول النامية –حسب الباحث ،ومن
المطبقة
بينها الجزائر -أدت إلى عدم كفاءة وفعالية السياسات المطبقة .وهو الحال بالنسبة للسياسات المالية ُ
في الجزائر مع نهاية ثمانينات القرن الماضي ،والتي اعتبرها الباحث -إضافة إلى الصدمات الخارجية التي
تتألف أساسا من تقلبات أسعار النفط -سببا رئيسيا في اختالل التوازن االقتصادي العام لالقتصاد الجزائري.
شيبي عبد الرحيم ( ،)2013عمد إلى دراسة اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية في االقتصاد
الجزائري ،واختبار قدرة هذا األخير على االستدامة في تحمل العجز الموازني والدين العام؛ ليخلص –ضمن
مقاربة خطية اعتمدت على المقاربة -SVARإلى أن الصدمات الهيكلية اإليجابية في اإلنفاق الحكومي
سيكون لها تأثير إيجابي (ضعيف) على الناتج الداخلي الخام في المدى القصير (وهو نفس التأثير الذي
تخلفه على االستهالك ومعدالت الفائدة على امتداد فترة االستجابة) ،قبل أن يتولد تأثير سلبي في المدى
المتوسط والبعيد (وهو نفس التأثير الذي تمارسه على اإلستثمار الخاص خالل فترة االستجابة ،باستثناء الفترة
األولى) ،بينما ستولد هذه الصدمة نوعا من الضغوط التضخمية في المدى القصير والبعيد .أما نتائج المقاربة
الالخطية –باالعتماد على مقاربة -MSVARفقد أكدت ضمن النظام األول (في حالة الرواج) نتائج المقاربة
الخطية فيما يتعلق بأثر الصدمات اإليجابية في اإلنفاق العام على الناتج؛ بينما اتضح أن تأثير هذا النوع من
الصدمات يكون أكبر وأكثر إيجابية في حاالت الركود ،مما يعني تأثير أقوى وأكثر إيجابية لصدمات اإلنفاق
العام خالل فترات الركود ،مقارنة بفترات الرواج (وهو الحال بالنسبة لصدمات اإليرادات العامة أيضا).
في ذات السياق ،قدم طاهر جليط ( )2015دراسة تحليلية وقياسية لفعالية السياسة المالية في االقتصاد
ضعف فعالية السياسة
الجزائري خالل الفترة ( .)2012-1990ومن خالل التحليل النظري توصل الباحث إلى ُ
المعنية في بلوغ األهداف االستراتيجية المتوخاة ،على غرار هدف تحقيق نمو حقيقي ومستمر خارج قطاع
المحروقات -بما يسمح بتنويع االقتصاد وفك تبعيته التامة للقطاع المذكور -الذي بقي بعيد المنال؛ في حين
أثبتت نتائج التحليل االقتصادي القياسي ،القدرة والفعالية النسبية للسياسة المالية في التأثير على مؤشرات
االستقرار االقتصادي الكلي ،نتيجة ظهور نوع من آثار المزاحمة الداخلية ،الناتجة عن حساسية االستثمار
الخاص لمعدالت الفائدة ،وازاحة اإلستثمار العام لإلستثمار الخاص ،في ظل غياب التنسيق بين السياسة
ط
مقدمة عامة
المالية والسياسة النقدية؛ إضافة إلى بروز آثار المزاحمة الخارجية الناجمة عما يرافق السياسات المالية
التوسعية من عجز في الموازنة العامة ،والذي سرعان ما ينجر عنه عجز مو ٍاز في الحساب الجاري في ظل
التسرب الكبير لإلنفاق العام على شكل واردات (تحقق فرضية العجز المزدوج).
ضمن ذات اإلطار ،ركز ضيف أحمد ( )2015على دراسة أثر السياسة المالية على استدامة النمو
االقتصادي في الجزائر خالل الفترة ( ،)2012-1989محاوال إيجاد السبل التي من شأنها المساعدة على تفعيل
هذه السياسة لغرض تحقيق نمو اقتصادي مستديم في االقتصاد المعني .نتائج الدراسة أكدت تبعية إجراءات
السياسة المالية وارتباطها الوثيق بحركة وتقلبات أسعار النفط ،باعتبار أن اإليرادات النفطية تمثل المورد
األساسي واألهم إليرادات الموازنة العامة في االقتصاد الجزائري؛ وهو األمر الذي اعتبره الباحث سببا رئيسا
في التذبذب وعدم االستدامة المالزمين لتطورات معدالت النمو االقتصادي ،في ظل الضعف الفادح المسجل
في مستوى التنويع االقتصادي ،أمام هيمنة قطاع المحروقات على الناتج الداخلي الخام ،إضافة إلى ضعف
مساهمة القطاع الخاص في االقتصاد ،رغم كل المجهودات المبذولة للتوجه والتحول نحو اقتصاد السوق،
وفسح المجال للمبادرة الخاصة.
لإلجابة على اإلشكالية التي تطرحها الدراسة ،ولغرض الوصول إلى تحقيق األهداف المنشودة من ورائها،
واختبار مدى صحة وتحقق الفرضيات التي تقوم عليها ،ارتأينا أن يأتي هيكل البحث ُمقس ًما ومجزًءا على
فصول ثالث متكاملة ومتناسقة ،كما يلي:
يتناول الفصل األول عرض مختلف المسارات والتطورات التاريخية التي شهدتها أسعار النفط ،مع التركيز
على تحليل العوامل المسؤولة عن عدم استقرار هذه األسعار نظريا وتجريبيا ،باإلضافة إلى تحليل األسس
النظرية واألدلة واإلثباتات التجريبية المتصلة بموضوع اآلثار االقتصادية الكلية لصدمات وتقلبات أسعار
النفط .ذلك قبل أن يتم الخوض في أهم التحديات التي تواجه اقتصاديات البلدان المصدرة للنفط ،في ظل
وفرة هذا المورد الطبيعي ،وعدم استقرار أسعاره ،في مناقشة ألطروحة مفارقة الوفرة )(Paradox of Plenty
ولعنة الموارد ) ،(Resource Curseوالتي تعالج إحدى أهم المالمح الغريبة للنمو االقتصادي في االقتصاديات
الغنية بالموارد الطبيعية عامة ،واالقتصاديات النفطية على وجه الخصوص؛ والمتعلقة أساسا بعالقة االرتباط
السلبي بين بين وفرة الموارد النفطية –بوصفها موردا طبيعيا هاما -في البلدان المنتجة للنفط ،وأداء النمو
االقتصادي في هذه البلدان.
ظ
مقدمة عامة
من ناحية أخرى ،سنخصص الفصل الثاني من الدراسة الحالية ،لعرض وتقديم مختلف الجوانب والمفاهيم
ذات الصلة بالسياسة المالية بوصفها إحدى أهم أدوات السياسة االقتصادية .إذ سنعمد –من خالل هذا
الفصل -إلى الخوض في حيثيات اإلطار النظري واألساس التجريبي (التطبيقي) لموضوع اآلثار االقتصادية
الكلية لصدمات لسياسة المالية ،مع ما يتضمنه ذلك من أسس فكرية ومبادئ نظرية فيما يتعلق بدور السياسة
المالية في االقتصاد وفق مختلف المقاربات االقتصادية الكلية من جهة؛ إضافة إلى ما يحيط بالموضوع من
أدلة تجريبية بشأن مدى فعالية هذه السياسة في التأثير على المتغيرات االقتصادية الكلية المستهدفة (وخاصة
المتغيرات األساسية منها) من جهة أخرى .وكل هذا بما يتوافق مع الحيز الهام الذي نالته السياسة المالية من
زخم فكري ،وما حظي به دورها في التأثير على االقتصاد الكلي من جدل ونقاش نظري ،وخالف تجريبي.
فضال عن ذلك ،سيتم التركيز على خصائص السياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط ،والتعرض ألهم
المعالم والمميزات الجوهرية التي تسم هذه السياسة في مجموعة البلدان محل االهتمام؛ إضافة إلى عرض أهم
التحديات الرئيسية التي تواجه السياسة المعنية في اقتصاديات البلدان المذكورة ،في ظل التبعية المفرطة
للعائدات النفطية ،التي يبقى التقلب والال إستقرار سمتها األساسية ،شأنها في ذلك شأن أسعار النفط.
سنخصصه لتقديم دراسة تحليلية وتحليل تطبيقي ،يتضمن معالجة كمية وتقييم وتحليل
الفصل الثالث ُ
اقتصادي قياسي آلثار الصدمات في أسعار النفط والصدمات في إجراءات السياسة المالية على اتجاهات
وسلوك المتغيرات األساسية لألداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،من خالل التطبيق المباشر لمنهج وتقنيات
التحليل الكمي والقياسي المناسبة ،من بين األدوات والتقنيات التي تقدمها مقاربة النمذجة غير الهيكلية
-وضمنها تقنيات مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " "VARعلى وجه الخصوص -على بيانات
االقتصاد الجزائري؛ حيث تتيح أدوات المقاربة المذكورة للبيانات ،حرية التعبير التلقائي عن اآلثار الحقيقية
للصدمات محل االهتمام ،دون الحاجة إلى قيود نظرية مسبقة .بينما سنعمد قبل ذلك إلى تقديم قراءة تحليلية
لواقع ومسار السياسة المالية ،ومؤشرات األداء االقتصادي الكلي في الجزائر -خالل الفترة محل الدراسة -في
ظل تقلبات أسعار النفط؛ وذلك من خالل تحليل انعكاسات حركة هذه األسعار على توجهات السياسة المالية
(ممثلة بتغيرات أدوات هذه السياسة) في مرحلة أولى ،ثم تحليل سلوك المتغيرات األساسية لألداء االقتصادي
الكلي في ظل حركة أسعار النفط ،وما يرافقها من تغيرات في إجراءات السياسة المالية في مرحلة ثانية.
في األخير ،ننهي الدراسة بخاتمة عامة تُ َحوصل أهم النتائج ،وتتضمن اإلجابة على مختلف التساؤالت
المتوصل إليها من خالل الدراسة التطبيقية،واالنشغاالت المطروحة ،كما تتضمن االستنتاجات والتصورات ُ
وتطرح أهم اآلفاق التي يمكن من خاللها توسيع دائرة البحث ضمن المجال محل االهتمام.
ع
الفصل األول:
عدم استقرار أسعار
النفط :نظرة على
األسباب وقراءة في
التداعيات والنتائج
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
تمهيد:
ارتبطت تطورات الحياة البشرية منذ بزوغ شمس الحضارة اإلنسانية باالعتماد على نوع معين من أنواع
مطلبا محورًيا للتقدم والرقي االقتصادي؛ فبإلقاء نظرة تاريخية بسيطة،
ً الطاقة ،إذ يشكل توفر هذه األخيرة
يتضح أن لكل درجة تطور حضاري ،استعماالً لنوع وشكل معين من أشكال الطاقة يتوافق ومستوى الرقي
طا وثيقًا بالنفط،
الحضاري السائد .في هذا السياق نجد أن الحضارة المادية منذ القرن العشرين ارتبطت ارتبا ً
بل هي –إذا جاز التعبير -صنيعة هذه المعجزة السوداء ،إذ أضحى النفط في عصرنا هذا بمثابة العمود
في المجتم الصناعي الحدي ؛ وأكثر من ذلك غدى النفط مادة حيوية الفقري لمختلف قطاعات اإلنتا
وسلعة استراتيجية ،تمتد أهميتها لتشمل كل أبعاد النشاط االقتصادي واالجتماعي والسياسي والعسكري .فهو
عماد النهضة الصناعية ،وعصب االقتصاد في عالم اليوم ،وكل اقتصادات العالم بحاجة إليه كحاجة
اإلنسان إلى الدم؛ فالحصول على النفط على حد قول "جان جاك سرفان شرايبر" في كتابه "التحدي
العالمي"» :يشكل ،وسيضل يشكل في السنوات القادمة ،الفارق بين اضمحالل مجتم إنساني وازدهاره .وذلك
أن النفط في المجتم الصناعي الذي نعيش في كنفه ،هو في مقام المركز في كل شيء«.1
بالنظر إلى هذه المعطيات ،ال عجب أن نرى دول العالم اليوم (سواء تعلق األمر بالمنتجة للنفط منها أو
المستهلكة) تولي أسعار هذه المادة الحيوية األهمية القصوى ،وتجعل قضية تأمين المستوى األنسب لهذه
األسعار ،من أولى أولويات استراتيجياتها القومية ،في ظل ما أنتجه التفاوت في حجم االحتياطي واإلنتا
واالستهالك -م ما رافقه من عوامل اقتصادية وجيوسياسية -من ظروف كان لها األثر الجلي على حركة
األسعار ،التي باتت تشكل هاجسا لهذه الدول ،وأخذت النصيب األوفر من االهتمام.
من خالل هذا الفصل سنتناول موضوع عدم استقرار أسعار النفط ،من مختلف جوانبه المتعلقة باألسباب،
التداعيات ،والنتائج ،ضمن ثالثة محاور أساسية تضمنتها ثالثة مباح ،كما يلي:
األول يتناول موضوع اضطرابات أسعار النفط ،من خالل عرض المسار التاريخي لتطورات هذه المبح
األسعار في السوق العالمية ،وكذا تحليل العوامل المسؤولة عن تقلباتها وعدم استقرارها .في حين يخوض
الثاني في األسس النظرية ،واألدلة واإلثباتات التجريبية للعالقة "أسعار النفط-اقتصاد كلي" .بينما المبح
للتقلبات االقتصادية والتحديات التي تواجه اقتصاديات البلدان النفطية ،بسب وفرة الثال يتطرق المبح
النفط (باعتباره موردا طبيعيا هاما) ،وعدم استقرار أسعاره ،في مناقشة ألطروحة "لعنة الموارد" ومفارقة الوفرة.
1شرايبر جان جاك سرفان" ،)1980( .التحدي العالمي" ،ترجمة فكتور سحاب وابراهيم العريس ،المؤسسة العربية لل ّدراسات والنشر ،بيروت ،ص.
.52
2
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
شهدت عملية تسعير الخام ،والكيفية التي يتحدد بموجبها السعر -وضمنها قيمة هذا السعر -عدة
تطورات منذ االكتشاف التجاري للنفط؛ حي توفرت خالل هذه المدة الزمنية قاعدة عريضة من وجهات النظر
واآلراء المتضاربة حول األسباب الكامنة وراء التقلبات واالضطرابات الحادة ،التي لطالما شهدتها أسعار النفط،
وظل هذا الموضوع من أكثر المواضي إثارًة للجدل ،واحاطة بالغموض .إذ أنه وبغض النظر عن أي
اعتبارات اقتصادية ،قد تشير بسعر أو بآخر ،قد تتدخل عدة عوامل متشابكة ،في تحديد القيمة النهائية لسعر
الخام؛ األمر الذي جعل فهم عملية التسعير ،وادراك المغزى من وراء سعر معين أو غيره ،أمر يصعب أن
تجتم عليه اآلراء ،ويستعصي على الكثيرين من خار الصناعة النفطية ،بل وحتى على ذوي االختصاص.
أي العوامل تملك النصيب األوفر في تحديد اتجاهات تطور سعر النفط الخام ،مرت
في ظل جدلية ُّ
عملية تسعير هذا األخير –وضمنها قيمة سعره -بعدة مراحل ،تبعا الختالف الظروف والعوامل االقتصادية،
وتماشيا م تطور السوق النفطية من سوق تنافسية (مباشرة م بداية الصناعة البترولية) إلى
ً والجيوسياسية،
سوق احتكارية ،ثم سوق شبه احتكارية (احتكار قلة) وصوالً إلى سوًقا أكثر تنافسية.1
سيطر على الصناعة النفطية خالل هذه الفترة عديد قليل من الشركات التي أمسكت بزمام األمور،
وأخذت على عاتقها مهمة تقسيم األسواق وتحديد األسعار ،وذلك على حساب مصالح الدول المالكة للثروات
النفطية .2وفيما يلي ،سنتناول بالتحليل تطورات أسعار الخام خالل هذه المرحلة ،التي تم تقسيمها إلى مراحل
وفقا ألهم األحدا ،التي كان لها األثر الواضح والجلي على مسيرة الصناعة النفطية ،وعلى سوق
جزئية ً
النفط واألسعار بشكل خاص.
.1.1.1تطورات أسعار النفط من بدايات الصناعة البترولية إلى ما قبل تبني نظام نقطة األساس:
انطلق إنتا النفط الخام بمعدل 20إلى 35برميل يوميًّا (ب/ي) ،وتم بي البرميل الخام منه بما يقارب
الـ 20دوالر (/$ب) وذلك لفترة قصيرة ،بعد أول اكتشاف له في النصف الغربي للكرة األرضية ،3في الواليات
1أنظر :الدوري محمد أحمد" ،)2003( .مبادئ اقتصاد النفط" ،ط ،01 .دار شموع الثقافة ،ليبيا ،ص ص.161-150 .
2لخديمي .ع ،.و س .موري" ،) 2015( .تغيرات سعر النفط وسعر الصرف في الجزائر :مقاربة تحليلية وقياسية" ،بحوث اقتصادية عربية ،مج،22 .
ع ،71 .مصر ،الصيف ،ص ص.162-145 .
3الخولي فتحي أحمد" ،)1992( .اقتصاديات النفط" ،ط ،02 .دار حافظ للنشر والتوزيع ،جدة ،السعودية ،ص.64 .
3
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
المتحدة األمريكية ،يوم الساب والعشرين من آب/أغسطس ،عام ،1859أين عثر الجنرال " "A. Drackeعلى
النفط قرب مدينة تيتوسفيل ) (Titusvilleبوالية بنسلفانيا ) (Pennsylvanieعلى عمق 69,5قدم .وفي نفس
المنطقة ُسجل أول ظهور لسعر النفط الخام على نطاق تجاري عام 1960عند فوهة البئر ،إذ بلغ السعر
نظر لتعدد المنتجين ،واحتدام
آنذاك مقدار (/$ )9,59ب ،قبل أن يتراج في العام الموالي إلى (/$ )0,49ب!ً ،ا
المنافسة فيما بينهم ،إضافة إلى محدودية استعماالت النفط ،الذي لم يكن يساهم بأكثر من ) (1%ضمن
المنظومة الطاقوية للواليات المتحدة آنذاك.1
استمرت األسعار المعلنة للنفط األمريكي الخام بالتذبذب ضمن حدود المجال (/$ )0,95ب و(/$ )1,29ب
من عام – 1880الذي شهد بداية نظام األسعار المعلنة -2إلى غاية العام ( 1900أنظر الجدول ( )1-Iمن
الملحق ( ،))Iفي ظل سيطرة مطلقة لشركة ،"Standard Oil of New Jersey Company"3على جمي أطوار
الصناعة النفطية؛ بالنظر إلى اإلمكانات المادية الهائلة التي كانت تتمت بها هذه الشركة -التي كان يملكها
الملياردير األمريكي " - "J. Rockfellerوعجز باقي المنتجين على منافستها.4
شهدت نهاية العام 1900بروز طريقة جديدة لحساب وتحديد سعر الخام ،تعتمد المتوسط العام ألسعار
قُدر السعر الناتج بـ (/$ )1,19ب في نهاية العام المذكور ،ليسلك اتجاها تنازليا وصوال شركات؛ حي ثال
إلى مستوى (/$ )0,61ب عام ،1911تاريخ التدخل الحكومي لحل والغاء إحتكار "ترست ستاندرد أويل"
5
للصناعة النفطية األمريكية ،قبل أن يعاود االرتفاع ،ليصل إلى مستوى (/$ )0,95ب خالل العام .1913
1للمزيد من التفاصيل المتعلقة بموضوع إنتاج النفط خالل هذه الفترة؛ أنظر - :الرومي نواف" ،)2000( .منظمة األوبك وأسعار النفط العربي الخام"،
ط ،01 .الدار الجماهرية للنشر والتوزيع ،مصراتة -ليبيا ،ص ص.28-26 .
-هارفي أوكونور" ،)1967( .األزمة العالمية في البترول" ،ترجمة عمر مكاوي ،دار الكاتب العربي للطباعة والنّشر ،القاهرة ،ص ص.130-31 .
2لعرض مفصل ألنواع أسعار النفط الخام أنظر - :نواف الرومي ،)2000( .ص ص24-17 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.369-358 .
3ظهرت هذه الشركة إلى الوجود يوم 10يناير 1870في والية نيوجرسي األمريكية ،وتعرف حاليًّّا باسم ) (Exxonأو ).(Esso
4
- Hamilton. J.D. (2011), "Historical Oil Shocks", NBER Working Paper No. 16790, February, PP. 2-5.
- Dalemont. E., et J. Carrié. (1993), "Histoire du Pétrole : Que sais-Je?", 1re édition, Presses Universitaires de
France, Paris, P.14.
5مثلت شركة نفط الخليج ) ،(Gulf Oil Coوشركة تكساس ) ، (Texaco Coأهم منافس لشركة ستاندرد أويل في هذه المرحلة؛ وهو ما أرغم األخيرة
على اإلتفاق معهما ،واعتبار متوسط أسعار الشركات الثالث ،كسعر معبر عن قيمة السلعة النفطية؛ أنظر - :الرومي نواف ،)2000( .ص ص.29-28 .
- Amic. E., Darmois. G., et J.P. Favennec. (2006), "L’énergie, à quel prix?: les marchés de l’énergie", IFP
Publications, édition technip , paris, P. 32.
4
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
بدايتها .1لتحافظ أسعار الخام بعد ذلك على مستويات متقاربة ومتذبذبة (أنظر الجدول ( )2-Iمن الملحق ())I
إلى غاية العام ،1930أين بلغت حد (/$ )1,19ب م مطل هذا العام ،قبل أن تتسبب مخلفات أزمة الكساد
في نزولها إلى حدود (/$ )0,65ب في العام الموالي ،نتيجة تراج جل مجاالت اإلنتا واإلستهالك.2
ُشرع في العمل بقواعد هذا النظام وتطبيقه منذ العام 1936؛ أين أُعلن عن سعر مقداره ( $ )1,09لبرميل
الخام األمريكي .والى غاية نهاية الحرب العالمية الثانية ،تراوح مؤشر أسعار الخام بين (/$ )1,02ب ،كحد
سجل عامي 1939و ،1940و(/$ )1,21ب كحد أقصى –رافق ظروف نهاية الحرب -تحقق عام 1944
أدنى ُ
(أنظر الجدول ( )3-Iمن الملحق ( .))Iلكن السبب الرئيسي ،لسلوك أسعار الخام المسار المذكور خالل هذه
المرحلة ،يكمن في بروز سيطرة كارتل الشركات النفطية الكبرى على السوق العالمية للنفط.7
.3.1.1نظرية نقطة التعادل ..وحركة أسعار الخام ضمن تغير الهيكل:
م أواخر العام ،1944أُرغمت الشركات النفطية االحتكارية على فصل سعر نفط منطقة الشرق األوسط
عن سعر الخام في خليج المكسيك ،من خالل االعتراف بمنطقة الخليج العربي كنقطة أساس ثانية لتسعير
البترول الخام ،واعتبار الزيت العربي الخفيف كخام قياسي )(Marker Crude؛ إذ ُحدد السعر المعلن للخام
1بلغ سعر الخام األمريكي /$ 1,98ب سنة ،1918ووصل حد /$ 3,07ب مع نهاية عام 1920؛ أنظر -:الرومي نواف ،)2000( .ص ص.30-29 .
2الرومي نواف ،)2000( .ص.36 .
3لتفاصيل أوفى عن نظام نقطة األساس األحادية ) (The Single Basing-Point Systemأو نظام "الخليج زائد" )(Gulf Plus؛ أنظر:
-فرهاد محمد علي األهدن" ،)2000( .اقتصاديات الطاقة والبترول" ،المكتبة األنجلو مصرية ،مصر ،ص.165 .
-هارفي أوكونور (ترجمة عمر مكاوي) ،1967 ،ص.496-494 .
-مايكل لينش" ،البحث عن اإلستقرار في سوق النّفط" ،في كتاب "مستقبل النفط كمصدر للطاقة" ،الطبعة األولى ،مركز اإلمارات لل ّدراسات والبحوث
اإلستراتيجيّة ،اإلمارات العربيّة الم ّتحدة ،2005 ،ص.245 .
- Favennec. J.P. (2007), "Géopolitique de L’Energie: Besoins, Ressources, Echanges Mondiaux", IFP Publications,
Editions Technip, Paris, P. 42.
:(Cost. Insurance. Freight) 4يعني أن السّعر يتضمن كلٌّ من تكاليف "النقل ،التأمين ،وباقي مصاريف ال ّشحن".
:(Free On Board) 5تعني سعر تسلّم النفط على ظهر الناقلة ،دون أن يتضمن التّكاليف المذكورة أعاله.
- 6إيان سيمور" ،)1983( .األوبك :أداة تغيير" ،ترجمة عبد الوهاب األمين ،م.أ.ع.م.ب ،الكويت ،ص ص.20-17 .
-الدوري محمد أحمد ( ،)2003ص ص.378-376 .
- 7إيان سيمور (ترجمة عبد الوهاب األمين) ،1983 ،ص.20 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص.42-33 .
5
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
) (F.O.Bفي ميناء عبدان بإيران ،في نفس مستوى السعر المعلن في خليج المكسيك ،قبل فترة وجيزة عن
وقت تحديد قيمة هذا السعر في ميناء رأس تنورة بالسعودية ،في نفس مستوى السعر في خليج المكسيك.
وبذلك تم اعتماد نقطتي أساس -ممثلةً بالخليجين المكسيكي والعربي -لتسعير مختلف خامات العالم.1
ُشرع في العمل بنظام نقطة األساس المزدوجة منذ العام ،1945بسعر معلن لبرميل الخام العربي الخفيف
) (Arabian Lightفي ميناء رأس تنورة السعودي بالخليج العربي ) (F.O.Bقُدر بـ (ُ ،$ )1,05ي ُّ
عد أول سعر
عربي معلن في السوق العالمية للنفط .من جهة أخرى ،أُعتُِبر ميناء " "Napoliعلى الساحل اإليطالي
الجنوبي ،كنقطة تتعادل عندها أسعار خامات المنطقتين ) .(C.I.Fغير أنه تجدر اإلشارة إلى الفارق والزيادة
المسجلة في السعر المعلن لبرميل الخام األمريكي في خليج المكسيك ) (F.O.Bلنفس العام ،والمقدرة ()31
سنتًا ،ببلوغه مقدار ( ،$ )1,36وهو ما ينفي ادعاءات الشركات بتساوي األسعار المعلنة في الخليجين.2
بقي السعر المعلن لبرميل الخام في الخليج العربي على حاله ،حتى النصف الثاني من العام ،1947في
حين اترف سعر الخام األمريكي إلى حدود (/$)1,70ب م أواخر العام .1946بينما ،رافق فقدان الواليات
كمصدر رئيسي للنفط بعد الحرب ،وتحولها إلى مستورد ،ارتفاع تدريجي في األسعار المعلنة
المتحدة لمكانتها ُ
للخام األمريكي ،التي وصلت إلى مستوى (/$ )2,68ب في ديسمبر ،1947في وقت لم تتعدى األسعار
المعلنة للخام العربي حد (/$ )2,18ب ،الذي بلغته في مارس 1948؛ أما نقطة تعادل األسعار فانتقلت إلى
ميناء " "Southamptonغرب بريطانيا .قبل أن تتخذ معادلة مساواة األسعار -منذ يوليو -1948خام
ُع ِ
ودلت أسعار الخام أوفيسينا الفينزويلي ،الذي تُصدره الشركات األمريكية إلى أوروبا كخام قياس؛ حي
الفينزويلي بأسعار الخام األمريكي في ميناء نيويورك ،قبل أن تُ َّ
حدد نقطة تعادل سعر خام أوفيسينا بالخليج
الكاريبي ،وسعر النفط العربي الخفيف بالخليج العربي ،في ميناء ساوثهامبتون اإلنجليزي .ليشهد بذلك السعر
مستمر خالل العام ،1949حتى بلغ حد ( $ )1,75في ديسمبر ،في
ًّا نخفاضا
ً المعلن لبرميل الخام العربي ا
حين حافظ سعر الخام األمريكي على المستوى (/$ )2,68ب ،خالل النصف األول من نفس العام ،قبل أن
بالغا مقدار (/$ )2,76ب م نهاية السنة؛ بينما انتقلت نقطة التعادل إلى ميناء نيويورك.3
يعاود االرتفاعً ،
1عُرف هذا النظام ،بنظام نقطة األساس المزدوجة ) ،(The dual Basing-Point System of the Posted Prices.أو ما ي ُعرف بنظرية نقطة
التعادل )(Equalization Point Theory؛ تفاصيل أدق ،موجودة ضمن - :عفيفي صديق محمد" ،)2003( .تسويق البترول" ،ط ،09 .مكتبة عين
شمس ،القاهرة ،ص ص.253-252 .؛ -تياك أرنست" ،) 1958( .نفط ،سياسة ،واقتصاد في الشرق األوسط" ،ترجمة هشام متولي ،منشورات مكتبة
أطلس ،دمشق ،ص.250 .؛ -عجيمية .م.ع ،.و م .يونس" ،) 1984( .الموارد واقتصادياتها" ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت ،ص.228 .
2أنظر :أنظر الجدول ( ،)4-Iمن الملحق (.)I؛ وأنظر كذلك - :بكري كامل وآخرون" ،) 1986( .الموارد واقتصادياتها" ،دار النهضة العربية للطباعة
والنّشر ،بيروت ،ص ص.187-186 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص ص.45-42 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.379-378 .
3أنظر - :ترزيان بيار" ،) 1982( .األسعار والعائدات والعقود النفطية في البالد العربية وإيران" ،ترجمة فكتور سحاب ،ط ،01 .المؤسسة العربية
للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت ،ص ص.31- 28 .؛ -إيان سيمور (ترجمة عبد الوهاب األمين) ،1983 ،ص ص.25-21 .؛ -بكري كامل
وآخرون ،)1986( .ص ص.190-187 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.387-383 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص ص.51-45 .
6
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
مثلت الفترة الممتدة بين نهاية عقد األربعينات وبداية عقد الخمسينات من القرن الماضي ،مرحلةً حاسمة
ميزها ظهور وتنامي الوعي لدى شعوب البلدان النفطية ،التي أخذت تسعى لحماية ثرواتها الناضبة من
استغالل الشركات البترولية .وهو ما كان بمثابة البداية الفعلية لتراج الهيمنة اإلحتكارية لكارتل شركات النفط
الكبرى ،التي ضعف تحكمها في صناعة النفط العالمية ،في المناطق النفطية الرئيسية في العالم ،وتراج
تأثيرها على سوق النفط العالمية؛ خاصة األسعار التي تأثرت بصورة مباشرة وقوية من جراء هذه التطورات.1
إلى غاية بدايات العام ،1953استمرت األسعار المعلنة للبترول األمريكي والعربي عند المستوى ذاته،
الذي بلغته م نهاية ِعقد األربعينات؛ أما نقطة التعادل فانتقلت من نيويورك إلى سواحل شمال غرب
أوروبا .2قبل أن تعمد الشركات النفطية -في يونيو/حزيران -1953إلى رف مستوى سعر برميل الخام
األمريكي إلى (( $ )3,00بسبب ارتفاع تكاليف اإلنتا ) ،في حين تم رف سعر الخام العربي إلى حدود
والتطورات المؤثرة ،التي طرأت على تفاصيل الصناعة النفطية في بلدان (/$ )1,97ب فقط!؛ ورغم األحدا
الشرق األوسط والخليج العربي آنذاك ،إال أن أسعار الخام حافظت على مستوياتها ،حتى نهاية العام .31956
بعد ذلك ،شهدت بداية العام 1957صعودا في أسعار مختلف الخامات وبنسب غير متساوية (أنظر
الجدول ( )5-Iمن الملحق ( ،))Iإذ قفز برميل الخام األمريكي إلى مستوى ( ،$ )3,25فيما بلغ سعر برميل
الخام الفينزويلي مقد ار ( ،$)3.07بينما وصل سعر برميل الخام العربي إلى حدود ( .4$ )2,12قبل أن تعود
نزل سعر الخام األمريكي األسعار المعلنة للخامات األمريكية والعربية لتتراج اعتبا ار من فبراير ( 1959حي
إلى حدود (/$ )3,14ب ،فيما انخفض سعر برميل الخام العربي ،ليبلغ مقد ار ()$ )1,94؛ وذلك اقتداء منها،
واستجابة للتراج الحاصل في أسعار الخامات الفينزويلية ،التي تراجعت إلى حدود (/$ )2,92ب م حلول
العام ،1959بعد إقدام الشركات العاملة في فينزويال على تخفيضها ،ردا على إجراءات الحكومة الفينزويلية
- 1الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.395-389 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص ص.55-53 .
- Antoine Ayoub. (1996), "Le Pétrole: économie et Politique", Economica, Paris, P. 375.
2كان ذلك بسبب االنخفاض الذي حصل منذ العام ،1950في إمدادات الخام المتّجهة إلى بلدان أوروبا الغربية ،التي اضطرت إلى استراد النفط المنتج
في بلدان نصف الكرة الغربي .لتفاصيل أدق أنظر - :هرمز نور الدين وآخرون" ،)2007( .تغيرات أسعار النفط العربي وعوائده" ،مجلة جامعة تشرين
للدراسات والبحوث العلمية ،سلسلة العلوم االقتصادية والقانونية ،مج ،29 .ع ،01 .سوريا ،ص.90 .؛ -الرومي نواف ،)2000( ،ص ص.57-55 .
3كان أبرز من أبرز أحداث هذه الفترة ،إعادة ضخ البترول اإليراني إلى األسواق العالمية (بعد تغيير حكومة محمد مصدق) ،وعودة صادرات الخام
السوفييتي إلى بلدان أوروبا الغربية.؛ أنظر - :الرومي نواف ،)2000( .ص.59-58 .؛ هرمز نور الدين وآخرون ،)2007( .ص.90 .
4كان ذلك نتيجة ألحداث غلق قناة السويس عقب العدوان الثّالثي على مصر عام ،1956وما خلفه من اضطرابات في اإلمدادات النفطية ،خاصة لدول
أوروبا الغربية.؛ أنظر - :حسين عبد هللا" ،)2000( .مستقبل النفط العربي" ،ط ،01 .مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،نوفمبر ،ص.16 .
-لطفي علي" ،) 2008( .الطاقة والتنمية في الدول العربية" ،المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ،إمبرش للطباعة ،القاهرة ،ص ص.177-176 .
7
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
بخصوص تعديل مقادير الضريبة على مداخيل هذه الشركات ،بهدف رف حصتها من العوائد النفطية.1
.2.2.1عقد الستينات ..توحد الجهود ،والدة "أوبك" واالنعكاسات على أسعار الخام:
جسدت عشرية الخمسينات ،مرحلة نهاية سيادة األسعار المعلنة للخام ،المحددة وفق القواعد التسعيرية
أُعتبر اإلجراء الذي اتخذته هذه االحتكارية المفروضة من طرف كبرى شركات النفط وبلدانها األم؛ حي
الشركات في آب/أغسطس ،1960والقاضي بتخفيض أسعار خامات الخليج العربي دون غيرها من باقي
خامات العالم ،بمثابة آخر إجراء تنفذه هذه األخيرة خالل وجودها في منطقة الشرق األوسط؛ كما رافقه فصل
كلي ،وزوال للرابطة السعرية التقليدية ،بين خامات الواليات المتحدة ،البحر الكاريبي ،والشرق األوسط.2
من جهة أخرى ،دفعت التخفيضات األخيرة في األسعار المعلنة للخامات العربية ،بحكومات البلدان
المعنية إلى اتخاذ تدابير موحدة للوقوف بوجه تقلبات هذه األسعار ،ومن انخفاضها مجد ًدا والمحافظة على
استقرارها في سوق النفط العالمية؛ وهو الهدف األساسي الذي أُعلن عنه ،لدى تأسيس منظمة البلدان المنتجة
والمصدرة للنفط " ،3"OPECفي بغداد يوم 14سبتمبر/أيلول .41960وبالفعل ،فكإنجاز بارز ،نجحت أوبك
في من حدو أية تخفيضات في السعر المعلن لبرميل خام القياس الذي استقر عند المستوى الذي بلغه في
أغسطس 1960طوال عقد الستينات (أنظر الجدول ( )6-Iمن الملحق ())I؛ في حين شهدت سنوات ،1965
،1969 ،1967ارتفاعات -في حدود ( )20-10سنتًا أمريكيًّا -في أسعار بعض خامات الواليات المتحدة.5
كان دخول أوبك ضمن معادلة تحديد أسعار الخام ،شاهدا على ولو مرحلة جديدة ،أين أصبحت الدول
المنتجة تلعب دو ار رئيسيا في ذلك؛ غير أن النزاعات التي شهدتها المنطقة العربية خالل تلك الفترة ،والتي
انتهت بهزيمة ،1967لم تساعد على توفير المناخ المالئم لممارسة هذا الدور على أكمل وجه .ففي الواق ،لم
يكن تثبيت سعر خام القياس عند المستوى الذي بلغه عام 1960؛ في حد ذاته ،جل ما تسعى إليه هذه الدول،
6
أساسا ،كما أن المنظمة لم تفلح في وقف التدهور في القيمة الحقيقية لألسعار
ً أنه ُيعتبر مستوى متدني حي
- 1الرومي نواف ،)2000( .ص.63-60 .؛ -أ يان سيمور (ترجمة عبد الوهاب األمين) ،1983 ،ص.43-38 .
2تراوحت التخفيضات بين ( 10و )14سنت ،ليتراوح سعر الخام العربي الخفيف بين ( 1,80و/$ )1,84ب ،أنظر - :الطفيلي .ع.ض" ،)1984( .أزمة
الطاقة العالمية وتطور أسعار النفط" ،الفكر االستراتيجي العربي (معهد اإلنماء العربي) ،ع ،10 .لبنان ،يناير ،ص ص.357-356 .؛ -الرومي نواف.
( ،)2000ص.64 .؛ -أيان سيمور (ترجمة عبد الوهاب األمين) ،1983 ،ص ص.51-49 .؛ الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.398-396 .
3
Organization of Petroleum Exporting Countries.
4تكونت أوبك في البداية من؛ العراق ،فنزويال ،السعودية ،الكويت ،وإيران .لينظم إليها الحقا كلٌّ من؛ الجزائر ،ليبيا ،اإلمارات العربية المتحدة ،نيجيريا،
أندونيسيا ،وأخيرًّ ا اإلكوادور ،والغابون.؛ للمزيد؛ أنظر - :لطفي علي ،)2008( .ص ص 80-78 .؛ -الرومي نواف ،)2000( ،ص ص.68-65 .
5لتفاصيل أوفى؛ أنظر -:أيان سيمور (ترجمة عبد الوهاب األمين) ،1983 ،ص ص.91-89 .؛ -بكري كامل وآخرون ( ،)1986ص ص.194-191 .
-الرومي نواف ،)2000( .ص ص.73-68 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.401-399 .؛ -عفيفي صديق محمد ،)2003( .ص.256 .
6حسين عبد هللا ،)2000( .ص ص.19-18 .
8
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
نتيجة ارتفاع معدالت التضخم في اقتصاديات البلدان الصناعية المستوردة للنفط الخام.
بعد مرحلة الستينات التي جسدت مرحلة للدفاع عن الحقوق المسلوبة للبلدان المنتجة ،يمكن اعتبار
استهدفت الحكومة مرحلة السبعينات كأهم مرحلة في مسيرة الصناعة والعالقات النفطية لهذه البلدان .حي
الليبية الجديدة -بعد الثورة -تصحيح أسعار نفطها ،من خالل إتفاقية طرابلس األولى م شركة أوكسدنتال
األمريكية في سبتمبر 1970؛ لتليها خطوات أخرى تعزز مسيرة األسعار ،تجسدت من خالل إتفاقية طهران
في 14فبراير ،1971وبعدها اتفاقية طرابلس الثانية ،بتاريخ 2فبراير .1971إذ كان من أبرز ما تضمنته هتين
اإلتفاقيتين ،تطبيق زيادة فورية في السعر المعلن لبرميل الخام المصدر من الخليج العربي بنحو ( 35إلى )25
سنتا ،إضافة إلى سن زيادة بنسبة ) (2,5%سنويا ،مضافا إليها زيادة أخرى بقيمة ( )5سنت لمدة خمس
سنوات ،لمواجهة التضخم النقدي العالمي وانخفاض قيمة الدوالر الذي يستخدم في تسعير النفط.1
في نفس السياق ،جاءت إتفاقية جنيف األولى بتاريخ 20يناير ،1972وبعدها إتفاقية جنيف الثانية في
يونيو 1973؛ معززةً لسابقاتها ،لتعويض الخسائر في القيمة الحقيقية لألسعار ،الناتجة عن تدهور وتخفيض
تم رف األسعار المعلنة لخامات أوبك بمقتضى اإلتفاقية األولى بنسبة ) ،(8,5%بينما قيمة الدوالر ،2حي
وصلت نسبة االرتفاع إلى ) (11,9%بموجب اإلتفاقية الثانية .ليصل سعر برميل خام القياس العربي الخفيف
تبعا لتقلب العمالت.3
إلى مستوى ( ،)$ 2,47ثم إلى حدود ( $ )2,898على التوالي؛ هذا م تصحيح األسعار ً
بعد مرحلة اإلتفاقيات ،برزت الحاجة لدى دول أوبك لتغيير طريقة تسعير خاماتها ،بما ُيمكنها من العمل
على رف هذه األسعار إلى المستوى الذي يواكب التطورات في سوق النفط العالمية .بالفعل ،شهدت الفترة
التي أعقبت الحرب العربية–اإلسرائيلية ،إقدام ممثلي أعضاء أوبك من بلدان الخليج العربي ،المجتمعون في
الكويت بتاريخ 16أكتوبر ،1973على اتخاذ ق ار ار تاريخيا ،تضمن رف أسعار خامات أوبك بنسبة )،(70%
ليبلغ بذلك متوسط سعر برميل الخام العربي حد ( .$ )5,12وفي ظل ظروف ميزها انخفاض معدالت
اإلنتا ،المصاحب لقرار حضر النفط العربي ،تقرر من خالل اجتماع ممثلي األعضاء السابقين في طهران،
نسبة الزيادة في األسعار إلى حدود ( ،)130%اعتُبرت نافذة المفعول منذ يومي ( )23/22ديسمبر ،1973رف
1أنظر -:صديق محمد عفيفي ،)2003( .ص.259- 257 .؛ -أيان سيمور (ترجمة عبد الوهاب األمين) ،1983 ،ص ص.95-93 .؛ -الدوري محمد
أحمد ،)2003( .ص ص.406-401 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص ص. 93-89 .؛ ترزيان بيار ( ،ترجمة فكتور سحاب) ،1982 ،ص.69 .
2جدير بالذكر أنه قد تم تخفيض قيمة الدوالر رسميا في مناسبتين ،كانت األولى في 17ديسمبر ،1971أما الثانية فتناسبت مع تاريخ 12فبراير .1973
- 3بكري كامل وآخرون ( ،)1986ص ص.200-198 .؛ -حسين عبد هللا ،)2000( ،ص ص.20-19 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص ص.96-94.
- Guan. Q.Y., (2008), "The Period Model and Policies of the Fluctuation of International Oil Price", International
Petroleum Economics, Vol. 1, P. 26.
9
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
مطل يناير ،1974أما قيمة السعر المعلن لخام القياس فبلغت حدود (/$ )11,65ب.1
تضمن قرار مؤتمر الدوحة ،رف أسعار خامات في منتصف ديسمبر ،1976ظهر نظام السعرين .حي
ابتداء من الفاتح يناير ،1977مقابل رف أسعار خامات باقي
ً كل من السعودية واإلمارات بنسبة )(5%
األعضاء ،بنسبة ) (10%اعتبا ار من نفس التاريخ ،تعقبها زيادة أخرى بنسبة ) ،(5%اعتبا ار من الفاتح
يوليو .1977وفي ظل تواصل الخالفات بين أعضاء المنظمة ،تقرر بمقتضى مؤتمر أبو ضبي المنعقد في
زيادات تدريجية في أسعار خامات أوبك ،ضمن أرب مراحل فصلية ،انطالقا من 16ديسمبر ،1978إحدا
زيادة بنسبة ) ،(5%اعتبا ار من الفاتح يناير ،1979لتصل نسبة االرتفاع إلى حدود ) (14,54%م مطل شهر
أكتوبر من نفس العام ،ويصل معها سعر برميل خام اإلشارة ) (Marker Crudeإلى ( .$ )14,542لكن ارتفاع
أسعار السوق الفورية ) ،(Spot Marketعقب انقطاع إمدادات النفط اإليراني في ديسمبر ،1978دف أوبك إلى
عقد مؤتمر استثنائي في جنيف بتاريخ 26مارس ،1979كان من بين ق ارراته تصحيح سعر خام القياس بنسبة
) ،(8,7%م إضافة عالوات ،تراوحت بين ( 2و .$)4ذلك قبل أن تتقرر زيادة أخرى في األسعار بمعدل
تراوحت بذلك أسعار برميل خام ) ،(35%خالل المؤتمر نصف السنوي بجنيف في 26يونيو ،1979حي
قياس أوبك ،بين حد أدنى قدره ( )$18وحد أعلى قدره ( ،)$23,5بينما وصلت حدود األسعار المعلنة من قبل
المقررة في المؤتمر السابق-
المنظمة -بعد إقدام دولها على رف أسعار الخامات خاصتها عن المستويات ُ
إلى (/$ )24ب كحد أدنى ،وحد أعلى بلغ مقدار (/$ )30ب م أواخر العام .21979
جسدت فترة الثمانينات ،مرحلة تراج مكانة أوبك ضمن سوق النفط العالمية ،ومحدودية فاعليتها في
تحديد اتجاه حركة األسعار .من جهة أخرى ،شهدت سوق النفط خالل الفترة الممتدة بين نهاية السبعينات
وبداية الثمانينات اضطرابات كبيرة ،أنتجتها مخلفات الثورة اإليرانية ،وبعدها الحرب العراقية-اإليرانية .في ظل
هذه الظروف ،وصلت أسعار السوق الفورية التي إلى حدود (/$ )44ب ،أما أوبك فقررت -بموجب مؤتمرها
المنعقد بالجزائر في يونيو -1980رف سعر اإلشارة لبرميل خام القياس إلى حد أقصى قُدر بـ ( ،$ )32اعتبا ار
من يوليو ( 1980وهو نفس المستوى الذي حدد عنده السعر الرسمي المعلن من ِقبلها) ،قبل أن يصل إلى
1لتفاصيل أوفر ،أنظر - :أيان سيمور (ترجمة عبد الوهاب األمين) ،1983 ،ص.160-159 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.422-410 .
-حسين عبد هللا ،)2000( ،ص ص.23-20 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص ص.104-96 .؛ -لطفي علي ،)2008( .ص ص.183-179 .
2للمزيد من التفاصيل ،أنظر - :سيد أحمد عبد القادر" ،) 1982( .األوبيك :ماضيها .حاضرها وآفاق تطورها" ،ترجمة :خليل أحمد خليل ،وفؤاد شاهين،
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،ص ص.157- 152 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص ص.122- 105 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( ،ص
ص.429-422 .؛ -بكري كامل وآخرون ،)1986( .ص ص. 208-206 .؛ أيان سيمور (ترجمة عبد الوهاب األمين) ،1983 ،ص ص.276-258 .
- Nouschi. A. (1999), "Pétrole et Relations Internationales de 1945 à nos Jours", Armand Colin, Paris, PP. 121-125.
10
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
حدود ( $ )34في أكتوبر ،1981ليستمر على نفس الحال حتى منتصف ،1983أين تم تخفيضه –بمقتضى
مؤتمر لندن في شهر مارس -إلى حدود (/$ )29ب ،في ظل االرتفاع الذي ُسجل في حجم العرض.1
م تزايد اإلمدادات النفطية ،خاصة من خار أوبك ،أخذت أسعار النفط تميل إلى الهبوط م حلول
أقدمت كل من إنجلت ار والنرويج على خفض أسعار نفط بحر الشمال، النصف الثاني من العام ،1984حي
ثم حذت نيجيريا حذوهما ،دون أي تنسيق م أوبك .أما األخيرة فقررت بموجب مؤتمر جنيف في أكتوبر
،1984خفض حصتها من اإلنتا إلى حدود ( )16مليون ب/ي ،قبل أن تُ ِ
قدم –في 30يناير -1985على
تخفيض أسعار نفطها إلى (/$ )27ب .وفي ظل استمرار وارتفاع فائض العرض ،المدعوم باستمرار حالة
التنافس والنزاع بين األطراف النفطية عامةً ،وداخل أوبك بشكل خاص؛ جاء الفصل األول من العام 1986
شاهدا على تدهور تدريجي وسري في أسعار الخام ،التي وصلت إلى حدود ( $ )10في يوليو؛ لتقوم أوبك في
20ديسمبر من ذات العام -م استمرار الضغوط على األسعار -بتحديد مقدار (/$ )18ب ،كسعر رسمي
مستهدف ،يمثل متوسط أسعار سلة تتكون من سبعة أنواع نفطية في السوق الفورية ،سمي سعر اإلشارة لسلة
أوبك؛ والذي ظل في حالة من عدم االستقرار ،بينما بلغ مستوى (/$ )17,9ب في المتوسط ،عام .21989
بعد انخفاض خالل الرب األول من العام ،1990وارتفاع خالل النصف الثاني من ذات العام ،في أعقاب
الغزو العراقي للكويت ،بلغ متوسط سعر اإلشارة لسلة أوبك حدود (/$ )22,26ب ،بينما حافظ هذا السعر على
مستوى لم يتجاوز كثي ار ( $ )18,6خالل العام ،1991في ظل أوضاع ميزها تذبذب اإلنتا النفطي ،نتيجة
انهيار المنظومة االشتراكية في أوروبا الشرقية بزعامة اإلتحاد السوفييتي ،ونشوب حرب الخليج الثانية في 17
يناير من نفس العام ،م قيام السعودية وبقية دول الخليج بدور المتمم الحتياجات سوق النفط .في حين لم
يفلح اجتماع أوبك في فيينا أيام ( )27-25نوفمبر ،1992في وض حد لالنخفاض التدريجي في األسعار،
التي واصلت مسيرتها باتجاه الهبوط ،حتى بلغ سعر اإلشارة ألوبك مستوى (/$ )15,55ب عام 1994؛ قبل أن
يشهد نوعا من االنتعاش ،بارتفاعه إلى حدود (/$ )17ب عام ،1995ثم (/$ )20ب في المتوسط عام .31996
1تفاصيل أدق موجودة ضمن - :الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.438-434 .؛ -بكري كامل وآخرون ،)1986( .ص ص.213-208 .
-هرمز نور الدين وآخرون ،)2007( .ص ص.94-93 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص ص.264-261 .؛ -عبد الخالق فاروق" ،)2002( .النفط
واألموال العربية في الخارج" ،ط ، 01 .مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات ،القاهرة ،ص ص.55-53 .
2تكونت سلّة أوبك من الخامات المتمثلة في :صحاري بلند ،44°ميناس ،33°بوني الخفيف ،36°عربي خفيف ،34°دبي ،32°ت.ج ،32°إيسثومس
.32°؛ تفاصيل أوفر ،موجودة ضمن - :الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.447-438 .؛ -بكري كامل وآخرون ،)1986( .ص ص.214-213 .
-الرومي نواف ،)2000( .ص ص.270-265 .؛ -لطفي علي ،)2008( .ص ص.186-184 .؛ -الجدول ( )8-Iمن الملحق (.)I
- Hamilton. J.D. (2011), PP. 17-18.; - Favennec. J.P. (2007), P. 44.; - Nouschi. A. (1999), PP. 160-163.
3لتفاصيل أوفر ،أنظر - :التنير سمير" ،)2007( .التطورات النفطية في الوطن العربي والعالم ،ماضيًّا وحاضرًّ ا" ،ط ،01 .دار المنهل اللبناني،
بيروت ،ص ص.23-13 .؛ -عبد الخالق فاروق ،)2002( .ص ص.57-55 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.453-447 .
-حسين عبد هللا" ،) 1998( .النفط العربي خالل المستقبل المنظور :معالم محورية على الطريق" ،ط ،01 .دراسات استراتيجية ،ع ،14.مركز
اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية ،اإلمارات العربية المتحدة ،ص ،15.إضافة إلى ،ص ص.75-68 .
11
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
بعد تواصل حالة االنتعاش في أسعار الخام خالل معظم فترات العام ،1997جاءت أواخره شاهدة على
اهتزاز استقرار هذه األخيرة ،التي أخذت في التراج بعد القرار المفخخ الذي اتخذته أوبك في مؤتمرها بجاكرتا
في شهر نوفمبر من نفس العام ،برف سقف اإلنتا -عكس مؤشرات عوامل السوق -1بنحو ()10%؛ والذي
كانت نتائجه وخيمة على قيمة برميل سلة أوبك ،التي انخفضت من ( $ )19في أكتوبر ،1997إلى ($ )14,5
في يناير ،1998لتواصل الهبوط بالغة حدود ( $ )9,7في ديسمبر .1998لم تنجح مبادرات أوبك –بالتنسيق م
باقي الدول المنتجة -في معالجة الموقف ،إال م حلول مارس ،1999عندما نجحت المجموعة في تخفيض
مستويات اإلنتا ،التي رافقها انتعاش الطلب ،نتيجة االنتعاش االقتصادي في دول جنوب شرق آسيا وأوروبا
والواليات المتحدة ،فأخذت –بذلك -األسعار تتحسن ،حتى بلغت حدود (/$ )18ب في م نهاية العام.2
.3.3.1تطورات مطلع األلفية الثالثة ..عودة "أوبك" إلى الواجهة ،وأسعار الخام:
على وجه العوم ،بإمكاننا القول أن أسعار النفط قد شهدت على مدى نحو عقد ونصف العقد من الزمن،
ار لديناميكية أواخر العام ،1999واصلت هذه األسعار
خالل األلفية الثالثة ،طفرة غير مسبوقة .فاستمرً ا
ارتفاعها في أغلب فترات العام 2000؛ والى غاية سبتمبر ،2001ظلت قيمتها تتراوح بين ( 24و/$ )31,5ب
(كمتوسط شهري) ،رغم سعي الدول النفطية –وعلى رأسها أوبك -لكبح جماح هذا االرتفاع ،من خالل رف
11سبتمبر -وما صاحبها من تدهور في معدالت النمو ،وانخفاض في حجم اإلمدادات .لكن أثار أحدا
الطلب -جاءت سلبيةً على أسعار برميل الخام ،التي سجلت تراجعات متتالية حتى بلغت معدل ( $ )18,3في
يناير 2002؛ قبل أن تعود لالرتفاع بعد قرار أوبك بخفض اإلنتا بداية من التاريخ األخير ،م ما رافقه من
عوامل ساعدت على انتعاشها ،إذ بلغ المعدل السنوي ألسعار سلة أوبك للعام المذكور حد (/$ )24,3ب،
ليواصل ارتفاعه إلى حدود ( $ )28,20خالل العام ،2003نتيجة تظافر جملة من العوامل مختلفة المصادر.3
1من بين هذه المؤشرات ،تطوّر األزمة االقتصادية في دول جنوب شرق آسيا ،وانخفاض مع ّدالت النمو في الدول المعروفة بالنمور اآلسيوية ،وبالتّالي
انخفاض طلبها على النفط ،باإلضافة إلى زيادة ا إلنتاج العراقي ضمن برنامج "النفط مقابل الغذاء" ،وارتفاع اإلمدادات النفطية من خارج أوبك.
2تفاصيل أوفر ،ضمن - :درويش فوزي" ،)2005( .التنافس الدولي على الطاقة في قزوين" ،ط ،01 .نشر خاص ،جانفي ،ص ص.195-184 .
-عصام الجبلي" ،)1999( .وا ِقع وآفاق أسواق النفط الدولية وأثرها على اقتصاديات الدول العربية" ،ورقة مق ّدمة لندوة "أسواق النفط والمال ...إلى
أين؟" المنعقدة في فبراير ،1999إصدار منتدى الفكر العربي ،سلسلة الحوارات العربية ،2000/4الطبعة األولى ،ع ّمان ،2001 ،ص ص.23-17 .
-عبد الخالق فاروق ،)2002( .ص ص.58-57 .؛ -هرمز نور الدين وآخرون ،)2007( .ص .95 .؛ -لطفي علي ،)2008( .ص ص.187-186 .
-Hamilton. J.D. (2011), PP. 18-20.; - Favennec. J.P. (2007), PP. 44-45.
3
من بين هذه العوامل؛ التغيرات الهيكلية في الطلب على النفط ،التي أدت إلى ارتفاعه بما يقارب ( )1,5م ب/ي في ،2003وذلك تزامننا مع اإلختالالتٍ
الكبيرة في العرض ،نتيجة االضطرابات السياسية في عدد من دول أوبك .حيث أدى إضرابٌ شامل في فنزويال في بداية العام المذكور ،واإلضرابات
ألشهر عديدة ،.لتفاصيل أوفر ،أنظر:
ٍ القبلية في نيجيريا ،إلى إيقاف معظم إمداداتهما النفطية ،قبل أن تأتي حرب العراق التي أوقفت تصدير نفطه
-حسين عبد هللا" ،) 2004( .من المسؤول عن ارتفاع أسعار النفط؟ ،وهل اإلرتفاع ظاهرة عارضة أم داللة على اتجاه؟" ،شؤون عربية ،ع،118 .
-Hamilton. J.D. (2011), PP. 20-21. مصر ،الصيف ،ص ص .118-102 .؛ -عبد الخالق فاروق ،)2002( .ص ص.61-58 ،؛
-بلقلة براهيم" ،) 2013( .تطورات أسعار النفط وانعكاساتها على الموازنة العامة للدول العربية خالل الفترة ( ،")2009-2000مجلة الباحث ،ع.
،2013/12ص ص.11-9 .؛ -هرمز نور الدين وآخرون ،)2007( .ص ص.96-95 .؛ -لطفي علي ،)2008( .ص ص.194-193 .
-تقارير األمين العام السنوية لمنظمة األقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك).2003 ،2002 ،2001 ،2000 :على الموقعwww.oapecorg.org :
12
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
نظ ار لعوامل جيوسياسية ،كانت في معظمها امتدادا للعوامل السائدة عام ،2003تواصل ارتفاع أسعار
الخام ،بصورة استثنائية وغير مسبوقة خالل العام ،2004إذ أن برميل سلة أوبك بلغ حاجز ( $ )45في الرب
األخير للسنة ،أما المعدل السنوي فوصل لحدود (/$ )36ب .لتواصل هذه األسعار سيرها على نسق االرتفاع،
مستمر 1خالل السنوات 2006 ،2005و( 2007باستثناء االنخفاض المسجل خالل
ًا بسلوكها اتجاها تصاعديا
بلغ المعدل السنوي األشهر األخيرة للعام ،)2006لتتخطى مستوياتها اإلسمية عتبات لم تبلغها من قبل ،حي
لسعر برميل سلة أوبك مستويات ( ،$ )69,1 ،61,0 ،50,6خالل سنوات 2006 ،2005و 2007على التوالي.2
خالل العام ،2008واصلت أسعار الخام االرتفاع وتحطيم األرقام القياسية ،إذ انتهجت هذه األخيرة منحا
تصاعديا منذ بداية العام إلى غاية شهر يوليو ،قبل شروعها في اتخاذ منحى التراج التدريجي حتى نهاية
السنة ،ليبلغ المعدل السنوي للسعر الفوري لبرميل سلة أوبك مقدار ( .$ )94,4ورغم اإلتجاه التصاعدي لهذه
األسعار (خاصة منذ شهر مارس) ،شهد العام – 2009وألول مرة منذ -2001انخفاضا في هذا المعدل إلى
نسبيا في األسعار ،بتحرك معدل سعر برميل سلة أوبكار ًّ حدود ( .$ )61بينما ،سجل العام 2010استقرًا
ضمن حدود المجال ( $ )85-70في أغلب األوقات ،ليبلغ المعدل السنوي لألسعار حوالي (/$ )77,4ب.3
في ظل جملة من العوامل المتنوعة والمتداخلة ،4واصلت أسعار النفط العالمية سيرها على نسق االرتفاع
خالل عامي 2011و ،2012مسجلة –مجددا -مستويات غير مسبوقة ،إذ حافظت المعدالت الشهرية لسلة
أوبك على مستويات مقاربة أو تفوق (/$ )100ب خالل معظم األشهر ،لتصل المعدالت السنوية للسلة إلى
حدود (/$ )107,5ب ،ثم (/$ )109,5ب على التوالي؛ قبل أن تنخفض -بشكل طفيف -إلى حدود ($ )105.9
13
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
تراوحت خالله خالل العام .2013وقد شهد النصف األول من العام 2014تقلبات سعرية محدودة حي
المعدالت الشهرية لسعر سلة أوبك ضمن ( 104و/$ )108ب ،بينما شرعت في اتخاذ منحى الهبوط التدريجي
الحاد منذ يوليو ،حتى بلغت حد (/$ )59,5ب في ديسمبر ،ليبلغ متوسطها السنوي مستوى (/$ )96,2ب.1
إن األهمية البالغة التي حظي بها النفط منذ اكتشافه ،جعلت من سوقه العالمية سوًقا أقل حرية ،وحدت من
تأثير قوانين السوق التقليدية ،فاسحة المجال لتأثير جملة السياسات واالستراتيجيات المتضمنة لمصالح الدول
الصناعية المستهلكة للنفط ،الدول النامية المنتجة ،وكذا الهيئات والمنظمات الممثلة للطرفينُ .2يعد النفط
تخض تغيرات أسعار الخام لعديد العوامل سلعة استراتيجية تأخذ أبعادا اقتصادية ،جيوسياسية ،وأمنية؛ حي
المتشابكة ،التي لطالما شكلت جوهر االختالف والتباين بين الفرقاء في مجال الصناعة النفطية؛ فبينما حاول
عديد االقتصاديين والعارفين بالشؤون النفطية (في صورة "P. Frankel" ،"Adeilman" :و")"E. Benrose
استعمال مؤشرات اقتصادية بحتة لشرح تقلبات واتجاهات األسعار ،نجد أن واق السوق النفطية يعيب على
هؤالء تناسيهم لعوامل أخرى (كالعوامل الجيوسياسية والعسكرية) ،وما يمكن أن تخلفه من آثار قد تفوق تلك
المترتبة عن العوامل االقتصادية.3
يتوقف استقرار السوق العالمية للنفط –وبالتالي أسعار النفط -على جملة من العوامل األساسية ،أهمها
التفاعل بين العرض والطلب والموازنة بينهما .غير أن خصوصية المورد النفطي ،تفسح المجال أمام عديد
العوامل الخفية ) ،(invisible factorsالتي يمكنها التأثير بطريقة أو بأخرى ،على اتجاهات تطور األسعار في
السوق النفطية (أنظر الشكل ( ،))1.1عن طريق مساهمتها في التأثير على اتجاهات عرض وطلب النفط.4
1يُرد تراجع أسعر الخام بداية من النصف الثاني للعام ،2014إلى نجاح استغالل مصادر النفط والغاز غير التقليدية (الغاز الصخري) في الو .م .أ،
المتزامن مع تراجع معدل نمو الطلب على النفط ،مع توجه كبرى الدول المصدرة إلى الحفاظ على نفس المستويات لسقف اإلنتاج (الذي تجسد من خالل
قرار أوبك في شهر نوفمبر) ،إضافة إلى المضاربة ،في ظل سيادة تطورات جيوسياسية جاءت تأثيراتها مخالفة للتوقعات؛ تفاصيل أدق ضمن:
-نجوم أسامة" ،)2015( .قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط" ،سلسلة تحليل سياسات ،المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات )،(ACRPS
الدوحة-قطر ،مارس ،ص ص.4-2 .؛ -بن راشد الخاطر خالد" ،) 2015( .تحديات انهيار أسعار النفط والتنويع االقتصادي في دول مجلس التعاون"،
سلسلة دراسات ،المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات ) ،(ACRPSالدوحة-قطر ،مارس ،ص ص.7-2 .؛ -صندوق النقد الدولي" ،التعايش مع
انخفاض أسعار النفط في سياق تراجع الطلب" ،إدارة الشرق األوسط وآسيا الوسطى ،مستجدات آفاق االقتصاد العاملي ،يناير ،2015ص ص.3-2 .
-تقارير األمين العام السنوية لمنظمة األقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك).2014 ،2013 ،2012 ،2011 :
2
Chitour Chems Eddine. (2006), "L’Empire Américain: Le Pétrole et Les Arabes", ENAG, Alger, PP.59-60.
- 3المزيني عماد الدين محمد" ،)2013( .العوامل التي أثرت على سوق النفط العالمية" ،مجلة جامعة األزهر بغزة ،سلسلة العلوم اإلنسانية ،مج،15 .
ع ،01 .ص ص.346-319 .؛ -يسرى محمد أبو العال" ،)2008( .نظرية البترول :بين التشريع والتطبيق في ضوء الواقع والمستقبل المأمول" ،ط.
،01دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،ص .312 .؛ -نجوم أسامة ،)2015( .ص.5-4 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص ص.371-370 .
4زرواط .ف ،.و ص .بورجة" ،) 2014( .أثر تقلبات أسعار النفط على النمو االقتصادي في الجزائر :دراسة قياسية للفترة الممتدة بين (-1980
،") 2013مجلة التنمية والسياسات االقتصادية (المعهد العربي للتخطيط ،الكويت) ،مج ،16 .ع ،02 .ص ص.102-79 .
14
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
تقلب وتذبذب
-الال إستقرار الجيو سياسي.
أسعار النفط في -التوقعات والمضاربة.
السوق العالمية
Source: Lingyu Yan. (2012), "Analysis of the International Oil Price Fluctuations and Its
Influencing Factors", American Journal of Industrial and Business Management, 02, P. 41.
وفقا ألساسيات النظرية االقتصادية ،فإن المستوى السعري ألي سلعة كانت ،يشير إلى نتيجة التكيف
المستمر بين الكميات الفعلية المعروضة ،والكميات المطلوبة منها فعال .بالنسبة للنفط ،وباعتباره سلعة
خاصة ومورد أساسي ،لطالما كان االختالل في التوازن بين العرض والطلب في السوق النفطية ،حاض ار
وظاه ار بجالء ،خالل مختلف االضطرابات والتقلبات التي شهدتها هذه األخيرة عبر التاريخ (كما يبدو من
خالل العرض المقدم أعاله) ،حي تُعتبر العالقة بين عرض وطلب الخام ،العامل األكثر مباشرةً ،واألكثر
وضوح ا ،من بين العوامل التي يمكنها التأثير على اتجاه حركة أسعار النفط ،إذ عادة ما ُي ِنتج الالتوازن بين
العرض والطلب ،تقلبات كبيرة في هذه أسعار.1
يرى ، )2010b( Kilianأنه من المجدي أن يتم تصنيف صدمات العرض والطلب التي تحدد السعر
في التدفقات الحالية (الجارية) لعرض الحقيقي للنفط على نحو بحي ؛ توجد –أوال -الصدمات التي تحد
من شأن أي اضطراب أو ارتباك غير متوق في تدفق اإلمدادات النفطية الخام (تدفق النفط الخام ،2حي
1
Lingyu Yan. (2012), PP. 41-43.
2
shocks to the current flow supply of crude oil.
15
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
العرض)– 1والتي تقاس من خالل اإلنتا العالمي من النفط الخام -أن يدف السعر الحقيقي إلى الصعود.
إضافة إلى صدمات التدفق الحالي للطلب على النفط الخام- 2والتي تقاس من خالل الحركات والتغيرات التي
في الطلب على كل السل الصناعية المتضمنة للنفط الخام -المدفوعة من طرف التقلبات غير تحد
من شأن المتوقعة في النشاط الحقيقي العالمي ) ،(unexpected fluctuations in global real activityحي
أي ارتفاع غير متوق في حجم النشاط الحقيقي العالمي (ارتفاع تدفق الطلب على الخام) ،3أن يعمل على
رف قيمة السعر الحقيقي للخام ،ويؤدي إلى تحفيز وتشجي اإلنتا العالمي للنفط.4
لكن ،جدير بالذكر ،أن تأثير السبب األول لبد أن يكون صغيرا ،مقارنة بتأثير الداف األخير ،وذلك على
ضوء إجماع آراء عديد األدبيات االقتصادية والتطبيقية ،على أن المرونة السعرية قصيرة المدى لعرض النفط
) ،(the short-run price elasticity of oil supplyغالبا ما تأخذ قيما قريبة من الصفر.5
تُعتبر النظرة السابقة بخصوص سوق النفط ،غير مكتملة .حي ،بالنظر إلى قابلية وامكانية تخزين النفط
الخام؛ فإنه يمكن أن ُينضر إليه باعتباره أحد األصول ،6التي يتحدد سعرها الحقيقي من خالل الطلب على
المخزونات (إذا نظرنا إلى المخزونات من النفط الخام على أنها محددة مسبقا " .7)" predeterminedمما
1يتجسد هذا اإلضطراب ،في انتقال وتحرك منحنى العرض الحالي للنفط الخام ) ،(contemporaneous oil supply curveإلى اليسار على طول
منحنى الطلب على النفط.
2
shocks to the current flow demand for crude oil.
- 3يتجسد هذا اإلرتفاع ،في انتقال وتحرك منحنى الطلب الحالي على النفط الخام ) ،(contemporaneous oil demand curveإلى اليمين على
طول منحنى عرض النفط.
-تتأثر تدفقات العرض والطلب النفطي بالعديد من العوامل؛ لتفاصيل أدق حول الموضوع ،أنظر (على سبيل المثال) - :عية عبد الرحمان،)2015( .
"انعكاسات تقلبات أسعار النفط على قرارات السياسة االقتصادية الجزائرية" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية
وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،3الجزائر ،جانفي ،ص ص.23-22 .؛ -بوفليح نبيل" ،) 2011( .دور صناديق الثروة السيادية في تمويل اقتصاديات
الدول النفطية ،الواقع واآلفاق مع اإلشارة إلى حالة الجزائر" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير،
جامعة الجزائر ،3الجزائر ،ص ص.43-25 .؛ -بن بوزيان .م ،.و ع .لخديمي" ،) 2012( .تغيرات سعر النفط واالستقرار النقدي في الجزائر (دراسة
تحليلية وقياسية)" ،مجلة أداء المؤسسات الجزائرية .ع ،02 .ص ص.199-185 .
4
Kilian. L. (2010b), "Oil Price Volatility: Origins and Effects", Background paper prepared for the World Trade
Report 2010, “Trade in Natural Resources: Challenges in Global Governance”, Staff Working Paper ERSD-2010-
02, World Trade Organization, January.
5لتفاصل أدق وأوفر حول الموضوع ،أنظر- Hamilton J.D. (2009a), "Causes and Consequences of the Oil Shock of 2007- :
08", Brookings Papers on Economic Activity, 1 (Spring), PP. 215–261.; - Hamilton J.D. (2009b), "Understanding
Crude Oil Prices", Energy Journal, Vol. 30, No. 2, PP. 179–206.; - Kilian. L. (2009a), "Comment on ‘Causes and
Consequences of the Oil Shock of 2007-08’ by James D. Hamilton", Brookings Papers on Economic Activity, No.
1, Spring 2009, PP. 267-278.; - Kilian. L. (2009c), "Not All Oil Price Shocks Are Alike: Disentangling Demand and
Supply Shocks in the Crude Oil Market", American Economic Review, Vol. 99, No. 03, PP. 1053-1069.
6
it may be viewed as an asset.
7أنظر (على سبيل المثال)- Frankel. J., and A. Rose. (2009), "Determinants of Agricultural and Mineral Commodity :
Prices", mimeo, UC Berkeley.; - Alquist. R., and L. Kilian. (2010), "What do We Learn from the Price of Crude Oil
Futures?", Journal of Applied Econometrics, John Wiley & Sons, Ltd., Vol. 25, No. 04, PP. 539–573.
16
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
يعني أن سعر النفط يمكن أن يقفز ،استجابة منه ألية أنباء أو مستجدات تخص مستقبل عرض النفط أو
الطلب عليه .هذا النوع من صدمات التوقعات الموجهة ) ،(expectations-driven shocksيمثل صدمات
الطلب لغرض المضاربة ) .(speculative demand shocksفعلى سبيل المثال ،إذا أُجريت مراجعات إلى
األعلى ) ،(upward revisionsبخصوص الطلب المستقبلي المتوق على النفط الخام (أو مراجعات إلى
األسفل ) ،(downward revisionsبخصوص اإلنتا المستقبلي المتوق من النفط الخام) ،فإن كال األمرين
-على حد سواء -سيعمل على رف الطلب على المخزونات من النفط الخام خالل الفترة الجارية ،مما يؤدي
إلى انتقال وتحرك فوري ،لمنحنى الطلب الحالي على النفط ،على طول منحنى عرض النفط ،مصحوبا
بارتفاع في مستوى السعر الحقيقي للخام.1
األنباء بخصوص اإلنتا المستقبلي من الخام ،وكذا الطلب المستقبلي عليه؛ ليست سوى مجرد مثال عن
في التوقعات بشأن وضعية السوق العالمية للنفط الخام .2إذ من المفروض –على الصدمات التي تحد
سبيل المثال -أن يؤدي ارتفاع غير متوق في درجة عدم اليقين ،بشأن نقص وانخفاض إمدادات النفط في
تأثير مماثال.3
المستقبل ) ،(future oil supply shortfallsتقريبا نفس الدور ،وسيترك –إلى حد ماً -ا
إحدى النتائج البارزة والملفتة لالنتباه ضمن األدبيات الحديثة؛ تشير أن صدمات الطلب لغرض المضاربة
–على خالف صدمات تدفق الطلب على النفط وكذا صدمات تدفق العرض -يمكن أن يكون لها آثا ار فورية
معتبرة ،على السعر الحقيقي للنفط .ومن نواحي كثيرة ،تشبه صدمات الطلب لغرض المضاربة ،ذلك النوع
واالضطرابات السياسية من الصدمات الذي لطالما ربطته األدبيات االقتصادية في وقت سابق ،باألحدا
الخارجية ،خاصة في الشرق األوسط .4إذ تتوفر دالئل عديدة ،على أن هذا النوع من العوامل واألحدا
1تجدر اإلشارة ،والتأكيد-حسب عديد الباحثين ،وأبرزهم ) -Kilian (2010bعلى أن اإلضطرابات المتوقعة في عرض النفط (اإلمدادات النفطية) ،تعد
غير كافية بمفردها ،لتتسبب في ارتفاع الطلب على النفط لغرض المضاربة؛ فنوبات التوقعات غالبا ما يكون سببها محدودية اإلمدادات النفطية ،المتزامنة
مع طلب قوي على الخام .فمثال خالل العام ،1980تمت مهاجمة نحو 30ناقلة نفط أثناء الحرب العراقية-اإليرانية في ظرف شهر؛ غير أن استمرار
سعر النفط في اإلنخفاض ،يعكس وفرة اإلمدادات من النفط الخام في أي مكان آخر من العالم ،وحالة من اإلنخفاض في الطلب العالمي على الخام.
2
shocks to expectations in the global market for crude oil.
- 3هذه النقطة تم إثباتها من طرف Alquistو ،)2010( Kilianفي ظل نموذج توازن عام " ."G. E. Mحيث أشار الباحثين أن اإلختالف األساسي
بين الحالتين ،يتعلق باستقاللية صدمات عدم اليقين عن التغيرات المتوقعة في اإلنتاج المستقبلي من النفط الخام ،وكذا حجم النشاط الحقيقي.
-للمزيد من التفاصيل حول كيفية تأثير حاالت عدم اليقين عن سوق النفط وأسعار الخام ،أنظر؛ - Robays. I.V. (2012), "Macroeconomic
uncertainty and the impact of oil shocks", European Central Bank Working Paper Series, No 1479, October, PP. 6-7.
4تؤدي النزاعات والتوترات ،وكذا عدم االستقرار السياسي واألمني في مناطق إنتاج النفط الخام وتكريره ،أو في المناطق التي تشكل ممرات ألنابيب
النفط ،ومرفأ ًّ لتصديره ،إلى فقدان الثقة في أمن اإلمدادات النفطية (العرض النفطي) ،وخلق حالة من الذعر والهلع في سوق النفط ،والتي من شأنها أن
تؤثر بشكل كبير على اتجاهات األسعار في هذه السوق .ومثال ذلك ،ما حدث خالل الغزو العراقي للكويت عام ،1990إذ أن ارتفاع أسعار الخام
منتصف العام المذكور ،لم يكن لمجرد وقف اإلنتاج في العراق والكويت فحسب ،وإنما التخوف الذي ساد بخصوص إمكانية غزو العراق للعربية
ب أكبر في اإلمدادات النفطية الخام .هذا الخطر المتوقع لم يتحقق ،غير أنه يساعد على السعودية ،واحتالل حقول النفط هناك ،هو من تسبب في إضطرا ٍ
تفسير االرتفاع الحاد الذي عرفته مستويات أسعار الخام منتصف العام ،1990كما يفسر أيضا ،اإلنخفاض الحاد الذي حصل في هذه أسعار ،بعد نقل
الواليات المتحدة لقواتها العسكرية ،نحو العربية السعودية ،مع أواخر العام ،1990إلحباط احتالل وتدمير حقول النفط هناك.
17
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
الجيوسياسية تكتسي أهمية قصوى في التأثير على سوق النفط (واألسعار داخل هذه السوق) ؛ لكن ليس
النفط الخام ،وانما من خالل العامل النفسي (القلق ،الهواجس، بشكل كبير من خالل تأثيرها على إنتا
والخوف مما يحمله المستقبل) ،وتأثيرها على التوقعات المستقبلية بخصوص اضطرابات إنتا النفط الخام.
إضافة إلى العوامل سالفة الذكر ،تتأثر تقلبات أسعار النفط بمجموعة من العوامل ،المختلفة من حي
شدة أو قوة التأثير ،وكذا فترة التواجد الزمني ،فمنها ما هو مؤقت ،ومنها ما هو المصدر ،والمتباينة من حي
دوري ،ومنها ما يأخذ صفة الدوام واالستمرارية.
تبرز قيمة الدوالر األمريكي (سعر صرفه) ،من بين أهم العوامل التي لطالما ساهمت في تحديد اتجاه
حركة أسعار الخام .تاريخيا ارتبط الدوالر األمريكي رسميا م النفط ،إذ تُسوى معظم الصفقات النفطية
العالمية (بي ،شراء ،تمويل مشاري التنقيب ،االستخ ار ،والتكرير ،التسليم) باستخدام هذه العملة؛ لذلك تؤثر
تقلبات سعر صرف الدوالر األمريكي بشكل مباشر على استقرار أسعار النفط في األسواق العالمية ،1حي
يؤدي تخفيض سعر صرف الدوالر أمام العمالت األخرى ) ،(US dollar devaluationإلى ارتفاع السعر
اإلسمي للنفط مقوما بالدوالر ،وانخفاض سعره الحقيقي مقوما بهذه العمالت ،والعكس صحيح.2
ترتبط العوامل المناخية من جهة أخرى ،يبرز أثر المناخ والظواهر الطبيعية على أسعار النفط؛ حي
بتقلبات فصول السنة في مختلف مناطق العالم ،أما الظواهر الطبيعية فيتزايد تأثيرها كلما ازدادت حدة تقلبها،
وذلك في ظل تزايد درجة حساسية أسعار النفط ،تجاه أي أنباء تتردد حول أية مخاطر قد تهدد بانقطاع
اإلمدادات بفعل ظروف طبيعية أوجيوسياسية ،على خلفية المخاوف من تالشي الطاقات اإلنتاجية الفائضة.3
في األخير ،تجدر اإلشارة إلى مساهمة التشريعات والسياسات البيئية المتشددة لدى غالبية دول العالم
(وخاصة المتقدمة منها) ،والتي تجسدت من خالل قوانين وتعليمات تضمن حماية البيئة من التلو 4؛ حي
تم سن وفرض العديد من الضرائب والرسوم (كضريبة الكاربون على استعمال المنتجات النفطية) ،للحد من
1إضافة إلى ذلك ،تخلف تقلبات سعر صرف الدوالر تأثيرات معتبرة على توجهات السياسات النفطية في كلّ من البلدان المصدرة وكذا المستوردة للنفط،
- Lingyu Yan. (2012), P. 43. كما تؤثر على النشاط االستكشافي ،الذي يهدف إلى تطوير االحتياطات العالمية من الخام .أنظر؛
2مثال ذلك انخفاض وتدني قيمة سعر الخام فعليا خالل الفترة ( )1979-1974بحوالي ( )60%أو ما يقارب االنخفاض إلى حدود 5دوالر أمريكي
بأسعار ( ،)1973رغم تزايد السعر اإلسمي المعلن في تلك الفترة إلى حدود 14دوالر أمريكي .أنظر - :الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص-472 .
.473؛ -الزيتوني الطاهر ،)2010( .ص.38 .
- 3الطاهر الزيتوني ،)2010( .ص.33 .؛ -الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص.475 .
- 4دريسي أسماء" ،) 2013( .التنافس الدولي على أهم منابع النفط في العالم والرهانات االستراتيجية المستقبلية :حالة التنافس الصيني األمريكي على
نفط الخليج العربي" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،3الجزائر ،ص.77 .
-الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص.476 .
18
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
االستغالل الالعقالني للمصادر الطاقوية الملوثة للبيئة؛ وهو ما كان له تأثير مباشر على حركة أسعار
الخام ،على خلفية انخفاض الطلب عليه.
في إسهام جوهري ،أعلن )2009 a, b, c( Kilianالقطيعة م اإلفتراض التقليدي ،القاضي بكون معظم
التغيرات والتقلبات المسجلة في أسعار النفط ،مجرد انعكاس لصدمات العرض الخارجية )exogenous supply
،(shocksمؤكدا أن التقلبات الحاصلة في األسعار الفورية للنفط الخام ،هي انعكاس –بالدرجة األولى-
لتطورات ظروف االقتصاد العالمي( 2وهي النظرة التي يؤكدها الشكل ( )1-Iمن الملحق ( .))Iباستخدام
انحدارات ذاتية هيكلي " "SVARأوضح )2009 a, c( Kilianأن صدمات التدفق العالمي في نموذ
العرض ) ،(global flow supply shocksتساهم بنسب متواضعة للغاية في تفسير حركات أسعار النفط ،إذا
ما تمت مقارنتها بنسبة مساهمة صدمات التدفق العالمي للطلب ) ،(global flow demand shocksوبشكل
-باالعتماد على نسخة محدثة من هذا النموذ ،4 خاص خالل العشرية األخيرة .3ذلك قبل أن يقوم الباح
ومن خالل ورقة أُعدت لتقرير التجارة العالمية ( ،)2010تم تقديمه للمنظمة الوصية -5بتقديم تحليل وتفكيك
تاريخي ) (historical decompositionللتباينات والتغيرات في السعر الحقيقي للنفط ( ُمعب ار عنه باالنحرافات
المئوية عن متوسط العينة) يخص الفترة (.6)8.2009 – 6.1978
يعمل التفكيك التاريخي على رصد اآلثار التراكمية ) (the cumulative effectsالناتجة –عند كل نقطة
1
The Empirical Evidence on the Determinants of Oil Price Volatility.
2على الصعيد النظري ،نجد أنه هناك عدد من الباحثين ،سلطو الضوء على أهمية وضرورة التمييز ،والفصل بين مصادر الصدمات الكامنة وراء
حركات وتقلبات أسعار النفط؛ أنظر (على سبيل المثال):
- Backus. D.K., and M.J. Crucini. (2000), "Oil Prices and the Terms of Trade", Journal of International Economics,
Vol. 50 (February), PP. 185–213.; - Kilian. L. (2008a), "Exogenous Oil Supply Shocks: How Big Are They and
How Much Do They Matter for the U.S. Economy?", Review of Economics and Statistics, Vol. 90, PP. 216-240.
- Hamilton J.D. (2009a).; - Hamilton J.D. (2009b).
- Nakov. A., and A. Pescatori, (2010), "Oil and the Great Moderation", Economic Journal, Royal Economic Society,
Vol. 120, No. 543, PP. 131–156.; - Aastveit. K.A., Bjørnland. H.C., and L.A. Thorsrud, (2012), "What Drives Oil
Prices?, Emerging versus Developed Economies", mimeo, Norge Bank.
3
- Kilian. L. (2009a).; - Kilian. L. (2009c).
- Kilian. L. (2009b), "Oil Price Shocks, Monetary Policy and Stagflation", forthcoming in: R. Fry, C. Jones, and C.
Kent (eds), Inflation in an Era of Relative Price Shocks, Sydney, 2009.
4تم بناء هذا النموذج على أساس تصنيف ،وتبويب صدمات طلب وعرض النفط ،حيث تمثلت صدمات تدفق العرض في تلك الصدمات التي تمس
اإلنتاج العالمي من النفط الخام؛ أما صدمات تدفق الطلب ،فتمثلت في الصدمات التي تحدث في الطلب على مجمل السلع المصنّعة المتضمنة للنفط الخام،
والمدفوعة من طرف الدورة االقتصادية العالمية ) ،(the global business cycleإضافة إلى تعريف نوع ثالث من الصدمات ،معبرا عنه بمتغيرة
"باقي الصدمات" ) ،(The residual shocksالتي ترصد صدمات الطلب لغرض المضاربة ).(speculative oil demand shocks
5
Kilian. L. (2010b).
6أنظر الشكل (.)2.1
19
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
زمنية -عن صدمات تدفق العرض ،صدمات تدفق الطلب ،إضافة إلى صدمات الطلب لغرض المضاربة
المعبر عنها بمتغيرة باقي الصدمات .كل منحنى من الشكل ( ،)2.1يرسم ويوضح التسلسل الزمني لألثر
المذكورة ،على السعر الحقيقي للنفط؛ إذ ُيظهر المنحنى التراكمي الذي يخلفه نوع معين من الصدمات الثال
في األعلى ،أن الصدمات المتعلقة بتدفق عرض النفط الخام ،أثرت بشكل ضعيف على القيم الحقيقية للسعر
خالل الفترة محل الدراسة؛ على عكس صدمات تدفق الطلب على النفط ،التي يبدو –من خالل المنحى
األوسط -أنها تلعب دو ار مركزيا في تفسير التقلبات طويلة األجل في السعر الحقيقي للخام ،إذ يظهر دورها
الجوهري ،خاصة خالل الصدمات النفطية التي شهدتها سنوات الفترتين ( )1986-1978و(.1)08-2003
إضافة إلى الدواف المتعلقة بتدفقات العرض والطلب ،أشار " "kilianإلى أنه يمكن النظر إلى باقي
الصدمات والدواف ،على أنها دواف متعلقة بصدمات الطلب لغرض المضاربة .2المنحنى ،أسفل الشكل
(ُ ،)2.1يظ ِهر أن مثل هذه الصدمات قد لعبت دو ار هاما خالل العام ( 1979عقب الثورة اإليرانية) ،كما في
العام ( 1986بعد انهيار أوبك) ،وخالل الفترة "( "91-1990في أعقاب الغزو العراقي للكويت) ،إضافة إلى
الفترة "( "2000-1997بعد األزمة اآلسيوية) ،وأخي ار خالل العام ( 2008إبان األزمة المالية العالمية) .أما
1على الرغم من أن التفكيك التاريخي لم يشمل الفترة ( ،) 1974-1973إال أن أدلة تجريبية ذات صلة بالموضوع؛ موجودة ضمن الدراسات التي أجراها
كلُّ من Barskyو)2004 ; 2002( Kilian؛ و ،(2009a ; 2008a) Kilianتوحي ،وتشير بأن صدمة أسعار النفط التي شهدتها الفترة المذكورة
يمكن -إلى حد بعيد -تفسيرها من خالل اآلثار التراكمية لصدمات تدفق الطلب ).(demand shocks the cumulative effects of flow
2تشير المضاربة في هذه الحالة (حسب ،) Kilianإلى أية صدمة في الطلب على النفط ،أو في الطلب على أحد األصول المرتبط به ،تعكس سلوكات
تطلعية للمستقبل من قبل التجار في السوق النفطية .
20
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
جديرة باالهتمام ،فتتعلق بعدم توفر أية أدلة أو إثباتات عن مساهمة المضاربات النتيجة التي اعتبرها الباح
التجارية في أسواق النفط ،في قيادة الطفرة النفطية التي عرفتها الفترة ( ،)06-2003ووجود بينة محدودة تدعم
مثل هذه الفكرة بالنسبة للفترة ()08-2007؛ إذ أعتبر " ،"kilianأن الجزء األكبر من االرتفاعات المذكورة في
أسعار الخام ،ترتب عن تقلبات الدورة االقتصادية العالمية )،(the global business cycle fluctuations
المدفوعة في جزئها األكبر ،بنمو غير متوق في بعض االقتصاديات اآلسيوية الناشئة ،أُضيف إلى النمو
القوي لدى اقتصاديات دول منظمة التعاون والتنمية االقتصادية ) .(OECDففي أواخر العام ()2008
-يضيف -)2010b( Kilianإنهار السعر الحقيقي للنفط م انهيار االقتصاد العالمي ،ويمكن اعتبار أن
َّ
المسجل في القيمة الحقيقية للسعر ،كان مدفوعا بتوقعات بشأن استمرار وتواصل أكثر من نصف االنخفاض
الركود العالمي لفترة ليست بالقصيرة؛ أما االنتعاش التدريجي المشهود في السعر الحقيقي للخام خالل العام
( ،)2009فيمكن أن يعزى بشكل متساوي –دائما حسب –Kilianإلى تراج جزئي في هذه التوقعات ،إضافة
إلى االنتعاش الحاصل في الطلب على السل الصناعية ،والذي يعكس تحسن وضعية االقتصاد العالمي.
Kilianو ،)2014( Murphyق َّدما ورق ًة ،قاما من خاللها بتعميم النماذ التي تصف هيكل سوق النفط؛
المقدمة من طرف ٌّ
كل من Baumeister ،(2009c) Kilianو Kilian ،)2011( PeersmanوMurphy
()2012؛ باستخدام بيانات تخص المخزونات النفطية ) ،1(oil inventoriesلتعريف وتحديد عنصر (مركبة)
الطلب لغرض المضاربة ) ،(the speculative demand componentضمن السعر الحقيقي للنفط؛ وباعتماد
استراتيجية للتحديد ،أساسها الفرضية التي تفيد بضرورة انعكاس التحوالت والحركات غير القابلة للرصد بشأن
المستخرجة من النفط الخام.
التوقعات المستقبلية في أسعار النفط ،على حركات الطلب على المخزونات ُ
النتيجة األساسية التي توصل إليها Kilianو– Murphyوالتي جاءت متوافقة م النتائج التي توصل إليها
2009( Kilian؛ -)2010تفيد ببساطة الدور الذي لعبه الطلب المتعلق بالمضاربة في االرتفاعات المسجلة
في السعر الحقيقي للنفط ،التي شهدتها الفترة (.2)2008-2003
1كان هناك اهتمام متجدد ،بالنماذج النظرية التي تشرح العالقة بين المخزونات النفطية وأسعار النفط ،خالل السنوات األخيرة؛ واألمثلة تشمل:
- Unalmis. D., Unalmis. I., and D.F. Unsal. (2009), "On the Sources of Oil Price Fluctuations", IMF Working Paper,
WP/09/285, December.; - Alquist. R., and L. Kilian. (2010).; - Dvir. E., and K. Rogoff. (2010), "Three Epochs of
Oil", mimeo, Harvard University.; - Unalmis. D., Unalmis. I., and D.F. Unsal. (2012), "On Oil Price Shocks: The
Role of Storage", IMF Economic Review, No. 60, PP. 505-532.; - Arseneau. D.M, & S. Leduc. (2012), "Commodity
Price Movements in a General Equilibrium Model of Storage", International Finance Discussion Paper, No. 1054,
Board of Governors of the Federal Reserve System.; - Dvir. E., and K. Rogoff. (2013), "Evidence and Speculation in
Oil Markets: Theory and Evidence", from Understanding Commodity Market Fluctuations, IMF-Oxford
Conference, Washington DC, March, and forthcoming in the Journal of International Money and Finance.
2
Kilian. L., and D.P. Murphy. (2014), "The Role of Inventories and Speculative Trading in the Global Market for
Crude Oil", Journal of Applied Econometrics, Vol. 29, Issue. 3, April/May, PP. 454-478.
21
وقراءة في التداعيات والنتائج، نظرة على األسباب:عدم استقرار أسعار النفط الفصل األول
أن المضاربة في األسواق المالية لعبت دو ار كبي ار خالل الفترة،)2011( Petrella وJuvenal في حين وجد
(التي تم طرحاها في أول نشرMurphy وKilian أكدا النتيجة األخيرة لـ،)2013( Lee وKilian ؛1المذكورة
باالعتماد على صيغتين بديلتين،قدم الباحثان تفكيكا تاريخيا للسعر الحقيقي للنفط حي،)2013 لعملهما عام
إال أن، أين يتضح أنه بالرغم من بعض االختالفات الطفيفة،)3.1( كما يبدو من خالل الشكل. من النماذ
،التاريخية األساسية التي طرأت على سوق النفط العالمية النموذجين أظه ار توافقا كبي ار في تفسير األحدا
.2)03/2002( و،1997 ،1990 ،1986 ،1979 ،على غرار الصدمات النفطية التي شهدتها السنوات
Source: Kilian. L., and T. Lee. (2013) "Quantifying the Speculative Component in the Real Price
of Oil: The Role of Global Oil Inventories", from Understanding Commodity Market
Fluctuations, IMF-Oxford Conference, Washington DC., March (2013), and forthcoming in the
Journal of International Money and Finance, P. 31.
1
Juvenal. L., and I. Petrella. (2011), "Speculation in the Oil Market", Working Papers 2011–027, Federal Reserve
Bank of St. Louis.
: أنظر الموقع،" فيما بعد؛ للمزيد من المعلوماتL. Kilian" ونقاش من طرف، كما أن النتائج التي توصل إليها الباحثين كانت محل جدل-
http://www.econbrowser.com/archives/2012/07/guest_contribut_21.html.
التي اهتمت بدراسة العوامل المحددة لتقلبات أسعار النفط؛ أنظر (على سبيل، ظهرت العديد من الدراسات التطبيقية، إضافة إلى الدراسات المذكورة2
:)المثال
- Tang. K., and W. Xiong. (2010), "Index Investment and Financialization of Commodities", NBER Working
Papers, National Bureau of Economic Research, Inc.; - Büyükşahin. B., and J.H. Harris. (2011), "Do Speculators
Drive Crude Oil Futures?", Energy Journal, Vol. 32, PP.167-202.; - Singleton. K.J. (2011), "Investor Flows and the
2008 Boom/Bust in Oil Prices", Graduate School of Business, Stanford University, mimeo.; - Baumeister. C., and L.
Kilian. (2012a), "Real-Time Analysis of Oil Price Risks Using Forecast Scenarios", mimeo, University of Michigan.
- Baumeister. C., and L. Kilian. (2012b), "Real-Time Forecasts of the Real Price of Oil,” Journal of Business and
Economic Statistics, Vol. 30, PP. 326-336.; - Fattouh. B., L. Kilian and L. Mahadeva. (2012), "The Role of
Speculation in Oil Markets: What Have We Learned So Far?”, forthcoming: Energy Journal.; - Knittel. C.R., and
R.S. Pindyck, (2013), "The Simple Economics of Commodity Price Speculation", NBER Working Paper Series, No.
18951.; - Beidas-Strom. S., and A. Pescatori. (2014), "Oil Price Volatility and the Role of Speculation", IMF
Working Paper, WP/14/218, December, Washington DC.
22
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
كما أضاف الباحثان ،أن صدمات تدفق العرض قد لعبت دو ار مهما في التقلبات التي عرفتها األسعار
الحقيقية للنفط –كما يبدو من خالل الشكل ( -1)3.1ابتداء من العام ( ،)2010لكنه يبقى أقل من الدور الذي
لعبته صدمات تدفق الطلب ،التي شكلت المحدد األهم للسعر الحقيقي للنفط خالل هذه الفترة.2
دون أدنى شك أو ريب يكتسي النفط أهمية قصوى على الصعيد االقتصادي ،باعتباره مادة حيوية وسلعة
إستراتيجية ،ظلت أسعارها –التي لطالما كان الالَّإسقرار وحدة التقلب هما ميزاتها األساسية -تمثل المحرك
األساسي والمحدد األهم التجاهات األداء االقتصادي لمختلف بلدان العالم (مستهلكة كانت أم منتجة) .3وذلك
االقتصادية التي ُخصصت لتحليل عالقة اضطرابات أسعار النفط، على سبيل ما أشارت إليه عديد البحو
بتقلبات النشاط االقتصادي والمتغيرات االقتصادية الكلية ،في كل من االقتصاديات المستوردة وكذا المصدرة.
من جهة أخرى ،نجد أن نتائج تأثير تقلبات أسعار النفط على اقتصاديات البلدان المستوردة ،تختلف عنها
بالنسبة القتصاديات البلدان المصدرة .إذ تشكو األولى من ارتفاع أسعار النفط ،باعتبار أن هذا األخير يشكل
قاعدة نموها االقتصادي وتفوقها الصناعي والتكنولوجي ،بينما تتضرر المجموعة الثانية من جراء انخفاض
هذه األسعار ،باعتبار أن النفط يشكل أساس القاعدة االقتصادية في هذه البلدان ،وبالنظر إلى كونه المورد
االقتصادي األهم الذي تعتمد عليه موازناتها ،وتقوم عليه آمال شعوبها في دف عجلة التنمية االقتصادية.
المنعقدة فيموقف يؤكده تصريح الرئيس الفنزويلي الراحل "هوغو تشافيز" ،الذي ذكر قبل قمة أوبك ُ
أسعار مرتفعة ،إنما هي مسألة أسعار عادلة"ُ ،ليردف تشافيز قائالً:
ًا سبتمبر" 2000بأن المسألة ليست مسألة
الر ،لكنها لم تتخيل ما َّ
حل بدول أوبك عندما "لقد شعرت الدول المستهلكة باالستياء لما بلغت األسعار 30دو ًا
هبط سعر البرميل إلى ثمانية دوالرات".4
.1اإلطار النظري ) :(Theoretical Frameworkآليات تأثير تقلبات أسعار النفط على االقتصاد الكلي.
(1981) Dohner؛ Barro أشار عديد الباحثين االقتصاديين –على غرار Pierceو)1974( Enzler؛
()1984؛ )1986( Longani؛ )1994( Mork؛ Brownو )1999( Yücelو()2002؛ Abelو)2001( Bernanke
- 1كما هو الحال في ،(2010b) Kilianالسعر الحقيقي للنفط ُمعبر عنه من خالل االنحرافات المئوية عن متوسط العينة ).(Sample Mean
-الخطوط العمودية (باللون األزرق) ،تشير إلى أهم األحداث التاريخية التي شهدتها السوق النفطية ،والتي تضمنت؛ الثورة اإليرانية مع أواخر العام
1978؛ اندالع الحرب اإليرانية-العراقية مع أواخر العام 1980؛ إنهيار أوبك في أواخر 1985؛ الغزو العراقي للكويت ،منتصف العام 1990؛ األزمة
اآلسيوية لعام 1997؛ األزمة الفينزويلية ،أواخر العام ،2002المتبوعة بالحرب العراقية مع مطلع العام 2003؛ الركود والكساد العظيم ،منتصف العام
2008؛ وأخيرا الثورة الليبية مع مطلع العام .2011
2
Kilian. L., and T. Lee. (2013), PP. 1-21.
3قصي ع .إبراهيم" ،)2010( .أهمية النفط في االقتصاد والتجارة الدولية :النفط السوري نموذجًّا" ،الهيئة العامة السورية للكتاب ،دمشق ،ص.151 .
4عدنان جابر" ،)2004( .العرب وعصر ما بعد النفط" ،ط ،01 .دار عالء الدين للنشر والتوزيع والترجمة ،دمشق ،سوريا ،ص.20 .
23
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
Leiby ،Jonesو)2004( Paik؛ أو Lardicو )2008( Mignonوآخرون -إلى أن اضطرابات أسعار النفط
يمكن أن تمس األداء االقتصادي الكلي في مختلف اقتصاديات بلدان العالم ،وتؤثر على النشاط االقتصادي
عبر العديد من قنوات االنتقال ) ،(transmision chanelsوالتي نفصل أهمها ،ونشرح طريقة عملها فيما يلي.
.1.1أسعار النفط والنشاط االقتصادي :قنوات وميكانيزمات اال نتقال.
حسب البعض ،تُخلف اضطرابات أسعار النفط انعكاسات سلبية على األداء االقتصادي الكلي .إذ أن
حدو صدمة في أسعار النفط ،والتي يمكن اعتبارها-في حال حصولها في شكل ارتفاع في هذه األسعار-
ًّ
أساسيا من ُمدخالت مثاال كالسيكيا لصدمة عرض عكسية (أو سلبية) ،ومؤش ار على ندرة ونقص وفرة ُمدخال
اإلنتا ؛ وهذا كفيل بتحريك ودف العرض الكلي لالرتفاع والصعود ،إضافة إلى إمكانية كونه سببا في ارتفاع
المستوى العام لألسعار ،وانخفاض حجم الناتج ومستويات التشغيل .من ناحية أخرى ،سيؤدي ارتفاع أسعار
النفط إلى انخفاض في الطلب الكلي ،إذ ُيترجم االرتفاع الحاصل في أسعار السل األساسية (المواد األولية)
إلى انخفاض في الطلب على السل والخدماتُ ،مؤديا إلى انكماش في إجمالي الناتج ،ومستوى التشغيل.1
إذن ،بإمكاننا القول أن اآلثار االقتصادية الكلية للصدمات النفطية تُب ُّ من خالل قنوات جانبي العرض
والطلب ،ويمكن التقليل من حدتها إلى أدنى المستويات الممكنة ،من خالل ردود فعل السياسة االقتصادية.2
بالنظر إلى كون البترول مادة أولية ،وباعتباره أحد عوامل اإلنتا األساسية في أغلب القطاعات ،وفي
عديد الصناعات ،فإن ارتفاع سعره من شأنه أن يؤدي إلى رف تكاليف العملية اإلنتاجية بالنسبة للمؤسسات،
بناءا على قيود الموارد التي تواجه المؤسسات ،فإن
مما يؤدي إلى انقباض وانكماش حجم اإلنتا .إذ أنهً ،
االرتفاعات الحاصلة في أسعار النفط –باعتباره مدخال من مدخالت العملية اإلنتاجية -تؤدي الحد من
القدرات اإلنتاجية للمؤسسات ،وبالتالي التخفيض من حجم وكميات اإلنتا التي يمكنها إنتاجها.3
- Barro. R.J. (1984), "Macroeconomics", John Wiley & Sons. 1لتفاصيل أوفر وأدق ،أنظر (على سبيل المثال):
- Brown. S.P.A., and M.K. Yücel. (1999), "Oil Prices and U.S. Aggregate Economic Activity", Federal reserve
Bank of Dallas Economic Review, Second Quarter, PP. 16-53.; - Abel. A.B., and B.S. Bernanke. (2001),
"Macroeconomics", Addison Wesley Longman Inc.; - Jones. D.W., Leiby. P.N., and I.K. Paik. (2004), "Oil Price
Shocks and the Macroeconomy: What has been learned since 1996?", The Energy Journal, Vol. 25, No. 2, PP. 1-32.
2لتحليل مفصّل حول قنوات انتقال صدمات أسعار النفط أنظر- Barsky. R.B., and L. Kilian. (2004), "Oil and the Macroeconomy :
Since the 1970s", Journal of Economic Perspectives, Vol. 18, No. 4, PP. 115–134. - Kilian. L. (2010b).; - Jones,
D.W., and P.N. Leiby. (1996), "The Macroeconomic Impacts of Oil Price Shocks: A review of Literature and
Issues", Oak Ridge National Laboratory, xerox, 33 p.
3
Jiménez-Rodríguez. R., and M. Sánchez. (2005), "Oil price Shocks and Real GDP growth: Empirical Evidence for
Some OECD Countries", Applied Economics, Vol. 37, PP. 201–228.
24
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
المدخالت وعناصر
عالوة على ما سبق ،يشير ،Isard ،Huntو )2001( Laxtonأن ارتفاع تكاليف ُ
1
بناءا على
اإلنتا ،يمكن أن يؤدي إلى خ ْفض حجم الناتج غير البترولي الكامن على المدى القصير ً ،
مخزون رأس المال الموجود ،وعلى أساس األجور الحالية السائدة .من جهة أخرى ،سيحاول العمال
والمنتجون مواجهة وتعويض االنخفاض الحاصل في األجور الحقيقية ،وهوامش الربح ،من خالل ممارسة
2
ضغوط تصاعدية على تكلفة وحدة العمل (التكلفة الوحدوية لليد العاملة) ،وأسعار السل النهائية والخدمات.
يضيف ،)1993( Verlegerأن شدة تطاير ،وتقلب أسعار النفط ) ،(Oil Prices Volatilityتؤدي إلى
العزوف عن اإلستثمار في مجال إنتا النفط والغاز ،وبالتالي انكماش حجم األنشطة االستثمارية في هذا
المجال .إضافة إلى أن "استمرار حالة االضطراب والتقلب في األسعار بشكل دائم ،من شأنه أن يؤدي إلى
وض أين ستكون القدرات والطاقات المستقبلية دائما أضعف وأقل نوعا ما ،مقارن ًة بما كانت ستكون عليه
تفاعا لهذه
ضمن عالم بدون تقلبات واضطرابات في هذه األسعار ،وتميزه مستويات-إلى حد ما -أكثر ار ً
األخيرة" .3كما ُيبدي ،)1996( Hamiltonنفس وجهة النظر -تقريبا -ويشدد على أن اإلنشغاالت ذات الصلة
بتقلبات أسعار البترول ،واضطراب اإلمدادات النفطية يمكن تؤدي إلى سيادة حالة من عدم اليقين في
االقتصاد ،وتتسبب في تأجيل ق اررات اإلستثمار.4
25
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
مثلما أوردنا أعاله ،فإن االرتفاعات المسجلة على مستوى أسعار النفط ،يمكن أن تُترجم من خالل
تكاليف إنتا أكثر ارتفاعا بالنسبة للمؤسسات؛ مؤدية بذلك إلى صعود مستويات أسعار السل األساسية ،لما
تقوم هذه المؤسسات ببي ُمنتجاتها في السوق .هذه الزيادات واالرتفاعات التي تط أر على أسعار السل
والمنتجات األساسية ،تؤدي بدورها إلى تناقص وانخفاض حجم الطلب على السل والخدمات ،مما يؤدي –في
األخير -إلى تقلص الحجم اإلجمالي للناتج ،وتدني مستويات التوظيف.1
من ناحية أخرى ،المستويات المرتفعة في أسعار النفط ال تمر دون أن تترك تأثيراتها على حجم الطلب
الكلي واإلستهالك في االقتصاد .إذ أن االرتفاع في هذه األسعار سيكون مصحوبا بتدهور شروط التبادل
يكون هناك ) (deteriorating terms of tradeبالنسبة القتصاديات البلدان المستوردة للسلعة النفطية ،بحي
انتقال للمداخيل والثروة ،من هذه البلدان نحو البلدان المصدرة؛ األمر الذي من شأنه العمل على تخفيض
القدرة الشرائية لدى مؤسسات وعائالت المجموعة األولى من البلدان .قبل أن ُيتب ذلك بهبوط وانخفاض
المتوق أن يؤدي االنتقال سالف الذكر للثروة )– (wealth transferمن
مستوى الطلب لديها .لذا ،من ُ
االقتصاديات المستوردة باتجاه االقتصاديات المصدرة -إلى التقليص من حجم الطلب العالمي ،طالما أن
هناك إمكانية لورود احتمال كون مقدار االنخفاض الحاصل في الطلب لدى اقتصاديات المجموعة األولى
من البلدان يفوق مقد ار االرتفاع لدى اقتصاديات المجموعة الثانية.2
كذلك ،يمكن النظر إلى الصدمات ذات الصلة بأسعار النفط على أنها أحد مصادر المخاطرة ،وغياب
اليقين ،م سيادة حالة الشك وعدم التأكد ،بشأن األداء االقتصادي الكلي في المستقبل ،ما قد يدف باألعوان
فيها إلى االقتصاديين إلى إعادة النظر في ق ارراتهم المتعلقة بكل من اإلستهالك واإلستثمار ،وتأجيل الب
حين اتضاح الرؤية ،وتحسن األوضاع ،مما يؤدي إلى تراج مستويات الطلب االستهالكي واالستثماري.3
1المزيد من تفاصيل ،ضمن- Hamilton. J.D. (2008), "Oil and the Macroeconomy", in: S. Durlauf and L. Blume (eds), :
The New Palgrave Dictionary of Economics, 2nd ed., Palgrave MacMillan Ltd.
- Kilian. L., and C. Park. (2009), "The Impact of Oil Price Shocks on the U.S. Stock Market", International
Economic Review, Vol. 50, PP. 1267-1287.; - Lee. K.., and S. Ni. (2002), "On the Dynamic Effects of Oil Price
Shocks: A Study Using Industry Level Data", Journal of Monetary Economics, Vol. 49, PP. 823-852.
2لتفاصيل أدق ،أنظر- Dohner. R.S. (1981), "Energy Prices, Economic Activity and Inflation: Survey of Issues and :
Results", in K.A. Mork (ed), “Energy prices, Inflation and Economic Activity”, Ballinger, Cambridge Mass.
- Hunt. B., Isard. P., and D. Laxton. (2001).
3تفاصيل أوفر ،موجودة ضمن- Bernanke. B.S. (1983), "Irreversibility, Uncertainty, and Cyclical Investment", Quarterly :
Journal of Economics, Vol. 98, No. 1, PP. 85-106.; - Pindyck. R.S. (1991), "Irreversibility, Uncertainty and
Investment", Journal of Economic Literature, Vol. 29, No. 3, PP. 1110-1148.; - Ferderer. J.P. (1996), "Oil price
volatility and the macroeconomy", Journal of Macroeconomics, Vol. 18, No. 1, PP. 1-26.
26
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
في األخير ،يمكننا القول –بشكل عام -أن ارتفاع أسعار النفط ) (higher oil pricesمن شأنه أن ينقل
ٌّ
كل من منحيي الطلب والعرض باتجاه اليسار ،1مؤديا بذلك إلى ارتفاع المستوى العام لألسعار ومعدالت
التضخم ) ،(higher pricesوانخفاض مستويات الناتج ).(lower output
يشير Isard ،Huntو ،(2001) Laxtonإلى أن آثار صدمات ارتفاع أسعار النفط على التضخم العام
) ،(headline inflationوالتضخم األساسي )(core inflation؛ من شأنها تعزيز ودعم عملية توجيه السياسة
تمتلك السلطات الوصية ،األدوات الضرورية الالزمة للحد النقدية ) .(tightening of monetary policyحي
من حجم اآلثار السلبية التي تُخلفها هذه الصدمات ،وتقليصها إلى أدنى المستويات؛ أو –ربما -القضاء على
هذا النوع من اآلثار والغائها بشكل كلي .فالبنك المركزي ،بوسعه القيام بتحديد وفرض معدالت فائدة رئيسية
) ،(key policy interest ratesبإمكانها التأثير على اتجاهات تطور الطلب والتضخم في االقتصاد .غير أن
اإلكتفاء بانتها نوع واحد من السياسات االقتصادية ،يمكن أن يكون دافعا لخلق نوع من اآلثار السلبية على
سيؤدي قيام البنك المركزي بتخفيض معدالت الفائدة خاصته ،إلى اإلنتا ( ،)counterproductive beبحي
ارتفاع مستويات الطلب؛ لكن ذلك يتحقق على حساب ارتفاع معدالت التضخم .والعكس صحيح.2
من جهة أخرى ،يضيف Isard ،Huntو ،(2001) Laxtonأن مصداقية السلطات النقدية خالل استجابتها
للصدمات النفطية ،ستوض محل شك إذا اتضح أن ردود فعل السياسة النقدية متعارضة ،وغير متناسقة م
األهداف االستراتيجية المعلنة للسياسة االقتصادية؛ مما يؤدي إلى تعطيل سير عملية التوقعات التضخمية
) .(inflation expectationففي االقتصاد الفلبيني –على سبيل المثال -أين يعتمد البنك المركزي إطا ار
الستهداف التضخم ) (an inflation-targeting frameworkلدى وضعه لمعالم السياسة النقدية ،التي تستهدف
من تواصل وتفاقم ،الدواف والضغوط التضخمية ) ،(inflationary impulseالمصاحبة لالرتفاعات الحاصلة
في أسعار النفط؛ نجد أنه من الضروري أن توض معالم هذه السياسة وتحدد على أساس معالجة كل حالة
على حدى .3كما يبدو أن تطبيق مثل هكذا ق اررات ،يمكن أن يتوقف على مدى استم اررية ودوام الصدمات
النفطية ،وكذا على تقديرات الوقت الالزم ،والذي يستغرقه االقتصاد للتعديل ،والرجوع باتجاه وض التوازن.
1
a leftward shift in both the demand and supply curve.
2أنظر كذلك- Bernanke. B.S., Gertler. M., and M.W. Watson. (1997), "Systematic Monetary Policy and the Effects :
of Oil Price Shocks", Brookings Papers on Economic Activity, No. 1, PP. 91-142.
- Bernanke. B.S., Gertler. M., and M.W. Watson. (2004), "Reply to Oil Shocks and Aggregate Economic Behavior:
The Role of Monetary Policy", Journal of Money, Credit and Banking, Vol. 36, 287-291.
3
Must be determined on a case-by-case basis.
27
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
إضافة إلى ما سلف؛ ،(1996) Ferdererنوه بالدور الهام الذي تلعبه الكتلة النقدية (عرض النقود) في
تجسيد عالقة االرتباط السلبي (العالقة العكسية) الموجودة بين أسعار النفط والنشاط االقتصادي ،وذلك من
خالل قناة األرصدة النقدية الحقيقية ) ،(the real money balances channelإذ يؤدي إرتفاع أسعار النفط إلى
توليد نوع من الضغوط التضخمية ،التي تؤدي –بدورها -إلى تقليص كمية األرصدة الحقيقية في اإلقتصاد.
كما يعتبر ،(1996) Ferdererأن استجابات السياسة النقدية المضادة للتضخم )counterinflationary
،(monetary policy responsesوالتي تلي صدمات أسعار النفط ،هي المسؤولة عن الخسائر والتراجعات
المسجلة على مستوى الناتج الحقيقي ،التي تُعزى لمثل هذه الصدمات؛ ذلك ألن السياسة النقدية المتشددة
المنتهجة لغرض لمواصلة مكافحة التضخم ،وتخفيض للغاية ) ،(highly restrictive monetary policyو ُ
معدالته ،من شأنها أن تؤدي -في الغالب -إلى تخفيض مستويات الناتج (المقايضة بين الناتج والتضخم.)1
في نفس السياق ،يشير Pierceو ،)1974( Enzlerو ،)1994( Morkأنه وفقا ألثر األرصدة الحقيقية
) ،(the real balances effectيتسبب ارتفاع أسعار النفط في زيادة وارتفاع حجم الطلب على النقود )Money
ونظر لعدم قدرة السلطات النقدية ،وعجزها عن تلبية واشباع الطلب المتنامي على النقود ،من
ًا .(Demand
خالل الرف من حجم المعروض النقدي ) ،(Money Supplyسترتف معدالت الفائدة ،لتساهم في تعطيل وتيرة
النمو اإلقتصادي ،وبالتالي تقلص ،وانكماش معدالت النمو.2
.2.1التأصيل النظري آلثار صدمات أسعار النفط على المتغيرات االقتصادية الكلية األساسية:
بإجرائنا بحثا بسيطا ضمن األدبيات االقتصادية ،سيعترضنا كم هائل من الدراسات النظرية والتجريبية
المجمعات االقتصادية الكلية ،للتغيرات والتقلبات
التي ركزت اهتمامها حول بح وتقصي استجابة مختلف ُ
الحاصلة في أسعار النفط .وقد اهتمت هذه الدراسات أساسا بالناتج ،البطالة ،والتضخم؛ مؤكدة أن ارتفاع
أسعار الخام يؤدي إلى ارتفاع فاتورة الطاقة بالنسبة للمستهلكين (عائالت ،مؤسسات ،وحكومات) ،بينما يؤدي
المنتجة)،
-من منظور إنتاجي -إلى انخفاض اإلنتاجية (نتيجة تكيف المؤسسات م ارتفاع تكلفة الوحدة ُ
وهو ما ينعكس في األخير على األجور الحقيقية والعمالة ،أسعار البي والتضخم ،والربح واإلستثمار.3
1
trade-off between inflation and output.
2
- Pierce. J.L., and Enzler. J.J. (1974), "The Effects of External Inflationary Shocks", Brookings Papers on
Economic Activity 1, PP. 13-61.
- Mork. K.A. (1994), "Business Cycles and the Oil Market", The Energy Journal, Vol. 15, PP. 15-38.
3أنظر- Lescaroux. F., and V. Mignon. (2009), "On the Influence of Oil Prices on Economic Activity and Other :
Macroeconomic and Financial Variables", OPEC Energy Review, Vol. 32, No. 4, PP. 343-380.; - Brown. S.P.A.,
and M.K. Yücel. (2002), "Energy Prices and Aggregate Economic Activity: An Interpretative Survey", Quarterly
Review of Economics and Finance,Vol. 42, PP. 193-208.
28
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
تتجلى العالقة السببية بين تقلبات أسعار النفط ومستوى الناتج من خالل آثار ميكانيزم جانب العرض
الكالسيكي؛ حي من شأن أي ارتفاع في أسعار النفط -والذي ُيعتبر كدليل على ُندرة ُمدخالت أساسيا في
العملية اإلنتاجية -أن يؤدي إلى ارتفاع في تكلفة اإلنتا ،يقابله انخفاض في اإلنتاجية ،وحجم الناتج الكامن
) ،(potential outputوتباطؤ في نمو الناتج.1
تعرضت األدبيات االقتصادية (النظرية والتطبيقية) بإسهاب إلى العالقة بين أسعار النفط والتغيرات في
أثر سلبيًّا على
اإلنتاجية الكلية للعوامل ،والناتج؛ وقد خلصت في معظمها إلى أن ارتفاع أسعار النفط يخلف ًا
مستويات الناتج ،2بينما ُوجد –من جهة أخرى -أن هذا األثر ض ُعف م الزمن ،وبالضبط منذ تسعينات القرن
الماضي ،إذ أن معدالت نمو الناتج حافظت على ثباتها في أغلب البلدان الصناعية الكبرى ،رغم أن
االقتصاد العالمي شهد منذ أواخر التسعينات صدمات بترولية ال تقل أهمي ًة عن أزمات السبعينات.3
من ناحية أخرى ،قُدمت عدة تفسيرات لظاهرة تناقص واختالف تأثير صدمات أسعار النفط .أهمها
ربط الباحثان أسباب هذه الظاهرة ،بتزامنها م عديد اقتراحات Blanchardو )2007( Galíو( ،)2009حي
الصدمات مختلفة المصادر واألنواع ،كما أرجعاها إلى ارتفاع مرونة األجور الحقيقية؛ في حين اعتبر
Kilianو ،)2009( Lewisأنه ال تتوفر أدلة مقنعة بشأن االقتراحات التي قدمها Blanchardو،)2009( Galí
وكذا يكون تناقص أهمية الصدمات النفطية يعود لتحسن استجابة السياسة النقدية لهذه الصدمات.4
يشير ،)1996( Ferdererإلى أن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن ُيخلف تأثي ار سلبيًّا على اإلستهالك،
1تفاصيل أوفر ضمن (على سبيل المثال)- Barro. R.J. (1984).; - Olson. M. (1988), "The Productivity Slowdown, the Oil :
Shocks, and the Real Cycle", Journal of Economic Perspectives. Fall, Vol. 2, No. 4, PP. 43-69.
2أنظر (مثال)- Kim. I.M. and P. Loungani. (1992).; - Rotemberg. J.J., and M. Woodford. (1996), "Imperfect :
Competition and the Effects of Energy Price Increases on Economic Activity", Journal of Money, Credit, and
Banking, Vol. 28, PP. 549-577.; - Finn M.G. (2000), "Perfect Competition and the Effects of Energy Price Increases
on Economic Activity", Journal of Money, Credit, and Banking, Vol. 32, PP. 400-416.; - Hamilton. J.D. (2008).
- Lescaroux. F., and V. Mignon. (2009).; Kilian. L. (2010b). 3المزيد من التفاصيل ضمن:
4أنظر- Blanchard. O.J., and J. Galí. (2007), "The Macroeconomic Effects of Oil Shocks: Why are the 2000s So :
Different From the 1970s? ", NBER Working Paper 13368.; - Blanchard. O.J., and J. Galí. (2009), "The
Macroeconomic Effects of Oil Shocks: Why are the 2000s So Different from the 1970s?", Forthcoming in: J. Galí
and M. Gertler (eds.), International Dimensions of Monetary Policy, University of Chicago Press: Chicago, IL.
- Kilian. L., and L. Lewis. (2009), "Does the Fed Respond to Oil Price Shocks?", mimeo, Department of
Economics, University of Michigan.
-تفاصيل أدق ،والمزيد من التفسيرات بخصوص األثر المتغير لصدمات أسعار النفط ،ضمنHooker (1996a; 1996b; 1996c; 1999; 2002). :
- Hamilton (1996).;- De Gregorio et al. (2007).;- Herrera and Pesavento (2007).;- Edelstein and Kilian (2007; 2009).
29
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
اإلستثمار والبطالة .في هذا الصدد ،يتأثر اإلستهالك من جراء ارتباطه بعالقته الطردية م الدخل المتاح
) ،(Disposable incomeأما اإلستثمار فيتأثر من خالل ارتفاع تكاليف المشاري ،وكذا ارتفاع حجم المخاطرة
والاليقين ) ،(Uncertaintyمما يؤدي إلى تأجيل ق اررات اإلستثمار وبالتالي تخفيض حجم االستثمار الجاري.1
في سياق ذو صلة ،أثبت Keaneو )1996( Prasadأن آثار حركات أسعار النفط على سوق العمل يمكن
أن تختلف باختالف األفاق الزمنية المدروسة؛ وذلك بإثباتهما أن ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى تخفيض حجم
العمالة في المدى القصير ،بينما سيعمل -في المدى البعيد -على الرف من فرص التشغيل .4في حين ارج
واإلحالل )(Complementarities الباحثان هذه العالقة الطردية في المدى الطويل إلى عالقات التكامل
) (Substitutabilitiesبين مختلف فئات سوق العمل.5
1للمزيد ،أنظر أيضا (على سبيل المثال)- Henry. C. (1974), "Investment Decisions under Uncertainty: The Irreversibility :
Effect", American Economic Review, Vol. 64, PP. 1006-1012.; - Saman. M., and R.S. Pindyck. (1987), "Time to
Build, Option Value, and Investment Decisions", Journal of Financial Economics, Vol. 18, PP. 7-27.
2
Loungani. P. (1986), "Oil Price Shocks and the Dispersion Hypothesis", Review of Economics and Statistics, Vol.
58, PP. 536-539.; - Kim. I.M. and P. Loungani. (1992).
3
Bjørnland. H.C. (2008), "Oil Price Shocks and Stock Market Booms in an Oil Exporting Country", Working Paper
from Norwegian School of Management (BI) and Norges Bank, No. 16, October.
4
Keane. M.P., and E.S. Prasad. (1996), "The Employment and Wage Effects of Oil Price Changes: A Sectoral
Analysis", Review of Economics and Statistics, Vol. 78, PP. 389-400.
5للمزيد بخصوص تأثير حركة أسعار النفط على سوق العمل والبطالة ،أنظر- Caruth. A.A., Hooker. M.A., and A.J. Oswald. (1998), :
"Unemployment Equilibria and Input Prices: Theory and Evidence from the United States", Review of Economics
and Statistics, Vol. 80, PP. 621-628.; - Syrous. K.K., Ayser. P.S., and S. Marjorie. (2006),"The Impact of Oil Prices
on Employment", International Research Journal of Finance and Economics, Issue 5, PP. 136-154.
-بينما قام Davisو )2001( Haltiwangerبتحليل ودراسة آثار حركات أسعر النفط على المعدل الطبيعي للبطالة )Natural Rate of
،(UnemploymentأنظرDavis. S.J., and J. Haltiwanger. (2001), "Sectoral Job Creation and Destruction Responses to :
Oil Price Changes", Journal of Monetary Economics, Vol. 48, PP. 465-512.
30
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
.3.2.1ردود فعل المستوى العام لألسعار والتضخم إزاء صدمات أسعار النفط:
يرى عديد الخبراء أن ارتفاع أسعار النفطُ ،يعتبر صدمة تضخمية ) .(inflationary shockوذلك من
المنتجات النفطية ضمن سلة
خالل مساهمته في رف مؤشر أسعار االستهالك ) ،(CPIبقدر أهمية ُ
االستهالك ) .(consumption basketإضافة إلى أن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يكون مصحوبا بنوع من
اآلثار غير المباشرة على التضخم ،من خالل ما يسمى بآثار الدور الثاني )،(Second round effects
المرافقة لحلقة األسعار-أجور ) ،(The Price-Wage loopالناتجة عن مطالبة العمال برف األجور ،نظير
انخفاض القدرة الش ارئية الناتج عن ارتفاع أسعار االستهالك؛ كما أن المؤسسات من جهتها تعمل على تحويل
ارتفاع تكاليف اإلنتا ،الناتج عن ارتفاع أسعار النفط ،إلى ارتفاع في أسعار البي ،مساهمة بذلك في تغذية
حلقة األسعار-أجور ،من خالل توليد مراجعات تصاعدية للتوقعات التضخمية ).1(inflation expectations
كما اهتم عدد من الباحثين بدراسة رد فعل تضخم مؤشر أسعار االستهالك ) (CPIومكمش الناتج المحلي
الخام ) ،(GDP Deflatorإزاء صدمات أسعار النفط ،وذلك على غرار )2002( Hookerو()1999؛ Barsky
يؤكد ،)2010b( Kilianأنه وفق النماذ المعيارية (الخطية) التقليدية ،التي اختصت بدراسة كيفية انتقال
صدمات أسعار الطاقة ،سوف تكون استجابة الناتج الحقيقي (مثال) لصدمة سلبية في أسعار الطاقة ،صورة
1أنظر- Fuhrer. J.C. (1995), "The Phillips Curve is Alive and Well", New England Economic Review of the Federal :
Reserve Bank of Boston, March/April, PP. 41-56.; - Gordon. R.J. (1997), "The Time-Varying NAIRU and its
Implications for Economic Policy", Journal of Economic Perspectives, Vol. 11, No. 1, PP. 11-32.; - Hooker. M.A.
(2002), "Are Oil Shocks Inflationary? Asymmetric and Nonlinear Specifications Versus Changes in Regime",
Journal of Money, Credit and Banking, Vol. 34, No. 2, PP. 540-561.
2أنظر- Barsky. R.B., and L. Kilian. (2002), "Do We Really Know that Oil Caused the Great Stagflation? A :
Monetary Alternative", in: NBER Macroeconomics Annual 2001, 16, B.S. Bernanke and K. Rogoff, eds.,
Cambridge, Ma: MIT Press, PP. 137-183.; - Barsky. R. B., and L. Kilian. (2004).
- LeBlanc. M., and M.D. Chinn (2004), "Do High Oil Prices Presage Inflation? The Evidence From G5 Countries",
Business Economics, Vol. 34, PP. 38-48.
31
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
طبق األصل (لكن في االتجاه المعاكس) عن االستجابة لصدمة إيجابية من نفس الحجم .غير أن آثار
الدخل التقديري ،عدم التأكد ،واعادة التوزي ،ستولد استجابات غير متناظرة للمجمعات االقتصادية الكلية تجاه
االرتفاعات واالنخفاضات غير المتوقعة في أسعار الطاقة .إذ أشار عديد الباحثين-في هذا الصدد -إلى أن
النمو االقتصادي البطيء الذي رافق التناظر الذي تضمنته هذه النماذ التقليدية الخطية ،يتعارض م واق
المنقضي ،فضال عن فشل االرتفاعات المتتالية في أسعار
انهيار أسعار النفط في منتصف ثمانينات القرن ُ
النفط بداية من العام 2002في خلق ركود اقتصادي سري .
في الواق ،تضمنت نماذ انتقال صدمات أسعار النفط التي استُخدمت في مختلف الدراسات واألبحا
التجريبية منذ نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد تسعينات القرن المنصرم ،صيغا غير متناظرة؛ أين تم استخدام
صيغا غير خطية .فبينما أفاد ،)1996( Hookerبتضاؤل قوة العالقة
ً عدة أنواع من النماذ التي تضمنت
الخطية المقدرة بين أسعار النفط والنشاط االقتصادي منذ ،1973اكتشف عديد الباحثين -على غرار Mork
()1989؛ )1993( Mory؛ )1995( Lee et al؛ )1996( Hamiltonو()2000؛ Davisو)2001( Haltiwanger؛
Leeو -)2002( Niأن الضعف الظاهر في هذه العالقة ُموِهم وزائف ) ،(illusoryإذ اعتبر هؤالء أن العالقة
األصح بين أسعار النفط والنشاط االقتصادي الحقيقي هي عالقة غير خطية ،في ظل ممارسة االرتفاعات
المستمرة في أسعار النفط آثا ار مختلفة عن تلك التي تُخلفها التقلبات العابرة واالنخفاضات الدائمة.
في نفس السياق ،تم تقديم اآلليات والميكانيزمات التي من شأنها أن تُنتج عالقة غير متناظرة بين أسعار
النفط والنشاط االقتصادي (ك الوظائف المرافقة لعملية إعادة التوزي المكلفة ،لليد العاملة المتخصصة ورأس
المال فيما بين القطاعات االقتصادية) من طرف ،)1987( Davisبينما تم تناول هذه الميكانيزمات بالتفصيل
نظري قدمه )1988( Hamilton؛ هذا فضال عن اآلليات المكملة التي تم التطرق إليها ضمن نموذ
وتفصيلها ضمن نظريات االستثمار في ظل المخاطرة ،كما هو الحال ضمن أعمال كل من )1974( Henry؛
)1983( Bernanke؛ Brennanو)1985( Schwartz؛ Majdو.)1987( Pindyck
ودراسات حديثة أن تقديرات االستجابات الواردة ضمن األدبيات التي من ناحية أخرى ،أظهرت أبحا
اخذت الالَّتناظر بعين االعتبار ،واعتمدت على نماذ غير خطية لدراسة انتقال صدمات أسعار الطاقة ،هي
تقديرات زائفة ) ،(Spuriousوذلك باعتبار أن هذا النوع من النماذ الالَّمتناظرة ،محددة أساسا بشكل خاطئ
) ،(Misspecifiedكما أن استجابة الناتج والبطالة ضمن هذه النماذ غالبا ما ُحسبت بطريقة خاطئة.1
1تفاصيل أدق ،موجودة ضمن- Kilian. L., and R. Vigfusson. (2009), "Pitfalls in Estimating Asymmetric Effects of Energy :
Price Shocks", mimeo, Department of Economics, University of Michigan.
32
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
.2أسعار النفط واالقتصاد الكلي :مسح لألدبيات التجريبية ).(Empirical Literature Survey
بالنظر للتبعية الشديدة واالعتماد الكبير على النفط ،الذي ميز مختلف اقتصاديات بلدان العالم ،مستوردة
منها ومصدرة ،مستهلكة ومنتجة ،حظيت العالقة بين أسعار هذا األخير واالقتصاد الكلي بنصيب وفير من
اهتمام خبراء االقتصاد والباحثين االقتصاديين؛ فانهيار النظام الذي وضعته اتفاقية بريتون وودز )the Bretton
(Woods agreementعام ،1971وبعده وقوع أولى صدمات االرتفاع الكبير والمفاجئ ألسعار النفط ،في
أعقاب الحظر النفطي الذي أقدمت عليه أوبك عام ،1973وما تبعه من حلقات تباطؤ وانخفاض معدالت
النمو االقتصادي ،واالرتفاع اآلني والمتزامن لمعدالت البطالة والتضخم في أغلب االقتصاديات الصناعية،
أثار العديد من االنتقادات واالعتراضات على المفاهيم والنظريات التقليدية السائدة ،وشكل أرضية خصبة،
فسحت المجال على مصرعيه لدراسة دور أسعار النفط ضمن ديناميكيات االقتصاد الكلي ،واختبار األهمية
تم تكريس عدد معتبر من البحو والدراسات النظرية والتجريبية لتفسير االقتصادية للصدمات النفطية؛ حي
العالقة بين صدمات وتقلبات أسعار النفط وسلوك المتغيرات االقتصادية الكلية.1
بإجراء مسح تاريخي بسيط ،يتجلى بوضوح أن معظم األعمال واألدبيات النظرية والتطبيقية ،التي
اختصت بدراسة العالقة المحتملة بين تقلبات أسعار النفط واألداء االقتصادي الكلي ،قد ركزت اهتمامها على
اهتمت الدراسات تحليل واختبار آليات هذه العالقة ضمن اقتصاديات البلدان الصناعية المستهلكة ،حي
النظرية األولية بتقييم العالقة المذكورة ،من خالل النمذجة النظرية ،ودراسة وتحديد مختلف قنوات انتقال آثار
تقلبات أسعار النفط إلى المتغيرات االقتصادية ،على غرار قنوات صدمات العرض وتعديالت الطلب التقليدية
ضمن أعمال Rascheو ،)1980( Tobin ،)1981،1977a,b,c) Tatomو Brunoو)1985 ،1982( Sachs؛ قناة
األرصدة الحقيقية الملموسة في دراسات Pierceو)1996( Ferderer ،)1994( Mork ،)1974( Enzler؛ قناة
تحويل الثروة والدخل (من المستورين للنفط نحو المصدرين) ،المفسرة في دراسات ٌّ
كل من ،)1981( Dohner
Korhonen ،)2001( Hunt et alو)2007( Juurikkala؛ قناة االستجابة الذاتية للسياسة النقدية المذكورة في
دراسات Dotsey ،)1991( Bohi ،)1982( DarbyوCologni ،)2004 ،1997( Bernanke et al ،)1992( Reid
و)2008( Manera؛ قناة التحويالت والتعديالت القطاعية واختالالت سوق الشغل ،ضمن الدراسات التي
- Brown. S.P.A. and Yücel. M.K (2002). 1لعرض ومسح مفصل لألدبيات حول الموضوع ،أنظر:
- Jones. D.W., Leiby. P.N., and I.K. Paik. (2004), "Oil price Shocks and the Macroeconomy: What has been Learned
Since 1996?", The Energy Journal, Vol. 25, No. 2, PP. 1-32.; - Kilian. L. (2008b), "The Economic Effects of Energy
Price Shocks", Journal of Economic Literature, Vol. 46, No. 04, PP. 871-909.; - Hamilton. J.D. (2008), "Oil and the
Macroeconomy", in: S. Durlauf and L. Blume (eds), “The New Palgrave Dictionary of Economics”, 2nd ed.,
Palgrave MacMillan Ltd.
33
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
قدمها Kim ،)1988( Hamilton ،)1982( LilienوDavis ،)1998( Caruth et al ،)1992( Loungani
انطالقا من نفس الفكرة تقريبا ،أسس )1983( Hamiltonدراسته على افتراض أنه "على الرغم من أن
االتجاهات المتصاعدة ألسعار الطاقة واالضطرابات المتعلقة بعرض المنتجات البترولية ،كانت تسبق في كل
مرة حاالت الركود التي حلت باالقتصاد األمريكي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ،باستثناء الحالة التي
شهدها العام ( ،)1961-1960إال أن ذلك ال يعني إطالقا أن الصدمات النفطية هي أصل هذه االختالالت".
بناء على ذلك ،وض " "Hamiltonالفرضيات التالية ،لشرح العالقة بين الصدمات النفطية واإلنتا :2
1
Darby. M.R. (1982), "The Price of Oil and World Inflation and Recession", American Economic Review, Vol. 72,
PP. 738-751.
2
Hamilton. J.D. (1983), "Oil and the Macroeconomy Since World War II", Journal of Political Economy, Vol. 91,
No. 2, Apr, PP. 228-248.
34
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
االرتباط يمثل تزامنا وتوافقا تاريخيا ) :(Historical Coincidenceبمعنى تزامن وقوع العامل الحقيقي
المسؤول عن حاالت الركود م ارتفاع أسعار النفط الخام.
خاصية المنشأ الداخلي لمتغيرة سعر النفط الخام :مما يعني أن هذه األخيرة ،هي عبارة عن متغيرة مفسرة
المؤثرات تُسبب كل من ارتفاع أسعار النفط والركود معا.
داخلية ،في ظل وجود مجموعة ثالثة من ُ
األثر السببي الرتفاع خارجي في أسعار النفط الخام :بمعنى أنه توجد على األقل بعض حاالت الركود
في الواليات المتحدة األمريكية ،كان سببها ارتفاع خارجي في أسعار النفط الخام.
ضمن نظام تضمن ست متغيرات ،وباالعتماد على اختبارات السببية وفق ،)1969( Grangerقدم
" "Hamiltonدالئل واثباتات قوية على أن االرتباط ليس مجرد تزامن بسيط (رفض الفرضية األولى) ،وال
نتيجة سلسلة من التأثيرات التي أدت إلى تفجير كل من الصدمات النفطية واألزمات االقتصادية في نفس
كشفت التفسيرات السببية عن وجود عالقات من هذا النوع تتجه من الوقت (رفض الفرضية الثانية)؛ حي
أسعار النفط نحو المتغيرات االقتصادية الكلية ،على غرار إجمالي الناتج المحلي والبطالة ،وأوضحت أن
األزمات االقتصادية المشهودة ،كانت ستكون مختلفة في غياب الصدمات واالضطرابات الطاقوية.
هذه النتائج تم تأكيدها من طرف عدة باحثين ،على غرار Burbidgeو ،)1984( Harrisonاللذان أثبتا
أشعة انحدارات ذاتية " "VARلسب متغيرات ،وقاعدة بيانات شهرية غطت الفترة باالعتماد على نموذ
آثار معتبرة على سلوك متغيرات اإلنتا
( ،)1982:M6-1961:M1أن صدمات ارتفاع أسعار النفط تمارس ً ا
الصناعي والمستوى العام لألسعار بالنسبة لالقتصاد األمريكي ،الكندي ،األلماني ،واقتصاد المملكة المتحدة،
كما أشار الباحثين إلى أن الصدمة النفطية التي شهدتها الفترة ( ،)1974-1973لم تزد الوضعية االقتصادية
سوءا ،إذ أنها عجلت بدخول االقتصاد العالمي في أزمة اقتصادية كانت وشيكة الحدو .1بينما
العالمية إال ً
كشف Gisserو ،)1986( Goodwinمن خالل تقدير انحدارات خطية مستقلة وباستخدام قاعدة بيانات رباعية
غطت الفترة ) ،(1961:1-1982:4عن وجود عالقة خطية سالبة بين سعر النفط واجمالي الناتج الوطني
لالقتصاد األمريكي " ،"GNPكما رافق متغيرة سعر النفط معامالت معنوية موجبة في كل من معادلة
المستوى العام لألسعار والبطالة ،ومعامالت سالبة بمعنوية في معادلة االستثمار .إضافة إلى ذلك ،خلص
2
الباحثين إلى أن دور سعر النفط في التقلبات الدورية لالقتصاد ،يفوق ذلك المنوط بالسياسة المالية والنقدية.
1
Burbidge. J., and A. Harrison. (1984), "Testing for the Effects of Oil Price Rises using Vector Autoregression",
International Economic Review, Vol. 25, No. 2, PP. 459-484.
2
Gisser. M., and T.H. Goodwin. (1986), "Crude Oil and the Macroeconomy: Tests of Some Popular Notions",
Journal of Money, Credit, and Banking, Vol. 18, PP. 95-103.
35
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
م حلول النصف الثاني من عقد الثمانينات ،شكل فشل انهيار أسعار النفط في تحقيق توس وانتعاش
اقتصادي في أغلب االقتصاديات الصناعية ،أساسا لخلق نوع من الشكوك بشأن إسناد أصل حاالت الركود
االقتصادي التي حدثت في السابق ،إلى الصدمات اإليجابية في أسعار النفط ،ووض بذلك نتائج الدراسات
السابقة لهذه الحقبة محل شك؛ من منطلق أن هذه الدراسات ،من خالل إقرارها بوجود عالقة خطية بين
أسعار النفط والتقلبات االقتصادية الكلية ،كانت قد افترضت ضمنيا أنه إذا كان ارتفاع أسعار النفط يؤدي
إلى ركود اقتصادي ،فإن انخفاض هذه األسعار سيرافقه حتما انتعاش بنفس الحجم .بذلك بدأ التفكير في
وجود نوع من الالتناظر ،فيما يتعلق باآلثار االقتصادية الكلية لكل من صدمات ارتفاع وانخفاض أسعار
النفط؛ ليكون )1989( Morkأول من منح تعريفا غير متناظر لهذه األسعار ،من خالل التمييز بين التغيرات
السلبية ونظيرتها اإليجابية في أسعار النفط ،وأول من قام بدراسة إمكانية تولد استجابات غير متناظرة عن
هذه التغيرات .ففي توسي لنتائج ،)1983( Hamiltonقام Morkبتقسيم فترة الدراسة الممتدة بين ()1949:2
و( )1988:3إلى قسمين ،1ليخلص في األخير إلى أن آثار ارتفاعات سعر النفط تختلف عن آثار انخفاضاته،
تبين في هذا الصدد أنه فقط الصدمات اإليجابية في سعر النفط تسبب –وفق -Grangerتغيرات حي
إجمالي الناتج الوطني ،في حين ال تُخلف تراجعات سعر النفط أي أثر معنوي على النشاط االقتصادي.2
)1993( Moryبين –باالعتماد على تقدير انحدارات بسيطة وباستخدام بيانات سنوية تخص االقتصاد
األمريكي -أن آثار ارتفاعات وانخفاضات أسعار النفط على كل من الناتج والبطالة خالل الفترة (-1951
،)1990وعلى الدخل الفردي ومداخيل ُمعظم الصناعات خالل الفترة ( ،)1989-1959قد جاءت غير
متناظرة .3بينما خلُص – )1995( Lee et alباالعتماد على نماذ - GARCHإلى وجود ارتباط معنوي سلبي
بين الصدمات اإليجابية في أسعار النفط ونمو الناتج الوطني الحقيقي ) ،(Real GNPوعدم وجود أي ارتباط
بين هذا األخير والصدمات السلبية في أسعار النفط .4في حين أثبت – )1996( Ferdererالذي قام بتقدير
تطورات اإلنتا الكلي األمريكي الناتجة عن حركة أسعار النفط -أن االنكماش كرد فعل من السياسة النقدية
تُجاه ارتفاع أسعار النفطُ ،يفسر جزءا هاما من االرتباط بين اإلنتا والنفط ،كما أوضح أن كل من تكاليف
التعديل ،ميكانيزمات التردد والاليقين ،والسياسة النقدية يفسر جزًءا من العالقة الالمتناظرة بين تطورات أسعار
1قبل وبعد االنهيار الذي عرفته أسعار النفط عام ،1986حيث تبدأ الفترة الثانية من (.)1986:2
2
Mork. K.A. (1989), "Oil and the Macroeconomy When Prices Goes Up and Down: An Extension of Hamilton’s
Results", Journal of Political Economy, Vol. 97, No. 3, PP.740-744.
3
Mory. J.F. (1993), "Oil Prices and Economic Activity: Is the Relationship Symmetric? ", Energy Journal, Vol. 14,
No. 4, PP. 151-161.
4
Lee. K., Ni. S., and R.A. Ratti. (1995), "Oil shocks and the macroeconomy: The role of price variability", Energy
Journal, Vol. 16, No. 4, PP. 39-56.
36
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
من جهة أخرى ،ومن منطلق أن أغلب االرتفاعات الحاصلة في أسعار النفط منذ ،1986لم تكن سوى
تعديالت النخفاضات سابقة ،استخدم )1996( Hamiltonمفهوم "االرتفاعات الصافية في السعر اإلسمي
للنفط ) ،"(NNOPIليبين أن هذه األخيرة تساهم بمعنوية في تفسير نمو إجمالي الناتج الحقيقي لالقتصاد
األمريكي2؛ قبل أن يؤكد )2003( Hamiltonأن ارتفاعات أسعار النفط تعد أكثر أهمية من انخفاضات هذه
األسعار ،غير أن االرتفاعات ال تكون ذات معنوية كبيرة ،إذا كانت مجرد تصحيح لالنخفاضات السابقة.3
أما ،)1999 ،1996a( Hookerفأشار إلى أن أسعار النفط كانت بمثابة المحدد الرئيسي التجاهات األداء
انكسار هيكلي في االقتصادي الكلي إلى غاية التسعينات ،لكنها لم تعد كذلك بعدها ،مفس ار ذلك بحدو
العالقة بين سعر النفط واالقتصاد الكلي.4
توازن عام قابل للحساب )(PCGEM ،)2000( Cororatonأثبت باالعتماد على تقنية المحاكاة وفق نموذ
أن اآلثار االقتصادية الكلية الرتفاع أسعار النفط على االقتصاد الفلبيني ،تتجلى في انخفاض إجمالي الناتج
المحلي الحقيقي ،وتحسن في الميزان التجاري (نتيجة تخفيض الواردات من المنتجات النفطية) ،إضافة إلى
تراج مستويات المداخيل الفردية ،وما يرافقها من انخفاض في مستويات الرفاه االجتماعي .5بينما أثبت
)2001( Abeysingheأن ارتفاع أسعار النفط ينعكس مباشرة على مستويات نمو الناتج المحلي لالقتصاديات
إلى أن تأثير أسعار النفط على نمو الناتج، خلُص الباح المفتوحة (مستوردة للنفط كانت أو مصدرة)؛ حي
يكون أكبر وأهم بالنسبة لالقتصاديات الصغيرة المفتوحة ،مقارنة باالقتصاديات الكبيرة ،وأن أثر الصدمات
النفطية يتوقف على الكيفية التي تؤثر بها هذه الصدمات على مستوى ثقة كل من المستهلك والمستثمر .6أما
،)2001( Papapetrouفقام بتحليل أثر تغيرات السعر الحقيقي للنفط على االقتصاد اليوناني ،باستخدام نماذ
" ،"VARوتوصل إلى وجود ثر سلبي لهذه التغيرات على كل من أسعار المنتجات الصناعية ،العمالة.7
1
Ferderer. J.P. (1996).
2
Hamilton. J.D. (1996), "This is What Happened to the Oil Price-macroeconomy Relationship", Journal of
Monetary Economics, Vol. 38. Issue. 02, October, PP. 215-220.
3
Hamilton. J.D. (2003), "What is an Oil Shock?", Journal of Econometrics, Vol. 113, No. 2. PP. 363-398.
4
- Hooker. M.A. (1996a), "What Happened to the Oil Price-Macroeconomy Relationship?", Journal of Monetary
Economics, Vol. 38, PP. 195-213.
- Hooker. M.A. (1999), "Oil and the Macroeconomy Revisited", Mimeo, Federal Reserve Board, Washington DC.
5
Cororaton. C.B. (2000), "Philippine Computable General Equilibrium Model (PCGEM)", PIDS Discussion Paper
Series, No. 2000-33, August.
6
Abeysinghe. T. (2001), "Estimation of Direct and Indirect Impact of Oil Price on Growth", Economic Letters, Vol.
73, PP. 147-153.
7
Papapetrou. E. (2001), "Oil Price Shocks, Stock Market, Economic Activity and Employment in Greece", Energy
Economics, Vol. 23, No.5, PP. 511-532.
37
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
،)2002( Hookerعمد إلى اختبار اآلثار التضخمية لصدمات أسعار النفط ،من خالل محاولة تحديد
وتقدير نسبة مساهمة تقلبات أسعار النفط في تفسير التضخم في االقتصاد األمريكي ،ضمن اإلطار النظري
انكسار لمنحنى " ،"Phillipsم مراعاة الالتناظر ،واختبار االستقرار الهيكلي للعالقة .النتائج أكدت حدو
اتضح أن تقلبات هذه األسعار كان لها أث ار هيكلي بخصوص مساهمة أسعار النفط في التضخم ،حي
ضعف واختفى ،ولم يعد معنوي بعد ذلك .1أما
معنويا على التضخم قبل العام ،1981غير أن هذا األثر ُ
Brownو ،)2002( Yücelفاختب ار –ضمن إطار نماذ " - "VARإمكانية كون استجابات السياسة النقدية
المتوصل إليها ،اعتبر الباحثان
لصدمات أسعار النفط ،أساس تقلبات االقتصاد األمريكي؛ وبناء على النتائج ُ
أن الحفاظ على معدل ثابت للمخزون الفدرالي في غضون الصدمات النفطية يمثل سياسة نقدية تكييفيه ،كما
أن انتها سياسة نقدية معتدلة ،من شأنه الحفاظ على مستوى ثابت إلجمالي الناتج المحلي االسمي.2
في ورقة أخرى ،قام Cunadoو )2005( Perez de Graciaبدراسة آثار صدمات أسعار النفط على النشاط
االقتصادي والتضخم في كل من اليابان ،ماليزيا ،الفلبين ،سنغافورة ،كوريا الجنوبية ،وتايالند ،خالل الفترة
( .)2002:Q2-1975:Q1النتائج أظهرت أن معنوية هذه اآلثار تقتصر فقط على المدى القصير ،إضافة إلى
بالعمالت المحلية .3وباالعتماد على
أنها تكون أكثر معنوية لما يتم التعبير عن صدمات أسعار النفط ُ
صياغات مختلفة –خطية وغير خطية -لنماذ " ،"VARاختبر )2005( Cristina et alآثار صدمات أسعار
صدمة إيجابية في أسعار النفط النفط على االقتصاد الفلبيني خالل الفترة ( ،)2003-1981ليجدو أن حدو
يؤدي إلى إطالة فترات االنخفاض في إجمالي الناتج المحلي .ومن جهة أخرى أفادت النتائج ،أن انخفاضات
دور أهم من ذلك الذي تلعبه ارتفاعات هذه األسعار.4 أسعار النفط ُّ
تعد أكثر أهمية ،وتلعب ًا
Jiménez-Rodríguezو ،)2005( Sánchezقدما تقييما تجريبيا آلثار صدمات أسعار النفط على النشاط
االقتصادي الحقيقي في عينة تضمنت مجموعة السبعة " ،"G-7النرويج ومنطقة اليورو إجماال؛ باالعتماد
على تحليل " "VARمتعدد األبعاد ،وباستخدام كل من النماذ الخطية وغير الخطية .الباحثان خلُصا إلى
أن ارتفاعات أسعار النفط تخلف أث ار أكبر على نمو الناتج ،مقارنة باالنخفاضات ،وأكدا اختالف النتائج بين
أثبتا –في هذا الصدد -أن ارتفاعات أسعار النفط تخلف أث ار البلدان المستوردة ونظيرتها المصدرة ،حي
1
Hooker. M.A. (2002), "Are Oil Shocks Inflationary?, Asymmetric and Nonlinear Specifications Versus Changes in
Regime", Journal of Money, Credit and Banking, Vol. 34, No. 2, PP. 540-561.
2
Brown. S.P.A., and M.K. Yücel. (2002).
3
Cunado. J., and F. Perez de Garcia. (2005), "Oil Prices, Economic Activity and Inflation: Evidence for Some Asian
Countries", The Quarterly Review of Economics and Finance, Vol. 45, PP. 65–83.
4
Cristina. M., Raguindin. E., and R.G. Reyes. (2005), "The Effects of Oil Price Shocks on the Philippine Economy:
A VAR approach", Social Science Research Network (SSRN), Vol. 50, PP. 3-59.
38
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
معنويا سلبيا على نمو الناتج الحقيقي في المجموعة األولى من البلدان ،في حين كانت النتائج مبهمة -نوعا
اتضح أن النرويج تستفيد من ارتفاع أسعار النفط ،بينما تتأثر المملكة ما -بالنسبة للمجموعة الثانية ،حي
المتحدة سلبا من جراء هذا االرتفاع .1ومن ناحية أخرى ،أشار Lardicو )2008( Mignonإلى وجود عالقة
تكامل متزامن غير متناظرة بين أسعار النفط واجمالي الناتج المحلي بالنسبة القتصاديات كل من الواليات
المتحدة ،مجموعة السبعة " ،"G-7أوروبا ،ومنطقة اليورو.2
باالعتماد على تقنيات نماذ " ،"VARقام )2009( Kumarبتقدير العالقة بين أسعار النفط ونمو اإلنتا
الصناعي في االقتصاد الهندي ،باستخدام قاعدة بيانات رباعية غطت الفترة ) .(1975:Q1-2004:Q3نتائج
الدراسة أكدت وجود عالقات سببية –وفق -Grangerتتجه من أسعار النفط نحو المتغيرات االقتصادية الكلية
سلبا على نمو اإلنتا الصناعي ،م عدم تناظر العالقة بين المتغيرتين؛ على
وبينت أن أسعار النفط تؤثر ً
عكس معدالت التضخم وأسعار الفائدة قصيرة األجل ،التي اتضح أنها تتأثر إيجابا بارتفاع األسعار الحقيقية
للنفط .3أما Ranو ،)2012( Voonفبينا باستخدام بيانات رباعية تتعلق بالفترة ) ،(2007:Q3-1984:Q1تخص
هونكونغ ،سنغافورة ،كوريا الجنوبية ،وتايوان ،أن أسعار النفط ال تمارس أث ار معنويا على النشاط االقتصادي
الحقيقي؛ بينما أشار الباحثان إلى وجود آثار معنوية إيجابية على معدالت البطالة ،وآثار فورية على مؤشرات
أسعار االستهالك ) .4(CPIsوفي ورقة أحد ،ركز )2015( Cunado et alاهتمامهم حول دراسة اآلثار
االقتصادية الكلية للصدمات النفطية في كل من اليابان ،كوريا الجنوبية ،الهند ،واندونيسيا .باستخدام نموذ
أنواع مختلفة من الصدمات النفطية من خالل إشارات القيود، انحدار ذاتي هيكلي ،وبعد التمييز بين ثال
خلُص الباحثين إلى أن استجابة النشاط االقتصادي واألسعار تختلف باختالف نوع الصدمة النفطية ،كما أن
التحليل باستخدام العينات الفرعية ،أظهر إمكانية حدو انكسار هيكلي فيما يتعلق بآثار الصدمات المعنية.5
Blanchardو ،)2010( Galíوجدا أن العالقة بين ارتفاع سعر النفط واجمالي الناتج المحلي القتصاديات
بلدان مجموعة السبعة " ،"G-7قد تغيرت من سلبية إلى إيجابية في سنوات األلفية الثالثة مقارنة بسنوات
1
Jiménez-Rodríguez. R., and M. Sánchez. (2005), "Oil Price Shocks and Real GDP Growth: Empirical Evidence for
Some OECD Countries", Applied Economics, Vol 37, PP. 201-228.
2
Lardic. S., and V. Mignon. (2008), "Oil Prices and Economic Activity: An Asymmetric Cointegration Approach",
Energy Economics, Vol. 30, PP. 847-855.
3
Kumar. S. (2009), "The Macroeconomic Effects of Oil Price Shocks: Empirical Evidence for India", Economics
Bulletin, Vol. 29, No. 1, PP. 15-37.
4
Ran. J., and J.P. Voon. (2012), "Does Oil Price Shock Affect Small Open Economies?, Evidence From Hong
Kong, Singapore, South Korea and Taiwan", Applied Economics Letters, Vol. 19, PP. 1599-1602.
5
Cunado. J., Jo. S., and F. Perez de Gracia. (2015), "Revisiting the Macroeconomic Impact of Oil Shocks in Asian
Economies", Bank of Canada Working Paper 2015-23, June.
39
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
سبعينات وثمانينات القرن العشرين ،كما أشار الباحثان إلى تناقص تأثير الصدمات النفطية م مرور
الزمن .1وهي نفس النتائج التي كان قد توصل إليها ،)2009( Balke et alبالنسبة لالقتصاد األمريكي .2وفي
لدراسة كيفية تغير اآلثار نفس السياق ،اعتمد Baumeisterو )2012( Peersmanنفس النوع من النماذ
انخفاض كبير في المرونة الديناميكية لصدمات عرض النفط على االقتصاد األمريكي ،ليبينا أنه قد حد
السعرية قصيرة المدى للطلب على النفط منذ منتصف الثمانينات .3غير ذلك ،وفي ورقة أحد ،عمد
Lorussoو )2015( Pieroniإلى تحليل أثر تقلبات أسعار النفط على اقتصاد المملكة المتحدة ،ليجدا أن أثر
المجمعات االقتصادية يتوقف على نوع الصدمة النفطية؛ فبينما ال تؤثر الزيادات
هذه التقلبات على مختلف ُ
في النشاط االقتصادي الحقيقي العالمي على اقتصاد المملكة في المدى القصيرُ ،وجد أن االضطرابات
الناتجة عن نقص المعروض من النفط الخام تسبب تراج فوري في مستويات نمو الناتج؛ كما أظهرت
النتائج أن التضخم المحلي والعجز الحكومي يرتفعان استجابة الرتفاع السعر الحقيقي للنفط.4
.2.2عرض نتائج أهم األدبيات التجريبية بخصوص البلدان المنتجة والمصدرة للنفط:
كما سبق وأسلفنا ،فقد ركزت معظم الدراسات ذات الصلة بموضوع العالقة بين أسعار النفط واالقتصاد
الكلي ،على تحليل آثار صدمات وتقلبات هذه األسعار على أداء اقتصاديات البلدان المستهلكة والمستوردة،
ظهرت بعض المنتجة محدودا إلى وقت ليس بالبعيد ،حي
في حين بقي عدد الدراسات التي اهتمت بالبلدان ُ
الدراسات الحديثة ،التي شكل اختبار آثار تغيرات أسعار النفط على اقتصاديات هذه البلدان محور اهتمامها.
في أولى الدراسات التجريبية ،أشار )1993( Almutairiإلى أن ارتباط السياسة المالية بأسعار النفط ،يؤثر
معنويا على تقلبات الناتج في االقتصاد الكويتي .5بينما قدم Eltonyو )2001( Al-Awadiأدلة تجريبية عن
أهمية الصدمات المتناظرة ألسعار النفط في تفسير التقلبات االقتصادية الكلية في الكويت؛ كما أبرزت النتائج
أهمية هذه الصدمات في تحديد مستويات اإلنفاق الحكومي ،التي تمثل المحدد األهم للنشاط االقتصادي.6
1
Blanchard. O.J., and J. Galí. (2010), "The Macroeconomic Effects of Oil Price Shocks: Why are the 2000s so
Different From the 1970s?", In: International Dimensions of Monetary Policy, ed. Jordi Galí and Mark J. Gertler,
PP. 373-421.
2
Balke. N., Brown. S., and M. Yücel. (2009), "Oil Price Shocks and U.S Economic Activity: An International
Perspective", The Energy Journal, Vol. 23, PP. 27-52.
3تفاصيل أدق ،ضمن- Baumeister. C., and G. Peersman. (2012), "Time-Varying Effects of Oil Supply Shocks on the :
U.S. Economy", Bank of Canada Working Paper, No. 2012-2, January.
4
Lorusso. M., and L. Pieroni. (2015), "Causes and Consequences of Oil Price Shocks on the UK Economy",
CEERP Working Paper No. 2, November.
5
Al-Mutairi. N. (1993), "Determines the Sources of Output Fluctuations in Kuwait", Finance and Industry, Vol. 11,
PP. 20-78.
6
Eltony. M.N, and M. Al-Awadi (2001), "Oil price fluctuations and their impact on the macroeconomic variables of
Kuwait: a case study using a VAR model", International Journal of Energy Research, Vol. 25, No. 11, PP. 939-959.
40
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
في فينزويال ،وباالعتماد على نماذ " "VARو" ،"VECMقام )2005( El-Anshasy et alبدراسة العالقة
بين أسعار النفط ،اإليرادات الحكومية ،اإلنفاق االستهالكي الحكومي ،إجمالي الناتج المحلي "،"GDP
واالستثمار خالل الفترة ()2001-1950؛ وخلصوا إلى أن الميزان المالي يؤثر في مستويات النمو االقتصادي،
في المديين القصير والبعيد .1بينما بيَّن Mendozaو )2010( Veraأن الصدمات النفطية كان لها أثر إيجابي
على نمو الناتج خالل الفترة ( ،)1984:1-2008:3كما أشا ار أن استجابة االقتصاد الفنزويلي الرتفاعات أسعار
النفط تفوق استجابته لالنخفاضات غير المتوقعة .2أما Mehraraو ،)2007( Oskouiفأثبتا أن أسعار النفط
تمثل المصدر األهم للتقلبات االقتصادية الكلية في إيران والسعودية ،وبدرجة أقل بالنسبة الكويت واندونيسيا.3
بالنسبة لنيجيريا ،4اختبر Olomolaو )2006( Adejumoأثر صدمات أسعار النفط على الناتج ،التضخم،
عرض النقد ،وسعر الصرف الحقيقي ،باستخدام تقنيات نماذ " ،"VARوقاعدة بيانات رباعية خصت الفترة
) ،(1970:Q1-2003:Q4وخلصا إلى أن هذه الصدمات تؤثر فقط في سعر الصرف الحقيقي وعرض النقد في
5
المدى الطويل ،غير أنها ال تُخلف أي أثر على متغيرتي الناتج والتضخم .في حين وجد )2008( Omisakin
أن أسعار النفط تؤثر بشكل مستمر في مستويات عرض النقد ،اإلنفاق الحكومي ومؤشر أسعار االستهالك.6
أما ،)2014( Alley et alفأظهر أن صدمات أسعار النفط تؤدي إلى تعطيل وتيرة النمو االقتصادي ،نظ ار
ينجر عنها من اليقين ،بينما يرافق ارتفاعات أسعار النفط –في حد ذاتها -تحسن في مستويات النمو.7
لما ُّ
بالنسبة لالقتصاد اإليراني ،اعتمد Farzaneganو )2007( Markwardtمقاربة " ،"VARلتحليل العالقة
بين صدمات أسعار النفط والمتغيرات االقتصادية الكلية األساسية .نتائج الدراسة كشفت عن عدم تناظر آثار
أظهرت أن كل من الصدمات اإليجابية والسلبية في أسعار النفط يرف من معدالت هذه الصدمات ،حي
التضخم ،كما أكدت وجود عالقة إيجابية قوية بين التغيرات اإليجابية في أسعار النفط ونمو الناتج الصناعي،
1
El-Anshasy. A., Bradley. M.D., and F. Joutz. (2005), "Evidence on the Role of Oil Prices in Venezuelas Economic
Performance: 1950-2001", Paper Prepared for 25th Annual North American Conference of the USAEE/IAEE,
September 18-21.
2
Mendoza. O., and D. Vera. (2010), "The Asymmetric Effects of Oil Shocks on an Oil-exporting Economy",
Cuadernos de Economía, Vol. 47, May, PP. 3-13.
3
Mehrara. M., and K.N. Oskoui. (2007), "The Sources of Macroeconomic Fluctuations in Oil Exporting Countries:
A Comparative Study", Economic Modeling, Vol. 24, No. 3, PP. 365–379.
4دراسات مماثلة ،تم إجراؤها بالنسبة لإلكوادور والمكسيك من قبل .أنظر- Boye. F. (2001), "Oil and Macroeconomic Fluctuations :
in Ecuador", OPEC Review, Vol. 25, PP. 145–172.
- Boye. F. (2002), "Oil and Macroeconomic Fluctuations in Mexico", OPEC Review, Vol. 26, PP. 309-333.
5
Olomola. P.A., and A.V. Adejumo. (2006), "Oil Price Shock and Macroeconomic Activities in Nigeria",
International Research Journal of Finance and Economics, Issue 3, PP. 28-34.
6
Omisakin. A. (2008), "Oil price shocks and the Nigerian economy", Med Well Journal, Vol. 42, PP.1-7.
7
Alley. I., Asekomeh. A., Mobolaji. H., and Y.A. Adeniran. (2014), "Oil Price Shocks and Nigerian Economic
Growth", European Scientific Journal, Vol. 10, No. 19, July, PP. 375-391.
41
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
م استجابة معنوية للواردات الحقيقية وسعر الصرف الفعلي الحقيقي للصدمات المتناظرة ألسعار النفط؛ في
حين –وعلى عكس ما كان متوق -وجد الباحثان أن أثر تقلبات أسعار النفط على اإلنفاق الحكومي الحقيقي
ال يعدوا كونه أث ار هامشيا .1بينما أثبت – )2013( Rezazadehkarsalari et alفي ورقة أحد -أن الصدمات
السلبية في أسعار النفط تخلف آثا ار أقوى على الناتج في المدى الطويل ،مقارنة بالصدمات اإليجابية.2
في روسيا ،اهتم )2008( Itoبدراسة آثار صدمات أسعار النفط والصدمات النقدية على االقتصاد الروسي
" ،"VECوقاعدة بيانات رباعية غطت الفترة ) (1997:Q1-2007:Q4ليثبت أن صدمات باالستعانة بنموذ
ارتفاع أسعار النفط تُرفق بارتفاع في معدل نمو الناتج الحقيقي ،كما أنها تعد -في نفس الوقت -صدمات
تضخمية .3وفي النرويج ،أقدم )2008( Bjørnlandعلى تحليل آثار صدمات أسعار النفط على عوائد
األسهم ،باعتبار أسعار األسهم تمثل قناة مهمة النتقال الثروة في بلد منتج للنفط ،وباالستعانة بنموذ
أن ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى زيادة الثروة وارتفاع الطلب الكلي في االقتصاد " ،"SVARأوضح الباح
النرويجي .4أما في ماليزيا ،فقام Bekhetو )2009(Yusopبدراسة العالقة طويلة المدى بين أسعار النفط،
"،"VECM استهالك الطاقة ،واألداء االقتصادي الكلي ،باالعتماد على تحليل التكامل المتزامن ونماذ
وقاعدة بيانات سنوية شملت الفترة ( .)2005-1980النتائج أكدت وجود عالقة مستقرة في المدى الطويل
وتفاعالت قصيرة المدى بين أسعار النفط ،العمالة ،النمو االقتصادي ،ومعدل نمو استهالك الطاقة.5
1
Farzanegan. M.R., and G. Markwardt. (2007), "The Effects of Oil Price Shocks on the Iranian Economy", Energy
Economics, Vol. 31, PP. 134–151.
2
Rezazadehkarsalari. A., Haghiri. F., and A. Behrooznia. (2013), "The Effects of Oil Price Shocks on Real GDP in
Iran", African Journal of Business Management, Vol. 7, No. 33, PP. 3220 - 3232, September.
3
Ito. K. (2008), "Oil Price and the Russian Economy: A VEC Model Approach", International Research Journal of
Finance and Economics, Issue 17, PP. 68-74.
4
Bjørnland. H.C. (2008), "Oil Price Shocks and Stock Market Booms in an Oil Exporting Country", Working Paper
from Norwegian School of Management (BI) and Norges Bank, No. 16, October.
5
Bekhet. H.A., and N.Y.M. Yusop. (2009), "Assessing the Relationship Between Oil Prices, Energy Consumption
)and Macroeconomic Performance in Malaysia: Co-integration and Vector Error Correction Model, (VECM
Approach", Journal of International Business Research, Vol. 2, No.3, July, PP. 152-175.
6
Lescaroux. F., and V. Mignon. (2009).
42
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
El Anshasyو ،)2012( Bradleyقدما اختبا ار تجريبيا لدور صدمات وتقلبات أسعار النفط في تحديد
السياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط ،أثبتا من خالله أن ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى اتساع حجم
االنفاق الحكومي في المدى الطويل ،غير أن نسبة هذا التوس –في المدى القصير -تقل عن معدل ارتفاع
العائدات النفطية .2بينما تؤكد )2012( El Anshasyأن السياسة المالية هي القناة الرئيسية ،التي تؤثر من
خاللها أسعار النفط على االقتصاد ،وأن هذا ما يبرر اختالف أداء النمو االقتصادي بين المصدرين للنفط.3
أما Mehraraو ،)2011( Mohagheghفعلى الرغم من تأكيدهما على أن النقود هي السبب الرئيسي للتقلبات
االقتصادية الكلية في البلدان المصدرة للنفط ،إال أنهما أكدا في الوقت نفسه ،أن الصدمات النفطية تخلف أث ار
معنويا على الناتج االقتصادي ،وعرض النقود.4
Asteriouو ، )2013( Villamizarأثبت وجود عالقات سببية تتجه من أسعار النفط نحو إجمالي الناتج
المحلي ،مؤشر أسعار االستهالك ،البطالة ومعدالت الفائدة ،في مجموعة كبيرة ضمت بلدان مستهلكة وأخرى
مصدرة للنفط .5في حين أشارت زرواط وبورجة ( ،)2014إلى وجود عالقة سببية –وفق -Grangerبين سعر
النفط واالستثمار والنمو االقتصادي في الجزائر ،م أثر سلبي لصدمات أسعار النفط على النمو .6وفي ورقة
أحد ،أقدم )2016( Algahtaniعلى دراسة أثر صدمات أسعار النفط على نشاط االقتصاد السعودي خالل
الفترة ( ،)2015-1970ليخلص إلى وجود عالقة طردية في المدى البعيد بين سعر النفط والناتج المحلي.7
1
Berument. M.H., Ceylan. N.B., and N. Dogan. (2010), "The Impact of Oil Price Shocks on the Economic Growth
of Selected MENA Countries", The Energy Journal, Vol. 31, No. 1, PP. 149-176.
2
El Anshasy. A.A., and M.D. Bradley. (2012), "Oil Prices and the Fiscal Policy Response in Oil-Exporting
Countries", Journal of Policy Modeling, Vol. 34, PP. 605-620.
3
El Anshasy. A.A. (2012), "Oil Prices and Economic Growth in Oil-exporting Countries", Collage of Business and
Economics, United Arab Emirates University, P.O.Box 17555.
4
Mehrara. M., and M. Mohaghegh. (2011), "Macroeconomic Dynamics in the Oil Exporting Countries: A Panel
VAR study", International Journal of Business and Social Science, Vol. 2, No. 21, November, PP. 288-295.
5
Asteriou. D., and D.D. Villamizar. (2013), "The Effects of Oil Price on Macroeconomic Variables in Oil Exporting
and Oil Importing Countries", International Journal of Energy, Environment, and Economics, Vol. 21. No. 4, PP.
323-341.
6زرواط .ف ،.و ص .بورجة" ،)2014( .أثر تقلبات أسعار النفط على النمو االقتصادي في الجزائر :دراسة قياسية للفترة الممتدة بين (-1980
،")2013مجلة التنمية والسياسات االقتصادية (المعهد العربي للتخطيط ،الكويت) ،مج ،16 .ع ،02 .ص ص.102-79 .
7
Algahtani. G.J. (2016), "The Effect of Oil Price Shocks on Economic Activity in Saudi Arabia: Econometric
Approach", International Journal of Business and Management, Vol. 11, No. 8, PP. 124-133.
43
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
المبحث :03وفرة النفط ..تقلبات أسعاره ،والتحديات التي تواجه االقتصاديات النفطية.
أظهرت تجربة عقود من الزمن أن تصدير النفط ال يحول بحد ذاته البلدان النامية إلى بلدان ذات
اقتصاديات مزدهرة .وذلك عكس االعتقاد الذي كان سائدا بأن "الذهب األسود" يجلب معه الغنى والتنمية.
أظهرت فحاالت اإلخفاق في تحقيق التنمية في الدول المصدرة للنفط (ولموارد أخرى) تعتبر كثيرة ،حي
تجارب التنمية في أكبر هذه البلدان -على غرار الجزائر ،أنغوال ،نيجيريا ،... ،وبلدان أخرى -أن نعمة الموارد
الطبيعية تحولت إلى نقمة؛ إذ أنه من األنسب أن نقول َّ
أن البلدان المصدرة للنفط تعاني من "مفارقة الوفرة"
أو "مشكلة الملك ميداس" أو مما دعاه ذات مرة "خوان بابلو بيريز ألفونسو" 1آثار "فضالت الشيطان".
.1الثروة النفطية وسلوك اقتصاديات البلدان المصدِّرة للنفط في ظل الوفرة وتقلبات األسعار.
في البلدان المصدرة للنفط ،تكتسي أسعار هذا األخير أهمية بالغة على أكثر من صعيد .إذ تتحكم
تقلباتها في سير النشاط االقتصادي ،وتحدد حركاتها اتجاهات أرصدة الحسابات الجارية القتصاديات هذه
البلدان ،وتمثل المصدر الرئيسي لتقلبات اإليرادات والمداخيل الحكومية؛ كما تعد التطورات في هذه األسعار
مسؤولة –بتحكمها في اإليرادات -عن حركات األسعار المحلية والتضخم ،ومعدالت النمو االقتصادي ،فضال
عن آثارها ذات الصلة بسوق الشغل والبطالة ،المتعلقة بتأثيرها على االستثمار المحلي (الخاص والعمومي).2
الشكل ( )4.1في األسفل ،يوضح مسار العائدات والمداخيل النفطية ،ومختلف اآلثار التي تخلفها –من خالل
السلوك اإلنفاقي للحكومات -على اقتصاديات البلدان المنتجة.
44
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
القناة
المالية. -ارتفاع مداخيل العائالت.
-ارتفاع أرباح الشركات.
إعادة تدوير
ارتفاع الطلب الكلي المحلي
عائدات النفط.
(ارتفاع كل من االستثمار -ارتفاع السيولة في النطام المصرفي.
واالستهالك الخاص والعمومي). -ارتفاع عرض النقد ،وحجم اإلئتمان.
قناة التجارة
الخارجية.
Source: Sturm. M., Gurtner. F., and J. G. Alegre. (2009), "Fiscal Policy Challenges in Oil-
Exporting Countries: A Review of Key Issues", ECB Occasional Paper, No. 104, June. P. 27.
غالبا ما يستأثر إنتا النفط بحصة معتبرة من إجمالي الناتج المحلي لدى ُجل البلدان المنتجة له ،كما
تعتمد معظم اقتصاديات هذه البلدان على عائداته كمصدر رئيسي للدخل .لذا يمكن أن يكون الرتفاع أسعاره
الوق اإليجابي على هذه االقتصاديات ،من خالل اآلثار اإليجابية للدخل والثروة؛ إذ يعمل االرتفاع الحاصل
في هذه األسعار على رف الدخل الوطني ،جراء ارتفاع عائدات الصادرات النتا عن تحسن شروط التبادل
انتقال فوري للثروة من البلدان المستوردة للنفط باتجاه البلدان المصدرة ،مؤديا إلى ارتفاع التجاري ،وحدو
القدرة الشرائية لألعوان االقتصاديين لدى المجموعة األخيرة من البلدان .غير أن أثر صدمات ارتفاع أسعار
النفط على مجمل األداء االقتصادي للبلدان المنتجة في المدى المتوسط والبعيد ،يتوقف على طريقة تعامل
حكوماتها -التي غالبا ما ت سيطر على الجزء األهم من النشاط االقتصادي ،بتلقيها المباشر لعائدات النفط
وتحكمها في إنفاقها (أنظر الشكل ( -))4.1م فوائض المداخيل واإليرادات ،وكيفية توظيفها لها1؛ إذ يشير
1تفاصيل أوفر ،موجودة ضمن- Korhonen. L. and T. Juurikkala. (2007), "Equilibrium Exchange Rates In Oil-Dependent :
Countries", BOFIT Discussion Papers 8.
45
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
– )2008( Husain et alفي هذا الصدد -أن أسعار النفط تساهم في توجيه األداء االقتصادي للبلدان المنتجة
عبر قناة السياسة المالية ،التي تبقى –كغيرها من السياسات االقتصادية -رهينة وضعية سوق النفط العالمية
وتقلبات األسعار السائدة فيها.1
يرى )2008( Bjørnlandأنه إذا استُخدمت فوائض مداخيل النفط في شراء السل والخدمات المحلية ،فإن
ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يعمل على رف مستوى النشاط االقتصادي لدى االقتصاديات المعنية ،ومن
ثمة ارتفاع إجمالي الثروات الوطنية ،وكذا مستويات الطلب الكلي؛ كما يضيف الباح ،أنه بذلك يمكن أن
يوفر قطاع الطاقة فرصا إنتاجية مربحة ،من خالل توفيره الستثمارات ضخمة ،وفرص عمل ضمن
االقتصاديات المحلية ،م ما يصحبه من ارتفاع في الطلب على كل من عنصري العمل ورأس المال .2غير
أن ،)1997( Haldaneيشير إلى أن ارتفاع مستوى النشاط والطلب الكلي ،يمكن أن ُيصحب بنوع من
االرتفاع في الضغوط التضخمية ،وكذا ضغوط تصاعدية على العملة المحلية ،التي غالبا ما تشهد ارتفاعا
) (appreciatesفي البلدان المصدرة للنفط .3م ذلك ،تجدر اإلشارة إلى أنه حتى لو أن ارتفاع قيمة العملة
المحلية –بشكل عام -يضر بالقدرة التنافسية للقطاعات األخرى (غير الطاقوية) ،إال أن ارتفاع قيمة العملة
الناتج عن ارتفاع حجم المداخيل النفطية ،قد يعمل على تحفيز االستثمار ،وكذا تشجي اإلنتا المحلي من
خالل إتاحته للمنتجات الوسيطة المستوردة بأسعار أقل.4
من جهة أخرى ،يشير )2010b( Kilianإلى أنه عادة ما يتم توجيه جزء من فوائض اإليرادات لتمويل
بمصدري النفط إلى إعادة تدوير
الواردات من باقي دول العالم ،في حين تتوفر العديد من األسباب التي تدف ُ
يسعى منتجي النفط إلى تخفيض ) (to recycleجزء من العائدات النفطية ضمن النظام المالي العالمي .حي
وترشيد اإلنفاق تحسبا ألي انهيار مستقبلي في أسعار النفط ،كما أنه في حالة ما إذا اتخذوا قرارهم باستخدام
فوائض اإليرادات لتنوي االقتصاديات المحلية ،فإن قدرة هذه األخيرة على امتصاص واستيعاب ضخ رؤوس
األموال تبقى محدودة؛ وبذلك يكون لزاما على هؤالء المنتجين ادخار المداخيل التي يتعذر استثمارها محليا.
وبالنظر إلى غياب وسائل اإلدخار وكذا فرص االستثمار في المنطقة ،فإنه يتم توجيه إيرادات البترو دوالر
1تفاصيل أوفر ،ضمن- Rosser. J.B., and G.R. Sheehan. (1995), "A Vector AutoRegressive Model for Saudi Arabian :
Economy", Journal of Economics and Business, Vol. 47, No. 1, PP. 79-90.
- Husain. A.M., Tazhibayeva. K., and A. Ter-Martirosyan. (2008), "Fiscal Policy and Economic Cycles in Oil-
Exporting Countries", IMF working Paper, WP/08/253, November, Washington DC.
- Bjørnland. H.C. (2008). 2تفاصيل أدق ،ضمن:
3أنظر- Haldane. A.G. (1997), "The Monetary Framework in Norway", in : A.B. Christiansen and J.F. Qvigstad :
(eds.), Choosing a Monetary Policy Target, Oslo: Scandinavian University Press, PP. 67-108.
- Korhonen. L. and T. Juurikkala. (2007).; - Berument et al. (2010). 4أنظر:
46
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
) (petro dollarsلالستثمار في االقتصاديات المستوردة للنفط ،1رغم ما تواجهه هذه االستثمارات من مخاطر،
تتقدمها مخاطر الصرف والتضخم ،كما توضحه –على سبيل المثال -تجربة سبعينات القرن العشرين أين
َّ
تسبب تراج قيمة الدوالر ،إضافة إلى التضخم غير المتوق في االقتصاد األمريكي في تآكل عائدات البترول
المستثمرة في الواليات المتحدة األمريكية.2
ُ
عالوة على ما سبق ،يشير )2008( Bjørnlandإلى أن ارتفاع أسعار النفط قد يترك وقعا سلبيا على أداء
اقتصاديات البلدان المنتجة ،ما دام أنه يمكن أن يأتي مصحوبا باآلثار السلبية للتجارة الخارجية ،المتعلقة
أساسا بالضرر الذي تُلحقه ارتفاعات أسعار النفط بالشركاء التجاريين المستوردين له؛ م ما يرافقها من
حاالت ركود وكساد القتصاديات البلدان المستوردة؛ األمر الذي يجبر هذه األخيرة ،ويؤدي بها إلى تخفيض
طلبها على صادرات السل األخرى (غير النفط) من البلدان المنتجة للنفط ،وهو ما من شأنه توليد آثار سلبية
على اقتصاديات البلدان التي تملك قطاع تصدير واس من بين مجموعة البلدان األخيرة.
م ذلك ،يبقى األثر الصافي لقناتي "األثر اإليجابي للدخل والثروة" و"األثر السلبي للتجارة الخارجية" غير
مؤكد ) ،(uncertainكما أن نتائج الدراسات التجريبية ذات الصلة بموضوع آثار تغيرات أسعار النفط في
البلدان المصدرة ال تخلو من اللبس والغموض .فعلى سبيل المثال ،وجد )1998( Bjørnlandو(،)2000
(مصدر صافي للنفطa net oil -
و Jiménez-Rodríguezو ،)2005( Sánchezأنه بينما استفادت النرويج ُ
)exporterمن ارتفاعات أسعار النفط ،التي تجلَّت أهم آثارها في ارتفاع مؤقت لمعدالت النمو االقتصادي،
وانخفاض معدالت البطالة ،اتضح أن اقتصاديات بلدان أخرى ُمصدرة للنفط ،على غرار المملكة المتحدة
وكندا ،قد أبدت سلوكا أكثر انسجاما م سلوك اقتصاديات البلدان المستوردة ،بإبدائها تراجعا وانخفاضا في
معدالت النمو .وفي هذا الصدد ،يشير )2000( Bjørnlandأن السياسات النشطة )(the activist policies
المنتهجة في أعقاب صدمات ارتفاع أسعار النفط تعد من بين أسباب االستجابات اإليجابية تجاه هذه
الصدمات في النرويج ،وذلك على عكس ما كان عليه الحال بالنسبة للمملكة المتحدة (خاصة خالل ثمانينات
المنقضي)؛ في حين يضيف Jiménez-Rodríguezو )2005( Sánchezأن ارتفاع سعر الصرف في القرن ُ
النرويج كان أقل حدة بكثير مقارنة بالمملكة المتحدة ،ما يعني آثا ار سلبية أقل بالنسبة لالقتصاد النرويجي.
في المقابل ،تتضرر اقتصاديات البلدان المنتجة للنفط لقاء انخفاض أسعاره ،بسبب تقلص حجم المداخيل
من شأن أي تراج في هذه األسعار أن يفرض ضغوطا شديدة على التوازنات المالية الخارجية ،حي
1خير مثال على ذلك صناديق الثروة السيادية ) (The Sovereign Wealth Fundsالتي لجأت إليها عديد الدول المنتجة للنفط.
- Kilian. L. (2010 b). 2المزيد من التفاصيل ،ضمن:
47
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
بالنسبة القتصاديات البلدان المنتجة للنفط ،إذا لم تُتَّخذ اإلجراءات الوقائية ،سيرافق تقلبات عائدات النفط
المرافقة لتذبذب أسعاره ،نوع من التراج والالإستقرار االقتصادي ،ضمن وض ُيصطلح عليه بما يسمى "لعنة
الموارد ."(Resource Curse) -في هذا الصدد ،يرى )1998( Chalkأن تحسن شروط ومعدالت التبادل
التجاري للبلدان المصدرة للنفط ،المصاحب الرتفاع أسعار هذا األخير ،يوفر لحكومات هذه البلدان فوائض
في اإليرادات والمداخيل ،يرافقها –في كثير من األحيان -عدم كفاءة واسراف في اإلنفاق ،وهدر للموارد ،في
حين كان من األجدر واألجدى توجيه استخدام هذه المداخيل لتمويل المشاري التنموية ورف مستوى الرفاه
االقتصادي واالجتماعي.3
1المزيد من التفاصيل ،ضمن- Deaton. A (1999), "Conmmodity Prices and Growth in Africa", Journal of Economic :
Perspectives, Vol. 13, No. 3, Summer, PP. 23-40.
2للمزيد عن الموضوع ،أنظر- Bernanke. B.S. (1983), "Irreversibility, Uncertainty, and Cyclical Investment", Quarterly :
Journal of Economics, Vol. 98, No. 1, PP. 85-106.
3تفاصيل أدق ،ضمن- Chalk. N. (1998), "Fiscal Sustainability with Non-Renewable Resources", IMF Working Paper, :
No. 98/26, Washington DC.
4للمزيد ،أنظر- Hausmann. R., and R. Rigobon. (2002), "An Alternative Interpretation of the ‘Resource Curse’: :
Theory and Policy Implications", NBER Working Paper No. 9424, December.; - Mehrara and Mohaghegh. (2011).
48
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
بعد أولى صدمات ارتفاع أسعار النفط التي شهدتها سنوات سبعينات القرن الماضي ،سعى خبراء
االقتصاد إلى فهم أفضل لطريقة تأثير التدفقات المتزايدة لإليرادات المالية على اقتصاديات البلدان المصدرة
للنفط ،وذلك على غرار ما جاء في أعمال ٌّ
كل من Mabroو ،)1974( Monroeو NearyوVan Wijnbergen
(2)1986؛ لتكشف أهم النتائج التجريبية ألدبيات اقتصاديات التنمية لتلك الحقبة ،عن واحدة من المالمح
الغريبة للنمو االقتصادي الحدي ،3التي تجلى مفادها في أن االقتصاديات الغنية بالموارد (على غرار
االقتصاديات المنتجة للنفط) تميل إلى النمو بصورة أبطأ ،مقارنة بنظيرتها التي تفتقر لهذه الموارد وال تتوفر
على قدر كبير من منها.4
في هذا الصدد ،جاءت عديد الدراسات والبحو االقتصادية التطبيقية لتثبت وجود عالقة ارتباط مباشرة
طلح عليه بـ "اللغز المفاهيمي" )conceptual
وسلبية بين وفرة الموارد والنمو االقتصادي ،ضمن ما اص ُ
الغريب" )(oddity؛ كما كان عليه الشأن بالنسبة للدراسات التي قدمها ٌّ
كل من Sachs ،(puzzleأو "الحاد
و Auty ،)2001 ،1999 ،1997 ،1995( WarnerوGylfason ،)2001 ،1998( Auty ،)1998( Mikesell
( ،)2001و Gylfasonو .)2002( Zoegaوقد جاءت نتائج هذه الدراسات لتؤيد وتثبت صحة المقترحات التي
طرحت م نهاية عقد ثمانينات القرن العشرين ،والمقدمة ضمن أعمال تجريبية لمجموعة من الباحثين
االقتصاديين على غرار ،)1994 ،1993 ،1991 ،1990( Auty ،)1992( Mahon ،)1988( Gelbوالتي أفضت
في األخير إلى صياغة ما ُسمي بـأطروحة "لعنة الموارد" ).(Rsource Curse
في واحدة من أهم الدراسات في هذا المجال ،خلُص Sachsو )1995( Warnerإلى نتيجة مفادها أن
"اقتصاديات البلدان التي تمثل لديها صادرات الموارد الطبيعية (بما فيها النفط) نسبة عالية ضمن مجموع
الصادرات المحلية بالنسبة للناتج الداخلي الخام للعام ( 1971سنة األساس في دراستهما) ،تتجه نحو تحقيق
معدالت نمو اقتصادي منخفضة خالل الفترة الالحقة ،الممتدة من العام 1971إلى غاية العام ."1989وقد
بقيت هذه العالقة السلبية محققة وصحيحة ،حتى بعد مراقبة ومتابعة تطورات المتغيرات التي رأى الباحثان
1
Paradox of Plenty.
2أنظر- Mabro. R., and E. Monroe. (1974), "Arab Wealth from Oil: Problems of Its Investment", International :
Affairs, Vol. 50. No. 1, PP. 15-27. ; - Neary. J.P., and S. van Wijnbergen (eds.). (1986), "Natural Resources and the
Macroeconomy", MIT Press, Cambridge, Ma.
3
one of the surprising features of modern economic growth.
،) 2003( Stevens 4ذكر العديد من المراجع التاريخية ذات الصلة بالموضوع .أنظر:
- Stevens. P. (2003), "Resource Impact: Curse or Blessing?, A Literature Review", Centre for Energy, Petroleum
and Mineral Law and Policy, University of Dundee, mimeo.
49
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
أنها ستكون مهمة لمتابعة تطور النمو االقتصادي ،على غرار الدخل الفردي األساسي ،السياسة التجارية،
كفاءة الحكومة ،معدالت االستثمار ،ومتغيرات أخرى؛ بعد قيام الباحثين -باالعتماد على نموذ نظري بسيط
المحتملة لهذه العالقة السلبية ،من خالل دراسة اآلثار التي
من نماذ النمو الداخلي -ببح المسا ارت ُ
تخلفها وفرة الموارد على السياسة التجارية ،الكفاءة البيروقراطية ،وعلى محددات أخرى للنمو االقتصادي لدى
مجموعة متنوعة من البلدان.1
في سياق ذو صلة ،يشير ،)2007( Akanniو ،)2010( Frankelإلى أنه وان كانت وفرة الموارد الطبيعية
بشكل عام (والموارد النفطية خاصة) ،ال تقتضي بالضرورة تحقق أطروحة لعنة الموارد ،غير أنه في
المتوسط ،تتأخر البلدان وفيرة الموارد ،وتقب خلف البلدان التي ال تتمت بذلك القدر الوفير منها؛ فقد لوحظ
لعقود عدة أن حيازة النفط أو غيره من الرواسب المعدنية النفيسة أو الموارد الطبيعية ،ال ُيور بالضرورة
النجاح واالزدهار االقتصادي .فعلى سبيل المثال ،هناك العديد من البلدان اإلفريقية (على غرار أنغوال،
الجزائر ،نيجيريا ،السودان ،والكونغو) الغنية بالثروات النفطية ،واأللماس ،وبمعادن أخرى ،وم ذلك تبقى
شعوبها تعاني من انخفاض مستوى الدخل الفردي ،وتدني وتدهور مستويات المعيشة .في حين حققت
اقتصاديات بلدان شرق آسيا (كاليابان ،كوريا الجنوبية ،تايوان ،سنغافورة ،وهونكونغ) مستويات معيشية جد
مرتفعة ،تضاهي تلك السائدة لدى المجتمعات الغربية ،على الرغم من كونها جزر صخرية (أو أشباه جزر)،
شبه خالية من الموارد الطبيعية القابلة للتصدير.2
في دراسة أخرى ،يشير )2001b( Gylfasonأنه خالل العقود األربعة األخيرة من القرن العشرين ،سجلت
معدالت نمو الناتج الداخلي الخام للفرد الواحد ) (GDP per capitaلدى بلدان منظمة البلدان المصدرة للنفط
) (OPECبشكل إجمالي ،قيما سالبة .ويضيف ذات الباح ،أنه في الواق قد لوحظ أنه من بين خمسة
وستون ( )65بلدا ،التي يمكن تصنيفهم على أنهم بلدان غنية بالموارد الطبيعية ،أربعة ( )04فقط (إندونيسيا،
ماليزيا ،تايلند ،وبوتسوانا) تمكنوا من تحقيق استثمار طويل األجل يتجاوز (– )25%في المتوسط -من الناتج
الداخلي الخام خالل الفترة ( ،)1998-1970بما يتساوى م ما ُحقق في مختلف الدول الصناعية الناجحة،
والتي تفتقر للمواد الخام؛ إضافة إلى تحقيق معدل نمو لنصيب الفرد من إجمالي الناتج الوطني يفوق ()4%
1لتفاصيل أدق ،أنظر- Sachs. J.D., and A.M. Warner. (1995), "Natural Resource Abundance and Economic Growth", :
NBER Working Paper No. 5398, Cambridge, Ma, PP. 1-47.
2أنظر- Akanni. O.P. (2007), "Oil Wealth and Economic Growth in Oil Exporting African Countries", AERC :
Research Paper 170, Nairobi, September, P. 01.
- Frankel. J. (2010), "The Natural Resource Curse: A Survey", Discussion Paper 2010--21, Harvard Environmental
Economics Program, Cambridge, Mass, September.
50
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
عالوة على ذلك ،يذكر Layو ،)2004( Mahmoudأن فنزويال التي كانت مصنفة ضمن أثرى عشرة
بلدان في العالم م بداية القرن التاس عشر ،وبالرغم من ضخامة احتياطاتها النفطية ،تراجعت فيما بعد إلى
مستوى دولة نامية؛ وهو حال والية األالسكا في الواليات المتحدة األمريكية ،التي كانت الوالية الوحيدة التي
سجلت معدالت نمو اقتصادي سالبة خالل العقود الزمنية األخيرة ،رغم اتساع حجم احتياطاتها من النفط
الخام.2
الشكل ( )5.1أدناهُ ،يبدي –من جهة -وصفا بيانيا في شكل مخطط انتشاري ) (Scatter Plotللعالقة
اإلحصائية بين نمو نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام خالل الفترة ( ،)2000-1970والثروة النفطية ُم َّ
عب ار
عنها بحصة الري النفطي (عائدات النفط) ضمن الثروة الوطنية (الناتج الداخلي الخام) "Ratio of Rents to
،"GDPوذلك بالنسبة لعينة متكونة من سبعة وأربعون ( )47بلد مصدر للنفط .ومن جهة أخرى ُيظهر الشكل
العالقة اإلحصائية بين متوسط معدل النمو االقتصادي خالل الفترة ( ،)2008-1970والصادرات المعدنية
) ،(Mineral Exportsمعب ار عنها بنسبة صادرات الوقود ،الخامات ،والمعادن ،ضمن الصادرات السلعية
بالنسبة لعينة مقطعية من البلدان خالل نفس الفترة.
الشكل ( :)5.1العالقة اإلحصائية بين النمو االقتصادي وكل من الثروة النفطية والصادرات المعدنية.
Source: World Development Indicators, World Bank; and Akanni. O.P. (2007), P. 02.
1للمزيد ،أنظر- Gylfason. T. (2001b). "Natural Resources, Education and Economic Development", European :
Economic Review, Vol. 45, No. 4-6, PP. 847–859.
2للمزيد من التفاصيل ،أنظر- Lay. J., and T.O. Mahmoud. (2004), "Bananas, Oil, and Development: Examining the :
Resource Curse and its Transmission Channels by Resource Type", Kiel Working Papers No. 1218, Kiel Institute
for the World Economy. Germany.
51
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
بالنسبة للجزء األول (على اليسار) من الشكل ( ،)5.1تتمحور الفكرة حول اختبار ما إذا كان ارتفاع حجم
الري المتحقق من مبيعات النفط الخام ،سيجعل من اقتصاد البلد المصدر للنفط أكثر ميال للنمو .وكما يظهر
بجالء من خالل الشكل ،فإن البلدان التي يتراكم لديها القدر األكبر من الري البترولي ،هي التي ال تُبدي
ميال ونزعة كبيرة نحو تجربة النمو االقتصادي.
نفس النتيجة –تقريبا -تتجلى من خالل الجزء الثاني (على اليمين) من الشكل ( ،)5.1أين يتضح أن
بلدان مثل الصين ،وبعض البلدان اآلسيوية األخرى ،تُبدي متوسطات معدالت نمو اقتصادي مرتفعة ،ونسب
متدنية لصادرات الموارد الطبيعية ضمن مجموع الصادرات السلعية؛ في حين تُظهر بلدان مثل فنزويال،
وزامبيا متوسطات معدالت نمو متواضعة ومتدنية ،ونسب مرتفعة لحصة صادرات الموارد الطبيعية ضمن
مجموع صادراتها السلعية .وعلى العموم فإن الشكل يرسم عالقة سلبية جزئيا في المتوسط ،فرغم أن االرتباط
السلبي ليس قويا بشكل كبير ،غير أنه يبدو بشكل قطعي عدم وجود ارتباط إيجابي بين ثروة الموارد الطبيعية
(بما فيها النفط) والنمو االقتصادي.
في األخير تجدر اإلشارة إلى أنه قد تم االعتراض على صحة النتائج القائلة بوجود عالقة سلبية بين
النمو االقتصادي ووفرة الموارد ،من طرف عدة باحثين؛ فعلى سبيل المثال ،بين Van der PloegوArezki
( ،)2008أن الكثير من اإلثباتات التطبيقية فيما يتعلق باألثر السلبي للتبعية للموارد الطبيعية على أداء النمو
االقتصادي لم تدم بعد توسي وتمديد فترة الدراسة ،واتاحة المجال إلمكانية كون المتغيرات المفسرة ذات منشأ
داخلي .1غير أن الباحثان تمكنا -في نفس الوقت -من إظهار األثر السلبي لوفرة الموارد ،بعد أخذ خاصية
المنشأ الداخلي ( (controlling for endogeneityبعين االعتبار ،وذلك بالنسبة للبلدان التي تتسم بانخفاض
درجة انفتاحها التجاري.2
لقد كان الكتشاف حقول الغاز الطبيعي في بحر الشمال م نهاية خمسينات القرن المنصرم وبداية
الستينات ،م ما خلفه ذلك من آثار سلبية على االقتصاد الهولندي ،الوق الكبير على توجه المقاربات ذات
كانت البداية الفعلية لتراج الصلة باآلثار االقتصادية لوفرة الموارد الطبيعية (وخاصة المحروقات)؛ حي
التحاليل والمقاربات الكالسيكية (نظرية الميزة المطلقة) ،والنيوكالسيكية (نظرية الميزة النسبية) ،التي سادت
1
does not survive after extending the sample period and allowing for the endogeneity of explanatory variables.
2لتفاصيل أدق ،أنظر- Van der Ploeg. R., and R. Arezki. (2008), "Can the Natural Resource Curse be Turned into a :
Blessing?, The Role of Trade Policies and Institutions", Oxford Centre for the Analysis of Resource-rich Economies
Paper No. 2008/01, Oxford.
52
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
منذ القرن التاس عشر ( ،)19والتي لطالما ربطت وفرة الموارد الطبيعية المعدنية بالمزايا النسبية الطبيعية
وتحقيق التنمية والرفاهية االقتصادية واالجتماعية ،إذ كانت تنظر إلى هبات وفرة الموارد الطبيعية كبديل
للندرة النسبية لرأس المال الموجه لالستثمار (من خالل ما تحققه القدرات التصديرية للموارد من عائدات)؛
ليظهر بعدها ما سمي بمقاربة العلة الهولندية ) (Dutch Disease Approachأين تم التركيز في البداية على
اآلثار االقتصادية لوفرة الغاز الطبيعي المكتشف في بحر الشمال ،قبل أن يتم توسي التحليل ليشمل
التطورات االقتصادية المرافقة للهبات في الموارد الطبيعية ،األمر الذي قاد إلى طرح وتقديم أطروحة لعنة
الموارد ).(Resource Curse
عادة ما كان ُينظر لوفرة الموارد الطبيعية بوصفها محددا إيجابيا للتنمية االقتصادية ،غير أن نتائج هذه
األخيرة ،والقائمة على تصدير النفط (وموارد طبيعية أخرى) ،قد جاءت سلبية على مر العقود الزمنية األخيرة،
لوحظ على مدى عقود عدة ،أن عددا كبي ار من البلدان المصدرة للنفط ،ولموارد معدنية أخرى في الشرق حي
األوسط ،إفريقيا ،وأمريكا الالتينية ،قد سجلت مستويات متدنية من التنمية االجتماعية واالقتصادية ،بطئ في
وتيرة النمو ،وضعف التنوع االقتصادي ،المزيد من الفساد ،بؤس مؤشرات الرفاه االجتماعي ،وارتفاع
مستويات الفقر والالَّمساواة ،إضافة إلى تدني مستويات التربية ،والتعليم ،والصحة ...إلخ.1
طِلح عليه
بناء على هذه النتائج السلبية والوض المتناقض ) ،(paradoxical situationتم تبني ما أُص ُ
ظهر هذا المصطلح بعد أن عرف المجال البحثي حول آثار وفرة وسمي بأطروحة "لعنة الموارد" ،حي
الموارد الطبيعية (وخاصة المحروقات) نقاشا وجدال حقيقيا ،انطلق م طفرة الموارد التي شهدها االقتصاد
الهولندي -بعد اكتشاف الغاز الطبيعي في بحر الشمال -خالل الفترة الممتدة بين ستينات وثمانينات القرن
العشرين ،وازداد حدة وشدة خالل عقد الثمانينات ،بالتركيز على دراسة أوضاع مجموعة من االقتصاديات
المصدرة للموارد الطبيعية.
كتب في الواق ،تعود بداية االهتمام بمفهوم "لعنة الموارد" إلى منتصف القرن السادس عشر ،حي
الفيلسوف السياسي الفرنسي )1576( Jean Bodinيقول" :الرجال الذين يمتلكون أرضا واسعة وخصبة يعتبرون
على العموم كسالء .في حين نجد في المقابل أن األرض القاحلة تجعل الرجل بالضرورة معتدال ،وبالتالي
1أنظر- Karl. T.L. (1997), "The Paradox of Plenty: Oil Booms and Petro-States", Studies in International Political :
Economy, 26, Berkeley, University of California Press, P. 23.
- Chekouri. S.M., and A. Chibi. (2016), "Algeria and The Natural Resource Curse: Oil Abundance and Economic
Growth", Economic Research Forum Working Paper, No. 990, April. P.02.
53
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
حذرا ،يقضا ودؤوبا"؛ مما يعني أن وفرة الموارد تأتي مصحوبة بالكسل والخمول ،م ما يرافقهما من عواقب
على مختلف األصعدة .إضافة إلى ذلك ،يذكر - )1776( Adam Smithفي القرن التاس عشر -من خالل
في طبيعة وأسباب ثروة األمم" ،أن "مشاري التعدين ) (Projects of miningتمثل سوء استخدام كتابه "بح
لرأس المال ،وينبغي تثبيطها وعدم تشجيعها".1
االقتصادي " ،"Richard Autyأول من صاغ وطرح أطروحة "لعنة من جهة أخرىُ ،يعتبر الباح
الموارد" ،وقدمها للنقاش العلمي ،في وصف لفشل البلدان الغنية بالموارد الطبيعية في استغالل ثرواتها لتحقيق
معدالت نمو اقتصادي مرتفعة ،وبلوغ المستويات المرجوة للتنمية االقتصادية واالجتماعية ،وكان ذلك من
خالل كتابه الذي قدمه عام ( ،)1993والذي حمل عنوان "Sustaining Development in Mineral
نق أر في الجمل االفتتاحية من هذا الكتاب" :2بينما تشير ،"Economies: The Resource Curse Thesisحي
مجموعة متنامية من الدالئل والبراهين أن هبة وفرة الموارد الطبيعية قد تكون أقل فائدة ونفعا بكثير ،بالنسبة
للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ومستويات التنمية ،مما افترضته الطروحات التقليدية .هناك عينتين
مهمتين من األدلة والبينات ،ويتعلق األمر بالجهود التصنيعية للبلدان النامية لمرحلة ما بعد الحرب )post-war
(industrialization effortsباإلضافة إلى أداء اقتصاديات البلدان النامية الغنية بالموارد المعدنية منذ ستينات
القرن العشرين .وتشير اإلثباتات واألدلة الحديثة أنه لم تفشل عديد البلدان النامية الغنية بالموارد الطبيعية في
استغالل هبات وفرة هذه الموارد واالستفادة منها في تعزيز ودعم التنمية االقتصادية واالجتماعية فحسب ،بل
إن أدائها –على أرض الواق -قد يكون أسوء من أداء بلدان تتمت بقدر أقل بكثير من هبات الموارد .هذه
النتيجة غير البديهية هي أساس أطروحة لعنة الموارد".
ُيعرف " ،)1997( Terry Lynn Karlلعنة الموارد" في أضيق أشكالها على أنها تعبير عن العالقة العكسية
بين زيادة االعتماد على إيرادات الموارد الطبيعية (وتحديدا تلك الموارد غير المتجددة) من جهة ،ومعدالت
النمو االقتصادي من جهة أخرى .3وعلى هذا األساس ،تم استخدام مصطلح "لعنة الموارد" على نطاق واس
للتعبير عن العالقة أو التناسب العكسي بين وفرة الموارد والنمو االقتصادي لدى االقتصاديات التي تتوفر
على ثروة من الموارد المعدنية ،أو ثروة نفطية ،أو من الغاز الطبيعي ،والنقمة التي يمكن أن ترافق نعمة وفرة
1
Chekouri. S.M., and M. Benbouziane. (2015), "Oil Rents and Institutional Quality: Empirical Evidence From
Algeria", Paper Prepared For Middle East Economic Association’s 15 Th International Conference, SPADE-
MEEA15-00030. P. 03.
2أنظر- Auty. R.M. (1993), "Sustaining Development in Mineral Economies: The Resource Curse Thesis", :
Routledge, London.
3أنظر- Karl. T.L. (1997), P.24. :
54
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
هذه الموارد في األجل الطويل ،بوصفها عائقا أكثر منها محف از لتحقيق النمو والتنمية االقتصادية.1
وعن أسباب "لعنة الموارد" ،تشير األدبيات التقليدية ذات الصلة بالموضوع أن مستوى وفرة الموارد هو ما
يؤثر سلبا على أداء النمو االقتصادي في البلدان التي تحوز على وفرة من الموارد الطبيعية (Sachs
و ،))2001 ،1999 ،1997 ،1995( Warnerبينما تقدم األدبيات الحديثة ( Leongو،)2011( Mohaddes
Mohaddes ،)2011a,b( Cavalcanti et al.و ))2013( Pesaranأدلة مغايرة لنتائج األدبيات التقليدية ،وتشير
أن شدة تقلب أسعار الموارد الطبيعية ،وخاصة النفط ،هي من تسبب مفارقة لعنة الموارد ،وليس مستوى وفرة
هذه الموارد في حد ذاته.
عالوة على ذلك ،رج الكثير من الباحثين في دراساتهم إلى مناقشة أطروحة "لعنة الموارد" سواء من
خالل تأكيدها أو نفيها ،أو ربطها بإحدى المتغيرات االقتصادية أو السياسية .وفي هذا الصدد ،نجد أنه هناك
من يرى أن لعنة الموارد ليست مصي ار محتوما ،وأن اكتشاف النفط واستخراجه يتعين أن يؤدي إلى تشجي
التنمية المتوازنة المستدامة ،بدال من أن يكون عائقا في كثير من األحيان2؛ والواق يؤكد أن هذه أطروحة ال
تنطبق على جمي البلدان الغنية بالموارد ،فعلى سبيل المثال تعد النرويج قصة من قصص النجاح ،حي
يمثل النفط ما يقارب الـ ) (20%من إجمالي الناتج المحلي لالقتصاد النرويجي ،ونحو الـ ) (45%من إجمالي
الصادرات ،بينما تم إدراك الكمية المحدودة للموارد الطبيعية ،وانشاء صندوق لالستقرار برأسمال بلغ حدود
150مليار دوالر (أي ما يقارب نسبة 50%من إجمالي الناتج الداخلي لالقتصاد المحلي) تحسبا لنضوب
الموارد النفطية والغازية المتوق في غضون 70سنة .3في حين يطرح عدد من الباحثين نقيض الطرح األول،
في مناقشة للجوانب االقتصادية للعنة الموارد ،كالعالقة السلبية بين وفرة الموارد الطبيعية والنمو االقتصادي،
أو تأثير تقلبات أسعار الموارد (وخاصة النفط) على النمو االقتصادي .4من جهة أخرى ،اقترحت األدبيات
النظرية والدراسات التجريبية عددا من التفسيرات لهذه الظاهرة المحيرة التي مست البلدان الغنية بثروات
الموارد الطبيعية؛ سنقوم من خالل الجزء الموالي بعرض وتقديم التفسيرات األساسية من بينها.
1زايري بلقاسم" ،) 2013( .المؤسسات ،وفرة الموارد ،والنمو االقتصادي :بالتطبيق على االقتصاد الجزائري" ،ورقة مقدمة ضمن أبحاث المؤتمر
الدولي حول "تقييم آثار برامج االستثمارات العامة وانعكاساتها على التشغيل واالستثمار والنمو االقتصادي خالل الفترة ( ،")2014-2001أيام 12/11
مارس ،بكلية العلوم االقتصادية ،التجارية وعلوم التسيير ،بجامعة سطيف ،1الجزائر .ص ص.8-7 .
2
Humphreys. M., Sachs. J.D., and J.E. Stiglitz. (2007), "Future Directions for the Management of Naturel
Resources", Chapter 12 in Humphreys, Sachs, and Stiglitz, eds., 2007, “Escaping the Resource Curse”, Colombia
University Press, New York, PP. 322-336.
3أنظر :دحمان .ع ،.و إ .جواهرة" ،) 2014( .تحليل االنحدار لنمذجة تأثير إنتاج النفط في الديمقراطية في سياق أطروحة لعنة الموارد" ،مجلة سياسات
عربية ،ع ،09 .المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات ،قطر ،يوليو ،ص.86 .
- Sachs. J.D. and A.M. Warner. (1995). 4أنظر ،على سبيل المثال:
- Van Der Ploeg. F., and S. Poelhekke. (2008), "Volatility and The Natural Resource Curse", University of Oxford,
Department of Economics, Oxcarre Research Paper, No. 2008- 03.
55
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
.2.2التفسيرات األساسية ألطروحة "لعنة الموارد" ودور تقلبات أسعار الموارد (النفط):
قدم خبراء االقتصاد مجموعة من األسباب الكامنة وراء األداء االقتصادي الهزيل لبعض البلدان الغنية
بالموارد ،الذي تلخصه أطروحة "لعنة الموارد" .وقد شملت التفسيرات األساسية لهذه الظاهرة ،مجموعة من
المقاربات ،تقدمتها طروحات المدرسة الهيكلية ) ،(Structuralistونظرية المرض الهولندي )،(Dutch Disease
أين يرى البعض أن وفرة الموارد يمكن أن تؤدي إلى تراج إنتا وحجم صادرات قطاع المنتجات الصناعية
سلبا ،وبما أن هذا القطاع يخلق أثر خارجي ضروري للنمو ،فإن انكماشه يساهم في خفض نمو
الذي يتأثر ً
) ،(Rent-Seeking Behaviourالذي يرافقه ضعف في المحفزات االقتصاد .سلوك السعي وراء الري
) (Reduced Incentivesالداعية لتطوير الجزء غير المرتبط بالموارد في االقتصاد .إضافة إلى ارتفاع معدل
تذبذب مداخيل الموارد ،1الناتج أساسا عن ارتفاع معدل تذبذب أسعار هذه الموارد .في حين هناك من يركز
2
على اآلثار االقتصادية السياسية لمداخيل الموارد ،السيما ما يتعلق بجودة ونوعية المؤسسات )Institutional
أنه من المتوق أن تطبق البلدان الغنية بالموارد سياسات سيئة ،من شأنها عرقلة تقدم ،(Qualityحي
اإلصالحات واجراءات تنوي االقتصاد ،كما أن البلدان الغنية بالموارد -على غرار البلدان المصدرة للنفط-
تتميز بهيمنة الزمر السياسية الحاكمة التي تعمل على نشر الفساد خدمة لمصالحها الضيقة.
استندت أولى المقاربات النظرية التقليدية في معالجة وتفسير أطروحة "لعنة الموارد" ،إلى طروحات
المدرسة الهيكلية لسنوات خمسينات القرن العشرين ،م التركيز على تدهور شروط التبادل بين السل األولية
والمنتجات المصنعة ،3تقلبات أسعار المنتجات األولية ،والعالقة المحدودة والضعيفة بين قطاع الموارد
الطبيعية وبقية القطاعات األخرى في االقتصاد .4غير أنه لم يتم تأكيد أو إثبات ٌّ
أي من هذه التفسيرات بشكل
قطعي من خالل االختبارات التجريبية ،التي أجريت ضمن العديد من الدراسات ،على غرار أعمال Moran
في سياق ذو صلة ،تؤكد أطروحة المرض الهولندي أن ازدهار قطاع الموارد الطبيعية يتسبب في تعطيل
واعاقة القطاع الصناعي ،الذي يفترض أنه يمثل القوة الرئيسية الدافعة لالقتصاد –كما أشار Sachs
1
high volatility of resource revenues.
2
political economy effects of resource income.
3لتفاصيل أوفر ،أنظر- Prebisch. R. (1950), "The Economic Development of Latin America and its Principal Problems", :
Economic Commission For Latin America, United Nations, Department of Economic Affairs, New York.
4تفاصيل أكثر ،ضمن- Hirschman. A. (1958), "The Strategy of Economic Development", Yale University Press, New :
Haven.
56
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
و -1)1997c( Warnerوذلك إما من خالل ارتفاع سعر الصرف الحقيقي (الناجم عن االرتفاع الحاد
للصادرات ،وكذا ارتفاع األسعار العالمية للموارد) ،أومن خالل امتصاص قطاع الموارد المزدهر لعناصر
اإلنتا المتحركة (العمل ورأس المال) ،وتحويلها بعيدا عن قطاعي الصناعة والزراعة ،مما يؤدي إلى رف
تكاليف اإلنتا لديهما؛ وهذه اآلثار مجتمعة يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الصادرات من المنتجات المصنعة
والزراعية ،وكذا تضخم تكلفة السل غير القابلة للتداول .2وبالتالي فإن التوس في قطاع الموارد الطبيعية ال
عملية التصني يكفي لتعويض األثر السلبي على النمو االقتصادي ،الناجم عن تعطل وتراج
)(deindustrialization؛ إضافة إلى حدو تغير في تركيبة الصادرات لصالح المواد الخام ،أو حتى إمكانية
حدو انخفاض في إجمالي الصادرات ،وما يمكن أن يؤدي إليه من تراج في النمو االقتصادي.3
في الواق ،لم تقدم األدلة التجريبية دعما كبي ار لفرضية "المرض الهولندي" كتفسير للعنة الموارد ،حي
أظهرت عديد الدراسات التجريبية ( Sala-i-Martin ،)1990( Auty ،)1988( Gelbو))2003( Subramanian
أن البلدان النامية الغنية بالموارد ال تعاني بالضرورة من أعراض المرض الهولندي ،وخاصة حركة عناصر
المتحركة وانتقالها من قطاع التصني باتجاه قطاع الموارد المزدهر .فعلى سبيل المثال ،وجد Neary اإلنتا
و ،)1991( Fardmanesh ،)1986( Wijnbergen vanو )1997( Mikesellفي هذا الصدد ،أنه خالل الفترة
( ،)1983-1971لم تُبدي بعض البلدان المصدرة للنفط تحوال كبي ار للعمالة ورأس المال من قطاع التصني نحو
قطاع الموارد ،على الرغم من إثبات )1989( Benjamin et alأن القطاعات الزراعية لهذه البلدان غالبا ما
عانت من هذه المشكلة .كما أن دراسة الحالة التي أجراها ،)2001b( Autyأيضا قادت إلى رفض أطروحة
المرض الهولندي ،من خالل إظهارها لتعقد وتنوع الحاالت بين البلدان وفيرة الموارد الطبيعية ،والتي تضمنت
عدة استثناءات من اللعنة ،على غرار النرويج التي استغلت وفرتها النفطية لبناء اقتصاد محلي قوي.
بعد ذلك ،حاولت العديد من الدراسات إيجاد تفسيرات أخرى ،وتحديد قنوات بديلة من شأن وفرة الموارد
تم تقديم هذه الطبيعية ،والعائدات والمداخيل المرتبطة بها أن تضر من خاللها بالنمو االقتصادي ،حي
التفسيرات –في الغالب -بشكل مستقل ،كما يمكن اعتبارها –جزئيا -كأعراض للمرض الهولندي.4
1أنظر- Sachs. J.D., and A.M. Warner. (1997c), "Fundamental Sources of Long-run Growth", American Economic :
Review, Vol. 87, No. 2, PP. 184–188.
2تفاصيل أدق ضمن- Corden. M. (1984), "Booming Sector and Dutch Disease Economics: Survey and Consolidation", :
Oxford Economic Paper, New Series, Vol. 36, PP. 359-380.; - Neary. J.P., and S. van Wijnbergen (eds.). (1986).
"Natural Resources and the Macroeconomy", MIT Press, Cambridge, Ma.
3لتفاصيل أكثر ،أنظر- Gylfason. T. (2001a), "Natural Resources and Economic Growth: What is the Connection", :
CESifo Working Paper No. 50.
4
Torres. N., Ó. Afonso., and I. Soares. (2013), "A Survey of Literature on the Resource Curse: Critical Analysis of
the Main Explanations, Empirical Tests and Resource Proxies", CEFUP Working Paper, 2013-02.
57
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
عن الري ) ،على أن التأثير السلبي الذي تخلفه وفرة تشدد أطروحة سلوك السعي وراء الري (أو البح
عن الري ) ،(Rent-Seeking Activitiesالمرتبطة الموارد على النمو االقتصادي ناجم عن أنشطة البح
عن بوفرة الموارد الطبيعية .1فعلى سبيل المثال ،يقدم )2002( Torvikنموذجا وفق أطروحة السعي والبح
الري ،يشير من خالله إلى أن وفرة الموارد الطبيعية ،وتوفرها بكميات هائلة من شأنه أن يؤدي إلى الرف من
عن الري ،من جهة؛ والى انخفاض عدد عدد رجال األعمال وأصحاب المشاري العاملين والساعين للبح
رجال األعمال الذين يسعون لتأسيس وادارة مؤسسات إنتاجية ،من جهة أخرى .وفي هذا الصدد ،تم إظهار
أن االنخفاض الناتج في الدخل يكون أعلى من االرتفاع في الدخل المتأتي من استغالل الموارد الطبيعية؛
وبالتالي فإن المفارقة هي أن المزيد من الموارد الطبيعية يؤدي إلى انخفاض الرفاهية.2
في نفس السياق ،تؤدي وفرة الموارد إلى الحد من الحوافز الداعية للرف من مستوى تراكم المهارات،
واالستثمار في الموارد البشرية ،3وتثبيط وتقليل حوافز جم وتراكم رأس المال الخاص .4كما أن تركيز
إيرادات الموارد ضمن القطاع العام ،يمكن أن يؤدي إلى تأجيل وتأخير الفصل في الق اررات المصيرية المتعلقة
باإلصالحات االقتصادية ،األمر الذي من شأنه أن يخفض ويحد من كفاءة وفعالية االستثمار ،ويؤدي إلى
تراكم التشوهات االقتصادية ،وتأخير واعاقة عملية تنوي االقتصاد ،وبالتالي رهن مشاري التنمية القتصادية.5
عن من ناحية أخرى ،وبينما يؤكد Ledermanو ،)2008( Maloneyويصر على أهمية أطروحة البح
الري في تفسير لعنة الموارد ،6يرى ،)2005( Bulte et alأنه وبالنظر إلى أن وفرة الموارد الطبيعية تعاقب
1أنظر على سبيل المثال- Sandbu. M.E. (2006), "Natural Wealth Accounts: A Proposal for Alleviating the Natural :
Resource Curse", World Development, Vol. 34, No. 7, PP. 1153-1170.
- Robinson. J.A., Torvik. R., and T. Verdier. (2006), "Political Foundations of the Resource Curse", Journal of
Development Economics, Vol. 79, No. 2, PP. 447-468.
2تفاصيل أكثر ضمن- Torvik. R. (2002), "Natural Resource Rent Seeking and Welfare", Journal of Development :
Economics, Vol. 67, No. 2, PP. 455-470.
3للمزيد من التفاصيل حول الموضوع ،أنظر- Auty. R.M. (2001a), "A Growth Collapse With High Rent Point Resources: :
Saudi Arabia", in Auty, R.M. (ed.) (2001b), “Resource Abundance and Economic Development”, Oxford University
Press, New York, PP. 193-207.
4للتفاصيل أنظر- Stevens. P. (2003).; - Buffie. E.F. (1993), "Direct Foreign Investment, Crowding out and :
Underemployment in the Dualistic Economy", Oxford Economic Papers, No. 45.
5أنظر- Auty. R.M. (1998a), "Mineral Wealth and the Economic Transition: Kazakhstan", Resources Policy, Vol. :
24, No, 4, PP. 241-249.; - Auty. R.M. and A.H. Gelb. (2001), "Political Economy of Resource-Abundant States", in:
Auty. R.M. (ed.) (2001b), “Resource Abundance and Economic Development”, Oxford University Press, New York,
PP. 126-144. ; - Auty. R.M. (2003), "Third Time Lucky for Algeria?, Integrating an Industrializing Oil-Rich
Country Into the Global Economy", Resources Policy, Vol. 29, No. 1, PP. 37-47.
6أنظر- Lederman. D., and W. Maloney. (2008), "In Search of the Missing Resource Curse", World Bank Policy :
Research paper No. 4766, Washington DC, World Bank.
58
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
وتعيق النمو االقتصادي فقط في بعض البلدان دون غيرها ،فإن هذه األطروحة وحدها ،تتمت بقوة تفسيرية
جد محدودة ،وتعتبر غير كافية1؛ مما أدى إلى تطوير نماذ تعتمد فيها النتائج على الشروط األولية.2
تتفق مجوعة من اآلراء أن ثروة الموارد الطبيعية في حد ذاتها ليست بالضرورة ضارة بالنمو والتنمية ،إذ
تعتبر صفة التقلب التي تالزم أسعار النفط وأسعار باقي المنتجات المعدنية ،هي أساس المشكلة .وفي هذا
الصدد تشير العديد من الدراسات (على غرار Arezki ،)2001c( AutyوVan der ،)2011( Gylfason
Ploegو ))2010( Frankel ،)2008( Poelhekkeأن شدة تقلب أسعار الموارد الطبيعية –وما يرافقها من تقلب
إليرادات هذه الموارد -تمثل آلية مهمة من آليات انتقال "لعنة الموارد" ،وذلك باعتبارها سببا رئيسيا في تقلب
كل من اإلنفاق الحكومي ،وكذا سعر الصرف ،األمر الذي سيترك –دون شك -أثره على النمو االقتصادي
في البلدان شديدة االعتماد واالرتباط بالموارد الطبيعية.3
بشكل عام ،تعاني االقتصاديات المصدرة للنفط من تقلبات كبيرة في قطاعاتها العمومية ،وموازينها
الخارجية ،)1998b( Auty .و ،)1997( Mikesellحددا درجات مرتفعة لتقلبات التجارة الخارجية في المناطق
التي تمثل لديها صادرات المواد األولية حصصا مرتفعة ضمن إجمالي الصادرات .وهو ما يمكن أن يكون
مصد ار لعد م اليقين بالنسبة للمستثمرين ،كما يمكن أن يشكل عائقا في وجه تنفيذ سياسة مالية متوازنة،
وبالتالي تأخير سيرورة النمو االقتصادي.4
إضافة إلى ذلك )2001b( Auty ،يربط شدة تقلب إيرادات المداخيل بعدم قدرة الحكومات على إدارة
سياسات مالية دورية )pro-cyclical الفوائض في الموازين العامة بشكل الئق ،مما يعني الميل إلى انتها
،(fiscal policiesواالستخدام العقيم وغير المنتج ) (unproductiveللموارد المالية .5في حين ذهب
1أنظر- Bulte. E., Damania. R., and T. Deacon. (2005), "Resource Intensity, Institutions, and Development", World :
Development, Vol. 33, No. 7, PP. 1029–1044.
2للمزيد من التفاصيل حول الموضوع؛ أنظر على سبيل المثال- Baland J.M., and P. Francois. (2000), "Rent Seeking and Resource :
Booms", Journal of Development Economics, Vol. 61, No. 2, PP. 527-542.
3بحثت العديد من الدراسات في أثر تقلبات اإليرادات والنفقات العامة على النمو االقتصادي .أنظر على سبيل المثال:
- Lane. P. (2003), "The Cyclical Behavior of Fiscal Policy: Evidence from the OECD", Journal of Public
Economics, Vol. 87, Issue. 12, PP. 2661-2675.; - Afonso. A., and D. Furceri. (2007), "Government Size
Composition, Volatility and Economic Growth", ECB Working Paper Series, No 849, Frankfurt am Main.
4تفاصيل أدق ضمن- Mikesell. R. (1997), "Explaining the Resource Curse, With Special Reference to Mineral- :
Exporting Countries", Resources Policy, Vol. 23, No. 4, PP. 191-199.; - Auty. R.M. (1998b), "Resource Abundance
and Economic Development: Improving the Performance of Resource-Rich Countries", World Institute for
Development Economics Research RFA Paper, No 44, Helsinki.
5أنظر- Auty. R.M., ed, (2001b), "Resource Abundance and Economic Development", Study Prepared for the World :
Institute for Development Economics Research of the United Nations University, Oxford University Press, Nw York
59
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
Haussmannو )2002( Ribogonإلى أبعد من ذلك ،وربطا "لعنة الموارد" بأثر تقلبات الطلب على حوافز
1
المستثمرين الذين يسعون لتجنب المخاطر ) . (risk-averse investorأما Van der PloegوPoelhekke
( ،)2008فبينا أن اآلثار اإليجابية لمداخيل الموارد على النمو االقتصادي ،تُغمر من طرف اآلثار السلبية
غير المباشرة الناشئة عن تقلب هذه المداخيل.2
.4.2.2المؤسسات والسياسات ،والسياسة المالية خاصة( :التفسير االقتصادي السياسي).
عالوة على ما سبق ،هناك من ركز على اآلثار االقتصادية السياسية )(the political economy effects
لوفرة الموارد كتفسير للعنة .وذلك باعتبار أن ري الموارد الطبيعية (والري النفطي خاصة) يمكن أن يكون
مصد ار للصراعات والنزاعات ،الإلستقرار السياسي ،الفساد ،والتوزي غير العادل للثروة ،إضافة إلى إمكانية
كونه سببا في ضعف المؤسسات ،وفشل السياسات االقتصادية ،خاصة في حالة الدول التي تتميز بالفصائل
السياسية المتعصبة ،وتتكون من مجتمعات غير متجانسة .3كما أن حكومات البلدان وفيرة الموارد ،غالبا ما
تميل إلى انتها أساليب غير شفافة لتوزي الري ،من أجل توسي نطاق المناورة السياسية؛ في حين تسعى
مجموعة أصحاب المصالح (على غرار المستثمرين األجانب ،ومسؤولي الدولة) إلى محاربة عملية المحافظة
على عائدات الموارد (من خالل اإلفراط في اإلنفاق العام) ،وكذا خلق الحواجز أمام عملية التغيير .4وقد
تناولت األدبيات التجريبية جانبين من المسألة ،ويتعلق األمر بأثر ري الموارد على نوعية وجودة المؤسسات
من جهة ،وأثر نوعية المؤسسات على الدخل والنمو االقتصادي من جهة أخرى.
( ،)2003و ،)2005( Isham et al.أن وفرة الموارد الطبيعية تمارس تأثي ار معنويا سلبيا غير مباشر على نوعية
المؤسسات .وفي هذا الصدد ،بينت الدراسة األولى أنه لم يكن هناك أي تأثير مباشر لوفرة الموارد الطبيعية
على النمو االقتصادي خالل الفترة ( ، )1990-1970بينما تم تأكيد وجود أث ار هاما غير مباشر من خالل تأثير
هذه الموارد على الفساد في المؤسسات ،والذي يؤثر بدوره على النمو .5هذه النتائج تم إثباتها الحقا من طرف
1أنظر- Haussmann. R., and R. Rigobon. (2002), "An Alternative Interpretation of the ‘Resource Curse’: Theory :
and Policy Implications", NBER Working Papers, No. 9424, December, Cambridge, Ma.
2أنظر- Van der Ploeg. R., and S. Poelhekke. (2008), "Volatility, Financial Development and the Natural Resource :
Curse", Oxford Centre for the Analysis of Resource-rich Economies Paper, No. 2008/03, Oxford.
3أنظر على سبيل المثال- Karl. T.L. (1997).; - Easterly. W., and R. Levine. (1997), "Africa’s Growth Tragedy: Policies :
and Ethnic Divisions", Quarterly Journal of Economics, Vol. 112, PP. 1203-1250.
4أنظر- Carneiro. F.G. (2007), "Development Challenges of Resource-Rich Countries: the Case of Oil Exporters", :
VI International Colloquium, “Macrodynamic Capabilities and Economic Development”, University of Brasilia.
5أنظر- Leite. C., and J. Weidmann. (2002), "Does Mother Nature Corrupt?: Natural Resources, Corruption and :
Economic Growth", in: G. Abed and S. Gupta (eds.), “Governance, corruption, and economic performance”,
International Monetary Fund, Washington DC, PP. 156–169.
60
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
Sala-i-Martinو ،)2003( Subramanianو ،)2005( Isham et al.الذين استخدموا سلطة القانون "rule of
،"lawوالعديد من المؤشرات البديلة ذات الصلة ،كمقياس لجودة المؤسسات والسياسات ،ليبينوا أنه عند
مستوى معين من الجودة المؤسساتية ،ال تمارس وفرة الموارد أي تأثير سلبي مباشر على النمو ،وانما تؤثر
هذه الوفرة سلبيا على النمو االقتصادي بشكل غير مباشر من خالل الجودة المؤسساتية ،وذلك فقط لما تكون
تُعرف الموارد متركزة جغرافيا ) ،(geographically concentratedكما هو عليه الحال بالنسبة للنفط ،حي
هذه التجمعات للموارد بـ "نقاط الموارد" ) .(Resource Pointsبعبارة أخرى ،تفسر هذه الدراسات "لعنة الموارد"
من خالل األثر السلبي للتركز الجغرافي لهذه الموارد على نوعية وجودة المؤسسات.1
أما فيما يتعلق بالجانب الثاني ،فقد تم تسجيل توافق واجماع متزايد بشأن أهمية المؤسسات في تفسير
تم التأكيد على أهمية المؤسسات والسياسات االقتصادية في توجيه النمو االقتصادي من لعنة الموارد ،حي
خالل عدد كبير من الدراسات التجريبية ،على نحو ما أكده منشور صدر عن البنك العالمي عام 2005
( Hartfordو ،))2005( Kleinإضافة إلى دراسات أخرى ،على غرار Mehlum ،)2005( Acemoglu et al.
.)2006a,b( et al.
على سبيل المثال )2007( Boschini et al. ،)2006 a,b( Mehlum et al. ،يشيرون أن وفرة الموارد بشكل
عام ال تفيد النمو االقتصادي ،إال إذا كانت نوعية وجودة اإلطار المؤسسي للبلد مرتفعة ،بما يكفي للحد من
عن الري الذي تنتهجه الجهات الفاعلة في المجال السياسي واالقتصادي ،وكذا مواجهة سلوك السعي والبح
ومكافحة الفساد ،باعتبار هذه العوامل األخيرة أهم محددات اآلثار السلبية لوفرة الموارد .مما يعني أن
المؤسسات األفضل يمكنها تجنب لعنة الموارد ،إذ أن الموارد الطبيعية تدف بالدخل اإلجمالي إلى أسفل،
عندما تكون المؤسسات عرضة لتأثير األنشطة غير المنتجة ) ،(grabber friendlyبينما تؤدي كثرة الموارد
إلى زيادة الدخل عندما تنتهج المؤسسات سلوك إنتاجي ).2(producer friendly
من ناحية أخرى ،يؤكد ،)2007( Humphreys et al.على ضرورة استخدام السياسات االقتصادية لتقييد
1لتفاصيل أوفر ،أنظر- Sala-i-Martin. X., and A. Subramanian. (2003), "Addressing the Natural Resource Curse: An :
Illustration from Nigeria", NBER Working Paper Series, No. 9804, Cambridge, Ma.
- Isham. J., Woodcock. M., Pritchett. L., and G. Busby. (2005), "The Varieties of Resource Experience: Natural
Resource Export Structures and the Political Economy of Economic Growth", World Bank Economic Review, Vol.
19, No. 2, PP. 141-174.
2إضافة إلى ذلك أكد الباحثين على إمكانية تأثير الموارد الطبيعية على جودة المؤسسات .للتفاصيل أنظر- Mehlum. H., Moene. K., and R. :
Torvik. (2006a), "Cursed by Resources or Institutions?", The World Economy, Vol. 29, No. 8, PP. 1117-1131.
- Mehlum. H., Moene. K., and R. Torvik. (2006b), "Institutions and the Resource Curse", Economic Journal, Vol.
116, No. 508, PP. 1-20.; - Boschini. A.D., Pettersson. J., and J. Roine. (2007), "Resource Curse or Not: a Question
of Appropriability", Scandinavian Journal of Economics, Vol. 109, No. 3, PP. 593-617.
61
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
خيارات الجهات الفاعلة من األطراف العمومية والخاصة ،والتي قد تعمل على محاصرة أهداف الرفاهية
االجتماعية في البلدان المنتجة للنفط ،خاصة لدى البلدان التي تتميز بإطار مؤسساتي ضعيف ،وال يتمت
بالقوة الالزمة .1وفي هذا السياق ،ركزت عديد الدراسات بشكل أكثر تحديدا على تحديات السياسة المالية في
التعامل م التقلبات العالية في عائدات الموارد الطبيعية ،على غرار دراسات ،)2003 ،2001( Davis et al
Atkinsonو Bleaney ،)2003( Hamiltonو.)2009( Halland
على سبيل المثالَّ )2001( Davis et al ،بين أهمية صناديق االستقرار ) (stabilisation fundsالخاصة
بالموارد الناضبة ،لمواجهة التحديات التي تفرضها الطبيعة المتقلبة ،والاليقين الذي يميز أسعار-وبالتالي
إلى التجربة النرويجية ،التي تمثل –حسبه -مثاال جيدا لإلدارة العامة إيرادات -هذه الموارد؛ وأشار الباح
الجيدة إليرادات الموارد النفطية ،من خالل االحتفاظ بجزء من هذه اإليرادات وتوزيعها بين األجيال .2في حين
قدم Atkinsonو ،)2003( Hamiltonأدلة على أن اللعنة ،قد تكون مظه ار من مظاهر عدم قدرة الحكومات
على إدارة اإليرادات الضخمة للموارد بشكل دائم ،ومستدام .3أما Van der Ploegو )2008( Arezkiفقدما أدلة
تجريبية ،على أن لعنة الموارد الطبيعية تكون أشد وقعا على األداء االقتصادي ،بالنسبة للبدان التي تتميز
بانخفاض درجة انفتاحها التجاري ،كما أشار الباحثان أن السياسات التجارية السيئة ،ترتبط ارتباطا وثيقا
بالسياسات المالية السيئة.4
دراسات أخرى ،على غرار دراسات Auty ،)1988( Gelbو ،)2001( Gelbتشير أن دورية اإلنفاق
الحكومي ) ،(Pro-cyclical government expendituresتعد من بين العوامل االقتصادية الهامة المقترحة
لتفسير األداء االقتصادي الهزيل ،والنمو االقتصادي الضعيف ،لدى العديد من االقتصاديات التي ترتكز على
النفط .وفي ذات الصدد ،يعتبر ،)2003( Laneو Bleanyو ،)2009( Hallandأن شدة تقلب اإليرادات العامة
–مثلما هو عليه الحال بالنسبة للعائدات النفطية في البلدان المصدرة للنفط -وبالتالي دورية اإلنفاق الحكومي،
تمثل آلية مهمة من آليات وميكانيزمات انتقال آثار "لعنة الموارد".5
1أنظر- Humphreys. M., J. Sachs., and J. Stiglitz. (2007), "Escaping the Resource Curse", Columbia University :
Press, New York.
2أنظر- Davis. J.M., Ossowski. R.J., Daniel. J.A., and S.A. Barnett. (2001), "Stabilization and Savings Funds for :
Non-renewable Resources: Experience and Fiscal Policy Implications", IMF Occasional Paper No. 205, Washington
DC.
3أنظر- Atkinson. G., and K. Hamilton. (2003), "Savings, Growth and the Resource Curse Hypothesis", World :
Development, Vol. 31, No. 11, PP. 1793–1807.
- Van der Ploeg. R. and R. Arezki. (2008). 4أنظر:
5تفاصيل أكثر ،ضمن- Lane. P. (2003).; - Bleany. M., and H. Halland. (2009), "The Resource Curse and Fiscal Policy :
Volatility", CREDIT Research Paper, No. 09/09, university of Nottingham.
62
عدم استقرار أسعار النفط :نظرة على األسباب ،وقراءة في التداعيات والنتائج الفصل األول
خالصة الفصل:
اكتسى النفط أهمية بالغة عبر التاريخ ،فاقت أهمية أي سلعة عادية أخرى ،وذلك على أكثر من صعيد،
واكتسب قوة خاصة بوصفه سلعة استراتيجية ومادة حيوية ،ذات تأثير واس وسري في التحول العالمي
اشتد اإلقبال عليه م زحف موجة االختراعات العلمية ،وتطور التكنلوجيا الحديثة ،بعد أن للطاقة .حي
أُدركت أهميته كمصدر فريد للطاقة ،في ظل ما يتمت به من مزايا وضعته في مركز الصدارة .ليصبح بذلك
اكتشاف احتياطات النفط والسيطرة عليها مصد ار لثروات اقتصادية هائلة وقوة سياسية ضخمة ،ضمن وض
شكل محور صراع استراتيجي بين مختلف أطراف الصناعة النفطية ،ألقى بظالله على تطورات سوق النفط
العالمية ،وعلى وضعية األسعار داخل هذه السوق ،والتي لطالما كان التقلب والالإستقرار سمتها األساسية.
هذه المكانة التي حظي بها النفط ،والتي تعكس أهميته البالغة في ضمان استم اررية اإلمدادات الطاقوية
العالمية المطلوبة ،نصَّبته كأحد أهم العوامل المحددة التجاهات األداء االقتصادي الكلي لمختلف اقتصاديات
العالم (خاصة منها اقتصاديات البلدان المصدرة للنفط) ،وجعلت تقديم تحاليل نظرية وتجريبية معقولة للعوامل
المسؤولة عن تقلبات أسعاره ،وتوفير تفسيرات وأدلة تجريبية ُمقنعة للعالقة بين حركات هذه األسعار واألداء
االقتصادي الكلي ،يشكل محور تركيز واهتمام الخبراء والباحثين على مدى العقود الزمنية األخيرة ،وذلك بعد
أن أسفرت الدراسات النظرية األولية عن ترابط كبير بين واق هذه األسعار وتقلبات الدورة االقتصادية.
ضمن هذا اإلطار جاء الفصل الحالي ليتناول موضوع تقلب وعدم استقرار أسعار النفط من جوانب عدة،
األول المسار التاريخي لتطورات استعرضنا في المبح تعلقت أساسا باألسباب ،التداعيات ،والنتائج .حي
أسعار النفط في السوق العالمية ،م التركيز على التحليل والشرح النظري للعوامل األساسية المحددة لتقلبات
هذه األسعار ،والذي جاء مدعما باألدلة واإلثباتات التجريبية المتوفرة في هذا الشأن .لنخوض بعدها -من
الثاني -في األسس واآلليات النظرية والدالئل التجريبية بشأن اآلثار االقتصادية الكلية لتقلبات خالل المبح
أسعار النفط ،وميكانيزمات وقنوات انتقال هذه اآلثار إلى المتغيرات االقتصادية الكلية األساسية .قبل أن نعمد
الثال -إلى تحليل سلوك اقتصاديات البلدان المصدرة للنفط والتحديات التي تواجها في –من خالل المبح
ظل وفرة النفط وتقلبات أسعاره ،ضمن نقاش مفصل لمفهوم وأبعاد أطروحة "لعنة الموارد" و"مفارقة الوفرة"،
التي تتعلق أساسا باألداء االقتصادي الهزيل القتصاديات البلدان الغنية بالموارد (على غرار البلدان النفطية)،
مقارنة بنظيرتها التي ال تتوفر على القدر اليسير منها ،م التركيز على تقديم الدعائم النظرية والتجريبية ألهم
المقاربات األساسية المقترحة لتفسير هذه األطروحة ،ودور تقلبات أسعار الموارد ضمن هذه المقاربات.
63
الفصل الثاني:
السياسة المالية بين
النظرية والتطبيق
وخصوصية
االقتصاديات النفطية
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تمهيد:
لقد أدى توالي االختالالت واألزمات االقتصادية التي واجهها النظام الرأسمالي منذ أواخر القرن التاسع
عشر وبدايات القرن العشرين ،إلى التخلي التدريجي للدولة عن حيادها ،واتجاهها شيئا فشيئا نحو التدخل في
الحياة االقتصادية للمجتمع ،بقصد تحقيق مجموعة األهداف التي فشلت قوانين السوق في بلوغها .وضمن
هذا اإلطار ،يمكن القول أنه بعد ظهور وبلورة النظرية االقتصادية الكلية على يد المدرسة الكينزية
والنيوكينزية وما بعدهما ،أصبحت الحاجة إلى السياسات االقتصادية الكلية ضرورة تفرضها حقيقة مسلم بها،
تُقر وتفيد بعدم وجود اقتصاد معاصر ،بإمكانه تحقيق األهداف االقتصادية المرجوة للمجتمع بشكل تلقائي،
وبالمستوى المطلوب من الكفاءة ،دون وجود سياسة اقتصادية كلية تسعى إلى تحقيق هذه األهداف.
في هذا الصدد ،تعد السياسة المالية إحدى أهم السياسات االقتصادية التي تستخدمها الدولة لتحقيق
األهداف االقتصادية المنشودة .وقد حظيت هذه السياسة باهتمام الباحثين االقتصاديين وصانعي القرار في
مختلف دول العالم ،على اختالف مذاهبها ودرجة تقدمها االقتصادي ،خصوصا منذ أزمة الكساد العظيم التي
شهدها العالم في ثالثينات القرن الماضي ،وتزايد دور الدولة في االقتصاد ،حيث أصبحت السياسة المالية
ممثلة بأدواتها ،أداة أساسية لتوجيه سلوك المتغيرات االقتصادية الكلية ،بما يكفل تحقيق األهداف االقتصادية
العامة .وتتصرف أغلب دول العالم فيما يتعلق بتحديد اتجاهات السياسة المالية وفقا لظروفها واحتياجاتها
الخاصة ،في حين تتوقف حدود المرونة بشأن ق اررات هذه السياسة على مراحل النمو ،مدى كفاية الموارد
المتوفرة ،وجدوى األهداف المسطرة .وفي هذا الصدد ،يمكن أن تؤدي السياسة المالية في الدول النفطية دو ار
رئيسيا بتحويل جزء من الريع المتحقق في قطاع النفط لصالح قطاعات استراتيجية أخرى؛ األمر الذي من
شأنه العمل على تعزيز الروابط بين مختلف مجاالت النشاط القائمة ،ودعم نشوء وتنمية قطاعات اقتصادية
ج ديدة تساعد على تعزيز المزايا التنافسية ،وتخفيف االتجاه نحو اإلفراط في االعتماد على الصادرات
النفطية ،غير أنها تصدم –من جهة أخرى -بعدة تحديات ناتجة أساسا عن تبعيتها للعائدات النفطية المتقلبة.
نسعى من خالل هذا الفصل إلى توضيح مختلف الجوانب ذات الصلة بالسياسة المالية بشكل عام،
والسياسة المالية في البلدان المنتجة للنفط بشكل خاص ،بداية بعرض أهم المبادئ النظرية واألسس الفكرية
للسياسة المالية ضمن المبحث األول؛ ثم الخوض في حيثيات اإلطار النظري والتجريبي لها ضمن المبحث
الثاني؛ قبل أن يأتي المبحث الثالث متضمنا أهم الخصائص المميزة للسياسة المالية في البلدان المنتجة للنفط
واألدوار المنوطة بها في هذه البلدان ،وكذا التحديات الرئيسية الناجمة عن التبعية للعائدات النفطية المتقلبة.
65
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تعتبر السياسة المالية عنص ار رئيسيا وأداة هامة من أدوات السياسة االقتصادية الكلية ،كما تحتل مكانة
محورية ضمن مجموع السياسات المكونة لها ،بالنظر لما تمتع به من أدوات فريدة ومتنوعة ،من شأنها
المساعدة على بلوغ األهداف المتعددة لالقتصاد .أما تاريخيا ،فقد مرت السياسة المالية بعدة تطورات ،اتساقا
مع طبيعة الفكر االقتصادي السائد في كل حقبة زمنية ،منتقلة بموجب هذه التطورات من طور الحياد ،إلى
طور ضرورة تدخل الدولة في الحياة االقتصادية -بغية إصالح االختالالت ومعالجة األزمات -بعد الرواج
الكبير الذي القته الطروحات الكينزية التي أعقبت األزمة االقتصادية التي شهدها العام .1929
يعكس مفهوم السياسة المالية تطلعات وأهداف المجتمع الذي تعمل فيه ،وبصفة عامة تتمثل هذه السياسة
في مجموعة من اإلجراءات والتدابير المتخذة من طرف الحكومة ،والتي تسعى من خاللها إلى تحقيق أهداف
اقتصادية محددة ،مستخدمة وسائل وأدوات متنوعة.
لم يكن هناك اتفاق على تعريف محدد للسياسة المالية ،بالنظر إلى كون هذه السياسة بمثابة المرآة
العاكسة لدور الدولة في النشاط االقتصادي وتدخلها في الحياة االقتصادية ،إذ ارتبط مفهوم السياسة المالية
واقترن بمبدأ حرية الدولة في رسم سياستها المالية وفق مجموعة األهداف الداخلية التي تسعى لتحقيقها ،والتي
تختلف من دولة إلى أخرى تبعا الختالف طبيعة النظام االقتصادي السائد ودرجة تطوره.
من حيث المعنى األصلي ،كان مصطلح "السياسة المالية" يرادف كل من "المالية العامة" و"ميزانية
الدولة"؛ إذ يرد ُكتّاب المالية العامة لفظ "السياسة المالية" إلى المصطلح الالتيني " ،"Fiscالذي ُيقصد به بيت
المال أو الخزانة .غير أن هذا المعنى لم يعد يتسع الستيعاب الوظائف والمهام الجديدة التي أنيطت بالدولة،
والتي أصبحت تؤديها هذه األخيرة في المجاالت االقتصادية ،بعد التطور الذي ط أر على دورها االقتصادي.1
يمكن تعريف السياسة المالية على أنها "مجموعة من القواعد ،واألساليب ،والوسائل ،واإلجراءات والتدابير
التي تتخذها الدولة إلدارة النشاط االقتصادي المالي لها بأكبر كفاءة ممكنة ،لتحقيق مجموعة من األهداف
االقتصادية (واالجتماعية والسياسية) خالل فترة معينة" .ومعنى ذلك أنه ُيقصد بالسياسة المالية "الطريق الذي
1الطوابي محمد حلمي" ،) 2007( .أثر السياسات المالية الشرعية في تحقيق التوازن المالي العام في الدولة الحديثة" ،ط ،01 .دار الفكر الجامعي،
االسكندرية ،ص.08 .؛ -حشيش عادل أحمد" ،)1992( .أساسيات المالية العامة :مدخل لدراسة أصول الفن المالي لالقتصاد العام" ،دار النهضة العربية
للنشر والتوزيع ،القاهرة ،ص.44 .
66
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تنتهجه الحكومة في تخطيط اإلنفاق العام وتدبير وسائل تمويله ،كما يظهر في الموازنة العامة للدولة" .وقد
تطور هذا المفهوم بتطور الدور الذي تلعبه الدولة في النشاط االقتصادي ،ولكنه لم يخرج عن كونه "استخدام
الحكومة لإليرادات العامة واإلنفاق الحكومي أو العام ،لتحقيق عدد من األهداف االقتصادية ،واالجتماعية،
والمالية -خالل فترة زمنية معينة -ملخصة في تحقيق االستقرار االقتصادي ،التنمية ،العدالة في التوزيع،
توجيه النشاط االقتصادي ،وعالج التضخم والكساد (االنكماش)".1
غير ذلك وعلى سبيل المثال ،يعرف )1973( Philipالسياسة المالية على أنها "تلك السياسات واإلجراءات
المدروسة ،والمتعلقة بمستوى ونمط اإلنفاق الذي تؤديه الحكومة من جهة ،وبمستوى وهيكل اإليرادات التي
تحصل عليها من جهة أخرى" .2بينما يعرفها ،)1982( Shapiroعلى أنها "تلك التصرفات المختلفة للحكومة
في النفقات والضرائب" .3كما يعرفها ،)1998( Landaisعلى أنها "مجموع اإلجراءات التي تندرج ضمن إطار
الوظيفة المالية للدولة ،والتي تختص باإلنفاق واقتطاع اإليرادات ،واالقتراض وتسيير الدين العام ،بهدف
التأثير على الحياة االقتصادية" .4في حين ينظر إليها Williamو ،)2000( Blinderعلى أنها "خطة حكومية
5
لإلنفاق ،وفرض الضرائب بهدف توجيه الطلب الكلي لالتجاه المرغوب فيه" .أما HortonوEl-ganainy
( ، )2009فيؤكدان على أن السياسة المالية تمثل "وسيلة الحكومة لتجنب األزمات المالية وتحقيق النمو
االقتصادي ،من خالل استخدام اإلنفاق الحكومي والضرائب".6
بناء على ما تقدم من تعاريف ،يمكن القول –بشكل عام -أن السياسة المالية هي دراسة تحليلية للنشاط
المالي للدولة أو الحكومة (االقتصاد العام) ،والذي تستعين فيه األخيرة باألدوات المالية كالنفقات العامة،
والضرائب ،والقروض العامة ،للتأثير على كافة جوانب الحياة االقتصادية واالجتماعية ،بقصد تحقيق أهداف
معينة ،يأتي في مقدمتها هدف النهوض باالقتصاد واشاعة االستقرار في مختلف قطاعاته ،دفع عجلة
التنمية ،تحقيق التوازن االقتصادي واالجتماعي وتوفير إمكانيات النمو المستقر لالقتصاد ،وتحقيق العدالة
االجتماعية بإتاحة الفرص المتكافئة وتقليل التفاوت في توزيع المداخيل.
1عبد المطلب عبد الحميد (" ،)2003سلسلة الدراسات االقتصادية :السياسات االقتصادية على مستوى االقتصاد القومي (تحليل كلي)" ،ط،01 .
مجموعة النيل العربية ،القاهرة ،ص.43 .
2
Philip. A.K. (1973), "The Management of Market, Oriented Economies: A Comparative Perspective", Wadsworth
Publishing Company, California, P. 176.
3
Shapiro. E. (1982), "Macroeconomic Analysis", Harcourt Brace Jovanovich INC, 5th edition, USA, P. 66.
4
Landais. B. (1998), "Leçons de Politique Budgétaire", De Boeck Université, Belgique, P. 9.
5
William. J., and A. Blinder. (2000), "Macroeconomics Principles and Policy", The Dryden press, 8th edition, USA,
P. 102.
6
Horton. M., and A. El-ganiny. (2009), "Back to basics: What is fiscal policy?", finance and development, Vol. 46,
No. 2, June, PP. 52-53.
67
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تهدف السياسة االقتصادية الكلية بشكل عام إلى إحداث تغييرات في القيم المستهدفة لبعض المتغيرات
االقتصادية الكلية ،من خالل قواعد السياسة االقتصادية التي تمثل استجابة أدوات هذه السياسة -ومن بينها
السياسة المالية -النحرافات المتغيرات االقتصادية الكلية األساسية عن مستوياتها المثلى ،وذلك بقصد تحقيق
األهداف النهائية للسياسة االقتصادية ،سواء تعلق األمر بتشجيع النمو والتنمية االقتصادية ،تحقيق االستقرار
االقتصادي ،تخصيص الموارد ،أو العدالة في توزيع الدخل .1وباعتبارها إحدى أهم أدوات السياسة
االقتصادية الكلية ،تسعى السياسة المالية -باستخدام وسائل وأدوات خاصة -إلى تحقيق مجموعة محددة من
األهداف االقتصادية ،للوصول في نهاية المطاف إلى تحقيق الكفاءة االقتصادية ،فيما يلي نذكر أهمها.
يتطلب تحقيق االستقرار االقتصادي ،بلوغ أربعة أهداف أساسية ،ممثلة في تحقيق معدالت نمو اقتصادي
مقبولة ،بلوغ مستوى التشغيل الكامل للموارد االقتصادية والحفاظ عليه ،التحكم في معدالت التضخم وتجنب
التغيرات الكبيرة في المستوى العام لألسعار ،إضافة إلى االستقرار في سعر صرف العملة المحلية والمحافظة
على التوازن الخارجي .وهي األهداف التي تبدو مترابطة ومتداخلة ،فبدون التشغيل الكامل ال يمكن بلوغ
مستوى الناتج الكامن لالقتصاد ) ،(Potential outputفي حين تؤدي تقلبات األسعار إلى سيادة حالة الشك
والاليقين ،مؤدية بذلك إلى تعطيل وعرقلة مسار النمو االقتصادي.2
تسعى الحكومة باالعتماد على سياستها االقتصادية إلى تحقيق وبلوغ االستقرار االقتصادي الذي يعد
شرطا ضروريا للتنمية االقتصادية ،وفي هذا الصدد تلعب السياسة المالية دو ار ال يقل أهمية عن دور باقي
السياسات االقتصادية .فالسياسة المالية تمثل أداة أساسية للوصول إلى االستقرار االقتصادي واستدامته ،من
خالل قدرتها على التحكم في مستويات الطلب الكلي ،وبالتالي ضبط معدالت التضخم من جهة ،ومستويات
التشغيل والبطالة من جهة أخرى ،وذلك بفضل أدوات السياسة الضريبية وسياسة اإلنفاق العام.3
عرف التنمية االقتصادية على أنها "العملية التي يرتفع بموجبها الدخل الوطني الحقيقي خالل فترة ممتدة
تُ ّ
1محمد هاني قنديل هند" ،) 2009( .السياسات االقتصادية الكلية والنمو االقتصادي في الصين" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية التجارة وإدارة
األعمال ،جامعة حلوان ،القاهرة ،مصر ،ص.01 .
2جوارتيني جيمس" ،) 1999( .االقتصاد الكلي :االختيار العام والخاص" ،ترجمة حمدي عبد الفتاح عبد الرحمن ،دار المريخ ،السعودية ،ص.195 .
3القاضي عبد الحميد محمد" ،)1986( .مبادئ المالية العامة" ،دار الجامعات المصرية ،اإلسكندرية ،ص.235 .
68
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
من الزمن" ،1أو "هي العملية التي من خاللها تتحقق زيادة في متوسط نصيب الفرد من الدخل الحقيقي ،والتي
تتم من خالل تغيرات هيكل اإلنتاج ،ونوعية السلع والخدمات المنتجة ،إضافة إلى إحداث تغييرات في هيكل
توزيع الدخل لصالح الفئات محدودة الدخل".2
تلعب السياسة المالية دو ار إيجابيا في خلق التنمية االقتصادية ،من خالل عملها على تعبئة الموارد
المالية لتمويل االستثمارات التنموية وزيادة مستوى النشاط االقتصادي للمجتمع ،3باستخدام السياسة الضريبية،
وكذا اإلنفاق العام الذي يساهم في تمويل التنمية االقتصادية واالجتماعية ،حيث مثلت هذه الوظيفة المالية
التقليدية الدور ألساسي للدولة المتدخلة ،وكانت أساس برامج األعمال الكبرى المنفذة خالل القرن التاسع
عشر في أوروبا الغربية ،كما شهدت هذه الوظيفة طفرة كبيرة خالل القرن العشرين من خالل النمو الهائل
للنفقات االستثمارية والتحويلية ،وكذا النفقات الخدمية الموجهة لتحسين البنية االقتصادية واالجتماعية.4
يتوفر كل مجتمع على حجم معين من الموارد المتنوعة (البشرية ،الطبيعية ،وموارد رأس المال) ،التي لبد
من تخصيصها وتوزيعها بكفاءة ،بين مختلف أوجه اإلنتاج (للسلع والخدمات) ،لتلبية األغراض والحاجات
المختلفة ،وتحقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية ألفراد المجتمع .وتتلخص مشكلة تخصيص الموارد في
االختيار بين العديد من أوجه التفضيل ،التي تتضمن التفضيل بين القطاع العام والقطاع الخاص ،االختيار
بين تفضيل إنتاج السلع اإلنتاجية والسلع اإلستهالكية ،التفضيل بين االستهالك العام والخاص ،والتفضيل
بين الخدمات العامة والخاصة ،وكل ذلك من أجل إشباع الحاجات التي تنال تفضيل أفراد المجتمع.5
بناء على إمكانية عجز جهاز السوق -في بعض األحيان -عن التخصيص األمثل للموارد ،تتدخل الدولة
مستخدمة أدوات سياستها المالية (الضرائب ،اإلنفاق العام ،القروض العامة) ،مستهدفة تحقيق الكفاءة
االقتصادية بإعادة توجيه وتخصيص الموارد ،والعمل على حسن توجيه هذه عملية للوصول إلى التخصيص
األنسب ،والذي يكفل تحقيق مختلف األهداف االقتصادية االجتماعية المسطرة.6
1فليح حسن خلف" ،)2006( .التنمية والتخطيط االقتصادي" ،ط ،01 .عالم الكتاب الحديث للنشر والتوزيع ،عمان-األردن ،ص.177 .
2أحمد مجذوب أحمد علي" ،) 2003( .السياسة المالية في االقتصاد اإلسالمي :دراسة مقابلة مع االقتصاد الرأسمالي" ،ط ،02 .هيئة األعمال الفكرية،
السودان ،ص.89 .
3الحاج طارق محمد" ،)2012( .المالية العامة" ،ط ،01 .دار صفاء للنشر والتوزيع ،عمان-األردن ،ص.206 .
4ضيف أحمد" ،)2015( .أثر السياسة المالية على النمو االقتصادي المستديم في الجزائر ( ،")2012-1989أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم
االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،3الجزائر ،ص ص.77-76 .
5دراوسي مسعود" ،)2006( .السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي :حالة الجزائر ( ،")2004-1990أطروحة دكتواره غير منشورة،
كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،الجزائر ،ص ص.84-83 .
- 6أحمد مجذوب أحمد علي ،)2003( .ص ص.101-91 .
-أبو السعود محمود فوزي" ،)2010( .مقدمة في االقتصاد الكلي" ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،ص.182 .
69
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تهدف السياسة المالية إلى توزيع أمثل للدخل من خالل عملية إعادة توزيعه ،إذ يعد الهدف األخير من
أهم أهداف السياسة المالية ،لما في ذلك من تقليل للتفاوت في توزيع الدخول والثروات بين األفراد ،الناتج عن
عدم عدالة توزيع عوائد ومكافآت عوامل اإلنتاج في مرحلة التوزيع األولي (باعتبار أن توزيع الدخل في هذه
المرحلة يتم وفق ملكية عوامل اإلنتاج) ،وتقريب لطبقات المجتمع ،مع ما يتبعه من عدالة اجتماعية.1
وتمثل السياسة الضريبية ،وسياسة اإلنفاق العام ،أهم أدوات السياسة المالية المستخدمة في إعادة توزيع
الدخل ،وقد اقترح االقتصادي األلماني " "Adolphe Wagnerعلى الحكومات االنخراط في عملية إعادة توزيع
الدخل من خالل أنشطتها المتعلقة بالموازنة العامة ،إذ يرى الباحث في هذا الصدد أن الضريبة والى جانب
دورها الكالسيكي ،تمثل عامال منظِّما لتوزيع الدخل الوطني والثروة .2كما يمكن للدولة أن تتدخل بشكل
مباشر من خالل أداة اإلنفاق العام بتقديم منح واعانات في مختلف المجاالت لصالح الفئات محدودة الدخل.3
من خالل العرض السابق يتجلى بوضوح أن السياسة المالية ألية دولة ،ما هي إال برنامج مخطط ومنفذ
من طرف الحكومة ،يقوم على استخدام مصادر اإليرادات وبرامج اإلنفاق العام من خالل الميزانية العامة
للدولة ،إلحداث آثار مستهدفة وتجنب آثار غير مرغوبة على مختلف متغيرات النشاط االقتصادي ،من أجل
بلوغ األهداف العامة للسياسة االقتصادية .كما تتفق أدبيات المالية العامة على أن السياسة المالية تقوم على
استخدام ثالث أدوات ،ممثلة في سياسة اإلنفاق العام ،سياسة اإليرادات العامة ،وسياسة العجز الموازني.
تعد سياسة اإلنفاق العام ركنا أساسيا من أركان السياسة المالية في أية دولة ،وتتضمن السياسة اإلنفاقية
بناء على أسس موضوعية وعادلة ورشيدة،
العامة وضع البرامج ،وتحديد المخصصات المالية ،وتوزيعها ً
تشمل التوزيع الجغرافي ،والتوزيع بين القطاعات وبين الوظائف واألجهزة الحكومية ،وبين اإلنفاق الجاري
والرأسمالي االستثماري واالستهالكي ،وغير ذلك من األسس المدروسة.4
1عبد المنعم فوزي" ،) 1971( .المالية العامة والسياسة المالية" ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بيروت ،ص ص.37-35 .
2
Tanzi. V. (2004), "Fiscal Policy When Theory Collides With Reality", Paper Presented at the Congress of the
International Institute of Public Finance, Bocconi university, Milan, August 25, P. 02.
3ضيف أحمد ،)2015( .ص.77 .
4عواملة نائل عبد الحافظ" ،)1996( .تحليل سياسة اإلنفاق العام في األردن خالل السنوات المالية ( ،")1993-1984مجلة جامعة الملك سعود ،مج،8 .
العلوم اإلدارية ( ،)1الرياض ،ص ص.81-51 .
70
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
يعرف علماء المالية "النفقة العامة" ) (Public Expenditureعلى أنها "مبلغ نقدي يقوم بإنفاقه شخص
عام بقصد إشباع حاجة من الحاجات العامة" .1أو على أنها "مبلغ نقدي يخرج من الذمة المالية للدولة أو
أحد تنظيماتها بقصد تحقيق حاجة عامة" .2ويبدو من خالل هذه التعاريف أن النفقة العامة تقوم على ثالثة
أركان أساسية تتضمن ،الصفة النقدية للنفقة العامة ،صدور النفقة العامة عن جهة أو شخص عام (الدولة أو
إحدى هيئاتها) ،كما أن الغرض والهدف الذي تنشده النفقة العامة يذهب إلى تحقيق نفع عام أو حاجة عامة.
بالبحث في تركيبة ومضمون وطبيعة النفقات العامة ،نجد أن تطور دور الدولة ومهامها وتزايد مظاهر
تدخلها في الحياة االقتصادية واالجتماعية قد أدى إلى تنوع هذه النفقات ،حيث وضع ُكتَّاب المالية عدة
تقسيمات لها وفق معايير متنوعة ،بما يتالءم وظروف مختلف الدول ودرجة تطورها االقتصادي واالجتماعي.
يتم التمييز بين ثالث أنواع للنفقات العامة وفق التقسيم الوظيفي لها ،والذي يجري تبعا للوظائف التي
تؤديها الدولة ،باعتبار اإلنفاق العام مقياسا لحجم دور الدولة في النشاط االقتصادي .ويميز االقتصاديين بين
ثالث وظائف أساسية للدولة متمثلة في الوظيفة اإلدارية ،الوظيفة االقتصادية ،والوظيفة االجتماعية.
تتضمن النفقات اإلدارية كافة النفقات الحكومية (الرواتب ،األجور )...الموجهة لتسيير وادارة وتشغيل
المرافق العامة ،من دفاع وأمن وعدالة والتمثيل الدبلوماسي وكل المرافق االقتصادية واإلدارية .بينما تشمل
النفقات االقتصادية كل النفقات الحكومية التي ترمي إلى تحقيق أهداف اقتصادية معينة ،كتشجيع وحدات
القطاع الخاص لزيادة اإلنتاج ،كما تشمل كل ما ينفق على الخدمات األساسية ،كالطاقة والنقل ومشاريع
البنية التحتية .أما النفقات االجتماعية فتتعلق بأهداف وأغراض زيادة مستوى الرفاه االجتماعي ،وتضم
النفقات الحومية على التعليم والصحة واإلسكان ،واإلعانات النقدية االجتماعية.3
على أساس االنتظام والتكرار الدوري ،تم تقسيم النفقات العامة إلى نوعين؛ نفقات عادية ونفقات غير
عادية .النفقات العادية هي نفقات جارية تتحقق عادةً ،ويتكرر تحققها خالل فترات دورية منتظمة ،غالبا ما
1مجدي شهاب" ،)2004( .أصول االقتصاد العام (المالية العامة)" ،دار الجامعة الجديدة ،مصر ،ص.193 .
2دراز حامد عبد المجيد" ،)2001( .مبادئ المالية العامة" ،الجزء الثاني ،الدار الجامعية ،االسكندرية ،ص.267 .
- 3عبد العزيز عثمان سعيد" ،) 2003( .مقدمة في االقتصاد العام (مالية عامة) :مدخل تحليلي معاصر" ،الدار الجامعية ،االسكندرية ،ص.460 .
-طاقة محمد ،وهدى العزاوي" ،)2007( .اقتصاديات المالية العامة" ،ط ،01 .دار الميسرة للنشر والتوزيع ،عمان-األردن ،ص.54 .
71
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تكون سنة ،دون أن يعني هذا االنتظام ثبات مقد ار النفقة ،أو تكرارها بالحجم ذاته ،ومثالها مرتبات العمال
ونفقات تحصيل الضرائب وغيرها .أما النفقات غير العادية ،فهي نفقات استثنائية ال يتكرر تحققها دوريا،
تحدث على فترات متباعدة بصورة غير منتظمة ،ومثالها النفقات االستثمارية الضخمة ،ونفقات الحروب.1
وفق المعيار االقتصادي ،الذي يتضمن طبيعة النفقات العامة على أساس المقابل وحسب تأثيرها في
الدخل واإلنتاج الوطني ،تُقسم النفقات العامة إلى قسمين؛ نفقات حقيقية ونفقات تحويلية .تنطوي النفقات
الحقيقية على النفقات العامة التي تؤدي بشكل مباشر إلى زيادة اإلنتاج الوطني ،فهي تمثل النفقات المنتجة
التي تتم بمقابل الحصول على السلع والخدمات أو رؤوس األموال اإلنتاجية ،ومثالها النفقات االستثمارية
الرأسمالية ونفقات مستلزمات المرافق العامة .بينما تمثل النفقات التحويسية تلك النفقات العامة التي ال تؤدي
مباشرة إلى زيادة الناتج الوطني ،والتي تنفقها الدولة دون الحصول على مقابل ،حيث تهدف إلى إعادة توزيع
الدخل بين المواطنين ،ومن أمثلتها نفقات اإلعانات االجتماعية والدعم الحكومي والضمان االجتماعي.2
ب .ظاهرة تزايد ونمو النفقات العامة وأهم األطروحات المفسرة لها:
لقد تغيرت النظرة إلى اإلنفاق العام بتغير اتجاه الفكر االقتصادي نحو أهمية دور الدولة التدخلي في
الحياة االقتصادية ،حيث شهد هذا اإلنفاق بذلك زيادة مطردة ومستمرة في مختلف دول العالم ،حتى أصبحت
ظاهرة اتجاهه إلى التزايد والتنوع من الظواهر المألوفة في المالية العامة (ظاهرة نمو اإلنفاق العام) ،إذ كثرت
حولها الكتابات تحليال ودراسة ألسبابها وآثارها المختلفة ،السيما في كفاءة استخدام الموارد العامة.3
بعد فشل النظرية التقليدية للنمو االقتصادي وعجزها عن تقديم التفسيرات الشافية لظاهرة تزايد النفقات
العامة ،جاءت بعض الدراسات التي خطت خطوة إيجابية في هذا المجال ،كان أهمها دراسة االقتصادي
األلماني " "A. Wagnerعام ( ،)1892الذي يعود له الفضل في صياغة قانون تزايد النفقات العامة الذي
أصبح يعرف بـ "قانون ،"Wagnerحيث قام الباحث بدراسة تطور اإلنفاق العام في الدول األوروبية خالل
القرن التاسع عشر ،ليتوصل إلى استنتاجات عديدة صاغها في صورة القانون االقتصادي الذي عرف باسمه.
- 1مجدي محمود شهاب" ،)1999( .االقتصاد المالي :نظرية مالية الدولة-السياسات المالية للنظام الرأسمالي" ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،االسكندرية،
ص.56 ،؛ -فليح حسن خلف" ،)2008( .المالية العامة" ،ط ، 01 .عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع ،األردن ،ص.125 .
2الوادي محمود حسين ،وزكريا أحمد عزام" ،)2007( .مبادئ المالية العامة" ،ط ،01 .دار المسيرة للنشر والتوزيع ،عمان ،ص ص.141-140 .
3ونيس فرج عبد العال" ،) 1996( .عجز الموازنة العامة في الكويت ومصر ،األسباب والعالج :دراسة مقارنة" ،مجلة العلوم االجتماعية ،مج ،24 .ع.
،1ربيع ،1996الكويت ،ص ص.94-51 .
72
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
يتلخص قانون " "Wagnerفي أن "تحقيق المجتمع لمعدل معين من النمو االقتصادي يؤدي إلى اتساع
نشاط الدولة ،ومن ثم زيادة اإلنفاق العام بمعدل يفوق معدل زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج الوطني"،1
مما يعني أن تطور النفقات العامة هو نتيجة طبيعية لتغير الهيكل االقتصادي واالجتماعي للدول ،بحيث
توجد عالقة طردية بين مستوى التطور االقتصادي وحجم اإلنفاق العام .وفي هذا الصدد تجدر اإلشارة إلى
أن ارتفاع معدالت النمو في النفقات العامة ال يعني بالضرورة ارتفاع جودة ونوعية الخدمات التي تؤديها
الحكومة ،فقد تعود هذه الزيادة في مجملها أو في جزء منها إلى أسباب غير حقيقية (ظاهرية) ،تؤدي إلى
زيادة اإلنفاق العام دون زيادة المنافع المترتبة عنه.2
في دراسة لهما حول تطور النفقات العامة بالنسبة إلجمالي الناتج المحلي في المملكة المتحدة خالل
الفترة ( ،)1955-1890خلُص Peacockو )1961( Wisemanإلى أن النمو االقتصادي ،ال يعد العامل الوحيد
المسؤول عن ارتفاع اإلنفاق العام ،حيث أشار الباحثين أن األزمات التاريخية على غرار الحروب ،مشاكل
اإلنتاج ،وأزمات البطالة الهيكلية ،تلعب دو ار هاما في تحديد حجم اإلنفاق العام ،الذي يزيد بوتيرة مفاجئة
وكبيرة مع زيادة النشاط الحكومي خالل هذه األزمات أين يتم إحالله محل اإلنفاق الخاص ،3ويحافظ على
ذلك المستوى المرتفع بعد انقضائها وال يرجع إلى المستوى الذي كان عليه من قبل.4
تكتسي دراسة اآلثار التي تخلفها النفقات العامة على مختلف متغيرات النشاط االقتصادي أهمية بالغة،
في ظل اإلتجاه المتزايد نحو استخدام اإلنفاق العام كأداة لتحقيق العديد من األهداف االقتصادية ،وما يطرحه
من ضرورة تحديد مختلف االستخدامات التي يتوجب توجيه هذه النفقات نحوها لتحقيق األهداف المنشودة.
تُحدث النفقات العامة آثا ار اقتصادية مباشرة على الناتج الوطني والعمالة من خالل تأثيرها في حجم الطلب
1لتفاصيل أوفر حول قانون ،Wagnerأنظر - :الخطيب خالد شحادة ،وأحمد زهير شامية" ،)2003( .أسس المالية العامة" ،ط ،01 .دار وائل للنشر
والتوزيع ،عمان ،ص ص.78-75 .؛ -لطفي علي ،ومحمد العدل" ،)1986( .اقتصاديات المالية العامة" ،مكتبة عين شمس ،القاهرة ،ص ص.29-28 .
- Musgrave. R.A., (1984), "Public finance in theory and practice", 4th edition, McGraw hill, new York, PP.133-139.
2صنف علماء المالية العامة أسباب تزايد النفقات العامة في مجموعتين ضمنها أسباب ظاهرية وأسباب حقيقية ،للتفاصيل أنظر - :الوادي محمود حسين،
وزكريا أحمد عزام ،)2007( .ص ص.134-123 .؛ -مجدي شهاب ،)2004( .ص ص.226-217 .؛ -ضيف أحمد ،)2015( .ص ص.97-96 .
3يُسمى هذا األثر بأثر اإلحالل أو اإلزاحة ) ، (displacement effectويعمل مع أثر الرقابة وأثر التركيز على تزايد اإلنفاق العام في شكل رجات
عنيفة أوتدرج ،أنظر - :علي محمد خليل ،وسليمان أحمد اللوزي" ،)1999( .المالية العامة" ،دار زهران للنشر والتوزيع ،عمان ،ص ص.126-124 .
4لتفاصيل أدق ،أنظر- Peacock. A.T., and J. Wiseman. (1961), "The Growth of Public Expenditure in the United :
Kingdom", NBER General Series, No. 72, published by Princeton University Press, Princeton, PP. 12-61.
73
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
الكلي الفعلي ،على اعتبار أن اإلنفاق العام يمثل جزءا هاما من هذا الطلب ،تزداد أهميته بازدياد مظاهر
تدخل الدولة في الحياة العامة ،وتختلف باختالف حجم النفقة ونوعها .هذا يعني أن أثر النفقة العامة على
اإلنتاج والعمالة ،يرتبط بمدى تأثير الطلب الكلي الفعلي في حجم هتين المتغيرتين ،وهو ما يتوقف بدوره على
مدى مرونة الجهاز اإلنتاجي ،ومدى قدرة األفراد على العمل واالدخار واالستثمار؛ والواقع يؤكد أن النفقات
العامة تعمل على زيادة القدرات والطاقات اإلنتاجية لالقتصاد الوطني ،من خالل النفقات االستثمارية والنفقات
االجتماعية والعسكرية ،مخلفة بذلك انعكاسا إيجابيا على الناتج والدخل الوطني ،والعمالة والنمو االقتصادي.1
يقصد باآلثار المباشرة للنفقات العامة على اإلستهالك الوطني ،تلك الزيادة في الطلب االستهالكي
الناتجة عن اإلنفاق العام ،حيث يؤثر هذا األخير على اإلستهالك بشكل مباشر من خالل نفقات اإلستهالك
الحكومي ،أو من خالل ما توزعه الدولة على األفراد في شكل أجور أو إعانات اجتماعية ،يخصص جزء
معين منها لالستهالك .وبتأثيرها على اإلستهالك ،تؤثر النفقات العامة كذلك على اإلدخار الذي ما هو إال
الجزء من الدخل الذي لم يتم استخدامه في اإلنفاق على اإلستهالك؛ حيث ينجم عن ارتفاع الجزء المخصص
من الدخل لالستهالك آثار سلبية على اإلدخار تتبعها تأثيرات سلبية على االستثمار واإلنتاج .كما من شأن
اإلنفاق العام تعزيز القدرات االدخارية لألفراد والمجتمع ،من خالل توجيهه لدعم أسعار السلع االستهالكية،
ومن شأنه تعزيز مستويات االستثمار من خالل ارتفاع حجم النفقات االستثمارية والمشاريع اإلنتاجية للدولة.2
يختلف تأثير اإلنفاق العام على المستوى العام لألسعار ،ويتوقف بصورة أساسية على األهداف التي
يرمي إليها هذا اإلنفاق .حيث ينتج عن النفقات الهادفة إلى رفع القوة الشرائية لألفراد وتشجيع اإلستهالك
(كاإلعانات اإلجتماعية ومنح العمال) ارتفاع ملحوظ في األسعار ،إذا كان االقتصاد قد بلغ وضعية التشغيل
الكامل أو كان يعاني من اختناقات عدم مرونة الجهاز اإلنتاجي ،بينما يؤدي توجيه اإلنفاق العام نحو
االستثمار إلى انخفاض نسبي في األسعار نتيجة زيادة المعروض من السلع؛ في حين تتميز النفقات الرامية
إلى تخفيض حجم الدين العام بفعالية أقل في التأثير على مستويات األسعار.3
1تفاصيل أوفر ،ضمن - :محرزي محمد عباس" ،)2005( .اقتصاديات المالية العامة :النفقات العامة -اإليرادات العامة -الميزانية العامة للدولة" ،ط.
،02ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،ص ص.124-120 .؛ -سوزي عدلي ناشد" ،)2006( .المالية العامة :النفقات العامة-اإليرادات العامة-
الميزانية العامة" ،ط ،01 .منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،ص ص.74-71 .؛ -فليح حسن خلف ،)2008( .ص ص.139-136 .
2لتفاصيل أدق ،أنظر - :فليح حسن خلف ،)2008( .ص ص.145-140 .؛ -محرزي محمد عباس ،)2005( .ص ص.125-124 .
-العبيدي سعيد علي محمد" ،)2011( .اقتصاديات المالية العامة" ،ط ،01 .دار دجلة ناشرون وموزعون ،عمان-ا ٍألدن ،ص ص.96-95 .
3تفاصيل أدق ،ضمن - :مجدي شهاب ،)2004( .ص ص.247-246 .؛ -فليح حسن خلف ،)2008( .ص ص.147-145 .
74
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
عالوة على ما سبق ،يتولد عن النفقات العامة آثار اقتصادية غير مباشرة على كل من اإلستهالك
واإلستثمار -وبالتالي على اإلنتاج الوطني -من خالل ما يعرف بـ "دورة الدخل" ،التي ترفق بـأثر المضاعف
) (Multiplier effectبالنسبة لالستهالك المولد (المحث) ،الذي يتضمن زيادات متتالية في اإلستهالك خالل
دورة الدخل الناتجة عن الزيادة األولية في اإلنفاق ،إضافة إلى أثر المعجل ) (Accelerator effectبالنسبة
لالستثمار المولد ،والذي يعني أن الزيادة األولية في اإلنفاق العام ،تكون مصحوبة بزيادات متتالية في
االستثمار –وبالتالي في اإلنتاج -خالل دورة الدخل.1
تمثل اإليرادات العامة الوسيلة واألداة التي تعتمد عليها الدولة ألداء دورها في التدخل لتحقيق اإلشباع
العام .وتعتبر اإليرادات العامة بمثابة األساس الذي يتم االستناد عليه في تمويل النفقات العامة التي تؤدي
الدولة من خاللها نشاطاتها المالية ،وذلك بما يكفل تحقق األهداف التي تسعى إلى تحقيقها عن طريق ماليتها
العامة وسياستها المالية.
يمكن تعريف اإليرادات العامة على أنها "تمثل مجموع الدخول واألموال التي تحصل عليها الدولة من
المصادر المختلفة ،سواء بصفتها السيادية ،أو من خالل أنشطتها وأمالكها الذاتية ،أو من مصادر أخرى
(سواء كانت قروضا داخلية أو خارجية ،أو مصادر تضخمية) ،وذلك من أجل تغطية اإلنفاق العام خالل
فترة زمنية معينة ،لبلوغ عدد من األهداف االقتصادية واالجتماعية والمالية" .2وقد تطورت اإليرادات العامة
مع تطور دور الدولة في الحياة االقتصادية واالجتماعية وتطور الفكر االقتصادي ،فبعد أن كانت أداة لتمويل
اإلنفاق العام في الفكر الكالسيكي ،أصبحت أداة للتوجيه االقتصادي واالجتماعي في الفكر الكينزي .وتبعا
لهذه التطورات في استخداماتها وأهدافها ،تعددت أنواعها ومصادرها ،واختلفت طبيعتها وأساليب تحصيلها.
تختلف مصادر اإليرادات العامة وتتنوع حسب طبيعة النظام االقتصادي والمالي والسياسي السائد في
دولة ،وقد حاول المفكرون في مجال المالية تقسيم اإليرادات العامة إلى أقسام متعددة ،يضم كل منها
اإليرادات المتشابهة في الخصائص ،غير أن الفكر المالي لم يتفق على تقسيم محدد لهذه اإليرادات .3لذلك
1للتفاصيل ،أنظر - :محرزي محمد عباس ،)2005( .ص ص.132-129 .؛ -العبيدي سعيد علي محمد ،)2011( .ص ص.101-98 .
2عبد المطلب عبد الحميد ،)2003( .ص.63 .
3أنظر :سوزي عدلي ناشد ،)2006( .ص ص.87-85 .
75
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
سوف نتناول أهم أنواع مصادر اإليرادات العامة دون التقيد بتقسيم معين.
تحصل الدولة على جزء من إيراداتها من غلة األموال التي تملكها ،حيث تملك الدولة أمواال منقولة على
غرار السلع التي تبيعها والخدمات التي تقدمها ،وأمواال غير منقولة كالعقارات والمناجم وآبار النفط والغابات،
وتتوقف األهمية النسبية لهذه اإليرادات على نوع النظام االقتصادي السائد وعلى درجة تطور الدور التدخلي
للدولة في االقتصاد .لقد شاع استخدام المصطلح الفرنسي "الدومين "Domaine-في األدبيات المالية للتعبير
عن أمالك الدولة ،وتقسم هذه األمالك باعتبار الدولة شخصا معنويا إلى نوعين:1
الم َّ
عدة لالستعمال العام وتحقيق النفع العام ،والتي تخضع ألحكام القانون يقصد بها ممتلكات الدولة ُ
العام؛ ومن أمثلتها الطرق ،الموانئ ،المتاحف ،السدود...إلخ .ورغم أن الدولة ال تتقاضى ثمنا مقابل استعمال
واستغالل األفراد لهذه األمالك ،إال أنها في بعض األحيان تفرض رسوما على هذا االستعمال ألغراض
تنظيمية ،كالرسوم التي تفرض على زيارة الحدائق العامة والمتاحف على سبيل المثال.2
هي األمالك التي تملكها الدولة ملكية خاصة ،والتي تخضع ألحكام القانون الخاص (شأنها في ذلك شأن
الم َّ
عدة لالستغالل التجاري بهدف تحقيق الربح ،إذ أن هذه ممتلكات األشخاص) ،وتتكون من ممتلكات الدولة ُ
األمالك تكون ُمدرة لإليرادات العامة على غرار المصانع ،الفنادق ،والعقارات .ويتكون الدومين الخاص من:3
الدومين العقاري والزراعي (الدومين التقسيدي) :يتكون من المناجم والمحاجر والثروات المعدنية (الدومين
اإلستخراجي) ،واألراضي الزراعية والغابات ،والمباني والعقارات التي تعود ملكيتها للدولة.
الدومين الصناعي والتجاري :يتكون من النشاطات والمشاريع العامة ذات الطابع الصناعي أو التجاري،
حيث تحصل الدولة مقابل قيامها بهذا النوع من النشاطات على ما يسمى بإيرادات "الثمن العام".
الدومين المالي :يعد من أحدث أنواع الدومين ،ويقصد به حق الدولة في إصدار النقود ومحفظتها من
األوراق المالية كاألسهم والسندات المملوكة للدولة.
- 1الخطيب خالد شحادة ،وأحمد زهير شامية ،)2003( .ص133 .؛ -العبيدي سعيد علي محمد ،)2011( .ص.108 .
2عصفور محمد شاكر" ،)2008( .أصول الموازنة العامة" ،ط ،01 .دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ،عمان-األردن ،ص.347 .
3أنظر - :الوادي محمود حسين ،وزكريا أحمد عزام ،)2007( .ص ص.105-102 .؛ -طاقة محمد ،وهدى العزاوي ،)2007( .ص ص.78-77 ،
-الهيتي نوزاد عبد الرحمن ،ومنجد عبد اللطيف الخشالي" ،)2006( .المدخل الحديث في اقتصاديات المالية العامة" ،ط ،01 .دار المناهج للنشر
والتوزيع ،عمان-األردن ،ص ص.87-84 .؛ -سوزي عدلي ناشد ،)2006( .ص ص.100-92.
76
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تحصل الدولة على جزء مهم من إيراداتها من خالل استخدامها لعنصر اإلجبار ،بالنظر لما تتمتع به من
سلطة على األفراد ،وحق في السيادة .وتتمثل اإليرادات السيادية في الضرائب ،الرسوم ،الغرامات واإلتاوات.
تعد الضريبة من أقدم وأهم مصادر اإليرادات العامة ،حيث شكلت خالل م ارحل طويلة أساس الدراسات
عرف الضريبة على أنها "فريضة نقدية (اقتطاع نقدي) تأخذها الدولة جب ار من الوحدات االقتصادية
المالية .وتُ َّ
(األفراد الطبيعيين والمعنويين) وفق مقدرتها التكليفية ،بصفة نهائية ومن دون مقابل مباشر ،وذلك كمساهمة
منها في التكاليف واألعباء العامة".1
تتفق جل تعاريف الضريبة -رغم اختالفها في بعض التفاصيل -حول أن الضريبة تتميز بمجموعة من
الخصائص تتضمن الصفة النقدية واإلجبارية للضريبة ،مراعاة القدرة التكليفية للمكلفين ،كما أنها فريضة
ذات أهداف ترمي إلى تحقيق النفع العام ،وان كانت تُدفع بدون مقابل مباشر وبصورة نهائية .2كما تقوم
الضريبة على مجموعة من األسس والقواعد ،تتضمن قاعدة العدالة والمساواة حسب المقدرة )(Equality Rule
من ناحية أخرى ،تم تقسيم الضريبة -وفق معايير مختلفة -إلى عدة أقسام وأصناف ،تمثل أهمها في:
الضرايب عسى األفراد والضرايب عسى األموال :وجدت الضريبة على األفراد منذ القدم ،حيث كانت تسمى
"الضريبة على الرؤوس" ،وفيها يكون الفرد –ذاته -الموجود داخل إقليم الدولة هو محل أو وعاء الضريبة
بغض النظر عن امتالكه للثروة ،لكن بعد ظهور النظام الرأسمالي أصبحت األموال (سواء كانت رأس
مال أو دخل) وحدها ما يشكل أساس فرض الضريبة.4
الضرايب عسى الدخل ،عسى رأس المال ،والضرايب عسى اإلنفاق :بالنسبة للضريبة على الدخل يتخذ
المشرع من دخل األشخاص الطبيعيين والمعنويين وعاء للضريبة ،باعتبار الدخل معيا ار مناسبا للتعبير
1خالصي رضا" ،) 2006( .النظام الجبائي الجزائري الحديث :جباية األشخاص الطبيعيين والمعنويين" ،ج ،01 .ط ،02 .دار هومة للنشر والتوزيع،
الجزائر ،ص.11 .؛ -الهيتي نوزاد عبد الرحمن ،ومنجد عبد اللطيف الخشالي ،)2006( .ص.92 .
2أنظر على سبيل المثال - :سوزي عدلي ناشد ،)2006( .ص ص.120-115 .؛ -مجدي شهاب ،)2004( .ص ص.307-303 .
3للتفاصيل ،أنظر - :يونس منصور ميالد" ،) 2004( .مبادئ المالية العامة :النفقات العامة ،اإليرادات العامة ،الميزانية العامة" ،المؤسسة الفنية للطباعة
والنشر -اتحاد مكتبات الجامعات المصرية ،مصر ،ص ص.116-115 .؛ -طاقة محمد ،وهدى العزاوي ،)2007( .ص ص.92-90 .
4للتفاصيل ،أنظر - :سوزي عدلي ناشد ،)2006( .ص ص.205-134 .؛ -الهيتي نوزاد عبد الرحمن ،ومنجد عبد اللطيف الخشالي ،)2006( .ص
ص.104-101 .؛ -العبيدي سعيد علي محمد ،)2011( .ص ص.137-131 .؛ -مجدي شهاب ،)2004( .ص ص.379-325 .
77
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
عن قدرة المكلف .بينما تمس الضرائب على رأس المال ما يملكه األفراد من عناصر الثروة ،من قيم
منقولة وغير منقولة ،أما الضرائب على اإلنفاق فتُفرض على كل نشاط إنفاقي (استهالك ،إنتاج.)...
الم َّ
وحدة تُفرض على اإليرادات التي يحصل الضرايب الموحدة والضرايب النوعية (المتعددة) :الضريبة ُ
عليها المكلف في وعاء واحد بسعر معين ،في حين تُفرض الضريبة النوعية على كل مصدر من
مصادر اإليرادات أو الدخل في وعاء على حدى ،كل بسعر معين.
الضرايب المباشرة والضرايب غير المباشرة :الضرائب المباشرة هي التي تصيب الوعاء وهو تحت يد
المكلف ،إذ أنها تُفرض على واقعة امتالك الثروة أو تولد الدخل .أما الضرائب غير المباشرة فترتبط
بوقائع استخدام األموال أو إنفاقها ،إذ أنها تفرض عند اإلنتاج أو اإلستهالك أو عند تداول وانتقال الثروة.
الضرايب العينية والضرايب الشخصية :الضريبة العينية هي التي تتخذ األموال وعاء لها ،دون أدنى
للمكلَّف بالنسبة للضريبة الشخصية.
اعتبار لظروف دافعها ،بينما تُراعى االعتبارات والظروف الخاصة ُ
المشرع
ِّ الضرايب التوزيعية والضرايب القياسية :بالنسبة للنوع األول يتعلق األمر بالضرائب التي ال يحدد
فيحدد سعرها دون حصيلتها.
سع ار محددا لها ،وانما يحدد المقدار الكلي لحصيلتها ،أما الضريبة القياسية ُ
اإليرادات من الرسوم ):(Fees
ظهر مفهوم الرسم مع ظهور الدولة وتطور مفهومها ،ويعرف على أنه "فريضة في شكل مبلغ نقدي،
يؤديها الفرد (المعنوي أو الطبيعي) جب ار للدولة أو إحدى هيئاتها ،مقابل نفع خاص يحصل عليه ،يقترن بنفع
عام يعود على المجتمع ككل"؛ ويظهر من هذا التعريف أن الرسم يقوم على أربع أركان تتضمن ،الصفة
النقدية ووصفة اإلجبار للرسم ،دفع الرسم مقابل نفع خاص أو خدمة خاصة ،إضافة إلى اقتران النفع الخاص
بالنفع العام .1فضال عن ذلك ،تتكون الرسوم من الرسوم االقتصادية (مثل رسوم المواصالت ،والرسوم
المفروضة على المصنوعات ،)...والرسوم اإلدارية (على غرار الرسوم القضائية ،ورسوم الدراسة .2)...
تتمثل اإلتاوة في اقتطاع مالي تحدده وتفرضه الدولة على بعض األفراد ُمالَّك العقارات ،الذين يستفيدون
من بعض النشاطات والمشاريع العامة التي تؤدي إلى ارتفاع قيمة عقارتهم .أما الغرامة فهي عقوبة مالية
رادعة ،تُفرض على مرتكبي المخالفات القانونية ،يكون األصل فيها توقيع الجزاء دون النظر إلى حصيلتها.3
1الجمل هشام مصطفى" ،) 2006( .دور السياسة المالية في تحقيق التنمية االجتماعية بين النظام المالي اإلسالمي والنظام المالي المعاصر :دراسة
مقارنة" ،ط ،01 .دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية ،ص.172 .
- 2العبيدي سعيد علي محمد ،)2011( .ص.116 .؛ -الخطيب خالد شحادة ،وأحمد زهير شامية ،)2003( .ص.233 .
- 3الحاج طارق محمد ،)2012( .ص.103 .؛ -الوادي محمود حسين ،وزكريا أحمد عزام ،)2007( .ص ص.100-98 .
78
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
يحدث في كثير من األحيان أن ال تسمح اإليرادات االعتيادية السابق ذكرها بتغطية النفقات العامة ،وفي
مثل هكذا ظروف استثنائية تمثل القروض العامة ) ،(Public Loansأحد مصادر اإليرادات التي تلجأ إليها
الدولة لتعويض القصور في مصادر اإليرادات األخرى وتمويل نفقاتها المتزايدة.
يمكن تعريف القرض العام على أنه "عقد دين تقترض بموجبه الدولة أو إحدى هيئاتها مبلغ من النقود من
األفراد ،أو المصارف ،أو الهيئات المحلية أو الدولية (بما فيها المؤسسات المالية الدولية) ،مع التعهد بوفاء
القرض وفوائده للدائنين وفق التاريخ المحدد للتسديد طبقا لشروط العقد" .1وقد تم تصنيف القروض العامة إلى
أنواع َّ
عدة ،وفق مجموعة مختلفة من المعايير؛ وأهم هذه األنواع هي:2
يعتبر هذا التصنيف نتاج معيار حرية االكتتاب في القرض .فرغم أن األصل في القروض العامة -وعلى
غرار كافة القروض -هو االختيار حيث تعلن الدولة عن شروطها وتدع للجمهور حرية االختيار ،إال أن هذه
األخيرة قد تخرج عن هذا األصل في حاالت معينة ،أين تضطر لعقد قروض إجبارية ممارسة سلطتها
السيادية ،حيث ال تمنح لألفراد حرية االكتتاب في القرض من عدمه ،ويجبرون عليه وفقا ألحكام القانون.
ينتج هذا التصنيف عن معيار مصدر القرض ،حيث تتمثل القروض الداخلية في القروض التي تحصل
عليها الدولة من رعاياها (أشخاص طبيعيين أو معنويين) المقيمين داخل حدود إقليمها ،بينما تتجلى القروض
الخارجية في القروض التي يكتتب فيها األشخاص (الطبيعيين والمعنويين) المقيمين خارج حدود إقليم الدولة.
وفق معيار فترة السداد أو مدة االستحقاق نميز بين؛ القروض قصيرة األجل التي ال تتجاوز فترة سدادها
السنة ،وتصدرها الدولة من أجل الوفاء باحتياجاتها المالية المؤقتة خالل السنة المالية؛ القروض متوسطة
األجل التي تستوجب التسديد بعد مدة تزيد عن السنة وال تتجاوز خمس سنوات؛ والقروض طويلة األجل التي
تستحق السداد بعد مدة تتجاوز الخمس سنوات ،حيث تستخدمها الدولة لتمويل مشاريع التنمية االقتصادية.
1عبد المطلب عبد الحميد ،)2003( .ص.73 .؛ -الخطيب خالد شحادة ،وأحمد زهير شامية ،)2003( .ص.236 .
2تفاصيل أدق ،ضمن - :العلي عادل فليح" ،)2007( .المالية العامة والتشريع المالي والضريبي" ،ط ،01.دار الحامد للنشر والتوزيع ،عمان-األردن،
ص ص.155-151 .؛ -عطوي فوزي" ،)2003( .المالية العامة :النظم الضريبية وموازنة الدولة" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،ص.132 .
-طاقة محمد ،وهدى العزاوي ،)2007( .ص ص.156-153 ،؛ -محرزي محمد عباس ،)2005( .ص ص.359-351 .
79
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
في ظل عدم كفاية مصادر اإليرادات االعتيادية في بعض األحيان ،قد تجد الدولة نفسها غير قادرة على
االستطراد في زيادة فرض الضرائب أو عقد قروض جديدة ،فتضطر للجوء إلى اإلصدار النقدي من خالل
طرح كمية جديدة من النقود للتداول ،فيما يعرف بالتمويل بالعجز ،أو التمويل التضخمي بالنظر لما يتحقق
وينجر عنه من ضغوط تضخمية .ويتمثل اإلصدار النقدي في "قيام الدولة بإصدار وخلق كمية من النقود
القانونية الجديدة خالل فترة زمنية معينة ،أو بتوسيع اإلئتمان عن طريق توليد نقود ائتمانية تمثلها نقود
الودائع ،وذلك بمعدل يتجاوز نسبة الزيادة االعتيادية في حجم المعامالت في االقتصاد الوطني خالل نفس
الفترة" ،حيث يمثل اإلصدار النقدي الجديد والتوسع في اإلئتمان المصرفي قروضا ال تستند إلى مدخرات
حقيقية .ويبقى اإلصدار النقدي الجديد يمثل أسلوب أو أداة المالذ األخير للتمويل ،إذ يتم استخدامه على
نطاق ضيق وفقط في ظل ظروف قاهرة ،بالنظر لما يمكن أن يترتب عنه من آثار سلبية على االقتصاد.1
تختلف اآلثار االقتصادية لإليرادات العامة باختالف مصادرها ،ورغم أن المجال ال يتسع للشرح المفصل
لطريقة تأثير كل مصدر من مصادر هذه اإليرادات على النشاط االقتصادي ،إال أننا سنحاول التطرق -ولو
بإيجاز -إلى آثار كل صنف من أصناف اإليرادات العامة سالفة الذكر على متغيرات النشاط االقتصادي.
تعد الضرائب من أهم مصادر اإليرادات العامة تأثي ار في النشاط االقتصادي .فالضرائب تساهم في رفع
المنتجة (برفعها من تكاليف اإلنتاج) ،كما تقتطع جزاء من دخول األفراد ،لتؤدي إلى
أسعار السلع والخدمات ُ
تقليل حجم استهالكهم وادخارهم؛ وبشكل عام تؤدي زيادة الضرائب غير المباشرة إلى انخفاض اإلستهالك
الخاص (ما من شأنه خفض األسعار) ،بينما تساهم زيادة الضرائب المباشرة في خفض اإلدخار الخاص ،في
حين يبقى األثر على اإلستهالك الكلي واإلدخار الكلي مرهونا بحجم اإلنفاق العام .أما التشغيل واإلستثمار
واإلنتاج فيتأثرون بصورة تابعة لتأثر اإلستهالك واإلدخار ،إذ يؤدي انخفاض االستهالك إلى انخفاض الطلب
المثقلة بالضرائب ،بينما يؤدي انخفاض اإلدخار إلى تراجع االستثمار ،وكل هذا من
على منتجات القطاعات ُ
شأنه العمل على خفض معدالت التشغيل واإلنتاج في القطاعات التي تفرض عليها ضرائب أعلى.2
1المزيد حول أداة اإلصدار النقدي ،ضمن - :فليح حسن خلف ،)2008( .ص ص .258-254 .؛ -سوزي عدلي ناشد ،)2006( .ص ص.272-269 .؛
-الهيتي نوزاد عبد الرحمن ،ومنجد عبد اللطيف الخشالي ،)2006( .ص ص.135-134 .
2تفاصيل أوفر ،ضمن - :فليح حسن خلف ،)2008( .ص ص .220-215 .؛ -العبيدي سعيد علي محمد ،)2011( .ص ص.163-161 .
80
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
للقروض العامة آثار واسعة على النشاط االقتصادي ،تتباين بتباين مصادر هذه القروض ،وكذا باختالف
مراحل تنفيذ القرض .يمكن أن تؤثر القروض العامة على اإلستهالك واإلدخار ومن ثم اإلستثمار ،من خالل
ما تؤدي إليه من إعادة توزيع للدخل الوطني الذي عادة ما يتم لصالح الميل لإلدخار على حساب اإلستهالك
بينما يترتب على عقد القروض العامة توسع في اإلنفاق واالستثمار العام على حساب اإلنفاق واالستثمار
الخاص ،كما أن رفع أسعار الفائدة الذي تنتهجه الدولة كوسيلة لتحفيز األفراد على االكتتاب في سندات
القروض العامة ،قد يصحبه تأثير سلبي على الميل لالستثمار الخاص الذي يتأثر بشدة ،وهو األمر الذي
سيترك آثاره دون شك على اإلنتاج والدخل الوطني .فضال عن ذلك يمكن أن تقترن القروض العامة بنوع من
الضغوط التضخمية ،من خالل مساهمتها في رفع الطلب الكلي ،أو زيادة كمية النقود المطروحة للتداول.1
يمكن للدولة استخدام ممتلكات الدومين للتأثير على هيكل النشاط االقتصادي (ويتحدد نطاق هذا التأثير
وفق طبيعة النظام االقتصادي) ،حيث يمكنها التأثير في مستويات اإلستثمار واإلنتاج الوطني ،من خالل
إمكانية تحديدها ألسعار الموارد االقتصادية االستراتيجية ،وعناصر اإلنتاج التي تمتلكها .2أما بالنسبة
لإلصدار النقدي الجديد (الناتج عن التمويل بالعجز) ،فإنه غالبا ما يأتي مصحوبا بآثار ضارة على االقتصاد
الوطني ،إذ أن طرح كميات إضافية من النقود إلى التداول دون أن يصحب ذلك زيادة في اإلنتاج -خاصة
في حالة قصور الجهاز اإلنتاجي أو كونه عند مستوى التشغيل الكامل -من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع
الضغوط التضخمية (أو ارتفاع األسعار) ،وتدهور مستمر في قيمة النقود ،نتيجة زيادة الطلب الكلي ،مع ما
يرافقه من آثار سلبية على اإلدخار الخاص ،وقيمة العملة الوطنية ،وأضرار على مستوى ميزان المدفوعات.3
تكتسي الموازنة العامة للدولة أهمية بالغة ،باعتبار أنها تمثل برنامج العمل الذي تسعى هذه األخيرة إلى
تنفيذه ،والذي يتضمن مختلف النواحي االقتصادية والمالية واالجتماعية والسياسية .كما تعد األداة التي تُ ِّ
مكن
4
الدولة من وضع تقديرات اإليرادات والنفقات العامة ،وبالتالي تقدير مقدار الفائض أو العجز في موازنتها.
1للمزيد ،أنظر - :محرزي محمد عباس ،)2005( .ص ص.372-370 .؛ -طاقة محمد ،وهدى العزاوي ،)2007( .ص ص.160-157 ،
2أنظر - :العلي عادل فليح ،)2007( .ص ص.83-79 .؛ -محرزي محمد عباس ،)2005( .ص ص.158-148 .
3تفاصيل أكثر ،ضمن - :العبيدي سعيد علي محمد ،)2011( .ص ص.179-176 .؛ -طاقة محمد ،وهدى العزاوي ،)2007( .ص ص.162-161 ،
4إبراهيم نيفين فرج إبراهيم" ،) 2015( .أثر عجز الموازنة العامة في مصر في الدين الخارجي باستخدام التكامل المشترك والسببية" ،مجلة بحوث
اقتصادية عربية-مصر ،مج ،22 .ع ،71 .ص ص.118-95 .
81
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
يعبِّر عجز الموازنة العامة للدولة بشكل عام عن الفرق بين جملة النفقات العامة وجملة اإليرادات العامة
المعتمدة لتمويلها .وقد يكون العجز غير مقصود نتيجة ضعف الدولة في تحصيلها لبعض إيراداتها ،كما قد
يكون مقصودا في شكل سياسة عمومية تهدف إلى رفع اإلنفاق العام أو خفض اإليرادات العامة فيما يعرف
بسياسة عجز الموازنة1؛ وهو مصطلح حديث اختلفت اآلراء حول مضمونه وطرق قياسه ،وآثاره وكيفية
التعامل معه؛ إذ يعد األمر استم ار ار للخالف السائد بين مختلف المدارس الفكرية االقتصادية .وفي هذا الشأن
جاء موقف المدرسة النقدية مدعما لنظرة المدرسة الكالسيكية ضد العجز المقصود (أو المتعمد) في موازنة
الدولة ،كأداة لتدخل هذه األخيرة لتحقيق االستقرار االقتصادي ،بينما عارض الفكر الكينزي منظور المدرستين
السابقتين ،محبذا السياسة التدخلية ومدافعا عن فكرة استخدام العجز الموازني كأداة لتنشيط الطلب الكلي.2
فضال عن ذلك ،يستدعي تحديد ماهية مفهوم عجز الموازنة العامة ضرورة إحصاء مختلف الطرق
والتصورات المستخدمة لقياس وتعريف هذا العجز ،والتي تضمنت "العجز الشامل"Universal Deficit-
كمفهوم تقليدي للعجز يعبر عن الفرق بين إجمالي اإلنفاق العام واجمالي اإليرادات العامة؛ "العجز الجاري-
"Curent Deficitالذي يمثل الفرق بين النفقات الجارية واإليرادات الجارية؛ "الدين العام "Public Debt-الذي
يتمثل في الفرق بين اإلنفاق الجاري وصافي امتالك األصول الرأسمالية المادية واألصول المالية من جهة و
اإليرادات الضريبية وغير الضريبية من جهة أخرى .إضافة إلى "العجز التشغيلي"Operational Deficit-
الناجم عن استبعاد الجزء من خدمة الديون الذي يعوض حاملي السندات الحكومية عن تآكل القيمة الحقيقة
للدين ،و"العجز الهيكلي "Structiral Deficit-الناتج عن الزيادة المستمرة في النفقات على اإليرادات العامة.3
يعتبر العديد من خبراء االقتصاد أن اختيار الطريقة التي يتم من خاللها تمويل العجز الموازني يعد أهم
من العجز نفسه ،وذلك باعتبار اختالف اآلثار االقتصادية التي ترافق كل نمط من أنماط التمويل .ويركز
الجزء الموالي على البدائل األساسية لتمويل العجز في الموازنة العامة للدولة ،من خالل التمييز بين مصادر
تمويل التضخمي (المصادر الوهمية) ،وأدوات التمويل غير التضخمي (المصادر الحقيقية).
1تتعلق العوامل المؤدية إلى العجز الموازني بمختلف األسباب المؤدية إلى نمو وارتفاع اإلنفاق العام ،من جهة .إضافة إلى العوامل المتعلقة بتراجع
اإليرادات العامة من جهة أخرى .تفاصيل أوفر حول الموضوع ،ضمن - :زكي رمزي" ،)2000( .انفجار العجز وعالج عجز الموازنة العامة للدولة
في ضوء المنهج االنكماشي والمنهج التنموي" ،ط ،01 .دار المدى للثقافة والنشر ،القاهرة ،ص ص.100-93 .؛ -كردودي صبرينة" ،)2007( .تمويل
عجز الموازنة العامة للدولة في االقتصاد اإلسالمي :دراسة تحليلية مقارنة" ،ط ،01 .دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر ،ص ص.144-138 .
2أنظر -:قدي عبد المجيد" ،)2005( .المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية :دراسة تحليلية تقييمية" ،ط ،02 .ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر،
ص.201 .؛ -كردودي صبرينة ،)2007( .ص ص.108-87 .
3للتفاصيل ،أنظر - :الفارس عبد الرزاق " ،)2001( .الحكومة والفقراء واإلنفاق العام :دراسة لظاهرة عجز الموازنة وآثارها االقتصادية واالجتماعية
في البلدان العربية" ،ط ،02 .مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،ص ص.121-118 .؛ -قدي عبد المجيد ،)2005( .ص ص.208-206 .
-دراز حامد عبد المجيد ،وإبراهيم أيوب سميرة" ،)2002( .مبادئ المالية العامة" ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،ص.200 .
82
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
يقصد بالتوسع النقدي خلق كمية جديدة من النقود لتمويل اإلنفاق الزائد ،من خالل شراء البنك المركزي
ألدوات الدين التي تُصدرها الدولة-بشكل مباشر أو من خالل عمليات السوق المفتوحة -فيما يسمى مجا از
"طبع النقود ،"Seigniorage-أو من خالل التوسع في اإلئتمان لدى النظام المصرفي ،عن طريق البنوك
التجارية فيما يطلق عليه اسم "نقود الودائع" أو "النقود الكتابية" .ويترتب عن هذه الطريقة إضافة صافية إلى
إجمالي رصيد النقود ،مما يؤدي –بافتراض تجاوز الزيادة في كمية النقود للنمو في عرض السلع والخدمات-
إلى ارتفاع مستويات األسعار ومعدالت التضخم ،حيث ُيعرف التوسع النقدي بالتمويل التضخمي.1
لم تُغفل النظرية االقتصادية الشروط الالزمة لضمان فعالية اإلصدار النقدي في معالجة عجز الموازنة،
المستندة إلى األفكار الكينزية .وتتضمن
والتي تبلورت من خالل ما ُعرف بنظرية "العجز المنظم (المؤقت)" ُ
هذه الشروط مرونة الجهاز اإلنتاجي للدولة ،مع ضخ اإلصدار النقدي الجديد على فترات متباعدة وبجرعات
مناسبة ،وتوجيهه إلى استثمارات حيوية سريعة العائد تُ ِّ
مكن من االستغناء عنه بعد مدة معينة ،إضافة إلى
ضرورة تضافر أدوات السياسات االقتصادية من أجل احتواء اآلثار التضخمية الناتجة عن هذا اإلصدار.2
في ظل عدم مرونة الجهاز اإلنتاجي المتصاص إصدار نقدي جديد ،يمكن للدولة أن تلجأ –في إطار
التمويل غير التضخمي -إلى االقتراض لتمويل العجز في الموازنة العامة ،سواء كان هذا االقتراض محليا
من خالل حيازة الجمهور ،والمؤسسات المالية غير المصرفية ،والجهاز المصرفي لسندات الخزينة العامة أو
السندات الحكومية ،أو اقتراضا خارجيا من خالل طرح سندات الخزينة لالكتتاب الخارجي في األسواق المالية
الدولية ،أو من خالل االقتراض المباشر من المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي ،مع ما يترتب
عنه من تراجع لحجم االحتياطات األجنبية لدى البنك المركزي .3عالوة عما سبق ،قد تلجأ الدولة إلى فرض
ضرائب جديدة ،أو زيادة معدالت الضرائب المفروضة وتوسيع األوعية الضريبية ،لضمان حصيلة ضريبية
تتناسب ومقدار العجز في موازنتها العامة ،وذلك مع مراعاة مستوى الضغط الضريبي السائد لتفادي اآلثار
السلبية للتهرب والغش الضريبي –الناتج عن ارتفاع الضغط الضريبي -على الحصيلة الضريبية.4
1
Dalyop. G.T. (2010), "Fiscal Deficits and the Growth of Domestic Output in Nigeria”, JOS Journal of Economics,
Vol. 04, No. 01, December, PP. 153-173.
2أنظر - :حشيش عادل أحمد ،)1992( .ص.289 .؛ -الهيتي نوزاد عبد الرحمن ،ومنجد عبد اللطيف الخشالي ،)2006( .ص ص.137-135 .
3
Tešić. A., D. Ilić., and A.T. Đelić. (2014), "Consequences of Fiscal Deficits and public Debt in Financing the
Public Sector", Economics of Agriculture, Vol. 61, No. 1, PP. 177-194.
- 4قدي عبد المجيد ،)2005( .ص ص.230-229 .؛ -ضيف أحمد ،)2015( .ص ص.111-110 .
83
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تعتبر اآلثار االقتصادية لعجز الموازنة العامة ،واحدة من أكثر المواضيع إثارة للخالف والجدل بين
االقتصاديين ومتخذي القرار على حد سواء ،وذلك باعتبار عجز الموازنة العامة للدولة أحد متغي ارت السياسة
المالية وثيقة الصلة بالنشاط االقتصادي .وبشكل عام عادة ما ُينظر إلى عجز الموازنة بصفته مسؤوال عن
عديد االختالالت االقتصادية الكلية؛ إذ تتراوح اآلراء بهذا الشأن بين القول بكونه سببا أساسيا لموجات
التضخم والتوسع النقدي ،وارتفاع معدالت الدين العام ،والعجز في الحساب الجاري (في ظل فرضية العجز
المزدوج) ،وتباطؤ معدالت النمو االقتصادي ،إضافة إلى تأثيره في سلوك معدالت الفائدة واالستثمار الخاص
من جهة؛ والقول بحيادية آثار هذا العجز -سواء تم تمويله من خالل الدين العام أو من خالل الضرائب-
على االقتصاد من جهة أخرى ،وفق ما تشير إليه فرضية المكافئ الريكاردي ).1(Recardian-Equivalence
فضال عن أن مستوى عجز الموازنة في حد ذاته يعد أحد أهم مؤشرات االستقرار االقتصادي الكلي ،التي
تنعكس بشكل مباشر على ق اررات المستثمرين والمنتجين ،كما أنه وان كان العجز الموازني –بالتعريف -ال
يعكس في مضمونه غير جانبي اإلنفاق العام واإليرادات العامة ،إال أن هذا ال يعني أنه باإلمكان اختصار
آثاره االقتصادية في التبعات االقتصادية لسياسات اإلنفاق العام وسياسات اإليرادات وحدها ،فالدراسات في
هذا المجال تشير أن ُمعظم اآلثار االقتصادية لعجز الموازنة تكون غير مباشرة ،وتتوقف بدرجة كبيرة على
الطرق المستخدمة لتمويله ،والتي قد تلقي هي األخرى بتبعاتها على النشاط االقتصادي ،إذا تم االعتماد على
أي منها بشكل مفرط ،مؤدية إلى إحداث اختالالت اقتصادية تتضمن اآلثار االقتصادية المذكورة أعاله.2
ٍّ
بالنسبة لآلثار االقتصادية ألدوات تمويل العجز الموازني ،يركز أنصار االتجاه المؤيد للتمويل التضخمي
(وجهة النظر الكينزية) ،في إطار نظرية "العجز المنظم" على اآلثار اإليجابية لهذه األداة ،ودورها في تحقيق
االستخدام الكامل للطاقات العاطلة في االقتصاد -في ظل عدم كفاية الموارد المحلية -من خالل العمل على
زيادة اإلنتاج ،والذي يؤدي بدوره إلى الرفع من حجم العرض الكلي مع زيادة الطلب الكلي (نتيجة ارتفاع حجم
اإلنفاق العام) وصوال إلى التشغيل الكامل؛ معتبرين أن التضخم الناتج عن ذلك مجرد ثمن الستخدام هذا
األسلوب ،يمكن أن يشجع المستثمرين على زيادة االستثمار وتحقيق المزيد من األرباح ،وكل هذا من شأنه
1للمزيد من التفاصيل ،أنظر - :الفارس عبد الرزاق ،)2001( .ص ص.161-145 .؛ -كردودي صبرينة ،)2007( .ص ص.170-154 .
- Seater. J.J. (1993), "Ricardian Equivalence", Journal of Economic Literature, Vol. 31, March, PP. 142-190.
- Enders. W., and B.S. Lee. (1990), "Current Account and Budget Deficits: Twins or Distant Cousins?", The Review
of Economics and Statistics, Vol. 72, PP. 373-381.
2
Rakshit. M. (1987), "On the Inflationary Impact of Budget Deficit", Economic and Political Weekly, Vol. 22, No.
19/21, Annual Number, May, PP. AN35-AN37+AN39-AN42.
84
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
أن يؤدي إلى ارتفاع الدخل الوطني ،وزيادة موارد الخزينة ،وتحسن وضع الموازنة العامة من جديد .بينما
يعارض عديد االقتصاديين (الكالسيك والنقدويين) وجهة النظر السابقة ،مستندين في ذلك إلى حجج تتعلق
أساسا باآلثار السلبية التي يمكن أن تُلحقها الضغوط التضخمية الناجمة عن اإلصدار النقدي (التضخم
النقدي) ،والتوسع في اإلئتمان (التضخم المالي) ،باالستثمار الوطني (من خالل التأثير على ق اررات
المستثمرين) ،واإلدخار الوطني ،وميزان المدفوعات.1
من ناحية أخرى ،هناك شبه اتفاق بين الباحثين حول التبعات السلبية للتوسع الحكومي في االقتراض
المحلي لتمويل العجز الموازني على اإلستثمار الخاص ،الذي يتعرض لنوع من آثار المزاحمة ،بفعل ارتفاع
معدالت الفائدة ،ومحدودية حجم اإلئتمان الممنوح للقطاع الخاص ،الذي تتم مزاحمته على استخدام األموال
المتاحة لالقتراض .2هذه التَّبعات قد تمتد لتشمل اآلثار التضخمية ،إذ من شأن مزاحمة اإلستثمار الخاص أن
تحد من إمكانيات نمو الناتج الحقيقي ،مؤدية إلى ارتفاع األسعار نتيجة قصور اإلنتاج .3كما أن االعتماد
المفرط على القروض الخارجية قد يقود هو اآلخر إلى آثار سلبية على االستثمار ،إذ يؤدي إلى خلق حالة
من الاليقين بخصوص المستقبل ،بشأن كيفية سداد الدين وتوقع فرض ضرائب مستقبلية أو حدوث تضخم،
وذلك دون اآلثار التي يمكن أن يخلفها هذا النوع من القروض على سعر الصرف ،وميزان المدفوعات.4
عالوة على ما سبق ،قد يؤدي الرفع من معدالت الضرائب –التي يمكن أن تكون األرباح الصافية
وعاء لها -وتوسيع أوعيتها ،لتمويل العجز الموازني إلى
ً لمؤسسات القطاع الخاص أو األجور والمرتبات
تخفيض أرباح القطاع الخاص الذي يحاول نقل األعباء الضريبية إلى المستهلكين من خالل رفع األسعار؛
األمر الذي يؤثر على القدرة الشرائية لألفراد ،ويؤدي إلى مطالبة العمال برفع األجور ،مما ينعكس سلبا –في
األخير -على حجم العمالة ومستوى الطلب الكلي ،ومعدالت اإلستثمار ومعدالت نمو اإلنتاجية.5
1تفاصيل أوفر ،ضمن :فرهود محمد سعيد" ،)1996( .مبادئ المالية العامة" ،ج ،01 .ط ،01 .منشورات جامعة حلب ،سوريا ،ص.378-368 .
- Fisher. S., and W. Easterly. (1990), "The Economics of Government Budget Constraint", The World Bank
Research Observer, Vol. 05, No. 02, July, PP. 127-142.; - Beaugrand. P., B. Loko., and M. Mlachila. (2002), "The
Choice Between External and Domestic Debt in Financing Budget Deficits: The Case of Central and West African
Countries", IMF Working Papere, WP/02/79, May, Washington DC.; - Catao. L., and M.E. Terrones. (2003), "Fiscal
Deficits and Inflation", IMF Working Papere, WP/03/65, April, Washington DC.
2للتفاصيل ،أنظر- Pelagidis. T., and E. Desli. (2004), "Deficits, Growth, and the Current Slowdown: What Role for :
Fiscal Policy?", Journal of Post Keynesian Economics, Vol. 26, No. 03, Spring, PP. 461-469.; - Gale. W.G., and
P.R. Orszag. (2003), "Economic Effects of Sustained Budget Deficits", National Tax Journal, Vol. 56, PP. 463-485.
3
Saleh. A.S. (2003), "The Budget Deficit and Economic Performance: A Survey", University of Wollongong
Economics Working Paper Series 2003, WP 03-12, September, P. 11.
- Caribbean Policy Research Institute. (2007), "Balancing the Budget", CaPRI Background Paper, PP. 3-4 4أنظر:
- Chakraborty. L.S. (2002), "Fiscal Deficit and Rate of Interest: An Econometric Analysis of the Deregulated
Financial Regime", Economic and Political Weekly, Vol. 37, No. 19, May, PP. 1831-1838.
- 5الفارس عبد الرزاق ،)2001( .ص ص.156-155 .؛ -كردودي صبرينة ،)2007( .ص.163 .
85
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
.2تطور دور وأهمية السياسة المالية ضمن مختسف المقاربات االقتصادية الكسية:
وان كانت أهميتها قد برزت وتأكدت بشكل واضح في الوقت الحاضر ،إال أن السياسة المالية قد نالت
حي از هاما من الزخم الفكري االقتصادي ،إذ تناولتها كل المدارس والتيارات الفكرية بالتعريف والتوضيح ،والنقد
والتأييد ،وذلك لما لدورها من ارتباط بمدى تطور دور الدولة التدخلي في الشؤون االقتصادية للمجتمع ،والذي
يتحدد بدوره تبعا لالتجاه والفلسفة االقتصادية السائدة ،والتي تسعى إلى تحقيق األهداف االقتصادية المسطرة.
.1.2السياسة المالية بين الحياد والتدخل :وجهة النظر الكالسيكية مقابل الكينزية.
في وقت آمنت النظرية الكالسيكية التقليدية بمبدأ الحياد المالي في ظل الدولة الحارسة ،أين اقتصر دور
السياسة المالية العامة على أداء الوظائف التقليدية من دفاع وأمن وعدالة ومرافق عامة ،في ظل فرضية
التوازن التلقائي لالقتصاد؛ جاءت أزمة الكساد ( ،)1933-1929لت ِّ
عجل بإعادة النظر في األفكار الكالسيكية،
ومنح الدولة والسياسة المالية مفهوما جديدا -ضمن ما ُعرف بالفكر الكينزي -يركز على دور األخيرة كوسيلة
فعالة لمعالجة وضعيات االختالل المالي واالقتصادي ،والتأثير في وضع التوازن االقتصادي العام.
قام الفكر الكالسيكي –الذي ساد خالل القرنين الثامن والتاسع عشر ومطلع القرن العشرين -في موقفه
من السياسة المالية وتدخل الدولة في االقتصاد ،على دعائم قانون المنافذ لألسواق لـ ""Jean-Baptiste say
الذي يعكس ويؤكد من خالل مضمونه (العرض يخلق طلبه) وجود عالقة سببية مباشرة بين اإلنتاج والدخل
النقدي وبالتالي اإلنفاق (في ظل مرونة األسعار واألجور ،وباعتبار النقود وسيطا للتبادل ال غير)؛ إضافة
إلى مدلول اليد الخفية لـ " ،"Adam Smithمع بيئة تتوفر فيها كل مقومات وضمانات الحرية االقتصادية
والمنافسة التامة ،والتي ستساعد على تحقيق التشغيل الكامل للموارد البشرية وبقية الموارد االقتصادية
األخرى ،في ظل سعي القطاع الخاص لتحقيق مصالحه الشخصية ،واشباع حاجاته الخاصة ،وتعظيم ثرواته
من خالل التوسع في اإلنتاج ،وصوال إلى مستوى التوظيف الكامل لكافة موارد المجتمع ،مدفوعا في ذلك بيد
خفية لتحقيق المصلحة العامة ،بما يضمن لالقتصاد الوطني توازن مستقر عند مستوى التشغيل الكامل.1
كل هذا دون أي تدخل من طرف الدولة في النشاط االقتصادي (لتفادي اإلخالل بالتوازن التلقائي للقوى
الطبيعية) ،مع حصر دور السياسة المالية ،والسعي لتضييق نطاق اإلنفاق العام ،وتحديد أوجهه في اإلنفاق
1تفاصيل أوفر ،ضمن - :دراز حامد عبد المجيد" ،)2003( .السياسات المالية" ،مركز اإلسكندرية للكتاب ،اإلسكندرية ،ص ص.22-21 .
-العدل محمد رضا" ،) 2005( .التحليل االقتصادي الكلي" ،مكتبة التجارة والتعاون ،القاهرة ،ص ص.35-30 .؛ -مجدي محمود شهاب،)1999( .
ص ص.13-12 .؛ -عبد المجيد القاضي " ،) 1980( .اقتصاديات المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم" ،مطبعة الرشاد ،اإلسكندرية ،ص.323 .
86
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
على الحاجات العامة الضرورية ،إضافة إلى اقتصار الضرائب على غير المباشرة منها كمصدر لإليرادات
العامة .مع ضرورة تحقق مبدأ الحياد المالي في كافة النشاطات االقتصادية للدولة ،بضمان عدم تأثير هذه
النشاطات في التصرفات والق اررات االقتصادية للقطاع الخاص ،واإلصرار على ضرورة االلتزام التام بمبدأ
توازن الميزانية العامة سنويا ،باعتبار أن تدخل الدولة وفق هذا الشرط ،ال يعدوا كونه مجرد تحصيل وتحويل
لألموال من مجموعة إلى أخرى من أفراد المجتمع الواحد في صورة إيرادات عامة وانفاق عام ،وهو ما يكفل
–وفق وجهه النظر الكالسيكية -تحقق قاعدة الحياد المالي لنشطات الدولة ،وبالتالي سالمة سياستها المالية.1
أثبتت التحاليل النظرية التي رافقت الوقائع والتطورات التي شهدتها سنوات مطلع القرن العشرين -والتي
تجلى أبرزها في تفشي ظاهرة التضخم بعد نهاية الحرب العالمية األولى وبعدها وقوع أزمة الكساد العظيم
( -)1933-1929فشل المنطلقات الفكرية الكالسيكية ،بخصوص ضرورة الحياد المالي للنشاط التدخلي للدولة
في االقتصاد .فقد أظهرت أزمة الكساد العظيم (التي كانت أزمة طلب) عجز آليات السوق في المحافظة
على التوازن االقتصادي؛ األمر الذي استوجب تدخال أكثر –يتجاوز الوظائف التقليدية -للدولة في النشاط
االقتصادي ،حملته األفكار واألطروحات الكينزية ،والتي قامت على أنقاض فشل نظيرتها الكالسيكية.
أحدث " "John Maynard Keynesالذي تبلورت أفكاره وصيغت في كتابه "النظرية العامة للتوظيف
والفائدة والنقود" الذي صدر عام ،1936ثورة على األفكار األساسية للفكر الكالسيكي ،بتأكيده على ضرورة
تدخل الدولة بإقامة بعض المشاريع المحركة للنشاط االقتصادي ،وضرورة استخدام السياسة المالية بشكل
أكثر فعالية (باستخدام أدواتها التي تغطي كل من اإلنفاق العام ،والضرائب ،واالقتراض العام) للتحكم في
التقلبات الدورية ،وتجنب ما يمكن أن تتضمنه من نوبات الركود والبطالة والتضخم .فكينز قد جاء رافضا مبدأ
الحرية االقتصادية الذي نادى به الكالسيك ،من خالل سياسات " "Adam Smithالداعية إلى عدم تدخل
الدولة في النشاط االقتصادي (مبدأ اليد الخفية)؛ ومنتقدا لقانون المنافذ لـ " ،"Sayبسبب تجاهله لدور الطلب
في تحديد حجم اإلنتاج والدخل ومستوى التوظيف.2
في نفس السياق ،أكدت األطروحات الكينزية -بما ال يدع مجاال للشك -على إمكانية حدوث التوازن
االقتصادي عند أي مستوى من مستويات التوظيف ،والتي أكد كينز أنها تتوقف على مستوى الطلب الكلي
1للمزيد ،أنظر - :دراز حامد عبد المجيد ،)2003( .ص ص.26-23 .؛ -الجمل هشام مصطفى ،)2006( .ص ص.55-53 .
-غدير هيفاء" ،) 2010( .السياسة المالية والنقدية ودورها التنموي في االقتصاد السوري" ،الهيئة العامة السورية للكتاب ،دمشق ،ص.13 .
2تفاصيل أدق ،ضمن - :البواب سيد" ،) 2000( .عجز الموازنة العامة للدولة :النظرية والصراع الفكري للمذاهب االقتصادية ومناهج العالج" ،الناشر
دار البيان ،القاهرة ،ص ص.82-81 .؛ -دراز حامد عبد المجيد ،)2003( .ص ص.30-29 .؛ -غدير هيفاء ،)2010( .ص ص.14-13 .
87
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
الفعال ،الذي اعتبره المحدد الرئيسي لإلنتاج وللقدرة اإلنتاجية للمستثمرين؛ مشددا في نفس الوقت على دور
التوسع في اإلنفاق العام –وان كان على حساب العجز في الموازنة العامة -في تحفيز الطلب الكلي الفعال
ورفع مستويات التوظيف واإلنتاج إلى المستوى الكافي لتحقيق التوازن واالستقرار االقتصادي .وبذلك يكون
كينز قد تخلى عن القواعد التقليدية للسياسة المالية ،مستبعدا مبدأ الحياد المالي للدولة وضرورة التوازن المالي
السنوي للموازنة العامة ،ومتخذا وأتباعه مفهوما جديدا تمثل في مبدأ "المالية الوظيفية"Functional Finance-
الذي يبيح إمكانية إحداث فائض أو عجز في الموازنة العامة في سبيل بلوغ االستقرار والتوازن االقتصادي.1
مع تواصل واستمرار تطورات األحداث والوقائع التي شهدها االقتصاد العالمي ،كان من الطبيعي أن
تتعرض األفكار الكينزية إلى التأييد والتصحيح ،والنقد والمعارضة ،خاصة بعد إخفاق سياسات االستقرار التي
ُبنيت على أساس هذه األفكار في احتواء عديد االختالالت االقتصادية ،على غرار أزمة الركود التضخمي
) (Stagflationالتي برزت مع مطلع سبعينات القرن المنصرم لدى االقتصاديات الرأسمالية .وقد ساهمت هذه
التطورات في إضافة إسهامات جديدة إلى الفكر االقتصادي ،خالل نصف القرن الذي أعقب ظهور مؤلَّف
"النظرية العامة" لكينز ،تعارضت وتباينت وفقها المفاهيم ووجهات النظر بخصوص نتائج وعواقب تدخل
الدولة في االقتصاد ،ودور السياسة المالية في تحقيق االستقرار االقتصادي وتجنب االختالالت واألزمات.
أخذت مصداقية الفكر الكينزي في التراجع مع حلول ستينات وسبعينات القرن العشرين ،إذ أن تركيز كينز
على معالجة وتفادي حاالت الركود في االقتصاد ،جعل أفكاره تقصر عن تفسير واستيعاب مشكلة التضخم
التي تزامن استفحالها لدى عديد االقتصاديات مع اشتداد عوارض الركود االقتصادي .في ظل هذه الظروف
جاءت بداية السبعينات شاهدة على بروز تيار فكري جديد بزعامة االقتصادي "ُ ،"Milton Friedmanعرف بـ
"الفكر النقدوي"Monetarism-؛ حيث فرض هذا التيار نفسه بقوة على الساحة االقتصادية واألكاديمية ،وعمل
على إحياء المبادئ واألفكار التقليدية الكالسيكية في ثوب جديد وباعتماد فرضيات وأدوات تحليل أكثر نجاعة
باتخاذه موقفا محددا إزاء السياسات المالية وتدخل الدولة في االقتصاد ،يقضي بعدم جدوى التدخل الحكومي
بشكل عام ،وعدم فعالية السياسات المذكورة في مواجهة األزمات االقتصادية الدورية كالبطالة والتضخم.2
1للمزيد ،أنظر - :عبد المطلب عبد الحميد ،)2003( .ص ص.41-40 .
- Edmund. S.P. (2006), "Capitalism and Keynes: From the Treatise on Probability to the General Theory",
Conference Commemorating Keynes, Palazzo Mundell, Santa Colomba (Siena), 4-6 July, PP. 1-3.
2أنظر :معتوق سهير محمود" ،) 1989( .النظريات والسياسات النقدية" ،الدار المصرية اللبنانية للطباعة والنشر والتوزيع ،القاهرة ،ص ص.49-45 .
88
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
ينطلق الفكر النقدوي من أهمية النقود والسياسة النقدية في معالجة وتجنب االختالالت في االقتصاد،
ويؤمن أن تقلبات مستويات الدخل والناتج والتشغيل تعود إلى أخطاء السياسة النقدية أو إلى التدخل الحكومي
الواسع ،الذي يعمل على تحييد آليات السوق .وينظر النقدويون إلى السياسة النقدية على أنها وحدها السياسة
الكفيلة بتحقيق االستقرار االقتصادي ،مستندين في ذلك إلى محتوى النظرية الكمية للنقود عند الكالسيك،
ومسلّمين بأن النقود تمثل متغي ار استراتيجيا في تقلبات النشاط االقتصادي ،باعتبار أن التغيرات في كمية
النقود المتداولة في االقتصاد ،تعد سببا في معظم التقلبات الدورية من خالل تأثير المعروض النقدي على
الطلب الكلي ،ومن ثم على الناتج والتوظيف واألسعار.1
من جهة أخرى يشكك أصحاب الفكر النقدوي في فعالية السياسة المالية وقدرتها في المحافظة على توازن
االقتصاد ،معتبرين أنها ال تؤدي إال إلى آثار توزيعية للدخل بين القطاع العام والقطاع الخاص؛ إذ ال معنى
للتوسع في اإلنفاق العام –وفقهم -مادام أنه سيكون مصحوبا بانكماش بنفس القدر في اإلنفاق الخاص.
بعبارة أخرى ،يعتقد النقدويون أن توسعات السياسة المالية غير المصحوبة بتوسعات العرض النقدي ،غالبا ما
تكون قليلة الفعالية ،وذلك بالنظر لما ينجر عنها من آثار مزاحمة ) (Crowding Out Effectsعلى اإلنفاق
االستثماري الخاص في المدى القصير ،وتضخم في المدى الطويل .وفي غير ذلك ،يرى النقدويون ضرورة
ضبط اإلنفاق العام للحد من العجز في الموازنة العامة ،باعتباره دافعا للتوسع النقدي ومن ثم التضخم.2
فضال عما سبق ،ظهرت مجموعة من االقتصاديين الذين قبلوا أفكار كينز ،وقاموا بإدخال بعض
التعديالت والتصحيحات على ما ورد في كتاب "النظرية العامة" ،مكونين بذلك ما اصطلح عليه بـ "الكينزيين"
الم ِّ
حدثون ) ،(Neo-Keynesiansوالكينزيون الجدد ).(New Keynesians حيث يتم التمييز بين الكينزيون ُ
ش ّكل الكينزيون المحدثون الجزء األكبر والفئة الغالبة ،بزعامة " "Franco Modiglianiو"."James Tobin
ِّ
المحدث إلى ضرورة أن تكون الحكومة على أُهبة وبشكل عام تشير فحوى العناصر األساسية للفكر الكينزي
االستعداد التخاذ دو ار نشطا لتحقيق االستقرار االقتصادي في ظل عدم فعالية قوى التصحيح التلقائي في بلوغ
1تفاصيل أوفر ،ضمن - :زكي رمزي" ،)1987( .فكر األزمة" ،مكتبة مدبولي ،القاهرة ،ص ص.51-49 .
- Williamson. S., and R. Wright. (2010), "New Monetarist Economics Methods", Federal Reserve Bank of
Minneapolis, Research Department Staff Report, No. 442, PP. 12-14.; - Froyen. R.T. (2007), "Macroeconomics:
Theories and Policies", 9th Edition, Pearson, University of North Carolina at Chapel Hill, PP. 200-202.
- Brue. S.L. (2000), "The Evolution of Economic Thought", 6th Edition, Dryden Press, PP. 520-521. 2المزيد ،ضمن:
-خليل سامي" ،)1994( .نظرية االقتصاد الكلي" ،ك ،02.مكتبة وكالة األهرام للتوزيع ،ص ص.753-752.؛ -الحاوري محمد أحمد" ،)1998( .مدى
فعالية السياسة المالية والنقدية في معالجة عجز الموازن في اليمن" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية التجارة ،جامعة قناة السويس ،مصر ،ص.17 .
89
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
هدف االستقرار ،بالنظر لما يميزها من ضعف وبطئ ناتج عن قصور آليات السوق ،وما ينجر عنه من
الم ِّ
حدثون على أهمية السياسة المالية في التأثير 1
بطئ في سرعة تعديل األسعار واألجور ؛ إذ يؤكد الكينزيون ُ
على النشاط االقتصادي ،رافضين الموقف النقدوي القاضي بعدم فاعليتها في ذلك ،كما يؤكدون على أهمية
السياسات النقدية النشطة في تصحيح مسار القطاع الخاص من أجل تحقيق التوازن االقتصادي العام.2
في نفس السياق تقريباُ ،وجهت أفكار الكينزيون الجدد –الذين يدعون أنهم الورثة الحقيقيين لكينز -النتقاد
الفكر الكالسيكي ،إذ أكد هؤالء أن قوى السوق غاية في الضعف ،وبالتالي تكتسي السياسات المالية والنقدية
أهمية قصوى ،3وتعد ضرورية لمعالجة االختالالت التي يتعرض لها االقتصاد الذي يعد –حسبهم -أساسا
غير مستقر ،وليس لديه أي ميل أو نزعة ذاتية لتصحيح نفسه واالتجاه نحو التوازن في المدى الطويل ،في
ظل سيطرة المنشآت والوحدات االقتصادية الكبرى ،والنقابات القوية على االقتصاديات الحديثة.4
في ظل احتدام النقاش والجدل بين النقدويون والكينزيون بخصوص فعالية آليات السوق وقوى التصحيح
التلقائي في معالجة االختالالت وتحقيق التوازن االقتصادي من جهة ،والحاجة إلى السياسات االقتصادية
(المالية والنقدية) وكذا فعالية كل منها من جهة أخرى ،ظهر فكر جديد في منتصف سبعينات القرن الماضي
–بقيادة كل من ،Neil Wallace ،Thomas Sargent ،Robert Lucasو -Robert Barroقام ببناء تحليالته
بناءا على االستخدام الكفؤ للمعلومات المتوفرة،
ومعالجاته لالقتصاد الكلي على أساس التوقعات التي تتم ً
وفق ما تقتضيه فرضية التصرفات الرشيدة والسلوكات العقالنية لألفراد ،ضمن ما ُعرف بفرضية "التوقعات
العقالنية (أو الرشيدة) ،"Rational Expectations-التي تبنتها المدرسة الكالسيكية الحديثة ).5(Neo-Classic
في ظل فرضية التوقعات العقالنية ،والتي تتمتع وفقها الوحدات االقتصادية (أفراد ومنشآت) بنظر كاشف
تجاه السياسات االقتصادية للدولة ،حيث يكون بإمكانها توقع كل التغيرات في هذه السياسات ونتائجها ،فإن
1يركز الكينزيون المحدثون في هذا الصدد على دور عقود العمل ،والتوقعات المكيفة ) ،(Adaptive Expectationsفي إبطاء سرعة تكيف األسعار
واألجور ،وما يؤدي إليه من تأثر للناتج والتوظيف بالصدمات الخارجية.
2تفاصيل أوفر وأدق حول الموضوع ،ضمن - :خليل سامي ،)1994( .ص ص755-753 .؛ ص.827 .
-Greenwald. B., and J.E. Stiglitz. (1987), "Keynesian, New Keynesian, and New Classical Economics", NBER
Working Paper Series, WP No. 2160, February, Cambridge. Ma, PP. 02-06.
3يُع ُّد الكينزيون الجدد أكثر تشددا من نظرائهم المحدثون في مطالبتهم بضرورة تدخل الدولة في االقتصاد.
4للمزيد من التفاصيل ،أنظر - :خليل سامي ،)1994( .ص ص.770-768 .؛ -البنداري خالد عبد الوهاب" ،)2007( .اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة
المالية في مصر" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية التجارة وإدارة األعمال ،جامعة حلوان ،القاهرة ،مصر ،ص ص.40-39 .
-Greenwald. B., and J.E. Stiglitz. (1993), "New and Old Keynesians", Journal of Economic Perspectives, Vol. 07,
No. 01, Winter, PP. 23-44.
5تفاصيل أوفر ،ضمن- Stein. J.L. (1981), "Monetarist, Keynesian, and New Classical Economics", The Amirican :
Economic Review, Vol. 71, Issue. 02, AEA Papers and Proceedings, May, PP. 139-144.
90
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
أي محاولة لتحقيق االستقرار من خالل هذه السياسات ستكون عديمة الجدوى؛ لذا يرى الكالسيك المحدثين
-على غرار الكالسيك التقليديين -أنه لبد من ترك االقتصاد يعمل بحرية ،باعتبار أن هذا األخير يتمتع
أساسا باالستقرار .كما أن مرونة األسعار واألجور تساعد على تحقق التصحيح الذاتي لالقتصاد ،دون
الحاجة ألي تدخل من جانب الحكومة من خالل سياساتها المختلفة؛ إذ يؤكدون في هذا الصدد أن السياسات
االقتصادية –وخاصة السياسة المالية -1الهادفة إلى التأثير على االقتصاد الكلي ستكون عديمة الفعالية ،ولن
يكون لها أي تأثير على الناتج والتوظيف ،حيث أن كل ما سيترتب عنها هو ارتفاع معدالت التضخم.2
المبحث :02اآلثار االقتصادية الكسية لسسياسة المالية :خسفية نظرية وحقايق تجريبية.
تعد دراسة اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية ،وتحليل مدى فعالية هذه األخيرة في تحفيز االقتصاد
الحقيقي والتأثير على النشاط االقتصادي من بين المواضيع التي لطالما شغلت فكر االقتصاديين األكاديميين
وصناع القرار على حد سواء ،وأوليت باهتمام بالغ على المستويين النظري والتطبيقي .حيث شهد هذا
الموضوع العديد من التطورات منذ كتابة كينز لنظريته العامة وحتى وقتنا الحاضر؛ فعلى الرغم من أنه تم
التسليم على نطاق واسع بإمكانية مساهمة الحوافز المالية ) (Fiscal Stimulusفي تعزيز وتشجيع االنتعاش
االقتصادي بعد أزمات االنكماش والركود ،إال أن الجدل والنقاش استمر بخصوص شدة وحجم اآلثار التي
يمكن أن تخلفها هذه الحوافز ،وقنوات وميكانيزمات انتقال هذه اآلثار .كما حظيت دراسة آثار تخفيضات
اإلنفاق العام التي تتماشى واألساليب التقشفية لالقتصاديات التي تعاني من ارتفاع حجم الدين العام باهتمام
منحى متجددا مع تجدد األحداث
متزايد ،ليأخذ بذلك الجدل بخصوص آثار السياسة المالية على االقتصاد ً
والتطورات االقتصادية لكل حقبة زمنية ،واتجاها صارما ميزه اختالف وعدم توافق اآلراء -نضريا وتجريبيا-
بشأن آثار السياسة المالية على متغيرات االقتصاد الكلي ،وكذا طبيعة وحجم وشدة هذه اآلثار.
تسعى السياسة المالية –على غرار باقي سياسات جانب الطلب -إلى تحقيق وبلوغ االستقرار االقتصادي
من خالل تأثيرها على متغيرات النشاط االقتصادي األساسية مستهدفة في ذلك الحد والتقليل من حدة التقلبات
1أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية فيرى الكالسيك الجدد أن النقود تتمتع بالحياد ،إذ أن التغيرات المتوقعة في المعروض النقدي لن يكون لها أي تأثير على
القطاع الحقيقي لالقتصاد ،حيث أنها ستؤثر فقط على األسعار .أما التغيرات غير المتوقعة فيمكن أن تؤثر –وفقهم -على الناتج والتوظيف في المدى
القصير.
2المزيد عن الفكر النيوكالسيكي وفرضية التوقعات العقالنية ،ضمن - :الدعمي عباس كاظم" ،)2010( .السياسات النقدية والمالية وأداء سوق األوراق
المالية" ،ط ،01.دار صفاء للطباعة وائل للنشر والتوزيع ،عمان-األردن ،ص ص.59-58 .؛ -البنداري خالد عبد الوهاب ،)2007( .ص ص.42-40 .
- Muth. J.F. (1961), "Rational Expectations and the Theory of Price Movements", Econometrica, Vol. 29, No. 03
July, PP. 315-335.; - Galbacs. P. (2015), "The Theory of New Classical Macroeconomics: A Positive Critique",
Springer International Publishing, Switzerland, PP. 53-88, 221-277, 283-342.
91
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
الدورية في االقتصاد .وفي هذا الصدد نجد أنه غالبا ما تم تقييم فعالية السياسة المالية في سياق السياسات
المالية التقديرية ) ،(Discretionary Fiscal Policiesعن طريق تقدير حجم المضاعفات المرافقة لإلجراءات
والتدابير التقديرية ) ،(Discretionary Measuresوكذا من خالل تقييم قدرة عوامل االستقرار التلقائية (أو
الموازنات األوتوماتيكية )Automatic Stabilisers-على التخفيف من وقع الصدمات االقتصادية الكلية.
لم تتوصل البحوث األكاديمية إلى توافق في اآلراء بشأن فعالية تأثير السياسة المالية على متغيرات
االقتصاد الكلي ،حيث أسفر النقاش النظري في هذا الخصوص عن ظهور تيارين متعارضين؛ أحدهما يؤكد
فعالية السياسة المالية وأهميتها في التأثير على النشاط االقتصادي ،والثاني ينفي فعالية هذه السياسة ويجردها
من أي قوة مؤثرة على سلوك وأداء االقتصاد الكلي .مثَّل التيار المتبني لفعالية السياسة المالية (التقديرية)
المدرسة الكينزية (التقليدية والحديثة) ،التي ترى أن سياسات التوسع في الطلب الكلي تكون على قدر كبير
من الفعالية في التأثير على حجم الناتج ،ومن ثم تحقيق االستقرار االقتصادي .في حين قاد التيار الثاني
المكيَّفة
المتبني لعدم فعالية السياسة المالية ،كل من المدرسة النقدوية –معتمدة في ذلك على التوقعات ُ
) (Adaptive Expectationsومخرجات منحنى –Phillipsوكذا المدرسة الكالسيكية الحديثة )،(Neoclassic
التي نفت فعالية أي سياسة اقتصادية ُمتوقَّعة ،بتبنيها لفرضية التوقعات الرشيدة (العقالنيةRational -
،)Expectationsإضافة إلى نظرية الدورات االقتصادية الحقيقية ،1التي تنظر إلى العوامل الحقيقية للعرض
–وخاصة منها التقدم التكنولوجي -على أنها العوامل األساسية المؤثرة على الدخل (الناتج) والتشغيل.
وفي هذا اإلطار تركز الجدل والنقاش النظري بشأن اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية حول مناقشة
مدى إمكانية االعتماد على أدوات هذه األخيرة لتحفيز أو كبح النشاط االقتصادي في المدى القصير والبعيد،
ومدى قدرتها على التأثير في الطلب الكلي ،ومراقبة سير االقتصاد والتوظيف الكامل لعوامل اإلنتاج؛ في
محاولة لإلجابة على بعض التساؤالت المتعلِّقة بكيفية تأثير التغيرات الضريبية وتغيرات اإلنفاق العام
(المتغيرات الموازنية )Fiscal Variables -على كل من الدخل الشخصي وسلوك األسعار ،معدالت الفائدة
وسعر الصرف ،ومن ثم حجم االستهالك واالستثمار الخاص ونمو الناتج.
وفقا لما سبق ،سنعمد من خالل الجزء الموالي إلى وصف التأثيرات المختلفة على اآلثار المضاعفة
) (Multiplier Effectsالرتفاعات اإلنفاق الحكومي والتخفيضات الضريبية ،وذلك لغرض تحديد الظروف
التي تكون ضمنها السياسة المالية فعالة أو غير فعالة نسبيا في تحفيز النشاط االقتصادي .وبعبارة أخرى
1
تعود هذه النظرية لكل من Longو)1983( Plosser؛ أنظر- Long. J., and R.C. Plosser. (1983), "Real Business Cycles", :
Journal of Political Economy, Vol. 91, No. 1, PP. 39-69.
92
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تحديد الظروف التي تكون وفقها مضاعفات السياسة المالية ) (Fiscal Multipliersكبيرة إلى حد ما ،أو
صغيرة نسبيا ولكن موجبة؛ فضال عن محاولة تسليط الضوء بشكل خاص على الحاالت التي تكون فيها
اإلنكماشات المالية توسعية ) ،(Expansionary Fiscal Contractionsأو الحاالت التي يمكن أن تكون ضمنها
المضاعفات المالية سالبة .1ومثلما عكفت عليه المقاربات النظرية ذات الصلة بالموضوع ،سنهتم بدراسة آثار
السياسة المالية على النشاط االقتصادي بالتركيز على جوانب ثالث تتعلق بـ :آثار السياسة المالية من جانب
الطلب ،من جانب العرض ،والجانب المؤسساتي للسياسة المالية.2
يعتبر تحفيز جانب الطلب الكلي أحد الخيارات األساسية المتاحة أمام صناع قرار السياسات االقتصادية
بشكل عام –والسياسة المالية على وجه الخصوص -للتأثير في تطور النشاط االقتصادي؛ ويعد هذا الخيار
كينزيا من حيث الخلفية الفكرية االقتصادية ،حيث كان ظهوره بمثابة توجه جديد للفكر االقتصادي ،رافق
الفشل الذريع الذي مني به الفكر الكالسيكي بعد تسببه في وقوع أعظم أزمة كساد شهدها العالم مع نهاية
عشرينات القرن الماضي .في ذات السياق ركزت الدراسات التي اهتمت بالدور اإلستقراري للسياسة المالية
تقليديا ،على آثار هذه األخيرة من ناحية الطلب ،أين ارتبط األثر النظري للسياسة المالية على الطلب الكلي
بمواصفات النموذج المستخدم في الدراسة ،إن كان كينزيا (تقليديا أو حديث) أو غير ذلك (الكينزيا).
تمثل المقاربة الكينزية نقطة االنطالق المرجعية للشروع في مراجعة األدبيات النظرية بخصوص اآلثار
االقتصادية الكلية للسياسة المالية .ووفق النموذج الكينزي األبسط ،يتحدد الناتج بواسطة الطلب الكلي ،في
ظل فرضيات عدم مرونة األسعار ) ،(Price Rigidityوفائض القدرات االنتاجية ) ،(Excess Capacityأين
يكون للتوسع المالي تأثير مضاعف على الطلب الكلي والناتج؛ بينما يفوق المضاعف الكينزي التقليدي
الواحد الصحيح ،يتزايد بتزايد درجة استجابة االستهالك للدخل الجاري ،ويكون أكبر في حالة زيادة اإلنفاق
العام مقارنة بحالة خفض الضرائب .في حين يأخذ مضاعف الميزانية الموازنة )Balanced Budget
– (Multiplierالناتج عن زيادة الضرائب بما يتوافق مع زيادة اإلنفاق العام -قيمة مساوية للواحد الصحيح.3
1يرتكز تفسير آلية تأثير السياسة المالية على النشاط االقتصادي باألساس على آلية المضاعف ،وذلك وفق وجهة نظر دعاة السياسة المالية التقديرية التي
أشار إليها الفكر الكينزي؛ حيث يقال عن إجراء أو تدبير مالي معين أنه فعال ،فقط إذا كان المضاعف المرافق للتوسع المالي موجب وكبير.
2أنظر على سبيل المثال- Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002), "The Effectiveness of Fiscal Policy in :
Stimulating Economic Activity- A Review of the Literature" IMF Working Paper, WP /02/208, December.
3لعرض مفصل حول المضاعفات الكينزية ،أنظر- Evans. M.K. (1966), "Multiplier Analysis of a Post-War Quarterly U.S. :
Model and a Comparison with Several Other Models", The Review of Economic Studies, Vol. 33, PP. 337- 360.
93
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
في حين يفترض النموذج الكينزي البسيط ثبات أسعار الفائدة وحياد السياسة النقدية ،تسمح تطويرات هذا
النموذج باستيعاب آثار المزاحمة ) (Crowding Out Effectsعلى حجم مضاعفات السياسة المالية (دون
المستحثة في أسعار الفائدة وسعر
إشارتها) ،والتي يمكن أن تصاحب توسعات السياسة المالية نتيجة التغيرات ُ
الصرف .1فمن جهة يرتبط االستثمار الخاص –ضمن نموذج IS/LMالمعياري -بعالقة عكسية مع معدالت
الفائدة؛ وبالتالي سيؤدي التوسع المالي المدفوع بالزيادة في االقتراض العام إلى تراجع االستثمار ،بتسببه في
ارتفاع أسعار الفائدة ،مما سيعمل على إلغاء جانبا من الزيادة في الطلب الكلي المصاحبة لهذا التوسع ،ومن
ثم إلى انخفاض التأثير الكلي على الناتج اإلجمالي .ومن جهة أخرى يمكن أن تحدث المزاحمة في اقتصاد
مفتوح –وفق نموذج -Mundell-Flemingعن طريق سعر الصرف؛ حيث سيتسبب ارتفاع معدالت الفائدة
في جذب تدفقات رأس المال نحو االقتصاد المحلي ،مؤديا بذلك إلى ارتفاع سعر صرف العملة المحلية (في
ظل نظام سعر صرف مرن وحركة تامة لرؤوس األموال) ،مع ما يترتب عنه من تدهور في الحساب الجاري
الخارجي ،سيعمل بدوره على إزاحة التوسعات في الطلب المحلي الناجمة عن التوسع المالي.2
في نفس السياق ،يبدوا أن فعالية التوسعات المالية في تحفيز النشاط االقتصادي ،في وجود آثار مزاحمة
من خالل أسعار الفائدة ،تتوقف على مدى حساسية االستثمار الخاص والطلب على النقود لهذه األسعار.
فكلما كان االستثمار أكثر حساسية ألسعار الفائدة ،وكلما كان الطلب على النقود أقل حساسية تجاهها ،كلما
كان من األكثر ترجيحا أن تكون آثار المزاحمة أكثر حدة والسياسة المالية أقل فعالية .3أما في اقتصاد مفتوح
فيعتمد مقدار مضاعفات السياسة المالية –في المقام األول -على نوع نظام سعر الصرف السائد؛ ففي ظل
نظام سعر صرف مرن ،يعمل تدفق رؤوس األموال إلى الداخل ،الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة المحلية
على رفع سعر الصرف ،ومع وجود حرية تامة لحركة رؤوس األموال ستحدث مزاحمة على نحو كامل،
لتكون السياسة المالية بذلك غير فعالة4؛ بينما تأخذ مضاعفات السياسة المالية في حالة عدم توفر حرية
- Evans. M.K. (1969), "Reconstruction and Estimation of the Balanced Budget Multiplier", Review of Economics
and Statistics, Vol. 51, PP. 14-25.
1ذلك فضال عن آثار المزاحمة المباشرة التي تحدث بقدر ما توفره الحكومة من السلع والخدمات التي تحل بديال لتلك المقدمة من طرف القطاع الخاص،
وبقدر ما تكون جزءا من أي زيادة في الطلب المحلي في اقتصاد مفتوح ،يتم استيفاؤها من خالل الواردات.
2تفاصيل أكثر حول آثار المزاحمة ،وفعالية السياسة المالية ،ضمن- Buiter. W.H. (1976), "Crowding Out and the Effectiveness of :
Fiscal Policy", Econometric Research Program, Princeton University, Research Memorandum, No. 191, February.
3مع ذلك ،إذا كان االستثمار عبارة عن دالة متزايدة في الدخل الجاري ،فإن نماذج المضاعف-المعجل ) (Multiplier-Acceleratorيمكن أن تعمل
على توليد مضاعفات مالية مرتفعة حتى في وجود مزاحمة من خالل أسعا ر الفائدة .ومن ناحية أخرى يمكن تفادي ميل أسعار الفائدة لالرتفاع استجابة
منها للتوسع المالي من خالل توسعات السياسة النقدية؛ في حين إذا كان الطلب على النقود حساس بشكل النهائي لتغيرات أسعار الفائدة ،وكانت هناك
مصيدة السيولة ،فإن السياسة النقدية في هذه الحالة تكون غير فعالة ،بينما تكون السياسة المالية هي األداة الوحيدة المتاحة من بين أدوات السياسة .أنظر:
- Carlson. K.M., and R.W. Spencer. (1975). "Crowding Out and Its Critics", Federal Reserve bank of ST. LOUIS.
4يحدث هذا بافتراض عدم تغير احتياطات النقد األجنبي ،بينما إذا تم تمويل التوسع المالي عن طريق السحب من هذه االحتياطات ،فإن التوسع النقدي
الناتج عن ذلك سيعمل على تقليل مقدار المزاحمة.
94
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
حركة رؤوس األموال ،نفس القيم التي تأخذها في حالة اقتصاد مغلق .في حين تكون السياسة المالية فعالة
إلى حد بعيد في ظل نظام سعر صرف ثابت مع حرية تامة لحرمة لرؤوس األموال ،حيث يرتفع عرض
النقود من أجل اإلبقاء على أسعار الفائدة المحلية عند المستويات التي كانت عليها قبل التوسع المالي.1
ضمن النموذج الكينزي الحديث ) ،(Neo-Keynesian Modelتعد مرونة األسعار –على الرغم من
اتسامها بالجمود اإلسمي -من بين القنوات التي يمكن أن يتأثر عن طريقها حجم مضاعفات السياسة المالية،
من خالل تأثيرها في سعة ومقدار آثار المزاحمة .فمرونة األسعار حتى وان كانت محدودة في المدى القصير
سيصحب التوسع
إال أنها تميل إلى تضييق نطاق القيم التي تأخذها هذه المضاعفات .ففي اقتصاد مغلق ُ
المالي بارتفاع في األسعار ،بما يؤدي إلى امتصاص جزء من الزيادة الحاصلة في الطلب الكلي في المدى
القصير ،وتعزيز آثار المزاحمة من خالل أسعار الفائدة التي تحدث في حالة جمود األسعار .أما في اقتصاد
مفتوح ،ووفقا لنظام سعر الصرف السائد ،فإن حجم آثار المزاحمة في ظل نظام سعر صرف مرن ،يتوقف
على استجابة األسعار المحلية لتغيرات سعر الصرف؛ إذ أن تحرك هذه األسعار مع تغيرات هذا األخير ،من
شأنه أن يؤدي في حالة ارتفاع قيمته إلى انخفاض األسعار ،ومن ثم إلى مزاحمة أقل مقارنة بحالة جمود
األسعار .بينما سيتدهور الحساب الجاري استجابة الرتفاعات األسعار في ظل نظام سعر صرف ثابت ،مما
يؤدي إلى حدوث مزاحمة أكبر ،مقارنة بحالة جمود األسعار ،وبالتالي فعالية أقل للسياسة المالية.2
عالوة عما سبق يمكن أن تؤثر التغيرات في أسعار الفائدة وسعر الصرف على مدى سعة آثار المزاحمة،
من خالل آثار الثروة ) (Wealth Effectsعلى الطلب الكلي .3ويحدث ذلك بشكل خاص عندما يكون
االستهالك مرتبطا بالثروة من األصول المالية الجارية ،حيث سيؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى تخفيض القيمة
اإلسمية لألصول المالية ،كما يتسبب ارتفاع سعر الصرف في تخفيض قيمة األصول من العمالت األجنبية،
وذلك بالنسبة للعائالت والمؤسسات التي هي عبارة عن دائن صافي ) .(Net Creditorsهذه اآلثار السلبية
على الثروة من شأنها العمل على تدعيم آثار المزاحمة عن طريق أسعار الفائدة وسعر الصرف وبالتالي الحد
من آثار التوسعات المالية على الناتج ،نظير مساهمتها في انخفاض قيمة مضاعفات السياسة المالية.4
1تفاصيل أوفر حول المزاحمة من خالل سعر الصرف ،ضمن- Gray. H.P. (1987), "International Crowding Out: Concept and :
Policy Implications", Eastern Economic Journal, Vol. 13, No. 3, July-September, PP. 193-203.
2أنظر- Capet. S. (2004), "The Efficiency of Fiscal Policies: a Survey of the Literature", CEPII, Working Paper No :
2004–11, Septembre, P. 07.; - Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002), P. 05.
3يشار إلى هذه اآلثار في الغالب بـ "آثار ،"Pigouأو "آثار األرصدة الحقيقية ،"Real Balances Effects -نسبة إلى البروفيسور ""A.C. Pigou
الذي يعد أول من أسس ألثار الثروة على اإلستهالك واالستثمار الخاص ،من خالل كتابه "."The Economics of Welfare
4تجدر اإلشارة إلى أنه إذا كان معظم الدين العام المحلي عبارة عن سندات حكومية ذات معدل فائدة متغير ( ُمعومة ،)Floating-rate Bonds -فإن
آثار الثروة في هذه الحالة ستكون جد محدودة ،حيث ال ينبغي لتغيرات أسعار الفائدة أن تؤثر على القيمة اإلسمية لمثل هذه السندات .ومن ناحية أخرى،
يكون أثر ارتفاع األسعار أكثر لبسا وغموضا ،بالنظر لما يمكن أن ينجر عنه من تأثيرات متضاربة على كل من القيمة اإلسمية والقيمة الحقيقية للثروة.
95
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
فضال عما سبق ،وفيما يتعلق باآلثار الديناميكية للسياسة المالية ،يرى Auerbachو)1987( Kotlikoff
أنه إذا استغرقت آثار المزاحمة وقتا أطول للظهور مقارنة بالتأثير المباشر للتوسع المالي ،فإنه من المرجح
أن تكون مضاعفات السياسة المالية أكبر نسبيا في المدى القصير ،غير أنها تميل إلى االنخفاض مع مرور
الزمن .وحدد الباحثان عوامل على غرار حلقة األسعار-أجور التي تحدد سرعة ارتفاعات األسعار استجابة
للتوسعات المالية ،وكذا درجة استجابة حجم التجارة الخارجية للتغيرات في أسعار الواردات والصادرات بالعملة
المحلية ،التي من شأنها أن تؤثر على حجم مضاعفات السياسة المالية في المدى القصير.1
شكلت وجهة نظر المقاربة الكينزية القاضية بأهمية وقدرة التوسعات المالية في تحفيز النشاط االقتصادي
موضوع نقاش طويل األمد بشأن صحتها النظرية وكذا أهميتها العملية ،وذلك بالنظر إلى أوجه القصور التي
تعاني منها هذه المقاربة ،والسيما افتقارها إلى األسس االقتصادية الجزئية .وفي هذا الصدد استندت نماذج
المقاربات الداعمة لآلثار الالكينـزية للسياسة المالية –والتي انتسبت للمدرستين النقدوية والكالسيكية الحديثة-
إلى فرضيات كالتوقعات المكيفة ،والتوقعات العقالنية والمكافئ الريكاردي )،)Ricardian Equivalence
والمصداقية ( .)Credibilityوبينما تولي هذه النماذج اهتماما كبي ار تجاه آثار جانب العرض للسياسة المالية،
سنحاول من خالل هذا الجزء التركيز على مالمح بعض النماذج المتضمنة آلثار جانب الطلب.
انطالقا من اعتراضها على مبادئ السياسة االقتصادية التي تضمنتها أطروحة منحنى ،)1958( Phillips
ومضمونها للتوازن بين البطالة والتضخم في المدى القصير ،القائم على أساس المنظور الكينزي لتوازن سوق
العمل المتميز بالثبات االسمي لألجور ،إلتزمت المدرسة النقدوية بزعامة " "Milton Friedmanمنذ ظهورها
في خمسينات القرن الماضي بفكرة التوقعات المكيفة ،في تفسيرها لعدم فعالية السياسة المالية .فبالرغم من أن
فريدمان -مع مراعاة ظاهرة الخداع النقدي التي يتعرض لها األفراد -يتفق مع الكينزيين فيما يتعلق بالفعالية
النسبية لسياسات جانب الطلب -ومنها السياسة المالية -في المدى القصير ،غير أنه يعتبر أن التوقعات
المكيفة لألفراد تجعل تأثير الخداع النقدي ال يتعدى المدى القصير؛ كما أن تناظر المعلومات غير دائم،
وعليه يكون من غير الممكن التحكم المستمر في البطالة والتضخم ،حيث أن انتهاج الحكومة ألي سياسة
اقتصادية تهدف إلى الرفع من معدالت اإلنتاج والتوظيف ،لن يكون له أي أثر يخدم هذا المنظور ،إذ لن
أنظر- Balcerzak. A.P., and E. Rogalska, (2014), "Crowding Out and Crowding in within Keynesian Framework: Do :
We Need Any New Empirical Research Concerning Them?", Economics & Sociology, Vol. 7, No 2, ,PP. 80-93.
1للتفاصيل ،أنظر- Auerbach. A.J., and L.J. Kotlikoff. (1987), "Dynamic Fiscal Policy", Cambridge University Press, :
New York.
96
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تؤدي إال إلى ارتفاع األسعار في المدى الطويل ،ضمن ما يسمى بـ "فرضية التسارع التضخمي" ،التي ترفض
كل أنواع السياسات االقتصادية الفاعلة ،وخاصة السياسة المالية الممولة باإلصدار النقدي أو االقتراض.1
على المستوى النظري ،يمكن أن تظهر مضاعفات السياسة المالية الالكينزية إذا تبنى األفراد توقعات
عقالنية ،أين يكونون على وعي تام بالقيود الزمنية للميزانية الحكومية .ففي ظل فرضية التوقعات العقالنية،
واستنادا إلى الدور الذي تؤديه هذه التوقعات في إجراء تعديالت تطلعية ) (Forward Adjustmentsفي قيم
المتغيرات باستخدام كافة المعلومات المتاحة ،فإن اآلثار األطول أجال للسياسة المالية ستتحقق حتى في
المدى القصير .لذا يتوقف أثر السياسة المالية على مداها الزمني؛ إذ يعد التمييز بين تغيرات السياسة
المؤقتة والدائمة أمر بالغ األهمية .فعلى سبيل المثال ،لن يكون للتوسعات المالية المؤقتة التي ال تمارس
تأثيرات طويلة األجل أي أثر على التوقعات ،بينما سيكون للتدابير المالية طويلة األمد تأثير مختلف ،إذ من
الممكن أن تتعزز آثار الم ازحمة المصاحبة للتوسع المالي الدائم –ربما إلى حد أن تصبح المضاعفات المالية
سالبة -بتوقعات األفراد والمؤسسات بشأن استمرار وتزايد االرتفاعات األولية ألسعار الفائدة وسعر الصرف.2
ضمن اقتصاد يسلك فيه األعوان االقتصاديين السلوك الريكاردي ،في ظل فرضية التكافؤ لريكاردو التي
ترتبط بشكل وثيق بمفهوم التوقعات العقالنية؛ يعتمد تأثير سياسات التوسع المالي (رفع اإلنفاق العام أو
خفض الضرائب) أساسا على اإلشارة التي يرسلها هذا اإلجراء بشأن اتجاه معدالت الضرائب وسلوك اإلنفاق
العام في المستقبل ،تماشيا مع التغيرات االقتصادية المصاحبة لإلجراء المالي المتخذ .3فإذا كان المستهلكون
ريكارديون ،حيث أنهم يتمتعون بنظرة تطلعية للمستقبل ،وادراك تام بالقيود الزمنية للميزانية الحكومية ،فإنهم
سيتوقعون أن خفض الضرائب اليوم وتمويله من خالل إصدار الدين العام ،سوف يؤدي إلى فرض ضرائب
أعلى في المستقبل وبالتالي فإن الدخل الدائم ) (Lifetime Incomeلن يتأثر؛ ومع غياب قيود السيولة في ظل
سوق رأس مال تامة الفعالية ،فإن االستهالك لن يتغير في وجود تكافؤ ريكاردي بين الضرائب والدين العام.
عوض بشكل كامل
سي َّ
والتكافؤ الريكاردي التام يعني أن انخفاض اإلدخار العام الناجم عن خفض الضرائبُ ،
بارتفاع اإلدخار الخاص؛ أما الطلب الكلي فال يتأثر ،إذ سيكون المضاعف المالي معدوم في هذه الحالة.4
1لتفاصيل أدق ،أنظر- Friedman. M. (1968), "the Role of Monetary Policy", American Economic Review, Vol. 58, N. :
1, March, PP. 1-17.
2للمزيد ،أنظر- Sargent. T.J., and N. Wallace. (1976), "Rational Expectations and the Theory of Economic Policy", :
Journal of Monetary Economics, Vol. 2, No. 2, PP. 169-189.; - Darrat. A.F. (1985), "The Impact of Fiscal Policy
under Rational Expectations: Some Tests", Journal of Macroeconomics, Vol. 7, Issue. 4, Autumn, PP.553-565.
3أنظر- Leiderman. L., and M.I. Blejer. (1988), "Modelling and Testing Ricardian equivalence: A Survey", IMF :
Staff Papers, Vol. 35, No. 1, PP. 1-35.
4تفاصيل أدق ضمن- Barro. R.J. (1974), "Are Government Bonds Net Wealth?", Journal of Political Economy, Vol. 82, :
November-December, PP. 1095-1117.
97
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تم التركيز ضمن أدبيات المكافئ الريكاردي على آثار تخفيضات الضرائب على المبالغ اإلجمالية )Lump
،(Sum Taxesبالنسبة لمسار معين من اإلنفاق العام .بينما إذا تعلق األمر بالضرائب النسبية أو التصاعدية
فإنه يتعين أخذ الطريقة التي تؤثر من خاللها آثار جانب العرض المرافقة للتخفيضات الضريبية على الدخل
الدائم بعين االعتبار .1أما آثار التوسع المالي الذي يأخذ شكل زيادة في اإلنفاق الحكومي على الدخل الدائم،
فتعتمد على كيفية تغطية هذه الزيادة في المستقبل؛ حيث لن يكون للزيادات المؤقتة في اإلنفاق التي سيتم
المم َّول
تعويضها من خالل تخفيضات اإلنفاق المستقبلي أي أثر ُيذكر ،في حين سيؤدي االرتفاع في اإلنفاق ُ
عن طريق زيادة الضرائب المستقبلية إلى تخفيض الدخل الدائم واالستهالك ،وربما إلى مضاعفات مالية
سالبة على الرغم من أن تحديد المدى الدقيق لالنخفاض في الناتج سيعتمد على مدى إنتاجية اإلنفاق العام.2
في ظل االفتراضات القوية التي يستند إليها التكافؤ الريكاردي ،والتي يجعل عدم تحققها من الشواهد
العلمية بشأن تحقق هذا التكافؤ –على األقل بشكله الكامل -محل جدل ونقاش مستمر؛ يجدر التساؤل عما
إذا كانت هناك ظروف معينة تزيد من احتمال حدوث االستجابات الريكاردية .فعلى سبيل المثال ،إذا كانت
الحكومة ملتزمة بقاعدة سياسة مالية معينة ،والتي تستدعي ضرورة عكس اتجاه التوسع المالي قريبا ،فإن
األفراد -حتى وان لم يكن أمامهم آفاق زمنية طويلة -قد ُيقدمون على تعديل سلوكهم االدخاري ،على األقل
في استعداد جزئي منهم لضرائب أعلى في المستقبل .وبالمثل ،فإنه إذا كان ُينظر على نطاق واسع إلى
المسار الجاري للدين العام على أنه غير مستدام ،وأنه ستقوم الحاجة في المستقبل القريب إلى زيادة الضرائب
للتخفيف من الديون ،فإنه يمكن أن يكون هناك تكافؤ ريكاردي ظاهري للتوسع المالي حتى في إطار كينزي.3
في حين أنه يمكن أن تكون السياسة المالية كينزية ظاهريا في إطار ريكاردي في الواقع ،إذ كان األفراد -وفقا
لتطلعاتهم المستقبلية -يخشون أن تتم نقدنة الدين العام أو أن يتم االستالء على مدخراتهم من قبل الحكومة.4
من ناحية أخرى ،تعد عالوات المخاطرة ضمن أسعار الفائدة ) (Risk Premiaقناة هامة ،يمكن أن يؤثر
من خاللها تراكم الدين العام على قيمة مضاعفات السياسة المالية .وحيث تتزايد الديون الحكومية مع استمرار
1تجدر اإلشارة في هذا الصدد أنه ومن ناحية أخرى ،قد تؤدي التوقعات في بعض الحاالت إلى آثار الإنكماشية للزيادات الضريبية ،ويحصل ذلك إذا
اعتبر المستهلكون أن هذه الزيادات تدل على تغير في النظام ،إذ أنهم لن يتوقعوا ثروة مستقبلية كثيرة من شأنها تخفيض زيادات الضرائب ،ولذلك
سيحافظون عل مستوى استهالك عيشهم بدون تغيير .تفاصيل أوفر حول الموضوع ،موجودة ضمن- Alesina. A., and R. Perotti. (1997b), :
"The Welfare State and Competitiveness", American Economic Review, vol. 87, No. 5, December, PP. 921-939.
2بدال من ذلك ،يمكن أن توزع العائالت تخفيضها لالستهالك على فترات زمنية متباينة ،مما قد يؤدي إلى ظهور مضاعفات مالية إيجابية حتى في حالة
اآلثار الريكاردية .تفاصيل أدق ،ضمن- Calmfors. L. (2003), "Fiscal Policy to Stabilise the Domestic Economy in the EMU: :
What Can We Learn from Monetary Policy?", CESifo Economic Studies, Vol. 49, No. 3, PP. 319-353.; - Barro. R.J.
(1989), "The Ricardian Approach to Budget Deficits", Journal of Economic Perspectives, Vol. 3, Spring, PP. 37-54.
3للمزيد من التفاصيل ،أنظر- Sutherland. A. (1997), "Fiscal Crises and Aggregate Demand: Can High Public Debt :
Reverse the Effects of Fiscal Policy?", Journal of Public Economics, Vol. 65, August, PP. 147-162.
4المزيد من التفاصيل ،ضمن- Bertola. G., and A. Drazen. (1993), "Trigger Points and Budget Cuts: Explaining the :
Effects of Fiscal Austerity", American Economic Review, Vol. 83, March, PP. 11-26.
98
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
التوسعات المالية ،فإن عالوات المخاطرة -التي تعكس تصاعد مخاطر العجز عن سداد الدين أو مخاطر
التضخم -ستعزز من آثار المزاحمة من خالل أسعار الفائدة ،لتكون التوسعات المالية المؤقتة-في مثل هذه
الظروف -أكثر فعالية من تلك الدائمة ،باعتبار أن األخيرة تتضمن مخاطر أكثر بشأن تقويض واضعاف
القدرة على تحمل الدين؛ كما من شأن هذا النوع من التوسعات المالية أن يؤدي ضمن اقتصاد مفتوح مع
حركة عالية لرؤوس األموال ،إلى إثارة المخاوف أيضا بشأن مستقبل مشاكل ميزان المدفوعات ،ومن ثم إلى
انخفاض فوري في االستثمار األجنبي وتدفقات رأس المال ،مع نتائج غير محمودة على النشاط االقتصادي.1
في األخير ،إذا جاءت التوسعات المالية مصحوبة بتزايد الاليقين وعدم التأكد ،فإن السلوك الحذر من
جانب كل من العائالت والمؤسسات يمكن أن ُيخفِّض هو اآلخر من حجم مضاعفات السياسة المالية ،وربما
يقودها إلى أخذ قيم سالبة ،في ظل إقدام العائالت –في مثل هذه الظروف -على تكوين ُم َّدخرات تحوطية،
بينما ِّ
تؤجل المؤسسات االستثمارات التي ال يمكن إلغائها .وبشكل عام ،من المرجح أن تكتسي آثار الثقة في
بيئة تسودها ظروف عدم التأكد أهمية بالغة ،إذ يؤثر الوضع المالي على ق اررات أعوان القطاع الخاص
المتعلقة بسلوكات االستهالك واالستثمار ،التي تعتمد على مواقف وثقة قطاع العائالت والمؤسسات تجاه
المحيط االقتصادي بشكل عام ،والسياسات المالية الحكومية بشكل خاص.3
1تفاصيل أوفر عن الموضوع ،موجودة ضمن- Miller. M., R. Skidelsky., and P. Weller. (1990), "Fear of Deficit Financing: Is :
it Rational?", in: Public Debt Management: Theory and History, ed. By R. Dornbusch and M. Draghi, Cambridge
University Press, Cambridge and New York, PP. 293-310.
2المزيد من التفاصيل حول الموضوع ،ضمن- Giavazzi. F., and M. Pagano. (1990), "Can Sever Fiscal Contractions be :
Expansionary?, Tales of Two Small European Countries", in: NBER Macroeconomics Annual, 5, 1990, ed. By O.J.
Blanchard., and S. Fischer, MIT Press, Cambridge, Massachusetts, PP. 75-122 .; - Alesina. A., and S. Ardagna.
(1998),"Tales of Fiscal Adjustments", Economic Policy, Vol. 27, October, PP. 487-546.
- Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002), PP. 6-8.; - Capet. S. (2004), P. 9. 3تفاصيل أوفى ،ضمن:
- Caballero. R.J., and R.S. Pyndick. (1996),"Uncertainty, Investment, and Industry Evolution", International
Economic Review, Vol. 37, August, PP. 641-662.
99
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
باإلضافة إلى آثار جانب الطلب سالفة الذكر ،وعلى الرغم من تركيز التحليل التقليدي للدور اإلستقراري
للسياسة المالية على إب ار از آثار التغيرات في أدوات هذه السياسة على جانب الطلب ،إال أن آثار جانب
العرض تعد أكثر أهمية على المدى البعيد .وفي هذا الصدد تعتمد فعالية السياسة المالية ،ومن ثم قيمة
مضاعف هذه السياسة على عديد العوامل المتعلقة بجانب العرض ،التي تساهم مجتمعة في تحديد درجة
استجابة العرض الكلي للتغيرات المعتمدة في الطلب الكلي (التي تعد السياسة المالية إحدى مقوماتها
األساسية) ،ومن ثم تحديد مدى فعالية السياسة المالية على غ ار ار فعالية سياسات جانب الطلب بشكل عام.
ضمن النماذج الكالسيكية الحديثة ،أين تتمتع األسعار واألجور بالوضوح والمرونة التامة في ظل
الوضوح التام للسوق ،تكون التقلبات في الناتج اإلجمالي ناتجة أساسا عن الصدمات في جانب العرض
وليس عن التغيرات في الطلب الكلي .لذلك ،يقضي أحد مضامين النماذج الكالسيكية الحديثة -والذي تم
تسليط الضوء عليه ألول مرة من طرف ،)1975( Lucasو Sargentو -)1975( Wallaceبأن السياسات
االقتصادية المتوقعة بشكل تام والتي تستهدف التأثير على الطلب الكلي (ولكن ال تؤثر على العرض الكلي)،
لن يكون لها أي تأثير على الناتج الحقيقي سواء في المدى القصير ،أو على المدى األبعد ،إذ لن تؤدي إال
إلى ارتفاع معدالت التضخم .وفقط السياسات غير المتوقعة –والتي تعكس إما مفاجئات من طرف الحكومة
أو نقص في المعلومات -سيكون لها تأثير ،والذي سينشأ كليا عن طريق جانب العرض.1
كما هو متعارف عليه ،فإن درجة مرونة العرض الكلي (مرونة الجهاز اإلنتاجي) للتغيرات في الطلب
تتوقف بشكل أساسي على مدى قرب أو بعد االقتصاد من وضعية التشغيل الكامل .فإذا كان االقتصاد يعمل
عند طاقته الكاملة ،وقدرته اإلنتاجية ال يمكن أن ترتفع في المدى القصير ،فإن التوسع المالي –الذي قد تتم
مباشرته بناء على افتراض خاطئ يفيد بوجود طاقات فائضة أو ألسباب سياسية -سيكون تزاحميا من خالل
تسببه في ارتفاع األسعار ،إذا لم يكن له أي أثر على الناتج الكامن؛ وفقط السياسات التي بإمكانها معالجة
قيود القدرات اإلنتاجية ،وتطوير استجابات جانب العرض ستكون فعالة ،وان كان تأثيرها مبدئيا طويل المدى.
غير أن التوسعات المالية (تخفيضات الضرائب أو زيادات اإلنفاق) المالئمة لجانب العرض ،والمعززة لعرض
المؤسسات ،من شأنها أن تؤدي إلى تكوين توقعات بشأن ارتفاع معدالت النمو على المدى البعيد ،لتؤدي
1للمزيد من التفاصيل والتوضيحات ،أنظر- Lucas. R. E., and N.L. Stokey. (1983), "Optimal Fiscal and Monetary Policy in :
an Economy Without Capital", Journal of Monetary Economics, Vol. 12, No. 1, PP. 55-94.; - Chari. V.V., and P.J.
Kehoe. (1998), " Optimal Fiscal and Monetary Policy", Federal Reserve Bank of Minneapolis, Research Department
Staff Report, No. 251.
100
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
بذلك إلى آثار إيجابية على الطلب الكلي في المدى القصير ،وارتفاع مضاعفات السياسة المالية.1
في سياق تقييم آثار السياسة المالية على المدى القصير ،ينبغي إيالء االهتمام للطريقة التي تؤثر من
خاللها التغيرات في الضرائب على مداخيل العمال (الضرائب على األجور) على المعروض من اليد العاملة،
وكذا كيفية تأثير التغيرات في ضرائب رأس المال على االستثمار واإلدخار ،ومن ثم على نمو الناتج .2وفي
هذا اإلطار ستؤدي الزيادة في ضرائب العمل إلى انخفاض الدخل الحقيقي ،مما يؤدي إلى ارتفاع عرض
العمل للحفاظ على نفس مستوى االستهالك ،بينما ستنخفض األجور الحقيقية نتيجة ارتفاع عرض العمل.
كما يمكن أن تؤدي الزيادات الضريبية -في وجود نقابات عمالية -إلى المطالبة برفع األجور ،األمر الذي
من شأنه أن يحد من المنافسة ،وبالتالي من نمو الناتج اإلجمالي .في حين يمكن أن يؤدي تخفيض الضرائب
على أرباح الشركات إلى آثار أكبر على الناتج الكامن ،مقارنة بتلك المترتبة عن تخفيض ضرائب العمل،
باعتبار أن اإلجراء األول سيكون له أثر مباشر على االستثمار ،ينتج عن انخفاض تكلفة رأس المال.3
بشكل أكثر تفصيال ،تم تركيز بعض من االهتمام على الطريقة التي يمكن أن تؤثر من خاللها خصائص
سوق العمل على إمكانية أن يكون للتغيرات في الضرائب واإلنفاق آثار غير كينزية من خالل قناة جانب
العرض .في هذا الصدد الحظ Alesinaو )1997a( Perottiأن الزيادات في الضرائب على دخل العمل يمكن
أن تُرفق ب أثر معنوي سلبي على جانب العرض في أسواق العمل النقابية غير تامة المنافسة ،حيث ترتفع
األجور السائدة قبل فرض الضريبة ) ،(before-tax wagesوكذا تكاليف اليد العاملة ،لتعكس الزيادة الحاصلة
في الضرائب .بينما يشير الباحثان َّ
أن اتفاق مع النقابات العمالية يقضي باالعتدال في األجور ،من شأنه أن
يحد من الزيادات في األجور قبل فرض الضريبة ،أو من الضغوط التضخمية خالل اإلنكماشات المالية
المصحوبة باالنخفاضات الحادة في قيمة العملة المحلية ،وبالتالي يخفض من قيمة مضاعف السياسة المالية
وربما يساهم في ظهور آثار غير كينزية .ومن ناحية أخرى ،لوحظ أنه عندما تستند عملية المفاوضات حول
األجور إلى األجور بعد فرض الضريبة ) ،(after-tax wagesفإنه يمكن أن يكون لخفض ضرائب العمل تأثير
إيجابي على جانب العرض ،حيث يؤدي تخفيض هذا النوع من الضرائب إلى تخفيض تكاليف اليد العاملة،
1المزيد من التفاصيل حول الموضوع ،موجودة ضمن العمل الذي قدمه ،)1985( Evansمع نموذج اختناقات العرض القطاعية )Sectoral Supply
(Bottlenecks؛ أنظر- Evans. G. (1985), "Bottlenecks and the Phillips Curve: A Disaggregated Keynesian Model of :
Infaltion, Output, and Unemployment", Economic Journal. Vol. 95, June, PP. 345-357.
2تجدر اإلشارة في هذا الصدد ،إلى أن ضرائب االستهالك ال تمارس تأثيرا مباشرا على عرض العمل أو االستثمار ،بينما قد يكون لها تأثير غير مباشر.
3يبقى تأثير التغيرات الضريبية بشكل عام على المعروض من اليد العاملة ورأس المال ،وبالتالي على النمو ،في نهاية المطاف مسألة تجريبية لم يتم بعد
التوصل إلى استنتاجات واضحة بشأنها .لعرض مفصل بشأن األدلة واإلثباتات التجريبية ذات الصلة بعرض العمل؛ أنظر:
- Blundell. R., and T. MaCurdy. (1999), "Labor Supply: A Review of Alternative Approaches", in: Handbook of
Labor Economics, ed. By O. Ashenfelter and D. Card, Amsterdam, New York, Elsevier.
101
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
في ظل مطالبة النقابات بأجور أقل خالل عملية المفاوضات ،باعتبار أن الموظفين –في الواقع -ينظرون
إلى الضرائب على أنها اقتطاعات من أجورهم بدال من اعتبارها نظير منفعة عامة أو توفير خدمة عامة.1
فضال عما سبق ،ترتبط آثار جانب العرض لتغيرات اإلنفاق الحكومي على الناتج الحقيقي ،بالتوظيف
الحكومي ،واألجور ،والتحويالت الحكومية؛ إذ من شأن وجود مستوى عالي من العمالة والتوظيف الحكومي
أن يزيد من قوة االتحادات العمالية من خالل مساهمته في رفع الطلب على العمل ،وعلى حد سواء سترتفع
األجور ،وستزيد إعانات البطالة من األجور المحمية بشكل قد يؤدي إلى ارتفاع األجور التوازنية ،مما سيحد
أيضا من المنافسة ،وبالتالي نمو الناتج الحقيقي .2من ناحية أخرى ،يتعين إيالء االهتمام أيضا للطريقة التي
تؤثر من خاللها التغيرات في اإلنفاق العام على إنتاجية كل من عنصري العمل ورأس المال؛ وخاصة اإلنفاق
الحكومي على السلع العامة وغيرها من السلع ذات الوفرات الخارجية اإليجابية ،الذي من شأنه أن يؤدي إلى
تحسن نمو الناتج ،ويتجلى ذلك من خالل النماذج التي تتناول استثمار الحكومة في كل من رأس المال
المادي (العيني) ،وكذا رأس المال البشري على حد سواء .3وقد أوضح عدد من هذه النماذج أن مثل هكذا
استثمارات يمكن أن تنقل االقتصاد من وضع توازني سيئ إلى آخر جيد ،مع اختالفات اقتصادية كلية كبيرة،
وعلى النحو الذي يجعل من مضاعفات السياسة المالية عند أكبر قيمها الممكنة.4
قد يرتبط تأثير السياسة المالية على النشاط االقتصادي أيضا بعوامل مؤسساتية ،تتعلق أساسا بفترات
التأخير ،اعتبارات االقتصاد السياسي ،ومستويات التنمية .وفي هذا اإلطار ،يمكن أن تنتج تأخيرات زمنية
مهمة عند تنفيذ السياسات المالية ،والتي قد تؤدي إلى التقليص من حجم مضاعفات السياسة المالية .ويتم
التمييز في هذا الصدد ،بين التأخيرات الداخلية ) ،(Inside Lagsوالتأخيرات الخارجية )(Outside Lags؛ حيث
يعكس النوع األول الفترة الزمنية التي يستغرقها إدراك ومالحظة تغير الوضع االقتصادي ،وما يتطلبه من
1أما إذا استندت المفاوضات حول األجور إلى األجور قبل فرض الضريبة ،فإنه لن يكون لتخفيض ضرائب العمل أي آثار إيجابية على جانب العرض،
ألن تكلفة اليد العاملة ستبقى دون تغيير في الحالة .لتفاصيل أوفر ،أنظر- Alesina. A., and R. Perotti. (1997a), "Fiscal Adjustments in :
OECD Countries: Composition and Macroeconomic Effects", IMF Staff Papers, Vol. 44, No. 2, June, PP. 210-248.
- Alesina. A., and R. Perotti. (1997b).; - Alesina. A., Ardagna. S., Perotti. R., and F. Schiantarelli. (2002), "Fiscal
Policy, Profits and Investment", The American Economic Review, Vol. 92, No. 3, June, PP. 571-589.
2في هذا الصدد يشير Laneو ،)1996( Perottiأن التخفيضات في التوظيف الحكومي ،تُضعف النقابات ،وتُؤدي إلى تخفيض األجور ،وبالتالي تزيد
من الربحية ،ليمكن أن تشكل بذلك مصدرا لآلثار الالكينزية .أنظر- Lane. P.R., and R. Perotti. (1996), "Profitability, Fiscal Policy, :
and Exchange Rate Regimes", Centre of Economic Policy Research (CEPR) Discussion Paper, No. 1449, London.
3أنظر على سبيل المثال- Lucas. R. E. (1988), "On the Mechanics of Economic Development", Journal of Monetary :
Economics, Vol. 21, PP. 3-32.; - Murphy. K.M., A. Shleifer., and R.W. Vishny. (1989), "Industrialization and the
Big Push", Journal of Political Economy, Vol. 97, PP. 1003-1026.
4أنظر ،مثال- Azariadis. C., and A. Drazen. (1990), "Threshold Externalities in Economic Development", Quarterly :
Journal of Economics, Vol. 105, May, PP. 501-526.
102
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
ضرورة تغيير السياسة المالية ،ومن ثم وضع التدابير المالية المناسبة الحتواء الوضع الجديد .ويعتمد هذا
النوع من التأخيرات بشكل أساسي على سيرورة القرار السياسي وكفاءة اإلدارة المالية .أما التأخيرات الخارجية
فتشير إلى الفترة الزمنية التي تستغرقها التدابير المالية المتخذة للنفوذ إلى الطلب الكلي1؛ إذ تعتبر كل هذه
التدابير -على اختالف أشكالها -عرضة لتأخيرات داخلية طويلة ،ناتجة أساسا عن إمكانية حدوث تأخيرات
في كل من مراحل التصميم والمصادقة والتنفيذ .ويزيد احتمال طول هذه التأخيرات كلما زاد االعتماد على
التدابير التقديرية ،بينما تتميز عوامل االستقرار التلقائية )– (Automatic Stabilisersالتي عادة ما تأخذ شكل
ضرائب دخل متصاعدة وتعويضات البطالة -بتأخيرات أقصر ،وتأخذ وقتا أقل لتعديل النشاط االقتصادي،
بتقديمها لقوى دفع مضادة للتقلبات الدورية ) (Counter-Cyclicalدون الحاجة إلى تدابير تقديرية .بينما تكون
التأخيرات الخارجية أكثر تغي ار ،وتميل ألن تكون أقصر في حالة التحويالت وتخفيضات ضرائب الدخل.2
من ناحية أخرى ،يشير Alesinaو )1995( Perottiأن العجوزات المالية الكبيرة والدائمة قد تكون مؤش ار
على وجود تحيز نحو العجز ) ،(Deficit Biasيستند تفسيره باألساس إلى عدد من المتغيرات والعوامل ذات
الطابع االقتصادي السياسي3؛ والذي يتوجب في حال وجوده مقارنة وزن األثر اإليجابي للتوسع المالي على
الناتج ،بوزن األثر السلبي الناجم عن استمرار حاالت العجز المالي المرتفع ،التي تظهر إذا لم يتم عكس
التوسع بشكل كامل .وتعتمد عالقة هذه المقارنة بمضاعفات السياسة المالية على ُبعد نظر وتوقعات أعوان
القطاع الخاص ،حيث إذا كان األفراد والمؤسسات محدودي النظر ،أو مقيدي السيولة فإن ذلك لن يؤثر على
قيمة المضاعفات؛ أما إذا كان هؤالء األعوان على األقل يتمتعون بنظرة تطلعية جزئية للمستقبل ،فإنهم
سيتوقعون أن التوسعات المالية المعلنة بصفتها مؤقتة ،يمكن أن تدوم مؤدية إلى ارتفاع عالوات الخاطرة ،أو
ارتفاع اإلدخار الخاص ،ومن ثم إلى انخفاض مضاعفات السياسة المالية.4
فضال عما سبق من شأن بعض الخصائص المؤسساتية المميزة لالقتصاد أن تؤثر على حجم مضاعفات
السياسة المالية .وفي هذا الصدد ُيالحظ اختالف هذه الخصائص باختالف درجة التنمية االقتصادية السائدة
1تفاصيل أوفى ،ضمن- Blinder. A.S., and R.M. Solow. (1974), "Analytical Foundations of Fiscal Policy", in: the :
Economics of Public Finance: Essays, ed. By A.S. Blinder et al., Brookings Institutions, Washington, Dc, PP.3-115.
2
Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002), P. 10.; - Capet. S. (2004), PP. 8-9.
3ذلك على غرار إمكانية تعرض صانعي السياسات للوهم المالي ) ،(Fiscal Illusionبحيث ال يتوفر لديهم اإلدراك الكامل بالقيود الزمنية للميزانية
الحكومية ،مما يدفعهم إلى تفضيل العجز ،مع رغبهم في تحويل عبئ التصحيح المالي لألجيال المستقبلية ،في ظل تأجيل اإلصالحات المالية بسبب
الصراعات السياسة بشأن كيفية توزيع تكاليف عملية التعديل بين المجموعات المختلفة ،واستخدام تراكم الدين كأداة استراتيجية لتقييد حيز األداء المالي
للحكومات المتعاقبة في المستقبل .للتفاصيل ،أنظر- Alesina. A., and R. Perotti. (1995), "The political Economy of Budget :
Deficits", IMF Staff Papers. Vol. 42, N. 1, PP. 1-31.; - Alesina. A., R. Perotti., and J. Tavares. (1998), "The Political
Economy of Fiscal Adjustments", Brookings Papers on Economic Activity: 1, Brookings Institution, PP. 197-266.
4
Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002), PP. 10-11.
103
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
بين االقتصاديات المتقدمة ونظيرتها النامية .فبالنسبة القتصاديات الدول النامية على وجه الخصوص ،1يمثل
مدى توفر مصادر التمويل الداخلي والخارجي ،وحجم تكلفة كل منها قيدا رئيسا للسياسة المالية ،حيث تعد
القدرة على توفير التمويل محددا هاما لحجم العجز المالي ،الذي من شأنه أن يؤدي في حال تجاوزه
للمستويات التي يمكن تمويلها وفق الشروط المقبولة إلى آثار مزاحمة قوية .2وتتجلى هذه الحالة بوضوح في
حالة الدول النامية التي تعاني من المديونية العالية ،والتي ال تتوفر لديها إمكانية الوصول إلى أسواق رأس
المال الدولية (أو يكون بإمكانها ذلك ،لكن عند شروط غير مالئمة) .3هذا فضال عن عديد الصعوبات التي
غالبا ما تواجه تنفيذ السياسة المالية في هذه الدول ،والتي تتعلق أساسا بضعف اإلدارة الضريبية ،مشاكل
تسيير اإلنفاق العام ،وشدة تقلب قاعدة اإليرادات ،إضافة إلى تأثير التأخيرات الداخلية الطويلة على السياسة
كبير نحو العجز.4
تحيز ا
ا المالية نتيجة ضعف عوامل االستقرار التلقائية؛ لتعكس هذه العوامل مجتمعة وغيرها
.2اآلثار االقتصادية لسسياسة المالية :عرض األدبيات التجريبية ).(Empirical Literature Review
في ظل احتدام الجدل والنقاش النظري ،واختالف وتعارض توقعات وتحاليل مختلف المقاربات والنماذج
االقتصادية الكلية النظرية بشأن آثار السياسة المالية على االقتصاد ،برزت الحاجة إلى وجود أدلة تجريبية
للفصل في المسائل والقضايا محل النقاش ،ووقع الدور على طرق وأساليب التحليل القياسي االقتصادي
التجريبي للتوضيح والتوفيق بين مختلف اآلراء السائدة في هذا المجال.
إلى غاية بدايات ثمانينات القرن الماضي ،اعتُبرت السياسة المالية على نطاق واسع بمثابة أداة فعالة
لتحقيق االستقرار االقتصادي .غير أن فشلها في تعزيز ودعم النمو في أعقاب الصدمات النفطية التي
شهدتها سنوات السبعينات ،وما رافقها من ارتفاع كبير للعجز الموازني والدين العام في االقتصاديات
المتضررة ،قاد العديد من خبراء االقتصاد إلى التشكيك في فعالية الدور الذي تؤديه هذه السياسة للتخفيف من
حدة التقلبات الدورية االقتصادية5؛ بينما حظيت السياسة المالية باهتمام أقل على صعيد األدبيات التجريبية،
1جدير بالذكر أن معظم األدبيات التي اختصت بدراسة فعالية السياسة المالية قد ُكتبت في سياق أوضاع االقتصاديات المتقدمة ،في حين حظيت
اقتصاديات البلدان النامية باهتمام أقل بالنظر إلى واقع كون النشاط االقتصادي في هذه البلدان يعد أكثر عرضة للتأثر بصدمات العرض ،مما يتيح فرص
أقل الستعمال السياسة المالية في إدارة الطلب .أنظر- Agénor. P.R., C.J. McDermott., and E.S. Prasad. (2000), "Macroeconomic :
Fluctuations in Developing Countries: Some Stylized Facts", The World Bank Economic Review. Vol. 14, No. 2,
PP. 251-285.
2من ناحية أخرى ،من شأن االرتفاع النسبي للميل الحدي لالستهالك لدى عديد البلدان النامية أن يؤدي إلى ارتفاع حجم مضاعفات السياسة المالية.
3أنظر على سبيل المثال- Lane. T.D., A. Ghosh., J. Hamann., S. Phillips., M. Schulze-Ghattas., and T. Tsikata. (1999), :
"IMF-Supported Programs in Indonesia, Korea, and Thailand: A Preliminary Assessmen", IMF Occasional Paper,
No. 178.
4أنظر- Tanzi. V. (1986), "Fiscal Policy Responses to Exogenous Shocks in developing Countries", American :
Economic Review, Vol. 76, PP. 88-91.
5
Beetsma. R., and M. Giuliodori. (2011), "The Effects of Government Purchases Shocks: Review and Estimates for
the EU", The Economic Journal, Vol. 121, Issue. 550, February, PP.F4-F32.
104
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
مقارنة باالهتمام البالغ الذي أوليت به السياسة النقدية ،في سمة تتناقض مع النقاش والجدل النظري الحاد
بشأن دورها اإلستقراري1؛ بينما واصل واضعو وصناع السياسات اعتمادهم الواسع على السياسات المالية
النشطة كأداة أساسية للسياسة االقتصادية ،على نحو ما تبين خالل أزمة الركود االقتصادي العالمي األخيرة.
بالمقابل انصب اهتمام وتركيز النقاشات المتعلقة بالسياسة المالية خالل الثمانينات ،وأغلب فترات عقد
تسعينات القرن العشرين بشكل أساسي على ارتفاع العجز الموازني والدين الحكومي ،كأهم مصادر وأسباب
التضخم ،ومشاكل ميزان المدفوعات (فرضية العجز المزدوج) ،وعلى دراسة مدى مساهمة الضبط والتعديل
صممة لمعالجة هذه المشاكل .كما تم إيالء االهتمام
الم َّ
المالي ) (Fiscal Adjustmentفي برامج االستقرار ُ
للطريقة التي يمكن أن تساهم من خاللها األنظمة الضريبية وبرامج اإلنفاق العام ،في تعزيز واستدامة النمو
االقتصادي على المدى البعيد .2إضافة إلى تسليط الضوء على اآلثار التوسعية لإلنكماشات أو التقلصات
المالية ،وخاصة ما يتعلق بإجراءات تخفيض اإلنفاق الحكومي أو رفع الضرائب غير المباشرة ،دون المباشرة
منها؛ وذلك ضمن وجهة النظر القاضية بأن السياسات المالية االنكماشية ،وبدال من أن تمارس التأثير
االنكماشي قصير المدى -المفترض غالبا -على الناتج اإلجمالي ،يمكن أن تكون توسعية؛ حيث تم
االستشهاد في هذا الصدد ،بأمثلة من االقتصاديات األوروبية لتوضيح مثل هكذا نتيجة .3لكن مع فترات
التراجع االقتصادي المطولة في اليابان ،والركود الحاد في إندونيسيا ،وكوريا ،وتايلند خالل األزمة اآلسيوية،
واالنكماش الذي شهده االقتصاد األمريكي واألوروبي مع مطلع األلفية الثالثة ،واألزمة المالية العالمية األخيرة
التي تحولت إلى أزمة ركود اقتصادي ،تحول التركيز من جديد إلى الدور الذي يمكن أن تؤديه التوسعات
المالية في تحفيز النشاط االقتصادي والتخفيف من االنكماش أثناء األزمات االقتصادية.
قامت دراسات تجريبية عديدة بتقييم فعالية السياسة المالية من خالل تقدير حجم المضاعفات المرافقة
لإلجراءات والتدابير المالية التقديرية ،ورصد االستجابات الديناميكية للمتغيرات االقتصادية الكلية تجاه
صدمات اإلنفاق العام والتغيرات الضريبية ،وكذا عن طريق تقييم قدرة عوامل االستقرار التلقائية على التخفيف
من الصدمات االقتصادية الكلية .وعلى غرار األدبيات النظرية ،كشفت نتائج الدراسات التجريبية هي األخرى
عن عدم توافق وخالف كبير ،حيث تباينت هذه النتائج باختالف درجة تطور وتنمية األنظمة االقتصادية،
وكذا بتباين المقاربات المعتمدة لتحديد وتعريف صدمات السياسة المالية.
1
Afonso. A., and R.M. Sousa. (2012), "The Macroeconomic Effects of Fiscal Policy", Applied Economics, Vol. 44,
No. 34, PP. 4439-4454.
2
Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002), P. 3.
3كان ذلك ألول مرة من طرف Giavazziو ،)1990( Paganoفي دراسة خصت الدنمارك وإيرلندا ،والتي تم ذكرها في التحليل أعاله .أنظر:
- Giavazzi. F., and M. Pagano. (1990).
105
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
على غرار األدبيات النظرية ،ركز الجزء األكبر من األدبيات التجريبية التي اختصت بدراسة اآلثار
االقتصادية الكلية لصدمات السياسة المالية ،على تحليل واختبار ميكانيزمات انتقال آثار مختلف التدابير
واإلجراءات المالية في االقتصاديات الصناعية المتقدمة؛ وذلك باالعتماد على عدة مقاربات منهجية لتعريف
وتحديد الصدمات المالية .ركزت أولى الدراسات التجريبية اهتمامها على تقدير مضاعفات السياسة المالية
الم َّ
قدرة تجريبيا (على غرار نموذج من خالل "محاكاة "Simulation-النماذج االقتصادية الكلية الهيكلية الكبيرة ُ
" "MULTIMODلصندوق النقد الدولي ،ونموذج " "INTERLINKلمنظمة التعاون االقتصادي والتنمية
المعتمدة في دراسات مثل دراسات Bartolini et ،)1993( Bryant et al ،)1988( Bryant et al
)ُ ،)(OECD
Hunt ،)2001( Dalsgaard et al ،)1997( Saito ،)1996( IMF ،)1995( alو ،)2003( LaxtonوBarrell et
.)2004( alوقد خلصت هذه الدراسات -ودراسات أخرى خصت االقتصاديات المتقدمة مثل االقتصاد
األمريكي واليابان واإلتحاد األوروبي و -OECDبشكل عام إلى أن المضاعفات المالية تكون موجبة في
المدى القصير؛ كما كان هناك اتفاق فيما بينها على أن مضاعف اإلنفاق أكبر من مضاعف الضرائب ،في
نتيجة تتوافق مع النظرية الكينزية األساسية .1أما على المدى الطويل فأجمعت معظم الدراسات على أن هذه
المضاعفات تأخذ قيم أقل بسبب آثار المزاحمة ،وبيَّنت عدة نماذج أنها يمكن أن تأخذ قيم صفرية أو سالبة.2
من ناحية أخرى ،اعتمدت عدة دراسات على محاكاة نماذج التوازن العام الديناميكية الصغيرة التي تُعاير
) (Calibratedومن ثم تُحل عدديا ،لتحليل اآلثار طويلة المدى للسياسة المالية على مجوعة المجمعات
المتضمنة للناتج اإلجمالي .ونلمس تطبيق هذه النماذج في دراسات على غرار دراسات
االقتصادية الكلية ُ
Rotemberg ،)1992( Aiyagari et al ،)1981( Barroو Baxter ،)1993( Woodfordو،)1993( King
)1996( Ludvigson ،)1996( Devereux et alو .3)2001( Ardagnaمعظم هذه الدراسات وغيرها ،وجدت
أن الناتج اإلجمالي يستجيب إيجابيا الرتفاع غير متوقع في اإلنفاق الحكومي ،مع تأثيرات أكبر للتغيرات
الدائمة في اإلستهالك الحكومي على الناتج مقارنة بالتغيرات المؤقتة ،بينما تبيَّن أن أثر خفض الضرائب
مول بالعجز ) (Deficit-Financed Tax Cutيتوقف على نوع الضرائب محل االهتمام.
الم َّ
ُ
1في هذا الصدد ،وحسب مختلف الدراسات ،تراوحت معظم مضاعفات اإلنفاق بين 0,6و1,4؛ بينما تراوحت مضاعفات الضرائب بين 0,3و.0,8
2لمسح أكثر شموال لألدبيات التجريبية المتضمنة لمختلف المقاربات والنماذج ،أنظر- Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002). :
- Capet. S. (2004).; - Spilimbergo. A., S.A. Symansky., and M. Schindler (2009), "Fiscal Multipliers", IMF Staff
Position Note. SPN/09/11.; -Coenen. G., Erceg. C., Freedman. C., Furceri. D., Kumhof. M., Lalonde. R., Laxton. D.,
Lindé. J., Mourougane. A., Muir. D., Mursula. S., de Resende. C., Roberts. J., Roeger. W., Snudden. S., Trabandt.
M., and J. inZt Veld. (2010), "Effect of Fiscal Stimulus in Structural Models", IMF Working Paper No. 1073.
3تمت معايرة كل النماذج تقريبا على البيانات األمريكية ،باستثناء )2001( Ardagnaالذي استخدم متوسط بيانات عشر دول من اإلتحاد األوروبي.
106
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
فضال عما سبق ،لجأت عدة دراسات إلى استخدام نماذج المعادالت مختصرة الشكل )Reduced Form
(Equationsلتقييم آثار السياسة المالية على الناتج اإلجمالي )1989( Eisner .على سبيل المثال ،توصل
المقدر من طرف مكتب الميزانية في باستخدام "فائض العمالة المرتفعةُ - "High Employment Surplus-
الكونغرس باعتباره مقياسا للسياسة المالية -إلى وجود آثار مضاعفة تتراوح ما بين 1,8و .12,5بينما أدرج
Perryو )1993( Schultzeو Romerو )1994( Romerمتغيرات لمراقبة السياسة النقدية وفترات التأخير،
وتحصلوا على مضاعفات مالية أصغر ،كانت أقرب من تلك التي أسفرت عنها محاكاة النماذج .2أما
،)1999( Weberفاستخدم انحدار تكامل متزامن ونموذج تصحيح الخطأ من أجل تقدير المضاعفات طويلة
األجل ،ومضاعفات األثر ،إستنادا إلى بيانات خصت فترة ما بعد الحرب لالقتصاد األمريكي ،ليجد أن
مضاعف األجل الطويل يتراوح ما بين 1,1و1,4؛ بينما كان مضاعف األثر أصغر بكثير من مضاعف
المدى الطويل ،رغم قيمته الموجبة .3وقبله خلُص Chengو )1997( Laiإلى وجود عالقة سببية ثنائية اإلتجاه
(تغذية عكسية) -في إطار نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " -"VARبين اإلنفاق الحكومي والنمو االقتصادي
في اقتصاد كوريا الجنوبية .4في حين َّ
قدرت دراسة لصندوق النقد الدولي - )1998( IMFباستخدام تقنيات
طريقة المربعات الصغرى ) -(OLSمضاعف اإلنفاق قصير األجل في االقتصاد الياباني عند القيمة .50,6
بعض الدراسات خلصت إلى وجود عالقة عكسية بين اإلنفاق الحكومي والنشاط االقتصادي الكلي .ونجد
أبرز هذه الدراسات التي تحصلت على مضاعفات سالبة للسياسة المالية ضمن األدبيات حول اإلنكماشات
المالية التوسعية ) ،(Expansionary Fiscal Contractionsالتي استهلها Giavazziو ،)1990( Paganoوتبعته
عديد البحوث التي وجدت أن بعض التقلصات المالية في دول OECDكان لها تأثير توسعي على النشاط
االقتصادي في المدى القصير– )1999( Perotti .على سبيل المثال -قدم أدلة تجريبية على وجود تحركات
آنية متعاكسة اإلتجاه ) (negative co-movementلكل من اإلستهالك العائلي واإلنفاق الحكومي خالل فترات
االنكماش المالي المرافقة لظروف الضغط واإلجهاد المالي ) (Fiscal Stressفي 19دولة من دول ،6OECD
1
Eisner. R. (1989), "Budget Deficits: Rhetoric and Reality", Journal of Economic Perspectives, Vol. 3, PP.73-93.
2
- Perry. G.L., and C.L. Schultz. (1993), "Was This Recession Different? Are They All Different?", Brookings
Papers on Economic Activity, No. 1, PP. 145–211.
- Romer. C.D., and D.H. Romer. (1994), "What Ends Recessions?", in NBER Macroeconomics Annual 1994, ed. By
O. Blanchard and S. Fischer, Cambridge, Massachusetts, National Bureau of Economic Research.
3
Weber. C.E. (1999). "Fiscal Policy in General Equilibrium: Empirical Estimates from an Error Correction Model",
Applied Economics, Taylor and Francis Journals, Vol. 31, No. 7, July, PP. 907-913.
4
Cheng. B.S., and T.W. Lai. (1997), "Government Expenditures and Economic Growth in South Korea: A VAR
Approach", Journal of Economic Development, Vol. 22, No. 1, June, PP. 11-24.
5
International Monetary Fund. (1998), "Japan-Selected Issues", IMF Background Paper No. 98/191, Washington.
6
Perotti. R. (1999), "Fiscal Policy in Goods Times and Bad", Quarterly Journal of Economics, Vol. 114, No. 4, PP.
1399-1436.
107
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
بينما تكون هذه التحركات في نفس اإلتجاه ) (Positiveفي األوقات العادية .وهي ذات النتيجة التي توصل
األوروبي- إليها .1)2007( Galí et alفي نفس السياق أكد – )2003( Guidice et alفي دراسة خصت اإلتحاد
اآلثار التوسعية للتشدد المالي (تخفيض اإلنفاق دون الزيادات الضريبية) على النشاط االقتصادي في األجل
القصير والمتوسط ،وذلك لما يقارب نصف عدد الحاالت المدروسة؛ رغم أن الباحثين أشاروا أن هذه اآلثار
اإليجابية الالكينزية على الطلب الخاص ،ال تكون دائما قوية بما يكفي لتعويض األثر السلبي لالنكماش
المالي على الناتج اإلجمالي في فترة الصدمة ،إذ أن هذه اآلثار تأخذ في الهيمنة مع توالي السنوات.2
من ناحية أخرى ،تم استخدام عدة مقاربات لتحديد صدمات السياسة المالية في إطار نماذج أشعة
االنحدارات الذاتية " ،"VARالتي غدت األداة التجريبية األكثر استخداما لدراسة آثار السياسة المالية مع
نهاية تسعينات القرن الماضي ،حيث طُ ِّورت معظم هذه المقاربات باستخدام بيانات االقتصاد األمريكي.
فضمن واحدة من الدراسات التجريبية الرائدة في استعمال هذه النماذج ،اعتمد Rameyو)1998( Shapiro
ضمن "مقاربة قصصية "A Narrative Approach-على المتغيرات الوهمية ) (Dummy Variablesالمرافقة
للفترات التي تشهد تغيرات خارجية المنشأ في السياسة المالية لعزل األحداث السياسية ،وتوصل إلى أن
اإلستهالك غير الدائم يبدي تراجعا طفيفا بعد ارتفاع اإلنفاق الحكومي لفترة قصيرة ،بينما ينهار مستوى
اإلستهالك الدائم .3وباتباع نفس المقاربة أثبت ،)1999( Edelberg et alأن حوادث التصعيد العسكري لها
أثر معنوي إيجابي في المدى القصير على الناتج اإلجمالي األمريكي واإلستهالك الخاص ،وبيَّن –في هذا
4
الصدد -أن إشارة االستجابة ال تتغير إذا أُخذت آثار التوقعات بعين االعتبار .بينما اعتمد FatásوMihov
( )2001bعلى المقاربة التك اررية التقليدية ) ،(Recursive Approachمستخدمين ترتيب " "Choleskyلتحديد
الصدمات المالية (مع ترتيب اإلنفاق الحكومي أوالً ضمن شعاع المتغيرات الداخلية) ،وأظه ار أن ارتفاعات
اإلنفاق الحكومي تكون توسعية ،حيث أنها تُتبع بارتفاعات قوية ومستمرة في اإلستهالك الخاص والتوظيف.5
أما Blanchardو ،)2002( Perottiفقاما بتقدير نموذج أشعة انحدارات ذاتية هيكلي ) (Structural VARمع
إدراج معلومات حول مرونة المتغيرات المالية لتغيرات الناتج واألسعار ،لتحديد االستجابات التلقائية للسياسة
1
Galí. J., J.D. López-Salido., and J. Vallés. (2007), "Understanding the Effects of Government Spending on
Consumption", Journal of the European Economic Association, Vol. 5, No. 1, March, PP. 227-270.
2
Giudice. G., A. Turrini., and J. inZt Veld. (2003), "Can Fiscal Consolidations Be Expansionary in the EU?, Ex-
post Evidence and Ex-ante Analysis", European Commission, Economic Papers No. 195, December.
3
Ramey. V.A., and M.D. Shapiro. (1998), "Costly Capital Reallocation and the Effects of Government Spending",
Carnegie-Rochester Conference Series on Public Policy, 48, North-Holland, June, PP. 145–194.
4
Edelberg. W., Eichenbaum. M., and J.D.M. Fisher. (1999). "Understanding the Effects of a Shock to Government
Purchases," Review of Economic Dynamics, Vol. 2, No. 1, January, PP. 166-206.
5
Fatás. A., and I. Mihov. (2001b) "The Effects of Fiscal Policy on Consumption and Employment: Theory and
Evidence", Centre for Economic Policy Research -CEPR Discussion Paper, No. 2760, London.
108
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
المالية ووجدا أن الصدمات المالية التوسعية ترفع من حجم الناتج ،وتخلف أث ار إيجابيا على اإلستهالك
الخاص ،في حين تؤثر سلبا على اإلستثمار الخاص .1وباستخدام قيود إشارة ) (Sign Restrictionsعلى دوال
االستجابة الدفعية ،وتحديد التغير غير المتوقع في اإلنفاق الحكومي باستجابة إيجابية لإلنفاق لمدة تصل إلى
مول
الم َّ
أربعة رباعيات زمنية بعد الصدمة ،خلص Mountfordو )2005( Uhligإلى أن خفض الضرائب ُ
بالعجز ) (deficit-financed tax cutيمثل السياسة المالية األفضل لتحفيز االقتصاد ،وأن تكاليف المدى
الطويل للتوسع المالي عن طريق اإلنفاق الحكومي من المحتمل أن تكون أكبر من مكاسب األجل القصير.2
في دراسة خصت مجموعة من بلدان ،OECDعمد )2005( Perottiإلى تحليل آثار السياسة المالية في
كل من أستراليا ،كندا ،ألمانيا ،الواليات المتحدة ،والمملكة المتحدة ،باالعتماد على المقاربة " "SVARالمطورة
من طرف Blanchardو ،)2002( Perottiوخلص إلى وجود أثر إيجابي كبير نسبيا على اإلستهالك الخاص،
وعدم وجود أي استجابة من اإلستثمار ،مع تأثير ضعيف للسياسة المالية على الناتج واألسعار .3وفي إطار
منهجية نفس المقاربة ،قام )2009( Burriel et alبدراسة آثار صدمات السياسة المالية في منطقة اليورو ككل
صنفة ،وصدمات صافي وم َّ
جمعة ُوالواليات المتحدة ،من خالل دراسة آثار صدمات النفقات الحكومية ُم َّ
الضرائب .النتائج أظهرت أن كل من الناتج والتضخم يرتفعان استجابة لصدمات اإلنفاق الحكومي ،مع تشابه
مضاعفات الناتج في كال المنطقتين وصغر حجمها ،ووجود أدلة على أن هذه المضاعفات قد عرفت زيادة
مطردة بعد العام ( .)2000في المقابل اتضح أن الضرائب الصافية تزيد من الحمل على النشاط االقتصادي
(مع تأثير صغير) ،مع استجابة سلبية أقصر أجال بالنسبة لمنطقة اليورو.4
بخصوص االقتصاديات األوروبية ،وبالنسبة لالقتصاد الفرنسي ،توصل Biauو )2005( Girardإلى
وجود مضاعف تراكمي لإلنفاق الحكومي أكبر من الواحد ،واستجابات إيجابية لكل من اإلستهالك واإلستثمار
الخاص De Castro .5و ،)2008( De Cosاستخدما بيانات تخص االقتصاد اإلسباني وأثبتا –باالعتماد على
المقاربة -SVARأنه بينما تخلف صدمات اإلنفاق الحكومي التوسعية أث ار إيجابيا على الناتج في المدى
القصير ،لن تؤدي هذه الصدمات على المدى المتوسط والبعيد إال إلى ارتفاع التضخم وانخفاض الناتج؛ في
1
Blanchard. O., and R. Perotti. (2002), "An Empirical Characterization of the Dynamic Effects of Changes in
Government Spending and Taxes on Output", Quarterly Journal of Economics, Vol. 117, No. 4, PP. 1329–1368.
2
Mountford. A., and H. Uhlig. (2005), "What Are the Effects of Fiscal Policy Shocks?", SFB 649 Discussion Paper
2005-039, Humboldt University, Berlin.
3
Perotti R. (2005), "Estimating the Effects of Fiscal Policy in OECD Countries", CEPR Discussion Paper No. 4842.
4
Burriel P., F. de Castro., D. Garrote., E. Gordo., J. Paredes., and J. J. Perez. (2009), "Fiscal Policy Shocks in the
Euro Area and the US: An Empirical Assessment", European Central Bank Working Paper. No. 1133, December.
5
Biau. O., and É. Girard. (2005), "Politique Budgétaire et Dynamique Economique en France: L’approche VAR
structurel", Economie et Prévision, 2005/3-4-5, No. 169-170-171, PP. 1–23.
109
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
حين تعوق الزيادات الضريبية النشاط االقتصادي على المدى المتوسط ،بينما يستتبع ذلك تحسن مؤقت في
الموازنة العامة ،)2008( Giordano et al .1خلصوا إلى أن الصدمات اإليجابية في مشتريات الحكومة من
كبير وقوي على النشاط االقتصادي في إيطاليا ،حيث تؤدي إلى آثار إيجابية
أثر االسلع والخدمات تمارس ا
على كل من الناتج اإلجمالي الحقيقي ،التشغيل ،واإلستهالك واإلستثمار الخاص ،مع استجابة إيجابية
وصغيرة وقصيرة األجل للتضخم .2قبل ذلك وجد )2006( Heppke-Falk et alأن حدوث صدمة إيجابية في
اإلنفاق الحكومي سيعمل على رفع الناتج واإلستهالك الخاص في االقتصاد األلماني (مع معنوية إحصائية
منخفضة) ،بينما يخفض من اإلستثمار الخاص (مع تأثير ضئيل) ،في حين يحمل ارتفاع الضرائب المباشرة
أث ار سلبيا .3بعدها وجد Kuismanenو– )2009( Kämppiباالعتماد على مقاربتين مختلفتين بالنسبة االقتصاد
الفنلندي -أن الصدمات اإليجابية في الضرائب تُتبع بآثار إيجابية على الناتج اإلجمالي واإلستثمار ،مع
استجابات متفاوتة لإلستهالك الخاص .ومن جهة أخرى ،كشفت نتائج كال المقاربتين أن ارتفاع اإلنفاق
الحكومي يؤدي إلى مزاحمة نشاط القطاع الخاص ،كما تأخذ آثار زيادة اإلنفاق وقتا أقل للظهور مقارنة بآثار
رفع الضرائب .4أما Ravnikو )2011( ŽiliĆفاكتشفا من خالل دراسة خصت االقتصاد الكرواتي أن آثار
صدمات النفقات واإليرادات الحكومية تكون أعلى نسبيا على معدالت الفائدة وأقل على التضخم ،حيث يؤدي
حدوث صدمة في الضرائب –في المدى القصير -إلى ارتفاع معدالت التضخم ،وانخفاض معدالت الفائدة
قصيرة المدى ،وبعد سنة واحدة يحدث االستقرار عند المستويات األولية بينما تؤدي صدمات اإلنفاق إلى
تأثير عكسي؛ أما اآل ثار على اإلنتاج الصناعي (كمتغيرة ممثلة للناتج) فلم تكن بديهية اقتصاديا ،حيث تبَّين
أن صدمات الضرائب تؤدي إلى ارتفاع اإلنتاج الصناعي ،بينما تؤدي صدمات اإلنفاق إلى انخفاضه.5
Afonsoو ،)2011( Sousaقاما بتقدير نموذج أشعة انحدارات ذاتية هيكلي بايزي )(Bayesian-SVAR
باستخدام قاعدة بيانات رباعية تغطي الفترة ) ،(1979:1-2007:4لتحليل اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة
المالية في االقتصاد البرتغالي .النتائج أظهرت أن الصدمات اإليجابية في اإلنفاق العام تمارس عموما أث ار
سلبيا على الناتج الحقيقي ،بتسببها في آثار مزاحمة واسعة من خالل تأثيرها السلبي على كل من اإلستهالك
1
De Castro. F., and P.H. De Cos. (2008), "The Economic Effects of fiscal policy: the case of Spain", Journal of
Macroeconomics, Vol. 30, PP. 1005–1028.
2
Giordano. R., S. Momigliano., S. Neri., and R. Perotti. (2008), "The Effects of Fiscal Policy in Italy: Evidence
From a VAR model", Banca D’Italia Temi di discussione Working Paper, No. 656, January.
3
Heppke-Falk. K.H., J. Tenhofen., and G.B. Wolff. (2006), "The Macroeconomic Effects of Exogenous Fiscal
Policy shocks in Germany: A Disaggregated SVAR Analysis". Deutsche Bundes bank Discussion Paper, No. 41.
4
Kuismanen. M., and V. Kämppi. (2009), "The Effects of Fiscal Policy on Economic Activity in Finland", Ministry
of Finance Discussion Papers, No. 1/2009, January.
5
Ravnik. R., and I. ŽiliĆ. (2011), "The Use of SVAR Analysis in Determining the Effects of Fiscal Shocks in
Croatia", Financial Theory and Practice, Vol. 35, No. 1, PP. 25-58.
110
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
واإلستثمار الخاص؛ كما تبين أن هذه الصدمة تخلف أث ار إيجابيا مستم ار على المستوى العام لألسعار ،وعلى
التكلفة المتوسطة لتمويل الدين العام؛ في حين اتضح أن الصدمات اإليجابية في اإليرادات الحكومية تميل
ألن تؤثر سلبا على الناتج ،وتؤدي إلى تخفيض المستوى العام لألسعار .1ذلك قبل أن يعمد ذات الباحثين
( Afonsoو ))2012( Sousaإلى تقديم تقييم مفصل –باعتماد نفس المنهج التجريبي -آلثار السياسة المالية
على النشاط االقتصادي ضمن أربعة من االقتصاديات المتقدمة (الو.م.أ ،المملكة المتحدة ،ألمانيا ،وايطاليا)،
ليجدا أن صدمات اإلنفاق الحكومي بشكل عام تمارس أث ار إيجابيا محدودا على الناتج اإلجمالي (نتيجة
ظهور آثار مزاحمة قوية) ،وتخلف آثار متنوعة على اإلستهالك واإلستثمار الخاص وعلى أسعار اإلسكان،
بينما تولد انخفاضا سريعا في أسعار األسهم؛ أما صدمات اإليرادات الحكومية فتمارس أث ار إيجابيا على كل
من الناتج ،واالستثمار الخاص وأسعار األسهم ،وآثا ار متنوعة على اإلستهالك الخاص وأسعار اإلسكان.2
بالنسبة لبلدان أخرى ،وفي سلوفينيا استخدم )2011( Jemec et alمقاربة نماذج " "VARالهيكلية لـ
Blanchardو )2002( Perottiلتحليل اآلثار الديناميكية للسياسة المالية على االقتصاد الكلي .النتيجة األهم
للدراسة بينت أن الصدمات اإليجابية في اإلنفاق الحكومي تخلف أث ار فوريا إيجابيا على كل من الناتج،
اإلستهالك واإلستثمار الخاص؛ بينما تمارس الصدمات اإليجابية في الضرائب أث ار فوريا سلبيا على المتغيرات
المذكورة ،غير أن هذه اآلثار تفقد معنويتها خالل الفترة التي تلي الصدمة .3من جهته ،)2012( Frantaعمد
إلى اختبار اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية في االقتصاد التشيكي مستخدما عدة مقاربات تحديدية
في إطار نماذج " ،"VARحيث أفادت نتائج التقدير أن آلية انتقال السياسة المالية تُبدي بعض الخصائص
المعيارية ،على غرار ارتفاع مستويات الناتج والتضخم بعد ارتفاع غير متوقع في اإلنفاق الحكومي.4
وباالعتماد على تقنيات مقاربة نماذج " "VARالبايزية " ،"BVARخلص Karagözو )2016( Keskinإلى
أن النفقات واإليرادات الحكومية تتمتع بآثار محدودة على مجموعة متغيرات االقتصاد الكلي التركي،
المتضمنة للناتج اإلجمالي ،التضخم ،مؤشر سوق األسهم ،الدين الخارجي ،وسعر الفائدة .5وقبل ذلك قام
)2013( Jooste et alبتحليل أثر اإلنفاق العام والضرائب على الناتج اإلجمالي القتصاد جنوب إفريقيا
1
Afonso. A., and R.M. Sousa. (2011), "The Macroeconomic Effects of Fiscal Policy in Portugal: A Bayesian SVAR
analysis", Portuguese Economic Journal, Vol. 10, No. 1, PP. 61 – 82.
2
Afonso. A., and R.M. Sousa. (2012), "The Macroeconomic Effects of Fiscal policy", Applied Economics, Vol. 44,
No. 34, PP. 4439- 4454.
3
Jemec. N., A.S. Kastelec., and A. Delakorda. (2011), "How do Fiscal Shocks Affect The Macroeconomic
Dynamics in the Slovenian Economy", Bank of Slovenia, No. 02/2011, PP. 1-27.
4
Franta. M. (2012), "Macroeconomic Effects of Fiscal Policy in the Czech Republic: Evidence Based on Various
Identification Approaches in a VAR Framework", Czech National Bank Working Paper, No. 13/2012, December.
5
Karagöz. K., and R. Keskin. (2016), "Impact of Fiscal Policy on the Macroeconomic Aggregates in Turkey:
Evidence from BVAR Model", Procedia Economics and Finance, Vol. 38, PP. 408 – 420.
111
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
باالعتماد على عدة مقاربات في نفس الوقت .نتائج التحليل بينت أن ارتفاع اإلنفاق الحكومي يكون له أثر
إيجابي على الناتج اإلجمالي في المدى القصير ،بينما يكون الرتفاع الضرائب أثر معاكس؛ أما على المدى
البعيد فتتالشى هذه اآلثار ،وتصبح غير ذات معنوية.1
.2.2النتايج التجريبية لألدبيات المتعسقة باقتصاديات البسدان النامية والناشية (بما فيها البسدان النفطية):
مقارنة باالهتمام البالغ الذي أولته األدبيات التجريبية لدراسة وتحليل آثار السياسة المالية على النشاط
االقتصادي الكلي في البلدان الصناعية المتقدمة ،جاءت األدلة التجريبية ذات الصلة بهذا بالموضوع شحيحة
نسبيا فيما يتعلق باقتصاديات البلدان النامية .ويعزى ذلك إلى تكاثف مجموعة من العوامل المؤسساتية
الهيكلية ،مع النقص والقصور النسبي في بيانات المالية العامة في هذه البلدان (خاصة الفصلية منها).2
مع ذلك ،حاولت بعض الدراسات األولية تقدير نماذج اقتصادية كلية تخص اقتصاديات البلدان النامية،
لغرض تكميم آثار مختلف الصدمات –بما فيها صدمات السياسة المالية -على االقتصاد .وقد شملت األدلة
التجريبية المقدمة تقديرات مضاعفات السياسة( 3التي نجدها في دراسات على غرار Khanو،)1981( Knight
Haqueو ،4))1995( Owoye et al ،)1991( Haque et al ،)1991( Montielوالعالقة بين العجز المالي
وأسعار الفائدة واإلستثمار الخاص (ضمن دراسات مثل Blejerو،)1994( Easterly et al ،)1984( Khan
Agénorو ،))1996( Montielإضافة إلى اختبارات التكافؤ الريكاردي (في دراسات على غرار Haque et al
من ناحية أخرى ،عمدت دراسات عدة إلى تحليل آثار مختلف أصناف اإلنفاق العام في االقتصاديات
النامية .وفي هذا الصدد ،قام – )1996( Devarajan et alعلى سبيل المثال -بدراسة العالقة بين مكونات
اإلنفاق العام والنمو االقتصادي في عينة تضم 43اقتصاد نامي خالل الفترة ()1990-1970؛ وبينما أسفرت
النتائج عن عدم وجود أي تأثير معنوي لإلنفاق العام اإلجمالي على النمو ،اتضح أن اإلستهالك العام يخلف
5
تأثير سلبيا Gupta et al .
ا تأثير إيجابي على هذا األخير ،في حين يمارس اإلستثمار العام (ومكوناته)
1
Jooste. C., G.D. Liu., and R. Naraidoo. (2013), "Analysing the Effects of Fiscal Policy Shocks in the South African
Economy", Economic Research Southern Africa (ERSA) Working Paper No. 351, May.
2
Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002), P. 32.
3بالرغم من حساسية النتائج لالفتراضات األساسية التي عادة ما يتم تقدير هذه النماذج ضمنها ،إال أن األخيرة قدمت بعض التقديرات والمالمح حول
المضاعفات المالية في االقتصاديات المذكورة ،بينما لم تبدي أي استنتاجات واضحة بشأن حجم وإشارة هذه المضاعفات.
4باإلضافة إلى هذه الدراسات ،قامت بعض الدراسات بتحليل آثار السياسة المال ية على معدالت النمو طويلة األجل في البلدان النامية .أنظر على سبيل
المثال Easterly ،)1986( Landau ،و ،)1993( Rebeloو Adamو .) 2001( Bevanكما قامت عدة دراسات أخرى بدراسة عينات مركبة من
البلدان النامية ،ومتوسطة الدخل ،أو الصناعية .أنظر مثال، )1991( Kandil :و.)1998( Kneller et al
5
Devarajan. S., V. Swaroop., and H. Zou. (1996), "The Composition of Public Expenditure and Economic Growth",
Journal of Monetary Economics, Vol. 37, PP. 313-344.
112
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
( ،)2005ركزوا اهتمامهم على اختبار آثار التعديل المالي ومكونات اإلنفاق العام على النمو االقتصادي في
المدى القصير ،مستخدمين في ذلك بيانات عينة ضمت 39بلد من البلدان منخفضة الدخل ،خالل الفترة
( .)2000-1990النتائج بينت أن تخفيض مقداره ) (1%في نسبة العجز إلى الناتج المحلي اإلجمالي سيؤدي
إلى زيادة تتراوح ما بين 0,25%و 0,5%في متوسط نصيب الفرد من النمو الحقيقي في المدى القصير ،كما
اتضح أن األجور العالية تُصحب بمعدالت نمو منخفضة ،بينما يؤدي ارتفاع نفقات رأس المال والنفقات
خارج األجور إلى ارتفاع هذه المعدالت .1وباستخدام نماذج تصحيح الخطأ الشعاعية " ،"VECMخلص
M’Amanjaو )2005( Morrisseyإلى وجود تأثير إيجابي لإلستثمار العام على النمو االقتصادي في كينيا
خالل الفترة ( ،)2007( Bose et al .2)2002-1964عمدوا إلى دراسة آثار مختلف أصناف اإلنفاق الحكومي
على النمو االقتصادي لعينة تتكون من ثالثون بلد نامي خالل سبعينات وثمانينات القرن العشرين ،ووجدوا
3
ر طويل األمد على االزدهار االقتصادي .أما )2011( Mancellari
أن اإلنفاق العام على التربية يمارس أث ا
ف وجد أن تخفيض الضرائب يمارس تأثي ار إيجابيا معتب ار على الناتج اإلجمالي لالقتصاد األلباني ،بينما يكون
األثر المضاعف لإلنفاق الرأسمالي على الناتج أعلى من تأثير اإلنفاق الجاري.4
فيما يتعلق باالقتصاديات الناشئة ،وجد – )2006( Cerda et alمن خالل المقاربة -SVARأن السياسة
المالية كانت غير فعالة في حالة االقتصاد الشيلي خالل الفترة (5)2000-1833؛ بينما توصل Piasecki
و )2014( Wulfإلى أن الفائض الهيكلي في الموازنة يكون ذا منفعة عامة –بعد اختبار أثره على مجموعة
من المتغيرات االقتصادية الكلية -إذا توفرت مجموعة من العوامل الخارجية اإليجابية ،التي يتعين على
الحكومة توفيرها .6من جهته ،اهتم Lozanoو )2009( Rodríguezبدراسة آثار السياسة المالية على االقتصاد
الكلي الكولومبي في المدى القصير في سياق نماذج " "VARالهيكلية ،ليخلصا إلى وجود آثار إيجابية
معنوية لإلنفاق الحكومي على كل من الناتج ،اإلستهالك الخاص ،التوظيف ،األسعار ،ومعدالت الفائدة في
المدى القصير ،بينما بدا أن صدمات الضرائب تكون أقل فعالية ،حيث تؤثر الضرائب المباشرة فقط على
1
Gupta. S., Clements. B., Baldacci. E., and C. Mulas-Granados, (2005), "Fiscal Policy, Expenditure Composition,
and Growth in Low-Income Countries", Journal of International Money and Finance, Vol. 24, PP. 441-463.
2
M’Amanja. D., and O. Morrissey. (2005), "Fiscal Policy and Economic Growth in Kenya", CREDIT Research
Paper No. 05/06, University of Nottingham, Nottingham, United Kingdom.
3
Bose. N., Haque. E., and D. Osborn. (2007), "Public Expenditure and Economic Growth: A Disaggregated
Analysis for Developing Countries", The Manchester School, Vol. 75, No. 5, PP. 533–556.
4
Mancellari. A. (2011), "Macroeconomic Effects of Fiscal Policy in Albania: A SVAR Approach", Working Paper
05(28), Bank of Albania.
5
Cerda. R., H.González., and L. Lagos. (2006), "Is Fiscal Policy Effective?, Evidence for an Emerging Economy:
Chile 1833–2000", Applied Economics Letters, Vol. 13, PP. 575–580.
6
Piasecki. R., and E.B. Wulf. (2014), "Fiscal Policy Rules: Evidence From Chilean Economy", Review of Business
and Finance Studies, Vol. 5, No. 2, PP. 45-54.
113
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
االستثمار الخاص ،في حين ال تخلف الضرائب غير المباشرة أي أثر على النشاط الحقيقي .1وقبل ذلك
استخدم Restrepoو )2006( Rincónنماذج " "VARونماذج " "VECالهيكلية لتمييز صدمات السياسة
المالية في دراسة مقارنة بين االقتصادين الشيلي والكولومبي .اتضح من خالل النتائج أنه بالنسبة لحالة
االقتصاد الشيلي ،يكون الرتفاع مداخيل الضرائب (اإلنفاق) أثر سلبي (إيجابي) مؤقت على الناتج اإلجمالي،
بينما جاءت النتائج بالنسبة لكولومبيا غير بديهية ،حيث تبين أن صدمات مداخيل الضرائب ليس لها أي أثر
على الناتج ،في حين تخلف صدمات اإلنفاق أث ار ضئيل جدا .2أما )2006( Neichevaفقد خلص إلى وجود
آثار متباينة للسياسة المالية في االقتصاد البلغاري خالل الفترة ( .3)2004-1998وفي دراسة أحدث خصت
اقتصاد نيوزيالندا ،وجد Parkynو )2013( Vehbiأن صدمات اإلنفاق الحكومي تتميز بتأثير بسيط على
الناتج اإلجمالي في المدى القصير ،ويكون هذا األثر أدنى في المدى المتوسط والبعيد ،مع تأثير إيجابي
محدود على التضخم؛ بينما كانت إشارة آثار تغيرات السياسة الضريبية أقل وضوحا.4
بالنسبة لالقتصاديات النفطية ،وفيما يتعلق باالقتصاد المكسيكي ،توصل )2005( Antónإلى أن النفقات
الحكومية تمارس آثا ار إيجابية محدودة على النمو ،بينما تكون اآلثار على الرفاه االجتماعي دائما سلبية وجد
عالية عندما يتم تمويل االرتفاع في اإلنفاق الحكومي برفع الضرائب .5أما )2009( Cuevasفوجد -باالعتماد
على بيانات شهرية -أن خفض الضرائب يؤدي إلى ارتفاع في معدالت الفائدة ،انخفاض قيمة العملة المحلية
6
والى تأثير إيجابي طويل األمد على النشاط االقتصادي .في حين خلص )2011( Angulo-Rodriguez et al
–باستخدام نموذج -VARإلى وجود آثار الكينزية لإلنفاق الحكومي على الناتج اإلجمالي في المدى
القصير .7وفي حالة االقتصاد السعودي ،بين )2000( Al-Yousifأن كيفية قياس حجم الحكومة يمكن أن
تؤثر على تقديرات عالقة هذا األخير بالنمو االقتصادي؛ فإذا تم التعبير عن الحجم بالتغير النسبي في
1
Lozano. I., and Rodriguez. K. (2009), "Assessing the Macroeconomic Effects of Fiscal Policy in Colombia",
Banco de la Republica, Borradores de Economia Working Paper, No. 552/2009.
2
Restrepo. J., and H. Rincón. (2006), "Identifying Fiscal Policy Shocks In Chile And Colombia", Borradores de
Economía, No. 397, Banco de la República.
3
Neicheva. M. (2006), "Non-Keynesian Effects of Government Expenditure on Output in Bulgaria: An HP Filter
Approach", Post-Communist Economies, Vol. 18, No. 1, PP. 1-12.
4
Parkyn. O., and T. Vehbi. (2013), "The Effects of Fiscal Policy in New Zealand: Evidence from a VAR Model
with Debt Constraints", New Zealand Treasury Working Paper, No. 13/02, January.
5
Antón. A. (2005), "Fiscal Reform, Long-Run Growth and Welfare in a Monetary Model: The Case of Mexico",
Estudios Económicos, Vol. 20, No. 2, PP. 143-172.
6
Cuevas. V. (2009), "The Short Term Effects of Fiscal Policy in Mexico: An Empirical Study", Estudios
Económicos, Vol. 24, No. 1, PP. 109-144.
7
Angulo-Rodriguez. H.E., Castillo-Duran. M.A., Garza-Rodriguez. J., Gonzalez-Hernandez. M.G., and R. Puente-
Ortiz. (2011), "The Effectiveness of Fiscal Policy in Mexico", The Empirical Economics Letters, Vol. 10, No. 6,
June, PP. 597-602.
114
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
اإلنفاق الحكومي ،فإنه سيرتبط إيجابيا بالنمو ،أما إذا تم قياسه بنسبة اإلنفاق الحكومي إلى الناتج اإلجمالي
فإن العالقة تكون سالبة.1أما )2004( Al-Obaidفتوصل إلى وجود عالقة إيجابية في المدى الطويل بين
حصة اإلنفاق العام من إجمالي الناتج المحلي وحصة الفرد منه ،بما يتوافق مع قانون " .2"Wagnerوبالنسبة
لالقتصاد النيجيري ،توصل – )2013( Olayungboمن خالل اختبار السببية الالمتناظر بين اإلنفاق الحكومي
والتضخم -إلى وجود عالقة سببية أحادية االتجاه تتجه من التغيرات السلبية في اإلنفاق الحكومي نحو
التغيرات اإليجابية في التضخم ،مما يعني أن ارتفاع معدالت التضخم ينتج أساسا عن انكماش اإلنفاق
العام .3وفي دراسة أحدث خلص Usenobongو )2015( Johnsonإلى أن حدوث صدمة إيجابية في اإلنفاق
الرأسمالي الحكومي على الخدمات اإلجتماعية يخلف أث ار إيجابيا مستم ار على اإلستهالك الخاص والناتج
الحقيقي ،لكن مقابل تكلفة ارتفاع معدالت التضخم في المدى القصير ،كما تسفر الصدمات اإليجابية في
اإليرادات النفطية –هي األخرى -عن آثار إيجابية على الناتج الحقيقي من خالل تأثيرها على اإلنفاق العام.4
بالنسبة لالقتصاد الجزائري ،تناول شيبي وبطاهر ( )2010فعالية السياسة المالية في الوصول إلى أهداف
النمو االقتصادي والتوظيف ،وتوصال –باستخدام اختبارات السببية لـ " -"Grangerإلى أن معدالت النمو
االقتصادي والتوظيف المحققة هي بعيدة تأثير مضاعف اإلنفاق الحكومي إذ أن هذا األخير ال يقود إلى
النمو االقتصادي أو إلى البطالة ،بينما وجد أن النمو هو من يسبب اإلنفاق العام .5ومن جهة أخرى وجد
شيبي ،بن بوزيان وشكوري (– )2010باالعتماد على المقاربة " "SVARوبيانات سنوية غطت الفترة (-1965
-)2007أن الصدمات اإليجابية في اإلنفاق الحكومي سيكون لها أثر إيجابي على الناتج الحقيقي في المدى
القصير (لكن بمضاعف صغير جدا) ،بينما يتولد تأثير سلبي في المدى المتوسط والطويل؛ إضافة إلى تأثير
إيجابي لهذه الصدمة على معدالت التضخم وأسعار الفائدة ،مع تأثير إيجابي على اإلستهالك الخاص وتأثير
سلبي على اإلستثمار الخاص .من ناحية أخرى تبين أن الصدمات اإليجابية في اإليرادات العامة تخلف أث ار
إيجابيا صغي ار على الناتج الحقيقي ،إضافة إلى تأثير إيجابي على كل من اإلستهالك واإلستثمار الخاص.6
1
Al-Yousif. Y. (2000), "Do Government Expenditures Inhibit or Promote Economic Growth: Some Empirical
Evidence from Saudi Arabia", The Indian Economic Journal, Vol. 48, PP. 92-96.
2
Al-Obaid. H. (2004), "Rapidly Changing Economic Environments and the Wagner’s Law: The Case of Saudi
Arabia", Ph.D. Dissertation, Fort Collins, Colorado: Colorado State University.
3
Olayungbo. D.O. (2013), "Government Spending and Inflation in Nigeria: An Asymmetry Causality Test",
International Journal of Humanities and Management Sciences, Vol. 1, Issue 4, PP. 238-242.
4
Usenobong. F.A., and A.A. Johnson. (2015), "Macroeconomic Effects of Fiscal Policy Shock in Nigeria: A SVAR
Approach", International Journal of Business and Economics Research, Vol. 4, No. 3, PP. 109-120.
5شيبي .ع ،.و س .بطاهر" ،)2010( .فعالية السياسة المالية بالج زائر :مقاربة تحليلية وقياسية" ،مجلة التنمية والسياسات االقتصادية (المعهد العربي
للتخطيط -الكويت) ،مج ،12 .ع ،01 .يناير ،ص ص.59-39 .
6شيبي .ع ،.م .بن بوزيان ،.و س .شكوري" ،)2010( .اآلثار االقتصادية الكلية لصدمات السياسة المالية بالجزائر :دراسة تطبيقية" ،منتدى البحوث
االقتصادية ،ورقة عمل رقم ،536 .أوت.
115
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تتصرف أغلب اقتصاديات دول العالم فيما يتعلق بتحديد دور واتجاهات السياسة المالية وفقا لظروفها
الخاصة واحتياجاتها الضرورية ،وتتوقف حدود المرونة بخوص ق اررات هذه السياسة على مراحل النمو ،مدى
كفاية الموارد المتوفرة ،وجدوى األهداف المسطرة .أما فيما يتعلق بالبلدان النفطية فيمكن أن تؤدي السياسة
المالية دو ار رئيسيا بتحويل جزء من الريع المتحقق في قطاع النفط لصالح قطاعات استراتيجية أخرى؛ األمر
الذي من شأنه العمل على تعزيز الروابط بين مختلف مجاالت النشاط القائمة ،ودعم نشوء وتنمية قطاعات
اقتصادية جديدة تساعد على تعزيز المزايا التنافسية ،وتخفيف االتجاه نحو اإلفراط في االعتماد على
الصادرات النفطية.
لكن الواقع ُيظهر أن األداء االقتصادي الكلي لجل البلدان المنتجة للنفط ،يتسم في الغالب بالتقلب وعدم
االستقرار ،ويعود ذلك بالدرجة األولى إلى عدم كفاءة سياسات إدارة عائدات الثروة النفطية في هذه البلدان،
وعلى رأسها السياسة المالية ،التي يتعين عليها مواجهة مجموعة من التحديات ،تتضمن كيفية تحقيق
االستقرار االقتصادي الكلي في مواجهة إيرادات نفطية متقلبة وغير مؤكدة (مع ما يرافقها من دورات الرواج
واالنكماش) ،ضمان التخصيص األمثل لإلنفاق الحكومي بنوعيه الجاري واالستثماري (الرأسمالي) ،مع مراعاة
ضمان حق األجيال القادمة من الثروة النفطية .وعلى الرغم من أن الوصفات المقدمة لمواجهة مثل هذه
التحديات تعد بسيطة جدا من الناحية النظرية ،إال أنها غالبا ما تصطدم بواقع عدم الشفافية التي تميز النظم
المالية في البلدان المنتجة للنفط ،حيث تبقى هذه النظم خاضعة بدرجة كبيرة إلى التدخل السياسي ،فضال
عن افتقارها إلى أنظمة للتدقيق والموازنة ،من شأنها أن تعمل على استغالل الموارد بصورة جيدة ،وكذا توفير
المرونة المالية الالزمة لتعديل اإلنفاق وفقا للتغيرات في الموارد.1
غالبا ما تؤدي تقلبات أسعار النفط إلى تقلبات مماثلة في التدفقات النقدية المالية )(Fiscal Cash Flow
بالنسبة القتصاديات البلدان المصدرة للنفط ،2فاعتماد اإليرادات المالية على قطاع النفط من شأنه أن يجعل
1للمزيد من التفاصيل ،أنظر - :بارنيت .س ،.و ر .أوسووسكي" ،)2003( .ما الذي يرتفع ،لماذا ينبغي للدول المنتجة للنفط أن تحافظ على مواردها"،
مجلة التمويل والتنمية ،مج ،40 .ع ،01 .صندوق النقد الدولي ،واشنطن ،مارس ،ص ص.39-36 .
-إيفيرت .ب ،.جيلب .أ ،.و ن .ب .تالروث " ،)2003( .إدارة الثروة النفطية ..االقتصاد السياسي للبلدان المصدرة للنفط" ،مجلة التمويل والتنمية ،مج.
،40ع ،01 .صندوق النقد الدولي ،واشنطن ،مارس ،ص ص.40-43 .
2لبد من التمييز بين المخاطر الناجمة عن عدم اليقين بشأن أسعار النفط ،والتقلبات في القيمة الصافية للحكومة ،والتقلبات في التدفقات المالية النقدية.
لتفاصيل أدق حول الموضوع أنظر- Barnett. S.A., and R.J. Ossowski. (2002), "Operational Aspects of Fiscal Policy in Oil- :
Producing Countries", IMF Working Paper, WP/02/177, October, Washington DC, P. 13.
116
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
المالية العامة عرضة للتقلب في المتغيرات الخارجية ،التي تبقى في معظمها خارج سيطرة صناع القرار
وواضعي السياسات .وحيث أن عائدات النفط غالبا ما تمثل تحويالت من الخارج ،فإن التغيرات في هذه
العائدات عادة ما تكون مصحوبة بتحركات في التوازن المالي العام ،والتي رغم أنها ال تؤثر بشكل مباشر في
الطلب المحلي ،إال أن االستخدام المالي لهذه الموارد يخلف نتائج مهمة على االقتصاد المحلي.
من ناحية أخرى ،فإنه من حيث المبدأ العام ،وكما هو الحال بالنسبة ألي اقتصاد كان ،ينبغي أن تدعم
السياسة المالية في البلدان المنتجة للنفط تحقيق أهداف االقتصادي الكلي ،على غرار تحقيق وبلوغ االستقرار
االقتصادي الكلي ،التخصيص ال ُكفؤ واألمثل للموارد ،وتعزيز النمو االقتصادي .وبالنظر لدورها الحاسم في
ضخ وحقن الريع النفطي في االقتصاد ،فإنه يمكن اعتبار السياسة المالية على أنها األداة الرئيسية إلدارة
وتسيير االقتصاد الكلي في البلدان المنتجة للنفط (على المديين القصير والبعيد)؛ إذ إنه وباإلضافة إلى الدور
المهم الذي تؤديه هذه السياسة في توفير اإلدخار الحكومي بما يتوافق مع حجم اإلستهالك األمثل من الدخل
الدائم ،تلعب هذه األخيرة دو ار رئيسيا في إدارة التقلبات قصيرة األجل التي تحدث في االقتصاد الكلي.1
ترتبط المالية العامة (أو المالية الحكومية) في البلدان المصدرة للنفط ارتباطا وثيقا بقطاع المحروقات،
وهو األمر الذي يجعل من اإليرادات الحكومية في هذه البلدان تميل ألن تكون شديدة التقلب ،كما أنها من
الدوام
المحتمل أن تميل إلى التضاؤل في المستقبل .فضال عن ذلك ،فإن صدمات أسعار النفط تميل إلى ّ
واالستمرار ،إضافة إلى أنه –وبدرجة كبيرة -ال يمكن التنبؤ بدورات هذه األسعار .هذه الخصائص تجعل من
اإلدارة والتسيير المالي أكثر صعوبة وتحديا في اقتصاديات البلدان المنتجة للنفط ،كما أنها تكون مصحوبة
بآثار مهمة على أداء النمو االقتصادي ضمن هذه البلدان ،نحاول أن نسلط الضوء على بعضها ضمن
الفقرات التالية.2
يمكن أن تنتقل تقلبات أسعار النفط إلى االقتصاد من خالل التقلبات الحادة والكبيرة في اإليرادات
الحكومية ،كما أن عدم اليقين بشأن عائدات النفط المستقبلية وكذا شدة تغير هذه العائدات ،سيؤدي إلى
1
Barnett. S.A., and R.J. Ossowski. (2002), P. 12.
2للتفاصيل ،أنظر- Hausmann. R., Powell. A., and R. Rigobon. (1993), "An Optimal Spending Rule Facing Oil Income :
uncertainty (Venezuela)", In: External Shocks and Stabilization Mechanisms, eds. E. Engel and P. Meller,
Washington DC: Inter-American Development Bank, distributed by Johns Hopkins University Press, 1993.
- Cashin. P., Liang. H., and C. McDermott. (1999), "How Persistent Are Shocks to World Commodity Prices?", IMF
Working Paper, WP/99/80, Washington DC.; - Cashin. P., McDermott. C, and A. Scott. (1999), "Booms and Slumps
in World Commodity Prices", IMF Working Paper, WP/99/155, Washington DC.; - Engel. E. and R. Valdes. (2000),
"Optimal Fiscal Strategy for Oil Exporting Countries", IMF Working Paper, WP/00/118, Washington DC.
117
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تغيرات في اإلنفاق ،حيث تقوم الحكومة بإعادة تقييم تدفق إيراداتها المتوقعة ،وهو األمر الذي سينجر عنه
تحمل تكاليف تعديل معتبرة .ومن ثم يمكن أن تؤدي الدورية ) (Procyclicalityالناتجة في اإلنفاق الحكومي
في نهاية المطاف إلى تدهور معدالت النمو االقتصادي .1وتتحدد بعض آليات اإلنفاق المحتملة في البلدان
المصدرة للنفط من خالل النقاط التالية:
عادة ما يؤدي حدوث صدمة إيجابية دائمة في اإليرادات إلى ارتفاع اإلنفاق الحكومي ،وخاصة اإلنفاق
على السلع غير التجارية ،وهو ما يؤدي بدوره إلى خلق حوافز لتحويل الموارد بعيدا عن القطاع التجاري
(غير النفطي) ،باتجاه القطاع غير التجاري .2ومثل هذه التحركات في الموارد ستؤدي إلى ارتفاع
معدالت البطالة ،خسائر في اإلنتاج ،والى إضفاء الطابع غير الصناعي على االقتصاد في نهاية
المطاف ،ضمن ما يعرف بظاهرة العلة الهولندية ) .(Dutch Diseaseإذ إنه وبقدر ما يوفر قطاع
الصناعات التحويلية من تداعيات إيجابية على القطاعات األخرى ،إال أن االنتعاش والمردود المفاجئ
لقطاع الموارد (اإليرادات الحكومية) سيكون له أثر سلبي على النمو االقتصادي في المدى الطويل.3
إذا تم اعتبار أن صدمة إيجابية ما في اإليرادات العامة ستكون مؤقتة ،فإن تراكم فوائض الموازنة العامة
في االقتصاد يات النامية لن يحظى بالدعم الشعبي سياسيا ،وستكون الحكومة بذلك محل ضغوط متزايدة
لزيادة ورفع اإلنفاق العام ،وخاصة اإلنفاق على المشاريع العامة .فعلى سبيل المثال ،خالل الفترة
( )1978-1974تم توجيه ما يقارب ( ،)50%( ،)85%و( )46%من المكاسب غير المتوقعة المتحققة
لحكومات كل من نيجيريا ،إندونيسيا ،وفينزويال –على التوالي -إلى زيادة اإلستثمار العام .4فضال عن
ذلك ،وجدت دراسات عدة أن معظم الزيادات الكبيرة في اإلنفاق الرأسمالي العام خالل فترات الطفرات
الناتجة عن ازدهار قطاع الموارد الطبيعية (كالمحروقات) تكون غير منتجة ) ،(Non-Productiveوعادة
ما تكون ذات عائد جد منخفض.5
من ناحية أخرى ،عادة ما تؤدي الصدمات السلبية في اإليرادات إلى تعديالت تخفيضية في اإلنفاق
الحكومي ،والتي قد تكون جد مكلفة .فمن جهة ،عادة ما يكون خفض النفقات الجارية غير مستحب،
118
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
بالنظر إلى نتائجه وآثاره االجتماعية السلبية؛ ومن جهة أخرى من شأن تخفيض اإلنفاق الرأسمالي أن
يؤدي إلى تعطيل المشاريع العمومية ،وهو ما يؤدي بدوره إلى تخفيض إنتاجية االستثمارات األولية،
فضال عن كون ذلك سببا وجيها في ارتفاع التكاليف االجتماعية.1
خالل فترات التراجع واالنكماش ،ليس من غير المألوف تماما أن بعض الحكومات قد تُقب ُل على تأخير
تعديالت الزمة لتفادي وتجنب التخفيضات الفورية في اإلنفاق .إذا َّ
تبين أن الصدمة دائمة ،فإن العجز
المستمر في الميزانية وتزايد الدين العام ،من شأنه أن يثير الشكوك بخصوص السياسة المالية واستقرار
الحساب الجاري؛ ليكون من الضروري ومن المحتم –في نهاية المطاف -إجراء تعديل أكبر ،بتكلفة أعلى في
مرحلة ما في المستقبل .فعلى سبيل المثال ،لم تقم الحكومة الفينزويلية بتعديل اإلنفاق العام استجابة للصدمة
النفطية العكسية الكبيرة التي شهدها العام ،1986غير أن أزمة ميزان المدفوعات التي الحت في األفق خالل
العام 1989عجَّلت بإجراء تعديالت كبيرة باهظة التكاليف.2
من جهة أخرى ،من شأن الضبط والتعديل المالي استجابة لصدمة نفطية سلبية دائمة ،والذي يستهدف
وضع السياسة المالية ضمن مسار مستدام ) (Sustainable Pathأن يؤثر سلبا على النمو االقتصادي ،مما
يؤدي إلى مسار غير مستدام بدرجة أكبر .فضال عن ذلك ،قد يكون مستوى معين من العجز األولي –والذي
قد يبدوا مستداما عند معدل نمو معين -غير مستدام عند معدل نمو أقل؛ ويبدوا أن هذا التجانس الذي يميز
توصف
ُ السياسة المالية يعد أم ار حاسما بالغ األهمية في تصميم التعديالت المالية لدى االقتصاديات التي
على أنها ُعرضة للصدمات.3
عالوة على ما سبق ،غالبا ما يتوفر لدى البلدان المصدرة للنفط قدرات اقتراض أعلى خالل فترات
االزدهار والطفرات النفطية ،إذ من شأن هذه الطفرات أن تعمل على تحفيز التوسع في تسهيل االقتراض،
خاصة مع النمو الكبير في قدرة االستيعاب المحلي .وهو األمر الذي أسفر عن بروز ظاهرة المديونية لدى
االقتصاديات الغنية بالنفط ،إذ أن تراكم الدين خالل أوقات الوفرة يجعل التعديل والتكيف أكثر تكلفة وأكثر
صعوبة في أوقات الندرة ،باعتبار أن التعديل في هذه الحالة سينطوي على تعديالت أكبر وأوسع .وبالنظر
إلى هذه االعتبارات ،يبدوا أنه يمكن أن تواجه بعض االقتصاديات النفطية قيودا على االقتراض األجنبي
1على سبيل المثال ) 1993( Hausmann et al ،قدروا تكاليف التعديل (الثانوية) بالنسبة لفينزويال ،خالل سنوات ثمانينات القرن الماضي بما يقارب
نسبة ( ) 10%من الناتج اإلجمالي غير النفطي؛ أي ما يعادل تقريبا الخسائر (األولية) في االستيعاب ،الناتجة عن الصدمات الخارجية األولية.
2
Hausmann. R., Powell. A., and R. Rigobon. (1993).
3
El Anshasy. A.A. (2012), "Oil Prices and Economic Growth in Oil-Exporting Countries", Collage of Business and
Economics, United Arab Emirates University, P.O.Box 17555, P. 5.
119
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
خالل فترات تراجع أسعار النفط؛ األمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبا ويعمل على إعاقة البرامج التنموية في
هذه االقتصاديات ،حيث ستجد السلطات المالية نفسها حيال هذا الوضع أمام خيارات أقل لتمويل العجز،
وبذلك قد تصبح التخفيضات الحادة في اإلنفاق خيا ار حتميا ،مع ما قد ينجر عن هذه اإلجراءات من أضرار
على النمو االقتصادي على المدى البعيد.1
.2.1صدمات وتقسبات أسعار النفط واستجابة السياسة المالية في اقتصاديات البسدان النفطية:
يثبت تاريخ صدمات أسعار النفط منذ أولى الصدمات النفطية التي شهدتها سنوات سبعينات القرن
الماضي أنه من الصعب –إن لم نقل من غير الممكن -التنبؤ بدورات أسعار النفط ،في ظل التقلب الشديد
الذي ُيعد السمة البارزة التي تس ُم هذه األسعار ،والذي ُيترجم إلى شك وعدم يقين بشأن اإليرادات الحكومية
المستقبلية في البلدان المصدرة للنفط ،في ظل االعتماد الواسع على قطاع المحروقات ،إضافة إلى الضعف
النسبي للقاعدة الضريبية غير النفطية؛ وهو األمر الذي من شأنه أن يجعل من اإلدارة والتسيير المالي الكفؤ
تحديا صعبا للغاية في هذه البلدان .من ناحية أخرى ،يؤدي اتجاه أسعار النفط لالرتفاع -بدوره -إلى
التخفيف من حدة الضغوط الفورية المباشرة على السلطة المالية لضبط وتعديل السياسة المالية ،ويقلص من
الدوافع الداعية إلى الحذر المالي .هذه الميزات والمواصفات يمكن أن يكون لها آثار هامة على األداء
االقتصادي الكلي في البلدان المنتجة للنفط ،وكذا درجة استقرار اقتصاديات هذه البلدان.2
لغرض مواجهة مثل هكذا تحديات ،لجأت معظم البلدان المنتجة للنفط إلى تكوين ما يعرف بـ "صناديق
الثروة السيادية ،3"Sovereign Wealth Funds-التي تعتبر بمثابة صناديق إدخار ) ،(Savings Fundsوكذا
صناديق إستقرار )(Stabilization Funds؛ بينما يمثل التحوط ضد تقلبات أسعار النفط واستنزاف الموارد في
المستقبل ،الغرض الرئيسي من إن إنشاء وتكوين هذه الصناديق .ومن شأن التحديد والفهم الجيد لكيفية
استجابة اإلنفاق الحكومي للتغيرات في أسعار النفط وتقلباتها المتزايدة أن يرشد صناع القرار وواضعي
السياسات إلى أهمية صناديق تحقيق اإلستقرار ،ويحيطهم علما بمدى إمكانية نجاح هذه الصناديق في عزل
اإلنفاق العام عن اإليرادات المتقلبة .أما في الواقع ،فقد أظهرت تجارب العديد من منتجي النفط أن إدارة
وتسيير هذه الصناديق يشكل في حد ذاته تحديا صعبا ،حتى في ظل أكثر القواعد المالية حكمة وحذرا ،على
1
El Anshasy. A.A. (2012), P. 5.
2
El Anshasy. A.A., and M.D. Bradley. (2012), "Oil Prices and the Fiscal Policy Response in Oil-Exporting
Countries", Journal of Policy Modeling, Vol. 34, PP. 605-620.
3للمزيد من التفاصيل بخصوص صناديق الثروة السيادية ودورها في تمويل اقتصاديات الدول النفطية ،أنظر :بوفليح نبيل" ،)2011( .دور صناديق
الثروة السيادية في تمويل اقتصاديات الدول النفطية ،الواقع واآلفاق مع اإلشارة إلى حالة الجزائر" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم
االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،3الجزائر.
120
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
على صعيد األدبيات االقتصادية ،خلصت عدة دراسات إلى أن أسعار النفط تؤثر على السياسة المالية
في البلدان المصدرة للنفط ،كما أكدت أن هذه السياسة تمثل آلية انتشار وقناة رئيسية النتقال صدمات أسعار
النفط إلى االقتصاد الكلي المحلي .2وفي ذات السياق عمدت دراسات عدة ،إلى بحث وتحديد السياسة المالية
المثلى بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط ،وذلك على غرار دراسات كل من Liuksila ،)1993( Hausmann et al
Steigum ،)1994( et alو Engel ،)1998( Chalk ،)1995( Thøgersenو Leigh ،)2000( ValdesوOlters
( Van der Ploeg ،)2009a( Pieschacón ،)2006و .)2011( Venablesفي المقابل كان هناك عدد أقل من
الدراسات التي بحثت في كيفية استجابة السياسة المالية في مثل هذه البلدان للصدمات والتقلبات في أسعار
النفط .وفي هذا الصدد يؤكد )2008( Ossowski et alعلى المفاضلة بين زيادة اإلنفاق –استجابة الرتفاع
أسعار النفط -وقدرة المؤسسات على استيعاب هذه الزيادة بفعالية وكفاءة .كما وجد هؤالء الباحثين أنه بالرغم
من أن الطفرة النفطية التي شهدتها الفترة ( )2008-2003سمحت للبلدان المنتجة للنفط بالرفع من حجم إنفاقها
العام ،إال أن هذه البلدان سجلت مؤشرات منخفضة نسبيا فيما يتعلق بفعالية وكفاءة الحكومة.3
1أنظر- Davis. J., Ossowski. R.J., and S. Barnett. (2001), "Stabilization and Savings Funds for Nonrenewable :
Resources: Experience and Fiscal Policy Implications", IMF Occasional Paper No.205, Washington DC.
- Ossowski. R., Villafuerte. M., Medas. P., and T. Thomas. (2008), "Managing the Oil Revenue Boom: the Role of
Fiscal Institutions", IMF Occasional Paper No. 260, Washington DC.
- Van der Ploeg. F., and T. Harding. (2009), "Is Norway’s Bird-in-Hand Stabilization Fund Prudent Enough?, Fiscal
Reactions to Hydrocarbon Windfalls and Graying Populations", CESIFO Working Paper No. 2830.
2أنظر على سبيل المثال- Husain. A.M., Tazhibayeva. K., and A. Ter-Martirosyan. (2008), "Fiscal Policy and Economic :
Cycles in Oil Exporting Countries", IMF Working Paper No. 08/253, November, Washington DC.
- Pieschacón. A. (2009b), "Oil Booms and Their Impact through Fiscal Policy", manuscript, Stanford University,
Stanford, California.; - Arezki. R., and K. Ismail. (2010), "Boom-Bust Cycle, Asymmetrical Fiscal Response and the
Dutch Disease", IMF Working Paper No. 10/94, Washington DC.
- Ossowski. R., Villafuerte. M., Medas. P., and T. Thomas. (2008). 3أنظر:
121
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
النشاط االقتصادي .كما دلت النتائج على أنه من شأن انخفاض طفيف في أسعار النفط أن يؤدي إلى
احتياجات تمويلية كبيرة في المستقبل القريب ،والى تفاقم أوضاع االستدامة المالية طويلة األجل في مجموعة
الدول محل الدراسة.1
وفي نفس السياق ،أقدم El-Anshasyو- )2012( Bradleyفي إطار عينة ضمت 16بلد منتج للنفط-2
على تحليل ودراسة الدور الذي تلعبه أسعار النفط في تحديد اتجاهات السياسة المالية في البلدان المصدرة
للنفط تجريبيا ،من خالل محاولة رصد استجابة هذه السياسة للصدمات النفطية ،حيث تم تحديد ثالث قنوات
يمكن أن تتفاعل من خاللها السياسة المالية مع أسعار النفط ،ويتعلق األمر بصدمات أسعار النفط ،تقلبات
أسعار النفط ،ومعامل التواء وانحراف تغيرات أسعار النفط .ومن ثم قام الباحثان باشتقاق وتقدير معادلة
للسياسة المالية تربط اإلنفاق الحكومي ليس فقط بصدمات أسعار النفط ،بل أيضا بتقلبات هذه األسعار،
وكذا انحراف تغيراتها .النتائج دلت على أن ارتفاع أسعار النفط يؤدي -على المدى البعيد -إلى زيادة حجم
الحكومة .أما في المدى القصير فإن النفقات الحكومية ترتفع بنسبة أقل نسبيا من الزيادة الحاصلة في
عائدات النفط ،األمر الذي يعكس تزايد الحذر والحكمة في السياسة المالية في البلدان المنتجة للنفط.3
عالوة على ما سبق ،قدمت بعض الدراسات (على غرار FasinoوHusain et al ،)2002( Wang
( Villafuerte ،)2008و ))2010( Lopez-Murphyأدلة تجريبية بشأن دورية النفقات الحكومية في البلدان
المصدرة للنفط؛ وقد اعتبرت هذه الدراسات أن أحد األسباب الرئيسية في هذه الدورية المميزة لإلنفاق
الحكومي ،يتعلق بأنه في كثير من البلدان المنتجة للنفط تكون السياسة المالية تابعة ألهداف السياسة
االقتصادية العامة ،التي غالبا ما تستهدف خلق المزيد من فرص العمل في القطاع العام ،وزيادة دخل
المواطن كوسيلة لتقسيم عائدات النفط .4وفيما يلي نتناول دورية السياسة المالية في هذه البلدان بالتفصيل.
1
Villafuerte. M., and P. Lopez-Murphy. (2010), "Fiscal Policy in Oil Producing Countries During the Recent Oil
Price Cycle", IMF Working Paper No. 10/28, Washington DC.
2خصت الدراسة كل من الجزائر ،البحرين ،الكاميرون ،كولومبيا ،مصر ،إندونيسيا ،ماليزيا ،إيران ،الكويت ،المكسيك ،نيجيريا ،النرويج ،عمان،
سوريا ،اإلمارات العربية المتحدة ،وفينزويال ،خالل الفترة (.)2007-1972
3
El Anshasy. A.A., and M.D. Bradley. (2012).
4
Chemingui. M., and T. Roa. (2008), "Petroleum Revenues in Gulf Cooperation Council Countries and their Labor
Market Paradox", Journal of Policy Modeling, Vol. 30, No. 3, PP. 491-503.
122
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
فرضية "تعديل الضرائب "Tax-Smoothing-للسياسة المالية المثلى لـ ،)1973( Barroأنه بالنسبة لمسار
معين لإلنفاق الحكومي ،ينبغي أن تظل َّ
معدالت الضرائب ثابتة خالل الدورة االقتصادية ،كما ينبغي أن
يتحرك فائض الموازنة العامة ضمن نمط دوري .أما وفق المقاربة الكينزية فإنه ينبغي على الحكومة إذا كان
االقتصاد في حالة ركود ،أن تعمل من خالل سياستها المالية على زيادة اإلنفاق الحكومي وتخفيض الضرائب
لمساعدة االقتصاد على الخروج من وضعية الركود؛ بينما يتوجب عليها أن تعمل خالل فترات االزدهار
االقتصادي على ادخار وتوفير الفوائض التي تنشأ عن تشغيل عوامل االستقرار التلقائية ،وأن تذهب إلى أبعد
من ذلك –إذا لزم األمر -باتخاذ إجراءات وتدابير تقديرية من خالل رفع الضرائب ،أو تخفيض النفقات.
نتيجة لذلك ،يكون من المتوقع أن تتبع السياسات المالية أنماطا واتجاهات مضادة للدورات االقتصادية
) (Countercyclical Patternsمن خالل عوامل االستقرار التلقائية ،والقنوات التقديرية .وبعبارة أخرىُ ،يتوقع
وجود عالقة ارتباط إيجابية بين التغيرات في الناتج والتغيرات في الموازين المالية ،أو عالقة ارتباط سلبي بين
التغيرات في الناتج والتغيرات في اإلنفاق الحكومي.1
في المقابل ،أظهرت عديد الدراسات التجريبية أن السياسات المالية غالبا ما تكون دورية (تابعة للتقلبات
الدورية )Procyclical-في البلدان النامية بشكل عام ،وفي البلدان المصدرة للنفط -وضمنها بلدان أوبك-
على وجه الخصوص .2حيث تُقدم حكومات هذه البلدان على رفع اإلنفاق العام مع حدوث ِّ
أي ارتفاع في
العائدات النفطية خالل الفترات التي تشهد طفرات في أسعار النفط ،بينما تكون هذه الحكومات مجبرة على
خفض إنفاقها عند تراجع اإليرادات الناتج عن تراجع وانهيار أسعار النفط؛ وذلك أن هذه البلدان –بصفة
عامة -غير قادرة على تجميع َّ
المدخرات خالل الفترات التي تشهد عائدات نفطية مرتفعة ،إذ بإمكانها فقط
تمويل العجز عن طريق خفض النفقات أثناء نقص اإليرادات .في هذا الصدد ،وجد كل من Fouad et al
( Villafuerte ،)2007و ،)2010( Lopez-Murphyو ،)2010( Abdih et alأن البلدان المنتجة للنفط قد
انتهجت سياسات مالية دورية خالل دورة أسعار النفط التي شهدتها الفترة ()2008-2003؛ كما قدم Baldini
( )2005و )2003( De Cimaكذلك ،أدلة بشأن دورية السياسات المالية في كل من فينزويال والمكسيك (بلدين
1
Erbil. N. (2011), "Is Fiscal Policy Procyclical in Developing Oil-Producing Countries?", IMF Working Paper,
WP/11/171, Washington DC, P. 5.
Gavin 2و ) 1997( Perottiوجدا أن كل من اإلنفاق اإلجمالي وكذا مكوناته يخضعون ويواكبون بشدة التقلبات الدورية ( )highly procyclicalفي
بلدان منطقة أمريكا الالتنية .كما وجد ) 2004( Kaminsky et alأن السياسة المالية تتسم بالدورية ،ضمن عينتهم التي خصوها بالدراسة ،والتي ضمت
83بلد منخفض ومتوسط الدخل .وفي دراسة أحدث اختبر )2011( Erbilدورية السلوك المالي في عينة ضمت 28بلد نامي منتج للنفط خالل الفترة
( )2009-1990بعد اختيار خمس (تدابير) إجراءات مالية -ضمت إجمالي اإلنفاق الحكومي ومكوناته ،اإلستهالك العام ،اإلستثمار العام ،اإليرادات غير
النفطية ،والرصيد األولي للميزان غير النفطي -وتصحيح العالقة السببية العكسية بين الناتج غير النفطي والمتغيرات المالية .النتائج أشارت إلى أن جميع
المتغيرات المالية الخمسة دورية بقوة ) (Strongly Procyclicalفي كل البلدان المعنية بالدراسة ،مع تسجيل بعض االختالفات في النتائج بين هذه
البلدان حسب انتمائها لمختلف فئات الدخل.
123
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
منتجين للنفط) .وفضال عن ذلك ،توصلت دراسات أخرى- 1باستخدام انحدارات المتغيرات األدواتية -إلى
وجود أدلة قوية بشأن دوية السياسات المالية في البلدان النامية وضمنها البلدان المنتجة للنفط.
من ناحية أخرىُ ،حجتان رئيسيتان تم اقتراحهما لتفسير دورية السياسة المالية في البلدان النامية ،تنطبق
أيضا على الوضع في البلدان المصدرة للنفط .تتعلق الحجة األولى بـ "القيود المفروضة على التمويل-
( "Constraints on Financingأو محدودية فرص النفاذ والدخول إلى أسواق اإلئتمان) ،وكذا العوامل ذات
الصلة بهيكل االقتصاد (هيكل الميزانية ،الهيكل الطاقوي ،االجتماعي والسياسي ،ضعف المؤسسات) .بشكل
عام تم عرض هذه العوامل بشكل منفصل كل على حدى ،غير أنها تصب في نفس اإلتجاه ومن المرجح أن
يدعم ويعزز بعضها البعض .فعلى سبيل المثال ،ضعف المؤسسات ،هيكل الميزانية ،أو فساد الحكومة ،هي
عوامل من شأنها أن تعيق وتعرقل السياسات المالية الحذرة؛ األمر الذي سيؤثر بدوره على االستدامة المالية
) ،(Fiscal Sustainabilityوالجدارة اإلئتمانية ) ،(Creditworthinessمن خالل توسيع وتضخيم قيود التمويل.
تنشأ وتظهر قيود السيولة واالقتراض عندما يحتاج بلد نامي ما (منتج للنفط) إلى التمويل غالبا –خالل
فترات الركود -بينما يكون هناك احتمال ضعيف ألن يكون هذا البلد قاد ار على الحصول على هذا التمويل؛
حيث أن العديد من هذه البلدان ال تتوفر على مخزون هام من األصول أجنبية ،كما ال أنها ال تملك أسواق
معدالت التبادل
مالية محلية متطورة لجمع الموارد المالية .عندما تواجه هذه البلدان صدمات كبيرة في ّ
التجاري –والتي تتمثل في التراجعات الحادة ألسعار النفط في حالة البلدان المصدرة للنفط -فإن المستثمرين
قد يفقدون الثقة ،وبذلك يكونون أقل استعدادا لمنح القروض ،إذ أنهم يخشون أن غياب مصداقية السياسات
) (Lack of Policy Credibilityواالنضباط ،قد يضع الحكومات في مواجهة عجز كبير في الميزانية،
وبالتالي التخلف عن موعد سداد القروض .2وحيال هذا الوضع ،ستواجه الحكومات أيضا قيودا دورية على
اإلئتمان في أسواق رأس المال العالمية ("التوقف المفاجئ "Sudden Stops-كما هو موضح ضمن Calvo
و3))2000( Reinhart؛ األمر الذي من شأنه أن يعيق قدرة حكومات هذه البلدان على انتهاج وتنفيذ سياسيات
مضادة للتقلبات الدورية ).(Countercyclical Policies
1أنظر على سبيل المثال- Ilzetzki. E., and C.A. Vegh. (2008), "Procyclical Fiscal Policy in Developing Countries: Truth :
or Fiction?", NBER Working Papers No. 14191, Cambridge, Ma.
2للتفاصيل ،أنظر- Hausmann. R., Talvi. E., Gavin. M., and R. Perotti. (1996), "Managing Fiscal Policy in Latin :
America and the Caribbean: Volatility, Procyclicality, and Limited Creditworthiness", IDB WP-326.
- Reinhart. C.M., Rogoff. K.S, and M.A. Savastano. (2003), "Debt Intolerance", Brookings Papers on Economic
Activity, Vol. 1, PP. 1–74.; - Caballero. R.J. and A. Krishnamurthy. (2004), "Fiscal Policy and Financial Depth",
NBER Working Papers No. 10532. Cambridge, Ma.
3أنظر- Calvo. G.A., and C.M. Reinhart. (2000), "Fear of Floating", NBER Working Papers No. 7993, Cambridge, :
Ma.
124
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
في نفس السياق ،أُستخدمت صناديق االستقرار النفطية بشكل متزايد من طرف حكومات البلدان المصدرة
للنفط ،باعتبارها كأداة للتعامل مع تقلبات العائدات النفطية؛ حيث تهدف هذه الصناديق إلى تحقيق االستقرار
في إيرادات الميزانية ،بعزلها عن التقلبات المذكورة .فعندما تكون عائدات النفط مرتفعة ،يتم توجيه جزء منها
إلى صناديق تحقيق االستقرار ،بينما تستخدم هذه الصناديق لتمويل العجز في اإليرادات العامة عند انخفاض
العائدات النفطية .مع ذلكُ ،وجد أن إنشاء مثل هذه الصناديق لم يكن له أي تأثير على العالقة بين عائدات
صادرات النفط واإلنفاق الحكومي في البلدان التي لم تُنفذ فيها سياسات مالية واقتصادية كلية سليمة وشفافة.
فضال عن ذلكُ ،ش ِّغلت بعض صناديق النفط خارج أنظمة الميزانية القائمة ،كما أنها غالبا ما كانت خاضعة
للمساءلة فقط أمام عدد قليل من المعينين السياسيين ،مما جعل منها عرضة بشكل خاص لسوء االستعمال،
وكذا التدخل السياسي؛ وبالتالي ال ينبغي النظر إلى صناديق االستقرار النفطية على أنها بديال مجديا وفعاالً
لإلدارة المالية السليمة.1
الحجة األخرى المقترحة لتفسير صعوبة انتهاج وتنفيذ سياسات مالية مضادة للدورات االقتصادية ،تركز
على دورية اإلنفاق الحكومي ،والتي تعود إلى ثالث جوانب متعلقة باالقتصاد والحكومة؛ ويتعلق األمر بكل
من هيكل الميزانية ،ضعف الهيكل السياسي والمؤسساتي ،والفساد الحكومي .2فالبلدان النامية بشكل عام،
والبلدان المصدر للنفط بشكل خاص ،تنتهج سياسات دورية –أوال -بسبب هيكل ميزانيتها ،حيث يتوفر لدى
هذه البلدان عدد قليل من عوامل االستقرار التلقائية في صلب ميزانيتها؛ ونتيجة لذلكُ ،يبدي اإلنفاق الحكومي
في هذه البلدان القليل من األنماط والمسارات المعاكسة للتقلبات للدورية مقارنة بالبلدان الصناعية .وفي هذا
الصدد ،الحظ Gavinو- )1997( Perottiعلى سبيل المثال -أن إنفاق بلدان أمريكا الالتينية على التحويالت
اء .3إضافة إلى ذلك ،فإن معظم البلدان النامية
واإلعانات أقل بكثير من إنفاق بلدان ) (OECDاألكثر ثر ً
والبلدان المصدرة للنفط ليس بوسعها إنعاش جانب اإليرادات بشكل فعال عن طريق إيرادات الضرائب ،وذلك
أنها عادة ما تعاني من عدم كفاءة أنظمة تحصيل الض ارئب ،التي تعوود إلى انخفاض مستوى االمتثال
للقوانين الضريبية ،نقص االلتزام السياسي ،وكذا نقص الكفاءات والخبرات .4كما أن القواعد الضريبية غير
1للمزيد حول الموضوع ،أنظر- Fasano-Filho. U. (2000), "Review of the Experience with Oil Stabilization and Savings :
Funds in Selected Countries", IMF Working Paper, No. 00/112, Washington DC.; - Davis. J.M., Ossowski. R., and
A. Fedelino. (2003), "Fiscal Policy Formulation and Implementation in Oil-Producing Countries", International
Monetary Fund, August 21, Washington DC.; - Ossowski. R., Villafuerte. M., Medas. P., and T. Thomas. (2008).
2
Erbil. N. (2011), P. 7.
24% 3من إجمالي اإلنفاق الحكومي ،مقارنة بـ 42%بالنسبة لالقتصاديات الصناعية .أنظر- Gavin. M., and R. Perotti. (1997), "Fiscal :
Policy in Latin America", NBER Macroeconomics Annual 1997, edited by B. Bernanke and J. Rotemberg, MIT
Press, Cambridge, Ma.
4عالوة على ذلك ،بعض البلدان ،وإلى غاية وقت ليس بالبعيد ،لم يكن لديها حتى نظام كامل الحداثة لضريبة القيمة المضافة ) .(VATللتفاصيل ،أنظر:
125
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
( -2)1999يؤدي إلى دورية مالية ناجمة عن مجموعة مشاكل مشتركة ،حيث من شأن صدمة إيجابية في
الدخل أن تؤدي إلى ارتفاع أكثر من نسبي في اإلنفاق العام ،حتى لو كان من المتوقع أن تكون الصدمة
مؤقتة؛ وهذا ما تمت مناقشته على نطاق واسع ضمن أدبيات "لعنة الموارد– "Resource Curse-التي تم
تناولها في الفصل السابق -باعتباره سببا في تراجع النمو االقتصادي في البلدان الغنية بالموارد .3عالوة على
ذلك ،تكون السياسات المالية أكثر تقلبا في البلدان التي توجد فيها أنظمة سياسية متعددة نقاط حق النقض
المالي ،وتقلبات مرتفعة في اإلنتاج .4وبالمثل ،وجد كل من Fátasو ،)2001c( Mihovو ،)2003( Laneأن
البلدان التي تعاني تشتتا في السلطة ) (Power Dispersionتكون معرضة لمواجهة إنتاجا متقلبا ،وسلوكا ماليا
مساي ار للدورات االقتصادية (دوري).
عالوة على ما سبق Alesina ،و )2005( Tabelliniأشا ار أن الحكومة األكثر فسادا هي من تنتهج
سياسات مالية دورية في الغالب ،حيث أن الناخبين الذين ال يثقون في الحكومة يطالبون بمنافع وخدمات
أكثر عندما يالحظون حدوث ارتفاع في الناتج الكلي .هذا السلوك يكون أكثر انتشا ار في البلدان الديمقراطية،
حيث تكون الحكومة الفاسدة مسؤولة أمام الناخبين ،أما في البلدان الديكتاتورية فلن تتم محاسبة الحكومة حتى
لو كان الفساد منتش ار على نطاق واسع ،والناخبون في هذه الحالة ال يمكنهم التأثير على الق اررات المتعلقة
بالسياسة المالية Alesina .و Tabelliniخلصا إلى أن الحكومات الفاسدة في البلدان النامية الديمقراطية (بما
فيها البلدان النفطية) ،تعتبر السبب الرئيسي في دورية السياسة المالية ،بدال من العيوب والنقائص التي تسم
أسواق اإلئتمان في هذه البلدان.5
- Davis. J.M., Ossowski. R., and A. Fedelino. (2003).;- Crandall. W., and J. Bodin. (2005), "Revenue Administration
Reform in Middle Eastern Countries, 1994–2004", IMF Working Paper, WP/05/203, Washington DC.
1فضال عن ذلك ،تتبع معظم البلدان المصدرة للنفط أنظمة سعر صرف شبه ثابتة ) ،(quasi-fixed exchange rate regimesوالتي تقترن بحركية
دولية عالية لرؤوس األموال ،وكذا محدودية دور السياسة النقدية.
2أنظر- Tornell. A., and P.R Lane. (1999), "Voracity and Growth", American Economic Review, Vol. 89, PP. 22–46. :
3أنظر على سبيل المثال- Sachs. J.D., and A. Warner. (1995), "Natural Resource Abundance and Economic Growth", :
NBER Working Paper Series, No. 5398, Cambridge, Ma, PP. 1-47.
4أنظر- Stein. E., Talvi E., and A. Grisanti. (1998), "Institutional Arrangements and Fiscal Performance: The Latin :
American Experience", NBER Working Papers No 6358, Cambridge, Ma.; - Talvi. E., and C. Vegh. (2000).
5لتفاصيل أدق ،أنظر- Alesina. A., and G. Tabellini. (2005), "Why is Fiscal Policy Often Procyclical?", NBER Working :
Papers No. 11600, Cambridge, Ma.
126
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
.2التحديات الرييسية التي تواجه السياسة المالية نتيجة التبعية لعايدات النفط.
تواجه السياسة المالية في البلدان المنتجة للنفط تحديات فريدة ،تنبع من واقع كون عائدات النفط قابلة
لالستنزاف والنضوب ،تخضع للتقلبات إذ تحكمها -إلى حد بعيد -عوامل خارجية ،ويكتنفها الاليقين وعدم
التأكد ،في ظل عدم االستقرار الذي يميز األسعار في األسواق العالمية .وفي هذا الصدد تثير مسألة إمكانية
نضوب النفط قضايا معقدة تتعلق باالستدامة المالية ) ،(Fiscal Sustainabilityوتوزيع الموارد بين األجيال
)(Intergenerational Resource Allocation؛ كما من شأن شدة تقلب العائدات النفطية والاليقين الذي يشوبها
أن يعقد من عملية تسيير وادارة االقتصاد الكلي والتخطيط المالي ،في ظل التحدي المتمثل في تجنب انتقال
تقلبات أسعار النفط -التي تبقى خارج سيطرة صناع وواضعي السياسات االقتصادية -إلى االقتصاد الكلي.1
في نفس السياق ،تكون هذه التحديات أكبر وأصعب كلما كانت حصة عائدات النفط ضمن إجمالي
اإليرادات الحكومية أكبر ،وكلما زادت أهمية حصة قطاع النفط في االقتصاد .فاالعتماد على النفط كمصدر
رئيسي لعائدات الصادرات واإليرادات الحكومية من شأنه أن يضع صناع السياسات في البلدان المنتجة للنفط
في مواجهة عدة قضايا وتحديات على المديين القصير والبعيد ،تتضمن كيفية التعامل مع التغيرات الحادة
وغير المتوقعة في أسعار النفط ومن ثم اإليرادات ،وكيفية استخدام العائدات النفطية التي تنفرد بميزات
خاصة ،لضمان االستدامة المالية والمساواة بين األجيال على المدى الطويل ،وضمان السير الحسن
لالقتصاد الكلي والتخطيط المالي في المدى القصير.
.1.2التحديات والقضايا قصيرة األجل :إدارة وتسيير االقتصاد الكسي والتخطيط المالي.
تنشأ التحديات التي تواجه السياسة المالية في البلدان النفطية على المدى القصير من التقلبات الحادة في
أسعار النفط وصعوبة –وفي بعض األحيان عدم إمكانية -التنبؤ بها؛ في ظل االعتماد الواسع على العائدات
النفطية التي غالبا ما تحتل مكانة هامة ،وتمثل نسبة معتبرة ضمن إجمالي اإليرادات العامة لدى غالبية هذه
البلدان .مما يعني أن المالية العامة في هذه البلدان تكون تابعة لمتغيرة متقلبة وغير مستقرة ،تبقى إلى حد
بعيد خارج سيطرة وتحكم السلطات االقتصادية وواضعي السياسات؛ وهو ما يشكل تحديا لكل من التسيير
االقتصادي الكلي والتخطيط المالي ،ويجعل اإلدارة المالية قصيرة األجل ،وتخطيط الميزانية ،واالستخدام
الفعال للموارد ،أم ار في غاية الصعوبة .بينما تتوقف القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية في ظل هذه
127
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
األوضاع ،على مدى متانة المركز المالي للحكومة ،الذي يعتمد بدوره على مدى توفر مصادر إيرادات بديلة
(خاصة الضريبية منها) غير نفطية ،يمكنها تعويض وتغطية انخفاض العائدات النفطية في حالة تراجع
أسعار النفط ،إضافة إلى مدى القدرة على ضبط وترشيد اإلنفاق العام خالل فترات الطفرات النفطية ،والذي
من شأنه أن يساهم في الحفاظ على التوازن المالي للحكومة في حالة تسجيل انخفاضات شديدة ومفاجئة في
أسعار النفط.
تميل التقلبات في أسعار النفط ،ومن ثم اإليرادات الحكومية إلى المساهمة في إعطاء نمط دوري (مواكب
لتقلبات الدورة االقتصادية) ومفاجئ لتغيرات اإلنفاق الحكومي ،وهو األمر الذي يمكن أن يترجم إلى تقلبات
اقتصادية كلية ،والى انخفاض وتراجع في آفاق النمو .وتمثل الدورية ) (Procyclicalityالسمة البارزة التي
تميز السياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط ،1وهو ما يقود إلى حاالت تعديل اإلنفاق العام ،التي تدعمها
كذلك بعض التكاليف المالية األخرى المحتملة لسياسات اإلنفاق المتقلبة .فخالل فترات االرتفاع السريع في
اإلنفاق العام على سبيل المثال ،يمكن أن تشمل هذه التكاليف انخفاضا في جودة وكفاءة اإلنفاق ،بسبب
القيود المفروضة على القدرات اإلدارية ،أو على تنفيذ المشاريع ذات القيمة المضافة الهامشية ،والصعوبات
في احتواء وكبح النفقات بعد التوسع؛ أما خالل فترات االنخفاض السريع في اإلنفاق ،فقد يتم توقيف مشاريع
استثمارية قابلة لالستمرار.
بشكل عام ،من شأن تقلبات أسعار النفط أن تجعل من استهداف مستوى معين لرصيد الموازنة العامة
أمر في غاية الصعوبة .فضال عن ذلك لبد من تفسير نسبة رصيد الموازنة العامة إلى إجمالي الناتج المحلي
ا
بقدر أكبر من الحذر إذا تعلق األمر باقتصاديات البلدان المصدرة للنفط ،مقارنة باالقتصاديات الصناعية
المتقدمة2؛ كما أنه ال يمكن اعتبار هذه النسبة بمثابة مؤشر موثوق يمكن االعتماد عليه لتقييم مسار السياسة
المالية في هذه البلدان .فخالل فترة معينة من فترات ارتفاع أسعار النفط على سبيل المثال ،قد تنخفض
(ترتفع) نسبة العجز (الفائض) إلى إجمالي الناتج المحلي ،على الرغم من السياسات المالية التوسعية
المنتهجة في مثل هكذا ظروف ،مع ما يميزها من زيادة في النفقات العامة أو انخفاض في اإليرادات غير
،) 2009( Sturm et al 1تعرضوا بالتحليل التجريبي لدورية السياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط ،ضمن عينة ضمت 19بلد مصدر للنفط .وقد
جاءت النتائج مؤكدة السوك الدوري للسياسة المالية في المجموعة المدروسة من البلدان .للمزيد من التفاصيل ،أنظر- Sturm. M., Gurtner. F., :
and J.G. Alegre. (2009), "Fiscal Policy Challenges in Oil-Exporting Countries: A Review of Key Issues", ECB
Occasional Paper, No. 104, June, PP. 24-25.
2في االقتصاديات المتقدمة يتم حساب أرصدة الميزانية الهيكلية ) (Structural Budget Balancesلتقييم التأثير الدوري للوضع المالي ال ُمصحح على
إيرادات الميزانية الحكومية ونفقاتها .أما في البلدان المصدرة للنفط ،فتبقى النظم الضريبية ،ومخططات التأمين ضد البطالة غير متطورة ،وتعاني من
التخلف لدى العديد من هذه البلدان ،أو أنها غير موجودة أصال حتى اآلن .وبالتالي نجد أن عوامل االستقرار التلقائية ) (Automatic Stabilisersال
تؤدي دورا هاما في هذه البلدان ،كما أن حساب التوازن الهيكلي لن يوفر إال نظرة محدودة ،وفي أغلب الحاالت ال يكون ممكنا بسبب قيود البيانات.
128
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
النفطية .إذ أن ارتفاع عائدات النفط ومعها الناتج المحلي اإلجمالي غير النفطي ،من شأنه أن يعمل على
إخفاء وتغطية التوسع المالي .وعلى النقيض من ذلك ،قد يحدث خالل فترة معينة من فترات تراجع أسعار
النفط أن ترتفع (تنخفض) نسبة العجز (الفائض) إلى إجمالي الناتج المحلي ،على الرغم من التماسك
الموازني ) ،(budgetary consolidationالذي يكون في صورة تخفيضات للنفقات العامة وارتفاع لإليرادات
غير النفطية (الضريبية منها خاصة).1
من ناحية أخرى ،يمكن أن يكون تقييم الوضع السائد المتعلق بالسياسة المالية على أساس التوازن العام
مضلال ،لذلك تقوم الحاجة إلى مؤشرات أخرى لتوجيه السياسة المالية وتقييم الوضع المالي السائد ،وذلك
على غرار نسبة رصيد الحساب غير النفطي إلى إجمالي الناتج المحلي غير النفطي ،التي تمثل مؤش ار
يسمح بعزل رصيد الموازنة العامة عن تطورات أسعار النفط .مع ذلك تجدر اإلشارة إلى أن أرصدة الحسابات
غير النفطية ال يمكن أن تحل محل المؤشرات المالية التقليدية على غرار أرصدة الحسابات اإلجمالية أو
األولية ،في حين يمكن اعتبارها بمثابة مؤشرات مكملة لتحليل التطورات المالية في االقتصاديات شديدة
االعتماد على النفط وعائداته.2
تنشأ التحديات التي تواجه السياسة المالية على المدى الطويل من إمكانية استنفاذ االحتياطات النفطية،
وما يترتب عن ذلك من مسائل تتعلق باالستدامة المالية وعدالة توزيع الموارد بين األجيال .وفي هذا الصدد،
يتم بلوغ وتحقيق االستدامة المالية إذا أمكن توفير نفس القدر من السلع العامة (نفس مستوى اإلنفاق) في
"عصر ما بعد النفط" ،مقارنة بـ "عصر النفط" ،دون اللجوء إلى تمويل العجز في اإلنفاق العام .3أما
اإلنصاف والمساواة بين األجيال ،فتستدعي أن يتمتع المواطنين في "عصر ما بعد النفط" بنفس المقدار من
المنافع العامة ،مقارنة باألجيال المعاصرة لـ "عصر النفط" ،دون تحمل عبئ مالي أعلى (في شكل ضرائب
- Sturm. M., F. Gurtner., and J. G. Alegre. (2009), PP. 23-24. 1أنظر:
- Medas. P. and D. Zakharova. (2009). 2أنظر:
أنظر كذلك Sturm :و ،) 2005( Siegfriedفيما يتعلق بالمؤشرات المالية في البلدان المصدرة للنفط في سياق معايير التقارب المالي لمجموعة بلدان
مجلس التعاون الخليجي ).(GCC
3للمزيد من التفاصيل حول االستدامة المالية ،أنظر Chalkو )2000( Hemmingاللذان قدما مسح واستقصاء عن االستدامة المالية بشكل عام،
وتناوال في قسم من هذه الدراسة خصائص االستدامة المالية في البلدان التي تعتمد على عائدات الموارد غير المتجددة وضمنها البلدان المنتجة للنفط،
أنظر- Chalk. N., and R. Hemming. (2000), "Assessing Fiscal Sustainability in Theory and Practice", IMF Working :
Paper No. 00/81, Washington DC.
فضال عن ذلك عمدت دراسات عدة إلى اختبار استدامة السياسة المالية تجريبيا ،ضمن مجموعة مختارة من البلدان المنتجة للنفط ،وذلك على غرار
دراسات كل من ،)1994( Liuksila et al ،)1991( Tersmanو ،) 1998( Chalkالذين استخدموا إطارا تجريبيا يركز على الثروة الحكومية ،بما
في ذلك الثروة النفطية الموجودة في األرض.
129
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
مثال) .مما يعني أن تحقيق المساواة بين األجيال تعد أكثر تطلبا من ضمان االستدامة المالية ،حيث أنه إذا
تم تعويض العائدات النفطية بمداخيل الضرائب على سبيل المثال ،فإن هذا من شأنه أن يضمن االستدامة
المالية ،لكنه ال يضمن بالضرورة المساواة واإلنصاف بين األجيال الحالية والمستقبلية.
لمواجهة هذه التحديات ،يعد توفير وادخار العائدات النفطية من بين الخيارات الرئيسية للسياسة المالية،
1
من أجل تجميع األصول المالية ) ،(Financial Assetsأو لغرض االستثمار في األصول المادية )Physical
.(Assetsوبعبارة أخرى ،يتوفر أمام البلدان المصدرة للنفط خيار وحيد لتفادي تعديل حاد وعنيف في السياسة
المالية حال استنفاذ االحتياطات النفطية ،وتأمين الثروة الوطنية والحفاظ عليها من أجل األجيال المستقبلية.
يتمثل هذا الخيار في تجميع األصول المالية خالل فترات إنتاج النفط ،بينما يمكن استخدام اإليرادات من هذه
األصول لتحل محل العائدات النفطية بعد نفاذ االحتياطات النفطية وتوقف اإلنتاج ،من أجل الحفاظ على
مستويات اإلنفاق .وبذلك يتم تحويل الثروة النفطية تدريجيا إلى ثروة مالية ،لتبقى الثروة اإلجمالية القتصاد
البلد المعني ) (Overall Wealthدون تغيير ،ويتم الحفاظ عليها من أجل األجيال المستقبلية.
الثروة الوطنية
(دوالر أمريكي)
إجمالي الثروة
1,000
Source: Sturm. M., Gurtner. F., and J.G. Alegre. (2009), "Fiscal Policy Challenges in Oil-Exporting
Countries: A Review of Key Issues", ECB Occasional Paper, No. 104, June, P. 17.
130
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
الرسوم البيانية الموضحة في الشكل ( )1.2أعاله والشكل ( )2.2أدناه ،تُظهر –إستنادا إلى المنطق السابق
وباالعتماد على افتراضات مبسطة -كيف يتم الحفاظ على رصيد الثروة الوطنية من أجل األجيال القادمة،
وكذا كيفية المحافظة على استدامة اإليرادات المالية.
الشكل ( :)2.2الحفاظ على استدامة اإليرادات المالية من خالل تجميع األصول المالية.1
اإليرادات
(دوالر أمريكي)
إجمالي اإليرادات
اإليرادات النفطية
100
اإليرادات المالية
0 السنوات
بداية إنتاج النفط اإلنفاق المستدام/
العجز غير النفطي
Source: Sturm. M., Gurtner. F., and J.G. Alegre. (2009), "Fiscal Policy Challenges in Oil-
Exporting Countries: A Review of Key Issues", ECB Occasional Paper, No. 104, June, P. 18.
بديهيا ،يبدوا هذا التفكير منطقيا إذ أنه يؤدي إلى خلق وضعية متماسكة من الفوائض المالية العامة
المستمرة ،والتي تساعد على تجميع األصول المالية .2مع ذلك ،يبقى استخالص نتائج ملموسة بشأن السياسة
المالية من الناحية النظرية ،جعل هذه النتائج عملية ،واألكثر من ذلك تنفيذها ،من األمور الصعبة .فعلى
سبيل المثال ،يكون تقدير الثروة النفطية لبلد ما -والتي تعرف بالقيمة الحالية المخصومة من عائدات النفط
المستقبلية -محاط بشكوك كثيرة فيما يتعلق باالفتراضات األساسية ،وخاصة عدم اليقين الذي يكتنف المسار
المستقبلي ألسعار النفط ،حجم االحتياطات النفطية ،وكذا تكاليف استخرج هذه االحتياطات .فمثال ،على
المدى الطويل –وكحالة متطرفة ينبغي النظر فيها -يمكن أن تتوصل ابتكارات تقنية معينة إلى إيجاد بدائل
1تم إعداد الشكل ( )2.2في ظل نفس الفرضيات السابقة ،إضافة إلى افتراض عائد 10%سنويا على الموجودات من األصول المالية.
2أنظر Alierو ،) 1999( Kaufmanاللذان اعتمدا على توسيع لنموذج األجيال المتداخلة غير العشوائية )the non-stochastic overlapping
، (generation modelلخلق حالة من الفوائض المالية المستمرة في اقتصاد ذو موارد غير متجددة ،استنادا إلى أسس اإلنصاف والمساواة بين األجيال.
للتفاصيل أنظر- Alier. M., and M. Kaufman. (1999), "Nonrenewable Resources: A Case for Persistent Fiscal :
Surpluses", IMF Working Paper No 99/44, Washington DC.
131
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تحل محل النفط كمصدر أساسي للطاقة ،أو قد تعمل هذه االبتكارات على تعزيز الكفاءة في استخدام النفط،
األمر الذي من شأنه أن يقلل كثي ار من قيمة االحتياطات النفطية ،أو قد يؤدي حتى إلى االستغناء عنها.
لذلك ،فإن الحذر في تصميم السياسات المالية يعد أم ار بالغ األهمية بالنظر إلى هذه الشكوك وأوجه عدم
اليقين ،والسيما من منظور االعتبارات طويلة األجل.1
من حيث المبدأ ،يمكن أن تُمثِّل النفقات الرأسمالية وتراكم األصول المادية بديال لتراكم األصول المالية،
لغرض الحفاظ على الثروة الوطنية من أجل األجيال المقبلة ،وضمان االستدامة المالية .وهو ما من شأنه أن
يقلل من الحاجة إلى فوائض مالية مستمرة ،وبالتالي يتيح ويسمح بالمزيد من السياسات التوسعية ،والسيما
االستثمار في الهياكل األساسية المادية واالجتماعية ،كالتعليم والصحة التي تعتبر عموما ذات نفع عام في
هذا الصدد ،حيث يمكن أن تكون هذه النفقات سبيال لتنويع االقتصاد بعيدا عن المحروقات ،وتنمية وتطوير
القطاع الخاص غير النفطي ،وبالتالي خلق قاعدة لتوليد اإليرادات الضريبية.
من ناحية أخرى ،يعتمد الفصل في مسألة ما إذا كان ينبغي توفير وادخار العائدات النفطية وتجميع
األصول المالية ،أو إنفاق هذه العائدات على اإلستثمار المنتج ،على معدالت العائد على مختلف
االستخدامات البديلة وعلى تقلبها النسبي .2وفي هذا الصدد تعتمد معدالت العائد على األصول المالية (التي
عادة ما تكون أجنبية) على نوع اإلستثمارات ،وكذا الظروف السائدة في األسواق المالية العالمية ،في حين
يعد تحديد معدالت العائد على النفقات الرأسمالية (المحلية) أكثر صعوبة ،إذ يكتنف هذه المعدالت الكثير
من الاليقين وعدم التأكد ،كما أنها تميل إلى االرتباط بالعديد من العوامل الخاصة بالبلد محل الدراسة.3
إضافة إلى عوامل أخرى ،على غرار مخزون ونوعية رأس المال العام الموجود ،وكذا العائد الحدي على
اإلستثمارات اإلضافية ،الحوكمة ،وخاصة مستويات الفساد ،باعتبارها عوامل ِّ
محددة إلنتاجية اإلستثمار العام،
وألثره على النمو االقتصادي .4وفي الواقع ،تحليل آثار النفقات الرأسمالية العامة على الناتج اإلجمالي
1أنظر )2002( Bjerkholtالذي اقترح نهجا متحفظا إزاء السياسة المالية (ضمن ما يعرف بقاعدة "العصفور في اليد ،)"the bird-in-the-hand-
لمواجهة عدم اليقين الذي يكتنف الثروة النفطية للبلد المعني ،وذلك عن طريق الحد من العجوزات غير النفطية ) (non-oil deficitsبالعودة إلى
األصول المتراكمة (الشكل ( ) 2.2أعاله يوضح هذه المقاربة) .من ناحية أخرى ،ثمة نهج آخر أقل تحفظا إلى حد ما ،يعرف بـ "قاعدة اإلستهالك الدائم-
( "permanent consumption ruleأنظر ،))2006( Balassone et alحيث يساوي العجز غير النفطي األمثل –وفق هذه المقاربة -إلى العائد
على ا لقيمة الحالية المخصومة من الثروة النفطية (والتي تقل عن التدفق السنوي لإليرادات النفطية؛ مما يعني أنه في هذه الحالة أيضا تقوم الحاجة إلى
تجميع األصول المالية) .ميزة قاعدة "العصفور في اليد" أنها ال تتطلب تقدير الثروة النفطية ،أما ميزة قاعدة "اإلستهالك الدائم" فتتجلى في أنها تسمح
ببعض "التحميل األمامي " frontloading -لإلنفاق العام ،والذي قد يكون أكثر مالءمة للبلدان ذات االحتياجات اإلنمائية الكبيرة (في البنية التحية مثال).
2إذا تم إنفاق العائدات النفطية على االستثمارات المنتجة بدال من ادخارها فإنه يمكن استبدال اإليرادات من األصول المالية في الشكل ( )2.2باإليرادات
الضريبية (أو أي إيرادات عامة أخرى).
3وجدت الدراسات التجريبية أن الناتج الحدي لرأس المال العام يمكن أن يكون أعلى بكثير من ذلك المتعلق برأس المال الخاص ،قد يعادله تقريبا ،أو
يكون أقل منه بكثير؛ كما قد يكون سالب أحيانا .أنظر Rompو ،)2007( Haanلعرض مفصل لألدبيات حول رأس المال العام والنمو االقتصادي.
4أنظر على سبيل المثال Tanziو ،)1997( Davoodiو Haqueو ،)2008( Knellerالذين قدموا أدلة تجريبية تفيد أن الفساد يزيد من حجم
اإلستثمار العام ،غير أنه يؤدي إلى التقليل من إنتاجيته وأثره على النمو االقتصادي.
132
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
الحقيقي غير النفطي ،واإلستثمار الخاص في أربع بلدان (الجزائر ،نيجيريا ،روسيا ،العربية السعودية) شكلت
محل دراسة أجراها ،)2009( Sturm et alأسفر عن اختالف في النتائج بخصوص هذه اآلثار من بلد آلخر،
كما كشف هذا التحليل أن اإلستثمار العام قد ال يسفر دائما عن اآلثار اإليجابية المرغوبة والمرجوة.1
خالصة القول أن عدم اليقين المحيط بآثار اإلنفاق العام على اإلنتاجية ،الناتج المستقبلي ،واإليرادات
الحكومية؛ إضافة إلى الصعوبات في التمييز بين النفقات الرأسمالية والنفقات الجارية ،هو ما يبرر بعض
الحذر بشأن مدى إمكانية إحالل اإلنفاق الرأسمالي بديال لتراكم األصول المالية من أجل تحقيق المساواة بين
األجيال واالستدامة المالية في البلدان المصدرة للنفط.2
في األخير ،تجدر اإلشارة إلى أن الخيارين البديلين للسياسة المالية اللذان أوردا بإيجاز ضمن ما سبق
(تجميع األصول المالية أو مباشرة نفقات رأسمالية) يقومان على افتراض أن عملية إنتاج النفط قائمة
ومتواصلة ،وأن اإليرادات النفطية ال تزال مستمرة في التدفق ،إذ يبقى فقط ضرورة اتخاذ قرار بشأن طريقة أو
كيفية استخدام هذه اإليرادات .إضافة إلى ذلك ،هناك خيار ثالث يبقى ممكنا للحفاظ على الثروة الوطنية (أو
تعظيمها) ،ويتعلق األمر باإلبقاء على االحتياطات النفطية تحت األرض ،وانتاجها في مرحلة الحقة .ويبدوا
هذا الخيار جذابا وملفتا لالنتباه إذا كان العائد المتوقع على "النفط في األرض" أعلى من كل من العائد على
األصول المالية ،وكذا على النفقات الرأسمالية؛ وسيحدث ذلك على وجه الخصوص إذا تم توقع ارتفاع أسعار
النفط في المستقبل ،بينما تعمل الظروف السلبية (المعاكسة) في التي تسود األسواق المالية العالمية في
الوقت ذاته على إضعاف العوائد على اإلستثمار المالي ،في حين تكون عوائد النفقات الرأسمالية هي األخرى
منخفضة بسبب ضعف مستويات الحوكمة ) (governance levelsمثال ،أو نتيجة ضعف القدرات اإلدارية.3
تشكل العائدات على استخدام إيرادات النفط تكاليف الفرصة البديلة لترك النفط في األرض؛ غير أن الخطر
الرئيسي الذي ينطوي عليه انتهاج مثل هكذا خيار ،يتعلق بعدم اليقين والغموض الذي يكتنف القيمة
1
- Sturm. M., F. Gurtner., and J. G. Alegre. (2009), PP. 19-22. أنظر:
2بدال من تصنيف اإلنفاق الرأسمالي على أنه إنفاق منتج ،يكون تأثيره على اإليرادات المستقبلية في الواقع -بدرجة كبيرة -غير مؤكد ،وبالتالي قد ال
يحظى تمويله بالعجز بالدعم النظري؛ يمكن اعتبار النفقات الرأسمالية أقرب أيضا إلى اإلنفاق على االستهالك الدائم؛ ووفقا لوجهة النظر األخيرة فإن
الحكومات تباشر اإلنفاق الرأسمالي ليس ألن رأس المال منتج ،وإنما ألن رأس المال الحكومي يساهم في خلق منافع اجتماعية لسنوات عديدة .ويشير
Barnettو - )2002( Ossowskiفي هذا الصدد -أن مثل هكذا وجهة نظر بشأن اإلنفاق الرأسمالي قد توفر مبررا وأساسا منطقيا لزيادة العجز غير
النفطي .وبينما ستكون وجهة النظر السابقة متوافقة – من الناحية النظرية -مع اعتبارات اإلنصاف والمساواة بين األجيال (حيث ستتمتع وتستفيد األجيال
المستقبلية هي األخرى من المنافع االجتماعية) ،إال أن إنفاق العائدات النفطية على "اإلستهالك الدائم" لن يضمن بالضرورة االستدامة المالية (حيث لن
يتم توليد أي إيرادات ضريبية مستقبلية).
3لتفاصيل أدق حول هذا الخيار في سياق سياسات االستنزاف (االستنفاذ) في البلدان المصدرة للنفط ،أنظر:
- Stevens. P., and J. Mitchell. (2008), "Resource Depletion, Dependence and Development: Can Theory Help?",
Chatham House Programme Paper, London, June.
133
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
المستقبلية للنفط ،إذ يمكن أن تنخفض هذه القيمة من خالل حدوث تقدم تكنلوجي –على سبيل المثال -األمر
الذي من شأنه أن يعزز من كفاءة استخدام الطاقة ،أو تطوير مصادر بديلة للطاقة ،وبالتالي يجعل الطلب
المستقبلي على النفط ،ومن ثم األسعار عند مستويات أقل من تلك المتوقعة .إذا كان مثل هكذا السيناريو هو
ما سيتحقق ،فإن إنتاج "فائض" من النفط سيكون هو الخيار األفضل من الناحية المالية.
ال شك في أنه هناك عواقب اقتصادية كلية هامة تنتج عن تعديالت اإلنفاق المالي (العام) ،فالتغيرات
المفاجئة في اإلنفاق الحكومي –أو بشكل عام في العجز غير النفطي -تسهم في إحداث تقلبات اقتصادية
كلية ،تؤدي بدورها إلى تدهور النتائج االقتصادية .وبالتالي ،ينبغي بذل الجهود –خاصة في المدى القصير-
لتخفيف وتقليل االرتباط بين اإلنفاق الحكومي وأسعار النفط المتقلبة إلى أدنى حد ممكن .ففي الواقع ،يمكن
أن يترتب عن التغيرات الكبيرة وغير المتوقعة في اإلنفاق العام والعجز المالي غير النفطي تكاليف اقتصادية
كلية معتبرة ،تتضمن إعادة تخصيص وتوزيع الموارد الستيعاب التغيرات في الطلب واألسعار النسبية ،تقلبات
سعر الصرف الحقيقي ،وكذا زيادة المخاطر التي تواجه المستثمرين في القطاع غير النفطي؛ كما أن التقلبات
الحادة في اإلنفاق من شأنها أن تجعل من الصعب على القطاع الخاص وضع خطط وق اررات استثمارية
بعيدة المدى ،مع ما يترتب عن ذلك من آثار ضارة على االستثمار الخاص ونمو االقتصاد غير النفطي.1
هناك عدد من الدراسات التي سلطت الضوء على التكاليف التي تخلفها البيئة االقتصادية الكلية المتقلبة
على كل من االستثمار والنمو االقتصادي .على سبيل المثال ،)1997( Gavin ،تحدث عن وجود عالقة
عكسية بين شدة التقلبات والنمو االقتصادي2؛ في حين أظهر Aizenmanو )1993( Marionأن االستثمار
3
والنمو يتأثران سلبا بالتقلبات في إجراءات وتدابير السياسة النقدية والمالية ؛ أما Gavinو)1996( Hausmann
فوجدا أن الصدمات الخارجية الكبيرة –بما فيها صدمات التجارة الخارجية -تعتبر من بين العوامل المفسرة
لعدم االستقرار االقتصادي الكلي الذي تعاني منه اقتصاديات بلدان أمريكا الالتينية ،بينما أشار الباحثان أن
تقلبات البيئة المحلية للسياسات االقتصادية –كما يتضح من خالل درجة عدم اليقين بشأن العجوزات المالية
والنمو النقدي في المدى القصير -تعد كميا أكثر أهمية.4
- Hausmann. R., Powell. A., and R. Rigobon. (1993). 1تفاصيل أوفر ،ضمن:
2أنظر- Gavin. M. (1997), "A Decade of Reform in Latin America: Has it Delivered lower Volatility ?", IADB :
Working Paper Green Series, No. 349, Inter-American Development Bank, Washington.
3
Aizenman. J., and N.P. Marion. (1993), "Policy Uncertainty, Persistence, and Growth", Review of International
Economics, Vol. 1, June, PP. 145-163.
4
Gavin. M., and R. Hausmann. (1996), "The Roots of Banking Crises: The Macroeconomic Context", in: Banking
Crises in Latin America, ed. By Hausmann and Rojas-Suarez, Inter-American Development Bank, Washington.
134
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
تشير التجارب الدولية أن التقلبات المالية يمكن أن تزعزع استقرار سعر الصرف الفعلي الحقيقي ،وكذا
الناتج الحقيقي .لذلك فإنه في حالة البلدان المصدرة للنفط ،يمكن أن تؤثر الصدمات النفطية على مستويات
وكذا تقلبات سعر الصرف الفعلي الحقيقي من خالل عدة قنوات .فبينما يشكل الدخل المتاح وآثار الثروة
عوامل شائعة ،يمثل اإلنفاق الحكومي الدوري على السلع غير التجارية ،قناة رئيسية النتقال التقلبات الخارجية
إلى سعر الصرف الحقيقي ،حيث يمكن في الحالة أن تنتقل تقلبات عائدات النفط إلى سعر الصرف الفعلي
الحقيقي؛ كما تبيَّن أن شدة تقلب هذا األخير بدورها ،من شأنها أن تلحق آثا ار بالقطاع غير النفطي وتكوين
رأس المال ،إذ تشير الدراسات التي أجراها البنك العالمي في هذا الصدد ،أن درجة تقلب سعر الصرف
الحقيقي ال تقل أهمية عن مستواه ،لتنمية قطاع تجاري غير تقليدي متنوع .1ومما سبق يمكن القول أنه وفق
األسس االقتصادية الكلية ،تتضمن تعديالت اإلنفاق المالي مزايا عديدة ،إذ أنه ومن خالل الحد من تقلب
اإلنفاق العام ،ستساهم الحكومة في تطور أكثر استق ار ار للطلب الكلي ،وكذا المحيط االقتصادي الكلي.
1أنظر ،في هذا الصدد- World Bank. (1993), "Venezuela- Oil and Exchange Rates: Historical Experience and Policy :
Options", World Bank Report No. 10481-VE, Washington.; - Servén. L., and A. Solimano eds., (1993), "Striving for
Growth after Adjustment: The Role of Capital Formation", World Bank, Washington.
2تضمنت هذه القنوات :تأجيل اإلصالحات المعززة للنمو ) ،(Growth-Enhancingالمكلفة والشاقة سياسيا ،والذي تيسره وفرة الموارد )Auty
(2001b؛ المرض الهولندي ( Sachs ،1988 Gelbو) 1995 Warner؛ اآلثار الضارة للمنافسة على ريع الموارد الطبيعية ،والتي تلحق بالقطاع العام
( Tornellو Leite ،1999 Laneو)2002 Weidmann؛ إضافة إلى القضايا المتعلقة بجودة المؤسسات في البلدان الغنية بالموارد الطبيعية
( Dalmazzoو.)2001 De Blasio
3في هذا السياق ،أنظر على سبيل المثال- Auty. R.M., and A.H. Gelb. (2001), "Political Economy of Resource-Abundant :
States", in: Auty. R.M. (ed.) (2001b), “Resource Abundance and Economic Development”, Oxford University Press,
New York, PP. 126-144.; - Bjerkholt. O. (2002), "Fiscal Rule Suggestions for Economies with Non-renewable
Resources", Paper Presented at the IMF/World Bank Conference on “Rules-based Fiscal Policy in Emerging
Market Economies”, Oaxaca, Mexico, 14-16 February 2002.
- Gelb. A.H. (1988), "Oil Windfalls: Blessing or Curse?", Oxford University Press, New York. 4أنظر:
135
السياسة المالية بين النظرية والتطبيق وخصوصية االقتصاديات النفطية الفصل الثاني
خالصة الفصل:
إضافة إلى كونها أداة هامة من أدوات السياسة االقتصادية الكلية ،تعد السياسة المالية من أهم أدوات
التخطيط االقتصادي الحديث ،التي تعكس تطلعات وأهداف المجتمع الذي تعمل فيه للوصول إلى مستويات
تشغيل عالية ،درجة معقولة من االستقرار في مستوى األسعار ،ومعدل نمو اقتصادي مالئم؛ بينما يتوسع
ويتقلص الدور المنوط بهذه السياسة ضمن السياسة االقتصادية الكلية تبعا لطبيعة النظام االقتصادي القائم.
تناولنا في هذا الفصل مختلف الجوانب المتعلقة بالسياسة المالية ،مع التركيز على تحليل الخصائص
المميزة لها في البلدان المنتجة للنفط .حيث قمنا في المبحث األول بعرض المبادئ النظرية واألسس الفكرية
للسياسة المالية ،ضمن مقاربة اقتصادية بين األهداف واألدوات ،قبل التعرض إلى تطور دور وأهمية هذه
السياسة وفق المقاربات االقتصادية الكلية المختلفة .كل ذلك قبل الخوض في حيثيات اإلطار النظري
والحقائق التجريبية ذات الصلة بواقع اآلثار االقتصادية للكلية السياسة المالية ،ضمن المبحث الثاني .لنعمد
بعدها –من خالل المبحث الثالث -إلى دراسة خصائص السياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط ،وتحليل
األدوار المنوطة بها والتحديات التي تواجهها في ظل تبعية اقتصاديات هذه البلدان للعائدات النفطية المتقلبة.
ومن أهم ما اتضح من خالل فقرات هذا الفصل ،فيما يتعلق بالسياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط،
أنه بالنسبة لهذه لبلدان ،من شأن االعتماد الواسع على اإليرادات والعائدات النفطية أن يجعل من اإلدارة
المالية في المدى القصير ،التخطيط الموازني ،وكذا االستخدام الفعال للموارد العامة أم ار في غاية الصعوبة،
إذ تنشأ التحديات غالبا من الطبيعة المتقلبة ألسعار النفط ،وعدم إمكانية التنبؤ بمستوياتها .لذا يستحسن -في
حالة البلدان النفطية -أن تلعب السياسة المالية دور األداة الرئيسية للتثبيت االقتصادي ،بتخفيف أثر
العائدات النفطية المؤقتة والمتقلبة على اإلنفاق العام ،في بيئة يسودها الكثير من الشك وعدم اليقين ،إضافة
إلى ضرورة عملها على تعزيز العدالة في توزيع المداخيل ،من خالل اإلنفاق على الصحة والتعليم والرعاية
االجتماعية ،وخلق فرص العمل في القطاع العام؛ كما أنه من الضروري أن تشمل هذه االستراتيجية أيضا
توسيع البنية التحتية وتطويرها وانشاء مرافق إنتاجية ال يملك القطاع الخاص القدرة وال االستعداد إلنجازها.
مع ذلك ،يبقى أن البلدان المنتجة للنفط نفسها غير متجانسة ،إذ هناك تباين واسع فيما بينها في مختلف
المجاالت ،على غرار األهمية النسبية للنفط في االقتصاد ،حجم االحتياطات النفطية ،درجة نضج الصناعة
النفطية ،نظام الملكية ،وهيكل الضرائب في قطاع النفط ،إضافة إلى درجة تطور االقتصاد غير النفطي،
وكذلك الوضع المالي للحكومة .وكل ذلك من شأنه أن يؤثر على ق اررات السياسة المالية في هذه البلدان.
136
الفصل الثالث:
أثر أسعار النفط
والسياسة المالية على
أداء االقتصاد
الجزائري :اإلطار
التحليلي التطبيقي
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تمهيد:
مثلما هو عليه الحال بالنسبة لجل البلدان الغنية بالموارد الطبيعية (والنفطية خاصة) ،يعد القطاع النفطي
(قطاع المحروقات) بمثابة المحرك األساسي لتوجهات ودواليب االقتصاد الكلي الجزائري؛ وذلك أنه ظل على
مدى أكثر من خمسة عقود زمنية مهيمنا على النشاط االقتصادي الكلي ،في ظل الضعف الفادح المسجل
في إنتاج القطاعات األخرى غير النفطية .حيث تبوء قطاع النفط المكانة الموصوفة ،بإنتاجه ألكثر من ثلثي
الثروة الوطنية ،بينما فاقت نسبة مساهمته في إجمالي الصادرات حدود الـ ) ،(98%وفي اإليرادات العامة
للدولة ما يزيد عن الـ ) ،(75%في حين تجاوزت نسبة مساهمته في الناتج الداخلي الخام حد الـ ).(45%
ومصدر مهما
ًا فضال عن ذلك ،يعد قطاع النفط المصدر األهم لالحتياطات الوطنية من النقد األجنبي،
للدخل واالدخار الوطني ،ومحددا حاسما لالستثمار العمومي ،بتوفيره لعائدات وفوائض مالية لطالما أعتبرت
ضرورية ومحددة لمسار وطبيعة السياسات االقتصادية التنموية المنتهجة (خاصة السياسات المالية) ،والتي
بقيت رهينة حركة أسعار النفط في السوق العالمية .فقد ارتبطت جل البرامج التنموية التي أقرتها مختلف
السياسات المالية للحكومة ،بالرؤية اإليجابية لسوق النفط العالمية من عدمها ،وقد ترتب عن هذا االعتماد
آثار على األداء االقتصادي الكلي جعلته مرهونا بتقلبات
الواسع لالقتصاد الجزائري على الموارد النفطية ،ا
أسعار النفط ،التي كان لها انعكاسات مقابلة لقيمة الصادرات واإليرادات العامة ،ومدى توفر النقد األجنبي.
بناء على ما سبق ،يأتي هذا الفصل في شكل دراسة تحليلية ،وتحليل تطبيقي-تجريبي ،نعمد من خالله
إلى تحديد مدى مساهمة صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية ،في تفسير وتحديد اتجاهات تطور
األداء االقتصادي الكلي في الجزائر خالل الفترة ( .)2014-1970وذلك من خالل عرض وتحليل واقع ومسار
السياسة المالية ومؤشرات األداء االقتصادي الكلي في الجزائر (الناتج واألسعار) ،في ظل الحركة الدائمة
والتقلب المستمر ألسعار النفط في األسواق العالمية ،ضمن المبحث األول .قبل أن نقوم –ضمن المبحثين
الثاني والثالث -بتقديم معالجة كمية وتحليل اقتصادي قياسي آلثار صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة
المالية على توجهات األداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،عن طريق التطبيق المباشر ألدوات وتقنيات
القياس والتحليل الكمي المناسبة ،من بين مختلف األدوات التي تقدمها مقاربة النمذجة غير الهيكلية (Non-
،(Structural Modelingعلى بيانات االقتصاد الجزائري ،إذ تملك أدوات مقاربة النمذجة المذكورة القدرة على
تقديم الوصف الشامل والدقيق للهيكل الديناميكي الحقيقي للنظام االقتصادي المدروس ،بتجنبها لوضع قيود
التمييز المعبرة عن مختلف النظريات االقتصادية ،فاسحة المجال للمعطيات والبيانات للتعبير عن الواقع.
138
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
المبحث :01واقع السياسة المالية ومؤشرات أداء االقتصاد الجزائري وحركة أسعار النفط :قراءة تحليلية.
تتمتع الجزائر بإمكانيات ضخمة من الموارد الطبيعية ،وخاصة منها الموارد النفطية التي شكلت والزالت
عنصر هاما في إثراء االقتصاد الجزائري ودعم قوته .1غير أن تسيير هذه الموارد خارج قطاع النفط
ا تشكل
(المحروقات) قد أضعف بالنظر إلى نقص الحوافز التشجيعية لتنمية إنتاج السلع خارج هذا القطاع ،وهو ما
وكان له األثر الواضح والجلي على سير وأداء السياسة االقتصادية (خاصة السياسة المالية والهيكل
الضريبي) ،نتيجة كبح عملية خلق وتنمية موارد دخل بديلة ،وتبعية اإليرادات العامة لحركات وتقلبات أسعار
النفط ،التي لطالما أدت إلى تطورات وتغيرات مقابلة في اإليرادات المتأتية من صادرات المحروقات ،والتي
اقتصادا نفطيا
ً ساهمت منذ االستقالل في تحديد استراتيجيات التنمية وتمويلها .بذلك بقي االقتصاد الجزائري
بالدرجة األولى ،يخضع بشكل تام للتقلبات في أسعار النفط ،التي كان لها انعكاسات واضحة على أداء
وسلوك متغيرات األداء االقتصادي الكلي .إذ تنتقل التقلبات في أسعار النفط إلى المتغيرات االقتصادية الكلية
عبر العديد من القنوات ،بينما تعد السياسة المالية للدولة أهم هذه القنوات على اإلطالق ،باعتبار أن االرتباط
بين المتغيرات الموازنية والعائدات النفطية ،يجعل تقلبات أسعار النفط تؤثر بشكل مباشر على إدارة وتسيير
اإلنفاق العام ،ومن ثم على األداء االقتصادي الكلي.
.1مسار السياسة المالية في االقتصاد الجزائري في ظل حركة أسعار النفط خالل الفترة (:)2014-1970
بمجرد إلقاء نظرة تاريخية بسيطة على مسيرة وأوضاع االقتصاد الجزائري ،وعلى السياسة االقتصادية
-على وجه الخصوص -في هذا االقتصاد ،يتضح بجالء أن كل ما يتعلق بالسير الحسن للسياسة المالية،
واستقرار معدالت الدين العام ،وكذا العجز الموازني ،كان دائما مرهون إلى حد بعيد بمدى وفرة اإليرادات
العامة ،التي تعتمد بشكل أساسي على اإليرادات النفطية (أو الجباية البترولية) ،إذ لطالما كان للصدمات في
أسعار النفط آثا ار مباشرة على السياسة المالية ،ومن ثم على االقتصاد الكلي .وبالتالي بقي تماسك السياسة
المالية ،والقدرة على تحمل العجز الموازني ،مرهون بتقلبات أسعار النفط في األسواق العالمية؛ األمر الذي
أضفى ميزة الضعف النسبي على السياسة المالية في الجزائر ،لبلوغ األهداف االقتصادية الكلية المرجوة.
.1.1انعكاسات حركة أسعار النفط على مسار سياسة اإليرادات العامة خالل الفترة (:)2014-1970
تمثل اإليرادات العامة مجاال مهما للنشاط الحكومي ،باعتبارها الوسيلة واألداة المالية التي تحصل عليها
الحكومة من المصادر المختلفة ،وتعتمد عليها لتغطية نفقاتها العامة في إطار السياسة المالية المسطرة.
يمكن أن تُدرك أهمية قطاع المحروقات في االقتصاد الجزائري من خالل مالحظة ،وقراءة المعطيات الواردة ضمن الجداول ( )15-I( ،)13-Iو(-I
1
)20من الملحق ( )Iالتي توضح مساهمة قطاع المحروقات في كل من الصادرات ،اإليرادات العامة ،والناتج الداخلي الخام ) (GDPعلى التوالي.
139
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
وتحصل الحكومة على إيراداتها العامة أساسا من الدخل الوطني في حدود ما تسطره قوانين المالية العامة،
اإليردات العامة ارتباطا وثيقا باإليرادات النفطية
ا أو من مصادر أخرى؛ أما في الجزائر فقد ارتبطت سياسة
(الجباية البترولية) ،التي بلغت نسبة مساهمتها في اإليرادات العامة حدود ) ،1(75%وذلك رغم المحاوالت
الرامية إلى تنويع مصادر اإليرادات العامة وزيادة حصيلتها ،وخاصة ما يتعلق منها بالجباية العادية.
تعد مصادر اإليرادات العامة متعددة ومتشعبة ،إذ هناك إيرادات تحصل عليها الدولة دون مقابل
كالهبات ،وأخرى لها صفة تعاقدية كإيرادات الدولة من أمالكها ،بينما هناك منها ما يأخذ صفة اإلجبار على
غرار الضرائب .أما المشرع الجزائري فقد حدد مصادر إيرادات الميزانية العامة للدولة وصنفها -حسب
القانون 17-84المؤرخ في 07يوليو ،1984والمتعلق بقوانين المالية ،والسيما المادة 11منه -إلى:2
اإليرادات ذات الطابع الجبائي وكذا حاصل الغرامات.
مداخيل األمالك التابعة للدولة.
التكاليف المدفوعة لقاء الخدمات المؤداة واألتاوى.
األموال المخصصة للمساهمات والهدايا والهبات.
التسديد بالرأسمال للقروض والتسبيقات الممنوحة من طرف الدولة من الميزانية العامة وكذا الفوائد
المترتبة عنها.
مختلف حواصل الميزانية التي ينص القانون على تحصيلها.
مداخيل المساهمات المالية للدولة المرخص بها قانونا.
الحصة المستحقة للدولة من أرباح مؤسسات القطاع العمومي ،المحسوبة والمحصلة وفق الشروط
المحددة في التشريع المعمول به.
يتم تبويب هذه اإليرادات في الميزانية العامة للدولة ضمن جدول يرمز له بالجدول (أ) ،يتكون من بابين
رئيسيين ،يتضمنان الموارد (اإليرادات) اإلجبارية والموارد االختيارية ،وذلك تحت عنوان اإليرادات النهائية
المطبقة على ميزانية الدولة.3
140
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تتمثل الموارد أو اإليرادات اإلجبارية في االقتطاعات التي تتحصل عليها الدولة على أساس عنصر
اإلجبار -استنادا إلى سيادتها -ودون مقابل .وتضم المداخيل الجبائية ،والغرامات ،والحصة المستحقة للدولة
من أرباح مؤسسات القطاع العمومي .وتتضمن هذه اإليرادات ما يلي:
تتكون هذه اإليرادات من مختلف الضرائب والرسوم ،التي نجدها مصنفة في الجدول (أ) كما يلي:1
الضرائب المباشرة :تتمثل في الضرائب التي تفرض على مختلف أنواع المداخيل ،على غرار الضرائب
على األجور ،واألرباح التجارية وغير التجارية ،واألرباح الصناعية ،وفوائد القروض والضمانات ...،إلخ.
حقوق التسجيل والطابع :هي تلك الضرائب التي تخص بعض العقود القانونية ،وجميع الوثائق الموجهة
للعقود المدنية والقضائية ،مثل طوابع بطاقات التعريف والوطنية ورخصة السياقة وعقود الزواج ... ،إلخ.
الضرائب على رقم األعمال :هي ضرائب غير مباشرة على اإلستهالك ،تفرض على مجمل المواد
اإلستهالكية .ولذلك فهي تعد ضرائب غير مباشرة على اإلستهالك.
الضرائب غير المباشرة :تتضمن الضرائب غير المباشرة على اإلستهالك ،غير أنها تخص فقط
المنتجات غير الخاضعة للضرائب على رقم األعمال ،وتفرض على سلع كالذهب ،والخمور ... ،إلخ.
الحقوق الجمركية :يفرض هذا النوع من الضرائب كل المنتجات والمواد الموجهة لإلستيراد والتصدير.
الجباية البترولية :تتكون من اقتطاعين ،يمثالن في ضريبة على إنتاج البترول السائل والغازي ،وضريبة
مباشرة على األرباح الناتجة عن النشاطات البترولية المتعلقة بالبحث واالستغالل والنقل عبر القنوات.
تتمثل في تلك النسبة من األرباح الصافية للمؤسسة بعد اقتطاع اشتراكات العمال ،وتم تحديد هذه النسبة
بـ ) (50%لمؤسسات قطاع الخدمات ،و) (15%للمؤسسات المنتجة للسلع .ولإلشارة فإن هذه الضريبة تخضع
للقواعد المطبقة في مادة الضرائب على األرباح التجارية والصناعية على غرار التصريح والتحصيل السنوي.
الغرامات:
تتمثل في العقوبات المالية التي تفرضها الهيئات القانونية (كالمحاكم ومجلس المحاسبة) ،و/أو الهيئات
اإلدارية (كمفتشية األسعار والجمارك) ،على األشخاص المخالفين للنصوص القانونية.
1لعمارة جمال" ،)2004( .منهجية الميزانية العامة للدولة في الجزائر" ،ط ،01 .دار الفجر للنشر والتوزيع ،القاهرة ،ص ص.51-49 .
141
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تتمثل في المساهمات واالشتراكات التي يدفعها األشخاص للدولة إراديا دون عنصر اإلجبار ،وذلك مقابل
استفادتهم من خدمة أو سلعة دون غيرهم .ونجد منها ما يلي:1
تتمثل في كل المداخيل التي تحصل عليها الدولة نتيجة تصفيتها لثرواتها الطبيعية و/أو نتيجة استغاللها
على أشكال مختلفة (على شكل إجازة ،خدمة ،أو رخصة) .لذلك نميز –في هذا الصدد -بين نوعين من
مداخيل أمالك الدولة ،ويتعلق األمر بكل من:
مداخيل االستغالل :تتمثل في اإليرادات التي تحصل عليها الدولة من جراء منحها لرخص االستغالل
(عمليات اإليجار ،و/أو الخدمة ،و/أو الرخصة) التي يستفيد منها األشخاص الطبيعيون و/أو المعنويون،
وذلك على غرار مداخيل استغالل المناجم ،المحاجر ،الغابات ،األسواق ،حقوق الصيد ،وغيرها.
مداخيل التصفية :يتعلق األمر بتلك المداخيل التي تحصل عليها الدولة من جراء قيامها بنقل ملكية
ثرواتها أو ممتلكاتها (كاألراضي والعقارات والمتاجر ... ،إلخ) إلى مالك جديد.
يمتثل هذا النوع من اإليرادات في كل التكاليف المدفوعة مقابل الخدمات المؤداة ،واألتاوى والمكافآت
المقبوضة من طرف الدولة مقابل استعمال خدماتها .ويتضمن هذا النوع من اإليرادات المكافآت المحصلة
من النشاطات الصناعية والتجارية للدولة مقابل ما تؤديه من خدمات ،المكافآت المحصلة من النشاطات
المالية للدولة عند قيامها بنشاطات مصرفية و/أو تأمينية ،والمكافآت المحصلة من النشاطات اإلدارية.
يتعلق األمر باألموال التي تحصل عليها الدولة دون مقابل ،والتي تتضمن المساهمات المالية غير
اإلجبارية لألفراد من أجل تمويل نفقة عمومية معينة.
.2.1.1تحليل تطور هيكل اإليرادات العامة في ظل تقلبات أسعار النفط خالل الفترة (:)2014-1970
إن االعتماد المفرط على عائدات الصادرات النفطية (المحروقات) لتمويل اإليرادات العامة للحكومة في
االقتصاد الجزائري ،جعل من التوازنات الموازنية العامة رهينة تقلبات أسعار النفط في األسواق العالمية .فمن
1دراوسي مسعود" ،)2006( .السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن االقتصادي :حالة الجزائر ( ،")2004-1990أطروحة دكتوراه غير منشورة،
كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،الجزائر ،ص ص.364-363 .
142
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
خالل الشكل ( )1.3أدناه ،والجدول ( )15-Iوالجدول ( )16-Iمن الملحق ) ،(Iيبدوا أن اإليرادات العامة في
الجزائر تتغير بشكل دوري ومتزامن مع حركة أسعار النفط ،بالنظر إلى االرتباط الوثيق لإليرادات النفطية
–التي تمثل الحصة األهم ضمن إجمالي اإليرادات العامة -بحركة هذه األسعار ،إذ تبدي المتغيرات المذكورة
تطو ار مشتركا خالل الفترة المعنية بالدراسة.
الشكل ( :)1.3تطور اإليرادات العامة واإليرادات النفطية في الجزائر مع حركة السعر اإلسمي للنفط الخام
خالل الفترة (.)2014-1970
8,000,000
6,000,000
4,000,000
120
100 2,000,000
80
0
60
40
20
0
1970 1975 1980 1985 1990 1995 2000 2005 2010
المصدر :تم إعداد الشكل باالعتماد على معطيات الجدول ( )15-Iوالجدول ( )19-Iمن الملحق (.)I
النظرة السابقة يمكن أن تتأكد بشكل جازم من خالل تحليل تطور اإليرادات العامة ،وكذا تحليل مساهمة
اإليرادات النفطية (الجباية البترولية) في تمويل هذه األخيرة خالل الفترة محل الدراسة .وتماشيا مع التطورات
الجوهرية التي شهدها االقتصاد الجزائري ،سيتم تحليل تطور اإليرادات العامة في الجزائر وفق الفترات التالية.
أ .تحليل تطور هيكل اإليرادات العامة خالل فترة التخطيط (:)1989-1970
الملفت للنظر –من خالل مشاهدة المعطيات التي يعرضها الجدول ( )15-Iمن الملحق ( -)Iخالل الفترة
الممتدة بين بداية عقد سبعينات القرن الماضي ومنتصف عقد الثمانينات ،هو االعتماد المتنامي لسياسة
اإليرادات العامة في الجزائر على اإليرادات النفطية (أو الجباية البترولية) ،التي انتقلت نسبة مساهمتها في
إجمالي اإليرادات العامة من ) (21,4%سنة ،1970إلى ما يقارب الـ ) (50%بحلول العام ،1985مع تجاوزها
حد الـ ) (55%سنوات 1974و ،1979وتسجيلها لنسب تفوق ) (60%سنوات 1980و .1981إذ يعزى هذا
143
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
التطور الملحوظ لدور اإليرادات النفطية بشكل أساسي إلى االنتعاش غير المسبوق ،واالرتفاع المطرد الذي
شهدته أسعار النفط خالل الفترة المعنية.1
في ذات الصدد ،بالموازاة مع تزايد نسبة مساهمة اإليرادات النفطية ضمن إجمالي اإليرادات العامة خالل
الفترة المذكورة -وبالرغم من تسجيل متوسط نسبة مساهمتها في مجموع اإليرادات قيمة عالية نسبيا -سجلت
الجباية العادية تراجعا ملحوظا ،بانتقال مساهمتها في إجمالي اإليرادات من ) ،(65,11%كنسبة مسجلة خالل
العام ،1970إلى ما يقارب الـ ) (45%من هذا المجموع عند العام ،1985مع بلوغها أدنى مستوياتها واقترابها
من حاجز الـ ) (30%سنوات .1981 ،1980 ،1974وذلك في ظل االحتفاظ بنفس الهيكل الضريبي
المتمخض عن اإلجراءات المالية المتخذة غداة االستقالل ،مع الرفع النسبي لمعدالت الضرائب المطبقة
(وخاصة الضريبة اإلجمالية الوحيدة على اإلنتاج ) ،)(TUGPوتعديل سلم حساب قيمة الضريبة المفروضة
على الرواتب واألجور ) ،(ITSإضافة إلى تعديل الضريبة على األرباح الصناعية والتجارية ).2(BIC
التطورات الموصوفة في كل من اإليرادات النفطية وكذا العادية انعكست دون شك على إجمالي اإليرادات
العامة ،التي شهدت ارتفاعات مطردة ومستمرة خالل الفترة المعنية (مع تراجع مسجل عام ،)1982إذ انتقلت
قيمتها من 6306مليون دج سنة ،1970إلى 105850مليون دج سنة ،1985لتحقق بذلك معدل نمو سنوي
متوسط يقارب الـ )(23%؛ كما انتقلت نسبة مساهمتها نسبتها من إجمالي الناتج الداخلي الخام من )(26,19%
إلى ) (36,30%خالل نفس الفترة ،مع تجاوزها حاجز ) (40%خالل سنوات .1981 ،1975 ،1974أما عقب
التدهور واالنهيار الذي شهدته أسعار النفط مع حلول العام ،1986وما صاحبه من تراجع كبير في اإليرادات
النفطية التي تدهورت نسبة مساهمتها في إجمالي اإليرادات العامة إلى ) (22%خالل العام ،1987فقد سجلت
نسبة اإليرادات العامة إلى الناتج الداخلي الخام تراجعا مستم ار خالل الفترة ( ،)1987-1985أين بلغت مقدار
) (29,73%عند نهاية هذه الفترة ،قبل أن تسجل ارتفاعا إلى حدود ) (37,74%خالل العام ،1988ثم تعاود
التراجع إلى حدود ) (27,58%كنسبة مسجلة عند العام .31989
ب .تحليل تطور هيكل اإليرادات العامة خالل فترة اإلصالحات (:)1999-1990
مباشرة مع نهاية عقد الثمانينات وبداية التسعينات ،شرعت الجزائر في تبني حزمة من اإلصالحات
االقتصادية الرامية إلى معالجة الوضع االقتصادي المتردي والمعقد ،وتغيير نمط تسيير االقتصاد ،وكذا
1أنظر الجدول ( )19-Iمن الملحق ) . (Iوالتحليل المقدم لتطورات أسعار النفط ضمن الفصل األول من هذه الدراسة.
2شيبي عبد الرحيم" ،) 2013( .األثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية والقدرة على استدامة تحمل العجز الموازني والدين العام :حالة الجزائر"،
أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير والعلوم التجارية ،جامعة أبو بكر بلقايد ،تلمسان ،الجزائر ،ص.225 .
3تفاصيل أدق وأوفر ضمن الجداول ( ،)15-I( ،)14-Iو( ،)16-Iمن الملحق ).(I
144
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
التخفيف من تبعية السياسة المالية (والسياسة االقتصادية بشكل عام) لإليرادات النفطية .وذلك بعد أن كان
للصدمة النفطية العكسية التي شهدها العام 1986الوقع الكبير على االقتصاد الجزائري؛ إذ سرعان ما ظهرت
بوادر االنهيار في النظام االقتصادي القائم مباشرة بعد الصدمة ،لتكشف هذه األخيرة عن هشاشة نظام
التراكم في القطاع الصناعي العمومي ،وتظهر الضعف الذي يكتنف النظام االقتصادي فيما يتعلق بمصادر
الموارد المالية الموجهة لتمويل االقتصاد بشكل خاص.
في إطار مجموعة اإلصالحات المتبناة ،وبعد أن كانت الجزائر تعتمد نظاما ضريبيا قائما على أساس
تدابير طبقت في ظل اقتصاد مخطط مركزيا ،يسوده التعقيد وتشوبه التشوهات ،تم تبني قانون اإلصالح
الجبائي بداية من العام ،1992إلزالة المشاكل التي كان يعاني منها النظام السابق ،وتكوين نظام ضريبي
أكثر مالئمة مع متطلبات واقع اقتصاد السوق ،مع تقليل تدخل الدولة في االقتصاد وفسح المجال للمبادرة
الخاصة .إال إن الهدف األساسي لهذا اإلصالح ،والمتعلق بسياسة اإليرادات العامة ،تمثل في تقليص تبعية
هذه األخيرة للمعطيات النفطية (خاصة منها أسعار النفط) ،وذلك من خالل السعي إلى إحالل الجباية العادية
محل الجباية البترولية ،نظ ار لعدم استقرار هذه األخيرة وخضوعها لمتغيرات كثيرة ،تعد في الواقع خارج سيطرة
السلطات الحكومية .وهي العملية التي ما كانت لتكون ممكنة إال عن طريق محاولة إنعاش اإليرادات خارج
قطاع المحروقات ،في ظل كون إيرادات القطاع األخير بمثابة المورد األساسي للميزانية العامة للدولة.1
في ذات الصدد ،أجمعت أغلب الدراسات التي تناولت النظام الجبائي الجزائري بعد اإلصالح على أن
هذا األخير وفق إلى حد ما في تطوير مردوديته المالية ،لكن دون بلوغ الهدف االستراتيجي المتمثل في
إحالل الجباية العادية محل الجباية البترولية ،ذلك فضال عن ضعف مردوديته االقتصادية واالجتماعية .وهي
النظرة ذاتها التي تؤكدها األرقام ،فمن جهة ما فتئت مكانة الجباية البترولية تتعزز وتتدعم ،إذ انتقلت نسبة
مساهمتها في إجمالي اإليرادات العامة من ) (39,08%سنة ،1989إلى ما يقارب ) (59%كنسبة مسجلة عام
،1999مع اقترابها من عتبة الـ ) (65%عام ،21991وتجاوزها حاجز الـ ) (60%سنوات 1997 ،1996 ،1992
نتيجة انتعاش أسعار النفط ،وهبوطها تحت عتبة الـ ) (50%سنوات ،1998 ،1994نتيجة تدهور أسعار
-1نظرا للظروف االقتصادية الصعبة التي سادت في أعقاب الصدمة النفطية العكسية للعام ،1986تم إنشاء لجنة وطنية إلصالح النظام الضريبي بداية
من العام ،1987والتي انهت أشغالها عام ،1990مقدمة اقتراحاتها ضمن تقرير يتضمن معالم اإلصالح الضريبي الجديد ،والذي ُشرع في تطبيقه بداية
من العام .1992تفاصيل أوفر حول اإلطار العام لإلصالح الجبائي المتبنى ،وكذا العناصر األساسية المعتمدة في بنيته ،ضمن - :قدي عبد المجيد.
(" ،)2002النظام الجبائي وتحديات األلفية الثالثة" ،مداخلة مقدمة في إطار فعاليات الملتقى الوطني األول حول االقتصاد الجزائري في األلفية الثالثة،
جامعة سعد دحلب ،البليدة ،الجزائر 22-21 ،ماي.؛ -ناصر مراد" ،)2004( .اإلصالح الضريبي في الجزائر للفترة ( ،")2003-1992منشورات
البغدادي ،الجزائر.؛ -بطاهر علي" ،)2004( .سياسات التحرير واإلصالح االقتصادي في الجزائر" ،مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا ،كلية العلوم
اإلنسانية والعلوم اإلجتماعية ،جامعة الشلف ،العدد األول ،ص ص.212-179 .؛ -شيبي عبد الرحيم ،)2013( .ص ص.227-226 .
2كان ذلك –باإلضافة إلى االرتفاع الحاصل في أسعار النفط بسبب تبعات حرب الخليج -نتيجة خفض قيمة الدينار الجزائري .أنظر - :المجلس الوطني
االقتصادي واالجتماعي" ،)1997( .مشروع التقرير حول الظرف االقتصادي واالجتماعي لسنة ،1997السداسي الثاني" ،الجزائر ،ص ص.30-29 .
145
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
النفط .ومن جهة أخرى ،االرتفاع في نسبة مساهمة الجباية البترولية في إجمالي اإليرادات ،كان متزامنا مع
تراجع مساهمة الجباية العادية .فبالرغم من أن قيمة هذه األخيرة عرفت تطو ار جليا بانتقالها من 64500مليون
دج سنة ،1989إلى 329828مليون دج سنة ،1998إال أن نسبة مساهمتها في إجمالي اإليرادات العامة
شهدت نوعا من التراجع (إذا ما قارناها -على األقل -بفترة ما بعد األزمة ( ،))1990-1987إذ لم تتجاوز حد
الـ ) (40%على طول الفترة ( ،)1999-1991باستثناء العام 1998أين بلغت ما يقارب الـ ) ،(43%نتيجة
تدهور نسبة مساهمة الجباية البترولية ،كانعكاس لالنخفاض الحاصل في أسعار النفط خالل السنة المعنية.1
بناء على التحليل أعاله ،يمكن القول أن اإلصالح الجبائي المتبنى كان قليل الفعالية ،ونتائجه كانت جد
متواضعة في تعزيز مكانة الجباية العادية -والضرائب المباشرة على وجه الخصوص -ضمن اإليرادات
العامة؛ وذلك نظ ار العتماد النظام الضريبي الجزائري أساسا على الضرائب غير المباشرة ،لما يتميز به هذا
النوع من الضرائب من سهولة في التحصيل .2كما لم تتمكن الحكومة تحقيق األهداف المسطرة ضمن برنامج
اإلصالح خالل الفترة المعنية ،وبقيت الجباية البترولية المصدر األساسي لإليرادات العامة ،بسبب الضعف
المسجل في الجباية العادية ،والذي يعود إلى حل بعض المؤسسات جراء التزام الدولة تجاه المؤسسات الدولية
بهذا اإلجراء ،وكذا كثرة اإلعفاءات والتخفيضات الرامية لتشجيع اإلستثمار ،إضافة إلى التوجه الكبير نحو
التهرب الضريبي ،الناجم عن الحجم الكبير للقطاع الموازي ،مع ضعف تأهيل اإلدارة الضريبية.3
ج .تحليل تطور هيكل اإليرادات العامة خالل فترة انتعاش أسعار النفط (:)2014-2000
بعد فشل وعدم فعالية اإلصالحات الجبائية المنتهجة خالل فترة التسعينات في تعديل هيكل اإليرادات
العامة ،بقيت اإليرادات النفطية تمثل المصدر الرئيسي واألهم إلي اردات الميزانية العامة في الجزائر .لكن مع
ذلك واصلت الحكومة الجزائرية سعيها إلى تعزيز اإليرادات خارج المحروقات ،باعتبار ما يميز القطاع
األخير من عدم استقرار ،وما يكتنفه من الشك والاليقين .فمباشرة مع اتضاح الرؤية اإليجابية لسوق النفط
العالمية وانتعاش أسعار النفط مع حلول الثالثي األخير من العام ،1999جاء قانون المالية التكميلي المؤرخ
في 27جوان ،2000ليسفر عن إنشاء حساب جديد ينتمي إلى الحسابات الخاصة بالخزينة ،تحت مسمى
146
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
"صندوق ضبط اإليرادات"1؛ مهمته األساسية امتصاص الفوائض في إيرادات الجباية البترولية التي قد تفوق
تلك المحددة على أساس السعر المرجعي للبرميل ،والمقرر في قانون المالية للسنة المعنية ،أو تسوية وسد
العجز الذي قد يطال الميزانية العامة للدولة .وبذلك يكون صندوق ضبط اإليرادات قد أنشئ لغرض تعزيز
استقرار اإلنفاق العام ،ومواجهة دورات السياسة المالية التي تتمحور أساسا حول تذبذب وعدم استقرار
اإليرادات النفطية ،وبالتالي ضمان قابلية استمرار السياسة المالية على المديين المتوسط والبعيد.2
عند متابعتنا لتطورات إجمالي إيرادات الميزانية العامة للدولة منذ بداية األلفية الثالثة ،نالحظ –كما
توضحه بيانات الجدول ( )15-Iمن الملحق ) -(Iأن بداية األلفية جاءت شاهدة على ارتفاع غير مسبوق في
إجمالي اإليرادات تحت تأثير ارتفاع اإليرادات النفطية الناتج عن انتعاش أسعار النفط ،حيث بلغت قيمة
اإلجمالي 1578161مليون دج عام ،2000ساهمت ضمنها الجباية البترولية بما يقارب ) .(75%وبعد تراجع
عام ،2001بسبب تراجع الجباية البترولية التي انخفضت بمعدل ) (18,5%مقارنة بالعام ،2000نظير تراجع
أسعار النفط بداية من سبتمبر ( 2001رغم تسجيل حجم الصادرات من المحروقات لزيادة تقدر بـ )،3)(3%
منحى تصاعديا ،وسجلت ارتفاعات قياسية خالل سنوات الفترة ( ،)2008-2002حيث
ً سلكت اإليرادات العامة
انتقلت قيمتها من 1603188مليون دج سنة 2002إلى 5190500مليون دج عند العام ،2008أي بنسبة
زيادة تقدر بما يقارب ) .(224%وقد كانت هذه الزيادات في إجمالي اإليرادات مدفوعة أساسا باالرتفاعات
المطردة في اإليرادات النفطية التي انتقلت بدورها من 1007900مليون دج سنة ،2002إلى 4088600مليون
دج عند العام ،2008أي بمعدل زيادة يقدر بحوالي ) ،(306%وذلك بعد الزيادات المتواصلة وغير المسبوقة
التي شهدتها أسعار النفط في األسواق العالمية ،والتي وصلت إلى حدود ) (300%خالل الفترة المعنية.4
في ظل تداعيات أسوء ركود شهده االقتصاد العالمي منذ ثالثينات القرن الماضي ،وما رافقه من تراجع
في أسعار النفط خالل السنة ( 2009وبشكل خاص خالل الثالثي األول من السنة) ،سجلت اإليرادات العامة
1أنظر :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون 02-2000المؤرخ في 24ربيع األول 1421الموافق لـ 27جوان 2000م ،المتضمن قانون
المالية التكميلي لسنة ،2000والمتعلق بإنشاء "صندوق ضبط اإليرادات" ،المادة ،10الجريدة الرسمية ،العدد ،37الصادرة بتاريخ 28جوان .2000
- 2تم تعديل بعض القواعد واألسس التي أنشئ من خاللها صندوق ضبط اإليرادات ،وذلك من خالل قانون المالية لسنة .2004أنظر - :الجمهورية
الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون 22-03المؤرخ في 4ذو القعدة ،1424الموافق 28ديسمبر ،2003المتضمن قانون المالية لسنة ،2004المادة
( 66المتعلقة بتعديل المادة 10من القانون رقم 02/2000المؤرخ في 27يونيو ،2000المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة ،)2000الجريدة
الرسمية ،العدد ،83الصادرة بتاريخ 29ديسمبر ،2003ص ص.29-28 .
-انتقل مبلغ إيرادات الصندوق كتدفق سنوي (اإلجمالي) من 453200مليون دج سنة 2000إلى 623500مليون دج سنة ،2004وقد بلغت نسب
إيرادات الصندوق إلى إجمالي اإليرادات العامة خالل سنوات الفترة ( )2004-2000القيم ،(22,7%) ،(1,7%) ،(8,2%) ،(28,7%) :و) (28%على
التوالي ،إذ تباينت هذه النسب حسب تباين اإليرادات النفطية ،التي تتغير وفق تغيرات أسعار النفط .أما المبالغ (الصافية) المتراكمة في الصندوق فقد
انتقلت من 232100مليون دج سنة ،2000لتصل إلى 153200مليون دج سنة .2004تفاصيل أدق عن المبالغ المتدفقة والمتراكمة في صندوق ضبط
اإليرادات ،موجودة ضمن مختلف التقارير السنوية لبنك الجزائر من 2004إلى .2014؛ -أنظر كذلك :الجدول ) (17-Iمن الملحق ).(I
3المجلس الوطني االقتصادي واالجتماعي" ،)2002( .مشروع التقرير حول الظرف االقتصادي واالجتماعي لسنة ،2002السداسي الثاني " ،ص .65.
4تراوحت نسبة مساهمة الجباية البترولية في إجمالي اإليرادات العامة خالل هذه الفترة ما بين ) (63%و) (78,77%كحد أقصى ُسجل سنة .2008
147
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تراجعا كبي ار خالل السنة المعنية مقارنة بالعام ،2008إذ انخفضت إلى حدود 3676000مليون دج ،بمعدل
تراجع قدر بـ )(-29,2%؛ ويعود ذلك إلى التراجع الكبير الذي ميز اإليرادات النفطية ،التي انخفضت إلى
حدود 2412700مليون دج وبمعدل تراجع قدره ) ،(41%نتيجة –باإلضافة إلى تراجع أسعار النفط -تراجع
كميات الصادرات النفطية .غير أن هذا التراجع في قيمة اإليرادات الكلية سرعان ما تالشى مع عودة أسعار
النفط –ومعها اإليرادات النفطية -إلى االرتفاع خالل الفترة ( ،)2012-2010إذ بلغت هذه اإليرادات حد
6339300مليون دج خالل العام ( 2012محققة معدل نمو قدره ) (72,45%مقارنة بالعام ،)2009نظير
ارتفاع اإليرادات النفطية بمعدل ) (73,42%مقارنة بالعام ،2009حيث بلغت حدود 4184300مليون دج
خالل العام .12012أما خالل العامين 2013و 2014فلم يكن االرتفاع الحاصل في اإليرادات العادية
–والمقدر بنسبة ) (8,91%كافيا لتعويض تراجع اإليرادات النفطية –المقدر بنسبة ) -(-19%بسبب تدهور
أسعار النفط ،لتشهد اإليرادات العامة بذلك تراجعا بنسبة ) ،(9,50%مسجلة قيمة قدرها 5738400مليون دج
خالل العام .22014
خالصة التحليل السابق ال تخرج عن نطاق تأكيد هشاشة هيكل وتركيب إيرادات الميزانية العامة في
الجزائر ،وتبعيتها المطلقة لإليرادات النفطية ،في ظل الضعف النسبي لإليرادات العادية ،التي بالرغم من أنها
سلكت اتجاها تصاعديا متواصال خالل كل سنوات الفترة ( ،)2014-2000إال أن حصتها ضمن إجمالي
اإليرادات العامة بقيت متواضعة نسبيا ،إذ لم تتجاوز حاجز الـ ) (27%خالل الفترة ( )2004-2000باستثناء
العام ،2002بينما لم تتعدى النسبة ) (21%خالل الفترة ( ،)2008-2005في حين أخذت قيما محصورة بين
) (26,5%و) (36%خالل الفترة ( ،)2014-2009أين بلغت الحد ) (36%كنسبة قصوى مسجلة في أحسن
األحوال سنة ،2014بعد انهيار أسعار النفط وتدهور قيمة اإليرادات النفطية .وهو ما يؤكد فشل عملية إحالل
الجباية العادية محل الجباية البترولية ،رغم كل اإلجراءات المتخذة والجهود المبذولة منذ اإلصالح الضريبي
المطبق بداية من العام .1992
- 1تم تحقيق هذه المستويات غير المسبوقة من اإليرادات العامة وكذا من اإليرادات النفطية رغم تراجع نمو إنتاج قطاع المحروقات من حيث الحجم،
ويعود ذلك لالرتفاعات القياسية التي شهدتها أسعار النفط خالل الفترة المعنية.
-تجدر اإلشارة إلى أنه بداية من العام ، 2000تجاوزت اإليرادات النفطية مبلغ الجباية البترولية المدرجة بالميزانية العامة للدولة وفق مختلف قوانين
المالية (وهي المبالغ التي كانت تُحول إلى صندوق ضبط اإليرادات) ،حيث يتم حساب هذه األخيرة على أساس سعر مرجعي لبرميل الخام ،والذي حدد
قبل 2006عند مستوى /$ 19للبرميل ،قبل أن يرتفع بعد ذلك إلى مستوى /$ 37للبرميل (مع اإلشارة إلى أن قانون المالية لسنة 2000أُع ّد على أساس
سعر /$ 15للبرميل ،وقانون المالية للعام 2003أعد على أساس سعر مرجعي قدره /$ 22للبرميل ،في حين أعدت قوانين المالية التكميلية لهتين السنتين
على أساس سعر /$ 19للبرميل ) .تفاصيل أدق ،موجودة ضمن مختلف التقارير السنوية لبنك الجزائر حول "التطور االقتصادي وللنقدي في الجزائر"
خالل السنوات من 2000إلى غاية .2014
- 2في ظل التطورات الموصوفة تراوحت نسبة مساهمة اإليرادات النفطية في إجمالي اإليرادات العامة خالل الفترة ( ،)2014-2009بين حد أقصى
قدره ) (68,73%سجل سنة ،2011وحد أدنى قدره )ُ (59%سجل سنة .2014
-تفاصيل أدق ،باألرقام والنسب موجودة ضمن الجداول ) (16-I) ،(15-I) ،(14-Iمن الملحق ).(I
148
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.2.1انعكاسات حركة أسعار النفط على توجهات سياسة اإلنفاق العام خالل الفترة (:)2014-1970
تصنف النفقات العامة للدولة وفق التشريع الجزائري إلى صنفين رئيسيين ،يتضمنان ٌّ
كل من نفقات
التسيير (النفقات الجارية) ،ونفقات التجهيز (النفقات اإلستثمارية) ،حيث يتضح ذلك بجالء من خالل القانون
17-84المتعلق بقوانين المالية ،وبالتحديد من خالل المادة 20منه ،والتي تنص على أنه" :توضع
االعتمادات المفتوحة بموجب قانون المالية تحت تصرف الدوائر الو ازرية فيما يتعلق بنفقات التسيير وكذا
المتصرفين العموميين الذين يتحملون مسؤولية العمليات المخططة فيما يتعلق بنفقات اإلستثمار".2
هي تلك النفقات الجارية الضرورية لتسيير أجهزة المصالح العمومية واإلدارية للدولة؛ وتعد هذه النفقات
نفقات غير منتجة ،بالنظر لكونها تسمح فقط بتسيير نشاطات الدولة بشكل عادي وطبيعي .وحسب نص
المادة 24من القانون ،17-84تنقسم نفقات التسيير إلى أربعة أبواب ،تتمثل فيما يلي:3
يتضمن هذا الباب كل االعتمادات الالزمة لتغطية أعباء الدين العمومي ،باإلضافة إلى مختلف األعباء
المحسومة من اإليرادات .ويشمل كل من الدين القابل لالستهالك (اقتراض الدولة) ،الدين الداخلي و/أو الدين
1شيبي .ع ،.و س .بطاهر" ،) 2010( .فعالية السياسة المالية بالجزائر :مقاربة تحليلية وقياسية" ،مجلة التنمية والسياسات االقتصادية (المعهد العربي
للتخطيط -الكويت) ،مج ،12 .ع ،01 .يناير ،ص ص.59-39 .
2أنظر :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم ،17-84المادة رقم ،20الجريدة الرسمية ،العدد ( ،28مرجع سابق) ،ص.1042 .
3أنظر :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم ،17-84المادة رقم ،24الجريدة الرسمية ،العدد ( ،28مرجع سابق) ،ص.1042 .
-أنظر كذلك :جمال لعمارة ،)2004( .ص ص.55-53 .
149
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
العام (كفوائد سندات الخزينة) ،الدين الخارجي ،ضمانات (تقدم من طرف الجماعات والمؤسسات العمومية
مقابل القروض والتسبيقات) ،إضافة إلى نفقات محسومة من اإليرادات (تعويض على منتوجات مختلفة).
يشمل هذا الباب نفقات تسيير المؤسسات العمومية السياسية وغيرها ،مثل المجلس الشعبي الوطني،
مجلس األمة ،المجلس الدستوري... ،الخ .وتعد هذه النفقات مشتركة بين كل الو ازرات.
يشمل هذا الباب مجموع االعتمادات التي توفر لجميع المصالح وسائل التسيير الخاصة بالموظفين
والمعدات .ويتكون من سبعة أقسام تضم الموظفون ومرتبات العمال ،المنح والمعاشات ،التكاليف االجتماعية،
معدات تسيير المصالح ،أشغال الصيانة ،إعانات التسيير ،إضافة إلى نفقات مختلفة.
يشمل هذا الباب نفقات التحويل ،والتي تقسم بدورها بين مختلف أصناف التحويالت حسب األهداف
المختلفة لعملياتها ،مثل األنشطة الثقافية ،االجتماعية واالقتصادية ،وعمليات التضامن .وينطوي هذا الباب
على سبعة أقسام تضم التدخالت العمومية واإلدارية (كإعانات للجماعات المحلية) ،النشاط الدولي
(كمساهمات تمنح للهيئات الدولية) ،النشاط الثقافي والتربوي (كمنح دراسية) ،النشاط االقتصادي (كإعانات
اقتصادية) ،إسهامات اقتصادية (كإعانات للمصالح العمومية واالقتصادية) ،النشاط االجتماعي (المساعدات
والتضامن) ،إسهامات اجتماعية (مساهمة الدولة في صناديق المعاشات والقيام بإجراءات لحماية الصحة).
تدون نفقات التسيير في جدول يسمى الجدول (ب) ،يلحق بقانون المالية ،حيث تجمع النفقات المصنفة
في البابين األول والثاني –باعتبارها نفقات مشتركة بين كل الو ازرات -في ميزانية التكاليف المشتركة أسفل
الجدول المذكور ،في حين تقسم النفقات المصنفة في البابين الثالث والرابع حسب الو ازرات ،بعدما يحدد قانون
زرية ،وذلك كما هو موضح في الجدول ( )23-Iمن الملحق )(I
المالية المبالغ اإلجمالية الموجهة لكل دائرة و ا
الذي يبين توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيير لسنة ( 2014على سبيل المثال) حسب كل دائرة و ازرية.
نفقات التجهيز هي تلك النفقات الموجهة لتجهيز القطاعات االقتصادية للدولة بوسائل اإلنتاج ،والتي
تكتسي طابع االستثمار المنتج الذي يتولد عنه زيادة في إجمالي الناتج الوطني؛ وتتكون هذه النفقات من
150
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
االستثمارات الهيكلية االقتصادية واالجتماعية واإلدارية التي ال تعد ذات إنتاجية مباشرة ،يضاف إليها إعانات
التجهيز المقدمة لبعض المؤسسات العمومية .وقد حددت المادة 35من القانون 17-84هذا النوع من النفقات
بشكل واضح ،حيث ذكرت أنه تجمع االعتمادات المفتوحة بالنسبة للميزانية العامة وفقا للمخطط اإلنمائي
السنوي لتغطية نفقات اإلستثمار الواقعة على عاتق الدولة في ثالث أبواب تضم االستثمارات التي تنفذ من
طرف الدولة ،إعانات اإلستثمار الممنوحة من قبل الدولة ،إضافة إلى النفقات األخرى بالرأسمال.1
تدون نفقات التجهيز على شكل رخص ،وتنفذ باعتمادات الدفع ،والتي تظهر ضمن الجدول (ج) الذي
يلحق هو اآلخر بقانون المالية .2حيث يتم تصنيف نفقات التجهيز وفق عشر ( )10برامج قطاعية تضم
قطاعات :المحروقات ،الصناعة التحويلية ،الطاقة والمناجم ،الفالحة والري ،الخدمات المنتجة ،المنشآت
األساسية االقتصادية واإلدارية ،التربية والتكوين ،المنشآت األساسية االجتماعية والثقافية ،المباني ووسائل
التجهيز ،إضافة إلى المخططات البلدية للتنمية .كما تجدر اإلشارة إلى أن القطاع قد يضم عدد من الو ازرات،
في حين ينقسم كل قطاع إلى قطاعات فرعية وفصول ومواد ،بطريقة واضحة وفق نوع النشاطات االقتصادية
التي تمثل هدف برنامج االستثمار ،لتكون بذلك كل عملية مركبة من قطاع ،وقطاع فرعي ،وفصل ومادة.3
.2.2.1تحليل تطور اإلنفاق العام في ظل تقلبات أسعار النفط خالل الفترة (:)2014-1970
تمارس السياسة المالية من خالل سياسة اإلنفاق العام تأثي ار مهما في تخصيص وتوزيع الموارد بما يتوافق
واآلثار المرغوب في إحداثها لتحقيق أهداف السياسة االقتصادية العامة وفق أولويات االقتصاد الوطني ،وبما
ينسجم مع طبيعة المرحلة التنموية الراهنة .غير أنه ،وبحكم االرتباط الوثيق لإلنفاق العام باإليرادات العامة،
واعتماد هذه األخيرة –كما رأينا من خالل التحليل أعاله -بشكل واسع على اإليرادات النفطية ،تبقى الدورية
) (Procyclicalityهي الميزة األساسية التي ِ
تسم سياسة اإلنفاق العام في الجزائر ،في ظل خضوع وتبعية هذه
السياسة بشكل شبه تام للتطورات والتقلبات في أسعار النفط ،إذ تدل مختلف المحطات التاريخية للسياسة
االقتصادية في الجزائر (وكما يتضح ذلك من خالل الشكل ( )2.3أدناه) ،أن سياسة اإلنفاق العام تتخذ
اتجاهات توسعية خالل فترات انتعاش أسعار النفط ،غير أنها سرعان ما تعود للسير على نسق التقشف
واالنكماش بمجرد تراجع هذه األسعار .وهو ما يفقد السياسة المالية دورها كوسيلة لدعم النشاط االقتصادي
1أنظر :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم ،17-84المادة رقم ،35الجريدة الرسمية ،العدد ( ،28مرجع سابق) ،ص.1043 .
2رخص البرامج تمثل الحد األعلى للنفقات التي يُسمح لآلمرين بالصرف باستعمالها في تنفيذ اإلستثمارات المخططة ،وتبقى صالحة دون أي تحديد
لمد تها حتى يتم إلغاؤها؛ أما اعتمادات الدفع فتمثل التخصيصات السنوية التي يمكن لآلمر بالصرف صرفها ،أو تحويلها ،أو دفعها ،لتغطية االلتزامات
المبرمة في إطار رخص البرامج المطلقة.
- 3على سبيل المثال ،العملية رقم 2423تمثل عملية التحويالت األولية للمواد ،تنتمي إلى القطاع ( 2الصناعات التحويلية) ،والقطاع الفرعي 24
(التجهيزات) ،والفصل ( 242الصلب).
-الجدول ( )24-Iمن الملحق ) (Iيبين توزيع النفقات ذات الطابع النهائي لسنة ( 2014على سبيل المثال) حسب القطاعات ضمن ما يسمى بالجدول (ج).
151
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
متى ما استدعى األمر ذلك ،حيث تكون هذه السياسة توسعية في فترات االزدهار ،وانكماشية في األوقات
التي ينبغي أن تكون عكس ذلك (في أوقات التراجع والركود).
الشكل( :)2.3تطور اتجاهات وهيكل اإلنفاق العام في الجزائر مع حركة اإليرادات النفطية والسعر اإلسمي
للنفط الخام خالل الفترة (.)2014-1970
8,000,000
6,000,000
4,000,000
120 2,000,000
100
0
80
60
40
20
0
1970 1975 1980 1985 1990 1995 2000 2005 2010
المصدر :تم إعداد الشكل باالعتماد على معطيات الجداول ( ،)18-I( ،)16-Iو( )19-Iمن الملحق(.)I
النظرة التحليلية أعاله ،تتأكد بما ال يدع مجاال للشك من خالل استقراء وتحليل المعلومات التي يعرضها
الشكل ( )2.3في األعلى ،وكذا الجداول ( ،)18-I( ،)16-Iو( )19-Iمن الملحق ( ،)Iبشأن تطور توجهات
وهيكل اإلنفاق العام في الجزائر ،في ظل حركة اإليرادات النفطية وأسعار النفط خالل الفترة المعنية بالدراسة.
وهو ما سنقوم به من خالل هذا الجزء من البحث ،حيث سيتم تحليل اتجاه تطورات اإلنفاق العام وهيكله في
الجزائر حسب الفترات التالية ،والتي تتوافق وأهم المحطات التاريخية التي شهدها االقتصاد الجزائري.
أ .تحليل توجهات وسلوك اإلنفاق العام خالل مرحلة االقتصاد الموجه (:)1989-1970
في ظل نظام اقتصادي يدين بالنهج االشتراكي ،ويعتمد التخطيط المركزي كأسلوب ومنهج للتنمية
االقتصادية ،ويركز على القطاع الصناعي لغرض إحداث تنمية شاملة ،مع ما أماله واستدعاه ذلك من بروز
مستمر خالل الفترة
ا لقطاع عام قوي أخذ زمام المبادرة في إدارة االقتصاد ،شهدت سياسة اإلنفاق العام توسعا
الممتدة بين بداية عقد السبعينات ومنتصف عقد ثمانينات القرن الماضي ،في إطار برامج استثمارية ضخمة
152
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تضمنتها مختلف المخططات والبرامج التنموية المقررة؛ وقد عبر عن ذلك انتقال قيمة اإلنفاق العام من 5876
مليون دج عام 1970إلى 99841مليون دج عام ،1985بمعدل نمو سنوي متوسط يقارب الـ ) ،(21,21%كما
شهدت نسبة اإلنفاق العام إلى الناتج الداخلي الخام –التي تمثل مؤش ار حقيقيا لقياس مدى تطور النفقات
العامة -ارتفاعا هاما خالل الفترة المذكورة ،إذ انتقلت من ) (24,40%عام 1970إلى أكثر من ) (34%خالل
العام .1985ويالحظ أن هذا التوسع في اإلنفاق العام كان مدفوعا بشكل كبير بالتوسع في نفقات التجهيز
التي انتقلت نسبة مساهمتها في إجمالي اإلنفاق العام من ) (27,62%عام 1970إلى أكثر من ) (45%سنة
،1985وهو التوسع الذي ما كان ليتحقق لوال التوسع واالرتفاع المستمر الذي شهدته اإليرادات العامة نتيجة
انتعاش أسعار النفط ومعها اإليرادات النفطية ،التي اكتسبت أهمية متنامية في تمويل خزينة الدولة.1
مع حلول العام 1986جاءت أزمة انهيار أسعار النفط لتخلف الوقع الكبير على االقتصاد الجزائري ،حيث
ظهرت بوادر التدهور مباشرة بعد التراجع الحاد الذي شهدته أسعار الخام ،والذي أظهر ضعف وهشاشة
تركيبة النظام االقتصادي السائد ،فيما يتعلق بالحصول على الموارد المالية الموجهة لتمويل االقتصاد .وحيال
هذا الوضع العسير لم يبقى أمام الحكومة الجزائرية سوى انتهاج اتجاه التقشف واالنكماش كمنهج لسياسة
اإلنفاق العام ،لتسجل بذلك معدالت النمو السنوية لإلنفاق الحكومي أدنى قيم لها بداية من العام 1986والى
غاية العام ،1989إذ وصلت إلى حدود ( )1,97%سنة .1987وضع متدهور عكسته كذلك نسب اإلنفاق
العام إلى الناتج الداخلي الخام التي عرفت هي األخرى تراجعا ملحوظا خالل الفترة المذكورة .2كما أنه وعلى
الرغم من التراجع الذي شهدته معدالت اإلنفاق العام ،لم تستطع اإليرادات العامة تغطية النفقات الجارية،
وبلغ العجز الموازني أعلى مستوياته ،حيث تم تسجيل ما مقدراه 14290مليون دج (أو ما يعادل ) (5%من
قيمة الناتج الداخلي الخام) كمتوسط للعجز خالل الفترة المعنية.3
ب .تحليل تطور هيكل اإلنفاق العام خالل فترة اإلصالحات (:)1999-1990
ضمن وضع اقتصادي معقد وسمته تبعات وآثار األزمـة االقتصـادية التـي تبعـت انهيـار أسـعار الـنفط عـام
،1986كــان االقتصــاد الج ازئــري مــع بدايــة عقــد التســعينات ،يختنــق مــن ج ـراء تســديد الــديون الخارجيــة التــي
- 1بلغ معدل تغطية اإليرادات العامة لإلنفاق العام قي ًما عالية تراوحت بين ) (107,31%و) ،(170,80%غير أن هذا المعدل سجل قيما متدنية ،وحتى
سالبة خالل السنوات ،1984 ،1983 ،1982بسبب التراجع في أسعار النفط (أنظر الجدول ( )19-Iمن الملحق ).)(I
-تفاصيل أدق وأوفر موجودة ضمن الجداول ( ،)18-I( ،)16-I( ،)15-I( ،)14-Iو( )19-Iمن الملحق (.)I
- 2االتجاه االنكماشي لسياسة اإلنفاق العام يظهر بشكل أساسي من خالل قيمة نفقات التجهيز التي انخفضت من 45181مليون دج سنة ،1985إلى
40216مليون سنة ،1987ورغم معاودتها االرتفاع بداية من العام 1988إلى أن ارتفاعها كان َحذرا وتقشفيا ،إذ لم تتجاوز حدود 44300مليون دج
سنة .1989أما نسبة هذا النوع من النفقات إلى إجمالي اإلنفاق العام فقد تراجعت من ) (45,25%سنة 1985إلى ) (35,58%سنة .1989
-للمزيد من التفاصيل أنظر الجدول ( )14-Iو الجدول ( )18-Iمن الملحق (.)I
3أنظر الجدول ( )19-Iمن الملحق (.)I
153
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
اســتحوذت علــى مــا يقــارب ال ـ ( )67%مــن مــداخيل الصــادرات .1وضــع أجبــرت حيالــه الحكومــة الجزائريــة علــى
تبنــي مجموعــة مــن اإلصــالحات الجذريــة ،اســتعدادا منهــا للتخلــي عــن الــنهج االشــتراكي واالنتقــال إلــى اقتصــاد
الســوق ،مــن خــالل التخلــي التــدريجي عــن التــدخل الواســع فــي االقتصــاد ،لينحصــر دورهــا فــي التنظــيم غيــر
محور أساسيا لإلصالحات المنتهجة آنذاك.
ًا المباشر ،وخاصة فيما يتعلق بموضوع دعم األسعار ،الذي شكل
فــي ظــل التطــورات الموصــوفة أعــاله ،وبــالرغم مــن التحســن الــذي شــهدته اإلي ـرادات العامــة نتيجــة انتعــاش
أســعار ال ــنفط بس ــبب ح ــرب الخل ــيج العرب ــي ،وك ــذا نتيج ــة خف ــض قيم ــة ال ــدينار الج ازئ ــري ع ــام ،1991تمي ــزت
السياسة اإلنفاقية باالنكماش ،ضمن سياسة مالية تقييدية ناتجة عن تبنـي الدولـة لرؤيـة صـندوق النقـد الـدولي،
إذ تظهر األرقام تراجع نسبة اإلنفاق العام إلى الناتج الداخلي الخام من ( )48,32%عام 1988إلى ()24,60%
عام ،21991رغم االرتفاع الذي طال مبالغ اإلنفاق العام ،والتي حققت معدل نمو سنوي يفـوق ال ـ ( )55%بـين
عــامي 1990و .1991بعــد ذلــك تــم انتهــاج سياســة ماليــة توســعية فــي ظــل ظــروف اقتصــادية وسياســية وأمنيــة
واجتماعيــة صــعبة ،حيــث –ولغــرض تلطيــف المنــاخ المتــوتر -لجــأت الحكومــة إلــى رفــع األجــور وكــذلك نفقــات
الش ــبكة االجتماعي ــة بداي ــة م ــن فب اري ــر ،1992وه ــو م ــا تـ ـزامن م ــع ارتف ــاع نفق ــات التطهي ــر الم ــالي للمؤسس ــات
العموميــة ،ليشــهد العــامين 1992و– 1993كمــا يبــدو مــن خــالل الجــدول ( )18-Iمــن الملحــق ) -(Iنوع ـا مــن
االرتفاع في نسب اإلنفاق العام التي وصلت إلى ما يقارب الـ ( )40%من الناتج الداخلي الخام في المتوسط.
بعد ذلك ،تميزت المرحلة ( )1998-1994بانتهاج سياسة مالية مقيدة وصارمة ،في ظل توقيع اتفاق
االستعداد االئتماني Stand-byالثالث سنة ،1994وبعده اتفاق اإلئتمان الموسع (برنامج التعديل الهيكلي)
( ،)1998-1995حيث عمدت الجزائر إلى انتهاج سياسة ترشيد عملية تخطيط النفقات العامة ،مع تحسين
تكوين وشفافية هذه األخيرة ،والذي عملت السلطات الوصية على تنفيذه من خالل رفع كل أشكال الدعم
المقدم من طرف الدولة ،واتباع سياسة الدخول المتشددة ،وتحرير األسعار ،وترتيب األولويات لمشاريع
االستثمارات العامة .وحيال هذه اإلجراءات الصارمة شهدت نسبة اإلنفاق العام إلى الناتج الداخلي الخام
انخفاضا شبه مستمر –كما يوضحه الجدول ( )18-Iمن الملحق ) -(Iخالل الفترة ( ،)1999-1993إذ تراجعت
من ( )40%سنة 1993إلى ( )29,60%سنة .1999وقد طال االنخفاض نفقات التجهيز بشكل أساسي ،والتي
تراجعت من ) (15,56%من الناتج الداخلي الخام سنة 1993إلى ) (05,77%سنة 1999؛ أما نفقات التسيير
فبقيت نسبتها إلى الناتج الداخلي الخام تتراوح بين ) (21,42%و) (24,50%خالل الفترة المذكورة.
154
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
ج .تحليل تطور هيكل اإلنفاق العام خالل فترة اإلنعاش االقتصادي (:)2014-2000
أدى االنتعاش الذي شهدته أسعار النفط بداية من الثالثي األخير للعام ،1999وما صاحبه من ارتفاع
غير مسبوق لإليرادات النفطية ،إلى تعزيز الوضعية المالية العامة لالقتصاد الجزائري ،من خالل مساهمته
في إضفاء نوعا من الراحة المالية على الفترة المعنية ،تم استغاللها في بعث النشاط االقتصادي من خالل
سياسة مالية توسعية (وضمنها سياسة إنفاقية توسعية) ،تجسدت في إقرار مشاريع استثمارية تنموية ضخمة،
كانت بدايتها مع برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي ( ،)2004-2001ثم البرنامج التكميلي لدعم النمو
االقتصادي ( ،)2009-2005وأخي ار برنامج توطيد النمو االقتصادي ( .)2014-2010لتتجه النفقات العامة في
إطار البرامج المذكورة ،وخالل أغلب سنوات الفترة ( ،)2014-2000إلى الزيادة بشكل مطرد ،تزامنا مع تسجيل
أسعار النفط –ومعها اإليرادات النفطية -لمستويات قياسية وغير مسبوقة.
ضمن ما سمي ببرنامج دعم اإلنعاش االقتصادي (– )2004-2001والذي خصص له غالف مالي أولي
قدر بـ 525مليار دج ووصل غالفه المالي النهائي إلى 1216مليار دج -1شهدت السياسة اإلنفاقية تطورات
هامة ،ميزها نمو اإلنفاق العام بوتيرة سريعة ،إذ انتقل هذا األخير من 1178122مليون دج سنة 2000إلى
1891800مليون دج سنة ،2004محققا بذلك نسبة ارتفاع قدرها ( .2)60,57%أما نسبة اإلنفاق العام إلى
الناتج الداخلي الخام فانتقلت من ( )28,57%عام 2000إلى ( )34,28%عام ،2002قبل أن تتراجع إلى حدود
( )29,47%عام .2004ورغم أن الزيادة في النفقات العامة كانت مدفوعة في المقام األول بالزيادات الحاصلة
في اإلنفاق الجاري والتي تحققت بمعدل قدره ) (46,12%خالل الفترة ( ،)2004-2000إال أن نسبة هذا النوع
من اإلنفاق إلى إجمالي اإلنفاق العام تراجعت من ) (72,67%سنة 2000إلى ) (66,13%سنة ،2004لتفسح
المجال أمام اإلنفاق االستثماري الذي ارتفعت نسبته إلى إجمالي اإلنفاق العام من ) (27,32%إلى )(33,86%
خالل ذات الفترة ،مع تحقيقه لمعدل نمو يقدر بـ ) .(99%وهو ما يعكس الجهود المبذولة لترشيد اإلنفاق العام
بتوجيهه نحو اإلنفاق االستثماري المنتج ،بدال من توزيعه على القطاعات غير المنتجة.3
استم ار ار لوتيرة البرامج والمشاريع المقررة والمنفذة في إطار برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي ،ومع تواصل
تحسن الوضعية المالية العامة ،الناجم عن استمرار انتعاش أسعار النفط ،تم اإلعالن مع حلول العام 2005
عن برنامج خماسي ضخم ،كبرنامج تكميلي لدعم النمو االقتصادي شمل الفترة ( ،)2009-2005ر ِ
صد له
1مسعي محمد" ،)2012( .سياسة اإلنعاش االقتصادي في الجزائر وأثرها على النمو" ،مجلة الباحث ،ع ،10 .جامعة ورقلة ،الجزائر ،ص ص-147 .
.160
2إضافة إلى تأثير برنامج اإلنعاش االقتصادي ،يعود هذا االرتفاع في اإلنفاق العام إلى تكفل الدولة بتعويض الخسائر واألضرار الناجمة عن الكوارث
الطبيعية .أنظر :لكصاسي محمد" ،)2004( .التطورات االقتصادية والنقدية في الجزائر سنة ،"2003تدخل أمام المجلس الشعبي الوطني ،بنك الجزائر ،أكتوبر ،ص.07 .
3تفاصيل أوفر ،ضمن الجدول ) (18-Iمن الملحق ).(I
155
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
ميزانية أولية قدرت بـ 4203مليار دج ،بينما قدر غالفه المالي النهائي بـ 8705مليار دج .1وعلى غرار
البرنامج الذي سبقه ،كان لهذا البرنامج األثر البالغ في السياسة اإلنفاقية ،إذ استمر االنفاق العام في التزايد
المطرد ،الذي عبر عنه ارتفاع نسبة اإلنفاق العام إلى الناتج الداخلي الخام من ) (27,13%سنة 2005إلى ما
يقارب الـ ) (43%سنة ،2009وكذا انتقال قيمة اإلنفاق العام من 2052000مليون دج عام ،2005إلى
4246300مليون دج سنة ،2009محققا بذلك معدل نمو يقارب الـ ( .)107%ورغم أن النفقات الجارية كانت
أكبر من نفقات رأس المال طيلة سنوات الفترة ( ،)2009-2005إال أن األخيرة تطورت بوتيرة أسرع خالل الفترة
المعنية إذ انتقلت نسبتها إلى الناتج الداخلي الخام من ) (10,67%سنة 2005إلى ) (19,52%سنة ،2009
(بينما انتقلت نسبة النفقات الجارية من ) (16,46%إلى ) ،)(23%كما حققت معدل زيادة يقارب الـ )(145%
بين عامي 2005و ،2008قبل أن تتراجع بمعدل ) (1,34%سنة ( 22009في حين ارتفع اإلنفاق الجاري
بمعدل ) .)(84,72%وباإلضافة إلى ذلك وصلت نسبتها إلى إجمالي النفقات العامة –بعد ارتفاع مستمر منذ
العام -2000إلى حدود ) (47%عام ( 2008بينما تراجعت نسبة النفقات الجارية إلى ).3)(52,91%
مع عودة أسعار النفط لالرتفاع بعد التراجع الذي طالها عام ،2009واستم ار ار في تطبيق سياستها
االقتصادية المرتكزة على دعم الطلب الكلي منذ العام ،2001أقرت الحكومة الجزائرية ثالث البرامج اإلنفاقية
التنموية خالل األلفية الثالثة ،ضمن ما سمي ببرنامج توطيد النمو االقتصادي ( ،)2014-2010والذي ق ِّدرت
قيمته اإلجمالية بما يقارب 21214مليار دج .4وباستثناء التراجع الذي شهدته خالل العام ،52013استمرت
النفقات العامة بالتوسع في إطار البرنامج اإلنفاقي المقرر ،وخاصة خالل العامين 2011و ،2012حيث بلغت
نسبة النفقات العامة إلى الناتج الداخلي الخام حدود ) (43,54%خالل السنة األخيرة ،ووصلت إلى ما يقارب
( )40,60%سنة ،2014بعد االنخفاض المسجل سنة 2013أين بلغت ) .6(36,19%وخالصة التحليل السابق
ال تخرج عن نطاق تأكيد دورية سياسة اإلنفاق العام في الجزائر وتبعيتها المطلقة لتقلبات الدورة االقتصادية،
المرتبطة بشكل أساسي بتقلبات وحركة أسعار النفط ،وهو ما يضفي خاصية الضعف على هذه السياسة.
1بودخدخ كريم " ،)2015( .اتجاه السياسة االقتصادية في تحقيق النمو االقتصادي بين تحفيز الطلب أو تطوير العرض :دراسة حالة الجزائر (-2001
، ")2014أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،3الجزائر ،ص.209 .
2خالل العام ، 2009بقي اإلنفاق االستثماري عند مستوى مرتفع ،على الرغم من انخفاض مستوى اإليرادات العامة نتيجة تراجع أسعار النفط ،ويعزى
ذلك إلى متانة مخزون اإلدخارات العمومية ،في ظل ظروف ميزها قابلية استدامة الوضع المواتي للمالية العامة في المدى المتوسط .أنظر :بنك الجزائر،
التقرير السنوي لسنة ،2009ص.97 .
3تفاصيل أدق ضمن الجدول ) (18-Iمن الملحق ).(I
4بودخدخ كريم ،)2015( .ص.213 .
5يعزى تراجع النفقات العامة خالل هذه السنة إلى تراجع كل من نفقات التسيير (التي انتقلت من ) (29,50%من الناتج الداخلي الخام سنة 2012إلى
) (24,82%من هذا الناتج عام ،2013وذلك بسبب االنخفاض المسجل في التحويالت الجارية إلى جانب تراجع نفقات المستخدمين) ،وكذا نفقات
التجهيز (تراجعت من ) (14,03%من الناتج الداخلي الخام عام 2012إلى ) (11,37%منه سنة ،2013نتيجة االنخفاض المسجل نفقات قطاع السكن).
6نفس اإلتجاه سلكته نفقات التسيير ،في حين كانت نفقات التجهيز أكثر تذبذبا .تفاصيل أدق موجودة ضمن الجدول ) (18-Iمن الملحق ).(I
156
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.2أداء االقتصاد الكلي الجزائري في ظل تقلبات أسعار النفط والسياسة المالية خالل الفترة (:)2014-1970
من خالل التحليل أعاله تظهر بشكل جلي المكانة األساسية واألهمية البالغة التي يحتلها قطاع النفط (أو
المحروقات بصفة عامة) –والعائدات النفطية بعبارة أدق -في االقتصاد الجزائري ،إذ اتضح أن النفط يشكل
المورد االقتصادي األهم الذي تعتمد عليه الموازنة العامة للحكومة الجزائرية ،وتقوم عليه –بذلك -ق اررات
السياسة االقتصادية (وخاصة السياسة المالية) ،ومن ثم أسس التنمية االقتصادية لدى االقتصاد المعني.
وعلى هذا األساس ،ال ريب في أن يكون لتطورات أسعار النفط انعكاسات على أداء وسلوك المتغيرات
االقتصادية الكلية األساسية في االقتصاد المذكور ،باعتبار أن حركات وتقلبات هذه األسعار تأتي مصحوبة
بتغيرات مقابلة في عائدات وايرادات الصادرات النفطية ،التي ساهمت منذ نشأة االقتصاد الجزائري (وازدادت
أهميتها منذ تأميم المحروقات) في تحديد توجهات السياسة االقتصادية ،ومن ثم األداء االقتصادي الكلي.
من ناحية أخرى ،يتوقف نوع وحجم اآلثار التي تخلفها صدمات أسعار النفط على األداء االقتصادي
الكلي في الجزائر –على غرار باقي البلدان النفطية -على طريقة تعامل الحكومة (من خالل سياستها المالية)
مع العائدات النفطية ،وكذا فوائض المداخيل الناتجة عن ازدهار القطاع النفطي .وذلك باعتبار تلقيها
المباشر لهذه العائدات ،وتحكمها في إنفاقها ،وسيطرتها على الجزء األهم من النشاط االقتصادي ،إذ يمكن
القول أن تقلبات أسعار النفط تمس األداء االقتصادي الكلي في الجزائر من خالل قناة السياسة المالية .ولعل
خير شاهد على ذلك ،يبقى ما حدث بعد صدمة النفط العكسية التي شهدها العام ،1986والتي كانت ميالدا
لحزمة من اإلصالحات االقتصادية والمالية -تحت إشراف المؤسسات المالية الدولية -لغرض تصحيح
االختالالت الهيكلية ،والتخفيف من حدة اآلثار السلبية التي طالت االقتصاد الجزائري نتيجة الصدمة المذكورة
قبل أن يؤدي االنتعاش االستثنائي الذي شهدته أسعار النفط مع بداية األلفية الثالثة ،وما صاحبه تحسن في
الميزان المالي ،إلى توسعات مالية ،رافقها تحسن غير مسبوق في مؤشرات األداء االقتصادي الكلي.
بناءا على النظرة أعاله ،سنعمد ضمن الجزء الحالي من البحث إلى الوقوف -بالتحليل -على دور حركة
أسعار النفط وق اررات السياسة المالية المرافقة لها ،في التأثير على توجهات األداء االقتصادي الكلي في
الجزائر خالل فترة الدراسة ،وذلك من خالل تحليل اتجاهات تطور الناتج الداخلي الخام (النمو االقتصادي)،
والتغير في المستوى العام لألسعار (معدالت التضخم) ،باعتبار أنه من المفترض أن تمثل هتين المتغيرتين
المؤشرات األفضل (والمؤشرات األكثر تقليدية) للظروف االقتصادية الكلية العامة ،إذ تعد األولى كمؤشر جيد
للنشاط االقتصادي الحقيقي ،بينما تعتبر الثانية كمؤشر بديل للنشاط االقتصادي اإلسمي.1
1
شرح أوفى لمبررات اختيار هتين المتغيرتين للتعبير عن وضعية األداء االقتصادي الكلي ،سيتم تقديمه الحقا ضمن الجزء المتعلق باختيار المتغيرات.
157
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.1.2انعكاسات حركة أسعار النفط والسياسة المالية على نمو االقتصاد الجزائري (:)2014-1970
تعتبر الجزائر من بين البلدان التي تتميز بوفرة في الموارد النفطية من جهة ،1وتراجع وتذبذب واضح في
أداء النمو االقتصادي من جهة أخرى .وهو ما يترجم الفشل –رغم الجهود المبذولة واإلصالحات المنتهجة-
في إدارة هذه الموارد ومداخيلها بالقدر الكافي من الكفاءة ،واستغاللها لتنويع االقتصاد والنهوض بالقطاعات
اإلنتاجية األخرى ،بغية تفادي األضرار التي يمكن أن تنجر على تالشي وضعف هذه القطاعات التي تمثل
االقتصاد الحقيقي للبالد ،وهيمنة قطاع الموارد (أو القطاع النفطي) ،ضمن ما يسمى باالقتصاد الريعي.
.1.1.2الناتج النفطي ومساهمته في الناتج الداخلي الخام لالقتصاد الجزائري خالل الفترة (:)2014-1970
أولِي قطاع النفط في الجزائر بعناية فاقت العناية بأي قطاع آخر على اإلطالق؛ عناية واهتمام تجسدا
من خالل قرار التأميم الذي نفذ بتاريخ 24فبراير ،1971والذي تعزز عمليا باألمر رقم 22-71الصادر
بتاريخ 12أبريل ،1971المتعلق باإلطار العام لممارسة الشركات األجنبية نشاطها في مجال البحث عن
المحروقات السائلة وتصديرها .2لتتعزز بذلك مكانة القطاع النفطي بوصفه قطاعا حيويا يشغل مكانة أساسية
في االقتصاد الوطني ،باحتالله للحصة األكبر ضمن هيكل الناتج الداخلي الخام ،وذلك أنه يساهم بصورة
مباشرة في تكوين اإلنتاج ،وكذا بصورة غير مباشرة من خالل تأثيره على القطاعات اإلنتاجية األخرى.
في ذات الصدد ،وباعتباره أحد فروع اإلنتاج في االقتصاد الوطني ،تطور إنتاج قطاع النفط ومعه الناتج
النفطي –ومن ثم مساهمة هذا الناتج في الناتج الداخلي الخام -وفق منحى واتجاه تطور أسعار النفط (كما
يبدو من خالل الشكل ( )3.3أدناه) ،حيث يدفع ارتفاع األسعار بمعدالت اإلنتاج النفطي إلى االرتفاع ،ليرتفع
بذلك الناتج النفطي ومساهمته في إجمالي الناتج المحلي ،وذلك في إطار سياسة الحكومة الجزائرية التي
لطالما أولت اهتماما بالغا للقطاع النفطي ضمن مختلف البرامج التنموية ،حيث نال هذا القطاع القدر األكبر
من االعتمادات المالية الموجهة لالستثمار ،وذلك بهدف الرفع من طاقته اإلنتاجية.3
ضمن اإلطار الموصوف ،وبسبب الظروف التي سبقت قرار التأميم سجلت نسبة الناتج النفطي إلى
الناتج الداخلي الخام تراجعا إلى حدود ) (9,18%عام ،1971قبل أن تعاود االرتفاع بعد بسط السيادة الوطنية
على الثروات النفطية ،والذي تزامن مع االنتعاش غير المسبوق الذي شهدته أسعار النفط خالل تلك الفترة،
1الجدول ) (12-Iمن الملحق ) (Iيوضح تطور اإلحتياطات المثبتة واإلنتاج من النفط الخام في الجزائر خالل فترة الدراسة.
2أنظر :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،األمر رقم ،22-71المؤرخ في 16صفر 1391هـ الموافق لـ 12أبريل 1971م ،المتضمن تحديد
اإلطار الذي تمارس فيه الشركات األجنبية نشاطها في ميدان البحث عن الوقود السائل واستغالله ،الجريدة الرسمية ،العدد ،30الصادر بتاريخ 13أبريل
،1971ص ص.428-426 .
3على سبيل المثال نال قطاع المحروقات نصيب ) (37%من مجموع اعتمادات القطاع الصناعي الذي أخذ بدوره ما مقدراه ) (45%من مجموع
االعتمادات المخصصة لبرنامج المخطط الرباعي األول (.)1973-1970
158
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
لتصل إلى حدود ) (33,15%عام ،1974بعد أن بلغ الناتج النفطي مقدار 18422,3مليون دج .وبعد تراجع
خالل العام 1975بسبب تراجع اإلنتاج واستقرار األسعار ،1عرفت قيمة الناتج النفطي ارتفاعا مستم ار خالل
سنوات الفترة ( )1981-1976حيث انتقلت من 19639مليون دج عام 1976إلى 59162,8مليون دج سنة
،1981أما نسبة الناتج النفطي إلى إجمالي الناتج المحلي فتراوحت بين ) (23,35%كحد أدنى س ِّجل عام
،1978وحد أقصى قدره ) ،(31,50%سجل عام ،1980قبل أن تأخذ هذه النسبة في التراجع المستمر وفق
منحنى األسعار واإلنتاج النفطي (رغم الزيادات البسيطة التي شهدها الناتج النفطي) ،إلى غاية العام 1986
أين بلغت حدود ) (13,16%مع االنهيار الذي شهدته أسعار النفط .وهي أدنى نسبة مسجلة منذ قرار التأميم.2
الشكل ( :)3.3تطور الناتج النفطي ومساهمته في الناتج الداخلي الخام لالقتصاد الجزائري مع تطور سعر
النفط الخام خالل الفترة (.)2014-1970
6,000,000
5,000,000
120 4,000,000
100 3,000,000
80 2,000,000
60 1,000,000
40 0
20
0
1970 1975 1980 1985 1990 1995 2000 2005 2010
المصدر :تم إعداد الشكل باالعتماد على معطيات الجدول ( )20-Iمن الملحق (.)I
لم يستمر مضي الجزائر خلف سياسة التأميم الكامل لمحروقاتها مدة بعيدة ،فتراجع العائدات النفطية
خالل أغلب فترات النصف األول من الثمانيات وبعده؛ إضافة إلى تقلص اإلنتاج النفطي ،والتراجع الحاد في
عدد الحقول المطورة؛ كلها عوامل دفعت بالحكومة الجزائرية إلى مراجعة سياستها النفطية ،إذ تجلى ذلك في
مراجعة قانون المحروقات من خالل القانون رقم ،14-86والذي تم ضمنه مراجعة الشروط الجبائية في
159
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
محاولة لجذب االستثمار األجنبي ،1قبل أن يتم تعديله بموجب القانون رقم ،21-91حيث تم توسيع مجال
النشاط ليشمل الغاز الطبيعي .2وأمام هذه التطورات ،والتي تزامنت مع تحسن تدريجي في أسعار النفط ،شهد
الناتج النفطي –باستثناء التراجع الطفيف المسجل سنة 1993واالنخفاض الحاد الذي عرفه العام 1998بسبب
انهيار أسعار النفط -تحسنا مستم ار خالل سنوات الفترة ( ،)1999-1987حيث بلغ مقدار 890943,3مليون
دج عند السنة األخيرة ،أما نسبة الناتج النفطي إلى الناتج الداخلي الخام فارتفعت لتصل إلى حد )(27,40%
عام ،1991نتيجة تحسن اإلنتاج ،باإلضافة إلى انتعاش األسعار تحت تأثير تبعات حرب الخليج .بينما ظلت
هذه النسبة طوال فترة التسعينات تتراوح بين ) (20,79%كحد أدنى سجل عام 1993وحد أقصى قدره
) ،(30,17%سجل سنة ،1997بعد تواصل حالة االنتعاش في أسعار الخام خالل معظم فترات هذه السنة.
مع بداية األلفية الثالثة ،وفي ظل االنتعاش الذي شهدته أسعار النفط منذ الثالثي األخير للعام ،1999
باإلضافة إلى تحسن معدالت اإلنتاج ،عرف الناتج النفطي ارتفاعا مطردا خالل العام ،2000حيث بلغت
نسبته إلى إجمالي الناتج المحلي -ألول مرة -حدود ) ،(39,20%قبل أن تتراجع هذه النسبة مع التراجع الذي
طال كل من معدالت اإلنتاج وأسعار النفط خالل العامين 2001و ،2002لتبلغ ما مقداره ) (32,65%خالل
السنة األخيرة .غير أنه سرعان ما عادت النسبة المعنية التخاذ منحى االرتفاع المطرد وفق اتجاه أسعار
النفط وكذا معدالت اإلنتاج ،بداية من العام ،2003لتحقق قيمة قدرها ) ،(45,66%عام ،2006مثلت أعلى
نسبة منذ قرار التأميم الصادر عام ،1971بينما تجاوزت هذه النسبة حاجز ) (43,50%خالل سنوات الفترة
(.3)2008-2005
بعد ذلك ،ووسط تراجع ملحوظ في إنتاج المحروقات وركود إحتياطاتها منذ العام ،42006ضمن إطار
قانوني ميزه تعاقب قوانين المحروقات ،بداية بالقانون رقم ،07-05المؤرخ في 28أبريل ،2005والذي سرعان
ما تم تعديله بموجب األمر رقم ،10-06الصادر بتاريخ 29يوليو ،2006ثم القانون 01-13المؤرخ في
فبراير ،2013شهد الناتج النفطي ونسبته إلى إجمالي الناتج المحلي تراجعا حادا خالل العام ،2009حيث
انخفضت النسبة المذكورة إلى حدود ) ،(31,20%قبل أن تعاود االرتفاع بالغة ما يقارب الـ ) (36%خالل العام
،2011لتعود بعدها التخاذ منحي التراجع إلى غاية العام ،2014أين سجلت قيمة قدرها ).(27,07%
1أنظر :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون رقم ،14-86المؤرخ في 13ذي الحجة 1406هـ الموافق لـ 19غشت 1986م ،المتعلق
بأعمال التنقيب والبحث عن المحروقات واستغاللها ونقلها باألنابيب ،الجريدة الرسمية ،العدد ،35الصادر بتاريخ 27غشت .1986
2أنظر :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون رقم ،21-91المؤرخ في 27جمادى األولى 1412هـ الموافق لـ 4ديسمبر 1991م ،المعدل
والمتمم للقانون رقم ، 14-86المتعلق بأنشطة التنقيب والبحث عن المحروقات واستغاللها ونقلها باألنابيب ،الجريدة الرسمية ،العدد ،63الصادر بتاريخ
07ديسمبر .1991
3تفاصيل أدق وأوفر موجودة ضمن الجداول ) (20-I) ،(12-Iو ) (21-Iمن الملحق ).(I
4أنظر الجدول ) (12-Iمن الملحق ).(I
160
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.2.1.2تقلبات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية وواقع نمو االقتصاد الجزائري :نظرة تحليلية.
في سياق كل ما سبق ،يتضح أن أهمية النفط في االقتصاد الجزائري تتجلى في توفيره لعائدات وفوائض
مالية ،كانت دائما بمثابة المحدد األهم لق اررات السياسة االقتصادية (والسياسة المالية خاصة) ،إذ لطالما
اعتبرت هذه العائدات ضرورية لتمويل المخططات والمشاريع التنموية؛ األمر الذي جعل هذه األخيرة مرهونة
بتقلبات أسعار النفط في األسواق العالمية .فقد لعبت حركة هذه األسعار دو ار محوريا في تحديد مسار التنمية
االقتصادية في الجزائر ،خاصة منذ السنوات األولى من سبعينات القرن الماضي ،حيث ارتبطت جل البرامج
التنموية المسطرة بالرؤية اإليجابية لسوق النفط العالمية من عدمها .وقد ترتب عن االعتماد الواسع لالقتصاد
آثار على االقتصاد الكلي،
الجزائري على الموارد النفطية -باعتبارها المصدر الرئيسي للدخل الوطني -ا
جعلت من نمو الناتج الداخلي الخام في تبعية دائمة لتقلبات أسعار النفط (كما يظهر من خالل الشكل ()4.3
أدناه) ،والتي كان لها انعكاسات مقابلة لقيمة الصادرات ،واإليرادات العمومية ،ومدى توفر النقد األجنبي.
يعتبر النمو االقتصادي المؤشر األهم لقياس مدى تقدم االقتصاد ،إذ أنه يعكس مقدار الزيادة في إنتاج
هذا األخير من السلع والخدمات .لذلك سنعمد ضمن الجزء الحالي إلى تحليل تطور النمو االقتصادي في
الجزائر خالل فترة الدراسة ،من خالل تحليل تطور معدالت نمو الناتج الداخلي الخام االسمية والحقيقية .وفي
هذا الصدد يبدوا أن النظرة األولية على هذه المعدالت -والتي يعرضها الشكل ( )4.3أدناه والجدول ()20-I
من الملحق ) -(Iخالل الفترة ( ،)2014-1970توحي بالتذبذب الكبير في كل من المعدالت اإلسمية والحقيقية
من سنة ألخرى ،وهو ما يمكن اعتباره دليال على عدم استدامة النمو االقتصادي ،وتأثره بالعوامل الخارجية.
الشكل ( :)4.3تطور الناتج الداخلي الخام لالقتصاد الجزائري وسعر النفط خالل الفترة (.)2014-1970
المصدر :تم إعداد الشكل باالعتماد على بيانات الجدول ( )19-Iوالجدول ( )20-Iمن الملحق ).(I
161
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
في الواقع ،إن المتتبع لتطورات النمو االقتصادي في الجزائر يدرك تبعيته الواضحة لتقلبات أسعار النفط،
وتأثره بمختلف الصدمات التاريخية فيها ،حيث شهدت فترة السبعينات والنصف األول من الثمانينات معدالت
نمو جد إيجابية ،تزامنت مع انتعاش غير مسبوق في أسعار النفط ،قبل أن تأتي نهاية الثمانيات والنصف
األول من التسعينات شاهدة على تراجع حاد في هذه المعدالت ،إزاء وضع ميزه تدهور وتذبذب أسعار النفط،
ومعها العائدات النفطية ،بينما شهدت سنوات األلفية الثالثة معدالت نمو جد مرضية ،بعد أن جاءت في
معظمها شاهدة على ارتفاعات قياسية وغير مسبوقة في أسعار النفط واإليرادات النفطية.
أ .تحليل تطور الناتج الداخلي الخام ونموه في ظل االقتصاد الموجه (:)1989-1970
انتهجت الجزائر بعد االستقالل استراتيجية تنموية تعتمد التخطيط المركزي كوسيلة للتخطيط االقتصادي،
يقودها قطاع عمومي ذو كثافة رأسمالية يسيطر على الجزء األكبر من النشاط االقتصادي ،في ظل ازدواجية
بين قطاع المحروقات المزدهر ،وبقية قطاعات فتية كانت في بداية تشكلها .بينما تم انتهاج استراتيجية
الصناعات المصنعة كنموذج للتنمية ،والتي تقضي بإنشاء قاعدة صناعية ثقيلة باالعتماد على اإليرادات
النفطية ،وحسن استغالل هذه األخيرة لتحقيق الحد األقصى من القيمة المضافة ،حيث أعتبر قطاع
المحروقات القطاع الوحيد القادر على الدفع باالقتصاد الجزائري ،من خالل تمويله للقطاع الصناعي الذي
يساهم في ظهور وخلق نوعا من الحركية والتبادل بين مختلف القطاعات اإلنتاجية.1
النموذج التنموي المتبنى تطلب استثمارات ضخمة ،تم تنفيذها ضمن توجه المخططات التنموية المنتهجة،
والتي كانت ترمي إلى تمكين المواطن من االستفادة من ثمار التنمية االجتماعية ،في إطار استراتيجيات
طويلة األمد .2وهو ما تجسد من خالل المخططات الثالث األولى (الثالثي والرباعيين) ،إضافة إلى المرحلة
التكميلية ،إذ تميزت الفترة ( )1979-1967بالتطور المتزايد لإلستثمارات3؛ والذي كان مدفوعا بارتفاع مداخيل
المحروقات التي اعتبرت كافية لتغطية االحتياجات من الموارد التجهيزية الضرورية لتشغيل الجهاز اإلنتاجي،
نظير االنتعاش الذي شهدته أسعار النفط في تلك الفترة .وقد انعكس المستوى العالي لإلستثمارات العمومية
المحققة بين الثلث األخير من الستينات ونهاية السبعينات إيجابيا على معدالت النمو االقتصادي التي سجلت
مستوياتها الحقيقية واالسمية قيما جد إيجابية ،لتبلغ حدود ) (7,50%و) (22,30%على التوالي عام .41979
1أنظر- Abdelkader Sid Ahmed. (1993), "Economie de l’industrialisation à partir des ressources naturelles", OPU, :
Alger, P. 150.
- Mahiou. A. (1973), "Institutions administratives et économiques de l’Algérie", Tome 2, SNED, Alger, P. 328
2
Bouzidi. A. (1984), "Emploi et Chômage en Algérie (1967-1983)", les Cahiers du CREAD, N°02, 2e Tri, P. 57.
3وصلت هذه اإلستثمارات إلى أكثر من 300مليار دج ،منها 91مليار دج لقطاع المحروقات ،وأكثر من 209مليار دج لباقي القطاعات .في حين هيمن
القطاع الصناعي على حجم هذه االستثمارات ،حيث بلغ نصيب هذا القطاع في المتوسط ما يقارب الـ ) (40%من إجمالي االستثمارات.
4تفاصيل أوفر حول قيم معدالت النمو االقتصادي موجودة ضمن الجدول ) (20-Iمن الملحق ).(I
162
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
بعد ذلك ،شكلت فترة الثمانينات منعرجا حاسما في مسيرة تطور االقتصاد الجزائري ،ضمن ما عرف
بمرحلة التنمية الالمركزية؛ حيث تم التخلي عن استراتيجية التنمية المتعددة ،لصالح مجموعة من السياسات
االقتصادية دون أفق واضح ،في حين تميزت الفترة المذكورة بانخفاض وتيرة اإلستثمارات ،والتي لم تتجاوز
2 1
حد الـ ) (37%من الناتج الوطني الخام .ففي ظل تذبذب اإليرادات النفطية ،شهدت الفترة ()1984-1980
–التي تزامنت مع تنفيذ المخطط الخماسي األول -تراجعا نسبيا في االستثمار ،غير أن عدم اكتمال المشاريع
المقررة في الفترة السابقة ،والتي حظيت باألولوية ،أضفى نوعا من الفعالية على اإلستثمارات التي تم تنفيذها
خالل الفترة التي أعقبتها ،وهو ما عكسه ارتفاع القيم اإلسمية لمعدل النمو االقتصادي ،وضعف قيمه
الحقيقية في بداية هذه الفترة ،قبل أن يحدث العكس بداية من العام ،1982والى غاية نهاية الفترة المعنية.3
في الواقع ،لم يكن هناك ما يضمن استدامة المستويات اإليجابية التي حققتها معدالت نمو االقتصاد
الجزائري ،وذلك أن هذا األخير كان قائما على نوع من االستثمارات المعتمدة كليا على العائدات النفطية،
األمر الذي جعل منه اقتصادا هشا ،وعرضة ألي صدمة خارجية .فبمجرد انهيار أسعار النفط مع حلول
النصف الثاني من عقد الثمانيات ،والذي تزامن مع تراجع قيمة الدوالر األمريكي باعتباره العملة الرئيسة في
المعامالت التجارية مع الخارج ،انقلب الوضع رأسا على عقب؛ حيث كان لهذه التطورات الوقع الكبير على
االقتصاد الجزائري ،بكشفها عن ضعف وهشاشة نظام التمويل والتراكم في القطاع الصناعي العمومي .أما
بوادر االنهيار فتجلت في ظهور العجز في الموازنة العامة ،واللجوء لالقتراض الخارجي ،وما رافقه من ارتفاع
في خدمة الدين ،وانخفاض في قيمة الواردات ،4ليتقلص بذلك حجم اإلنتاج الوطني نتيجة ندرة موارد التجهيز
والسلع االستهالكية ،ويصاحبه تراجع هام في حجم االستثمارات ،التي لم تتجاوز قيمتها الفعلية حد الـ 370
مليار دج ،بينما كان االعتماد المالي للمخطط الجاري تنفيذه في حدود 550مليار دج .أما مفرزات هذا
الوضع المعقد ،فقد عكسها تدهور مختلف المؤشرات االقتصادية الكلية ،وأهمها معدالت النمو االقتصادي
التي سجلت مستويات إسمية وحقيقية جد متدنية ،وصلت لحد بلوغها قيما سالبة خالل السنوات التي أعقبت
الصدمة النفطية المذكورة.5
1أحمين شفير" ،) 1999( .التحوالت االقتصادية واالجتماعية وآثارها على البطالة والتشغيل في بلدان المغرب العربي" ،منظمة العمل العربية ،المعهد
العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل بالجزائر ،مطبعة النور ،القليعة ،ص.133 .
2أنظر الجدول ( )15-Iمن الملحق ).(I
3تفاصيل أدق ،ضمن الجدول ) (20-Iمن الملحق ) ،(Iوالشكل ( )4.3أعاله.
4انتقلت نسبة خدمة الدين إلى مجموع مداخيل العملة الصعبة من ( )35%سنة 1985إلى ( )75,25%سنة .1989بينما انتقلت قيمة الواردات من 2,2
مليار دوالر سنة 1986إلى 1مليار دوالر سنة .1987لتفاصيل أوفر وأدق ،أنظر - :أحمين شفير ،)1999( .ص.135 .
5تفاصيل أوفر ،موجودة ضمن- Ben Bitour Ahmed. (1999), "L'expérience Algérienne de développement 1962-1991, :
Leçon Pour l'avenir", Collection carrefour d'échanges, Edition technique de l'entreprise, ISGP Edition, Alger.
-تفاصيل أدق ،يعرضها الجدول ) (20-Iمن الملحق ) ،(Iوالشكل ( )4.3أعاله.
163
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
ب .تحليل تطور الناتج الداخلي الخام ونموه في ظل اإلصالحات االقتصادية (:)1999-1990
بعد االنهيار الذي شهدته أسعار النفط العام ،1986اتضحت عواقب االعتماد المفرط للسياسة االقتصادية
التنموية على العائدات النفطية التي تخضع لعوامل خارجية ال يمكن التحكم فيها؛ والنتيجة كانت وضع
اقتصادي صعب ومترد ،ميزه اختالل التوازنات االقتصادية الكبرى ،وارتفاع حجم الديون الخارجية وخدمتها.
فبانهيار أسعار النفط انهارت قدرة االقتصاد الجزائري على تمويل االستثمارات المخططة ،وتوفير التجهيزات
الالزمة لتنفيذ الخطط التنموية المنتهجة ،ليدخل االقتصاد المعني بذلك مرحلة من االختالالت الهيكلية،
واالنكماش وتراجع النمو االقتصادي ،الذي تعددت انعكاساته على كل من الجانبين االجتماعي واالقتصادي،
وأظهرت بجالء عدم إمكانية تحمل اقتصاد موجه يعتمد على عائدات نفطية تتحكم فيها عوامل خارجية.1
الوضع الموصوف شكل دافعا قويا لتغيير االستراتيجية التنموية المنتهجة ،ودخول مرحلة من اإلصالحات
االقتصادية المقيدة ،تحت إشراف مؤسسات "بريتن وودز" بداية من العام ،1988حيث تم وقف تنفيذ خطة
التنمية الجارية ،وتبني برنامج تصحيح اقتصادي يهدف إلى إعادة توجيه الهيكل األساسي لالقتصاد الجزائري
نحو اتجاه أكثر توافقا مع اقتصاد السوق ،من خالل االهتمام بإعادة الهيكلة التنظيمية للمؤسسات العمومية،
مع التطهير المالي لهذه األخيرة .غير أن افتقار هذه اإلصالحات لرؤية شاملة ،باستهدافها أساسا إعادة
التوازن لميزان المدفوعات ،وعدم إيالئها أي أهمية ألهداف النمو االقتصادي ،إضافة إلى الضائقة المالية
التي رافقتها ،جعلها تأتي مصحوبة بانعكاسات سلبية على معدالت النمو االقتصادي الحقيقية ،التي سجلت
قيما جد متدنية ،لدرجة تسجيلها مستويات سالبة سنوات ،1993 ،1991و.21994
بحلول العام 1994كان االقتصاد الجزائري قد وصل درجة االختناق ،ببلوغ ثقل المديونية حد الـ ()84%
من إجمالي مداخيل الصادرات ،بينما تجاوز عجز الموازنة العامة عتبة الـ 160مليار دج عام ،1993في
حين سجلت معدالت النمو االقتصادي الحقيقية مستويات سالبة؛ لتجد الجزائر نفسها مجبرة –أمام هذا
الظرف المعقد -على توقيع اتفاق االستعداد االئتماني Stand-byالثالث ،ثم قبول بنود برنامج التعديل
الهيكلي (اتفاق اإلئتمان الموسع) المفروض عليها من طرف صندوق النقد الدولي ،كوصفة لعالج
االختالالت الهيكلية التي كان يعاني منها اقتصادها .3هذا البرنامج ،وباإلضافة إلى النتائج الهامة التي حققها
1
Brahimi .A. (1999), "les réformes économiques: implication sociales", Revue Algérienne du Travail, N0. 24. P. 38.
2أنظر الجدول ) (20-Iمن الملحق ) ،(Iوالشكل ( )4.3أعاله.
3تضمن هذا البرنامج تخفيض الطلب الداخلي عن طريق تخفيض النفقات الداخلية ،تخفيض العملة الوطنية ،إعادة جدولة الديون ،خوصصة القطاع
العمومي ،تحرير التجارة الخارجية ،تسريح العمال ،وتحرير األسعار .تفاصيل أدق فيما يتعلق بالمحتوى التطبيقي لبرنامج التعديل الهيكلي ،موجودة
ضمن - :بن شهرة مدني" ،)2009( .اإلصالح االقتصادي وسياسة التشغيل :التجربة الجزائرية" ،الطبعة األولى ،دار الحامد للنشر والتوزيع ،عمان-
األردن ،ص ص.160-130 .
164
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
فيما يتعلق بمسألة الديون والتوازنات المالية1؛ يعد تسجيل معدالت النمو االقتصادي –في ظل سياسة مالية
مقيدة وصارمة -مستويات حقيقية إيجابية ،من أبرز النتائج اإليجابية التي حققها؛ حيث قدرت هذه المستويات
بـ ) (3,80%سنة ،1995ثم ) (4,10%عام ،1996بينما بلغت أقصى حد لهاِّ ،
قدر بـ ) (5,10%خالل العام
.1998والجدير بالمالحظة من خالل استقراء قيم معدالت النمو اإلسمية والحقيقية -والتي يعرضها الجدول
) (20-Iمن الملحق ) -(Iخالل الفترة ( ،)1998-1990هو اتساع الفجوة بين المستويات اإلسمية ونظيرتها
الحقيقية لهذه المعدالت ،ومرد ذلك هو ارتفاع المستويات العامة لألسعار ومعدالت التضخم ،التي بلغت
أعتى مستوياتها خالل سنوات الفترة المذكورة ،قبل تأخذ في التراجع بداية من العام ،1997نتيجة تطبيق
برامج اإلصالح االقتصادي التقشفية ،لتضيق معها الفجوة بين معدالت النمو االقتصادي اإلسمية والحقيقية.2
ج .تحليل تطور الناتج الداخلي الخام ونموه خالل فترة اإلنعاش االقتصادي (:)2014-2000
تعتبر فترة ما بعد اإلصالحات بمثابة نقطة التحول الرئيسية في مسيرة االقتصاد الجزائري ،حيث دخل
هذا األخير بعد انتهاء برنامج التصحيح الهيكلي مرحلة جديدة ،ميزها تحول جذري لتوجه السياسة االقتصادية
بشكل عام ،والسياسة المالية على وجه الخصوص ،من سياسة تقشفية صارمة إلى سياسة توسعية من أجل
دعم النمو االقتصادي وانعاشه .وهو التحول الذي لم يكن -في واقع األمر -مبرمجا ومخططا له ،بقدر ما
كان ناتجا عن تغيرات وتحوالت خارجية ،ال سلطة عليها؛ فبعد حالة الالإستقرار التي سادت االقتصاد
الجزائري منذ أزمة انهيار أسعار النفط عام ،1986جاءت عودة هذه األسعار لالنتعاش التدريجي بداية من
الثالثي األخير للعام ،1999لتضفي نوعا من الراحة المالية ،وتساهم في إرساء دعائم االستقرار النقدي
والمالي ،الذي تجلى في تراكم اإلدخار المالي ،والتحسن الملحوظ في سيولة البنوك؛ وبالتالي تحسن شروط
تمويل االقتصاد ،والتي تم استغاللها في بعث النشاط االقتصادي ،من خالل سياسة مالية توسعية تنموية،
ذات طابع كينـزي تهدف إلى تنشيط الطلب الكلي ،عن طريق تحفيز المشاريع االستثمارية العمومية الكبرى.
التوسع المالي المنتهج تجسد من خالل إقرار مجموعة من البرامج اإلستثمارية التنموية المتتابعة ،التي
كان من بين أهم أهدافها رفع معدالت النمو االقتصادي والتوظيف .فبعد سنوات متتالية كرست توجه التقشف
والصرامة المالية ،اتسمت السياسة االقتصادية الجزائرية بالحذر خالل الفترة ( ،)2000-1999قبل أن يسمح
تزايد المؤشرات اإليجابية حول الوضعية المالية بالعودة النتهاج مسار التوسع ،من خالل ما أطلق عليه اسم
برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي ( .)2004-2001وقد رافق هذا البرنامج ،والتوسعات المالية التي صاحبته،
1لتفاصيل أوفر بشأن نتائج وآثار برنامج التعديل الهيكلي على االقتصاد الجزائري ،أنظر - :أحمين شفير ،)1999( .ص.156-138 .
2أنظر :الجدول ) ،(20-Iوالجدول ) (21-Iمن الملحق ).(I
165
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
انتعاشا ملحوظا لالقتصاد الجزائري ،وتحسنا في معظم المؤشرات االقتصادية الكلية ،ومن بينها معدالت
النمو االقتصادي .وفي هذا الصدد ،تظهر المعطيات المستسقاة من مختلف التقارير اإلحصائية –على غرار
التقارير السنوية لبنك الجزائر -أن االقتصاد الجزائري استعاد نموه خالل السنوات األولى من األلفية الثالثة،
حيث سجلت معدالت نمو الناتج الداخلي الخام اإلسمية والحقيقية في إطار برنامج دعم اإلنعاش االقتصادي
-الذي كان هدفه العملي المعلن هو إعادة تنشيط الطلب ودعم النشاطات التي تنتج أو توفر القيمة المضافة
ومناصب الشغل -مستويات جد إيجابية ،إذ انتقلت المعدالت اإلسمية من ) (2,51%عام ( 2001بعد تراجع
كبير مقارنة بالعام )2000إلى ) (22,21%عام ،2004بينما بلغت المعدالت الحقيقية أقصى قيمة لها ق ِّدرت بـ
) (7,20%عام ،2003في حين بلغ متوسط معدل النمو الحقيقي للفترة ( )2004-2001ما يقارب الـ )،(5,00%
وهو أعلى من متوسط معدل النمو الحقيقي المحقق خالل الفترة ( ،)2000-1995والذي قدر بـ ).(3,52%
في ذات السياق ،وانعكاسا لسياسة اقتصادية مكملة لسياسة اإلنعاش االقتصادي ،تهدف بشكل أساسي
إلى رصد حجم أكبر من اإلستثمارات ،بغية دعم البرنامج السابق ،واعطائه صبغة الفعالية واالستم اررية؛ وكذا
من أجل حشد الموارد المالية المتاحة -في ظل تواصل ارتفاع أسعار النفط -لمواصلة جهود إنعاش النمو في
جميع قطاعات النشاط؛ تم إقرار برنامج تكميلي لدعم النمو يغطي الفترة ( ،)2009-2005بلغت قيمته
اإلجمالية النهائية حوالي سبع ( )7أضعاف قيمة البرنامج الذي سبقه ،وبعده برنامج استثماري أضخم من
سابقيه لتوطيد النمو االقتصادي ،غطى الفترة ( .)2014-2009وفي إطار هذين البرنامجين ،سجلت معدالت
نمو الناتج الداخلي الخام اإلسمية والحقيقية قيما متذبذبة خالل الفترة ( ،)2014-2005حيث تراوحت المعدالت
اإلسمية بين حد أدنى سالب قدره ) ،(-9,74%س ِّجل عام ( 2009نتيجة التراجع الذي طال أسعار النفط) ،وحد
أقصى قدره ) ،(21,65%س ِّجل عام ( 2011نتيجة انتعاش أسعار النفط)؛ وباستثناء العام 2005أين ق ِّدر
المعدل الحقيقي للنمو بـ ) ،(5,90%تراوحت المعدالت الحقيقية بين ) (1,60%كحد أدنى شهده العام ،2009
وما يقارب ) (3,80%كحد أقصى س ِّجل عند نهاية تنفيذ برنامج توطيد النمو .1ويعود هذا التذبذب أساسا إلى
النمو غير المطرد للقيمة المضافة لقطاع المحروقات ،وبدرجة أقل لقطاعي الصناعة والفالحة.2
من خالل التحليل أعاله ،يتجلّى أنه قد تم تبني سياسة إنفاقية توسعية خالل الفترة ( ،)2014-2001بهدف
التخفيف من حدة اآلثار السلبية لبرنامج التعديل الهيكلي؛ وقد نجحت هذه السياسة في مسعاها إلى ٍّ
حد ما ،إذ
أنها أدت إلى تحسن بعض المؤشرات االقتصادية الكلية ،وضمنها معدالت النمو االقتصادي .غير أنه جدير
166
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
بالمالحظة ،أن معدالت النمو المحققة خالل الفترة المذكورة تعد متواضعة إذا ما قورنت بحجم االستثمارات
المرصودة مع تعاقب البرامج اإلستثمارية المنفذة؛ حيث تم إنفاق متوسطا سنويا في مجال اإلستثمار ال يقل
عن نسبة ) (10%من الناتج الداخلي الخام ،في حين لم يتجاوز معدل النمو الحقيقي السنوي حاجز الـ )(5%
إال سنوات ،2003 ،2002و .2005وهذه الوضعية تكشف عن اختالل وغياب للفعالية في النظام االقتصادي
السائد؛ فضخ نسبة ) (10%من االقتصاد الجزائري ،ثم الحصول على ما ال يتجاوز ) (3,70%كمتوسط سنوي
لمعدل نمو الناتج الحقيقي ما بين عامي 2001و ،2014يعني أنه لم يتم تحقيق أي نتيجة فعلية؛ وخاصة إذا
ما استبعدنا قطاع المحروقات الذي بلغ متوسط نسبة مساهمته في تكوين الناتج الداخلي الخام خالل الفترة
المعنية ،ما يقارب ) .(36,50%وهو ما يكشف بدوره عن وجود خلل في البرامج الحكومية المسطرة ،السيما
في ظل غياب قطاع صناعي وانتاجي قوي ،مع ضعف فعالية القطاع العمومي ،وغياب المبادرة الخاصة.
في األخير ،يتضح أن خالصة التحليل السابق ال تخرج عن نطاق تأكيد تبعية النمو االقتصادي في
الجزائر لتقلبات أسعار النفط ،ومعاناة االقتصاد الجزائري من مفارقة الوفرة ولعنة الموارد .فهذا األخير ،ورغم
المخططات والبرامج التنموية المتبعة ،واإلصالحات المنتهجة ،لم يخرج عن نطاق أحادية اإلنتاج والصفة
الريعية؛ رغم التأكيد على ضرورة اكتساب الميزة النسبية من خالل استغالل العائدات والفوائض المالية الناتجة
عن ازدهار القطاع النفطي ،والعمل على االستفادة من دروس العلة الهولندية ،من أجل حماية االقتصاد من
التقلبات الناجمة عن خضوعه لحركة وتقلبات أسعار النفط ،التي تخضع لعوامل خارجية ال سلطة عليها.
.2.2انعكاسات حركة أسعار النفط وتوجهات السياسة المالية على المستوى العام لألسعار (:)2014-1970
من خالل التحليل السابق ،اتضحت مدى حساسية االقتصاد الجزائري للتغيرات في أسعار النفط ،أين
ظهر بجالء أن الصدمات اإليجابية أو السلبية في هذه األسعار تعد من المحددات الرئيسية لتوجهات النشاط
االقتصادي الحقيقي ،باعتبارها المحدد األهم لدورات التوسع والركود في االقتصاد المعني .وعلى غرار النشاط
االقتصادي الحقيقي ،يفترض أن تكون تقلبات أسعار النفط –ومن ثم العائدات النفطية -من بين المحددات
األساسية للنشاط االقتصادي اإلسمي ،من خالل تأثيرها المباشر على المستوى العام لألسعار ومعدالت
التضخم .فبتتبع مالمح التضخم في االقتصاد الجزائري ،نجد أن هذا األخير قد عانى من تقلبات سعرية
وضغوط تضخمية حادة ،أخذت في التطور بشكل ملفت للنظر مع حلول النصف الثاني من عقد الثمانيات
من القرن الماضي ،الذي تزامن مع أزمة انهيار أسعار النفط؛ بينما بلغت هذه الضغوط أعتى مستوياتها
خالل عقد التسعينات ،في ظل تبعات األزمة االقتصادية الناتجة عن تراجع أسعار النفط ودخول االقتصاد
167
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
الجزائري مرحلة انتقالية صعبة من اإلصالحات ،للتحول من االقتصاد المخطط الموجه نحو اقتصاد السوق،
وما رافقها من تراجع على شتى األصعدة والمستويات ،والذي شمل العجز المسجل في ميزان المدفوعات
وانخفاض حجم االحتياطات األجنبية نتيجة تراجع الصادرات؛ إضافة إلى ارتفاع حجم اإلصدار النقدي مع
تراجع قيمة العملة الوطنية ،وتراجع معدالت النمو االقتصادي وارتفاع معدالت البطالة.
.1.2.2نظرة على تطور نظام األسعار في االقتصاد الجزائري خالل الفترة (:)2014-1970
يعرف التضخم على أنه ارتفاع دائم ومستمر في المستوى العام لألسعار؛ ومعدل التضخم هو معدل نمو
مستوى األسعار .1لذا يعد البحث في تحركات األسعار أمر شديد األهمية للوقوف على االتجاهات التضخمية
ألي اقتصاد؛ فإذا اتضحت حركة الصعود المستمر والمتواصل في مستويات األسعار ،دل ذلك على وجود
مظهر من مظاهر التضخم.
ًا قوى تضخمية في االقتصاد المعني ،وذلك على اعتبار أن ارتفاع األسعار يعد
وقبل تناول مختلف التطورات التي شهدها المستوى العام لألسعار في االقتصاد الجزائري خالل الفترة التي
تشملها الدراسة الحالية ،سنعمد إلى إلقاء نظرة على تطور نظام األسعار المطبق خالل كل مرحلة من مراحل
تطور االقتصاد المعني؛ أين نجد أنه يمكننا التمييز -في هذا الصدد -بين مرحلتين أساسيتين تتضمنان:
خالل مرحلة االقتصاد الموجه ،كانت األسعار تحدد من طرف جهاز التخطيط الذي لعب دو ار محوريا
في تنظيم وتوجيه النشاط االقتصادي .وفي بداية هذه المرحلة -وعلى امتداد فترة الرباعيين األول والثاني-
عوضت سياسة تثبيت األسعار التي سادت المرحلة السابقة ،بالسياسة االنتقائية لألسعار ،التي اعتمدت على
مراقبة ظروف تكوين األسعار من طرف السلطات العمومية ،لغرض المحافظة على استقرار مستوياتها ،والحد
من الضغوط التضخمية ،خدمةً لألهداف اإلجمالية للنمو ،وحمايةً للقدرة الشرائية للمستهلك .ولتجسيد كل ما
ذكر ،حددت أربعة أنظمة سعرية ،بموجب المرسوم رقم 37-75المؤرخ في 29أبريل ،1975المتضمن سياسة
األسعار المخططة ،التي دام العمل بها إلى غاية أكتوبر .21982
أول األنظمة المعتمدة تمثل في نظام األسعار المحددة (أو الثابتة)؛ والذي بموجبه كانت أسعار المواد
األساسية ذات اإلستهالك الواسع ،على غرار المنتجات الفالحية ذات التكاليف الثابتة نسبيا ،تحدد –خالل
فترات محددة -من طرف اإلدارة المركزية ،بصورة موحدة عبر كافة التراب الوطني .كما كان نظام األسعار
1عمو ًما يتم قياس مستوى األسعار باستخدام نوعين من مؤ ّشرات األسعار هما ،معامل انكماش الناتج الداخلي الخام ) ،(GDPDومؤشر أسعار
االستهالك ).(CPI
- Blanchard. O., et D. Cohen. (2004), "Macroéconomie", 3e édition, Pearson Education France, Paris, PP. 28-29
2
Youcef Deboud. (1995), "le nouveau mécanisme économique en Algérie", OPU, Alger, PP. 85-86.
168
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
الخاصة من بين األنظمة المعتمدة فيما يتعلق ببعض المنتجات التي كانت تحظى بدعم الدولة ،على غرار
المنتجات الزراعية ذات التكاليف المرتفعة نسبيا ،وبعض المنتجات الصناعية المستخدمة في اإلنتاج
الزراعي ،والتي كان يتم تغطية الفرق بين سعرها الخاص وسعر تكلفتها عن طريق اإلعانات الحكومية .وفي
ظل تذبذب أسعار مواد البناء والصناعات المعدنية والحديدية ،الناتج عن تذبذب أسعار المواد المستوردة ،تم
اعتماد نظام األسعار المثبتة ،الذي خص أسعار المنتجات المذكورة ،وذلك بهدف التحكم في تكلفة المشاريع
االستثمارية المخططة .في حين شهدت هذه المرحلة اعتماد نظام األسعار المراقبة ،ليشمل كل المنتجات التي
لم تشملها األنظمة المذكورة أعاله؛ والذي تراقب بموجبه األسعار من خالل فرض ضرائب وتعريفات ،أو
وضع حد أقصى لألسعار ،أو تحديد هوامش األرباح.
مع حلول عقد الثمانينات من القرن العشرين ،والذي تزامنت بدايته مع انطالق المخطط الخماسي األول،
وبالرغم من اإلبقاء على نظام األسعار السائد ،إال أن هذه األخيرة قد أخضعت لجملة من التوجيهات الجديدة،
بهدف ربطها بتكاليف اإلنتاج ،مع السعي لتخفيض هذه األخيرة إلى مستويات تتماشى ومتطلبات التسيير
االقتصادي .غير أن التوجيهات المعتمدة لم ِ
تأت بنتائج مرضية ،إذ لم ِّ
تحدد نظام أسعار متجانس يسهل
التحكم فيه؛ ليتم –بداية من أكتوبر -1983تبني نظام جديد لألسعار يتوافق ومتطلبات المرحلة الراهنة،
ضمن ما سمي بنظام حقيقة األسعار ،الذي تم تجسيده من خالل نظامين أساسيين لألسعار؛ تمثال في نظام
األسعار المثبتة والمحددة مركزيا ،الذي خص السلع والخدمات االستراتيجية األساسية وكذا المنتجات ذات
االستهالك الواسع ،باإلضافة إلى نظام األسعار المراقبة ،الذي شمل السلع والخدمات غير الخاضعة للنظام
آثار اقتصادية واجتماعية من شأنها اإلخالل باألهداف الكبرى لالقتصاد الوطني ،وقد
األول ،والتي ال تحدث ًا
د ِّع م هذا النظام بميكانيزمات التعويض وتعديل األسعار ،حيث تم إنشاء صندوق تعويض األسعار عام
،1982من أجل تجنب االختالالت المرافقة لسياسة تحديد األسعار.1
ب .نظام األسعار في ظل التحول نحو اقتصاد السوق وما بعده (منذ العام :)1990
في سياق اإلصالحات االقتصادية التي تبنتها الجزائر ،وفي إطار التحول من االقتصاد الموجه نحو
اقتصاد السوق ،كان من الضروري تبني سياسة أسعار متطابقة مع مقتضيات وخصوصيات المرحلة
المعاشة .وفي هذا الصدد تم انتهاج سياسة سعرية حِّررت من خاللها أسعار أغلب المنتجات والخدمات،
بينما تم رفع الدعم الحكومي لألسعار بشكل تدريجي ،وذلك بموجب نظام األسعار الذي تم اعتماده بداية من
1
Bali Hamid. (1993), "Inflation et mal développement en Algérie", OPU, Alger, PP. 100-101.
169
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
يوليو ،1989والذي ارتبطت ضمنه أسعار كل المنتجات والخدمات إما بنظام األسعار المقننة (المنظمة) ،أو
نظام التصريح باألسعار.1
في ذات السياق ،قام نظام األسعار المقننة على ضمان األسعار عند مرحلة اإلنتاج لمجموعة من
المنتجات االستراتيجية ،التي يتطلب إنتاجها التشجيع أو الحماية أو التحفيز (إذ تمثل سعر اإلنتاج المضمون
في سعر أدنى يحدد قبل اإلنتاج)؛ و/أو تسقيف األسعار والهوامش ،وذلك إما من خالل التدخل المباشر
للدولة في تحديد سقف سعري لمجموعة من السلع والخدمات التي تخولها أسبقية اقتصادية واجتماعية ،و/أو
من خالل التدخل غير المباشر عن طريق تسقيف الهوامش فيما يتعلق بهذه المنتجات على مستوى المنتجين.
في حين أخضعت جميع السلع والخدمات التي لم يشملها نظام األسعار المقننة إلى نظام التصريح باألسعار،
حيث تكون المنتجات الخاضعة لهذا النظام محل تصريح بسعر البيع عند اإلنتاج لدى السلطات الوصية،
بينما يمكن أن تقترن هذه السلع والخدمات عند االقتضاء بتحديد للحد األعلى لهوامش التوزيع.2
بعد ذلك ،كان من بين األهداف الرئيسية لبرنامج التعديل الهيكلي ،تحرير األسعار ،والغاء الدعم وكافة
أشكال التدخل اإلداري في أداء األسعار ،قصد إزالة التشوهات السعرية ،وتمكين ميكانيزمات السوق من
تنظيم أسعار السلع والخدمات عن طريق قانون العرض والطلب .وقد حدد البرنامج مدة ثالث سنوات لتحرير
أسعار كل السلع والخدمات ،ليتم تحرير أسعار منتجات القطاع العام على مراحل ،ثم الرفع التدريجي
لألسعار المحلية للمنتجات الغذائية والطاقة؛ بينما تم –في هذا الصدد -إصدار األمر رقم 06-95المؤرخ في
25يناير ،1995المتعلق بالمنافسة ،والذي نص صراحة على أن أسعار السلع والخدمات تحدد بصفة حرة
وفقا لقواعد المنافسة ،مع إمكانية تدخل الدولة (بعد استشارة مجلس المنافسة) لتقييد المبادئ العامة لحرية
األسعار ،من خالل تحديد أسعار بعض السلع والخدمات التي تعتبرها ذات طابع استراتيجي .3غير أنه أعيب
على األمر رقم 06-95عدم منعه للممارسات المقيدة المنافسة ،وعدم توضيحه لبعض المفاهيم واإلجراءات
التي تكفل التطبيق السليم للقواعد التي جاء بها؛ ومن هنا ظهرت الحاجة إلى قانون جديد يأخذ بعين االعتبار
أوجه النقص السابقة ،وهو ما جاء به األمر رقم 03-03المؤرخ في 19يوليو 2003المتعلق بالمنافسة،4
والذي تم تعديله هو اآلخر مرتين بموجب القانون رقم 12-08المؤرخ في 25جوان ،2008المعدل والمتمم ،ثم
1
Youcef Deboud,) 1995(, P .87.
2تفاصيل أدق ،ضمن :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم 12-89المؤرخ في 02ذي الحجة 1409هـ الموافق لـ 05يوليو 1989م،
يتعلق باألسعار ،الجريدة الرسمية ،العدد ،29الصادر بتاريخ 19يوليو ،1989ص ص.765-757 .
3مزيد من التفاصيل ،ضمن :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،أمر رقم 06-95المؤرخ في 23شعبان 1415هـ الموافق لـ 25يناير 1995م،
يتعلق بالمنافسة ،الجريدة الرسمية ،العدد ،9الصادر بتاريخ 22فبراير ،1995ص ص.14-13 .
4تفاصيل أوفر ،ضمن :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،األمر رقم 03-03المؤرخ في 19جمادى األولى 1424هـ الموافق لـ 19يوليو
2003م ،يتعلق بالمنافسة ،الجريدة الرسمية ،العدد ،43الصادر بتاريخ 20يوليو ،2003ص ص.28-25 .
170
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.2.2.2تقلبات أسعار النفط وتوجهات السياسة المالية واتجاه المستوى العام لألسعار :نظرة تحليلية.
يعتمد في معظم اقتصاديات بلدان العالم على مؤشر أسعار االستهالك ) (Consumer Price Indexلتقييم
االتجاهات العامة للتضخم والمستوى العام لألسعار ،ويتفق خبراء االقتصاد على أهمية هذا المؤشر باعتباره
مقياسا لمعدل التضخم بالنظر إلى أنه يعبر عن تكلفة المعيشة ،ويصور التدهور الذي قد يطال القوة الشرائية
للنقود ،إذ يستعمل في أهداف تقييس الرواتب واألجور ،إضافة إلى توفر أغلب الموارد اإلحصائية بشأنه
عادة .2وكذلك هو الحال بالنسبة للجزائر ،أين يعد مؤشر أسعار االستهالك وسيلة أساسية لقياس التضخم في
االقتصاد الجزائري ،باعتبار أنه يعكس وضعية القدرة الشرائية للعائالت الجزائرية ،بينما يعد االرتفاع المستمر
مظهر هاما من مظاهر التضخم .في حين يتم حساب هذا المؤشر شهريا من طرف
ًا في أسعار االستهالك
الديوان الوطني لإلحصائيات ) ،(NOSباعتماد سلة تضم ( )260سلعة وخدمة مركزة بشكل قوي باتجاه المواد
الغذائية والمشروبات غير الكحولية ،التي تمثل ما يتجاوز الـ ( )44%من سلة اإلستهالك لدى العائالت
الجزائرية .ويحسب هذا المؤشر وفقًا لصيغة السبير ) ،(Laspeyres Formulaباتخاذ سنة معينة كسنة
مرجعية ،أما األوزان فتعتمد على نتائج التحقيقات الميدانية بشأن اإلنفاق العائلي على المستوى الوطني.3
بناءا على تعريف وخصائص مؤشر أسعار االستهالك المذكورة أعاله ،يتضح أن العوامل المؤثرة في
أسعار الغذاء تطغى على حركات واتجاهات هذا المؤشر ،والشك أن حركة وتقلبات أسعار النفط ،وكذا
إجراءات وتوجهات السياسة المالية المرافقة لها تعد من أهم هذه العوامل ،إضافة إلى عوامل أخرى عديدة
على غرار توجهات واجراءات السياسة النقدية ،حركة سعر الصرف ،أسعار الواردات ،العوامل والظروف
المناخية وغيرها .وضمن هذا اإلطار ،سنعمد فيما يلي إلى عرض وتحليل التطورات التي شهدها المستوى
العام لألسعار ومستويات التضخم في االقتصاد الجزائري خالل الفترة محل الدراسة ،وذلك من خالل تحليل
تطورات مؤشر أسعار اإلستهالك -المحسوب باعتبار السنة 2001كسنة أساس ( -)2001=100ومعدالت
نموه التي تمثل معدالت التضخم في االقتصاد محل الدراسة.
1تفاصيل أدق وأوفر ،موجودة ضمن - :الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم 12-08المؤرخ في 21جمادى الثانية 1429هـ الموافق
لـ 25يونيو 2008م ،يعدل ويتمم األمر رقم 03-03المؤرخ في 19جمادى األولى 1424هـ الموافق لـ 19يوليو 2003م ،والمتعلق بالمنافسة ،الجريدة
الرسمية ،العدد ،36الصادر بتاريخ 2يوليو ،2008ص ص.15-11 .؛ -الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون 05-10مؤرخ في 5
رمضان 1431هـ الموافق لـ 15غشت 2010م ،يعدل ويتمم األمر رقم 03-03المؤرخ في 19جمادى األولى 1424هـ الموافق لـ 19يوليو 2003م،
والمتعلق بالمنافسة ،الجريدة الرسمية ،العدد ،46الصادر بتاريخ 18غشت ،2010ص ص.11-10 .
2عبد الفضيل محمود" ،)1982( .مشكلة التضخم في االقتصاد العربي :الجذور والمسببات واألبعاد والسياسات" ،مركز دراسات الوحدة العربية،
بيروت ،ص.18 .
3صالح تومي" ،)2005( .دور المؤشرات السابقة والموجهة في تحديد المسار التضخمي في الجزائر" ،مجلة علوم االقتصاد والتسيير والتجارة (جامعة
الجزائر) ،العدد ،2005-13 .ص ص.28-9 .
171
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
الشكل ( :)5.3تطور مؤشر أسعار االستهالك ) (2001=100ومعدل التضخم مع حركة سعر النفط الخام
خالل الفترة (.)2014-1970
200
160
120
80
40
0
1970 1975 1980 1985 1990 1995 2000 2005 2010
)CPI (2001=100
)INFLATION (%
)OIL PRICE ($PB
المصدر :تم إعداد الشكل باالعتماد على المعطيات الواردة في الجدول ( )21-Iمن الملحق (.)I
النظرة األولية بشأن تطورات معدالت التضخم والمستوى العام لألسعار خالل الفترة (،)2014-1970
والمستسقاة من خالل األرقام والبيانات الواردة في الشكل ( )5.3أعاله ،والجدول ( )21-Iمن الملحق ) ،(Iتوحي
باختالف وتيرة الزيادة في هذه األخيرة ،وكذا التذبذب الكبير في معدالت التضخم؛ ففي البداية سارت الوتيرة
بصورة بطيئة نسبيا خالل مرحلة االقتصاد الموجه ،التي شملت المرحلة ( )1989-1970ضمن مجال الفترة
محل الدراسة ،مع ما تضمنته هذه الفترة -التي عرفت بفترة التضخم المكبوت -من سياسة تحديد ،تثبيت،
ودعم ومراقبة لألسعار ،في ظل ظروف ميزها تراكم الفوائض المالية الناتج عن انتعاش أسعار النفط ،خاصة
خالل عقد السبعينات وبداية الثمانينات .بعدها دخلت األسعار مرحلة من التزايد العنيف ،في أعقاب األزمة
االقتصادية التي طالت االقتصاد الجزائري عقب الصدمة العكسية في أسعار النفط ،التي شهدها العام ،1986
ودخول االقتصاد المعني مرحلة جديدة إلصالح االختالالت الهيكلية التي حلت به ،والتحول من االقتصاد
الموجه نحو اقتصاد السوق ،أين بلغت معدالت الزيادة في األسعار أعتى مستوياتها ،في ظل ظروف ميزها
الرفع التدريجي للدعم الحكومي لألسعار وتحرير أسعار أغلب المنتجات والخدمات .ذلك قبل أن تشهد سنوات
نهاية تطبيق برنامج التعديل الهيكلي ،تراجعا ملحوظا في وتيرة نمو األسعار ومعدالت التضخم ،ليستمر هذا
التراجع خالل أغلب سنوات األلفية الثالثة ،والتي جاءت شاهدة على انتعاش غير مسبوق في أسعار النفط،
والذي رافقه تحسن ملحوظ في أغلب مؤشرات األداء االقتصادي الكلي ،وضمنها معدالت التضخم.
172
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
أ .تحليل تطور المستوى العام لألسعار ومعدالت التضخم في ظل االقتصاد الموجه (:)1989-1970
بشكل عام ،يمكن القول أنه قد ميز مرحلة االقتصاد الموجه -التي شملت الفترة ( -)1989-1970استقرار
نسبي في األسعار؛ حيث أدت القيود اإلدارية المفروضة على هذه األخيرة ،والضبط والتحديد الصارم لها إلى
كبت الضغوط التضخمية ،بينما تم انتهاج سياسة سعرية لعبت ضمنها الدولة دور المنظِّم و ِّ
المعدل لحركة
األسعار ،رغبة منها في حماية القدرة الشرائية للمستهلك؛ األمر الذي انعكس على معدالت التضخم التي لم
تتجاوز مستوى ( )8,30%في المتوسط خالل الفترة المذكورة .في حين كانت الزيادة في المستوى العام
لألسعار تتم بوتيرة بطيئة نسبيا ،رغم تسارعها من فترة ألخرى ومع مرور السنوات ،إذ انتقلت قيمة مؤشر
أسعار االستهالك –باعتباره مقياسا لمستوى األسعار -من ( )3,89%عام 1970إلى ( )4,97%سنة ،1975
بارتفاع ال يتعدى الـ ( )1,08نقطة ،بينما ارتفعت قيمة المؤشر المذكور بما يقارب الـ ( )2,25نقطة خالل
النصف الثاني من عقد السبعينات؛ وواصلت ارتفاعها بوتيرة أسرع نسبيا خالل النصف األول من عقد
الثمانينات ،حيث بلغ مقدار الزيادة حدود الـ ( )3,3نقطة ما بين عامي 1980و .1984غير أن النصف الثاني
من ذات العقد شهد استق ار ار أقل في األسعار ،في ظل مخلفات الصدمة النفطية العكسية ،وما تبعها اختالل
في التوازنات االقتصادية الكلية الكبرى ،وضمنها التوازنات المالية الداخلية ،كما أن العرض الكلي لم يكن
قاد ار على مسايرة النسق المرتفع للطلب الكلي ،مما أسفر عن تولد ضغوط تضخمية داخلية ،عبر عنها
ارتفاع مؤشر أسعار االستهالك بما يقارب الـ ( )5,11نقطة خالل الفترة ( ،)1989-1985وهي قيمة مرتفعة إذا
ما قورنت بالفترات السابقة.1
في الواقع ،جدير باإلشارة أنه خالل مرحلة االقتصاد الموجه بالذات ،شاب تحليل تطورات التضخم
والمستوى العام لألسعار من خالل تحليل حركة مؤشر أسعار االستهالك ،بعض النقائص التي تتعلق أساسا
بالمشاكل الناجمة عن اإلجراءات والضوابط اإلدارية التي عمدت السلطات الوصية إلى اتخاذها بشأن تحديد
وتثبيت األسعار ،وما رافقها من كبت للضغوط التضخمية؛ إضافة إلى عدم أخذ حركة أسعار السوق الموازية
بعين االعتبار .2وذلك على النحو الذي يجعلنا نعتقد أنه لو أخذت كل من رغبات اإلنفاق المكبوت ،وكذا
أسعار السوق السوداء لمختلف السلع والمنتجات ،بعين االعتبار عند حساب الرقم القياسي لألسعار ،لكانت
173
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
أرقام هذا المؤشر ستسجل قيما أعلى ،وسترتفع بمعدالت أكبر من تلك التي تحققت فعال ،وبالتالي كانت
ستعكس وضعية أسوء عن الضغوط التضخمية.
في هذا اإلطار ،نجد أن دعم األسعار والرقابة اإلدارية المباشرة عليها قد عمل على تقييد حرية هذه
األخيرة ،ومنعها من االرتفاع تحت ضغط توسعات الطلب الكلي التي رافقت توسعات السياسة المالية ،وكذا
استجابةً لضغط التوسعات الحاصلة في الكتلة النقدية ،التي أملتها االحتياجات التمويلية المتنامية لمشاريع
واستثمارات الخطط التنموية المنتهجة ،أمام عجز اإلدخار المحلي عن توفير االحتياجات الضرورية ،رغم
االنتعاش الذي شهدته أسعار النفط والعائدات النفطية خالل أغلب فترات المرحلة المعنية .وقد شكل توسع
الكتلة النقدية واإلصدار النقدي غير المراقب –إضافة إلى توسعات مكونات اإلنفاق الكلي من استهالك
خاص وعام وانفاق استثماري ،وكذا ارتفاع تكاليف اإلنتاج -وما أدى إليه من فائض في السيولة النقدية،
المسبب والمحرض األهم للضغوط التضخمية التي شهدها االقتصاد الجزائري خالل مرحلة االقتصاد الموجه؛
خاصة في ظل ضعف القطاع المصرفي ،والغياب شبه التام للسلطات النقدية والسياسة النقدية ،إذ لم يكن
للبنك المركزي –خالل هذه المرحلة -أي استقاللية في تحديد معالم هذه السياسة ،بينما ظل العرض النقدي
متغيرة خارجية تخضع لوضعية الموازنة العامة والدين العام ،مع االرتباط والتبعية شبه التامة لإلدخار
العمومي واالحتياطي النقدي لتقلبات أسعار النفط والعائدات النفطية.
ب .تحليل تطور المستوى العام لألسعار ومعدالت التضخم في ظل اإلصالحات االقتصادية (:)1999-1990
في الواقع -وكما سبقت اإلشارة إليه -لم يكن االستقرار الظاهري الذي شهدته األسعار خالل مرحلة
االقتصاد الموجه ،ناتجا عن تحكم حقيقي في حركة هذه األخيرة من خالل أدوات السياسة المالية والنقدية،
بقدر ما كان ناتجا عن التدخل الحكومي المباشر في تحديد ودعم أسعار شريحة واسعة من السلع والمنتجات؛
بينما عاد هذا االستقرار الوهمي في األسعار بتكاليف باهظة على خزينة الدولة .وهي التكاليف التي لم تعد
األخيرة قادرة على االستمرار في تحملها بعد االنهيار الذي طال أسعار النفط العام ،1986وما تبعه من
تراجع للعائدات النفطية ،وضيق وعسر مالي ،واختالالت هيكلية في التوازنات االقتصادية الكلية الكبرى
عامة ،والتوازنات المالية الداخلية على وجه الخصوص.
في ِخضم االختالالت الموصوفة ،جاءت نهاية ثمانينات القرن العشرين وبداية التسعينات ،شاهدة على
معاناة االقتصاد الجزائري من تقلبات سعرية حادة وضغوط تضخمية جامحة ،في ظل ظروف ميزها االنتقال
التدريجي من االقتصاد الموجه نحو اقتصاد السوق ،وتبني مجموعة من البرامج التي تتضمن رؤية صندوق
174
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
النقد الدولي إلصالح االختالالت الهيكلية ،واستعادة التوازنات االقتصادية الكلية والمالية؛ في حين أخذت
الحكومة في االنسحاب من التدخل المباشر في االقتصاد ،مع تقليص الدعم المقدم لألسعار والعمل على
تحرير هذه األخيرة؛ بينما تزامن ذلك مع انسياب التضخم الشديد الذي كانت تعاني منه االقتصاديات
الرأسمالية ،وكذا ارتفاع الطلب الكلي الذي كانت تغذيه السياسات المالية التوسعية ،وارتفاع األجور واعانات
اإلستهالك الضمنية ،وكذا السياسات النقدية التوسعية وما رافقها من إفراط في اإلصدار النقدي ،بالموازاة مع
عجز العرض الكلي على مسايرة االرتفاعات الحاصلة في الطلب ،في ظل االختالالت الناتجة عن ظروف
االقتصاد الجزائري المتخلف من حيث بنيانه اإلنتاجي ،وعدم كفاءة الجهاز اإلداري للمؤسسات العمومية .ذلك
باإلضافة إلى عمليات تخفيض العملة التي شرع في تنفيذها مع مطلع التسعينات ،وما صاحبها من تزايد في
تكلفة الواردات وكذا تكلفة خدمة الديون الخارجية ،لتساهم بذلك في التأزيم من وضعية عجز الموازنة العامة،
التي تزايدت معها خسائر المؤسسات العمومية ،في حين اضطرت الحكومة إلى زيادة المعروض من النقود
والوفرة النقدية لمعالجة تلك العجوزات الضخمة.
في ظل تضافر كل الظروف والعوامل سالفة الذكر ،وما نتج عنها من تقلبات سعرية وضغوط تضخمية،
سجلت معدالت التضخم ارتفاعات قياسية غير مسبوقة خالل النصف األول من تسعينات القرن الماضي؛
حيث يظهر في هذا الصدد –كما يبدوا من خالل بيانات الجدول ( )21-Iفي الملحق ) -(Iأن مؤشر أسعار
االستهالك ارتفع بنسبة كبيرة خالل الفترة ( ،)1995-1990إذ انتقل من ( )21,16%إلى ( ،)70,79%محققا
بذلك زيادة سنوية تقارب الـ ( )10نقاط في المتوسط .وهو الوضع الذي انعكس على معدالت التضخم التي
بلغت أعلى وأعتى مستوياتها خالل الفترة المعنية ،إذ انتقلت من ) (9,30%سنة 1989لتبلغ حدها األقصى
الذي قدر بـ ( )31,70%العام 1992؛ وبعد تراجع إلى حدود ) (20,50%عام ( 1993بعد إجراءات مراقبة
التوسع النقدي وما صاحبها من تراجع في الطلب الكلي) ،عادت هذه المعدالت للسير على نسق االرتفاع
عامي 1994و ،1995مسجلة مستويات ِّ
قدرت بـ ( )29%ثم ( )29,80%على التوالي.1
بعد ذلك شهدت سنوات فترة تنفيذ برنامج التعديل الهيكلي (اتفاق اإلئتمان الموسع) –الذي كان من أهدافه
الرئيسية الحد من ارتفاع معدالت التضخم -وكذا الفترة التي أعقبتها ،تراجعا ملحوظا ومستم ار في معدالت
التضخم (معدالت نمو مؤشر أسعار اإلستهالك) .فمع ما أملته توصيات صندوق النقد الدولي ،من خالل
1إضافة إلى العوامل المذكورة أعاله ،ترجع االرتفاعات األخيرة في معدالت التضخم إلى زيادة تحرير األسعار ،ورفع الدعم عن السلع المحددة في إطار
اتفاق االستعداد االئتماني الثالث ،حيث وصلت نسبة السلع ال ُمحررة أسعارها إلى ( )84%من إجمالي السلع ال ُمدرجة في مؤشر أسعار االستهالك .ذلك
باإلضافة إلى تخفيض قيمة الدينار الجزائري في أبريل ،1994بنسبة وصلت إلى ) .(40,17%أنظر:
-خالدي الهادي" ،)1996( .المرآة الكاشفة لصندوق النقد الدولي" ،دار الهومة للنشر ،الجزائر ،أبريل ،ص.209 .
175
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
مضمون البرنامج المذكور من سياسات مالية تقييدية تقشفية ،وتدابير واجراءات نقدية انكماشية متشددة
وصارمة ،وما رافقها من رفع ألسعار الفائدة إلى مستويات قياسية ،وتقليص للمداخيل (وال سيما األجور) في
ظل انتهاج سياسة دخول متشددة ،ومن ثم تراجع وتقلص في الطلب الكلي ،إضافة إلى العمل على زيادة
احتياطات الصرف لغرض تدعيم قيمة العملة الوطنية ،والتحكم في أخطار التضخم؛ تراجعت معدالت
التضخم من ) (29,80%سنة ،1995لتصل إلى حدود ( )5,00%مع نهاية البرنامج اإلصالحي المتبنى ،ثم
استمرت في االنخفاض وصوال إلى ما يقارب ( )2,60%عام .1999والملفت للنظر أن هذا التراجع في
معدالت التضخم تزامن مع إزالة كل التشوهات السعرية ،وتحرير أسعار عدد كبير من السلع والمنتجات،
والغاء الدعم الحكومي على مجموعة كبيرة من السلع اإلستهالكية ،باستثناء القليل منها؛ وهي النتائج التي
أكدت وعززت قدرة السلطة النقدية –ممثلة في مجلس النقد والقرض -على إدارة السياسة النقدية بكفاءة.
ب .تحليل تطور المستوى العام لألسعار ومعدالت التضخم خالل مرحلة ما بعد اإلصالحات (:)2014-2000
ار لنتائج تطبيق مضمون برنامج التعديل الهيكلي ،تواصلت ديناميكية تراجع األسعار ،وواصلت
استمر ا
معدالت التضخم انخفاضها ،بالغة أدنى مستوياتها المسجلة منذ االستقالل بحلول العام ،2000حيث قدرت
قيمة معدل نمو مؤشر أسعار اإلستهالك بـ ( .)0,30%غير أن الضغوط والموجات التضخمية عادت للظهور
مجددا بداية من العام ،2001بالموازاة مع ارتفاع حجم األرصدة النقدية الصافية الناجم عن انتعاش أسعار
النفط ،وما صاحبه من نمو في الكتلة النقدية ،نتيجة ضخ المزيد منها في إطار برنامج دعم اإلنعاش
االقتصادي ( ،)2004-2001إضافة إلى ما أدت إليه التوسعات في سياسة اإلنفاق العام ضمن البرنامج
األخير ،وكذا االرتفاعات في األجور ،من انتعاش وارتفاع في الطلب الكلي ،لتسجل بذلك معدالت التضخم
خالل فترة تنفيذ البرنامج المذكور -وباستثناء العام -12002مستويات ال تقل عن الـ ) .2(4,00 %ومع ذلك
تجدر اإلشارة إلى أن الضغوط التضخمية خالل هذه الفترة ،كانت أقل حدة مقارنة بالفترة التي سبقتها ،إذ أنها
بقيت في حدود مقبولة تتماشى مع نمو اقتصادي سليم؛ بينما تقلصت فعالية هذه الضغوط وكانت أقل
خطورة ،في ظل تقلص المديونية الخارجية وخدماتها ،وتحسن وضعية ميزان المدفوعات والميزان التجاري مع
التحسن واالنتعاش غير المسبوق الذي شهدته أسعار النفط ،والذي انعكس بدوره على وفرة مختلف أنواع
السلع والمنتجات ،ناهيك عن تقلص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي.
1خالل هذه السنة سجل معدل التضخم تراجعا ملحوظا بوصوله إلى حدود ) ،(1,30%ويرجع ذلك إلى زيادة النمو الذي عرفه القطاع الفالحي إلى جانب
تخفيضات الحواجز الجمركية ،واتباع سياسة نقدية ترمي إلى وضع حدود لنمو الكتلة النقدية وتقييد توزيع القروض المقدمة لالقتصاد ،إضافة إلى تكييف
العرض مع الطلب ،من خالل الزيادة المعتبرة التي شهدتها الواردات .أنظر :بيبي و ،.و ح .عطية" .)2016( .انعكاس تغيرات أسعار الصرف على
معدالت التضخم في الجزائر خالل الفترة ( ،")2015-2000مجلة دراسات ،ع ،45 .جامعة عمار ثليجي األغواط-الجزائر ،أوت ،ص ص.263-241 .
2أنظر :الجدول ) (21-Iمن الملحق ).(I
176
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
بعد ذلك ،وبالرغم من تواصل انتعاش أسعار النفط ومعها أسعار الموارد األساسية ،شهدت بداية تنفيذ
البرنامج التكميلي لدعم النمو ( )2009-2005استق ار ار نسبيا في األسعار ،ترجمه تراجع معدالت التضخم إلى
ما يقارب الـ ( ،)1,40%نتيجة الصرامة في تطبيق السياسة النقدية؛ غير أن هذه المعدالت سرعان ما عادت
التخاذ منحى االرتفاع بداية من العام ،2006وازداد هذا االرتفاع حدة مع حلول العام ،2007الذي شهد عودة
قوية لالتجاه التصاعدي للمستوى العام لألسعار ومعدالت التضخم ،مع استمرار عجز العرض الكلي –في
ظل عدم مرونة الجهاز اإلنتاجي ومحدودية الطاقات اإلنتاجية -عن مجابهة االرتفاعات المتواصلة في
الطلب الكلي ،والناتجة عن توسعات اإلنفاق العام في إطار البرنامج االستثماري التنموي الجاري تنفيذه.
ارتفاعات في الطلب الكلي كانت مغذية لسياسة نقدية توسعية انعكست نتائجها على شكل نزعة تضخمية،
أدت إلى تسارع وتيرة ارتفاع معدالت التضخم خالل العامين 2008و- 2009رغم بقائها ضمن حدود
التحمل -لتصل هذه المعدالت إلى حدود ( )5,70%عند السنة األخيرة ،وألول مرة منذ بداية األلفية الجديدة.1
مع انطالق برنامج توطيد النمو ( ،)2014-2010كان هناك مجال لتواصل الضغوط التضخمية؛ والتي
كانت في البداية أقل حدة من ذي قبل ،حيث عادت معدالت التضخم لالنخفاض بعد أربع سنوات من
االرتفاعات المتتالية ،لتستقر عند مستوى ( )3,90%سنة ،2010في ظل انكماش الطلب المحلي ،وتراجع
2
األسعار العالمية للسلع األولية واألساسية ؛ غير أن هذه المعدالت سرعان ما عادت لالرتفاع عامي 2011
و ،2012مسجلة خالل السنة األخيرة أعلى مستوى لها منذ العام ،1996قدر بـ ) ،(8,90%بسبب النمو السريع
للكتلة النقدية ،إضافة إلى ارتفاع أسعار المنتجات الفالحية المستوردة .ذلك قبل أن تعود وتيرة التضخم
لالنخفاض عامي 2013و ،2014أين بلغت حدود ) (3,20%ثم ) (2,90%على التوالي ،نتيجة تطبيق سياسة
نقدية صارمة إضافة إلى الركود الذي عرفه قطاع المحروقات .3وخالصة التحليل السابق أنه ال يمكن حصر
أسباب التضخم ضمن االقتصاد الجزائري في نمط معين ،وانما يمكن أن ترد هذه األسباب إلى عوامل عديدة،
منها ما يتعلق بالجانب النقدي والسياسة النقدية ،وكذا الطلب الكلي والسياسة المالية ،ومنها ما يتعلق بهيكل
االقتصاد الجزائري وعدم كفاءة جهازه اإلنتاجي ،باإلضافة إلى التضخم المستورد .وضمن هذا وذاك يبقى
لحركة أسعار النفط الدور الجوهري في التأثير على كل من العوامل السابقة ،ومن ثم على معدالت التضخم.
1باإلضافة إلى العوامل المذكورة أعاله ،تضافر نوعين من األسباب لدفع التزايد واالرتفاع الموصوف في معدالت التضخم .تمثل السبب األول في
ارتفاع أسعار ال ُمنتجات الغذائية بشكل قوي (والسيما أسعار ال ُمنتجات الفالحية) ،أما السبب الثاني فتمثل في ارتفاع أسعار المنتجات ذات الصلة
بالواردات ،والتي كانت عرضة للصدمة القوية في األسعار العالمية ،والمدفوعة بارتفاع أسعار النفط .للمزيد من التفاصيل ،أنظر- Banque :
d'Algérie. (2009), "Evolution Economique et Monétaire En Algérie 2008", Rapports Annuels, Septembre, PP. 42-58.
2على خالف السنوات السابقة شكل ارتفاع أسعار الخدمات والسلع المصنعة السبب الرئيسي للتضخم خالل العام .2010لتفاصيل أدق أنظر- Banque :
d'Algérie. (2011), "Evolution Economique et Monétaire En Algérie 2010", Rapports Annuels, juillet, PP. 26-37.
3للمزيد من التفاصيل ،أنظر - :بيبي و ،.و ح .عطية .)2016( .ص ص.263-241 .؛ -الجدول ) (21-Iمن الملحق ).(I
177
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
المبحث :02المعالجة الكمية ألثر صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على أداء االقتصاد
الكلي الجزائري :مقاربة نماذج "."VAR
نعمد من خالل هذا الجزء إلى تقديم تحليل قياسي اقتصادي ،وتقييم كمي لآلثار التي يمكن أن تخلفها كل
من صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على األداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،باالعتماد
على أدوات قياسية مناسبة ،من بين األدوات المختلفة التي تقدمها مختلف مقاربات النمذجة غير الهيكلية .في
هذا الصدد ،نجد أنه وضمن التطورات الجوهرية التي شهدها علم القياس االقتصادي خالل العقود الخمس
األخيرة -وخاصة ما تعلق منها بعلم القياس االقتصادي للسالسل الزمنية )-(Time Series Econometrics
قام الباحثين Boxو Jenkinsمع مطلع عقد السبعينات -بعد نشرهما لكتابهما الموسوم بعنوان "Time Series
Analysis: "Forecasting and Controlعام ( -1)1970بتعريف منهج جديد للنمذجة القياس اقتصادية سمي
بـ "النمذجة غير الهيكلة" .ارتكز في البداية على نماذج السالسل الزمنية وحيدة المتغيرات )Univariate Time
،(Series Modelsقبل أن يقوم - )1980( Simsضمن هذا اإلتجاه -باقتراح إطار قياس اقتصادي كلي جديد
تحت مسمى "مقاربة أنظمة أشعة االنحدارات الذاتية.2"Vector Autoregressions Systems Approach-
أسفرت أولى استخدامات نماذج " "VARفي مجال االقتصاد الكلي عن نتائج جد مشجعة ،جعلت
الحوافز الداعية الستعمالها في مختلف الدراسات االقتصادية ،تتعدى االعتبارات اإلحصائية واشكالية التمييز
بين المتغيرات على أساس منشئها الداخلي أو الخارجي ،التي تتفاداها هذه المقاربة .فقد أثبت عديد الباحثين
(على غرار ،)1980( Simsو ،)1986( Littermanوأخرون) أن هذه النماذج تتفوق على نماذج المعادالت
الهيكلية من حيث القدرة والكفاءة التنبؤية ،وهو ما لفت بدوره انتباه المختصين إلى إشكال منهجي جوهري،
أساسا بكون النماذج الهيكلية واسعة النطاق التي برزت في خمسينات وستينات القرن الماضي –والتي
ً يتعلق
جاءت في مجملها معبرةً عن األفكار والطروحات الكينزية -قد بنيت على أساس افتراضات نظرية لم تثبت
صحتها ومطابقتها للواقع .3وبذلك غدت نماذج " "VARأداةً أساسية ،في مختلف األبحاث االقتصادية
التطبيقية التي تهدف إلى وصف وتحليل البيانات ،إنتاج تنبؤات حول ظاهرة معينة ،أو تحليل السياسات
االقتصادية؛ وذلك بفضل وسائل التحليل التي تقدمها (مجملة في اختبارات السببية ،تحليل دوال االستجابة
1أنظر- Box. G.E.P., and G.M. Jenkins. (1970), "Time Series Analysis: Forcasting and Control", San Francisco, CA: :
Holden-Day.
2لالطالع على ملخص لكيفية تطور هذه المقاربة من النماذج ثنائية المغيرات ( ،))1972( Simsإلى النماذج ثالثية المتغيرات ( ،))1980( Simsإلى
األنظمة األوسع فاألوسع ،أنظر- Leeper. E.M., Sims. C.A., and T. Zha. (1996), "What Does Monetary Policy Do?", :
Brookings Papers on Economic Activity: 2, The Brookings Institution, Washington DC, PP. l-78.
3هذا ما يفسر -ربما -فشل هذه النماذج في التنبؤ باألزمات االقتصادية التي عرفتها تلك الفترة (خاصة األزمة النفطية للعام ( ،)1973وأزمة الكساد
التضخمي في السبعينات).
178
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.1صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية وأداء االقتصاد الكلي الجزائري من منظور نماذج
" :"VARالمنهجية والبيانات.
في الواقع ،يتطلب القياس والتحليل الكمي آلثار صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على
األداء االقتصادي الكلي ،القيام بدراسة وتحليل آني لمختلف العالقات والتفاعالت الديناميكية بين مجموعة
المكونة للنظام االقتصادي محل الدراسة .وفي هذا الصدد قد تكون عملية تقدير نموذج معادالت
ِّ المتغيرات
آنية هيكلية ،يتضمن تأخيرات كل المتغيرات المعنية ،عملية مجدية .1غير أن المشكل المطروح في هذه
الحالة ،يتعلق بالتدابير التي تتضمنها وتنطوي عليها عملية بناء وتقدير هذا النوع من النماذج ،والتي تستدعي
–أوال -القيام بتقسيم متغيرات الدراسة إلى متغيرات داخلية ) ،(Endogenousوأخرى خارجية )،(Exogenous
ثم ضرورة االستعانة –لتقدير النموذج -ببعض القيود النظرية على المعلمات من أجل الحصول على نموذج
مميز ).2(Either Exactly or Over
،(Footingودون تمييز مسبق بين المتغيرات الداخلية والخارجية .3على هذا األساس -وفي تعميم لنماذج
االنحدار الذاتي ) (ARلـ Boxو -)1970( Jenkinsاقترح Simsالبديل للنماذج الهيكلية ،من خالل ما سمي
بمقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " .4"VARحيث تنطلق هذه المقاربة من الفرضية التي مفادها أنه
يمكن تقديم وصف شامل ودقيق لتطور النظام أو الهيكل االقتصادي المدروس من خالل وصف السلوك
الديناميكي لشعاع يضم " "Nمتغيرة تابعة خطيا للماضي.5
1هذا النوع من النماذج يسمى بـ "نماذج المعادالت اآلنية الديناميكية."Dynamic Simultanious Equations Models -
2
Maddala. G.S. (1992), "Introduction to Econometrics", Second edition, MacMillan Publishing Company, New
York, P. 578.
3
Gujarati. D.N. (2003), "Basic Econometrics ", 4th edition, Mc Graw-Hill/ Irwincompanies Inc, New York, P. 848.
4في هذا النوع من النماذج تُعامل كل المتغيرات على أنها داخلية ،إذ يمكن القول أن هذه النماذج هي –ببساطة -عبارة عن شكل مختصر لبعض نماذج
المعادالت الهيكلية اآلنية .تفاصيل أدق ،ضمن- Hamilton. J.D. (1994), "Time Series Analysis", Princeton University Press, :
New Jersey, PP. 326-327.
5
Lardic. S., et V. Mignon. (2002), "Econométrie des Séries Temporelles Macroéconomiques et Financières", ed,
Economica, Paris, P. 83.
179
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
لطالما شكل التقييم الكمي للعالقات السائدة بين مختلف المتغيرات االقتصادية الكلية بشكل عام ،ولآلثار
االقتصادية الكلية للسياسة االقتصادية على وجه الخصوص ،تحديا كبي ار للتحليل االقتصادي الكلي الذي
يعتمد على جميع المجاالت النظرية ،واإلحصائية ،واالقتصادية القياسية .وضمن هذا اإلطار يتم بناء النماذج
االقتصادية الكلية القياسية ) (Macroeconometric Modelsألغراض عديدة ،غير أن األهداف المسطرة من
طرف الباحث هي التي تحدد نوع النموذج الذي سيتم بناءه ،والذي سيتم االعتماد عليه لبلوغ األهداف
المنشودة .وفي هذا الصدد تنشأ الخالفات بشأن تحديد النماذج االقتصادية القياسية حول متطلبات النظرية
االقتصادية ،وكذا القيود التي تفرضها األدلة التجريبية ذات الصلة بموضوع العمل التطبيقي محل االهتمام.
تقليديا ،استخدم الباحثين االقتصاديين النماذج االقتصادية الكلية الهيكلية واسعة النطاق (أو ما يعرف
بأنظمة المعادالت اآلنية )Simultaneous Equations Systems-الختبار مختلف العالقات التي تحددها
النماذج االقتصادية النظرية .لكن حديثا أصبحت مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية "- "VARالتي تعد
من أهم مقاربات النمذجة غير الهيكلية -من المقاربات األكثر استخداما لتحليل استجابات االقتصاد الكلي
للصدمات التي تحدث في مختلف المتغيرات االقتصادية ،وخاصة منها صدمات السياسة االقتصادية .وعلى
هذا األساس نسعى ضمن هذا القسم ،إلى تبرير اختيارنا لمقاربة النمذجة غير الهيكلية -والمقاربة ""VAR
على وجه الخصوص -لمعالجة اإلشكالية الرئيسية التي تطرحها الدراسة ،بدال من مقاربة النماذج االقتصادية
الكلية الهيكلية واسعة النطاق؛ حيث سنناقش المشاكل المتعلقة بالمقاربة األخيرة ،والتي دفعت العديد من
الباحثين والخبراء إلى اقتراح ودعم االعتماد على نماذج " ،"VARمن أجل التحليل التجريبي للعالقات بين
المتغيرات االقتصادية الكلية ،وتحليل اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة االقتصادية على وجه الخصوص.
تم تطوير فكرة استخدام أنظمة المعادالت اآلنية لوصف آليات عمل االقتصاد من طرف برنامج أو منهج
لجنة .1Cowlesوفق ،)1994( Christفإن منهج Cowlesيستدعي تطوير الطرق واألساليب النظرية لحل
إشكالية التمييز ،إضافة إلى تطوير طرق التقدير واختبار الفرضيات ،المناسبة للمعادالت المميزة )identified
.(equationsففي هذا الصدد ،نجد أنه لتقدير أنظمة المعادالت اآلنية ،يتم تحويل النموذج الهيكلي بشكل
تكتب فيه المتغيرات الداخلية كدالة فقط للمتغيرات المحددة مسبقا ،أين تسمى المعادالت الناتجة عن هذه
1
لتفاصيل أوفر حول نشأة لجنة ،Cowlesومساهمتها في تطوير علم القياس االقتصادي ،أنظر- Christ. C.F. (1994), "The Cowles :
Commission’s Contributions to Econometrics at Chicago, 1936-1955", Journal of Econometric Literature, Vol. 32,
No. l, PP. 30-59.
180
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
العملية بمعادالت الشكل المختصر ) ،(reduced form equationsليتم بعدها استخراج معلمات الشكل
الهيكلي للنموذج ،من خالل فرض بعض القيود على معلمات معادالت الشكل المختصر إذا أمكن ذلك.
حيث يقال عن النظام أنه مميز ) (identifiedإذا كانت العملية األخيرة ممكنة ،أما إذا تعذر استخراج معلمات
النموذج الهيكلي انطالقا من معلمات معادالت الشكل المختصر ،فإنه يقال أن النظام غير مميز
) .(underidentifiedوفي هذا اإلطار ،يتم اللجوء ضمن إحدى الطرق المتبعة لحل إشكالية التمييز ،إلى
إدراج متغيرات إضافية في النظام ،بينما يتم في بعض األحيان فرض قيود صفرية على معامالت بعض
المتغيرات ضمن معادالت النظام المعني .فضال عن ذلك يكون من الضروري التمييز بين المتغيرات الداخلية
والمتغيرات الخارجية للوصول إلى نظام مميز ،وهو ما يشكل في حد ذاته قيدا آخر على النظام.
وفقا لخصوصية النماذج الهيكلية ،كانت هذه النماذج محل انتقادات الذعة مع حلول النصف الثاني من
عقد سبعينات القرن الماضي ،وهو ما أدى إلى إهمالها التدريجي ،على األقل على المستوى األكاديمي .حيث
يرى )1993( Fairفي هذا الصدد ،أن هناك تطوران هامان أديا إلى تراجع شعبية النماذج وفق المقاربة
الهيكلية خالل الفترة المذكورة .يفيد التطور األول بأن كون النماذج االقتصادية الكلية القياسية موجهة
للتسويق ،أدى إلى إدخال تعديالت غير موضوعية على هذه النماذج ،وذلك وفق احتياجات العمالء .أما
التطور الثاني فيتعلق بما يعرف بانتقاد ،)1976( Lucasالذي ينطلق من انتقاد القوانين السلوكية التي
تتضمنها النماذج الهيكلية ،والتي تفترض أن توقعات األعوان االقتصاديين متغيرة خارجية ،وبذلك فهي تهمل
حقيقة إمكانية تأثر التوقعات بتغيرات السياسة االقتصادية ،مما يعني عدم صالحية هذه النماذج في حالة
تغير توجهات السياسة االقتصادية .1فالتحليل المبني على النماذج الهيكلية يقوم على فرضية أساسية تفيد بأن
المعلمات المقدرة ضمن هذه النماذج ستكون مستقرة ،ولن تتغير مع تغيرات قواعد السياسة .وبذلك فإنه ال
يكمن للباحث أن يتعامل مع معلمات النموذج على أنها ثابتة ومستقرة عند تغير قواعد السياسة إذا لم تكن
الفرضية المذكورة محققة ،وهي الحالة السائدة في الغالب.
في انتقاد حاد لالفتراض السابق جادل ،)1976( Lucasبأن المعلمات المقدرة ضمن نماذج االقتصاد
الكلي يمكن أن تتغير مع تغيرات السياسة االقتصادية ،حيث يقوم األعوان االقتصاديين بتغيير وتعديل
سلوكهم وفق تغيرات قواعد السياسة .إذ يجادل Lucasبأن النظرية االقتصادية تتنبأ بعدم ثبات قواعد الق اررات
المتعلقة باالستثمار ،واالستهالك ،وتكوين التوقعات ،إزاء التحوالت التي تحدث في السلوك المنتظم للسياسة
1
Malinvaud. E. (1997), "L’économétrie dans l’élaboration théorique et l’étude des politiques", L’Actualité
économique, Revue d’Analyse économique, Vol. 73, Nos. 1-2-3, Mars-Juin- Septembre, PP.11-25.
181
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
االقتصادية .وقد ركز نقد )1976( Lucasعلى المشاكل المتعلقة بمضمون االفتراض السابق –والشائعة في
استخدامات النماذج االقتصادية الهيكلية -والتي تفيد بأن التوقعات تتعدل بشكل تكيفي مع النتائج السابقة.
فالنماذج االقتصادية القياسية المقدرة خالل تلك الحقبة الزمنية ،والتي تم تقديرها على أساس البيانات السابقة
(على أساس البيانات المتعلقة بالسياسات االقتصادية السابقة) ،لم تأخذ توقعات األعوان االقتصاديين بعين
االعتبار بطريقة مالئمة ،وبذلك لم تسمح بإجراء تقييم صحيح آلثار السياسات االقتصادية الجديدة القادمة.1
بالنسبة لـ Lucasو ،)1979( Sargentفإن تحليل آثار السياسات االقتصادية ال يمكن أن يتم إال بالتخلي
عن اإلطار النظري المرجعي ،واالشتقاق الصريح لقواعد القرار بما يتوافق مع مجموعة القيود المرتبطة
بشروط التوازن وتوجهات التوقعات ،لغرض بناء نماذج هيكلية أكثر قوة وتماسكا .2وفي نفس السياق ،يجادل
)1995( Lucasبأن النماذج االقتصادية القياسية الهيكلية تقوم على أساس قواعد القرار األمثل لألعوان
االقتصاديين ،وبما أن هذه القواعد تتغير مع تغيرات هياكل قواعد السياسة ،فإن هيكل النماذج االقتصادية
القياسية –ومن ثم معامالت هذه النماذج -سيتغير هو اآلخر بتغير قواعد السياسة .مما يعني أن تقييم آثار
التغيرات في السياسة االقتصادية على االقتصاد ،باالعتماد على النماذج الهيكلية يعد ببساطة غير صالح.3
من ناحية أخرى ،يناقش )1994( Christاالفتراضات المعتمدة في النماذج االقتصادية القياسية الهيكلية
بالتفصيل .وهي االفتراضات التي يرى )1980( Simsأن جلها ال يتمتع بالمصداقية ) ،(incredibleوتم
4
انتقادها من طرف Simsوغيره .غير أن )1994( Christيجادل بأن نقد Lucasيضر بمنهج وأسلوب Sims
كذلك ،كما هو الحال بالنسبة لمنهج وأسلوب Cowles؛ وذلك ألن التغيرات في قواعد السياسة ،التي تؤدي
إلى تغير المعامالت السلوكية في النماذج الهيكلية ،من شأنها أن تؤدي كذلك إلى تغير معلمات النموذج
" "VARالتي وصفت النظام في السابق.
فضال عن ذلك ،فإن أحد الجوانب الهامة لنماذج Cowlesيتعلق بحقيقة إمكانية استخدام مجموعات
مختلفة من االفتراضات السلوكية من أجل إعداد وضبط كل معادلة من معادالت النموذج .وهو الجانب الذي
ينتقده )1980( Simsبحجة أنه "ما لم تعتبر هذه المجموعة من المعادالت كنظام خالل عملية التمييز ،فإن
المضامين السلوكية للقيود المفروضة على كل المعادالت مجتمعة ،قد تكون أقل منطقية من القيود المفروضة
1أنظر- Fève. P., et S. Gregoir. (2002), "L’économétrie de la politique économique", Annales d’économie et de :
statistique, No. 67/68, PP. 1-10.
2
Fève. P., et S. Gregoir. (2002), P. 2.
3أنظر- Lucas. R.E.Jr. (1995), "Econometric Policy Evaluation: A Critique", in: Studies in Business-Cycle Theory, :
MIT Press, Massachusetts, PP. 104-130.
4من بين هذه االفتراضات أن الباحث يكون على علم بشأن أي المتغيرات ذو منشأ داخلي ،وأيها ذو منشأ خارجي خالل زمن معين؛ كما أنه يتم تمييز
المعادالت الهيكلية عن طريق فرض قيود مسبقة ) (a priori restrictionsعلى المعلمات في هذه المعادالت.
182
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
على كل معادلة على حدا" .1باإلضافة إلى ذلك ،فإنه قد يتم استبعاد تأخيرات المتغيرات الداخلية األخرى من
بعض المعادالت في نماذج المعادالت الهيكلية لغرض تمييز النموذج ،وهو القيد الذي يعتبره )1980( Sims
غير ذو مصداقية ) ،(incredibleباعتبار أن تأخيرات المتغيرات الداخلية األخرى قد تكون ذات أهمية في
كشف العالقات الديناميكية بين هذه المتغيرات .كما يرى Simsأنه في نموذج توازن عام اقتصادي ديناميكي،
يمكن أن تكون كل المتغيرات داخلية.
عالوة على ما سبق ،و ِّجه انتقادين أساسيين لنمذجة المعادالت الهيكلية .ويتعلق األمر بافتراض القيود
الصفرية ،وتقسيم المتغيرات إلى متغيرات داخلية وأخرى خارجية .فقبل أكثر من خمسة عقود من الزمن،
شكك )1960( Liuفي دور القيود الصفرية المفروضة لغرض بلوغ هدف التمييز في مقاربة نماذج المعادالت
اآلنية .ففي حين تستند القيود الصفرية المفروضة ضمن هذه النماذج على افتراض أن النظرية االقتصادية قد
تقضي باستبعاد عدد كاف من المتغيرات من معادالت النماذج الهيكلية حتى يتحقق التمييز ،يرى Liu
( )1960أن النظرية االقتصادية –على النقيض من ذلك -قد تستدعي إدراج وليس إقصاء ،العديد من
2
المتغيرات الجديدة في معادالت النماذج الهيكلية ،األمر الذي يجعل هذه النماذج غير مميزة .أما Sims
( )1980فلم ينتقد القيود الصفرية فحسب ،بل ذهب إلى انتقاد تقسيم المتغيرات على أنها متغيرات داخلية أو
خارجية .وحتى نقاد المقاربة غير النظرية ) (Atheoretical Approachلبناء النماذج االقتصادية الكلية،
Cooleyو )1985( Leroyيسلمون بأن "خبراء القياس االقتصادي الذين عملوا وفق تقاليد ،Cowlesلم يعطوا
سوى تعاريف مبهمة وغير تامة ،حتى بالنسبة للمفاهيم األساسية على غرار االمنشأ الخارجيا واالهيكليةا".3
في الواقع ،في النماذج الهيكلية ،تمثل فرضية المنشأ الخارجي ) (exogeneityأحد القيود المفروضة
لغرض بلوغ هدف التمييز .ومع ذلك ،قد ال تكون فرضية المنشأ الخارجي لبعض المتغيرات كافية للحصول
على نموذج مميز ،بينما قد يتطلب األمر وضع المزيد من القيود لبلوغ التمييز .بالمقابل ال تستند النمذجة
وفق المقاربة الجديدة (مقاربة النمذجة غير الهيكلية) إلى نظرية اقتصادية صارمة .مع ذلك ،فإن فكرة عدم
االستناد إلى أي نظرية اقتصادية عند نمذجة العالقات بين المتغيرات االقتصادية ،دفعت العديد من خبراء
االقتصاد إلى انتقاد مقاربة النمذجة غير الهيكلية (والمقاربة " "VARعلى وجه التحديد) ،باعتبارها مقاربة
غير نظرية ) .(Atheoreticalغير أن هذا النقد لم يكن صحيحا بشكل تام ،إذ لم يستند إلى المبررات الكافية،
1
Sims. C.A. (1980), "Macroeconomics and Reality", Econometrica, Vol.48, January, PP.1-48, P. 3.
2أنظر- Liu. T. (1960), "Underidentification, Structural, Estimation, and Forecasting", Econometrica, Vol. 28, No. 4, :
PP. 855-865.
3
Cooley. T.F., and S.F. Leroy. (1985), "A theoretical Macroeconometrics: A Critique", Journal of Monetary
Economics, Vol. 16, PP. 283-308, P. 290.
183
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
وذلك بالنظر لكون إدراج المتغيرات ضمن نماذج " "VARيتم على أساس المبادئ االقتصادية العامة
والمعلومات المسبقة ،التي تستخدم إلى جانب عدد من المشاهدات حول بيانات السالسل الزمنية لتحديد طول
فترة التأخير أو درجة اإلبطاء للمتغيرات المدرجة في النموذج .ذلك فضال عن إمكانية كون االستدالل
الهيكلي ضمن نماذج " "VARمتوافقا مع النظرية االقتصادية ،كما قد يؤدي إلى بناء عالقات نظرية جديدة.
وفي هذا الصدد يشير ،(1987) Palmأنه عندما يتم بناء نموذج اقتصادي كلي قياسي باالعتماد بشكل تام
على نظرية اقتصادية معينة ،قدر يدرك الباحث عند مرحلة تقدير النموذج ،حقيقة عدم إمكانية مشاهدة بعض
المتغيرات النظرية .لذلك يجب على الباحث أن يتذكر أن بناء نموذج قياسي اقتصادي ،يستدعي التعامل مع
مسألتين رئيسيتين؛ تتعلق المسألة األولى بنمذجة العالقات بين المتغيرات المحددة ضمن النظرية االقتصادية،
بينما تتعلق المسألة الثانية بتصميم المعادالت وتكييفها مع البيانات ،لغرض إيجاد الشكل التجريبي للعالقات
الحقيقية بين المتغيرات التي تعبر عنها المعادالت المصممة.1
كخالصة لجملة االنتقادات الموجهة للنماذج الهيكلية ،يلخص Sargentو )1977( Simsانتقاداهم للنماذج
االقتصادية الكلية القياسية التقليدية الهيكلية في قولهم" :نحن ال نشك (ال نثق) في العديد من القيود الصفرية
التي يتم افتراضها على المعلمات في هذه النماذج فحسب .بل وأكثر من ذلك ،نحن نعتبر أن كل من القيود
المفروضة ضمن هذه النماذج ،وغياب االرتباط التسلسلي لبواقي معادالتها ،وكذا التصنيف المسبق للمتغيرات
ضمنها إلى فئات خارجية وأخرى داخلية بشكل صارم ،ليس جدي ار بالثقة وال يمكن االعتماد عليه".2
بناء على ما سبق ،يجد اختيارنا لمقاربة النمذجة غير الهيكلية -ومقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية
" "VARعلى وجه الخصوص -ضمن هذه الدراسة ،تبريره في االنتقادات التي وجهت للنماذج االقتصادية
الكلية القياسية التقليدية الهيكلية ،والتي تتعلق أساسا –كما رأينا أعاله -بطبيعة هذه النماذج .حيث أخذ خبراء
االقتصاد الكلي بعد االنتقادات الموجهة للنماذج الهيكلية واسعة النطاق ،في البحث عن البديل األمثل لهذه
النماذج ،وقد مثلت النماذج " "VARبديال مناسبا للنماذج المذكورة ،كما أظهرته نتائج األدبيات التطبيقية التي
اعتمدت عليها ،وذلك من خالل توفيرها لمقاربة أسهل للتنفيذ ،إذ أنها ال تستدعي التصنيف األولي المسبق
للمتغيرات على أنها داخلية أو خارجية ،كما أنها ال تفرض قيودا مسبقة نابعة من نظريات اقتصادية معينة،
وتعد أسهل للتمييز والتقدير ،رغم أن هذا ال يعني بأي شكل من األشكال أنه ال تواجه تطبيقاتها أي عوائق.
1أنظر- Palm. F.C. (1987), "Time Series and Econometric Models with Unobservables", in: Economic Notes by :
Monte Dei Paschi Di Siena, Four Monthly Review, PP. 22-38.
2
Sargent. T.J., and C.A. Sims. (1977). "Business Cycle Modeling Without Pretending to Have Too Much A Prior
Economic Theory", in: FRB of Minneapolis, New Methods in Business Cycle Research, Office of Public
Information, Minnesota, PP.45-109, P. 45.
184
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
لغرض فهم وادراك طبيعة سير العالقات السائدة بين نظام المتغيرات المعني بدراستنا ،وجب علينا أن
ننظر إلى هذا األخير على أنه عبارة عن نظام ديناميكي عشوائي ،يستجيب للصدمات العشوائية الحالية
والماضية ،المتأتية من التجديدات ) (Innovationsالناتجة عن مختلف متغيراته .ومن ثم تمثيله بنموذج
ديناميكي عشوائي يستوعب مختلف الصدمات العشوائية التي تحدث في متغيرات النظام .ببساطة ،هذا ما
تترجمه حقيقة مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " ،"VARالتي تعتبر بمثابة أداة تجريبية مناسبة ،تساعد
على استيعاب طبيعة تأثير هذه الصدمات ،بالنظر لقدرتها على تقديم وصف شامل ودقيق للهيكل الديناميكي
(ديناميكيات األجل القصير ،والعالقات طويلة المدى) الحقيقي للنظام المدروس ،بفضل وسائل التحليل التي
تقدمها (اختبارات السببية وفق مفهوم جرانجر" ،"Granger Causality Testsتحليل دوال االستجابة "Impulse
بالنظر إلى المبررات المنهجية سالفة الذكر ،ارتأينا تبني مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية ""VAR
في دراستنا الحالية ،لغرض تقدير وتقييم آثار صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على األداء
االقتصادي الكلي في الجزائر .ويعزى اختيارنا للمقاربة "– "VARإضافة إلى المبررات السابقة -إلى عدة
أسباب ،أهمها االعتماد واسع النطاق على هذه المقاربة في مختلف الدراسات ذات الصلة بدراسة اآلثار
االقتصادية الكلية لكل من صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية ،حيث أصبحت األداة التجريبية
األكثر استخداما في هذا اإلطار منذ أواخر الثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي ،بعد أن أثبتت أنها
طريقة مناسبة لوصف وتلخيص العالقات الديناميكية بين متغيرات النظام المدروس ،باعتبار أنها تسمح
بمحاكاة استجابة أي متغيرة في النظام تجاه تجديداتها الذاتية ،أو التجديدات الناتجة عن المتغيرات األخرى.1
في هذا الصدد ،يهدف النموذج القياسي المقترح إلى محاولة اإلجابة على اإلشكال الرئيسي لموضوع
الدراسة ،والمتمثل في تحديد "مدى تأثير ومساهمة صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية في تحديد
اتجاهات األداء االقتصادي الكلي في الجزائر" .وبغض النظر عن مقدرة هذا النموذج على اإلجابة عن
- 1فيما يتعلق بدراسات صدمات أسعار النفط ،أنظر على سبيل المثال Burbidge :و Jiménez-Rodríguez ،)1984( HarrisonوSánchez
( Farzanegan ،)2005( El-Anshasy et al ،)2005و.)2015( Cunado et al ،)2010( Berument et al ،)2007( Markwardt
-لمسح مفصل للدراسات التي اعتمدت على نماذج " "VARفي دراسة صدمات السياسة المالية ،ومختلف المقاربات المتصلة بها ،أنظر:
- Caldara. D., and C. Kamps. (2008), "What are the Effects of Fiscal Policy Shocks?: A VAR-Based Comparative
Analysis", ECB Working Paper Series No. 877, March.
185
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
السابق من عدمها ،فإن درجة مصداقية النتائج التي يقدمها ،تعتمد على مدى قدرته على استيعاب
االنشغال ّ
مختلف جوانب اإلشكالية ،والتي تستند بدورها على ما يتضمنه النموذج من معلومات حول هذه إشكالية؛ في
حين أن الجزء األكبر من نظام المعلومات لجل النماذج القياسية يتجلى في نوع المتغيرات التي تتضمنها هذه
النماذج ،وكذا شكل وحجم العالقات بين هذه المتغيرات .وبعبارة أدق ،فإنه يمكننا القول أن التحديد الجيد
لمتغيرات النموذج -وذلك بما يتالءم واشكالية الدراسة -يمنح هذا األخير مقدرة كبيرة على تقديم اإلجابة
األصح لإلشكالية المعنية ،على أن تتكفل أدوات التقنية أو المقاربة المستعملة ،ممثلة في أدوات التحليل
المميزة لنماذج " ،"VARبتحديد شكل وحجم العالقات بين هذه المتغيرات.
في سياق التحديد الجيد لمتغيرات النموذج الديناميكي المقترح بما يتالءم واشكالية البحث ،نجد أنه لبد أوال
من التحديد الجيد لكل من صدمات أسعار النفط ،وكذا صدمات السياسة لمالية .في هذا الصدد ،وفيما يتعلق
بصدمات أسعار النفط ) ،(Oil Price Shocksيشير )2010b( Kililanأن مصطلح "صدمة سعر النفط"
يستخدم لإلشارة إلى ظاهرتين مختلفتين تماما .ففي بعض األحيان يستخدم للداللة واإلشارة إلى حلقات
التغيرات الكبيرة المتراكمة ) (Episodes of Large Cumulative Changesفي السعر الحقيقي للنفط ،والتي
غالبا ما تمتد على مدى عدة سنوات؛ وصدمة أسعار النفط في المعنى األخير ليس من الضروري أن تشتمل
على أية تغيرات كبيرة غير متوقعة ،حيث يمكن أن تكون مدفوعة بشكل كلي بالعديد من التغيرات الطفيفة
غير المتوقعة في السعر الحقيقي للنفط ،والتي تأخذ نفس اإلتجاه .من ناحية أخرى ،قد يستخدم المصطلح
المذكور للداللة على أي تغير غير متوقع ) (Unpredictable Changeفي السعر الحقيقي للنفط؛ وهو المفهوم
الذي يتوافق –حسب -)2010b( Kililanمع مفهوم الصدمة في النماذج القياس اقتصادية ،والذي سوف
نعتمده لتعريف صدمات أسعار النفط في دراستنا الحالية.1
من ناحية أخرى ،وبالنسبة لصدمات السياسة المالية ،نجد أن العديد من األدبيات السابقة قد حددت
الصدمات المالية إما من خالل وضع افتراضات حول رد الفعل البطيء لبعض المتغيرات تجاه صدمات
السياسة المالية (على غرار دراسات Blanchard :و Fatás ،)2002( PerottiوFavero ،)2001a,b( Mihov
( ،)2002و))2004( Lopez-Salido et al؛ أو باستخدام معلومات إضافية مثل توقيت الحروب ،معلومات
مؤسسات ية مفصلة عن النظام الضريبي ،أو دراسة تاريخية مفصلة عن ق اررات السياسة المالية (على غرار
أبحاث Romer :و Ramey ،)1994( RomerوBlanchard ،)1999( Edelberg et al ،)1998( Shapiro
1أنظر- Kilian. L. (2010b), "Oil Price Volatility: Origins and Effects", Background paper prepared for the World :
Trade Report 2010, “Trade in Natural Resources: Challenges in Global Governance”, Staff Working Paper ERSD-
2010-02, World Trade Organization, January, P. 15.
186
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
و ،)2003( Burnside et al ،)2002( Perottiو Eichenbaumو .))2004( Fisherفي المقابل ،هناك دراسات
أخرى اعتمدت فقط على بيانات السالسل الزمنية االقتصادية الكلية لتحديد صدمات السياسة المالية ،ولم
تعتمد على االفتراضات بشأن رد الفعل البطيء لبعض المتغيرات تجاه الصدمات االقتصادية الكلية ،حيث لم
يتم فرض أو وضع أي قيود على استجابات المتغيرات األساسية (المعبرة عن األداء االقتصادي الكلي) تجاه
صدمات السياسة المالية .وضمن اإلطار األخير ،يرى Mountfordو )2005( Uhligأن "صدمة السياسة
المالية "Fiscal Policy Shock -هي كل تغير غير متوقع في السياسة المالية ،غير أنه ال يوجد أي شيء
مثل صدمة السياسة المالية في حد ذاتها .فالسياسة المالية تشتمل على تشكيلة متنوعة من السياسات ،إذ
هناك قائمة ال حصر لها من أنواع المداخيل التي يمكن تغيير قواعد الضرائب ألي منها؛ وكذلك األمر
بالنسبة لمختلف أنماط أو فئات اإلنفاق الحكومي.1
في دراستنا الحالية ،والتي تعالج –في جزء منها -المسألة االقتصادية الكلية األوسع نطاقا واألكثر تقليدية
فيما يتعلق بآثار المجمعات المالية على المجمعات االقتصادية الكلية .نجد أنه ،في حين توجد مجموعة
واسعة من السياسات المالية الممكنة (بحيث يمكن أن تأتي التغيرات في السياسة المالية –على سبيل المثال-
في شكل تغيير في المزيج "ضرائب-دين عام" لتمويل نمط معين من اإلنفاق الحكومي ،أو في شكل تغيير
في مستوى اإلنفاق لقاء مستوى معين من الدين العام) ،تجمع معظم األدبيات السابقة في هذا الشأن على أن
صدمات السياسة المالية على المستوى االقتصادي الكلي ،توجد ضمن فضاء ثنائي األبعاد ،يمتد من خالل
نوعين أساسيين من الصدمات .ويتعلق األمر بصدمات اإليرادات العامة وصدمات اإلنفاق العام ،باعتبارهما
المكونتين الرئيسيتين للمتغيرات المالية ،إذ أنه يمكن ببساطة وصف مختلف صدمات السياسة المالية –على
غرار توسعات الميزانية المتوازنة -على أنها مجرد تركيبات خطية مختلفة لهتين الصدمتين األساسيتين.2
فضال عن ذلك ،لبد من تمييز الصدمات الحقيقية للسياسة المالية (حركات المتغيرات المالية الناجمة عن
صدمات السياسة المالية) عن تلك التي تتمثل ببساطة في الحركات التلقائية للمتغيرات المالية استجابة منها
لصدمات الدورة االقتصادية وصدمات السياسة النقدية .ولمعالجة هذه المشكلة لبد من تحديد صدمات الدورة
االقتصادية وكذا صدمات السياسة النقدية مع مراعاة أن تكون صدمات السياسة المالية متعامدة (مستقلة) مع
كال النوعين السابقين من الصدمات؛ حيث أن هذا القيد األخير له أثر كبير على النتائج ،إذ من شأنه أن
1
Mountford. A., and H. Uhlig. (2005), "What Are the Effects of Fiscal Policy Shocks?", SFB 649 Discussion Paper
2005-039, Humboldt University, Berlin, P. 4.
- Mountford, A., and H. Uhlig. (2005). 2أنظر -على سبيل المثال -في هذا الصدد:
- Alesina. A., Ardagna. S., Perotti. R., and F. Schiantarelli. (2002), "Fiscal Policy, profits and investment", The
American Economic Review, Vol. 92, No. 3, June, PP. 571-589.; - Caldara. D., and C. Kamps. (2008).
187
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
يسمح بعزل االستجابات التلقائية للمتغيرات االقتصادية الكلية لحركات الدورة االقتصادية والسياسة النقدية.1
فيما يتعلق بمسألة تحديد صدمات السياسة النقدية ،يرى )1997( Zhaأن هذه المسألة تبقى في جزء منها
مسألة اقتصادية (مفاهيمية) وفي جزء آخر هي مسألة نقدية (تجريبية) .2فمن الناحية النظرية يمكن أن تؤدي
أي متغيرة نقدية دور األداة للسياسة النقدية ،وما على السلطات النقدية (البنك المركزي) –في هذا الصدد-
إال تحديد المتغيرات التي يمكنها السيطرة عليها في مرحلة أولى ،ثم تحديد ما إذا كانت هناك عالقة سببية
بين هذه المتغيرات والمتغيرات المستهدفة في إطار استراتيجية السياسة النقدية ،وهذا يختلف –طبعا -من
اقتصاد آلخر .3ضمن اإلطار األخير ،يشير )1998( Blinderأن مشكل اختيار األداة النقدية غالبا ما يطرح
في شكل جدال بشأن االختيار بين سعر الفائدة أو العرض النقدي؛ غير أن اإلشكال يبقى قائما بشأن تحديد
4
أي سعر فائدة وأي تعريف للعرض النقدي يمكن استخدامه كأداة للسياسة النقدية .وبينما يجادل Bernanke
و– )1992( Blinderعلى غرار العديد من الدراسات التي خصت االقتصاديات المتقدمة -5أن معدل الفائدة
قصير األجل يعد أكثر ارتباطا بالمتغيرات الحقيقية واإلسمية في االقتصاد مقارنة بالمجاميع النقدية ""M1
و" ،6"M2تؤكد دراسات أخرى أن القاعدة النقدية ) ،(M0أو االحتياطات غير المقرضة تمثل مؤش ار أفضل
للسياسة النقدية ،باعتبار أن البنك المركزي بإمكانه السيطرة عليها مباشرة.7
بالنسبة للدول النامية –على غرار الجزائر -يرى Hungو )2008( Pfauأن سعر الفائدة قصير األجل ال
" "M1و""M2 يمثل مؤش ار جيدا لتوجهات السياسة النقدية في أغلب هذه البلدان ،بينما تعد المجمعات النقدية
1سنناقش مسألة تعامد واستقاللية الصدمات ،في الفقرات واألجزاء الالحقة .فضال عن ذلك ،هناك مسألة أخرى ال تقل أهمية عن سابقاتها ،تمت اإلشارة
إليها وأخذها بعين االعتبار في مختلف الدراسات السابقة ذات الصلة باآلثار االقتصادية للسياسة المالية (خاصة منها التي اعتمدت على بيانات شهرية
أ ور رباعية) ،ويتعلق األمر بإشكالية التأخير أو الفجوة الزمنية المحتملة بين لحظة اإلعالن إجراءات السياسة المالية ولحظة تنفيذها ،وأن مجرد اإلعالن
عن السياسة المالية قد يؤدي إلى تحركات في المتغيرات االقتصادية الكلية –ناتجة عن السلوكات التطلعية لألفراد والمؤسسات -حتى قبل أن تكون هناك
حركات فعلية في المتغيرات المالية .لكننا لن نعير هذه اإلشكالية اهتماما في دراستنا الحالية ما دام أننا سنعتمد على بيانات سنوية ،والسنة هي فترة كافية
الستيعاب معظم التأخيرات المحتملة الحدوث ،والتي نادرا ما تتجاوز السنة المالية.
2أنظر- Zha. T. (1997), "Identifying Monetary Policy: A Primer", Federal Reserve Bank of Atlanta Economic :
Review, No. 2, PP. 26-43.
3لتفاصيل أكثر بهذا الشأن ،أنظر- Hagen. J.V. (1998), "Money Growth Targeting", Institute for International Economic :
Studies, Seminar Paper No. 643, Stockholm, Sweden.
- Blinder. A.S. (1998), "Central Banking in Theory and Practice", The MIT Press, Cambridge, Mass, P. 26. 4أنظر:
5أنظر على سبيل المثال- King. R., and C. Plosser. (1984), "Money, Credit and Prices in Real Business Cycle", :
American Economic Review, Vol. 74, PP. 363-380.; - Dale. S., and A.G. Haldane. (1993), "Interest Rate and the
Channels of Monetary Transmission: Some Sectoral Estimates", Bank of England Working Series No. 18/1993.
6أنظر- Bernanke. B., and A. Blinder. (1992), "The Federal Funds Rate and the Channels of Monetary :
Transmission", American Economic Review, Vol. 82, PP. 901-921.
7أنظر على سبيل المثال- Christiano. L.J., M. Eichenbaum. (1992), "Identification and the Liquidity Effect of Monetary :
Policy Shock", in: “Political Economy, Growth and Business Cycles”, C.A. Zvi Hercowitz and L. Leiderman (eds),
MIT Press, Cambridge and London, PP. 335-370.; - Strongin. S. (1995), "The Identification of Monetary Policy
Disturbances Explaining the Liquidity Puzzle", Journal Of Monetary Economics, Vol. 35, Issue. 3, PP. 463-497.
188
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
أكثر تعبي ار عن ق اررات واجراءات هذه السياسة في مجموعة البلدان المذكورة .1عالوة على ذلك ،تفضل معظم
األدبيات ذات الصلة بهذا الشأن استخدام المجمع النقدي "( "M2الذي يمثل المفهوم الواسع للنقود) كمؤشر
عن توجهات السياسة النقدية ،عوضا عن المجمع "( "M1الذي يمثل المفهوم الضيق للنقود) .2لذلك ،فإنه
إضافة إلى هذه المبررات ،ومراعاةً لخصوصية االقتصاد الجزائري ،وبناء على توجهات السلطات النقدية التي
حددت المجمع النقدي " "M2كهدف وسيط لتنفيذ إجراءات السياسة النقدية وتحقيق أهدافها النهائية (منذ
صدور القانون ،)90-10فإننا سنعتمد المجمع النقدي " "M2لتحديد صدمات السياسة النقدية.
بالنسبة لصدمات الدورة االقتصادية ) ،(Business Cycle Shocksسيتم أخذها بعين االعتبار بصفة غير
مباشرة من خالل الصدمات الذاتية لمتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي ،التي سيتم إدراجها في النموذج
أساسا باعتبارها كمتغيرة معبرة عن اتجاهات تطور النشاط االقتصادي الحقيقي (الجانب الحقيقي لألداء
االقتصادي الكلي) ،إلى جانب متغيرة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام ) (GDP Deflatorكمتغيرة معبرة
عن تطورات المستوى العام لألسعار (أو الجانب اإلسمي لألداء االقتصادي الكلي) في االقتصاد الجزائري.3
فضال عن ذلك ،سنستعمل المتغيرات الحقيقية بدل اإلسمية .فمن جهة ،ونظ ار ألنه إذا كانت األسعار
حساسة للصدمات في أسعار النفط و/أو الصدمات في السياسة المالية ،فإن هذا سينعكس مباشرة على
استجابة المغيرات اإلسمية المستهدفة لهذه الصدمات (ومن بينها الناتج اإلسمي) ،وهو ما من شأنه قيادتنا
إلى نتائج مضللة بشأن االستجابات الفعلية لهذه المتغيرات تجاه الصدمات المعنية ،إذ ال يسعنا تمييز اآلثار
المباشرة لمختلف الصدمات المدروسة على القيم الفعلية (الحقيقية) للمتغيرات ،عن آثارها غير المباشرة التي
تمر عبر تأثيرها على األسعار .ومن جهة أخرى من شأن االعتماد على المتغيرات الحقيقية لتحديد الصدمات
المدروسة أن يضمن استبعاد وعزل صدمات األسعار عن الصدمات المعنية .4لذلك ،ولغرض عزل آثار
1أنظر- Hung. L.V., and W.D. Pfau. (2009), "VAR Analysis of the Monetary Transmission Mechanism in :
Vietnam", Applied Econometrics and International Development. Vol. 9, No. 1, January-June, PP. 165-179.
2أنظر على سبيل المثال- Moosa. I.A. (1992), "The Demand for Money in India: A Cointegration Approach", The Indian :
Economic Journal, Vol. 40, PP. 101-115.
- Ansari. M.I. (2002), "Impact of Financial Development, Money, and Public Spending on Malaysian National
Income: an Econometric Study", Journal of Asian Economics, Vol. 13, PP. 72-93.
3تم اختيار الناتج الداخلي الخام الحقيقي ومعامل انكماش الناتج ،ألنه من المفترض –وفق Bernankeو -)1995( Mihoveأن تكون أفضل مؤشرات
للظروف االقتصادية الكلية الواسعة ،األكثر تقليدية .من ناحية أخرى ،يرى Blinderو )1976( Goldfeldأن مؤشرات السياسة المالية والنقدية تصمم
عادة إلظهار آثار اإلجراءات التي تتخذها الحكومات والسلطات النقدية على بعض المتغيرات الداخلية المستهدفة ،والتي عادة –وليس دائما -ما تتمثل في
الناتج الداخلي الخام كمؤشر عن النشاط االقتصادي الحقيقي ،والتغير في األسعار كمؤشر بديل للتعبير عن النشاط االقتصادي اإلسمي .أنظر:
- Blinder. A.S., and S.M. Goldfeld. (1976), "New Measures of fiscal and Monetary Policy, 1958-73", The American
Economic Review, Vol. 66, No. 5, PP. 780-796.
- Bernanke. B.S., and I. Mihove. (1995), "Measuring Monetary Policy", the Quarterly Journal of Economics, Vol.
113, No. 3, August, PP. 869-902.
4في هذا الشأن ،أنظر على سبيل المثال- Senbet. D. (2011), "The Relative Impact of Fiscal Versus Monetary Actions on :
Output: A Vector Autoregressive (VAR) Approach", Business and Economic Journal, Vol. 25, PP. 1-11.
189
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
الصدمات الناتجة عن ردود فعل األسعار لصدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية من جهة،
والصدمات الذاتية لألسعار من جهة أخرى ،سنعتمد على المتغيرات الحقيقية بدال من المتغيرات اإلسمية .كما
أنه ،وألسباب تتعلق بتفادي تأثيرات عدم تجانس وحدات القياس ،والتخلص من ضغوطات اإلتجاه العام على
تجانسا وبالتالي أكثر مالئمة.1
ً البيانات ،فضلنا استخدام المتغيرات في شكلها اللوغاريتمي ،الذي يجعلها أكثر
بناء على ما سبق ،سيتم العمل على تقييم أثر صدمات أسعار النفط (معب ار عنها بصدمات السعر
ً
الحقيقي للنفط) ،وصدمات السياسة المالية (معب ار عنها بصدمات اإليرادات العامة الحقيقية واإلنفاق الحكومي
الحقيقي) على اتجاهات األداء االقتصادي الكلي في الجزائر (معب ار عنه بمتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي
ومتغيرة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام) ،إلى جانب صدمات السياسة النقدية (ممثلة بصدمات عرض
النقد بالمفهوم الواسع " "M2لعزل آثار السياسة النقدية من جهة ،ومراقبة قناة هذه السياسة فيما يتعلق باآلثار
الديناميكية لصدمات أسعار النفط من جهة أخرى) .وبذلك سيتضمن نموذج الدراسة األساسي ست متغيرات
( 6معادالت) ،تعمل على تقييم اآلثار المباشرة وغير المباشرة لصدمات أسعار النفط وصدمات السياسة
المالية على الناتج الداخلي الخام الحقيقي والمستوى العام لألسعار .ويتعلق األمر بكل من لوغاريتم السعر
الحقيقي للنفط الخام "( "LROPبأسعار 2)1995؛ لوغاريتم اإليرادات العامة الحقيقية (بأسعار )2001
""LRGREV؛ لوغاريتم اإلنفاق الحكومي الحقيقي (بأسعار "LRGEXP" )2001؛ لوغاريتم الناتج الداخلي
الخام الحقيقي (بأسعار "LRGDP" )1980؛ لوغاريتم معامل انكماش الناتج الداخلي الخام (بأسعار )1980
3
""LGDPD؛ ولوغاريتم عرض النقد الحقيقي (بأسعار . "LRM2" )2001
1أنظر وقارن التمثيل البياني للمتغيرات في شكل لوغاريتم (الشكل ( ) 5.3أدناه) ،مع التمثيل البياني للمتغيرات في شكل مستويات (الشكل ) (1-IIمن
الملحق ( ،))IIإضافة إلى األشكال ) (7-II) ،(6-II) ،(5-II) ،(4-II) ،(3-II) ،(2-IIمن نفس الملحق ،والتي تمثل وتقارن اإلحصائيات الوصفية لكل
متغيرة من المتغيرات األساسية محل الدراسة في شكل مستويات ،وفي شكل لوغاريتم.
2يمكن اعتبارها كمصدر للصدمات الخارجية ،وهي عبارة متوسطات سنوية لألسعار األسبوعية (ُ ،)FOBمعبرًا عنها بالقيمة الحقيقية (دوالر/للبرميل)
بأسعار ( 1995باستخدام الرقم القياسي لمخفض الناتج المحلي اإلجمالي في الدول الصناعية الكبرى ( )100=1995كما ينشرها صندوق النقد الدولي(.
ابتدا ًء من 1970وإلى غاية أكتوبر ،1974المتغيرة " "ROPتمثّل %93من السعر المعلن لبرميل خام القياس -العربي الخفيف ) -(Arab Lightفوب
رأس تنورة .من نوفمبر 1974حتى ديسمبر 1981تمثّل السعر الرسمي لبرميل خام القياس -العربي الخفيف( -فوب رأس تنّورة) .انطالقًا من 1982
تمثّل السعر الفوري (اآلني) لسلة أوبك المرجعية.
- 3بالنسبة لآلثار الديناميكية لصدمات أسعار النفط ،فإن إدراج متغيرات السياسة المالية (متغيرة اإليرادات العامة ،ومتغيرة اإلنفاق الحكومي)،
ومتغيرات السياسة النقدية (متغيرة عرض النقد) في التحليل إلى جانب متغيرة السعر الحقيقي للنفط -على غرار ما هو معمول به في عديد الدراسات
السابقة كدراسة -)1991( Bohiمن شأنه أن يسمح بمراقبة قنوات انتقال اآلثار غير المباشرة لصدمات ألسعار النفط.
-من جهة أخرى ،رغم أن تقدير نموذج يتضمن متغيرتي اإلستثمار الخاص واإلستهالك الخاص (مكونات الناتج) كان سيسمح لنا بدراسة انتقال صدمات
السياسة المالية في االقتصاد بتفصيل أكثر ،غير أن تقدير نموذج ذو ثمانية متغيرات في هذه الحالة سيكون "غير عملي( "impractical -خاصة في ظل
محدودية ع دد المشاهدات حول المتغيرات االقتصادية الكلية الخاصة باالقتصاد الجزائري ،بالنظر إلى ندرة البيانات الشهرية أو الفصلية حول هذه
المتغيرات)؛ وذلك ألن عدد المعامالت في االختبارات الخطية عموما ،وفي نماذج " "VARبشكل خاص ،يرتفع بشكل تناسبي مع عدد المعلمات في
النموذ ج الخطي القياسي المقدر ،وهذا من شأنه أن يؤثر على حجم وقوة االختبارات اإلحصائية ضمن هذا النموذج .لذلك فضلنا االقتصار في دراستنا
على إدراج الحد األدنى من المتغيرات المعبرة عن األداء االقتصادي الكلي واكتفينا بمتغيرتي الناتج واألسعار ،إلى جانب متغيرات سعر النفط
والسياستين المالية والنقدية .وهذه المتغيرات تتوافق –تقريبا -مع متغيرات النموذج األساسي لـ Fatásو ،)2001b( Mihovإذ يعتبر الباحثين أن هذا
الشعاع من المتغيرات الداخلية يمثل الحد األدنى من متغيرات االقتصاد الكلي الالزمة لدراسة األثار الديناميكية لتغيرات السياسة المالية.
190
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
أما فيما يتعلق بمصادر البيانات ،فإن التحليل في هذا الجانب التطبيقي من الدراسة سيستند إلى سالسل
بيانات سنوية تخص االقتصاد الجزائري (إضافة إلى سلسلة السعر الحقيقي للنفط) ،تمتد على طول الفترة
( ،)2014-1970تم جمعها بناء على اإلحصائيات المنشورة من قبل الديوان الوطني لإلحصائيات (،)NOS
وبنك الجزائر ) ،(BAباإلضافة إلى إحصائيات البنك العالمي ( ،)WIDفيما يتعلق ببيانات متغيرات السياسات
االقتصادية (المالية والنقدية) واألداء االقتصادي الكلي (الناتج واألسعار)؛ إضافة إلى مختلف تقارير األمين
العام السنوية لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط ) ،(OAPECوكذا مختلف النشرات اإلحصائية السنوية
) (OPEC Annual Statistical Bulletinلمنظمة البلدان المصدرة للنفط ) ،(OPECبالنسبة لبيانات السعر
الحقيقي للنفط .والشكل ( )6.3يعطي تمثيال بيانيا لمتغيرات النموذج األساسي للدراسة في شكلها اللوغاريتمي.
الشكل ( :)6.3التمثيل البياني لمتغيرات النموذج األساسي للدراسة (في شكل لوغاريتم).1
LROP LRGREV
5.0 16
4.5
15
4.0
14
3.5
13
3.0
12
2.5
2.0 11
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
LRGEXP LRM2
16 16
15
15
14
14
13
13
12
11 12
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
LRGDP LGDPD
13.2 9
8
12.8
7
12.4
6
12.0
5
11.6
4
11.2 3
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
أنظر بهذا الشأن- Baum. A., and G.B. Koester. (2011), "The Impact of Fiscal policy On Economic Activity Over the :
Business Cycle: Evidence From a Threshold VAR Analysis", Deutsche Bundesbank Discussion Paper Series 1:
Economic Studies, No. 03/2011, Frankfurt, P. 12.
- Fatás. A., and I. Mihov. (2001b), "The Effects of Fiscal Policy on Consumption and Employment: Theory and
Evidence", Centre for Economic Policy Research -CEPR Discussion Paper, No. 2760, London, P. 6.
1مخرجات برنامج " ،"EViews 8.0باالعتماد البيانات المذكورة أعاله.
191
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.3.1تحليل الخصائص اإلحصائية لمتغيرات النظام األساسي المدروس وعالقاتها طويلة األجل:
قبل استخدام أي مجموعة من بيانات السالسل الزمنية لدراسة وتقدير مختلف العالقات الديناميكية السائدة
بين مجموعة متغيرات أي نظام اقتصادي كلي بصدد الدراسة (من خالل تقدير النماذج القياس اقتصادية
–وضمنها نماذج " -"VARوتحليل ديناميكيتها) ،البد من إخضاع هذه البيانات إلى معالجة إحصائية مسبقة
) (A Pri-validating Dataمن خالل إخضاعها إلى مجموعة من االختبارات اإلحصائية ،تسمح بالكشف عن
مميزاتها وخصائصها الجوهرية ،وتمنح صورة واضحة عن كيفية تطور سلوك المتغيرات التي تمثلها.
.1.3.1تحليل عدم إستقرارية ودرجة تكامل متغيرات النظام األساسي محل الدراسة:
نظريا ،نقول عن سلسلة زمنية Xtأنها مستقرة -بالمعنى الواسع لإلستق اررية -إذا تذبذبت حول وسط
ثابت ،مع تباين ليس له عالقة بالزمن " ،"tوتباينات مشتركة (تباينات ذاتية مشتركة مرتبطة فقط بالمجال
الزمنية) مستقلة عن الزمن .1لكن في الواقع قد نصادف العديد من المتغيرات االقتصادية
الفاصل بين الفترات ّ
والمالية التي ال تتوفر فيها هذه الخاصية ،بحيث يكون متوسطها و/أو تباينها مرتبطين بالزمن.2
عمليا ،تمثل عملية اختبار مدى استفاء متغيرات النظام االقتصادي محل الدراسة لخاصية االستق اررية
نقطة االنطالق األساسية في أغلب الدراسات القياس اقتصادية التي تستخدم بيانات السالسل الزمنية (كما هو
الحال بالنسبة لدراستنا)؛ فالخاصية المذكورة تكتسي أهمية بالغة ،بالنظر لما يمكن أن ينجر عن عدم توفرها
في بيانات المتغيرات االقتصادية الكلية المعنية بالدراسة من استنتاجات مضلِّلة )(Misleading Inferences
ونتائج وتقديرات زائفة وغير واقعية ) .(Spurious Estimationsلهذه األسباب ،فإن االهتمام يجب أن ينصب
على اختبار مدى تحقق هذه الخاصية لدى متغيرات دراستنا الحالية ،وبالتالي ضمان المعالجة اإلحصائية
السليمة لهذه المتغيرات ،والتي تعد ضرورية للحصول على نتائج ذات معنوية على األقل من الناحية
اإلحصائية؛ إذ سنعمد في أولى خطواتنا التطبيقية إلى معالجة إشكالية اإلستقرارية لدى المتغيرات المعنية
بدراستنا ،من خالل إخضاعها الختبارات الجذر األحادي ،ممثلة باختبارات Dickeyو.)1981–1979( Fuller
ضمن هذه االختبارات نعمد إلى اختبار الفرضية الصفرية H0التي تفيد بوجود جذر أحادي )(Unit Root
ضمن السلسلة الزمنية محل الدراسة (وبالتالي عدم استقرار هذه السلسلة) ،ضد الفرضية البديلة H1التي تفيد
1
Bresson. G., et A. Pirotte. (1995), "Econométrie des Séries Temporelles, Théories et Applications", Presses
Universitaires de France, paris, P.19.
2للمزيد من التفاصيل حول الموضوع (وكذا فيما يتعلق بمختلف أسباب عدم االستقرارية) ،أنظر- Nelsson. C.R., and C. I. Plosser. :
(1982), "Trend and Random Walks in Macroeconomic Time Series: Some evidence and implications", Journal of
Monetary economics, Vol. 10, PP.139-162.; - Hamilton. J.D. (1994), PP. 447-451.
192
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
بغياب الجذر المساوي للوحدة (ومن ثم استقرار السلسة الزمنية محل الدراسة) .وقد جسد DickeyوFuller
( )1981–1979هذا االختبار ،في اختبار أحادي الجانب على اليسار ،يعتمد على اختبار الفرضية المركبة
التالية:1
ضمن النموذج التالي( :باعتبار أن السلسلة Xtمحل الدراسة ،تقبل التمثيل وفق هذا النموذج).
Xt = ρXt−1 + ϵt )… … … . (3.2
فباستخدام النموذج المناسب من بين النماذج ( )III ،II ،Iأو النماذج ( ،)VI ،V ،IVوفق االستراتيجية
التتابعية الموضحة في الشكل ( )8-IIمن الملحق ( )II؛ نقبل H0ونقر بعدم استق اررية السلسلة الزمنية
المدروسة إذا كانت قيمة ̂ (𝑡𝜑̂ ) 𝑡ρالمحسوبة ،أكبر من قيمتها الحرجة (أو المجدولة) المستخرجة مـن جداول
1
Bresson. G., et A. Pirotte. (1995), P. 419.
2
Lardic. S., et V. mignon. (2002), P. 136.
3الجدول ( )8-IIمن الملحق ( ،)IIيوضح شكل الفرضية ،H0والفرضية البديلة ،H1في كل نموذج من النماذج الثالث األساسية ( )III ،II ،Iأعاله.
والتي تبقى صالحة بالنسبة للنماذج المطورة من طرف Dickeyو ،Fullerوالموضحة بالنماذج (.)VI ،V ،IV
4
Lardic. S., et V. mignon. (2002), P. 146.
-يتم استخدام النماذج األساسية ( )III ،II ،Iإلجراء االختبار في ظل افتراض أساسي يتعلق بغياب اإلرتباط الذاتي لألخطاء في هذه النماذج.؛ بينما يتم
استخدام النماذج المطورة ( )VI ،V ،IVلمراعاة (وفي ظل) عدم توفر االفراض السابق .لتفاصيل أوفر ،أنظر:
- Johnston. J., and J. Dinardo. (1997), "Econometric Methods", 4th edition, Mc Graw–Hill, New York, P. 226.
193
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
نتائج االختبارات التي يلخصها الجدول ( )1.3أعاله (والمفصلة ضمن الجداول (،)3-II( ،)2-II( ،)1-II
( )6-II( ،)5-II( ،)4-IIمن الملحق ( ،))IIتفضي إلى قبول فرضية عدم استقرارية مستويات المتغيرات
( ،)LGDPD ،LRGDP ،LRM2 ،LRGEXP ،LRGREV ،LROPورفض هذه الفرضية بالنسبة لفروقاتها
األولى ( ،)DLGDPD ،DLRGDP ،DLRM2 ،DLRGEXP ،DLRGREV ،DLROPإذ أن القيم
المحسوبة إلحصائية " "ADFتفوق نظيرتها الحرجة بالنسبة لمستويات المتغيرات ،وتكون أقل منها بالنسبة
- 1الختبار معنوية كل من معلمة الحد الثابت ومعلمة اإلتجاه العام في نماذج ( Dickey-Fullerاألساسية والمطورة) ،تحت فرضية وجود الجذر
األحادي ،يتم الرجوع إلى جداول Dickeyو )1981( Fullerللحصول على القيم الحرجة إلحصائيات االختبار ،والتي نوضح جزء منها في الجدول
( ،)7-IIفي الملحق (.)II
-عند إجراء االختبارات ،يتم االنتقال من استخدام مجموعة النماذج األساسية إلى استخدام مجموعة النماذج المطورة ضمن االستراتيجية الموصوفة ،من
خالل اختبار مالئمة النماذج األساسية المستعملة في االختبار عند كل مرحلة من مراحل االستراتيجية السابقة الذكر ،عن طريق اختبار تحقق فرضية
الذاتي لألخطاء في هذه النماذج؛ لننتقل -في حالة رفض هذه الفرضية -إلى إجراء االختبار باستخدام نماذج Dickey-Fullerال ُمطورة غياب االرتباط ّ
في سياق نفس االستراتيجية المتبعة.
-الجدول ( )9-IIمن الملحق ( ،)IIيوضح العبارات ال ُمقترحة من طرف Dickeyو Fullerلمقدرات المربعات الصغرى ) (OLSلكل معلمة من
معلمات النماذج الثالث األساسية ،وكذا عبارات إحصائيات -tستودنت لكل منها ،وهي نفسها العابرات المستخدمة في النماذج المطورة للباحثين.
- Hayashi. F. (2000), "Econometrics", Princeton University Press, Prenceton, N.J., PP. 574-591. للتفاصيل أنظر:
- Hamilton. J.D. (1994), PP. 516-530.
2تم إعداد الجدول باالعتماد على النتائج الملخصة في الجداول ( )6-II( ،)5-II( ،)4-II( ،)3-II( ،)2-II( ،)1-IIمن الملحق (.)II
194
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
لفروقاتها األولى.1
.2.3.1تحليل التكامل المتزامن والعالقات طويلة األجل بين متغيرات النظام المدروس:
بعد أن أفضت نتائج اختبارات الالإستق اررية إلى عدم استقرار مستويات المتغيرات المدروسة (مقابل
استقرار فروقاتها األولى) ،فإن دراسة وتحليل العالقات طويلة األجل بين هذه المتغيرات –والتي تستدعي
االعتماد على المتغيرات في شكل مستويات دون إخضاعها للفروقات –2ستكون عملية محفوفة بالمخاطر
وغير مضمونة النتائج ،إذ ال تخلو من خطورة إمكانية الحصول على نتائج مضللة ،والتي تكون ناتجة أساسا
عن مشاكل زيف التقديرات (أو زيف االرتباطات) .3هذه المسألة هي ما عالجته نظرية التكامل المتزامن
المطورة من طرف Engle ،(1981-1986) Grangerو ،)1987( Stock ،(1987) Grangerثم Johansen
) ،(1988والتي فسحت المجال إلبراز وتوضيح العالقات المستقرة في األجل الطويل ،وتحليل ديناميكيات
األجل القصير في نفس الوقت ألي مجموعة متغيرات غير مستقرة ،إذا تحقق شرط وجود عالقة تكامل
متزامن ) (Cointegration Relationshipفيما بينها.4
نظريا ،يمكن أن تنشأ عالقة التكامل المتزامن بين متغيرات (متغيرتين أو أكثر) متكاملة من نفس الدرجة
5
يدا عن بعضها البعض مع مرور الزمن،
)) (I(dتبدي تطو ار مشتركا في المدى الطويل ،وال تنحرف بع ً
باستثناء بعض التقلبات العابرة (المؤقتة) .وهو ما يمكن اعتباره بمثابة توازن إحصائي ،يمكن تفسيره في عديد
1يتضح هذا بيانيا أيضا من خالل مقارنة التمثيل البياني للمتغيرات في شكلها اللوغاريتمي في شكل مستويات الموضح في الشكل ( )6.3أعاله ،والتمثيل
البياني لهذه المتغيرات في شكلها اللوغاريتمي في شكل فروقات الموضح في الشكل ) (9-IIمن الملحق (.)II
2صحيح أن عملية إخضاع المتغيرات إلى مر ِّشحات فروقات تسمح باستعادتها لخاصية اإلستقرار ،غير أنها تفرض –في الوقت ذاته -على هذه
المتغيرات التخلص من جزء كبير من المعلومات الضرورية لدراسة حركتها وتطور سلوكها عبر الزمن.
3تم اكتشاف ظاهرة االرتباطات الزائفة ألول مرة من طرف ،)1926( Yuleالّذي بين أنه يمكن بسهولة إيجاد ارتباطات "معنوية إحصائيّا" بين سالسل
زمنية غير مستقرة ،مستقلة عن بعضها البعض .ليتم بعد ذلك دراسة المسألة بشكل أعمق –بعد حوالي نصف قرن من الزمن– من طرف Granger
و ،)1974( New Boldواللّذان توصال –باالعتماد على ُمحاكاة Monte Carloلتوليد ( )100زوج من السيرورات العشوائية المستقلّة– إلى نتيجة
أساسية مفادها أنه في ( )77حالة من بين ( ،)100كانت اإلحصائية " "tتفوق القيمة " ."2مما أدى إلى رفض "خاطئ" لفرضية االستقاللية بين هذه
السيرورات في أكثر من ثالثة أرباع الحاالت .لتفاصيل أوفر ،أنظر- Yule. G.U. (1926), "Why Do We Sometimes Get Nonsense :
Correlations Between Time-Series ?: A Study in Sampling and the Nature of Time-Series", Journal of the Royal
Statistical Society, Vol.89, PP. 1-64.; - Granger. C.W.J., and P. Newbold. (1974), "Spurious Regression in
Economics", Journal of Econometrics, Vol. 2, PP. 111-120.; - Phillips. P.C.B. (1986), "Understanding Spurious
Regression in Economics", Journal of Econometrics, Vol. 33, PP. 311-340.
4
- Granger. C .W.J. (1981), "Some Properties of Time Series Data and their Use in Econometric Model
Specification", Journal of Econometrics, Vol. 16, No. 1, PP. 121-130.; - Granger. C .W. J. (1986), "Developments in
the Study of Cointegrated Economic Variables", Oxford Bulletin of Economics and Statistics, Vol. 48, PP. 213-228.
- Engle. R.F., and C.W.J. Granger. (1987), "Cointegration and Error Correction: Representation, Estimation and
Testing", Econometrica, Vol. 55, No. 2, PP. 251-276; - Stock. S.H. (1987), "Asymptotic Properties of Least-Squares
Estimators of Cointegrating Vectors", Econometrica, Vol. 55, PP.1035-1056.; - johansen. S. (1988), "Statistical
Analysis of Cointegrating Vectors", Journal of Economic Dynamics and control, Vol. 12, PP. 231-254.
5يُعتبر هذا الشرط بمثابة شرط ضروري أو شرط ُمسبق ) (preconditionللحديث عن إمكانية وجود عالقة تكامل متزامن بين أي مجموعة من
السالسل الزمنية غير المستقرة .حيث يشير ) 1986( Grangerأنه قد تكون هناك تركيبة خطية مستقرة بين سالسل زمنية (سلسلتين أو أكثر) غير
مستقرة؛ وفي هذه الحالة يقال عن مجموعة السالسل الزمنية المعنية أنها متكاملة تزامنيا.
195
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
التطبيقات الميدانية كعالقة اقتصادية في المدى الطويل .لذلك ،فإن كون المتغيرات محل دراستنا مستقرة
الفروقات ومتكاملة من نفس الدرجة (الدرجة األولى ) ،)I(1إضافة إلى إبدائها لتطو ارت متشابهة ومشتركة
–بيانيا -في المدى الطويل ،1يتيح -كما سبق وأسلفنا -دراسة إمكانية تشكل عالقة مستقرة في المدى الطويل
(عالقة تكامل متزامن) فيما بينها .وهو ما سنقوم به باالعتماد االختبارات اإلحصائية المناسبة.
من الناحية العملية ،فإن دراسة موضوع التكامل المتزامن ،تجبرنا على التعامل مع مسألة أساسية ،تتعلق
أساسا بكيفية تأكيد (أو نفي) وجود عالقات تكامل متزامن بين متغيرات نظام ما ،ومن ثم كيفية تقدير واختبار
ً
العالقات (طويلة وقصيرة المدى) بين هذه المتغيرات .في هذا الصدد تعد مقاربة -1991-1988( Johansen
)1995األنسب لمعالجة إشكالية التكامل المتزامن لدى األنظمة التي يتجاوز عدد متغيراتها المتغيرتين .لذا
سنعمد إلى اختبار إمكانية وجود عالقات تكامل متزامن بين المتغيرات الست محل الدراسة في إطار المقاربة
2
المذكورة؛ حيث سنقوم أوال –في إطار خوارزمية هذه المقاربة – بتحديد درجة التأخير المثلى للنموذج ""VAR
الذي سيستخدم في عملية االختبار -والذي سيتم تقديره باستخدام مستويات المتغيرات المعنية تحت قيد وجود
" "rعالقة تكامل متزامن -وذلك باالعتماد على مختلف األدوات واالختبارات اإلحصائية المستخدمة لهذا
الغرض ،وضمنها ما يسمى بمعايير المعلومات ).3(Informations Criteria
النتائج المتحصل عليها -والموضحة في الجدول ( )11-IIمن الملحق ( -)IIتبين أن اثنين من المعايير
قدرها سنة واحدة ،في حين )(Maximum Lag المستخدمة ( SCو )HQأتت على اختيار درجة تأخير قصوى
أسفر االختبار ) (LRوالمعيار ) (FPEعن اختيار درجة التأخير المقدرة بسنتين (تأخيرين) كأمثل درجة إبطاء
لوصف تغيرات مستويات متغيرات النظام المعني؛ أما وفق معيار المعلومات لـ (AIC) Akaikeفإن أفضل
درجة تأخير هي ثالث سنوات .4بناء على هذه النتائج سنختار درجة التأخير المقدرة بسنتين (تأخيرين)،
باعتبارها حل وسط من شأنه ضمان تفادي الوقوع في أخطاء التحديد ) ،(Specification Errorsالذي قد ينتج
عن إدراج عدد تأخيرات أقل مما يجب ) (Too Few Lagsمن جهة؛ وتجنب المبالغة في تضخيم عدد
المعلمات المقدرة ،التي قد تنتج عن استخدام عدد تأخيرات أكثر من الالزم ) ،(Too Many Lagsوما يمكن
196
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
أن تسببه من التهام لدرجات الحرية وفقدان للمعلومات ،من جهة أخرى.1
من ناحية أخرى ،وبالنظر إلى إبداء بعض المتغيرات محل الدراسة –متغيرة الناتج الحقيقي على وجه
الخصوص -التجاه عام عشوائي معنوي ) ،(Stochastic Trendوكذا متوسط غير معدوم (حد ثابت
معنوي) ،2فإننا سنجري اختبارات التكامل المتزامن –متمثلة في اختبار األثر ) ،(Trace Testواختبار القيمة
الذاتية العظمى ) (Max-eigenvalue Testلـ " -"Johansenفي ظل فرضية "وجود الحد الثابت فقط ضمن
انحدارات التكامل المتزامن ،ووجود اتجاه عام خطي ضمن النموذج " "VARالمستخدم في عملية االختبار".3
4
الجدول ( :)2.3نتائج إختبارات التكامل المتزامن لـ " "Johansenلمتغيرات النظام األساسي المحدد.
Unrestricted Cointegration Rank Test (Trace) & Unrestricted Cointegration Rank Test (Maximum
Eigenvalue) with Linear deterministic trend assumption.
Series: LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LRGDP LGDPD
0.05 0.05
Hyp. No. of Trace Critical Value **Prob. Max-Eigen **Critical Value Prob.
)CE(s Statistic Statistic
* None 153.0947 117.7082 0.0000 63.81826 44.49720 0.0002
* At most 1 89.27644 88.80380 0.0462 29.08694 38.33101 0.3828
At most 2 60.18950 63.87610 0.0982 26.49796 32.11832 0.2080
At most 3 33.69154 42.91525 0.3028 17.53439 25.82321 0.4137
At most 4 16.15715 25.87211 0.4800 12.20055 19.38704 0.3967
At most 5 3.956601 12.51798 0.7484 3.956601 12.51798 0.7484
من خالل نتائج االختبارات الموضحة في الجدول ( )2.3أعاله ،يتضح أن نتائج اختباري األثر والقيمة
الذاتية العظمى تصب في اتجاهين مختلفين .فوفق اختبار األثر نرفض الفرضية الصفرية H0التي تفيد بـ
"وجود عالقة تكامل متزامن واحدة على األكثر ) "(At most 1عند مستوى معنوية ) ،)5%إذ أن القيمة
المحسوبة إلحصائية االختبار ) (Trace Statisticفي ظل هذه الفرضية ( )89,27644تفوق نظيرتها المجدولة
عند مستوى المعنوية المذكور ( ،)88,80380لنقبل الفرضية البديلة H1التي تقضي بـ "وجود عالقتي تكامل
.5)TR(2) = 60,18950 < t0,05أما اختبار القيمة
متزامن على األكثر" ،بالنظر إلى كون (Tab = 63,87610
- Gujarati. D.N. (2003), P. 849. 1تفاصيل أدق بهذا الشأن ،ضمن:
2أنظر الجدول ( )10-IIمن الملحق (.)II
- Eviews 5 User’s Guide, Quantitative Micro Software, USA, 2005, P. 725. 3تفاصيل أدق ،موجودة ضمن:
4تم إعداد الجدول باالعتماد على مخرجات " "EViews 8.0بشأن اختبارات التكامل المتزامن ،الموضحة في الجدول ) (12-IIمن الملحق (.)II
5تعطى رتبة التكامل المتزامن بعدد عالقات التكامل المتزامن التي يتم قبول الفرضية البديلة عندها.
197
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
الذاتية العظمى فيفضي إلى قبول فرضية "وجود عالقة تكامل متزامن واحدة على األكثر )"(At most 1
،)λ𝑚𝑎𝑥 (1, 2) = 29,08694 < t 0,05بعد رفض فرضية "الغياب الكلي لعالقات التكامل
(Tab = 38,33101
عمليا ،وكما هو الحال في دراستنا الحالية ،يمكن أن يسفر اختباري األثر والقيمة الذاتية العظمى عن
نتائج متعارضة .وفي هذه الحالة يقترح Johansenو )1990( Juseliusإجراء االختيار على أساس قابلية
التفسير االقتصادي لعالقات التكامل المتزامن المقدرة .1وذلك باعتبار أن عالقات التكامل المتزامن هي
عالقات توازنية في األجل الطويل؛ إذ يعد التساؤل حول ما إذا كانت عناصر نظام متغيرات ما ) (Xمتكاملة
تزامنيا ،تساؤل حول ما إذا كانت هناك عالقات توازنية طويلة األجل بين االتجاهات العامة لهذه العناصر.2
من ناحية أخرى ،لبد من اإلشارة إلى إشكالية التمييز ) (Identification Problemالتي تعترضنا في هذه
الحالة .إذ أنه من غير الممكن تمييز عالقات التوازن في المدى الطويل دون توفر بعض المعلومات
كثير
اإلضافية ) ،(Extraneous Informationsالتي تقدمها قيود النظرية االقتصادية .فشعاع التكامل المتزامن ا
ما يكون غير مميز ،باعتباره –ببساطة -عبارة عن توليفة خطية مستقرة ،ال تملك بالضرورة تفسير اقتصادي
واضح ومفهوم .3في حين يرى – )1992( Maddalaفي هذا الصدد -أن "التكامل المتزامن" يبقى مصطلح
أساسا بخصائص السالسل الزمنية لنظام المتغيرات المدروس .وبالتالي
ً إحصائي بحت ) ،(A-theoricalيتعلق
فإن عالقات التكامل المتزامن قد ال تحتاج ألن يكون لها أي تفسير اقتصادي.4
بناء على ما سبق ،وبعد أن أسفرت اختبارات التكامل المتزامن الموصوفة أعاله عن وجود شعاعي تكامل
متزامن كحد أقصى -وفق نتائج اختبار األثر -بين نظام المتغيرات المعنية بدراستنا ،فإننا سنقوم بتقدير
عالقتي التكامل المتزامن المكتشفتين ،بعد تسوية شعاعي التكامل المتزامن على المتغيرتين ""LRGDP
و"،5"LGDPDالختبار ما إذا كان هناك أثر معنوي (عالقة معنوية) في المدى الطويل لتغيرات أسعار النفط
والسياسة المالية -بشكل خاص -على األداء االقتصادي الكلي في الجزائر (ممثال بمتغيرتي الناتج الحقيقي
والمستوى العام لألسعار) ،وتحديد نوع وحجم هذا األثر إن وجد.
1أنظر- Johansen. S., and K. Juselius. (1990), "Maximum likelihood Estimation and Inference on Cointegration :
With Applictions to the Demand for Money", Oxford Bulltin of Economics and Statistics, Vol. 52, PP.169-210.
أنظر كذلك في هذا الشأن- Lütkepohl. H., Saikkonen. P., and C. Trenkler. (2000), "Maximum Eigenvalue Versus Trace :
Tests for the Cointegrating Rank of a VAR Process", Working Paper No. 2000/83, Humboldt University, Berlin.
2
Maddala. G.S, (1992), P. 589.
3
Do not necessarily have meaningful Economic interpretation.
4
Maddala. G.S. (1992), P. 596.
5
Normalizing the cointegration vector on "LRGDP" and "LGDPD".
-أنظر الجدول ) ،(13-IIوالجدول ) (14-IIمن الملحق (.)II
198
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
المعادلة ( )10.3أدناه ،توضح نتائج تقدير عالقة التكامل المتزامن –األولى -بعد تسوية شعاع التكامل
المتزامن على المتغيرة " ،1(Normalized on "LRGDP") "LRGDPبينما توضح المعادلة ( )11.3نتائج تقدير
"Normalized) "LGDPD عالقة التكامل المتزامن –الثانية -بعد تسوية شعاع التكامل المتزامن على المتغيرة
" .2(on "LGDPDمن خالل المعادلة األولى تظهر " "LRGDPكمتغيرة تابعة ،بينما تعطي معامالت باقي
المتغيرات –والتي تظهر كمتغيرات مستقلة -في هذه المعادلة تقييما لحجم ونوع العالقة في المدى الطويل بين
هذه المتغيرات ومتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي .أما من خالل المعادلة الثانية فتظهر ""LGDPD
كمتغيرة تابعة ،في حين تقدم معامالت باقي المتغيرات –التي تظهر في الطرف األيمن من المعادلة -تقييما
كميا لحجم ونوع العالقة في المدى الطويل بين هذه المتغيرات ومتغيرة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام.
)LRGDP = 9,66 + 0,32 LROP + 1,03 LRGREV + 1,40 RLGEXP + 0,32 LRM2 ....(3.10
][-2,17217 ][-3,22816 ][-4,44886 ][-1,68092
بناء على النتائج الموضحة في المعادلة ( )10.3يمكننا القول أنه في المدى الطويل ،توجد عالقة طردية
معنوية إحصائيا بين الناتج الحقيقي في الجزائر (معب ار عنه بلوغاريتم الناتج الداخلي الخام الحقيقي) ،وكل
من سعر النفط ،واإليرادات العامة واإلنفاق الحكومي (السياسة المالية)؛ حيث يؤدي ارتفاع (أو توسع) قدره
) (1%في السعر الحقيقي للنفط ) ،(LROPاإليرادات العامة الحقيقية ) ،(LRGREVواإلنفاق الحكومي
الحقيقي ) ،(LRGEXإلى ارتفاع بمعدالت تقارب ) ،(1,03%) ،(0,32%و)- (1,40%على التوالي -في نمو
الناتج الحقيقي لالقتصاد الجزائري على المدى الطويل .بينما يبدوا من خالل النتائج المذكورة أنه ال توجد
عالقة معنوية في المدى الطويل بين الناتج الحقيقي وعرض النقد (السياسة النقدية) في االقتصاد الجزائري.
)LGDPD = 32,38 – 1,09 LROP – 3,47 LRGREV + 4,70 RLGEXP + 3,34 LRM2 ...(3.11
)…..(3.8
][3,49819 ][3,57156 ][-5,61980 ][-7,44453
من ناحية أخرى ،تظهر النتائج المبينة في المعادلة ( )11.3أنه توجد عالقة عكسية معنوية في المدى
الطويل ،بين المستوى العام لألسعار (معب ار عنه بلوغاريتم معامل انكماش الناتج الداخلي الخام) ،وكل من
سعر النفط واإليرادات العامة ،إذ من شأن توسع قدره ) (1%في السعر الحقيقي للنفط ) (LROPواإليرادات
العامة الحقيقية ) ،(LRGREVأن يؤدي على المدى الطويل إلى انكماش بمعدالت قدرها )(1,09%
و)- (3,47%على التوالي -في معدالت التضخم في االقتصاد الجزائري .في حين تبدي نفس النتائج
199
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
المذكورة ،وجود عالقة طردية معنوية في المدى الطويل بين المستوى العام لألسعار وكل من اإلنفاق
الحكومي الحقيقي وعرض النقد الحقيقي ،حيث يؤدي ارتفاع قدره ) (1%في المتغيرتين األخيرتين إلى ارتفاع
في معدالت التضخم بنسب تقارب ) (1,03%) ،(0,32%على الترتيب.
.2أسعار النفط والسياسة المالية وأداء االقتصاد الكلي الجزائري ضمن نماذج " :"VARتحديد واختبار
النموذج األساسي للنظام المدروس ")."VAR (p
بعد التحديد والتعريف الجيد لمتغيرات النظام االقتصادي المدروس ،ومن ثم تحليل ودراسة الخصائص
اإلحصائية الجوهرية لهذه المتغيرات (االستق اررية والتكامل المتزامن)؛ نسعى من خالل هذا الجزء إلى تحديد
وبناء نموذج ديناميكي )– (Dynamic Modelضمن إطار منهجية المقاربة " -"VARيتم من خالله رصد
وتتبع وتحليل مختلف العالقات والتفاعالت الديناميكية المتشابكة ) (Dynamic Interactionsبين عناصر
(متغيرات) النظام األساسي محل الدراسة.
في إطار معالجة اإلشكال المنهجي المطروح ضمن المرحلة الحالية من الدراسة ،تبرز أهمية االختبارات
اإلحصائية -التي تم تنفيذها أعاله -بشأن الخصائص اإلحصائية الجوهرية للمتغيرات المحددة ضمن
المراحل السابقة (اختبارات الجذر األحادي وغياب التكامل المتزامن) .حيث تميز األدبيات التطبيقية ذات
الصلة بالموضوع -بناء على نتائج االختبارات المذكورة -بين طريقتين مختلفتين لتحديد النموذج " "VARفي
حالة كون متغيرات النظام المدروس غير مستقرة ومتكاملة تزامنًيا ،كما هو الحال في دراستنا الحالية؛ إذ أن
كل من النموذجين "( "VARغير مقيد) للمتغيرات في شكل مستويات ،ونموذج شعاعي لتصحيح اعتماد ٌّ
الخطأ " "VECMيكون مالئم في هذه الحالة ،في حين قد يؤدي تحديد وتقدير النموذج باستخدام المتغيرات
200
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
قائما حول مسألة إمكانية أفضلية أحد الوصفين على اآلخر؛ أو –بعبارة أخرى-
مع ذلك ،يبقى الجدل ً
أيهما يكون أكثر مالئمة لوصف العالقات بين المتغيرات المدروسة .فعلى الرغم من أن" "VECMيعكس
مختلف العالقات السائدة بين المتغيرات بشكل أفضل –بتوفيقه بطريقة مالئمة بين السلوك طويل المدى
للمتغيرات وعالقاتها في األجل القصير -إال أنه ال يوجد ما يضمن أن إدراج قيود تحديد سلوكات المدى
أساسا يمكن االعتماد عليه إلجراء
ً الطويل للمتغيرات ،والتي تتضمنها عالقات التكامل المتزامن ،سيشكل
استنتاجات هيكلية مقبولة ومفهومة .2فضال عن ذلك ،تبرز مسألة الجدل حول األداء والقدرة التنبؤية
للمقاربتين المعنيتين ،فبينما وجد Engleو )1987( Yooأن التنبؤات باستخدام نماذج " "VARتتحسن مع
القيود المدرجة بموجب نظرية التكامل المتزامن ،3نجد أن Nakaو )1997( Tufteقد توصال إلى تشابه نتائج
المنهجيتين في اآلفاق التنبؤية القصيرة.4
من ناحية أخرى ،يؤيد كل من Clements ،)1992( Doan ،)1980( SimsوHoffman ،)1995( Hendry
( ،)2002استخدام المتغيرات في شكل مستويات لتقدير نماذج "،"VAR و ،)1996( RascheوAnderson et al
مبررين رأيهم بكون الهدف األساسي من تقدير هذه النماذج ،يكمن في إبراز وتحديد شبكة العالقات
والتفاعالت الديناميكية بين متغيرات النظام المدروس ،وليس تقدير المعلمات في حد ذاته .وفي ذات الصدد،
يوصي هؤالء الباحثين بعدم إخضاع المتغيرات إلى مرشحات الفروقات ،حتى لو احتوت هذه المتغيرات على
جذور أحادية؛ إذ أنهم يرون أن طريقة الفروقات من شأنها أن تفرض على المتغيرات غير المستقرة ،التخلص
من جزء مهم من المعلومات الضرورية لدراسة ورصد حركة ومسار المتغيرات المقصودة عبر الزمن ،والتي
تتعلق أساسا بالمعلومات ذات الصلة بالتحركات المتزامنة (المشتركة) للمتغيرات (على غرار عالقات التكامل
1تفاصيل أدق بهذا الشأن ،ضمن- Sims. C.A., J.H. Stock., and M.W. Watson. (1990), "Inference in Linear Time Series :
Models With Some Unit Roots", Econometica, Vol. 58, PP.113-144.
- Phillips. P.C.B., and J.Y. Park. (1988), "Statistical Inference in Regressions with Integrated Processes: Part 1",
Econometric Theory, Vol. 4, PP. 468-497.
- Phillips. P.C.B., and J.Y. Park. (1989), "Statistical Inference in Regressions with Integrated Processes: Part 2",
Econometric Theory, Vol. 5, PP. 95-131.
- Phillips. P.C.B. (1991), "Optimal Inference in Cointegrated Systems", Econometrica, Vol. 59, PP.283-306.
- Hamilton. J.D. (1994), PP. 549-557, 579-580.; - Hayashi. F. (2000), PP. 636-638.
2أنظر- Faust. J., and E. Leeper. (1997), "When do Long-run Identifying Restrictions Give Reliable Results", :
Journal of Business and Economic Statistics, Vol. 15, No. 3, PP. 345-353.
3أنظر- Engle. R.F., and B.S. Yoo. (1987), "Forcasting and Testing in Cointegrated Systems", Juornal of :
Econometrics, Vol. 35, PP.143-159.
4أنظر- Naka. A., and D. Tufte. (1997), "Examining Impulse Response Functions in Cointegrated Systems", Applied :
Economics, Vol. 29, No. 12, PP. 1593-1603.
201
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
المتزامن المحتملة).1
في حالة عدم إدراج قيود التكامل المتزامن وعدم أخذها بعين االعتبار ،فإن هذا يعني فقط أن االستجابة
طويلة األجل لبعض المتغيرات ستكون غير مقيدة ،وبذلك قد تتبع مسارات متباينة .في حين لن يتأثر التحليل
قصير األجل ،وسيبقى صحيح وفعال .إضافة إلى ذلك ،وبالرغم من أن المقدرات ضمن نماذج " "VARتفقد
فعاليتها (كفاءتها) إذا لم يتم إدراج قيود التكامل المتزامن ،إال أنها تبقى متسقة ) (Consistentوفعالة تقاربيا
) .(Asymptotically Efficientومن ناحية أخرى ،فإن إدراج قيود تكامل متزامن -قد تظهرها البيانات -ليس
لها تفسير اقتصادي مقبول ،من شأنه أن يكون سببا في انخفاض فعالية (كفاءة) المقدرات .2في ذات الصدد،
أثبت )1990( Sims et alأن معظم االختبارات القياسية التقاربية التقليدية التي يتضمنها االستدالل القياسي
التقاربي ) ،(Standard Asymptotic Inferenceستبقى صالحة ،ولن تتأثر حتى لو احتوت المتغيرات التي
يتضمنها النموذج " "VARفي شكل مستويات على جذور أحادية ،وكذلك حتى لو كانت هذه المتغيرات
متكاملة تزامنيا ).3(Cointegrated
بناء على االعتبارات الموصوفة أعاله ومراعاة لخصائص الدراسة الحالية وطبيعة أهدافها ،سنقوم بنمذجة
نظام المتغيرات المدروسة ضمن المقاربة " ،"VARباستخدام مستويات المتغيرات ،دون إخضاعها إلى
مرشحات الفروقات ،ودن إدراج قيود التكامل المتزامن التي أسفرت عنها البيانات.
بعد الفصل في إشكالية تحديد النموذج " ،"VARنسعى من خالل هذه الخطوة إلى تقدير ،ثم اختبار
النموذج " "VARاألساسي المتضمن لمستويات المتغيرات الست –المحددة -محل الدراسة ( LROP,
،)LRGREV, LRGEXP, LRM2, LRGDP, LGDPDوالذي سيتم استخدامه لرصد ،ومن ثم دراسة وتحليل
التفاعالت الديناميكية بين المتغيرات المعنية؛ وخاصة التفاعالت والعالقات المتشابكة بين كل من متغيرة
- Sims. A.C. (1980), " Macroeconomics and Reality", Econometrica, Vol.48, January, PP.1-48. 1للتفاصيل ،أنظر:
- Doan. T. (1992), "RATS User's Manual", Evanston, Illinois. Estima.; - Clements. M.P., and D.F. Hendry. (1995),
"Forecasting in Cointegrated Systems", Journal of Applied Econometrics, Vol. 10, PP. 127-146.
- Hoffman. D.L., and R.H. Rasche. (1996), "Assessing Forecast Performance in a Cointegrated System", Journal of
Applied Econometrics, Vol. 11, No. 5, PP. 495-517.
- Anderson. R.G., Hoffman. D.L., and R.H. Rasche. (2002), "A Vector Error Correction Forecasting Model of the
US Economy", Journal of Macroeconomics, Vol. 24, Issue. 4, December, PP.569-598.
- Enders. W (2004), "Applied Econometric Time Series", 2ed Edition, John Wiley & SONS, INC, P. 301.
2تفاصيل أوفر عن الموضوع ،ضمن - De Arcangelis. G., and G. De Giorgio. (1999), "Monetary Policy Shocks and :
Transmission in Italy: A VAR Analysis", Proceeding of the 9th edition of the Conference "Ricerche Quantitative per
la Politica Economica”, Bank of Italy and CIDE, Perugia, 1999.
- Sims. C.A., J.H. Stock., and M.W. Watson. (1990). 3أنظر:
202
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
سعر النفط ،متغيرات السياسة االقتصادية ،ومتغيرات األداء االقتصادي الكلي .يأخذ النموذج " "VARالمحدد
ذو درجة التأخير "- )VAR(p)( "pوالذي نبحث في تقديره واختباره ثم استخدامه -الشكل التالي:
𝑝
أما " "pفتمثل درجة التأخير المثلى ،والتي تعبر عن عدد التأخيرات (عدد فترات اإلبطاء) ،التي ستكون
كافية لوصف كل االرتباطات الديناميكية بين عناصر الشعاع Xضمن النظام " ."VARوتعتبر الدرجة ""P
أول ما يتوجب تحديده عند تقدير النماذج " ،"VARحيث يتم ذلك –كما أرينا أعاله -بناء على مجموعة
خاصة من االختبارات والمعايير اإلحصائية المناسبة2؛ والتي سبق وأن قادتنا إلى اختيار درجة التأخير
المقدرة بسنتين ،كأفضل درجة إبطاء ،يفترض أن تكون كافية لتقديم وصف شامل للتفاعالت التي تحدث بين
المتغيرات الداخلية محل الدراسة .لتكون بذلك كل متغيرة من هذه المغيرات مفسرة بواسطة قيمها المؤخرة
بفترتين (سنتين) ،إضافة إلى الحد الثابت والقيم المؤخرة بفترتي إبطاء لباقي المتغيرات في النظام.
يمكن النظر إلى النموذج ) VAR(Pالموضح في العبارة ( )10.3على أنه ليس سوى نظام (معادالت)
انحدارات غير مرتبطة ظاهرًيا ) ،(Seemingly Unrelated Regressionsتتضمن معادالته نفس الم ِّ
حدرات
) .3(With Indentical Regressionsوبذلك فإنه يمكن تقدير كل معادلة من معادالت النظام ) VAR(Pعلى
ِحدا -وفق نظرية " )1962( "Zellnerفي ظل تحقق فرضية غياب االرتباط الذاتي لألخطاء 4-باستخدام
طريقة المربعات الصغرى العادية (حتى في حالة وجود االرتباط الفوري لألخطاء من معادلة ألخرى)؛ حيث
أن ِّ
المقدرات المتحصل عليها في هذه الحالة ستكون مكافئة (من حيث الفعالية) ،لتلك الناتجة عن عملية
1يُطلق على عناصر هذا الشعاع عدة تسميات تتضمن :التجديدات ) ،(innovationsالصدمات ) ،(Shocksالدوافع ) ،(Impulsesأو اضطرابات
(تشويشات) عشوائية ).(Random Disturbances
2أنظر الجزء الخاص بتحديد درجة التأخير المثلى للنموذج "- "VARلمتغيرات النظام األساسي في شكل مستويات -المستخدم في اختبارات التكامل
المتزامن أعاله .نتائج المعايير المذكورة يلخصها الجدول ( )11-IIمن الملحق (.)II
th
- Green. W.H. (2003), "Economitric Analysis", 5 edition, Prentice Hall, New Jersy, PP.588-589. 3أنظر:
4للمزيد من التفاصيل حول هذه النظرية ،أنظر– Zellner. A. (1962), "An Efficient Method of Estimating Seemingly Unrelated :
Regressions and Tests For Aggregation Bias", Journal of the American Statistical Association, Vol. 57, PP.348-368.
203
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تقدير النظام ككل باستخدام طريقة المربعات الصغرى المعممة ) ،1(GLSأو باستخدام طريقة أعظم احتمال
) ،(MLفي حالة تحقق فرضية التوزيع الطبيعي المتعدد لألخطاء.2
بناء على المبررات أعاله ،يوضح كل عمود من أعمدة الجزء األول من الجدول ( )15-IIفي الملحق
( ،)IIنتائج التقدير المنفصل (كل على حدا) لمعادالت االنحدار في النموذج ) VAR(2المحدد –باعتباره
النموذج األساسي للدراسة الحالية -باالعتماد على طريقة المربعات الصغرى العادية ) .3(OLSفي حين يقدم
الجزء الثاني من ذات الجدول ،مختلف اإلحصائيات المرافقة لكل انحدار (معادلة) من االنحدارات المقدرة
) ،(Standard OLS Regression Statistics for each Equationوالتي يتم حسابها بصفة مستقلة انطالقًا من
البواقي المقدرة لكل معادلة .أما الجزء األخير فيتضمن ملخص ألهم اإلحصائيات اإلجمالية المحسوبة للنظام
) VAR(2المقدر.
.3.2اختبار ،ضبط ،وتشخيص النموذج األساسي المقدر ).(Diagnostic Checking Tests) :VAR(2
نسعى من خالل هذه الخطوة –بعد تقدير النموذج األساسي ) -VAR(2إلى التحقق من التحديد الجيد
للنموذج األساسي المقدر ،والتأكد من غياب أخطاء التحديد ) (Misspecification Errorsضمن هذا النموذج.
وبالتالي اختبار ما إذا كان النموذج المقدر يقدم تمثيال مناسبا لعالقات وتفاعالت متغيرات النظام االقتصادي
محل الدراسة .تنطوي عملية االختبار على ثالث مجموعات أساسية من االختبارات ،من شأنها تحديد مدى
صالحية النموذج المقدر ) ،(His Validityوكذا درجة االعتماد عليه ) (His Reliabilityلغرض بلوغ األهداف
المنشودة من وراء عملية تقديره .تتضمن المجموعة األولى اختبارات جودة التوفيق )Testing Goodness of
(Fitلدى النموذج؛ أما المجموعة الثانية فتتضمن اختبارات استقرار وثبات النموذج المقدر؛ في حين يتم
التأكد من غياب االرتباط الذاتي ألخطاء النموذج المقدر ،بموجب المجموعة الثالثة من االختبارات.
ضمن المجموعة األولى من االختبارات ،تفضي اختبارات المعنوية الفردية -باالعتماد على اإلحصائية
" "tلستودنت ) -(t-statisticsلمعلمات كل انحدار من االنحدارات الست في النموذج ) VAR(2المقدر ،إلى
نتيجة مفادها أن حوالي ) (83%من هذه المعلمات ال تختلف عن الصفر بمعنوية ،وذلك عند مستوى معنوية
)( (5%عند مستوى ثقة قدره ) .)(95%وهي نتيجة غير مفاجئة -في الواقع -خاصة إذا أخذنا بعين االعتبار
1يتعلّق األمر بطريقة GLSالقابلة للتّطبيق ) ،(Feasible GLSوالتي تطبق باإلعتماد على عملية تكرارية.
2لتفاصيل أدق ،أنظر- Wooldridge. J.M. (2002), "Econometric Analysis of Cross Section and Panel Data", The MIT :
Press, London (England), PP.164-166.; - Green. W.H. (2003), PP. 343-344.
- Kirchgässner. G., and J. Wolters (2007), P.133.; - Hamilton. J.D. (1994), PP. 291-302.
3األرقام بين ( ).تمثل االنحرافات المعيارية لمقدرات المعلمات ،أما األرقام بين ] [.فتمثل إحصائيات " "t-Studentلهذه المقدرات.
204
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
مشكل التعدد الخطي الذي غالبا ما يكون مالزما لهذا النوع من النماذج.1
من جهة أخرى ،تظهر النتائج المعروضة ضمن القسم الثاني من الجدول ( )15-IIفي الملحق ( ،)IIجودة
التوفيق العالية التي تميز معادالت االنحدار ضمن النموذج ) VAR(2المقدر .ويتجلى ذلك من خالل ارتفاع
قيم معامالت التحديد ) )R-squaredالمرافقة لهذه المعادالت (وحتى قيم معامالت التحديد المصححة )Adj.
،)(R-squaredمما يعني –ببساطة -أن النموذج المقدر يسمح بتفسير جزءا مهما من التغيرات التي تحدث
في المتغيرات الداخلية للنظام الذي يمثله .إضافة إلى أن القيم العالية إلحصائيات االختبار(F-statistic) F
االنحدار في النموذج المعني ،تؤكد القدرة التفسيرية العالية لهذه المعادالت ،وذلك عند مستوى ثقة قدره
) .(99%ذلك فضال عن المعنوية اإلحصائية المنخفضة ) (p − values < 0,05إلحصائيات االختبار
2
" – " Chi-squared Wald test statistics-χالتي يتم حسابها بالنسبة لكل تأخير على حدى ضمن النموذج
) ،VAR(2من أجل اختبار المعنوية المشتركة لكل المتغيرات الداخلية عند ذلك التأخير ،بالنسبة لكل معادلة
على حدا وكذلك بالنسبة لمعادالت النموذج ككل– والتي تؤدي إلى اإلقرار بمعنوية كل المتغيرات الداخلية
عند ٌّ
كل من التأخير األول والثاني (سنة واحدة وسنتين) ،وذلك بالنسبة لكل معادالت النموذج المقدر
منفصلة ،وكذا مجتمعة.2
ضمن المجموعة الثانية من اختبارات ضبط وتشخيص النموذج المقدر ،نسعى إلى التحقق مما إذا كان
هذا النموذج يستوفي شرط اإلستقرار ،الذي يعد شرطا ضروريا لمواصلة االعتماد على النموذج ،واستخدامه
الختبار العالقات السائدة بين متغيرات النظام الذي يمثله .وذلك أن كون النموذج " "VARغير مستقر ،من
شأنه أن يجعل الشكوك تحوم حول صحة ومصداقية النتائج المستخلصة بناء على التقديرات واالختبارات
التي يتم إجراءها ضمن هذا النموذج (على غرار نتائج تحليل دوال االستجابة وتفكيك التباين) .في هذا
اإلطار ،يكون النظام " "VARالمقدر مستقر ،إذا وفقط إذا كانت كل الجذور العكسية " "inverse rootsلكثير
الحدود المميز لجزء االنحدار الذاتي ضمن هذا النظام تقع داخل دائرة الوحدة )،(lie inside the unit circle
بحيث تأخذ -كلها -قيما ال تتجاوز الواحد الصحيح.3
1للمزيد من التفاصيل حول الموضوع ،أنظر :لعاللي عالوة (" ،)2007سياسات الضبط واالستقرار حسب منظور النمذجة غير الهيكلية :حالة االقتصاد
الجزائري" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،الجزائر ،ص ص.134-132 .
2يتعلق األمر باختبار استبعاد (إقصاء) التأخيرات ) .(Lag Exclusion Testللمزيد من التفاصيل بشأن هذا االختبار ،أنظر:
- Eviews. 5 User’s Guide, P. 709.
-نتائج االختبار بالنسبة للنموذج األساسي المقدر ) ،VAR(2يوضحها الجدول ( )16-IIمن الملحق (.)II
3تفاصيل أوفر حول الموضوع ،توجد ضمن- Maddala. G.S. (1992), PP.579-580, 298-303.; - Hamilton. J.D. (1994), PP.259, :
285-286. ; - Johnston. J., and J. Dinardo. (1997), PP. 287-295.
205
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
بالنسبة للنموذج ) VAR(2المقدر في دراستنا الحالية ،يبدوا -من خالل الشكل ( )12-IIفي الملحق (-)II
أن قيم كل الجذور العكسية لكثير الحدود المرافق لجزء االنحدار الذاتي ضمن هذا النموذج ،ال تتجاوز الواحد
الصحيح ،إذ أنها تقع كلها داخل دائرة الوحدة .وبذلك يمكننا القول أن النموذج األساسي ) VAR(2يستوفي
شرط اإلستقرار ).(VAR(2) satisfies the stability condition
أخيرا ،سنسعى وفق المجموعة الثالثة من اختبارات التشخيص ،إلى اختبار فرضية غياب االرتباط الذاتي
التسلسلي لألخطاء ضمن معادالت انحدار النظام ) VAR(2المقدر .وذلك باعتبار أن هذه الفرضية تعد
-كما هو مألوف -من الفرضيات األساسية التي ينبغي توفرها في أخطاء معادالت النماذج المقدرة باستخدام
طريقة المربعات الصغرى العادية ) ،(OLSحيث تعتمد فعالية (كفاءة) م ِّ
قدرات هذه الطريقة بشكل حاسم على
مدى تحقق الفرضية المذكورة .ذلك ،فضال عن أن غياب االرتباط الذاتي لألخطاء قد يحمل دالالت عدة
المفسرة للظاهرة المدروسة
ِّ بشأن التحديد الجيد والسليم للنموذج ،والتي تتعلق أساسا بحسن اختيار المتغيرات
(الذي يتجلى في التحديد الجيد لدرجة التأخير المناسبة في حالة النماذج " ،)"VARالصياغة الرياضية
السليمة لمعادالت النموذج ،وغيرها.
بناء على المبررات أعاله ،ولغرض التحقق من التحديد والتقدير الجيد للنموذج األساسي ) ،VAR(2سنقوم
فيما يلي باختبار فرضية غياب االرتباط الذاتي لألخطاء في كل معادلة من معادالته؛ وذلك من خالل
اختبار مدى تحقق هذه الفرضية لدى البواقي ) (Residualsالناتجة عن تطبيق ِّ
مقدرات OLSعلى كل معادلة
من هذه المعادالت ،باالعتماد على إحصائية اختبار مضاعف الﭭرانج متعدد المتغيرات )multivariate LM
1
،(test statisticأين تكون فرضية "غياب االرتباط الذاتي للبواقي من الدرجة "hهي فرضية العدم المختبرة.
وفقا لنتائج االختبار الموضحة في الجدول ( )17-IIمن المحلق ( ،)IIتقودنا المعنوية اإلحصائية المرتفعة
إلحصائية االختبار " "LMالمرافقة لمختلف درجات التأخير (درجات االرتباط) "Prob(LM-( "h = 1,2,...,15
،Stat) > 0,05بالنسبة لمختلف درجات االرتباط) ،إلى قبول فرضية العدم المختبرة عند كل تأخير من هذه
التأخيرات ،وذلك عند مستوى ثقة يفوق الـ ) .(95%هذه النتيجة يدعمها التمثيل البياني لمعامالت دوال
االرتباط الذاتي )- (Correlogramsإلى غاية الدرجة ) -(h = 15لبواقي كل معادلة من معادالت انحدار
النظام األساسي المقدر ،أين يظهر أن كل هذه المعامالت تقع داخل مجال الثقة الممثل بالخطين المتقطعين
2
1في ظل الفرضية الصفرية (غياب االرتباط الذاتي للبواقي من الدرجة ،)hاإلحصائية " "LMتتبع توزيع χتقاربيا ،بدرجة حرية قدرها ( N2حيث N
هو عدد المتغيرات الداخلية في النظام) .تفاصيل أوفر عن صيغة اختبار مضاعف الﭭرانج المتعدد ،ضمن- Johansen. S. (1995), "Likelihood- :
based Inference in Cointegrated Vector Autoregressive Models", Oxford University Press, Oxford, P. 22.
206
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
( ) 𝑇√ ،±2 (1⁄حيث Tيمثل عدد المشاهدات) ،1مما يعني أن معامالت هذه الدوال ال تختلف عن الصفر
بمعوية .بذلك يمكننا القول أن النظام األساسي المقدر ) VAR(2ال يعاني مشكل االرتباط الذاتي لألخطاء.
وبناء على كل االختبارات السابقة يمكن القول أن النظام المعني محدد بشكل تام وجيد ).(Fully Specified
المبحث :03التقييم الكمي ألثر صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على أداء االقتصاد الكلي
الجزائري :التحليل الهيكلي ضمن نماذج "."VAR
تصنف مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " ،"VARبوصفها من المقاربات الموجهة عن طريق
البيانات ) ،(A Data- Oriented Approachفي ميزة تتعارض مع ما هو عليه الحال بالنسبة لعديد المقاربات
النظرية أو الهيكلية .وهذا يعني أن المقاربة " "VARتعتمد –في معالجتها للعالقات السائدة بين متغيرات
األنظمة التي تتناولها بالتحليل -على معايير إحصائية ) ،(Statistical Criteriaأكثر من اعتمادها على
المعايير االقتصادية النظرية ) ،(Economic Criteriaكما أنها تأخذ وتفرض أقل قدر ممكن من القيود
الهيكلية االقتصادية ،باعتبار هذه األخيرة نقطة انطالق أساسية لبناء وتقدير النماذج االقتصادية القياسية.
من ناحية أخرى ،أثبتت نماذج " "VARأنها طريقة مناسبة لتحليل وتلخيص العالقات الديناميكية بين
المتغيرات االقتصادية الكلية .إذ أنه وباعتبار أن هذه النماذج تمثل وتوضح االرتباطات السائدة بين نظام أو
مجموعة ما من المتغيرات ،فإنها غالبا ما تستخدم لدراسة وتحليل بعض المفاهيم ذات الصلة بالعالقات بين
متغيرات األنظمة محل االهتمام .وفي هذا الصدد ،يعتمد التحليل الهيكلي ) (Structural Analysisضمن
نماذج " "VARعلى أدوات فريدة وخاصة ،إذ يمكن استخدام هذه النماذج –بمجرد تقديرها واختبارها -لدراسة
العالقات السببية بين متغيرات األنظمة التي تمثلها (من خالل اختبارات السببية وفق ،)Grangerومحاكاة
استجابة أي متغيرة في المجموعة عبر الزمن ،تجاه صدماتها الذاتية والصدمات الناتجة عن أي متغيرة أخرى
في النظام (من خالل دوال االستجابة الدفعية أو التلقائية) ،إضافة إلى توضيح مساهمة وأهمية أي متغيرة في
أي من المتغيرات األخرى (من
النظام في تفسير تقلباتها الذاتية ،وكذا التقلبات والتغيرات التي تحدث في ٍّ
خالل تقنية تفكيك تباين خطأ التنبؤ).
.1تحليل النتائج التجريبية من خالل النموذج األساسي ) :VAR(2اختبارات السببية ودوال االستجابة.
بعد التحديد والتقدير الجيد للنموذج األساسي )- VAR(2ضمن المبحث السابق -والتأكد من كونه يقدم
مناسبا لمشاهدات وحركات متغيرات النظام األساسي محل الدراسة (بإخضاعه إلى مجموعة من
ً تمثيال
1أنظر الشكل ) (13-IIمن الملحق ( ،)IIحيث يظهر التمثيل البياني لدوال االرتباط الذاتي ) (Correlogramsلبوقي معادالت النموذج )VAR(2
المقدر من خالل األشكال الواقعة على القطر الرئيسي لهذا الشكل.
207
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
اختبارات الضبط والتشخيص التي أكدت صالحيته وامكانية االعتماد عليه) ،سنعمد فيما يلي إلى رصد
وتحديد شبكة العالقات والتفاعالت الديناميكية بين متغيرات النظام المعني ،إضافة إلى محاولة تقيم طبيعة
هذه العالقات ،من خالل تحليل ديناميكية النموذج المقدر باالعتماد على أدوات التحليل القياسي والكمي التي
توفرها المقاربة القياس اقتصادية المتبناة ،متمثلة في مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " ،"VARوما
تنفرد به من أدوات تحليل خاصة ،مجملة في اختبارات السببية وفق ومفهوم " ،"Grangerتحليل آثار
الصدمات من خالل دوال االستجابة الدفعية (التلقائية) ،وتحليل تفكيك تباين خطأ التنبؤ .حيث سنقوم أوالً
-من خالل الجزء الحالي من الدراسة -برصد وتحديد اتجاهات عالقات السببية –وفق مفهوم -Grangerبين
متغيرات النظام ،قبل أن نحاول تحديد حجم ونوع هذه العالقات باالعتماد على تقنية محاكاة الصدمات
وتحليل دوال االستجابات الدفعية ،لنعمد في األخير –من خالل الجزء األخير من هذا الفصل -إلى تحديد
األهمية النسبية لكل متغيرة من متغيرات النظام في تفسير تقلباتها الذاتية ،وتقلبات المتغيرات األخرى
باالعتماد على تقنية تفكيك تباين خطأ التنبؤ.1
.1.1تحليل نتائج اختبارات السببية وفق مفهوم جرانجر.(Granger Causality Tests Analysis) :
ارتبط مصطلح "السببية "Causality-منذ زمن Galileo Galileiو David Humeارتباطًا وثيقًا بمصطلحي
السبب واألثر .حيث يمكن القول -ضمن هذا اإلطار -أن المتغيرة 𝑥 تسبب المتغيرة 𝑦 فقط إن أمكن تفسير
𝑥 على أنها سبب حدوث 𝑦 و/أو تفسير 𝑦 على أنها األثر الناتج عن 𝑥 .2كما ارتبطت فكرة السببية –من
ناحية أخرى -بعامل بالزمن؛ إذ يقول David Humeفي هذا الصدد أن "السبب دائما يسبق األثر" .3بينما
يفضل خبير القياس االقتصادي Edward Leamerاستخدام مصطلح األسبقية ) (Precedenceبدال من
السببية؛ بمعني أنه إذا وقع الحدث Aقبل الحدث ،Bفإنه من الممكن أن يكون Aهو سبب حدوث ،Bلكن
من المستحيل أن يكون Bهو سبب حدوث .4Aفي حين ،يفضل Francis Dieboldاستخدام مصطلح
السببية التنبؤية ) ،(Predictive Causalityإذ أنه يقول أن » القول بأن " 𝑖𝑦 تسبب 𝑗𝑦" ما هو إال اختصار
للقول األدق -ولكن في نفس الوقت األوسع 𝑦𝑖 " -تحتوي على معلومات مفيدة للتنبؤ بـ 𝑗𝑦 ،باإلضافة إلى
الماضي التاريخي للمتغيرات األخرى في النظام" .لغرض االختصار واقتصاد المساحات ،نقول ببساطة أن
1في هذا الصدد ،يشير )1982( Simsإلى أنه يمكن قياس شدة وقوة عالقات السببية عن طريق تقنية تفكيك تباين خطأ التنبؤ .فمثال يمكن اعتبار
المساهمة الضئيلة لمتغيرة ما في تفسير تباين خطأ التنبؤ الخاص بمتغيرة أخرى على أنه دليل على عالقة سببية ضعيفة )weak Granger-causal
(relationبين المتغيرتين المعنيتين .تفاصيل أوفر حول الموضوع ،ضمن- Sims. C.A. (1982), "Policy Analysis with Econometric :
Model", Brooking Papers on Economic Activity, 1, PP.107-164.
2
Kirchgässner. G., and J. Wolters (2007), P .93.
3
Kirchgässner. G., and J. Wolters (2007), P .94.
4
Gujarati. D.N. (2003), P. 696.
208
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
ضمن التصورات السابقة ،اقترح )1969( Grangerمفهوما للسببية من السهل –في ظل ظروف مناسبة
2
التعامل معه في سياق نماذج " . "VARأين تعد "األسبقية" الفكرة األساسية التي يقوم عليها تعريف Granger
( )1969للسببية؛ إذ يعبر األخير عن السببية بقابلية التنبؤ المتزايدة ) .(Incremental Predictabilityوبعبارة
أدق ،يرى Grangerأن دراسة العالقة السببية بين متغيرتين (أو أكثر) ،تعتمد على دراسة العالقة التنبؤية
) (Forcasting Relationبينهما ،حيث ال يمكن القول أن 𝑥 تسبب 𝑦 ،إال إذا كان تنبؤ𝑦 المعتمد على ماضي
معا ،أحسن من تنبؤ 𝑦 المعتمد على ماضي 𝑦 فقط.3 ٌّ
كل من 𝑥 و𝑦 ً
ضمن هذا الجزء من الدراسة ،سنعمد إلى رصد وتتبع شبكة العالقات السائدة بين متغيرات النظام
األساسي المقدر ) ،VAR(2من خالل محاولة تحديد عالقات األسبقية بين هذه المتغيرات إستنادا إلى معيار
القدرة التنبؤية؛ وذلك عن طريق اختبار فرضية "عدم وجود عالقة سببية وفق مفهوم "Grangerبين متغيرات
النظام المعني مثنى مثنى (اختبار السببية التنبؤية) .حيث سيتم اختبار "إمكانية معالجة كل متغيرة من
المتغيرات الداخلية في النظام على أنها متغيرة خارجية بالنسبة إلى باقي المتغيرات" ،باعتبار أن كون المتغيرة
خارجية ضمن متغيرات النظام ،يعني أنها يمكن أن تسبِّب (تسبق) المتغيرات األخرى ،في حين ال يمكن أن
أي من هذه المتغيرات.4
تسببها (أو تسبقها) ٌّ
الجدول ( :)3.3ملخص نتائج اختبارات السببية "وفق مفهوم "Grangerبين متغيرات النظام األساسي محل
الدراسة.5
VAR Granger Causality/Block Exogeneity Wald Tests.
Null Hypothesis: Obs Df Chi-sq Prob.
LROP does not Granger Cause LRGREV 43 2 18.21068 0.0001
LROP does not Granger Cause LRGEXP 43 2 9.354837 0.0093
LROP does not Granger cause LRM2 43 2 17.28167 0.0002
LROP does not Granger Cause LGDPD 43 2 13.61876 0.0011
1
Gujarati. D.N. (2003), P. 696.
2أنظر- Lütkepohl. H. (2005), "New Introduction to Multiple Time Series Analysis", Springer-Verlag, Berlin, :
Heidelberg, PP. 41-43.
3لتفاصيل أوفر ،أنظر- Granger. C.W.J. (1969), "Investigating Causal Relations by Econometric Models and Cross- :
Spectral Methods", Econometrica, Vol. 37, PP. 424-438.
4لتفاصيل أوفر وأدق حول العالقة بين سببية " "Grangerوفرضية المنشأ الخارجي للمتغيرات ) ،(Exogeneityأنظر:
- Gujarati. D.N. (2003), PP. 701-702.; - Green. W.H. (2003), PP. 381-382.; - Hamilton. J.D. (1994), P. 309.
5تم إعداد الجدول باالعتماد على مخرجات EViews 8.0بشأن اختبارات السببية "وفق ،"Grangerالموضحة في الجدول ( )18-IIمن الملحق (.)II
209
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تابع :الجدول ( :)3.3ملخص نتائج اختبارات السببية "وفق مفهوم "Grangerبين متغيرات النظام األساسي
محل الدراسة.
LROP does not Granger Cause LRGDP 43 2 21.05934 0.0000
LRM2 does not Granger Cause LRGREV 43 2 7.097777 0.0288
LGDPD does not Granger Cause LRGREV 43 2 6.330703 0.0422
LRGDP does not Granger Cause LRGREV 43 2 8.722301 0.0128
LRGREV does not Granger Cause LRGEXP 43 2 20.21057 0.0000
LRM2 does not Granger Cause LRGEXP 43 2 10.78364 0.0046
LGDPD does not Granger Cause LRGEXP 43 2 7.614248 0.0222
LRGDP does not Granger Cause LRGEXP 43 2 10.23317 0.0060
LRGREV does not Granger Cause LRM2 43 2 10.95940 0.0042
LRGEXP does not Granger Cause LRM2 43 2 7.280607 0.0262
LGDPD does not Granger Cause LRM2 43 2 14.86836 0.0006
LRGDP does not Granger Cause LRM2 43 2 8.875421 0.0118
LRGREV does not Granger Cause LGDPD 43 2 20.49130 0.0000
LRGEXP does not Granger Cause LGDPD 43 2 5.821002 0.0544
LRM2 does not Granger Cause LGDPD 43 2 6.475473 0.0393
LRGREV does not Granger Cause LRGDP 43 2 19.75920 0.0000
LRGEXP does not Granger Cause LRGDP 43 2 13.66024 0.0011
LGDPD does not Granger Cause LRGDP 43 2 7.577225 0.0226
في كل معادلة من معادالت النموذج ) ،VAR(2الجدول ( )3.3أعاله يوضح ملخص نتائج اختبارChi-
( squared-Waldاختبار "سببية Grangerضمن /VARاختبارات وولد للمنشأ الخارجي ككتلةVAR -
من الملحق ( -)IIالمعنوية المشتركة لتأخيرات كل المتغيرات الداخلية األخرى ضمن المعادلة المعنية.2
أهم النتائج التي يرصدها االختبار اإلحصائي للسببية وفق مفهوم - Grangerوالملخصة في الجدول
( )3.3أعاله -تظهر وجود عالقات من هذا النوع -عند مستويات معنوية (أو مدلولية) تقل عن الـ )-(5%
1فضلنا االعتماد على االختبار " ،"Chi-squared-Waldعوضًا عن االختبار " ،"F- Fisherبالنظر إلى كون هذا األخير يتبع التوزيع Fبالضبط،
فقط إذا تعلق األمر بانحدار مع ُمحدِّرات مثبَّتة وأخطاء تملك سلوك تشويش أبيض ) ،(White Noiseوموزعة طبيعيًّا .لذلك فإن هذا االختبار يع ُّد أقل
قوة ،ويُعتبر صالحا فقط تقاربيًا في حالتنا محل الدراسة ،بسبب وجود المتغيرات الداخلية المؤخرة في االنحدار المستخدم إلجرائه .لتفاصيل أدق ،أنظر:
- Green. W.H. (2003), PP.592-593.; - Hamilton. J.D. (1994), PP.304-305.; - Kirchgässner. G. and J. wolter. (2007),
PP.102-118.
2يتعلق األمر باختبار "إمكانية معالجة المتغيرة التابعة ) (Dependent variableفي كل معادلة من معادالت النموذج ) VAR(2المقدر على أنها
متغيرة خارجية بالنسبة للكتلة المتكونة من باقي المتغيرات الداخلية األخرى المؤخرة في ذات المعادلة" ،أي اختبار فرضية أن "هذه المتغيرات مجتمعةً
(ك ُكتلة) ال تسبب –وفق مفهوم -Grangerالمتغيرة التي تمثّل المتغيرة التابعة في المعادلة" .ألكثر تفاصيل حول هذا النوع من االختبارات أنظر:
- Hamilton. J.D. (1994), P. 309.
210
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تتجه من سعر النفط الحقيقي نحو باقي متغيرات النظام محل الدراسة ،والتي تتضمن متغيرات السياسة المالية
ممثلة بمتغيرتي اإليرادات والنفقات العامة الحقيقية ،متغيرة عرض النقد الحقيقي (السياسة النقدية) ،ومتغيرات
األداء االقتصادي الكلي ،ممثلة بالناتج الداخلي الخام الحقيقي ،ومعامل انكماش الناتج الداخلي الخام .1هذا
يعني أن أسعار النفط تساهم بمعنوية في تحسين القدرة التنبؤية بهذه المتغيرات ،وذلك عند مستوى ثقة يفوق
الـ )(95%؛ كما يمكن القول –بناء على هذه النتائج -أن تغيرات أسعار النفط تسبق التطورات التي تحدث في
المتغيرات المعنية بالدراسة ،باحتمال يفوق الـ ) .(95%من ناحية أخرى ،توضح النتائج المذكورة غياب التغذية
العكسية ) (Feedbackبين أسعار النفط وباقي متغيرات النظام المقدر ،في ظل غياب عالقات سببية تتجه
أي من هذه المتغيرات باتجاه متغيرة سعر النفط الحقيقي؛ مما يعني أن هذه األخيرة تتحدد خارج النظام.
من ٌّ
ضمن نتيجة تدعم وتؤكد فرضية المنشأ الخارجي ألسعار النفط بالنسبة لباقي متغيرات النظام محل الدراسة.2
فضال عن ذلك ،كشفت نتائج االختبارات عن العديد من العالقات المتشابكة بين باقي متغيرات النظام
محل الدراسة .أهمها عالقة التغذية العكسية بين ٌّ
كل من اإليرادات العامة واإلنفاق العام من جهة ،3والناتج
الحقيقي من جهة أخرى؛ مما يعني أن السياسة المالية تساهم إلى ٍّ
حد ما في تحديد مستويات النشاط الحقيقي
(الناتج الحقيقي) في الجزائر ،كما أن هذا األخير يؤثر بدوره في توجهات وق اررات السياسة المالية ،ضمن
مؤشر واضح على دورية ) (Procyclicalityهذه السياسة وخضوعها لتقلبات الدورة االقتصادية في االقتصاد
الجزائري من جهة ،4وعلى تحقق قانون )1892( Wagnerفي االقتصاد الجزائري ،من جهة أخرى .5إضافة
1نرفض الفرضية الصفرية التي تفيد بأن "المتغيرة ) (xال تسبب المتغيرة ) (yوفق مفهوم x, y = LROP, LRGREV, LRGEXP,) "Granger
)LRM2, LGDPD, LRGDPعند مستوى معنوية معين ) ، (𝛼%ونقر بوجود عالقة سببية تتجه من المتغيرة األولى نحو الثانية ،إذا كانت المعنوية
اإلحصائية إلحصائية االختبار Chi-squared-Waldتقل عن مستوى المعنوية المعني .أي إذا وفقط إذا كان.)Prob(Chi − sq) < 𝛼% ( :
2في هذا اإلطار ،وبالرغم من أن أغلب األدبيات التجريبية تقوم على افتراض المنشأ الخارجي ألسعار النفط ضمن األنظمة التي تتضمن –باإلضافة إلى
هذه األخيرة -المتغيرات االقتصادية الكلية والمالية ،إال أنه هناك دراسات أثبتت أنه يمكن أن توجد عالقات سببية في االتجاه المعاكس ،بحيث يكون اتجاه
السببية من المتغيرات االقتصادية الكلية والمالية نحو متغيرة سعر النفط .أنظر على سبيل المثال- Barsky. R.B., and L. Kilian. (2004), "Oil :
and the Macroeconomy Since the 1970s", Journal of Economic Perspectives, Vol. 18, No. 4, PP. 115–134.
- Ewing. B.T., and M.A. Thompson. (2007), "Dynamic Cyclical Components of Oil Prices With Industrial
Production, Consumer Prices, Unemployment and Stock Prices", Energy Policy, Vol. 35, PP. 5535-5540.
3بالنسبة للعالقة بين هتين المتغيرتين فقد أسفرت نتائج االختبارات عن وجود عن وجود عالقة سببية تتجه من اإليرادات العامة الحقيقية نحو اإلنفاق
العام الحقيقي (عند مستوى معنوية قدره ) .)(1%هذه النتيجة ال تبدوا مفاجئة على اإلطالق ،خاصة إذا أخذنا بعين االعتبار االرتباط الوثيق لإلنفاق العام
باإليرادات العامة؛ إذ أن تحديد الحكومة لمقدار اإلنفاق العام للسنة المالية المقبلة ،يعتمد بصفة مباشرة على مقدار اإليرادات العامة المتوقع تحصيلها
خالل السنة المعنية.
4تتوافق هذه النتيجة مع نتائج العديد من الدراسات التجريبية التي خلصت إلى أن السياسات المالية غالبا ما تكون دورية ) (Procyclicalفي البلدان
النامية بشكل عام ،والبلدان المصدرة للنفط على وجه الخصوص .أنظر على سبيل المثال- Abdih. Y., Lopez-Murphy. P., Roitman. A., :
and R. Sahay. (2010), "The Cyclicality of Fiscal Policy in the Middle East and Central Asia: Is the Current Crisis
Different?", IMF Working Paper, WP/10/68, Washington DC.; - Erbil. N. (2011), "Is Fiscal Policy Procyclical in
Developing Oil-Producing Countries?", IMF Working Paper, WP/11/171, P. Washington DC.
5وفق هذا القانون فإن تطور وزيادة النفقات العامة يكون نتيجة اتساع نشاط الدولة ،الناتج عن تحقيق المجتمع لمعدل معين من النمو االقتصادي .لتفاصيل
أوفر حول هذا القانون أنظر الفصل الثاني من الدراسة.
211
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
إلى ذلك ،تبدي النتائج أن السياسة النقدية (ممثلة بمتغيرة عرض النقد) ال تساهم بمعنوية في تحديد مستويات
الناتج الحقيقي (النشاط الحقيقي) ،بينما تجري العالقة السببية فقط في االتجاه المعاكس ،إذ يبدوا أن مستوى
الناتج الحقيقي هو من يؤثر في تحديد مستويات عرض النقد (السياسة النقدية) ،في مؤشر بارز على دورية
هذه السياسة ،وخضوعها -هي األخرى -لتقلبات الدورة االقتصادية في االقتصاد الجزائري.
من ناحية أخرى ،أسفرت نتائج االختبارات اإلحصائية للسببية –وفق مفهوم -Grangerعن وجود آثار
تغذية عكسية ثنائية (مثنى مثنى) بين ٌّ
كل من متغيرات اإليرادات والنفقات العامة الحقيقية ،عرض النقد
الحقيقي ،ومعامل انكماش الناتج الداخلي الخام .هذه النتائج تقودنا –بشكل خاص -إلى أهمية إجراءات ٌّ
كل
من السياستين المالية والنقدية –إلى جانب تغيرات سعر النفط -في تحديد مستويات األسعار ومعدالت
التضخم في االقتصاد الجزائري ،إذ أن النتائج المذكورة أظهرت الدور الهام الذي تؤديه متغيرات اإليرادات
العامة ،اإلنفاق العام (بصفته أحد مكونات الطلب الكلي) ،والعرض النقدي (من خالل ارتباطه باإلصدار
النقدي الجديد والتمويل بالعجز) في التأثير على المستوى العام لألسعار .وتتدعم هذه النتيجة أكثر في ظل
بروز ٌّ
كل من العرض النقدي الحقيقي والمستوى العام لألسعار (ممثال بمعامل انكماش الناتج الداخلي الخام)
كمتغيرات مهمة وحاسمة للتنبؤ بمستويات اإليرادات والنفقات العامة الحقيقية ،فضال عن ظهور هذه األخيرة
–باإلضافة إلى المستوى العام لألسعار -ضمن أهم المتغيرات الم ِّ
حددة لمستويات عرض النقد ،مما يعني
تأثير متبادالً بين متغيرات السياستين المالية والنقدية ،مع تأثيرات مشتركة ومتبادلة على
وجود تغذية عكسية و ًا
المستوى العام لألسعار ،ضمن نتيجة تدل في جزء منها على أهمية اإلصدار النقدي الجديد في تمويل
اإليرادات العامة ،ومن ثم اإلنفاق العام في االقتصاد الجزائري ،خالل فترات العجز الموازني المرافقة لفترات
تدهور وتراجع مستويات أسعار النفط.
إضافة إلى ما سبق ،فإن أسبقية (سببية) حركة أسعار النفط لتغيرات اإليرادات العامة واإلنفاق الحكومي،
وبروز هذه األخيرة إلى جانب سعر النفط ،كمتغيرات محددة لمستويات الناتج الحقيقي (النشاط االقتصادي
الحقيقي) والمستوى العام لألسعار (النشاط االقتصادي اإلسمي) ،تقودنا إلى االعتقاد والقول بأن السياسة
المالية تمثل آلية انتشار ) (Propagation Mechanismهامة ،وقناة رئيسية من قنوات انتقال )Transmision
(Chanelتأثيرات صدمات أسعار النفط إلى النشاط واألداء االقتصادي الكلي في الجزائر .إذ ،وباإلضافة إلى
التأثير المباشر الذي تمارسه أسعار النفط على مستويات األداء االقتصادي الكلي (ممثال بالناتج الحقيقي
تأثير غير مباشر من خالل قناة السياسة المالية (ممثلة بمتغيرتي اإليرادات العامة
واألسعار) ،فإنها تمارس ًا
212
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
واإلنفاق الحكومي).1
.2.1تحليل آثار صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية من خالل دوال االستجابات الدفعية:
ضمن الجزء السابق ،رأينا أن اختبارات السببية –وفق -Grangerال تخبرنا بكامل التفاصيل بشأن
العالقات والتفاعالت التي تحدث بين متغيرات النظام األساسي محل الدراسة .لذلك سنسعى ضمن الخطوة
الموالية -دعما لنتائج االختبارات المذكورة -إلى الكشف عن طبيعة وحجم هذه العالقات ،مع التركيز –بشكل
أساسي -على تحديد طبيعة تأثير صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية (نوعية كانت أم هيكلية)
على اتجاهات األداء االقتصادي الكلي (الناتج الحقيقي واألسعار) في الجزائر ،ورصد كفية استجابة هذا
األخير للصدمات المذكورة ،باالعتماد على تقنية محاكاة الصدمات وتحليل دوال االستجابات الدفعية
(التلقائية) ،التي تسمح برصد وتتبع مسار األثر الذي تحدثه أي صدمة أو تجديد )One-Time Shock or
أي من المتغيرات الداخلية للنظام المدروس في زمن معين ،على القيم الحالية والمستقبلية
(Innovationفي ٍّ
لتلك المتغيرة وباقي المتغيرات الداخلية األخرى في النظام ،من خالل الهيكل الديناميكي للنموذج "."VAR
فإذا كان لدينا نظام " "VARمعين ،واعتبرنا حدوث نوعين من السيناريوهات بين الزمنين ) (tو) ،(t+sبحيث
يتعرض النظام " "VARالمعني وفق السيناريو األول إلى صدمة واحدة في متغيرة واحدة (تحدث هذه الصدمة
في الزمن ) ،)(tبينما يقضي السيناريو الثاني بعدم تعرض هذا النظام ألية صدمة خالل الفترة المذكورة ،فإن
دالة االستجابة الدفعية تمثل الفرق بين نتيجتي هاتين الحالتين المتشابهتين إلى غاية الزمن ).2(t-1
بما أن النموذج األساسي المقدر )– VAR(2والذي يأخذ شكل نموذج شعاع االنحدا ارت الذاتية الموضح
بالعبارة ( )12.3مع ( -)p=2يستوفي شروط االستق اررية ،فإنه يمكن كتابته –وفق منطق نظرية التفكيك
لـ –3)1938( Woldعلى شكل نموذج أشعة متوسطات متحركة ال نهائي )∞( ،VMAحيث يتم التعبير عن
شعاع المتغيرات الداخلية ،Xtكمجموع متقارب ) (Convergent Sumلماضي (تأخيرات) شعاع التجديدات 𝑢،
كما يلي:
1خلصت العديد من الدراسات التجريبية إلى أن أسعار النفط تؤثر على السياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط؛ كما أشارت هذه الدراسات إلى أن األثر
اإلجمالي لصدمات أسعار النفط على األداء االقتصادي في البلدان النفطية يتوقف -في الغالب -على طريقة تعامل حكوماتها مع فوائض المداخيل الناتجة
عن صدمات ارتفاع أسعار النفط ،إذ ذكر – )2008( Husain et alعلى سبيل المثال -في هذا الصدد أن أسعار النفط تؤثر على األداء االقتصادي الكلي
عبر قناة السياسة المالية .أنظر- Husain. A.M., Tazhibayeva. K., and A. Ter-Martirosyan. (2008), "Fiscal Policy and :
Economic Cycles in Oil-Exporting Countries", IMF Working Paper No. 08/253, November, Washington DC.
أنظر أيضا في هذا الصدد (على سبيل المثال)- El Anshasy. A.A. (2012), "Oil Prices and Economic Growth in Oil-Exporting :
Countries", Collage of Business and Economics, United Arab Emirates University, P.O.Box 17555.
2
Lardic. S., et V. Mignon. (2002), P. 103.
- Cochran. J.H. (2005), "Time Series For Macroeconomics and Finance", 3لتفاصيل أوفر حول محتوى هذه النّظرية أنظر:
Graduate School of Business, University of Chicago, PP.43-47.; - Green. W.H. (2003), PP. 619-620.
213
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
∞
= 𝑆 ،(𝜓𝑖jالواقع على السطر " "iوالعمود " " jللمصفوفة 𝑆 ،Ψيقيس أثر زيادة هذا يعني أن العنصر )
𝑆𝜕𝑥𝑖𝑡+
𝑡𝜕𝑢j
(دفعة) قدرها وحدة واحدة (صدمة قيمتها انحراف معياري واحد) في تجديد المتغيرة " " jعند الزمن 𝑡 ) 𝑡،(𝑢j
على قيمة المتغيرة " "iعند اللحظة 𝑆 ،(𝑥𝑖𝑡+𝑆 ) 𝑡 +وذلك مع اعتبار ثبات كل التجديدات األخرى .وأبسط
طريقة إليجاد القيم العددية لهذه المضاعفات الديناميكية (عناصر المصفوفة 𝑆 ،) Ψتتمثل في استخدام طريقة
المحاكاة ،حيث يتم حساب كل عمود من أعمدة المصفوفة 𝑆 Ψعن طريق إجراء محاكاة منفصلة (مستقلة)
لدوافع كل تجديد من التجديدات .2(j=1,2,…6) 𝑢jوفي هذه الحالة فإن التمثيل البياني لمختلف العناصر 𝑆𝜓𝑖j
للمصفوفة 𝑆 Ψكدالة لـ " "Sيقودنا إلى الحصول على ما سميناه سابقًا بـ "دوال االستجابة الدفعية-التلقائية".
ضمن هذه الخطوة ،تجدر اإلشارة إلى أن التحليل والتفسير السليم لدوال االستجابات الدفعية يستدعي
غياب االرتباط الفوري ) (Contemporaneous Correlationلتجديدات متغيرات النظام محل الدراسة .حيث يعد
توفر هذا الشرط ضرورة ملحة لتفسير مباشر ودقيق لدوال االستجابة؛ إذ أنه فقط في ظل تحققه يمكننا عزل
الصدمات الناتجة عن مختلف المتغيرات الداخلية ،بصورة تمكننا من تفسير التجديد 𝑡𝑗𝑢 على أنه ببساطة
عبارة عن صدمة تحدث في المتغيرة الداخلية 𝑗 .(𝑥𝑗𝑡 ) ،لكن في الواقع ،غالبا ما تكون تجديدات المتغيرات
مرتبطة فيما بينها عند لحظة زمنية معينة ،حيث يمكن أن ننظر إليها على أنها تملك ِّ
مركبة مشتركة
) (Common Componentال يمكن إرفاقها بأية متغيرة داخلية ،مما يجعل من عملية عزل الصدمات الناتجة
1
Hamilton. J.D. (1994), PP.318-319.
- Hamilton. J.D. (1994), P. 319. 2لتفاصيل أدق ،أنظر:
214
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
عن هذه التجديدات –وبالتالي عملية تفسير دوال االستجابة -عملية مستحيلة ،إذ ال يمكن –في ظل مثل
هكذا شروط -توضيح استجابات متغيرة ما للتجديدات التي تحدث في متغيرة أخرى بصورة دقيقة ومالئمة.1
وفقا للمبررات أعاله ،يتعين علينا إجراء عملية تحليل دوال االستجابة باالعتماد على تجديدات متعامدة
) (Orthogonal Innovationsلتفادي العوائق ذات الصلة باالرتباط الفوري للتجديدات .وبناء على ذلك لبد من
التحقق أوال من غياب االرتباط الفوري بين تجديدات متغيرات النظام األساسي المقدر ) ،VAR(2قبل الشروع
في محاكاة الصدمات ،وتحليل وتفسير اآلثار واالستجابات المترتبة عنها ضمن النظام المعني .في هذا
الصدد ،يبدوا من خالل قيم معامالت مصفوفة االرتباطات الفورية لتجديدات معادالت (أو متغيرات) النموذج
المقدر )– VAR(2الموضحة في الجدول ( )19-IIمن الملحق ( -)IIأنه توجد عدة ارتباطات قوية نسبيا بين
تجديدات متغيرات النظام ،إذ نالحظ –بشكل خاص -وجود ارتباطات عالية نوعا ما بين تجديدات كل من
متغيرتي سعر النفط الحقيقي واإليرادات العامة الحقيقية ) ،(0,80اإليرادات العامة الحقيقية ومعامل انكماش
الناتج الداخلي الخام ) ،(0,73سعر النفط الحقيقي ومعامل انكماش الناتج الداخلي الخام ) ،(0,57واإليرادات
والنفقات العامة الحقيقية ) .(0,40ذلك بغض النظر عن االرتباطات األخرى ،التي حتى وان كانت أضعف
نسبيا إال أنه ال يمكن تجاهلها ،وال يسعنا القول -بأي شكل من األشكال -أن المتغيرات المعنية بها مستقلة.
هذه النتائج بشأن االرتباطات الفورية لتجديدات النظام األساسي المقدر ) ،VAR(2تقضي بعدم إمكانية
عزل وتمييز الصدمات –وبالتالي آثار الصدمات -التي تحدث في مختلف متغيراته الداخلية (بما فيها
صدمات أسعار النفط وصدمات متغيرات السياسة المالية) ،والتي تكون صدمات آنية في هذه الحالة (تحدث
في آن واحد) ،بسبب االرتباطات الموصوفة للتجديدات .وفي هذا السياق ،يمكن الحصول على تحويالت
متعامدة (مستقلة) لعناصر شعاع التجديدات األصلية (القانونية )Canonical Innovations-ضمن النموذج
ررية )A Recursive
األساسي ) ،VAR(2من خالل تحويل خطي لهذه العناصر ،في إطار مقاربة تك ا
(Approachمستقاة من أعمال ،(1980) Simsتفيد بتحديد الصدمات استنادا إلى ترتيب كولسكي )Cholesky
،(Orderingعن طريق ترجيح شعاع التجديدات المعني بالمعامل (مصفوفة مثلثية من األسفل محددة مسبقا)
الناتج عن تفكيك كولسكي ) (Cholesky Decompositionلمصفوفة "التباين-تباين مشترك" لهذه التجديدات،
إذ تسمح هذه الطريقة –وكما تمت اإلشارة إليه من ِقبل " -"(1980) Simsبالحصول على تجديدات متعامدة،
1إن عدم توفر شرط غياب االرتباط الفوري لتجديدات متغيرات النظام يعني أن حدوث صدمة في متغيرة ما يمكن أن يؤدي –من خالل االرتباط الفوري
للتجديدات -إلى حدوث صدمات في متغيرات أخرى في نفس الوقت ،وهو ما يتعارض مع المبدأ األساسي الذي تقوم عليه تقنية تقدير معامالت دوال
االستجابة الدفعية ،التي تعتمد على المحاكاة المنفصلة والمستقلة للصدمات الناتجة عن مختلف المتغيرات الداخلية للنظام ،والتي تعني االفتراض ضمنيا
بأن النظام ال يمكن يتعرض في آ ٍن واحد إلى أكثر من صدمة واحدة في أكثر من متغيرة واحدة .للمزيد من التفاصيل ،أنظر على سبيل المثال:
- Lardic. S., et V. Mignon (2002), P.106.
215
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
بحيث تكون مصفوفة التباين -تباين مشترك للصدمات المحولة مصفوفة قطرية ).(Diagonal Matrix
في هذا الصدد ،وباعتبار أن مصفوفة "التباين-تباين مشترك" ) ،(Ωلتجديدات النظام ) VAR(2المقدر
–والموضحة في الجدول ( )20-IIمن الملحق ( -)IIهي مصفوفة حقيقية ،محددة موجبة ،متناظرة ،وغير شاذة
فإنه يوجد مصفوفة Pوحيدة ،مثلثية من األسفل ،حيث يكتب تفكيك Choleskyلمصفوفة التباينات كما يلي:1
ومصفوفة "التباين-تباين مشترك" للتجديدات المحولة في هذه الحالة ،تعطى كما يلي:
)Ωε = 𝐸(𝜀𝑡 𝜀𝑡′ ) = P −1 ΩP −1 ′ = P −1 PP ′ P −1 ′ = IN … . … … . (3.18
بذلك نكون قد حصلنا على شعاع تجديدات 𝑡𝜀 عناصره –على عكس عناصر الشعاع 𝑡𝑢 -غير مرتبطة
فوريا ،مما يسهل ويتيح التفسير الصحيح لدوال االستجابة .غير أنه ،تجدر اإلشارة إلى أن عملية التحويل
اإلحصائي للتجديدات القانونية باستخدام المصفوفة ،Pالناتجة عن تفكيك Coleskeyلمصفوفة "التباين-تباين
مشترك" ) ،(Ωتتم من خالل وضع قيود إحصائية تتضمن ترتيب معين لمتغيرات النظام .وفي هذا الصدد
يشير عدد من الباحثين أن نتائج دوال االستجابة يمكن أن تكون حساسة لكيفية ترتيب المتغيرات في النظام
" "VARعند إجراء عملية التحويل ،حيث يتم إسناد األثر المشترك ألي تجديدين مرتبطين إلى تجديد المتغيرة
التي تدرج أوال في النموذج .3لذلك ،يتطلب األمر إيجاد معيار مناسب ،يتم على أساسه إجراء عملية الترتيب.
1لتفاصيل أوفر عن الصدمات المتعامدة ) ،(Orthogonal Impulsesوتفكيك ،Coleskeyأنظر (على سبيل المثال):
- Lütkepohl. H. (2005), PP. 56-62.; - Hamilton.J.D. (1994), PP.320-323.
°
𝑗𝑖 Ξتمثل ما يُسمى بالمضاعفات الفورية ،والتي تقيس األثر الفوري لصدمة أحادية في المتغيرة 𝑗 على 2في النموذج الوضح بالعبارة ( ،)15.3العناصر
المتغيرة 𝑖 .أما اآلثار المتأخرة ) ،(Lagged Effectsفيتم قياسها من خالل الـ 62إستجابة دفعية متتالية ( Ξ𝑖𝑗Sحيث ،)𝑖, 𝑗 = 1, 2, … 6 :والتي
توضح كيف تستجيب على ك ٌّل من الست ( )6متغيرات داخلية في النظام للتجديدات (الصدمات) التي تجدث فيها.
3لتفاصيل أدق ،أنظر (على سبيل المثال)- Kamas. L., and J. Joyce. (1993), "Money, Income, and Prices under Fixed :
Exchange Rates: Evidence from Causality Tests and VARs." Journal of Macroeconomics, Vol. 15, PP. 747-768.
216
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
في هذا اإلطار ،يرى (1980) Simsو Simsو ،)1996( Zhaأن األمر يقتضي تحديد الصدمات وفق
ترتيب سببي مسبق للمتغيرات الداخلية ضمن النظام .1VARحيث يقترح هؤالء ترتيبا تراعى فيه درجة داخلية
أو خارجية متغيرات النظام المدروس؛ وذلك باقتراحهم ترتيب المتغيرات المعنية من األكثر خارجية ،أو األكثر
تأثي ار في المتغيرات األخرى واألقل تأث ار بها ) ،(the most exogenousإلى األكثر داخلية ،أو األكثر تأث ار
واألقل تأثي ار ) .2(the most endogenousويتعلق األمر بما تتضمنه عملية التفكيك من قيود بشأن االستجابات
الفورية للمتغيرات ،باعتبار أن هذه األخيرة ال تبدي استجابات فورية إال تجاه الصدمات الناتجة عن تجديدات
المتغيرات التي تسبقها في الترتيب ،حيث يفترض في المتغيرة التي ترتب أوال أنها ال يمكن أن تبدي استجابة
فورية إال تجاه صدماتها الذاتية ،بينما يمكنها أن تؤثر في كل المتغيرات األخرى بصورة فورية ومباشرة؛ أما
المتغيرة المرتبة ثانيا فيمكن أن تسجل استجابات فورية فقط تجاه صدماتها الذاتية والصدمات الخارجية في
المتغيرة األولى ،في حين يمكنها أن تؤثر فوريا على كل المتغيرات ما عدا المتغيرة األولى ،وهكذا دواليك.3
وفقا لألسس والمبررات أعاله ،وبناء على نتائج اختبا ارت السببية الموضحة في الجدول ( )18-IIمن
الملحق ( ،)IIحيث تختبر اإلحصائية ) (Allإمكانية معالجة كل متغيرة من المتغيرات الداخلية على أنها
متغيرة خارجية بالنسبة للكتلة المتكونة من باقي متغيرات النظام ككل ،فإن متغيرة سعر النفط الحقيقي
) (LROPسترتب أوالً ،باعتبار أن هذه األخيرة تؤثر بشكل فوري وآني (تسبب أو تسبق) على كل المتغيرات
بأي منها ،إضافة إلى كونها ترافق أعلى مستوى معنوية لإلحصائية ).4(All
الداخلية في النظام بينما ال تتأثر ٍّ
وبناء على نفس األساس سترتب متغيرة اإليرادات العامة الحقيقية " "LRGREVثانية ،تليها متغيرة اإلنفاق
العام الحقيقي " "LRGEXPثالثة ،ثم متغيرة عرض النقد الحقيقي " "LRM2رابعة ،تأتي بعدها متغيرة معامل
انكماش الناتج الداخلي الخام " "LGDPDخامسة ،وأخي ار متغيرة الناتج الحقيقي "."LRGDP
هذا الترتيب يبدوا منطقيا إلى أبعد الحدود ،إذ أنه يتوافق والهدف الرئيسي للدراسة ،والذي يتعلق أساسا
بتحديد وتحليل آثار صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على متغيرات األداء االقتصادي الكلي
في الجزائر .وذلك باعتبار أن الترتيب المذكور للمتغيرات ،والذي يتضمن ترتيب متغيرات سعر النفط
- Hamilton. J.D. (1994), PP. 324-336.; - Green. W.H. (2003), PP. 595-602.; - Lardic. S. et V. Mignon. (2002), PP.
106-110.
1
A pre-specified causal ordering of the variables.
2أنظرSims. C.A. (1980).; - Sims. C.A., and T. Zha. (1996), "Bayesian Methods for Dynamic Multivariate Models", :
Federal Reserve Bank of Atlanta Working Paper, No. 96-13, October.
- Bernanke. B., and A. Blinder. (1992). 3للمزيد من التفاصيل حول الفكرة ،أنظر (على سبيل المثال):
4في هذا الصدد نشير إلى أنه كلما كانت المعنوية اإلحصائية إلحصائية االختبار ) )Prob(Chi − sq)( Chi-squared-Wald-(Allأكبر ،كلما
كانت المتغيرة المرافقة لها أكثر خارجية ،والعكس صحيح.
217
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
والسياسة المالية أوالً ،يحمل ضمنيا الدالالت التالية (i) :1سعر النفط يمكن أن يؤثر بشكل فوري على كل
المتغيرات األخرى ،بينما ال يبدي أي استجابات أو ردود فعل فورية للصدمات التي تحدث في هذه المتغيرات.
) (iiاإليرادات العامة تستجيب (تتأثر) فوريا فقط لصدماتها الذاتية وصدمات سعر النفط ،لكنها يمكن أن تؤثر
فوريا في كل المتغيرات األخرى ،ما عدا سعر النفط (iii) .اإلنفاق العام يتأثر فوريا فقط بصدماته الذاتية
وصدمات سعر النفط واإليرادات العامة ،في حين يمكن أن يؤثر بشكل فوري في كل المتغيرات األخرى التي
تأتي بعده في الترتيب (iv) .عرض النقد ال يستجيب بصفة فورية إال لصدماته الذاتية وصدمات سعر النفط
واإليرادات والنفقات العامة ،بينما يمكن أن يؤثر بشكل فوري في األسعار والناتج (v) .األسعار تستجيب فوريا
لصدمات كل المتغيرات ماعدا صدمات متغيرة الناتج الحقيقي ،لكنها تؤثر بشكل فوري فقط في هذه األخيرة.
) (viالناتج الحقيقي يستجيب بصفة فورية لصدمات كل المتغيرات األخرى في النظام ،بينما ال يؤثر بشكل
أي منها.
فوري في ٍّ
فيما يلي ،سنقوم بتحليل نتائج محاكاة وتقدير دوال استجابة مختلف متغيرات النظام األساسي محل
الدراسة تجاه صدمات إيجابية بمقدار انحراف معياري واحد في ٍّ
كل من المتغيرات المعنية ،مع التركيز على
تحليل دوال االستجابات الدفعية لمتغيرات األداء االقتصادي الكلي تجاه صدمات أسعار النفط وصدمات
متغيرات السياسة المالية بشكل خاص .والجدول ( )21-IIمن الملحق ) (IIيوضح –في هذا اإلطار -نتائج
محاكاة وتقدير دوال االستجابات الدفعية على مدى عشر ( )10سنوات لمتغيرات النظام األساسي المقدر
) ،VAR(2تجاه صدمات -محددة وفق ترتيب Choleskyالموضح أعاله -مقدارها انحرف معياري واحد
) (Cholesky One S.D. Innovationsفي مختلف متغيرات النظام محل الدراسة.
بما يتوافق والهدف الرئيسي للدراسة ،نسعى ضمن الخطوة الحالية إلى رصد وتحليل استجابة المتغيرات
المعبرة عن وضعية األداء االقتصادي الكلي في الجزائر (الناتج الداخلي الخام الحقيقي ومعامل انكماش
الناتج الداخلي الخام) ،تجاه صدمات إيجابية قدرها انحراف معياري واحد في مختلف تجديدات متغيرات
النظام األساسي المحدد ،مع التركيز –بشكل خاص -على استجابة المتغيرات المعنية لصدمات أسعار النفط
وصدمات السياسة المالية.
1من ناحية أخرى ،يتوافق الترتيب المذكور –فيما يتعلق بترتيب متغيرات السياسة (المالية والنقدية) -مع ما قدمه عديد الباحثين ،على غرار ك ٌّل من
Fatásو Bernanke ،)2002( Favero ،)2001b( Mihovو ،)1995( Mihoveالذين قاموا بترتيب متغيرات السياسة أوال قبل متغيرات األداء
االقتصادي الكلي ،على غرار الناتج واألسعار.
2
Response of Macroeconomic Performance Variables .
218
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
أ .تحليل استجابة الناتج الداخلي الخام الحقيقي لمختلف الصدمات.(Response of LRGDP) :
وفق نتائج تقدير دوال االستجابات الدفعية لمتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي ،الممتدة على مدى عشر
( )10سنوات ،والموضحة من خالل الشكل ( )7.3أدناه ،والجزء األخير ) (Response of LRGDPمن الجدول
( )21-IIمن الملحق ) ،(IIفإن حدوث صدمة إيجابية بمقدار انحراف معياري واحد ) (30.99%في السعر
الحقيقي للنفط ،من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدالت النمو االقتصادي على المدى القصير ،المتوسط وحتى
أثر معنويا إيجابيا على الناتج الحقيقي على امتداد فترة االستجابة ،إذ
البعيد؛ حيث ستخلف هذه الصدمة ًا
سيبلغ حجم هذا األثر ما مقداره ) (7.30%كاستجابة فورية للصدمة ،تعتبر في نفس الوقت استجابة قصوى،
تستمر بعدها قيمة الناتج الحقيقي في التزايد بمعدالت متناقصة إلى غاية السنة الثامنة التي تلي الصدمة،
أين ستسجل أدنى معدل ارتفاع مقداره ) ،(1.92%قبل أن تشرع بعدها في التزايد بمعدالت متزايدة خالل ما
تبقى من فترة االستجابة ،مسجلة استجابة قدرها ( )1.99%مع نهاية هذه الفترة.
الشكل ( :)7.3استجابة الناتج الحقيقي للصدمات في المتغيرات الداخلية للنظام األساسي محل الدراسة.1
من ناحية أخرى ،وفيما يتعلق باستجابة الناتج الحقيقي للصدمات اإليجابية في متغيرات السياسة (المالية
والنقدية) ،فقد اتضح أن استجابة الناتج الحقيقي لصدمة إيجابية في اإليرادات العامة الحقيقية –مقدارها
انحراف معياري واحد ) -(11,69%ستأتي معنوية وايجابية على مدى فترة االستجابة ،إذ ستسجل استجابة
فورية قدرها ( ،)5.00%يستمر بعدها الناتج الحقيقي في النمو بمعدالت متزايدة طوال فترة االستجابة ،أين
سيسجل أعلى معدل ارتفاع ) (6.82%خالل السنة العاشرة التي تلي الصدمة .أما حدوث صدمة إيجابية في
-قدرها انحراف معياري واحد ( -)10.28%في اإلنفاق العام الحقيقي ،فسيخلف أث ار معنويا إيجابيا على الناتج
1
مخرجات برنامج "."EViews 8.0
219
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
الحقيقي خالل فترة االستجابة الممتدة على مدى عشر سنوات ،حيث سيبدي هذا األخير استجابة فورية
معنوية إيجابية قدرها ) ،(6.93%ليواصل بعدها اتجاهه التصاعدي بنسب متناقصة إلى غاية نهاية فترة
االستجابة ،أين سيسجل أدنى نسبة ارتفاع قدرها ) .(1.25%أما فيما يتعلق باستجابة الناتج الحقيقي لصدمات
ًّ
إحصائيا. عرض النقد ،فيمكن أن نالحظ جليا من خالل الشكل ( ،)6.3أنها استجابات ضئيلة ،وغير معنوية
وهي نتيجة تتأكد أكثر ،إذا ربطنا تحليلنا بنتائج اختبارات سببية " ،"Grangerأين تم قبول فرضية "عدم وجود
عالقة سببية تتجه من متغيرة عرض النقد الحقيقي باتجاه متغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي".
ب .تحليل استجابة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام لمختلف الصدمات.(Response of LGDPD) :
من خالل تقديرات دوال االستجابات الدفعية لمتغيرة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام ،الممتدة على
مدى عشر ( )10سنوات ،والتي يعرضها الشكل ( )8.3أدناه ،والجزء ما قبل األخير )(Response of LGDPD
من الجدول ( )21-IIفي الملحق ) ،(IIيبدوا أن الصدمات اإليجابية في سعر النفط الحقيقي واإليرادات العامة
ستكون بمثابة صدمات تضخمية –معنويا -في المدى القصير المقدر بسنتين ،إذ ستؤدي إلى ارتفاعات
معنوية متتالية –بمعدالت متناقصة -في المستوى العام لألسعار خالل السنتين المذكورتين ،بتسجيل معامل
انكماش الناتج الستجابات فورية معنوية إيجابية تقدر بـ ) (5.35%و) (3.85%على التوالي ،تجاه الصدمات
المعنية ،تليها استجابات إيجابية بمعدالت أقل -تقدر بـ ) (4.10%و) (2.14%على التوالي -خالل السنة
الثانية .غير أن الصدمات المذكورة سرعان ما ستشرع في توليد نوعا من اآلثار السلبية على األسعار ابتداء
من السنة الثالثة بعد الصدمة ،حيث سيأخذ المستوى العام لألسعار في التناقص بمعدالت متزايدة ،استجابة
منه للصدمة اإليجابية في سعر النفط ،وذلك إلى غاية السنة السابعة ،أين سيسجل استجابة سلبية قصوى
قدرها ) (-6.14%عند هذه السنة ،ليواصل بعدها االنخفاض بمعدالت متناقصة إلى غاية نهاية فترة االستجابة
مسجال استجابة قدرها ) (-4.72%عند نهاية هذه الفترة .في حين سيبدي المستوى العام لألسعار استجابات
معنوية سلبية بمعدالت متزايدة غالبا ومتناقصة أحيانا ،تجاه الصدمة اإليجابية في اإليرادات العامة ،مسجال
أقصى استجابة معنوية سلبية قدرها ) ،(-9.55%عند السنة ما قبل األخيرة (التاسعة) من نهاية فترة االستجابة.
من ناحية أخرى ،ستكون الصدمات اإليجابية في اإلنفاق العام عبارة عن صدمات تضخمية ،إذ ستولد
صدمة إيجابية قدرها انحراف معياري واحد ،نوعا من الضغوط التضخمية -في المدى القصير ،المتوسط
وحتى الطويل -تبلغ ما مقداره ) (4.39%كاستجابة فورية من طرف معامل انكماش الناتج الداخلي الخام
للصدمة المذكورة ،تمثل في نفس الوقت استجابة قصوى ،تستمر بعدها مستويات األسعار في االرتفاع بنسب
220
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
متزايدة تارة ومتناقصة تارة أخرى ،مسجلة أدنى معدل ارتفاع ) (0.23%مع نهاية فترة االستجابة.
الشكل ( :)8.3استجابة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام للصدمات في المتغيرات الداخلية للنظام
األساسي محل الدراسة.1
أما فيما يتعلق بأثر الصدمات اإليجابية في عرض النقد على المستوى العام لألسعار ،فقد أسفرت النتائج
–وعلى عكس ما هو متوقع -عن استجابة سلبية طوال فترة االستجابة ،يبديها معامل انكماش الناتج الداخلي
الخام تجاه صدمة إيجابية قدرها انحراف معياري ) (6.48%واحد في عرض النقد الحقيقي؛ حيث تستهل
األسعار استجابتها للصدمة المذكورة باستجابة فورية معنوية سلبية قدرها ) ،(-2.67%ثم تواصل بعدها التراجع
بنسب متزايدة إلى غاية السنة الثالثة بعد الصدمة ،مسجلة استجابة قصوى خالل هذه السنة قدرها )،(-3.66%
قبل أن تستمر في االنخفاض لكن بمعدالت متناقصة إلى غاية نهاية فترة االستجابة ،مسجلة أدنى نسبة
استجابة (أدنى معدل انخفاض) مقدرة بـ ) (-2.09%في نهاية هذه الفترة.
في إطار مواصلة تحليلنا لدوال االستجابات الدفعية التي تبديها مختلف متغيرات النظام األساسي محل
الدراسة تجاه الصدمات المتولدة عن كل متغيرة من هذه المتغيرات ،سينصب اهتمامنا خالل هذا الجزء من
الدراسة على رصد وتحليل استجابة متغيرات السياسة (السياسة المالية ممثلة بمتغيرتي اإليرادات والنفقات
العامة الحقيقية ،والسياسة النقدية ممثلة بمتغيرة عرض النقد الحقيقي) ،تجاه صدمات إيجابية قدرها انحراف
معياري واحد في مختلف تجديدات متغيرات النظام األساسي المحدد ،مع التركيز على تحديد وتحليل استجابة
1
مخرجات برنامج "."EViews 8.0
2
Response of Policy Variables.
221
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
المتغيرات المعنية لصدمات أسعار النفط من جهة ،وصدمات الدورة االقتصادية (ممثلة بالصدمات اإليجابية
في الناتج الحقيقي) من جهة أخرى ،وذلك لتحديد مدى تأثير هذه الصدمات ومساهمتها في تكوين واتخاذ
الق اررات المتعلقة بالسياسة االقتصادية في االقتصاد الجزائري.
أ .تحليل استجابة اإليرادات العامة الحقيقية لمختلف الصدمات.(Response of LRGREV) :
حسب تقديرات دوال االستجابات الدفعية لمتغيرة اإليرادات العامة الحقيقية ،الممتدة على طول فترة مقدرة
بعشر ( )10سنوات ،والتي يوضحها الشكل ( )9.3أدناه والجزء الثاني ) (Response of LRGREVمن الجدول
( )21-IIفي الملحق ) ،(IIتظهر عالقة االرتباط اإليجابي القوية بين اإليرادات العامة في االقتصاد الجزائري
وصدمات أسعار النفط ،إذ تظهر النتائج المذكورة أن صدمة إيجابية قدرها انحراف معياري واحد )(30.99%
في سعر النفط الحقيقي ستولد ارتفاعا معنويا في مستوى اإليرادات العامة الحقيقية على طول فترة االستجابة،
حيث ستسجل هذه األخيرة ارتفاعا فوريا معتب ار -يمثل استجابة قصوى -يقدر بـ ) ،(13.47%تستمر بعده
اإليرادات العامة في التزايد بمعدالت متناقصة إلى أن تسجل أدنى معدل ارتفاع (أدنى نسبة استجابة) ،قدره
) (1.47%عند السنة الثامنة من فترة االستجابة؛ ذلك قبل أن تعاود هذه المعدالت االرتفاع قليال لتصل إلى
حدود ) (1.63%مع نهاية فترة االستجابة .في ذات السياق ،ستخلف صدمة إيجابية قدرها انحراف معياري
واحد في عرض النقد الحقيقي ،أث ار معنويا إيجابيا على اإليرادات الحقيقية .إذ تستهل هذه األخيرة استجابتها
للصدمة المذكورة باستجابة قدرها ) ،(1.73%تسجل عند السنة الثانية بعد الصدمة ،ثم تستمر في االرتفاع
ِّ
لتسجل أعلى معدل استجابة مقدر بـ ) ،(3.58%مع حلول السنة األخيرة من فترة االستجابة. بنسب متزايدة،
الشكل ( :)9.3استجابة اإليرادات العامة الحقيقية للصدمات في متغيرات النظام األساسي محل الدراسة.1
1
مخرجات برنامج "."EViews 8.0
222
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
الصدمات اإليجابية في الدورة االقتصادية الحقيقية ) ،(Real Business Cycle Shocksممثلة بالصدمات
اإليجابية في الناتج الحقيقي ،من شأنها هي األخرى أن تأتي مصحوبة بارتفاعات معنوية في اإليرادات
العامة الحقيقية ،التي يتضح من خالل النتائج المذكورة أنها تبدي استجابات معنوية إيجابية -في المدى
القصير والمتوسط والبعيد -تجاه صدمة قدرها انحراف واحد ) (6.33%في الناتج الحقيقي ،إذ ستبلغ هذه
االستجابة ما مقدراه ) (4.05%عند السنة الثانية بعد الصدمة ،وتستمر في االرتفاع بنسب متزايد إلى غاية
السنة العاشرة التي تمثل نهاية فترة االستجابة ،مسجلة أقصى نسبة استجابة قدرها ) (6.70%عنده هذه السنة.
من جهة أخرى ،سيترتب عن الصدمات اإليجابية في األسعار نوع من اآلثار السلبية على اإليرادات العامة
الحقيقية؛ حيث تظ ِهر هذه األخيرة استجابة معنوية سلبية -على امتداد فترة االستجابة -تجاه صدمة إيجابية
قدرها انحرف معياري واحد ) (5.70%في معامل انكماش الناتج الداخلي الخام .تبلغ هذه االستجابة أقصاها
مع حلول السنة الثالثة من فترة االستجابة ،باستجابة قدرها ) ،(-4.19%تواصل بعدها اإليرادات العامة تراجعها
ِّ
لتسجل استجابة قدرها ) (-0.56%عند نهاية هذه الفترة. بمعدالت متناقصة خالل ما تبقى من فترة االستجابة،
ب .تحليل استجابة اإلنفاق العام الحقيقي لمختلف الصدمات.(Response of LRGEXP) :
حسب نتائج محاكاة وتقدير دوال االستجابات الدفعية لمتغيرة اإلنفاق العام الحقيقي ،خالل فترة استجابة
قدرها عشر ( )10سنوات ،والتي يوضحها الشكل ( )10.3أدناه والجزء الثالث ) (Response of LRGEXPمن
الجدول ( )21-IIفي الملحق ) ،(IIينكشف بجالء االرتباط اإليجابي الوثيق لإلنفاق العام في االقتصاد
الجزائري بصدمات أسعار النفط ،ومن ثم صدمات اإليرادات العامة .وفي هذا الصدد ،توحي النتائج المذكورة
أنه سيترتب عن صدمات إيجابية مقدارها انحراف معياري واحد في سعر النفط الحقيقي واإليرادات العامة
الحقيقة ،أث ار معنويا إيجابيا على اإلنفاق العام الحقيقي على مدى فترة االستجابة؛ حيث ستصحب الصدمات
المذكورة باستجابات معنوية إيجابية -بمعدالت متزايدة -في اإلنفاق العام خالل السنوات الثالث األولى لفترة
االستجابة ،أين تبلغ االستجابات قيما قصوى قدرها ) (5.79%و) (4.28%على التوالي ،تليها استجابات
إيجابية بمعدالت متناقصة إلى غاية نهاية فترة االستجابة ،أين ستسجل أدنى معدالت استجابة (أو ارتفاع)
تقدر بـ ) (2.53%و) (2.36%على التوالي.
على غرار صدمات أسعار النفط وصدمات اإليرادات العامة ،تتبع الصدمات اإليجابية في النشاط
االقتصادي الحقيقي (الناتج الحقيقي) والسياسة النقدية (عرض النقد الحقيقي) ،بآثار معنوية إيجابية على
اإلنفاق العام الحقيقي في االقتصاد الجزائري (مع تأثير أقوى لصدمات الناتج الحقيقي) ،إذ أنه سرعان ما
223
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
ستشرع صدمات إيجابية مقدارها انحراف معياري واحد في المتغيرات المذكورة ،في توليد نوعا من االستجابات
اإليجابية ،يبديها اإلنفاق العام تجاه هذه الصدمات بداية من السنة الثانية لفترة االستجابة (أين ستسجل أدنى
معدالت استجابة قدرها ) (4.63%و) (3.01%على الترتيب) ،لتبلغ هذه االستجابات قيمها القصوى –المقدرة
بـ ) (6.40%و) (3.64%على التوالي -بحلول السنة الرابعة من هذه الفترة ،يستمر بعدها اإلنفاق العام في
إبداء ردود فعل إيجابية تجاه الصدمات المذكورة إلى غاية السنة العاشرة من فترة االستجابة أين سيسجل
ارتفاعات بمعدالت قدرها ) (6.23%و) (3.37%على الترتيب.
الشكل ( :)10.3استجابة اإلنفاق العام الحقيقي للصدمات في المتغيرات الداخلية للنظام األساسي المدروس.1
على صعيد آخر ،ستولد صدمة إيجابية في األسعار -ممثلة بصدمة قدرها انحراف معياري واحد في
معامل انكماش الناتج الداخلي الخام -نوعا من االرتفاع المعنوي في اإلنفاق الحكومي الحقيقي .إذ يبدأ هذا
األخير ارتفاعه باستجابة طفيفة قدرها ) ،(0.19%تسجل خالل السنة الثانية من فترة االستجابة ،والتي ترتفع
بعد ذلك إلى حد ) ،(1.37%كحد أقصى يسجل عند السنة السابعة من فترة االستجابة ،قبل أن تتراجع إلى
حدود ) (1.24%مع نهاية هذه الفترة.
ج .تحليل استجابة عرض النقد الحقيقي لمختلف الصدمات.(Response of LRM2) :
تظهر نتائج محاكاة دوال االستجابات الدفعية لمتغيرة عرض النقد الحقيقي -التي تخص فترة استجابة
مقدرة بعشر ( )10سنوات ،والموضحة من خالل الشكل ( )11.3أدناه والجزء الرابع )(Response of LRM2
من الجدول ( )21-IIفي الملحق ) -(IIتبعية متغيرة عرض النقد ضمن االقتصاد الجزائري –على غرار
1
مخرجات برنامج "."EViews 8.0
224
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
الشكل ( :)11.3استجابة عرض النقد الحقيقي للصدمات في المتغيرات الداخلية للنظام األساسي المدروس.1
من جهتها صدمات النشاط االقتصادي الحقيقي ،يكمن أن تكون هي األخرى سببا في ارتفاع مستويات
عرض النقد الحقيقي في االقتصاد الجزائري .ويتجلى ذلك من خالل األثر اإليجابي الذي تخلفه صدمة
إيجابية -قدرها انحراف معياري واحد -في الناتج الحقيقي ،على المعروض النقدي الحقيقي خالل فترة
االستجابة المعنية؛ إذ سيبلغ هذا األثر ذروته المقدرة بـ ) (3.55%عند السنة الثامنة بعد الصدمة ،في حين
يتراجع إلى حدود ) (3.31%مع نهاية فترة االستجابة .غير ذلك ،من شأن صدمات إيجابية –بمقدار انحراف
معياري واحد -في كل من معامل انكماش الناتج الداخلي الخام واإليرادات العامة الحقيقية ،أن تخلف نوعا
من اآلثار السلبية على المعروض الحقيقي من النقود على امتداد فترة االستجابة؛ حيث تبلغ هذه اآلثار قيمها
1
مخرجات برنامج "."EViews 8.0
225
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
القصوى المقدرة بـ ) (-3.94%و) ،(-5.33%عند السنوات الثالثة والخامسة -على الترتيب -بعد الصدمة ،بينما
تتراجع إلى حدود ) (-0.57%و) (-3.70%على الترتيب ،مع حلول نهاية فترة االستجابة.
من خالل الوصف أعاله ،يبدوا أن أغلب نتائج دوال االستجابة الدفعية قد جاءت منطقية إلى حد بعيد،
ومتوافقة مع مضمون النظرية االقتصادية وواقع االقتصاد الجزائري ،وكذا نتائج عديد األدبيات التجريبية
المذكورة في الفصلين األول والثاني من هذه الدراسة .فقد اتضح أن الصدمات اإليجابية في السعر الحقيقي
للنفط تأتي مصحوبة بأثر معنوي إيجابي على الناتج الحقيقي ،ويرتبط هذا األثر اإليجابي والعالقة الطردية
بين المتغيرتين المذكورتين –بالدرجة األولى -بواقع المكانة األساسية التي يحتلها الناتج النفطي ضمن الناتج
الداخلي الخام لالقتصاد الجزائري ،الذي يعد اقتصادا ريعيا ،يعتمد بشكل أساسي على عائدات المحروقات.1
ذلك فضال عن االرتباط الوثيق –الذي أظهرته النتائج -للسياسة المالية في االقتصاد الجزائري بتوجهات
أسعار النفط ،إذ يمكن القول -بناء على النتائج أعاله -أن السياسة المذكورة تمثل آلية انتشار هامة وقناة
رئيسية النتقال آثار حركة أسعار النفط إلى األداء االقتصادي الكلي في الجزائر.
في هذا الصدد ،تدفعنا االستجابات اإليجابية التي أبدتها متغيرات السياسة المالية (اإليرادات والنفقات
العامة) تجاه الصدمات اإليجابية في أسعار النفط ،ومن ثم تجاه الصدمات اإليجابية في الدورة االقتصادية
الحقيقية ) ،(Real Business Cycle Shocksأو النشاط االقتصادي الحقيقي )- (Real Activityوالتي تعبر
عنها الصدمات اإليجابية في الناتج الحقيقي -إلى االعتقاد واإلقرار بدورية السياسة المالية )Procyclicality
،(of Fiscal Policyوخضوعها لتقلبات الدورة االقتصادية في االقتصاد الجزائري؛ حيث تسلك هذه السياسة
اتجاهات توسعية أثناء فترات االنتعاش والرواج (الموافقة لفترات ارتفاع اإليرادات) ،بينما تأخذ توجهات
انكماشية خالل فترات الركود (الموافقة لفترات تراجع اإليرادات)؛ وهي نتيجة تتوافق ونتائج اختبارات السببية
أعاله ،وكذا نتائج عديد األدبيات التجريبية ذات الصلة بالموضوع ،والتي تم ذكر عينة منها فيما سلف .2ففي
اقتصاد يعتمد بشكل كامل على عائدات النفط –على غرار االقتصاد الجزائري -ترتبط السياسة المالية ارتباطا
وثيقا بتقلبات أسعار النفط ،وبذلك تلعب هذه السياسة دور القناة التي تنتقل من خاللها آثار التقلبات في
األسعار المذكورة إلى األداء االقتصادي الكلي ،إذ ينتج عن التقلبات في أسعار النفط تقلبات موازية في
226
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
العائدات النفطية ،ومن ثم في سياسة اإلنفاق العام ،وذلك ضمن ما يسمى بدورية السياسة المالية ،التي غالبا
ما تأتي مصحوبة بانخفاض في نوعية وفعالية سياسة اإلنفاق العام بشكل خاص.
ضمن نفس اإلطار ،وفيما يتعلق بآثار صدمات السياسة المالية –وآثار صدمات أسعار النفط من
خاللها -على األداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،اتضح أن الصدمات اإليجابية في اإليرادات العامة (على
غرار صدمات ارتفاع أسعار النفط) تمارس نوعا من اآلثار الكينـزية ) ،(Keynesian Effectsإذ أن اإلنفاق
العام يستجيب بشكل مباشر وايجابي لصدمات اإليرادات العامة ،نظ ار الرتباطه الوثيق بهذه األخيرة .هذه
الزيادة في اإلنفاق العام ،سيكون لها تأثير إيجابي على النشاط االقتصادي الحقيقي وكذا اإلسمي (الناتج
الحقيقي واألسعار) في المدى القصير ،كما رأينا من خالل التحليل أعاله ،وهو ما ينعكس بدوره إيجابيا في
المدى المتوسط على اإليرادات العامة ،من خالل ارتفاع الجباية العادية (خاصة الضرائب على الدخل
والضرائب على االستهالك) ،ليسمح بذلك بتحسن وضعية الموازنة العامة ،وربما ظهور فائض في هذه
األخيرة؛ األمر الذي من شأنه أن يؤدي من جهة ،إلى التخفيف من حدة الضغوط التضخمية -من خالل
انخفاض التمويل النقدي للعجز -ومن ثم انخفاض المستوى العام لألسعار ،كما يؤدي –من جهة أخرى -إلى
تدني وانخفاض معدالت الفائدة من جراء ارتفاع معدالت االدخار العام ،ليساهم بذلك في تكوين وضعية
مشجعة ومالئمة لالستثمار الخاص ،من خالل ظهور نوع من آثار الجذب أو التكامل )Crowding In
،(Effectsمما سينعكس إيجابيا -مرة أخرى -على نمو الناتج الداخلي الخام الحقيقي على المدى البعيد.
في ذات السياق ،يمكن القول -بناء على النتائج أعاله -أن سياسات اإلنفاق العام التوسعية المنتهجة في
الج ازئر ،تمارس نوعا من اآلثار الالكينـزية ) .(Non-Keynesian Effectsفاألثر اإليجابي الذي تخلفه
الصدمات اإليجابية في اإلنفاق الحكومي على الناتج الحقيقي في المدى القصير ،من شأنه أن يؤدي إلى
ارتفاع حجم الطلب الكلي (من خالل ارتفاع حجم اإلنفاق االستهالكي) على المدى المتوسط والبعيد ،وهو ما
من شأنه أن ينتِج نوعا من الضغوط التضخمية المصحوبة بارتفاع في المستوى العام لألسعار (المعبر عنه
في هذه الدراسة بمعامل انكماش الناتج الداخلي الخام) .هذه الوضعية ستؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة
العامة ،نتيجة ارتفاع اإلنفاق العام ،ومع ضرورة التخفيض من مستويات العرض النقدي بغية الحد من
الضغوط التضخمية ،يصبح ارتفاع معدالت الفائدة نتيجة حتمية لألوضاع السائدة واإلجراءات المصاحبة لها،
األمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تراجع طلب القطاع الخاص (انخفاض حجم االستهالك واالستثمار
الخاص) ،من خالل ظهور نوع من آثار المزاحمة ) (Crowding Out Effectsعلى االستثمار واالستهالك
الخاص ،والتي ستخلف تأثي ار سلبيا ،وتؤدي إلى تراجع جزئي في النشاط االقتصادي الحقيقي (معدالت نمو
227
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
في صلب التحليل أعاله ،يمكن اعتبار ضعف قيم مضاعفات اإلنفاق الحكومي الذي اتضح من خالل
تحليل دوال االستجابة (خاصة في المدى الطويل) ،كمؤشر على أن السياسات المالية التوسعية المنتهجة
بالجزائر في ظروف ارتفاع أسعار النفط ،تبقى قليلة الفعالية وتمارس نوعا من اآلثار الالكينـزية ،من خالل
ظهور نوع من آثار اإلزاحة أو المزاحمة على طلب القطاع الخاص ،مما يؤدي إلى إزاحة جزئية -في المدى
البعيد -لآلثار اإليجابية للتوسع المالي على الناتج الحقيقي؛ والنتيجة فعالية نسبية لمثل هذه السياسات في
التأثير على النشاط االقتصادي الحقيقي .وتتوافق هذه النتائج إلى حد بعيد مع واقع االقتصاد الجزائري ،إذ أن
السياسة المالية التوسعية ذات الطابع الكينزي ،التي انتهجتها الحكومة من خالل التوسع في اإلنفاق العام
ضمن برامج اإلنعاش االقتصادي ودعم النمو ،بهدف بعث سبل التنمية االقتصادية ودفع عجلة اإلنتاج
الوطني ،لم يكن لها أي آثار تخدم هذا المنظور ،ويرجع ذلك ببساطة إلى محدودية قدرات الجهاز اإلنتاجي
وضعف الهيكل الصناعي؛ األمر الذي استدعى تحويل مبالغ البرامج المقررة فقط في إنشاء الهياكل القاعدية
وزيادة الواردات من السلع.
بالنسبة للسياسة النقدية ،اتضح جليا من خالل نتائج التحليل أعاله عدم قدرة هذه السياسة على نقل آثار
صدمات أسعار النفط ،ومحدودية فعاليتها في التأثير على النشاط الحقيقي في االقتصاد الجزائري ،إذ كشفت
النتائج المذكورة أن السياسة المعنية (ممثلة بعرض النقد الحقيقي) ال تمارس أي تأثير على الناتج الحقيقي.
هذه النتيجة تتوافق وواقع السياسة النقدية المطبقة في الجزائر خالل فترة الدراسة ،حيث تم إغفال الدور
اإلنمائي لهذه السياسة ،التي بقيت غائبة تماما خالل مرحلة التخطيط بتولي الخزينة العمومية للدور التمويلي
للمخططات التنموية؛ كما أن انعكاسات اإلصالحات التي مست االقتصاد الجزائري مع بداية تسعينات القرن
الماضي ،جعلت األهداف المعلنة للسياسة النقدية ،بعيدة كل البعد عن متطلبات تحقيق النمو االقتصادي
وأولويات تشجيعه ،بتركيزها المطلق على استهداف التضخم وتحقيق استقرار األسعار ،إذ تشير التقارير
واإلحصائيات –في هذا الصدد -أن هدف السلطات النقدية منذ صدور قانون النقد والقرض ،كان يتمثل في
التحكم في التضخم كهدف أساسي على حساب النمو االقتصادي ،وقد تجلى ذلك في انتهاج سياسة نقدية
- 1يتعلق حجم ومقدار هذه اآلثار بمدى حساسية االستثمار والطلب على النقود لتغيرات سعر الفائدة ،كما رأينا في الجزء النظري المتعلق باآلثار
االقتصادية الكلية للسياسة المالية من هذه الدراسة ،وكما سنرى في ال قسم الموالي من هذا الجزء التطبيقي ،أين سيتم اختبار فعالية السياسة المالية في
اقتصاد الجزائري ،من خالل اختبار فرضية المزاحمة.
-ال يمكن الحديث عن آثار المزاحمة الخارجية ،أو المزاحمة من خالل سعر الصرف ،باعتبار أن هذه األخيرة تعتمد –ضمن االقتصاديات المفتوحة على
غرار االقتصاد الجزائري -على نوع نظام سعر الصرف السائد ودرجة حرية حركة رؤوس األموال ،إذ يحدث هذا النوع من المزاحمة في ظل نظام
سعر صرف مرن مع حرية تامة لحركة رؤوس األموال ،وهي الشروط التي ال تتوفر في االقتصاد الجزائري ،إذ يبدوا من خالل إلقاء نظرة بسيطة على
واقع هذا االقتصاد ،أن نظام سعر الصرف المتبع خالل فترة الدراسة تراوح بين نظام سعر الصرف الثابت ونظام سعر الصرف العائم والمدار.
228
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
انكماشية صارمة خالل فترة التعديل الهيكلي ( ،)1998 -1995كان الهدف منها الحد من التوسع في نمو
الكتلة النقدية ،ليتم بعد ذلك اتباع سياسة نقدية حذرة خالل الفترة ( ،)2014 -2000كان الهدف منها
امتصاص فائض السيولة من خالل رفع نسب االحتياطي اإلجباري ،واستحداث أدوات جديدة.
على صعيد آخر ،جاءت نتائج دوال االستجابة -الموصوفة أعاله -بشأن أثر توسعات السياسة النقدية
على المستوى العام لألسعار ،معاكسة لتوقعات النظرية االقتصادية (ممثلة بالنظرية الكمية للنقود) ،التي تؤكد
أن التوسعات المذكورة –على عكس اإلنكماشات -عادة ما تأتي مصحوبة بارتفاع في األسعار .فقد أسفرت
النتائج عن استجابة سلبية لمعامل انكماش الناتج تجاه الصدمات اإليجابية في عرض النقد ،والتي تمثل
صدمات توسعية للسياسة النقدية .هذه النتيجة المفاجئة ال تعني عدم صحة العالقة المكتشفة بين العرض
النقدي واألسعار ،بقدر ما تعني غياب قناة االنتقال الموضحة لهذه العالقة ضمن النموذج ) VAR(2المعتمد.
فالنتيجة المذكورة تتفق مع نتائج العديد من الدراسات المطبقة في كل من البلدان الصناعية والبلدان النامية،
والتي خلصت إلى أن السياسة النقدية التوسعية تحد من الضغوط التضخمية ،بدل الرفع منها .وقد تم اإلشارة
إلى مثل هكذا نتيجة ضمن األدبيات المذكورة ،بما أطلق عليه اسم "لغز السعر ،"Price Puzzle-في حين تم
تفسيرها بعدم احتواء النموذج المستخدم في الدراسة على القدر الكافي من المعلومات ،التي يعتمد عليها
واضعي السياسات في صياغة إجراءات السياسة النقدية ،وخاصة المعلومات المتعلقة بالتضخم المستقبلي.1
.2تحليل "تفكيك تباين خطأ التنبؤ" واألهمية النسبية لصدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية:
في إطار مواصلة التحليل الهيكلي للنظام األساسي محل الدراسة ضمن النموذج المقدر ) ،VAR(2وبعد
تحليل االستجابات الديناميكية التي تبديها متغيرات النظام المعني تجاه صدماتها الذاتية والصدمات المتولدة
عن المتغيرات األخرى في النظام (خاصة استجابة األداء االقتصادي الكلي (الناتج الحقيقي واألسعار) تجاه
الصدمات الناتجة عن تجديدات متغيرة سعر النفط ومتغيرات السياسة المالية) ،سنعمد فيما يلي إلى محاولة
توضيح األهمية النسبية للصدمات التي تحدث في كل متغيرة من المتغيرات المعنية في تفسير تقلباتها الذاتية
والتقلبات التي تحدث في المتغيرات األخرى في النظام ،2مع التركيز على توضيح أهمية ودور الصدمات
1لتفاصيل أدق عن لغز السعر ،أنظر على سبيل المثال- Sims. C.A. (1992). "Interpreting The Macroeconomic Time Series :
Facts: The Effects of Monetary Policy", European Economic Review, Vol. 36, No. 5, PP. 875-1011.
- Hansen. M.S. (2004), "The ‘Price Puzzle’ Reconsidered", Journal of Monetary Economics, Vol. 51, No. 7, PP.
1385-1413.
2بينما توضح دوال االستجابات الدفعية كيفية تأثير الصدمات تحدث في أي متغيرة من المتغيرات الداخلية في النظام على المتغيرات الداخلية األخرى،
تساعد عملية تفكيك تباين خطأ التنبؤ على توضيح وإبراز األهمية النسبية لكل متغيرة (تجديد) من المتغيرات المعنية في تفسير تقلبات كل متغيرة
متغيرات األخرى ،من خالل تقسيم مصدر التغير الذي يحدث في متغيرة داخلية ما بين تجديدات كل المتغيرات في النظام (أي حساب نسبة مساهمة ك ٌّل
منها في هذا التغير).
229
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
التي تحدث في سعر النفط والسياسة المالية في تفسير التقلبات الظرفية والهيكلية التي تشهدها متغيرات
األداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،وذلك من خالل تحليل تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرات النظام.
من ناحية أخرى ،تجدر اإلشارة إلى أن التفكيك السليم لتباينات أخطاء التنبؤ لمختلف متغيرات النظام
المدروس ،يستدعي -كما هو الحال بالنسبة لتحليل دوال االستجابة -توفر شرط غياب االرتباط الفوري
(التعامد) لتجديدات المتغيرات المعنية .وفي هذا الصدد ،سنعتمد –من أجل الحصول على تجديدات مستقلة
فوريا -على نفس الطريقة المعتمدة لتحويل التجديدات القانونية وتحديد الصدمات المتعامدة لدى تحليلنا لدوال
االستجابة الدفعية ،مع الحفاظ على نفس الترتيب لمتغيرات النظام .نتائج تفكيك تباين خطأ التنبؤ لكل متغيرة
من متغيرات النظام األساسي المقدر )( ،VAR(2باستخدام تفكيك " "Choleskyلتحويل وتحديد الصدمات)
بالنسبة ألفق تنبؤي يقدر بعشر ( )10سنوات في المستقبل ،يوضحها الجدول ( ،)22-IIواألشكال (،)14-II
( ،)19-II( ،)18-II( ،)17-II( ،)16-II( ،)15-IIمن الملحق ( .)03وفيما يلي سنقوم بتحليلها بالتفصيل.
على غرار ما قمنا به ضمن تحليل دوال االستجابات الدفعية ،وفي إطار فصل األهداف الرئيسية
للدراسة ،ومعالجتها ٌّ
كل على حدى ،نسعى ضمن المرحلة الحالية من البحث إلى إبراز وتوضيح األهمية
النسبية للصدمات التي تحدث في تجديدات متغيرات النظام األساسي المحدد ،في تفسير التقلبات التي
تشهدها متغيرات األداء االقتصادي الكلي (الناتج الحقيقي واألسعار) في الجزائر ،مع إيالء االهتمام -بشكل
خاص -لتوضيح أهمية ودور الصدمات التي تحدث في سعر النفط والسياسة المالية في تفسير التقلبات
الظرفية والهيكلية التي تشهدها المتغيرات المعنية.
.1.1.2تحليل "تفكيك تباين خطأ التنبؤ" لمتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي.(V. D. of LRGDP) :
حسب ما تشير إليه نتائج تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي )Variance
(Decomposition of LRGDPبالنسبة ألفق تنبئي يمتد على مدى عشر سنوات ،والملخصة في الجدول
( )4.3أدناه ،يظهر أنه إضافة إلى الصدمات الذاتية للمتغيرة المعنية ،تلعب كل من صدمات أسعار النفط،
صدمات اإليرادات والنفقات العامة ،وكذا صدمات األسعار ،دو ار جوهريا في تفسير التقلبات الظرفية والهيكلية
التي يشهدها النشاط الحقيقي (الناتج الحقيقي) في االقتصاد الجزائري ،على المدى القصير ،المتوسط ،وحتى
البعيد .في هذا اإلطار تتجاوز نسبة مساهمة صدمات أسعار النفط حد ) (28%في المدى القصير المقدر
بثالث سنوات في المستقبل ،وتتراوح بين ) (27%و) (30%في المدى المتوسط ،بينما تفوق حدود ) (32%في
230
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
المدى الطويل .كما تساهم صدمات السياسة المالية (النفقات واإليرادات العامة) هي األخرى في تفسير جزًءا
هاما من تغيرات الناتج الحقيقي ،إذ تفوق نسبة مساهمة صدمات النفقات واإليرادات العامة الحقيقية مجتمعة
حدود ) (40%في المدى القصير (تبلغها عند السنة الثانية في المستقبل) ،وال تقل عن ) (27.5%في المدى
المتوسط ،في حين تصل إلى حدود ) (28%في المدى الطويل (عند السنة العاشرة في المستقبل).
الجدول ( :)4.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي ).1(LRGDP. V.D
Variance Decomposition of LRGDP:
Period S.E. LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
إضافة إلى ذلك ،ترتبط التغيرات في الناتج الحقيقي إلى حد ما بصدمات األسعار (ممثلة بالصدمات في
معامل انكماش الناتج الداخلي الخام)؛ إذ تساهم هذه األخيرة في تفسير ما ال يقل عن ) (13%من تقلبات
الناتج الحقيقي في المدى القصير ،بينما تتجاوز نسبة مساهمتها حد ) (9%في المدى المتوسط والبعيد .أما
صدمات عرض النقد فيبدوا أنها ال تساهم في تحديد اتجاهات تغير الناتج الحقيقي في االقتصاد الجزائري ،إذ
تظهر النتائج أن نسبة مساهمتها تكون ضئيلة وغير معنوية إحصائيا (خاصة في المدى القصير).
.2.1.2تحليل "تفكيك تباين خطأ التنبؤ" لمعامل انكماش الناتج الداخلي الخام.(V. D. of LGDPD) :
وفق ما ترمي إليه نتائج تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام )Variance
– (Decomposition of LGDPDالتي تخص أفق تنبئي يمتد على مدى عشر سنوات في المستقبل-
الملخصة في الجدول ( )5.3أدناه ،يتضح أن معظم التقلبات الظرفية (أو الهيكلية) التي تحدث في المستوى
العام لألسعار تكون ناتجة أساسا –باإلضافة إلى الصدمات الذاتية للمتغيرة محل االهتمام -عن الصدمات
في أسعار النفط واإليرادات العامة ،وبنسبة أقل عن صدمات اإلنفاق العام (الطلب الكلي) وعرض النقد
الحقيقي .إذ يبدوا –في هذا الصدد -أن صدمات أسعار النفط تعد مسؤولة عن ما يصل إلى ) (30%من
231
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
تغيرات األسعار في المدى القصير (المقدر بسنة واحدة في المستقبل) ،وعن ما يتراوح بين ) (15%و)(49%
في المدى المتوسط والبعيد .أما اإليرادات العامة الحقيقية فتعتبر مسؤولة عن ما يقارب ) (24.50%من
تقلبات األسعار في المدى القصير (سنة واحدة في المستقبل) ،بينما تكون نسبة مساهمتها محصورة بين
) (5%و) (2.50%في المدى المتوسط والطويل.
الجدول ( :)5.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام ).1(V. D. of LGDPD
Variance Decomposition of LGDPD:
Period S.E. LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
بدورها ،يبدوا أن صدمات اإلنفاق العام وعرض النقد تسمح بتفسير جزءا ليس باليسير من التقلبات التي
تحدث في األسعار ،حيث ترتفع حصة مساهمة اإلنفاق العام من ) ،(2.48%كنسبة تسجل عند السنة األولى
في المستقبل ،إلى حد أقصى قدره ) ،(8.31%يسجل عند السنة الخامسة ،قبل أن تتراجع إلى ) (4.56%مع
حلول السنة العاشرة .بينما تبلغ نسبة مساهمة عرض النقد حدها األقصى المقدر بـ ) (12%عند السنة الثانية
في المستقبل ،لتتراجع إلى ما يقارب ) (6%في المدى المتوسط ،ثم إلى حدود ) (4.50%في المدى الطويل.
بعد تحليل وتوضيح األهمية التي تكتسيها الصدمات التي تحدث في تجديدات متغيرات النظام األساسي
محل الدراسة بشكل عام ،وصدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية بشكل خاص ،في تفسير تقلبات
األداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،نهدف –في ذات السياق -ضمن الخطوة الحالية من الدراسة إلى البحث
في دور وأهمية الصدمات المذكورة ،في تفسير التقلبات الظرفية والهيكلية التي تحدث متغيرات السياسة عامة
ومتغيرات السياسة المالية (اإليرادات والنفقات العامة الحقيقية) خاصة ،مع التركيز على إبراز وتوضيح دور
صدمات أسعار النفط من جهة ،وصدمات النشاط االقتصادي الحقيقي (الدورة االقتصادية الحقيقية) من جهة
232
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.1.2.2تحليل "تفكيك تباين خطأ التنبؤ" لمتغيرة اإليرادات العامة الحقيقية.(V. D. of LRGREV) :
حسب ما أسفرت عنه نتائج تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة اإليرادات العامة الحقيقية )Variance
– (Decomposition of LRGREVضمن أفق تنبئي قدره عشر سنوات في المستقبل -التي يلخصها الجدول
( )6.3أدناه ،يتبين أن جل التقلبات الظرفية التي تشهدها اإليرادات العامة الحقيقية تتعلق بنسبة كبيرة
بصدمات أسعار النفط ،وبدرجة أقل بصدمات النشاط الحقيقي (الناتج الحقيقي) ،وعرض النقد ثم األسعار.
تفسر الصدمات في سعر النفط الحقيقي ،ما يزيد عن ) (67%من تقلبات اإليرادات العامة
وفي هذا اإلطارِّ ،
في المدى القصير المقدر بسنتين في المستقبل ،وتساهم في تفسير ما ال يقل عن ) (60%من هذه التقلبات
في المدى المتوسط المقدر بخمس سنوات ،بينما تصل مساهمتها إلى ما يقارب ) (54.50%في المدى البعيد.
الجدول ( :)6.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة اإليرادات العامة الحقيقية ).1(LRGREV. V.D
Variance Decomposition of LRGREV:
Period S.E. LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
في ذات السياق ،تسند نسب هامة من التقلبات التي تمس اإليرادات العامة الحقيقية إلى صدمات الناتج
الحقيقي (النشاط الحقيقي) وصدمات عرض النقد الحقيقي ،إذ يسمح النوع األول من الصدمات بتفسير ما
يقارب ) (7%من تقلبات المتغيرة المعنية في المدى القصير المقدر بثالث سنوات ،لتصل مساهمته إلى حدود
) (12%في المدى المتوسط ،وما يقارب ) (14%في المدى البعيد .بينما ترتفع نسبة مساهمة النوع الثاني من
الصدمات من ) (1.89%تسجل عند السنة الثانية في المستقبل ،إلى ) (9.78%تسجل في السنة السادسة ،ثم
إلى ) (12.26%عند السنة العاشرة في المستقبل .أما صدمات األسعار فتقدم مساهمة ضئيلة نوعا ما في
تفسير تغيرات اإليرادات العامة ،إذ تبلغ هذه المساهمة حدا أقصى قدره ) (3.60%عند السنة العاشرة مستقبال.
233
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
.2.2.2تحليل "تفكيك تباين خطأ التنبؤ" لمتغيرة اإلنفاق العام الحقيقي.(V. D. of LRGEXP) :
وفق ما كشفت عنه النتائج المترتبة عن تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة اإلنفاق العام الحقيقي )Variance
،(Decomposition of LRGEXPالتي تم تقديرها باتخاذ أفق تنبئي يمتد على مدى عشر سنوات ،والموضحة
في الجدول ( )7.3أدناه ،يظهر بجالء أن صدمات أسعار النفط وصدمات اإليرادات العامة هي المسؤولة عن
الجزء األكبر من التقلبات الظرفية التي يشهدها اإلنفاق العام الحقيقي ،إذ تسمح صدمات سعر النفط الحقيقي
بتفسير حوالي ) (23%من تقلبات اإلنفاق العام في المدى القصير المقدر بثالث سنوات في المستقبل ،وما
يقارب ) (38%في المدى المتوسط المقدر بست سنوات ،بينما تصل نسبة مساهمة هذه الصدمات إلى حدود
) (39.50%في المدى الطويل المقدر بعشر سنوات في المستقبل .أما صدمات اإليرادات العامة الحقيقية
فتساهم في تفسير ما مقدراه ) (21.50%من تغيرات اإلنفاق العام ،كحد أقصى يسجل في المدى القصير
المقدر بسنتين في المستقبل ،في حين تكون مسؤولة عن ما يتراوح بين ) (14%و) (12%من هذه التغيرات
في المدى المتوسط ،وعن ما ال يقل عن ) (11%في المدى الطويل المقدر بعشر سنوات في المستقبل.
الجدول ( :)7.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة اإلنفاق العام الحقيقي ).1(LRGEXP. V.D
Variance Decomposition of LRGEXP:
Period S.E. LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
صدمات النشاط الحقيقي (الناتج الحقيقي) ،تعد مسؤولة -هي األخرى -عن جزء مهم من تقلبات اإلنفاق
العام الحقيقي ،حيث ترتفع نسبة مساهمة هذه الصدمات في تفسير التقلبات المعنية تدريجيا ،لتصل إلى ما ال
يقل عن ) ،(11.50%في المدى المتوسط المقدر بست سنوات في المستقبل ،ثم إلى ما يقارب ) (14%في
المدى البعيد .كما أن صدمات عرض النقد الحقيقي واألسعار تسمح -باإلضافة إلى الصدمات السابق
وصفها -بتفسير نسبة ليست بالقليلة من التقلبات التي تحدث في اإلنفاق الحكومي .حيث تبلغ نسبة مساهمة
234
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
صدمات عرض النقد –في هذا الصدد -قيمتها القصوى المقدرة بـ ) ،(8.45%عند السنة الثالثة في المستقبل،
ثم تتراجع إلى حدود ) (6%مع حلول السنة السادسة ،قبل أن تعاود االرتفاع إلى ما يقارب ) (8%على المدى
األطول .في حين تأتي مساهمة صدمات األسعار بنسب متزايدة مع مرور الزمن ،إلى أن تسجل أقصى نسبة
مساهمة قدرها ) ، (8.13%%عند السنة الثامنة في المستقبل ،قبل أن تتراجع هذه النسبة قليال لتبلغ إلى ما ال
يقل عن ) (7.50%مع حلول السنة العاشرة.
.3.2.2تحليل "تفكيك تباين خطأ التنبؤ" لمتغيرة عرض النقد الحقيقي.(V. D. of LRM2) :
حسب ما توحي به النتائج المتمخضة عن تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة عرض النقد الحقيقي
)(Variance Decomposition of LRM2؛ المقدرة ضمن أفق تنبئي يمتد على مدى عشر سنوات ،والملخصة
في الجدول ( )8.3أدناه .يتضح أنه باإلضافة إلى الصدمات الذاتية للمتغيرة محل االهتمام ،تعد الصدمات في
أسعار النفط والنشاط الحقيقي المسؤول األهم ،والسبب الرئيسي للتقلبات الظرفية أو الهيكلية التي تحدث في
عرض النقد .إذ يظهر –في هذا السياق -أن الصدمات سعر النفط الحقيقي تعد مسؤولة عن ما يقارب
) (16%من تقلبات عرض النقد الحقيقي في المدى القصير المقدر بثالث سنوات في المستقبل ،وعن ما
يتجاوز ) (49%في المدى المتوسط المقدر بست سنوات ،في حين تسمح بتفسير ما يزيد عن ) (58%في
المدى البعيد المقدر بعشر سنوات .أما صدمات النشاط الحقيقي (الناتج الحقيقي) فتكون مسؤولة عن ما يفوق
) (30%من تغيرات عرض النقد في المدى القصير المقدر بثالث في المستقبل) ،وعن ما يتراوح بين
) (31.50%و) (27.50في المدى المتوسط ،بينما تساهم في تفسير ما يربو عن ) (21.50%في المدى البعيد.
الجدول ( :)8.3تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة عرض النقد الحقيقي ).1(LRM2. V.D
Variance Decomposition of LRM2:
Period S.E. LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
235
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
في ذات السياق ،يتعلق جزء مهم من تقلبات عرض النقد الحقيقي -بدرجة أقل -بصدمات اإليرادات
النفقات العامة ،وصدمات األسعار .إذ يسند ما يتجاوز ) (9.50%من تغيرات عرض النقد في المدى القصير
(المقدر بسنة واحدة في المستقبل) إلى صدمات اإليرادات والنفقات العامة مجتمعة ،بينما تساهم هذه
الصدمات في تفسير ما يفوق ) (4.50%من تقلبات المتغيرة المعنية في المدى الطويل .أما صدمات األسعار
فتقدم مساهمة ضئيلة نوعا ما في تفسير تقلبات عرض النقد الحقيقي في المدى القصير ،إذ تبلغ حدا أقصى
قدره ) (2.65%عند السنة الثالثة في المستقبل ،غير أن هذه المساهمة تتحسن تدريجيا في المدى المتوسط
والبعيد لتصل إلى حدود ) (5.08%عند السنة الثامنة في المستقبل.
بناء على ما سبق ،يتضح أن نتائج تفكيك التباين قد جاءت مؤكدة ومدعمة لنتائج اختبارات السببية
–وفق -Geangerمن جهة ،ونتائج تحليل دوال االستجابة الدفعية من جهة أخرى ،حيث تأكد بجالء من
خالل تحليل تفكيك تباين خطأ التنبؤ لمختلف متغيرات النظام األساسي محل الدراسة ،األهمية الكبيرة التي
تكتسيها صدمات أسعار النفط ،ومن ثم صدمات السياسة المالية –التي اتضح أنها تلعب دور آلية انتشار
وقناة انتقال لآلثار االقتصادية الكلية لصدمات أسعار النفط -في تفسير التقلبات التي تشهدها متغيرات األداء
االقتصادي الكلي المعنية بالدراسة .كما تبين أن السياسة المالية في الجزائر تتسم بالدورية ،بسبب خضوعها
لتقلبات الدورة االقتصادية ،التي تخضع بدورها لتقلبات وحركة أسعار النفط ،وهو ما يحمل داللة واضحة
بشأن درجة الشك والاليقين الذي يكتنف المناخ االقتصادي في الجزائر -في ظل عدم اإلستقرار الذي يميز
أسعار النفط -ويواجه صانعي السياسات االقتصادية ،فيما يتعلق بالتخطيط على المدى الطويل.
بناء على كل ما ذكر أعاله ،يتضح أن نتائج التحليل الهيكلي لديناميكية النموذج األساسي )VAR(2
المقدر ،بمختلف أدواته (اختبارات السببية ،دوال االستجابة ،وتفكيك التباين) قد جاءت متفقة وصبت في نفس
االتجاه ،حيث اتضح جليًّا بشكل أساسي من خالل هذا التحليل مدى أهمية صدمات أسعار النفط وصدمات
السياسة المالية ومدى مساهمتها في تحديد اتجاهات األداء االقتصادي الكلي في الجزائر .كما اتضح في
ذات السياق ،أن صدمات أسعار النفط تمارس تأثيرات مباشرة ،وأخرى غير مباشرة عبر قناة السياسة المالية
(اإليرادات والنفقات العامة الحقيقية)؛ في حين أظهرت النتائج عدم أهمية قناة السياسة النقدية (عرض النقد
الحقيقي) في نقل آثار صدمات أسعار النفط إلى النشاط االقتصادي الحقيقي ،إذ تبين أن هذه األخيرة ال
تمارس أي تأثير على الناتج الحقيقي ،وبالتالي ال تلعب أي دور في نقل آثار صدمات أسعار النفط إليه.
236
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
خالصة الفصل:
جاءت محاور هذا الفصل لمحاولة تقديم الجواب الصريح والجلي لإلشكال الرئيسي الذي تتناوله الدراسة،
وذلك من خالل محاولة التقدير والتقييم المباشر –باالعتماد على بيانات االقتصاد الجزائري -لشدة واتجاه
اآلثار التي تتبع صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية فيما يتعلق بتوجهات األداء االقتصادي
الكلي في الجزائر .ولبلوغ الهدف المتوخى عمدنا -بعد العمل على تحديد مدى تأثير صدمات أسعار النفط
على توجهات واجراءات السياسة المالية -إلى تحديد مدى مساهمة صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة
المالية في رسم اتجاهات األداء االقتصادي الكلي خالل الفترة محل الدراسة؛ وذلك ضمن إطار تحليلي
تطبيقي-تجريبي ،شكل خالله عرض وتحليل انعكاسات الحركة الدائمة والتقلب المستمر ألسعار النفط على
الواقع التاريخي لمسار وتوجهات السياسة المالية ،ووضعية مؤشرات األداء االقتصادي الكلي (الناتج
والمستوى العام لألسعار) ،نقطة االنطالق .قبل أن نعمد إلى المعالجة الكمية والتحليل االقتصادي القياسي
آلثار صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية على األداء االقتصادي الكلي ،ملتزمين في ذلك
بمنهجية القياس االقتصادي ،ومنهجية النمذجة غير الهيكلية ( (Non-Structural Modelingبشكل خاص.
من أجل التحديد والتقييم الكمي لآلثار االقتصادية الكلية لصدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية،
كنا بحاجة إلى تحديد كيفية استجابة متغيرات األداء االقتصادي الكلي (الناتج الحقيقي والمستوى العام
لألسعار) ،تجاه الصدمات المتأتية من تجديدات متغيرة سعر النفط ومتغيرات السياسة المالية .وفي هذا
الصدد ،وجدنا أن المقاربة " "VARالمقترحة من طرف )1980( Simsكبديل للنماذج االقتصادية الكلية
الهيكلية ،توفر إطا ار مالئما لعمليات التنبؤ والمحاكاة وتحليل السياسات االقتصادية ،بتفاديها للصعوبات
المتعلقة بتحديد وتقدير النماذج الهيكلية؛ بينما القت مقاربة النماذج " "VARرواجا واسعا ،بالنظر إلى
الخصائص الجوهرية التي تنفرد بها ،والتي جعلتها قادرة على تقديم الوصف الدقيق للعالقات الديناميكية بين
المتغيرات االقتصادية الكلية ،من خالل اختبارات السببية ،وميكانيزمات دوال االستجابات الدفعية وآليات
تفكيك التباين ،التي منحت هذا النوع من النماذج القدرة على استخالص الجزء األكبر من المعلومات التي
تحملها البيانات ،دون الحاجة إلى الكثير من المعلومات المسبقة.
قبل الخوض في التحليل االقتصادي القياسي ،برزت من خالل التحليل االقتصادي الوصفي لبيانات
االقتصاد الجزائري ،العالقة الوثيقة بين حركة أسعار النفط وق اررات السياسة المالية من جهة ،وبين حركة هذه
األسعار وكذا إجراءات السياسة المالية ومتغيرات األداء االقتصادي الكلي من جهة أخرى .نتيجة ال تعد -في
الواقع -بالمفا ِجئة خاصة إذا ما نظرنا إلى االعتماد الواسع لالقتصاد الجزائري على النفط والعائدات النفطية؛
237
أثر أسعار النفط والسياسة المالية على أداء االقتصاد الجزائري :اإلطار التحليلي التطبيقي الفصل الثالث
آثار عميقة على االقتصاد ،جعلت من األداء االقتصادي الكلي -ونمو إجمالي الناتج
األمر الذي ترتب عنه ًا
المحلي الحقيقي خاصة -مرهونا بتقلبات أسعار النفط ،وما يصحبها من تقلبات مقابلة لقيمة الصادرات
واإليرادات العامة ومدى توفر النقد األجنبي .أما نتائج التحليل الكمي المعتمدة على أدوات القياس االقتصادي
–في إطار التحليل الهيكلي لمقاربة النماذج -VARفقد كشفت عن العديد من العالقات المتشابكة بين
متغيرات النظام محل الدراسة ،أهمها تلك التي تقر بالتأثير الواسع الذي تخلفه صدمات أسعار النفط على
باقي المتغيرات في النظام ،والتي تتضمن كل من متغيرات السياسة (اإليرادات والنفقات العامة الحقيقية
وعرض النقد الحقيقي) ،وكذا متغيرات األداء االقتصادي الكلي (الناتج الحقيقي ومعامل انكماش الناتج) .ففي
هذا الصدد ،أظهرت نتائج اختبارات السببية –وفق -Grangerأن متغيرة سعر النفط الحقيقي تساهم بمعنوية
في تحسين القدرة التنبؤية بهذه المتغيرات ،األمر الذي يعني أن التغيرات في سعر النفط تسبق التغيرات التي
تحدث في باقي المتغيرات المعنية بالدراسة؛ بينما أوضحت نتائج محاكاة الصدمات وتحليل دوال االستجابات
الدفعية أن كال من متغيرات النظام تبدي استجابة معنوية –إحصائيا -لصدمات أسعار النفط؛ في حين
ّ
كشفت نتائج تفكيك تباين خطأ التنبؤ عن مساهمة جوهرية ومعتبرة لصدمات أسعار النفط في تفسير التقلبات
الظرفية التي تشهدها ٌّ
كل من متغيرات السياسة ،وكذا متغيرات األداء االقتصادي الكلي.
من ناحية أخرى ،وفيما يتعلق باآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية ،فإنه وبالرغم من تأكيد النتائج
عن وجود آثار معتبرة نسبيا تخلفها اإلجراءات التوسعية لهذه األخيرة تجاه مستويات الناتج الحقيقي واألسعار،
إال أن ما أسفرت عنه ذات النتائج فيما يتعلق بنوع هذه اآلثار –والذي يتجلى من خالل ضعف قيمة
المضاعفات -يكشف أن السياسات المالية التوسعية المنتهجة بالجزائر في ظروف ارتفاع أسعار النفط ،تبقى
قليلة الفعالية ،وتمارس نوعا من اآلثار الالكينـزية ،من خالل ظهور آثار مزاحمة على طلب القطاع الخاص.
فالسياسات المالية التوسعية ذات الطابع الكينزي التي انتهجتها الحكومة ،من خالل استحداث برامج إنعاش
ودعم النمو االقتصادي ،لم يكن لها أية آثار تخدم المنظور المستهدف ،ويرجع ذلك بكل بساطة إلى محدودية
قدرات الجهاز اإلنتاجي والهيكل الصناعي ،مما استدعى تحويل المبالغ المرصودة إلى إنشاء الهياكل القاعدية
وتزايد الواردات من السلع ال غير .ذلك فضال عما أظهرته النتائج بشأن دورية السياسة المالية ،وخضوعها
لتقلبات الدورة االقتصادية ،التي تتحكم فيها –بشكل كبير -تقلبات أسعار النفط .غير هذا ،يمكن القول -في
حوصلة عامة -أن البيانات المستخدمة –والتي تم تحصيلها من مصادر دولية ومحلية -قد عبرت إلى حد ما
عن االعتقادات والتصورات المسبقة حول طبيعة االقتصاد الجزائري ،وتبعية السياسة االقتصادية ضمنه ،ومن
ثم اتجاهات األداء االقتصادي الكلي ،وارتباطه الوثيق بالتقلبات والصدمات الخارجية في أسعار النفط.
238
خاتمة عامّة
خاتمة عامة
الملخص العام:
تمحورت اإلشكالية الرئيسية للدراسة الحالية حول تحليل وتقييم مدى تأثير ومساهمة ٌّ
كل من صدمات
أسعار النفط وصدمات السياسة المالية المرافقة لها ،في تحديد توجهات وسلوك المتغيرات األساسية لألداء
االقتصادي الكلي ( ُممثلة بالناتج الداخلي الخام الحقيقي والمستوى العام لألسعار) في االقتصاد الجزائري،
وفق منهج ومنظور مقاربة النمذجة غير الهيكلية .وبعبارة أدق ،انحصرت اإلشكالية التي ُخصَّت بالدراسة،
في تحديد درجة مساهمة صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية (هيكلية كانت أو نوعية) ،في
التقلبات التي شهدها األداء االقتصادي الكلي في الجزائر خالل الفترة ( ،)2014-1970إضافةً إلى محاولة
رصد كيفية ونمط استجابة المتغيرات األساسية لألداء االقتصادي الكلي تجاه الصدمات محل االهتمام ،وكذا
دراسة وتحليل اتجاهات عالقات السببية بين متغيرات النظام المدروس؛ وذلك باعتماد منهج النمذجة غير
الهيكلية ،ومنهج مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية "- "VARالتي تعد من أهم المقاربات التي تقدمها
مقاربة النمذجة المذكورة -على وجه التحديد؛ والذي يتيح للبيانات حرية التعبير التلقائي عن العالقات
والتفاعالت الديناميكية الحقيقية السائدة بين متغيرات النظام محل الدراسة.
في ذات السياق ،تم الخوض في حيثيات اإلشكالية محل االهتمام ،انطالقًا من معر ٍ
فة ُمسبقة بوضعية
وهيكل االقتصاد الجزائري ،الذي يحتل ضمنه قطاع النفط (أو المحروقات) مكانةً مركزية ،بوصفه القطاع
المهيمن على النشاط االقتصادي ،وباعتباره المحدد األهم للدخل الوطني وايرادات الميزانية ،وبالنظر إلى
كونه المصدر األساسي للعملة الصعبة والنقد األجنبي ،في ظل سيطرة الصادرات النفطية على إجمالي
الصادرات؛ بينما تعد العائدات النفطية المحدد األساسي واألهم لتوجهات السياسة االقتصادية الكلية (وخاصة
السياسة المالية) .كما عمدنا إلى معالجة اإلشكالية المعنية ،أسوةً بمختلف الدراسات واألبحاث التي عكفت
على دراسة وتحليل آثار تقلبات أسعار النفط والصدمات الناجمة عن إجراءات وتدابير السياسة االقتصادية
(والسياسة المالية بشكل خاص) على األداء االقتصادي الكلي في اقتصاديات البلدان المصدرة للنفط؛ حيث
تم إثبات االرتباط الوثيق بين صدمات أسعار النفط واألداء االقتصادي الكلي من جهة ،وصدمات السياسة
االقتصادية -والسياسة المالية على وجه الخصوص -والنشاط االقتصادي من جهة أخرى ،كما تم التأكيد
على الدور الذي تؤديه السياسة المالية -باعتبارها إحدى أهم أدوات السياسة االقتصادية -في نقل آثار
صدمات أسعار النفط إلى األداء االقتصادي الكلي؛ حيث تم إثبات أن هذه السياسة غالبا ما تكون قليلة (أو
عديمة) الفعالية في معالجة اختالل األوضاع االقتصادية ،الناجم عن الصدمات النفطية ،إذ أنها تتسم
بخضوعها ومسايرتها لتقلبات الدورة االقتصادية ) ،(Procyclicalityفي أغلب اقتصاديات البلدان المذكورة.
240
خاتمة عامة
في إطار المعالجة السليمة والشاملة لإلشكالية الجوهرية التي تناولتها الدراسة ،حاولنا جاهدين اإلحاطة
واإللمام –قدر اإلمكان -بمختلف جوانب وحيثيات الموضوع ،بالرغم من صعوبة هذا المسعى في ظل ُّ
تعدد
وتداخل الجوانب والمواضيع الفرعية المتصلة به .وفي هذا الصدد ،قسمنا بحثنا إلى ثالث فصول متناسقة
ومتكاملة؛ إذ حاولنا في الفصل األول عرض مختلف المسارات والتطورات التّاريخية التي شهدتها أسعار
شيا مع تطور أوضاع سوق النفط العالمية ،وتغير موازين القوى داخل هذه السوق خالل مختلف
النفط ،تما ً
العقود الزمنية ،مع التركيز على دراسة وتحليل العوامل المسؤولة عن تذبذب وعدم استقرار أسعار الخام،
وتدعيم هذا التحليل باألدلة التجريبية التي أنتجتها مختلف األدبيات التطبيقية ذات الصلة بالموضوع .بعد ذلك
عمدنا إلى تحليل األسس النظرية واألدلة واإلثباتات التجريبية المتصلة بموضوع اآلثار االقتصادية الكلية
لصدمات وتقلبات أسعار النفط ،من خالل التعرض إلى آليات وقنوات انتقال آثار تقلبات هذه األسعار إلى
االقتصاد الكلي ،ثم تقديم مسح شامل لنتائج األدبيات التجريبية ذات الصلة بالعالقة "أسعار النفط-اقتصاد
كلي" ،مع التكريز –بشكل أساسي -على عرض نتائج األدبيات ذات االهتمام باقتصاديات البلدان المصدرة
للنفط .ذلك قبل أن نقوم بالتعرض ألهم التحديات التي تواجه اقتصاديات البلدان المصدرة للنفط ،في ظل وفرة
هذا المورد الطبيعي (باعتباره موردا اقتصاديا أساسيا) ،وعدم استقرار أسعاره ،في مناقشة لواحدة من المالمح
الغريبة للنمو االقتصادي الحديث ،ضمن ما سمي بأطروحة مفارقة الوفرة ) (Paradox of Plentyولعنة الموارد
) ،(Resource Curseوالتي تعالج عالقة االرتباط السلبي بين بين وفرة الموارد النفطية (باعتبارها من أهم
الموارد الطبيعية) في البلدان المنتجة للنفط ،والنمو االقتصادي في هذه البلدان.
من ناحية أخرى ،عمدنا ضمن الفصل الثاني إلى التطرق لمختلف الجوانب ذات الصلة بالسياسة المالية
بشكل عام ،باعتبارها إحدى أهم أدوات السياسة االقتصادية ،مع التركيز على خصائص هذه السياسة في
البلدان المصدرة للنفط .حيث استهلينا الفصل بعرض أهم المبادئ النظرية واألسس الفكرية للسياسة المالية،
في مقاربة اقتصادية بين أهم األهداف التي تسعى هذه السياسة إلى تحقيقها ،واألدوات التي تستخدمها لبلوغ
األهداف المنشودة ،مع استعراض كيفية تطور دور وأهمية السياسة المعنية ضمن مختلف المقاربات
االقتصادية الكلية .ذلك ،قبل أن نعمد إلى الخوض في حيثيات اإلطار النظري واألساس التجريبي (التطبيقي)
لآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية ،ومدى فعالية هذه األخيرة في التأثير على مختلف المتغيرات
االقتصادية الكلية المستهدفة ،مع تقديم عرض مفصل لنتائج أهم األدبيات التجريبية ذات الصلة بموضوع
اآلثار االقتصادية الكلية لهذه السياسة في مختلف االقتصاديات ،على اختالف نهجها االقتصادي (مع
التركيز على نتائج األدبيات التي خصت االقتصاديات النفطية) ،ودرجة تطور أنظمتها االقتصادية ،وذلك في
241
خاتمة عامة
ظل احتدام الجدل والنقاش النظري ،واختالف وتعارض آراء مختلف المقاربات والنماذج النظرية ذات الصلة
بالموضوع .كل ذلك ،قبل أن نعمد إلى التعرض ألهم المعالم والخصائص الجوهرية التي تميز السياسة
المالية في البلدان المصدرة للنفط ،وكذا استجابة هذه السياسة للصدمات والتقلبات في أسعار النفط ،مع
مناقشة األدوار المنوطة بها في مجموعة البلدان المعنية ،وكذا استعراض التحديات الرئيسية التي تواجهها في
هذه البلدان ،نتيجة التبعية للعائدات النفطية المتقلبة.
ضمن الفصل الثالث ،عمدنا إلى تقديم دراسة تحليلية وتحليل تطبيقي-تجريبي ،بهدف الخروج بنتيجة
وجواب صريح لإلشكال الجوهري الذي تطرحه الدراسة ،وتحديد مدى مساهمة صدمات أسعار النفط
وصدمات السياسة المالية في تفسير وتحديد اتجاهات تطور األداء االقتصادي الكلي في الجزائر خالل الفترة
المعنية بالدراسة .ولهذا الغرض ،استهلينا الفصل بتقديم عرض وقراءة تحليلية لواقع ومسار السياسة المالية
في ظل حركة أسعار النفط ،وكذا لتوجهات وسلوك المؤشرات األساسية لألداء االقتصادي الكلي (الناتج
والتضخم) ،في ظل تقلبات هذه أسعار والتطورات في إجراءات السياسة المالية المصاحبة لها ،خالل الفترة
محل الدراسة .ذلك قبل أن نعمد إلى تقديم معالجة وتقيم كمي ،وتحليل اقتصادي قياسي ،آلثار الصدمات في
أسعار النفط وكذا الصدمات في إجراءات وتدابير السياسة المالية ،على سلوك المتغيرات األساسية لألداء
االقتصادي الكلي ،من خالل التطبيق المباشر ألدوات وتقنيات التحليل الكمي والقياسي المناسبة -من بين
األدوات التي تقدمها مقاربة النمذجة غير الهيكلية ،ومقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية " "VARعلى وجه
التحديد -على بيانات االقتصاد الجزائري ،وذلك بعد التحديد الجيد ،والمعالجة اإلحصائية السليمة ،للمتغيرات
التي يجب أن تُعنى بالدراسة ،ضمن نظام إحصائي أساسيُ ،يفترض أن يكون معب ار عن النظام االقتصادي
المعني بالدراسة .وقد أفضت الخطوة الموصوفة إلى بناء وتقدير نموذج ديناميكي احتمالي أساسي ،في إطار
منهجية المقاربة " ،"VARقمنا من خالله باختبار إمكانية وجود عالقات سببية معنوية تتجه من أسعار النفط
ومتغيرات السياسة المالية -بشكل خاص -نحو متغيرات األداء االقتصادي الكلي (دون غض النظر عن
اختبار إمكانية وجود عالقات من هذا النوع بين مختلف متغيرات النظام األساسي محل الدراسة) ،وكذا
محاكاة آثار مختلف الصدمات -المستقلة -الناتجة كل متغيرة من متغيرات النظام -ومن بينها الصدمات
المتولدة عن متغيرة سعر النفط ومتغيرات السياسة المالية على وجه الخصوص -على مختلف متغيرات
النظام محل الدراسة؛ باإلضافة إلى تحديد األهمية النسبية ،ودرجة مساهمة صدمات أسعار النفط وصدمات
السياسة المالية ،في تفسير التقلبات الظرفية (أو الهيكلية) التي تشهدها المتغيرات المستهدفة ،من خالل آلية
تفكيك تباين خطأ التنبؤ لكل متغيرة من متغيرات النظام المدروس.
242
خاتمة عامة
نتائج البحث:
أهم النتائج التي توصلنا إليها ضمن الدراسة الحالية -بجزأيها النظري والتحليلي التطبيقي -والتي تُعتبر
إجابات نهائية لمختلف التساؤالت المطروحة في مستهل هذه الدراسة ،كما تمثل في ذات الوقت نتائج الختبار
الفرضيات التي انطلقنا منها؛ نعرضها ونلخصها فيما يلي:
.1الزمت حركة أسعار النفط ديناميكيةً وعدم استقرار دائمين منذ اكتشاف النفط كمورد طبيعي وسلعة
اقتصادية ،وذلك نتيجة تفاعل وتداخل عديد العوامل االقتصادية ،الجيوسياسية ،العسكرية وغيرها ،إذ يؤكد
عديد الباحثين في هذا الصدد على أن التقلبات الحاصلة في األسعار الفورية للخام هي انعكاس بالدرجة
األولى لتطورات ظروف االقتصاد العالمي ،وخاصة ما يتعلق منها بالدوافع والصدمات ذات الصلة
بتدفقات العرض والطلب ،وكذا صدمات الطلب لغرض المضاربة.
.2تؤثر صدمات وتقلبات أسعار النفط على األداء االقتصادي الكلي (النشاط االقتصادي) ،في مختلف
اقتصاديات بلدان العالم عبر العديد من قنوات وميكانيزمات االنتقال ،منها يتعلق بميكانيزم جانب العرض
) ،(Suuply-side Channelومنها ما يتعلق بميكانيزم جانب الطلب ) ،(Demand-side Channelومنها ما
له صلة باستجابات السياسة االقتصادية ).(Economic Policy Reactions
.3وفق معظم األدبيات والدراسات التجريبية-التطبيقية ،هناك عالقة وثيقة تربط بين تقلبات وصدمات أسعار
صدرة
وم ّ
النفط وتقلبات األداء االقتصادي الكلي في مختلف اقتصاديات بلدان العالم ،سواء كانت منتجة ُ
لهذا المورد االقتصادي األساسي ،أو كانت مستوردة له .وفي هذا الصدد ،قد تُبدي المتغيرات االقتصادية
الكلية استجابات غير متناظرة تُجاه الصدمات الناتجة عن ارتفاع وانخفاض أسعار النفط ،كما قد تتغير
هذه االستجابات مع مرور الزمن.
.4كشفت نتائج عديد الدراسات التجريبية ،عن واحدة من المالمح الغريبة للنمو االقتصادي الحديث ،التي
تجلى مفادها في أن االقتصاديات الغنية بالموارد الطبيعية (على غرار االقتصاديات المنتجة والمصدرة
للنفط) تميل إلى النمو بصورة أبطأ ،مقارنة بنظيرتها التي تفتقر لهذه الموارد وال تتوفر على القدر اليسير
منها؛ مما يعني وجود عالقة ارتباط مباشرة وسلبية بين وفرة الموارد والنمو االقتصادي في البلدان الغنية
)Paradox of بالموارد ،على غرار البلدان المنتجة للنفط ،وهو ما يصطلح عليه بأطروحة مفارقة الوفرة
243
خاتمة عامة
أو لعنة الموارد ) .(Resource Curseوقد رجع الكثير من الباحثين في دراساتهم إلى مناقشة هذه (Plenty
األطروحة سواء من خالل تأكيدها أو نفيها أو ربطها بإحدى المتغيرات االقتصادية أو السياسية؛ إذ هناك
من يرى –في هذا الصدد -أنها ليست بالضرورة مصي ار محتوما لكل االقتصاديات الغنية بالموارد.
.5قدم خبراء االقتصاد مجموعة من األسباب الكامنة وراء األداء االقتصادي الهزيل لبعض البلدان الغنية
بالموارد ،الذي تلخصه أطروحة "لعنة الموارد" .وقد شملت التفسيرات األساسية لهذه األطروحة ،مجموعة
من المقاربات ،تقدمتها نظرية المرض الهولندي ) ،(Dutch Diseaseالتي مثلت طرح المدرسة الهيكلية
)(Structuralist؛ إضافة إلى أطروحة "سلوك السعي وراء الريع ،"Rent-Seeking Behaviour-وما ُبنيت
عليه من ضعف في الحوافز ) (Reduced Incentivesالداعية لتطوير الجزء غير المرتبط بالموارد في
االقتصاد .وبينما بنى البعض تحليله لألطروحة المعنية على ارتفاع معدل تذبذب مداخيل الموارد ،الناجم
أساسا عن شدة تذبذب أسعار هذه الموارد؛ ركز البعض اآلخر تفسيره على اآلثار االقتصادية السياسية
لمداخيل الموارد ،والسيما ما يتعلق بجودة ونوعية المؤسسات ).(Institutional Quality
.6لم تتوصل المقاربات االقتصادية الكلية التي تبنتها مختلف المدراس الفكرية ،إلى اتفاق بخصوص دور
الدولة وأهمية السياسة المالية في االقتصاد ،كما لم تخلص البحوث األكاديمية إلى توافق في اآلراء بشأن
فعالية السياسة المالية في التأثير على النشاط االقتصادي .وقد أسفر النقاش النظري في هذا الشأن عن
ظهور تيارين متعارضين؛ أحدهما يؤكد فعالية السياسة المالية وأهميتها في التأثير على النشاط
االقتصادي ،والثاني ينفي فعالية هذه السياسة ويجردها من أي قوة مؤثرة على األداء االقتصادي الكلي.
.7تركز الجدل والنقاش النظري بشأن اآلثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية حول مناقشة مدى إمكانية
االعتماد على أدوات هذه األخيرة لتحفيز أو كبح النشاط االقتصادي في المدى القصير والبعيد ،ومدى
قدرتها على التأثير في الطلب الكلي ،ومراقبة سير االقتصاد والتوظيف الكامل لعوامل اإلنتاج؛ في
محاولة لإلجابة على بعض التساؤالت المتعلقة بكيفية تأثير التغيرات الضريبية وتغيرات اإلنفاق العام
(المتغيرات الموازنية )Fiscal Variables -على كل من الدخل الشخصي وسلوك األسعار ،ومعدالت
الفائدة وسعر الصرف ،ومن ثم على حجم االستهالك واالستثمار الخاص ونمو الناتج.
.8مثَّل التيار المتبني لفعالية السياسة المالية (التقديرية) المدرسة الكينزية (التقليدية والحديثة) ،التي ترى أن
سياسات التوسع في الطلب الكلي تكون على قدر كبير من الفعالية في التأثير على حجم الناتج ،ومن ثم
تحقيق االستقرار االقتصادي .بينما قاد التيار الثاني المتبني لعدم فعالية السياسة المالية ،كل من المدرسة
244
خاتمة عامة
.9على غرار األدبيات النظرية ،أسفرت نتائج األدبيات التجريبية هي األخرى عن عدم توافق وخالف كبير
بشأن آثار السياسة المالية على االقتصاد الكلي؛ وقد تباينت هذه النتائج بتباين درجة تطور وتنمية
األنظمة االقتصادية ،وكذا باختالف المقاربات المعتمدة لتحديد وتعريف صدمات السياسة المالية.
ترتبط المالية العامة في البلدان المصدرة للنفط ارتباطا وثيقا بالعائدات النفطية؛ األمر الذي جعل من .11
اإليرادات العامة في هذه البلدان تميل ألن تكون شديدة التقلب ،كما أنها من المحتمل أن تميل إلى
التضاؤل في المستقبل .بينما من شأن االعتماد الواسع على اإليرادات والعائدات النفطية ،أن يشكل تحديا
لكل من التسيير االقتصادي الكلي والتخطيط المالي ،ويجعل من اإلدارة المالية في المدى القصير،
التخطيط الموازني ،وكذا االستخدام الفعال للموارد العامة أم ار صعبا للغاية ،في حين تُطرح إشكالية
االستدامة المالية والمساواة بين األجيال على المدى البعيد؛ إذ تنشأ التحديات غالبا من الطبيعة المتقلبة
ألسعار النفط ،وعدم إمكانية التنبؤ بمستوياتها .لذا تبقى البلدان النفطية ملزمة بتحسين مستوى أدائها
االقتصادي في مواجهة تحديات تقلبات اإليرادات النفطية على المديين القصير والبعيد.
يتعين على السياسة المالية في البلدان النفطية مواجهة مجموعة من التحديات ،تتضمن كيفية تحقيق .11
االستقرار االقتصادي الكلي في مواجهة إيرادات نفطية متقلبة وغير مؤكدة (مع ما يرافقها من دورات
االنكماش والرواج) ،ضمان التخصيص األمثل لإلنفاق الحكومي بنوعيه الجاري والرأسمالي (االستثماري)،
مع مراعاة ضمان حق األجيال القادمة من الثروة النفطية .وعلى الرغم من أن الوصفات المقدمة لمواجهة
مثل هذه التحديات تعد بسيطة جدا من الناحية النظرية ،إال أنها غالبا ما تصطدم بواقع عدم الشفافية
التي تميز النظم المالية في البلدان المنتجة للنفط ،حيث تبقى هذه النظم خاضعة بدرجة عالية إلى
التدخل السياسي ،فضال عن افتقارها إلى أنظمة للتدقيق والموازنة ،من شأنها أن تعمل على استغالل
الموارد بصورة جيدة ،وكذا توفير المرونة المالية الالزمة لتعديل اإلنفاق وفقا للتغيرات في الموارد.
245
خاتمة عامة
في ذات السياق ،يمكن أن تؤدي السياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط دو ار رئيسيا في تحويل .12
جزء من الريع المتحقق في قطاع النفط لصالح قطاعات استراتيجية أخرى؛ األمر الذي من شأنه العمل
على تعزيز الروابط بين مختلف مجاالت النشاط القائمة ،ودعم نشوء وتنمية قطاعات اقتصادية جديدة
تساعد على تعزيز المزايا التنافسية ،وتخفيف االتجاه نحو اإلفراط في االعتماد على الصادرات النفطية.
من ناحية أخرى ،وعلى صعيد األدبيات االقتصادية ،خلصت العديد من الدراسات واألبحاث إلى أن .13
أسعار النفط تؤثر على السياسة المالية في البلدان المصدرة للنفط ،كما أن هذه السياسة تمثل آلية انتشار
وقناة رئيسية النتقال صدمات أسعار النفط إلى االقتصاد الكلي المحلي.
في ذات الصدد ،أظهرت عديد الدراسات التجريبية أن السياسات المالية غالبا ما تتسم بالدورية (تكون .14
خاضعة لتقلبات الدورة االقتصادية )Procyclical-في البلدان النامية بشكل عام ،وفي البلدان المصدرة
للنفط -وضمنها بلدان أوبك -على وجه الخصوص؛ حيث تُ ِقدم حكومات هذه البلدان على رفع اإلنفاق
العام مع حدوث أي ارتفاع في العائدات النفطية خالل الفترات التي تشهد طفرات في أسعار النفط ،بينما
تكون هذه الحكومات مجبرة على خفض إنفاقها عند تراجع اإليرادات الناتج عن تراجع أسعار النفط؛
وذلك أن هذه البلدان –بشكل عام -غير قادرة على تجميع َّ
المدخرات خالل الفترات التي تشهد عائدات
نفطية مرتفعة ،إذ بإمكانها فقط تمويل العجز عن طريق خفض النفقات أثناء نقص اإليرادات؛ وبذلك ال
تلعب هذه السياسات أي دور في مواجهة الصدمات النفطية ،ومعالجة االختالل في األوضاع والتوازنات
االقتصادية ،نتيجة الصدمات المعنية.
.1أثبتت نتائج التحليل الوصفي والقراءة التحليلية لبيانات االقتصاد الجزائري أن كل ما يتعلق بالسير الحسن
للسياسة المالية وتماسكها ،واستقرار معدالت الدين العام ،والقدرة على تحمل العجز الموازني ،كان دائما
مرهون إلى حد بعيد بمدى وفرة اإليرادات العامة ،التي تعتمد بشكل أساسي على اإليرادات النفطية (أو
الجباية البترولية) .لذلك ،لطالما كان للصدمات والتقلبات في أسعار النفط آثا ار مباشرة على السياسة
المالية في االقتصاد الجزائري؛ وهو األمر الذي أضفى ميزة الضعف النسبي على هذه السياسة ،لبلوغ
األهداف االقتصادية الكلية المرجوة ،وخلَّف آثاره على األداء االقتصادي الكلي.
.2رغم الجهود المبذولة واإلجراءات المتخذة ،من خالل حزمة اإلصالحات االقتصادية المنتهجة لغرض
246
خاتمة عامة
معالجة الوضع االقتصادي المتردي الموروث عن أزمة النفط العكسية للعام 1986وما بعدها ،وتغيير
نمط تسيير االقتصاد ،والتخفيف من تبعية االقتصاد الجزائري –وضمنه السياسة االقتصادية والسياسة
المالية بشكل خاص -للعائدات واإليرادات النفطية ،ومن ثم لتقلبات أسعار النفط ،ظلت العالقة (أسعار
النفط-اقتصاد كلي) قائمةً وقوية ضمن االقتصاد المعني؛ إذ لطالما رافق حركات وتقلبات أسعار النفط
في األسواق العالمية ،حركات وتقلبات مماثلة في ق اررات وتوجهات السياسة االقتصادية (وخاصة السياسة
المالية) ،ومن ثم في سلوك مؤشرات األداء االقتصادي الكلي.
.3في ذات السياق ،اتضح –من خالل التحليل الوصفي -أنه وبحكم االرتباط الوثيق لإلنفاق العام
)(Procyclicality باإلي اردات العامة ،واعتماد هذه األخيرة بشكل واسع على اإليرادات النفطية ،تبقى الدورية
هي الميزة األساسية التي ِ
تسم سياسة اإلنفاق العام في الجزائر ،في ظل خضوع وتبعية هذه السياسة
بشكل شبه تام للتقلبات في أسعار النفط ،إذ تدل مختلف المحطات التاريخية للسياسة االقتصادية في
الجزائر ،أن سياسة اإلنفاق العام تتخذ اتجاهات توسعية خالل فترات انتعاش أسعار النفط ،غير أنها
سرعان ما تعود للسير على نسق التقشف واالنكماش بمجرد تراجع هذه األسعار .وهو ما ُيفقد السياسة
المالية دورها كوسيلة لدعم النشاط االقتصادي متى ما استدعى األمر ذلك ،حيث تكون هذه السياسة
توسعية في فترات االزدهار ،وانكماشية في األوقات التي ينبغي أن تكون عكس ذلك (في فترات الركود).
.4من ناحية أخرى ،أظهر تحليل معدالت النمو االقتصادي في الجزائر ،عدم استدامة هذا األخير وتبعيته
التامة لدورات أسعار النفط –وما يرافقها من سياسات مالية دورية -وتأثره بمختلف الصدمات التاريخية
فيها ،حيث شهدت فترة السبعينات والنصف األول من الثمانينات معدالت نمو جد إيجابية ،تزامنت مع
انتعاش غير مسبوق في أسعار النفط ،قبل أن تأتي نهاية الثمانيات والنصف األول من التسعينات شاهدة
على تراجع حاد في هذه المعدالت ،إزاء وضع اقتصادي ومالي ٍ
مترد ميزه تدهور وتذبذب أسعار النفط،
ومعها العائدات النفطية ،بينما شهدت سنوات األلفية الثالثة معدالت نمو جد مرضية ،بعد أن جاءت في
معظمها شاهدة على ارتفاعات قياسية وغير مسبوقة في أسعار النفط واإليرادات النفطية.
.5فضال عن ذلك ،اتضح أنه ال يمكن حصر أسباب التضخم ضمن االقتصاد الجزائري في نمط معين
وانما يمكن أن تُرد هذه األسباب إلى عوامل عديدة ،منها ما يتعلق بالجانب النقدي والسياسة النقدية ،وكذا
الطلب الكلي والسياسة المالية ،ومنها ما يتعلق بهيكل االقتصاد الجزائري وعدم كفاءة جهازه اإلنتاجي،
باإلضافة إلى التضخم المستورد .وضمن هذا وذاك يبقى لحركة أسعار النفط الدور الجوهري في التأثير
247
خاتمة عامة
.6على مستوى التحليل االقتصادي القياسي والكمي ،نتائج تحليل التكامل المتزامن أسفرت -بعد تسوية
شعاع التكامل المتزامن على المتغيرة " -"LRGDPعن وجود عالقة طردية معنوية في المدى الطويل
بين الناتج الحقيقي في الجزائر ،وكل من سعر النفط ،واإليرادات والنفقات العامة (السياسة المالية)؛ حيث
يؤدي توسع قدره ) (1%في السعر الحقيقي للنفط ) ،(LROPاإليرادات العامة الحقيقية )(LRGREV
-على التوالي -في نمو الناتج الحقيقي لالقتصاد الجزائري على المدى الطويل .بينما كشفت النتائج
المذكورة أنه ال توجد عالقة معنوية في المدى الطويل بين الناتج الحقيقي وعرض النقد (السياسة النقدية).
.7نفس النتائج كشفت -بعد تسوية شعاع التكامل المتزامن على المتغيرة " -"LGDPDعن وجود عالقة
عكسية معنوية في المدى الطويل ،بين المستوى العام لألسعار وكل من سعر النفط واإليرادات العامة .إذ
من شأن توسع قدره ) (1%في السعر الحقيقي للنفط ) (LROPواإليرادات العامة ) ،(LRGREVأن يؤدي
على المدى الطويل إلى انكماش بمعدالت قدرها ) (1,09%و)- (3,47%على التوالي -في معدالت
التضخم في االقتصاد الجزائري .بينما أظهرت ذات النتائج وجود عالقة طردية معنوية في المدى الطويل
بين المستوى العام لألسعار وكل من اإلنفاق الحكومي وعرض النقد ،حيث يؤدي ارتفاع قدره ) (1%في
المتغيرتين األخيرتين إلى ارتفاع في معدالت التضخم بنسب تقارب ) (1,03%) ،(0,32%على التوالي.
.8ضمن التقييم االقتصادي القياسي الذي تم إجراؤه في إطار مقاربة نماذج أشعة االنحدارات الذاتية
" ،"VARوفي إطار التحليل الهيكلي ضمن المقاربة المعنية ،كشفت نتائج اختبارات السببية –وفق
-Grangerعن وجود عالقات سببية قوية ومعنوية ،تتجه من سعر النفط الحقيقي نحو باقي متغيرات
النظام األساسي المحدد ،والتي تضمنت متغيرات السياسة المالية (اإليرادات والنفقات العامة الحقيقية)،
والسياسة النقدية (عرض النقد الحقيقي) ،ومتغيرات األداء االقتصادي الكلي (الناتج الحقيقي ،ومعامل
انكماش الناتج الداخلي الخام) .وهذا يعني أن التغيرات في أسعار النفط تسبق التغيرات في كل من هذه
المتغيرات ،وتساهم بمعنوية في تحسين القدرة التنبؤية بها ،وذلك عند مستوى ثقة يفوق الـ ).(95%
248
خاتمة عامة
توجهات وق اررات هذه السياسة؛ ضمن مؤشر واضح على دورية ) (Procyclicalityالسياسة المالية،
وخضوعها لتقلبات الدورة االقتصادية من جهة ،وعلى تحقق قانون )1892( Wagnerفي االقتصاد
الجزائري ،من جهة أخرى؛ إذ تتحقق الزيادة في النفقات العامة –وفق هذا القانون -نتيجة اتساع نشاط
الدولة ،الناتج عن تحقيق المجتمع لمعدل معين من النمو االقتصادي.
من ناحية أخرى ،اتضح أن السياسة النقدية (عرض النقد) ال تساهم بمعنوية في تحديد مستويات .11
الناتج الحقيقي (النشاط الحقيقي) ،بينما تجري العالقة السببية فقط في االتجاه المعاكس ،إذ يبدوا أن
مستوى الناتج الحقيقي هو من يؤثر في تحديد مستويات عرض النقد (السياسة النقدية) ،في مؤشر بارز
على دورية هذه السياسة في االقتصاد الجزائري ،وخضوعها -هي األخرى -لتقلبات الدورة االقتصادية،
وهي النتائج التي تأكدت من خالل تحليل دوال االستجابة ،وتفكيك التباين ،للمتغيرات المعنية.
فضال عما سبق ،تقودنا أسبقية (سببية) حركة أسعار النفط لتغيرات اإليرادات العامة واإلنفاق .12
الحكومي ،وبروز هذه األخيرة إلى جانب سعر النفط ،كمتغيرات محددة لمستويات الناتج الحقيقي (النشاط
الحقيقي) والمستوى العام لألسعار (النشاط اإلسمي) ،إلى االعتقاد والقول بأن السياسة المالية تمثل آلية
انتشار ) ،(Propagation Mechanismوقناة رئيسية من قنوات انتقال ) (Transmision Chanelصدمات
أسعار النفط إلى النشاط واألداء االقتصادي الكلي في الجزائر .إذ ،وباإلضافة إلى التأثير المباشر الذي
249
خاتمة عامة
تمارسه أسعار النفط على مستويات األداء االقتصادي الكلي (ممثال بالناتج الحقيقي واألسعار) ،فإنها
تأثير غير مباشر عبر قناة السياسة المالية (اإليرادات العامة واإلنفاق العام الحقيقين) .وهي
تمارس أيضا ًا
النظرة التي أكدها تحليل دوال االستجابات الدفعية ،وتحليل تفكيك التباين ،لمتغيرات النظام المدروس.
ذات النتائج ،كشفت أن الناتج الحقيقي لالقتصاد الجزائري ،ال يبدي أي استجابة معنوية تجاه .14
صدمات السياسة النقدية (عرض النقد الحقيقي)؛ األمر الذي يؤكد محدودية فعالية هذه السياسة في
التأثير على النشاط الحقيقي ،وينفي مسؤوليتها في نقل آثار صدمات أسعار النفط إليه .وهي نتيجة
تتوافق وواقع السياسة النقدية المطبقة في الجزائر خالل فترة الدراسة ،حيث تم إغفال الدور اإلنمائي لهذه
السياسة ،التي بقيت بعيدة كل البعد عن متطلبات تحقيق النمو االقتصادي وأولويات تشجيعه.
من ناحية أخرى اتضح من خالل ذات التحليل ،أن الصدمات اإليجابية في سعر النفط الحقيقي .15
واإليرادات العامة تكون صدمات تضخمية –معنويا -في المدى القصير المقدر بسنتين فما أقل؛ غير أن
ابتداء من السنة الثالثة -والبعيد .أما
تأثير هذه الصدمات على األسعار يكون سلبيا في المدى المتوسط – ً
الصدمات اإليجابية في اإلنفاق العام الحقيقي ،فتكون صدمات تضخمية ،إذ تأتي مصحوبة بنوع من
المتوسط ،وحتى الطويل .بينما أسفرت النتائج
ّ الضغوط التضخمية على األسعار ،في المدى القصير،
–وعلى عكس ما هو متوقع -عن استجابة سلبية في المدى القصير ،المتوسط ،والبعيدُ ،يبديها معامل
انكماش الناتج الداخلي الخام تجاه الصدمات اإليجابية في عرض النقد الحقيقي؛ وهي النتيجة التي تمت
اإلشارة إليها ضمن األدبيات االقتصادية من خالل ما أطلق عليه اسم "لغز السعر ،"Price Puzzle-بينما
250
خاتمة عامة
تم تفسيرها بعدم احتواء النموذج المستخدم في الدراسة على القدر الكافي من المعلومات التي يعتمد عليها
واضعي السياسات في صياغة إجراءات السياسة النقدية ،وخاصة ما يتعلق منها بالتضخم المستقبلي.
فضال عن ذلك ،اتضح أن متغيرات السياسة المالية (اإلنفاق العام واإليرادات العامة) تُبدي استجابات .16
إيجابية معنوية في المدى القصير ،المتوسط ،والبعيد ،تجاه الصدمات اإليجابية في كل من سعر النفط
الحقيقي ،والنشاط الحقيقي أو الدورة االقتصادية الحقيقية (الناتج الحقيقي) ،وهو ما يمكن اعتباره بمثابة
دليل قاطع على دورية السياسة المالية في االقتصاد الجزائري وخضوعها لتقلبات الدورة االقتصادية.
نتائج تحليل "تفكيك تباين خطأ التنبؤ" صبت هي األخرى في نفس االتجاه ،حيث ظهر من خالل .17
ٍ
بنسب هذه النتائج أن صدمات أسعار النفط وصدمات السياسة المالية (اإليرادات والنفقات العامة) تساهم
ُمعتبرة –إلى جانب صدمات األسعار -في تفسير التقلبات الظرفية والهيكلية التي يشهدها النشاط الحقيقي
(الناتج الحقيقي) في االقتصاد الجزائري ،على المدى القصير ،المتوسط ،وحتى البعيد .بينما أظهرت ذات
النتائج أن صدمات السياسة النقدية (عرض النقد الحقيقي) ،ال تعد مسؤولة عن تقلبات النشاط الحقيقي
في االقتصاد الجزائري ،إذ اتضح أن نسبة مساهمة هذه الصدمات تكون ضئيلة وغير معنوية إحصائيا.
في نفس السياق ،كشفت ذات النتائج أن معظم التقلبات الظرفية (أو الهيكلية) التي تحدث في .18
المستوى العام لألسعار ،تكون ناتجة أساسا عن الصدمات في أسعار النفط واإليرادات العامة؛ وبدرجة
أقل ،عن صدمات اإلنفاق العام (الطلب الكلي) ،وعرض النقد.
كذلك ،أوضحت نفس النتائج الدور الهام الذي تؤديه صدمات أسعار النفط من جهة ،وصدمات .19
النشاط الحقيقي (الدورة االقتصادية الحقيقية) من جهة أخرى ،في تفسير التقلبات الظرفية أو الهيكلية التي
تحدث في متغيرات السياسة المالية (اإليرادات والنفقات العامة) في المدى القصير ،المتوسط ،والطويل؛
وهو ما يدعم فرضية دورية السياسة المالية في االقتصاد الجزائري ،وخضوعها لتقلبات الدورة االقتصادية.
خالصة هذه النتائج مجتمعة ال تخرج عن نطاق تأكيد تبعية األداء االقتصادي الكلي في الجزائر لتقلبات
أسعار النفط ،ومعاناة االقتصاد الجزائري من مفارقة الوفرة ولعنة الموارد .فهذا األخير ،ورغم المخططات
والبرامج التنموية المتبعة ،واإلصالحات المنتهجة ،لم يخرج عن نطاق أحادية اإلنتاج والصفة الريعية؛ رغم
التأكيد على ضرورة اكتساب الميزة النسبية من خالل استغالل العائدات والفوائض المالية الناتجة ازدهار
القطاع النفطي ،والعمل على االستفادة من دروس العلة الهولندية ،من أجل حماية األداء االقتصادي الكلي
من التقلبات الناجمة عن خضوعه لحركة وتقلبات أسعار النفط ،التي تخضع لعوامل خارجية ال يملك صناع
251
خاتمة عامة
القرار سلطة التحكم فيها .ويقع الدور في ظل هذه األوضاع على السياسة المالية ،لتؤدي دور األداة الرئيسية
للتثبيت االقتصادي ،بتخفيف أثر العائدات النفطية المؤقتة والمتقلبة على اإلنفاق العام ،في بيئة يسودها
الكثير من الشك والالّيقين ،إضافة إلى ضرورة عملها على تعزيز العدالة في توزيع المداخيل ،من خالل
اإلنفاق على الصحة والتعليم والرعاية االجتماعية ،وخلق فرص العمل في القطاع العام؛ كما أنه من
الضروري أن تشمل هذه االستراتيجية أيضا توسيع البنية التحتية وتطويرها وانشاء مرافق إنتاجية ال يملك
القطاع الخاص القدرة وال االستعداد إلنجازها.
فمن خالل النتائج أعاله ،تتضح جليا القدرة الكبيرة واألهمية البالغة التي تكتسيها صدمات أسعار النفط،
ومن ثم صدمات السياسة المالية –التي اتضح أنها تلعب دور قناة االنتقال وآلية االنتشار لآلثار االقتصادية
الكلية لصدمات أسعار النفط -في تفسير التقلبات التي يشهدها األداء االقتصادي الكلي في الجزائر .إذ
اتضحت مدى حساسية هذا األخير للتغيرات في أسعار النفط ،أين ظهر بجالء أن الصدمات اإليجابية أو
السلبية في هذه األسعار تعد من المحددات الرئيسية لتوجهات النشاط االقتصادي الحقيقي (وكذا النشاط
اإلسمي) ،باعتبارها المحدد األهم لدورات التوسع والركود في االقتصاد المعني .كما تبيَّن أن صدمات أسعار
النفط تمارس تأثي ارت مباشرة -ترتبط بالدرجة األولى بواقع المكانة األساسية التي يحتلها الناتج النفطي ضمن
الناتج الداخلي الخام لالقتصاد الجزائري -على األداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،وأخرى غير مباشرة؛ أين
تُع ُّد استجابة السياسة المالية لصدمات أسعار النفط ،بمثابة قناة انتقال تؤثر من خاللها هذه األخيرة على
األداء االقتصادي الكلي ،في ظل مسايرة ومواكبة السياسة المعنية للتقلبات في الدورة االقتصادية الحقيقية
) ،(Procyclicalityوعدم فعاليتها في مواجهة التقلبات واالختالالت االقتصادية الكلية الناجمة عن التقلبات
في أسعار النفط.
في ذات السياق ،يمكن القول -بناءا على ما سبق -أن نوع وحجم اآلثار التي تخلفها صدمات أسعار
النفط على األداء االقتصادي الكلي في الجزائر ،يتوقف –على غرار العديد من البلدان المصدرة للنفط -على
طريقة تعامل الحكومة (من خالل سياستها المالية) مع العائدات النفطية ،وكذا فوائض المداخيل الناتجة عن
ازدهار القطاع النفطي .وذلك باعتبار تلقيها المباشر لهذه العائدات ،وتحكمها في إنفاقها ،وسيطرتها على
الجزء األهم من النشاط االقتصادي؛ إذ اتضح من خالل نتائج كل من التحليل الوصفي والكمي-التطبيقي،
أن تقلبات أسعار النفط تمس األداء االقتصادي الكلي في الجزائر من خالل قناة السياسة المالية .ولعل خير
شاهد على ذلك ،يبقى ما حدث بعد صدمة النفط العكسية التي شهدها العام ،1986والتي كانت ميالدا لحزمة
من اإلصالحات االقتصادية والمالية -تحت إشراف المؤسسات المالية الدولية -لغرض تصحيح االختالالت
252
خاتمة عامة
الهيكلية ،والتخفيف من حدة اآلثار السلبية التي طالت االقتصاد الجزائري نتيجة الصدمة المذكورة ،قبل أن
يؤدي االنتعاش غير المسبوق الذي شهدته أسعار النفط مع بداية األلفية الثالثة ،وما صاحبه تحسن في
الميزان المالي ،إلى توسعات مالية ،رافقها تحسن غير مسبوق في مؤشرات األداء االقتصادي الكلي.
مع ذلك ،تبقى السياسة المالية في الجزائر قليلة الفعالية في تحفيز النشاط االقتصادي .إذ نجد أن أغلب
السياسات المالية التوسعية (ذات الطابع الكينزي) ،التي انتهجتها الحكومة في أعقاب انتعاش أسعار النفط،
ّ
من خالل رفع اإلنفاق العام ،بهدف الرفع من عرض اإلنتاج الوطني ،ومن ثمة دعم وانعاش النمو
االقتصادي؛ جاءت مصحوبة بنوع من اآلثار الالكينزية ) ،(Non-Keynesian Effectsمن خالل ظهور نوع
من آثار المزاحمة ) (Crowding Out Effectsعلى طلب القطاع الخاص؛ كما أنها لم تخلف أية آثار تخدم
المنظور المستهدف ،في ظل ضعف الجهاز اإلنتاجي ،ومحدودية قدراته اإلنتاجية .فرغم ضخامة الموارد
المالية المخصصة ،لم تستطع المؤسسات الرفع من إنتاجها؛ وهو ما استدعى تحويل هذه المبالغ فقط إلى
ضعف أثر المضاعف الحكومي .وبناء عليه،
إنشاء الهياكل القاعدية وزيادة الواردات من السلع ،وأدى إلى ُ
يمكن القول أن السياسة المالية في الجزائر تتمتع بفعالية نسبية في تحقيق األهداف االقتصادية المسطرة.
آفاق البحث:
رغم حرصنا الشديد ،ومساعينا الرامية إلى اإللمام بمختلف جوانب الموضوع محل البحث ،إال أنه تظل
هناك بعض التساؤالت المحيطة به قائمة ،ويمكن أن تشكل آفاقًا ومحاور مهمة ،من شأن الخوض فيها أن
يقود إلى توسيع دائرة البحث في المجال محل االهتمام .وتتعلق هذه التساؤالت أساسا بـ:
دراسة مدى تناظر اآلثار االقتصادية الكلية لصدمات أسعار النفط في االقتصاد الجزائري ،وكذا مدى
استقرار العالقة بين الصدمات المعنية واألداء االقتصاد الكلي مع مرور الزمن (تاريخيا).
في األخير نرجو أن نكون قد ُوفقنا في عملنا هذا ولو بالقدر اليسير ،وأن يتقبله اهلل منا ،وعنا وعن والدينا
وعن كل من له حق علينا ،صدقة جارية ويجعله في ميزان حسناتنا.
253
ق ائمة المراجع
قائمة المراجع
المؤلف ات:
الكتب و ُ
أبو السعود محمود فوزي" ،)2010( .مقدمة في االقتصاد الكلي" ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية.
أحمد مجذوب أحمد علي" ، )2003( .السياسة المالية في االقتصاد اإلسالمي :دراسة مقابلة مع االقتصاد
الرأسمالي" ،ط ،02 .هيئة األعمال الفكرية ،السودان.
أحمين شفير" ،)1999( .التحوالت االقتصادية واالجتماعية وآثارها على البطالة والتشغيل في بلدان
المغرب العربي" ،منظمة العمل العربية ،المعهد العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل بالجزائر ،مطبعة
النور ،القليعة.
إيان سيمور" ،)1983( .األوبك :أداة تغيير" ،ترجمة عبد الوهاب األمين ،م.أ.ع.م.ب ،الكويت.
النشر ،بيروت.بكري كامل وآخرون" ،)1986( .الموارد واقتصادياتها" ،دار النهضة العربية للطباعة و ّ
بن شهرة مدني" ،)2009( .اإلصالح االقتصادي وسياسة التشغيل :التجربة الجزائرية" ،الطبعة األولى،
دار الحامد للنشر والتوزيع ،عمان-األردن.
البواب سيد" ،)2000( .عجز الموازنة العامة للدولة :النظرية والصراع الفكري للمذاهب االقتصادية
ومناهج العالج" ،الناشر دار البيان ،القاهرة.
ترزيان بيار" ،)1982( .األسعار والعائدات والعقود النفطية في البالد العربية وايران" ،ترجمة فكتور
سحاب ،ط ،01 .المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت.
وحاضرا" ،ط ،01 .دار
ً ماضيا
ً التنير سمير" ،)2007( .التطورات النفطية في الوطن العربي والعالم،
المنهل اللبناني ،بيروت.
تياك أرنست" ،)1958( .نفط ،سياسة ،واقتصاد في الشرق األوسط" ،ترجمة هشام متولي ،منشورات مكتبة
أطلس ،دمشق.
الجمل هشام مصطفى" ،)2006( .دور السياسة المالية في تحقيق التنمية االجتماعية بين النظام المالي
اإلسالمي والنظام المالي المعاصر :دراسة مقارنة" ،ط ،01 .دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية.
جوارتيني جيمس" ،)1999( .االقتصاد الكلي :االختيار العام والخاص" ،ترجمة حمدي عبد الفتاح عبد
الرحمن ،دار المريخ ،السعودية.
الحاج طارق محمد" ،)2012( .المالية العامة" ،ط ،01 .دار صفاء للنشر والتوزيع ،عمان-األردن.
حسين عبد اهلل" ، )1998( .النفط العربي خالل المستقبل المنظور :معالم محورية على الطريق" ،ط،01 .
دراسات استراتيجية ،ع ،14.مركز اإلمارات للدراسات والبحوث االستراتيجية ،اإلمارات العربية المتحدة.
حسين عبد اهلل" ،)2000( .مستقبل النفط العربي" ،ط ،01 .مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،نوفمبر.
حشيش عادل أحمد" ،)1992( .أساسيات المالية العامة :مدخل لدراسة أصول الفن المالي لالقتصاد
255
قائمة المراجع
256
قائمة المراجع
الطوابي محمد حلمي" ،)2007( .أثر السياسات المالية الشرعية في تحقيق التوازن المالي العام في الدولة
الحديثة" ،ط ،01 .دار الفكر الجامعي ،االسكندرية.
عبد الخالق فاروق" ،)2002( .النفط واألموال العربية في الخارج" ،ط ،01 .مركز المحروسة للنشر
والخدمات الصحفية والمعلومات ،القاهرة.
عبد العزيز عثمان سعيد" ، )2003( .مقدمة في االقتصاد العام (مالية عامة) :مدخل تحليلي معاصر"،
الدار الجامعية ،االسكندرية.
عبد الفضيل محمود" ،)1982( .مشكلة التضخم في االقتصاد العربي :الجذور والمسببات واألبعاد
والسياسات" ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت.
عبد المجيد القاضي " ، )1980( .اقتصاديات المالية العامة والنظام المالي في اإلسالم" ،مطبعة الرشاد،
اإلسكندرية.
عبد المطلب عبد الحميد (" ،)2003سلسلة الدراسات االقتصادية :السياسات االقتصادية على مستوى
االقتصاد القومي (تحليل كلي)" ،ط ،01 .مجموعة النيل العربية ،القاهرة.
عبد المنعم فوزي" ، )1971( .المالية العامة والسياسة المالية" ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر،
بيروت.
العبيدي سعيد علي محمد" ،)2011( .اقتصاديات المالية العامة" ،ط ،01 .دار دجلة ناشرون وموزعون،
عمانٍ -
األدن.
عجيمية .م.ع ،.و م .يونس" ،)1984( .الموارد واقتصادياتها" ،الدار الجامعية للطباعة والنشر ،بيروت.
العدل محمد رضا" ،)2005( .التحليل االقتصادي الكلي" ،مكتبة التجارة والتعاون ،القاهرة.
عدنان جابر" ،)2004( .العرب وعصر ما بعد النفط" ،ط ،01 .دار عالء الدين للنشر والتوزيع والترجمة،
دمشق-سوريا.
عصفور محمد شاكر" ،)2008( .أصول الموازنة العامة" ،ط ،01 .دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة،
عمان-األردن.
عطوي فوزي" ،)2003( .المالية العامة :النظم الضريبية وموازنة الدولة" ،منشورات الحلبي الحقوقية،
بيروت.
عفيفي صديق محمد" ،)2003( .تسويق البترول" ،ط ،09 .مكتبة عين شمس ،القاهرة.
العلي عادل فليح" ،)2007( .المالية العامة والتشريع المالي والضريبي" ،ط ،01.دار الحامد للنشر
والتوزيع ،عمانٍ -
األدن.
علي محمد خليل ،وسليمان أحمد اللوزي" ،)1999( .المالية العامة" ،دار زهران للنشر والتوزيع ،عمان.
غدير هيفاء" ، )2010( .السياسة المالية والنقدية ودورها التنموي في االقتصاد السوري" ،الهيئة العامة
السورية للكتاب ،دمشق.
257
قائمة المراجع
الفارس عبد الرزاق" ،)2001( .الحكومة والفقراء واإلنفاق العام :دراسة لظاهرة عجز الموازنة وآثارها
االقتصادية واالجتماعية في البلدان العربية" ،ط ،02 .مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت.
فرهاد محمد علي األهدن" ،)2000( .اقتصاديات الطاقة والبترول" ،المكتبة األنجلو مصرية ،مصر.
فرهود محمد سعيد" ،)1996( .مبادئ المالية العامة" ،ج ،01 .ط ،01 .منشورات جامعة حلب ،سوريا.
فليح حسن خلف" ،)2006( .التنمية والتخطيط االقتصادي" ،ط ،01 .عالم الكتاب الحديث للنشر
والتوزيع ،عمان-األردن.
فليح حسن خلف" ،)2008( .المالية العامة" ،ط ،01 .عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع ،األردن.
القاضي عبد الحميد محمد" ،)1986( .مبادئ المالية العامة" ،دار الجامعات المصرية ،اإلسكندرية.
قدي عبد المجيد" ،)2005( .المدخل إلى السياسات االقتصادية الكلية :دراسة تحليلية تقييمية" ،ط،02 .
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.
نموذجا"،
ً قصي عبد الكريم إبراهيم" ،)2010( .أهمية النفط في االقتصاد والتجارة الدولية :النفط السوري
الهيئة العامة السورية للكتاب ،دمشق-سوريا.
كردودي صبرينة" ، )2007( .تمويل عجز الموازنة العامة للدولة في االقتصاد اإلسالمي :دراسة تحليلية
مقارنة" ،ط ،01 .دار الخلدونية للنشر والتوزيع ،الجزائر.
لطفي علي" ، )2008( .الطاقة والتنمية في الدول العربية" ،المنظمة العربية للتنمية اإلدارية ،إمبرش
للطباعة ،القاهرة.
لطفي علي ،ومحمد العدل" ،)1986( .اقتصاديات المالية العامة" ،مكتبة عين شمس ،القاهرة.
لعمارة جمال" ،)2004( .منهجية الميزانية العامة للدولة في الجزائر" ،ط ،01 .دار الفجر للنشر والتوزيع،
القاهرة.
مجدي شهاب" ،)2004( .أصول االقتصاد العام (المالية العامة)" ،دار الجامعة الجديدة ،مصر.
مجدي محمود شهاب" ،)1999( .االقتصاد المالي :نظرية مالية الدولة-السياسات المالية للنظام
الرأسمالي" ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،االسكندرية.
محرزي محمد عباس" ،)2005( .اقتصاديات المالية العامة :النفقات العامة -اإليرادات العامة -الميزانية
العامة للدولة" ،ط ،02 .ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر.
معتوق سهير محمود" ،)1989( .النظريات والسياسات النقدية" ،الدار المصرية اللبنانية للطباعة والنشر
والتوزيع ،القاهرة.
ناصر مراد" ،)2004( .اإلصالح الضريبي في الجزائر للفترة ( ،")2003-1992منشورات البغدادي،
الجزائر.
هارفي أوكونور" ،)1967( .األزمة العالمية في البترول" ،ترجمة عمر مكاوي ،دار الكاتب العربي للطباعة
والنشر ،القاهرة.
258
قائمة المراجع
الهيتي نوزاد عبد الرحمن ،ومنجد عبد اللطيف الخشالي" ،)2006( .المدخل الحديث في اقتصاديات
المالية العامة" ،ط ،01 .دار المناهج للنشر والتوزيع ،عمان-األردن.
الوادي محمود حسين ،وزكريا أحمد عزام" ،)2007( .مبادئ المالية العامة" ،ط ،01 .دار المسيرة للنشر
والتوزيع ،عمان-األردن.
يسرى محمد أبو العال" ،)2008( .نظرية البترول :بين التشريع والتطبيق في ضوء الواقع والمستقبل
المأمول" ،ط ،01 .دار الفكر الجامعي ،اإلسكندرية.
يونس منصور ميالد" ،)2004( .مبادئ المالية العامة :النفقات العامة ،اإليرادات العامة ،الميزانية العامة"،
المؤسسة الفنية للطباعة والنشر -اتحاد مكتبات الجامعات المصرية ،مصر.
259
قائمة المراجع
،")2004أطروحة دكتواره غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،الجزائر.
دريسي أسماء" ،)2013( .التنافس الدولي على أهم منابع النفط في العالم والرهانات االستراتيجية
المستقبلية :حالة التنافس الصيني األمريكي على نفط الخليج العربي" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية
العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،3الجزائر.
شيبي عبد الرحيم" ،)2013( .األثار االقتصادية الكلية للسياسة المالية والقدرة على استدامة تحمل العجز
الموازني والدين العام :حالة الجزائر" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية والتسيير
والعلوم التجارية ،جامعة أبو بكر بلقايد ،تلمسان ،الجزائر.
ضيف أحمد" ،)2015( .أثر السياسة المالية على النمو االقتصادي المستديم في الجزائر (،")2012-1989
أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر،3
الجزائر.
طاهر جليط" ، )2015( .دراسة تحليلية وقياسية لفعالية السياسة المالية في الجزائر في الفترة (-1990
،")2012أطروحة دكتوراه غير منشورة ،المدرسة الوطنية العليا لإلحصاء واالقتصاد التطبيقي،ENSSEA-
الجزائر.
العمري علي" ،)2008( .دراسة تأثير تطورات أسعار النفط الخام على النمو االقتصادي" ،رسالة ماجستير
غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،الجزائر.
عية عبد الرحمان" ، )2015( .انعكاسات تقلبات أسعار النفط على ق اررات السياسة االقتصادية الجزائرية"،
أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر،3
الجزائر ،جانفي.
لباني يسمينة" ،)2009( .انعكاسات تغير أسعار البترول العالمية على االقتصاد الجزائري :دراسة تحليلية
باستخدام نموذج التوازن العام القابل للحساب للسنة ،"2002رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية العلوم
االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،الجزائر.
النمذجة غير الهيكلية :حالة االقتصاد
لعاللي عالوة" ،)2007( .سياسات الضبط واالستقرار حسب منظور ّ
الجزائري" ،أطروحة دكتوراه غير منشورة ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة الجزائر ،الجزائر.
محمد هاني قنديل هند" ،)2009( .السياسات االقتصادية الكلية والنمو االقتصادي في الصين" ،أطروحة
دكتوراه غير منشورة ،كلية التجارة وادارة األعمال ،جامعة حلوان ،القاهرة ،مصر.
260
قائمة المراجع
أبريل 1971م ،المتضمن تحديد اإلطار الذي تمارس فيه الشركات األجنبية نشاطها في ميدان البحث عن
الوقود السائل واستغالله ،الجريدة الرسمية ،العدد ،30الصادر بتاريخ 13أبريل .1971
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،الجريدة الرسمية ،العدد ،68الصادر بتاريخ 31 :ديسمبر .2013
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون 22-03المؤرخ في 4ذو القعدة 1424ه ،الموافق 28
ديسمبر 2003م ،المتضمن قانون المالية لسنة ،2004المادة ( 66المتعلقة بتعديل المادة 10من القانون
رقم 02/2000المؤرخ في 27يونيو ،2000المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة ،)2000الجريدة
الرسمية ،العدد ،83الصادرة بتاريخ 29ديسمبر .2003
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون 02-2000المؤرخ في 24ربيع األول 1421ه الموافق لـ
27جوان 2000م ،المتضمن قانون المالية التكميلي لسنة ،2000والمتعلق بإنشاء "صندوق ضبط
اإليرادات" ،المادة ،10الجريدة الرسمية ،العدد ،37الصادرة بتاريخ 28جوان .2000
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون رقم ،14-86المؤرخ في 13ذي الحجة 1406ه الموافق
لـ 19غشت 1986م ،المتعلق بأعمال التنقيب والبحث عن المحروقات واستغاللها ونقلها باألنابيب،
الجريدة الرسمية ،العدد ،35الصادر بتاريخ 27غشت .1986
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،القانون رقم ،21-91المؤرخ في 27جمادى األولى 1412ه
الموافق لـ 4ديسمبر 1991م ،المعدل والمتمم للقانون رقم ،14-86المتعلق بأنشطة التنقيب والبحث عن
المحروقات واستغاللها ونقلها باألنابيب ،الجريدة الرسمية ،العدد ،63الصادر بتاريخ 07ديسمبر .1991
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،أمر رقم 06-95المؤرخ في 23شعبان 1415هـ الموافق لـ 25
يناير 1995م ،يتعلق بالمنافسة ،الجريدة الرسمية ،العدد ،9الصادر بتاريخ 22فبراير .1995
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون 05-10مؤرخ في 5رمضان 1431هـ الموافق لـ 15غشت
2010م ،يعدل ويتمم األمر رقم 03-03المؤرخ في 19جمادى األولى 1424هـ الموافق لـ 19يوليو
2003م ،والمتعلق بالمنافسة ،الجريدة الرسمية ،العدد ،46الصادر بتاريخ 18غشت .2010
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم 12-08المؤرخ في 21جمادى الثانية 1429هـ الموافق
لـ 25يونيو 2008م ،يعدل ويتمم األمر رقم 03-03المؤرخ في 19جمادى األولى 1424هـ الموافق لـ 19
يوليو 2003م ،والمتعلق بالمنافسة ،الجريدة الرسمية ،العدد ،36الصادر بتاريخ 2يوليو .2008
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم 17-84المؤرخ في 08شوال 1404هـ الموافق لـ 07
يوليو 1984م ،والمتعلق بقوانين المالية ،المواد رقم ،35 ،24 ،20 ،11الجريدة الرسمية ،العدد ،28
الصادر بتاريخ 10يوليو .1984
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،قانون رقم 12-89المؤرخ في 02ذي الحجة 1409هـ الموافق لـ
05يوليو 1989م ،يتعلق باألسعار ،الجريدة الرسمية ،العدد ،29الصادر بتاريخ 19يوليو .1989
لكصاسي محمد" ،)2004( .التطورات االقتصادية والنقدية في الجزائر سنة ،"2003تدخل أمام المجلس
261
قائمة المراجع
262
قائمة المراجع
حسين عبد اهلل" ،)2004( .من المسؤول عن ارتفاع أسعار النفط؟ ،وهل اإلرتفاع ظاهرة عارضة أم داللة
على اتجاه؟" ،شؤون عربية ،ع ،118 .مصر ،الصيف ،ص ص.118-102 .
دحمان .ع ،.و إ .جواهرة" ،)2014( .تحليل االنحدار لنمذجة تأثير إنتاج النفط في الديمقراطية في سياق
أطروحة لعنة الموارد" ،مجلة سياسات عربية ،ع ،09 .المركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات ،قطر،
يوليو ،ص ص.91-83 .
زرواط .ف ،.و ص .بورجة" ، )2014( .أثر تقلبات أسعار النفط على النمو االقتصادي في الجزائر:
دراسة قياسية للفترة الممتدة بين ( ،")2013-1980مجلة التنمية والسياسات االقتصادية (المعهد العربي
للتخطيط ،الكويت) ،مج ،16 .ع ،02 .ص ص.102-79 .
زياد عريبة ابن علي" ،)2008( .ارتفاع أسعار النفط :األسباب والتداعيات" ،شؤون عربية ،ع،134 .
مصر ،الصيف ،ص ص.133-116 .
الزيتوني الطاهر" ،)2010 a( .التطورات في أسعار النفط العالمية وانعكاساتها على االقتصاد العالمي"،
مجلة النفط والتعاون العربي ،مج ،36 .ع ،132 .منظمة الدول العربية المصدرة للنفط – الكويت ،الشتاء،
ص ص.70-9 .
شيبي .ع ،.م .بن بوزيان ،.و س .شكوري" ،)2010( .اآلثار االقتصادية الكلية لصدمات السياسة المالية
بالجزائر :دراسة تطبيقية" ،منتدى البحوث االقتصادية-مصر ،ورقة عمل رقم ،536 .أوت.
شيبي .ع ،.و س .بطاهر" ،)2010( .فعالية السياسة المالية بالجزائر :مقاربة تحليلية وقياسية" ،مجلة
التنمية والسياسات االقتصادية (المعهد العربي للتخطيط-الكويت) ،مج ،12 .ع ،01 .يناير ،ص ص.
.59-39
صالح تومي" ، )2005( .دور المؤشرات السابقة والموجهة في تحديد المسار التضخمي في الجزائر" ،مجلة
علوم االقتصاد والتسيير والتجارة (جامعة الجزائر) ،العدد ،2005-13 .ص ص.28-9 .
صندوق النقد الدولي" ،)2015( .التعايش مع انخفاض أسعار النفط في سياق تراجع الطلب" ،إدارة الشرق
األوسط وآسيا الوسطى ،مستجدات آفاق االقتصاد العاملي ،يناير.
الطفيلي .ع.ض" ،)1984( .أزمة الطاقة العالمية وتطور أسعار النفط" ،الفكر االستراتيجي العربي (معهد
اإلنماء العربي) ،ع ،10 .لبنان ،يناير ،ص ص.361-352 .
عواملة نائل عبد الحافظ" ، )1996( .تحليل سياسة اإلنفاق العام في األردن خالل السنوات المالية
( ،")1993-1984مجلة جامعة الملك سعود ،مج ،8 .العلوم اإلدارية ( ،)1الرياض ،ص ص.81-51 .
لخديمي .ع ،.و س .موري" ، )2015( .تغيرات سعر النفط وسعر الصرف في الجزائر :مقاربة تحليلية
وقياسية" ،بحوث اقتصادية عربية ،مج ،22 .ع ،71 .مصر ،الصيف ،ص ص.162-145 .
مايكل لينش" ،البحث عن اإلستقرار في سوق النفط" ،في كتاب "مستقبل النفط كمصدر للطاقة" ،الطبعة
األولى ،مركز اإلمارات للدراسات والبحوث اإلستراتيجية ،اإلمارات العربية المتحدة.2005 ،
263
قائمة المراجع
المزيني عماد الدين محمد" ،)2013( .العوامل التي أثرت على سوق النفط العالمية" ،مجلة جامعة األزهر
بغزة ،سلسلة العلوم اإلنسانية ،مج ،15 .ع ،01 .ص ص.346-319 .
مسعي محمد " ،)2012( .سياسة اإلنعاش االقتصادي في الجزائر وأثرها على النمو" ،مجلة الباحث ،ع.
،10جامعة ورقلة ،الجزائر ،ص ص.160-147 .
نجوم أسامة" ،)2015( .قراءة في أسباب انخفاض أسعار النفط" ،سلسلة تحليل سياسات ،المركز العربي
لألبحاث ودراسة السياسات ) ،(ACRPSالدوحة-قطر ،مارس.
هرمز نور الدين وآخرون" ،)2007( .تغيرات أسعار النفط العربي وعوائده" ،مجلة جامعة تشرين للدراسات
والبحوث العلمية ،سلسلة العلوم االقتصادية والقانونية ،مج ،29 .ع ،01 .سوريا ،ص ص.106-85 .
ونيس فرج عبد العال" ،)1996( .عجز الموازنة العامة في الكويت ومصر ،األسباب والعالج :دراسة
مقارنة" ،مجلة العلوم االجتماعية ،مج ،24 .ع ،1 .ربيع ،1996الكويت ،ص ص.94-51 .
264
قائمة المراجع
265
قائمة المراجع
Froyen. R.T. (2007), "Macroeconomics: Theories and Policies", 9 th edition, Pearson, University
of North Carolina at Chapel Hill.
Galbacs. P. (2015), "The Theory of New Classical Macroeconomics: A Positive Critique",
Springer International Publishing, Switzerland.
Gelb. A.H. (1988), "Oil Windfalls: Blessing or Curse?", Oxford University Press, New York.
Green. W.H. (2003), "Economitric Analysis", 5th edition, Prentice Hall, New Jersy.
Gujarati. D.N. (2003), "Basic Econometrics ", 4th edition, Mc Graw-Hill/ Irwincompanies Inc,
New York.
Hamilton. J.D. (1994), "Time Series Analysis", Princeton University Press, New Jersey.
Hayashi. F. (2000), "Econometrics", Princeton University Press, Prenceton, N.J.
Hirschman. A. (1958), "The Strategy of Economic Development", Yale University Press, New
Haven.
Humphreys. M., J. Sachs., and J. Stiglitz. (2007), "Escaping the Resource Curse", Columbia
University Press, New York.
Johansen. S. (1995), "Likelihood-based Inference in Cointegrated Vector Autoregressive
Models", Oxford University Press, Oxford.
Johnston. J., and J. Dinardo. (1997), "Econometric Methods", 4th edition, Mc Graw–Hill, New
York, P. 226.
Kirchgässner. G., and J. wolters. (2007), "Iintroduction to Modern Time Series Analysis",
Springer-verlag Berlin Heidelberg, New York.
Landais. B. (1998), "Leçons de Politique Budgétaire", De Boeck Université, Belgique.
Lardic. S., et V. Mignon. (2002), "Econométrie des Séries Temporelles Macroéconomiques et
Financières", ed, Economica, Paris.
Lütkepohl. H. (2005), "New Introduction to Multiple Time Series Analysis", Springer-Verlag,
Berlin, Heidelberg.
Lütkepohl. H., and M. Krätzing. (2004), "Applied Time Series Econometrics", Cambridge
University Press, Cambridge.
Maddala. G.S. (1992), "Introduction to Econometrics", Second edition, MacMillan Publishing
Company, New York.
Mahiou. A. (1973), "Institutions administratives et économiques de l’Algérie", Tome 2, SNED,
Alger.
Musgrave. R.A. (1984), "Public finance in theory and practice", 4th edition, McGraw hill, new
York.
Neary. J.P., and S. van Wijnbergen (eds.). (1986), "Natural Resources and the Macroeconomy",
MIT Press, Cambridge, Ma.
Nouschi. A. (1999), "Pétrole et Relations Internationales de 1945 à nos Jours", Armand Colin,
Paris.
Philip. A.K. (1973), "The Management of Market, Oriented Economies: A Comparative
Perspective", Wadsworth Publishing Company, California.
Shapiro. E. (1982), "Macroeconomic Analysis", Harcourt Brace Jovanovich INC, 5 th edition,
USA.
William. J., and A. Blinder. (2000), "Macroeconomics Principles and Policy", The Dryden press,
8th edition, USA.
Wooldridge. J.M. (2002), "Econometric Analysis of Cross Section and Panel Data", The MIT
Press, London (England).
Youcef Deboud. (1995), "le nouveau mécanisme économique en Algérie", OPU, Alger.
266
قائمة المراجع
267
قائمة المراجع
268
قائمة المراجع
Asteriou. D., and D.D. Villamizar. (2013), "The Effects of Oil Price on Macroeconomic
Variables in Oil Exporting and Oil Importing Countries", International Journal of Energy,
Environment, and Economics, Vol. 21. No. 4, PP. 323-341.
Atkinson. G., and K. Hamilton. (2003), "Savings, Growth and the Resource Curse Hypothesis",
World Development, Vol. 31, No. 11, PP. 1793–1807.
Auty. R.M. (1991), "Managing Mineral Dependence: Papua New Guinea 1972–89", Natural
Resources Forum, 90–99.
Auty. R.M. (1993), "Sustaining Development in Mineral Economies: The Resource Curse
Thesis", Routledge, London.
Auty. R.M. (1994), "Industrial Policy Reform in Six Newly Industrializing Countries: the
Resource Curse Thesis", World Development, Vol. 22, No. 1, PP. 11-26.
Auty. R.M. (1998a), "Mineral Wealth and the Economic Transition: Kazakhstan", Resources
Policy, Vol. 24, No, 4, PP. 241-249.
Auty. R.M. (1998b), "Resource Abundance and Economic Development: Improving the
Performance of Resource-Rich Countries", World Institute for Development Economics
Research RFA Paper, No 44, Helsinki.
Auty. R.M. (2001a), "A Growth Collapse With High Rent Point Resources: Saudi Arabia", in
Auty, R.M. (ed.) (2001b), “Resource Abundance and Economic Development”, Oxford
University Press, New York, PP. 193-207.
Auty. R.M. (2001c). "The Political Economy of Resource-driven Growth", European Economic
Review, Vol. 45, No. 4, PP. 839-846.
Auty. R.M. (2003), "Third Time Lucky for Algeria?, Integrating an Industrializing Oil-Rich
Country Into the Global Economy", Resources Policy, Vol. 29, No. 1, PP. 37-47.
Auty. R.M. and A.H. Gelb. (2001), "Political Economy of Resource-Abundant States", in: Auty.
R.M. (ed.) (2001b), “Resource Abundance and Economic Development”, Oxford University
Press, New York, PP. 126-144.
Azariadis. C., and A. Drazen. (1990), "Threshold Externalities in Economic Development",
Quarterly Journal of Economics, Vol. 105, May, PP. 501-526.
Backus. D.K., and M.J. Crucini. (2000), "Oil Prices and the Terms of Trade", Journal of
International Economics, Vol. 50 (February), PP. 185–213.
Baland J.M., and P. Francois. (2000), "Rent Seeking and Resource Booms", Journal of
Development Economics, Vol. 61, No. 2, PP. 527-542.
Balassone. F., Takizawa. H., and H. Zebregs. (2006), "Managing Russia’s Oil Wealth: An
Assessment of Sustainable Expenditure Paths", in: Russian Federation: Selected Issues, IMF
Country Report No. 06/430, prepared for the 2006 Article IV Consultation, Washington DC.
Balcerzak. A.P., and E. Rogalska, (2014), "Crowding Out and Crowding in within Keynesian
Framework: Do We Need Any New Empirical Research Concerning Them?", Economics &
Sociology, Vol. 7, No 2, ,PP. 80-93.
Baldini. A. (2005), "Fiscal Policy and Business Cycles in an Oil-Producing Economy: The Case
of Venezuela", IMF Working Paper No. 05/237, Washington DC.
Balke. N., Brown. S., and M. Yücel. (2009), "Oil Price Shocks and U.S Economic Activity: An
International Perspective", The Energy Journal, Vol. 23, PP. 27-52.
Barnett. S.A., and R.J. Ossowski. (2002), "Operational Aspects of Fiscal Policy in Oil-Producing
Countries", IMF Working Paper, WP/02/177, October, Washington DC.
Barrell. R., Becker. B., Byrne. J., Gottschalk. S., Hurst. I., and D. Van Welsum. (2004),
"Macroeconomic Policy in Europe: Experiments with Monetary Responses and Fiscal Impulses",
Economic Modelling, Vol. 21, PP. 877-931.
Barro. R.J. (1973), "The Control of Politicians: An Economic Model", Public Choice, Vol. 13,
PP. 19–42.
269
قائمة المراجع
Barro. R.J. (1974), "Are Government Bonds Net Wealth?", Journal of Political Economy, Vol.
82, November-December, PP. 1095-1117.
Barro. R.J. (1981). "Output effects of government purchases", Journal of Political Economy,
Vol. 89, No. 6, PP. 1086-1121.
Barro. R.J. (1989), "The Ricardian Approach to Budget Deficits", Journal of Economic
Perspectives, Vol. 3, Spring, PP. 37-54.
Barsky. R.B., and L. Kilian. (2002), "Do We Really Know that Oil Caused the Great Stagflation?
A Monetary Alternative", in: NBER Macroeconomics Annual 2001, 16, B.S. Bernanke and K.
Rogoff, eds., Cambridge, MA: MIT Press, PP. 137-183.
Barsky. R.B., and L. Kilian. (2004), "Oil and the Macroeconomy Since the 1970s", Journal of
Economic Perspectives, Vol. 18, No. 4, PP. 115–134.
Bartolini L., Razin. A., and S. Symansky. (1995), "G-7 Fiscal Restructuring in the 1990s:
Macroeconomic Effects", Economic Policy, No. 20, April, PP. 111-146.
Baum. A., and G.B. Koester. (2011), "The impact of Fiscal policy On Economic Activity Over
the Business Cycle: Evidence From a Threshold VAR Analysis", Deutsche Bundesbank
Discussion Paper Series 1: Economic Studies, No. 03/2011, Frankfurt.
Baumeister. C., and G. Peersman. (2011), "The Role of Time-Varying Price Elasticities in
Accounting for Volatility Changes in the Crude Oil Market", Bank of CANADA Working Paper,
No. 2011-28.
Baumeister. C., and G. Peersman. (2012), "Time-Varying Effects of Oil Supply Shocks on the
U.S. Economy", Bank of Canada Working Paper, No. 2012-2, January.
Baumeister. C., and L. Kilian. (2012a), "Real-Time Analysis of Oil Price Risks Using Forecast
Scenarios", mimeo, University of Michigan.
Baumeister. C., and L. Kilian. (2012b), "Real-Time Forecasts of the Real Price of Oil,” Journal
of Business and Economic Statistics, Vol. 30, PP. 326-336.
Baxter. M., and R.G. King. (1993), "Fiscal policy in general equilibrium", American Economic
Review, Vol. 83, June, PP. 315-334.
Beaugrand. P., B. Loko., and M. Mlachila. (2002), "The Choice Between External and Domestic
Debt in Financing Budget Deficits: The Case of Central and West African Countries", IMF
Working Papere, WP/02/79, May, Washington DC.
Beetsma. R., and M. Giuliodori. (2011), "The Effects of Government Purchases Shocks: Review
and Estimates for the EU", The Economic Journal, Vol. 121, Issue. 550, February, PP.F4-F32.
Behrman. J. (1987), "Commodity Price Instability and Economic Goal Attainment in Developing
Countries", World Development, Vol. 15, No. 5, PP. 559–573.
Beidas-Strom. S., and A. Pescatori. (2014), "Oil Price Volatility and the Role of Speculation",
IMF Working Paper, WP/14/218, December, Washington DC.
Bekhet. H.A., and N.Y.M. Yusop. (2009), "Assessing the Relationship Between Oil Prices,
Energy Consumption and Macroeconomic Performance in Malaysia: Co-integration and Vector
Error Correction Model, (VECM) Approach", Journal of International Business Research, Vol.
2, No.3, July, PP. 152-175.
Benjamin. N.C., Devarajan. S., and R.J. Weiner. (1989), "The ‘Dutch’ disease in a Developing
Country", Journal of Development Economics, Vol. 30, PP. 71-92.
Bernanke. B., and A. Blinder. (1992), "The Federal Funds Rate and the Channels of Monetary
Transmission", American Economic Review, Vol. 82, PP. 901-921.
Bernanke. B.S. (1983), "Irreversibility, Uncertainty, and Cyclical Investment", Quarterly Journal
of Economics, Vol. 98, No. 1, PP. 85-106.
Bernanke. B.S., and I. Mihove. (1995), "Measuring Monetary Policy", the Quarterly Journal of
Economics, Vol. 113, No. 3, August, PP. 869-902.
Bernanke. B.S., Gertler. M., and M.W. Watson. (1997), "Systematic Monetary Policy and the
270
قائمة المراجع
Effects of Oil Price Shocks", Brookings Papers on Economic Activity, No. 1, PP. 91-142.
Bernanke. B.S., Gertler. M., and M.W. Watson. (2004), "Reply to Oil Shocks and Aggregate
Economic Behavior: The Role of Monetary Policy" Journal of Money, Credit and Banking, Vol.
36, PP. 287-291.
Berndt. E.R., and D.O. Wood. (1979), "Engineering and Econometric Interpretations of Energy-
Capital Complementarity", American Economic Review, Vol. 69, PP. 342-54.
Bertola. G., and A. Drazen. (1993), "Trigger Points and Budget Cuts: Explaining the Effects of
Fiscal Austerity", American Economic Review, Vol. 83, March, PP. 11-26.
Bertola. G., Guiso. L., and L. Pistaferri. (2005), "Uncertainty and Consumer Durables
Adjustment", Review of Economic Studies, Vol. 72, No. 4, PP. 973-1007.
Berument. M.H., Ceylan. N.B., and N. Dogan. (2010), "The Impact of Oil Price Shocks on the
Economic Growth of Selected MENA Countries", The Energy Journal, Vol. 31, No. 1, PP. 149-
176.
Biau. O., and É. Girard. (2005), "Politique Budgétaire et Dynamique Economique en France:
L’approche VAR structurel", Economie et Prévision, 2005/3-4-5, No. 169-170-171, PP. 1–23.
Bjørnland. H.C. (1998), "The Economic Effects of North Sea Oil on the Manufacturing Sector",
Scottish Journal of Political Economy, Vol. 45, PP. 553-585.
Bjørnland. H.C. (2000), "The Dynamic Effects of Aggregate Demand, Supply and Oil Price
Shocks - A Comparative Study", The Manchester School of Economic Studies, 68, PP. 578-607.
Bjørnland. H.C. (2008), "Oil Price Shocks and Stock Market Booms in an Oil Exporting
Country", Working Paper from Norwegian School of Management (BI) and Norges Bank, No.
16, October.
Blanchard. O., and R. Perotti. (2002), "An Empirical Characterization of the Dynamic Effects of
Changes in Government Spending and Taxes on Output", Quarterly Journal of Economics, Vol.
117, No. 4, PP. 1329–1368.
Blanchard. O.J., and J. Galí. (2007), "The Macroeconomic Effects of Oil Shocks: Why are the
2000s So Different From the 1970s? ", NBER Working Paper 13368.
Blanchard. O.J., and J. Galí. (2009), "The Macroeconomic Effects of Oil Shocks: Why are the
2000s So Different from the 1970s?", Forthcoming in: J. Galí and M. Gertler (eds.),
“International Dimensions of Monetary Policy”, University of Chicago Press: Chicago, IL.
Blanchard. O.J., and J. Galí. (2010), "The Macroeconomic Effects of Oil Price Shocks: Why are
the 2000s so Different From the 1970s?", In: “International Dimensions of Monetary Policy”,
ed. Jordi Galí and Mark J. Gertler, PP. 373-421.
Bleany. M., and H. Halland. (2009), "The Resource Curse and Fiscal Policy Volatility",
CREDIT Research Paper, No. 09/09, university of Nottingham.
Blejer. M.I., and M.S. Khan. (1984), "Government Policy and Private Investment in Developing
Countries", IMF Staff Papers, Vol. 31, June, PP. 379-403.
Blinder. A.S., and R.M. Solow. (1974), "Analytical Foundations of Fiscal Policy", in: “the
Economics of Public Finance: Essays”, ed. By A.S. Blinder et al., Brookings Institutions,
Washington, Dc, PP.3-115.
Blinder. A.S., and S.M. Goldfeld. (1976), "New Measures of fiscal and Monetary Policy, 1958-
73", The American Economic Review, Vol. 66, No. 5, PP. 780-796.
Bloom. N., Floetotto. M., Jaimovich. N., Saporta-Eksten. I., and S. Terry. (2011), "Really
Uncertain Business Cycles", Stanford University Working Paper, 2011.
Blundell. R., and T. MaCurdy. (1999), "Labor Supply: A Review of Alternative Approaches", in:
“Handbook of Labor Economics”, ed. By O. Ashenfelter and D. Card, Amsterdam, New York,
Elsevier.
Bohi. D.R. (1991), "On the Macroeconomic Effects of Energy Price Shocks", Resources and
Energy, Vol. 13, PP. 145-162.
271
قائمة المراجع
Boschini. A.D., Pettersson. J., and J. Roine. (2007), "Resource Curse or Not: a Question of
Appropriability", Scandinavian Journal of Economics, Vol. 109, No. 3, PP. 593-617.
Bose. N., Haque. E., and D. Osborn. (2007), "Public Expenditure and Economic Growth: A
Disaggregated Analysis for Developing Countries", The Manchester School, Vol. 75, No. 5, PP.
533–556.
Bouzidi. A. (1984), "Emploi et Chômage en Algérie (1967-1983)", les Cahiers du CREAD,
N°02, 2e Tri.
Boye. F. (2001), "Oil and Macroeconomic Fluctuations in Ecuador", OPEC Review, Vol. 25, PP.
145–172.
Boye. F. (2002), "Oil and Macroeconomic Fluctuations in Mexico", OPEC Review, Vol. 26, PP.
309-333.
Brahimi .A. (1999), "les réformes économiques: implication sociales", Revue Algérienne du
Travail, N0. 24.
Brennan. M., and E. Schwartz. (1985), "Evaluating Natural Resource Investment", Journal of
Business, Vol. 58, PP. 1135-1157.
Brown. S.P.A., and M.K. Yücel. (1999), "Oil Prices and U.S. Aggregate Economic Activity",
Federal reserve Bank of Dallas Economic Review, Second Quarter, PP. 16-53.
Brown. S.P.A., and M.K. Yücel. (2002), "Energy Prices and Aggregate Economic Activity: An
Interpretative Survey", Quarterly Review of Economics and Finance,Vol. 42, PP. 193-208.
Bruno. M., and J. Sachs. (1982), "Input Price Shocks and the Slowdown in Economic Growth:
The Case of U.K. Manufacturing", Review of Economic Studies, Vol. 49, PP. 679-705.
Bryant R.C., Henderson. D.W., Holtham. G., Hooper. P., and S. Symansky. (1988), "Empirical
Macroeconomics for Interdependent Economies", Brookings Institution, Washington.
Bryant R.C., Hooper. P., and C.L. Mann. (1993), "Evaluating Policy Regimes: New Research in
Empirical Macroeconomics". Brookings Institution, Washington.
Buffie. E.F. (1993), "Direct Foreign Investment, Crowding out and Underemployment in the
Dualistic Economy", Oxford Economic Papers, No. 45.
Buiter. W.H. (1976), "Crowding Out and the Effectiveness of Fiscal Policy", Econometric
Research Program, Princeton University, Research Memorandum, No. 191, February.
Bulte. E., Damania. R., and T. Deacon. (2005), "Resource Intensity, Institutions, and
Development", World Development, Vol. 33, No. 7, PP. 1029–1044.
Burbidge. J., and A. Harrison. (1984), "Testing for the Effects of Oil Price Rises using Vector
Autoregression", International Economic Review, Vol. 25, No. 2, PP. 459-484.
Burnside. C., Eichenbaum. M., and J.D.M. Fisher. (2003), "Fiscal Shocks And Their
Consequences", National Bureau of Economic Research, Working Paper No. 9772.
Burriel P., F. de Castro., D. Garrote., E. Gordo., J. Paredes., and J. J. Perez. (2009), "Fiscal
Policy Shocks in the Euro Area and the US: An Empirical Assessment", European Central Bank
Working Paper. No. 1133, December.
Büyükşahin. B., and J.H. Harris. (2011), "Do Speculators Drive Crude Oil Futures?", Energy
Journal, Vol. 32, PP.167-202.
Caballero. R.J. and A. Krishnamurthy. (2004), "Fiscal Policy and Financial Depth", NBER
Working Papers No. 10532. Cambridge, Ma.
Caballero. R.J., and R.S. Pyndick. (1996),"Uncertainty, Investment, and Industry Evolution",
International Economic Review, Vol. 37, August, PP. 641-662.
Caldara. D., and C. Kamps. (2008), "What are the Effects of Fiscal Policy Shocks?: A VAR-
Based Comparative Analysis", ECB Working Paper Series No. 877, March.
Calmfors. L. (2003), "Fiscal Policy to Stabilise the Domestic Economy in the EMU: What Can
We Learn from Monetary Policy?", CESifo Economic Studies, Vol. 49, No. 3, PP. 319-353.
Calvo. G.A., and C.M. Reinhart. (2000), "Fear of Floating", NBER Working Papers No. 7993,
272
قائمة المراجع
Cambridge, Ma.
Capet. S. (2004), "The Efficiency of Fiscal Policies: a Survey of the Literature", CEPII, Working
Paper No 2004–11, September.
Caribbean Policy Research Institute. (2007), "Balancing the Budget", CaPRI Background Paper.
Carlson. K.M., and R.W. Spencer. (1975). "Crowding Out and Its Critics", Federal Reserve bank
of ST. LOUIS.
Caruth. A.A., Hooker. M.A., and A.J. Oswald. (1998), "Unemployment Equilibria and Input
Prices: Theory and Evidence from the United States", Review of Economics and Statistics, Vol.
80, PP. 621-628.
Cashin. P., Liang. H., and C. McDermott. (1999), "How Persistent Are Shocks to World
Commodity Prices?", IMF Working Paper, WP/99/80, Washington DC.
Cashin. P., McDermott. C, and A. Scott. (1999), "Booms and Slumps in World Commodity
Prices", IMF Working Paper, WP/99/155, Washington DC.
Catao. L., and M.E. Terrones. (2003), "Fiscal Deficits and Inflation", IMF Working Papere,
WP/03/65, April, Washington DC.
Cavalcanti. T.V.d.V., Mohaddes .K., and M. Raissi. (2011a), "Growth, Development and Natural
Resources: New Evidence Using a Heterogeneous Panel Analysis", The Quarterly Review of
Economics and Finance, Vol. 51, No. 4, PP. 305-318.
Cavalcanti. T.V.d.V., Mohaddes. K., and M. Raissi. (2011b), "Does Oil Abundance Harm
Growth?", Applied Economics Letters, Vol. 18, No. 12, PP. 1181.1184.
Cerda. R., H.González., and L. Lagos. (2006), "Is Fiscal Policy Effective?, Evidence for an
Emerging Economy: Chile 1833–2000", Applied Economics Letters, Vol. 13, PP. 575–580.
Chakraborty. L.S. (2002), "Fiscal Deficit and Rate of Interest: An Econometric Analysis of the
Deregulated Financial Regime", Economic and Political Weekly, Vol. 37, No. 19, May, PP.
1831-1838.
Chalk. N. (1998), "Fiscal Sustainability with Non-Renewable Resources", IMF Working Paper,
No. 98/26, Washington DC.
Chalk. N., and R. Hemming. (2000), "Assessing Fiscal Sustainability in Theory and Practice",
IMF Working Paper No. 00/81, Washington DC.
Chari. V.V., and P.J. Kehoe. (1998), " Optimal Fiscal and Monetary Policy", Federal Reserve
Bank of Minneapolis, Research Department Staff Report, No. 251.
Chekouri. S.M., and A. Chibi. (2016), "Algeria and The Natural Resource Curse: Oil Abundance
and Economic Growth", Economic Research Forum Working Paper, No. 990, April. P.02.
Chemingui. M, and T. Roa. (2008), "Petroleum Revenues in Gulf Cooperation Council Countries
and their Labor Market Paradox", Journal of Policy Modeling, Vol. 30, No. 3, PP. 491-503.
Cheng. B.S., and T.W. Lai. (1997), "Government Expenditures and Economic Growth in South
Korea: A VAR Approach", Journal of Economic Development, Vol. 22, No. 1, June, PP. 11-24.
Christ. C.F. (1994), "The Cowles Commission’s Contributions to Econometrics at Chicago,
1936-1955", Journal of Econometric Literature, Vol. 32, No. l, PP. 30-59.
Christiano. L.J., M. Eichenbaum. (1992), "Identification and the Liquidity Effect of Monetary
Policy Shock", in: “Political Economy, Growth and Business Cycles”, C.A. Zvi Hercowitz and
L. Leiderman (eds), MIT Press, Cambridge and London, PP. 335-370.
Clements. M.P., and D.F. Hendry. (1995), "Forecasting in Cointegrated Systems", Journal of
Applied Econometrics, Vol. 10, PP. 127-146.
Coenen. G., Erceg. C., Freedman. C., Furceri. D., Kumhof. M., Lalonde. R., Laxton. D., Lindé.
J., Mourougane. A., Muir. D., Mursula. S., de Resende. C., Roberts. J., Roeger. W., Snudden. S.,
Trabandt. M., and J. inZt Veld. (2010), "Effect of Fiscal Stimulus in Structural Models", IMF
Working Paper No. 1073, Washington DC.
Cologni. A. and M. Manera. (2008), "Oil Prices, Inflation and Interest Rates in a Structural
273
قائمة المراجع
Cointegrated VAR Model for the G-7 Countries", Energy Economics, Vol. 38, PP. 856–888.
Cooley. T.F., and S.F. Leroy. (1985), "A theoretical Macroeconometrics: A Critique", Journal of
Monetary Economics, Vol. 16, PP. 283-308, P. 290.
Corden. M. (1984), "Booming Sector and Dutch Disease Economics: Survey and Consolidation",
Oxford Economic Paper, New Series, Vol. 36, PP. 359-380.
Corden. W.M., and J.P. Neary. (1982), "Booming Sector and de-industrialisation in a Small
Open Economy", Economic Journal, Vol. 92, PP. 825-848.
Cororaton. C.B. (2000), "Philippine Computable General Equilibrium Model (PCGEM)", PIDS
Discussion Paper Series, No. 2000-33, August.
Crandall. W., and J. Bodin. (2005), "Revenue Administration Reform in Middle Eastern
Countries, 1994–2004", IMF Working Paper, WP/05/203, Washington DC.
Cristina. M., Raguindin. E., and R.G. Reyes. (2005), "The Effects of Oil Price Shocks on the
Philippine Economy: A VAR approach", Social Science Research Network (SSRN), Vol. 50, PP.
3-59.
Cuevas. V. (2009), "The Short Term Effects of Fiscal Policy in Mexico: An Empirical Study",
Estudios Económicos, Vol. 24, No. 1, PP. 109-144.
Cunado. J., and F. Perez de Garcia. (2005), "Oil Prices, Economic Activity and Inflation:
Evidence for Some Asian Countries", The Quarterly Review of Economics and Finance, Vol. 45,
PP. 65–83.
Cunado. J., Jo. S., and F. Perez de Gracia. (2015), "Revisiting the Macroeconomic Impact of Oil
Shocks in Asian Economies", Bank of Canada Working Paper 2015-23, June.
Dale. S., and A.G. Haldane. (1993), "Interest Rate and the Channels of Monetary Transmission:
Some Sectoral Estimates", Bank of England Working Series No. 18/1993.
Dalmazzo. A., and G. De Blasio. (2001), "Resources and Incentives to Reform: A Model and
Some Evidence on Sub-Saharan African Countries", IMF Working Paper No. 01/86, Washington
DC.
Dalsgaard. T., André. C., and P. Richardson. (2001), "Standard Shocks in the OECD Interlink
Model", OECD Working Paper, No. 306, Paris.
Dalyop. G.T. (2010), "Fiscal Deficits and the Growth of Domestic Output in Nigeria”, JOS
Journal of Economics, Vol. 04, No. 01, December, PP. 153-173.
Darby. M.R. (1982), "The Price of Oil and World Inflation and Recession", American Economic
Review, Vol. 72, PP. 738-751.
Darrat. A.F. (1985), "The Impact of Fiscal Policy under Rational Expectations: Some Tests",
Journal of Macroeconomics, Vol. 7, Issue. 4, Autumn, PP.553-565.
Davis. J.M., Ossowski. R.J., and A. Fedolino. (eds.) (2003), "Fiscal Policy Formulation and
Implementation in Oil-Producing Countries", IMF, August 21, Washington DC.
Davis. J.M., Ossowski. R.J., Daniel. J.A., and S.A. Barnett. (2001), "Stabilization and Savings
Funds for Non-renewable Resources: Experience and Fiscal Policy Implications", IMF
Occasional Paper No. 205, Washington DC.
Davis. S.J. (1987), "Allocative Disturbances and Specific Capital in Real Business Cycle
Theories", American Economic Review Papers and Proceedings, 77, PP. 738-751.
Davis. S.J., and J. Haltiwanger. (2001), "Sectoral Job Creation and Destruction Responses to Oil
Price Changes", Journal of Monetary Economics, Vol. 48, PP. 465-512.
De Arcangelis. G., and G. De Giorgio. (1999), "Monetary Policy Shocks and Transmission in
Italy: A VAR Analysis", Proceeding of the 9 th edition of the Conference “Ricerche Quantitative
per la Politica Economica”, Bank of Italy and CIDE, Perugia, 1999.
De Castro. F., and P.H. De Cos. (2008), "The Economic Effects of fiscal policy: the case of
Spain", Journal of Macroeconomics, Vol. 30, PP. 1005–1028.
De Cima. M.S. (2003), "The Political Economy of Pro-Cyclical Fiscal Policy in Mexico, 1970–
274
قائمة المراجع
275
قائمة المراجع
276
قائمة المراجع
Fisher. S., and W. Easterly. (1990), "The Economics of Government Budget Constraint", The
World Bank Research Observer, Vol. 05, No. 02, July, PP. 127-142.
Fosu. A. (1996), "Primary Exports and Economic Growth in Developing Countries", World
Economy, Vol. 19, No. 4, PP. 465–475.
Fouad. M., Maliszewski. W., Hommes. M., Morsy. H., Petri. M., and L. Soderling. (2007),
"Public Debt and Fiscal Vulnerability in the Middle East", IMF Working Paper No. 07/12
Washington DC.
Frankel. J. (2010), "The Natural Resource Curse: A Survey", Discussion Paper 2010--21,
Harvard Environmental Economics Program, Cambridge, Mass, September.
Frankel. J., and A. Rose. (2009), "Determinants of Agricultural and Mineral Commodity Prices",
mimeo, UC Berkeley.
Franta. M. (2012), "Macroeconomic Effects of Fiscal Policy in the Czech Republic: Evidence
Based on Various Identification Approaches in a VAR Framework", Czech National Bank
Working Paper, No. 13/2012, December.
Friedman. M. (1968), "the Role of Monetary Policy", American Economic Review, Vol. 58, N.
1, March, PP. 1-17.
Fuhrer. J.C. (1995), "The Phillips Curve is Alive and Well", New England Economic Review of
the Federal Reserve Bank of Boston, March/April, PP. 41-56.
Gale. W.G., and P.R. Orszag. (2003), "Economic Effects of Sustained Budget Deficits", National
Tax Journal, Vol. 56, PP. 463-485.
Galí. J., J.D. López-Salido., and J. Vallés. (2007), "Understanding the Effects of Government
Spending on Consumption", Journal of the European Economic Association, Vol. 5, No. 1,
March, PP. 227-270.
Gavin. M. (1997), "A Decade of Reform in Latin America: Has it Delivered lower Volatility ?",
IADB Working Paper Green Series, No. 349, Inter-American Development Bank, Washington.
Gavin. M., and R. Hausmann. (1996), "The Roots of Banking Crises: The Macroeconomic
Context", in: “Banking Crises in Latin America”, ed. By Hausmann and Rojas-Suarez, Inter-
American Development Bank, Washington.
Gavin. M., and R. Perotti. (1997), "Fiscal Policy in Latin America", NBER Macroeconomics
Annual 1997, edited by B. Bernanke and J. Rotemberg, MIT Press, Cambridge, Ma.
Giavazzi. F., and M. Pagano. (1990), "Can Sever Fiscal Contractions be Expansionary?, Tales of
Two Small European Countries", in: NBER Macroeconomics Annual, 5, 1990, ed. By O.J.
Blanchard., and S. Fischer, MIT Press, Cambridge, Massachusetts, PP. 75-122 .
Giavazzi. F., Jappelli. T., and M. Pagano. (2000), "Searching for Non-linear Effects of Fiscal
Policy: Evidence from Industrial and Developing Countries", European Economic Review, Vol.
44, PP. 1259-1289.
Giordano. R., S. Momigliano., S. Neri., and R. Perotti. (2008), "The Effects of Fiscal Policy in
Italy: Evidence From a VAR model", Banca D’Italia Temi di discussione Working Paper, No.
656, January.
Gisser. M., and T.H. Goodwin. (1986), "Crude Oil and the Macroeconomy: Tests of Some
Popular Notions", Journal of Money, Credit, and Banking, Vol. 18, PP. 95-103.
Giudice. G., A. Turrini., and J. inZt Veld. (2003), "Can Fiscal Consolidations Be Expansionary
in the EU?, Ex-post Evidence and Ex-ante Analysis", European Commission, Economic Papers
No. 195, December.
Gordon. R.J. (1997), "The Time-Varying NAIRU and its Implications for Economic Policy",
Journal of Economic Perspectives, Vol. 11, No. 1, PP. 11-32.
Granger. C .W. J. (1986), "Developments in the Study of Cointegrated Economic Variables",
Oxford Bulletin of Economics and Statistics, Vol. 48, PP. 213-228.
Granger. C .W.J. (1981), "Some Properties of Time Series Data and their Use in Econometric
277
قائمة المراجع
278
قائمة المراجع
Haque. N.U., and P.J. Montiel. (1991), "Dynamic Responses to Policy and Exogenous Shocks in
an Empirical Developing Country Model with Rational Expectations", in: Macroeconomic
Models for Adjustment in Developing Countries, ed. By M.S. Khan., P.J. Montiel., and N.U.
Haque, IMF, Washington DC.
Haque. N.U., Lahiri. K., and P.J. Montiel. (1993), "Estimation of Macroeconomic Model with
Rational Expectations and Capital Controls for Developing Countries", Journal of Development
Economics, Vol. 42, December, PP. 337-356.
Haque. N.U., Montiel. P.J., and S.A. Symansky. (1991), "A Forward Looking Macroeconomic
Simulation Model for developing Country", in: Macroeconomic Models for Adjustment in
Developing Countries, ed. By M.S. Khan., P.J. Montiel., and N.U. Haque, IMF, Washington DC.
Hartford. T., and M. Klein. (2005). "Aid and the Resource Curse", The World Bank Group,
Private Sector Development Presidency Note No. 291, World Bank, Washington, DC.
Hausmann. R., and R. Rigobon. (2002), "An Alternative Interpretation of the ‘Resource Curse’:
Theory and Policy Implications", NBER Working Papers No. 9424, December, Cambridge, Ma.
Hausmann. R., Powell. A., and R. Rigobon. (1993), "An Optimal Spending Rule Facing Oil
Income Uncertainty (Venezuela),” In: External Shocks and Stabilization Mechanisms, eds. E.
Engel and P. Meller, Washington DC: Inter-American Development Bank, distributed by Johns
Hopkins University Press, 1993.
Hausmann. R., Talvi. E., Gavin. M., and R. Perotti. (1996), "Managing Fiscal Policy in Latin
America and the Caribbean: Volatility, Procyclicality, and Limited Creditworthiness", IDB WP-
326.
Hemming. R., Kell. M., and S. Mahfouz. (2002), "The Effectiveness of Fiscal Policy in
Stimulating Economic Activity- A Review of the Literature", IMF Working Paper, WP /02/208,
December, Washington DC.
Henry. C. (1974), "Investment Decisions under Uncertainty: The Irreversibility Effect",
American Economic Review, Vol. 64, PP. 1006-1012.
Heppke-Falk. K.H., J. Tenhofen., and G.B. Wolff. (2006), "The Macroeconomic Effects of
Exogenous Fiscal Policy shocks in Germany: A Disaggregated SVAR Analysis". Deutsche
Bundes bank Discussion Paper, No. 41.
Herrera. A.M., and E. Pesavento, (2007), "Oil price Shocks, Systematic Monetary Policy, and
the Great Moderation", Michigan State University, Unpublished manuscript.
Hoffman. D.L., and R.H. Rasche. (1996), "Assessing Forecast Performance in a Cointegrated
System", Journal of Applied Econometrics, Vol. 11, No. 5, PP. 495-517.
Hooker. M.A. (1996a), "What Happened to the Oil Price-Macroeconomy Relationship?", Journal
of Monetary Economics, Vol. 38, PP. 195-213.
Hooker. M.A. (1996b), "This is What Happened to the Oil Price-Macroeconomy Relationship:
Reply", Journal of Monetary Economics, Vol. 38, PP. 221-222.
Hooker. M.A. (1999), "Oil and the Macroeconomy Revisited", Mimeo, Federal Reserve Board,
August, Washington DC.
Hooker. M.A. (2002), "Are Oil Shocks Inflationary?, Asymmetric and Nonlinear Specifications
Versus Changes in Regime", Journal of Money, Credit and Banking, Vol. 34, No.2, PP. 540-561.
Horton. M., and A. El-ganainy. (2009), "Back to basics: What is fiscal policy?", finance and
development, Vol. 46, No. 2, June, PP. 52-53.
Humphreys. M., Sachs. J.D., and J.E. Stiglitz. (2007), "Future Directions for the Management of
Naturel Resources", Chapter 12 in Humphreys, Sachs, and Stiglitz, eds., 2007, “Escaping the
Resource Curse”, Colombia University Press, New York, PP. 322-336.
Hung. L.V., and W.D. Pfau. (2009), "VAR Analysis of the Monetary Transmission Mechanism
in Vietnam", Applied Econometrics and International Development. Vol. 9, No. 1, January-June,
PP. 165-179.
279
قائمة المراجع
Hunt. B., and D. Laxton. (2003), "Some Simulation Properties of the Major Euro Area
Economies in MULTIMOD", IMF Working Paper No. 03/31, February, Washington DC.
Hunt. B., Isard. P., and D. Laxton. (2001), "The Macroeconomic Effects of Higher Oil Prices",
IMF Working Paper No. 01/14, January. Washington DC.
Husain. A.M., Tazhibayeva. K., and A. Ter-Martirosyan. (2008), "Fiscal Policy and Economic
Cycles in Oil-Exporting Countries", IMF Working Paper No. 08/253, November, Washington
DC.
Ilzetzki. E., and C.A. Vegh. (2008), "Procyclical Fiscal Policy in Developing Countries: Truth or
Fiction?", NBER Working Papers No. 14191, Cambridge, Ma.
International Monetary Fund. (1996), "World Economic Outlook, May 1996: A Study by the
Staff of the International Monetary Fund", World Economic and Financial Survey, Washington.
International Monetary Fund. (1998), "Japan-Selected Issues", IMF Background Paper No.
98/191, Washington.
Isham. J., Woodcock. M., Pritchett. L., and G. Busby. (2005), "The Varieties of Resource
Experience: Natural Resource Export Structures and the Political Economy of Economic
Growth", World Bank Economic Review, Vol. 19, No. 2, PP. 141-174.
Ito. K. (2008), "Oil Price and the Russian Economy: A VEC Model Approach", International
Research Journal of Finance and Economics, Issue 17, PP. 68-74.
Jemec. N., A.S. Kastelec., and A. Delakorda. (2011), "How do Fiscal Shocks Affect The
Macroeconomic Dynamics in the Slovenian Economy", Bank of Slovenia, No.02/2011, PP. 1-27.
Jiménez-Rodríguez. R., and M. Sánchez. (2005), "Oil price Shocks and Real GDP growth:
Empirical Evidence for Some OECD Countries", Applied Economics, Vol. 37, PP. 201–228.
Jo. S. (2012), "The Effects of Price Uncertainty On the Macroeconomy", Bank of Canada
Working Paper No. 2012-40, December.
Jo. S. (2014), "The Effects of Oil Price Uncertainty On Real Global Economic Activity", Journal
of Money, Credit and Banking, Vol. 46, No. 6, PP. 1113-1135.
Johansen. S. (1988), "Statistical Analysis of Cointegrating Vectors", Journal of Economic
Dynamics and control, Vol. 12, PP. 231-254.
Johansen. S. (1991), "Estimation and Hypothesis Testing of Cointegration Vectors in Gaussian
Vector Autoregressive Models", Econometrica, Vol. 59, PP.1551-1580.
Johansen. S., and K. Juselius. (1990), "Maximum likelihood Estimation and Inference on
Cointegration With Applictions to the Demand for Money", Oxford Bulltin of Economics and
Statistics, Vol. 52, PP.169-210.
Jones, D.W., and P.N. Leiby. (1996), "The Macroeconomic Impacts of Oil Price Shocks: A
review of Literature and Issues", Oak Ridge National Laboratory, xerox, 33 p.
Jones. D.W., Leiby. P.N., and I.K. Paik. (2004), "Oil Price Shocks and the Macroeconomy: What
has been learned since 1996?", The Energy Journal, Vol. 25, No. 2, PP. 1-32.
Jooste. C., G.D. Liu., and R. Naraidoo. (2013), "Analysing the Effects of Fiscal Policy Shocks in
the South African Economy", Economic Research Southern Africa (ERSA) Working Paper No.
351, May.
Juvenal. L., and I. Petrella. (2011), "Speculation in the Oil Market", Working Papers 2011–027,
Federal Reserve Bank of St. Louis.
Kamas. L., and J. Joyce. (1993), "Money, Income, and Prices under Fixed Exchange Rates:
Evidence from Causality Tests and VARs." Journal of Macroeconomics, Vol. 15, PP. 747-768.
Kaminsky. G., Reinhart. C., and C. Vegh. (2004), "When it Rains it Pours: Procyclical Capital
Flows and Macroeconomic Policies", NBER Working Papers No. 10780, Cambridge, Ma.
Kandil. M. (1991), "Structural Differences between Developed and Developing Countries: Some
Evidence and Implications", Economic Notes, Vol. 20, PP. 254-278.
Karagöz. K., and R. Keskin. (2016), "Impact of Fiscal Policy on the Macroeconomic Aggregates
280
قائمة المراجع
in Turkey: Evidence from BVAR Model", Procedia Economics and Finance, Vol. 38, PP. 408 –
420.
Karl. T.L. (1997), "The Paradox of Plenty: Oil Booms and Petro-States", Studies in International
Political Economy, 26, Berkeley, University of California Press, P. 23.
Karl. T.L. (2005), "Understanding the Resource Curse", in: Tsalik. S., and Schiffrin. A., (Eds.),
Covering Oil: A Reporter’s Guide to Energy and Development, New York: Open Society
Institute, PP. 21-26.
Keane. M.P., and E.S. Prasad. (1996), "The Employment and Wage Effects of Oil Price
Changes: A Sectoral Analysis", Review of Economics and Statistics, Vol. 78, PP. 389-400.
Khan. M.S., and M.D. Knight. (1981), "Stabilization Programs in Developing Countries", IMF
Staff Papers, Vol. 28, PP. 1-53.
Kilian. L. (2008b), "The Economic Effects of Energy Price Shocks", Journal of Economic
Literature, Vol. 46, No. 04, PP. 871-909.
Kilian. L. (2008a), "Exogenous Oil Supply Shocks: How Big Are They and How Much Do They
Matter for the U.S. Economy?", Review of Economics and Statistics, Vol. 90, PP. 216-240.
Kilian. L. (2009a), "Comment on ‘Causes and Consequences of the Oil Shock of 2007-08’ by
James D. Hamilton", Brookings Papers on Economic Activity, No. 1, Spring 2009, PP. 267-278.
Kilian. L. (2009b), "Oil Price Shocks, Monetary Policy and Stagflation", forthcoming in: R. Fry,
C. Jones, and C. Kent (eds), Inflation in an Era of Relative Price Shocks, Sydney, 2009.
Kilian. L. (2009c), "Not All Oil Price Shocks Are Alike: Disentangling Demand and Supply
Shocks in the Crude Oil Market", American Economic Review, Vol. 99, No. 03, PP. 1053-1069.
Kilian. L. (2010b), "Oil Price Volatility: Origins and Effects", Background paper prepared for
the World Trade Report 2010, “Trade in Natural Resources: Challenges in Global
Governance”, Staff Working Paper ERSD-2010-02, World Trade Organization, January.
Kilian. L., and C. Park. (2009), "The Impact of Oil Price Shocks on the U.S. Stock Market",
International Economic Review, Vol. 50, PP. 1267-1287.
Kilian. L., and D. Murphy. (2012), "Why Agnostic Sign-Restrictions Are Not Enough:
Understanding the Dynamics of the Oil Market VAR Models" Journal of European Economic
Association, Vol. 10, No. 5, October, PP. 1116–1188.
Kilian. L., and D.P. Murphy. (2014), "The Role of Inventories and Speculative Trading in the
Global Market for Crude Oil", Journal of Applied Econometrics, Vol. 29, Issue. 3, April/May,
PP. 454-478.
Kilian. L., and L. Lewis. (2009), "Does the Fed Respond to Oil Price Shocks?", mimeo,
Department of Economics, University of Michigan.
Kilian. L., and R. Vigfusson. (2009), "Pitfalls in Estimating Asymmetric Effects of Energy Price
Shocks", mimeo, Department of Economics, University of Michigan.
Kilian. L., and T. Lee. (2013) "Quantifying the Speculative Component in the Real Price of Oil:
The Role of Global Oil Inventories", from Understanding Commodity Market Fluctuations,
IMF-Oxford Conference, Washington DC., March (2013), and forthcoming in the Journal of
International Money and Finance.
Kim. I.M., and P. Loungani. (1992), "The Role of Energy in Real Business Cycle Models",
Journal of Monetary Economics, Vol. 29, PP. 173-189.
King. R., and C. Plosser. (1984), "Money, Credit and Prices in Real Business Cycle", American
Economic Review, Vol. 74, PP. 363-380.
Kneller. R., Bleaney. M., and N. Gemmell. (1998), "Growth, Public Policy and the Government
Budget Constraint: Evidence from OECD Countries", University of Nottingham, Department of
Economics Discussion Paper, No. 98/14.
Knittel. C.R., and R.S. Pindyck, (2013), "The Simple Economics of Commodity Price
Speculation", NBER Working Paper Series, No. 18951.
281
قائمة المراجع
282
قائمة المراجع
283
قائمة المراجع
Exporting Countries: A Comparative Study", Economic Modeling, Vol. 24, No. 3, PP. 365–379.
Mehrara. M., and M. Mohaghegh. (2011), "Macroeconomic Dynamics in the Oil Exporting
Countries: A Panel VAR study", International Journal of Business and Social Science, Vol. 2,
No. 21, November, PP. 288-295.
Mendoza. O., and D. Vera. (2010), "The Asymmetric Effects of Oil Shocks on an Oil-exporting
Economy", Cuadernos de Economía, Vol. 47, May, PP. 3-13.
Mikesell. R. (1997), "Explaining the Resource Curse, With Special Reference to Mineral-
Exporting Countries", Resources Policy, Vol. 23, No. 4, PP. 191-199.
Miller. M., R. Skidelsky., and P. Weller. (1990), "Fear of Deficit Financing: Is it Rational?", in:
Public Debt Management: Theory and History, ed. By R. Dornbusch and M. Draghi, Cambridge
University Press, Cambridge and New York, PP. 293-310.
Mohaddes. K., and M.H. Pesaran. (2013), "One Hundred Years of Oil Income and the Iranian
Economy: A Curse Or A Blessing?", CESifo Working Paper: Empirical and Theoretical
Methods, No. 4118.
Moosa. I.A. (1992), "The Demand for Money in India: A Cointegration Approach", The Indian
Economic Journal, Vol. 40, PP. 101-115.
Moran. C., (1983), "Export Fluctuations and Economic Growth", Journal of Development
Economics, Vol. 12, No. 1, PP. 195-218.
Mork. K.A. (1989), "Oil and the Macroeconomy When Prices Goes Up and Down: An Extension
of Hamilton’s Results", Journal of Political Economy, Vol. 97, No. 3, PP.740-744.
Mork. K.A. (1994), "Business Cycles and the Oil Market", The Energy Journal, Vol. 15, PP. 15-
38.
Mork. K.A., Ø. Olsen, and H.T. Mysen. (1994), "Macroeconomic Responses to Oil Price
Increases and Decreases in Seven OECD Countries", The Energy Journal, Vol. 15, No. 4, PP.19-
35.
Mory. J.F. (1993), "Oil Prices and Economic Activity: Is the Relationship Symmetric?", Energy
Journal, Vol. 14, No. 4, PP. 151-161.
Mountford. A., and H. Uhlig. (2005), "What Are the Effects of Fiscal Policy Shocks?", SFB 649
Discussion Paper 2005-039, Humboldt University, Berlin.
Murphy. K.M., A. Shleifer., and R.W. Vishny. (1989), "Industrialization and the Big Push",
Journal of Political Economy, Vol. 97, PP. 1003-1026.
Muth. J.F. (1961), "Rational Expectations and the Theory of Price Movements", Econometrica,
Vol. 29, No. 03 July, PP. 315-335.
Naka. A., and D. Tufte. (1997), "Examining Impulse Response Functions in Cointegrated
Systems", Applied Economics, Vol. 29, No. 12, PP. 1593-1603.
Nakov. A., and A. Pescatori, (2010), "Oil and the Great Moderation", Economic Journal, Royal
Economic Society, Vol. 120, No. 543, PP. 131–156.
Neicheva. M. (2006), "Non-Keynesian Effects of Government Expenditure on Output in
Bulgaria: An HP Filter Approach", Post-Communist Economies, Vol. 18, No. 1, PP. 1-12.
Nelsson. C.R., and C. I. Plosser. (1982), "Trend and Random Walks in Macroeconomic Time
Series: Some evidence and implications", Journal of Monetary economics, Vol. 10, PP.139-162.
Olayungbo. D.O. (2013), "Government Spending and Inflation in Nigeria: An Asymmetry
Causality Test", International Journal of Humanities and Management Sciences, Vol. 1, Issue 4,
PP. 238-242.
Olomola. P.A., and A.V. Adejumo. (2006), "Oil Price Shock and Macroeconomic Activities in
Nigeria", International Research Journal of Finance and Economics, Issue 3, PP. 28-34.
Olson. M. (1988), "The Productivity Slowdown, the Oil Shocks, and the Real Cycle", Journal of
Economic Perspectives. Fall, Vol. 2, No. 4, PP. 43-69.
Omisakin. A. (2008), "Oil price shocks and the Nigerian economy", Med Well Journal, Vol. 42,
284
قائمة المراجع
PP.1-7.
Ossowski. R., Villafuerte. M., Medas. P., and T. Thomas. (2008), "Managing the Oil Revenue
Boom: the Role of Fiscal Institutions", IMF Occasional Paper No. 260, Washington DC.
Owoye. O., Nyatepe-Coo. A.A., and O.A. Onafowora. (1995), "Another Look at the Evidence on
the Efficacy of Monetary and Fiscal Policies in Developing Countries: An Application of the St.
Louis Equation", Indian Economic Journal, Vol. 43, No. 1, PP. 127-139.
Palm. F.C. (1987), "Time Series and Econometric Models with Unobservables", in: Economic
Notes by Monte Dei Paschi Di Siena, Four Monthly Review, PP. 22-38.
Papapetrou. E. (2001), "Oil Price Shocks, Stock Market, Economic Activity and Employment in
Greece", Energy Economics, Vol. 23, No.5, PP. 511-532.
Parkyn. O., and T. Vehbi. (2013), "The Effects of Fiscal Policy in New Zealand: Evidence from
a VAR Model with Debt Constraints", New Zealand Treasury Working Paper, No. 13/02,
January.
Peacock. A.T., and J. Wiseman. (1961), "The Growth of Public Expenditure in the United
Kingdom", NBER General Series, No. 72, Published by Princeton University Press, Princeton.
Pelagidis. T., and E. Desli. (2004), "Deficits, Growth, and the Current Slowdown: What Role for
Fiscal Policy?", Journal of Post Keynesian Economics, Vol. 26, No. 03, Spring, PP. 461-469.
Perotti R. (2005), "Estimating the Effects of Fiscal Policy in OECD Countries", CEPR
Discussion Paper No. 4842.
Perotti. R. (1999), "Fiscal Policy in Goods Times and Bad", Quarterly Journal of Economics,
Vol. 114, No. 4, PP. 1399-1436.
Perry. G.L., and C.L. Schultz. (1993), "Was This Recession Different? Are They All Different?",
Brookings Papers on Economic Activity, No. 1, PP. 145–211.
Phillips. P.C.B. (1986), "Understanding Spurious Regression in Economics", Journal of
Econometrics, Vol. 33, PP. 311-340.
Phillips. P.C.B. (1991), "Optimal Inference in Cointegrated Systems", Econometrica, Vol. 59,
PP.283-306.
Phillips. P.C.B., and J.Y. Park. (1988), "Statistical Inference in Regressions with Integrated
Processes: Part 1", Econometric Theory, Vol. 4, PP. 468-497.
Phillips. P.C.B., and J.Y. Park. (1989), "Statistical Inference in Regressions with Integrated
Processes: Part 2", Econometric Theory, Vol. 5, PP. 95-131.
Piasecki. R., and E.B. Wulf. (2014), "Fiscal Policy Rules: Evidence From Chilean Economy",
Review of Business and Finance Studies, Vol. 5, No. 2, PP. 45-54.
Pierce. J.L., and Enzler. J.J. (1974), "The Effects of External Inflationary Shocks", Brookings
Papers on Economic Activity 1, PP. 13-61.
Pieschacón. A. (2009a), "Implementable Fiscal Rules for an Oil-Exporting Small Open Economy
Facing Depletion", OxCarre Research Paper No. 2009-19, University of Oxford, Oxford.
Pieschacón. A. (2009b), "Oil Booms and Their Impact through Fiscal Policy", manuscript,
Stanford University, Stanford, California.
Pindyck. R.S. (1991), "Irreversibility, Uncertainty and Investment", Journal of Economic
Literature, Vol. 29, No. 3, PP. 1110-1148.
Prebisch. R. (1950), "The Economic Development of Latin America and its Principal Problems",
Economic Commission For Latin America, United Nations, Department of Economic Affairs,
New York.
Rakshit. M. (1987), "On the Inflationary Impact of Budget Deficit", Economic and Political
Weekly, Vol. 22, No. 19/21, Annual Number, May, PP. AN35-AN37+AN39-AN42.
Ramey. V.A., and M.D. Shapiro. (1998), "Costly Capital Reallocation and the Effects of
Government Spending", Carnegie-Rochester Conference Series on Public Policy, 48, North-
Holland, June, PP. 145–194.
285
قائمة المراجع
Ran. J., and J.P. Voon. (2012), "Does Oil Price Shock Affect Small Open Economies?, Evidence
From Hong Kong, Singapore, South Korea and Taiwan", Applied Economics Letters, Vol. 19,
PP. 1599-1602.
Rasche. R.H., and J.A. Tatom, (1977a), "The Effects of the New Energy Regime on Economic
Capacity, Production, and Prices", Federal Reserve Bank of St. Louis Review, Vol. 59, No. 4,
PP. 2-12.
Rasche. R.H., and J.A. Tatom, (1977b), "Energy Resources and Potential GNP", Federal Reserve
Bank of St. Louis Review, Vol. 59, No. 6, PP. 10-24.
Rasche. R.H., and J.A. Tatom. (1977c), "Potential Output and its Growth Rate. The dominance
of Higher Energy Costs in the 1970’s", Proceedings of the Second Annual Economic Policy
Conference of the Federal Reserve Bank of St. Louis, December.
Rasche. R.H., and J.A. Tatom. (1981), "Energy Price Shocks, Aggregate Supply and Monetary
Policy: The Theory and the International Evidence", in: Brunner and Metzler ed., “Supply
Shocks, incentives and national wealth”, Carnegie-Rochester Conference Series on Public
Policy, 14(1), PP. 9-93.
Ravnik. R., and I. ŽiliĆ. (2011), "The Use of SVAR Analysis in Determining the Effects of
Fiscal Shocks in Croatia", Financial Theory and Practice, Vol. 35, No. 1, PP. 25-58.
Reinhart. C.M., Rogoff. K.S, and M.A. Savastano. (2003), "Debt Intolerance", Brookings Papers
on Economic Activity, Vol. 1, PP. 1–74.
Restrepo. J., and H. Rincón. (2006), "Identifying Fiscal Policy Shocks In Chile And Colombia",
Borradores de Economía, No. 397, Banco de la República.
Rezazadehkarsalari. A., Haghiri. F., and A. Behrooznia. (2013), "The Effects of Oil Price Shocks
on Real GDP in Iran", African Journal of Business Management, Vol. 7, No. 33, PP. 3220 -
3232, September.
Robays. I.V. (2012), "Macroeconomic uncertainty and the impact of oil shocks", European
Central Bank Working Paper Series, No 1479, October.
Robinson. J.A., Torvik. R., and T. Verdier. (2006), "Political Foundations of the Resource
Curse", Journal of Development Economics, Vol. 79, No. 2, PP. 447-468.
Romer. C.D., and D.H. Romer. (1994), "What Ends Recessions?", in NBER Macroeconomics
Annual 1994, ed. By O. Blanchard and S. Fischer, Cambridge, Massachusetts, National Bureau
of Economic Research.
Romp. W., and J. de Haan. (2007), "Public Capital and Economic Growth: A Critical Survey",
Perspektiven der Wirtschaftspolitik, Vol. 8, PP. 6-52.
Rosser. J.B., and G.R. Sheehan. (1995), "A Vector AutoRegressive Model for Saudi Arabian
Economy", Journal of Economics and Business, Vol. 47, No. 1, PP. 79-90.
Rotemberg. J.J., and M. Woodford. (1993), "Dynamic General Equilibrium Models with
Imperfectly Competitive Product Market", NBER Working Papers No. 4502, Cambridge, Ma.
Rotemberg. J.J., and M. Woodford. (1996), "Imperfect Competition and the Effects of Energy
Price Increases on Economic Activity", Journal of Money, Credit, and Banking, Vol. 28, PP.
549-577.
Sachs J.D., and A.M. Warner. (1999b), "Natural Resource Intensity and Economic Growth", In:
Chambers. B., Farooq. A., and J. Mayer. (eds). “Development Policies in Natural Resource
Economies”, Edward Elgar, Cheltenham, PP. 13–38.
Sachs. J.D., and A.M. Warner. (1995), "Natural Resource Abundance and Economic Growth",
NBER Working Paper No. 5398, Cambridge, Ma, PP. 1-47.
Sachs. J.D., and A.M. Warner. (1997b), "Sources of Slow Growth in African Economies",
Journal of African Economies, Vol. 6, No. 3, PP. 335–376.
Sachs. J.D., and A.M. Warner. (1997c), "Fundamental Sources of Long-run Growth", American
Economic Review, Vol. 87, No. 2, PP. 184–188.
286
قائمة المراجع
Sachs. J.D., and A.M. Warner. (1999a), "The Big Push, Natural Resource Booms and Growth",
Journal of Development Economics, Vol. 59, PP. 43-76.
Sachs. J.D., and A.M. Warner. (2001), "The Curse of Natural Resources", European Economic
Review, Vol. 45, No. 4, PP. 827-838.
Saito. J. (1997), "The Japanese Business Cycle after 1991: How is it Different, and Why?",
Journal of Asian Economics, Vol. 8, PP. 263-293.
Sala-i-Martin. X., and A. Subramanian. (2003), "Addressing the Natural Resource Curse: An
Illustration from Nigeria", NBER Working Paper Series, No. 9804, Cambridge, Ma.
Saleh. A.S. (2003), "The Budget Deficit and Economic Performance: A Survey", University of
Wollongong Economics Working Paper Series 2003, WP 03-12, September.
Saman. M., and R.S. Pindyck. (1987), "Time to Build, Option Value, and Investment Decisions",
Journal of Financial Economics, Vol. 18, PP. 7-27.
Sandbu. M.E. (2006), "Natural Wealth Accounts: A Proposal for Alleviating the Natural
Resource Curse", World Development, Vol. 34, No. 7, PP. 1153-1170.
Sargent. T., and N. Wallace. (1975), "Rational Expectations, the Optimal Monetary Instrument,
and the Optimal Money Supply Rule", Journal of Political Economy, Vol. 83, PP. 241-254.
Sargent. T.J., and C.A. Sims. (1977). "Business Cycle Modeling Without Pretending to Have
Too Much A Prior Economic Theory", in: FRB of Minneapolis, New Methods in Business Cycle
Research, Office of Public Information, Minnesota, PP.45-109.
Sargent. T.J., and N. Wallace. (1976), "Rational Expectations and the Theory of Economic
Policy", Journal of Monetary Economics, Vol. 2, No. 2, PP. 169-189.
Seater. J.J. (1993), "Ricardian Equivalence", Journal of Economic Literature, Vol. 31, March,
PP. 142-190.
Senbet. D. (2011), "The Relative Impact of Fiscal Versus Monetary Actions on Output: A Vector
Autoregressive (VAR) Approach", Business and Economic Journal, Vol. 25, PP. 1-11.
Servén. L., and A. Solimano eds., (1993), "Striving for Growth after Adjustment: The Role of
Capital Formation", World Bank, Washington.
Sims. A.C. (1980), "Macroeconomics and Reality", Econometrica, Vol. 48, January, PP.1-48.
Sims. C.A. (1972), "Money, income, and Causality", American Economic Review, Vol. 62, No.
4, PP.540-552.
Sims. C.A. (1982), "Policy Analysis with Econometric Model", Brooking Papers on Economic
Activity, 1, PP.107-164.
Sims. C.A. (1992). "Interpreting The Macroeconomic Time Series Facts: The Effects of
Monetary Policy", European Economic Review, Vol. 36, No. 5, PP. 875-1011.
Sims. C.A., Stock. J.H., and M.W. Watson. (1990), "Inference in Linear Time Series Models
With Some Unit Roots", Econometica, Vol. 58, P.113-144.
Sims. C.A., and T. Zha. (1996), "Bayesian Methods for Dynamic Multivariate Models", Federal
Reserve Bank of Atlanta Working Paper, No. 96-13, October.
Singleton. K.J. (2011), "Investor Flows and the 2008 Boom/Bust in Oil Prices", Graduate School
of Business, Stanford University, mimeo.
Spilimbergo. A., S.A. Symansky., and M. Schindler (2009), "Fiscal Multipliers", IMF Staff
Position Note. SPN/09/11.
Stan Standaert. (1984),"Inflation réprimée et demande d’encaisse: une illustration économétrique
pour l’Algérie", Cahier de l’Institut des Sciences Economiques, N°. 04, Université d’Alger, juin.
Steigum. E., and Ø. Thøgersen. (1995). "Petroleum Wealth, Debt Policy, and Intergenerational
Welfare: The Case of Norway", Journal of Policy Modeling, Vol. 17, No. 4, PP. 427-442.
Stein. E., Talvi E., and A. Grisanti. (1998), "Institutional Arrangements and Fiscal Performance:
The Latin American Experience", NBER Working Papers No 6358, Cambridge, Ma.
287
قائمة المراجع
Stein. J.L. (1981), "Monetarist, Keynesian, and New Classical Economics", The Amirican
Economic Review, Vol. 71, Issue. 02, AEA Papers and Proceedings, May, PP. 139-144.
Stevens. P. (2003), "Resource Impact: Curse or Blessing?, A Literature Review", Centre for
Energy, Petroleum and Mineral Law and Policy, University of Dundee, mimeo.
Stevens. P., and J. Mitchell. (2008), "Resource Depletion, Dependence and Development: Can
Theory Help?", Chatham House Programme Paper, London, June.
Stock. S.H. (1987), "Asymptotic Properties of Least-Squares Estimators of Cointegrating
Vectors", Econometrica, Vol. 55, PP.1035-1056.
Strongin. S. (1995), "The Identification of Monetary Policy Disturbances Explaining the
Liquidity Puzzle", Journal Of Monetary Economics, Vol. 35, Issue. 3, PP. 463-497.
Sturm. M., and N. Siegfried. (2005), "Regional Monetary Integration in the Member States of the
Gulf Cooperation Council (GCC)", ECB Occasional Paper No. 31, Frankfurt am Main.
Sturm. M., Gurtner. F., and J.G. Alegre. (2009), "Fiscal Policy Challenges in Oil-Exporting
Countries: A Review of Key Issues", ECB Occasional Paper, No. 104, June.
Sutherland. A. (1997), "Fiscal Crises and Aggregate Demand: Can High Public Debt Reverse the
Effects of Fiscal Policy?", Journal of Public Economics, Vol. 65, August, PP. 147-162.
Syrous. K.K., Ayser. P.S., and S. Marjorie. (2006),"The Impact of Oil Prices on Employment",
International Research Journal of Finance and Economics, Issue 5, PP. 136-154.
Talvi. E., and C. Vegh. (2000), "Tax Base Variability and Procyclical Fiscal Policy", NBER
Working Papers No. 7499, Cambridge, Ma.
Tang. K., and W. Xiong. (2010), "Index Investment and Financialization of Commodities",
NBER Working Papers, National Bureau of Economic Research, Inc.
Tanzi. V. (1986), "Fiscal Policy Responses to Exogenous Shocks in developing Countries",
American Economic Review, Vol. 76, PP. 88-91.
Tanzi. V., and H. Davoodi. (1997), "Corruption, Public Investment and Growth", IMF Working
Paper No. 97/139, October, Washington DC.
Tatom. J.A. (1988), "Are the Macroeconomic Effect of Oil Price Changes Symmetric?»,
Carnegie- Rochester Conference Series on Public policy, 28, PP. 325-368.
Tersman. G. (1991), "Oil, National Wealth, and Current and Future Consumption Possibilities",
IMF Working Paper No. 91/60, Washington DC.
Tešić. A., D. Ilić., and A.T. Đelić. (2014), "Consequences of Fiscal Deficits and public Debt in
Financing the Public Sector", Economics of Agriculture, Vol. 61, No. 1, PP. 177-194.
Tobin. J. (1980), "Stabilization Policy Ten Years After", Brookings Papers on Economic
Activity 1, PP. 19-71.
Tornell. A., and P.R Lane. (1999), "Voracity and Growth", American Economic Review, Vol.
89, PP. 22–46.
Torres. N., Ó. Afonso., and I. Soares. (2013), "A Survey of Literature on the Resource Curse:
Critical Analysis of the Main Explanations, Empirical Tests and Resource Proxies", CEFUP
Working Paper, 2013-02.
Torvik. R. (2002), "Natural Resource Rent Seeking and Welfare", Journal of Development
Economics, Vol. 67, No. 2, PP. 455-470.
Torvik. R. )2009(, "Why do Some Resource Abundant Countries Succeed While Others do
not?", Oxford Review of Economic Policy, Vol. 25, No. 2, PP. 241-256.
Unalmis. D., Unalmis. I., and D.F. Unsal. (2009), "On the Sources of Oil Price Fluctuations",
IMF Working Paper, WP/09/285, December.
Unalmis. D., Unalmis. I., and D.F. Unsal. (2012), "On Oil Price Shocks: The Role of Storage",
IMF Economic Review, No. 60, PP. 505-532.
Usenobong. F.A., and A.A. Johnson. (2015), "Macroeconomic Effects of Fiscal Policy Shock in
Nigeria: A SVAR Approach", International Journal of Business and Economics Research, Vol.
288
قائمة المراجع
289
قائمة المراجع
July.
El-Anshasy. A., Bradley. M.D., and F. Joutz. (2005), "Evidence on the Role of Oil Prices in
Venezuelas Economic Performance: 1950-2001", Paper Prepared for 25th Annual North
American Conference of the USAEE/IAEE, September 18-21.
Hooker. M.A. (1996c), "Exploring the Robustness of the Oil Price-Macroeconomy Relationship:
Empirical Specifications and the Role of Monetary Policy", Paper presented at the DOE
Conference, “International Energy Security: Economic Vulnerability to Oil Price Shocks”,
October ,Washington DC.
Tanzi. V. (2004), "Fiscal Policy When Theory Collides With Reality", Paper Presented at the
Congress of the International Institute of Public Finance, Bocconi university, Milan, August 25.
:المراجع اإللكترونيّة
www.bank-of-algeria.dz
www.businessinsider.com
www.econbrowser.com
www.eia.gov
www.imf.org
www.jstor.org
www.mem-algeria.org
www.mf.gov.dz
www.oapecorg.org
www.ons.dz
www.opec.org
www.peakoil.net
www.worldbank.org
290
المالحق
.المالحق
292
المالحق.
الجدول ( :)1-Iتطورات األسعار المعلنة للخام األمريكي (خام بنسلفانيا) للفترة (.)1899-1860
نسبة النمو السنوي السعر المعلن السنوات نسبة النمو السنوي السعر المعلن السنوات
()% (/$ب) ()% (/$ب)
10,5 0,95 1880 ـ 9,59 1860
-9,5 0,86 1881 -94,9 0,49 1861
-9,3 0,78 1882 114,3 1,05 1862
28,2 1,00 1883 200,0 3,15 1863
-16,0 0,84 1884 155,9 8,006 1864
4,8 0,88 1885 -18,2 6,59 1865
-19,3 0,71 1886 -43,2 3,74 1866
-5,6 0,67 1887 -35,6 2,41 1867
31,3 0,88 1888 50,6 3,63 1868
6,8 0,94 1889 0,3 3,64 1869
-7,4 0,87 1890 6,0 3,86 1870
-23,0 0,67 1891 12,4 4,34 1871
-16,4 0,56 1892 -16,1 3,64 1872
14,3 0,64 1893 -49,7 1,83 1873
31,25 0,84 1894 -36,1 1,17 1874
61,9 1,36 1895 15,4 1,35 1875
-13,2 1,18 1896 89,6 2,56 1876
-33,1 0,79 1897 -5,5 2,42 1877
15,2 0,91 1898 -50,8 1,19 1878
41,8 1,29 1899 -27,7 0,86 1879
المصدر :الرومي نواف ،)2000( .ص.76-75 .
الجدول ( :)2-Iتطورات األسعار المعلنة للخام األمريكي (متوسط أسعار خامات الو.م.أ) للفترة(.)1935-1900
نسبة النمو السنوي ()% س .م (/$ب) السنوات نسبة النمو السنوي()% س .م (/$ب) السنوات
26,9 1,98 1918 ـ 1,19 1900
1,5 2,01 1919 -19,3 0,96 1901
52,7 3,07 1920 -16,7 0,80 1902
-43,6 1,73 1921 17,5 0,94 1903
-6,9 1,61 1922 -8,5 0,86 1904
-16,8 1,34 1923 -27,9 0,62 1905
6,7 1,43 1924 17,7 0,73 1906
17,5 1,68 1925 -1,4 0,72 1907
11,9 1,88 1926 0,0 0,72 1908
-30,9 1,30 1927 -2,8 0,70 1909
-10,0 1,17 1928 -12,9 0,61 1910
8,5 1,27 1929 0,0 0,61 1911
-6,3 1,19 1930 21,3 0,74 1912
-45,4 0,65 1931 28,4 0,95 1913
33,8 0,87 1932 -14,7 0,81 1914
-23,0 0,67 1933 -21,0 0,64 1915
49,25 1,00 1934 71,9 1,10 1916
-3,0 0,97 1935 41,8 1,56 1917
المصدر :الرومي نواف ،)2000( .ص.80-79 .
293
المالحق.
الجدول ( :)3-Iتطور األسعار المعلنة للخام األمريكي في خليج المكسيك ) (FOBخالل الفترة (.)1944-1936
نسبة النمو السنوي ()% س .م (/$ب) السنوات نسبة النمو السنوي()% س .م (/$ب) السنوات
11,8 1,14 1941 - 1,09 1936
4,4 1,19 1942 8,2 1,18 1937
0,8 1,20 1943 -4,2 1,13 1938
0,8 1,21 1944 -9,7 1,02 1939
0,0 1,02 1940
المصدر :الرومي نواف ،)2000( .ص.81 .
الجدول ( :)4-Iتطورات األسعار المعلنة لكل من الخام العربي والخام األمريكي في الخليجين العربي
والمكسيكي للفترة (.)1949-1945
الخام األمريكي )،(34°الخليج المكسيكي )(FOB الخام العربي ) ،(34°الخليج العربي )(FOB
نسبة النمو )(% س.م (/$ب) نسبة النمو )(% س.م (/$ب) التاريخ
- 1,36 - 1,05 1945
25,0 1,70 0,0 1,05 1946
57,6 2,68 14,3 1,20 مارس 1947
0,0 2,68 32,1 1,60 ديسمبر 1947
0,0 2,68 28,7 2,06 يناير 1948
0,0 2,68 5,8 2,18 مارس 1948
0,0 2,68 -6,9 2,03 أبريل 1949
0,0 2,68 -7,4 1,88 يوليو 1949
3,0 2,76 -6,9 1,75 ديسمبر 1949
المصدر :الرومي نواف ،)2000( .ص.82 .
الجدول ( :)5-Iتطورات األسعار المعلنة ٍّ
لكل من الخام :العربي ،األمريكي والفنزويلي للفترة (.)1960-1949
الخام األمريكي الخام الفنزويلي الخام العربي
نسبة النمو س.م (/$ب) نسبة النمو س.م (/$ب) نسبة النمو س.م (/$ب) التاريخ
)(% )(% )(%
- 2,76 - 2,65 - 1,75 1949
0,00 2,76 0,00 2,65 0,00 1,75 1950
0,00 2,76 0,00 2,65 0,00 1,75 1951
0,00 2,76 0,00 2,65 0,00 1,75 1952
0,00 2,76 0,00 2,65 0,00 1,75 أبريل 1953
8,69 3,00 9,43 2,90 12,57 1,97 يونيو 1953
0,00 3,00 -2,75 2,82 0,00 1,97 1955
8,3 3,25 8,86 3,07 7,61 2,12 يناير -يونيو
1957
-3,4 3,14 -4,88 2,92 -8,49 1,94 فبراير 1959
0,00 3,14 -3,42 2,82 0,00 1,94 أبريل 1959
0,00 3,14 0,00 2,82 -5,15 1,84 أغسطس 1960
المصدر - :الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص.397 .
-الرومي نواف ،)2000( .ص.83 .
-قام الباحث بحساب النسب الواردة في الجدول.
294
المالحق.
الجدول ( :)6-Iتطورات األسعار المعلنة لبرميل خام القياس –العربي الخفيف ) -(34°للفترة (.)1970-1960
نسبة النمو ()% السعر المعلن التاريخ نسبة النمو ()% السعر المعلن التاريخ
(/$ب) (/$ب)
0,00 1,80 1969-1968 0,00 1,80 1960
0,00 1,80 1970/1/1 0,00 1,80 1961
0,00 1,80 1970/11/14 0,00 1,80 1965-1962
0,00 1,80 1967-1966
المصدر - :الرومي نواف ،)2000( .ص.84 .
-قام الباحث باستخراج النسب الواردة في الجدول.
الجدول ( :)7-Iتطورات األسعار المعلنة (واألسعار الرسمية) لبرميل خام القياس –العربي الخفيف )-(34°
خالل الفترة (.)1979-1971
نسبة النمو()% السعر المعلن أو التاريخ نسبة النمو ()% السعر المعلن أو التاريخ
السعر الرسمي السعر الرسمي
(/$ب) (/$ب)
131,8 11,651 1974/1/1 - 1,800 1971/2/14
-3,4 11,251 1974/4/8 21,1 2,180 1971/2/15
٭
0,0 11,251 1975/1/1 5,0 2,290 1971/6/1
2,3 11,510 1975/10/1 8,2 2,479 1972/1/20
0,0 11,510 1975/11/1 4,5 2,590 1973/1/1
5,0 12,090 1977/1/1 5,8 2,740 1973/4/1
5,0 12,700 1977/7/1 5,8 2,898 1973/6/1
5,0 13,335 1979/1/1 2,1 2,960 1973/7/1
9,1 14,546 1979/4/1 3,7 3,070 1973/8/1
23,7 18,00 1979/7/1 -1,9 3,010 1973/10/15
33,3 24,00 1979/10/1 70,1 5,119 1973/10/16
0,0 24,00 1980/1/1 1,2 5,180 1973/11/1
0,0 24,00 1980/1/15 -2,8 5,036 1973/12/1
المصدر - :الدوري محمد أحمد ،)2003( .ص.417-416 .؛ -الرومي نواف ،)2000( .ص.154 .
٭ ب ْدأ سريان السعر الرّ سمي للنفط العربي الخام بمقدار يساوي ( )93%من السعر المعلن.
** ب ْدأ سريان سعر اإلشارة لسلة خامات أوبك.
295
المالحق.
الجدول ( :)10-Iتطورات السعر الفوري لسلة خامات أوبك خالل الفترة (.)2014-2000
نسبة النمو متوسط سعر اإلشارة السنوات نسبة النمو متوسط سعر اإلشارة السنوات
السنوي ()% لسلة أوبك (/$ب) السنوي ()% لسلة أوبك (/$ب)
36,61 94,4 2008 - 27,6 2000
-35,38 61,0 2009 -16,30 23,1 2001
26,88 77,4 2010 5,19 24,3 2002
38,88 107,5 2011 16,04 28,2 2003
1,86 109,5 2012 27,65 36,0 2004
-3,28 105,9 2013 40,55 50,6 2005
-9,15 96,2 2014 20,55 61,0 2006
13,27 69,1 2007
المصدر :منظمة البلدان العربية المصدرة للبترول-أوابك" ،)2015( .تقرير األمين العام السنوي الثاني
واألربعون" ،ص.82 .
-قام الباحث بحساب النسب الواردة في الجدول.
الشكل ( :)2-Iتطور اإلحتياطات العالمية المثبتة من النفط الخام خالل الفترة ( .)2014-1960الوحدة(bn b):
Source: Organization of the Petroleum Exporting Countries . (2015), "OPEC Annual Statistical
Bulletin 2014", 50th Edition, Vienna, Austria, P. 24.
296
المالحق.
الوحدة(mb/d) : الشكل ( :)3-Iتطور اإلنتاج العالمي من النفط الخام خالل الفترة (.)2014-1960
)(mb/d الشكل ( :)4-Iتطور الطلب العالمي على النفط الخام خالل الفترة (.)2014-1960
الجدول ( :)11-Iتطور اإلحتياطي ،اإلنتاج والطلب العالمي على النفط الخام خالل الفترة (.1)2014-1970
النمو السنوي في اإلنتاج اإلحتياطي اإلحتياطي الطلب العالمي الطلب العالمي البيان
اإلنتاج العالمي العالمي من العالمي من النفط العالمي من على النفط الخام على النفط
من النفط النفط الخام الخام (معدّل النمو النفط الخام (معدّل النمو الخام
الخام )(% )(1000b/d السنوي )% )(mb السنوي )% )(mb/d
- 45374,6 - 548452 - 43,1 1970
5,97 48087,2 4,16 571284 9,28 47,1 1971
5,20 50592,5 1,35 579022 8,28 51,0 1972
9,19 55243,6 0,62 582654 8,03 55,1 1973
0,72 55644,6 12,33 654526 -1,81 54,1 1974
-4,85 52944,5 -1,78 642842 3,69 56,1 1975
8,50 57449,7 -2,26 628275 5,88 59,4 1976
4,18 59853,7 0,38 630678 4,37 62,0 1977
0,64 60239,2 -1,61 620491 3,54 64,2 1978
4,17 62756,3 1,45 629534 1,71 65,3 1979
-4,87 59695,7 2,92 647973 -4,13 62,6 1980
1
- OPEC Annual Statistical Bulletin (2005), P. 20, 24, 32.; - OPEC Annual Statistical Bulletin (2010), P. 22, 30.
- OPEC Annual Statistical Bulletin (2014). P. 22, 28.
-الوكالة الدولية للطاقة ).(www.eia.gov, Viewed at 03/07th/2017؛ -قام الباحث بحساب النسب الواردة في الجدول.
297
المالحق.
تابع للجدول( :)11-Iتطور اإلحتياطي ،اإلنتاج والطلب العالمي على النفط الخام خالل الفترة (.)2014-1970
-6,21 55987,7 2,33 663085 -3,03 60,7 1981
-4,27 53594,6 4,23 691185 -2,30 59,3 1982
-2,18 52421,1 1,54 701881 -0,50 59,0 1983
1,11 53004,4 5,16 738123 1,35 59,8 1984
-1,35 52286,5 3,46 763691 0,00 59,8 1985
5,40 55111,4 13,33 865495 3,01 61,6 1986
-0,88 54623,7 3,33 894369 2,43 63,1 1987
4,17 56901,7 10,05 984265 3,01 65,0 1988
1,57 57796,4 0,09 985206 1,38 65,9 1989
2,28 59116,4 -0,05 984708 0,45 66,2 1990
-0,66 58725,3 0,37 988398 1,20 67,0 1991
1,03 59331,9 0,63 994667 0,89 67,6 1992
-0,33 59133,0 0,21 996814 0,59 68,0 1993
1,26 59883,5 0,57 1002553 1,02 68,7 1994
0,88 60412,9 0,89 1011574 1,89 70,0 1995
1,93 61583,0 2,23 1034137 2,71 71,9 1996
2,22 62953,7 0,47 1039028 2,50 73,7 1997
4,68 65902,7 -0,69 1031844 0,94 74,4 1998
-3,67 63483,0 1,50 1047360 2,15 76,0 1999
3,77 65879,7 2,43 1072841 0,78 76,6 2000
-0,73 65392,2 1,20 1085807 0,91 77,3 2001
-2,05 64046,4 3,26 1121226 0,64 77,8 2002
5,05 67283,2 1,54 1138574 1,79 79,2 2003
4,89 70578,2 0,57 1145125 4,16 82,5 2004
1,67 71762,9 0,77 1153962 1,81 84,0 2005
-0,15 71649,0 4,81 1209550 1,30 85,1 2006
-0,50 71285,3 0,82 1219470 1,52 86,4 2007
0,67 71767,5 6,11 1293990 -0,46 86,0 2008
-3,89 68969,5 3,27 1336315 -1,39 84,8 2009
1,32 69885,6 9,23 1459765 2,94 87,3 2010
0,77 70426,7 0,55 1467811 1,94 89,0 2011
3,34 72784,6 0,84 1480251 0,89 89,8 2012
0,17 72909,2 0,66 1490134 2,22 91,8 2013
0,70 73420,1 0,18 1492880 0,98 92,7 2014
المثبتة من النفط الخام لدى أعضاء أوبك خالل الفترة ( .)2014-1960الوحدة(bn b):
الشكل(:)5-Iاإلحتياطات ُ
298
المالحق.
الشكل ( :)6-Iتطور إنتاج أعضاء أوبك (بما فيهم الجزائر) من النفط الخام خالل الفترة (.)2014-1960
الوحدة(mb/d) :
الجدول ( :)12-Iتطور اإلحتياطات المثبتة واإلنتاج من النفط الخام في الجزائر خالل الفترة (. 1)2014-1970
النمو السنوي في إنتاج النفط الخام النمو السنوي في اإلحتياطات ال ُمثبتة من البيان
اإلنتاج )(1000b/d اإلحتياطات المثبتة النفط الخام
()% ()% )(mb
- 1029,1 - 08098 1970
663,19 07854 21,51 09840 1971
-086,47 1062,3 -00,91 09750 1972
003,29 1097,3 -21,64 07640 1973
-008,08 1008,6 00,78 07700 1974
-002,57 0982,6 -04,28 07370 1975
009,41 1075,1 -07,73 06800 1976
007,18 1152,3 -02,94 06600 1977
2
000,77 1161,2 -04,54 06300 1978
-000,63 1153,8 33,96 08440 1979
-011,60 1019,9 -02,84 08200 1980
-021,77 0797,8 -01,46 08080 1981
-011,69 0704,5 16,83 09440 1982
-006,18 0660,9 -02,33 09220 1983
005,22 0695,4 -02,38 09000 1984
-003,30 0672,4 -02,00 08820 1985
000,22 0673,9 -00,22 08800 1986
-003,81 0648,2 -02,68 08564 1987
003,81 0672,9 07,42 09200 1988
008,08 0727,3 00,39 09236 1989
007,72 0783,5 -00,38 09200 1990
002,48 0803,0 00,00 09200 1991
-005,79 0756,5 00,00 09200 1992
-001,21 0747,3 00,00 09200 1993
1
- OPEC Annual Statistical Bulletin. )2005(, P. 19, 23.; - OPEC Annual Statistical Bulletin. )2010(, P. 22, 30.
- OPEC Annual Statistical Bulletin (2014), P. 22, 28.
-قام الباحث باستخراج النسب الواردة في الجدول.
2اإلنتاج قبل سنة 1978يتضمن إنتاج ال ُمكثّفات ).(condensates production
299
المالحق.
تابع :الجدول ( :)12-Iتطور اإلحتياطات المثبتة واإلنتاج من النفط الخام في الجزائر خالل الفترة (-1970
.)2014
000,69 0752,5 08,46 09979 1994
000,00 0752,5 00,00 09979 1995
007,06 0805,7 08,22 10800 1996
005,01 0846,1 03,70 11200 1997
-002,22 0827,3 01,01 11314 1998
-009,39 0749,6 00,00 11314 1999
006,18 0796,0 00,00 11314 2000
-002,43 0776,6 00,00 11314 2001
-006,01 0729,9 00,00 11314 2002
029,11 0942,4 04,29 11800 2003
039,15 1311,4 -03,81 11350 2004
003,09 1352,0 08,10 12270 2005
001,24 1368,8 -00,57 12200 2006
000,20 1371,6 00,00 12200 2007
-001,13 1356,0 00,00 12200 2008
-010,32 1216,0 00,00 12200 2009
-002,15 1189,8 00,00 12200 2010
-002,37 1161,6 00,00 12200 2011
003,28 1199,8 00,00 12200 2012
000,23 1202,6 00,00 12200 2013
-000,81 1192,8 00,00 12200 2014
الشكل ( : )7-Iتطور قيمة إجمالي الصادرات وقيمة الصادرات النفطية لدى أعضاء أوبك (بما فيهم الجزائر)
الوحدة(bn $) : خالل الفترة (.)2014-1970
الجدول ( :)13-Iحصة الصادرات النفطية ضمن صادرات االقتصاد الجزائري خالل الفترة (.)2014-1970
الصادرات النفطية الصادرات النفطية الصادرات النفطية إجمالي الصادرات إجمالي الصادرات البيان
( %من إج الصادرات) (النمو السنوي )% )(106 USD (النمو السنوي )% )(106 USD
70,24 - 803,0750 - 1143,330 1970
74,85 -007,84 740,0719 -013,52 988,740 1971
- - - 048,02 1463,590 1972
82,98 - 1949,698 060,53 2349,600 1973
300
المالحق.
تابع للجدول( :)13-Iحصة الصادرات النفطية ضمن صادرات االقتصاد الجزائري خالل الفترة (.)2014-1970
92,51 142,90 4735,975 117,88 5119,420 1974
92,39 002,31 4845,708 002,44 5244,840 1975
93,61 013,03 5477,224 011,55 5851,110 1976
95,99 012,22 6146,777 009,44 6403,560 1977
96,07 005,17 6465,146 005,09 6729,620 1978
97,73 056,55 10121,83 053,90 10356,93 1979
98,45 041,43 14316,04 040,40 14541,43 1980
97,98 004,95 15025,03 005,45 15334,79 1981
97,94 -008,83 13697,16 -008,80 13985,26 1982
98,32 -002,05 13415,93 -002,43 13645,17 1983
97,53 -001,25 13247,27 -000,45 13582,76 1984
97,52 000,48 13311,59 000,49 13650,11 1985
97,51 -039,69 8027,959 -039,68 8232,960 1986
97,40 014,66 9205,089 014,79 9450,810 1987
94,82 -013,10 7999,101 -010,73 8436,090 1988
95,59 022,59 9806,788 021,61 10259,22 1989
96,47 042,31 13956,83 041,01 14467,53 1990
96,88 -007,36 12929,27 -007,75 13345,65 1991
95,85 -009,59 11688,87 -008,62 12194,96 1992
95,24 -011,94 10292,80 -011,37 10807,22 1993
96,56 -008,33 9435,167 -009,58 9771,30 1994
94,56 012,08 10575,34 014,45 11183,73 1995
92,05 024,27 13142,60 027,66 14277,68 1996
96,32 006,32 13974,09 001,61 14507,98 1997
96,22 -023,54 10684,59 -023,46 11104,33 1998
96,48 023,64 13210,43 023,30 13692,40 1999
97,22 069,63 22409,38 068,34 23050,17 2000
96,61 -013,40 19404,54 -012,86 20085,44 2001
96,11 -000,18 19368,58 000,33 20152,51 2002
97,27 030,64 25304,86 029,09 26015,07 2003
97,38 031,52 33282,96 031,37 34178,43 2004
98,03 043,48 47755,24 042,53 48714,92 2005
97,91 017,11 55927,97 017,25 57121,82 2006
97,79 011,04 62107,78 011,18 63511,38 2007
97,58 038,61 86088,26 038,90 88223,26 2008
97,70 -048,72 44140,86 -048,78 45180,00 2009
98,30 027,14 56121,00 026,36 57090,00 2010
98,31 027,69 71661,00 027,67 72888,00 2011
98,39 -001,50 70583,00 -001,58 71736,00 2012
98,37 -009,80 63663,00 -009,78 64714,00 2013
97,27 -008,32 58362,00 -007,29 59996,00 2014
المصدر - :البنك العالمي ).(World Development Indicators (WDI) Data 2015
- Banque d'Algérie. (2015), "Rapport 2014: Evolution Economique et Monétaire En Algérie",
Juillet 2015, P. 164.
-قام الباحث باستخراج النسب الواردة في الجدول.
301
المالحق.
الجدول ( :)14-Iتطور قيمة اإليرادات والنفقات العامة في االقتصاد الجزائري خالل الفترة (.1)2014-1970
اإلنفاق العام اإلنفاق العام اإلنفاق العام اإليرادات العامة اإليرادات العامة اإليرادات البيان
(النمو السنوي ( %من الناتج )(106 DA (النمو السنوي ( %من الناتج العامة
)% الداخلي الخام) )% الداخلي الخام) )(106 DA
- 24,40 5876,000 - 26,19 6306,000 1970
18,12 27,85 6941,000 009,72 27,76 6919,000 1971
18,09 26,95 8197,000 032,64 30,17 9178,000 1972
21,86 28,92 9989,000 020,58 32,04 11067,00 1973
34,22 24,13 13408,00 111,78 42,18 23438,00 1974
42,21 30,96 19068,00 006,88 40,68 25052,00 1975
05,50 27,15 20118,00 004,64 35,38 26215,00 1976
26,61 29,19 25473,00 027,70 38,37 33479,00 1977
18,18 28,71 30106,00 009,86 35,08 36782,00 1978
11,32 26,13 33515,00 026,22 36,20 46429,00 1979
31,33 27,08 44016,00 028,35 36,67 59594,00 1980
30,98 30,11 57655,00 033,20 41,46 79384,00 1981
25,65 34,90 72445,00 -006,47 35,77 74246,00 1982
17,08 36,28 84825,00 008,61 34,49 80644,00 1983
07,98 34,71 91598,00 025,69 38,41 101365,0 1984
08,99 34,23 99841,00 004,42 36,30 105850,0 1985
01,97 34,33 101817,0 -015,26 30,24 89690,00 1986
02,12 33,25 103977,0 003,67 29,73 92984,00 1987
15,12 48,32 119700,0 000,55 37,74 93500,00 1988
04,01 29,49 124500,0 024,49 27,58 116400,0 1989
09,63 24,62 136500,0 031,01 27,50 152500,0 1990
55,38 24,60 212100,0 063,21 28,87 248900,0 1991
98,08 39,09 420131,0 025,29 29,01 311864,0 1992
13,44 40,06 476627,0 000,66 26,38 313949,0 1993
18,82 38,07 566329,0 051,99 32,08 477181,0 1994
34,12 37,88 759617,0 028,19 30,51 611731,0 1995
-04,60 28,19 724609,0 034,88 32,10 825157,0 1996
16,64 30,40 845196,0 012,30 33,33 926668,0 1997
03,61 30,93 875739,0 -016,41 27,36 774511,0 1998
09,81 29,69 961682,0 022,72 29,35 950496,0 1999
22,50 28,57 1178122 066,03 38,27 1578161 2000
12,12 31,25 1321028 -004,60 35,61 1505526 2001
17,38 34,28 1550646 006,48 35,44 1603188 2002
08,99 32,18 1690200 023,15 37,59 1974466 2003
11,92 29,47 1891800 012,93 34,73 2229899 2004
08,46 27,13 2052000 038,24 40,76 3082828 2005
19,54 28,85 2453000 018,07 42,81 3639925 2006
26,72 33,23 3108500 001,31 39,43 3687900 2007
34,82 37,94 4191000 040,74 46,99 5190500 2008
01,31 42,59 4246300 -029,17 36,87 3676000 2009
1
- Office National Des Statistiques, "Rétrospective Statistique 1970-2002", Edition 2005.
- Banque d'Algérie, Rapports Annuels (2002-2015), "Evolution Economique et Monétaire en Algérie".
-قام الباحث بحساب النسب الواردة في الجدول.
302
المالحق.
تابع :الجدول ( :)14-Iتطور قيمة اإليرادات والنفقات العامة في االقتصاد الجزائري خالل الفترة (-1970
.)2014
05,19 37,25 4466900 019,50 36,63 4392900 2010
31,04 40,12 5853600 031,80 39,68 5790100 2011
20,57 43,54 7058100 009,48 39,11 6339300 2012
-14,64 36,19 6024200 -006,02 35,79 5957500 2013
15,86 40,57 6980200 -003,67 33,35 5738400 2014
الجدول ( :)15-Iتطور حصة اإليرادات النفطية ضمن اإليرادات العامة والناتج الداخلي الخام لالقتصاد
الجزائري خالل الفترة (.1)2014-1970
الجباية البترولية الجباية البترولية الجباية البترولية الجباية البترولية إجمالي البيان
(معدل النمو ( %من الناتج ( %من إجمالي (اإليرادات النفطية) اإليرادات العامة
السنوي )% الداخلي الخام) اإليرادات العامة) )(106 DA )(106 DA
- 05,60 21,40 1350,000 6306,000 1970
022,07 06,61 23,81 1648,000 6919,000 1971
098,90 10,77 35,71 3278,000 9178,000 1972
025,50 11,91 37,17 4114,000 11067,00 1973
225,69 24,11 57,16 13399,00 23438,00 1974
000,47 21,86 53,73 13462,00 25052,00 1975
005,75 19,21 54,30 14237,00 26215,00 1976
026,56 20,65 53,82 18019,00 33479,00 1977
-003,62 16,56 47,21 17365,00 36782,00 1978
052,69 20,67 57,11 26516,00 46429,00 1979
042,01 23,17 63,19 37658,00 59594,00 1980
035,30 26,61 64,18 50954,00 79384,00 1981
-018,63 19,97 55,83 41458,00 74246,00 1982
-009,03 16,13 46,76 37711,00 80644,00 1983
016,25 16,61 43,25 43841,00 101365,0 1984
006,71 16,04 44,20 46786,00 105850,0 1985
-054,17 07,22 23,90 21439,00 89690,00 1986
-004,47 06,54 22,02 20479,00 92984,00 1987
017,68 09,72 25,77 24100,00 93500,00 1988
088,79 10,78 39,08 45500,00 116400,0 1989
067,47 13,74 49,96 76200,00 152500,0 1990
111,94 18,73 64,88 161500,0 248900,0 1991
020,00 18,03 62,14 193800,0 311864,0 1992
-007,22 15,11 57,27 179800,0 313949,0 1993
023,56 14,93 46,56 222176,0 477181,0 1994
051,29 16,76 54,95 336148,0 611731,0 1995
047,55 19,29 60,10 495997,0 825157,0 1996
013,86 20,31 60,94 564765,0 926668,0 1997
-032,97 13,37 48,87 378556,0 774511,0 1998
047,96 17,29 58,92 560121,0 950496,0 1999
1
- Office National Des Statistiques, "Rétrospective Statistique 1970-2002", Edition 2005.
- Banque d'Algérie, Rapports Annuels (2002-2015), "Evolution Economique et Monétaire en Algérie".
-قام الباحث بحساب النسب الواردة في الجدول.
303
المالحق.
تابع :الجدول ( :)15-Iتطور حصة اإليرادات النفطية ضمن اإليرادات العامة والناتج الداخلي الخام لالقتصاد
الجزائري خالل الفترة (.)2014-1970
٭
109,46 28,45 74,34 1173237 1578161 2000
-018,48 22,62 63,52 956389,0 1505526 2001
005,38 22,28 62,86 1007900 1603188 2002
033,94 25,70 68,37 1350000 1974466 2003
016,34 24,46 70,43 1570700 2229899 2004
049,78 31,11 76,31 2352700 3082828 2005
018,96 32,92 76,89 2799000 3639925 2006
-000,07 29,90 75,83 2796800 3687900 2007
046,18 37,02 78,77 4088600 5190500 2008
-040,98 24,20 65,63 2412700 3676000 2009
020,40 24,22 66,12 2905000 4392900 2010
036,99 27,27 68,73 3979700 5790100 2011
005,14 25,81 66,00 4184300 6339300 2012
-012,09 22,09 61,73 3678100 5957500 2013
-007,87 19,69 59,04 3388300 5738400 2014
الجدول ( :)16-Iتطور هيكل اإليرادات العامة في االقتصاد الجزائري خالل الفترة (.1)2014-1970
اإليرادات اإليرادات الجباية الجباية الجباية الجباية اإليرادات اإليرادات البيان
غير غير الجبائية العادية العادية البترولية البترولية الجبائية الجبائية
الجبائية )(106 DA ( %من )(106 DA ( %من (اإليرادات ( %من )(106 DA
( %من إجمالي إجمالي النفطية) إجمالي
إجمالي اإليرادات اإليرادات )(106 DA اإليرادات
اإليرادات العامة) العامة) العامة)
العامة)
13,47 850,000 65,11 4106,000 21,40 1350,000 86,52 5456,000 1970
13,54 937,000 62,63 4334,000 23,81 1648,000 86,45 5982,000 1971
08,10 744,000 56,17 5156,000 35,71 3278,000 91,89 8434,000 1972
10,03 1111,00 52,78 5842,000 37,17 4114,000 89,96 9956,000 1973
08,69 2039,00 34,13 8000,000 57,16 13399,00 91,30 21399,00 1974
07,41 1858,00 38,84 9732,000 53,73 13462,00 92,58 23195,00 1975
04,72 1239,00 40,96 10739,00 54,30 14237,00 95,27 24976,00 1976
06,57 2200,00 39,60 13260,00 53,82 18019,00 93,42 31279,00 1977
03,81 1403,00 48,97 18014,00 47,21 17365,00 96,18 35379,00 1978
03,41 1585,00 39,47 18328,00 57,11 26516,00 96,58 44844,00 1979
02,64 1574,00 34,16 20362,00 63,19 37658,00 97,35 58020,00 1980
03,36 2670,00 32,44 25760,00 64,18 50954,00 96,63 76714,00 1981
06,46 4798,00 37,69 27990,00 55,83 41458,00 93,53 69448,00 1982
07,18 5792,00 46,44 37454,00 46,76 37711,00 92,81 74852,00 1983
10,41 10556,0 46,33 46968,00 43,25 43841,00 89,58 90809,00 1984
11,40 12072,0 44,39 46991,00 44,20 46786,00 88,59 93778,00 1985
304
المالحق.
تابع :الجدول ( :)16-Iتطور هيكل اإليرادات العامة في االقتصاد الجزائري خالل الفترة (.)2014-1970
17,38 15595,0 58,70 52656,00 23,90 21439,00 82,61 74095,00 1986
15,36 14290,0 62,60 58215,00 22,02 20479,00 84,63 78694,00 1987
12,08 11300,0 62,13 58100,00 25,77 24100,00 87,91 82200,00 1988
05,49 6400,00 55,41 64500,00 39,08 45500,00 94,50 110000,0 1989
03,40 5200,00 46,62 71100,00 49,96 76200,00 96,59 147300,0 1990
01,88 4700,00 33,22 82700,00 64,88 161500,0 98,11 244200,0 1991
02,95 9200,00 34,90 108864,0 62,14 193800,0 97,05 302664,0 1992
04,22 13262,0 38,69 121469,0 57,27 179800,0 95,77 300687,0 1993
16,52 78831,0 36,91 176174,0 46,56 222176,0 83,47 398350,0 1994
05,49 33591,0 39,55 241992,0 54,95 336148,0 94,50 578140,0 1995
04,67 38557,0 35,21 290603,0 60,10 495997,0 95,32 786600,0 1996
05,16 47890,0 33,88 314013,0 60,94 564765,0 94,83 878778,0 1997
08,53 66127,0 42,58 329828,0 48,87 378556,0 91,46 708384,0 1998
07,95 75608,0 33,11 314767,0 58,92 560121,0 92,04 874888,0 1999
03,51 55422,0 22,14 349502,0 74,34 1173237 96,48 1522739 2000
10,02 150899 26,45 398238,0 63,52 956389,0 89,97 1354627 2001
07,01 112400 30,12 482900,0 62,86 1007900 88,94 1425900 2002
05,03 99500,0 26,58 524966,0 68,37 1350000 94,96 1874966 2003
03,52 78600,0 26,02 580400,0 70,43 1570700 96,47 2151299 2004
02,90 89500,0 20,77 640400,0 76,31 2352700 97,09 2993328 2005
03,29 120000 19,80 720800,0 76,89 2799000 96,70 3519925 2006
03,37 124300 20,78 766700,0 75,83 2796800 96,62 3563600 2007
02,63 136700 18,59 965200,0 78,77 4088600 97,36 5053800 2008
03,17 116700 31,19 1146600 65,63 2412700 96,82 3559300 2009
04,32 189900 29,54 1298000 66,12 2905000 95,67 4203000 2010
04,89 283300 26,37 1527100 68,73 3979700 95,10 5506800 2011
03,88 246400 30,10 1908600 66,00 4184300 96,11 6092900 2012
04,16 248400 34,09 2031000 61,73 3678100 95,83 5709100 2013
04,39 252000 36,22 2078700 59,04 3388300 95,60 5486400 2014
الجدول ( :)17-Iتطور اإليرادات النفطية وتدفقات صندوق ضبط اإليرادات خالل الفترة (.1)2014-2000
صافي التدفق صافي التدفق إجمالي التدفق إجمالي التدفق الجباية الجباية البيان
السنوي إليرادات السنوي السنوي إليرادات السنوي البترولية البترولية
صندوق ضبط إليرادات صندوق ضبط إليرادات (اإليرادات (اإليرادات
اإليرادات صندوق ضبط اإليرادات (معدل صندوق ضبط النفطية) النفطية)
(معدل النمو اإليرادات النمو السنوي اإليرادات (معدل النمو )(106 DA
السنوي )% )(106 DA )% )(106 DA السنوي )%
- 232100,0 - 453200,0 109,46 1173237 2000
-0092,71 16900,00 -0072,66 123900,0 -018,48 956389,0 2001
0056,80 26500,00 -0078,61 26500,00 005,38 1007900 2002
1005,28 292900,0 1593,96 448900,0 033,94 1350000 2003
-0047,69 153200,0 0038,89 623500,0 016,34 1570700 2004
0631,72 1121000 0119,53 1368800 049,78 2352700 2005
1
- Office National Des Statistiques, "Rétrospective Statistique 1970-2002", Edition 2005.
- Banque d'Algérie, Rapports Annuels (2002-2015), "Evolution Economique et Monétaire en Algérie".
-قام الباحث بحساب النسب الواردة في الجدول.
305
المالحق.
تابع :الجدول ( :)17-Iتطور اإليرادات النفطية وتدفقات صندوق ضبط اإليرادات خالل الفترة (.)2014-2000
-0002,90 1088400 0031,35 1798000 018,96 2799000 2006
-0073,86 284500,0 -0003,29 1738800 -000,07 2796800 2007
274,16 1064500 0031,59 2288200 046,18 4088600 2008
-0096,58 36400,00 -0082,48 400700,0 -040,98 2412700 2009
1346,15 526400,0 0228,99 1318300 020,40 2905000 2010
0002,37 538900,0 0074,48 2300300 036,99 3979700 2011
-0053,23 252000,0 0010,21 2535300 005,14 4184300 2012
-0127,85 -70200,00 -0018,66 2062200 -012,09 3678100 2013
1545,29 -1155000 -0012,20 1810600 -007,87 3388300 2014
الجدول ( :)18-Iتطور هيكل اإلنفاق العام في االقتصاد الجزائري خالل الفترة (.1)2014-1970
نفقات نفقات نفقات نفقات نفقات نفقات إجمالي إجمالي البيان
التجهيز التجهيز التجهيز التسيير التسيير التسيير اإلنفاق اإلنفاق
( %من ( %من )(106 DA ( %من ( %من )(106 DA العام (% العام
الناتج إجمالي الناتج إجمالي من الناتج )(106 DA
الداخلي اإلنفاق الداخلي اإلنفاق الداخلي
الخام) العام) الخام) العام) الخام)
06,74 27,62 1623,000 17,66 72,37 4253,000 24,40 5876,000 1970
09,04 32,47 2254,000 18,80 67,52 4687,000 27,85 6941,000 1971
09,31 34,54 2832,000 17,64 65,45 5365,000 26,95 8197,000 1972
10,77 37,23 3719,000 18,15 62,76 6270,000 28,92 9989,000 1973
07,20 29,84 4002,000 16,92 70,15 9406,000 24,13 13408,00 1974
08,78 28,38 5412,000 22,17 71,61 13656,00 30,96 19068,00 1975
09,37 34,53 6948,000 17,77 65,46 13170,00 27,15 20118,00 1976
11,68 40,00 10191,00 17,51 59,99 15282,00 29,19 25473,00 1977
11,95 41,62 12531,00 16,76 58,37 17575,00 28,71 30106,00 1978
10,47 40,05 13425,00 15,66 59,94 20090,00 26,13 33515,00 1979
10,60 39,13 17227,00 16,48 60,86 26789,00 27,08 44016,00 1980
12,24 40,67 23450,00 17,86 59,32 34205,00 30,11 57655,00 1981
16,59 47,55 34449,00 18,30 52,44 37996,00 34,90 72445,00 1982
17,29 47,66 40434,00 18,99 52,33 44391,00 36,28 84825,00 1983
15,66 45,11 41326,00 19,05 54,88 50272,00 34,71 91598,00 1984
15,49 45,25 45181,00 18,74 54,74 54660,00 34,23 99841,00 1985
13,71 39,93 40663,00 20,62 60,06 61154,00 34,33 101817,0 1986
12,86 38,67 40216,00 20,39 61,32 63761,00 33,25 103977,0 1987
17,56 36,34 43500,00 30,76 63,65 76200,00 48,32 119700,0 1988
10,49 35,58 44300,00 19,00 64,41 80200,00 29,49 124500,0 1989
08,60 34,94 47700,00 16,01 65,05 88800,00 24,62 136500,0 1990
06,76 27,48 58300,00 17,83 72,51 153800,0 24,60 212100,0 1991
13,39 34,27 144000,0 25,69 65,72 276131,0 39,09 420131,0 1992
15,56 38,85 185210,0 24,49 61,14 291417,0 40,06 476627,0 1993
15,86 41,65 235926,0 22,21 58,34 330403,0 38,07 566329,0 1994
14,26 37,64 285923,0 23,62 62,35 473694,0 37,88 759617,0 1995
1
- Office National Des Statistiques, "Rétrospective Statistique 1970-2002", Edition 2005.
- Banque d'Algérie, Rapports Annuels (2002-2015), "Evolution Economique et Monétaire en Algérie".
-قام الباحث بحساب النسب الواردة في الجدول.
306
المالحق.
تابع :الجدول ( :)18-Iتطور هيكل اإلنفاق العام في االقتصاد الجزائري خالل الفترة (.)2014-1970
06,77 24,01 174013,0 21,42 75,98 550596,0 28,19 724609,0 1996
07,25 23,85 201641,0 23,14 76,14 643555,0 30,40 845196,0 1997
07,48 24,19 211884,0 23,45 75,80 663855,0 30,93 875739,0 1998
05,77 19,44 186987,0 23,92 80,55 774695,0 29,69 961682,0 1999
07,80 27,32 321900,0 20,76 72,67 856200,0 28,57 1178122 2000
08,45 27,05 357400,0 22,79 72,94 963600,0 31,25 1321028 2001
10,01 29,20 452930,0 24,27 70,79 1097716 34,28 1550646 2002
10,80 33,56 567400,0 21,37 66,43 1122800 32,18 1690200 2003
09,98 33,86 640700,0 19,49 66,13 1251100 29,47 1891800 2004
10,67 39,32 806900,0 16,46 60,67 1245100 27,13 2052000 2005
11,94 41,38 1015100 16,91 58,61 1437900 28,85 2453000 2006
15,33 46,15 1434600 17,89 53,84 1673900 33,23 3108500 2007
17,86 47,08 1973300 20,08 52,91 2217700 37,94 4191000 2008
19,52 45,83 1946300 23,07 54,16 2300000 42,59 4246300 2009
15,07 40,47 1807900 22,17 59,52 2659000 37,25 4466900 2010
13,53 33,72 1974400 26,59 66,27 3879200 40,12 5853600 2011
14,03 32,23 2275500 29,50 67,76 4782600 43,54 7058100 2012
11,37 31,41 1892600 24,82 68,58 4131500 36,19 6024200 2013
14,49 35,72 2493900 26,07 64,27 4486300 40,57 6980200 2014
الجدول ( :)19-Iتطور وضعية العجز الموازني في االقتصاد الجزائري مع تطورات سعر النفط خالل الفترة
(.)2014-1970
قيمة العجز الموازني قيمة العجز إجمالي النفقات إجمالي اإليرادات السعر االسمي البيان
( %من الناتج الداخلي الموازني العامة العامة للنفط الخام
الخام) )(106 DA )(106 DA )(106 DA (دوالر للبرميل)
01,78 430,0000 5876,000 6306,000 002,1 1970
-00,08 -22,00000 6941,000 6919,000 002,6 1971
03,22 981,0000 8197,000 9178,000 002,8 1972
03,12 1078,000 9989,000 11067,00 003,1 1973
18,05 10030,00 13408,00 23438,00 010,4 1974
09,71 5984,000 19068,00 25052,00 010,4 1975
08,23 6097,000 20118,00 26215,00 011,6 1976
09,17 8006,000 25473,00 33479,00 012,6 1977
06,36 6676,000 30106,00 36782,00 012,9 1978
10,07 12914,00 33515,00 46429,00 029,2 1979
09,58 15578,00 44016,00 59594,00 036,0 1980
11,34 21729,00 57655,00 79384,00 034,2 1981
00,86 1801,000 72445,00 74246,00 031,7 1982
-01,78 -4181,000 84825,00 80644,00 030,1 1983
03,70 9767,000 91598,00 101365,0 028,1 1984
02,06 6009,000 99841,00 105850,0 027,5 1985
-04,08 -12127,00 101817,0 89690,00 013,0 1986
-03,51 -10993,00 103977,0 92984,00 017,7 1987
-10,57 -26200,00 119700,0 93500,00 014,2 1988
-01,91 -8100,000 124500,0 116400,0 017,3 1989
02,88 16000,00 136500,0 152500,0 022,3 1990
307
المالحق.
تابع :الجدول ( :)19-Iتطور وضعية العجز الموازني في االقتصاد الجزائري مع تطورات سعر النفط خالل
الفترة (.)2014-1970
04,26 36800,00 212100,0 248900,0 018,6 1991
-10,07 -108267,0 420131,0 311864,0 018,4 1992
-13,67 -162678,0 476627,0 313949,0 016,3 1993
-05,99 -89148,00 566329,0 477181,0 015,5 1994
-07,37 -147886,0 759617,0 611731,0 016,9 1995
03,91 100548,0 724609,0 825157,0 020,3 1996
02,93 81472,00 845196,0 926668,0 018,7 1997
-03,57 -101228,0 875739,0 774511,0 012,3 1998
-00,34 -11186,00 961682,0 950496,0 017,5 1999
09,70 400039,0 1178122 1578161 027,6 2000
04,36 184498,0 1321028 1505526 023,1 2001
01,16 52542,00 1550646 1603188 024,3 2002
05,41 284266,0 1690200 1974466 028,2 2003
05,26 338099,0 1891800 2229899 036,0 2004
13,63 1030828 2052000 3082828 050,6 2005
13,96 1186925 2453000 3639925 061,0 2006
06,19 579400,0 3108500 3687900 069,1 2007
09,05 999500,0 4191000 5190500 094,4 2008
-05,72 -570300,0 4246300 3676000 061,0 2009
-00,61 -74000,00 4466900 4392900 077,4 2010
-00,43 -63500,00 5853600 5790100 107,5 2011
-04,43 -718800,0 7058100 6339300 109,5 2012
-00,40 -66700,00 6024200 5957500 105,9 2013
-07,21 -1241800 6980200 5738400 096,2 2014
المصدر - :مختلف تقارير األمين العام السنوية لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط ) ،(OAPECإضافة
إلى النشرات اإلحصائية السنوية ) (OPEC Annual Statistical Bulletinالمختلفة ألوبك.
-حسابات خاصة انطالقا من البيانات الواردة في الجداول ( )14-Iأعاله والجدول ( )20-Iأدناه.
الجدول ( :)20-Iتطور الناتج الداخلي الخام لالقتصاد الجزائري ) (GDPوحصة الناتج النفطي ضمنه خالل
الفترة (.)2014-1970
الناتج الداخلي الناتج الداخلي الناتج النفطي الناتج الناتج النفطي الناتج الناتج البيان
الخام الحقيقي الخام الحقيقي ( %من النفطي )(HP الداخلي الخام الداخلي الخام
لالقتصاد لالقتصاد )( (106 DAمعدل النمو الناتج الداخلي لالقتصاد لالقتصاد
الجزائري الجزائري الخام) السنوي )% الجزائري الجزائري
(معدل النمو )(RGDP (معدل النمو )(GDP
السنوي )% )(106 DA السنوي )% )(106 DA
08,86 90899,690 13,35 - 3214,3000 - 24072,300 1970
-11,33 80599,200 09,18 -028,74 2290,4000 3,53 24922,800 1971
27,42 102702,70 14,63 094,35 4451,6000 22,02 30413,200 1972
03,81 106618,90 18,68 044,95 6452,8000 13,53 34531,100 1973
07,49 114609,90 33,15 185,49 18422,300 60,90 55560,900 1974
05,04 120392,40 25,28 -015,49 15567,700 10,82 61573,900 1975
308
.المالحق
( وحصة الناتج النفطي ضمنهGDP) تطور الناتج الداخلي الخام لالقتصاد الجزائري:)20-I( الجدول:تابع
.)2014-1970( خالل الفترة
08,38 130489,40 26,51 026,15 19639,000 20,30 74075,100 1976
05,25 137351,30 27,04 020,13 23592,900 17,77 87240,500 1977
09,21 150008,00 23,35 003,76 24481,000 20,16 104831,60 1978
07,47 161225,30 26,15 036,98 33534,700 22,31 128222,60 1979
00,80 162500,00 31,50 052,65 51191,300 26,73 162507,20 1980
03,00 167375,00 30,89 015,57 59162,800 17,82 191468,50 1981
06,40 178087,00 28,28 -000,75 58714,700 08,40 207551,90 1982
05,40 187703,70 26,58 005,83 62138,700 12,62 233752,10 1983
05,60 198215,10 24,01 001,99 63376,700 12,87 263855,90 1984
03,70 205549,10 22,47 003,42 65544,700 10,51 291597,20 1985
00,40 206371,30 13,16 -040,41 39053,200 01,69 296551,40 1986
-00,70 204926,70 14,56 016,60 45537,200 05,44 312706,10 1987
-01,00 202877,40 21,27 015,73 52702,700 -20,78 247716,90 1988
04,40 211804,00 17,60 040,95 74288,400 70,37 422043,00 1989
00,80 213498,40 22,58 068,52 125193,70 31,35 554388,10 1990
-01,20 210936,40 27,40 088,70 236245,30 55,51 862132,80 1991
01,80 214733,30 23,29 005,99 250402,50 24,65 1074695,8 1992
-02,10 210223,90 20,79 -001,19 247398,30 10,70 1189724,9 1993
-00,90 208331,90 22,00 032,31 327346,70 25,02 1487403,6 1994
03,80 216248,50 25,21 054,44 505562,80 34,79 2004994,7 1995
04,10 225114,70 29,19 048,43 750415,30 28,18 2570029,0 1996
01,10 227590,90 30,17 011,80 838985,80 08,17 2780168,1 1997
05,10 239198,10 22,54 -023,92 638221,50 01,81 2830490,7 1998
03,20 246852,40 27,51 039,59 890943,30 14,40 3238197,5 1999
03,80 256232,80 39,20 081,41 1616314,7 27,33 4123513,9 2000
03,00 263919,80 34,15 -010,66 1443928,1 02,51 4227113,1 2001
05,60 278699,30 32,65 002,29 1477033,6 06,99 4522773,3 2002
07,20 298765,70 35,58 026,52 1868889,6 16,13 5252321,1 2003
04,30 311612,60 36,13 024,12 2319823,6 22,21 6419117,0 2004
05,90 329997,70 44,33 044,53 3352878,4 17,80 7561984,0 2005
01,70 335607,70 45,66 015,78 3882227,8 12,42 8501636,0 2006
03,40 347018,40 43,72 005,33 4089309,0 10,01 9352886,0 2007
02,40 355346,80 45,25 022,21 4997555,0 18,07 11043703 2008
01,60 361032,40 31,20 -037,78 3109079,0 -09,74 9968025,0 2009
03,60 374029,50 34,86 034,45 4180358,0 20,30 11991564 2010
02,90 384876,40 35,93 025,40 5242503,0 21,65 14588532 2011
03,40 397962,20 34,15 005,60 5536382,0 11,10 16208698 2012
02,80 409105,10 29,84 -010,26 4968018,0 02,68 16643834 2013
03,80 424651,10 27,07 -006,24 4657811,0 03,37 17205106 2014
Source: - Office National Des Statistiques, "Rétrospective Statistique 1970-2002", Edition 2005.
- Banque d'Algérie, Rapports Annuels (2002-2015), "Evolution Economique et Monétaire en
Algérie".
- World Bank, World Development Indicators (WDI) Data 2015.
.) قام الباحث بحساب النسب الواردة في الجدول (باستثناء معدالت نمو الناتج الداخلي الخام الحقيقي-
309
المالحق.
الجدول ( :)21-Iتطور المستوى العام لألسعار في االقتصاد الجزائري مع تطورات سعر النفط الخام خالل
الفترة (.)2014-1970
معدّل التضخم مؤشر أسعار السعر اإلسمي للنفط السعر االسمي للنفط البيان
(معدل النمو السنوي االستهالك الخام الخام
لمؤشر أسعار االستهالك) )(2001=100 (النمو السنوي )% (دوالر للبرميل)
)(%
04,90 003,89 - 002,1 1970
02,80 004,00 023,80 002,6 1971
04,00 004,16 007,69 002,8 1972
07,00 004,45 010,71 003,1 1973
02,70 004,57 235,48 010,4 1974
08,80 004,97 000,00 010,4 1975
08,20 005,38 011,53 011,6 1976
11,00 005,97 008,62 012,6 1977
15,60 006,90 002,38 012,9 1978
10,40 007,62 126,35 029,2 1979
09,20 008,32 023,28 036,0 1980
14,70 009,54 -005,00 034,2 1981
06,20 010,13 -007,30 031,7 1982
06,00 010,74 -005,04 030,1 1983
08,20 011,62 -006,64 028,1 1984
10,50 012,84 -002,13 027,5 1985
12,30 014,42 -052,72 013,0 1986
07,60 015,51 036,15 017,7 1987
05,90 016,42 -019,77 014,2 1988
09,30 017,95 021,83 017,3 1989
17,90 021,16 028,90 022,3 1990
25,90 026,64 -016,59 018,6 1991
31,70 035,08 -001,07 018,4 1992
20,50 042,28 -011,41 016,3 1993
29,00 054,54 -004,90 015,5 1994
29,80 070,79 009,03 016,9 1995
18,70 084,03 020,11 020,3 1996
05,70 088,82 -007,88 018,7 1997
05,00 093,26 -034,22 012,3 1998
02,60 095,68 042,27 017,5 1999
00,30 095,97 057,71 027,6 2000
04,20 100,00 -016,30 023,1 2001
01,30 101,34 005,19 024,3 2002
04,40 105,75 016,04 028,2 2003
04,00 109,95 027,65 036,0 2004
01,40 111,47 040,55 050,6 2005
02,30 114,05 020,55 061,0 2006
03,70 118,24 013,27 069,1 2007
04,90 123,98 036,61 094,4 2008
05,70 131,10 -035,38 061,0 2009
03,90 136,23 026,88 077,4 2010
310
المالحق.
تابع :الجدول ( :)21-Iتطور المستوى العام لألسعار في االقتصاد الجزائري مع تطورات سعر النفط الخام
خالل الفترة (.)2014-1970
الجدول ( :)22-Iالجدول (أ) -اإليرادات النهائية المطبقة على الميزانية العامة للدولة لسنة .12014
المبالغ (بآالف دج) إيرادات الميزانية
-1الموارد العادية
-1-1اإليرادات الجبائية:
866120000 -201-001حواصل الضرائب المباشرة
59300000 -201-002حواصل التسجيل والطابع
-201-003حواصل الرسوم المختلفة على األعمال
853330000
510720000 (منها الرسم على القيمة المضافة على المنتوجات المستوردة)
3000000 -201-004حواصل الضرائب غير المباشرة
485700000 -201-005حواصل الجمارك
2267450000 المجموع الفرعي ()1
-2-1اإليرادات العادية:
21000000 -201-006حاصل دخل األمالك الوطنية
64000000 -201-007الحواصل المختلفة للميزانية
- -201-008اإليرادات النظامية
85000000 المجموع الفرعي ()2
-3-1اإليرادات األخرى
288000000 اإليرادات األخرى
288000000 المجموع الفرعي ()3
2640450000 مجموع الموارد العادية
-2الجباية البترولية
1577730000 -201-011الجباية البترولية
4218180000 المجموع العام لإليرادات
1الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،الجريدة الرسمية ،العدد ،68الصادر بتاريخ 31 :ديسمبر ،2013ص.45 .
311
المالحق.
الجدول ( :)23-Iالجدول (ب) -توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيير لسنة 2014حسب كل دائرة و ازرية.1
المبالغ (دج) الدوائر الوزارية
9422733000 رئاسة الجمهورية
2712507000 مصالح الوزير األول
955926000000 و ازرة الدفاع الوطني
540708651000 و ازرة الداخلية والجماعات المحلية
30617909000 و ازرة الشؤون الخارجية
72365637000 و ازرة العدل
87551455000 و ازرة المالية
41050228000 و ازرة الطاقة والمناجم
4452530000 و ازرة التنمية الصناعية وترقية االستثمار
233232749000 و ازرة الفالحة والتنمية الريفية
24260117000 و ازرة الشؤون الدينية واألوقاف
241274980000 و ازرة المجاهدين
38922265000 و ازرة الموارد المائية
13148714000 و ازرة النقل
19405864000 و ازرة األشغال العمومية
19449647000 و ازرة السكن والعمران والمدينة
2405141000 و ازرة التهيئة العمرانية والبيئة
18630359000 و ازرة االتصال
696810413000 و ازرة التربية الوطنية
270742002000 و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي
25233155000 و ازرة الثقافة
49491196000 و ازرة التكوين والتعليم المهنيين
135822044000 و ازرة التضامن الوطني واألسرة وقضايا المرأة
23801125000 و ازرة التجارة
277547000 و ازرة العالقات مع البرلمان
274291555000 و ازرة العمل والتشغيل والضمان االجتماعي
365946753000 و ازرة الصحة والسكان واصالح المستشفيات
36791134000 و ازرة الشباب والرياضة
1الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،الجريدة الرسمية ،العدد ،68الصادر بتاريخ 31 :ديسمبر ،2013ص.46 .
312
المالحق.
تابع :الجدول ( :)23-Iالجدول (ب) -توزيع االعتمادات بعنوان ميزانية التسيير لسنة 2014حسب كل دائرة
و ازرية.
3680186000 و ازرة البريد وتكنولوجيات اإلعالم واالتصال
3007737000 و ازرة السياحة والصناعة التقليدية
2323410000 و ازرة الصيد البحري والوارد الصيدية
4243755743000 المجموع الفرعي
470696623000 التكاليف المشتركة
4714452366000 المجموع العام
الجدول ( :)24-Iالجدول (ج)-توزيع النفقات ذات الطابع النهائي لسنة 2014حسب القطاعات( .1بآالف دج)
اعتمادات الدفع رخص البرنامج القطاعات
2820500 2972000 الصناعة
203520500 229135500 الفالحة والري
29347000 34455000 دعم الخدمات المنتجة
781640900 920347600 المنشآت القاعدية االقتصادية واإلدارية
243865900 231721400 التربية والتكوين
236615100 219301600 المنشآت القاعدية االجتماعية والثقافية
127536000 116384500 دعم الحصول على سكن
360000000 510000000 مواضيع مختلفة
65000000 65000000 المخططات البديلة للتنمية
2050345900 2329317600 المجموع الفرعي لإلستثمار
1الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،الجريدة الرسمية ،العدد ،68الصادر بتاريخ 31 :ديسمبر ،2013ص.47 .
313
المالحق
الشكل ( :)1-IIالتمثيل البياني لمتغيرات النموذج األساسي للدراسة (في شكل مستويات).1
ROP RGREV
100 5,000,000
80 4,000,000
60 3,000,000
40 2,000,000
20 1,000,000
0 0
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
RGEXP RM2
5,000,000 10,000,000
4,000,000 8,000,000
3,000,000 6,000,000
2,000,000 4,000,000
1,000,000 2,000,000
0 0
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
RGDP GDPD
500,000 5,000
400,000 4,000
300,000 3,000
200,000 2,000
100,000 1,000
0 0
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
2
الشكل ( :)2-IIاإلحصائيات الوصفية للمتغيرتين ROPو.LROP
314
المالحق
1
الشكل (:)3-IIاإلحصائيات الوصفية للمتغيرتين RGREVو.LRGREV
2
الشكل (:)4-IIاإلحصائيات الوصفية للمتغيرتين RGEXPو.LRGEXP
3
الشكل ( :)5-IIاإلحصائيات الوصفية للمتغيرتين RM2و.LRM2
315
المالحق
1
الشكل ( :)6-IIاإلحصائيات الوصفية للمتغيرتين RGDPو.LRGDP
2
الشكل ( :)7-IIاإلحصائيات الوصفية للمتغيرتين GDPDو.LGDPD
3
الجدول ( :)1-IIنتائج اختبارات Dickey-Fullerللسلسلتين LROPو.DLROP
القرار -tالمجدولة t قيم معلمات اإلرتباط ال ّذاتي درجة ال ّنموذج
المحسوبة
)(5% اإلنحدار لألخطاء التأخيرات المقدر
ّ
السلسلة ""LROP
ّ
النموذج
صالحية ّ
ّ عدم 2,81 0,66 0,002 𝛿
ال يوجد ارتباط
معنوية معلمة
ّ بسبب عدم 3,14 2,05 0,513 𝜆 P=0 ) ( III
ذاتي لألخطاء.
اإلتجاه العام. -3,51 -1,92 -0,155 𝜑
النموذج غير مالئم بسبب ّ 2,56 1,99 0,492 𝛾 ال يوجد ارتباط
P=0 ) ( II
معنوية الحد الثّابت.
ّ عدم -2,93 -1,83 -0,132 𝜑 ذاتي لألخطاء.
" "LROPغير مستقرة. -1,94 0,71 0,009 𝜑 ال يوجد. P=0 )(I
316
المالحق
السلسلة ""DLROP
ّ
النموذج
صالحية ّ
ّ عدم 2,81 -0,11 𝛿 -0,0004
ال يوجد ارتباط
معنوية معلمة
ّ بسبب عدم 3,14 0,60 0,061 𝜆 P=0 ) ( III
ذاتي لألخطاء.
اإلتجاه العام. -3,51 -6,92 -1,092 𝜑
النموذج بسبب
عدم مالئمة ّ 2,56 1,07 0,051 𝛾
ال يوجد. P=0 ) ( II
عدم معنوية الحد الثابت. -2,93 -7,00 -1,092 𝜑
السلسلة ""DLROP
ّ -1,94 -6,91 -1,063 𝜑 ال يوجد. P=0 )(I
مستقرة.
1
الجدول ( :)2-IIنتائج اختبارات Dickey-Fullerللسلسلتين LGREVو.DLGREV
القرار -tالمجدولة t قيم معلمات اإلرتباط ال ّذاتي درجة ال ّنموذج
المحسوبة
)(5% اإلنحدار لألخطاء التأخيرات المقدر
ّ
السلسلة ""LGREV
ّ
النموذج
صالحية ّ
ّ عدم 2,81 2,16 0,013 𝛿
معنوية معلمة
ّ بسبب عدم 3,14 2,71 3,199 𝜆 ال يوجد. P=0 ) ( III
اإلتجاه العام. -3,51 -2,62 -0,248 𝜑
النموذج
عدم صالحية ّ 2,56 1,78 0,855 𝛾
معنوية معلمة
ّ بسبب عدم ال يوجد. P=0 ) ( II
-2,92 -1,64 -0,056 𝜑
الحد الثابت.
" "LRGREVغير
-1,94 2,27 0,004 𝜑 ال يوجد. P=0 )(I
مستقرة.
السلسلة ""DLGREV
ّ
النموذج بسببعدم مالئمة ّ 2,81 -0,86 -0,002 𝛿
معنوية معلمة اإلتجاه
ّ عدم 3,14 1,90 0,125 𝜆 ال يوجد. P=0 ) ( III
العام. -3,51 -6,94 -1,095 𝜑
النموذج
صالحية ّ
ّ عدم 2,56 2,35 0,075 𝛾
ال يوجد ارتباط
بسبب عدم معنوية الحد P=0 ) ( II
-2,93 -6,91 -1,082 𝜑 ذاتي لألخطاء.
الثابت.
السلسلة ""DLGREV
ّ -1,94 -6,17 -0,952 𝜑 ال يوجد. P=0 )(I
مستقرة.
317
المالحق
1
الجدول ( :)3-IIنتائج اختبارات Dickey-Fullerللسلسلتين LRGEXPو.DLRGEXP
القرار -tالمجدولة t قيم معلمات اإلرتباط ال ّذاتي درجة ال ّنموذج
المحسوبة
)(5% اإلنحدار لألخطاء التأخيرات المقدر
ّ
السلسلة ""LRGEXP
ّ
النموذج بسببعدم مالئمة ّ 2,81 2,06 0,011 𝛿
معنوية معلمة اإلتجاه
ّ عدم 3,14 2,43 2,400 𝜆 ال يوجد. P=0 ) ( III
العام. -3,51 -2,33 -0,187 𝜑
النموذج بسبب
عدم مالئمة ّ 2,56 1,48 0,457 𝛾
معنوية معلمة الحد
ّ عدم ال يوجد. P=0 ) ( II
-2,92 -1,24 -0,027 𝜑
الثابت.
السلسلة ""LGREXP
ّ -1,94 3,87 0,005 𝜑 اليوجد. P=0 )(I
غير مستقرة
السلسلة ""DLRGEXP
ّ
النموذج بسببعدم مالئمة ّ 2,81 -0,432 -0,0006 𝛿
معنوية معلمة اإلتجاه
ّ عدم 3,14 1,80 0,080 𝜆 ال يوجد. P=0 ) ( III
العام. -3,51 -5,51 -0,865 𝜑
السلسلة
الثّابت معنوي ،و ّ 2,56 2,81 0,063 𝛾
ال يوجد. P=0 ) ( II
" "DLRGEXPمستقرة. -2,93 -5,55 -0,857 𝜑
2
الجدول ( :)4-IIنتائج اختبارات Dickey-Fullerللسلسلتين LRM2و.DLRM2
القرار -tالمجدولة t قيم معلمات اإلرتباط ال ّذاتي درجة ال ّنموذج
المحسوبة
)(5% اإلنحدار لألخطاء التأخيرات المقدر
ّ
السلسلة ""LRM2
ّ
النموذج
صالحية ّ
ّ عدم 2,81 1,06 0,003 𝛿
يوجد إرتباط ذاتي
بسبب اإلرتباط ال ّذاتي 3,14 1,38 0,902 𝜆 P=0 ) ( III
لألخطاء.
لألخطاء. -3,51 -1,25 -0,063 𝜑
النموذج
عدم مالئمة ّ 2,81 1,84 0,005 𝛿
معنوية معلمة
ّ بسبب عدم 3,14 2,16 1,256 𝜆 ال يوجد. P=1 ) ( VI
اإلتجاه العام. -3,51 -2,09 -0,092 𝜑
النموذج غير مالئم بسبب ّ 2,56 1,01 0,267 𝛾 يوجد ارتباط ذاتي
P=0 ) ( II
اإلتبارط ال ّذاتي لألخطاء. -2,92 -0,73 -0,013 𝜑 لألخطاء.
318
المالحق
1
الجدول ( :)5-IIنتائج اختبارات Dickey-Fullerللسلسلتين LRGDPو.DLRGDP
القرار -tالمجدولة t قيم معلمات اإلرتباط ال ّذاتي درجة ال ّنموذج
المحسوبة
)(5% اإلنحدار لألخطاء التأخيرات المقدر
ّ
السلسلة ""LRGDP
ّ
معلمتي االتجاه العام و 2,81 3,13 0,012 𝛿
الحد الثابت معنويين، 3,14 3,40 4,708 𝜆 ال يوجد ارتباط
P=0 ) ( III
السلسلة " "LRGDPغير
و ّ ذاتي لألخطاء.
-3,51 -3,37 -0,403 𝜑
مستقرة.
السلسلة ""DLRGDP
ّ
النموذج بسببعدم مالئمة ّ 2,81 -1,26 -0,001 𝛿
معنوية معلمة اإلتجاه
ّ عدم 3,14 3,01 0,081 𝜆 ال يوجد. P=0 ) ( III
العام. -3,51 -10,03 -1,385 𝜑
معلمة الحد الثّابت معنوية، 2,56 3,84 0,051 𝛾
ال يوجد ارتباط
السلسلة ""DLRGEXP
و ّ P=0 ) ( II
-2,93 -9,89 -1,372 𝜑 ذاتي لألخطاء.
مستقرة.
319
المالحق
1
الجدول ( :)6-IIنتائج اختبارات Dickey-Fullerللسلسلتين LGDPDو.DLGDPD
القرار -t t قيم معلمات اإلرتباط ال ّذاتي درجة ال ّنموذج
المحسوبة
المجدولة اإلنحدار لألخطاء التأخيرات المقدر
ّ
)(5%
السلسلة ""LGDPD
2,81 0,57 0,005 𝛿
النموذج بسبب
صالحية ّ
ّ عدم يوجد إرتباط ذاتي
𝜆 P=0 ) ( III
اإلرتباط ال ّذاتي لألخطاء. 3,14 1,37 0,317 لألخطاء.
-3,51 -0,74 -0,054 𝜑
النموذج بسببعدم مالئمة ّ 2,81 1,16 0,011 𝛿
معنوية معلمة اإلتجاه
ّ عدم 3,14 1,76 0,411 𝜆 ال يوجد. P=1 ) ( VI
العام. -3,51 -1,29 -0,098 𝜑
النموذج غير مالئم بسبب ّ 2,56 3,13 0,189 𝛾 يوجد ارتباط ذاتي
P=0 ) ( II
اإلتبارط ال ّذاتي لألخطاء. -2,92 -1,29 -0,012 𝜑 لألخطاء.
النموذج غير مالئم بسبب ّ 2,56 2,24 0,151 𝛾
ال يوجد. P=1 )(V
معنوية الحد الثّابت.
ّ عدم -2,92 -1,07 -0,010 𝜑
النموذج غير صالح (إ.ذ).
ّ -1,94 6,03 0,016 𝜑 يوجد. P=0 )(I
" "LGDPDغير مستقرة. -1,94 2,74 0,010 𝜑 ال يوجد. P=1 )( IV
السلسلة ""DLGDPD
النموذج بسببعدم مالئمة ّ 2,81 -0,90 -0,001 𝛿
معنوية معلمة اإلتجاه
ّ عدم 3,14 2,78 0,113 𝜆 ال يوجد. P=0 ) ( III
العام. -3,51 -4,94 -0,766 𝜑
الحد الثابت معنوي والسلسلة 2,56 3,48 0,083 𝛾
ال يوجد. P=0 ) ( II
" "DLGDPDمستقرة. -2,93 -4,87 -0,746 𝜑
الجدول ( :)7-IIالقيم النظرية لإلحصائيات " "tلكل من الحد الثابت وحد االتجاه العام في نماذج Dickey-
2
Fullerعند مستوى معنوية ) (1%و).(5%
النموذج الثاني النموذج الثالث
الحد الثابت الحد الثابت اإلتجاه العام عدد المشاهدات
5% 1% 5% 1% 5% 1% T
2,61 3,41 3,20 4,05 2,85 3,74 25
2,56 3,28 3,14 3,87 2,81 3,60 50
320
المالحق
1
- Bresson. G., et A. Pirotte. (1995), P. 4 24 ;- Lardic. S., et V. Mignon. (2002), PP.132-133. ; - Maddala G.S. (1992), PP.584-587.; - Hayashi.F. (2000), P. 562.
321
المالحق
2
- Hamilton. J.D. (1994), PP.486-500.; - Bresson. G., et A. Pirotte. (1995), P. 424. ; - Lardic. S., et V. .Mignon. (2002), PP.132-133.
322
المالحق
الشكل ( :)8-IIاإلستراتيجية التتابعية الختيار النموذج المناسب من بين النماذج الثالث لـ .3Dickey-Fuller
∆Xt = φX t−1 + λ + δ𝑡 + ϵt
𝐻0 : 𝛿 = 0
𝐻0 ∆Xt = φXt−1 + γ + ϵt 𝐻0 ∆Xt = φXt−1 + ϵt φ
𝐻1 : 𝛿 ≠ 0
𝐻0 : γ = 0 𝐻0 : φ = 0
𝐻1
𝐻1 : γ ≠ 0 𝐻1 : φ ≠ 0
𝐻0 : 𝜆 = 0
𝐻1
𝐻1 : 𝜆 ≠ 0
𝐻1 𝐻0
𝐻1
𝐻0 : 𝜑 = 0 𝐻0 : φ = 0
) ϵt ~i. i. d. (0. σ2ϵ ) |ρ| < 1 , ϵt ~i. i. d. (0. σ2ϵ ) ρ = 1 , ϵt ~i. i. d. (0. σ2ϵ
3
- Lardic. S., et V. Mignon. (2002), PP.136-138.; - Bourbonais. R. (2005), "économétrie", 6e édition, Dunod, Paris, P.234.
323
المالحق
الشكل ( :)9-IIالتمثيل البياني لمتغيرات النموذج األساسي (الفروقات األولى للوغاريتم المتغيرات).1
DLROP DLRGREV
1.2 .8
.6
0.8
.4
0.4 .2
0.0 .0
-.2
-0.4
-.4
-0.8 -.6
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
DLRGEXP DLRM2
.6 .4
.3
.4
.2
.2
.1
.0
.0
-.2
-.1
-.4 -.2
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
DLRGDP DLGDPD
.4 .5
.4
.2
.3
.2
.0
.1
.0
-.2
-.1
-.4 -.2
70 75 80 85 90 95 00 05 10 70 75 80 85 90 95 00 05 10
324
المالحق
الشكل ( :)10-IIخوارزمية ) (Johansenلتقدير عالقات التكامل المتزامن ونماذج تصحيح الخطأ الشعاعية.1
الحالة :01السالسل كلها متكاملة من الحالة :02السالسل ال تملك نفس درجة
الدرجة .I(1) ،1
ّ التكامل (متكاملة من درجات مختلفة)
تحديد درجة التأخير المثلى " "Pللنظام VARالذي ليس هناك إحتمال لوجود عالقة تكامل
يعبر عن متغيرات الدراسة في شكل مستويات متزامن .في هذه الحالة نقوم بتقدير
نموذج للمتغيرات في شكل فروقات.
الحالة :01يوجد على األقل عالقة الحالة :02ال توجد عالقة تكامل
تكامل متزامن واحدة. متزامن ).(r = 0
تمييز وتقدير عالقات التكامل ال يمكن تقدير نموذج تصحيح الخطأ الشعاعي
المتزامن (شعاع التكامل المتزامن). .VECMنقوم بتقدير نموذج VARللمتغيرات
في شكل فروقات من الدرجة األولى.3
تقدير نموذج تصحيح الخطأ الشعاعي VECM
1
- Bourbonnais. R. (2005), P.291.; - Lardic. S., et V. Mignon (2002), P.242.
2
– Hamilton. J. D. (1994), P.579.; - Lardic. S., et V. Mignon. (2002), PP.219-220.; - Hayshi. F. (2000), PP. 636-638.
3
– Hamilton. J. D. (1994), P.579.; - Hayshi. F. (2000), P. 636.
325
المالحق
.1 التمثيل البياني للعالقات طويلة األجل بين متغيرات النظام األساسي محل الدراسة:)11-II( الشكل
18
16
14
12
10
2
1970 1975 1980 1985 1990 1995 2000 2005 2010
" لمتغيرات النظام األساسي في شكلVAR" نتائج معايير اختيار درجة تأخير النموذج:)11-II( الجدول
.2مستويات
VAR Lag Order Selection Criteria
Endogenous variables: LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LRGDP LGDPD
Exogenous variables: C
Date: 12/28/17 Time: 04:22
Sample: 1970 2014
Included observations: 42
326
المالحق
(Max-eigenvalue Test) ( واختبار القيمة الذاتية العظمىTrace Test) نتائج اختبار األثر:)12-II( الجدول
.1للتكامل المتزامن لمتغيرات النظام األساسي محل الدراسة
Date: 12/28/17 Time: 20:54
Sample (adjusted): 1973 2014
Included observations: 42 after adjustments
Trend assumption: Linear deterministic trend (restricted)
Series: LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LRGDP LGDPD
Lags interval (in first differences): 1 to 2
2
. )LRGDP نتائج تقدير عالقة التكامل المتزامن األولى (تسوية شعاع التكامل المتزامن على:)13-II( الجدول
327
المالحق
1
. )LGDPD نتائج تقدير عالقة التكامل المتزامن الثانية (تسوية شعاع التكامل المتزامن على:)14-II( الجدول
328
المالحق
.1VAR(2) " لمعنوية التأخير األول والثاني ضمن انحدارات النموذجWald" نتائج اختبار:)16-II( الجدول
VAR Lag Exclusion Wald Tests
Date: 01/03/18 Time: 01:07
Sample: 1970 2014
Included observations: 43
Df 6 6 6 6 6 6 36
329
المالحق
الشكل ( :)12-IIالجذور العكسية لكثير الحدود المميز لجزء االنحدار الذاتي ضمن النموذج األساسي المقدر
1
). VAR(2
الجدول ( :)17-IIنتائج اختبار مضاعف الﭭرانج ) (LM Testsلغياب االرتباط الذاتي ألخطاء معادالت
2
انحدار النموذج األساسي المقدر ). VAR(2
330
المالحق
.1VAR(2) دوال االرتباط الذاتي ودوال االرتباط التقاطعي لبواقي معادالت انحدار النموذج:)13-II( الشكل
.2" بين متغيرات النظام األساسي المدروسGranger نتائج اختبارات السببية "وفق مفهوم:)18-II( الجدول
331
المالحق
." بين متغيرات النظام األساسي المدروسGranger نتائج اختبارات السببية "وفق مفهوم:)18-II( تابع للجدول
Dependent variable: LRGREV
332
المالحق
.1 المقدرVAR(2) مصفوفة االرتباطات الفورية لتجديدات معادالت (متغيرات) النظام:)19-II( الجدول
LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
LROP 1.000000 0.808444 0.299652 0.135230 0.571436 0.214730
LRGREV 0.808444 1.000000 0.403283 0.022137 0.738053 0.250269
LRGEXP 0.299652 0.403283 1.000000 0.283806 0.325815 -0.222050
LRM2 0.135230 0.022137 0.283806 1.000000 -0.248853 -0.164400
LGDPD 0.571436 0.738053 0.325815 -0.248853 1.000000 0.277692
LRGDP 0.214730 0.250269 -0.222050 -0.164400 0.277692 1.000000
.2 المقدرVAR(2) تباين مشترك" لتجديدات معادالت (متغيرات) النظام- مصفوفة "التباين:)20-II( الجدول
.3VAR(2) نتائج تقدير ومحاكاة دوال االستجابات الدفعية لمتغيرات النظام األساسي المقدر:)21-II( الجدول
Response of LROP:
Period LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
Response of LRGREV:
Period LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
333
المالحق
نتائج تقدير ومحاكاة دوال االستجابات الدفعية لمتغيرات النظام األساسي المقدر:)21-II( الجدول:تابع
.VAR(2)
Response of LRGEXP:
Period LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
Response of LRM2:
Period LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
Response of LGDPD:
Period LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
Response of LRGDP:
Period LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
334
المالحق
الجدول ( :)22-IIتفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة سعر النفط الحقيقي ).1(LROP. V.D
Variance Decomposition of LROP:
Period S.E. LROP LRGREV LRGEXP LRM2 LGDPD LRGDP
الشكل ( :)14-IIتفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة سعر النفط الحقيقي ).2(LROP. V.D
الشكل ( :)15-IIتفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة اإليرادات العامة الحقيقية ).3(LRGREV. V.D
335
المالحق
الشكل ( :)16-IIتفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة اإلنفاق العام الحقيقي ).1(LRGEXP. V.D
الشكل ( :)17-IIتفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة عرض النقد الحقيقي ).2(LRM2. V.D
الشكل ( :)18-IIتفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة معامل انكماش الناتج الداخلي الخام ).3(LGDPD. V.D
336
المالحق
الشكل ( :)19-IIتفكيك تباين خطأ التنبؤ لمتغيرة الناتج الداخلي الخام الحقيقي ).1(LRGDP. V.D
337