You are on page 1of 28

‫باب الجغرافيا‪:‬‬

‫‪ -1‬التعرية الريحية والمطرية وأثرها على المواقع األثرية المهمة‬


‫في محافظة بابل‬
‫أ‪.‬م‪ .‬د‪ .‬نسرين عواد الجصاني و م‪ .‬م‪ .‬علــي حمــزة الجــوذري‬
‫جامعة الكوفة – كلية التربية للبنات وزارة التربية – مديرية تربية بابل‬

‫المستخلص‪:‬‬

‫بينت الدراسة أن عامل الرياح واألمطار من أكثر العوامل تأثي اًر في تلف األبنية‪ ،‬ومن أهمها المواقع األثرية أينما وجدت‪،‬‬
‫وال تشذ المواقع األثرية في محافظة بابل كمواقع ذات عمق حضاري معروف عن هذه القاعدة‪ ،‬وتقف التعرية الريحية والمطرية‬
‫في مقدمة العناصر الطبيعية التي كانت وال تزال تعمل باتّجاه تلف بناء المواقع‪ ،‬وإن عدم إكمال عمليات التنقيب في المواقع‬
‫والتالل األثرية وال سيما المواقع المكشوفة منها ولمدد طويلة تعرضها إلى الدمار ألن اغلبها مواقع ذات تكوينات فتاتية متمثلة‬
‫بالطين واللبن والصخور الرملية‪ ،‬وهي قليلة المقاومة للتعرية الريحية لذا جاءت الدراسة للكشف عن مستوى الخطر الذي تخلفه‬
‫الرياح واألمطار من خالل استخدام بعض المعادالت الرياضية والعمل الميداني لبيان أثر التعرية الريحية والمطرية وينبغي عدم‬
‫تجاهلها بأي حال من األحوال‪ ،‬وال سيما أن األمر يتعلق بمواقع حضارية نفيسة‪ ،‬واستمرار هذه العملية ودون معالجة من شأنه‬
‫أن يؤدي إلى قطع وتلف أجزاء كبيرة من الطبقات العليا من التلول والمواقع األثرية وبالتالي ضياع معالمها األثرية‪.‬‬

‫‪Wind and rain erosion and its impact on important archaeological sites in Babil‬‬
‫‪Goverorate‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪Wind and rain are among the most influencing factors in the damage to buildings, including‬‬
‫‪archaeological sites wherever they are found. Wind and rain erosion comes at the forefront of the‬‬
‫‪natural elements that were and are still working towards damaging the buildings of the‬‬
‫‪archaeological sites, and the lack of completion of excavation work in the archaeological sites and‬‬
‫‪hills, especially the exposed sites for a long time, exposes them to destruction because most of‬‬
‫‪them are sites with young formations such as mud, milk and sand rocks, which are Low resistance‬‬
‫‪to erosion, so the study came to uncover the size of the risk caused by wind and rain on‬‬
‫‪archaeological sites through the use of some mathematical equations and field work to show the‬‬
‫‪impact of wind and rain erosion, the effects of which should not be ignored in any case. Of the‬‬
‫‪case, especially that it is a historical and cultural sites of precious, and the continued erosion‬‬
‫‪process without treatment would lead to a cut and damaged large parts of the upper layers of hills‬‬
‫‪and‬‬ ‫‪archaeological‬‬ ‫‪sites,‬‬ ‫‪and‬‬ ‫‪thus‬‬ ‫‪the‬‬ ‫‪loss‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪archaeological‬‬
‫‪monuments.‬‬
‫المقدمــة ‪ :‬تعد محافظة بابل من المحافظات الغنية بالمواقع األثرية‪ ،‬إذ قامت فيها واحدة من أهم الحضارات في العالم‪ ،‬وتحوي أرض‬
‫المحافظة عدداً كبي اًر من المواقع والتلول األثرية التي كانت يوماً ما من المدن المهمة التي كان لها دور كبير في تاريخ العراق القديم‪،‬‬
‫وتتوزع هذه اآلثار في مواقع كثيرة بلغت أكثر من (‪ )1200‬موقعاً اثرياً مسجل(‪ ،)1‬يرجع تاريخها إلى مختلف العصور التاريخية ‪ ،‬وقد‬
‫جرت عمليات تنقيب قامت بها بعثات أجنبية وأخرى عراقية‪ .‬تعد العوامل الطبيعية من أكثر العوامل تأثي اًر في تلف المواقع األثرية‬
‫أينما وجدت وتتمثل أهم هذه العوامل بالتعرية الريحية والمطرية التي كانت وال تزال تعمل باتّجاه إتالف المواقع األثرية في المحافظة‪،‬‬
‫فضالً عن عوامل أخرى‪.‬‬

‫مشكلــة البحــث‪ :‬تتلخص مشكلة البحث بمجموعة من التساؤالت أهمها‪ :‬ما المواقع األثرية المهمة في محافظة بابل ؟ وهل تتباين من مكان‬
‫آلخر؟ ما أثر التعرية الريحية والمطرية على المواقع األثرية المهمة في محافظة بابل؟ ما هي المخاطر الناجمة عن تاثير التعرية الريحية‬
‫والمطرية على المواقع األثرية المهمة في محافظة بابل؟‬

‫فرضـــية البحــث‪ :‬تعد محافظة بابل من أكثر المحافظات العراقية أهمية بالنسبة للمناطق األثرية ‪ ،‬إذ ظهرت على أرضها منذ القدم حضارة‬
‫عريقة ما زالت آثارها قأئمة حتى يومنا هذا‪ .‬ومن أهم المناطق األثرية في محافظة بابل مدينة بابل األثرية‪ ،‬كيش (تل األحيمر)‪ ،‬آثار‬
‫برس النمرود (بورسيبا)‪ ،‬آثار كوثا (جبل إبراهيم)‪ ،‬آثار العقير‪ ،‬آثار جمدة نصر ‪ ،‬تل زونة ‪ ،‬تل جغيمان‪ .‬وتتباين هذا المواقع من مكان‬
‫آلخ ر في المحافظة‪ ،‬ويكمن أثر التعرية الريحية والمطرية في إتالف هذه المواقع من خالل التفريغ الهوائي أي إزالة الطبقة الهشة للموقع‬
‫االثري وعملية النحت (الصقل) وعملية النقل والترسيب‪ ،‬فضالً عن التأثير الميكانيكي لألمطار من خالل عمليات التعرية والترسيب مما‬
‫ينذر بخطر كبير يهدد هذه المواقع‪.‬‬

‫هــدف البحــث‪ :‬يهدف البحث الحالي إلى تسليط الضوء على أهم المواقع األثرية المهمة في محافظة بابل ومعرفة أثر التعرية الريحية‬
‫والمطرية‪ .‬ومن أجل صيانة هذه المواقع والمحافظة عليها ألطول زمن ال بد من تسخير الطاقات البشرية والمادية لتحقيق هذا الغرض‬
‫النبيل‪.‬‬

‫منهجـية البـحث ‪ :‬اعتمد الباحثان على المنهج التحليلي والمنهج التاريخي والدراسة الميدانية في السير بخطوات البحث ‪ ،‬فضالً عما يتوفر‬
‫من بيانات حكومية وإحصاءات وتقارير‪.‬‬

‫هيكليــة البحــث ‪ :‬ارتأى الباحثان تقسيم البحث إلى مبحثين‪ :‬األول تنأول المواقع األثرية المهمة في محافظة بابل بينما تطرق المبحث‬
‫الثاني إلى أثر التعرية الريحية والمطرية على المواقع األثرية في المحافظة ‪ ،‬واختتم البحث بجملة من االستنتاجات والمقترحات وملحق‬
‫لبعض الصور‪.‬‬

‫أدوات البحــث ‪ :‬استخ دم الباحثان في البحث بيانات الح اررة واألمطار في محافظة بابل للمدة من (‪ )2015 -1980‬وتم استعمال جهاز‬
‫ال ـ (‪ )GPS‬في تحديد المواقع األثرية واستخدام برنامج نظم المعلومات الجغرافية الـ (‪ )GIS‬في رسم خريطة حدود البحث ورسم خريطة‬
‫للمواقع األثرية المهمة في محافظة بابل‪.‬‬
‫حــدود البحــث ‪ :‬حددت منطقة الدراسة مكانياً بمحافظة بابل التي تقع وسط العراق‪ ،‬محددة بالموقع الفلكي الذي ينحصر مـ ـ ـا بين دائرتي‬
‫عرض (‪ )º 35 ¯º - 8 32 ¯6‬شــماالً وم ـ ــا بين خطي طول (‪ )º - 12 ¯ 45 º43 ¯57‬شرقاً‪ ،‬كما يتضح من الخريطة (‪)1‬‬
‫وتحدها من الشمال محافظة بغداد ومن الجنوب محافظتي القادسية والنجف‪ .‬أما من الشرق فتحدها محافظة واسط‪ ،‬ومن الغرب محافظتي‬
‫‪ .‬ويمكن توزيع هذه المواقع األثرية‬ ‫األنبار وكربالء‪ .‬وتبلغ مساحة المحافظة (‪ ) 5119‬كم‪ 2‬تمثل (‪ )%1,2‬من إجمالي مساحة البالد‬
‫(‪)2‬‬

‫المهمة مكانياً على الخريطة‪ .‬اعتمد الباحثان برنامج ( ‪ )Arc Ma GIS.10‬والدراسة الميدانية وتم تسقيط المواقع األثرية بواسطة جهاز‬
‫تحديد المواقع ال ـ (‪ )GPS‬بهدف إعطاء صورة واضحة ألهمية هذا المواقع والتلول األثرية ‪ ،‬ينظر الخريطة (‪.)2‬‬

‫الخريطة (‪ )2‬أهم المواقع والتلول األثرية في محافظة بابل‬ ‫الخريطة (‪ )1‬موقع محافظة بابل من العراق‬

‫المصدر‪ )1( :‬باالعتماد على برنامج ( ‪ )Arc Map GIS.10‬على مديرية المساحة العامة‪ ،‬خارطة العراق اإلدارية بمقياس رسم ‪:1‬‬
‫‪ ,1000000‬لعام ‪ . 2010‬تسقيط المواقع األثرية بواسطة جهاز تحديد المواقع ال ـ (‪.)GPS‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬المواقع األثرية المهمة في محافظة بابل‬

‫تعتبر محافظة بابل من أكثر المحافظات العراقية أهمية بالنسبة للمواقع األثرية‪ ،‬إذ ظهرت على أرضها منذ القدم حضارة عريقة ما زالت‬
‫آثارها قأئمة حتى يومنا هذا‪ ،‬ومن أهم المواقع األثرية في محافظة بابل‪:‬‬
‫‪ -1‬مدينــة بابـل األثرية ‪ :‬تقع مدينة بابل األثرية في وسط العراق على بعد (‪ )90‬كم جنوب بغداد ‪ ،‬ونحو (‪ )10‬كم شمال مدينة الحلة‬
‫‪ ،‬ويمكن الوصول إليها بالطريق البري (طريق بغداد ‪ -‬الحلة وبطريق سكة حديد بغداد البصرة) الذي يمر بجوار مدينة بابل‪ .‬ومدينة‬
‫بابل أشهر المدن القديمة التي ورد ذكرها في الكتب السماوية وتغنى الكتاب والرحالة بعظمتها وجمالية وروعة أبنيتها وثقافة شعبها وعدت‬
‫أسوارها وجنائنها المعلقة من بين عجائب الدنيا السبع‪ ،‬وقد ورد اسم بابل في النصوص المسمارية بهيئة (باب ايلي) الذي يعني باب‬
‫اإلله‪ ،‬كما ورد بصيغتين في اللغة السومرية واالثنتان تشيران إلى نفس المعنى ‪ ،‬وقد عرفت بأسماء أخرى منها (موطن الحياة) وكف‬
‫(الحياة)‪ ،‬وذكرها اإلغريق بهيئة (بابلون) ومنها بالد بابل التي سمي العراق القديم بها(‪.)3‬‬

‫نمت بابل من قرية صغيرة ذكرت في العصر األكدي قبل نجو (‪ )4300‬سنة‪ ،‬ثم ترعرعت وتوسعت في زمن ساللة الثالثة حتى صارت‬
‫مدينة كبيرة في العصر البابلي ‪ ،‬وعاصمة لألموريين الذين كان أشهر ملوكهم المشرع الكبير حمورابي (‪ )1750 -1792‬ق‪ .‬م حيث‬
‫وحد السالالت األمورية في دولة واحدة وجعل عاصمتها بابل(‪ ،)4‬وانتشرت الكتابة البابلية في زمنه في جميع أنحاء الشرق األوسط وأعظم‬
‫أعماله وضع القوانين وتوحيدها في شريعة واحدة مسماة باسمه‪ ،‬وتعتبر شريعته هذه من اقدم الشرائع وادقها في العالم‪ ،‬واخذت الشرائع‬
‫التي جاءت بعدها الكثير من بنودها ‪ ،‬وقد نالت بابل العناية الفائقة في عهد ملكهم نبوخذ نصر (‪ )562 -606‬ق‪ .‬م وبعد توطيد‬
‫إمبراطورتيه سعي هذا الملك إلى تعمير وبناء مدينة بابل وقد أصبحت ابان حكمة اجمل عاصمة عرفها العالم(‪ ،)5‬وقد بلغت مساحتها‬
‫(‪ )10‬كم‪ ،2‬ومحيطها (‪ )18‬كم‪ . 2‬إن هذه الفترة أطلق عليها العصر البابلي الحديث ‪ ،‬وإن جميع المباني اآلن في بابل تعود إلى زمن‬
‫الملك نبوخذ نصر(‪ ،)3‬اما بقايا العصر البابلي القديم فتوجد تحت األرض ومعظمها تحت الماء لقد كشفت التنقيبات في تالل بابل عن‬
‫آثار نفيسة سواء في القصور والمعابد او المنحوتات ‪،‬ما يدلل على عمق الحضارة البابلية واصالتها وتحديها للظروف التي مرت بها‬
‫ولعل أهم تلك اآلثار المكتشفات بوابة عشتار ‪ ،‬شارع الموكب‪ ،‬القصور الملكية في بابل ‪ ،‬زقورة بابل ‪ ،‬الجنائن المعلقة ‪ ،‬المسرح‬
‫اإلغريقي (‪.)6‬‬

‫‪ -1‬كيــش (تل األحـيمر)‪ :‬يقع على مسافة (‪ )13‬كم شمال شرق مدينة الحلة ويبعد حوالي (‪ )10‬كم شرق مدينة بابل التاريخية ضمن‬
‫حدود ناحية النيل ‪ ،‬تبلغ مساحته حوالي (‪ )4000‬متر مربع ‪ ،‬واقصى ارتفاع له حوالي ( ‪ ) 16‬متر عن األراضي السهلية المحيطة‬
‫بها(‪ ،)7‬ينظر الصورة‪ ) 1( ،‬وقد احتل هذا الموقع أهمية كبيرة في الحضارة العراقية إذ يتمثل في مدينة مترامية األطراف (كيش) أو (تل‬
‫األحيمر) لحمرة لون تربتها في وسطها زقورة ينظر الصورة (‪ ،)2‬وهي الزقورة الخاصة بهيكل (أيل بابا) إله الحرب وزوجته عشتار في‬
‫كيش‪ ،‬وهنالك برج الهيكل البالغ من االرتفاع نحو ستين قدماً‪ .‬تعد مدينة كيش مركز أول ساللة حكمت بعد الطوفان في حضارة وادي‬
‫الرافدين(‪ ، )8‬بدأت التنقيب في هذا الموقع االثري بعثة مشتركة من جامعة أوكسفورد من عام (‪ .)1933 -1923‬وكان من أبرز النتائج‬
‫الكشف عن القصر الذي يعود لعصر السالالت القديمة وعن مقبرة واسعة وجدت فيها بعض قبور كيش وقد حفرت تحت البيوت‪ ،‬وكذلك‬
‫أنواع كثيرة ومختلفة من اللقى واألختام األثرية(‪.)9‬‬
‫الصورة (‪ )2‬جانب من تل األحيمر‬ ‫الصورة (‪ 1‬آ) جانب من اثار مدينة كيش األثرية‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬


‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬

‫برس النـمرود (بورسيبا)‪ :‬تقع مدينة بورسيبا على بعد (‪ )15‬كم جنوب غرب مدينة الحلة باتّجاه الطريق المؤدي إلى محافظة النجف وهي‬
‫بقايا زقورة المعبد الذي شيده الملك (نبوخذ نصر الثاني) حيث كانت بورسيبا تجاور مدينة بابل األثرية وتقع في ضواحيها وسميت في‬
‫المصادر القديمة (بابل الثانية)(‪.)10‬‬

‫واسم بورسيبا سومري ومعناه (قرن البحر أو سيف البحر)‪ ،‬وقد ورد ذكرها في أحد النصوص المسمارية التي يرجع تاريخها إلى االلف‬
‫الثالث قبل الميالد‪ ،‬وكان الموقع انذاك ما يزال صغي اًر‪ ،‬كما جاء ذكرها في شريعة حمورابي (‪ ) 1686-1728‬قبل الميالد اذ يذكر‬
‫تجديد أبنية المدينة المهمة وال سيما معبد إلهها (نابو) وقد ازدهرت المدينة واتسعت في عهد المملكة المتأخرة الساللة األكدية خاصة في‬
‫عهد نبو خذ نصر الثاني (‪ )562-604‬قبل الميالد‪ ،‬وبقيت هذه المدينة مأهولة في الفترات التالية للعصر البابلي القديم وهي الفترة‬
‫‪ ،‬كما انها ظلت مأهولة في العصر‬ ‫(‪)11‬‬
‫الفارسية والفترة االخمينية والفترة السلوقية والفترة الفارسية الفرثية والفترة الفارسية الساسانية‬
‫‪ .‬وأشهر معالم المدينة برجها المدرج الذي‬ ‫اإلسالمي ‪ ،‬كما تؤيد ذلك االخبار العربية وبقايا الفخار اإلسالمي المنتشر بكثرة فوق تلولها‬
‫(‪)12‬‬

‫يرجح الباحثون أنه مكون من سبع طبقات‪ ،‬وترتفع بقايا البرج (‪ )47‬مت ار عن السهل المحيط به ‪ ،‬ينظر الصورة (‪ ،)3‬وهو يعد من أهم‬
‫االبراج المدرجة الباقية في مدن العراق القديم ‪ ،‬ومن هذه المعالم معبد اإلله نابو الذي جدد بناءه نبوخذ نصر ‪ ،‬وفي الجهة الشمالية من‬
‫البرج تل مرتفع علية مقام اب ارهيم الخليل (ع)‪ ،‬ويعتقد أن هذا التل كان يضم أجزاء مهمة من المدينة وقصورها ومواضع السكنى فيها‬
‫ويفصل بين منطقة البرج والمعبد (‪ ،)13‬وبين التل المذكور منخفض من االرض لعله يكون شارع المدينة الرئيسي‪ .‬وتنبغي اإلشارة هنا‬
‫إلى ظاهرة غريبة في بقايا اآلجر المتساقطة من البرج المدرج‪ ،‬إذ أصاب هذا اآلجر حرق شديد حول معظمه إلى صخور ذائبة‪ ،‬ولم‬
‫يكن معقوال او مقبوال تعرض هذا اآلجر إلى حريق اصطناعي‪ ،‬نظ اًر الرتفاع البرج الشاهق أو تعرضه لصاعقة ألن ذلك لم يحدث‬
‫البراج مشابهة في الع ارق ‪ ،‬والرأي المقبول لتعليل هذه الظاهرة هو سقوط نيزك سماوي على البرج كان سببا في حدوث هذا الحريق(‪.)14‬‬
‫أجرى بعض المنقبين االجانب تحريات مبكرة في بورسيبا عام (‪ )1902‬وحتى عام (‪ ،)1980‬وقد تم الكشف عن الطبقة األولى للزقورة‬
‫وعن أجزاء واسعة من الجدار الخارجي للطبقة األولى خاصة في الزاوية الشمالية للزقورة‪ ،‬وقد عثر خالل التنقيبات على حجر اساس‬
‫عليه كتابات تعود لزمن نبوخذ نصر الذي بنيت الزقورة في زمنه كما عثر على (‪ )300‬رقم طيني تعود لعصر هذا الملك(‪.)15‬‬

‫‪ -4‬كــوثا (جبل إبراهيم)‪:‬‬

‫تقع على بعد (‪ )50‬كم‪ ،‬شمال شرق مدينة الحلة ‪ ،‬ضمن حدود ناحية المشروع التابعة لقضاء المحاويل ‪،‬وكوثا من ابرز مدن بالد بابل‬
‫الشمالية قبل نهوض بابل نفسها اذ كانت مرك اًز للفكر الديني وإلهها الخاص (نركال) كان له معبد عظيم يدعى (أي – شد – الم) وله‬
‫زقورة تدعى (أي ننار) وتذكر بعض النصوص ان (دونكي) احد ملوك اسرة اور الثالثة حوالي (‪ )2300‬قبل الميالد اعاد بناءها وجددها‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫وظلت كوثا مزدهرة في العصور اإلسالمية حتى القرن الرابع الهجري‬
‫(‪)16‬‬

‫يبلغ طول أكبر تاللها نحو (‪ )1000‬متر وارتفاعه من (‪ )40 -35‬متر‪ ،‬ينظر الصورة (‪ ،)4‬ويوجد فوق تالل كوثا مرقد اإلمام ابراهيم‬
‫األدهم (ع)(‪ ، )17‬وهو مغطى بآجر يحمل كتابات مسمارية وربما استخدم االهالي هذا االجر في بناء بعض بيوتهم‪ ،‬وتم إجراء المسوحات‬
‫والتنقيبات األثرية في موقع كوثا االثري في عام (‪ )1940‬وعثر خاللها على الكثير من اللقى األثرية ومن اهمها ألواح مكتوبة بالمسمارية‬
‫واقداح مكتوبة بالسريانية ‪ ،‬فضالً عن ألواح ولقى أثرية تعود إلى العصر اإلسالمي(‪.)18‬‬

‫الصورة (‪ )4‬جانب من تالل كوثا (جبل ابراهيم)‬ ‫الصورة (‪ )3‬آثار برس النمرود (بورسيبا)‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-14‬‬

‫‪ -5‬تل الـعقــير‪ :‬يقع هذا التل في قضاء المسيب ‪ ،‬ويتألف هذا الموقع من ستة تلول أثرية‪ ،‬والتل األول يرتفع عن سطح االرض المجاورة‬
‫بين (‪ )12 -10‬مت ار ويبلغ محيطة (‪ )100‬متر‪ ،‬اما التل الثاني فيقع جنوب التل األول بمسافة كيلومتر واحد وارتفاعه (‪ )8‬أمتار‬
‫ومحيطة حوالي (‪ ) 300‬متر‪ ،‬ويقع التل الثالث جنوب التل الثاني وإلى جنوب التل الثالث يقع تل العقير الرابع بمسافة (‪ )100‬متر‪،‬‬
‫ويقع العقير الخامس غرب التل الرابع ويبلغ ارتفاعه (‪ )8‬متر ومحيطة (‪ )320‬متر ‪ ،‬اما التل العقير السادس فارتفاعه (‪ )9‬أمتار‬
‫ومحيطة (‪ )250‬مت ار(‪ ،)19‬ينظر الصورة (‪ .)5‬وقد جرت التنقيبات األثرية في تالل العقير عام (‪ )1940‬وكان من ابرز المكتشفات بقايا‬
‫المعبد مع مصطبة مبنية من اللبن يرقى تاريخها إلى دور الوركاء‪ ،‬وقد تواصل التنقيب والكشف والتحري حتى عام (‪ )1956‬وقد ظهرت‬
‫اسس للجدران في آثار تالل العقير تعود إلى عصر فجر السالالت مشيدة من اللبن المحدب المبصوم ببصمة اإلبهام‪ ،‬وقد استنتج من‬
‫خالل الجدران والغرف أن القسم الجنوب ي كان يمثل قرية صغيرة وان المقبرة في القسم الشمالي‪ ،‬وتم الكشف عن مجموعة من االواني‬
‫الفخارية واللقى األثرية تعود إلى دور فجر السالالت األول(‪.)20‬‬

‫‪ -6‬تالل جمدة نصـر ‪ :‬تقع تالل جمدة نصر على مسافة (‪ )55‬كم شمال شرق مدينة الحلة ‪ ،‬وتبعد (‪ )24‬كم شمال شرق كيش ضمن‬
‫وقد جرت أولى التنقيبات األثرية في تالل جمدة نصر في عام (‪ )1941‬وبينت ان الكسر الفخارية والمعدنية‬ ‫(‪)21‬‬
‫حدود ناحية المشروع‬
‫‪ ،‬وان تالل‬ ‫المنتشرة على سطح التالل األثرية يرجع زمنها إلى عصور ما قبل التاريخ للمدة الممتدة (‪ )3000-3500‬قبل الميالد‬
‫(‪)22‬‬

‫جمدة نصر هي عبارة عن مجموعة تالل متراصة في الشكل وبقمة مرتفعة على قاعدة تنحدر تدريجياً إلى مستوى السهل المجاور‪،‬‬
‫ينظر الصورة (‪ )6‬تبلغ مساحتها(‪ )4100‬متر مربع واعلى ارتفاع لها حوالي (‪ )18‬مت ار عن األراضي المحيطة بها(‪.)23‬‬

‫‪ -7‬تــل جغيمــان ‪ :‬هو من أهم التلول األثرية في المحافظة ويقع في جنوب ناحية الطليعة وعلى بعد (‪ )48‬كيلو مت ار عن مدينة الحلة‪،‬‬
‫ويتكون من مجموعة تالل صغيرة يطلق عليها اسم ايشان جغيمان ويبلغ ارتفاع التل عن االراضي المحيطة به حوالي (‪ )17‬مت ار وتبلغ‬
‫مساحته حوالي (‪ )4200‬كم‪ ،)24( 2‬ولم يجر أي تنقيب حول التل االثري ‪ ،‬لكن تنتشر على سطحه كسر فخارية متنوعة ترجع إلى‬
‫العصر البابلي الحديث والدور الفرثي‪ ،‬ومن أبرز اللقى األثرية فيه أوان فخارية كبيرة وصغيرة الحجم وقطع معدنية(‪.)25‬‬

‫الصورة (‪ )6‬تالل جمدة نصر األثرية‬ ‫الصورة (‪ )5‬جانب من اثار تالل العقير‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬


‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-14‬‬
‫‪ -1‬تــل زونـــة ‪:‬‬

‫يقع تل زونة االثري في ناحية الطليعية بالقرب من طريق (حلة ديوانية) وعلى بعد (‪ )42‬كيلو مت ار عن مدينة الحلة‪ .‬يبلغ ارتفاع التل‬
‫االثري حوالي (‪ )54‬مت ار عن األراضي المحيطة به(‪ .)26‬تبلغ مساحة التل االثري حوالي (‪ )4000‬متر مربع‪ ،‬ويطلق عليه اسم ايشان‬
‫الزرفية او علوة زونة وهو غير منتظم الشكل(‪ )28‬ولم تجر التنقيبات األثرية بشكل رسمي على هذا التل اال ان بعض الدراسات المسحية‬
‫التي اجريت عليه وجدت الكثير من اللقى األثرية واالواني الفخارية والمعدنية‪ ،‬ومن خالل مقارنة هذه اآلثار المكتشفة في هذا الموقع بما‬
‫يماثلها من المكتشفات في مواقع أخرى تبين يعود إلى الفترة الفرثية أي ما بين القرن األول والثاني قبل الميالد(‪.)29‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬أثر التعرية الريحية والمطرية على المواقع األثرية في محافظة بابل‬

‫تعد العوامل الطبيعية من أكثر العوامل تأثي اًر في تلف األبنية ومن اهمها المواقع األثرية أينما وجدت‪ ،‬وال تشذ المواقع األثرية في محافظة‬
‫بابل كمواقع ذات عمق حضاري معروف عن هذه القاعدة‪ ،‬وتقف عوامل التعرية الريحية والمطرية في مقدمة العناصر الطبيعية التي‬
‫كانت وال تزال تعمل باتّجاه إتالف بناء المواقع‪ ،‬فضالً عن عوامل أخرى ثانوية ذات أثر أقل ضر اًر‪ ،‬ومع ذلك ينبغي عدم تجاهلها بأي‬
‫حال من االحوال‪ ،‬وال سيما أن األمر يتعلق بصرح حضاري نفيس‪.‬‬

‫لقد بلغ المعدل السنوي لسرعة الرياح في منطقة الدراسة (‪1,78‬م‪/‬ثا) ‪ ,‬كما يتضح من الجدول (‪ ،)1‬وإن أعلى معدل سرعة للرياح سجل‬
‫ابتداء من شهر آذار إذ سجلت معدل‬
‫ً‬ ‫في شهر تموز إذ بلغت السرعة (‪2,58‬م‪/‬ثا) ‪ ,‬وتمتاز سرعة الرياح في منطقة الدراسة بالنشاط‬
‫سرعة (‪ 2,12‬م‪/‬ثا) ‪ ,‬ثم تنخفض بعد شهر حزيران لتصل في شهر تشرين الثاني إلى معدل ( ‪ 1,14‬م‪/‬ثا) ‪ ,‬وهو اقل معدل في السنة‪،‬‬
‫ويعود سبب هذا التباين في معدالت سرعة الرياح إلى وقوع منطقة الدراسة والعراق عامة ما بين منطقتين مختلفتين في الضغط‪.‬‬

‫الجدول (‪ )1‬المعدالت الشهرية والسنوية لسرعة الرياح في مدينة الحلة للمدة (‪)2015 -1981‬‬
‫حزيران‬
‫كانون األول‬

‫تموز‬

‫كانون الثاني‬
‫نيسان‬
‫تشرين الثاني‬

‫شباط‬
‫تشرين األول‬

‫أيلول‬

‫اب‬

‫اذار‬
‫المعدل‬

‫مايس‬

‫الشه‬
‫السنوي‬

‫ر‬

‫معدل‬
‫ال‬
‫‪2,5‬‬
‫‪1,78‬‬ ‫‪1,31‬‬ ‫‪1,14‬‬ ‫‪1,2‬‬ ‫‪1,48‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2,45‬‬ ‫‪2,07‬‬ ‫‪1,93‬‬ ‫‪2,12‬‬ ‫‪1,75‬‬ ‫‪1,38‬‬ ‫سر‬
‫‪8‬‬
‫عة‬
‫م‪ /‬ثا‬

‫المصدر ‪ :‬جمهورية العراق ‪ ,‬و ازرة النقل والمواصالت ‪ ,‬الهيئة العامة لألنواء الجوية العراقية ‪ ,‬قسم المناخ ‪ ,‬بيانات غير منشورة‬
‫‪. 2015 ,‬‬
‫فيالحظ أن الرياح السائدة فيها هي الرياح الشمالية الغربية (‪ )NW‬والمعروفة‬
‫أما بالنسبة التّجاهات الرياح السائدة في منطقة الدراسة ‪ُ ,‬‬
‫محلياً باسم ( الغربي ) ‪ ,‬التي سجلت أعلى معدالت هبوب خالل السنة بمعدل (‪ ،)%25,4‬يتضح ذلك من الجدول (‪ , )2‬تليها الرياح‬
‫الغربية (‪ )W‬بمعدل هبوب بلغ (‪ , )%19,5‬فيما بلغت حاالت السكون نحو(‪, )%16,3‬وبلغ معدل هبوب الرياح الجنوبية الشرقية(‪)SE‬‬
‫نحو(‪ ,)%7,8‬تليها الرياح الشرقية(‪ )E‬بمعدل بلغ(‪ ,)%5,6‬فيما تساوت معدالت هبوب الرياح الجنوبية(‪ )S‬والرياح الشمالية الشرقية(‪)NE‬‬
‫حيث بلغ معدلهما نحو(‪ )%3,4 ,%3,4‬على التوالي‪ .‬أما أقل أنواع الرياح هبوباً على منطقة الدراسة فسجلتها الرياح الجنوبية الغربية‬
‫(‪ )SW‬بمعدل (‪ ,)%2,2‬يتضح ذلك من الشكل(‪ ,)1‬وغالباً ما تسبب بعض أنواع الرياح الهابة على منطقة الدراسة وإقليمها باألخص إذا‬
‫كانت سريعة‪ ,‬تصاعد الغبار والعواصف الغبارية مما يؤثر سلباً على سكان المدينة صحياً وعلى نشاطهم وأعمالهم‪.‬‬

‫الجدول (‪ )2‬النسب المئوية التّجاه الرياح السائدة في محافظة بابل للمدة (‪)2015 – 1980‬‬
‫‪Total %‬‬ ‫‪Stop‬‬ ‫‪SW‬‬ ‫‪NE‬‬ ‫‪S‬‬ ‫‪E‬‬ ‫‪SE‬‬ ‫‪N‬‬ ‫‪NW‬‬ ‫‪W‬‬ ‫االتّجاه‬

‫‪100‬‬ ‫‪16,3‬‬ ‫‪2,2‬‬ ‫‪3,4‬‬ ‫‪3,4‬‬ ‫‪5,6‬‬ ‫‪7,8‬‬ ‫‪16,4‬‬ ‫‪25,4‬‬ ‫‪19,5‬‬ ‫النسبة المئوية ‪%‬‬

‫المصدر‪ :‬جمهورية العراق ‪ ,‬و ازرة النقل والمواصالت ‪ ,‬الهيئة العامة لألنواء الجوية العراقية ‪ ,‬قسم المناخ ‪ ,‬بيانات غير منشورة ‪,‬‬
‫‪. 2015‬‬
‫شكل (‪ )1‬وردة الرياح في محافظة بابل للمدة (‪)2015-1980‬‬

‫المصدر‪ :‬باالعتماد على بيانات الجدول (‪.)2‬‬


‫أوال – التعــريــة الريحية ‪Wind Erosion :‬‬

‫يعد فعل الرياح أحد أهم العوامل الطبيعية المؤثرة على المواقع األثرية ‪ ،‬فمن المعلوم لدينا أن عامل الرياح يلعب دو اًر ذا اهمية بالغة في‬
‫التأثير الجيومورفولوجي على المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية ‪ ،‬بسبب سيادة الجفاف وقلة أو انعدام الغطاء النباتي في هذه‬
‫المناطق‪ ،‬ويمكن تحديد الضرر الناتج عن فعل الرياح في منطقة الدراسة كما يأتي‪.‬‬
‫‪ -1‬التفريغ الهــوائي ‪ : Deflation‬يقصد بعملية التفريغ الهوائي التقاط وإزالة الحبيبيات الهشة لتصبح جزءاً مهماً من حمولة الرياح‬
‫(‪)30‬‬

‫وتحدث هذه العملية في المواقع األثرية في منطقة الدراسة بدرجة كبيرة بسبب كونها مواقع مكشوفة وخالية من الغطاء النباتي وتنتج‬
‫عملية التفريغ الهوائي من جراء الضغط الهيدروليكي (‪ ، )Hydraulic Pressure‬الذي تسلطه الرياح على السطح الذي تهب عليه‬
‫حيث تعتمد هذه العملية على مقدار سرعة الرياح من جانب وحجم الحبيبات التي تحملها من جانب آخر‪ ،‬فهناك عالقة طردية بين‬
‫مقدار حمولة الرياح وسرعتها ويقدر مقدار ضغط الرياح على السطح (‪ )3,25‬كغم ‪ ،‬حينما تكون سرعتها (‪ 5,5‬م‪/‬ثا) ‪ ،‬كما ان هناك‬
‫صلة وثيقة بين سرعة الرياح وبداية انفصال الذرات من السطح حيث تستطيع الرياح تحريك الذرات التي يبلغ قطرها (‪ )0,1‬ملم عندما‬
‫تكون سرعتها (‪ 4,4‬م‪ /‬ثا) أي (‪ 16‬كم ‪ /‬ساعة)(‪.)31‬‬

‫تبين من خالل الدراسة الميدانية تأثير عامل التفريغ الذي تقوم به الرياح في عدة جهات من المواقع األثرية ولكنه ظهر بشكل واضح‬
‫في المواقع الت ي لم تشهد عمليات تنقيب والترميم إلى اآلن مثل تل زونة وتل جغيمان وتل األحيمر والعقير‪ ،‬آثار تل العقير‪ ،‬ينظر‬
‫الصورة (‪ ،)7‬وتل األحيمر ينظر الصورة (‪ ، )8‬ولذلك أصبحت أجزاء اغلب المواقع مكشوفة كما ان مادة بنائها مفتتة بفعل عوامل‬
‫رت معالمها األثرية‪ ،‬عالوة على ما تقدم فإن وقوع المواقع األثرية في‬
‫دم ْ‬
‫التعرية المختلفة وأصبحت مكوناتها فريسة لفعل الرياح وبالتالي ّ‬
‫مناطق ذات تغيير حراري يومي كبير ساهم بشكل واضح في تنشيط عمل الرياح في هذا الجانب‪ ،‬ففي اثناء النهار وخصوصا في فصل‬
‫الصيف يصبح الهواء المالمس لسطح االرض ساخنا عن طريق التوصيل فتظهر الحركة الراسية وتتكون تيارات الحمل ( ‪Currents‬‬
‫‪ )Convection‬النشطة اذا كان الفرق بين درجة ح اررة الطبقة السفلى التي تليها ‪ ،‬فتندفع تيارات الحمل بسرعة نحو االعلى فتعمل على‬
‫تفريغ مواد المواقع األثرية على شكل عاصفة غبارية (‪ )Dust Storm‬محلية حيث تنقل هذه المواد إلى أمكنة أخرى‪.‬‬

‫الصورة (‪ )8‬توضح أثر التفريغ الهوائي في تل‬ ‫الصورة (‪ )7‬توضح أثر التفريغ الهوائي في‬
‫األحيمر‬ ‫اثار تل العقير‬
‫‪ -2‬النحـــــت (الصقل) ‪ : Abrasion‬تحدث عملية النحت نتيجة لالصطدام المستمر بين الرياح المحملة بالحطام الصخري كذرات الرمال‬
‫والحصى وغيرها وبين السطح الذي تمر عليه ‪ ،‬ومما تجدر اإلشارة إليه أن فعل الرياح كعامل نحت يزداد في المناطق الجافة الخالية‬
‫من الغطاء النباتي والمعرضة باستمرار لهبوب الرياح والعواصف الغبارية عليها اضافة إلى تفكك مكونات تربتها(‪ .)32‬ان وقوع المواقع‬
‫األثرية في منطقة ذات مناخ جاف خال من الغطاء النباتي ‪ ،‬فضالً عن تعرضها المستمر لهبوب الرياح الشمالية الغربية وكذلك‬
‫جعل مواد المواقع األثرية عرضة لفعل التعرية الريحية بشكل مستمر بل ان تاثير هذه التعرية يعد عامالً مهماً‬ ‫العواصف الغبارية‬
‫(‪)33‬‬

‫في هذه المواقع األثرية منذ تشييدها قبل آالف السنين وحتى الوقت الحاضر‪ .‬تعتمد درجة تأثير الرياح كعامل نحت في منطقة الدراسة‬
‫على عاملين مهمين هما ‪:‬‬

‫أ‪ -‬مدى تجانس مواد بناء الموقع االثري ‪ :‬نظ اًر لتنوع هذه المواد فإن عملية النحت ادت إلى تآكل االجزاء اللينة قبل االجزاء الصلبة لذلك‬
‫الحظ الباحثان من خالل الدراسة الميدانية وجود اجزاء محزوزة (‪ )Fluted‬وبعظها منقرة (‪ )Deflition‬كما في تل (كوثا ) االثري ينظر‬
‫الصورة (‪ )9‬و(‪.)10‬‬

‫ب‪ -‬مقدار ارتفاع الرياح عن سطح االرض‪ :‬ان عملية النحت تكون أكثر شدة على ارتفاع متر واحد عن سطح االرض تقريباً ‪ ،‬ألن الرياح‬
‫عند هذا االرتفاع تكون نشطة ومحتفظة بمعظم حمولتها من الرمال وباألخص الخشنة منها (أدوات النحت) ‪ ،‬وكلما زاد االرتفاع تناقصت‬
‫حمولتها وبالتالي تنخفض قابليتها على التعرية ‪ ،‬وقد تبين من خالل الدراسة الميدانية للمواقع األثرية تأثير هذا العامل بشكل كبير في‬
‫مدينة كيش األثرية خصوصاً في االجزاء الشمالية والغربية‪ ،‬ينظر الصورة (‪ .)11‬ويعزى الضرر الذي لحق بالمواقع األثرية بالجوانب‬
‫الشمالية والغربي ة جراء شدة التعرية الريحية إلى وقوع هذين الجانبين بمواجهة الرياح الشمالية الغربية التي تسود في منطقة الدراسة معظم‬
‫أيام السنة‪.‬‬

‫‪ -3‬النقـــــل ‪ : Transportation‬يترتب على تعرض مواد المواقع األثرية إلى التعرية المختلفة تكسر وتفتت تلك المواد وهي بذلك‬
‫تصبح عرضة لعملية النقل إلى اماكن أخرى بفعل الرياح ‪ ،‬وتقف الطريقة التي تنقل بها المواد المفككة بواسطة الرياح على عاملين‬
‫‪:‬‬ ‫هما‬
‫(‪)34‬‬

‫أ‪ -‬حجم المواد المنقولة ‪ :‬لوحظ من خالل الدراسة الميدانية لموقع تل برس (بورسيبا االثري) ينظر من الصورة (‪ ،)12‬ان االجزاء‬
‫المنقولة تتراوح أحجامها بين قطع الطابوق الصغيرة الحجم إلى دقائق الرمل والغرين والطين وباألخص في االجزاء التي لم تشملها عملية‬
‫الصيانة والترميم ‪ ،‬حيث تشتد فيها عمليات النحت بفعل عامل االنحدار والتعرية الريحية‪.‬‬
‫الصورة (‪ )10‬أثر نحت الرياح في مدينة‬ ‫الصورة (‪ )9‬توضح أثر نحت الرياح (صقل)‬
‫كيش األثرية‬ ‫على تل كوثا االثري‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬
‫الصورة (‪ )12‬حجم الحبيبات المنقولة بفعل‬ ‫الصورة (‪ )11‬عملية الصقل ألجزاء من التالل‬
‫االنحدار والرياح من تل بورسيبا االثري‬ ‫األثرية المواجهة للرياح‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-14‬‬
‫ب‪ -‬سرعة الرياح ‪ :‬هناك عالقة وثيقة بين السرعة وقطر الحبيبة المنقولة كما يتضح من الجدول (‪ )3‬الذي يبين العالقة بين أقطار‬
‫الحبيبات والسرعة األولية للرياح الالزمة لنقلها‪.‬‬

‫الجدول (‪ )3‬العالقة بين اقطار الحبيبات والسرعة األولية للرياح الالزمة لنقلها م ‪ /‬ثا‬

‫السرعة الالزمة لنقلها م ‪ /‬ثا‬ ‫قطر الحبيبة ملم‬ ‫ت‬

‫‪6,7 -4,5‬‬ ‫‪0,25‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪8,4 -6,7‬‬ ‫‪0,50‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪12.4 -8,4‬‬ ‫‪1,10‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪13 -12,4‬‬ ‫‪1,50‬‬ ‫‪4‬‬

‫المصدر ‪ :‬حسن رمضان سالمة ‪ ،‬أصول الجيومورفولوجيا‪ ،‬ط‪ ، 3‬دار المسيرة للطباعة والنشر‪ ،‬عمان ‪ 2010،‬ص ‪.264‬‬

‫وفي قمم التلول والمواقع األثرية تكون سرعة الرياح عالية جدا ال سيما في األجزاء المستوية‪ ،‬التي تكون مم اًر تزداد فيه سرعة الرياح‬
‫مما يؤدي إلى نشاط عمليات التعرية الريحية ‪ ،‬إذ نجد أن هناك عالقة مباشرة بين حجم الذرات وسرعة الرياح المطلوبة لبدء تحركها‪.‬‬
‫فلكي تتحرك ذرات بقطر أكبر من مليمتر واحد فإنها تحتاج إلى رياح شديدة السرعة‪ ،‬ويزداد حجم الحبيبات المنقولة مع زيادة السرعة‬
‫الريحية العالية التي تمتاز بها قمم المواقع والتلول األثرية ‪ ،‬وتتناسب قوة الرياح طردياً مع مكعب سرعتها وعكسياً مع مربع التساقط‬
‫الفعال‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك هنالك دور لعامل الجفاف‪ ،‬فإن منطقة الدراسة عانت من جفاف شديد وألكثر من ثمانية أشهر‪ ،‬ما أدى إلى‬
‫تفكك التربة ورفع قابليتها للنحت الريحي‪.‬‬

‫إن اغلب المواقع والتلول األثرية في المنطقة هي تكوينات اغلبها فتاتية متمثلة بالطين واللبن والصخور الرملية ‪ ،‬وتكون هذه التكوينات‬
‫قليلة المقاومة للتعرية الريحية ‪ ،‬وهذه التكاوين تعرضت إلى عمليات التجوية الميكانيكية و الكيميائية ‪ ،‬مما جعلها تستجيب إلى التعرية‬
‫الريحية ينظر الصورة (‪ ،) 13‬التي تبين عدم مقاومة الصخور للتعرية الريحية في مدينة بابل األثرية‪.‬‬

‫تبين من خالل الدراسة الميدانية التي أجراها الباحثان ان أغلب المواقع والتلول األثرية التي اجريت فيها عمليات تنقيب وخصوصا‬
‫مدينة بابل األثرية ‪ ،‬ينظر الصورة (‪ )14‬و(‪ )15‬و(‪ )16‬هي األكثر تعرضا لعمليات التعرية الريحية وذلك ألن اغلب معالمها وخصوصاً‬
‫الجدران والمعالم األخرى تتعرض بشكل مباشر لعمليات النحت والصقل الريحي‪.‬‬
‫الصورة (‪ )14‬تساقط مواد البناء بفعل‬ ‫الصورة (‪ )13‬أثر التعرية الريحية على جدران مدينة‬
‫الرياح في مدينة بابل األثرية‬ ‫بابل األثرية‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-14‬‬

‫الصورة (‪ )16‬أجزاء من التالل األثرية‬ ‫الصورة (‪ )15‬أثر الرياح في عملية تحطيم المعالم‬
‫المواجهة للرياح بشكل مباشر‬ ‫األثرية في مدينة بابل األثرية‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-15‬‬


‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬
‫‪ -4‬ثقــوب أو كهوف الرياح ‪ :‬تنشأ ثقوب الرياح تبعاً الختالف التركيب الصخري في الطبقات التي تتعرض لفعل احتكاك الرياح المحملة‬
‫بالرمال(‪ ,)35‬وتكثر هذه الكهوف أو الثقوب الريحية في التالل والمواقع األثرية ‪ ،‬وتتكون في الجوانب المواجهة للرياح السائدة في منطقة‬
‫الدراسة‪ ،‬إضافة إلى ذلك تساعد عمليات التجوية والتعرية المائية على توسيعها‪ ،‬وقد تبين من خالل الدراسة الميدانية التي أجراها الباحثان‬
‫‪ ،‬ينظر الصورة (‪ )17‬و(‪ )18‬ان أغلب المواقع والتلول األثرية تتعرض لعملية ثقوب او كهوف الرياح ‪.‬‬

‫الصورة (‪ )18‬احد الثقوب الريحية بفعل الرياح‬ ‫الصورة (‪ )17‬ثقب او كهف للرياح في تل األحيمر‬
‫في تل زونة االثري‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-14‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬
‫ولوحظ أيضا من خالل الدراسة الميدانية التي قام بها الباحثان ان احجام الكهوف أو الثقوب الريحية في المواقع والتلول األثرية تتباين‬
‫تبعاً لسرعة واتّجاه الرياح‪ ،‬وتبدو على شكل حفر أو ثقوب جوفية في جدران التل االثري‪.‬‬

‫يمكن تقدير المعدل السنوي للتعرية من خالل المعطيات المناخية المتمثلة بـ(معدل الح اررة ‪ ،‬سرعة الرياح وكمية األمطار) في منطقة‬
‫الدراسة ومن خالل معطيات الجدول (‪ )4‬وبوساطة معادلة (‪ )Chepil‬المناخية وهي كاالتي(‪:)36‬‬
‫‪(( V 3‬‬
‫‪C = 386 ---------------------------‬‬
‫‪(PE)2‬‬
‫إذ إن ‪:‬‬
‫‪ = C‬القابلية المناخية لتعرية الرياح‬
‫‪ = V‬معدل سرعة الرياح ميل‪ /‬ساعة‬
‫‪ = PE‬التساقط الفعال ‪ ،‬ويستخرج باستخدام المعادلة اآلتية ‪:‬‬
‫‪10/9‬‬
‫‪P‬‬ ‫) ‪PE ( Ratio ) = 115 ( ---------------‬‬
‫‪T – 19‬‬
‫إذ إن ‪:‬‬
‫‪ = P‬التساقط (االنج)‬
‫‪ = T‬معدل الح اررة (فهرنهايت)‬

‫الجدول (‪ )4‬درجة التعرية وفقا لقرينة القابلية المناخية لتعرية الرياح‬

‫درجة التعرية‬ ‫قرينة القابلية المناخية لتعرية الرياح‬ ‫ت‬


‫تعرية قليلة جداً‬ ‫‪17 – 0‬‬ ‫‪1‬‬
‫تعرية قليلة‬ ‫‪35 – 18‬‬ ‫‪2‬‬
‫تعرية متوسطة‬ ‫‪71 – 36‬‬ ‫‪3‬‬
‫تعرية عالية‬ ‫‪150 – 72‬‬ ‫‪4‬‬
‫تعرية عالية جداً‬ ‫أكثر من ‪150‬‬ ‫‪5‬‬
‫المصدر‪ :‬عدنان هزاع البياتي ‪ ،‬وكاظم موسى ‪ ،‬المناخ والقدرات الحتية للرياح في العراق ‪ ،‬مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ‪ ،‬العدد ‪23‬‬
‫‪ ،‬مطبعة العاني ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1989 ،‬ص‪. 79‬‬

‫وطبقاً لمعادلة ( ‪ُ ) Chepil‬وجد أن قرينة القابلية المناخية لتعرية الرياح في منطقة الدراسة هي (‪ .)314,204‬ومن مالحظة النتائج‬
‫يتضح أن درجة التعرية عالية جداً في منطقة الدراسة وذات تأثير كبير على المواقع والتلول األثرية‪ ،‬ومن المالحظ ان اغلب المواقع‬
‫والتلول األثرية في منطقة الدراسة ذات ارتفاعات عالية وال شك أن سرعة الرياح تزداد بشكل شديد على أسطح تلك التلول والمواقع‪.‬‬

‫ثانيا – التعــرية المطــرية ‪Rain Erosion :‬‬

‫يقصد بها التعرية التي تسببها األمطار‪ .‬تتم هذه العملية بدءاً من سقوط قطرات األمطار وحتى أماكن تصريفها‪ .‬تعد التعرية المطرية‬
‫من ال عمليات األساسية ذات األهمية في الدراسات الجيومورفية لما لها من آثار مهمة في تشكيل مظاهر سطح األرض‪ .‬وال يقتصر هذا‬
‫األمر على المناخ الحالي المتمثل بقلة أمطاره وسقوطها بشكل زخات سريعة وإنما تشمل أيضا التعرية المطرية في العصور المطيرة(‪،)37‬‬
‫حيث تقوم األمطار بتع رية المواقع والتلول األثرية التي تمر عليها من خالل تعرية ونقل المواد المفتتة إلى المناطق المنخفضة‪ ،‬تتصف‬
‫األمطار في منطقة الدراسة بالتذبذب الكبير في سقوطها وتفاوت كبير على المستوى الشهري والسنوي ‪,‬حيث بلغ المعدل السنوي لكميتها‬
‫على منطقة الدراسة (‪ )8,5‬ملم‪ ،‬فإن سقوط مثل ِ‬
‫هذه الكمية قد يؤثر سلباً على المواقع األثرية‪ ،‬كذلك ال بد من اإلشارة إلى ان الغالبية‬
‫العظمى من هذه المواقع بنيت من الطين واللبن وبالتالي فهي تتأثر سلباً بسقوط األمطار عليها ما يعرضها للسقوط واالنهيار‪.‬‬

‫ابتداء من شهر أيلول إذ سجلت (‪ 0,2‬ملم) وهي أقل كمية سجلت خالل مدة الدراسة‪ .‬وتزداد‬ ‫ً‬ ‫يبدأ سقوط األمطار في منطقة الدراسة‬
‫معدالت سقوط األمطار في شهر تشرين األول إذ بلغ (‪ )3,7‬ملم ‪ ,‬ثم تزداد هذه الكمية في أشهر ( تشرين الثاني ‪ ,‬كانون األول ‪ ,‬كانون‬
‫الثاني ) لتصل إلى ( ‪18,9‬ملم ‪17,6 ,‬ملم ‪21,3 ,‬ملم ) على التوالي‪ ،‬كما يتضح من الجدول (‪ ،)5‬وبعد شهر كانون الثاني الذي‬
‫يسجل أعلى معدالت تساقط االمطار‪ ،‬تبدأ الكمية بالنقصان‪ ،‬إذ تبلغ في أشهر ( شباط ‪ ,‬آذار ‪ ,‬نيسان ) نحو ( ‪12,6‬ملم ‪12,8 ,‬ملم ‪,‬‬
‫‪12,3‬ملم ) على التوالي ‪ ,‬ويستمر تساقط االمطار في منطقة الدراسة حتى شهر (مايس) الذي تنخفض فيه كثي اًر ‪ ,‬إذ تسجل معدل‬
‫(‪ 2,5‬ملم) ‪ ,‬ويعود سبب تساقط األمطار خالل الفصل البارد وفصل الربيع من السنة وندرة أو عدم تساقطها خالل اشهر ( حزيران ‪,‬‬
‫تموز ‪ ,‬آب ) إلىطبيعة نظام األمطار في العراق ‪ .‬تتباين شدة التعرية المطرية واثرها على الموقع االثري اعتماداً على غ ازرة األمطار ‪،‬‬
‫فكلما زادت كمية األمطار أدى ذلك إلى زيادة تعرية الصخور بفعل قطرات المطر وكمية المياه التي تنساب من تجمع تلك القطرات‪.‬‬

‫الجدول (‪ )5‬المعدالت الشهرية والسنوية لألمطار في محافظة بابل للمدة ( ‪)2015 – 1980‬‬

‫المجموع‬ ‫كانون‬ ‫تشرين‬ ‫تشرين‬ ‫كانون‬


‫أيلول‬ ‫آب‬ ‫تموز‬ ‫حزيران‬ ‫مايس‬ ‫نيسان‬ ‫آذار‬ ‫شباط‬ ‫الشهر‬
‫السنوي‬ ‫األول‬ ‫الثاني‬ ‫األول‬ ‫الثاني‬
‫االمطار‬
‫‪8,5‬‬ ‫‪17,6‬‬ ‫‪18,9‬‬ ‫‪3,7‬‬ ‫‪0,2‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪2,5‬‬ ‫‪12,3‬‬ ‫‪12,8‬‬ ‫‪12,6‬‬ ‫‪21,3‬‬
‫ملم‬
‫المصدر‪ :‬باالعتماد على و ازرة النقل والمواصالت ‪ ,‬الهيئة العامة لألنواء الجوية العراقية ‪ ,‬قسم المناخ ‪ ,‬بيانات غير منشورة ‪,‬‬
‫‪. 2015‬‬
‫تعتمد التعرية المطرية على طول مدة سقوط األمطار على الموقع االثري‪ ،‬فكلما قصرت مدة سقوطها فإن ذلك يؤدي إلى تجمعها بفترات‬
‫تكون فرصة كافية لنفاذ بعض من هذه األمطار إلى داخل التربة‪،‬‬
‫قصيرة ‪ ،‬ويكون انسيابها بسرعة أكثر مما لو كانت لفترة أطول حيث ّ‬
‫وعلى حجم قطرات األمطار فكلما كبر حجم القطرات المائية فإن قوة سقوطها على سطح األرض بفعل الجاذبية األرضية تكون أقوى‬
‫مما لو كانت صغيرة الحجم ‪ ،‬وتع تمد أيضا على نوع التكوينات الصخرية ‪ ،‬فإذا كانت قليلة الصالبة تزداد التعرية فيها أكثر مما لو‬
‫كانت صلبة‪ ،‬فإذا كانت المادة الرابطة للحبيبات من النوع القابل لإلذابة تكون فرصة تعريتها عالية قياساً إلى المعادن الرابطة األخرى‬
‫(‪)38‬‬

‫‪ .‬وكلما ازدادت الشقوق داخل الموقع األثرية فان ذلك يسهل فصل المفتتات من تلك الصخور‪.‬‬

‫وتتم عملية التعرية المطرية على المواقع والتلول األثرية في منطقة الدراسة بعدة أشكال اهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬تعرية قطرات المطر‪ :‬هي التعرية الناتجة من اصطدام قطرات المطر الفجائية والغزيرة بقوة على التربة والمفتتات الصخرية ال سيما‬
‫تلك التي ترتكز على المنحدرات الشديدة االنحدار مما يؤدي إلى تطاير مفتتات التربة في الجو بفعل تلك األمطار ثم تنزل بعد ذلك‬
‫لتتخذ وضعاً جديداً حيث تعمل قطرات المطر على انفصال ذرات التربة والمواد الفتاتية الناعمة وذلك من خالل الضغط الناشئ من‬
‫اصطدام ق طرات المطر بتلك الجزيئات بصورة مباشرة مسببة تناثر كميات من التربة في الهواء وقسم منها يتحرك لمرات عديدة مؤدية‬
‫إلى إزاحة الرواسب عن مواقعها األصلية(‪.)39‬‬

‫تعتمد األمطار في نشاطها النحتي على طاقتها الحركية وعلى مدة األمطار وعلى نوعية الغطاء النباتي وتماسك حبيبات التربة‪ ،‬لذا تعد‬
‫ترب المواقع األثرية وموادها من الترب التي تمتاز بقلة تماسكها وجفافها طوال اشهر السنة وافتقارها إلى عمليات الصيانة والتنقيب‪،‬‬
‫وبذلك تكون أكثر استجابة للتعرية بفعل قطرات المطر ال سيما في المواقع والتلول األثرية المرتفعة والشديدة في االنحدار‪ ،‬وبالتالي تعمل‬
‫هذه القطرات على ازالة الطبقات الرقيقة من التل االثري وجرفها باتّجاه االسفل ويالحظ هذه الظاهرة في تل جغيمان وتل كوثا االثري‪،‬‬
‫ينظر الصورة (‪ )19‬و(‪. )20‬‬
‫الصورة (‪ )20‬اثر الزخات المطرية الخفيفة على‬ ‫الصورة (‪ )19‬اثر تعرية قطرات المطر في‬
‫التالل األثرية في المنطقة‬ ‫تل جغيمان االثري‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-14‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-15‬‬

‫‪ -2‬التعريـــة الصفائحيــة ‪ :‬هي ناتجة من التعرية المطرية بإزالة الطبقة الرقيقة من التربة والتي ال ينتج عنها حدوث أخاديد او جدأول‬
‫ويكون الماء بشكل غطاء رقيق يغطي سطح االرض(‪.)40‬‬

‫يسود هذا النوع من التعرية في منطقة الدراسة التي تتميز بالمناخ الصحراوي الجاف لمدة طويلة فيبرز دور العمليات الجيومورفولوجية‬
‫من تجوية وتعرية‪ ،‬وبالتالي تعمل على زيادة نسبة المواد المفتتة كالطين والغرين الناعم التي يتم نقلها بواسطة األمطار ال سيما فوق‬
‫مناطق تقسيم المياه فوق التل االثري وعند اقدام منحدر التل وفوق التلول المنبسطة القليلة االنحدار جداً‪ ،‬وبعد مدة قصيرة تتفلق معظم‬
‫المسامات المتواجدة بين حبيبات التربة وتظهر اشكال من الطين الممزوج بمياه سطحية فتبدأ باالنسياب على شكل طبقات شبه متجانسة‬
‫من التربة السطحية متماثلة في السمك وغالباً ما تكون رقيقة في كل المساحة المعرضة على المنحدر بواسطة الرشاش من المطر‬
‫وتنحدر إلى االسفل كما في تل جمدة نصر األثري ينظر الصورة (‪ )21‬و(‪ ،)22‬اذ يكون تأثير رشاش المطر قوياً على السفوح المنحدرة‬
‫خصوصا عندما تكون سرعة األمطار شديدة‪.‬‬
‫الصورة (‪ )22‬جانب من التعرية الصفائحية على‬ ‫الصورة (‪ )21‬التعرية الصفائحية في تل‬
‫المواقع األثرية في المنطقة‬ ‫جمدة نصر‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-15‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬

‫‪ -2‬تعرية المسيالت المطريــة‪ :‬يؤدي الجريان الشديد فوق األسطح العارية إلى بدء تطور مجاري‬
‫‪ -3‬مطرية طويلة ومتوازية يطلق عليها المسيالت المطرية(‪ ، )41‬فإذا اجتمعت مياه األمطار بشكل مستمر نتيجة لكميات المطر المتساقطة‪،‬‬
‫فضالً عن ذلك يقل غيض الماء في الترب ة بسبب امتالء المسامات بالغرين والطين بين مكونات التربة األساسية‪ .‬يبدأ المطر باالنسياب‬
‫في الشقوق الصغيرة بأبعاد بضعة سنتيمترات قط اًر وبعمق ال يتجاوز عدة سنتيمترات‪ ،‬فبعد امتالء المنخفضات بالمياه تنشأ مسيالت‬
‫مطرية منها‪ ،‬ولها القابلية على حمل المفتتات الناعمة الناتجة من عملية التجوية‪ .‬تتحول هذه المسيالت إلى أخاديد كلما ازداد االنحدار‬
‫وازدادت كمية األمطار(‪.)42‬‬

‫تبين من خالل الدراسة الميدانية التي قام بها الباحثان ان اغلب المواقع والتلول األثرية تعاني من تعرية المسيالت المطرية‪ ،‬وتعمل هذه‬
‫المسيالت على جرف الطبقة السطحية من التل االثري مما يؤدي إلى جرف القطع واللقى األثرية كما في تل بورسيبا وتل كوثا وتل‬
‫العقير االثري ينظر الصورة (‪ )23‬و(‪ ،)24‬وبالتالي تصبح هذه اللقى األثرية معرضة للسرقة كما حصل بعد سقوط األمطار مباشرةً‬
‫حيث يقوم بعض األشخاص بعمليات سرقة لهذه اللقى والقطع األثرية التي جرفتها األمطار‪.‬‬
‫الصورة (‪ )24‬تبين أثر تعرية المسيالت‬ ‫الصورة (‪ )23‬تبين أثر تعرية المسيالت المطرية‬
‫المطرية على تل العقير‬ ‫على تل كوثا‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬

‫‪ -1‬التعرية األخدوديـة ‪ :‬هي عملية تحول المسيالت المطرية إلى اخاديد عندما تبدأ بتعميق وتوسيع‬

‫مجاريها في اثناء النحت الراسي والجانبي‪ .‬تنتج التعرية األخدودية من اتحاد بعض المسيالت المطرية مع بعضها لتكون مجاري أوسع‬
‫يطلق عليها (األخاديد) ‪ ،‬وقد تتكون األخاديد بعملية أخرى عندما تقوم بعض المسيالت المطرية النشطة بتعميق وديانها أكثر من غيرها‬
‫بحيث تغطي في اتساعها على جهات التصريف المجاورة(‪.)43‬‬

‫تبين من خالل الدراسة الميدانية للمواقع األثرية ان الكثير من المسيالت المطرية تحولت إلى اخاديد وذلك بفعل األمطار وشدتها على‬
‫التلول األثرية ‪ ،‬ينظر الصورة (‪ )25‬و(‪ ،)26‬كما ان تربة التل االثري هشة ومفككة وبالتالي تكون أكثر عرضة لتعرية االمطار وتطور‬
‫المسيالت إلى اخاديد‪ ،‬واذا استمر هطول األمطار على المحافظة بنفس المستوى الذي سقطت فيه خالل أيام السنوات الماضية‪ ،‬سيؤدي‬
‫ذلك إلى انهيار المعالم األساسية لبعض المواقع األثرية‪ ،‬وذلك ألنها تتأثر سريعاً بالعوامل المناخية المتغيرة‪ ،‬ألنها بنيت باللبن الطين‪،‬‬
‫كما ان اغلب االخاديد في التلول األثرية تجرف معها الكثير من القطع واللقى األثرية نحو االسفل وبالتالي تكون اغلب هذه اللقى معرضة‬
‫لجرف األمطار ونلقها إلى أماكن أخرى‪.‬‬
‫الصورة (‪ )26‬تبين االخاديد في مدينة كيش‬ ‫الصورة (‪ )25‬تطور المسيالت المائية إلى اخاديد‬
‫األثرية‬ ‫في تل جغيمان‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-14‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬
‫‪ -5‬االنهيارات بفعل تجمــع مياه االمطــار‪ :‬عندما تسقط األمطار بكميات كبيرة على التلول والمواقع األثرية فإن قسماً منها يعمل كمسيالت‬
‫مائية واخاديد والقسم اآلخر يتجمع في اماكن منخفضة داخل تلك التلول األثرية‪ ،‬وعندما تتجمع مياه األمطار فإنها تعمل على إذابة‬
‫الكثير من المواد التي يتكون منها التل‪ ،‬علما ان اغلب التلول األثرية بنيت من الطين واللبن وبالتالي ونتيجة لتجمع مياه األمطار على‬
‫سطح هذه التلول فإن قسما منها سوف يتعرض لالنهيارات والقسم اآلخر سوف يؤدي إلى إذابة مواد البناء‪ ،‬ينظر الصورة (‪.)27‬‬

‫ومن خالل الدراسة الميدانية التي قام بها الباحثان لمدينة بابل األثرية تبين انها أكثر المواقع األثرية التي تعاني من ظاهرة تجمع مياه‬
‫األمطار ألن اغلب جدرانها تتواجد في اماكن تسهل عملية تجميع األمطار حولها إذ عملت هذه األمطار على انهيار أجزاء كبيرة من‬
‫جدران ومعالم مدينة بابل األثرية ينظر الصورة (‪ ،)28‬وتبين من خالل المسح الميداني لمدينة بابل األثرية ان اغلب الجدران والمعالم‬
‫األثرية فيها والتي تقع في اماكن منخفضة قد تعرضت النهيارات كبيرة جداً واختفت الكثير من المعالم األثرية بفعل هذه الظاهرة‪ .‬كما‬
‫ان بعض المعالجات البدائية التي قامت بها مفتشية آثار بابل من اجل منع تجمع وانسياب األمطار عن المدينة األثرية عملت على‬
‫رصف أكياس مملوءة بالتراب تحيط بعض االجزاء التي تتعرض لتجمع األمطار‪ ،‬ينظر الصورة (‪ )29‬و(‪.)30‬‬
‫الصورة (‪ )28‬جانب من انهيار بعض جدران‬ ‫الصورة (‪ )27‬مناطق تجمع مياه األمطار بين جدران‬
‫مدينة بابل بفعل تجمع مياه األمطار‬ ‫مدينة بابل األثرية‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬

‫الصورة (‪ )30‬جانب تجمع مياه األمطار فوق‬ ‫الصورة (‪ )29‬رصف اكياس مملوءة بالتراب لمنع‬
‫التالل األثرية‬ ‫جريان مياه األمطار باتّجاه مدينة بابل األثرية‬

‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-14‬‬ ‫المصدر‪ :‬الدراسة الميدانية بتاريخ ‪2016 -2-13‬‬
‫يمكن استعمال معامل ارنولدوس فورنية (‪ )AFI‬لمعرفة قدرة المطر على التعرية في منطقة الدراسة‪ .‬يستخرج معامل فورنية(‪ )AFI‬على‬
‫وفق المعادلة اآلتية(‪:)44‬‬

‫إذ إن‪:‬‬
‫‪ =AFI‬التعرية المطرية‬
‫‪ = Pi‬كمية المطر لكل شهر من أشهر السنة معب ار عنها بـ ( ملم )‪.‬‬
‫‪ = P‬كمية المطر السنوي معب ار عنها بـ ( ملم )‪.‬‬
‫ينص معامل أرنولدوس فورنية على ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬أقل من ‪ 50‬شدة الجرف ضعيفة‬
‫‪ 500 – 50-‬شدة الجرف معتدلة‬
‫‪ 1000 – 500 -‬شدة الجرف عالية‬
‫‪ -‬أكثر من ‪ 1000‬شدة الجرف عالية جداً‬
‫عند تطبيق هذه المعادلة على محطة منطقة الدراسة ومن خالل الجدول(‪ ،)6‬يتضح ضعف التعرية المطرية في منطقة الدراسة حسب‬
‫نتائج المعادلة‪ ،‬إذ بلغت مجموعها (‪ )15.8‬ملم‪ ،‬ووصلت قيمة النحت المطري إلى أعلى مستوى لها في شهري كانون الثاني إذ بلغت‬
‫(‪ )4.4‬ملم ‪ ،‬بينما سجلت أشهر حزيران‪ ،‬وتموز‪ ،‬وآب‪ ،‬وأيلول قيمة للنحت المطري (صف اًر) بسبب انعدام التساقط في هذه األشهر‪.‬‬
‫الجدول (‪ )6‬قابلية ألحت المطري بحسب معامل أرنولدوس فورنية (‪ )AFI‬لمنطقة الدراسة‬

‫‪AFI‬‬ ‫‪Pi‬‬ ‫األشهر‬


‫‪4.4‬‬ ‫‪21,3‬‬ ‫كانون الثاني‬
‫‪1.5‬‬ ‫‪12,6‬‬ ‫شباط‬
‫‪1.6‬‬ ‫‪12,8‬‬ ‫آذار‬
‫‪1.4‬‬ ‫‪12,3‬‬ ‫نيسان‬
‫‪0.1‬‬ ‫‪2,5‬‬ ‫مايس‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫حزيران‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫تموز‬
‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫آب‬
‫‪0‬‬ ‫‪0,2‬‬ ‫أيلول‬
‫‪0.1‬‬ ‫‪3,7‬‬ ‫تشرين األول‬
‫‪3.5‬‬ ‫‪18,9‬‬ ‫تشرين الثاني‬
‫‪3.0‬‬ ‫‪17,6‬‬ ‫كانون األول‬
‫‪15.8‬‬ ‫‪8,5‬‬ ‫المجموع‬

‫المصدر ‪ :‬من عمل الباحثين باالعتماد على البيانات المناخية لمحطة مدينة الحلة للمدة من (‪)2015 -1980‬‬

‫االستنتاجـــات‪:‬‬

‫(‪ )2015 -1980‬سيادة‬ ‫‪ -1‬أظهرت نتائج تطبيق معادلة (‪ )Chepil‬المناخية على بيانات محطة الحلة لسنوات الرصد‬
‫التعرية الريحية إذ تكون التعرية عالية جداً في منطقة الدراسة حيث بلغت (‪.)314,204‬‬

‫‪ -2‬بينت الدراسة ان لعامل التفريغ الهوائي الذي تقوم به الرياح في عدة جهات من المواقع األثرية أث ار واضحا في المواقع التي‬
‫لم تشهد عمليات تنقيب والترميم إلى االن مثل تل زونة وتل جغيمان وتل االحيمر آثار تل العقير‪.‬‬

‫‪ -3‬تبين من خالل الدراسة أن اغلب المواقع والتلول األثرية شيدت من الطين واللبن والصخور الرملية‪ ،‬وتكون هذه التكوينات‬
‫قليلة المقاومة للتعرية الريحية والمطرية‪.‬‬

‫‪ -4‬أوضحت الدراسة ان اغلب المواقع والتلول األثرية التي اجريت لها عمليات تنقيب وخصوصا مدينة بابل األثرية هي األكثر‬
‫تعرضا لعمليات التعرية الريحية والمطرية وذلك ألن اغلب معالمها وخصوصاً الجدران والمعالم األخرى تتعرض لعمليات النحت‬
‫والصقل الريحي وجرف األمطار‪.‬‬

‫‪ -5‬بينت الدراسة ان أثر الرياح كعامل ترسيب في المواقع األثرية ظهر بشكل واضح في تلول كوثا وجمدة نصر ومدينة كيش‬
‫األثرية وفي االجزاء الشمالية الغربية‪ ،‬وعملت الرياح على تكوين كثبان رملية زحفت باتّجاه هذه المواقع وغمرت اجزاء واسعة‬
‫منها‪.‬‬

‫‪ -6‬تبين من خالل الدراسة الميدانية التي قام بها الباحثان ان اغلب المواقع والتلول األثرية تعاني من تعرية المسيالت المطرية‬
‫وتعمل هذه المسيالت على جرف الطبقة السطحية من التل االثري ما يؤدي إلى جرف القطع واللقى األثرية كما في تل بورسيبا‬
‫وتل االحيمر وتل جغيمان‪.‬‬

‫‪ -7‬أوضحت الدراسة من خالل المسح الميداني لمدينة بابل األثرية ان اغلب الجدران والمعالم األثرية فيها والتي تقع في اماكن‬
‫منخفضة قد تعرضت النهيارات كبيرة جداً بفعل تجمع مياه األمطار وقد اختفت الكثير من المعالم األثرية بفعل هذه الظاهرة‪.‬‬

‫‪ -8‬أظهرت نتائج تطبيق معام ل أرنولدوس فورنية ضعف التعرية المطرية في منطقة الدراسة إذ بلغت مجموعها (‪ )15.8‬ملم‪،‬‬
‫ووصلت أعلى قيمة الحت المطري في شهري كانون الثاني إذ بلغت (‪ )4.4‬ملم‪.‬‬

‫التوصيـــات‪:‬‬

‫إن صيانة هذه المواقع األثرية المهمة تتطلب جهوداً كبيرة من قبل الجهات المختصة للمحافظة عليها من التعرية الريحية‬
‫والمطرية‪ ،‬وكذلك للمحافظة على هذه المواقع والتلول األثرية وما تحمله من معالم حضارية تحكي قصة سكان بالد وادي الرافدين‬
‫وبناء على ما تقدم فإنه يمكن تحقيق قدر كبير من‬
‫ً‬ ‫الذين وضعوا اسس الحضارة اإلنسانية وما وصلت إليه من تقدم ورقي ‪،‬‬
‫المعالجة لهذه المواقع والتلول األثرية وبالتالي الحفاظ عليها من التلف من خالل التوصيات التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬إقامة مصدات للرياح "حزام أخضر" حول المواقع والتلول األثرية وعلى مسافات مناسبة منها لغرض خفض سرعة الرياح‬
‫وبالتالي تقليل أثرها كعامل للنحت والنقل والترسيب‪.‬‬

‫‪ -2‬إيقاف زحف الكثبان الرملية في المناطق المجاورة للمواقع األثرية باستخدام وسائل التشجير أو مثبتات التربة الكيمياوية‪.‬‬

‫‪ -3‬تثبيت مواد بناء قمم بعض المواقع األثرية ألنها أكثر الجهات عرضة لفعل عوامل التعرية الريحية والمطرية حيث يمكن‬
‫استخدام مواد مناسبة لذلك في عمليات الصيانة والترميم بأسلوب علمي ال يشوه المنظر الجمالي للموقع االثري وال يضر بقيمته‬
‫األثرية والحضارية‪.‬‬

‫‪ -4‬إزالة بقايا مواد البناء التي تنتشر في الطبقات العليا في بعض المواقع األثرية لمنع تساقطها على الجدران بفعل الرياح الشديدة‪.‬‬

‫‪ -5‬إيجاد منفذ لتصريف مياه األمطار التي تتجمع عند قمم واالماكن المنخفضة في المواقع األثرية والتي تعمل على تآكل وتلف‬
‫مواد بنائها‪.‬‬

‫‪ -6‬استخدام الكوادر العلمية المتخصصة بعمليات الصيانة والترميم إلجراء أية عمليات جديدة ومتابعها من قبل لجان متخصصة‬
‫علمياً وفنياً وتاريخياً‪.‬‬

‫‪ -7‬وضع خطة مناسبة بشكل علمي قأئمة على التحاليل المختبرية والفحوصات العلمية قبل البدء بعمليات الصيانة والترميم‬
‫للمواقع والتلول األ ثرية في المستقبل المنظور بالشكل الذي يحافظ على قيمتها األثرية وزيادة مقاومتها لعمليات التعرية الريحية‬
‫والمطرية‪.‬‬

‫المصــادر والهــوامــش‪:‬‬

‫(‪ )1‬مفتشية آثار بابل‪ ،‬سجالت اإلحصاء والتوثيق واألرشفة ‪ ،‬بيانات غير منشورة ‪.2016،‬‬
‫(‪ )2‬إسراء حسين عبيد علي‪ ،‬الجغرافية اإلقليمية لمحافظة بابل‪ ،‬رسالة ماجستير (غير منشورة) كلية التربية‪ ،‬جامعة بابل ‪ ،2011،‬ص‪.23‬‬
‫(‪ )3‬محفوظ صالح مخير‪ ،‬نضال عبد العال امين‪ ،‬مبادى اآلثار السياحية‪ ،‬منشورات مطبعة التعليم العالي ‪،1988 ،‬ص‪.269‬‬
‫(‪ )4‬جمال بابان‪ ،‬أصول اسماء المدن والمواقع العراقية ‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬ط‪ ، 2‬بغداد ‪ ،‬مطبعة االجيال ‪ ، 1989 ،‬ص ‪.37‬‬
‫(‪ )5‬هادي ساكز‪ ،‬عظمة بابل ‪ ،‬موجز حضارة وادي دجلة والفرات القديمة ‪ ،‬ترجمة عامر سليمان ‪ ،‬ط‪ ،1‬الموصل ‪ ،1979 ،‬ص‪.143‬‬
‫(‪ )6‬محفوظ صالح مخير ‪،‬نضال عبد العال امين ‪ ،‬مبادى اآلثار السياحية‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪.274‬‬
‫(‪ )7‬قياسات مساحية قام بها الباحثان من خالل العمل الميداني للموقع االثري ‪.‬‬
‫(‪ )8‬محمد رشيد صالح ‪ ،‬الكشاف االثري في العراق ‪ ،‬مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ‪ ،‬الموصل ‪ ، ،1987 ،‬ص ‪.211‬‬
‫(‪ )9‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫(‪ )10‬روبرت كولديفاي ‪ ،‬معابد بابل وبورسيبا ‪ ،‬ترجمة نوال خورشيد سعيد ‪ ،‬مديرية مطبعة الجامعة ‪ ،‬الموصل ‪ ،1985 ،‬ص ‪.104‬‬
‫(‪ )11‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫(‪ )12‬محمد رشيد صالح ‪ ،‬الكشاف االثري في العراق ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪.208‬‬
‫(‪ )13‬روبرت كولديفاي معابد بابل وبورسيبا ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫(‪ )14‬عبد القادر عبد الجبار الشيخلي ‪ ،‬الوجيز في تاريخ العراق القديم ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار عدنان للطباعة والنشر ‪ ،‬بغداد ‪ ، 2014 ،‬ص ‪.209‬‬
‫(‪ )15‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫(‪ )16‬عامر سليمان ‪ ،‬اطلس المواقع األثرية في العراق ‪ ،‬مديرية االثار العامة ‪ ،‬بغداد ‪ ،1976 ،‬ص‪.38‬‬
‫(‪ )17‬قياسات مساحية قام بها الباحثان من خالل العمل الميداني للموقع االثري ‪.‬‬
‫(‪ )18‬محمد رشيد صالح ‪ ،‬الكشاف االثري في العراق ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص‪210‬‬
‫(‪ )19‬قياسات مساحية قام بها الباحثان من خالل العمل الميداني للموقع االثري‬
‫(‪ )20‬أحمد سوسة ‪ ،‬حضارة وادي الرافدين بين الساميين والسومريين ‪،‬دار الرشيد للطباعة ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1980 ،‬ص ‪.112‬‬
‫(‪ )21‬قياسات مساحية قام بها الباحثان من خالل العمل الميداني للموقع االثري‬
‫(‪ )22‬مفتشية آثار بابل‪ ،‬سجالت اإلحصاء والتوثيق واألرشفة ‪ ،‬بيانات غير منشورة ‪.2016،‬‬
‫(‪ )23‬قياسات مساحية قام بها الباحثان من خالل العمل الميداني للموقع االثري‪.‬‬
‫(‪ )24‬مفتشية اثار بابل‪ ،‬سجالت اإلحصاء والتوثيق واألرشفة ‪ ،‬بيانات غير منشورة ‪.2016،‬‬
‫(‪ )25‬قياسات مساحية قام بها الباحثان من خالل العمل الميداني للموقع االثري‪.‬‬
‫(‪ )26‬مفتشية اثار بابل ‪ ،‬سجالت اإلحصاء والتوثيق واالرشفة ‪ ،‬بيانات غير منشورة ‪.2016،‬‬
‫(‪ )27‬عامر سليمان ‪ ،‬اطلس المواقع األثرية في العراق‪ ،‬مديرية االثار العامة ‪ ،‬بغداد ‪ ،1976 ،‬ص‪ )28( .39‬قياسات مساحية قام بها‬
‫الباحثان من خالل العمل الميداني للموقع االثري‪.‬‬
‫(‪ )29‬مفتشية اثار بابل ‪ ،‬سجالت اإلحصاء والتوثيق واالرشفة ‪ ،‬بيانات غير منشورة ‪.2016،‬‬
‫(‪ )30‬حسن رمضان سالمة ‪ ،‬أصول الجيومورفولوجيا ‪ ،‬ط‪ ، 3‬دار المسيرة للنشر والتوزيع ‪ ،2010 ،‬ص‪.267‬‬
‫(‪ )31‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.264‬‬
‫(‪ ) 32‬ماجد السيد ولي محمد ‪ ،‬المناخ وعوامل تشكيل سطح األرض ‪ ،‬مدى تأثر العمليات الجيومورفولوجية بالعناصر المناخية ـ دراسة في‬
‫المجال التطبيقي ‪،‬مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬العدد ‪ ،2000 ، 45‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )33‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫(‪ )34‬حسن رمضان سالمة ‪ ،‬اصول الجيومورفولوجيا‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.264‬‬
‫(‪ )35‬عبد هللا يوسف النعيم‪ ،‬اشكال سطح االرض المتأثرة بالرياح في شبه الجزيرة العربية ‪ ،‬مجلة الجمعية الجغرافية الكويتية ‪ ،‬الكويت ‪،‬‬
‫‪ ،1981‬ص‪.96‬‬
‫(‪ ) 36‬عدنان هزاع البياتي ‪ ،‬وكاظم موسى ‪ ،‬المناخ والقدرات الحتية للرياح في العراق ‪ ،‬مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ‪ ،‬العدد ‪، 23‬‬
‫مطبعة العاني ‪ ،‬بغداد ‪ ، 1989 ،‬ص‪. 79‬‬
‫(‪ )37‬آرثر ‪ .‬ستريلر‪ ،‬أشكال سطح األرض ‪ ،‬تعريب ‪ ،‬وفيق الخشاب ‪ ،‬عبد الوهاب الدباغ ‪ ،‬مطبعة دار الزمان ‪ ،‬بغداد ‪ ،1964 ،‬ص‪.156‬‬
‫(‪ )38‬علي حمزة عبد الحسين الجوذري‪ ،‬اثر العمليات الجيومورفية في تشكيل المظهر االرضي لناحية الشنافية ‪ ،‬رسالة ماجستير (غير‬
‫منشورة) ‪ ،‬كلية التربية للعلوم اإلنسانية ‪ ،‬جامعة بابل ‪ ،2014 ،‬ص‪.96‬‬
‫(‪ )39‬المصدر نفسه ‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫(‪ )40‬كامل حمزة فليفل االسدي‪ ،‬تباين الخصائص المورفومترية لوديان الهضبة الغربية في محافظة النجف وعالقتها بالنشاط البشري‪،‬‬
‫اطروحة دكتوراه (غير منشورة) كلية اآلداب‪ ،‬جامعة الكوفة‪ ،2012،‬ص‪.84‬‬
‫(‪ )41‬محمد خلف بني دومي‪ ،‬المدخل إلى الجغرافية الطبيعية ‪ ،‬جامعة اليرموك ‪ ،‬مطبعة البهجة ‪ ،‬األردن ‪ ،‬ط‪ ، 2001، 1‬ص‪.220‬‬
‫(‪ )42‬سعيد محمد ابو سعدة‪ ،‬هيدرولوجية األقاليم الجافة وشبه الجافة‪ ،‬ط‪،1‬الكويت ‪،1983،‬ص‪.88‬‬
‫(‪ )43‬صالح الدين بحيري ‪ ،‬أشكال سطح االرض ‪ ،‬ط‪ ، 1‬دار الفكر المعاصر‪ ،‬دمشق ‪ ،1979 ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪(44)Clifford Embeton, john the ornes in Geomorphology, Edward Arnold ltd,‬‬
‫‪London, 1970, P215.‬‬

‫ملحق بعض الصور ألثر التعرية الريحية والمطرية في منطقة الدراسة‬

‫مناطق تجمع مياه االمطار واثرها على الجدران‬ ‫االنهيارات الجدران بفعل االمطار‬

‫بداية تشكل المسيالت المائية فوق التالل األثرية‬ ‫تجمع مياه االمطار بين جدران مدينة بابل‬
‫االنهيارات وجريان لمياه االمطار اسفل‬
‫الجدران‬ ‫اثر التعرية المطرية في كشف بعض اللقى األثرية‬

You might also like