Professional Documents
Culture Documents
فسخ العقد - مذكرة ماجستير - أحمد المستيري - الذخيرة القانونية
فسخ العقد - مذكرة ماجستير - أحمد المستيري - الذخيرة القانونية
األستاذ....................................................................:عضوا
السنة الجامعية2102-2102:
الشكر
الشكر الى ك ّل أساتذتي الذين ساهموا في تكويني و بلوغ هذا المستوى التعليمي
كما أتق ّدم بشكر خاص الى أستاذي الكريم الذي أشرف على هذا العمل:
و أشكر أيضا كافة أعوان مكتبة كليّة الحقوق بسوسة اقرارا بفضلهم و رحابة
صدرهم.
االهداء
أهدي هذا العمل المتواضع الى أعظم و أحبّ انسانة في هذا الكون
الى أ ّمي
باللّغة الفرنسيّة:
Art : article
Ed : édition
LGDJ : Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence
Op.cit : (opere citato), dans l’ouvrage précité
PUF : Presse Universitaire de France
ّ
إن اآلراء الواردة بهذه المذكرة خاصة بصاحبها
و ال تلزم الكلية في شيء
المخطّط
المقدّمة 7 .....................................................................................................
الجزء األ ّول :أساس قيام حق الفسخ 11 ...............................................................
الفصل األ ّول :نطاق الفسخ11 ............................................................................
المبحث األ ّول :المبدأ :الطبيعة الملزمة للجانبين للعقد 31 ........................................
المبحث الثاني :حدود الطبيعة الملزمة للجانين للعقد موضوع الفسخ02 ........................
الفصل الثاني :شروط فسخ العقد 12 ....................................................................
المبحث األ ّول :عدم التّنفيذ 02 ..........................................................................
المبحث الثاني :استحالة التنفيذ 02 .....................................................................
ق الفسخ 12 ..................................................................
الجزء الثاني :ممارسة ح ّ
الفصل األ ّول :أنواع الفسخ 12 ...........................................................................
المبحث األ ّول :القاضي ينشأ الفسخ 02 ...............................................................
المبحث الثاني :القاضي يقرّر الفسخ 12 ..............................................................
الفصل الثاني :اآلثار القانونية المترتّبة عن الفسخ 24 ..............................................
المبحث األ ّول :األثر الرجعي للفسخ 22 ..............................................................
المبحث الثاني :التّعويض 02 ...........................................................................
الخاتمة 24 ....................................................................................................
المق ّدمة
فسخ العقد
وفي هذا السّياق عرّفه األستاذ مح ّمد ال ّزين بأنّه " عبارة عن اتفاق بين إرادتين فأكثر على
إحداث رابطة قانونية مع تعيين شروطها وأثارها.2
كما عرّفه األستاذ مح ّمد المالقي بأنّه " اتفاق بين إرادتين فأكثر ،إ ّما إلنشاء رابطة قانونية مع
تعيين شروطها ونتائجها أو لتغيير اتفاق آخر سابق .3
وعلى خالف المشرّع التونسي الذي لم يعرّف العقد ،فقد عرّفه المشرّع الفرنسي صلب
الفصل 3323من المجلّة المدنيّة الفرنسية.
« Une convention par laquelle plusieurs personnes s’engagent envers un ou
» plusieurs autres à donner à faire ou à ne pas faire
والعقد كم ّؤسسة قانونية ،يشهد فترتين متميّزتين لك ّل منهما نظاما القانوني المستقل ،فترة
أولى وهي فترة التكوين وفترة ثانية وهي فترة التنفيذ.
بالنّسبة لفترة التكوين ،فهي مرحلة أساسية في الوجود القانوني للعقد ولقد اعتنى المش ّرع
ببيان أركان العقد وشروطه بدقّة في الفصول من 0إلى 02م إ ع ،كما تعرّض إلى جزاء
اختالل إحداها كما جاء بالفصول 100إلى 112م إ ع.
1مح ّمد ال ّزين " :النظرية العامة لاللتزامات :العقد " ،مطبعة الوفاء تونس ،3991 ،ص 02
2مح ّمد ال ّزين :المرجع السّابق ص 10
3مح ّمد المالقي " :محاضرات في شرح القانون المدني التونسي ،المطبعة الرسمية تونسي 3922ص 31
2
فسخ العقد
والوفاء باإللتزام ينبع من وجوب احترام ك ّل طرف إللتزاماته المتأتية من العقد الذي يقوم
شريعة الطرفين المتعاقدين وهو ما نصّ عليه الفصل 020م إ ع بقوله " ما انعقد على الوجه
الصّحيح يقوم مقام القانون فيما بين المتعاقدين وال ينقضي إالّ برضائهما وفي الصّور
المقرّرة في القانون "
فتنفيذ ما يترتّب من إلتزامات واجب قانوني محمول على طرفي العقد وهو ما أ ّكده المشرّع
في الفصل 021م إ ع.
فتنفيذ العقد يكتسي أهميّة بالغة على المستويين االجتماعي واالقتصادي وتأسيسا على ذلك
وإدراكا من المشرّع لألهميّة القانونية واالقتصادية للتّنفيذ ،م ّكن المشرّع لألهميّة القانونية
واالقتصادية للتّنفيذ ،م ّكن المشرّع في صورة إخالل أحد الطّرفين بتنفيذ إلتزاماته الطّرف
المقابل من ع ّدة وسائل كحماية حقوقه من بيتها امكانية التحرّر من العقد عن طريق المطالبة
بفسخه.
فما هو مفهوم الفسخ ؟ وكيف نشأت وتط ّورت نظريّة الفسخ ؟ وما هو موقعها في القانون
الوضعي التونسي ؟
4أنظر:
ème
Ghestin ( J ) : Traité du droit civil : Les obligations, le contrat : formation 2 edition L G D J, Paris
1998
3
فسخ العقد
كما يعرّف الفسخ بكونه " انحالل الرّابطة العقديّة بأثر رجعي وهو جزاء لعدم قيام المدين
بتنفيذ إلتزامه العقدي ".6
ويعرّف األستاذ مح ّمد الزين الفسخ بكونه جزاء لعدم تنفيذ أحد الطّرفين إللتزامه النّاشئ عن
عقد ملزم للجانبين ينح ّل بموجبه ذلك العقد ويزول بصفة رجعيّة بحكم من المحكمة أو عمال
بشرط فسخي في العقد.7
ومن خالل هذه التعاريف تظهر الطّبيعة المزدوجة للفسخ ،فهو بالنسبة للمدين جزاء قانوني
ناتج عن عدم وفائه بالتزاماته المض ّمنة بالعقد.
أ ّما بالنسبة لل ّدائن فهو وسيلة ها ّمة من جملة وسائل الضّمان التي م ّكنه منها القانون الستيفاء
حقوقه.
أن الفسخ يتميّز بع ّدة خاصيّات ومميّزات فهو جزاء عدم التنفيذ بالنسبة للعقود الملزمة
كما ّ
للجانبين فقط وله أثر رجعي ويستوجب إصدار حكم قضائي أو إتّفاق الطّرفين عليه ونفس
هذه الخاصيّة هي التي تم ّكن من تمييزه عن غيره من المؤسّسات القانونية المشابهة.
الفسخ والبطالن
يشترك الفسخ والبطالن في كونها من اإلجراءات التي يترتّب عن تطبيقها انحالل الرّابطة
العقدية بصفة رجعيّة غير أنّهما يختلفان من ع ّدة نواحي.
5عبد المنعم فرج الصّدة " نظرية العقد في الشريعة اإلسالمية " دار النّهضة العربيّة 3929ص .200
6عبد الحميد الشوربي " فسخ العقد في ضوء القضاء والفقه :منشأة المعارف ،اإلسكندرية ،3992ص 12
7حسن علي الذنون " ،النظرية العامة للفسخ في الفقه اإلسالمي والقانون المدني ،دراسة مقارنة أطروحة دكتوراه ،مطبعة نهضة
مصر ،3922ص 02
4
فسخ العقد
فالفسخ هو جزاء لعدم تنفيذ أحد الطّرفين اللتزاماته العقديّة النّاشئة عن عقد صحيح أ ّما
البطالن فهو جزاء تخلّف األركان وال ّشروط الواجب توفّرها عند إبرام العقد،
فالبطالن هو جزاء يه ّم مرحلة تكوين العقد ،أ ّما الفسخ فهو جزاء متعلّق بمرحلة التّنفيذ.8
إن اللّجوء إلى الفسخ أو ال ّدفع بعدم التّنفيذ ال يكون إالّ في العقود الملزمة للجانبين غير أنّه
ّ
وكما هو ال ّشأن لباقي المؤسّسات القانونية المشابهة للفسخّ ،
فإن ال ّدفع بعدم التّنفيذ يتميّز حسب
الفصل 020م إ ع بكونه وسيلة ضغط تخ ّول لل ّدائن االمتناع عن تنفيذ التزامه إلى حين أن
يوفي في الطّرف المقابل بما تعهّد به م ّما يؤ ّدي إلى تعليق العقد بخالل الذي يؤ ّدي إلى إنهاء
العقد بصفة نهائية ورجعيّة .9
يعتبر الفسخ والمسؤولية العقدية جزاء يرتّبه القانون ويصرّح به القاضي بالنسبة للمدين
المخل بتنفيذ إلتزاماته التعاقدية.
وفي هذا اإلطار يشترط للقيام بدعوى المسؤولية العقدية إثبات وجود ضرر لحق بال ّدائن
جرّاء خطأ مدينه وهو عدم التنفيذ في حين أنّه في إطار دعوى الفسخ يكفي إثبات الخطأ دون
إثبات الضّرر.10
8مهدي الفرقاني ،التعليق على الفصل 001م إ ع مذكرة لنيل شهادة ال ّدراسات المع ّمقة في القانون الخاص ،كليّة الحقوق والعلوم
السياسية بتونس .3990 – 3992
9مح ّمد ال ّزين ،المرجع السّابق ،ص 022
10كريمة بلدي " :الفسخ القضائي للعقد " مذكرة لنيل شهادة ال ّدراسات المع ّمقة في القانون الخاص ،كليّة الحقوق والعلوم السياسية
بتونس ،3992 - 3990 ،ص 0
11مح ّمد محمود المصري " :الفسخ واالنفساخ والتفاسخ في ضوء القضاء والفقه " منشأة المعارف ،3922ص 11
5
فسخ العقد
الفسخ واإلقالة
اإلقالة تفيد اتجاه إرادة األطراف المتعاقدة نحو إزالة العقد بعد تكوينه بصفة أصلية 12و ال
يشترط لحصوله وقوع إخالل من أحد أطراف االلتزام على خالف الفسخ.
وال يكون لإلقالة أثر إالّ فيما بين األطراف المتعاقدة والخلف العام وال يمكن االحتجاج به
تجاه الغير حماية لمصالحهم االقتصادية .13
لم يكن يعتبر الفسخ كجزاء لعدم الوفاء باإللتزام العقدي أمرا مسلّما به حيث يعتبر تكريسه
صلب مختلف األنظمة القانونية الحديثة 14وليد تط ّوال كبير.
لم يكن الفسخ مبدأ عا ّما في ظ ّل القانون الرّوماني نظرا لغياب مفهوم االرتباط ،ذلك ّ
أن العقد
الملزم للجانبين لم يكن كفيال في نظر الفقهاء بترتيب إلتزامات متقابلة .وعلى العكس من ذلك
ّ
فإن العقد الملزم لجانبين ينشئ إلتزامات مستقلة وغير مترابطة.15
ولع ّل ما ساهم في غياب نظرية عامة للفسخ في القانون الرّوماني إمكانية لجوء األطراف
المتعاقدة إلى جملة من ال ّدعاوى أه ّمها دعوى االسترداد.16
برزت نظرية الفسخ كقاعدة عامة تشمل جميع العقود وتحمي ك ّل دائن مع القانون الكنسي،
حيث أق ّر هذا القانون لل ّدائن حق االمتناع عن تنفيذ التزامه .كما أق ّر كذلك حق التّق ّدم إلى
المحكمة الكنسية لطلب فسخ العقد إذا ما أخ ّل المدين بتنفيذ التزاماته التعاقدية.17
6
فسخ العقد
وقد تط ّورت هذه القاعدة مع القانون الفرنسي القديم والحديث الذي تأثّر في ذات الوقت
بالقانون الرّوماني والكنسي ،حيث أسّست المجلّة المدنية الفرنسية الفسخ على شرط فسخي
ضمني يفترض وجوده دائما في العقود الملزمة للجانبين.
ويح ّ
ق بمقتضاه لك ّل متعاقد طلب فسخ العقد للتحرّر م ّما على عاتقه من االلتزامات إذا لم يقم
الطّرف اآلخر بالوفاء بالتزاماته الناشئة عن نفس العقد ولو لم يشترط ذلك صراحة .18
أق ّر الفقه اإلسالمي للمتعاقدين إمكانية فسخ العقد وذلك بمنحة لهم حق اللّجوء إلى الخيارات
(خيار الشرط ،خيار التعيين ،خيار العيب ).....التي تعطي لصاحبها فرصة التثبت من
جدوى تنفيذ العقد أو فسخه ،لكن هذا الرّأي ال يجب األخذ به على إطالقه ذلك ّ
أن الفسخ لم
يرتق لدى فقه الشريعة اإلسالمية إلى مرتبة النظرية العامة ،فالعقود تبرم لتنفيذ وليس لل ّدائن
في صورة إخالل مدينه إالّ طلب غصبه على التنفيذ.19
وبعد التطرق إلى التط ّور التاريخي لنظرية الفسخ يتعلّق األمر كذلك بالتساؤل حول نظرية
الفسخ في القانون الوضعي التونسي.
بالرّجوع إلى مجلّة االلتزامات والعقود وتحديدا الباب الثاني بعنوان " فسخ االلتزامات"
ندرك ّ
أن المشرّع التونسي استعمل مصطلح الفسخ كجزاء على اختالل شروط أركان العقد
من أهلية ورضا ّ
وأن الفصل 112م إ ع يحيل إلى الفصول 1و 2و 02و 22و 23م إ ع
المتعلّقة بعوارض األهلية من غلط وإكراه وغبن.
7
فسخ العقد
لذلك كان ال ب ّد من الرّجوع إلى اآلراء والنقاشات الفقهية في القانون التونسي والمقارن
إليجاد الحلول القانونية التي تمكن من إرساء نظرية عا ّمة ومتكاملة للفسخ تراعي التوفيق
بين المبدأين وذلك عبر حلول قانونية دقيقة وموحّدة نظرا لخطورة اآلثار المنجرّة عن الفسخ.
فباالعتماد على مبدأ العدالة التبادلية الذي يقتضي حصول كل طرف على مقابل مواز لما
ق ّدمه ،فإنّه لل ّدائن في صورة إخالل مدينه أن يطلب التحرّر من التزاماته ولكن بشرط أن ال
يتضرّر المدين وأن ال يؤثّر ح ّل الرّابطة العقدية على االستقرار التعاقدي.20
وهذا الحل تمليه كذلك الجدوى االقتصادية المترتبة عن الفسخ ،فتط ّور المعامالت المالية
واالقتصادية بصفة عامة ال يقوم على وجود عقود " ميتة " ولذلك من الضّروري تحرير
ال ّدائن من التزاماته حتّى يكون قادرا على إعادة استعمال إمكانياته ضمن عقد جديد يحقق
النّفع للمتعاقدين ولالقتصاد عموما .21
8
فسخ العقد
ي حال من األحوال ّ
أن " باب الفسخ " مفتوح على مصراعيه ومؤ ّكد ّ
أن هذا الرّأي ال يعني بأ ّ
في القانون التونسي وذلك بالنّظر إلى خطورة نتائجه 22التي حملت المشرّع التونسي على أن
يقبله إالّ في الحاالت القصوى.23
أن أغلب الفقهاء يفضّلون تنفيذ العقد على فسخه ويؤ ّكدون على عدم
وفي هذا اإلطار ،يبدوا ّ
قبول الفسخ إالّ في الحاالت القصوى وذلك لمنح المتعاقدين نوعا من الثّقة واألمن ،فاألمن يع ّد
حاجة قانونية أساسية خاصّة على مستوى العالقات التعاقدية ،كما يتيح مبدأ االستقرار للعقد
أن ينتج آثاره وذلك تحقيقا يؤ ّمن النّجاعة وعدم الفوضى.
ك ّ
أن إخالل معاقده بما التزم به نحوه قد يتسبّب له في خسارة فبالنّسبة لل ّدائن ما من ش ّ
مضاعفة من حيث المال والزمن ،أيضا ّ
فإن عدم الوفاء بااللتزام من شأنه أن يمسّ مباشرة
النّظام العام االقتصادي واالجتماعي وبالتالي فظاهرة اإلخالل بااللتزام يمكن أن تق ّوض
عنصر االئتمان والثقة في المعامالت .كما أنّه ال معنى لالستقرار التعاقدي من دون ح ّد أدنى
من الثقة والنّزاهة في التعامل وهو مت يمثل غاية سائر التشاريع.24
ولع ّل تحقيق االستقرار التعاقدي يبقى أكبر تح ّد ،فحماية المعامالت االقتصادية ال يمكن أن
تتحقّق من دون ضمان احترام االلتزامات وتنفيذها من طرف المتعاقدين.
نظرا لخطورة اآلثار المترتّبة عن فسخ العقد سواء على حقوق أطراف العقد أو على حقوق
أن معظم التّشاريع تد ّخلت إلقرار مختلف القواعد واألحكام القانونية
الغير ،فإنّه يمكن القول ّ
التي تنظّم آثار الفسخ وذلك في محاولة لتحقيق موازنة عادلة بين حقوق أطراف العقد من
9
فسخ العقد
جهة وحقوق الغير من جهة أخرى لذلك ال ب ّد من إقرار جملة من الشروط الواجب توفّرها
للتّصريح بفسخ العقد وتبعا لذلك سنتعرّض في مرحلة أولى إلى أساس قيام حق الفسخ (
الجزء األ ّول ) ث ّم تنتهي في مرحلة ثانية إلى الخوض في اآلثار القانونية المترتّبة عن الفسخ
( الجزء الثاني )
10
الجزء األ ّول :أساس قيام حق
الفسخ
فسخ العقد
الفسخ جزاء يتقرّر لفائدة ال ّدائن عند عدم تنفيذ االلتزام .هذا الح ّل يمليه مبدأ العدالة التبادلية
القاضي بفسخ العقد كلّما كانت االلتزامات غير متوازية بين طرفيه.25
أن العقد يضع التزامات متبادلة على كاهل طرفيه فإنّه إذا أخ ّل أحدهما بتنفيذ ما يقتضيه
فبما ّ
العقد يصبح من حق الطّرف اآلخر المتضرّر من عدم التنفيذ أن يطلب الفسخ ،وبالتالي
يتحرّر من التزاماته حتّى يكون قادرا على إعادة استعمال إمكانياته ضمن عقد جديد يحقّق
النّفع للمتعاقدين ولالقتصاد عموما.
بيد أنّه ال يمكن لل ّدائن أن يتّخذ هذا الحق ذريعة إلجرائه من تلقاء نفسه ،ذلك ّ
أن ح ّل الرّابطة
العقدية ال يت ّم بصفة آلية بمج ّرد حصول أ ّ
ي إخالل باإللتزام نظرا لخطورة النتائج المترتبة
عنه.
لذلك ورغبة منها في إنقاذ العقود ،عملت معظم التشاريع على ربط جزاء الفسخ بتوفر العديد
من الشروط التي بدونها ال يمكن االستجابة لطلب الفسخ بتوفر العديد من الشروط التي بدونها
ال يمكن االستجابة لطلب الفسخ ( الفصل األ ّول ) كما عمل المشرّع على تحديد نطاق طلب
الفسخ ( الفصل الثاني )
25أنظر:
Carbonnier (J ), op. cit, p 312
12
فسخ العقد
ال يثبت لل ّدائن الحق في طلب الفسخ إالّ إذا كان طرفا في عقد ويكون المطلوب هو فسخ ذلك
العقد ،فنطاق الفسخ هو العقد ،فما هو مفهوم العقد ؟
لم يعرّف المشرّع التونسي العقد ،وعرّفه الفقهاء 26بأنّه توافق إرادتين أو أكثر على احداث
أثر قانوني معيّن سواء كان هذا األثر هو انشاء التزام أو نقله أو تعديله أو انهائه.
ومن خالل هذا التعريف يمكن القول أنّه لقيام العقد يجب توفّر عنصرين :أ ّوال توافق إرادتين
أو أكثر حيث أنّه إذا التزم شخص بإرادته المنفردة دون اقترانها بإرادة أخرى تكون أمام
تصرّف قانوني من جانب واحد.
ثانيا ،النعقاد العقد ال ب ّد أن تتّجه إرادتين إلى احداث أثر قانوني ملزم أي إلى االلزام وااللتزام
بحيث تقوم مسؤولية الطّرف الذي ال ينفّذ التزامه.
تبعا لذلك ّ
فإن إرادة األطراف هي جوهر وأساس العقد وبدونها ال يقوم هذا األخير ،فهي التي
تنشئ العقد وهي التي تحدث آثاره وهذه هي الحرية التعاقدية أو ما يس ّمى بمبدأ سلطان
اإلرادة .27
وجزاء الفسخ ال يرد إالّ على عقد صحيح أي الذي تتوفّر فيه جميع أركانه .وقد ح ّدد الفصل
0م إ ع األركان الضّرورية لتكوين العقد وهي األهلية والرّضا والمح ّل والسّبب.
13
فسخ العقد
أن العقود ليست كلّها من نوع واحد بل تتع ّدد وتتن ّوع التقسيمات باختالف
وتجدر اإلشارة إلى ّ
المعايير التي يمكن اعتمادها في تقسيمات العقود.28
ومن أه ّم أقسام العقود نجد العقود الملزمة لجانب واحد والعقود الملزمة للجانبين.
وفي غياب نصوص تشريعية واضحة تتعلّق بتعريف العقد الملزم للجانبين سواء كان في
القانون التونسي أو في غيره من القوانين المقارنة ،فقد سعى بعض الفقهاء إلى تقديم تعريف
موسّع للعقد الملزم للجانين بوصفه عقدا ينشئ إلتزامات متبادلة بين طرفيه ،بحيث يكون ك ّل
منهما دائنا ومدينا في نفس العقد.
وقد اشترط الفقه الفرنسي كذلك العتبار العقد ملزما للجانبين تقابل االلتزامات.30
14
فسخ العقد
لم يتعرّض المشرّع التونسي صراحة لوجوب أن يكون العقد المراد فسخه ملزما للجانين ال
ي نصّ قانوني آخر على خالف بعض القوانين المقارنة
صلب الفصل 001م إ ع وال صلب أ ّ
في العقود الملزمة للجانين إذا امتنع أحد المتعاقدين عن الوفاء بما في ذ ّمته من إلتزام ".32
كما جاء بالما ّدة 300من القانون المدني المصري أنّه " في العقود الملزمة للجانين إذا لم
يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد اآلخر بعد إنذاره للمدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو
فسخه مع التعويض في الحالتين".
أ ّما المادة 023من قانون الموجبات والعقود اللّبناني فقد أشارت إلى أنّه " يق ّدر وجود شرط
اإللغاء في جميع العقود المتبادلة 33إذا لم يقم أحد المتعاقدين بإيفاء ما يجب عليه ".
15
فسخ العقد
األساس الذي تقوم عليه نظرية الفسخ والمتمثّل في ارتباط االلتزامات الناشئة عن العقود
الملزمة للجانين ومن خالل التعريف المق ّدم للفسخ.
فإن امتناع أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزامه يجعل الطّرف اآلخر محقّا في المطالبة
وبالتّالي ّ
بالتحلّل من التزامه نظرا النعدام الجدوى من تكوين العقد الذي ما كان ليبرم لو علم مسبقا أنّه
لن ينفّذ.34
أن بعض العقود األخرى تثير إشكال يتعلّق بمدى إمكانية تصنيفها ضمن العقود الملزمة
إالّ ّ
وأن اإلجماع الحاصل حولها يتّجه نحو اعتبارها من العقود الملزمة لجانب
للجانين ،خاصة ّ
واحد.
ومن بين هذه العقود نذكر على سبيل المثال :عقد الهبة ،عقد الوديعة وعقد الوكالة.
.1عقد الهبة
16
فسخ العقد
وبالتالي يطرح التساؤل حول مصير العقد في صورة امتناع أحد طرفيه عن تنفيذ التزاماته ؟
وهل يمكن صدور حكم يقضي بفسخ الهبة بعوض ؟
بالرّجوع إلى القانون التونسي ،يتّضح ّ
أن المشرّع لم ينص على الفسخ كجزاء عن عدم وفاء
أحد طرفي عقد الهبة بإلتزامه ،بل أق ّر جزاء آخر يمكن أن يترتّب في هذه الصّورة هو جزاء
الرّجوع في الهبة .36
وفي هذا اإلطار جاء في الفقرة األولى من الفصل 032م أ ش أنّه " يجوز للواهب مع
مراعاة حقوق الغير المكتسبة قانونا طلب الرّجوع في هبته :إذا أخ ّل الموهوب له بما يجب
عليه نحو الواهب بحيث يكون هذا اإلخالل جحودا كبيرا منه "
في هذا اإلطار هناك من اعتبر أنّه ال يجوز األخذ بهذا الح ّل نظرا ّ
ألن طلب الرّجوع في هذه
الفقرة يتعلّق في حقيقة األمر بعقد الهبة بدون عوض وبإخالل الموهوب له بالتزام سلبي
يتمثّل في العرفان بجميل الواهب.
وهذا اإلخالل يش ّكل جحودا كبيرا يمكن للواهب على أساسه طلب الرّجوع في الهبة .37
وتبعا لذلك فإنّه من البديهي أن ال يجوز سحب هذا الح ّل على عقود الهبة بعوض التي تخضع
إلى أحكام المتعلّقة بالعقود الملزمة للجانبين ومن بينهما الفصل 001م إ ع المتض ّمن لمبدأ
الفسخ لعدم التنفيذ.
أن ح ّل الفسخ أقرّه العديد من الفقهاء من بينهم الفقيه عبد الر ّزاق
ويضيف صاحب هذا الرّأي ّ
أحمد السّنهوري ،حيث ورد عنه " ويجوز أيضا للواهب أو لورثته المطالبة بفسخ الهبة لعدم
أداء العوض ّ
وأن الهبة بعوض عقد ملزم للجانين يرد عليه الفسخ طبقا للقواعد العا ّمة المقرّرة
في هذا الشأن" .38
هذا الرّأي على وجاهته يبقى قابال للجدل والنقاش نظرا لغياب حجج دامغة تؤ ّكده لكون
المشرّع لم يفرّق صلب بين نوعي الهبة .ونظرا لهذا الغموض ،يبقى األمر بيد القضاء في
إمكانية االستجابة لطاب فسخ عقد الهبة من عدمها.
العقد الثاني الذي يثير نفس اإلشكال المتعلق بتحديد طبيعته هو عقد الوديعة.
17
فسخ العقد
.1عقد الوديعة
يظهر من خالل األحكام المتعلقّة بعقد الوديعة ضمن م إ ع بأنّه عقد ملزم لجانب واحد يتسلّم
فيه المستودع شيئا منقوال من شخص آخر بمقتضى عقد ليعتني بحفظه وير ّده بعينه .39
فإن النّقاش ثار حول طبيعته في صورتين اثنتين :
ّ
األولى ،عندما ينفق المستودع المصاريف الضّرورية كحفظ الوديعة والثانية ،عندما تكون
الوديعة بأجر.
أ ّما في الحالة الثانية ،وعندما تكون الوديعة بأجر فلقد اتّجه أغلب الفقهاء إلى اعتبارها عقدا
ملزما للجانين بما أنّه يحتوي على التزامات متبادلة ومتوازنة محمولة على كاهل طرفيه
وبالتالي ّ
فإن ك ّل طرف في العقد إلتزم بقصد الحصول على مقابل مواز اللتزامه وبالتالي
إمكانية فسخه إذا ما انعدم توازنه وتبعا لغياب نصوص قانونية تنظّم إخالل المستودع تحفظ
الوديعة وإخالل المودع بدفع األجرة للمستودع يتّجه الرّجوع إلى القواعد الع ّمة وبالتّحديد إلى
الفصل 001م إ ع.
18
فسخ العقد
.3عقد الوكالة
عرّف المشرّع عقد الوكالة صلب الفصل 3322م إ ع بأنّها " عقد يكلّف به شخص شخص
آخر بإجراء عمل جائز في حق المن ّوب وقد يتعلّق بالتوكيل أيضا ح ّ
ق الموكل والوكيل أو حق
المو ّكل والغير فقط.
ومبدئيا يعتبر عقد الوكالة عقدا ملزما لجانب واحد يلتزم به الوكيل بإجراء عمل جائز في حق
الموكل دون أن يتعهّد في المقابل هذا األخير بالقيام بأ ّ
ي التزام لفائدة الوكيل.
غير ّ
أن المشرّع استثنى من هذه القاعدة بعض الصّور وذلك بتنصيصه ضمن الفصل 3332
أن الوكالة تصبح مأجورة إذا اشترط الطّرفان ذلك في العقد أو " إذا كان الوكيل
م إ ع على ّ
منتصبا لمثل ما و ّكل عليه ".....
أن لكال الطّرفين في العقد الوكالة التزامات متبادلة ،فإنّه طبقا لمبدأ العدالة التبادلية ،ال
وبما ّ
ب ّد من أن تكون هذه االلتزامات متوازنة 41بحيث يتحصّل ك ّل طرف على مقابل مواز لما
ق ّدمه تنفيذا اللتزاماته وإالّ فإنّه يصبح من حقّه أن يتحرّر من العقد عن طريق المطالبة
بفسخه ،كما ّ
أن المشرّع نصّ على إمكانية أن يتح ّرر الوكيل أو الموكول من إلتزامه بصفة
ق حبس ما سلّمه له الموكل الستيفاء ما يستحقه من
فردية ،كما أجاز المشرّع للوكيل ح ّ
مصاريف.
هذا هو محتوى مبدأ العقد الملزم للجانين غير أنّه هنالك العديد من االستثناءات لهذا المبدأ.
19
فسخ العقد
وقد اتّفق معظم فقهاء القانون سواء كان بتونس أو بفرنسا على ضرورة استثناء عقدي القسمة
( الفقرة األولى ) والتأمين ( الفقرة الثانية ) من مجال الفسخ إضافة إلى عقد العارية ( الفقرة
الثالثة )
أجمع الفقه والقضاء في فرنسا منذ سنوات على عدم قابلية عقد القسمة للفسخ رغم عدم وجود
ي نصّ قانوني يحجّر ذلك صراحة ،وأبقوا للمتعاقدين الذين يثبتون ّ
أن أحد أطراف عقد أ ّ
القسمة قد أخ ّل بإلتزامه الحق في اللّجوء إلى القضاء للمطالبة بإلتزام الطّرف المتقاعس بتنفيذ
إلتزامه تنفيذا عينيّا.42
إالّ أنّهم استثنوا من ذلك حالة وحيدة تتمثّل في إدراج شرط صريح بالعقد يقضي بضرورة
فسخه فسخا تلقائيّا في صورة امتناع أحد المتقاعسين عن دفع مع ّدل القسمة مثال.
يبرّر الفقهاء في فرنسا موقفهم هذا باالستناد إلى الحجج التالية :
) 1ال يمكن واقعيّا ومنطقيّا اعتبار الشرط النسخي الضمني 43كأساس لفسخ عقد القسمة إذ
بأن إرادة المتعاقدين الضّمنيّة قد اتّجهت إلى فسخ عقد القسمة عند عدم
من المنطقي أن نق ّر ّ
تنفيذ أحدهم اللتزاماته.
) 1نظريّا ال يمكن ترجيح مصلحة أحد المتعاقدين بين الذي يطالب بفسخ العقد على مصلحة
بقية المتعاقدين الذين سيضرهم فسخ عقد القسمة.
20
فسخ العقد
فيما يخصّ الفقه في تونس ،اتّفق الفقهاء على ضرورة استثناء عقد القسمة من مجال الفسخ.
ورد تعريف عقد التأمين في الفصل األ ّول من مجلّة التأمين وهو " عقد يلتزم بمقتضاه
المؤمن بتقديم خدمة ماليّة للمؤ ّمن له"
حيث ميّز عقود التأمين بنظام خاص ،في هذا اإلطار نميّز بين صورتين :
-الصورة األولى :عند إخالل المؤ ّمن له بتنفيذ إلتزاماته المنصوص عليها صلب مجلّة
ق للمؤ ّمن أن يفسح العقد بصفة منفردة وذلك عن طريق عدل منفّذ أو
التّأمين ،فإنّه يح ّ
45
رسالة مضمونة الوصول مع اإلعالم بالبلوغ
وهنا الفسخ في هاته الصّورة يختلف عن الفسخ القضائي بما أنّه يت ّم دون استصدار حكم.
21
فسخ العقد
-الصورة الثانية :المشرّع التونسي صلب مجلّة التأمين وتحت عنوان " إلتزامات
المؤمن وله والمؤ ّمن " لم يتعرّض إلى إلتزامات هذا األخير ولم يبيّن جزاء اإلخالل
بتنفيذها .46
وهو ما يجعلنا نتساءل عن مدى إمكانية تطبيق القواعد العا ّمة المتعلّقة بالفسخ ؟
يبدو ّ
أن مصلحة المؤ ّمن له تقتضي منه أن يقوم على أساس المسؤولية العقدية ال على أساس
أن الهدف المنشود تحقيقه من خالل الفسخ والمتمثّل في تحرير ال ّدائن من إلتزامه
الفسخ ،ذلك ّ
وتمكينه من التعاقد مج ّددا إن أراد ذلك ،ال يمكن أن تتحقّق في صورة فسخ عقد التّأمين،
ألن الخطر قد تحقّق وال
فالمؤ ّمن له ال يستطيع أن يبرم عقد تأمين جديد مع مؤسّسة أخرىّ ،
ألن الخطر قد تحقّق وال يمكن منطقيّا أن تقبل أ ّ
ي ي مؤسّسة أخرى ّ ،
يمكن منطقيّا أن تقبل أ ّ
مؤسّسة أخرى بأن تؤ ّمنه.47
تنقسم العارية في القانون التونسي إلى نوعين ،عارية االستعمال وعارية االستهالك.48
عارية االستعمال هو عقد يسلّم به أحد الطّرفين شيئا لآلخر لينتفع به م ّدة معيّنة أو لغرض
معيّن على أن يرجع المستعير عن المعار ويبقى للمعير ملكيّة الشيء وحوزه الشرعي بحيث
ال يكون للمستعير إالّ المنفعة " .49
22
فسخ العقد
أ ّما في ما يتعلّق بعارية االستهالك وهي القرض .فقد نصّ الفصل 3223م إ ع على ّ
أن "
القرض عقد على دفع شيء م ّما يستهلك أو منقول على أن يرجع له المقترض نظير ذلك
نوعا وقدرا ووصفا عند انقضاء األجل المتّفق عليه "
وإذا كانت الطّبيعة الملزمة للجانين لعقد عارية االستهالك ثابتة ،إالّ ّ
أن المشرّع لم ينصّ على
الفسخ كجزاء عن عدم وفاء أحد الظّرفين بإلتزاماته المحمولة عليه بمقتضى هذا العقد،
واكتفى بالتنصيص صلب الفصل 3200م إ ع أنّه " على المستعمر ضمان تلف العارية
وتعيبها بأمر طارئ أو ق ّوة قاهرة إذا أفرط في استعمالها وخصوصا إذا ....ما ط ّل في ر ّدها
"...
23
فسخ العقد
ويع ّد عدم الوفاء الكلي بااللتزام حسب العميد " " Carbonnierمن أبسط مظاهر
اإلخالل.52
ويظهر عدم التنفيذ الكلّي بحسب موضوع االلتزام وبحسب طبيعته وبحسب مرتبته.
24
فسخ العقد
ويتفرّع االلتزام بعمل إلى التزام أ ّول موضوعه توصّل ال ّدائن بغاية أو نتيجة ،ومن ذلك
االلتزام بآداء مبلغ مالي ،التزام البائع بتسليم المبيع ،53التزام األجير بمقتضى عقد اإلجارة
على الصّنع .54
وفي إطار هذا الصّنف من اإللزام ،ال يعتبر المدين قد وفى بالتزامه وال تبرّأ ذ ّمته إالّ متى
تم ّكن فعال من الوصول إلى تلك النتيجة ،وعلى العكس من ذلك يعتبر عدم الوفاء كامال إذا لم
تتحقق النّتيجة المرج ّوة من التعاقد.
أ ّما االلتزام الثاني ،فهو التزام ببذل عناية و يتمثل جوهرة في بذل المدين قدرا معيّنا من
الحرص والعناية في سبيل تمكين ال ّدائن من الوصول إلى غايته ،ويستوي في نظر القانون أن
تتحقّق هذه الغاية أو أن ال تتحقّق ،فالذي يه ّم هو بذل العناية ذاتها .مثال التزام الطّبيب معالجة
مرضه ،إلتزام المحامي بال ّدفاع عن من ّوبه ....شفاء المريض وقد ال يت ّم ذلك .
حينئذ فعدم الوفاء بكامل االلتزام ،يتمثّل في عدم بذل ح ّد معيّن من الجهد والحرص الذي كان
سيظهره الرّجل المعتاد في مثل ظروف المدين وهو معيار موضوعي يتكيّف حسب
مقتضيات.
يتفرّع االلتزام حسب طبيعته إلى إلتزام قابل للقسمة وإلى التزام غير قابل للقسمة وإلى إلتزام
.55
غير قابل للقسمة
ويحصل عدم التنفيذ الكلّي خاصّة إذا تعلّق األمر بإلتزام غير قابل للقسمة حسب الفصل 393
م إ ع ،تنشأ في صورة أولى من طبيعة الملتزم به الذي كان شيئا أو فعال ال يقبل القسمة ،وهو
ما أ ّكدته محكمة التعقيب بقولها في احدى القرارات " ّ
إن طبيعة عقد المغارسة تقتضي بداهة
25
فسخ العقد
أن إلتزام العامل يجري في الك ّل ال في البعض وإالّ فات المقصود من التعاقد وهذا التص ّور
ّ
.56
يؤ ّدي بنا إلى وجود اعتبار ذلك االلتزام مندرجا في فئة االلتزامات غير القابلة للقسمة "
كما تنشأ عدم قابلية القسمة في صورة ثانية من العقد أو القانون ،بأن يقتضي أحدهما ّ
أن
االلتزام ال يجري في البعض دون الكل ،فمن إلتزام بمقتضى عقد بيع بخالص الثّمن دفعة
واحدة ال يتسنّى له عندئذ دفعه على أقساط.
ينقسم اإللتزام حسب مرتبته إلى إلتزام أصلي وإلزام فرعي .واإللتزام األصلي هو الذي يكون
وجوده الزما بوجود العقد وهو وسيلة رئيسية وأساسية لتحقيق النتيجة النموذجية لعقد
.57
معيّن
وتبعا لذلك ،يتحقّق عدم الوفاء الكلّي إذا تسلّط اإلخالل على إلتزام رئيسي ،فمثال في عقد
البيع يتمثّل االلتزام الرّئيسي ( أي االلتزام األصلي ) للبائع في تسليم المبيع للمشتري وبالتالي
يعتبر البائع مخال بالتزامه إذا تخلّف عن تسليم المبيع للمشتري وبالتالي يعتبر البائع مخالّ
بإلتزاماته إذا تخلّف عن تسليم المبيع.
أن المدين نفّذ جزءا من االلتزام وتخلّف عن ذلك في الباقي وقد ثار
يعني عدم الوفاء الجزئي ّ
نقاش بين مختلف الفقهاء حول الحل المتّجه اعتماده في حالة عدم تنفيذ المدين اللتزامه
جزئيّا.
فهل يقع التصريح بفسخ كامل العقد ،أم اإلبقاء عليه ،أم فسخه جزئيّا ؟
56قرار تعقيبي مدني عدد 1200صادر بتاريخ 02ماي ،3923نشرية محكمة التعقيب ،3923ج ،0ص 30
57عبد الحميد الشورابي ،المرجع السابق ،ص 12
26
فسخ العقد
لم يتعرّض القانون الفرنسي لهذه المسألة بالفصل 3322مجلة مدنية فرنسية ،حيث انقسم
الفقهاء الفرنسيون إلى إتّجاهين :
األ ّول اعترض أصحابه على فكرة الفسخ الجزئي ألنّها تمسّ من وحدة العقد وتمنح القاضي
سلطة تقديريّة ها ّمة في تعديله وفي ذلك إخالل بقاعدة العقد شريعة الطّرفين.
أن الفسخ الجزئي هو الح ّل المالئم لهذه الوضعيّة بما أنّه يوفّق
أ ّما اإلتّجاه الثاني ،فقد اعتبر ّ
بين ال ّدائن والمدين في نفس الوقت.
وعلى خالف ذلك ،فقد أجاز القانون التونسي صراحة لل ّدائن في صورة عدم تنفيذ المدين
لجزء من إلتزامه ،أن يطلب الوفاء الجزئي أو فسخ العقد.
ويعكس ذلك من دون شك حرص المشرع على الوفاء بااللتزامات كاملة وتكريس حق ال ّدائن
في الوفاء كامال وعدم إجباره على قبول جزء من االلتزام مقابل االكتفاء بالتعويض فيما
تبقى.
وبما ّ
أن عبارة " الوفاء الجزئي " الواردة في الفصل 001م إ ع تعني ضمنيا الفسخ الجزئي
للعقد ،فإنّه يمكن التّأكيد ّ
أن المشرّع التونسي قصد أن يعطي لعبارة فسخ العقد معنى آخر
مخالف أال وهو الفسخ الكلي.
وهو ما أ ّكده الفقيه حسن على الذنون بقوله " :لقد أعطت هذه المادة لل ّدائن عند عدم التنفيذ
الجزئي إللتزامات المدين ،الخيار بين طلب الفسخ مع التحريض أو اإلبقاء على الرّابطة
التعاقدية واالقتصار على طلب التعويض عن الجزء الذي لم يقم المدين بالوفاء به .فإذا ما
فإن الرّابطة التعاقدية تبقى قائمة فيما نفّذ من التزامات المدين
اختار ال ّدائن هذا الخيار األخير ّ
وتفسخ في الجزء الذي لم ينفذ منها مع طلب التعويض عن هذا الجزء فقط ،أي أنّها أعطت
لل ّدائن الحق في أن يطلب من القضاء الحكم بفسخ العقد فسخا جزئيا .58
والقاضي عند استعماله لحق التقدير ،ينظر فيما إذا كان الجزء الباقي دون تنفيذ من االلتزام
يبرّر الحكم بالفسخ أو يكفي اعطاء المدين مهلة لتكملة التنفيذ .فإذا رأى القاضي ّ
أن عدم
27
فسخ العقد
التنفيذ الجزئي خطير بحيث يبرر الفسخ ،بقي عليه أن يرى هل ينطبق بفسخ العقد كلّه أو
يقتصر على فسخ جزء منه.
ويقضي بفسخ العقد كله إذا كان التزام المدين ال يحتمل التجزئة أو كان يحتملها .و لكن الجزء
الباقي دون تنفيذ هو الجزء األساسي من االلتزام.59
ويظهر عدم الوفاء جزئيّا خاصّة إذا تعلّق األمر بإلتزام يقبل القسمة ،بحيث ينفذ المدين جزءا
منه ويخ ّل بالباقي كمن يتعهّد بدفع الثّمن أقساطا فيوفي بالقسط األ ّول دون الباقي.
ويع ّد أيضا من باب الوفاء الجزئي تسليم مبيع غير مطابق للشروط أو النموذج المتّفق عليه
كمن يتّفق مع شخص على شراء آلة مصنوعة من الصّلب ،فيكتشف المشتري ّ
أن المبيع من
.60
األلمنيوم
نستخلص م ّما سبق عرضه ،أنّه ليس للمحكمة أن تصرّح بفسخ العقد إالّ إذا كان عدم التنفيذ
كليّا أو على األقل إذا كان عدم التنفيذ الجزئي جسيما وهو ما يش ّكل سببا من أسباب تحقيق
االستقرار التعاقدي.
وفي هذا اإلطار وإلى جانب شرط عدم تنفيذ االلتزام كسبب أو شرط لطلب فسخ العقد ال ب ّد
من التعرّض إلى مسألة استحالة التنفيذ.
28
فسخ العقد
للق ّوة القاهرة واألمر الطارئ ؟ ( الفقرة األولى ) وبالتالي ما هي الشروط األساسية الواجب
توفّرها في االستحالة ( الفقرة الثانية )
القوة القاهرة أو األمر الطارئ هي حادث غير ممكن التوقع ( ) 3مستحيل ال ّدفع ( ) 0
يصبح معه الوفاء بااللتزام مستحيال.
إن نظريّة الظّروف الطّارئة والق ّوة القاهرة ال تكون إالّ بالنسبة ألحداث التي لم تكن في
ّ
الحسبان ولم يكن في الوسع توقّعها عند إبرام العقد وبعد شرط عدم التوقّع من أه ّم شروط قيام
نظريّة الظّروف الطّارئة وقد اهت ّم به الفقه والقضاء الفرنسيين اهتماما خاصّا لح ّد أنّهم أسموا
النظرّية نفسها بالرّجوع إليه إذ يطلقون عليها اسم » « La théorie de l’imprévision
أن هذا ال ّشرط يمثّل الفاصل ال ّدقيق بين األخذ بالنظرية وعدم
أي " نظرية عدم التوقّع " ،ذلك ّ
األخذ بها ،فهو األساس في هذه النّظريّة وهو المعيار لها.
وعم قابلية أي حادث للتوقّع ال تعني أنّه لم يسبق له الوقوع ألنّنا في هذه الحالة سنتح ّدث عن
استحالة التوقّع .فالحدث الذي يتوقّه المتعاقد بدرجة يمكن أن تثنيه عن التعاقد أو تجعله يبرم
العقد لكن بشروط مغايرة وهذا ما يم ّكننا من التميّز في أ ّ
ي عقد بين االحتمال العادي الذي
يتوقّعه ك ّل متعاقد وبين االحتمال غير العادي الذي لم يكن داخال في دائرة التوقّع ،فعدم التوقّع
قانونا هو عدم احتمال حصول الحادث وإن كان من الممكن تص ّور حصوله.
29
فسخ العقد
فيكون تقدير التوقّع بالنّظر إلى الظّروف واألحوال الموضوعية التي أحاطت بالعملية العقدية
ولكن دون تجاهل لسلوك المتعاقد ،ويتطلّب هذا المعيار رجال عاديّا متوسّط ّ
الذكاء والتبصّر
م ّمن تتك ّون منهم غالبيّة أفراد المجتمع.
ويتّفق الشرّاح ّ
أن تقدير توفير هذا العنصر من عدمه يعتبر من المسائل الواقعية التي تخضع
الجتهاد القاضي فإنّهم يختلفون في خصوص نطاق استحالة التوقّع.
أن الحادث ال يمكن توقّعه أن يكون أيضا م ّما ال يستطاع دفعه أو
بقي أن نشير أنّه يتفرّع على ّ
تحاشيه.
.1استحالة الدّفع
يجب أن تكون الحادثة الغير متوقّعة مستحيلة ال ّدفع لكي تتك ّون منها حالة ق ّوة قاهرة.
فإذا كان في وسع المدين أن يدرأه أو أن يتغلّب عليه فيستوي عندئذ أن يكون متوقّعا أو غير
متوقّع ،ويكون عدم دفع المدين لذلك الحادث أو تحاشيه له مع قدرته على خطأ يتح ّمل وزره،
أ ّما إذا كان متوقّعا ولكنّه بلغ من الخطورة ح ّدا يعجز المدين عن دفعه أو تحاشي نتائجه فهو
ظرف طارئ.
فإمكانية ال ّدفع تعني إمكانية التغلّب على الوضع الرّاهن أو إمكانية اجتنابه.
وتنصّ الفقرة الثانية من الفصل 021م إ ع على أنّه " ال يعتبر السّبب الممكن اجتنابه ق ّوة
قاهرة إالّ إذا أثبت المدين ك ّل الحزم في درئه ".
30
فسخ العقد
كما ال يعتبر ق ّوة قاهرة حسب الفقرة الثالثة من الفصل المذكور " السبب الناتج عن خطأ
أن استحالة ال ّدفع تنتفي بوجود الخطأ
متق ّدم من المدين " وال غالبة في مثل هذا الحل طالما ّ
المتق ّدم عالوة على كون الخطأ المتق ّدم يستغرق أحيانا كامل أسباب الضّرر فيزيل بذلك عن
الق ّوة القاهرة أثرها اإلعفائي.
وتق ّدر استحالة ال ّدفع على خالف استحالة التوقّع وقت تنفيذ العقد الزم إبرامه.
وال ب ّد أن يترتّب عنها استحالة تنفيذ العقد التي تعتبر في نظر الكافة العنصر األساسي المبرّر
للقدرة االعفائية التي تحظى بها الق ّوة القاهرة.
ويجب أن تكون استحالة التنفيذ مطلقة ال نسبية ،فإذا كان التنفيذ أصعب أو بكلفة أكبر نتيجة
فإن شروط الق ّوة القاهرة ال تع ّد متوفّرة فيه وال حدوث أمر غير شرعي متوقّع قد ّ
تعذر دفعه ّ
ينج ّر عنه إعفاء المدين من المسؤولية.
أن االستحالة أثناء التنفيذ يجب أن تكون مطلقة ( ) 3فال يع ّد من باب االستحالة
يمكن القول ّ
الحدث الذي يجعل المدين يتح ّمل مشاقا كبرى عند التنفيذ أو بجعله يوفي بإلتزاماته متكبّدا
أن هذا االستحالة يجب أن تكون موضوعية ( ) 0أي ّ
أن الحدث المانع من تكاليف ها ّمة ،كما ّ
الوفاء يجب أن يجعل ذلك الوفاء مستحيال على الكافة.
إن المقصود بأن تكون االستحالة مطلقة هو عدم استطاعة المدين مقاومتها والتغلّب عليها
ّ
مهما بذل من جهد ،فال تكفي إذن االستحالة النسبية إلعفاء المدين من الوفاء بالتزاماته ّ
ألن
الصّعود في تنفيذ شروط العقد ليس لها مفعول إعفائي والمشرّع حريص أش ّد الحرص على
الوفاء بااللتزامات واحترام التعهّدات.
31
فسخ العقد
إذن يجب أن يكون الوفاء مستحيال استحالة مطلقة ،فال بعد من باب االستحالة مثال الحدث
الذي يجعل البائع يتحصّل أكثر مشاقا لتسليم المبيع أو يجعله يوفي به لكن بتكاليف أكثر.
واالستحالة في التنفيذ يجب أن تكون دائمة بمعنى نهائية وال تتغيّر ألنّها متى كانت مؤقّتة ّ
فإن
التّنفيذ يبقى ممكنا وتكون أمام حالة من حاالت التأخير في الوفاء.
أ ّما إذا طالت فترة التأخير بصورة ال يمكن معها تحديد موعد التنفيذ أو ّ
أن التنفيذ أضحى غير
فإن هذه الحالة تصبح شبيهة باالستحالة المطلقة التي تم ّكن ال ّدائن من
ذي فائدة بالنسبة للدائن ّ
طلب الفسخ والعتبار استحالة التنفيذ مطلقة ،يجب أن يصبح المح ّل مستحيال والمقصود هنا
باالستحالة على التي تطرأ بعد تكوين العقد ،كما لو وقع منع التعامل في مح ّل االلتزام
بموجب القانون كصدور أمر انتزاع من أجل المصلحة أو أمر يمنع بيع عقارات موجودة في
منطقة معيّنة والحال ّ
أن طرفي العقد قد أبرما وعدا ببيع عقار في تلك المنطقة.
وقد تعرّض المشرّع صلب م إ ع إلى حاالت تطبيقية لالستحالة المطلقة ،فجاء بالفصل 222
م إ ع أنّه " ال ضمان على البائع إذا كان انتزاع المبيع بغصب أو ق ّوة قاهرة أو بأمر األمير "
ونصّ الفصل 000م إ ع أنّه " إذا انتزع الشيء المأجور من المكتري بأمر األمير أو
لمصلحة عامة ،فللمكتري أن يطلب فسخ العقد وليس عليه في الكراء إالّ بقدر انتفاعه "......
فإن االستحالة ال تتعلّق إالّ باألشياء المعينة بذاتها دون األشياء المعينة بالنوع
وفي هذا اإلطار ّ
وبالتالي فال يمكن الحديث عن استحالة في التنفيذ إذا كان مح ّل االلتزام أشياء معيّنة بنوعها،
ذلك ّ
ألن هذه األشياء موجودة دائما ويمكن أن يح ّل بعضها مح ّل اآلخر في تنفيذ االلتزام.
فالمح ّل يبقى ممكنا ما عدى حالة منع التوريد أو االنقطاع عن صنع هذا الشيء.
32
فسخ العقد
تكون االستحالة موضوعية ما لم تكن مرتبطة بظروف المدين الشخصية أو بإمكانياته المادية
والجسدية والفكرية.
واالستحالة الموضوعية بخالف االستحالة النسبية تجعل تنفيذ االلتزام مستحيال على الكافة
وتعفي مسؤولية أو مؤاخذة.
أ ّما االستحالة النسبية فهي االستحالة الرّاجعة لظروف المدين الشخصية وهي استحالة بالنسبة
للمدين فقط أ ّما بالنسبة لغيره فإنّها ال تع ّد كذلك ،إذ أنّها تدخل في باب اإلمكان واالستطاعة،
وهذه الحالة تجعل تنفيذ االلتزام مستحيال بالنسبة للمدين ويبقى هذا األخير مسؤوال عن عدم
الوفاء.
وعلى ذلك ال يمكن تعليق الوفاء على تد ّخل المدين وقدرته على تنفيذ التزاماته بل ّ
إن هذا
األخير يمكنه أن يفي بما التزم به بواسطة غيره تطبيقا ألحكام الفصلين 022و 029م إ ع.
ولكن قد ال يتسنّى للغير تعويض المدين في الوفاء بتعهّداته إذا كانت لشخصية المدين اعتبار
في تنفيذ االلتزام وكانت صفاته الشخصية تساهم في خاصيّة األداء وإعطائه طابعا متميّزا.
.
33
ق
الجزء الثاني :ممارسة ح ّ
الفسخ
فسخ العقد
الفسخ هو جزاء عدم تنفيذ أحد المتعاقدين اللتزاماته األمر الذي يجيز للطّرف المتضرّر
المطالبة بفسخ .فالفسخ هو أمر اختياري لل ّدائن ،حيث يمكن أن ال يطالب به وإنّما يطلب تنفيذ
العقد تنفيذا عينيّا أو تنفيذ بمقابل أي عن طريق التعويض.
أن المشرّع التونسي لم يعتن بتنظيم الفسخ في باب مستق ّل ،إالّ أنّه بالرّجوع إلى مجلّة
ورغم ّ
االلتزامات والعقود ،يتّضح ّ
أن للفسخ صورا متع ّددة ( الفصل األ ّول ) الهدف منها التحرّر
من الرابطة التعاقدية ،األمر الذي يجعلنا نتساءل عن اآلثار القانونية المترتّبة عن هذا الفسخ (
الفصل الثاني )
25
فسخ العقد
وطبقا لهذا ال ّشرط ال يت ّم الفسخ بصفة آلية وال يترك لمطلق حريّة األطراف بل ال ب ّد من
احترام إجراءات معيّنة نصّ عليها المشرّع ( الفقرة األولى ) مع منح سلطة تقديرية القاضي
في الحكم بالفسخ من عدمه ( الفقرة الثانية )
أن الفسخ القضائي للعقد ال يت ّم بصفة آلية بل ال ب ّديتّفق العديد من فقهاء القانون 64على ّ
للتّصريح به من أن يحترم ال ّدائن إجراءات معيّنة تتمثّل في توجيه إنذار إلى المدين ( أ ) ث ّم
رفع ال ّدعوى ( ب )
يميّز المشرّع التونسي ضمن مجلّة االلتزامات والعقود بين صورتين :األولى ،عندما يعيّن
طرفا العقد أجال للتنفيذ ،والصّورة الثانية عندما ال يعيّن الطّرفان أجال للتنفيذ
وقد جاءت عبارات الفصل 029م إ ع صريحة في ذلك " يع ّد المدين مماطال بمض ّي األجل
المعيّن في العقد ،فإذا لم يعيّن أجل فال يع ّد المدين مماطال إالّ بعد أن ينذره ال ّدائن أو نائبه
القانوني بوجه صحيح بالوفاء بما عليه ويذكر في اإلنذار "...
ففي الصّورة األولى ،يع ّد المدين مماطال بمض ّي األجل المح ّدد ودون حاجة إلى إنذاره وذلك
سواء كان األجل إتّفاقيّا أو قانونيّا أو قضائيّا وسواء كان مح ّددا بصفة مباشرة أو بصفة غير
مباشرة.
26
فسخ العقد
ومن خالل قراءة الفصل 029م إ ع ،فقد ترك المشرّع التونسي أمر تقدير " الم ّدة المعقولة "
لل ّدائن ليح ّددها وينصّ عليها ضمن اإلنذار الذي يوجّهه للمدين.
إالّ أنّه من غير المنطقي ترك هذا األمر لمطلق حريّة ال ّدائن ،إذ من الممكن أن يتعسّف في
استعمال هذا الحق ،ويمنح المدين أجال قصيرا للوفاء فيعجز هذا األخير عن تنفيذ ما التزم به
ق ال ّدائن طلب فسخ العقد ،لذلك ال ب ّد من اإلقرار لفائدة القاضي بسلطة
ويصبح بالتالي من ح ّ
تقديرية تم ّكنه من مراقبة " الم ّدة المعقولة " والتّأكيد من مدى مالءمتها لموضوع العقد
ولظروف ومالبسات القضيّة المعروضة عليه.
هنالك ثالث إمكانيات لتحديد التاريخ الذي يبدأ منه سريان هذه الم ّدة ،فإ ّما أن يبتدئ األجل من
يوم توجيه اإلنذار من قبل ال ّدائن للمدين ،وإ ّما أن يبدأ من يوم تلقّي المدين اإلنذار ،وإ ّما أن
يبتدئ من يوم معرفة المدين الفعلية بمحتوى اإلنذار وباألجل الذي منحه له ال ّدائن لتنفيذ
التزاماته.
27
فسخ العقد
فيما يتعلّق بالصورة األولى فال يمكن العمل بها ،فاإلنذار شرع أساسا لتمكين المدين من
معرفة األجل الذي يبذأ منه سريان الم ّدة المعقولة هو تاريخ توجيه اإلنذار ،ذلك أنّه في هذا
التاريخ ليس للمدين علم باألجل الذي منحه له ال ّدائن وبالتالي ال يمكن مؤاخذته على عدم تنفيذ
إلتزامه في األجل المح ّدد.
أ ّما الح الة الثانية فال يمكن األخذ بها وذلك لصعوبة إثبات علم المدين الفعلي بمحتوى اإلنذار
ألن اإلثبات في هذه الحالة يتعلّق بواقعة نفسيّة وباطنيةّ ،
إن األخذ بهذه اإلمكانية يتوقّف نظرا ّ
على إرادة المدين وهو ما من شأنه أن يفقد اإلنذار نجاعته حيث يمكن أن يتغيّب هذا األخير
فجأة أو أن يرفض اإلطالع على محتوى اإلنذار.
فإن اإلنذار ال يكون ناجعا إالّ ابتداءا من التاريخ الذي يحصل فيه المدين على
وبناء عليهّ ،
العلم الفعلي بمحتواه ويستنتج حصول العلم الفعلي بمجرّد تلقّي اإلنذار ،ذلك أنّه " ال شيء
مبدئيّا يمنع من اإلطّالع على محتواه خاصّة إذا ما ثبت تلقيه له "
يتّضح من خالل العبارات المنصوص عليها صلب الفقرة الثانية من الفصل 029م إ ع " ّ
أن
لإلنذار أشكال متع ّددة ،حيث يمكن أن يكون برسالة تلغرافية أو بمكتوب مضمون الوصول أو
بطلب المدين للحضور لدى المحكمة ولو كانت غير مختصّة.
إن المشرّع التونسي قد قيّد صحّة اإلنذار من الناحية الشكليّة بشرط واحد يتمثّل في ضرورة
ّ
أن يكون هذا األخير كتابة بقطع النّظر عن الشكل ،غير ّ
أن عدم تش ّدد المشرّع التونسي في
تحديد شكل اإلنذار بدقّة قد ينعكس سلبا على مصلحة ال ّدائن لو لم يحسن هذا األخير اختيار
الوسيلة المناسبة إلنذار المدين.
و بالتالي فإنّه من مصلحة ال ّدائن توجيه اإلنذار عن طريق الوسائل التي يستطيع بواسطتها
إثبات تلقيه وحصول العلم بمحتواه من قبل المدين وذلك على غرار توجيه مكتوب مضمون
الوصول يثبت بواسطته تحديد بداية سريان الم ّدة المعقولة وبالتالي يضمن حقّه في المطالبة
بفسخ العقد إذا ما ّ
تعذر غصب المدين على التنفيذ عند نهايته هذه الم ّدة.
28
فسخ العقد
كما ّ
أن شكليّة اإلنذار لم ينصّ عليها الفصل 029م إ ع بل كذلك العديد من النصوص
األخرى متعلّقة ببعض العقود الخاصّة مثل ما جاء بالفصل 202م إ ع كذلك الفصل 01من
قانون 00ماي 3900عدد 10 – 00المتعلّق بتنظيم العالقات بين المتس ّوغين والمس ّوغين.
كما اشترط الفصل 33من قانون التّأمين 67إنذار المؤ ّمن له بال ّدفع قبل المطالبة بفسخ العقد
من طرف المؤ ّمن .وتبعا لذلك يمكن القول ّ
أن اإلنذار شكليّة أساسية في بعض العقود الخاصّة
وأهميّة اإلنذار تكمن في جعل القاضي أسرع استجابة لطلب الفسخ كما يجعله أقرب إلى
الحكم على المدين للتعريض إلى جانب الفسخ.68
لإلنذار دور هام في تأكيد مماطلة المدين خاصّة في إطار االلتزامات غير مح ّددة األجل.
ودور القاضي مه ّم في ضبط هذه المماطلة ،إذ بقبوله ال ّدعوى المرفوعة من قبل ال ّدائن يكون
قد أنذر المدين بضرورة دفع ما تخلّد بذ ّمته من أموال.
وما يؤ ّكد حرص المشرّع على هذا االتجاه هو عدم اشتراطه أن يكون القاضي مختصّا
بالنّظر .إذ نصّ الفصل 029م إ ع على ما يلي ..... " :لدى المحكمة ولو كانت غير
مختصّة ".69
أن اإلنذار شكليّة أساسية إالّ أنّه ال يحرّر الدائن من التزامه ما لم يقم برفع دعوى إلى
رغم ّ
المحكمة للحصول على حكم قضائي يصرّح بح ّل الرّابطة العقديّة.
.1ضرورة رفع دعوى
تخضع دعوى الفسخ بدعوى الفسخ يجب أن يكون بطلب من ال ّدائن باعتباره الطّرف
المتضرّر من عدم تنفيذ العقد وال بطلب من المدين المماطل في الوفاء بما تخلّ{ بذ ّمته من
التزام.
ويشترط في المدين باعتباره الطّرف الذي توجّهه ض ّده دعوى فسخ العقد أن يكون هو
المتسبّب في عدم التنفيذ سواء بمماطلة أو بامتناعه الصّريح عن الوفاء بالتزامه.
29
فسخ العقد
تبعا لذلك يمكن لل ّدائن الذي طلب التنفيذ الجبري أن يتراجع عن ذلك ويطلب الفسخ أثناء نشر
ال ّدعوى أو العكس ،ولكي يتمتّع ال ّدائن بهذا الحق يجب أن يكون غير مقصّر في تنفيذ التزامه
وهو ما اقتضته صراحة أحكام الفصل 022م إ ع.
وفي هذا اإلطار يمكن لطرفي العقد عند إبرامه أن يتّفقا على تعجيل أحدهما الوفاء بما في
ذ ّمته من التزامات قبل اآلخر.71
إن ح ّ
ق القيام لدى المحاكم الممنوح لك ّل شخص مقيّد بثالث شروط وهي على التوالي ّ
المصلحة ،الصّفة واألهليّة .72
ويقصد بالمصلحة أن يكون لل ّدائن طالب الفسخ منفعة من التجائه إلى القضاء.
أ ّما فيما يخصّ الصّفة فيقصد بها أن يكون ال ّدائن هو صاحب الحق في طلب الفسخ وليس
غيره من األشخاص.
يطرح التّساؤل حول مدى انتقال حق المطالبة بالفسخ إلى الخلف العام والخلف الخاص
والغير ؟
70أنظر:
Aribi ( I ) : L’article 273 du code des obligations et des contrats et opinion entre l’action en résolution
et l’action en éxécution, actualité juridique tunisienne 1998 n° 12 p 156
71انظر الفصل 020م إ ع
72انظر الفصل 31م م م ت
30
فسخ العقد
بالنسبة للخلف العام ،فإنّه ال يعتبر من الغير بالنسبة لعقود سلفه وتطبّق هذه القاعدة بالنسبة
للحقوق التي يرتّبها العقد في ذ ّمته السّلف فتنقل إلى الخلف .73فما دام الفسخ حقّا للمورّث
بمقتضى القانون فإنّه بحصول الوفاة ينتقل إلى الورثة.
أ ّما الخلف الخاص فهو" من تلقّي من سلفه شيئا معيّنا بالذات أو حقّا عينيّا على هذا ال ّشيء
".74
وحسب الفصل 023م إ ع ال تسري أحكام االلتزامات الناشئة عن العقد على المتعاقدين فقط،
بل أيضا على من ترتّب له ح ّ
ق منهم أي الخلف الخاص لك ّل من المتعاقدين.
أ ّما فيما يتعلّق بالغير فإنّه مبدئّيا من لم يكن طرفا في العقد وال خلفا ألحد المتعاقدين يعتبر
غيرا بالنسبة للعقد وبالتالي ّ
فإن اآلثار القانونية للعقد ال تنصرف إليه بتاتا ال في حالة التنفيذ
وال في حالة عدم التّنفيذ .75إالّ أنّه في بعض الحاالت يمكن للغير أن يباشر ح ّ
ق المطالبة
بالفسخ بدال عن ال ّدائن حينما يتقاعس هذا األخير عن ذلك إضرار بهذا الغير.
فدائن ال ّدائن يمكنه وفقا للفصل 122م إ ع مباشرة الحقوق التي ينصرف عنها ال ّدائن لغاية
اإلضرار به ومن بين هذه الحقوق نجد الحق في طلب الفسخ .76
وأخيرا يشترط في ال ّدائن طالب الفسخ أن يكون مكتسبا لكامل أهليته القانونية وأن يكون قادرا
على التعبير عن إرادته بنفسه وإنشاء حقوقه وتعمير ذ ّمته.
31
فسخ العقد
أن المشرّع التونسي لم يتعرّض ضمن الفصل 001م إ ع إلى الم ّدة التي بمرورها
طالما ّ
ق ال ّدائن في القيام بدعوى الفسخ ،فإنّه يتوجّب الرّجوع للقواعد العا ّمة بم ّدة التّقادم.
يسقط ح ّ
استنادا إلى المقالة السادسة بعنوان " في انقضاء االلتزامات " وتحديدا الباب السابع وعنوانه
في " سقوط ال ّدعوى بمرور ال ّزمن ".
نظّم المشرّع في الفصل 220م إ ع بقوله " ك ّل دعوى ناشئة عن تعمير الذ ّمة ال تسمع بعد
خمس عشر سنة عدا ما أستثني بعد وما قرّره القانون في صورة مخصوصة "
فالمشرّع وضع قاعدة عا ّمة تتمثّل في سقوط ال ّدعوى بمرور خمس عشرة سنة وتب لها جملة
من االستثناءات القاضية بسقوط ال ّدعوى إ ّما بمرور سنة واحدة أو خمس سنوات . 77
ومن البديهي أنّه في غياب نصوص خاصّة تنصّ على هذه االستثناءات يقع تطبيق القاعدة
العامة التي تنصّ على سقوط ال ّدعوى بمرور خمس عشرة سنة أي أنّه على ال ّدائن الرّاغب
في حماية حقوقه ومصالحه المتضرّرة من عدم تنفيذ مدينه أن يقوم برفع دعوى الفسخ قبل
انقضاء هذه الم ّدة.
أ ّولها مستم ّد من تعريف الفسخ ،فهو جزاء على عدم الوفاء بالعقد وال عن عدم صحّة تكوينه.
77انظر الفصول 231 – 233 – 232 – 229 – 222 – 222 – 221م إ ع.
32
فسخ العقد
ق ال ّدائن في طلب الفسخ ال يثبت من تاريخ العقد بل من تاريخ ثبوت تقصير المدين .وهو
فح ّ
ما أ ّكديه محكمة التّعقيب بقولها " إذا أخ ّل أحد الطّرفين المتعاقدين بإلتزامه فالطّرف اآلخر
المطالبة بما يخ ّوله له القانون من تاريخ عدم الوفاء .78"....
أن دور القاضي يقتصر على التّأكيد من ضرورة التّصريح بفسخ العقد أم أنّه يتمتّع
فهل ّ
بسلطة تقديريّة واسعة تتجاوز هذا المجال ؟
يتمتّع القاضي في إطار الفسخ القضائي للعقد بسلطة تقديرية مطلقة ،فالقاضي هو عين
المشرّع السّاهرة على الوفاء بااللتزامات وهو أيضا وسيلة ردع ك ّل من تخ ّول له نفسه عدم
تنفيذ ما إلتزم به تجاه الغير.
وفي إطار إنقاذ العقد يتمتّع القاضي بسلطة تقديرية ها ّمة في تحديد مآل ال ّدعوى ،فيمكن أن
يحكم برفضها ( أ ) أو بقبولها ( ب )
78قرار تعقيبي مدني عدد 0222صادر بتاريخ 03أكتوبر ،3903نشرية محكمة التعقيب ،3900ص 91
33
فسخ العقد
رغم عدم تنصيص المشرّع التونسي على ذلك ،فقد م ّكن القاضي من حريّة رفض طلب
الفسخ أو قبوله حسب اجتهاده المطلق.
فالقاضي يكون مطالبا برفض دعوى الفسخ في صورة عدم توفّر شروطها سواء أكانت هذه
الشروط موضوعية أو إجرائية كأن تقع المطالبة بالفسخ من طرف المتعاقد المخ ّل بإلتزامه،
في حين ّ
أن الفسخ شرّع لحماية المتعاقد المتضرّر من عدم التنفيذ وال المتعاقد المتسبّب في
تنفيذ العقد.
كما يمكن للقاضي رفض الحكم بالفسخ إذا كان اإلخالل الطي يدعيه ال ّدائن غير موجود أو ال
يمكن إثباته أو لم يكن هذا اإلخالل بالخطورة التي تبرّر العقد.
وهذا للحيلولة دون المطالبة التعسّفية للفسخ أو المطالبة المنطوية على نيّة ال ّدائن في التخلّص
من عقد أصبح لظروف فجئيّة عديم المردوديّة االقتصاديّة.
المماطلة هي تأ ّخر المدين في تنفيذ التزامه ،وتتأ ّكد هذه المماطلة ابتداءا من يوم تلقّيه اإلنذار
بالتنفيذ من ال ّدائن ،أو من يوم حلول األجل بالنسبة لاللتزامات المح ّددة بأجل.
34
فسخ العقد
وفي هذا اإلطار تعتبر الرّقابة القضائيّة على الفسخ هي من أه ّم الوسائل التي تساهم في
تحقيق االستقرار التعاقدي.
فالقاضي هو الذي يق ّدر درجة عدم التنفيذ ويقرّر هل أنّه جزئي أو فرعي أو متأ ّخر وله أن
يضرب للمدين أجال وباختصار شديد يحاول أن ينفّذ العقد.
فتد ّخل القاضي وقائي ،يسعى إلى المراقبة والتضييق في آلية الفسخ .ويظهر هذا الطّابع
الوقائي للعقد عندما يقبل القاضي عروض التنفيذ المق ّدمة من المدين أثناء نشر ال ّدعوى وقبل
صدور حكم نهائي.
ق للمدين الم ّدعي عليه في دعوى لفسخ العقد أن يتد ّخل ويعرض الوفاء بالتزاماته التعاقدية
يح ّ
أثناء نشر ال ّدعوى وقبل صدور حكم نهائي .فإذا أثبت هذا األخير أنّه قد قام بالوفاء بالتزاماته
ولو متأ ّخرا ،81فإنّه من غير المنطق أن يقع تسليط جزاء الفسخ عليه بما ّ
أن التزاماته تكون قد
انقضت بالوفاء بها .82
هذا الحل كرّسه الفصل 091م إ ع في فقرته األخيرة الذي نصّ على ّ
أن " ....العرض
الحقيقي يمكن أن يكون في جلسة المحكمة".
79قرار ابتدائي مدني عدد 29000مؤ ّرخ في 2جانفي ،3909م ق ت 3909ص 020
80قرار تعقيبي مدني عدد 3002مؤرّخ في 32أكتوبر 0222ن م ت ،ج IIص 310
81مح ّمد ال ّزين ،المرجع السّابق ،ص 101
82أنظر:
Aribi ( I ), art, précité, p 155
35
فسخ العقد
وهو ما يعكس اتّجاه إرادة المشرّع إلعطاء أكثر ما يمكن من الفرص إلنقاذ العقد.
هذا االعتراف الصّريح لفائدة المدين المماطل ليس مطلقا ،وإنّما مح ّدد بع ّدة شروط ،فإذا كان
تنفيذ المدين اللتزاماته ممكنا لكن دون أن ينتفع به ال ّدائن فإنّه يفقد ك ّل قيمته م ّما يؤ ّدي إلى
رفض القاضي لهذا العرض.
كذلك ال ّشأن إذا أ ّدى عرض المدين بالتّنفيذ إلى فرض شروط جديدة أو نفقات على ال ّدائن لم
ينصّ عليها العقد.
فإذا ثبت للقاضي بصفة قطعيّة عدم إمكانية غصب المدين على التنفيذ أو إذا ثبت لديه عدم
جدوى غصبه على ذلك ،فإنّه من المفروض عليه أن يصرّح بفسخ العقد .إذ ليس له أن يمنح
المدين أجال إضافيّا للوفاء بالتزامه بما ّ
أن الوفاء أصبح مستحيال وعليه أن يصرّح بالفسخ
83أنظر:
Aribi ( I ), art, précité, p 152
84قرار تعقيبي مدني مؤ ّرخ في 0فيفري ،3902م ق ت 3902ص 20
36
فسخ العقد
بالنّسبة للفسخ الجزئي للعقد ،فإنّه في صورة عدم تنفيذ المدين جزئيّا اللتزامه م ّكن المشرّع
التونسي ال ّدائن من حق الخيار بين طلب الفسخ الجزئي أو الفسخ الكلّي .86ويق ّر التّشريع
التونسي صراحة مؤسّسة الفسخ الجزئي للعقود بالفصول الواردة بباب البيع وخاصة الفصل
200م إ ع.
وطبيعي أن يقترن منح الخيار لفائدة ال ّدائن بمنح سلطة تقديرية للقاضي حتّى ال يتعسّف في
استعمال هذا الحق ويطالب بالفسخ الكلّي للعقد لمجرّد أ ّ
ي إخالل بسيط.
فالقاضي يحاول باالعتماد على المعيارين الذاتي والموضوعي تقدير مدى جسامة عدم التنفيذ
الجزئي وتحليل الوقائع ،وتحديد مصالح الخصوم وبيان مدى إخالل التوازن داخل العقد.
أ ّما إذا كان التّوازن مختالّ فقط ،وباإلمكان تالفي ذلك بفسخ العقد جزئيّا حتّى يحافظ على
ال ّرابطة العقديّة في الجزء المتوازن منها ،ولكن بشرط أن يتأ ّكد من ّ
أن العقد قابل للتّجزئة.87
في حكمه بالفسخ ،على القاضي األخذ بعين االعتبار أمرين أ ّولها اإللتزام الذي لم يقع تنفيذه
وإن نفذ في جزء منه تعتبر المحكمة بالجزء المتبق ّي ،فإن كان ها ّما قضت بالفسخ ،وإن كان
قليل األهميّة اتخذت حلول مرنة تجاه المدني.
وهذا يفضي إلى العنصر الثاني الذي تعتمده المحكمة وهو مدى الخسارة التي تكبّتها ال ّدائن
من جرّاء عدم التّنفيذ.
85أنظر:
CARONNIER ( J ), op. cit p 312
86انظر الفصل 001م إ ع
87عبد الكريم بلعيور " نظريّة فسخ العقد في القانون المدني الجزائي " ،المؤسّسة الوطنيّة للكتاب ،الجزائر ،3922ص 390
37
فسخ العقد
ويق ّدر القاضي قيمة الخسارة مع األخذ بعين االعتبار الجدوى االقتصادية للعقد والمرابيح
التي كان ال ّدائن ينتظر تحقيقها من وراء إبرام العقد.
وبالتّالي ال وجود إلشكال عندما يستجيب القاضي لطلب الفسخ المرفوع من ال ّدائن طالما ثبت
أن اإلخالل المنسوب إلى المدين خطير وجسيم وعلّل ذلك تعليال مستساغا.
لديه ّ
ويكون اإلخالل جسيما في صورتين ،األولى تتمثّل في حالة ما إذا تعلّق األمر بعدم تنفيذ
نهائي لكامل اإللتزام األصلي ،فقد يرفض المدين الوفاء بما إلتزم به رغم مطالبته بذلك أو
ّ
تعذر عليه الوفاء العيني ،في هذه الحالة يكون القاضي ملزما بالحكم بالفسخ.
أ ّما الصورة الثانية فتتعلّق بعدم التنفيذ المؤقّت أو التّأخير في الوفاء لكن في حكم عدم التنفيذ
النهائي ،فليس ك ّل االلتزامات يمكن أن يحصل فيها تأخير في الوفاء.
حينئذ ،فلئن كان من إيجابيات القاعدة العامة الواردة بالفصل 001م إ ع جعل القاضي ضامنا
لالستقرار التّعاقديّ ،
فإن ذلك ال ينفي في شيء السلبيات التي يتض ّمنها الفسخ القضائي من
حيث إجراءاته ومن حيث مآله.
لذلك م ّكن المشرّع األطراف المتعاقدة صراحة من استبعاد القاعدة العا ّمة الواردة بالفصل
أن الفسخ ال يكون إالّ بحكم ،وذلك بتضمين العقد شرطا فاسخا
001م إ ع والتي مفادها ّ
فيعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه بمجرّد حصول اإلخالل.
وتخضع ممارسة ك ّل من الفسخ اإلتّفاقي والفسخ القانوني إلى إجراءات يجب احترامها من
ال ّدائن لممارسة حقّه ( الفقرة األولى ) وذلك قبل صدور حكم يقرّر هذا الفسخ ( الفقرة الثانية)
38
فسخ العقد
ويعرّف الفقهاء الشرط الفسخي بكونه الشرط الذي يفسخ بمقتضاه العقد من تلقاء نفسه في
صورة عدم وفاء أحد المتعاقدين بالتزاماته التعاقدية.
ولقد تعرّض المشرّع التونسي إلى الفسخ صلب الفصل 002م إ ع الذي ينصّ على أنّه " أذا
أن عدم وفاء أحدهما بما التزم به يوجب فسخ العقدّ ،
فإن العقد ينفسخ بمجرّد اشترط العاقدان ّ
وقوع ذلك "
فإن ال ّشرط الفاسخ يصبح شريعة الطّرفين بين طرفيه ويقوم مقام القانون.
حينئذّ ،
في إطار الفسخ اإلتّفاقي ،ينشأ حق ال ّدائن في فسخ العقد ابتداءا من تاريخ عدم تنفيذ المدين
اللتزامه ،أي من وقت تحقّق ال ّشرط الفاسخ.
39
فسخ العقد
ولممارسة هذا الحق ،على ال ّدائن أن يعلن عن رغبته في الفسخ أي أن تتّجه إرادته إلى ذلك،
فانعقاد ال ّشرط الفسخي ال يع ّد سببا كافيا العماله من قبل القاضي حتّى ولو توفّر في اإلتّفاق
جميع شروطه القانونية ما لم يقع التمسّك به من قبل ال ّدائن.
أن مجرّد اإلتّفاق المسبق على الفسخ من قبل المتعاقدين يع ّد غير كاف العمال هذا
حيث ّ
اإلتّفاق ولو في صورة تحقّق واقعة عدم التّنفيذ ،بل يجب األخذ بعين االعتبار أساسا إرادة
ال ّدائن الذي يبقى له الخيار بين فسخ العقد أو التم ّسك بتنفيذه وفي هذا اإلطار اعتبر بعض
ق أصلي وحيد وهو حق المطالبة بالتنفيذ ،وما حقّه في الفسخ
أن ال ّدائن يتمتّع بح ّ
الفقهاء ّ 88
بناءا على وجود ال ّشرط الفسخي إالّ حق احتياطي ناشئ عن عدم التنفيذ.
ومهما كانت طبيعة ال ّشرط الفسخي ،أي سواء كان يرتّب لفائدة ال ّدائن حقّا أصليّا أو حقّا
أن إعمال هذا ال ّشرط سيؤ ّدي إلى فسخ العقد بإرادة منفردة
ك ّاحتياطيّا أو االثنين معا .فال ش ّ
وهي إرادة ال ّدائن وحده.
فإن ال ّدائن الذي يقوم بقضيّة ض ّد المدين لجبره على الوفاء بما إلتزم به
وفي هذا اإلطار ّ
ويصدر حكم لفائدته ال يمكنه القيام بعد ذلك بقضيّة أخرى يتمسّك فيها بالفسخ بناءا على
وجود ال ّشرط الفسخي ،إذ ال يعقل أن يقع تسليط جزائين مختلفين على نفس المدين ومن أجل
نفس الفعل.
ب -اإلنذار
يعتبر اإلنذار إجراء أساسي لتنفيذ ال ّشرط الفسخي وال يعفى ال ّدائن من هذا اإلجراء القانوني
األساسي الذي يستطيع من خالله ال ّدائن بعد التأكيد من عدم تنفيذ المدين اللتزامه ،أن يكتسب
به حقّه في فسخ العقد.
40
فسخ العقد
وخالفا للفسخ القضائي ،تخضع وجوبيّة اإلنذار في الفسخ اإلتّفاقي إلى إرادة األطراف
المتعاقدة ،حيث يمكنهم التنصيص على ّ
أن العقد يكون مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى
اإلنذار 89أو كذلك العكس.
أ ّما شكل اإلنذار فقد تعرّض لذلك الفصل 029م إ ع الذي أورد ع ّدة أمثلة لشكل اإلنذار.
كما يمكن أن يكون السّبب األجنبي عامال مباشرا ووحيدا في استحالة التنفيذ فيكون من باب
العدالة واإلنصاف أن تنح ّل الرّابطة العقدية فتنقضي على إثرها إلتزامات األطراف.
والفسخ في هذه الحالة واقع بق ّوة القانون طالما ثبت السّبب األجنبي الذي عرّفه الفصل 021م
إ ع بأنّه " ك ّل شيء ال يستطيع اإلنسان دفعه كالحوادث الطّبيعية في فيضان وقلّة أمطار
وزابع وحريق "....
وتتع ّدد الصّور الصّريحة للفسخ إلستحالة التنفيذ في القانون التونسي .كما جاء في الفصل
021م إ ع الذي نصّ على أنّه " إذا هلكت العين المأجورة أو تعيّبت أو تغيّرت في الك ّل أو
في البعض بحيث صارت غير صالحة لما أع ّدت له بال فعل أحد المتعاقدين فالعقد مفسوح
"...
41
فسخ العقد
إن مجرّد هالك ال ّشيئ المأجور أو تعديله لسبب خارج عن إرادة ك ّل من المكري والمكتري
ّ
ينفسخ معه العقد بمفعول القانون.
كما تعرّض أيضا الفصل 32م ال ّشغل صراحة إلى الفسخ القانوني فنصّ على أنّه ينتهي عقد
ال ّشغل سواء كان مبرما لم ّدة معيّنة أو غير معيّنة " ج :عند ّ
تعذر االنجاز الناتج إ ّما عن أمر
طارئ أو ق ّوة قاهرة حدثت قبل أو أثناء تنفيذ العقد أو عن وفاة العامل"
كذلك ال ّشأن بالنسبة للفصل 203م إ ع الذي نصّ على أنّه " ينقضي إيجار الخدمة أو الصّنع
بأحد األوجه اآلتي ذكرها :
ثالثا :إذا ّ
تعذر إتمام الخدمة أو الصّنع بأمر طارئ أو ق ّوة قاهرة حدثت قبل الشروع فيه أو
بعده أو إذا مات األجير عدا ما استثناه القانون وال ينفسخ عقد اإليجار بموت المؤجّر "
ويجب أن ينصّ التّنبيه على األجل المشار إليه وإالّ يكون ملغى ،وال يمكن التّمديد في األجل
المذكور ويكون الفسخ حتميّا" .
في بعض الحاالت يكون القاضي ملزما ال بإنشاء الفسخ بل يكشفه ،وهذا يعني أنّه يكتفي
بتقرير وقوعه .وتتح ّدد سلطته عندئذ بمعاينة تحقّق الشروط التي أ ّدت إلى الفسخ ويكون في
إطار الفسخ اإلتّفاقي ( أ ) والفسخ بحكم القانون ( ب )
42
فسخ العقد
.1الفسخ اإلتّفاقي
في قراءة سريعة للفصل 002م إ ع تجعل البعض يعتقد ّ
أن الفسخ هو أثر حتمي ومباشر
وأن المشرّع استعمل عبارة " وبمجرّد وقوع ذلك " التي تؤ ّدي إلى
لعدم الوفاء خصوصا ّ
االعتقاد ّ
أن عدم تنفيذ المدين اللتزاماته التعاقدية هو الشرط الوحيد لفسخ العقد ،إذ بمجرّد
توفّره بفسخ العقد من تلقاء نفسه دون أن تتد ّخل في ذلك إرادة ال ّدائن أو القاضي وهذا األمر
أن الفسخ اإلتّفاقي ال ينتج آثاره القانونية وال يمكن االحتجاج به إالّ بعد
غير صحيح ذلك ّ
صدور حكم يقضي بفسخ العقد.
وبالتالي ّ
فإن إدراج شرط فسخي ال يعني عدم ضرورة التقاضي عند وجود نزاع حول تنفيذ
العقد ومه ّمة القاضي تقتصر في هذه الحالة على التثبّت في واقعة التنفيذ من عدمه.
فالقاضي بمقتضى الشرط الفاسخ يجرّد من ك ّل سلطة في الحكم .فالشرط الفسخي يسلب
القاضي سلطته التقديرية.
ّ
إن الفسخ االتفاقي ال يعدوا أن يكون سوى استثناءا للقاعدة العامة التي مفادها خضوع الفسخ
لسلطة قاضي الموضوع التقديرية .لذلك كان لزاما أن يفسّر هذا ال ّشرط تفسيرا ضيّقا ال في
مضمونه فحسب بل وأيضا في مداه ،فال ّشرط الفسخي ولئن يجرّد القاضي من سلطة الحكم
إالّ أنّه ال يمت ّد إلى سلطة المعاينة والمراقبة.
فمن المحتمل أن ينازع المدين في وجود الشرط وفي صحّته ،وفي هذه الحالة يكون القاضي
مدع ّوا إلى التثبّت من ذلك.
فمن حيث وجوده ،ال يمكن للشرط الفاسخ أن يكون ضمنيّا فإذا لم يكن إتّفاق المتعاهدين قاطع
أن الشرط الفاسخ ال يمكن أن يكون إالّ صريحا وال
ال ّداللة وواضحا ك ّل الوضوح .إذا نستنتج ّ
أن سلطة القاضي قد تتّسع وقد تتقلّص بحسب قدرة الشرط على بيان
لبس فيه ،وهنا نالحظ ّ
مراده وبحسب درجته.
43
فسخ العقد
فالمحكمة ال تكتفي بوجود الشرط الفسخي صلب العقد ،بل تذهب إلى أكثر من ذلك فتشترط
لقبوله وصحّته أن تكون فيه منفعة مشترطه أو لغيره بالنسبة لموضوع العقد طبقا ألحكام
الفصل 302م إ ع.
وهو ما أقرّته محكمة التّعقيب صراحة في قرارها عدد 2201الصّادر بتاريخ 12أفريل
،3923حين اعتبرت أنّه " إذا لم يبيّن طرفا العقد أمام المحكمة الفائدة المنجرّة لهم ولغيرهم
أو بالنسبة لموضوع العقد من الشرط المنصوص عليه بهذا األخير والمستند إليه في طلب
الفسخ ّ
فإن هذا الفسخ يصبح منعدما وال سبيل إلى تنفيذه ".90
فالشرط الفاسخ ال يرتّب آثاره القانونية مهما أبدى من الصّراحة والدقّة إال
متى حصل عدم الوفاء وثبت.
وهنا على القاضي تقدير حصول التقصير أم ال ،فإن ثبت لديه ذلك ما عليه سوى تقرير
الفسخ الواقع بمقتضى الشرط الفسخي ،وإن لم يثبت فله أن يرفض الكشف عن أمر لم يتحقّق
إالّ في نظر ال ّدائن.
فحسب الفصل 310م إ ع على القاضي أن يتأ ّكد من نية المستفيد من ال ّشرط الفاسخ ،إذ ولئن
كان اإلتّفاق شريعة إالّ ّ
أن هذا اإلتّفاق وجب أن يتأسّس على حسن النيّة ،فال يسوغ بالتالي
أن التنفيذ ّ
تعذر لسبب لل ّدائن أن يتمسّك بحصول الشرط نظرا لعدم الوفاء باإللتزام والحال ّ
أجنبي.
وقد تعرّض المشرّع إلى مبدأ حسن النيّة في الفصل 021م إ ع الذي جاء فيه أنّه " يجب
الوفاء باإللتزامات مع تمام األمانة وال يلزم ما صرّح بع فقط بل يلزم ك ّل ما ترتّب على
االلتزام من حيث القانون أو العرف أو اإلنصاف حسب طبيعته "
يتميّز دور القاضي في مجال الفسخ اإلتّفاقي بشيء من الحياد ،إالّ أنّه يبقى في بعض الصّور
إيجابيّا عند تقديره لنية األطراف من خالل تحقيق ذلك الشرط ومدى أهميّة بالنسبة لموضوع
العقد.
90قرار مدني عدد ،2201مؤ ّرخ في 12أفريل ،3923ن مت ،الفسم المدني لسنة ،3920ص 030
44
فسخ العقد
وينفسخ العقد قانونا إذا لم يكن باإلمكان تنفيذة حاال ومستقبال وهو ما نصّ الفصل 120م إ ع
" إذا صار ال ّشيء الذي وقع عليه العقد غير ممكن طبيعة أو قانونا بدون فعل المدين أو
تقصيره وقبل أن يع ّد مماطال فقد انقضى العقد "
وفي هذا اإلطار يبرز دور الق اضي من خالل تقدير ما إذا كانت العوامل التي حالت دون
تنفيذ اإللتزام مر ّدها الق ّوة القاهرة أم ال.
حيث يبحث القاضي فيما إذا كانت استحالة التنفيذ مر ّدها السبب األجنبي أم خطأ المدين.
فإذا ارتكب المدين خطأ حكم القاضي بالفسخ وتصبح بالتالي في إطار الفسخ القضائي وليس
الفسخ القانوني.
إن تد ّخل القاضي في مجال الفسخ القانوني ال يحصل إالّ بوقوع نزاع بين المتعاقدين في
خصوص وقوع الفسخ .ويكون مؤهّال لتحديد ما إذا كانت العوامل التي حالت دون تنفيذ العقد
سببا لتحديد ما إذا كانت العوامل التي حالت دون تنفيذ العقد سببا أجنيّا أم ال .كما عليه أن
يح ّدد مفهوم ومعايير السّبب األجنبي.
ولتحديد استحالة التوقّع يعتمد القاضي على معيار موضوعي بقطع النّظر عن شخصيّة
المدين.
45
فسخ العقد
إذ ال يمكن أن ننكر البعد االقتصادي للعقد لذلك من اليسير القول بح ّل الرّوابط العقديّة.
و الفسخ من هذه الناحية له أثر مباشر ويتمثّل في إعدام العقد بصفة رجعيّة ( المبحث األ ّول )
وأثر غير مباشر حيث يكون الحكم بالفسخ سندا مه ّما بالنسبة لل ّدائن لطلب التّعويض (المبحث
الثاني )
46
فسخ العقد
لكن في هذه الحالة قد يثار إشكال يتعلّق بمدى إمكانية الرّجوع فعليّا بال ّدائن والمدين إلى
الحالة التي كان عليها قبل التعاقد ولع ّل األمر يزداد تعقيدا لو جزمنا ّ
أن الفسخ يسري أيضا
بصفة رجعيّة حتّى تجاه الغير.
فما هو أثر الفسخ فيما بين المتعاقدين ( الفقرة األولى ) وتجاه الغير ( الفقرة الثانية )
يقول األستاذ عبد الفتاح عبد الباقي " وإذا كان مؤ ّدي الفسخ انحالل العقد بأثر رجعي واعتبار
أنّه لم يقم أصال وجب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد.91" ...
في هاته الحالة أي مسألة األثر الرّجعي للفسخ والذي ينج ّر عنه رجوع األطرف إلى حالة ما
قبل التعاقد ،يمكن الحديث عن فرضيّتين :
أن العقد لم يتع ّد مرحلة التكوين ،بمعنى أنّه لم يقع تنفيذه ال من ال ّدائن وال من طرف
إ ّما ّ
المدين ،وفي هاته الحالة ال يجوز الحديث عن وجوب إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا
عليها قبل التعاقد والحال أنّه ال تغيير طرآ على األطراف في الفترة الممت ّدة بين ما قبل العقد
وما بعده.
أ ّم الفرضيّة الثانية :فهي الفرضية التي يوفي ال ّدائن بما التزم به بمقتضى العقد في حين
تخلّف المدين عن الوفاء إ ّما كليّا أو بصفة جزئيّة ،وفي هذه الحلة يقتضي الرّجوع باألطراف
أن هذا االسترداد قد يتع ّذر
إلى حالة ما قبل التعاقد استرداد ك ّل طرف لم نفذه ( ) 3بيد ّ
ويكون ذلك خاصّة في إطار العقود الزمنية ( ) 0
91عبد الفتاح عبد الباقي " :نظريّة العقد واإلرادة المنفردة " ص 219
47
فسخ العقد
موجودا أو ترجيع قيمته حين توصله به إذا تلف أو تغيّب بفعله أو تقصيره ".واالسترداد
يكون ممكنا خاصّة في العقد الفوري ،أي العقد الذي ال يكون ال ّزمن فيه عنصرا جوهريّا
والزما كعقد البيع مثال.
أ ّوال :المبيع المعيب على الحالة التي كان عليها عند تسلّمه مع متعلّقاته التابعة له في البيع
وما صار منه بعد العقد.
ثانيا :غلّة المبيع من وقت التراضي على الفسخ أو الحكم به وكذا قبل ذلك إالّ إذا كانت الغلّة
ثمرة لم تؤثّر عند الشراء وجذها المشتري ولو قبل بد ّو صالحها فإنّه حينئذ يفوز بها كما
يفوز بها إذا بد صالحها وإن لم يجذها.
كما ّ
أن البائع للمشتري :
وبالتالي فالفسخ بعدم العقد بصفة رجعيّة ويعيد األطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل
أن مثل هذا األثر من الممكن أن ينسحب على العقد ال ّزمني.
التعاقد ،فهل ّ
العقد ال ّزمني ،هو العقد الذي يكون ال ّزمن عنصرا فيه بحيث يكون المعيار الذي يق ّدم به
موضوع العقد .فعقد التّأمين مثال عقد زمني نظرا لتراوح الخدمة المق ّدمة زمنا مح ّددا ،وعقد
أن ال ّزمن يح ّدد مقدار المنفعة المتّفق عليها.
الكراء أيضا عقد زمني باعتبار ّ
48
فسخ العقد
وهو ما يحلينا إلى التّساؤل عن مدى إمكانية إعادة طرفي عقد زمني إلى الحالة التي كان
عليها قبل العقد ؟
حينئذ ،ال يستقيم الحديث عن أثر رجعي للفسخ في العقود ال ّزمنيّة نظرا ّ
ألن الفسخ ال يعمل
أثره إالّ بالنّسبة للمستقبل.
فمثال يحيل الفصل 002مجلة تجارية إلى الفصل 001م إ ع فيما يتعلّق برفع دعوى في
الفسخ لعدم دفع الثّمن ويكون بمقتضاه البائع القائم بدعوى الفسخ ملزما بإعالم أرباب الديون
المقيّدة بواسطة أحد العدول بمقرّهم المختار في تقاييدهم .ويمنع على القاضي أن يحكم بالفسخ
قبل شهر من تاريخ اإلعالم.
49
فسخ العقد
وهو أيضا مت ذهب إليه المشرّع المصري في الما ّدة 30من قانون ال ّشهر العقاري عند ما
ألزم البائع بالتنصيص على دعواه في سج ّل المحرّرات .93
هذا فيما يخصّ األثر المباشر المتمثّل في إرجاع الطّرفين إلى الحالة التي كان عليها قبل
التعاقد ،هذا أيضا دون التّغافل عن األثر الغير مباشر المتمثّل في التعويض.
فإن المطالبة بفسخ العقد يع ّززها المشرّع بضمانة إضافيّة وحماية مد ّعمة تتمثّل في
وبالتّالي ّ
إقرار التّعويض ( الفقرة األولى ) الذي يتح ّدد على ضوء ما إذا كان اإلخالل بتنفيذ العقد ت ّم
بصفة كليّة أو جزئيّة وهو ما يفترض التعرّض إلى صور التّعويض ( الفقرة الثانية )
93المادة 30من قانون ال ّشهر العقاري " يجب التّأشير في هامش س ّجل المحرّرات واجبة ال ّشهر بما يقم ض ّدها من ال ّدعاوى التي يكون
الغرض منها الطّعن في التصرّف الذي تضمنّه المحرّر وجودا أو صحّة أو نفاذا ،كدعاوى البطالن أو الفسخ أو اإللغاء أو الرّجوع فإذا
كان المحرّر األصلي لم يشهر سجل تلك ال ّدعوى "
94انظر عبد الحميد الشورابي ،المرجع السّابق ،ص 012
50
فسخ العقد
إن إقرار المشرّع للتّعويض إلى جانب الفسخ ،فذلك يع ّزز الرّأي ّ
بأن الفصل 001م إ ع أق ّر ّ
وحدة الجزاء بخصوص العقد الذي لم يقع تنفيذه نتيجة تقاعس المدين أو إخالله أو إهماله
القيام بواجباته .ولقد أ ّكدت المحكمة اإلبتدائية بالكاف 96على إقرار مبدأ التّعويض ،حيث
اعتبرت ّ
أن " إخالل المدين بواجباته التعاقدية وتسبّبه بذلك في ضياع الفرصة على دائنة
يتك ّون منه ضرر محقّق يوجب التّعريض ألنّه كان نتيجة طبيعية للفعل الضارّ ،لكن
التعويض ال ينظر إليه إالّ باعتبار الحرمان من انتهاز الفرصة ال باعتبار أنّه ستغنم منه
أرباح ذات بال "
ولقد أجاز المشرّع إمكانية المطالبة بالفسخ والتعويض كذلك في بعض النصوص الخاصّة،97
أن إقرار التّعويض المشار إليه يثير مسألة ها ّمة تتعلّق بأساس المطالبة بذلك التعويض
غير ّ
فهل هي المسؤولية التعاقدية أم التقصيرية ؟
ك ّ
أن المشرّع لم يتعرّض إلى هذه المسألة ضمن الفصل 001م إ ع وهو ما يفضي إلى ال ش ّ
أن ذلك االعتقاد يزول بمجرّد اإلطّالع على الفصل 030
االعتقاد بوجود فراغ تشريعي ،إالّ ّ
م إ ع الذي جاء فيه " ّ
أن عدم الوفاء بالعقد أو المماطلة فيه يوجبان القيام بالخسارة ولو لم
يتع ّمد المدين ذلك " وبالتالي ّ
فإن جزاء عدم الوفاء باإللتزامات الناشئة عن العقود يكون
حسب قواعد المسؤولية العقدية 98مع األخذ بعين االعتبار القواعد اإلضافية التي أقرّها
بالنسبة للعقود الملزمة للجانين والمرتبطة ارتباطا وثيقا بأحكام الفصل 001م إ ع على أنّه
أن شقّا ها ّما من الفقه يعتبر ّ
أن التعويض ينبني على أساس المسؤولية تتّجه اإلشارة إلى ّ
أن العقد ال يمكن أن يكون أساسا تعويض ألنّه غير موجود وبالتالي ّ
فإن التقصيرية باعتبار و ّ
" العقد بعد أن فسخ ال يصلح أن يكون أساسا وإنّما أساس التعويض هو خطأ المدين.99
وعالوة على ذلك هناك من يرى 100أنّه من حق ال ّدائن الذي أجيب إلى فسخ العقد أن يرجع
51
فسخ العقد
بالتعويض على المدين إذا كان عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه راجعا إلى خطئه ،والتعويض
في هاته الحالة ينبني على أساس المسؤولية التقصيرية ويعتبر العقد هنا واقعة مادية ال عمال
فإن حق ال ّدائن في القيام بطلب التعويض عند فسخ العقد مقيّد
قانونيا ،وفي هذه الصورة ّ
بضرورة توفّر أركان المسؤولية التقصيرية.101
لكن هذا الرّأي على وجاهته يصعب األخذ به خصوصا بحضور الفصل 000م إ ع المشار
إليه والذي ورد بعد الفصل 001م إ ع الذي لئن تعلّق بالتأ ّخر عن الوفاء في ظاهره إالّ ّ
أن
مضمونه مرتبط كذلك بعدم الوفاء الذي ينتج عن عدم تم ّكن ال ّدائن من استيفاء حقه من مدينه
المماطل وهو ما يفضي إلى تمكينه من الحصول غلى تعويض سواء تأ ّخر المدين عن الوفاء
أو لم يقم بالوفاء كما يوجبه مضمون االلتزام العقدي.
وبالتالي تقوم المسؤولية العقدية في جانب المدين التي ترتكز بدوها على ثالث أركان وهي
الخطأ العقدي والضّرر والعالقة السببية بينهما.102
101راضية المنتصر " الفسخ لعدم الوفاء بالعقود" ،رسالة تخ ّرج من المعهد األعلى للقضاء ،91 – 90 ،ص 311
102انظر مح ّمد ال ّزين ،المرجع السابق ،ص 022وما بعدها.
103انظر مح ّمد ال ّزين ،المرجع السابق،
104انظر الفصل 221م إ ع
105انظر الفصل 222م إ ع
52
فسخ العقد
106
الخطأ العقدي في نظر المشرّع التونسي هو ركن ضروري وهام بين األركان الثالثة
المجسّمة للمسؤولية التعاقدية.
إن الجواب يقتضي الرّجوع إلى تعريف الخطأ في ح ّد ذاته وهو عدم الوفاء أو التقصير في
ّ
فإن المشرّع تبنّى فكرة الخطأ العمدي وغير العمدي.108
الوفاء باإللتزام 107وزيادة على ذلك ّ
وصفوة القول ّ
أن أساس المطالبة بالتعويض على معنى الفصل 001م إ ع هو المسؤولية
أن عدم الوفاء الذي يترتّب
العقدية وهو ما ذهب إليه صراحة المشرّع التونسي حينما اعتبر ّ
عنه الفسخ أو المماطلة في تنفيذ العقد يوجبان القيام بالخسارة التي تتح ّدد طبقا ألحكام الفصل
أن " الخسارة عبارة ع ّما نقص من مال ال ّدائن حقيقته وع ّما فإنّه من
002م إ ع الذي جاء فيه ّ
الرّبح من جرّاء عدم الوفاء بالعقد واعتبار األحوال الخاصّة بك ّل نازلة موكولة ككلمة
المجلس وعليه أن يق ّدر الخسارة ويجعل فيها تفاوتا بحسب خطأ المدين أو تدليسه "...
يتّضح أنّه ال يكفي وجود الخطأ لقيام المسؤولية ،بل يجب أن يكون الخطأ هو السّبب في
حصول الضّرر أي وجود عالقة سببيّة بين الخطأ والضّرر للمطالبة بالتعويض الذي يتّخذ
صورا معيّنة.
53
فسخ العقد
الصورة األولى تتعلّق بتعويض عن عدم التّنفيذ وهذه الصّورة من التعويض تح ّل مح ّل التّنفيذ
العيني.109
أ ّما الصورة الثانية فترتبط بتعويض عن التّأ ّخر في التّنفيذ :وهذه الصورة تتّخذ بدورها
أن التّعويض تارة يجتمع مع التنفيذ العيني وذلك إذا نفّذ المدين إلتزامه
مظهرين بإعتبار و ّ
متأ ّخرا.
وأحيانا يجتمع مع التعويض من عدم التنفيذ إذا لم يقم المدين بتنفيذ إلتزامه تنفيذا عينيّا فيجتمع
عليه تعويضان :تعويض عن عدم التنفيذ وتعويض عن التأ ّخر في التنفيذ.110
أ ّما الصّورة الخاصّة فهي تتعلّق بالتعويض في حالة التنفيذ الجزئي .ففي هذه الصورة يجتمع
التنفيذ العيني الجزئي مع تعويض عن عدم تنفيذ بقية اإللتزام.
وقد طرح إشكال بخصوص مسألة اعذار المدين في صورة التعويض عن عدم التنفيذ باعتبار
أن االنذار واجب في التعويض عن التأ ّخر في التنفيذ ؟
أن اإلجتماع منعقد على ّ
ّ
وفي هذا اإلطار ينصّ المشرّع صلب الفصل 002م إ ع في فقرته الرّابعة على أنّه " ويكون
الغرم اعتبارا من اليوم الذي صدر فيه انذار للمدين من طرف ال ّدائن " و في هذا اإلطار
109انظر عبد الرّزاق أحمد السنهوري ،المرجع السابق ،ص 210
110انظر عبد الرّزاق أحمد السنهوري ،المرجع السابق ،ص 210
54
فسخ العقد
وفي هذا اإلطار ينصّ الفصل 002م إ ع على أنّه " ال يجب على ال ّدائن أن ينذر المدين في
حالتين :أ ّولهما :إذا امتنع المدين عن الوفاء امتناعا صريحا ،ثانيهما :إذا صار الوفاء غير
ممكن".
55
الخاتمة
فسخ العقد
تطبيقا لنظريّة السبب ،يعتبر الفسخ مظهرا من مظاهر مبدأ تعادل اآلداءات في العقد و آلية
تقنيّة تهدف في نفس الوقت الى ضمان توازن العقد و غاياته العمليّة و تنفيذه عن حسن النيّة.
بمجرّد اخالل أحد المتعاقدين بقانون العقد يبقى من ح ّ
ق الطرف اآلخر أن يتحرّر منه.
و يركز الفقهاء في هذا المجال على وظيفة الفسخ كجزاء عن عدم احترام العقود التعاقديّة،
فهو سالح بيد ال ّدائن يستعمله ض ّد مدينه الذي لم يحترم ما التزم به.
فتحقيق االستقرار التعاقدي هو الكفيل بتحقيق حماية المعامالت و هاته الحماية هي ضرورة
يجب البحث عنها دائما بما أنّها تضمن الثّقة التي يضعها الناس في القانون لحماية مصالحهم.
فالطريقة المثلى لتفادي اآلثار السلبيّة المترتّبة عن الفسخ تكمن في التدخل التشريعي السابق
للتصريح بالفسخ و ليس في التدخل التشريعي الالحق له.
بمعنى آخر ان اقرار المشرّع لجملة من الشروط سواء المتعلّقة بنشأة هذا الحق أو ممارسته
جعلت باب الفسخ ليس مفتوحا على مصراعيه انما ال يقع التصريح به االّ في الحاالت
ق الفسخ ّ
فان الفصل 001م ا ع يطرح اشكاال حول القصوى و في اطار ممارسة ال ّدائن لح ّ
امكانيّة الخيار بين الفسخ أو الجبر على التنفيذ و قد انقسم الفقه الى اتجاهين يرى األ ّول ان
الفصل 001م ا ع ال يمنح ح ّ
ق الخيار و انما عليه المرور بمرحلة غصب المدين على تنفيذ
ق طلب الفسخ .أ ّما االتجاه الثاني فانّه ال يفرض
التزاماته و في صورة استحالة التنفيذ يح ّ
على القائم بدعوى الفسخ أ ّ
ي قيد حيث يمكن لهذا األخير طلب الفسخ مباشرة ث ّم طلب غصب
المدين على الوفاء.
و في هذا االطار أثار قيام الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب الصّادر في 09فيفري 3992
نقاشا فقهيا عميقا .حيث هناك من الفقهاء من انتقد قرار الدوائر المجتمعة معتبر اقرار
المحكمة بح ّ
ق الدائن في الخيار يؤدي الى التساهل في الفسخ و هناك من أيّد موقف الدوائر
المجتمعة.
57
فسخ العقد
و في هذا االطار يمكن القول أن سلطة التقديريّة التي منحها المشرّع للقاضي هي الضمان
األساسي الستمراريّة العقد .فتدخل القاضي هو وقائي و يسعى الى التضييق في آليّة الفسخ و
بالتالي ّ
فان مسألة الخيار من المفروض أن ال تطرح اشكاال باعتبار ان هذا الخيار خاضع
للسلطة التقديريّة للقاضي و هذه السلطة التقديريّة تتسع في اطار الفسخ القضائي و تضيّق في
اطار الفسخ القانوني و االتفاقي.
58
المراجع
قائمة المراجع
املراجع باللّغة العربية
60
المذكرات و رسائل التخ ّرج
-سامية وناس" ،فسخ العقد" مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون األعمال ،كلية الحقوق و
العلوم السياسيّة بسوسة .0232-0229
-صباح كشيش ،الوكالة ذات المصلحة المشتركة" مذكرة لنيل شهادة الدراسات المع ّمقة في
القانون الخاص ،كليّة الحقوق و العلوم السياسيّة بتونس 91-90ص .12
-عبد الوهاب الجويني "القاضي و تنفيذ العقد" مذكرة لنيل شهادة ال ّدراسات المع ّمقة في
القانون الخاص-كليّة الحقوق و العلوم السياسيّة بتونس .91-90
-كريمة البلدي" ،الفسخ القضائي للعقد" مذكرة لنيل شهادة الدراسات المع ّمقة في القانون
الخاص .كلّية الحقوق و العلوم السياسيّة .90-92
-مهدي الفرقاني" ،تعليق على الفصل 001م ا ع " مذكرة لنيل شهادة الدراسات المع ّمقة في
القانون الخاص -كلّية الحقوق و العلوم السياسيّة بتونس .90-92
-راضية المنتصر" ،الفسخ لعدم الوفاء" رسالة تخرّج من المعهد األعلى للقضاء" -990
.3991
-ريم دفدوف' ،نظريّة الظروف الطارئة في القانون المدني التونسي" رسالة ختم دروس
بالمعهد األعلى للقضاء .3999-992
-سامي بن هويدي "االستحالة في القانون المدني التونسي" رسالة ختم دروس بالمعهد
األعلى للقضاء .3992-3990
61
املراجع باللّغة الفرنسيّة
Les ouvrages
- CARBONNIER (J) ? Flexible de droit pour une sociologie du droit sans
rigueur, 7ème édition LGDJ, Paris 1992.
- CARBONNIER (J), Droit civil, les obligations, 18ème édition. PUF 1994.
- Ghestin (J), traité du droit civil : les obligations, le contrat : Formation,
2ème LGDJ, Paris 1998.
- Josserand (L) cours de droit civil Français 2ème édition, Siney 1993.
Les articles
-Aribi (I), l’article 273 du contrat des obligations et des contrats et opinion entre
l’action en résolution et l’action en exécution, actualité juridique tunisienne
1998 n°12 p 137
62
الفهرس
المقدّمة 7 .....................................................................................................
المبحث األ ّول :المبدأ :الطبيعة الملزمة للجانبين للعقد 31 ........................................
المبحث الثاني :حدود الطبيعة الملزمة للجانين للعقد موضوع الفسخ02 ........................
ب -قبول القاضي لعروض التنفيذ المق ّدمة من المدين 10 ...................................