You are on page 1of 5

‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‬

‫الحم د هلل رب الع املين‪ .‬والص الة والس الم على أش رف‬
‫األنبي اء واملرس لين‪ .‬س يدنا محم د‪ .‬وعلى آل ه وصحبه ومن تبعهم‬
‫باحسان إلى يوم الدين‪ .‬أما بعد‪...‬‬
‫أيه ا املش اهدون رحمكم هللا‪ ...‬ال يوج د إنس ان في ه ذا‬
‫الع الم ال ذي ال يري د أن يكون س عيًد ا في حيات ه‪ .‬كلن ا نري د أن‬
‫نكون س عداء في الحي اة‪ .‬لكن‪ ,‬كث ير من ا يبحث ون عن الس عادة في‬
‫املكان الخطأ‪ .‬يعتقد كثير منا أن السعادة تكمن في وفرة الثروة‬
‫مع أنها ليست العامل الرئيسي للحصول على السعادة‪.‬‬

‫إن م ا يخص الف رد الواح د في الس ويد من ال دخل الق ومي‬


‫يس اوى ثم ان مائ ة وس بعة وأربعين مليون ا في الع ام‪ ,‬أي ح والي‬
‫واح د وس بعين مليون ا في الش هر الواح د‪ .‬ووص ل نظ ام الحكم‬
‫االش تراكي في الس ويد إلى م ا يق ارب مح و الف روق تماًم ا بين‬
‫الطبقات‪ ،‬بفرض الضرائب التصاعدية‪ ،‬وإيجاد مختلف أنواع‬
‫التأمينات الصحية واالجتماعية‪ ،‬التي ال تجدها دول أخرى‪.‬‬
‫ًش‬
‫وكل م واطن س ويدي يس تحق معا ا‪ ،‬وإعان ة م رض‪،‬‬
‫ومع اش ع دم ص الحية‪ ،‬وإعان ة غالء معيش ة‪ ،‬وإعان ة للس كن‪،‬‬
‫وإعانة للعمى‪ ،‬تصرف نقًد ا‪ ،‬والعالج املجاني في املستشفيات"‪.‬‬
‫"ت دفع إعان ة أموم ة لكل النس اء‪ ،‬تش مل ه ذه اإلعان ة مص اريف‬
‫ال والدة والرعاي ة الطبي ة في املستش فى‪ .‬وإعان ة إض افية لكل‬
‫مولود"‪.‬‬
‫ومع هذه الضمانات التي لم تدع ثغرة إال سدتها فقد ذكر‬
‫أن الن اس يحي ون حي اة قلق ة مض طربة‪ ،‬كله ا ض يق وت وتر‪،‬‬
‫وشكوى وسخط‪ ،‬وتبرم ويأس؛ ونتيجة هذا أن يهرب الناس من‬
‫هذه الحياة الشقية النكدة عن طريق "االنتحار" الذي يلجأ إليه‬
‫األلوف من الناس‪ ،‬تخلًص ا مما يعانونه من عذاب نفسي أليم‪.‬‬
‫ونحن نتأكد أن السر وراء هذا الشقاء يرجع إلى أمر واحد هو‬
‫فقدان «اإليمان»‬
‫وأمريكا أغنى بلد في العالم‪ ،‬لم يحقق الغنى ألبنائه السعادة‬
‫على الرغم من ناطحات السحاب‪ ،‬ومراكب الفضاء‪ ،‬وتدفق‬
‫الذهب من فوقم ومن تحت أرجلهم‪ ..‬ورأينا من مفكريهم من‬
‫يقول‪" :‬إن الحياة في نيويورك غطاء جميل لحالة من التعاسة‬
‫والشقاء!‬
‫فك ثرة املال ليس ت هي الس عادة‪ ،‬وال العنص ر األول في‬
‫اًل‬
‫تحقيقه ا‪ ،‬ب ل ربم ا كانت ك ثرة املال أحياًن ا وب ا على ص احبها في‬
‫َف َال‬
‫الدنيا قبل اآلخرة؛ لذا قال هللا في شأن قوم من املنافقين {‬
‫َي‬ ‫َح‬ ‫ْل‬ ‫َه‬ ‫ُه‬ ‫َب‬ ‫َع‬ ‫ُي‬ ‫ُه‬ ‫ُت ْع ْب َك َأ ْم َو ُل ُه ْم َو َال َأ ْو ُد ُه ْم َّن َم ُي ُد َّل‬
‫ال ِإ ا ِر ي ال ِل ِّذ م ِب ا ِف ي ا اِة‬ ‫ا‬ ‫ِج‬
‫ْن‬
‫ال ُّد َي ا} (التوب ة‪ )55:‬والع ذاب هن ا ه و املش قة والنص ب واأللم‬
‫والهم والس قم‪ ،‬فه و ع ذاب دني وي حاض ر‪ ،‬على نح و م ا ورد في‬
‫الحديث "السفر قطعة من العذاب"‪ ،‬وهذا ما نشاهده بأعيننا في‬
‫كل من جعل املال والدنيا أكبر همه‪ ،‬ومبلغ علمه‪ ،‬ومنتهى أمله‪،‬‬
‫َع‬ ‫ّذ‬
‫فه و دائًم ا مع ب النفس‪ ،‬مت ب القلب‪ ،‬مثق ل ال روح‪ ،‬ال يغنيه‬
‫قليل‪ ،‬وال يشبعه كثير‪.‬‬
‫هن اك ال زوج غاض ب زوجت ه فق ال له ا متوع ًد ا‪ :‬ألش قينك‪.‬‬
‫فقالت الزوجة في هدوء‪ :‬ال تستطيع أن تشقيني‪ ،‬كما ال تملك أن‬
‫تسعدني‪.‬‬
‫فقال الزوج في حنق‪ :‬وكيف ال أستطيع؟‬
‫فقالت الزوجة في ثقة‪ :‬لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني‪،‬‬
‫أو زينة من الحلي والُح لل لحرمتني منها‪ ،‬ولكنها في شيء ال تملكه‬
‫أنت وال الناس أجمعون!‬

‫فقال الزوج في دهشة‪ :‬وما هو؟‬


‫فق الت الزوج ة في يقين‪ :‬إني أج د س عادة في إيم اني‪ ،‬وإيم اني في‬
‫قلبي‪ ،‬وقلبي ال سلطان ألحد عليه غير ربي!‬
‫أيه ا املش اهدون رحمكم هللا‪ ...‬ه ذه هي الس عادة الحق ة‪،‬‬
‫السعادة التي ال يملك بشر أن يعطيها‪ ،‬وال يملك أن ينتزعها ممن‬
‫أوتيها‪ ،‬السعادة التي شعر بنشوتها أحد املؤمنين الصالحين‬
‫وإذا كانت الس عادة شجرة منبته ا النفس البش رية‪ ،‬والقلب‬
‫اإلنساني؛ فإن اإليمان باهلل وبالدار اآلخرة هو ماؤها وغذاؤها‪،‬‬
‫وهواؤها وضياؤها‪.‬‬
‫فلذلك علينا أن نقوي ايماننا باهلل تعالى وباليوم اآلخر حتى‬
‫نشعر السعادة الحاقة في حياتنا‪ .‬وهللا أعلم ما نشعر في قلوبنا‪.‬‬
‫وأخير الكالم‪ ,‬السالم عليكم ورحمة هللا وبركاته‪.‬‬

You might also like