Professional Documents
Culture Documents
المفهوم الدستوري للمرفق العام والحكامة الجيدة
المفهوم الدستوري للمرفق العام والحكامة الجيدة
واالجتماعية
سال
ماستر :القضاء اإلداري
ع
عرض تحت عنوان:
الموسم الجامعي:
6102-6102
1
مقدمة:
إن كل حديث عن المرافق العمومية هو بالضرورة حديث عن التطور الذي عرفته وظائف
الدولة سيما حين يتعلق األمر باالنتقال من حالة الدولة الدركية الى الدولة المتدخلة .وأما عن
اعتباره أساسا جديدا للقانون والقضاء اإلداريين .،فذلك معناه أن المرفق العمومي أصبح
معيار تقاس به حدود مجال القانون اإلداري ،هذا الذي يعد تحديد معيار له أساسا تعتمده
المحاكم المختصة بالمنازعات اإلدارية .ولعل ما أكد ذلك هو الحصيلة الوفيرة الوافرة
للقضايا التي أسس فيها القضاء الفرنسي أحكامها على نظرية المرفق العمومي كمحور
لتطبيق القانون االداري .وترتاد هذه وتعلوها قضية "" Blancoلسنة .3881
كما أن هذه األداة التي تستخدمها الدولة لتنفيذ سياستها التدخلية يمكن تعريفها بالجمع بين
المعيارين العضوي والوظيفي بكونها كل نشاط تنشه الدولة أو يخضع لرقابتها ،بحيث
يستهدف تحقيق المصلحة العامة مع ضرورة استفادته من امتيازات السلطة العامة.1
وقد جاء اإلصالح الدستوري األخير في بابه الثاني عشر المعنون بالحكامة الجيدة
بمجموعة من اآلليات المبدئية الرامية الى تحقيق الهدف من المرفق العامة وهو المصلحة
العامة باعتبارها علة إحداثها ،فضال عن تحسين اداء المرفق لغاية الجودة في التدبير .وذلك
وفق متطلبات الشفافية والمساءلة والمحاسبة ،هذه األخيرة التي تتحدد باعتبارها مستلزمات
أساسية تهدف إلى جعل المرافق العمومية مناطا لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية .وهنا
ينبغي ذكر ان التجربة الدستورية المغربية قد اعطت أهمية قصوى لمسألة المرافق
العمومية ،على الرغم من ان الدستور المغربي لسنة 3691وما تبعه في ذلك من
المراجعات الدستورية التي تلته لم يربط ضرورة إنجاح تدبير المرافق العامة بآليات
الحكامة الجيدة إلى أن ربطها الدستور األخير بها .
1
-احمد بوعشيق ،المرافق العامة الكبرى ،دار النشر المغربية ،الدار البيضاء ،الطبعة الثانية 3669
2
وفي ظل غياب تعريف قانوني محدد لمفهوم الحكامة ،فقد أعتبر هذا األخير حقال للتفكير
باعتباره آلية حديثة وتقنية لمعالجة مختلف المشاكل االدارية والمالية التي كانت تعاني منها
الدول في مختلف مرافقها ،على مستوى تدبير سياستها العامة.
وإذا كان هناك اختالف في تأويل الحكامة الجيدة بين رجال القانون والسياسة واالقتصاد
وعلماء االجتماع فإنهم بشكل أو بآخر يجمعون على الهدف المتوخى منها ،وهو التدبير
الرشيد للشأن العام ،وذلك عبر تحقيق التعاون بين مختلف السلطات السياسية واالجتماعية،
من خالل مجموعة من اآلليات والوسائل واألسس التي تؤدي وتساعد على حسن التدبير
وتسيير الشأن العام من خالل مؤسسات وهيئات وأفراد تربطهم عالقة متينة تساعدهم على
بلوغ الغايات التي يصبو اليها افراد هذا المجتمع المحلي قصد تحقيق اهداف اقتصادية
واجتماعية.
وتعد الحكامة الجيدة احدى طرق التدبير الحديثة المستمدة من القطاع الخاص ،وهي وجه
من أوجه الديمقراطية القائمة على المشاركة والمسؤولية والمراقبة ،وقد ظهرت نتيجة
للتحديات الكبرى التي تعيشها االدارة التي تعاني مختلف أوجه الفساد والتشوهات أو
العيوب نتيجة للممارسات التقليدية على مستوى التدبير والتسيير ،فكان أن اعتبرها البعض
كهندسة جديدة في الممارسة الجماعية تروم تحقيق المشاركة والفعالية اعتمادا على مبادئ
ومعايير أساسية.
ومن هذا المنطلق فالحكامة تنصرف إلى ذلك التعبير عن ممارسة السلطة السياسية و
إدارتها لشؤون المجتمع و موارده .و هذا هو التعريف المعتمد من طرف أغلب المنظمات
الدولية .إذ عرف هذا المفهوم تطورا منذ عقدين و أصبح يعني حكم تقوم به قيادات سياسية
منتخبة وأطر إدارية كفأة لتحسين نوعية حياة المواطنين و تحقيق رفاهيتهم ،و ذلك برضاهم
و عبر مشاركتهم و دعمهم كما أعطت األمم المتحدة تعريفا لهذا المفهوم باعتباره األسلوب
التشاركي للحكم ولتدبير الشؤون العامة الذي يرتكز على تعبئة الفاعلين السياسيين
3
واالقتصاديين واالجتماعيين ،سواء من القطاع العام أو من القطاع الخاص وكذلك من
المجتمع المدني ،بهدف تحقيق العيش الكريم المستدام لجميع المواطنين.2
وتكمن أهمية الموضوع في كون المرافق العامة بحكم موقعها في صلب اهتمامات الدولة
جعلها محط اشتغال من قبل العديد من الفعاليات الداخلية والخارجية ،ذلك أنه بالرغم مما
عرفته من تطور ،فإن هناك شبه إجماع على أنها دخلت في حالة تتطلب مراجعة آليات
اشغالها وتأهيلها من أجل بناء إداري فعال ،على اعتبار أنها تضطلع وألمد طويل بدور
حاسم في التنمية ،كما أن فعالية الدولة يمر باألساس بفعالية وظائفها ،والغاية من ذلك تتجلى
في كسب دعامة أساسية لربح رهان اإلصالح اإلداري في منظوره الشمولي.
وأخذا بعين االعتبار ما اضحت تمثله التغيرات الوطنية و الدولية ،فإلى ذلك أصبح من
الالزم إعادة التفكير في مستوى أداء النشاط العمومي ،وذلك باالنطالق من اعتماد مبادئ
ومعايير مركزية هدفها الوصول الى أجود مستويات التدبير العمومي .هذا الرهان سرعان
ما تتجلى صعوبة تطبيقه نظرا لعدم تنزيل فحوى الدستور سيما ما يتعلق بميثاق المرافق
العامة ،وهو ما يستلزم بالضرورة الحديث عن مآل التدبير الجيد للمرافق العامة .
وعليه فإن إشكالية الموضوع تتجلى في :المنظور الدستوري الجديد لحكامة المرافق
العمومية ،كمنطلق للرفع من مردوديتها واستجابتها لمقومات الرقي االقتصادي
واالجتماعي.
غير أن مقاربة هذه اإلشكالية يستلزم منا وجوبا اإلجابة عن تساؤالت أساسية:
ماهي أهم المبادئ والمعايير الدستورية الناظمة للمرافق العمومية؟
هل صاحب هذا التنصيص وسائل كفيلة بالتجسيد الفعلي للغاية منها؟
ماهي مظاهر قصورها في التأسيس لحكامة فعلية للمرافق العمومية؟ وما آفاق
النهوض بها؟
وسنعتمد في محاولة مقاربة هذه اإلشكالية على المنهج التحليلي ،باإلضافة إلى
المقترب القانوني .
2
-الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ،الحكامة الجيدة بين الوضع الراهن ومقتضيات الدستور الجديد ،1133ص4
4
ولإلجابة عن هذه التساؤالت سنعتمد على خطة العمل التالية:
5
المبحث األول :التأصيل الدستوري لحكامة المرافق العمومية
يشمل مفهوم الحكامة الجيدة في ارتباطه بالمرافق العمومية بين طياته مجموعة من المبادئ
والمرتكزات التي تكتسي أهمية قصوى اختلف تحديدها باختالف وجهات نظر الباحثين،
فنجد أنه ليس هناك اجماع حول وجود معيار واحد وموحد لتطوير الحكامة ،بل نكون امام
عدة معايير سياسية ،واقتصادية ،اجتماعية ،وإدارية ،وهنا يمكن أن نستحضر المبادئ
والمعايير التي تم تحديدها في الوثيقة الدستورية.
المطلب األول :ربط المرفق العمومي بمبادئ الحكامة الجيدة
في سبيل ضمان حسن أداء المرافق العامة بمختلف أنواعها وتلبية حاجيات الجمهور على
احسن وجه ،صار من الالزم تجاوز مجموعة من اإلشكاليات التي طبعت التجارب
الدستورية السابقة والمتمثلة أساسا بتراجع وتدني وظيفة المرفق العام والعمل على تكييف
المرافق العامة وفق متطلبات التنمية ،ومن هنا جاء االصالح الدستوري بالمغرب بمقاربة
تدبيرية حديثة حاول من خاللها المشرع تجويد عالقة المرفق العام بالمرتفق بإعتباره
المخاطب األول واألخير بخدماته ،ومما يبرز هذا التصور إفراد باب خاص في الدستور
للحكامة الجيدة .
وبالرجوع الى الباب الثاني عشر من الدستور نجده قد استهل الحديث عن المبادئ التي
تحكم المرافق العامة ،ومايالحظ في هذا الشأن انه تم االرتقاء بهذه المبادئ إلى مصاف
األسس الدستورية والحديث هنا عن مبادئ أساسية يمكن إجمالها في التالي:
-يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج
3
إليها واالنصاف في تغطية التراب الوطني واالستمرارية في اداء الخدمات .
إخضاع تسيير المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية والمبادئ
والقيم الديمقراطية .إلزام أعوان المرافق العمومية بممارسة وظائفهم وفقا لمبادئ احترام
القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة وتأمين تتبع مالحظات واقتراحات
وتظلمات المرتفقين .
استنادا لهذه المعطيات سوف نتناول هذا المطلب وفق فرعين المبادئ التي تحكم
المرفق العام على ضوء الدستور الجديد ( الفرع االول ) ثم المعايير التي تخضع لها
المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد ( الفرع الثاني )
الفرع األول :المبادئ المستمدة من الوثيقة الدستورية
لما كانت المصلحة العامة هي أهم العناصر التي تحكم سير المرافق العامة فإن
3
الفصل 354من دستور المملكة المغربية لسنة ،1133الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،81-33-3منشور بالجريدة الرسمية عدد 5151
مكرر بتاريخ 34رجب 31( 3411يونيو )1133
6
المشرع عمل على حمايتها وذلك من خالل دسترة مجموعة من المبادئ التي تقوم عليها
المرافق العامة ويمكن طرح هذه المبادئ من خالل ثالث محاور االول يتعلق بمبدأ المساواة
امام المرفق العام اما الثاني فيهم االنصاف في تغطية التراب الوطني وأخيرا الثالث ويرتبط
باالستمرارية في أداء الخدمات
الفقرة االولى :مبدأ المساواة أمام المرافق العامة
يعتبر مبدأ المساواة من المبادئ األساسية التي تحكم المرافق العامة وهو نابع من
المبدأ العام للمساواة الذي قررته جميع الشرائع السماوية السيما الشريعة االسالمية التي
أكدت على هذا المبدأ في العديد من األيات القرآنية وكذا االحاديث النبوية الشريفة منها قول
الرسول ملسو هيلع هللا ىلص " الناس سواسية كأسنان المشط " كما ان اعالنات الحقوق قررت مبدأ المساواة
في نصوصها من ذلك اعالن حقوق االنسان والمواطن بفرنسا وكذا في ديباجة االعالن
العالمي لحقوق االنسان .4
وبالرجوع الى الدستور المغربي الجديد نجده يؤكد في العديد من فصوله على مبدأ
المساواة منها الفصل السادس الذي ينص على مساواة جميع االشخاص ذاتيين او اعتباريين
بما فيهم السلطات العمومية أمام القانون والفصل التاسع عشر الذي ينص على المساواة بين
الرجل والمرأة ....إلى غيرها من الفصول التي تناولت مبدأ المساواة من جوانب متعددة .
وإذا كان مبدأ المساواة يشكل عنصرا أساسيا ألي تدبير اداري يقوم على فكرة
الديمقراطية فإن ماينبغي مالحظته هو ان المناداة به ال يمكن ان يكون لها صدى حقيقي في
الواقع التطبيقي إال اذا كان هناك قضاء فاعل يؤمن بضرورته وباستحضار التجارب الرائدة
في هذا المجال نسترشد في هذا الصدد بالنظام القضائي الفرنسي بإعتباره مرجعية لإلجتهاد
القضائي المغربي تبين بأن مجلس الدولة وكذا محكمة التنازع كان لهما الفضل في تنويع
إعمال مبدأ المساواة كأساس ألي تطور يمكن أن يعرفه أي نظام اداري سليم وجعله عنصرا
ال محيد عنه في النشاطات التي تمارسها المرافق العامة. 5
ولقد أكد مجلس الدولة الفرنسي هذا المبدأ في العديد من احكامه من أشهرها حكمه
الصادر بتاريخ 9مارس 1951في قضية جمعية حفالت الكونسرفتور 6ومن المجاالت التي
أقر فيها مجلس المجلس مبدأ المساواة الذي يعني أن كل األشخاص الموجودين في وضعية
4
ابراهيم كومغار ،المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى ، 2009ص 95
5
دمحم كرامي ،القانون اإلداري مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،طبعة ،2015ص .214
6
والذي جاء فيه " على إثر الجزاء الذي أوقعته لجنة إدارة جمعية حفالت الكونسرفتوار طبقا لنظامها ،على عضوين فيها ،لقيامهما رغم الحظر
الموجه إليهما بالمساهمة في حفلة نظمتها اإلذاعة الفرنسية في يناير ، 1974قررت إدارة االذاعة وقف كل إرسال اذاعي لحفالت الجمعية
الطاعنة ،ومن حيث أن ادارة اإلذاعة الفرنسية استعملت سلطاتها لغاية أخرى غير تلك التي منحتها من أجلها ،وأخلت بمبدأ المساواة الذي يحكم
المرافق العامة ،والذي يعطي الجمعية الطاعنة الحق في المعاملة وبث حفالتها كسائر الجمعيات الكبرى األخرى ،فإن هذا الخطأ يرتب مسؤولية
اإلدارة ".
7
مماثلة إزاء المرفق العام يجب ان يخضعوا لنفس القواعد ما يلي: 7
مساواة المواطنين أمام األعباء العامة
المساواة أمام الضرائب
المساواة في االنتفاع من الخدمة
-المساواة بين النساء و الرجال
وتعتبر المساواة في االستفادة من خدمات المرفق العام أول مظهر لهذا المبدأ بيد أنه
ال يجب األخذ به على إطالقه بل يجب التمييز في االستفادة من خدمات المرفق العام بين ما
إذا كان إداريا حيث يطبق مبدأ المساواة بصرامة وما إذا كان تجاريا أو صناعيا حيث تكون
االستفادة بمقابل مادي يختلف مقداره حسب نوعية الخدمة .
ومن مظاهر هذا المبدأ أيضا نجد مساواة جميع المواطنين في ولوج وظائف المرفق
العام فضال عن المساواة في تحمل أعباء المرفق العام .
الفقرة الثانية :اإلنصاف في تغطية التراب الوطني
ينص الفصل 20من الدستور في فقرته األولى على انه " يتم تنظيم المرافق العامة
على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين واإلنصاف في تغطية التراب الوطني "...
إن اإل نصاف في تغطية التراب الوطني بخصوص المرافق العامة وانتشارها على
المجال الترابي الوطني يبرر أوال من خالل ترسيخ مبدأ أساسي تقوم عليه كل إدارة
والمتمثل في المساواة بين المرتفقين في االستفادة من خدمات المرفق العمومي ذلك أن كل
مرتفق أينما كان يحق له أن يستفيد من خدمات المرفق في نفس الشروط ونفس الظروف
ككل المواطنين لذلك فإن الفوارق التي ما تزال قائمة في مجال البنيات التحتية بين جهات
المملكة ال مبرر لها أن تدوم أو تتفاقم .8
9
وبناءا على ذلك فعلى الدولة أن تخلق هيئات متخصصة في تحقيق مبدأ اإلنصاف
وذلك عبر التفكير في توزيع منصف وعقالني للمصالح اإلدارية في مجموع التراب
الوطني بغية تقريب اإلدارة عضويا من المواطنين .
إضافة إلى ذلك يجد مبدأ اإلنصاف تبريرا آخر يتمثل في التزايد السكاني الذي يجب
أن يصطحب بتزايد في اإلدارة المقربة من الجمهور إذ أن تطوير اإلدارة يفيد شتى الشرائح
االجتماعية التي تبقى في حاجة ماسة إلى ابسط الخدمات االجتماعية الضرورية كالتعليم
7
ابراهيم كومغار ،مرجع سابق ،ص 96
8
ابراهيم الشافعي " المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد " رسالة لنيل دبلوم الدراسات في القانون العام المعمق ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،طنجة ص . 85
9
دمحم العمراني بوخبزة :محاضرات في مادة الحكامة المحلية ،السنة األولى ،ماستر علوم االدارة والتنمية ،كلية الحقوق طنجة ،السنة الجامعية
2012-2011
8
والصحة والطرق والقضاء واألمن ونتحدث هنا بالخصوص عن البوادي والجبال والمراكز
البعيدة عن تلك الخدمات األساسية. 10
الفقرة الثالثة :ضرورة تنظيم المرافق العامة على أساس االستمرارية في أداء
الخدمات
يعد مبدأ استمرارية المرافق العامة في أدائها لنشاطها بإنتظام وإضطراد من اهم
المبادئ التي تحكم سير المرافق العامة بمختلف انواعها وهو من المبادئ التي تم اقرارها
من لدن االجتهاد القضائي حيث تم تكريسه بصورة غير مباشرة ويستنتج هذا من قرار
ونكل بتاريخ 7غشت 1909بأن االستمرارية هي روح المرفق العام ولهذا من واجب
السلطة االدارية ضمان السير المنتظم للمرفق.
كما نجد الدستور الحالي للمملكة ينص صراحة على ان طبيعة المرافق العامة
تستوجب ضمان سيرها بإنتظام في أداء الخدمات ويقضي هذا المبدأ ان يقوم المرفق العام
بمهامه ونشاطه وتقديم خدماته على سبيل الدوام واالستمرار دون إنقطاع أيا كانت الظروف
التي يواجهها السيما وأن تحقيق المصلحة العامة تقترن باالستمرارية وبالدوام ألن توقف
سير المرافق العامة او تعطلها عن العمل ولو عرضيا يكون له نتائج سيئة على المرتفقين
إلرتباط المرافق بمصالحهم اليومية كما هو الشأن بالنسبة لمرفق النقل أو مرفق الصحة .
ويترتب على تطبيق هذا المبدأ وجود حاالت منافية إلستمرارية المرافق العامة منها
اإلضراب ،استقالة الموظف ،نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي ونظرية الظروف الطارئة.
أوال :تعارض اإلضراب واستمرارية المرفق العام
يقصد باإلضراب امتناع الموظفين في المرافق العامة عن تأدية أعمالهم لفترة معينة
وبصفة مؤقتة دون ان تتجه نيتهم إلى التخلي عن وظائفهم بشكل نهائي فاإلضراب وبذلك
يعد من أخطر اإلجراءات التي تتعارض مع مبدأ دوام سير المرفق العام بإنتظام واضطراد
إذ قد يشل حركة المرافق العامة ويعرقل سيرها. 11
وعندما نبحث مسألة اإلضراب من خالل التشريع المقارن نالحظ أن مبدأ استمرارية
المرافق العامة قد ظل دائما حاضرا بشكل جعل اإلعتراف بحق اإلضراب وتنظيمه يعرف
الكثير من التعثر وان كانت بعض التشريعات عملت على التوفيق ولو نسبيا بين مبدأ
االستمرارية وحق االضراب
وبالرجوع الى مسألة االضراب في التشريع المغربي يمكن التمييز بين مرحلتين
فقبل صدور أول دستور سنة 1962كان االضراب محرما بمقتضى الفصل الخامس من
10
ابراهيم الشافعي ،مرجع سابق ،ص . 86
11
ابراهيم كومغار ،مرجع سابق ،ص .77
9
مرسوم فبراير 121958وهو الموقف الذي سار على نهجه المجلس االعلى في القضية
المشهورة للسيد دمحم الحيحي 13أما المرحلة الموالية لصدور أول دستور بالمغرب والى غاية
صدور اخر دستور نجد ان حق االضراب قد تم التنصيص عليه بيد أن القانون المنظم
لشروط ممارسة هذا الحق لم يصدر بعد رغم مرور أكثر من نصف قرن على النص عليه
في اول دستور مغربي مما أدى إلى احتدام الجدال القانوني مما أمكن معه القول ان جميع
التأويالت قد ظلت ممكنة خاصة بين المركزيات النقابية التي تعتبر أن اإلضراب حق
دستوري يكون من حق جميع القطاعات المهنية ان تمارسه واالدارة التي ظلت متشبتة
بروح الفصل 14من دستور 1962معتبرة ان ممارسة االضراب تقتضي صدور القانون
التنظيمي 14األمر الذي دفع بالمشرع المغربي الى التدخل والتقليص من حدة التأويالت
بإصدار قوانين تحرم صراحة ممارسة اإلضراب في بعض المرافق العامة الرئيسية
للمجتمع وهو ما نالحظه بالنسبة للنظام األساسي لمتصرفي وزارة الداخلية (الفصل 15من
ظهير فاتح مارس 15 )1963والنظام االساسي للقضاء (الفصل 13الفقرة االخيرة من
الظهير بمثابة قانون بتاريخ 11نونبر 1974المتعلق بالنظام األساسي للقضاة) 16وموظفو
إدارة السجون (مرسوم 12نونبر 1974الخاص بنظامهم األساسي ).17
وعموما فإنه من الضروري للخروج من وضعية الغموض والخالف المرتبطة
بممارسة حق االضراب خروج القانون التنظيمي لحيز الوجود ألن في ذلك تقوية لدولة
الحق والقانون.
ثانيا :استقالة الموظف
يقصد باالستقالة ترك الموظف لوظيفته بحريته بصفة نهائية وهي عبارة عن عمل
إ رادي من جانب الموظف يفصح فيها عن رغبته في ترك الخدمة نهائيا قبل بلوغ السن
18
القانونية المقررة لتركها
غير ان هذه الوسيلة وان كان من شأنها المس بمبدأ االستمرارية المنصوص عليه
دستوريا وكذا اعتبارات المصلحة العامة جعلت المشرع يتوخى في هذا الصدد التوفيق بين
12
مرسوم 2-57-1456بتاريخ 15رجب 5 ( 1377فبراير )1958بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي تم نشره في ج.ر عدد 2372مكرر
بتاريخ 11ابريل ،1958ص .922
13
تتلخص وقائع هذه القضية في ان السيد دمحم الحيحي كان قد شارك في حركة االضراب الجماعي عن العمل كأستاذ في وزارة التربية الوطنية
والشبيبة والرياضة ،طيلة يوم 25مارس 1960حيث صدر قرار بتوقيفه عن العمل بدون راتب من لدن وزير التربية الوطنية والشبيبة
والرياضة ،فتقدم السيد دمحم الحيحي بطعن ضد قرار االدارة أمام الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى ،التي اعتبرت عقوبة التوقيف قانونية على
أساس ان السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة تمكنه من اتخاذ التدابير الالزمة لمواجهة االضراب في المرافق العامة .
14
دمحم كرامي ،مرجع سابق ،ص . 297
15
ظهير شريف رقم 1-63-038بتاريخ فاتح مارس 1963تم نشره في ج.ر عدد بتاريخ 15مارس 1963ص 574 .ومابعدها .
16
ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1-73-668بتاريخ 11نونبر 1974ج.ر عدد 3237بتاريخ 13نونبر ، 1974ص . 3315
17
مرسوم رقم 2-73-668بتاريخ 12نونبر 1974ج.ر لسنة ، 974ص . 3323
18
كما أحال إليه ابراهيم كومغار في كتاب المرافق ( Plantey , traité pratique de la fonction publique, tome I , 1963, p. 274 .
العمومية على نهج التحديث)،
10
حق المواطن في التمتع بهذا الحق وحق المجتمع في الحصول على الخدمات العامة عن
طريق المرفق العام وعلى هذا االساس نظمها ظهير 24 19فبراير 1958المتعلق بالنظام
االساسي للوظيفة العمومية .
ثالثا :نظرية الموظف الفعلي
إذا كان الموظف الرسمي هو الشخص الذي عين تعيينا صحيحا وفقا لألصول
القانونية فإن الموظف الفعلي أو الواقعي هو ذلك الشخص الذي عين تعيينا معيبا أو لم
يصدر قرار بتعيينه أصال .
واذا كان االصل العام يفرض بطالن االعمال الصادرة عن الموظف الفعلي
بإعتبارها اعمال صادرة من غير مختص أو مغتصب أو منتحل للوظيفة فإن القضاء أكد
سالمة وصحة تلك االعمال ضمانا إلستمرارية المرفق العام .
ويرتبط تطبيق نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي بإعتبارات تختلف حسب الظروف
التي قد تكون ظروفا استثنائية كالحروب واالضطرابات أو في الظروف العادية كتعيين
شخص على نحو غير قانوني في احدى الوظائف العامة .
رابعا :نظرية الظروف الطارئة
ظهرت نظرية الظروف الطارئة في أحكام مجلس الدولة الفرنسي الذي اقرها
خروجا عن المبدأ في عقود القانون الخاص التي تقوم على قاعدة العقد شريعة المتعاقدين
ضمانا إلستمرارية سير المراق العامة ،وللحيلولة دون توقف المتعاقد مع االدارة عن تنفيذ
إلتزاماته وتعطيل المرافق العامة .
وتحيل هذه النظرية في معناها العام على حوادث أو ظروف استثنائية لم تكن في
الحسبان أو غير متوقعة وقت اإلبرام وخارجة عن ارادة طرفي العقد .
الفرع الثاني :المعايير التي تخضع لها المرافق العامة استرشادا بالدستور الجديد
لطالما شكل ربط المسؤولية بالمحاسبة إحدى المطالب األساسية للشارع المغربي
وكانت االستجابة بتخصيص الدستور المغربي لسنة 2011الفقرة الثانية من الفصل " 154
اخضاع تسيير المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة وربطها بالمسؤولية
" ...تبعا لذلك يمكن رصد هذه المعايير التي جاء بها الدستور الجديد لتحديد معالم المرفق
العام ،وما يجب أن يخضع له ،ألجل تحقيق الحكامة الجيدة وتتمثل على الخصوص في
جودة الخدمات المرفقية ( الفقرة االولى ) ،اعتماد الشفافية االدارية في األداء المرفقي (
المطلب الثاني ) واخير ربط المسؤولية بالمحاسبة ( الفقرة الثالثة )
19
انظر الفصول 78 ، 77و 79من ظهير 24فبراير . 1958
11
الفقرة األولى :جودة الخدمات المرفقية
دخل المغرب في برنامج واسع من االصالحات السياسية الدستورية االقتصادية
واالجتماعية هذه االصالحات ترمي الى اعتماد مقاربة جديدة للتدبير والتنمية عن طريق
مرفق عمومي نشيط يخضع لمعايير الحكامة الجيدة ومن ضمن هذه العناصر التخطيط على
اساس جودة الخدمات 20ويشكل هذا االخير محورا اساسيا لالصالح والتغيير في سبيل رفع
مستوى اداء اجهزة القطاع العام بالمغرب. 21
وتعد الجودة احد المفاهيم المتطورة باستمرار في مجال تدبير المرافق العامة تتغير
حسب طبيعة هذه االخيرة وحسب تطور نشاطاتها والظروف البيئية المحيطة بها وهو
ماجعل من الصعب حصر تعريف واحد لها .
وبالرجوع الى التعريفات التي اوردها الكتاب المهتمون بموضوع الجودة لوضع
تعربف محدد لمعناها ومضمونها فقد عرفها » «P .Crospyبأنها التوافق مع المتطلبات أما
» «E.Demingفيعرفها بأنها الخدمة التي تشبع متطلبات الزبون وسواء كانت تلك
المتطلبات ظاهرة او ضمنية مجردة او غير مجردة .
وعموما فإن المشرع وسعيا منه على الوفاء بمطالب كل المتعاملين مع المرافق
العامة وتحقيق تلك المتطلبات بما يتوافق وتوقعاتهم فإنه عمل على دسترة هذا المعيار
وجعل المرافق تخضع لهذا المعيار مما يؤكد على نتيجة واحدة وهي رد االعتبار للمرافق
العامة وجعلها في مستوى تطلعات المرتفقين .
ثانيا :إعتماد الشفافية اإلدارية في األداء المرفقي
يعد مبدأ الشفافية إحدى المرتكزات التي يقوم عليها تدبير المرافق العامة والتي أقرها
الدستور الجديد في الفصل 154كمبادئ عامة للحكامة وقد أصبح هذا المبدأ في الوقت
الراهن معيار أساسي لتقييم أداء تدبير المرافق العامة فهو يسمح للمواطنين المرتفقين
باإلطالع على مختلف العمليات التي يقوم بها المسير من أجل تنفيذ الخدمات االجتماعية
وبالتالي معرفة تفاصيل إدارة المرفق فإقرار هذا المبدأ ضمن قواعد التدبير الجيد يهدف الى
احترام المنافسة والشرعية والمساوة امام القانون .
وفي هذا الصدد فإن الحكامة الجيدة تدمج في مفهومها عدة معايير في مقدمتها الجودة
وشفافية التدبير ولتحقيق ذلك يرى البعض 22بضرورة تنزيل جملة من التدابير أهمها :
20
ابراهيم الشافعي ،مرجع سابق ص .94 ،
21
نوال الهناوي " تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام " رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة " وحدة القانون اإلداري وعلم اإلدارة :جامعة دمحم
الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال الرباط ،السنة الجامعية 2001- 2000ص .91
22
عبد العزيز اشرقي الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع الجهوية المتقدمة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء طبعة 2014ص .393
12
تنزيل قانون يتضمن الولوج الغير المقيد للمعلومات ومراجعة الفصل 18من
النظام االساسي للوظيفة العمومية المتعلقة بالسر المهني
مراجعة المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية وتطعيمه بمقتضيات تحد من
السلطة التقديرية الواسعة لضمان الشفافية التامة للصفقات العمومية
تسريع وثيرة قوانين التصريح بالممتلكات لتشمل جميع المرافق العمومية
وتطبيق االجراءات ضد المخالفات المتعلقة بالتصاريح المزيفة.
الفقرة الثالثة :معياري المحاسبة والمسؤولية
المحاسب ة والمسؤولية جزءان اليتجزءان من منظومة الحكامة الجيدة وحلقتان جوهريتان
في سياق التطور الديمقراطي وبناء دولة الحق والقانون ولقد اعطى دستور 2011
إشارات واضحة على انه يشكل قطيعة مع كل الممارسات التي كانت تسقم جسم االدارة
منذ فجر االستقالل حيث تمت صياغته انطالقا من مجموعة من المرتكزات الهدف منها
القطع مع سياسية الماضي .
وبالرجوع الى الهدف االساسي لوجود المرافق العامة نجد الجواب هو خدمة الصالح
العام إال ان هذه الخدمة قد تعترضها بعض الصعوبات إلرتباطها بالمسؤولية لذلك فقد نص
دستور 2011في مجموعة من فصوله على مسألة تحمل المسؤولية من طرف القيمين
على االدارة العمومية وهو مايحتم تحلي هؤالء األشخاص بالمسؤولية امام االدارة من
جهة والمرتفقين من جهة اخرى وقد عمل الدستور على االحاطة بهذه المسؤولية
بمجموعة من القواعد والضوابط حيث نص في فصله 155أن اعوان المرافق العمومية
يمارسون وظائفهم وفق مبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة
العامة .23
23
ابراهيم الشافعي :المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد ،مرجع سابق .
13
المطلب الثاني :آليات تكريس حكامة المرفق العمومي
إن تنصيص دستور 1133على مجموعة المبادئ التي سلف ذكرها وكذا القواعد
األساسية التي تحكم المرافق العمومية في تدبيرها ،ال يمكن أن يكون قابال للتجسيد إال
بإعمال آ ليات وإجراءات كفيلة بضمان بلوغ األهداف المرجوة منها ،ومن هذا المنطلق تم
التنصيص على هيئات و آليات بهدف ضمان تفعيل هده المبادئ .ويمكن التمييز بين آليات
قانونية وأخرى مؤسساتية ،رغم أن التداخل بينهما يبقى أمرا ال مناص منه.
24
-دمحم اليعكوبي ،المبادئ الكبرى للحكامة المحلية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،59ماي يونيو 1114ص 39
14
العمومي إرهاصاته األولى مع حكومة التناوب والتي عملت على تبني الورش الكبير
25
للتأهيل العام لإلدارة المغربية.
وسعيا منها لضمان هذا المبتغى ربطته بالتنصيص القانوني وهو ما برز بإصدار القانون
26 11.13الذي نص في مادته األولى على انه تلزم إدارات الدولة والجماعات المحلية
وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها
اإلدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المشار إليها في المادة الثانية بعده تحت
طائلة عدم الشرعية ،وذلك باإلفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن األسباب القانونية
والواقعية الداعية إلى اتخاذه.
الفقرة الثانية :دور آلية التصريح الجبري للمتلكات
تعد آلية التصريح الجبري للمتلكات من أهم األوجه التي تظهر البعد الوقائي لتخليق المرفق
العمومي وربطه بمبادئ الشفافية وكذا ربط المسؤولية بالمحاسبة ،وقد عمل المشرع
المغ ربي على التنصيص القانوني على هذه اآللية بهدف ضبط جميع التصرفات وكذا تالفي
االنحرافات التي قد تشوب العمليات التدبيرية بالمرافق العمومية منذ 3661وذلك من خالل
القانون ،27 61.15إذ يخاطب هذا القانون أعضاء الحكومة والموظفين وكل من يشغل منصبا
بمصالح الدولة بالداخل أو الخارج وبالجماعات الترابية وكذا المؤسسات العمومية،
ويرمي هذا القانون من خالل الزام األشخاص المشار الذين يخاطبهم بأن يقدموا عند
انتخابهم أو تعيينهم أو توظيفهم قائمة مفصلة لما يملكونه هم وأوالدهم القاصرون من
عقارات أو قيم منقولة جعل كل العمليات التدبيرية تخضع لمعايير الشفافية .
وقد عرف تاريخ 35فبراير من سنة 1131أيضا دخول اإلطار القانوني المتعلق بالتصريح
اإلجباري بالممتلكات حيز التنفيذ ،28ويكمن الهدف من إعمال الغاية آلية التصريح الجبري
بالممتلكات في تخليق الحياة العامـة وتكريس مبادئ المحاسبة والشفافية وحماية األموال
العمومية ،و بهذا فإن إلزامية التصريح بالممتلكات تعكس السعي إلى إرساء المزيد من قيم
االستقامة والنزاهة ،وذلك على غرار ما هو سائد في الدول الديمقراطية المتقدمة.
إن تنمية ثقافة أخالقية سليمة ترتكز على القيم والمبادئ المثلى ال يمكن أن تتم إال من خالل
دعم مخ تلف المبادرات التخليقية الهادفة إلى تأسيس قيم جديدة في تدبير الشأن العام وتهذيب
25
-وخالل هذه الفترة تم إصدار ميثاق حسن التدبير والذي سعى إلى تجويد عمل اإلدارة
26
-ظهير شريف رقم 22.121.1صادر في 21من جمادى األولى ( 12يوليو )1..1بتنفيذ القانون رقم .2..2بشأن إلزام اإلدارات العمومية
والجماعات المحليةوالمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها اإلدارية
27
-ظهير شريف رقم 3.61.341صادر في 31من جمادى اآلخرة 1( 3431ديسمبر )3661بتنفيذ القانون رقم 15.61المتعلق بإقرار
موظفي ومستخدمي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وأعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجالس الجماعات المحلية
والغرف المهنية بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها أوالدهم القاصرون.
28
-ظهـير شريف رقم 11.18.3صادر في 11من شوال 11 )3416أكتـوبر (1118بتتـميم الظهـير الشريف رقم 113.14.3الصادر في 33
من ربيع اآلخـر 11 )3165أبـريل ( 3615بــشــأن حـالــة أعـضــاء الحـكــومـة وتأليف دواوينهم.
15
الحياة اإلداريةعبر قيم النزاهة والشفافية واالستقامة ،ومن خالل مقاربة شمولية مع مراعاة
مجموعة من الشروط الموضوعية المتعلقة بتداعيات هذه المسألة على مستوى التنظيم
اإلداري مما يجعل الطروحات العالجية غير متعالية على حيثيات الواقع ويمنحها بالتالي
القابلية العملية للتطبيق.29
29
-دمحم الهيني ،دور هيئات النوظمة في ضمان حامة إد ارية فعالة ،بحث مقدم إلى الملتقى الدولي حول اإلبداع والتغيير التنظيمي ،دراسة
وتحليل تجارب وطنية ودولية،المقام في جامعة سعد حلب البليدة ،موقع iefpedia.com/arab/p27369
30
-الفصل 391من دستور 1133الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،28-11-1منشور بالجريدة الرسمية عدد 3535مكرر بتاريخ 11رجب
11( 1158يونيو )8111
16
تلقي الشكايات و التظلمات من طرف المواطن في إطار عالقته بالمرفق.
حل المنازعات بين اإلدارة و المترفقين بأسلوب غير قضائي.
تمارس وظيفة تصحيحية تتجلى في الدور اإلصالحي الهادف لحماية المواطن من
تعسف أو شطط السلطات العمومية.
تمارس كذلك وظيفة وقائية تتجلى في كون لمجرد حضور مؤسسة الوسيط داخل
اإلدارة كعامل مباشر لحثها التمسك بالقوانين و األنظمة في تعاملها مع الوافدين
عليها و بالتالي سيادة مناخ يشعر فيه الكل تحت القانون.
إن اعتماد الدستور الجديد الية ربط المسؤولية بالمحاسبة كآلية تدبيرية في ببالدنا كركيزة
أساسية للحكامة الجيدة يشير الى تكريس قاعدة تالزم ممارسة المسؤوليات و الوظائف
العمومية بالمحاسبة.
كما أنها الهيئة تعمل على تنسيق سياسة الوقاية من الرشوة و كدا لتتبع و تقييم المنجزات في
هدا المجال و آلية لتبليغ السلطات القضائية عن جميع االفعال التي تشكل رشوة يعاقب عليها
القانون وهي قوة ضاغطة في اتجاه التفعيل بتخويلها صالحية رفع تقرير سنوي إلى الوزير
األول و وزير العدل حول نتائج األشغال و مفعول التوصيات و تقييم المنجزات.
17
المبحث الثاني :المرافق العمومية و الحكامة الجيدة :اإلكراهات و آفاق االرتقاء في ظل
التوجهات التدبيرية الحديثة
على الرغم مما يتميز به اإلطار القانوني والمؤسساتي نسبيا من شمولية وتكامل و وضوح على مستوى
توزيع األدوار واالختصاصات ،إال أن الممارسة أبانت عن عدة إكراهات ونواقص تعترض مختلف
مكوناته وتحد من نجاعته وفعاليته.
فتطبيق مرتكزات الحكامة على الوجه الصحيح سيعالج مجموعة من ِاإلكراهات التي تتخلل تنظيم
المرافق العمومية و كذا تفعيل مرتكزات ميثاق المرافق العمومية و النصوص القانونية العامة الخاصة
بدورها بتنظيم وتسيير المرافق العامة و هدا كله جاء من أجل االرتقاء بالمرافق العامة و الخدمات التي
تقدمها للمرتفقين و تحسين عالقاتهم مع مختلف اإلدارات العمومية.
تعددت المبادرات التي تهدف إلى النهوض بالمرافق العمومية وتنوعت ،وذلك بهدف
تخليصها من القيود التي الزمتها منذ تكوينها ،وبالرغم من حضورها في الفكر والممارسة
اإلصالحيتين للدولة فإن إصالح المرفق العمومي الزال يعرف عدة معيقات ويعاني من
حدود تحد من قدرته على احداث التغييرات الكفيلة بتطويره ،ويمكن أن نجمل هذه
االختالالت في مايلي:
أهم االختالالت التي تعرفها اإلدارة المغربية هي تلك التي تجوب عالقة االدارة بالمتعاملين
معها وتتمثل في انعدام الثقة واالرتياب اللذان يشعر بهما المواطن تجاه المرافق العمومية،
إذ أن من المواطنين من الزال يتفادى المصالح االدارية قدر المستطاع ويستغني عن
مجموعة من الحقوق أو يرجئها إلى وقت الحق أو يفوض أموره اإلدارية إلى شخص آخر
حتى يتجنب الذهاب إلى اإلدارات العمومية .والسبب في ذلك يعود إلى طريقة استقبال
المتعام لين مع اإلدارة إذ يالخظ غياب مصلة االستقبال في مجموعة من المؤسسات
العمومية وإن تم إحداث تلك المصلة فإنها توكل إلى أعوان اليتمتعون بالمؤهالت الكافية
لتلك المهمة وغالبا ما يكونون من أعوان الحراسة .
18
الفقرة الثانية :اختالالت متعلقة بالموارد البشرية
إلى جانب ماسبق تشكل مسألة غياب الموظفين إخدى المعيقات التي تخدش صورة اإلدارة
العمومية لدى المواطنين فإذا كانت ظاهرة التغيب عن العمل من اإلشكاالت التي سعت كل
الحكومات المتعاقبة الى التصدي لها فإن ظاهرة الحضور الغير منتج تعد من األمور التي
يصعب التحكم فيها ولها انعكاسات جد سلبية على عالقة اإلدارة بمرتفقيها
انتشرت ظاهرة الرشوة باإلدارة المغربية منذ عدة عقود وأصبخت تشكل عملية لإلتجار في
الخدمة التي يقدمها المرفق العمومي والتي هي في األصل بدون مقابل وبالتالي فقد تم
المساس بمبدأ المجانية وتشويه لما يجب أن يكون عليه العالقة بين اإلدارة والمتعاملين
معها ،إذ صار المرتفق يشعر أن الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من الضرائب التي
يدفعها والذين يجب أن يكونوا في خدمته ،أصبح هو في خدمتهم من خالل األتاوات
32
والرشوة.
رغم أن المرفق العمومي المغربي قد عرف سواء في بعده المركزي أو المحلي عدة
اصالحات شملت محاور متنوعة( البنيات والمساطر الوظيفة العمومية ،)...إال أن ما يالحظ
على هذه االصالحات أنها ظلت تتميز بالتدرج ولم تتوخ إحداث القطيعة مع الوضع السابق.
كما أن تتبع مختلف االجراءات والتدابير التي اتخذت منذ االستقالل الى اليوم تكشف عن
محدودية مجمل هذه المحاوالت ،مما يجعلها ال تخرج عن دائرة إعادة االنتاج بدل توخي
التغيير وإحداث التحول ألجذري ،ولعل من أهم العوامل التي ساهمت في الحد من نجاعة
المرفق العمومي والتي يمكن تحديدها في :
استئثار الدولة باتخاذ وتنفيذ معظم االصالحات التي همت المرفق العمومي:
إن أهم مايميز طبيعة القرارات التي همت النهوض بالمرافق العمومية تبرز مركزيتها ،وهو
ماينفي أية مشاركة في صياغة واعداد هذه االصالحات ،وهي ظاهرة عرفتها معظم
االصالحات في المغرب
الطابع القطاعي لإلصالحات
االهتمام بالنصوص واغفال العالقات بين االدارة والمجتمع:
إن اصالح النصوص القانونية ال يكفي للنهوض بوضعية المرافق العمومية ،ذلك أن
االهتمام بعالقتها مع الجمهور مسألة بالغة االهمية وذلك عبر تطوير طرق التواصل
وولوج المرتفق الى الخدمات االدارية.
32
-رشيد باجي ،تحديث اإلدارة المغربية بين رصد االختالالت وتطبيق أسس الحكامة الجيدة ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد
،315نونبر –دجنبر ،1135ص 113
19
وفي ظل هذا الوضع تعاني فإن اإلدارة المغربية ال زالت تعاني عدة مشاكل التي تحول
دون تحقيق التنمية المنشودة حيث نجد الباحتين أغلبهم اجمعوا على ان اإلدارة المغربية
مجملها تعمل بشكل سيء وبدل ان تكون قاطرة حقيقية للتنمية االقتصادية واالجتماعية
أصبحت تجسد عقبة في أداء مهامها ودلك لغياب البعد االستراتيجي الخاص بالربط بين اال
تمركز واالمركزية كدعامتين لترسيخ أسس تنمية محلية وبشرية مستدامة وكدا االختالل
الجهوي و ما ينجم عنه من تنمية معطوبة لها انعكاسات سلبية خطيرة على بالدنا وهدا ما
يؤكد المشاكل والمعيقات التي تحول دون تحقيق التنمية المنشودة فانه من خالل التقرير
الدي اعده البنك الدولي سنة 3665تم الوقوف بجدية على هده المشاكل حيث قال الملك
الراحل الحسن الثاني في هدا الصدد" قرأت هدا التقرير فوجدت فيه فصاحة موجعة وأرقاما
ِمؤلمة تجعل كل ذي ضمير حي ال ينام" وهذا تقرير وقف في الحقيقة على مجموعة من
المشاكل التي تعاني منها اإلدارة المغربية
20
المطلب الثاني :مآل حكامة المرافق العمومية
إن تشخيص الواقع الغير الصحي للممارسة اليومية لإلدارة العمومية بالمغرب
يستدعي طرح بدائل تنشد اإلصالح والعالج ألمراض اإلدارة كبناء ووظيفة ،ومن هذا
المنطلق من المفترض أن يشكل إصدار ميثاق المرافق العمومية دورا في تأهيل ودعم
قدرات االدارة العمومية من خالل نسج مفاهيم جديدة لالنتقال الى إدارة مواطنة تقدم خدمات
عمومية سريعة وذات جودة عالية .
يبقى مسعى االرتقاء بالمرافق العمومية رهينا بارساء مجموعة من التدابير ولعل من
أهمها:
يبدو أن التفكير في تهذيب اإلدارة ودمقرطتها يفرض نفسه بإلحاح لتكسير طوق
البيروقراطية وردود الفعل السلطوية ،33في اتجاه إقرار سياسة انفتاحية على مستوى تدبير
الموارد البشرية واستكمال تكوينها أو على مستوى اعتماد سياسة التعاون مابين الوحدات
اإلدارية.
ثانيا :تحسين نظام التسيير
يشكل هذا النسق جانبا رئيسيا من سياسة التحديث اإلداري ليس فقط ألنه يلعب دورا حاسما
في تنفيذ بعض األهداف المنوطة بهذا التحديث وخاصة اإلستعمال العقالني للموارد
المتوفرة والتحكم في النفقات بل وألنه أيضا يؤثر على الجوانب األخرى سواء تعلق األمر
بتحسين عالقات اإلدارة بمرتفقيها ،أو تعبئة الموظفين ويتعلق األمر أساسا بمراجعة بعض
33
-ابراهيم حركات ،المغرب عبر التاريخ ،الجزء الثالث ،ط ،3دار الرشاد الحديثة البيضاء ،3685ص 441
21
المقتضيات القانونية التي تسير نشاط اإلدارة العمومية وبإدخال نظام إعالم للتسيير ومعالجة
34
المعلمومات.
لقد أصبح القاموس اإلداري يزخر في اآلونة األخيرة بعبارة تسيير الموارد البشرية محل
عبارة :تسيير شؤوون الموظفين ولهذا الحل داللته الخاصة كاإلعتراف بفضل الطاقة
والرأسمال البشري في التنمية ،وهذا من جهة ومن جهة أخرى فهو ينم عن الرغبة في
أنسنة العالقات البشرية داخل صلب اإلدارة الواحدة،
يعد التنسيق بمثابة تنظيم وترتيب مهيكل وتفاهم مشترك وهو بمثابة التوفيق بين نشاط
الجماعة التي تعمل على تحقيق غرض مشترك وبث االنسجام بين أفرادها بحيث يبدل كل
منهما قصارى جهده لتحقيق اغاية المشتركة ،ويندرج التنسيق أو التعاون في إطار التنمية
اإلدارية والتي تقتضي تجنيد الطاقات وتوحيد العمل وتنسيقه وبين مختلف الهياكل اإلدارية
35
سواء على المستوى العمودي أو األفقي
وباإلضافة إلى ضرورة تبني اإلجراءات السالفة الذكر يبقى تفعيل المقتضى الدستوري
بضرورة إصدار ميثاق المرافق العمومية ،أمرا ضروريا لما ينتظر منه من أدوار في إرساء
قواعد الحكامة الجيدة
34
-علي سدجاري ،الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث،مؤسسة هانس سايدل األلمانية
35
أحمد حضراني ،انطباعات حول واقع اإلدارة العمومية وافاق إصالحها ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج ،16*18
1113
22
إذ شكل دستور 1122دعامة أساسية إلرساء حكامة التدبير و إقرار مبدأ المسؤولية و
المحاسبة و ذ لك لضمان حسن سير المرافق العمومية و في هدا الصدد نص الدستور على
ميثاق المرافق العمومية و ذلك لإلجابة على عدة مشاكل و تحديات تواجه تدبير المرافق
العمومية الن هذ ه األخيرة عرفت عدة تحوالت قبل أن تصل إلى ما هي عليه ففي البداية
كانت اشد االرتباط بمصالح الدولة من حيت التنظيم و التسيير و مع فتح المجال أمام إشراك
الخواص في تدبيرها وبعد عجز الدولة عن القيام بوظائفها المتزايدة بدأت عملية الخوصصة
تم تلتها عملية تفويض بعض المرافق الحيوية للخواص من اجل تدبيرها نظرا لما كانت
تعيشه من أزمة التدبير و ضعف المر دودية و بلوغها مستوى اإلفالس من الجانب المالي
و اإلداري لما عرفته من سوء التدبير و ضخامة التبذير المالي و الزمني و لهذا جاء ميثاق
المرافق العمومية لمحاولة تجاوز الوضعية المتأزمة لهذه المرافق و معالجة االختالالت التي
تعيشها
ولما كانت اإلدارة العمومية تمثل تجسيدا ملموسا ومظهرا حقيقيا لنشاط الدولة وشكال من
اشكال تدخل هذه االخيرة في مجال االعمال واالستثمار لتقديم خدمات عمومية للمواطنين
والمقاوالت و .......لمتطلباتهم واحتياجاتهم ،فقد أضحى المرفق العمومي في هذا االطار
حجر الزاوية في كل المبادرات االصالحية لقياس درجة قربها من المواطن والمقاولة
ولالرتقاء به الى مستوى النجاعة والفعالية والمردودية المالية وهو ما يعني ترسيخ أسس
الحكامة الجيدة في تدبير الشأن العمومي في اطار التنزيل المتواصل للمضامين الدستورية
المكونة لصرح دستور 2011وفي مقدمتها اصدار ميثاق المرافق العمومية يحدد قواعد
الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير االدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية االخرى
واالجهزة العمومية كما يشير الى ذلك الفصل 157من الدستور .
23
الفقرة الثانية :ميثاق المرافق العمومية كمدخل لتكريس حكامة المرفق العمومي
ينص الدستور المغربي الجديد لسنة 2011في الفصل 157من الباب الثاني عشر المتعلق
بالحكامة الجيدة على انه يحدد ميثاق للمرافق العمومية قواعد الحكامة الجيدة المتعلقة بتسيير
االدارات العمومية والجهات والجماعات الترابية واالجهزة العمومية .
وتنزيال لهذا المقتضى الدستوري المعبر عنه في الفصل السالف الذكر واعتمادا على مبدأ
التشاركية عملت الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية وتحديث االدارة وباستشارة مع وزارة
الداخلية والوزارة المكلفة بالحكامة والشؤون العامة على إعداد مسودة مشروع هذا الميثاق
ما قد يشكل قفزة نوعية وإيجابية تعزز مسار االصالح والتحديث االداري ألجل تحقيق
ادارة اكثر نجاعة قي خدمة المواطن والمقاولة عبر تحسين الخدمات العمومية وتبسيط
المساطر واالجراءات االدارية من جهة وتجويد بيئة االستثمار والتشجيع على ممارسة
االعمال بكل ثقة من جهة اخرى .
مضمون مسودة ميثاق المرافق العمومية:
وبالعودة الى مضمون المسودة وباستقرائنا لها يتبين ان هندستها من حيث الشكل تتكون من
ديباجة وأربعة ابواب حيث نجد :
الباب االول :يتكون من 13مادة موزعة على مقتضيات تهم موضوع الميثاق واهدافه
ومبادئه والتزامات االدارة
الباب الثاني :يتكون من 17مادة اي من المادة 14الى المادة 30موزعة على قواعد
تنظيم وتدبير االدارة
الباب الثالث :يتكون من 16مادة اي من المادة 31الى المادة 46وتهم القواعد المنظمة
لعالقات االدارة بالمرتفق
الباب الرابع واالخير :ويتكون من 4مواد ويتعلق بمقتضيات مختلفة تهم التفعيل والتقييم
والتنفيذ والتطبيق
24
وفي مايخص المضمون فيمكن القول مبدئيا ان المسودة تعتبر مدخال اساسيا إلرساء
الحكامة الجيدة باالدارة العمومية المغربية ولبنة مهمة في مسلسل دعم مبادئ الشفافية
والنزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة بالمرفق العمومي .
وتتكون مواد المسودة من مقتضيات متعددة يمكن الوقوف على أهمها فيما يلي:
-سياق مشروع ميثاق المرافق العمومية " موضوعة واهدافه ومبادئه "
-القواعد المنظمة لعالقات االدارة بالمرتفق من خالل االلتزام بتدعيم التواصل والتشاور
واالنفتاح وتحسين االستقبال والتوجيه واالنصات وتتبع المالحظات واالقتراحات والشكايات
وهكذا عمل المشرع في الباب االول على تحديد موضوع مشروع الميثاق وأهدافه التي
تكمن في:
كما تطرق المشرع في نفس الباب أيضا لمبادئ المشروع والمنسجمة مع المبادئ االساسية
للمرفق العام والمتمثلة أساسا في اخترام القانون والمساواة والحياد وضمان االستمرارية في
اداء الخدمات والتكييف والمواءمة واالنصاف في تغطية التراب الوطني والجودة والشفافية
25
والمحاسبة والمسؤولية والنزاهة واالنصات الى المرتفقين والمبادئ الديمقراطية التي اقرها
الدستور .
أما الباب الثاني المتعلق بقواعد تنظيم وتدبير االدارة فقد عمل المشرع فيه على تعداد هذه
القواعد سواء المرتبطة بالتنظيم والمتعلقة باالختصاصات والهياكل االدارية في افق التوزيع
االمثل للوسائل والموارد وفي تحقيق الوحدة واالنسجام في التدخل وفي الترشيد والعقلنة،
وفي نفس الباب اوصى المشرع بضرورة اصدار قانون عام للمسطرة االدارية لتأطير
العالقة مع المرتفق ولتجويد القرارات المتخذة والخدمات المقدمة .
كما اوصى كذلك بضرورة وضع قانون بشأن منع تضارب المصالح وحاالت التنافي .
-في وضع أليات لتعزيز النزاهة عبر وضع ميثاق وطني لمكافحة الفساد وتحيين وتأهيل
التشريعات المرتبطة بها واعتماد برنامج وطني للنزاهة .
أما الثالث الذي استهدف عالقة االدارة بالمرتفق فقد عمل على ارساء مجموعة من القواعد
تتعلق ب :
-تعميم نشر النصوص القانونية المتعلقة بالحقوق والواجبات التي لها اثر على المرتفق مع
التركيز
-االنصات للمرتفقين وتتبع مالحظاتهم واقتراحاتهم وشكاياتهم من خالل وضع اليات لذلك .
26
-اصدار قانون المنازعات االدارية ينظم مسطرة التنازع بين االدارة والمرتفق وتضمن
تكافؤ الفرص عند اللجوء الى القضاء االداري.
-تبسيط المساطر االدارية ووضعها على الخط من طرف لجنة وطنية مكلفة بالتبسيط.
-كما يجب ايضا انشاء فضاءات قريبة من المرتفقين ومنتشرة على المستوى المجالي لتقديم
الخدمات العمومية .
أما الباب الرابع واالخير فقد استعرض اليات تقييم وتنفيذ الميثاق وقد حددها في اربعة
وهي:
-احداث لجنة برلمانية تضم ممثلين عن لمجتمع المدني في شأن تقييم تنفيذ الميثاق .
-السلطة المكلفة بالوظ يفة العمومية وتحديث االدارة من خالل انجاز تقرير سنوي لتتبع
مراحل التفعيل
-المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي من خالل السهر على تقييم وضع الميثاق وعلى
جودة الخدمات المقدمة .
إن حياة األفراد ال يمكن إن تستقيم بدون تلبية الحاجيات األساسية العامة والتي ال تتم إال
عبر المرافق العمومية سواء الوطنية أو المحلية و المرتبطة أساسا بالحقوق االقتصادية و
االجتماعية ،فضال عن كونها تعزز حسن المواطنة و تضمن ظروف العيش الكريم ،كما
إن ميثاق المرافق العمومية جاء لتجميع المبادئ المرتبطة لحاكمة تدبير المرفق العمومي ،و
ترتيبها ،و تفصيلها ،و تضمينها في وثيقة واحدة ملزمة قانونيا أخالقيا و تحدد واجبات و
حقوق كل المتدخلين سواء القائمين على تدبير المرافق العمومية أو المترفقين و المتعاقدين
36
ضمانا لحسن األداء و حماية الحقوق و تعزيزا لمفهوم المواطنة.
-36دمحم البكوري .مجلة القانون و األعمال.الحكامة اإلدارية بالمغرب و بناء دولة التقة .الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة .الحكامة
الجيدة بين الوضع .الراهن و مقتضيات الدستور الجديد .1133
27
خاتمة :
خالصة القول ان ال حكامة الجيدة كمقاربة عصرية لتدبير ،الموارد االقتصادية و االجتماعية
لها عالقة وطيدة بالمرافق العمومية و دلك يتجلى في كونها دعامة أساسية ،لتحقيق معايير
الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية ومحاربة الفساد ،وترسيخ قيم النزاهة ،وبالتالي
فالمرافق العمومية ال يمكنها اإلشتغال في معزل عن تطبيق قواعد الحكامة الجيدة التي
تهدف باألساس ،إلى اإلصالح اإلداري وتأهيل المرافق العمومية لكن اإلشكال المطروح هو
هل قواعد الحكامة الجيدة كفيلة بتحقيق إصالح منظومة المرافق العمومة أم أنها الزالت
بحاجة إلى آليات اخرى أكثر نجاعة لإلرتقاء بالمرفق العمومي ؟
وفي ظل هذه االنتظرات يبقى التعويل على مشروع الميثاق المتعلق بالمرافق العمومية
الوسيلة التي يمكن القول أنها ستعمل على تكريس مقاربة نوعية لترسيخ ادارة مواطنة
وحديثة وقيمة مضافة في الترسانة القانونية المؤطرة لحياة المرفق العمومي وإطارا مرجعيا
جامعا لكل القوانين والتدابير واإلجراءات واآلليات والوسائل الكفيلة بتحسين فعالية التدبير
وترشيد القرارات وعقلنتها وترسيخ الشفافية والتعجيل في تقديم الخدمات للمرتفقين وهي
مقتضيات لها وقع مباشر وجلي على تأهيل المرفق العام.
28
الئحة املراجع:
الكتب:
احمد بوعشيق ،المرافق العامة الكبرى ،دار النشر المغربية ،الدار البيضاء ،الطبعة الثانية
3669
ابراهيم كومغار ،المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،
دمحم كرامي ،القانون اإلداري مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،طبعة ،2015
عبد العزيز اشرقي الحكامة الترابية وتدبير المرافق العمومية المحلية على ضوء مشروع
ابراهيم حركات ،المغرب عبر التاريخ ،الجزء الثالث ،ط ،3دار الرشاد الحديثة البيضاء
،3685
علي سدجاري ،الدولة واإلدارة بين التقليد والتحديث،مؤسسة هانس سايدل األلمانية
األطروحات والرسائل:
ابراهيم الشافعي " المرافق العامة على ضوء الدستور الجديد " رسالة لنيل دبلوم الدراسات في
القانون العام المعمق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،طنجة 1131-1133
نوال الهناوي " تدبير الجودة الكلية بالقطاع العام " رسالة دبلوم الدراسات العليا المعمقة " وحدة
القانون اإلداري وعلم اإلدارة :جامعة دمحم الخامس كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
املقاالت و اجملالت:
29
دمحم اليعكوبي ،المبادئ الكبرى للحكامة المحلية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد
رشيد باجي ،تحديث اإلدارة المغربية بين رصد االختالالت وتطبيق أسس الحكامة الجيدة،
أحمد حضراني ،انطباعات حول واقع اإلدارة العمومية وافاق إصالحها ،المجلة المغربية لإلدارة
الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ،الحكامة الجيدة بين الوضع الراهن ومقتضيات الدستور
الجديد ،1133
دمحم البكوري .مجلة القانون و األعمال.الحكامة اإلدارية بالمغرب و بناء دولة الثقة .الهيئة
المركزية للوقاية من الرشوة .الحكامة الجيدة بين الوضع .الراهن و مقتضيات الدستور الجديد
.1133
دمحم الهيني ،دور هيئات النوظمة في ضمان حكامة إدارية فعالة ،بحث مقدم إلى الملتقى الدولي
حول اإلبداع والتغيير التنظيمي ،دراسة وتحليل تجارب وطنية ودولية،المقام في جامعة سعد
النصوص القانونية:
دستور 1133الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،81-33-3منشور بالجريدة الرسمية عدد
القانون رقم 11.13بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية
30
ظهير شريف رقم 3.61.341صادر في 31من جمادى اآلخرة 1( 3431ديسمبر )3661
المتعلق بإقرار موظفي ومستخدمي الدولة والجماعات المحلية بتنفيذ القانون رقم 15.61
والمؤسسات العمومية وأعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجالس الجماعات المحلية
والغرف المهنية بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة التي يملكونها أو يملكها أوالدهم القاصرون.
ظهير شريف رقم 1-63-038بتاريخ فاتح مارس 1963تم نشره في ج.ر عدد بتاريخ 15
مارس . 1963
ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1-73-668بتاريخ 11نونبر 1974ج.ر عدد 3237بتاريخ 13
نونبر . 1974
31