You are on page 1of 29

‫يعاني شارع الرشيد اليوم من اشكاليات عديدة تتعلق‬

‫بوظائفه الحضرية وتاثيراتها واخرى تتعلق بالمشهد‬


‫الحضري المميز له‪.‬‬
‫كان للعديد من الظروف والعوامل التي صاحبها عدم‬
‫وجود دراسة شاملة لمستقبل المنطقة عموما وشارع الرشيد‬
‫خصوصا ‪ ،‬االثر الكبير ف ي تدهور البنية الوظيفية‬
‫للشارع‬
‫واختالل توازنها‪.‬‬
‫ففي الوقت الذي كان فيه الشارع ممرا رئيسيا في‬
‫المدينة يحمل في جانبيه مختلف الفعاليات الثقافية‬
‫والترفيهية‬
‫والتسويقية واالدارية ‪ ،‬عالوة على دوره الحاضر في‬
‫المناسبات االجتماعية والدينية والسياسية‪ ،‬فانه اليوم يكاد‬
‫يخلو من معظمها فقد تحول الى ساحة تابعة السواق الجملة‬
‫واالدوات االحتياطية وزيوت السيارات ‪ .‬اضحى شارعا‬
‫شبه‬
‫مقفر اال من تجار الجملة والعربات التي توصل البضائع‬
‫من‬
‫والى اسواق الجملة ‪ ،‬وعلى االخص في منطقة باب االغا‬
‫حيث يقع سوق الشورجة وعكد النصارى وعكد الجام‪.‬‬
‫ادى هذا الوضع ‪ ،‬بسبب محدودية عرض الشارع الى‬
‫اختناقات مرورية تسببت بها ايضا اسواق الجملة بالنظر‬
‫لحاجتها الى نقاط لتحميل البضائع ووقوف الشاحنات ال‬
‫تتحمل المنطقة وجودها ‪ ،‬فاصبحت عملية نقلها تتم عن‬
‫طريق‬
‫عربات خشبية اليصالها الى نقاط تجمع السيارات في‬
‫ساحة‬
‫الرصافي شماال وساحة حافظ القاضي جنوبا‪ .‬وبالتالي‬
‫اصبحت هذه المنطقة غير قابلة لدخول السيارات وامتدادا‬
‫طبيعيا السواق الجملة‪.‬‬
‫يعد شارع الرشيد العصب الرئيسي التجاري لبغداد‬
‫منذ العام ‪ 1918‬حيث ازدهر الشارع ليصبح شارع‬
‫االعمال االول في بغداد‪ ،‬بعد ان احتل دور نهر دجلة‬
‫كمحور نقل في المدينة‪ ،‬وبقيت مكانته كذلك حتى اليوم‪.‬‬

‫يمتد شارع الرشيد على محور مواز لنهر دجلة‬


‫يربط شمال المدينة القديمة بجنوبها والتي حددت ببوابتين‬
‫قديمتين في سور المدينة القديمة‪ ،‬وهما باب المعظم‬
‫شماال والباب الشرقي جنوبا‪ ،‬واللتان ازيلتا في ازمنة‬
‫سابقة‪ .‬يتميز الشارع بأروقته المعمدة التي تمتد على‬
‫طول الشارع وكذلك ببناياته ذات الطابقين وهو ما ساعد‬
‫على ضمان حاسة من التناغم والتوازن المعماري‪،‬‬
‫باالضافة الى توفير مناطق مظللة للمشاة ضمن المباني‬
‫على جانبيه الشرقي والغربي في المدينة‪.‬‬

‫وبسبب وجود مباني قديمة ترجع الى ما قبل شق‬


‫الشارع‪ ،‬عالوة على ما تلى شق الشارع من عمليات‬
‫تحديث وبناء طوال القرن العشرين‪ ،‬فان الشارع يبدو‬
‫وكانه ساحة عرض ومتحف لالنماط المعمارية المختلفة‪،‬‬
‫يعرض بانوراما لتطور وتنوع العمارة البغدادية خالل‬
‫اكثر من قرن‪.‬‬

‫وباستثناء بعض المباني التي اقيمت حديثا فإن‬


‫اغلب التصاميم الحديثة اهملت الخاصية الموحدة للشارع‬
‫من خالل عشرات المباني العالية التي تفتقر الى التكامل‬
‫مع المباني التراثية المنتشرة على طوله‪ .‬وهذا ما احدث‬
‫خلال في المشهد الحضري وفتت التناسق البصري لجدار‬
‫الشارع‪.‬‬
‫يالحظ اختالل التوازن الطبيعي للشارع في وظائفه‬
‫الشكلية من طرفه في باب المعظم وحتى طرفه الجنوبي في‬
‫باب الشرقي ‪ ،‬حيث تغيرت البنية الوظيفية له ‪ ،‬وفقد الشارع‬
‫االنسيابية في الوظائف ‪ ،‬حيث تركزت الفعاليات في وسطه‬
‫المار قرب اسواق الجملة وضعف تركيزها كلما ابتعدنا‬
‫عنها باتجاه الشمال والجنوب‪.‬‬

‫وهكذا تحول شارع الرشيد المتنوع الفعاليات والنابض‬


‫بالحركة خالل عقود قليلة وبالتدريج من شارع لخدمة سكان‬
‫المدينة ومرتاديه بمختلف احتياجاتهم ومشاربهم الى شارع‬
‫يقوم بخدمة اسواق الجملة مما ادى الى فقدانه لحيويته‬
‫كعصب مركزي للمدينة‬
‫كان للتأثيرات التي افرزتها حركات التحديث على الشارع والتقلبات‬
‫االقتصادية واالجتماعية التي حدثت خالل القرن العشرين تاثيرها الكبير على‬
‫المشهد الحضري للشارع ‪ ،‬الذي خطط له ان تكون مبانيه ذات ارتفاع محدد‬
‫بدورين وان يكون لها رواق معمد وذات طابع معين‪.‬‬
‫اال ان تراخي وتغيير االنظمة البنائية من وقت الخر والتوجهات‬
‫الفردية برزت في مراحل مختلفة ادت الى هدم بعض اجزاء الشارع وبناء‬
‫مباني ذات ارتفاعات مختلفة في مناطق متفرقة وبطابع حديث غريب عن‬
‫عمارة الشارع ‪ ،‬كما ان بعضها بن ي من دون االخذ في االعتبار الرواق‬
‫المعمد‬
‫مما افقد جدار الشارع استمراريته واضعف طابعه المميز‪.‬‬

‫من ناحية اخرى فان التغييرات االجتماعية واالقتصادية التي شهدتها‬


‫المدينة في اوقات متفرقة ادت الى وجود العديد من المباني غير المكتملة‬
‫والتي مضى على وجودها اكثر من نصف قرن ولم يكمل بناءها اصحابها‬
‫السباب عديدة ‪ ،‬كما وتنتشر مشاهد متفرقة من المباني االيلة للسقوط او‬
‫المتهرئة المهملة على طول الشارع‪ .‬ان االهمال الجسيم لصيانة المباني‬
‫التراثية المطلة على الشارع يعود االختالل وظائفه الحضرية بعد تناقص‬
‫اهميته وتحول مبانيه الى مستودعات السواق الجملة من جهة ‪ ،‬وبالتالي‬
‫انخفاض العوائد العقارية لهذه المباني عالوة على ضعف الرقابة وقصور‬
‫التشريعات من جهة اخرى‪ .‬ويع د تعدد الملكيات وتشعبها احد المشاكل‬
‫الرئيسية للتدهور العمراني لهذه المباني الناتج عن انعدام الصيانة‪.‬‬

‫تعاني البنى التحتية في شارع الرشيد والمنطقة عموما من تهرؤ البنى‬


‫التحتية وتقادمها بمرور الزمان‪ .‬فعلى الرغم من عمليات التحديث المنفردة‬
‫للمباني فان اية عملية لتحديث البنى التحتية وتطويرها لمستلزمات العصر لم‬
‫تجر بصورة جادة ‪ ،‬ولم يتم العمل على توفير هذه الخدمات التي اصابها التلف‬
‫والتهرؤ وهي بامس الحاجة الى عملية تحديث شاملة تنقلها الى القرن الحادي‬
‫والعشرين‬
‫التنسيق الحضري‬

‫يكاد يخلو شارع الرشيد تماما من عناصر‬


‫التنسيق الحضري ‪ ،‬والمتعلقة بخدمات المشاة في‬
‫المناطق الحضرية ‪ ،‬مثل المصاطب والمظالت‬
‫والمرافق وغيرها من الخدمات االساسية‪ .‬كما انه‬
‫يفتقر الى التنظيمات الخاصة بتنسيق االعالنات‬
‫وعالمات الداللة التي نراها تنتشر بفوضوية‬
‫مطلقة من دون اي تنظيم يذكر ‪ ،‬االمر الذي يفقد‬

‫الشارع طابعه وخصوصيته‪.‬‬


‫من ناحية اخرى يخلو الشارع من العناصر‬
‫التجميلية الحضرية مثل النصب والنافورات‬
‫والمؤثرات البصرية والضوئية ذات الداللة على‬
‫الرغم من ضخامة الموروث الحضاري والثقافي‬
‫للشارع والمنطقة المحيطة به والتي لو اخذت في‬
‫االعتبار لكان لكل زاوية من الشارع نصبا او‬
‫شاخصا يحكي تاريخ المدينة‪.‬‬
‫المعايير البيئية‬

‫تشكل مشكلة النفايات التي تفرزها اسواق‬


‫الجملة وضعف وتهاوي البنى التحتية للشارع احد‬
‫المشاكل المهمة التي يعاني منها الشارع ‪ ،‬الذي‬
‫يخلو من المناطق الخضراء فيما عدا المنطقة‬
‫الشمالية والمحصورة ما بين باب المعظم وساحة‬
‫الميدان والخاصة بوزارة الدفاع ‪ ،‬والتي يحظر‬
‫على المارة التمتع بها وبالتالي فان المناطق‬
‫المفتوحة هي عبارة عن مسارات للسيارات تزيد‬
‫تمن تعرض الشارع للتلوث البيئي‬

‫احصائيات‬

‫كشف المسح الموقعي ان هناك ‪ % 75‬من كل‬


‫البنايات هي ذات استعمال مختلط‬
‫وان المباني ذات االستعمال غير المخلتط تشكل‬
‫‪ %14‬فقط‪.‬‬

‫يتضح ان اغلب الملكيات العقارية تعود للقطاع‬


‫الخاص في حين يعود اقل من خمس االمالك في‬
‫شارع الرشيد الى الدولة وهيئات االوقاف المختلفة‬
‫طرز متنوعة‬

‫المباني التاريخية‬ ‫عاصرت عملية االنشاء في شارع الرشيد قرنا‬


‫من الزمان تركزت فيه عملية البناء في النصف االول‬
‫من القرن العشرين ‪ ،‬وتبعا لذلك فان المباني القائمة على‬
‫جانبيه تنتمي الى خمسة طرز معمارية رئيسية ترمز‬
‫فيها للحقبة الزمنية المعينة التي انشات فيها ‪.‬‬
‫تتميز كل من هذه الطرز باستعمال المواد البنائية‬
‫السائدة في ذلك الوقت‪ .‬فكما يطغى استعمال الطابوق‬ ‫‪1918‬‬
‫اال ان الشارع وعلى حداثة عهده النسبية بالنسبة‬
‫والخشب على المباني التاريخية ‪ ،‬يبدا استعمال الحديد‬ ‫التقليدي المبكر‬ ‫الى المدينة قد احتفظ بعدد من الشواخص التاريخية‬
‫والطابوق ومن ثم الكونكريت كمواد رئيسية اللنشاء‪.‬‬ ‫والتراثية لمدينة بغداد ‪ ،‬وعلى االخص منها المباني‬
‫التقليدي الحديث‬
‫الدينية التاريخية‪ ،‬مثل جامع االحمدية وجامع‬
‫ومن الجدير بالمالحظة ان االنشاءات الحديثة‬ ‫الحيدرخانة والمدرسة المرجانية )جامع مرجان( وجامع‬
‫ابتداء من ستينات القرن العشرين قد ابتعدت عن االلتزام‬ ‫السيد سلطان علي وجامع االوزبكية والتي يكون البعض‬
‫بانظمة البناء المتعلقة باالرتفاع وااللتزام بالقيم‬ ‫منها قد تعرض الى تغييرات على طابعه المعماري‬
‫المعمارية السائدة في الشارع وعلى االخص في حقبة ما‬ ‫نتيجة اعمال الصيانة والتجديد اال انه احتفظ باهميته‬
‫بعد الثمانينات منه‬ ‫‪1930‬‬
‫التاريخية‪.‬‬
‫االرت ديكو‬
‫فيما تتراوح طرز المباني االخرى ما بين‬
‫التقليدي ‪ ،‬بنوعيه المبكر والحديث ‪ ،‬يليه االرت ديكو‬
‫الذي استمر الى قبيل منتصف القرن العشرين ‪ ،‬ومن ثم‬
‫طغت حركة التحديث على الطرز المعمارية التي بنيت‬
‫خالل النصف الثاني من القرن العشرين وتجاوزت‬
‫‪1990 – 1970 -1950‬‬ ‫انظمة الشارع المبنية على الرواق المعمد والمباني ذات‬
‫المباني الحديثة‬ ‫الطابقين ‪ ،‬مما اثر على المشهد الحضري للشارع‬
‫وتناسقه المعماري الرصين‪.‬‬
‫العمود‬
‫االروقة‬
‫الفتحات‬
‫الزخارف‬
‫على الرغم من االمكانيات الهائلة لشارع الرشيد الذي يحمل‬
‫حالة‬
‫ان عملية تحول الشارع الحديث الى شارع تراثي تاريخي‬
‫معمارية فريدة وذاكرة ثرية نادرة‪ ،‬اضافة لما يعنيه الشارع‬
‫خالل هذه الفترة‬
‫الهل المدينة‬
‫ترجع الى عدة اسباب تتعلق بفقدان اهمية المسارات‬
‫وزوارها‪ ،‬اال ان حاله الحاضرة ال توازي اهميته التاريخية‬
‫التاريخية واندثارها‪ ،‬كما‬
‫او الروحية‪.‬‬
‫تتعلق بالذاكرة التاريخية لالراد الذين عاشوا الشارع‬
‫اال ان كل ذلك ‪ ،‬ولحسن الحظ‪ ،‬لم يؤثر حتى اللحظة على‬
‫واحداثه بكل تفاصيلها‪.‬‬
‫الطراز‬
‫انه لمن المفارقة ان يكون الشارع الذي ادى شقه وانشاؤه‬
‫المعماري التراثي الفريد للشارع الذي تشكل االبنية ذات‬
‫في بداية القرن‬
‫الحالة االنشائية‬
‫العشرين الى قطع شرايين المدينة التاريخية وبداية عملية‬
‫الرديئة والمتهرئة اكثر من نصف مبانيه‪.‬‬
‫التحديث فيها‪ ،‬و من ثم‬
‫إن الفوضى المرورية وانتشار العربات التي تجرها‬
‫تحوله الى شارعها الرئيسي ومعلمها التراثي البارز بان‬
‫الحيوانات او‬
‫نرى هذا الشارع نفسه‬
‫االنسان وفوضى االعالنات عالمات الداللة اضافة الى‬
‫مصابا بالتهرؤ ومهددا باالندثار بعد قرن من الزمان‪.‬‬
‫نتائج تقادم وتهرؤ البنى التحتية تجعل من المشهد الحضري‬
‫لهذا الشارع مشهدا بائسا ال يسر الناظرين‪.‬‬
‫من ناحية اخرى تعرضت عدة اسواق تاريخية لعمليات‬
‫تغيير جذري تحت مسمى التجديد والحفاظ ‪ ،‬اال ان هذه العمليات‬ ‫ان اغلب مجموعات االسواق الواسعة والقديمة ذات القيمة‬
‫اضرت بهذه االسواق اضرارا كبيرا من الناحية المعمارية‬ ‫التاريخية متواجدة في المنطقة المركزية من المدينة القديمة ‪ ،‬في‬
‫والوظيفية‪.‬‬ ‫المنطقة المعروفة بمنطقة سوق باب االغا والتي يشقها شارع‬
‫فقد تم تعديل الواجهات على جانبي طريق السوق‬ ‫الرشيد‬
‫بواجهات حديثة ‪ ،‬عن طريق اقامة جدار جديد من الطابوق قلل‬ ‫ان االسواق التاريخية المغطاة والمعقودة بالطابوق ذات‬
‫من عرض الطريق الوسطي الضيق اساسا وغير الشكل‬ ‫قيمة معمارية مميزة ‪ ،‬اال انها تعاني من االهمال وعدم الصيانة ‪،‬‬
‫التاريخي وطابعه المميز‪ .‬وبنظرة سريعة يمكننا ان نالحظ الفرق‬ ‫كان من نتيجة ذلك انهيار سقوفها وظهور عالمات االنهيار‬
‫ما بين سوق السراي وما آل اليه اليوم وما بين سوق السراجين‬ ‫والتداعي على بعضها االخر‪ .‬ولالسف فقد جرى ابدال السقوف‬
‫المجاور الذي نجا ولحسن الحظ من تلك العملية وبقي محتفظا‬ ‫التقليدية المتضررة لعدة اسواق كانت معقودة بالطابوق بسقوف‬
‫برونقه التاريخي على الرغم من انعدام صيانته واهماله‪.‬‬ ‫من نوع ردئ يتكون من صفائح حديدية او صفائح من البالستك‬
‫تواجه العديد من االسواق التاريخية األخرى المتداعية‬ ‫مثبتة على اعمدة حديدية االمر الذي افقدها قيمتها التاريخية‬
‫ومنها سوق الوقف العديد من المشاكل التي تتمثل في كونها آيلة‬ ‫وتاثيرها المعماري‪.‬‬
‫للسقوط او من مخاطر التجديد وعرضها اللستثمار من دون‬
‫مخطط شامل او ضوابط للحفاظ عليها ‪ ،‬االمر الذي يجعلها في‬
‫دائرة الخطر في مواجهة االندثار الذي يهدد وجودها‪.‬‬

You might also like