You are on page 1of 18

‫التوجهات العامة لتنظيم حركة المشاة والمواصالت‬

‫في مراكز المدن‬


‫‪ -‬حالة مدينة دمشق ‪-‬‬

‫يستند تخطيط المدينة العربية إلى أسس ومعايير خاصة انعكست في البنية التخطيطية المميزة لها وفي‬
‫شرايين الحركة واالتصال فيها‪ ،‬حيث يعتبر المسجد فيها كالقلب بالنسبة لجسم اإلنسان فهو المركز الديني‬
‫والعلمي والفكري للمدينة الذي انتشرت حوله باقي الفعاليات العامة والخاصة‪ ،‬وأحيطت األسواق بالمسجد‬
‫الجامع حيث تم تخصيص كل سوق بحرفة أو تجارة خاصة بها‪ ،‬وتوزعت حولها األحياء السكنية‪ .‬وكانت‬
‫المد ينة بشكل عام محاطة باألسوار التي تتوضع عليها البوابات وذلك ألسباب أمنية‪ .‬كما في مدن دمشق‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬بغداد والقاهرة وغيرها‪ ...‬الشكل(‪.)1‬‬

‫‪1‬‬
‫في المقابل فإن طرقات المدينة العربية أنشئت متوافقة مع المقياس اإلنساني‪ ،‬حيث لم تكن وسائل النقل‬
‫السريع آنذاك قد ظهرت في تكوين النسيج العمراني للمدينة‪ ،‬فكانت أولوية التخطيط تنعكس في تمييز‬
‫الفراغات الداخلية ذات الوظائف المحددة سواء كانت عامة أو سكنية‪ ،‬فاعتبرت الطرقات عامالً مساعداً في‬
‫استكمال الوظائف األساسية لتكوين النسيج العمراني التقليدي‪ ،‬لذلك نالحظ أن األشكال المختلفة لشبكة‬
‫الطرقات قد تم امتصاصها في النسيج العمراني المتناسق معها فتم تخصيص الطرقات الرئيسية للفعاليات‬
‫التجارية والعامة‪ ،‬أما الطرقات الثانوية فكانت تقسم بين األحياء وتتخلل في بعض األحيان المناطق السكنية‪،‬‬
‫كما كانت الطرقات الغير نافذة تخدم مجموعة محددة من البيوت السكنية‪ .‬بذلك يمكن تصنيف أنواع الطرقات‬
‫في المدينة العربية التقليدية ( دمشق‪ ،‬حلب‪ ،‬تونس‪ ،‬القاهرة‪...‬وغيرها) كما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬شرايين الحركة الرئيسية‪ :‬تبدأ بالبوابات وتخترق المدينة مروراً‬

‫بالمسجد الجامع واألسواق المحيطة به‬

‫‪ -‬طرقات ثانوية‪ :‬تفصل بين األحياء السكنية وتربط بين الشرايين‬

‫الرئيسية ويمكن اعتبارها وسيلة االتصال بين األحياء المختلفة المكونة للمدينة‪.‬‬

‫‪ -‬طرقات فرعية‪ :‬تؤمن االتصال بين األجزاء المختلفة من الحي الواحد‪.‬‬

‫‪ -‬طرقات غير نافذة‪ :‬تخدم مجموعة سكنية محددة‪ .‬الشكل (‪.)3‬‬

‫‪2‬‬
‫المعايير الناظمة لتحديد أبعاد الطرقات في المدينة العربية‪:‬‬
‫ارتبط ذلك بعوامل مختلفة منها ما هو متصل بنظام تخطيط المدينة‪ ,‬ومنها بطبيعة الموقع والمناخ ونوعية‬
‫االرتفاق إضافة إلى االرتباط بالعادات والتقاليد الدينية وقوانين الحسبة التي كانت سائدة في المجتمع‪ .‬وبشكل‬
‫عام يمكن تحديد نوعين من أنواع الطرقات استناداً إلى مقاييسها‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الطرقات النافذة أو السابلة أو العامة‪ .‬وهي ملك للعامة ولهم جميعا ً حق االرتفاق بها وجب على‬
‫السلطات المحافظة عليها وحمايتها من أية مخالفة تعيق الحركة فيها‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬الطرق الغير نافذة‪ .‬يمكن اعتبارها ملكا ً خاصا ً لسكان البيوت التي تحيط بها وتخدمها‪ ،‬ولهم وحدهم حق‬
‫االرتفاق بها دون غيرهم من العامة‪.‬‬

‫لقد اعتبرت الطرقات الرئيسية في المدينة العربية األصل الذي تتفرع منه وتصب فيه جميع الطرقات الثانوية‬
‫والفرعية والغير نافذة‪ ،‬والتي كان اتساعها بطبيعة الحال أقل من الطرقات الرئيسية حيث تمت مراعاة ذلك في‬
‫تدرجاتها حسب األهمية وكثافة الحركة في كل محور من محاور المدينة‪ ،‬وإذا كانت الوظيفة األساسية لشبكة‬
‫الطرقات في المدينة هي تأمين الحركة واالتصال بين كافة أجزائها فقد ارتبط ذلك ارتباطا ً وثيقا ً بوسيلة النقل‬
‫التي كانت مستخدمة وهي الحيوانات لنقل األشخاص أو الحموالت‪ ،‬لذا فإن عرض طرقات األحياء السكنية لم‬
‫يقل عن ‪ / 3/‬م‪ .‬أما عرض الشوارع التجارية فيمكن أن يزيد عن ثمانية أمتار‪ .‬وذلك لتأمين حركة المتسوقين‬
‫والتخديم دون أية إعاقة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫أهم مراحل تشكل الطرقات في مدينة دمشق‪:‬‬
‫تعود نشأة المدينة لمنتصف األلف الثاني قبل الميالد‪ ،‬وتطورت في العهود المتتالية اإلغريقية‪ ،‬الرومانية‪،‬‬
‫البيزنطية‪ .‬واتسمت بالتخطيط الشطرنجي‪ .‬وبعد الفتح اإلسالمي أخذت دمشق صفات المدينة العربية‬
‫"اإلسالمية"‪ ،‬األمر الذي تجسد في التكوين الفراغي والوظيفي وشبكة الشوارع المميزة للمدن العربية‪ ،‬ثم‬
‫بدأت المدينة تتوسع خارج حدود األسوار مع بداية القرن الثاني عشر‪ ,‬فظهرت أحياء مثل"ساروجة‪ ،‬الميدان‪،‬‬
‫الصالحية‪ ."...‬وقد توسعت المدينة بشكل تقليدي حتى بدايات القرن العشرين وقد تم وضع بعض المخططات‬
‫والدراسات التنظيمية لها منذ عشرينات القرن الماضي لتتوسع وتتناسب مع المتغيرات الكبيرة التي طرأت‬
‫عليها منذ تلك الفترة حتى وقتنا الحالي وهي‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫ـ المخطط التنظيمي(‪ :)1691‬وضعه المهندسان "ايكوشار‪ -‬بانشويا"‪ ،‬وقد حدد المخطط اتجاهات توسع‬
‫المدينة‪ ،‬واالهتمام بالمدينة القديمة وإيجاد طريق يحيط بها لتسهيل حركة السائحين القادمين من المطار‬
‫ودخول السيارات إلى المناطق األثرية‪ .‬واقترح تفريغ محيط الجامع األموي والقلعة وتأمين حركة المشاة‪ ،‬أما‬
‫على مستوى المدينة فقد اقترح المخطط إنشاء طريق محلق على حدود التوسع المقترح للمدينة وإقامة شبكة‬
‫طرقية متطورة في مركز المدينة وأحيانا ً في عدة مستويات‪ .‬الشكل(‪.)6‬‬

‫ـ المخطط التنظيمي األخير(‪ :)4002-1663‬قامت بدراسته إحدى الشركات الهندسية الوطنية‪ ،‬استغرقت‬
‫الدراسة أكتر من عشرة سنوات فاختلفت الكثير من المعطيات"السكانية‪ ،‬المرورية‪ ،‬مناطق المخالفات‪ ."...‬لذا‬
‫يتم حاليا ً دراسة مخطط تنظيمي بالتعاون مع الشركات االستشارية العربية والعالمية يرتكز إلى الدراسات‬
‫اإلقليمية العلمية الشاملة لتحديد مستقبل المدينة في المدى البعيد‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الواقع الراهن للحركة في مدينة دمشق‪:‬‬
‫تعتبر مدينة دمشق المركز اإلداري والتجاري والثقافي للقطر‪ ،‬وقد تزايدت فيها وبشكل كبير أعداد السيارات‬
‫في السنوات األخيرة فهي تستقطب أكثر من نصف إجمالي عدد السيارات في القطر‪ .‬و تعاني من مشاكل في‬
‫الحركة على طرقاتها‪ ،‬مشاة ـ سيارات‪ ،‬تنعكس في االختناقات المرورية وعدم تأمين أماكن كافية لتوقف‬
‫ال سيارات‪ ،‬عدم تنظيم حركة المشاة مما يؤدي إلى تدني عوامل الراحة واألمان‪ ،‬وما ينتج عن ذلك من آثار‬
‫سلبية مختلفة "اقتصادية‪ ،‬بيئية وصحية‪ ،‬تخطيطية‪ ."...‬وذلك لعدم وجود دراسات متكاملة تساعد على‬
‫تخفيف اآلثار السلبية الناتجة عن الزيادة الكبيرة الغير متوقعة لوسائل المواصالت مع األخذ بعين االعتبار‬
‫الخصوصية التخطيطية لشبكة طرقات المناطق المركزية المدينة الضيقة نسبياً‪ .‬التي لم تأخذ بعين االعتبار‬
‫استيعاب األعداد الهائلة والمتزايدة لوسائل المواصالت المختلفة‪ .‬الشكل(‪.)10‬‬

‫وتؤكد مؤسسة جايكا اليابانية في دراسة قدمتها عام (‪ )1661‬أن مستوى خدمة الطريق في المدينة سيصل‬
‫إلى المستوى ‪ /F/‬عام (‪ )4012‬وهذا يعني أن السيارة تلي األخرى‪ .‬لكن الواقع يبين أن مستوى الخدمة قد‬
‫وصل في عام (‪ )4002‬إلى ذلك المستوى نظراً للزيادة المفاجئة والغير متوقعة في وسائل المواصالت‬
‫المختلفة‪ ،‬وهذا بدوره انعكس سلبا ً على حركة المشاة حيث تتوقف السيارات بشكل عشوائي على أطراف‬
‫الطرقات وفي بعض األحيان على األرصفة المخصصة للمشاة‪ ،‬مما يعيق حركة المشاة وانتقالهم للحركة على‬
‫الطريق فتختلط حركة المشاة والسيارات‪،‬‬

‫كما نالحظ في بعض األحيان توسيع الطرقات على حساب األرصفة لتأمين مواقف إضافية للسيارات على‬
‫أطراف الشوارع‪ ،‬أما فيما يخص األرصفة فهي بدورها غير متناسبة مع الكثافة العالية للمشاة في المناطق‬
‫المركزية المخصصة للفعاليات التجارية واإلدارية ومنطقة الجامعة‪ .‬وتبرز مشكلة عدم التزام المشاة عبور‬
‫الطرقات من األماكن المخصصة لهم في مناطق توضع أنفاق وجسور المشاة بسبب عدم تأهيلها لحركة‬
‫المسنين وذوي االحتياجات الخاصة‪ .‬يذكر أنه توجد تجربة وحيدة في المركز وهي تخصيص جزء من طريق‬

‫‪6‬‬
‫الصالحية التجاري للمشاة منذ ثمانينات القرن الماضي‪ ،‬وهي تجربة جديرة بالتطوير من ناحية الربط والعالقة‬
‫مع وسائل المواصالت والفرش والتفاصيل المعمارية والعمرانية وغيرها‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمدينة القديمة والتي تبلغ أبعادها‪/200 -1200/‬م‪ .‬وتعتبر جزءاً من المركز العام لمدينة دمشق‪.‬‬
‫فإن وسائل المواصالت تصل فيها إلى أي مكان يمكن أن تصله أو تتوقف فيه‪ .‬وإن انتشار الفعاليات الترفيهية‬
‫فيها ساهم في زيادة حركة وتوقف السيارات فيها‪ ،‬مما أدي إلى إعاقة حركة المشاة فيها " قاطنين‪ ،‬سياح‪،‬‬
‫متسوقين"‪ ،‬في نفس الوقت نجد أن هناك بعض المحاور مخصصة للمشاة مثل األسواق المجاورة للجامع‬
‫األموي‪ .‬الشكل (‪.)11‬‬

‫إن هذا الواقع ينطبق على كافة المناطق التاريخية للمدينة كشارع الملك فيصل ومحيطه‪ ،‬الذي يقع شمال‬
‫المدينة القديمة مباشرة ويمتد من باب توما شرقا ً حتى شارع الثورة غرباً‪ ،‬وتختلط وتتقاطع فيه الحركة‬
‫الكثيفة لكل من المشاة والسيارات بشكل عشوائي‪ ،‬إضافة إلى توقف السيارات على طرفيه مما يعيق الحركة‬
‫أيضا ً‪ .‬وحي سوق ساروجة الذي تعبره السيارات وتتوقف على طرقاته التقليدية نظراً لتوضعه في مركز‬
‫المدينة مما يعرقل حركة المشاة والمواصالت معا ً كما تختلط حركة المشاة الكثيفة والعشوائية على أطرافه‬
‫عند التقاطعات مع حركة السيارات‪.‬إن هذا الواقع ينطبق على باقي المناطق التاريخية األخرى كحي الصالحية‬
‫في سفح قاسيون‪ ،‬والقنوات والميدان وغيرها‪ .‬الشكل (‪.)14‬‬

‫‪7‬‬
‫و ضع في الفترة األخيرة عدد من االقتراحات والدراسات التخطيطية لتحسين الظروف العامة للحركة في‬
‫المدينة تمثلت في إجراء دراسات تخطيطية ومرورية تهدف إلى تخفيف األزمة المرورية وتنعكس بشكل‬
‫إيجابي على حركة المشاة مثل تنظيم محاور شمال‪ -‬جنوب وغرب‪ -‬شرق في أكثر من مستوى لتخفيف‬
‫الغزارة المرورية في مركز المدينة وتحويلها إلى محيطه وإنشاء مرائب تحت األرض في مناطق مختلفة من‬
‫المدينة‪ .‬وفي هذا السياق فقد تم تعديل نظام ضابطة البناء بإلزام إنشاء المرائب تحت األبنية الجديدة‪ .‬انتهاء‬
‫دراسة المخطط التوجيهي للمدينة القديمة الذي يهدف إلى التأكيد على الثوابت األساسية ضمن رؤية شمولية‬
‫تراعى فيه الخصوصية الفنية والتاريخية واالستعماالت األصلية والمستقبلية بهدف إظهار المدينة وتنميتها‬
‫وتوظيفها بفعاليات مختلفة ووضع حلول لحركة وسائل المواصالت والتأكيد على أن حركة المشاة هي‬
‫األساسية فيها وكذلك ربط المدينة مع محيطها العمراني‪.‬‬

‫كما تمت في الفترة األخيرة بعض اإلجراءات اإلدارية والعملية التي تساعد في تخفيف المشاكل المرورية‬
‫وتساعد في تحسين ظروف المشاة من أهمها‪ :‬إعادة تسيير الباصات الكبيرة للنقل الداخلي لتحل تدريجيا ً‬
‫محل الميكروباصات‪ ،‬تطبيق نظام المواقف المأجورة في بعض الشوارع المركزية ‪ ،‬تطبيق قانون السير‬
‫الجديد الذي يشدد على المخالفات المرورية‪ ،‬إنجاز بعض األنفاق والعقد المرورية وتعديل مسار وتوحيد اتجاه‬
‫بعض الطرقات لتخفيف الغزارة المرورية عليها‪ ،‬البدء بدراسة الخط األخضر لمترو دمشق الذي يربط بين‬
‫منطقة المعضمية غربا ً و القابون شرقا وبطول ‪ /12/‬كم‪ .‬ويتوقع أن يبدأ تشغيله بعد حوالي عشر سنوات‪.‬‬
‫الشكل (‪.)13‬‬

‫‪8‬‬
‫والبد من اإلشارة إلى أن هناك بعض الحلول اإلسعافية التي يتم تنفيذها والتي يمكن أن تحل المشكلة لفترة‬
‫مؤقتة لكن نتائجها السلبية تظهر مع الزمن مثل إنشاء جسر أو نفق أو تحويل و توحيد مسار دون االستناد‬
‫إلى رؤية شاملة ومتكاملة‪ .‬كما أن تأخير تنفيذ المخططات التنظيمية ينعكس سلبا ً على ظروف الحركة في‬
‫المدينة فمن المعلوم أنه تم تنفيذ حوالي‪ /%42/‬فقط من األعمال الطرقية المقترحة في مخطط ايكوشار‬
‫التنظيمي المصدق منذ العام (‪.)1691‬‬

‫أهم التوجهات المتبعة في التجربة التخطيطية العالمية لتطوير الحركة في مراكز المدن‪:‬‬
‫تنبه االختصاصيون في المدن األوربية إلى المشاكل الناتجة عن حركة المواصالت ضمن المدن وخاصة في‬
‫المناطق المركزية مع بدايات النصف الثاني من القرن العشرين التي انعكست في تردي الواقع البيئي للمدن‬
‫نتيجة للمخلفات الغازية والضجيج‪ ،‬الهدر االقتصادي الناتج عن ضياع الوقت نتيجة لالختناقات المرورية‬
‫وهدر في استهالك النفط‪ ،‬تراجع عوامل األمان والراحة وزيادة الحوادث المرورية للمشاة‪ .‬الشكل(‪ .)12‬مما‬
‫دعا إلى البحث عن حلول جذرية وشاملة لها‪ .‬فقد تم إعطاء األولوية في التخطيط لإلنسان ألن الطرقات‬
‫أوجدت لحركة اإلنسان عليها وبالتالي البد من إعادتها إلى هدفها األساسي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -1‬تأمين فراغات خاصة بالمشاة في المناطق المركزية "‪:"Pedestrian" Spaces‬‬
‫يؤكد االختصاصيون أن تحديد حجم المدينة على مر العصور كان يستند إلى اإلمكانية الفيزيائية للمسافة التي‬
‫يمكن أن يقطعها اإلنسان الراجل كأحد العوامل األساسية لتحديد أبعادها والتي تتراوح بين‪ /1400–100/‬م‪.‬‬
‫والتي يمكن اعتبار ها األساس الذي يحدد أبعاد الفراغ المراد تخصيصه للمشاة‪ .‬وقد بدأ التوجه إلى إيجاد هذه‬
‫الفراغات في مراكز بعض المدن األوربية في بداية الستينيات من القرن الماضي‪ .‬ألنها ساعدت في تحسين‬
‫الظروف اإلنسانية وإعادة الحياة للمركز‪ ,‬الشكل (‪.)12‬‬

‫‪11‬‬
‫ونستنتج من تجربة بعض المدن األوربية على أن هناك احتماالت مختلفة لتنظيم فراغات المشاة من حيث‬
‫اإلمكانية الفصل أو الربط مع وسائل المواصالت وهي‪:‬‬

‫ـ الفصل التام بين حركة المشاة وحركة وسائل المواصالت فراغيا ً وزمنياً‪.‬‬

‫ـ السماح ألشكال محددة من المواصالت بالسير في مناطق معينة من فراغات المشاة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ـ السماح لحركة وسائل المواصالت في فراغات المشاة في أوقات محددة ‪.‬‬

‫ـ السماح لحركة وسائل النقل العام فقط في مناطق محددة من فراغات المشاة‪.‬‬

‫ـ الجمع بين مختلف المشاركين بالحركة حيث تكون حركة المشاة على األرصفة‪ .‬وتوضح األشكال ( ‪12-19‬‬
‫)‪ .‬األسس التي يتم إتباعها في تحديد العالقة بين فراغات المشاة وكل من وسائل المواصالت الخاصة والعامة‬
‫في مراكز المدن التي تعد المكان األكثر حيوية لنشاط‬

‫ـ السماح لحركة وسائل النقل العام فقط في مناطق محددة من فراغات المشاة‪.‬‬

‫ـ الجمع بين مختلف المشاركين بالحركة حيث تكون حركة المشاة على األرصفة‪ .‬وتوضح األشكال ( ‪12-19‬‬
‫)‪ .‬األسس التي يتم إتباعها في تحديد العالقة بين فراغات المشاة وكل من وسائل المواصالت الخاصة والعامة‬
‫في مراكز المدن التي تعد المكان األكثر حيوية لنشاط‬

‫‪12‬‬
‫وبشكل عام فإن االهتمام بحركة المشاة في مراكز المدن يستند إلى األسس التالية‪:‬‬

‫ـ الحد ما أمكن من حركة وسائل المواصالت في المناطق التاريخية والمركزية بما يتناسب مع نظام الحركة‬
‫العام للمدينة‪ .‬حيث يتم في نفس الوقت تأمين الربط بشكل مناسب مع وسائل النقل العام وتأمين أماكن‬
‫ومرائب لتوقف وسائل النقل الخاصة بالقرب من هذه المناطق‪ .‬حيث يتم الوصول إليها إما سيراً على األقدام‬
‫أو بواسطة وسائل النقل اإلضافية كالعربات التي تجرها الخيول أو الدراجات الهوائية‪.‬‬

‫ـ تأمين حركة وانتقال المشاة من ذوي االحتياجات الخاصة والمسنين واألطفال دون أية إعاقة في حال‬
‫ضرورة االنتقال عبر أنفاق أو جسور المشاة بواسطة األدراج المتحركة أو الرامبات أو المصاعد‪.‬‬

‫ـ االهتمام بالفرش المعماري والعمراني في هذه الفراغات كرصف الطرقات والساحات بأنواع مختلفة من‬
‫الحجر الطبيعي واالبتعاد عن التعبيد باإلسفلت‪ ،‬وتأمين أماكن للجلوس واالستراحة ومناطق مظللة لحماية‬
‫المشاة من العوامل الجوية‪ .‬وزيادة الفعاليات التجارية والترفيهية والسياحية واالهتمام بأماكن التقاطعات مع‬
‫طرقات السيارات‪ ،‬حيث تتم دراسة تفاصيلها بدقة لتأمين عبور كافة المشاركين فيها بسهولة تامة األشكال‬
‫(‪.)16-11‬‬

‫‪13‬‬
14
‫‪ -4‬استخدام الدراجات الهوائية"‪:"Bicycle Transportation‬‬
‫يعتبر استخدام الدراجات الهوائية أحد التوجهات األساسية لنظام الحركة العام في معظم المدن األوربية نظراً‬
‫للمزايا المتعددة الستخدامها كتخفيف الضوضاء والتلوث الناتج عن وسائل النقل ذات المحركات‪ ,‬وللمساحة‬
‫القليلة التي تحتاجها الدراجات للحركة والمناورة والتوقف‪ ،‬عدم احتياجها إلى بنية تحتية مكلفة أو أي نوع‬
‫من الوقود بمقارنتها مع وسائل النقل األخرى‪ ،‬باإلضافة لفوائدها الصحية لإلنسان وتضاؤل إمكانية حدوث‬
‫حوادث مرورية كارثية‪ .‬الشكل (‪.)40‬‬

‫لقد أثبتت التجربة جدواها في الفترة األخيرة حيث تتزايد نسبة مستخدمي الدراجات الهوائية بشكل واضح‪،‬‬
‫الجدول "‪ ،"1‬فقد تزايدت أطوال المسارات المخصصة لحركة الدراجات الهوائية في السنوات العشرين‬
‫األخيرة‪ ..‬ففي هولندا بلغ طول مسارات الدراجات في منتصف الثمانينات من القرن الماضي‪ /6414/‬كم‪.‬‬
‫ووصل حاليا ً إلى‪ /11621/‬كم‪ .‬أما في ألمانيا فقد بلغ طولها ‪ /31439/‬كم‪ .‬بعد أن كان‪ /14611/‬كم‪.‬لنفس‬
‫الفترة‪ .‬وازدادت الفئات المستخدمة للدراجات من مختلف الفئات العمرية والشرائح االجتما عية ولمختلف‬

‫‪15‬‬
‫األهداف كالتنزه والتسوق والعمل والتعليم‪.‬‬

‫كما تم تطوير نظام خاص بحركتها ودمجه مع نظام المواصالت العام للمدن حيث تم تحديد اتجاهات وأبعاد‬
‫مساراتها على األرصفة أو ضمن فراغات المشاة أو الطرقات ووضع إشارات داللة وإشارات ضوئية خاصة‬
‫بها عند التقاطعات‪ ،‬باإلضافة إلى تنظيم أماكن محددة لتوقفها‪ ،‬يذكر أنه تم مؤخراً إنشاء مرائب طابقيه‬
‫مخصصة لوقوف الدراجات الهوائية في طوكيو وهو ما يؤكد انتشار استخدامها كوسيلة أساسية للتنقل ضمن‬
‫المدن‪.‬‬

‫‪ -3‬إتباع سياسة تهدئة السير على الطرقات "‪:" Traffic Calming‬‬


‫أثبت هذا التوجه أهميته بالمساهمة في زيادة عوامل األمان لكل من المشاة ومستخدمي الدراجات الهوائية‬
‫وتعتمد هذه السياسة على تحديد السرعة القصوى لآلليات في المناطق المركزية للمدن بحيث ال تتجاوز عن‬
‫‪/30/‬كم‪/ .‬سا‪.‬‬

‫ويتم تطبيقها بإتباع بعض الخطوات منها‪ :‬وضع المطبات على الطرقات بمواصفات دقيقة وموحدة وتمييزها‬
‫بألوان مميزة أو وضع إشارات داللة تدل على أماكن توضعها السماح للسيارات الخاصة بالوقوف على‬
‫جوانب الطرقات مع تحديد األبعاد المحددة لوقوف كل سيارة ومنع الوقوف في أماكن عبور المشاة ومواقف‬
‫النقل العام تخصيص جزء من الطريق لمسارات الدراجات الهوائية على حساب عرض الطريق زيادة عرض‬
‫األرصفة بهدف تخصيص جزر خضراء عليها أو تأمين مسارات الدراجات الهوائية على أطرافها‪ ،‬وضع‬
‫معوقات اصطناعية على الطرقات "أحواض زهور‪ ،‬حواجز منخفضة"‪ .‬للحد من استقامة الطرقات وبالتالي‬
‫إجبار السائقين على تخفيف السرعة الشكل(‪.)41‬‬

‫‪16‬‬
‫إن تنفيذ هذه اإلجراءات أدت بشكل عام إلى تقليل عروض الطرقات المخصصة لحركة السيارات بهدف‬
‫تخفيض الغزارة المرورية للطرقات في المناطق المركزية للمدن مما أدى إلى خفض ملحوظ في عدد‬
‫السيارات العابرة أو القادمة باتجاه هذه المراكز وزاد من شعور المشاة ومستخدمي الدراجات الهوائية‬
‫باألمان وحرية الحركة‪ ،‬كما قلل من إمكانية حصول الحوادث المرورية‪ ،‬فقد أكدت دراسة للمعهد البريطانية أن‬
‫إمكانية حصول الوفاة نتيجة حادث مروري تزداد من‪/%2/‬إلى‪ /%22/‬حين تتزايد سرعة وسيلة النقل من‬
‫‪ /30/‬كم‪/‬سا إلى ‪ /22/‬كم‪/‬سا‪ .‬وتصل النسبة إلى ‪ /%12/‬في حال تجاوزت السرعة ‪ /90/‬كم‪ /‬سا‪.‬‬

‫‪ -2‬االهتمام بشبكة النقل العام "‪" Public Transport‬‬


‫يقول أحد االختصاصيين في الطرق‪" :‬إن النقل العام هو المنقذ لمدننا حيث يجب الوقوف في وجه المساحات‬
‫الكبيرة المخصصة لمواقف السيارات "‪ .‬مبينا ً الحالة الصعبة الناتجة عن الزيادة المستمرة للسيارات في‬
‫المدن األوربية ومؤكداً على أن تطوير نظام النقل العام هو الحل األفضل لتحسين ظروف الحركة وخاصة في‬
‫المناطق التاريخية للمدن‪.‬‬

‫إن استخدام وسائل النقل العام يمكن أن يوفر مساحات كبيرة من المناطق المركزية يمكن تخصيصها للمشاة‪،‬‬
‫فمثالً إن المساحة الالزمة من الطريق لشخص يستخدم وسيلة النقل العام تبلغ للترام‪ /0,2/‬م‪ 4‬وللباص ‪/0,1/‬‬
‫م‪ 4‬وتتضاعف حوالي عشرين مرة في حال استخدام وسيلة نقل خاصة‪ .‬وقد اتجهت معظم المدن األوربية نحو‬
‫تطوير منظومة النقل العام بكافة أشكاله " الباص‪ ،‬الترام‪ ،‬الباص الكهربائي" األمر الذي ساهم إلى حد كبير‬
‫في تحسين ظروف الحركة في المركز‪ .‬وبالنسبة للمدن الكبيرة التي يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة فيتم‬
‫استخدام المترو ألنه الحل األمثل للحد من االختناقات المرورية في المدن نظراً لمزاياه المتعددة‪ ،‬فقدرة‬
‫استيعابه للركاب وتأمين تنقلهم تزيد بشكل كبير مقارنة مع وسائل النقل العام األخرى‪ .‬انظر الجدول "‪"4‬‬

‫‪17‬‬
‫بشكل عام يتم التوجه نحو تطوير منظومة النقل العام في المدن األوربية بمختلف أشكالها من حيث نوعية‬
‫الخدمة‪ ،‬االلتزام بدقة زمن الوصول والمغادرة‪ ،‬الربط بين مختلف أرجاء المدينة‪ ،‬مما أدى إلى اعتماد غالبية‬
‫السكان على وسائل النقل العام في تنقالتهم‪ .‬فتزايدت نسبة مستخدمي وسائل النقل العام في معظم المدن‬
‫األوربية ووصلت في كل من هامبورغ ‪ ،/%11/‬دوسلدورف‪ ،/%24/‬هانوفر‪ ،/%22/‬لندن‪،/%63/‬‬
‫نيويورك‪ ./%11/‬من إجمالي عدد السكان‪ .‬إن تطوير منظومة النقل العام في المدن األوربية واألمريكية‬
‫وبعض الدول اآلسيوية قد ساهم بشكل كبير في تخفيف األزمات المرورية وآثارها السلبية على المدن‪،‬‬

‫‪18‬‬

You might also like