Professional Documents
Culture Documents
يستند تخطيط المدينة العربية إلى أسس ومعايير خاصة انعكست في البنية التخطيطية المميزة لها وفي
شرايين الحركة واالتصال فيها ،حيث يعتبر المسجد فيها كالقلب بالنسبة لجسم اإلنسان فهو المركز الديني
والعلمي والفكري للمدينة الذي انتشرت حوله باقي الفعاليات العامة والخاصة ،وأحيطت األسواق بالمسجد
الجامع حيث تم تخصيص كل سوق بحرفة أو تجارة خاصة بها ،وتوزعت حولها األحياء السكنية .وكانت
المد ينة بشكل عام محاطة باألسوار التي تتوضع عليها البوابات وذلك ألسباب أمنية .كما في مدن دمشق،
تونس ،بغداد والقاهرة وغيرها ...الشكل(.)1
1
في المقابل فإن طرقات المدينة العربية أنشئت متوافقة مع المقياس اإلنساني ،حيث لم تكن وسائل النقل
السريع آنذاك قد ظهرت في تكوين النسيج العمراني للمدينة ،فكانت أولوية التخطيط تنعكس في تمييز
الفراغات الداخلية ذات الوظائف المحددة سواء كانت عامة أو سكنية ،فاعتبرت الطرقات عامالً مساعداً في
استكمال الوظائف األساسية لتكوين النسيج العمراني التقليدي ،لذلك نالحظ أن األشكال المختلفة لشبكة
الطرقات قد تم امتصاصها في النسيج العمراني المتناسق معها فتم تخصيص الطرقات الرئيسية للفعاليات
التجارية والعامة ،أما الطرقات الثانوية فكانت تقسم بين األحياء وتتخلل في بعض األحيان المناطق السكنية،
كما كانت الطرقات الغير نافذة تخدم مجموعة محددة من البيوت السكنية .بذلك يمكن تصنيف أنواع الطرقات
في المدينة العربية التقليدية ( دمشق ،حلب ،تونس ،القاهرة...وغيرها) كما يلي:
الرئيسية ويمكن اعتبارها وسيلة االتصال بين األحياء المختلفة المكونة للمدينة.
2
المعايير الناظمة لتحديد أبعاد الطرقات في المدينة العربية:
ارتبط ذلك بعوامل مختلفة منها ما هو متصل بنظام تخطيط المدينة ,ومنها بطبيعة الموقع والمناخ ونوعية
االرتفاق إضافة إلى االرتباط بالعادات والتقاليد الدينية وقوانين الحسبة التي كانت سائدة في المجتمع .وبشكل
عام يمكن تحديد نوعين من أنواع الطرقات استناداً إلى مقاييسها:
أوالً :الطرقات النافذة أو السابلة أو العامة .وهي ملك للعامة ولهم جميعا ً حق االرتفاق بها وجب على
السلطات المحافظة عليها وحمايتها من أية مخالفة تعيق الحركة فيها.
ثانيا ً :الطرق الغير نافذة .يمكن اعتبارها ملكا ً خاصا ً لسكان البيوت التي تحيط بها وتخدمها ،ولهم وحدهم حق
االرتفاق بها دون غيرهم من العامة.
لقد اعتبرت الطرقات الرئيسية في المدينة العربية األصل الذي تتفرع منه وتصب فيه جميع الطرقات الثانوية
والفرعية والغير نافذة ،والتي كان اتساعها بطبيعة الحال أقل من الطرقات الرئيسية حيث تمت مراعاة ذلك في
تدرجاتها حسب األهمية وكثافة الحركة في كل محور من محاور المدينة ،وإذا كانت الوظيفة األساسية لشبكة
الطرقات في المدينة هي تأمين الحركة واالتصال بين كافة أجزائها فقد ارتبط ذلك ارتباطا ً وثيقا ً بوسيلة النقل
التي كانت مستخدمة وهي الحيوانات لنقل األشخاص أو الحموالت ،لذا فإن عرض طرقات األحياء السكنية لم
يقل عن / 3/م .أما عرض الشوارع التجارية فيمكن أن يزيد عن ثمانية أمتار .وذلك لتأمين حركة المتسوقين
والتخديم دون أية إعاقة.
3
أهم مراحل تشكل الطرقات في مدينة دمشق:
تعود نشأة المدينة لمنتصف األلف الثاني قبل الميالد ،وتطورت في العهود المتتالية اإلغريقية ،الرومانية،
البيزنطية .واتسمت بالتخطيط الشطرنجي .وبعد الفتح اإلسالمي أخذت دمشق صفات المدينة العربية
"اإلسالمية" ،األمر الذي تجسد في التكوين الفراغي والوظيفي وشبكة الشوارع المميزة للمدن العربية ،ثم
بدأت المدينة تتوسع خارج حدود األسوار مع بداية القرن الثاني عشر ,فظهرت أحياء مثل"ساروجة ،الميدان،
الصالحية ."...وقد توسعت المدينة بشكل تقليدي حتى بدايات القرن العشرين وقد تم وضع بعض المخططات
والدراسات التنظيمية لها منذ عشرينات القرن الماضي لتتوسع وتتناسب مع المتغيرات الكبيرة التي طرأت
عليها منذ تلك الفترة حتى وقتنا الحالي وهي:
4
ـ المخطط التنظيمي( :)1691وضعه المهندسان "ايكوشار -بانشويا" ،وقد حدد المخطط اتجاهات توسع
المدينة ،واالهتمام بالمدينة القديمة وإيجاد طريق يحيط بها لتسهيل حركة السائحين القادمين من المطار
ودخول السيارات إلى المناطق األثرية .واقترح تفريغ محيط الجامع األموي والقلعة وتأمين حركة المشاة ،أما
على مستوى المدينة فقد اقترح المخطط إنشاء طريق محلق على حدود التوسع المقترح للمدينة وإقامة شبكة
طرقية متطورة في مركز المدينة وأحيانا ً في عدة مستويات .الشكل(.)6
ـ المخطط التنظيمي األخير( :)4002-1663قامت بدراسته إحدى الشركات الهندسية الوطنية ،استغرقت
الدراسة أكتر من عشرة سنوات فاختلفت الكثير من المعطيات"السكانية ،المرورية ،مناطق المخالفات ."...لذا
يتم حاليا ً دراسة مخطط تنظيمي بالتعاون مع الشركات االستشارية العربية والعالمية يرتكز إلى الدراسات
اإلقليمية العلمية الشاملة لتحديد مستقبل المدينة في المدى البعيد.
5
الواقع الراهن للحركة في مدينة دمشق:
تعتبر مدينة دمشق المركز اإلداري والتجاري والثقافي للقطر ،وقد تزايدت فيها وبشكل كبير أعداد السيارات
في السنوات األخيرة فهي تستقطب أكثر من نصف إجمالي عدد السيارات في القطر .و تعاني من مشاكل في
الحركة على طرقاتها ،مشاة ـ سيارات ،تنعكس في االختناقات المرورية وعدم تأمين أماكن كافية لتوقف
ال سيارات ،عدم تنظيم حركة المشاة مما يؤدي إلى تدني عوامل الراحة واألمان ،وما ينتج عن ذلك من آثار
سلبية مختلفة "اقتصادية ،بيئية وصحية ،تخطيطية ."...وذلك لعدم وجود دراسات متكاملة تساعد على
تخفيف اآلثار السلبية الناتجة عن الزيادة الكبيرة الغير متوقعة لوسائل المواصالت مع األخذ بعين االعتبار
الخصوصية التخطيطية لشبكة طرقات المناطق المركزية المدينة الضيقة نسبياً .التي لم تأخذ بعين االعتبار
استيعاب األعداد الهائلة والمتزايدة لوسائل المواصالت المختلفة .الشكل(.)10
وتؤكد مؤسسة جايكا اليابانية في دراسة قدمتها عام ( )1661أن مستوى خدمة الطريق في المدينة سيصل
إلى المستوى /F/عام ( )4012وهذا يعني أن السيارة تلي األخرى .لكن الواقع يبين أن مستوى الخدمة قد
وصل في عام ( )4002إلى ذلك المستوى نظراً للزيادة المفاجئة والغير متوقعة في وسائل المواصالت
المختلفة ،وهذا بدوره انعكس سلبا ً على حركة المشاة حيث تتوقف السيارات بشكل عشوائي على أطراف
الطرقات وفي بعض األحيان على األرصفة المخصصة للمشاة ،مما يعيق حركة المشاة وانتقالهم للحركة على
الطريق فتختلط حركة المشاة والسيارات،
كما نالحظ في بعض األحيان توسيع الطرقات على حساب األرصفة لتأمين مواقف إضافية للسيارات على
أطراف الشوارع ،أما فيما يخص األرصفة فهي بدورها غير متناسبة مع الكثافة العالية للمشاة في المناطق
المركزية المخصصة للفعاليات التجارية واإلدارية ومنطقة الجامعة .وتبرز مشكلة عدم التزام المشاة عبور
الطرقات من األماكن المخصصة لهم في مناطق توضع أنفاق وجسور المشاة بسبب عدم تأهيلها لحركة
المسنين وذوي االحتياجات الخاصة .يذكر أنه توجد تجربة وحيدة في المركز وهي تخصيص جزء من طريق
6
الصالحية التجاري للمشاة منذ ثمانينات القرن الماضي ،وهي تجربة جديرة بالتطوير من ناحية الربط والعالقة
مع وسائل المواصالت والفرش والتفاصيل المعمارية والعمرانية وغيرها.
أما بالنسبة للمدينة القديمة والتي تبلغ أبعادها/200 -1200/م .وتعتبر جزءاً من المركز العام لمدينة دمشق.
فإن وسائل المواصالت تصل فيها إلى أي مكان يمكن أن تصله أو تتوقف فيه .وإن انتشار الفعاليات الترفيهية
فيها ساهم في زيادة حركة وتوقف السيارات فيها ،مما أدي إلى إعاقة حركة المشاة فيها " قاطنين ،سياح،
متسوقين" ،في نفس الوقت نجد أن هناك بعض المحاور مخصصة للمشاة مثل األسواق المجاورة للجامع
األموي .الشكل (.)11
إن هذا الواقع ينطبق على كافة المناطق التاريخية للمدينة كشارع الملك فيصل ومحيطه ،الذي يقع شمال
المدينة القديمة مباشرة ويمتد من باب توما شرقا ً حتى شارع الثورة غرباً ،وتختلط وتتقاطع فيه الحركة
الكثيفة لكل من المشاة والسيارات بشكل عشوائي ،إضافة إلى توقف السيارات على طرفيه مما يعيق الحركة
أيضا ً .وحي سوق ساروجة الذي تعبره السيارات وتتوقف على طرقاته التقليدية نظراً لتوضعه في مركز
المدينة مما يعرقل حركة المشاة والمواصالت معا ً كما تختلط حركة المشاة الكثيفة والعشوائية على أطرافه
عند التقاطعات مع حركة السيارات.إن هذا الواقع ينطبق على باقي المناطق التاريخية األخرى كحي الصالحية
في سفح قاسيون ،والقنوات والميدان وغيرها .الشكل (.)14
7
و ضع في الفترة األخيرة عدد من االقتراحات والدراسات التخطيطية لتحسين الظروف العامة للحركة في
المدينة تمثلت في إجراء دراسات تخطيطية ومرورية تهدف إلى تخفيف األزمة المرورية وتنعكس بشكل
إيجابي على حركة المشاة مثل تنظيم محاور شمال -جنوب وغرب -شرق في أكثر من مستوى لتخفيف
الغزارة المرورية في مركز المدينة وتحويلها إلى محيطه وإنشاء مرائب تحت األرض في مناطق مختلفة من
المدينة .وفي هذا السياق فقد تم تعديل نظام ضابطة البناء بإلزام إنشاء المرائب تحت األبنية الجديدة .انتهاء
دراسة المخطط التوجيهي للمدينة القديمة الذي يهدف إلى التأكيد على الثوابت األساسية ضمن رؤية شمولية
تراعى فيه الخصوصية الفنية والتاريخية واالستعماالت األصلية والمستقبلية بهدف إظهار المدينة وتنميتها
وتوظيفها بفعاليات مختلفة ووضع حلول لحركة وسائل المواصالت والتأكيد على أن حركة المشاة هي
األساسية فيها وكذلك ربط المدينة مع محيطها العمراني.
كما تمت في الفترة األخيرة بعض اإلجراءات اإلدارية والعملية التي تساعد في تخفيف المشاكل المرورية
وتساعد في تحسين ظروف المشاة من أهمها :إعادة تسيير الباصات الكبيرة للنقل الداخلي لتحل تدريجيا ً
محل الميكروباصات ،تطبيق نظام المواقف المأجورة في بعض الشوارع المركزية ،تطبيق قانون السير
الجديد الذي يشدد على المخالفات المرورية ،إنجاز بعض األنفاق والعقد المرورية وتعديل مسار وتوحيد اتجاه
بعض الطرقات لتخفيف الغزارة المرورية عليها ،البدء بدراسة الخط األخضر لمترو دمشق الذي يربط بين
منطقة المعضمية غربا ً و القابون شرقا وبطول /12/كم .ويتوقع أن يبدأ تشغيله بعد حوالي عشر سنوات.
الشكل (.)13
8
والبد من اإلشارة إلى أن هناك بعض الحلول اإلسعافية التي يتم تنفيذها والتي يمكن أن تحل المشكلة لفترة
مؤقتة لكن نتائجها السلبية تظهر مع الزمن مثل إنشاء جسر أو نفق أو تحويل و توحيد مسار دون االستناد
إلى رؤية شاملة ومتكاملة .كما أن تأخير تنفيذ المخططات التنظيمية ينعكس سلبا ً على ظروف الحركة في
المدينة فمن المعلوم أنه تم تنفيذ حوالي /%42/فقط من األعمال الطرقية المقترحة في مخطط ايكوشار
التنظيمي المصدق منذ العام (.)1691
أهم التوجهات المتبعة في التجربة التخطيطية العالمية لتطوير الحركة في مراكز المدن:
تنبه االختصاصيون في المدن األوربية إلى المشاكل الناتجة عن حركة المواصالت ضمن المدن وخاصة في
المناطق المركزية مع بدايات النصف الثاني من القرن العشرين التي انعكست في تردي الواقع البيئي للمدن
نتيجة للمخلفات الغازية والضجيج ،الهدر االقتصادي الناتج عن ضياع الوقت نتيجة لالختناقات المرورية
وهدر في استهالك النفط ،تراجع عوامل األمان والراحة وزيادة الحوادث المرورية للمشاة .الشكل( .)12مما
دعا إلى البحث عن حلول جذرية وشاملة لها .فقد تم إعطاء األولوية في التخطيط لإلنسان ألن الطرقات
أوجدت لحركة اإلنسان عليها وبالتالي البد من إعادتها إلى هدفها األساسي.
9
-1تأمين فراغات خاصة بالمشاة في المناطق المركزية ":"Pedestrian" Spaces
يؤكد االختصاصيون أن تحديد حجم المدينة على مر العصور كان يستند إلى اإلمكانية الفيزيائية للمسافة التي
يمكن أن يقطعها اإلنسان الراجل كأحد العوامل األساسية لتحديد أبعادها والتي تتراوح بين /1400–100/م.
والتي يمكن اعتبار ها األساس الذي يحدد أبعاد الفراغ المراد تخصيصه للمشاة .وقد بدأ التوجه إلى إيجاد هذه
الفراغات في مراكز بعض المدن األوربية في بداية الستينيات من القرن الماضي .ألنها ساعدت في تحسين
الظروف اإلنسانية وإعادة الحياة للمركز ,الشكل (.)12
11
ونستنتج من تجربة بعض المدن األوربية على أن هناك احتماالت مختلفة لتنظيم فراغات المشاة من حيث
اإلمكانية الفصل أو الربط مع وسائل المواصالت وهي:
ـ الفصل التام بين حركة المشاة وحركة وسائل المواصالت فراغيا ً وزمنياً.
11
ـ السماح لحركة وسائل المواصالت في فراغات المشاة في أوقات محددة .
ـ السماح لحركة وسائل النقل العام فقط في مناطق محددة من فراغات المشاة.
ـ الجمع بين مختلف المشاركين بالحركة حيث تكون حركة المشاة على األرصفة .وتوضح األشكال ( 12-19
) .األسس التي يتم إتباعها في تحديد العالقة بين فراغات المشاة وكل من وسائل المواصالت الخاصة والعامة
في مراكز المدن التي تعد المكان األكثر حيوية لنشاط
ـ السماح لحركة وسائل النقل العام فقط في مناطق محددة من فراغات المشاة.
ـ الجمع بين مختلف المشاركين بالحركة حيث تكون حركة المشاة على األرصفة .وتوضح األشكال ( 12-19
) .األسس التي يتم إتباعها في تحديد العالقة بين فراغات المشاة وكل من وسائل المواصالت الخاصة والعامة
في مراكز المدن التي تعد المكان األكثر حيوية لنشاط
12
وبشكل عام فإن االهتمام بحركة المشاة في مراكز المدن يستند إلى األسس التالية:
ـ الحد ما أمكن من حركة وسائل المواصالت في المناطق التاريخية والمركزية بما يتناسب مع نظام الحركة
العام للمدينة .حيث يتم في نفس الوقت تأمين الربط بشكل مناسب مع وسائل النقل العام وتأمين أماكن
ومرائب لتوقف وسائل النقل الخاصة بالقرب من هذه المناطق .حيث يتم الوصول إليها إما سيراً على األقدام
أو بواسطة وسائل النقل اإلضافية كالعربات التي تجرها الخيول أو الدراجات الهوائية.
ـ تأمين حركة وانتقال المشاة من ذوي االحتياجات الخاصة والمسنين واألطفال دون أية إعاقة في حال
ضرورة االنتقال عبر أنفاق أو جسور المشاة بواسطة األدراج المتحركة أو الرامبات أو المصاعد.
ـ االهتمام بالفرش المعماري والعمراني في هذه الفراغات كرصف الطرقات والساحات بأنواع مختلفة من
الحجر الطبيعي واالبتعاد عن التعبيد باإلسفلت ،وتأمين أماكن للجلوس واالستراحة ومناطق مظللة لحماية
المشاة من العوامل الجوية .وزيادة الفعاليات التجارية والترفيهية والسياحية واالهتمام بأماكن التقاطعات مع
طرقات السيارات ،حيث تتم دراسة تفاصيلها بدقة لتأمين عبور كافة المشاركين فيها بسهولة تامة األشكال
(.)16-11
13
14
-4استخدام الدراجات الهوائية":"Bicycle Transportation
يعتبر استخدام الدراجات الهوائية أحد التوجهات األساسية لنظام الحركة العام في معظم المدن األوربية نظراً
للمزايا المتعددة الستخدامها كتخفيف الضوضاء والتلوث الناتج عن وسائل النقل ذات المحركات ,وللمساحة
القليلة التي تحتاجها الدراجات للحركة والمناورة والتوقف ،عدم احتياجها إلى بنية تحتية مكلفة أو أي نوع
من الوقود بمقارنتها مع وسائل النقل األخرى ،باإلضافة لفوائدها الصحية لإلنسان وتضاؤل إمكانية حدوث
حوادث مرورية كارثية .الشكل (.)40
لقد أثبتت التجربة جدواها في الفترة األخيرة حيث تتزايد نسبة مستخدمي الدراجات الهوائية بشكل واضح،
الجدول " ،"1فقد تزايدت أطوال المسارات المخصصة لحركة الدراجات الهوائية في السنوات العشرين
األخيرة ..ففي هولندا بلغ طول مسارات الدراجات في منتصف الثمانينات من القرن الماضي /6414/كم.
ووصل حاليا ً إلى /11621/كم .أما في ألمانيا فقد بلغ طولها /31439/كم .بعد أن كان /14611/كم.لنفس
الفترة .وازدادت الفئات المستخدمة للدراجات من مختلف الفئات العمرية والشرائح االجتما عية ولمختلف
15
األهداف كالتنزه والتسوق والعمل والتعليم.
كما تم تطوير نظام خاص بحركتها ودمجه مع نظام المواصالت العام للمدن حيث تم تحديد اتجاهات وأبعاد
مساراتها على األرصفة أو ضمن فراغات المشاة أو الطرقات ووضع إشارات داللة وإشارات ضوئية خاصة
بها عند التقاطعات ،باإلضافة إلى تنظيم أماكن محددة لتوقفها ،يذكر أنه تم مؤخراً إنشاء مرائب طابقيه
مخصصة لوقوف الدراجات الهوائية في طوكيو وهو ما يؤكد انتشار استخدامها كوسيلة أساسية للتنقل ضمن
المدن.
ويتم تطبيقها بإتباع بعض الخطوات منها :وضع المطبات على الطرقات بمواصفات دقيقة وموحدة وتمييزها
بألوان مميزة أو وضع إشارات داللة تدل على أماكن توضعها السماح للسيارات الخاصة بالوقوف على
جوانب الطرقات مع تحديد األبعاد المحددة لوقوف كل سيارة ومنع الوقوف في أماكن عبور المشاة ومواقف
النقل العام تخصيص جزء من الطريق لمسارات الدراجات الهوائية على حساب عرض الطريق زيادة عرض
األرصفة بهدف تخصيص جزر خضراء عليها أو تأمين مسارات الدراجات الهوائية على أطرافها ،وضع
معوقات اصطناعية على الطرقات "أحواض زهور ،حواجز منخفضة" .للحد من استقامة الطرقات وبالتالي
إجبار السائقين على تخفيف السرعة الشكل(.)41
16
إن تنفيذ هذه اإلجراءات أدت بشكل عام إلى تقليل عروض الطرقات المخصصة لحركة السيارات بهدف
تخفيض الغزارة المرورية للطرقات في المناطق المركزية للمدن مما أدى إلى خفض ملحوظ في عدد
السيارات العابرة أو القادمة باتجاه هذه المراكز وزاد من شعور المشاة ومستخدمي الدراجات الهوائية
باألمان وحرية الحركة ،كما قلل من إمكانية حصول الحوادث المرورية ،فقد أكدت دراسة للمعهد البريطانية أن
إمكانية حصول الوفاة نتيجة حادث مروري تزداد من/%2/إلى /%22/حين تتزايد سرعة وسيلة النقل من
/30/كم/سا إلى /22/كم/سا .وتصل النسبة إلى /%12/في حال تجاوزت السرعة /90/كم /سا.
إن استخدام وسائل النقل العام يمكن أن يوفر مساحات كبيرة من المناطق المركزية يمكن تخصيصها للمشاة،
فمثالً إن المساحة الالزمة من الطريق لشخص يستخدم وسيلة النقل العام تبلغ للترام /0,2/م 4وللباص /0,1/
م 4وتتضاعف حوالي عشرين مرة في حال استخدام وسيلة نقل خاصة .وقد اتجهت معظم المدن األوربية نحو
تطوير منظومة النقل العام بكافة أشكاله " الباص ،الترام ،الباص الكهربائي" األمر الذي ساهم إلى حد كبير
في تحسين ظروف الحركة في المركز .وبالنسبة للمدن الكبيرة التي يتجاوز عدد سكانها مليون نسمة فيتم
استخدام المترو ألنه الحل األمثل للحد من االختناقات المرورية في المدن نظراً لمزاياه المتعددة ،فقدرة
استيعابه للركاب وتأمين تنقلهم تزيد بشكل كبير مقارنة مع وسائل النقل العام األخرى .انظر الجدول ""4
17
بشكل عام يتم التوجه نحو تطوير منظومة النقل العام في المدن األوربية بمختلف أشكالها من حيث نوعية
الخدمة ،االلتزام بدقة زمن الوصول والمغادرة ،الربط بين مختلف أرجاء المدينة ،مما أدى إلى اعتماد غالبية
السكان على وسائل النقل العام في تنقالتهم .فتزايدت نسبة مستخدمي وسائل النقل العام في معظم المدن
األوربية ووصلت في كل من هامبورغ ،/%11/دوسلدورف ،/%24/هانوفر ،/%22/لندن،/%63/
نيويورك ./%11/من إجمالي عدد السكان .إن تطوير منظومة النقل العام في المدن األوربية واألمريكية
وبعض الدول اآلسيوية قد ساهم بشكل كبير في تخفيف األزمات المرورية وآثارها السلبية على المدن،
18