You are on page 1of 2

‫أهداف وغايات قانون المنافسة‬

‫إن كانت قواعد المنافسة تهدف أساسا إلى حماية المنافسة(الحرية التنافسية)‪ ،‬فهي في الوقت نفسه تحرص على حماية مصالح المتنافسين‬
‫‪.‬أنفسهم من جهة‪ ،‬ومصالح جماعة المستهلكين من جهة أخرى‬
‫حماية المنافسة‪ :‬أولى أهداف قانون المنافسة هي ضمان السير الحسن للسوق وكذا تحقيق الفعالية‪ ،‬ويتحقق ذلك من خالل حماية ‪-‬‬
‫المنافسة من كل ممارسة تمس هاتين الغايتين‪ ،‬اللتان بهما تتحقق التنمية االقتصادية واالجتماعية للدولة‪)]15[( .‬‬
‫و تظهر هذه الحماية من خالل حظر الممارسات المقيدة للمنافسة و المتضمنة في الفصل الثاني من القانون ‪ ،03/03‬حيث أن الحظر وارد‬
‫على هذه الممارسات بغض النظر عن آثارها الفعلية على السوق‪ ،‬و هو األمر الذي يمكن استخالصه من نص المادة ‪ 6‬من قان ن المنافسة‪:‬‬
‫"تحظر الممارسات و األعمال المدبرة ز االتفاقيات و االتفاقات الصريحة أو الضمنية عندما تهدف أو يمكن أن تهدف إلى عرقلة حرية‬
‫المنافسة أو الحد منها أو اإلخالل بها في نفس السوق أو في جزء جوهري منه‪)]16[("...‬‬
‫حماية المتنافسين أنفسهم‪ :‬يستهدف قانون المنافسة إلى جانب حماية السوق والمنافسة ذاتها حماية أيضا المؤسسات من تصرفات‪02-‬‬
‫منافسيهم غير المشروعة‪ ،‬فكل قاعدة يكون ظاهر مهمتها حماية المنافسة‪ ،‬نجدها مبنية على معاقبة سلوك غير مشروع ألنه يمس‬
‫بالمتنافسين‪]17[( .‬‬
‫حماية المستهلك ‪ :‬إذا كان قانون المنافسة يستهدف ضبط العالقات فيما بين المؤسسات داخل السوق‪ ،‬فإن قانون حماية المستهلك يضبط‪03-‬‬
‫عالقات المحترفين بالمستهلكين‪ ،‬ورغم هذا االختالف فإن حماية المنافسة أو المؤسسات داخل السوق قد تستتبع بالضرورة حماية‬
‫المستهلك‪ ،‬و يتضح ذلك من خالل حظر عمليات االحتكار بهدف رفع األسعار‪ ،‬و البيع بخسارة التي قد تعرقل المنافسة‪ ،‬وبما قد يؤدي إلى‬
‫انسحاب المؤسسات األقل قدرة اقتصادية‪ ،‬و بالتالي هيمنة المؤسسات األكثر قدرة على السوق‪ ،‬بما يستتبعه ذلك من معاودة ارتفاع األسعار‬
‫‪.‬بشكل غير مبرر اقتصاديا ([‪)]18‬‬
‫هذه العالقة بين القانونين دفعت بالبعض إلى الحديث عن قانون جديد هو "قانون السوق" يستدف حماية جميع الفاعلين في السوق مؤسسات‬
‫‪.‬ومستهلكين([‪)]19‬‬
‫ويمكن اإلشارة بهذا الصدد إلى االتفاقية المتوسطية المنشئة للشراكة الجزائرية األوروبية الموقعة بفالنسيا بتاريخ ‪ 22‬أفريل ‪،2002‬‬
‫المصادق عليها من طرف الجزائر بتاريخ ‪ 27‬أفريل ‪ ،2005‬و التي تم بموجبها إنشاء منطقة تبادل حر بين الجزائر و المجموعة‬
‫األوربية‪)]21[( .‬‬
‫مبادئ قانون المنافسة‬
‫جاء الباب الثالث من قانون المنافسة تحت عنوان مبادئ قانون المنافسة متضمنا ثالثة فصول األول بعنوان حرية األسعار والثاني بعنوان‬
‫الممارسات المقيدة للمنافسة في حين جاء الفصل الثالث بعنوان التجمعات االقتصادية ‪ ،‬وهي فصول ال يعبر جميعها عن مبادئ قانون‬
‫‪:‬المنافسة ‪ ،‬إذ يجري في الفقه تناول مبادئ قانون المنافسة على النحو التالي‬
‫أوال‪ :‬مبدأ حرية األسعار ‪ :‬يقصد بهذا المبدأ حرية المتعاملين االقتصاديين في فرض األسعار بعيدا عن اإلدارة وهو مبدأ لقى اهتماما كبيرا‬
‫من المشرع الجزائري بالنظر إلى أهميته ودوه في االقتصاد الوطني وقد تجسد هذا االهتمام بالنص صراحة على هذا المبدأ في المادة ‪04‬‬
‫"من قانون المنافسة التي جاء فيها" تحدد أسعار السلع والخدمات بصفة حرة وفقا لقواعد المنافسة الحرة والنزيهة‬
‫وهذا يعني أن األسعار تحدد وفق قواعد العرض والطلب بعيد عن تدخل اإلدارة أو السلطة العامة في تحديد السعر‪ ،‬وبعيد عن تأثير األفراد‬
‫‪.‬على هذا القانون‬
‫غير أن هذا المبدأ ليس مبدأ عاما‪ ،‬فهو مقيد ابتداء بالشروط التي تتم فيها ممارسة حرية األسعار والمتعلقة قواعد المنافسة الحرة والنزيهة‪،‬‬
‫‪،‬واحترام أحكام التشريع والتنظيم المعمول بهما‪ ،‬ومراعاة قواعد اإلنصاف والشفافية‬
‫فضال عن ذلك نصت المادة ‪ 05‬من قانون المنافسة على حاالت استثنائية تلجأ فيها الدولة إلى تحديد األسعار أو هوامش الربح نظرا‬
‫‪:‬العتبارات مختلفة في مقدمتها رعاية المصلحة العامة للبالد ‪ ،‬وتشمل هذه الحاالت االستثنائية ما يلي‬
‫تدخل الدولة لتحديد هوامش وأسعار السلع والخدمات واألصناف المتجانسة من السلع والخدمات أو تسقيفها أو التصديق عليها عن طريق ‪-‬‬
‫‪،‬التنظيم (م ‪ 5/1‬من قانون المنافسة)‬
‫وقد كان المشرع يقيد هذا التدخل بشرطين‪ :‬األول كون السلع والخدمات ذات طابع استراتيجي وهو الشرط الذي تخلى عنه مع تعديل المادة‬
‫‪ 05‬سالفة الذكر سنة ‪ ،2010‬بهدف توسيع مجال تدخل الدولة بهذا الصدد‪ ،‬أما الثاني فيتعلق بضرورة أخذ رأي مجلس المنافسة وهو الشرط‬
‫‪.‬الذي تخلى عنه أيضا بعد تعديل المادة ‪05‬‬
‫تدخل الدولة لتحديد هوامش وأسعار السلع أو تسقيفها أو التصديق عليها على أساس اقتراحات القطاعات المعنية في ظروف استثنائية ‪-‬‬
‫‪:‬لألسباب التالية‬
‫تثبيت استقرار مستويات أسعار السلع والخدمات الضرورية‪ ،‬أو ذات االستهالك الواسع في حالة اضطراب محسوس للسوق •‬
‫مكافحة المضاربة بجميع أشكالها والحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك •‬
‫تدخل الدولة في حالة االرتفاع المفرط وغير المبرر لألسعار والذي قد يكون ناتجا عن اضطراب خطير في السوق أو حدوث كوارث ‪-‬‬
‫طبيعية‪ ،‬أو صعوبات مزمنة وطويلة في التمويل داخل قطاع معين أو في منطقة جغرافية معينة أو في حاالت االحتكار الطبيعية‪ ،‬ومثلها‬
‫أيضا ارتفاع األسعار بسبب التضخم أو انخفاض قيمة العملة‪ ،‬وقد كانت المادة ‪ 05‬في نصها األصلي عند صدور قانون المنافسة تنص على‬
‫أن هذه التدابير تتخذ لمدة أقصاها ستة أشهر‪ ،‬كما تشرط ضرورة أخذ رأي المسبق مجلس المنافسة وهما االجراءان اللذان تخلى عنهما‬
‫‪.‬المشرع بعد تعديل سنة ‪2010‬‬
‫ثانيا‪ :‬مبدأ حرية التجارة واالستثمار والمقاولة‬
‫"وهو مبدأ دستوري إذ تنص المادة ‪ 61‬من دستور ‪ 2020‬على أن" حرية التجارة واالستثمار والمقاولة مضمونة وتمارس في إطار القانون‬
‫"وهو مبدأ معروف من قبل فقد نصة المادة ‪ 37‬من دستور ‪ 89‬على أن‬
‫المادة ‪ 43‬من التعديل الدستوري لسنة ‪ 43‬على أن" حرية االستثمار والتجارة معترف بها وتمارس في إطار القانون وتعمل الدولة على‬
‫"‪..‬تحسين مناخ االستثمار‬
‫ويقصد بهذا المبدأ إعطاء األفراد حق المساهمة في بناء الحياة االقتصادية فكل شخص بإمكانه أن يزاول نشاطا تجاريا أو صناعيا‪ ،‬كما‬
‫يعني فتح ميدان النشاط التجاري أو الصناعي للنشاط الحر والمبادرة الحرة الخاصة دون قيود أو عوائق معينة باستثناء تلك التي تفرضها‬
‫‪.‬متطلبات الضبط االقتصادي‬
‫وكسابقه ال يعد هذا المبدأ عاما إذ يرد عليه قيود تتعلق باألنشطة المحتكرة من طرف الدولة نظرا لطبيعتها كنشاط تصنيع األسلحة والذخيرة‬
‫المحتكر من طرف وزارة الدفاع‪ ،‬وأخرى تتعلق باألنشطة المقننة التي تحتاج إلى ترخيص مسبق من طرف الدولة لمن يريد ممارسته‬
‫ثالثا‪ :‬مبدأ حرية المنافسة‬
‫إذا كانت المنافسة تعني تعدد القائمين بالنشاط االقتصادي فحرية المنافسة تعني العمل في سوق يتعدد فيه الممارسون االقتصاديون لنفس‬
‫النشاط واالستمرار في هذه المنافسة دون قيود أو شروط‬
‫فحرية المنافسة تعني حرية إقامة المشروعات حرية االنتقال أي عدم وجود قيود تحظر دخول السوق وتدفق رؤوس األموال وتضيق حرية‬
‫‪.‬حركة رؤوس األموال‬
‫رابعا‪ :‬حظر الممارسات المقيدة للمنافسة‪ :‬المنافسة بمفهومها االقتصادي تعني الصراع بين مختلف المؤسسات من اجل كسب الزبائن غي‬
‫أن هذا الصراع ال يعني الحرية المطلقة دون قيد أو شرط فقد تدخل المشرع كغيره من التشريعات المقارنة لوضع نظام يضبط هذه الحرية‪،‬‬
‫وهو الهدف األساسي من سن قوانين المنافسة في هذا الصدد نصت المادة األولى من قانون المنافسة على أن هذا القانون " يهدف إلى تحديد‬
‫شروط ممارسة المنافسة في السوق وتفادي كل ممارسات مقيدة للمنافسة‪ ،‬ومراقبة التجمعات االقتصادية‪ ،‬قصد زيادة الفعالية االقتصادية‬
‫"وتحسين ظروف معيشة المستهلكين‬
‫وعلي هذا األساس تحظر نصوص قانون المنافسة الممارسات المقيدة للمنافسة ضمانا لعدم اإلضرار باالقتصاد الوطني‪ ،‬إلى جانب ذلك‬
‫‪.‬تخضع التجمعات االقتصادية إلى رقابة مجلس المنافسة متى كانت تمس بالمنافسة وتفرز وضع الهيمنة على ما سيأتي تفصيله‬

You might also like