Professional Documents
Culture Documents
بحث المطلق والمقيد
بحث المطلق والمقيد
تعريف المطلق:
لغة :هو االنفكاك من القيود ،حسيا كان او معنويا ،تقول :فرس مطلق ،وسمعت كالما مطلقا ،والثاني هو مبحث
االصوليين.
اصطالحا :هو اللفظ المتناول لواحد ال بعينه ،باعتبار حقيقة شاملة لجنسه.
شرح التعريف:
قولنا :المتناول لواحد يمنع دخول امرين (ا) اللفظ الغير مفيد (المهمل) (ب) الفاظ االعداد المتناولة ال ك ثر من واحد ،مثل
قولنا :مئة الف ونحوه ،فال يسمى شيء من ذلك مطلقا.
وقولنا" :ال بعينه" يمنع امو ًرا :اسماء االعالم والقبائل النها للتعيين .ويخرج كذلك اللفظ العام ،النه شامل الفراده على سبيل
التعيين واالستغراق .وقولنا" :باعتبار حقيقة شاملة لجنسه" ُيقصد به التساوي بين افراد المطلق في م ً
عنى شامل يجمعها،
وهنا يخرج اللفظ المشترك ،النه يتناول واحدا ال بعينه ،باعتبار حقائق مختلفة ،مثل العين فتطلق على حقائق متغايرة.
وكذلك يخرج الواجب المخير لنفس السبب.
مثاله :قوله تعالى" :فتحرير رقبة من قبل ان يتماسا" المجادلة ، 3:ومثلها في المائدة االية 89وقوله صلى هللا عليه وسلم:
"ال نكاح إال بولي وشاهدين".
صيغه :يكون باالمر في سياق النكرة ك قوله" :إن هللا يامركم ان تذبحوا بقرة".
ويكون ايضا في مصدر االمر ،ك قوله" :فتحرير رقبة".
ويكون في مصدر الخبر عن المستقبل ،ك قوله" :ال نكاح إال بولي"
تنبيه :ال يكون المطلق خبرا متعلقا بالماضي ،ك قولك :اكرمت طالبا ،الن وقوع الفعل هنا تحقق به التعيين ،ولذا فإن
اإلطالق يزول.
1
موارده :يرد المطلق في الك تاب والسنة واقوال اهل االجتهاد ،وكذلك في الفاظ عموم المكلفين اإلنشائية واإلخبارية ،وفيه
القط ّ
عي والظني ...إلخ
تعريف المقيد:
ّ
معنوي ك تقييد الحكم بوصف او شرط. لغة :ما يقابل المطلق ،وهو ما ُق ّيد بشيء ّ
حسي ،كالحبل ونحوه ،او
لمعين ،او لغير َّ
معين ،موصوف بوصف زائد على الحقيقة الشاملة لجنسه. اصطالحا :هو اللفظ المتناول َّ
2
الحكم الرابع:
حجة فيه ،مثل قوله" :فمن قتله منكم ّ
متعمدا" في جزاء الصيد مخرج الغالب ،فإنه ال ّ
مقيدا بقيد خارج َ إذا ورد اللفظ ّ
ٍ
عند المالكية ومن معهم م ّمن لم ير ّ
حجية قيد الت ّعمد هنا ،وقوله تعالى" :وال تقتلوا اوالدكم خشية إمالق".
الحكم الخامس:
حجيتها اصال كمفهوم اللقب ،فإن الخالف ّ
ينجر عن ذلك في حمل المطلق َ
المختلف في ّ إذا كان القيد من االمور
جد ًا. عليه ،وفيه ٌ
تفصيل طويل ّ
الحكم السادس:
تعددت القيود ،وكان ذكرها على سبيل التخيير ،فهنا ُيحمل الحكم على احدها ،ويجزي عن البقية ،وإن لم يكن إذا ّ
فيها تخيير ،وذكرت كالجملة الواحدة ،فال ُيحمل الحكم عليها حتى تتحقق كلها ،مثال االول :تقول :إن حفظ ولدك القران،
اول حفظ ّ
الموطا ،او مختصر خليل ،اعطيته عشرة ماليين .ومثال الثاني :قوله تعالى" :وامراة مومنة إن وهبت نفسها للنبيء
ان اراد النبيء ان يستنكحها خالصة لك من دون المومنين" ،وفيه تفريعات عند االصوليين.
الحكم السابع:
إذا ورد لفظان في موضعين مختلفين ،احدهما باإلطالق ،واالخر بالتقييد ،ففيهما اربعة اقسام:
/1ان يتحد حكمهما وسببهما ،مثل قوله تعالى" :حرمت عليكم الميتة ّ
والدم" ،مع قوله" :او دما مسفوحا" ،فهنا ُيحمل
ّ
الحنفي، زيد المطلق على المقيد .قيل فيه إجماع ،وقيل خالف فيه ابو حنيفة ،وقيل فيه روايتان عنه رحمه هللاّ .
وصحح ابو ٍ
وابو منصور الماترودي انه مع اإلجماع.
/2ا ن يختلف حكمهما وسببهما ،مثل قوله" :والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما" ،مع اية الوضوء ،فهنا حكى الزركشي
اإلجماع عن جمع من االصوليين من مختلف المذاهب انه ال حمل فيه ،ونقل الباجي الخالف عن بعض المالكية ،هللا اعلم
بصحته.
/3ان يتحد حكمهما ويختلف سببهما ،مثل قوله" :فتحرير رقبة مومنة" في ك فارة القتل ،مع تحرير رقبة مطلقة في ك فارة
اليمين ّ
والظهار ،وهنا اختلف العلماء كاالتي:
ِ
-الحنفية :جميعهم ذهبوا إلى عدم حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة ،وقيل ُّ
جلهم ،كما نقله ابن قدامة والشوكاني.
-المالكية :حكى القاضي عبد ّ
الوهاب والقرافي والباجي عن اك ثرهم انه ال يحمل المطلق على المقيد هنا ،وحكى ابن قدامة
عكسه ،وفيه تفصيل.
-الحنابلة :نقل ابن قدامة عن احمد انه ال يحمل المطلق على المقيد ك قول الجمهور ،وفيه رواية عكسها.
3
الشافعي نفسه انه يحمل المطلق على المقيد هنا ً
لفظا ،وقال: ّ -الشافعية :ك ثرت اقاويل الشافعية في هذه الصورةُ ،فن ِقل عن
لو لم نحمل المطلق على المقيد هنا ،لجاز لنا ان نقبل شهادة السفهاء في غير قوله تعالى" :واشهدوا ذوي عدل منكم" ،اما
قول ضعيف.بقية الشافعية فإنهم :قيل انهم تبع لإلمام في قوله كلهم ،وهو ٌ
وقيل :إن المحققين منهم فقط معه ،وقيل :بل المحققين على غير رايه ،وقيل :إن المحققين منهم ،يذهبون إلى
التقييد بالقياس ال باللفظ ،ووصف الرازي هذا القول بانه اعدل االقوال.
وقيل :إن جميع المذاهب اختلفت على نفسها في هذا على وجوه ّعدة من حيث حمل المطلق على المقيد ،ومن حيث
الدليل الذي عليه ُيعتمد ،وهللا اعلم.
ويتحدا ً
سببا ،ومثل له اإلمام اللخمي المالكي رحمه هللا ،باإلطعام في ك فارة اليمين حيث ُق ّيد بقوله: /4ان يختلفا ً
حكما ّ
"من اوسط ما تطعمون" مع قوله" :او كسوتهم" حيث ذكرها بإطالق ،والمذاهب في حمل المطلق على المقيد في هذه
الصورة اضطربت فيها الروايات ،فابن الحاجب يقول" :ال ُيحمل احدهما على االخر ّاتفاقا" ،ومثله قال الفتوحي ،وابن
مدي ،اما ابن جزي فذكر الخالف وقال" :إن الشافعي حمل المطلق على المقيد في هذا القسم ،خالفا البي قدامة ،واال ّ
حنيفة" ،وذكر خالفا بين المالكية في ذلك ،ومثله قال الشنقيطي رحمه هللا
مذكورة على سبيل اإلجمال ،اما من حيث التفصيل فإنه يطول جدا ،الن االصوليين بحثوا اقسام ٌ تنبيه :هذه االقسام
ّ
الحمل ،على وجوه تتعلق باالوامر والنواهي ،حين تتفق وحين تفترق ،ف ُيرجع إليها في مظانها.
الحكم الثامن:
اللفظ المطلق امام قيدين مختلفين ُينظر فيه االتي:
ان يتحد السبب في اإلطالق والقيدين ،ك قوله صلى هللا عليه وسلم" :إذا ولغ الكلب في إناء احدكم فليغسله سبعا،
إحداهن بالتراب" وفي رواية" :اوالهن" ،وفي رواية" :اخراهن" ،فهنا يبقى اإلطالق على حاله الن هذه التقييدات
بمرجح خارج عن اللفظ ،ك تصحيح الرواية ونحوها.ليس لبعضها اولوية على بقيتها إال ِ ّ
ان يختلف السبب مثل :إطالق الصيام في قضاء رمضان مع قيد التتابع في ك فارة القتل ّ
والظهار ،وقيد التفريق في
ِ
صيام التمتع ،وهنا ُيحمل المطلق على ما كان القياس عليه اولى.
4
"شروط حمل المطلق على المقيد"
القائلون بحمل المطلق على المقيد ،في الوجوه التي قدموا فيها حجية المقيد ،احاطوها بسياج من الشروط،
ّ
الشوكاني نقال عن الزركشي كاالتي: اجملها
المقيد من الصفات مع ثبوت الذوات في الموضعين ،مثاله :عدم إثبات اإلطعام في ك فارة القتل بناء على /1ان يكون ّ
ذكره في ك فارة ّ
الظهار .واالصوليون يضربون المثل باعضاء الوضوء المذكورة مع إطالق المسح في التيمم ،والظاهر وهللا ِ
ُ
اعلم انه ضعيف ،الن التيمم ق ّيدت اعضاؤه في السنة النبوية.
/2اال يكون للمطلق إال اصل واحد يرجع إليه ،كالشهادة اطلقت في البيوع ونحوهاُ ،وق ّيدت بالعدالة في الرجعة
والوصية ،فيعمم قيد العدالة في جميعها.
/3ان يكون في باب االوامر واإلثبات ،اما في النفي والنهي فالُ .
اختلف في هذا الشرط اختالفا كبيرا ،واشار الفخر الرازي
إلى ضعفه.
للمحرم ،واشار الزركشي إلى ان فيه نظ ًرا.
/4اال يكون في جانب اإلباحة ،وضرب له ابن دقيق العيد المثل :بلباس الخف ِ
/5اال يمكن الجمع بينهما ،فإن امكن تع ّين العمل بهما معا.
/6اال ُيذكر مع المقيد قدر زائد ،يشعر ان القيد إنما جاء الجل ذلك القدر الزائد ،ومثاله عند الشافعية قوله تعالى" :ومن
يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر "...مع قوله" :ومن يك فر بااليمان فقد حبط عمله" ،فقالوا :إن االعمال ال تحبط إال
بموته وهو كافر ،الن هللا تعالى قال بعدها" :وهو في االخرة من الخاسرين"ّ ،
فدل على ان الموت على الك فر قدر زائد.
/7اال يقوم دليل يمنع من التقييد ،ك قوله" :والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن "...االية السابقة ،مع قوله" :يا
ايها الذين ءامنوا إذا نكحتم المومنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فمالكم عليهن من ّعدة تعتدونها" ،فلم
يحملوا المطلق على المقيد هنا ،الدلة خارجية تمنع ذلك.
5
المصادر والمراجع
/1البحر المحيط لبدر الدين الزركشي ت 794ه ،طبع وزارة االوقاف الكويتية ،ج.3
/2تقريب الوصول إلى علم االصول البن جزي الغرناطي المالكي ت 741ه ،طبع مؤسسة فؤاد للتجليد.
/3نهاية السول في شرح منهاج االصول لجمال الدين اإلسنوي ت 772ه ،طبع دار التوفيقية للتراث ،ج.1
/4المحصول في اصول الفقه لفخر الدين الرازي ت 606ه ،طبع دار السالم ،ج1.
/5إرشاد الفحول لتحقيق الحق من علم االصول للشوكاني ،طبع دار الهدى.
/6مذكرة في اصول الفقه للشنقيطي ،طبع دار اليقين.
/7تفسير النصوص في الفقه اإلسالمي ل د .محمد اديب الصالح ،طبع المك تب اإلسالمي ،ج.1
/8الجامع لمسائل اصول الفقه ل د .عبد الكريم النملة ،طبع مك تبة الرشد.
/9تعريفات واصطالحات اصول الفقه ل د .عبد الكريم النملة ،طبع مك تبة الرشد ،ج.2
/10المهذب في علم اصول الفقه ل د .عبد الكريم النملة ،طبع مك تبة الرشد ،ج.4
/11القواعد االصولية عند ابن تيمية ل د .محمد بن عبد هللا الهاشمي ،طبع مك تبة الرشد ،ج3.
/12التجديد االصولي لمجموعة من المؤلفين بإشراف احمد الريسوني ،المعهد العالمي للفكر اإلسالمي.
/13مذكرة في اصول الفقه اإلسالمي لالستاذ علي بن الحبيب ديدي ،ط العوادي.
/14غمرات االصول لمشاري بن سعد الشتري.
6