You are on page 1of 8

‫لمفعول المطلق‪:‬‬

‫المفاعيل خمسة‪ :‬مفعول به وقد تقدم‪ ,‬ومفعول مطلق‪ ،‬ومفعول له‪ ,‬وفيه‪" ,‬ومفعول" معه‪ ،‬وهذا‬
‫أول الكالم على هذه األربعة‪.‬‬
‫وبدأ بالمطلق‪ ،‬وسمي مطلقا؛ ألنه لم يقيد بأداة بخالف غيره‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫المصدر اسم ما سوى الزمان من‪ ...‬مدلوَلي الفعل كأْم ٍن ِم ْن َأِمن‬
‫مدلوال الفعل‪ :‬هما الحدث والزمان‪ ،‬والمصدر هو اسم الحدث‪ ،‬وهو معنى قوله‪" :‬اسم ما سوى‬
‫الزمان من مدلولي الفعل"‪.‬‬
‫فإن ما سوى الزمان من مدلوليه هو الحدث "كأمن من أمن"‪.‬‬
‫قال‪" :‬أمن" فعل يدل على حدث وزمان‪ ،‬واألمن اسم لذلك الحدث‪ ،‬فهو مصدر‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬هل المفعول المطلق والمصدر مترادفان؟‬
‫قلت‪ :‬ال‪ ،‬بل بينهما عموم من وجه وخصوص من وجه‪ .‬فقد يكون المفعول "المطلق" غير‬
‫مصدر‪ ,‬بل "جاريا" مجراه كاسم المصدر واآللة‪ ,‬وغير ذلك مما سيذكر‪.‬‬
‫وقد يكون المصدر غير مفعول مطلق نحو‪" :‬يعجبني ذهابك"‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫بمثله أو فعل أو وصف ُنصب‪............................‬‬
‫مثال نصبه‪ ،‬أي‪ :‬بمصدر‪ ،‬قوله تعالى‪َ{ :‬فِإَّن َج َه َّن َم َج َز اُؤ ُك ْم َج َز اًء َم ْو ُفوًر ا}‪.‬‬
‫ومثال نصبه بفعل‪َ{ :‬و َك َّلَم ُهَّللا ُموَس ى َت ْك ِليًما}‪.‬‬
‫ومثال نصبه بوصف‪َ{ :‬و الَّذ اِر َياِت َذ ْر ًو ا}‪.‬‬
‫وينبغي أن يحمل قوله‪" :‬بمثله" على المماثل في المعنى؛ ليشمل نحو‪" :‬يعجبني إيماُنك‬
‫تصديًقا"‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫‪ ..................‬وكونه أصال لهذين انُتخب‬
‫أي‪ :‬وكون المصدر أصال للفعل والوصف‪ ،‬هو المختار‪ ،‬فالفعل والوصف مشتّقاِن منه‪ ,‬وهو‬
‫مذهب البصريين‪ ,‬وخالف بعضهم في الوصف فجعله مشتقا من الفعل‪ ,‬فهو فرع الفرع‪.‬‬
‫ومذهب الكوفيين أن الفعل هو األصل‪ ،‬والمصدر مشتق منه‪.‬‬
‫وزعم ابن طلحة أن الفعل والمصدر أصالن‪ ،‬وليس أحدهما مشتقا من اآلخر‪.‬‬
‫والصحيح مذهب البصريين؛ ألن الفرع ال بد فيه من معنى األصل وزيادة‪ ،‬والفعل يدل على‬
‫الحدث والزمان""‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫توكيدا أو نوعا ُيبين أو عدد‪ُ ...‬ك سرُت َس ْيرتين َس ْير ذي َر َش د‬
‫المصدر‪ :‬يؤتى به مع ناصبه "لثالث" فوائد‪:‬‬
‫األولى‪ :‬توكيده نحو‪ِ" :‬س ْر ُت سيرا" ويسمى المبهم‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬بيان عدده نحو‪" :‬سرت سيرتين" ويسمى المعدود‪.‬‬
‫والثالثة‪ :‬بيان نوعه‪ ,‬ويسمى المختص‪.‬‬
‫واختصاصه إما بإضافة نحو‪" :‬سرت سير ذي َر َش د"‪ ,‬وإما بنعت نحو‪" :‬سيًر ا شديًد ا"‪ ,‬وإما‬
‫"بأل" نحو‪" :‬سرت السير" أي‪ :‬السير الذي تعرفه‪ ،‬كذا قسم بعضهم‪.‬‬
‫والظاهر أن المعدود مندرج تحت المختص‪ ,‬كما َفَع َل في التسهيل‪.‬‬
‫فالمصدر "على هذا قسمان"‪ :‬مبهم ومختص‪.‬‬
‫والمختص قسمان‪ :‬معدود وغير معدود‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫وقد ينوب عنه ما عليه دل‪ ...‬كِجَّد كل الجد وافرح الجَذ ل‬
‫المصدر ضربان‪ :‬مؤكد ومبين كما سبق‪.‬‬
‫أما المؤكد‪ ,‬فينوب عنه أحد ثالثة أشياء‪:‬‬
‫األول‪" :‬مرادفه" نحو‪" :‬قعدت جلوًسا"‪.‬‬
‫وظاهر كالم المصنف أن نصبه بالفعل المذكور وهو مذهب المازني‪ ،‬ونقل عن الجمهور أن‬
‫ناصبه فعل من لفظه مقدر‪.‬‬
‫الثاني‪" :‬مالق" في االشتقاق نحو‪َ{ :‬و ُهَّللا َأْن َب َت ُك ْم ِمَن اَأْلْر ِض َن َب اًت ا}‪.‬‬
‫ذكره الشارح‪ ,‬فعلى هذا ناصبه "الفعل" المذكور وهو مذهب المازني أيضا‪ ،‬ومذهب الجمهور‬
‫أن ناصبه مقدر كما سبق‪.‬‬
‫وزعم ابن خروف أنه مذهب سيبويه‪ ،‬وفصل بعضهم بين المرادف نحو‪:‬‬
‫"قعدت جلوًس ا" فنصبه بالظاهر‪ ،‬وبين "المالقي" نحو‪" :‬أنبتكم من األرض نباًت ا" فنصبه‬
‫بالمقدر وهو قول حسن‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬اسم مصدر غير علم نحو‪" :‬اغتسلت ُغ سال"‪.‬‬
‫وأما المبين‪ ,‬فينوب عنه أحد ثالثة عشر شيئا‪:‬‬
‫األول‪ :‬نوع‪ ،‬نحو‪"" :‬رجع" القهقرى"‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬وصف‪ ،‬نحو‪َ{ :‬و اْذ ُك ْر َر َّب َك َك ِثيًر ا}‪.‬‬
‫ومذهب سيبويه في هذا ونحوه أنه حال‪.‬‬
‫والثالث‪" :‬هيئة" نحو‪" :‬يموت الكافر ميتَة سوء"‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬آلة‪ ،‬نحو‪" :‬ضربته سوطا"‪ ,‬وهو مطرد في "آلة" الفعل دون غيرها‪ ,‬فال يجوز‪:‬‬
‫"ضربته خشبة"‪.‬‬
‫والخامس‪ :‬كل‪ ،‬نحو‪َ{ :‬فاَل َت ِميُلوا ُك َّل اْلَم ْي ِل }‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬بعض‪ ،‬نحو‪" :‬ضربته بعض الضرب"‪.‬‬
‫والسابع‪ :‬ضمير‪ ،‬نحو‪{ :‬اَل ُأَع ِّذ ُبُه َأَح ًد ا ِمَن اْلَع اَلِميَن }‪.‬‬
‫والثامن‪ :‬اسم اإلشارة‪ ،‬نحو‪" :‬ضربته ذلك الضرب"‪.‬‬
‫قال في شرح التسهيل‪ :‬وال بد من جعل المصدر تابعا "له"‪ ,‬وظاهر كالم سيبويه أن ذلك ال‬
‫يشترط‪.‬‬
‫والتاسع‪ :‬وقت‪ ،‬كقوله‪:‬‬
‫ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا‪...........................‬‬
‫أي‪ :‬اغتماض ليلة أرمد‪ ,‬وهو عكس‪" :‬فعلته طلوَع الشمس"‪ ،‬إال أنه قليل‪.‬‬
‫والعاشر‪" :‬ما" االستفهامية‪ ،‬نحو‪" :‬ما تضرُب زيدا"‪.‬‬
‫والحادي عشر‪" :‬ما" الشرطية‪ ،‬نحو "ما شئَت فقم"‪.‬‬
‫ذكر هذه األحد عشر في التسهيل‪.‬‬
‫والثاني عشر‪ :‬المرادف‪ ،‬نحو‪" :‬افرِح الجذل" والخالف في ناصبه كما تقدم‪.‬‬
‫والثالث عشر‪ :‬العدد‪ ،‬نحو‪" :‬ضربته ثالثين ضربة"‪.‬‬
‫وزاد بعض المتأخرين اسم المصدر العلم‪ ,‬نحو‪َ" :‬ب ّر َب َّر ه وَفَج ر فَج اِر "‪ ,‬وفي شرح التسهيل‪ :‬أن‬
‫اسم المصدر "العلم" ال يستعمل مؤكدا وال مبنيا‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫وما لتوكيد َفَو ِّح ْد أبدا‪......................‬‬
‫ألنه بمنزلة تكرير الفعل‪ ،‬والفعل ال يثنى وال يجمع‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫‪ ......................‬وَث ِّن واجمْع غيره وَأْف ِر دا‬
‫هو المختص معدودا كان‪ ,‬أو غير معدود‪.‬‬
‫أما المعدود‪ ,‬فال خالف في جواز تثنيته "وجمعه" قياسا‪.‬‬
‫وأما غيره من المختص‪ ,‬ففي تثنيته وجمعه خالف؛ منهم من قاسه الختالف أنواعه‪ ،‬ومنهم من‬
‫لم يقسه وهو مذهب سيبويه‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫وحذف عامل المؤكد امتنع‪...........................‬‬
‫قال في شرح الكافية‪ :‬ألن المصدر "المؤكد" يقصد بتقوية عامله وتقرير معناه‪ ،‬وحذفه مناٍف‬
‫لذلك وقد ُنوزع في هذا‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫‪ ....................‬وفي سواُه لدليل متسع‬
‫ال خالف في جواز حذف عامل المصدر المختص‪ ,‬معدودا كان أو غير معدود‪ ,‬إذا دل عليه‬
‫دليل‪ ،‬نحو‪" :‬بلى ضربتين‪ ,‬أو ضربا شديدا" في جواب‪" :‬ما ضربت"؟‬
‫وقد يجب الحذف‪ ,‬وذلك إذا كان المصدر بدال من اللفظ بفعله‪ ،‬وقد نبه على ذلك بقوله‪:‬‬
‫والحذف حتم مع آٍت َب َد ال‪ ...‬من ِفْع له كَن ْد ال الَّلْذ كاْن ُد ال‬
‫أي‪ :‬وحذف العامل واجب مع المصدر "آت" بدال من فعله‪ ,‬كقول الشاعر‪:‬‬
‫على حين ألهى الناس ُجُّل أمورهم‪ ...‬فنداًل زريق المال ندل الثعالب‬
‫فنداًل نائب عن أندل‪.‬‬
‫وإنما وجب حذف عامله؛ لئال يجمع بين البدل والمبدل منه‪ ،‬يقال‪ :‬ندل الشيء‪ ،‬إذا اختطفه‬
‫بسرعة‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫وما لتفصيل كإما َم َّن ا‪ ...‬عامله يحذف حيث َع َّن ا‬
‫إذا قصد بالمصدر تفصيل عاقبة ما قبله‪ ,‬وجب حذف عامله كقوله تعالى‪َ{ :‬فُشُّد وا اْلَو َث اَق َفِإَّما‬
‫َم ًّن ا َب ْع ُد َو ِإَّما ِفَداًء} أي‪ :‬فإما تمنون منا‪ ,‬وإما تفادون فداء‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫كذا مكَّر ر وذو حصر ورد‪ ...‬نائب فعل السم عين اسُتند‬
‫إذا ناب المصدر عن خبر اسم عين بتكرير نحو‪" :‬زيد سيًر ا سيًر ا"‪ ,‬أو حصر نحو‪" :‬إنما أنت‬
‫سيًر ا" وجب حذف عامله‪ ,‬وجعل التكرير عوضا من إظهاره وأقيم الحصر مقام التكرير‪ .‬فلو‬
‫لم يكن مكررا وال محصورا جاز اإلضمار واإلظهار‪ ،‬نحو‪" :‬زيد سيًر ا وزيد يسير سيًر ا"‬
‫احترز باسم العين‪ ،‬من اسم المعنى نحو‪" :‬أمُر ك سير سير"‪ ,‬فإن المصدر يرفع ويجعل خبره‪.‬‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫ومنه ما يدعونه مؤِّك دا‪ ...‬لنفسه أو غيره‪.........‬‬
‫أي‪ :‬ومن الواجب حذف عامله‪ ،‬قسم يسميه النحويون مؤكدا‪ ,‬وهو نوعان‪:‬‬
‫مؤكد لنفسه‪ ،‬وهو الواقع بعد جملة هي نص في معناه‪ ،‬وسمي بذلك ألنه بمنزلة "إعادة"‬
‫الجملة‪ ،‬فكأنه نفسها‪.‬‬
‫ومؤكد لغيره‪ :‬وهو الواقع بعد جملة صائرة به نصا‪ ،‬وسمي بذلك ألنه أثر في الجملة فكأنه‬
‫غيره؛ ألن المؤِّث ر غير "المؤَّث ر"‪.‬‬
‫"فمثل" "المبتدأ" به‪ ,‬وهو المؤكد لنفسه بقوله‪:‬‬
‫نحو له علَّي ألٌف ُعْر ًف ا‪....................‬‬
‫أي‪ :‬اعتراًفا‪.‬‬
‫ومثل "والثان" بقوله‪:‬‬
‫‪ .....................‬كابني أنت حقا ِص ْر فا‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫كذاك ذو التشبيه بعد جمله‪ ...‬كلي بًك ا بكاَء ذات ُعْض َله‬
‫من الملتزم إضمار ناصبه المصدر المشبه به‪ ,‬بخمسة شروط‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون بعد جملة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن تكون حاوية معناه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن تكون "حاوية فاعله"‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن يكون ما اشتملت عليه الجملة غير صالح للعمل‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أن يكون المصدر مشعرا بالحدوث‪.‬‬
‫مثال ذلك قولهم‪" :‬له صوٌت صوَت حمار" فهذا قد استوفى الشروط؛ ألن له صوت جملة‪ ،‬وقد‬
‫اشتملت على معنى المصدر‪ ،‬وهو "صوت" وعلى فاعله‪ ,‬وهو "الهاء" في "له"‪ ,‬وال صالحية‬
‫في المصدر الذي اشتملت عليه للعمل؛ ألن "شرط" إعمال "المصدر" غير الواقع بدال من أن‬
‫يقدر بالفعل وحرف مصدري‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬صوت حمار" مشعر بالحدوث‪ ،‬فالناصب فعل واجب اإلضمار‪ ،‬ومثله بقوله‪" :‬لي بكا‬
‫بكاء ذت عضله"‪.‬‬
‫فلو "كان" بعد مفرد‪ ,‬لم يُج ز النصب نحو‪" :‬صوته صوت حمار" ولو لم‬
‫"يشتمل" على معنى المصدر لم يصّح ‪ ،‬ولو لم يشتمل على فاعله ضعف النصب نحو‪" :‬في‬
‫الدار صوٌت "صوُت " حمار" و"صراخ "صراخ" "ثكلى"‪ ,‬ولم يمتنع ألنك إذا قلت‪" :‬فيهما"‬
‫صوت علم أن فيها مصوتا "صوت حمار"‪.‬‬
‫ولو كان ما اشتملت عليه صالحا للعمل نحو‪" :‬هو مصوت صوَت حمار"‪ ,‬فإنه ينتصب‬
‫بمصوت ال بمحذوف‪ ،‬ولو لم يكن المصدر مشعرا بالحدوث لم ينصب نحو‪" :‬له ذكاٌء ذكاُء‬
‫الحكماء"‪.‬‬
‫ألن صوتا ونحوه‪ ،‬إنما انُت صب لكون ما قبله بمنزلة يفعل‪ ,‬مسندا إلى فاعل‪ .‬فقولك‪" :‬له‬
‫صوت" بمنزلة "يصوت"‪ ،‬وليس قولك‪" :‬له ذكاء" بمنزلة "هو يفعل"‪ ,‬وإنما "أخبرت" بأنه ذو‬
‫ذكاء‪" ,‬فتنزل" ذلك منزلة قولك‪" :‬له يٌد يُد أسد" وهللا أعلم‪.‬‬
‫المفعول له‪:‬‬
‫ُينصب مفعوال له المصدر إن‪ ...‬أبان تعليال "كُج ْد ُشكًر ا َو ِدن‬
‫"المفعول" له‪ :‬هو علة الفعل‪ ،‬ولجواز نصبه شروط‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون مصدرا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن يتحد وقته ووقت عامله‪ ،‬وهو المعلل به‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬أن يتحد فاعلهما‪ ,‬ولو تقديرا‪.‬‬
‫فمثال ما استوفى الشروط‪" :‬ضربته تأديًبا" و"ُج ْد شكًر ا"‪.‬‬
‫ومثال اتحاد فاعلهما تقديرا‪ :‬قوله تعالى‪ُ{ :‬يِر يُك ُم اْلَب ْر َق َخ ْو ًفا َو َط َم ًع ا} ؛ ألن معنى يريكم‪:‬‬
‫يجعلكم ترون‪.‬‬
‫وفي بعض هذه الشروط خالف‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫وإن شرٌط ُفقد‪ ...‬فاجرْر ه بالالم‬
‫أي‪ :‬إذا فقد شرط من الشروط الثالثة‪ ,‬وجب جر ما علل به الحرف الدال على التعليل‪ ،‬وهو‬
‫الالم أو ما يقوم مقامها وهو "من و"في" والباء"‪ ,‬فتقول‪" :‬جئت للمال"؛ ألنه ليس بمصدر‪،‬‬
‫و"جئت أمس إلكرامك غًد ا" الختالف الزمان‪ ,‬و"أحسنت إليك إلحسانك إلَّي "؛ الختالف‬
‫الفاعل‪.‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫وليس َي متنع‪ ...‬مع الشروط‬
‫يعني‪ :‬أنه ال يمتنع جره بالحرف مع استيفائه للشروط نحو‪" :‬قنع هذا للزهد"‪" ,‬فإن هذه‬
‫الشروط" ليس اجتماعها موجبا للنصب‪ ,‬بل مسوغ له‪.‬‬
‫ثم هو بعد ذلك على ثالث مراتب‪ :‬راجح النصب‪ ،‬وراجح الجر‪ ،‬ومستٍو فيه األمران‪.‬‬
‫فأشار إلى األول بقوله‪:‬‬
‫وقّل أن يصحبها المجرد‬
‫يعني‪ :‬أن المجرد من أل واإلضافة يترجح نصبه‪ ،‬وقل أن يصحب الحرف‪ ,‬فقوله‪" :‬ضربته‬
‫تأديًبا" أرجح من قولك‪"" :‬ضربته" "لتأديب"" ومنع الجزولي جر المجرد‪ .‬قيل‪ :‬ولم يقل به‬
‫غيره‪.‬‬
‫وأشار إلى الثاني بقوله‪:‬‬
‫والعكس في مصحوب أل‬
‫يعني‪ :‬أن األرجح في مصحوب "أل" جره بالحرف‪ ,‬فقولك‪" :‬ضربته للتأديب" أرجح من قولك‪:‬‬
‫""ضربته" التأديب"‪.‬‬
‫ثم ذكر شاهد نصب مصحوب "أل" من كالم العرب‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫ال أقعُد الجبَن عن الَه ْي َج اء‪ ...‬ولو توالت ُز َم ر األعداء‬
‫وسكت عن المضاف فلم يعُز ه إلى راجح النصب‪ ,‬وال إلى راجح الجر‪.‬‬
‫فعلم أنه يستوي فيه األمران نحو‪" :‬جئُتَك ابتغاَء الخيِر ‪ ،‬والبتغاِء الخيِر "‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫إذا دخلت "أل" على المفعول له‪ ،‬أو ُأضيف إلى معرفة َت َع َّر َف "بأل" "أ"‪ ,‬وباإلضافة خالفا‬
‫للرياشي والجرمي والمبرد في قولهم‪ :‬إنه ال يكون إال نكرة وإن "أل" فيه زائدة‪ ،‬وإضافته غير‬
‫محضة‪.‬‬
‫فإن قلت‪ :‬هل يجوز تقديم المفعول له على عامله؟‬
‫قلت‪ :‬هو جائز سواء كان منصوبا‪ ,‬أو مجرورا‪.‬‬
‫وهو مستفاد من قوله‪ :‬كلزهد ذا قنع‪ ,‬فمثل به "مقدما"‪ ،‬وهللا اعلم‬

You might also like