You are on page 1of 14

16 1931 - 3399 ‫ردمد‬/ 1027 : ‫ اجلزء األول‬، ‫جملة صوت القانون العدد السابع‬

‫أهمية الرقمنة اإلدارية في عصرنة وتفعيل الخدمة العمومية بالجزائر‬


‫ عبد السالم عبد الالوي‬:/ ‫بقلم‬
‫أستاذ محاضر قسم ب‬
‫جامعة الجياللي بونعامة بخميس مليانة‬
:‫الملخص‬
‫في ظل التطور العلمي والتكنولوجي الكبير الذي يمس مختلف‬
‫ تعمل الحكومة الجزائرية على‬،‫جوانب الحياة ومنها اإلدارة العمومية‬
‫اإلرتقاء بالخدمات العمومية عبر رقمنة اإلدارة وإستخدام الوسائل‬
‫ وهذا بقصد ربح الوقت والجهد والتكلفة ومواكبة‬،‫التكنولوجية العصرية‬
،‫المتطلبات المجتمعية المتزايدة مع محاولة اللحاق بركب العالم المتطور‬
‫هذا المسعى وإن بدأت تظهر أولى الخطوات فيه من خالل رقمنة سجالت‬
‫ إضافة إلى رقمنة‬، ‫الحالة المدنية وبيومترية جواز السفر وبطاقة التعريف‬
‫ إلى أن التحدي‬،‫قطاع العدالة وبعض القطاعات األخرى كوزارة التربية‬
‫اليزال صعبا لوجود العديد من العراقيل كالمشاكل المرتبطة بشبكات‬
‫ إضافة إلى الصعوبات المرتبطة‬،‫األنترنت وشبكات األلياف البصرية‬
،‫بالمؤهالت البشرية واإلمكانيات المادية‬
With the great scientific and technological development
that affects various aspects of life, including public
administration, the Algerian government is working on improving
public services through the digitization of management and the
use of modern technological means, and the intent to gain time
and effort, cost and keep up with the growing societal
requirements with an attempt to catch up with the developed
world This end and that began the first steps which appear
through the digitization of civil status records and biometric
passport and identity card, in addition to the digitization of the
justice sector and some other sectors such as the Ministry of
Education, noted that the challenge is still difficult because there
are many obstacles Kalmhakl associated networks, the Internet
and fiber optic networks, in addition to difficulties associated with
human qualifications and physical capabilities,
‫‪16‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫مقدمة ‪:‬‬
‫تعمل الحكومة الجزائرية في اآلونة األخيرة جاهدة إلصالح اإلدارة‬
‫العمومية قصد مواجهة التحوالت الدولية وقوانين المنافسة العالمية‪ ،‬وهذا‬
‫في ظل إنتشار ثورة إلكترونية في كل القطاعات‪ ،‬تقابلها تحديات أمام‬
‫زيادة متطلبات األفراد إداريا وإقتصاديا‪ ،‬ورواج إستخدامات الرقمنة على‬
‫نطاق‪.‬‬ ‫أوسع‬
‫إن إدخال تكنولوجيا المعلومات في تسيير اإلدارات ثورة حقيقية في عالم‬
‫اإلدارة‪ ،‬مفادها تحويل األعمال والخدمات اإلدارية التقليدية إلى أعمال‬
‫وخدمات إلكترونية تعمل على حماية الكيان اإلداري واالرتقاء بأدائه‪،‬‬
‫وتحقيق االستخدام األمثل للخدمات بسرعة ودقة عالية من خالل رقمنة‬
‫كل القطاعات في كل اإلدارات‪ ،‬من أجل تبسيط اإلجراءات اإلدارية‬
‫وتمكين اإلدارات من التخطيط بكفاءة لالستفادة من متطلبات العمل في‬
‫وقت قصير وجهد بسيط وتكلفة أقل‪.1‬‬
‫وتمخض عن استعمال تكنولوجيا المعلومات في تسيير اإلدارات العديد‬
‫من المفاهيم الجديدة منها البلدية الذكية‪ ،‬الحكومة اإللكترونية‪ ،‬اإلدارة‬
‫اإللكترونية‪ ،‬التجارة اإللكترونية واالقتصاد اإللكتروني‪ ،‬وهي مصطلحات‬
‫ومفاهيم حديثة فرضت نفسها وفرضت تغييرا جذريا في ممارسة المهام‬
‫اإلدارية‪،‬‬
‫هذا مايستدعي البحث في أهمية التكنولوجيا في اإلدارة الجزائرية من‬
‫خالل البحث عن واقع الرقمنة اإلدارية بالجزائر إنطالقا من اإلشكالية‬
‫التالية‪:‬‬
‫فيما تكمن أهمية الرقمنة اإلدارية بالنسبة للخدمة العمومية بالجزائر‬
‫وماهو مستقبلها وماهي التحديات التي تواجهها؟‬

‫المحور األول ‪ :‬مفاهيم عامة حول الرقمنة اإلدارية والخدمة العمومية‬

‫أوال‪ :‬تعريف الرقمنة اإلدارية ‪ :‬كثيرا ما يتم الربط بين الرقمنة اإلدارية‬
‫واإلدارة اإللكترونية بحيث يشير الكثير من الباحثين إلى نفس المعنى‬
‫للمفهومين فالرقمنة اإلدارية هي اإلدارة اإللكترونية وتعرف بأنها‪:‬‬
‫"إستراتيجية إدارية لعصرنة المعلومات‪ ،‬تعمل على تحقيق خدمات أفضل‬
‫‪16‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫للمواطنين والمؤسسات‪ ،‬مع استغالل أمثل لمصادر المعلومات المتاحة من‬


‫خالل توظيف الموارد المادية والبشرية و المعنوية المتاحة في إطار‬
‫الكتروني حديث من اجل استغالل أمثل للوقت و المال والجهد و تحقيقا‬
‫للمطالب المستهدفة و بالجودة المطلوبة‪ ،‬كذلك عرفت اإلدارة االلكترونية‬
‫بأنها "عملية تحويل كافة األعمال والخدمات اإلدارية التقليدية إلى أعمال‬
‫وخدمات إلكترونية تنفذ بسرعة عالية ودقة متناهية وبدون استخدام الورق‬
‫‪ Management Paperless‬ومن هنا نقول أن اإلدارة اإللكترونية‬
‫تتمثل في "استغالل الوسائل اإللكترونية الحديثة في تقديم الخدمات‬
‫اإلدارية من أجل تسهيل المعامالت اإلدارية وتوفير الوقت والجهد‪ ،‬كما‬
‫يعرف بعض المختصين اإلدارة اإللكترونية‪ ،‬بأنها إدارة بال ورق ووسيلة‬ ‫ّ‬
‫لرفع أداء وكفاءة السلطة‪ ،‬وتعتمد أساسا على الوسائل التكنولوجيا ‪،2‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهداف الرقمنة اإلدارية‪:‬‬
‫تقليل كلفة اإلجراءات اإلدارية و ما يتعلق بها من عمليات‪.‬‬ ‫‪)1‬‬
‫زيادة كفاءة عمل اإلدارة من خالل تعاملها مع المواطنين و‬ ‫‪)2‬‬
‫الشركات و المؤسسات‪.‬‬
‫ّ‬
‫استيعاب عدد أكبر من العمالء في وقت واحد إذ أن قدرة اإلدارة‬ ‫‪)3‬‬
‫تضطرهم‬
‫ّ‬ ‫التقليدية بالنسبة إلى تخليص معامالت العمالء تبقى محدودة و‬
‫في كثير من األحيان إلى االنتظار في صفوف طويلة‪.‬‬
‫إلغاء عامل العالقة المباشرة بين طرفي المعاملة أو التخفيف منه‬ ‫‪)4‬‬
‫إلى أقصى حد ممكن مما يؤدي إلى الحد من تأثير العالقات الشخصية و‬
‫النفوذ في إنهاء المعامالت المتعلقة بأحد العمالء‪.‬‬
‫القضاء على البيروقراطية بمفهومها الجامد و تسهيل تقسيم العمل‬ ‫‪)5‬‬
‫و التخصص به‪.‬‬
‫التأكيد على مبدأ الجودة الشاملة بمفهومها الحديث‪.‬‬ ‫‪)6‬‬
‫إلغاء نظام األرشيف الوطني الورقي و استبداله بنظام أرشفة‬ ‫‪)7‬‬
‫الكتروني مع ما يحمله من ليونة في التعامل مع الوثائق والمقدرة على‬
‫تصحيح األخطاء الحاصلة بسرعة و نشر الوثائق ألكثر من جهة في أقل‬
‫وقت ممكن و االستفادة منها في أي وقت كان ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تعريف الخدمة العمومية هي الخدمات التي تقدمها الحكومة‬
‫للمواطنين ضمن نطاق سلطتها‪ ،‬إما بشكل مباشر من خالل القطاع العام‬
‫‪16‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫أو عن طريق تنظيم تقديم الخدمات‪ ،‬كما تعرف الخدمات العموميّة على‬
‫سسات العموميّة للعموم أو جهة معيّنة تحت‬ ‫أنها ك ّل خدمة تقدّمها المؤ ّ‬
‫إشراف الدولة ورقابتها وهي تهدف إلى المنفعة العا ّمة مثل المحافظة على‬
‫الممتلكات أو الدفع بالحركيّة اإلقتصادية أو المصالح الحياتيّة للمواطنين‪،‬‬
‫سمة حسب اختصاصاتها وهنا يمكن ذكر‬ ‫سسات العموميّة مق ّ‬ ‫لذلك ّ‬
‫فإن المؤ ّ‬
‫البعض منها وبعض الخدمات التي تقدّمها‪3.‬‬
‫وهي أيضا جميع أنواع الخدمات التي من غير الممكن إستغاللها إال في‬
‫إطار جماعي‪ ،‬تتوفر بشكل إجباري وفق قاعدة المساواة والتي ينص‬
‫عليها القانون ‪ ،‬ويكون من الضروري إستغاللها بمعزل عن قواعد‬
‫السوق‪ ،‬تتحمل الدولة مسؤولية توفيرها والقيام بها‪ ،‬من حيث أدائها‬
‫ومراقبتها‪ ،‬وتعتبر الخدمات العامة مهمة ألسباب وطنية قد ترتبط‬
‫بأساسيات ضمان الدولة لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أنواع الخدمة العمومية‬
‫تضم الخدمة العمومية مجموعة كبيرة وغير متجانسة للخدمات الجماعية‬
‫‪ ،‬المنظمة من طرف الدولة يمكن حصرها في مجموعة الخدمات التالية ‪:‬‬
‫الخدمات اإلدارية ‪ :‬مثال خدمة الحالة المدنية بالبلديات ‪...،‬‬
‫الخدمات اإلجتماعية والثقافية ‪ :‬مثال خدمة التمدرس اإللزامي ‪ ،‬الخدمات‬
‫‪...‬‬ ‫‪،‬‬ ‫الصحية‬
‫الخدمات الصناعية والتجارية ‪ :‬مثال خدمة مؤسسة المياه ‪ ،‬خدمة مؤسسة‬
‫‪....‬‬ ‫‪،‬‬ ‫والغاز‬ ‫الكهرباء‬
‫ومن ثم فإننا يمكن أن نميز من ناحية ثانية بين ثالثة أنواع من الخدمات‬
‫العمومية وفق التصنيفات التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬من حيث طبيعة الخدمة المقدمة ‪:‬نجد صنفان ‪ ،‬خدمة فردية وخدمة‬
‫جماعية ‪.‬‬
‫‪ .2‬من حيث طبيعة إستهالك الخدمة ‪ :‬نجد صنفان ‪ ،‬خدمة ذات إستهالك‬
‫إجباري وخدمة ذات إستهالك اختياري‪4‬‬
‫‪ .3‬من حيث طريقة تحمل تكلفة الخدمة ‪ :‬نجد في هذه الحالة ثالثة‬
‫أصناف من الخدمات ‪:‬‬
‫أ‪ -‬خدمة مجانية‪ ( :‬تقدم دون مقابل ‪ ،‬تتحمل تكلفتها كليا الخزينة العمومية‬
‫للدولة ) مثال حمالت التلقيح ‪ ،‬األمن العمومي ‪ ،‬اإلنارة العمومية ‪...‬الخ‬
‫‪16‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫ب ‪ -‬خدمة بالمقابل‪ ( :‬يتحمل تكلفتها كليا وبشكل مباشر المستفيد منها )‬


‫مثال الكهرباء المنزلية‬
‫الهاتف العمومي‪ ،‬الماء الشروب ‪...‬الخ‪.‬‬
‫ج‪ -‬خدمة مدعمة‪( :‬يتحمل تكلفتها جزئيا المستفيد منها والباقي دعم‬
‫حكومي لها) مثال النقل العمومي‪،‬‬
‫السكن ‪ ،‬السلع اإلستهالكية األساسية كمادة الحليب والخبز ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫كما يذهب البعض إلى تصنيف الخدمة العمومية إلى صنفين وفق المعيار‬
‫التسويقي ‪:‬‬
‫الصنف األول ‪ :‬يتمثل في الخدمات غير المسوقة ‪marchand non‬‬
‫المقدمة والمفروضة على الجميع ( مواطنين ومقيمين)‪ ،‬من قبل القوة‬
‫العمومية‪ ،‬والحصول عليها مجاني‪ ،‬وإنتاجها يمول بواسطة أموال‬
‫عمومية مغذاة من اإليرادات العامة للدولة (من الحصيلة الجبائية‬
‫خصوصا)‪.‬‬
‫مثال‪ :‬األمن‪ ،‬الدفاع ‪ ،‬خدمات البلدية ‪ ،‬اإلنارة العمومية ‪ ،‬النظافة العمومية‬
‫‪ ،‬حماية البيئة‪...‬الخ‬
‫الصنف الثاني‪ :‬يتمثل في الخدمات المسوقة والمقدمة لألفراد بشكل‬
‫اختياري‪ ،‬وطريقة الحصول عليها بمقابل يغطي إجمالي تكلفة الخدمة‬
‫المقدمة ( مثال‪ :‬الكهرباء‪ ،‬الغاز‪ ،‬الماء‪...،‬الخ ) ‪ ،‬أو تكون مدعمة جزئيا‬
‫من الخزينة العمومية ( مثال‪ :‬نقل عمومي‪ ،‬سلع وخدمات‪ ،‬تذكرة الدخول‬
‫للمتحف والمالعب‪...،‬إلخ‪5‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬رهانات الرقمنة و العصرنة في اإلدارة العمومية‬
‫بالجزائر‬
‫أوال‪ :‬رقمنة اإلدارة العمومية الجزائرية من خالل البرنامج الخماسي‬
‫‪ .0202-0202‬يعتبر البرنامج الخماسي ‪ 2214-2212‬برنامجا ً‬
‫ورصد له مبلغ ‪ 682‬مليار‬ ‫طموحا ً أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة‪ُ ،‬‬
‫دوالر وذلك لإلرتقاء بالجزائر إلى مصاف الدول الراقية‪ .‬وقد شمل هذا‬
‫البرنامج مختلف المجاالت واألصعدة على المستوى اإلداري واإلجتماعي‬
‫واإلقتصادي والبشري‪ ،‬وقد كان لإلدارة العمومية نصيبها من هذا‬
‫البرنامج سعيا ً إلى رقمنتها وعصرنتها من أجل التكفل األفضل بإحتياجات‬
‫المواطن وبالتالي ضمان أكبر قدر من التطور واإلستقرار واإلنسجام‬
‫‪11‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫اإلجتماعي‪ ،‬لذا كان على اإلدارة العمومية السهر على تقديم خدمة‬
‫عمومية ذات نوعية وسريعة وجيدة مع الحرص على إحترام وتقدير‬
‫المواطنين سعيا ً لتطوير سبل التواصل والحوار بين اإلدارة العمومية‬
‫والمواطنين‪،‬‬
‫وتعتبر عملية تخفيف اإلجراءات اإلدارية وتقريب اإلدارة من المواطن‬
‫ضمن الورشات الكبرى التي باشرت فيها الدولة‪.‬‬
‫ولتحسين الخدمات وتخفيف اإلجراءات اإلدارية‪ ،‬اتخذت السلطات‬
‫العمومية جملة من التدابير من شأنها أن تسمح بتسهيل األمور للمواطن‬
‫و رفع العوائق البيروقراطية من أجل تقليص الشرخ الموجود بين اإلدارة‬
‫والمواطن‪ ،‬ومن أجل ذلك تم الشروع في وضع عدة آليات لتطوير اإلدارة‬
‫وتكييفها مع التقدم التكنولوجي‪ ،‬وهي ديناميكية أطلقت قبل عدة أشهر‪،‬‬
‫على غرار رقمنة سجل الحالة المدنية‪ ،‬حيث انطلقت عملية تجريبية على‬
‫مستوى بلديتي حسين داي وباب الواد بالجزائر العاصمة قبل تعميمها‬
‫تدريجيا على كامل التراب الوطني‪ ،‬كما وضعت الدولة الخطوة األولى‬
‫في طريق العصرنة بافتتاح أول بلدية الكترونية بالجزائر‪ ،‬بالمقر الفرعي‬
‫اإلداري لحي ‪ 522‬مسكن بباتنة‪.6‬‬
‫فالبلدية االلكترونية المرتكزة أساسا على التكنولوجيات الحديثة لإلعالم‬
‫واالتصال‪ ،‬ستسمح بسحب الوثائق اإلدارية خالل ثوان فقط‪ ،‬على مستوى‬
‫الشباك االلكتروني‪ .‬وهي تقنية تجسد أيضا إمكانية إعداد وتسليم الوثائق‬
‫على مستوى فروع البلدية‪ ،‬دون أن يضطر المواطن للتنقل إلى مقر‬
‫الحالة المدنية الرئيسي بالبلدية كما هو عليه الحال اآلن‪.‬‬
‫إن لجوء الدولة إلى اإلدارة الذكية سيخلص _ال محالة _من الممارسات‬
‫السلبية كالبيروقراطية والرشوة والفساد اإلداري‪ ،‬وفي اإلطار كان وزير‬
‫الداخلية والجماعات المحلية‪ ،‬نور الدين بدوي‪ ،‬قد أكد على أن الحكومة‬
‫تهدف إلى إدارة إلكترونية عصرية سريعة مبنية على تكنولوجيات‬
‫اإلعالم واالتصال‪ ،‬مشيرا إلى فتح ورشة جديدة لتفعيل اإلدارة‬
‫اإللكترونية على جميع المستويات‪ ،‬ويكفي المواطن بطاقة التعريف‬
‫البيومترية ورقمه الوطني لحل جميع مشاكله‪ , 7‬وفي هذا السياق‪ ،‬إتخذت‬
‫وزارة الداخلية عديد اإلجراءات في سبيل تقديم خدمة عمومية نوعية‬
‫للمواطنين‪ ،‬الذين أصبح بإمكانهم استخراج جميع الوثائق المتعلقة بالحالة‬
‫‪16‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫غض النظر عن البلدية التي ُولدوا فيها‪،‬‬‫المدنية من أقرب بلدية ممكنة ب ّ‬


‫زيادة على بطاقات التعريف وجوازات السفر البيومترية‪ ،‬وهذه العملية‬
‫إستأصلت الطوابير التي كانت تشهدها الدوائر والبلديات على حد سواء‪.8‬‬
‫ولم يقتصر تعميم اإلدارة اإللكترونية على البلديات والجماعات المحلية‪،‬‬
‫حيث عرف قطاع العدالة في الجزائر قفزة نوعية في مجال تحسين‬
‫الخدمة العمومية من خالل عمليات العصرنة التي شملته‪ ،‬حيث يعد نظام‬
‫اإلمضاء والتصديق اإللكتروني للوثائق القضائية بمثابة ثورة حقيقية في‬
‫مجال القضاء وتحسين الخدمة العمومية للمواطن‪ ،‬الذي أصبح في إمكانه‬
‫الحصول على شهادة الجنسية وشهادة السوابق العدلية عبر البريد‬
‫اإللكتروني فقط‪ ،‬وفي سياق الخدمة العمومية‪ ،‬تعمل وزارة التربية‬
‫الوطنية هي األخرى مثل باقي القطاعات الوزارية على رقمنة القطاع‬
‫الخاص بالتالميذ والمستخدمين والهياكل التربوية‪ ،‬حيث شرعت في‬
‫العملية منذ شهور‪ ،‬والعملية ال تزال متواصلة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية الرقمنة اإلدارية في عصرنة الخدمات العمومية‪ :‬إن‬
‫االهتمام بالتكنولوجيا سيعطي اإلدارة دفعة قوية لتنظيم وترشيد أعمالها‬
‫حيث يرى العديد من الخبراء االقتصاديين‪ ،‬أن عصرنة اإلدارة تحمل‬
‫أبعادا اقتصادية‪ ،‬حيث أن األموال الهائلة التي كانت تخصص سابقا‬
‫القتناء الورق يمكن أن توظف لجوانب أخرى يحتاجها المواطن في مجال‬
‫التنمية‪ ، . 9‬وفي هذا الشأن‪ ،‬يقول الخبير االقتصادي والوزير األسبق‬
‫بشير مصيطفى‪" ،‬أن تنمية مجال تكنولوجيا المعلومات واالتصال‬
‫واستخدامها بشكل فعال سيدفع نحو الدخول إلى إدارة فعالة قوية لتنظيم‬
‫وترشيد أعمالها" كما أشار أيضا " أن اإلدارة اإللكترونية وتعميمها في‬
‫كل القطاعات اإلدارية أصبح ضرورة ال مهرب منها‪ ،12‬وسيكون لهما‬
‫أثر إيجابي على حياة المواطن وعلى مسار التنمية االجتماعية‬
‫واالقتصادية للبالد‪ ،‬السيما في ظل التطورات التكنولوجية الهائلة‬
‫والسريعة التي يشهدها العالم‪ ،‬مضيفا أن هذا التوجه بات ضروريا لتهيئة‬
‫‪.‬‬ ‫قوية"‪11‬‬ ‫جزائرية‬ ‫إدارة‬ ‫لبناء‬ ‫الظروف‬
‫ويرى ذات الخبير‪ ،‬أن الهدف المتوخى من عصرنة ورقمنة اإلدارة هو‬
‫الوصول إلى إدارة إلكترونية‪ ،‬إلى جانب تسهيل حصول المواطن على‬
‫‪16‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫وثائقه في وقت زمني وجيز‪ ،‬وبالمقابل يقول ذات الخبير " البد أن يكون‬
‫المتعاملون والمواطنون قادرين على استخدام التقنيات الحديثة"‪.‬‬
‫وبلغة األرقام‪ ،‬فإن نسبة تغطية البلديات المقدرة بـ‪ 1541‬بلدية بالوسائل‬
‫التكنولوجية قدر في البلديات الكبرى بـ‪ %92‬خاصة في العاصمة‬
‫والواليات المجاورة لها‪ ،‬وبالنسبة للبلديات النائية توجد وسائل تعرقل‬
‫العملية منها خطوط اإلنترنت‪.12‬‬
‫ثالثا‪ :‬نماذج من الرقمنة اإلدارية "نموذج والية الجزائر"‪ :‬تعتزم والية‬
‫الجزائر العاصمة‪ ،‬منذ بداية مخططها للعصرنة واالرتقاء لمصاف‬
‫عواصم دول البحر المتوسط‪ ،‬إلى توسعة مجاالتها المختلفة بين تهيئة‬
‫نسيجها العمراني وتوسعة شبكة النقل والنهوض بالجانب االقتصادي‬
‫واالجتماعي للمنطقة‪ ،‬وكذا تطوير وتحسين وتسريع المردودية في أداء‬
‫الخدمات وعصرنة اإلدارة من خالل تعميم استعمال تكنولوجيا اإلعالم‬
‫واالتصال بالبلديات والدوائر االدارية‪ ،‬بهدف تقريب اإلدارة من المواطن‬
‫وتقديم خدمة نوعية للقضاء على البيروقراطية والمحسوبية‪ ،‬من أجل‬
‫إنشاء "اإلدارة الذكية" التي تسعى وزارة الداخلية إلنشائها وتعميمها على‬
‫باقي واليات الوطن في أسرع وقت ممكن‪.13‬‬
‫إن تجسيد برنامج وزارة الداخلية والجماعات المحلية الخاص برقمنة‬
‫الخدمات اإلدارية بالبلديات والدوائر االدارية للجزائر العاصمة‪ ،‬بدأ‬
‫بالفعل من خالل توفير الوسائل التكنولوجية واللوجيستيكية الالزمة في‬
‫عملية االتصال والتواصل بين اإلدارة والمواطن إلنشاء نظام اإلدارة‬
‫االلكترونية‪ ،‬ومنه ضمان توفر قنوات االتصال من حواسيب وهواتف‬
‫وشبكة أنترنت عالية التدفق واألقمار الصناعية القادرة على نقل البيانات‬
‫بشكل متبادل بين المصالح اإلدارية والمواطن‪ ،‬مرفوقة بدرجة من األمان‬
‫لحمايتها من االختراق‪ ،‬وهو ما تسعى إلنجاحه لجنة االتصال‬
‫وتكنولوجيات اإلعالم لوالية الجزائر العاصمة‪ ،‬حيث تراهن مصالح‬
‫والية العاصمة بالتنسيق مع الوزارة الوصية على تنفيذ برنامج مخطط‬
‫العصرنة القاضي في فروعه برنامج تكنولوجي‪ ،‬تسعى اللجنة الوالئية‬
‫لالتصال وتكنولوجيات اإلعالم إلى تجسيده على أرض الواقع عبر‬
‫بلديات ودوائر العاصمة‪ ،‬حيث يواجه المشروع العديد من الصعوبات‬
‫والعوائق‪ ،‬بدءا من ضيق مقرات البلديات ودوائرها‪ ،‬مرورا إلى افتقار‬
‫‪16‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫أغلبيتها لشبكة األنترنت أو انقطاعاتها المتكررة‪ ،‬وصوال إلى نقص تأطير‬


‫وتكوين العاملين‪ ،‬في حال الوصول إلى البلدية الذكية والبرنامج‬
‫التكنولوجي الذي ارتأت اللجنة إلى رسمه على أرض الواقع‪ ،‬من أجل‬
‫إلحاق عاصمة البالد بمصاف الدول المتطورة تزامنا مع اإلصالحات‬
‫التي أقرتها الوصاية منذ أزيد من سنة في ما يخص رقمنة البلديات‬
‫والمحاكم ومجالس القضاء‪ ،‬بعد أن أصبح بإمكان المواطن استخراج‬
‫شهادة الجنسية عن بعد‪ ،‬وهذا ما تسعى اللجنة إلى تحقيقه في األفق في‬
‫مجال استخراج وثائق الحالة المدنية‪ ،‬بعد تحويل البلدية الكالسيكية إلى‬
‫الذكية‪ ،‬هذه األخيرة تتواصل مع مقاطعاتها اإلدارية والوالئية عن طريق‬
‫قاعدة بيانات وشبكة األلياف البصرية‪ ،‬السيما بعد إلحاق خدمة استخراج‬
‫الوثائق البيومترية بها بعد أن كانت حكرا على الدوائر اإلدارية‪14‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬معوقات إستخدام الرقمنة في اإلدارة العمومية بالجزائر‬
‫أوال ‪ :‬مشكلة ربط اإلدارة الذكية بشبكة لأللياف البصرية من بين‬
‫المشاكل التي وقفت عليها لجنة االتصال وتكنولوجيات االعالم للمجلس‬
‫الوالئي للعاصمة مثال خالل خرجاتها الميدانية‪ ،‬افتقار أغلبية فروع‬
‫البلديات والدوائر إلى شبكة األلياف البصرية‪ ،‬كما هو حال بلدية بئر توتة‬
‫التي تضم لوحدها ما يزيد عن ‪ 72‬ألف نسمة‪ ،‬بالمقابل ملحقة واحدة‬
‫مزودتين‬
‫مربوطة بألياف بصرية‪ ،‬في حين تبقى الملحقتان األخريان غير ّ‬
‫بالشبكة‪ ،‬بالرغم من أن العملية الربط التي تقوم بها مؤسسة ”اتصاالت‬
‫الجزائر ”انطلقت منذ أزيد من سنة‪ ،‬حسب ما أكده رئيس اللجنة‪ .‬كما أن‬
‫بلدية بئر توتة ليست الوحيدة التي تعاني من هذا المشكل فغيرها الكثير‬
‫من البلديات على غرار العاشور‪ ،‬الخرايسية‪ ،‬بابا حسن‪ ،‬الدويرة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الحراش‪ ،‬براقي وغيرها‪ ،‬التي تفتقر كل ملحقاتها السبعة إلى‬
‫األلياف‪ ، 15‬ما يشكل عائقا بالنسبة للجنة في حال تم تطبيق برنامجها‬
‫التكنولوجي في إطار هذا المشروع في المستقبل القريب‪ ،‬إلى جانب‬
‫المعاناة التي يتكبدها المواطن من أجل التنقل إلى غاية البلدية األم‬
‫الستخراج وثائقه المرجوة‪ ،‬وعن سبب عدم إيصال الفروع والملحقات‬
‫بشبكة األلياف البصرية‪ ،‬فتبرأ أغلبية الرؤساء منه‪ ،‬ملقين المسؤولية على‬
‫مؤسسة ”اتصاالت الجزائر” التي كلفت بهذه المهمة‪ ،‬وكان األميار والوالة‬
‫المنتدبون قد ألصقوا في وقت سابق مشكل التأخر في ربط فروع‬
‫‪67‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫مؤسساتهم العمومية بشبكة األلياف البصرية بالمؤسسة الوصية‪ ،‬بينما‬


‫ردت مؤسسة اتصاالت الجزائر القيمة على المشروع السبب إلى مشكل‬
‫اإلمكانيات واألجهزة المستعملة لربط البلديات بفروعها التي ال تكفي‬
‫لجميعها‪ ،‬كما تحدثت عن مشاكل تقنية وأخرى تتعلق بالبلدية ومدى‬
‫دراستها للمشروع‪، 16‬‬
‫وإن كان هذا هو الحال في العاصمة التي أختيرت كنموذج فإن المشاكل‬
‫في الجزائر العميقة‪ ،‬خاصة المناطق النائية ال تنتهي بغياب أبسط مقدمات‬
‫إستخدام التكنولوجيا‪ ،‬فالكثير من المناطق تشهد إنقطاعات متكررة‬
‫للكهرباء خاصة في فصل الصيف إضافة إلى ضعف وإنعدام التغطية‬
‫بشبكات الهاتف النقال ما يدل بضرورة على ضعف األنترنت أو إنعدامه‪،‬‬
‫فالحقيقة أن التجربة الرقمية في الجزائر التزال في بدايات الطريق مع‬
‫بعض البلديات في العاصمة فقط‪.17‬‬
‫ثانيا‪ :‬مشكلة عدم توفر المعدات التكنولوجية الحديثة وسرعة تدفق‬
‫األنترنت‬
‫اليزال أغلبية سكان العاصمة محرومين من خدمة األنترنت بسبب عدم‬
‫ربط بلدياتهم بهذه الشبكة‪ ،‬على غرار بلديات بئر توتة‪ ،‬الخرايسية‪،‬‬
‫المعالمة وغيرها من البلديات شبه الريفية ‪ ،‬ما يحتم عليها إجبار المرافقين‬
‫لعملية العصرنة وربط شبكة األنترنت واأللياف البصرية‪ ،‬وكذا قاعدة‬
‫البيانات المتمثلة في مؤسسة ”اتصاالت الجزائر” تقديم خدمة نوعية‬
‫للبلديات من أجل تفادي االنقطاعات المتكررة للشبكة‪ ،‬التي تؤثر على‬
‫البرنامج من جهة وعلى المواطن من جهة أخرى‪ ،‬السيما بعد تجسيد‬
‫البرنامج الذي يعتمد بالدرجة األولى على شبكة األنترنت‪.18‬‬
‫وبحديثنا على المواقع االلكترونية التي من المفروض توفرها في كامل‬
‫البلديات‪ ،‬نجد أن ‪ 82‬بالمائة من البلديات ال تملك موقعا الكترونيا‪ ،‬أما‬
‫البلديات التي تملكه‪ ،‬فتعد على األصابع وشكلي فقط‪ ،‬فمن بين‪ 57‬بلدية‬
‫أربع أو خمس بلديات فقط تملك موقعا باستثناء بعض المبادرات‬
‫الشخصية التي يقوم بها بعض الشباب لنشر بعض المستجدات‬
‫واالنشغاالت ببلدياتهم‪ ،‬وحتى إن توفرت الشبكة في بلديات أخرى‪ ،‬إال أن‬
‫مسؤوليها لم يكلفوا أنفسهم عناء تزويدها بمواقع إلكترونية إليصال كافة‬
‫المعلومات للمواطن والتواصل المباشر معه‪ ،‬والتكفل األفضل بانشغاالته‬
‫‪66‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫في أقل وقت ممكن‪ ،‬حيث يبقى المواطن رهينة أساليب االتصال التقليدية‪،‬‬
‫التي تضطره إلى التنقل إلى مقر البلدية لطرح انشغاله على رئيس البلدية‪،‬‬
‫الذي ال يحظى في أغلبية األحيان باستقباله‪ ،‬خاصة إذا لم تكن الزيارة‬
‫خالل يوم االستقبال‪.19‬‬
‫إن الحديث عن معوقات تطبيق الرقمنة اإلدارية بالجزائر يقودنا إلى‬
‫ضرورة توفير الموارد البشرية المؤهلة من طاقات تمتلك معرفة بالمجال‬
‫المعلوماتي على غرار المبرمجين‪ ،‬موظفي الشبكات‪ ،‬الصيانة‪ ،‬التأمين‬
‫والحماية وغيرها‪ ،‬وكذا توفير جميع الوسائل التكنولوجية واللوجيستيكية‬
‫الالزمة إلنجاح مشروع الرقمنة‪ ،‬كما يستلزم تنفيذ برنامج البلدية الذكية‪،‬‬
‫كنموذج في العاصمة مثال مجموعة من الخصائص والمقومات التي جاء‬
‫في مقدمتها توديع عهد األوراق واستبدالها بالحواسيب اآللية وتوفر‬
‫اإلدارة على األرشيف االلكتروني والبريد والمفكرات االلكترونية ونظم‬
‫تطبيقات المتابعة اآللية‪ ،‬باإلضافة إلى التخلص من محدودية الزمن‬
‫والمكان بحفظ جميع هذه الخدمات على الوسائل التكنولوجية الحديثة‪،‬‬
‫ناهيك عن التخلص من النظم اإلدارية الروتينية الجامدة‪ ،‬وكذا الرقي‬
‫بالعالقة الرابطة بين اإلدارة والمواطن بتبسيط اجراءاتها اإلدارية وتعزيز‬
‫الشفافية لتخفيض حدة النزاعات الناشبة بين الطرفين في االدارة‬
‫الكالسيكية‪ ، 22‬ولترتقي بالخدمة إلى مستوى العالم الرقمي الذي أضحى‬
‫يرسم معالم العواصم الدولية‪ ،‬البد أن يعتمد البرنامج بالدرجة األولى على‬
‫تطبيق تكنولوجيات اإلعالم في اإلدارة العمومية‪ ،‬عن طريق خلق قاعدة‬
‫بيانية خاصة بالبلدية تحتوي على جميع المشاريع ومشاكل البلديات‪،22‬‬
‫ثالثا ‪ :‬المعوقات البشرية والمالية‪:‬‬
‫أ_ المعوقات البشرية‪ :‬تعد العناصر البشرية من أبرز العناصر التي‬
‫تقود مجتمعاتها إلى تحقيق التقدم والرقي في مختلف المجاالت إال أن‬
‫النقص في عدد األفراد المؤهلين للتأقلم مع البيئة الرقمية ‪ ،‬أصبح أمر‬
‫تعاني منه أغلب الدول إلى أن وباألخص الدول النامية‪.21‬‬
‫ويؤكد الباحثون على أن النقص في الموارد البشرية المؤهلة للتعامل مع‬
‫العصر الرقمي يعد معوقا يواجه المؤسسات عند ممارستها لتكنولوجية‬
‫الحديثة ومن أبرز تلك المعوقات البشرية ما يلي‪:‬‬
‫‪66‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫‪_1‬األمية المعلوماتية ‪ :‬األمية التكنولوجية عبارة عن" جهل عدد غير‬


‫قليل من أفراد المجتمع بالتطورات التكنولوجية الحديثة وعدم معرفتهم‬
‫التعامل معها واستخدامها ( " فالمجتمع الجزائري خاصة الفءات الكبيرة‬
‫في السن تعاني من أمية في التعامل مع الحاسوب‪، 22‬‬
‫‪_2‬العائق اللغوي‪ :‬هناك من الباحثين من يشير إلى أن من القيود التي‬
‫تحد حاليا من انتشار استخدام‬
‫الشبكة العنكبوتية في الجزائري هو قيد اللغة فالبد لمن يستخدم الشبكة‬
‫أن يتقن اللغة اإلنجليزية وال يمكن أن يستغني المستخدم تماما عن اللغة‬
‫اإلنجليزية حتى ولو كان يتقن الفرنسية‪ ،‬حيث أنه حتى اآلن ما يزيد عن‬
‫‪ %95‬من المعلومات المنشورة هي معلومات اللغة اإلنجليزية‪.‬‬
‫‪ _3‬مقاومة التغيير والخوف منه‪ :‬تعد مقاومة التغيير والتجديد من أهم‬
‫المعوقات التي تواجه معظم ااإلدارات الجزائرية وذلك عندما يجهل‬
‫األفراد الهدف من التغيير وطبيعته وكذلك الخوف من فقدان مراكزهم‬
‫ووظائفهم الحالية مما يجعلهم يقاوموا كل تغيير داخل منظماتهم ‪،‬‬
‫ب _المعوقات المالية‪ :‬إن مشروع مثل مشروع اإلدارة اإللكترونية‬
‫يحتاج إلى أموال ضخمة تتالءم مع هذا األسلوب التقني الحديث وتوفير‬
‫كافة مستلزماته‪ ،‬لكن تعاني معظم اإلدارات والقطاعات الحكومية من‬
‫النقص في اإلمكانيات المادية الالزمة لمثل هذه المشاريع ‪ ،‬خاصة مع‬
‫أزمة التقشف‬
‫حيث يشير الباحثون إلى أن من أهم المعوقات التي تواجه تطبيق اإلدارة‬
‫اإللكترونية ضعف الدعم السياسي والمالي‪ ،‬لذا البد من أن يدعم المشروع‬
‫سياسيا من قبل القيادات العليا ويدعم ماليا ليؤمن له فرصة االستمرار‬
‫والتطور‪. 23‬‬
‫مع ضرورة مشاركة أو إشراك القطاع الخاص في االستثمار والتمويل‬
‫من تحسين للبنية التحتية للشبكات واالتصاالت والقيام بعمليات صيانة‬
‫األجهزة‪ ،‬وإنشاء معاهد التدريب الخاصة بالحاسب اآللي ‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫في األخير يجدر بنا أن نؤكد على أن اإلدارة العمومية الجزائرية في‬
‫حاجة كبيرة إلى تغيير جذري لوضعيتها في التسيير وأن هناك ضرورة‬
‫لتحديد اإلستراتيجية المالئمة لتطويرها ووضع مخطط علمي وواقعي‬
‫‪66‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫يهدف لوضع نهاية للتخلف اإلداري وجعل إدارة الغد أكثر تكيفا ً وحداثة‬
‫مع التطور العلمي والتكنولوجي ومع متطلبات النظام اإلقتصادي‬
‫واإلجتماعي وحتى السياسي الحالي والمستقبلي للجزائر‪.‬‬
‫ومن خالل التصريحات واإلجراءات والمشاريع المتخذة من طرف الدولة‬
‫العمومية‬ ‫اإلدارة‬ ‫عصرنة‬ ‫ضرورة‬ ‫حول‬ ‫الجزائرية‬
‫وتخليصها من البيروقراطية والفساد وتجديد ثقة المواطن فيها ومواكبة‬
‫التطورات العالمية في مجال اإلدارة‪ ،‬نرى أن اإلدارة العمومية‬
‫الجزائرية‪ ،‬ربما تسير في االتجاه الصحيح نحو الرقمنة والعصرنة‬
‫والتحول إلى ما هو أفضل وأحسن‪ ،‬ولعل البدايات األولى لظهور البلدية‬
‫الذكية بوالية باتنة يبعث على التفاؤل ويعطي إنطباعا أننا في الطريق‬
‫الصحيح‪ ،‬خاصة مع ماسبقها من رقمنة سجالت الحالة المدنية‪،‬‬
‫وإستخراج جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريية‪ ،‬وكذا إنتشار‬
‫إستخدام الرقمنة في الكثير من اإلدارات العمومية والوزارات‬
‫القطاعية‪،‬كما هو عليه الحال مع التصديق اإللكتروني في وزارة العدل‪،‬‬
‫وقاعدة البيانات الرقمية في وزارة التربية‪.‬‬
‫إن هذه النماذج وإن كانت جيدة تبعث على التفاؤل إال أن الواقع يشير إلى‬
‫أن اإلستمرارية تحتاج للتغلب على صعاب شتى ‪ ،‬تتمثل أساسا في العزلة‬
‫التي تميز الجزائر العميقة بنقص شبكات األنترنت والهاتف وشبكات‬
‫الربط بشبكة األلياف البصرية‪ ،‬إضافة إال نقص المؤهالت البشرية‬
‫واإلمكانيات المادية مع أزمة التقشف‪.‬‬
‫التهميش ‪:‬‬
‫‪ -1‬مجلة الحياة‪ :‬مقال للكاتبة‪ :‬رزاقي جميلة "التحول نحو "اإلدارة اإللكترونية" مخرج‬
‫الجزائر لمواجهة التحديات االقتصادي" العدد ‪ ، 354‬االثنين ‪ 21‬مارس ‪2216‬‬
‫‪ -2‬شنوفي نورالدين مقال بعنوان "المناجمنت العمومي"‪ ،‬الجمهور المستهدف الموظفون‬
‫المرشحون لرتبة المتصرف‪ ،‬جامعة التكوين المتواصل ‪2212_2229‬‬
‫‪ -3‬شنوفي نوردين نفسه‬
‫‪ -4‬شنوفي نوردين نفسه‬
‫‪5-L. Boyer،M. poirée، Eliesalin : prècis d'organisation et le gestion‬‬
‫‪De la production، ed . d'organisation . paris1982 . p63‬‬
‫‪ -6‬مديرية المالية وزارة الداخلية و الجماعات المحلية ( الملتقى الدولي للجماعات المحلية‬
‫بسكرة أفريل ‪ 2221‬و ‪CNES 18eme SESSION‬‬
‫‪ -7‬هاني عرب‪ ،‬تسيير اإلدارة العامة‪ ،‬موقع إلكتروني ‪ 11:15 ، 27/09/201‬الرابط‬
‫‪66‬‬ ‫جملة صوت القانون العدد السابع ‪ ،‬اجلزء األول ‪/ 1027 :‬ردمد ‪1931 - 3399‬‬

‫‪8-http://www.nauss.edu.sa/Ar/DigitalLibrary/ScientificTheses/‬‬
‫‪Documents/m_as_16_2010.pdf‬‬
‫‪ -9‬طارق المجذوب ‪ :‬اإلدارة العامة و العملية اإلدارية‪ ،‬منشورات الحلبي بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫‪ ،2223‬ص ‪121‬‬
‫‪10- Commission "finances locales "projet d'étude 30éme session juillet‬‬
‫‪2016‬‬
‫‪ -11‬عبد الرزاق الشيخلي ‪ :‬اإلدارة المحلية‪ ،‬دار المسيرة للنشر‪ ،‬عمان ‪ ،2211‬ص ‪63‬‬
‫‪ -12‬قانون رقم ‪ 12/11‬المؤرخ ‪ 22‬يونيو‪ 2211‬المتعلق بالبلدية ‪.‬‬
‫‪ -13‬قانون ‪ 27/12‬المؤرخ في ‪21‬فبراير‪ 2212‬المتعلق بالوالية ‪.‬‬
‫‪ -14‬علي السلمي ‪ :‬إدارة الموارد البشرية االستراتيجية‪ ،‬دار غريب القاهرة ‪ ،2229‬ص ‪13‬‬
‫‪ -15‬جاسم مجيد‪ ،‬أساسيات علم اإلدارة‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬اإلسكندرية‪2212 ،‬‬
‫‪ -16‬طارق المجذوب‪ ،‬اإلدارة العامة‪ ،‬العملية اإلدارية والوظيفة العامة واإلصالح اإلداري‪،‬‬
‫الدار الجامعية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪2222 ،‬‬
‫‪ -17‬مجلة الحياة‪:‬المرجع السابق‪ ،‬مقال للكاتبة‪ :‬رزاقي جميلة "التحول نحو "اإلدارة‬
‫اإللكترونية" مخرج الجزائر لمواجهة التحديات االقتصادي" العدد ‪ ، 354‬االثنين ‪ 21‬مارس‬
‫‪2216‬‬
‫‪ -18‬مقبول الهادي‪:‬التصنيف النموذجي للجماعات المحلية‪ ،‬المركز الوطني للدراسات‬
‫‪CNEEAP‬الجزائر ‪2211‬‬
‫‪19-Azeddine Abdennour- réunion sur les priorités en gouvernance de‬‬
‫‪l'innovation et de l'administration publique dans la région de la‬‬
‫‪méditerranée, naples, 17-20 mai 2004‬‬
‫‪ -22‬عبدالرزاق الشيخلي ‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪72‬‬
‫‪ -21‬لعرابي كريمة‪ ،‬دور القيادة في التغيير التنظيمي‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‪.2229 ،‬‬
‫‪ -22‬فوزي حبيش‪ ،‬اإلدارة العامة والتنظيم اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪1991 ،‬‬
‫‪ -23‬عزالدين عبدالنور‪ :‬المرجع السابق‬

‫تهدف إلى إقامة نظام مصرفي آمن و مستقر ألن النظام المالي السليم هو‬
‫الذي يضمن تخصيص أمثل للموارد المالية المتاحة و بالتالي تحقيق‬
‫معدالت نمو مرتفعة في اإلقتصاد القومي‪.‬‬

You might also like