Professional Documents
Culture Documents
أزمة ترجمة المصطلح العلمي إلى العين الوضع والاستعمال
أزمة ترجمة المصطلح العلمي إلى العين الوضع والاستعمال
Abstract
This paper presents a study and analysis of the Arabic terms crisis as well as its impacts on
the translator work, since this later is one of the first concerned by the crisis . It sheds light,
after explaining the crisis and its causes, on the choices to take by the translator in order to
translate the foreign terms into Arabic language in the midst of Arabic terms disunion and
absence of real standardization between the different parties concerned with terms creation
and use. In this context, the translator will have a double responsibility, he has to take into
consideration the existing correspondences used by speakers , even if they don’t respect the
conditions of terms creation, and the proposed terms by specialists in terminology such as the
academies of Arabic language and the arabization coordination office. He must take into
account the difference of terms use among the different groups of speakers. In fact, the
scientific concepts remain the same in spite of the multiplicity of the used terms, but this
multiplicity affects the reception and use of the true scientific information. It also affects the
communication operation in case of different groups of speakers using different terms , and
has an impact on the translator work which must take into consideration the conditions of
terms creation and the reality of terms use. At the end of this paper and in order to put an end
to this crisis we emphasize on the necessity of arabization of all sectors by unifying all
efforts in one organism to be a reference for language specialists, translators and all speakers.
Keywords: Crisis, terms, translation, creation, standardization.
.1مقدمة:
تعتبر الشعوب العربية اليوم رعوبا مستهلكة للكثير من مبتكرات ومنتجات الدول املتطورة في
رتى املجاالت العلمية والتقنية وحتى األدبية والفنية ،وتلعب الترجمة دورا رحيسيا من أجل الربط
بين هذين العاملين وإنجاح العملية التواصلية من خالل تجند الكثير من املترجمين والتراجمة لهذه
املهمة ،لكنهم في مهمتهم هذه يجدون أنفسهم أمام تحديات كبيرة من وجهة النظر اللغوية والترجمية
على حد السواء ألن املصطلحات التي يقبلون على ترجمتها يكون كثير منها قد دخل حيز االستعمال
وجرى على ألسن الناس بأركال مختلفة منها ما يتناسب مع متطلبات اللغة وصياغة املصطلحات
الجديدة فيها ومنها ما ال يتناسب معها لكنه اكتسب قوة باالستعمال وبشيوعه عند متكلمي اللغة،
وهذا يجعل املترجم يمعن النظر كثيرا قبل أي نقل للمصطلح األجنبي وقبل أي قرار يتخذه ألنه يجب
أن يأخذ بعين االعتبار عند عملية الترجمة املقابالت املوجودة واملستعملة من قبل املتكلمين
واملقابالت املقترحة من قبل املتخصصين في اللغة والصناعة املصطلحية وال ينس ى أبدا التداخل
الكبير املوجود على مستوى استعمال املصطلحات واختالف هذا االستعمال عند مختلف رراحح
متكلمي اللغة ،لهذا ُح ّق لنا أن نتساءل عن أسباب هذه األزمة وسبل الخروج منها ،وأن نبحث عن
الخيارات التي ينبغي للمترجم أن يتخذها لكي تنجح عملية ترجمة املصطلحات إلى العربية ُوت َبلغ
املفاهيم التي تحملها على نحو ال يحدث فيه تداخل واختالف على مستوى املفهوم مثلما هو واقع
وتدل عليه ،لكن وقبل أن نخوض في كل هذا ال بد أن على مستوى الشكل أو التسمية التي تحمله ّ
نحدد أوال ما نقصد باملصطلح ّ
ونبين موقعه من اللغة والترجمة.
.2تعريف املصطلح:
يعرف مصطفى الشهابي االصطالح الذي يعتبر مصدرا للفعل اصطلح الذي أخذنا منه كلمة
مصطلح بقوله" :هو اتفاق طاحفة مخصوصة على أمر مخصوص" (الشهابي ،)5 ،1965 ،ويعرفه
الجرجاني بقوله "عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الش يء باسم ما ينقل عن موضعه األول"
(الجرجاني ،)17- 16 ،1971 ،ويحدد شحادة الخوري طبيعة هؤالء القوم الذين يتفقون ويحصرهم
في فاة العلماء واملنشغلين بالعلوم إذ يقول" :االصطالح اتفاق العلماء واملشتغلين بعلم من العلوم
على إعطاء كلمة ما داللة جديدة فتصبح دالة على مدلول جديد وتدعى مصطلحا" (الخوري،
.4اللغة املتخصصة:
يعرف غاليسون و كوست اللغة املتخصصة بقوله:
يتخذها ،فساحة املصطلح العربي تعج باالقتراحات املصطلحية الفردية واملؤسساتية التي نستطيع
معها أن نقول أننا في وسط أزمة مصطلحية حقيقية وليس املترجم بمنأى عن انعكاساتها وسلبياتها
فهـو أول املعنيـين بهـا وال بــد لـه أن يـدرك أصــل وأسـباب األزمـة كــي يجـد ملـا يترجمــه سـبيال إلـى الفهــم
وتبليغ املضمون واملفهوم.
.6أصل أزمة املصطلح العلمي:
إن نحن أمعنا النظر في ما لدينا من مص طلحات في العلوم كلها سيظهر بسهولة أن املشكل
يكمن في وضع املصطلح واختالف الواضعين وعدم اتفاقهم على منهج موحد في إنتاج املصطلحات
وتسمية املفاهيم املستجدة ،إذ يتحدث صالح بلعيد ( ) 77- 75 ،2003عن هذه األزمة فيقول إنه
تتنازعها ثالث اتجاهات يدعو فيها كل فريق إلى منهجه والعمل وبه ،فالفريق األول يرى ضرورة
استعمال املصطلح التراثي وتوظيفه في صنع املصطلح ،ويقصد باملصطلح التراثي املصطلحات التي
استعملها العرب للتعبير عن مضامين العلوم في الزمن املاض ي ،فالتراث يعني "كل ما وصل إلينا من
املاض ي البعيد" (وتار ،)21 ،2002 ،وهذا يجعل العربية بالنسبة لهم قادرة على مواكبة كل
التطورات وصنع املصطلح الالزم لها ،ويدخل من جملة هؤالء أولاك الدعاة إلى صفاء اللغة الذين ال
يجيزون الكالم إال إذا تكلم به العرب األقحاح في زمن الفصاحة ،وأزمة املصطلح عندهم تتلخص في
عدم تمثل وساحل التراث بكل ما تملكه العربية من خصاحص ،ويرى الفريق الثاني أن العربية غير
قادرة على مجابهة التطور السريع من خالل تمثل وساحل التراث لهذا يدعو إلى التعريب و الترجمة
من أجل وضع املصطلح العلمي لقدرتهما على إيجاد الحل السريع لصناعة املصطلح فهو يرى أن
العرب عملوا بالتعريب قديما وصاغوا الكلمات املعربة وفق األوزان الصرفية العربية ولم يتحرجوا
من ذلك ،ومن رواد هذا املذهب الشيخ عبد القادر املغربي ( ) 23- 22 ،1947الذي يرى أن تنمية
العربية يجب أن تمر من هذا الباب أوال ،وأزمة املصطلح عند هذا الفريق هي عدم تمثل التعريب
والترجمة في أوجههما الحقيقية ،ويحاول الفريق الثالث التوفيق بين الفريقين األولين من خالل
إقراره باستعمال وساحل التوليد الداخلية التي تتوفر عليها اللغة العربية لكن مع ضرورة إيجاد
وساحل أخرى تمكن من استقبال وتمثل املصطلحات الجديدة الوافدة من اللغات األجنبية إلى
العربية ،ويؤكد هذا االتجاه األخير أن األزمة الحقيقية ليست في وضع املصطلح وإنما في نشره
وتوحيده واستعماله ،فطرق التوليد الداخلية للغة صحيح أنها تأتي بالكثير من الحلول إليجاد
املصطلح لكن التعريب ال يعيب العربية في ش يء بل يزيدها مرونة وقوة في التعبير إذا ما أحسن
استعماله ،لذا نجد توفيق محمد راهين يقول إن "التعريب ال يعيب العربية والعرب ،بل على
العكس يشهد لها باملرونة ولهم بارتقاء األفكار ويبعدهم عن الجمود بأن أضافوا للغتهم مفردات
احتاجوا إليها ،كمـا اقترضت غيـر العربية مـن العربية وتلك سنـة اللغات اقتـراض وتعاون" (راهين،
.)148 ،2001
يضاف إلى هذه املناهج املختلفة في وضع املصطلح اختالف الجهات الواضعة وعدم توحيد الجهود في
جهة واحدة إذ نجد جهودا فردية يذكر شحادة الخوري ( ) 7 ،2004بعضا منها ويثني عليها مثل
معجم العلوم الطبية والطبيعية للدكتور محمد ررف ومعجم أسماء النبات للدكتور أحمد عيس ى
ومعجم األلفاظ الزراعية لألمير مصطفى الشهابي واملعجم العسكري ومعجم كالرفيل الطبي
واملعاجم الصادرة عن مكتبة لبنان ،وهناك جهود جماعية من قبل املجامع اللغوية السيما مجمع
اللغة العربية بدمشق واملجمع العلمي العراقي ببغداد ومجمع اللغة العربية بالقاهرة ومجمع اللغة
العربية األردني بعمان واملجمع العلمي اللغوي السعودي واملجمع الجزاحري للغة العربية واملكتب
الداحم لتنسيق التعريب في الوطن العربي بالرباط ،لكن التنسيق والتعاون بين هؤالء األفراد وهذه
الهياات غير موجود مما يجعلها تبحث في امليادين نفسها وتخرج باقتراحات مصط لحية منها ما
يتشابه ويتطابق ومنها ما يختلف ويتشتت ،وهذا ما جعل البعض مثل يوسف عبد هللا (- 22 ،2013
) 23ينادي بضرورة دمج هذه املؤسسات في مؤسسة واحدة تهتم باملصطلح وتوحيده ونشره أو أن
تتقاسم املهام بحيث ال تتداخل بعضها ببعض من خالل اختصاص كل جهة بميدان معين ،ويضاف
إلى هذا افتقار هذه املؤسسات إلى سلطة حقيقية في فرض ما تنتجه من مصطلحات على مستوى
البلد الذي توجد فيه املؤسسة وفي غيره من البلدان األخرى ،ألن العمل املصطلحي مستقل في
الغالب عن باقي املؤسسات الحكومية التي يمكن لها أن تفرضه وتجعل العمل به الزما ،وهذا في
حقيقة األمر ال بد له من إرادة سياسية وتخطيط استراتيجي على املدى القريب والبعيد وهو ما جعل
َ
خليفة عبد الكريم ( )244 ،1987يقول إن "قضية التعريب قضية ت ّتصل من حيث األساس باإلرادة
السياسية للدولة ،وبقرار سيا ي تتخذه الدولة في أعلى مؤسسات السلطة " ،فال يعقل أن يكون
التدريس مثال في ميادين التخصص في املشرق العربي باللغة اإلنجليزية وفي املغرب العربي باللغة
الفرنسية ثم نأتي بعد هذا ونطالب الباحثين بأن يكتبوا بحوثهم بالعربية أو أن يبتكروا ملا يستجد
من مفاهيم تسميات عربية سليمة تستجيب لقواعد اللغة العربية ،كما ال يعقل أن تعمل
املؤسسات املصطلحية جاهدة إليجاد تسميات ملفاهيم العلوم ثم نتركها حبيسة الكتب واملعاجم
محتشمة االستعمال والتداول ،فالذي يجعل من اللغة لغة حية وناقلة للعلوم واملعارف هو تداولها
واستعمالها.
يضاف إلى هذا مشكل اختصاص القاحمين على صناعة املصطلح فغالبا ما نجد أهل االختصاص
العلمي ورجال الححافة هم من يبادر بوضع املصطلح العربي املقابل للمصطلح األجنبي ألنهم أول
املصطدمين به وأول املعنيين باستعماله والعمل به ،فنجدهم ال يحترمون ما تقتضيه اللغة
وقواعدها مثل البدء بالبحث عن كلمة عربية مستعملة قبل اللجوء إلى أي خيار آخر ،وهذا ما جعل
املنظمة الدولية للتوحيد املعياري تنادي بإرراك ثالث فاات من املتخصصين لصنع املصطلح هم
املتخصصون في املجال العلمي و املتخصصون في اللغة واملتخصصون في املصطلح (القاسمي،
.)79 ،1989
وتظهر معالم هذه مبادرات رجال التخصص والححافة في بصمة اللغة األجنبية في املصطلح العربي
الذي يصنعونه ،فمن تلقى منهم تكوينه باإلنجليزية كثيرا ما ينسخ ويقترض من هذه اللغة ومن تلقى
تكوينه بالفرنسية يفعل الش يء نفسه ،وهذا يؤزم مسالة املصطلح العلمي العربي أكثر فأكثر
ويبعدها عن التوحيد املرجو.
وإن كانت مبادرة أهل االختصاص العلمي ورجال الححافة الذين نعتبرهم من غير املؤهلين لغويا هي
الســباقة فــذلك راج ــع لتخلــف وت ــأخر املؤسســات املص ــطلحية فــي معالج ــة مــا يس ــتجد فــي الس ــاحة
العلمي ــة ،و يعـ ــزو شـ ــحادة الخـ ــوري ( ) 69 ،2001هـ ــذا التـ ــأخر إلـ ــى عـ ــدم وجـ ــود جهـ ــة تعنـ ــى بتتبـ ــع
املصطلحات العلمية املستجدة ضمن جدول زمني محدد ،مما يترك املجـال مفتوحـا أمـام كثيـر مـن
الفاات غير املؤهلة لوضع املصطلح العلمي ،وحتى إن كانت مؤهلة في مطلب من مطالب وضعه فإنه
تنقصها مطالب أخرى ،فالححفي الذي يجتهد في صـنع مصـطلح عربـي مقابـل لنظيـره األجنبـي لـيس
أهال لهذه الصنعة حتى وإن توفرت عنده ملكة اللغة ألنه بعيد عن مجال التخصص وعن الصناعة
املصطلحية في الوقت نفسه ،وهو بتدخله في ظل الفـرا والتـأخر املصـطلحي إنمـا يفـاقم مـن األزمـة
ويزيدها توترا ،ألنه قد يطرح مصطلحات غير مالحمة للتداول وقد يجري استعمالها ويعمل بها أفراد
ومؤسسات ،وهذا يشكل ج هة إضعاف ألي مصطلح مالحم قد يقترحه املؤهلون لذلك في املستقبل،
ألن هذا األخير سيجد نفسه في حالة منافسة مع مصطلحات قد اكتسبت قوة باالستعمال والتداول
فإما أن يهزمها أو تهزمه ولنا في الححيح املهجور والخطأ الشائع خير مثال ودليل.
.7موقف املترجم من أزمة املصطلح:
تصبح مسؤولية املترجم في ظـل هـذه األزمـة والفوضـ ى املصـطلحية مسـؤولية مضـاعفة ،وهـذا
على فرض أن املترجم يملك امللكة اللغوية واملعارف املتخصصة الالزمة وتكوينه يؤهله ألن يكون من
صــنا املصــطلح ألنــه ال يمكنــه أن ينجــز عمــل الترجم ــة أصــال إن لــم يتــوفر فيــه كــل ذلــك ،فتع ــدد
املصطلحات املقترحة واملتداولة ال بد أن يقابلـه تعـدد فـي املسـتعملين وانقسـام فـي صـفوفهم ،وال بـد
للمترجم أن يبلغ املفاهيم على اختالف فاات املتلقين وخلفياتهم ،وإن له كذلك واجبا والتزاما اتجاه
اللغة وإحيائها ،ويمكن على العموم أن يتدخل املترجم في حالتين اثنتين وهما :حالة الفرا املصطلحي
وهنـا يكــون املفهــوم حــديثا فــي اللغــة املنقــول إليهـا ،وحالــة التعــدد والتشــتت املصــطلحي وهنــا يكــون
املفهوم قد قطع أرواطا في اللغة املنقول إليها تحت غطاء العديد من التسميات.
في الحالة األولى ال بد للمترجم أن يسلك سلوك واضع املصطلحات نظرا لتأخر الجهات املؤهلة
عن وضعه وإراعته ،وخير مررد له في ذلك ما اقترحته املجامع اللغوية ،وأهم ما أوصت به نورده
هنا ملخصا على لسان صالح بلعيد (:)84- 2003،83
-وضع املقابل بعد الرجو إلى املعاجم ال قديمة و الحديثة وإلى كتب التراث واملعاجم األجنبية
ومعاجم املصطلحات العلمية الحديثة العربية واألجنبية.
-ال يشترط في وضع املصطلح ان يستوعب كل دقاحق املعنى.
-رفض الترادف في املصطلحات العلمية.
-تجنب االصطالح بلفظ واحد ملدلوالت علمية مختلفة.
-التحرز من استعمال عدة مصطلحات ملدلول واحد.
-الترجمة الداللية املباررة واستخدام املجاز.
-مراعاة التناسق بين املصطلح العربي واألجنبي.
-إذا تعذر إيجاد مصطلح عربي يلجأ إلى التعريب.
-تحديد الداللة العلمية للمصطلحات املتقاربة وعدم تقييدها.
-توخي وضوح الداللة وتجنب اإلبهام.
-مراعاة صالة الترابط االرتقاقي والتصريفي واملعنوي بين املصطلحات.
-العودة إلى التراث واستعمال ما وضع من مصطلحات علمية مهجورة.
-ضرورة وجود مناسبة أو مشابهة بين مدلول اللفظ اللغوي ومدلوله االصطالحي.
-تقدم الكلمة الخاضعة لالرتقاق على التي يصعب االرتقاق منها.
-تقديم الكلمة الكثيرة الدوران على الكلمة النادرة والكلمة املنسجمة الحروف على املتنافرة.
-تفضيل الكلمات العربية الفصيحة على الكلمات املعربة.
-تجنب استخدام العامية خاصة املحلية أو اإلقليمية.
-االلتجاء إلى النحت عند الضرورة القصوى.
-املرونة في اختيار املصطلح العربي البعيد عن إثارة اللبس.
-استعمال املصطلح األجنبي لضرورات قاهرة أو في املصطلح النزر.
ولكـي يطبـق املتـرجم هـذه التوصـيات ويعمـل بهـا ال بـد أن يكـون عاملـا بطـرق وضـع املصـطلح فـي اللغـة
العربية وأولوية كل طريقة على األخرى.
يقترح الدكتور ممدوح خسارة ( ) 14 ،2008اعتمادا على منطق اللغة ومنهجها ثالثة طرق لوضع
املصطلح في العربية هي حسبما أورده من ترتيب :الترجمة والتوليد واالقتراض ،ويقابل هذا ما نجده
عنـد شـحادة الخــوري ( ) 2 ،2004الـذي يقـول إن هنــاك طـريقتين لوضـع املصــطلح فـي العربيـة همــا:
الترجمـة والتوليــد ،ويــدخل االقتــراض أو مــا يســميه بالتعريــب فــي بــاب التوليــد عنــده ،لكــن ممــدوح
خسارة يعترض على أن يكون االقتراض توليدا فهو يرى أن "التوليد يعني أن الكلمة املولدة قد نسلت
من كلمة عربية أسبق منها في الوضع" ( )45 ،2008لهذا يعتبره أسلوبا مستقال عن األسلوبين األولين.
.1 .8الترجمة:
يقول ممدوح خسارة أن الترجمة في وضع املصطلح تعني "إعطاء الكلمات األجنبية مقابلها
العربي املوضو من قبل" ( ،) 17 ،2008ويوضح شحادة الخوري هذا أكثر حينما يقول إن الترجمة
تعني "نقل اللفظ األعجمي بمعناه إ لى ما يقابله في اللغة العربية ،و في هذه الحالة ال نبتد وال نولد
لفظا جديدا بل نستفيد من األلفاظ العربية املوجودة للداللة على معان أو ذوات جديدة سدا
لحاجة داللية إزاء األلفاظ األجنبية" (الخوري ،) 3 ،2004 ،فالترجمة يراد بها هنا البحث عن مقابل
للمصطلح األجنبي فيما هو متوفر عندنا من كلمات اللغة املستعملة فإن لم نجد لفظا يقابله
واقترحنا له لفظا جديدا لم يكن يستعمل من قبل لهذه اللفظة األجنبية نكون بصدد التوليد،
ويمكن أن نجد الكلمات املقابلة حسبما يوضحه ممدوح خسارة ( ) 25- 2008،17في املعجمات
العربية العامة وفي كتب ا للغة وفي كتب التراث العلمي وفي اللهجة العامية ،وتقابل هذه النقطة ما
أوصت به مجامع اللغة أعاله في أول توصية.
.2 .8التوليد:
سـنعرض التوليـد وسـنراه مثلمـا رآه ممـدوح خسـارة علــى أنـه "تحصـيل كلمـة مـن كلمـة أخــرى
أسبق منها وضعا" ( ) 42 ،2008وبهـذا يشـتمل التوليـد حسـب املؤلـف نسـفه علـى االرـتقاق بأنواعـه
وعلــى املجــاز بفروعــه مــن مرســل وإســتعارة وإحيــاء ( ،) 14 ،2008فاالرــتقاق يعرفــه أحمــد عيس ـ ي
بقوله" :واالرتقاق في االصـطالح هـو أن تأخـذ مـن أصـل فرعـا يوافقـه فـي الحـروف وتجعلـه داال علـى
معنـى يوافـق معنـاه" (عيسـ ى ،) 114 ،1923 ،واالرــتقاق عنـد ابـن جنـي (ب ت )134- 133 ،نوعــان،
ارتقاق أكبر و ارتقاق أصغر ،أمـا األكبـر فيكــون فيـه بيــن الكلمتـين األصـلية واملشـتقة تناسـب فـي
اللفظ واملعنى دون االتفاق بينهما في ترتيب الحروف األصلية ،وأما األصغر فهو انتزا كلمة من كلمة
أخــرى بتغيي ــر فـ ــي الص ــيغة م ــع تشابـ ــه بينهم ــا ف ــي املعن ــى و اتف ــاق ف ــي األح ــرف األصليـ ــة وفـ ــي ترتي ه ــا
(القاســمي ،ب ت ،) 98 ،ويعتبــر االرــتقاق وســيلة فعالــة ف ــي صــنع املصــطلحات والكلمــات فــي اللغ ــة
وجعلهـا تتوالــد مــن بعضــها بعــض ،كمــا أنهــا وسـيلة تخــدم مســتعملي اللغــة كــونهم ال يخرجــون عــن
الكلمات املستعملة فـي لغـتهم فـالنواة األولـى التـي تتولـد منهـا الكلمـات واملعـاني معلومـة عنـدهم وهـذا
يجعل الوصول إلى معانيها ومفاهيمها أمرا يسيرا.
أما املجاز فهو كما يعرفه محمود خسـارة "كلمـة مسـتعملة فـي غيـر معناهـا األصـلي لعالقـة مـع وجـود
قرينة مانعة من إرادة املعنى األصلي" ( ،)133 ،2008فمع املجاز نبقى داحما في إطار اللغة ومفرداتها
لكن مع تغير في املعنى في اللغة العامـة وفـي املفهـوم فـي اللغـة املتخصصـة ،لكـن البقـاء فـي إطـار اللغـة
الواحدة يقدم نقاط الرسو الالزمة الستخراج املعنـى واملفهـوم علـى اعتبـار وجـود عالقـة داحمـة بـين
االستعمال السابق للكلمة واالستعمال الجديد لها.
.3 .8االقتراض:
يتفق كل الدارسين واللغويين على أن يجعلوا االقتراض أو ما يسميه بعضهم بالتعريب آخـر
طريقة في وضع املصطلح وآخـر أسـلوب يلجـأ إليـه فـي الترجمـة ،فهـذا ممـدوح خسـارة ()143 ،2008
يقول إنه الطريقة األخيرة التي يلجأ إليها بعد عجز الطرق األخرى كلها ،ويقصد باالقتراض أن تأخذ
العربيـة كلمــات أو مصـطلحات م ــن اللغــات األجنبيــة ،وهـو مثلمــا يوضـحه ممــدوح خســارة (،2000
) 922- 920نوعان :املعرب ويقصد به الكلمات األجنبيـة التـي دخلـت العربيـة وخضـعت للخصـاحص
الصرفية والصوتية الخاصة بالكلمة العربية ،والدخيل الذي يقصد به الكلمات التي دخلت العربية
ولم تخضع ملقاييسها وخصاحصها السيما الصرفية منها.
نالحــظ أن ترتيــب هــذه الطــرق فــي وضــع املص ــطلح يتفــق مــع مــا أوصــت بــه املجــامع اللغوي ــة
واملؤسسات املصطلحية إذ نجدها تبدأ بالبحث فيما لدينا من كلمات وألفاظ مستعملة ثم تمر إلـى
توليد لفظ جديد من خالل وساحل التوليد التي تتوفر عليها اللغة من ارتقاق ومجاز ،وتنتهي بالحل
األخير وهو االقتراض الذي يعد حال من خارج اللغة.
وعليـه فـإن املتـرجم فـي الحالــة األولـى يقـوم بعمـل املصـطلحي ويضــع للمفهـوم الـذي بـين يديــه
تسمية ثم يطرحها في نصه املترجم وهـو علـى الـرغم مـن أنـه يحـاول تبليـغ مـا بـين يديـه مـن مضـامين
علمية إال أنه بعمله ذاك يساهم في التشتت املصطلحي املوجود ،لكن سلوكه صحيح في هذه الحالة
ألنه ال يمكن أن ينتظر حتى تتحرك الجهات املؤهلة لوضع املصطلحي وينتظر إراعتها له كي يستعمل
مـا تو ـ ي بـه ،فعمـل املتــرجم عمـل آنـي يتطلـب اسـتجابة فوريــة لضـرورات التواصـل والتبليـغ ،لهــذا
وجب علينا أن نوجه املترجم إلى ما سبق من طرق وضع بحسب األولوية املمنوحـة لكـل طريقـة وإلـى
توصيات وضع املصطلح السابقة لكي يطـرح فـي ظـل هـذا الشـتات مصـطلحات مقبولـة وسـليمة مـن
الناحيـة اللغويــة ومـن ناحيــة التعبيــر عـن املفهــوم أي مـن ناحيــة اإلملــام بالتخصـص ،ألن مــا يضــعه
ويترجمه قد يكتب له االستعمال والتفوق على كل اقتراح الحق وتكون له أيضا القوة الالزمة ملنافسة
ما تطرحه الجهات غير املؤهلة من مقابالت ال تستجيب للمعايير الالزمة لصنع املصطلح.
أما في الحالة الثانية التي يتعدد فيها املصطلح فإن عمل املترجم سيكون راحكا ألن املتلقي قد
سبق ودخل في حلقة التواصل وألصق باملفاهيم العلمية تسميات مختلفة ،لهذا وجب على املترجم
أن ينظر إلى ما هو موجود في الساحة من مصطلحات وينظر ما يستجيب منها لطرق وضع املصطلح
وللمعايير التي اقترحتها املؤسسات املصطلحية ،فإن وجد مصطلحا مناسبا يستجيب لتلك املعايير
فضــله علــى املصــطلح املن ــافس لــه لكــن دون أن ينسـ ـ ى فاــة املتلقــين التــي ل ــم تتطلــع علــى املص ــطلح
املناسب فيهيء املصطلح الذي يستعمله داخل نصه من خالل الشرح بما هو موجود من تسميات
متداولة وبما تتيحه اللغة من طرق تهياة ممكنة من خالل جمل اعتراضية رارحة وحواش من دون
أن يطغى الشرح علـى املصـطلح الـذي نريـد تهيوتـه وإلصـاق املفهـوم العلمـي بـه ،وال يعمـل بهـذا فـي كـل
النص الذي يترجمه إنما يعمل به عند أول ظهور للمصـطلح وبعـدها يسـتعمل املصـطلح وحيـدا ألنـه
سبق وأن هيئ له في نصه الذي يترجمه.
لكن قد يسأل ساحل فيقول وإن كان كثير من املصط لحات املوجودة تستجيب للمعايير املطلوبة فما
العمل؟ هنا يقوم املترجم باختيار املصطلح حسب األولويات التي حددتها التوصـيات الصـادرة عـن
املؤسسات املصطلحية وحسب ترتيب طرق وضع املصطلح السابقة ،وال بد للمترجم أن يطلع عليها،
إن لـم يكـن قـد اطلـع عليهـا خـالل تكوينـه الترجمـ ي ،فـال يلجـأ مـثال لالقتـراض أو التعريـب إال فـي حــال
الضرورة القصوى ويبحث أول ما يبحث فيما هو مستعمل من كلمات ومصطلحات اللغـة ويفضـل
الكلمـات التـي يسـهل االرـتقاق منهـا علـى الكلمــات صـعبة االرـتقاق ،ويرجـع علـى العمـوم إلـى رــروط
وضع املصطلح ويطبقها ،لكنه يضـع داحمـا نصـب عينيـه أن هنـاك فاـة مـن املتلقـين قـد اطلعـت علـى
هـذا املصـطلح دون ذاك لـذلك يلجــأ إلـى التهياـة الالزمـة للمصــطلح مثلمـا سـبق ذكـره ،وإن اعتبــر أن
املصطلح الذي يترجم به قد را وانتشر جاز له أن يورده وحيدا بال تهياة ،وللمترجم واجب اتجاه
اللغــة وإحيائهــا فــإن تس ــاوت املصــطلحات املوجــودة فــي درج ــة الشــيو واالســتعمال وجــب علي ــه أن
يسـتعمل مــا يخـدم لغتــه وينميهــا ،لكـن هــذا يبقــى مجـرد حــل مؤقــت وال بـد مــن حــل آخـر أكثــر قــوة
ورمولية.
.9اقتراح لحل أزمة املصطلح:
إن الحل الالزم ألزمة املصطلح أمام الفوض ى الكبيرة التي يشهدها هو تعريب مختلف القطاعات
في الدول العربية على نحو يكون فيه التدريس والطب بالعربية وتستعمل كل النشاطات العربية لغة
لهــا ،فــال إنجليزيــة وال فرنســية ،ألن اســتعمال اللغــة الوطنيــة ،بــل لغــة األمــة ،مــن عالمــات الســيادة
واالسـ ــتقالل الحقيقـ ــي ،ويكـ ــون التعريـ ــب بتوحيـ ــد ك ـ ــل الجهـ ــود الفرديـ ــة والجماعيـ ــة فـ ــي مؤسس ـ ــة
152 عبد القادر رسول
Journal of Languages & Translation Vol 01 Issue 02
مصطلحية واحدة تعنى بتتبع املصطلح العلمي وترجمته عند أول ظهور ملفهومه ،على نحو تعمل فيه
هذه املؤسسة بالتنسيق مع الجهات الحكومية ملختلف البلدان العربية من خالل مؤسسات فرعية
تابعة لها في كل دولة ،ويكـون العمـل بمـا تو ـ ي بـه هـذه املؤسسـة إلزاميـا ،وخيـر مثـال علـى ذلـك هـو
تعريـب القضـاء فـي الجزاحـر وانتشـار مصـطلحاته لـدى املتخصـص وحتـى غيـر املتخصـص بفضـل مـا
تصدره الجهات الرسمية من قوانين منظمـة للقضـاء باللغـة العربيـة وعمـل كـل أجهزتـه بهـذه اللغـة،
فالتعريب سيكون حافزا قويا لترجمة املصطلحات األجنبية ووضع تسميات للمفـاهيم الجديـدة فـي
حــين ظهورهــا ،ومــع التعريــب ســينقص االرتجــال فــي مجــال صــنع املصــطلح ألنــه سيضــطلع حقيق ــة
بوظيفته التواصلية من خالل االستعمال الشامل له ،لكن ال بد من مؤسسة وحيدة تعنى بذلك حتى
وإن جعلت لها فروعا في كل قطر من األقطار العربية وال بد من اإلرادة السياسية الحقيقية في جعل
العربيـة لغــة كــل ش ـ يء فــي هــذه األقطــار العربيــة .وإن تــم هــذا فلــن يتــردد بعــده متــرجم وال كاتــب أي
مصطلح يختار ألن مهمة االختيار هذه ستوكل إلى مؤسسة مؤهلة ال يشك في خياراتها أحد وستعمد
ُ َ
الدول املنظمة على نشر قراراتها للمترجمين وغيرهم من مستعملي اللغة.
.10خاتمة
نخلص في األخير إلى القول إن املفاهيم العلمية تبقى واحدة مهما تعددت التسميات التي تمـنح لهـا،
فــالعلوم ومضــامينها ال تتغي ــر بتغيــر التســميات الت ــي تمــنح له ــا لكــن الوصــول إل ــى املعلومــة العلمي ــة
الح حيحة التي ال يشوبها لبس وال غموض هو الذي يتأثر بتعدد التسميات التي تمنح لها ،لهذا وجب
تنســيق كــل الجهــود وتوحي ــدها فــي جهــة واح ــدة فتكــون تســميات العل ــوم ومضــامينها موحــدة مث ــل
مفاهيمها وتحقق املصطلحات وظيفتها التواصلية تحقيقا فعليا ،ولكي يكون عمل هذه الجهة آنيا ال
يفوتـه مفهــوم وال مصــطلح وجــب الســير نحــو تعريــب كـل القطاعــات فــي بلــداننا العربيــة ،والبــدء فــي
التأليف وإنتاج املعرفة باللغة العربية.
قائمة املصادر واملراجع
أبـو الفتـح عثمـان بن جنـي (ب ت) ،الخصـاحـص ،دار الكتـب املصـرية ،ج ،2القاهـرة.
أحمد عيس ى ( ،)1923التهذيب في أصول التعريب ،ط ،1مطبعة مصر ،القاهرة.
األمير مصطفى الشهابي ( ،) 1965املصطلحات العلمية في العربية في القديم والحديث ،ط ،2معهد
الدراسات العربية العالية ،القاهرة.
توفيق محمد راهين ( ،) 2001عوامل تنمية اللغة العربية ،مكتبة وهبية ،القاهرة.
الجرجاني علي بن محمد ( ،) 1971التعـريفات ،الدار التونسية للنشر ،تونـس.
خليفة عبد الكريم ( ،(1987اللغة العربية والتعريب في العصر الحديث ،ط ،1منشورات مجمع
اللغة العربية ،عمان.
153 عبد القادر رسول
Journal of Languages & Translation Vol 01 Issue 02