You are on page 1of 9

‫المحاضرة الخامسة‬

‫التمييز بين العسكريين والمدنيين‬

‫للتمييز بين العسكريين والمدنيين أثر مهم في تحديد العمليات الحربية‬


‫فالعسكريون وحدهم هم الذين يكونون موضوع الصراع العسكري المسلح ‪ .‬أما‬
‫المدنيون فهم األشخاص الذين يتمتعون بالحماية اإلنسانية فال توجه إليهم األعمال‬
‫العسكرية بأي شكل من األشكال ‪ .‬ومن الواضح أن الدول المتحاربة غالبًا ما تحدد‬
‫رقعة معينة تكون مسرحًا للعمليات العسكرية ‪ .‬وقد يوجد في هذه الرقعة العديد من‬
‫السكان المدنيين وخاصة أولئك الذين يسكنون على قرب من حدود الدولة ‪ .‬فعندما‬
‫يدخل الجيش أرضًا يوجد فيها مدنيون تدق الحالة بالنسبة إلى الطرف اآلخر في أن‬
‫يميز بين العسكريين و المدنيين ويصبح ضربهم في هذه الحالة يشكل خطورة على‬
‫المدنيين وان تركهم قد يستخدم هؤالء المدنيون ألغراض التمويه ومن ثم يشكل‬
‫المدنيون خطورة على الطرف اآلخر ولهذا كان ال بد من التمييز بين المدنيين‬
‫والعسكريين وهذه المشكلة ظهرت حديثًا فقد كانت الحرب سابقًا تشمل العسكريين‬
‫والمدنيين بدون استثناء فلم يكن هناك داع للتمييز بين العسكري والمدني مادام‬
‫الجميع هدف العمليات العسكرية وقد ظهرت هذه المشكلة عندما ارتفعت األصوات‬
‫تطالب بعدم ضرب المدنيين أو جعلهم هدفًا للعمليات العسكرية ‪ .‬وقد ظهرت‬
‫بعض األعراف تحرم ضرب المدنيين إال إذا كان يخشى منهم التأثير في العمليات‬
‫الحربية أو يشكلون خطورة على الطرف اآلخر غير أن الدول غالبًا ما تنتهك هذه‬
‫القاعدة وكانت الحرب تشمل العسكريين والمدنيين وخاصة في الحرب البحرية فقد‬
‫كانت الدول تتقصد الحجز على السفن الخاصة لتستفيد منها ومن حمولتها ‪،‬‬
‫وتقبض على مالحيها وتحتجزهم على الرغم من إنها لم تشترك في القتال وبالنظر‬
‫لعدم احترام الدول المتحاربة قواعد العرف الدولي المتعلقة بعدم ضرب المدنيين‬
‫فقد ظهرت العديد من الوثائق واالتفاقيات الدولية توجب عدم ضرب المدنيين الذين‬
‫ليس لهم أي دور أساس في العمليات الحربية ‪ .‬ومن ذلك تصريح (بيتر سبورغ)‬
‫عام ‪1886‬م ‪ .‬كما حاولت اتفاقيات الهاي المتعلقة بالحرب البرية عام ‪1907‬م‬
‫أن تحدد العمليات الحربية بالعسكريين فقط ‪ ،‬ولم تجز ضرب المدنيين والمناطق‬
‫التي يسكنونها ‪ ،‬كذلك نصت المادة (‪ )232‬من الملحق األول في الفصل األول من‬
‫القسم الثامن من معاهدة فرساي للسالم عام ‪1919‬م ‪ ،‬والمعاهدة بين ألمانيا‬
‫والواليات المتحدة األمريكية عام ‪1921‬م وكذلك في العديد من اإلعالنات الدولية‬
‫في تلك المرحلة ‪ .‬ونتيجة لعدم احترام الدول هذه اإلعالنات والقرارات‬
‫والمعاهدات الخاصة بعدم ضرب المدنيين فقد أخذت عصبة األمم عام ‪1938‬م‬
‫بالمبادئ التي أعلنتها بريطانيا وهي ‪:‬‬
‫‪ .1‬إن ضرب المدنيين يعد خرقًا ألحكام القانون الدولي ‪.‬‬
‫‪ .2‬يجب أن توجه األعمال الحربية ضد األهداف العسكرية الواضحة أما إذا كان‬
‫يشك فيها فال توجه ضدها األعمال العسكرية ‪.‬‬
‫‪ .3‬يجب تجنب األضرار بالمدنيين الذين يسكنون قرب األهداف العسكرية ‪،‬‬
‫وكانت الحرب العالمية الثانية خير دليل على عدم احترام الدول هذه المواثيق‬
‫الدولية فكان المدنيون هدفًا لألعمال الحربية وارتكبت المجازر بحقهم ‪ ،‬على‬
‫أساس أن ضرب المدنيين يلحق خسائر فادحة في الطرف اآلخر ‪ ،‬ويؤثر على‬
‫معنويات جنوده في جبهات القتال ‪ .‬ونتيجة للدمار الذي لحق بالمدنيين في الحرب‬
‫العالمية الثانية طلبت اللجنة الدولية للصليب األحمر االمتناع عن ضرب المدنيين‬
‫‪ ،‬وتجنب القصف العشوائي ‪ .‬ووضعت اللجنة مشروع اتفاق لتحديد المسؤولية‬
‫عند استهداف المدنيين في وقت الحرب وقد عرض المشروع على المؤتمر‬
‫التاسع عشر للجنة في (نيودلهي) عام ‪1957‬م للمصادقة عليه ‪ ،‬غير أن الدول لم‬
‫تتوصل إلى صيغة نهائية للمشروع وأعيد طرحه في المؤتمر العشرين الذي عقد‬
‫في فيينا عام ‪1965‬م واقتصر األمر باتخاذ قرار بتحريم استخدام الوسائل‬
‫لألضرار بالمدنيين وقد أقرت الجمعية العامة لألمم المتحدة هذا المبدأ عام‬
‫‪1968‬م ‪ .‬وعلى الرغم من عدم احترام الدول لهذه االتفاقيات أثناء المنازعات‬
‫المسلحة فان هناك مشكلة تتذرع بها الدول لضرب المدنيين هي صعوبة التمييز‬
‫بين المدنيين والعسكريين وغالبًا ما تستخدم هذه الذريعة لضرب المدنيين بحجة‬
‫عدم القدرة على تحديد المواقع التي يوجد فيها المدنيون ‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫اشتراط العديد من االتفاقيات الدولية وضع عالمات مميزة على المواقع التي‬
‫يوجد فيها المدنيون من أجل تجنب ضربهم ‪ ،‬إال أن هذه العالمات يصعب تعرفها‬
‫بسبب طبيعة الحروب الحديثة التي تستخدم فيها أسلحة ُتطلق من مواقع بعيدة عن‬
‫األهداف ‪ .‬يضاف إلى ذلك إن هذه المشكلة تبرز عند التحام القوات المتحاربة‬
‫بعضها مع بعض حيث تدق الصعوبة في تمييز العسكري عن المدني خاصة وان‬
‫طبيعة الحرب ال تسمح باالقتراب من الطرف اآلخر وتعرف هويته لخطورة ذلك‬
‫‪ .‬ولم تضع الدول طرقًا وأساليب التمييز المدني عن العسكري ‪ .‬غير أن اتفاقية‬
‫جنيف بشأن نظام أسرى الحرب اعتمدت على أسس معينة للتمييز بين المدنيين‬
‫والعسكريين ‪.‬‬
‫العسكريون المتمتعون بالحماية اإلنسانية‬

‫من الواضح أن الغاية من الحرب هي تحقيق مصالح معينة لألطراف‬


‫المتنازعة ‪ .‬وفي جميع األحوال ال ينبغي أن يكون الهدف من الحرب هو االنتقام‬
‫والتدمير ‪ ،‬وطبقًا لذلك فانه يجب أن تحدد العمليات الحربية بالغاية التي أدت إلى‬
‫قيامها دون أن تتجاوز ذلك ‪ ،‬وخاصة إن هناك العديد من أصناف العسكريين على‬
‫الرغم من صفتهم هذه ‪ ،‬إال انهم غير فعالين أو مؤثرين في مجرى العمليات‬
‫العسكرية ‪ ،‬أما بسبب طبيعة أعمالهم غير القتالية واما ألن العمليات العسكرية أدت‬
‫إلى أن يعدوا غير فعالين أو مؤثرين ‪.‬‬
‫أوًال‪ :‬حماية الجرحى والمرضى ‪:‬‬
‫نظمت حالة عدم التعرض للجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة اتفاقية‬
‫جنيف األولى لعام ‪1949‬م بشأن المرضى والجرحى من أفراد القوات المسلحة‬
‫في الميدان وحددت شروط تمتعهم بالحماية اإلنسانية ونطاق هذه الحماية ‪،‬‬
‫وأصناف العسكريين الذين يتمتعون بالحماية ‪:‬‬
‫شروط الحماية ‪:‬‬
‫من أجل أن يتمتع الجرحى والمرضى بالحماية اإلنسانية فقد اشترط توافر‬
‫الشروط اآلتية في العسكري ‪:‬‬
‫الشرط األول ــ قيام حالة اشتباك عسكري مسلح دولي ‪.‬‬
‫يقصد باالشتباك العسكري المسلح قيام حالة النزاع العسكري بين الطرفين‬
‫بصورة فعلية وينبغي أن تكون لهذه االشتباكات صفة دولية أما إذا لم يكون هناك‬
‫اشتباك عسكري مسلح دولي ‪ ،‬فان العسكري ال يستفيد من الحماية اإلنسانية طبقًا‬
‫لالتفاقيات المذكورة وان كانت حالة الحرب معلنة ‪ .‬وبناء على ذلك ال يستفيد‬
‫العسكري من الحماية اإلنسانية قبل نشوب القتال المسلح ‪ ،‬أو أثناء الهدنة أو توقف‬
‫القتال ألي سبب من األسباب ‪ .‬ويشترط في االشتباك العسكري المسلح أن يكون‬
‫دوليًا أي بين دولتين أما إذا كان االشتباك بين فصائل مقاتلة في حرب أهلية فان‬
‫العسكري من الجرحى والمرضى ال يستفيد من الحماية طبقًا لالتفاقية ‪ ،‬ذلك إن‬
‫االتفاقية ال تطبق إال بين الدول ‪.‬‬
‫الشرط الثاني ــ أن يكون النزاع بين دولتين موقعتين على اتفاقية جنيف بشأن‬
‫حماية الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان سواء كانتا‬
‫موقعتين كلتاهما أو إحداهما على االتفاقية أو لم تكونا كذلك ‪.‬‬

‫الشرط الثالث ــ أن يكون االشتباك العسكري في أراضي إحدى الدول‬


‫المتحاربة فإذا حصل النزاع في أراضي دولة أخرى غير متحاربة فال يتمتع‬
‫الجرحى والمرضى بالحماية اإلنسانية ‪ .‬ونعتقد إن الغرض من هذا الشرط هو عدم‬
‫توسيع ساحة القتال لتشمل دول أخرى غير متحاربة ‪ .‬وان الدولة الثالثة التي يقع‬
‫على أراضيها قد ال تكون مهيأة لتقديم الحماية اإلنسانية للجرحى والمرضى في‬
‫حرب أو اشتباك مسلح ال عالقة لها به ‪.‬‬
‫الشرط الرابع ــ أن ُيبعد الجرحى والمرضى من ساحة العمليات العسكرية بسبب‬
‫الجرح أو المرض ‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬المقصود بالجرحى والمرضى ‪:‬‬
‫يقصد بالجرحى والمرضى الذين يتمتعون بالحماية اإلنسانية ما يأتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الجرحى ‪ :‬وهم األشخاص الذين أصيبوا بجروح من جراء العمليات‬
‫العسكرية بغض النظر عما إذا كانت هذه الجروح خطيرة أو غير ذلك بشرط‬
‫عدم مشاركتهم بالقتال ‪.‬‬
‫‪ .2‬المرضى ‪ :‬وهم األشخاص الذين ُأصيبوا بأمراض تمنعهم من مواصلة القتال‬
‫وبغض النظر عما إذا كان المرض خطيرًا أو ال ‪ .‬ويشترط أن يسلم الجرحى‬
‫والمرضى أسلحتهم ‪ ،‬أما إذا احتفظوا بأسلحتهم فال يتمتعون بالحماية اإلنسانية ‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬أصناف العسكريين المتمتعين بالحماية اإلنسانية ‪:‬‬
‫حددت اتفاقية جنيف بشأن حماية الجرحى والمرضى من أفراد القوات‬
‫المسلحة في الميدان أصناف العسكريين الذين يتمتعون بالحماية اإلنسانية في ساحة‬
‫العمليات الحربية ‪ .‬وهذه األصناف هي ‪:‬‬
‫‪.1‬العسكريون ‪:‬‬
‫ويشمل العسكريون األصناف اآلتية ‪:‬‬
‫أ ــ أفراد القوات المسلحة الحكومية المكلفين بالخدمة العسكرية اإللزامية التي‬
‫تفرض على كل مواطن في الدولة مدة محددة بالقانون ‪.‬‬
‫ب ــ العسكريين المتطوعين ‪:‬‬
‫العسكريون المتطوعون هم العسكريون الذين تكون مهنتهم األساسية العمل في‬
‫القوات المسلحة ‪ ،‬تطوعوا للعمل فيها بحسب رغبتهم وتشكل بعض الدول قواتها‬
‫المسلحة من المتطوعين فقط ‪ .‬بينما تشكل دول أخرى قواتها المسلحة من‬
‫المتطوعين والمكلفين بأداء الخدمة العسكرية وُيعامل المتطوعون والمكلفون‬
‫بالخدمة العسكرية بمنزلة واحدة في تطبيق أحكام القانون الدولي اإلنساني ‪.‬‬

‫‪.2‬العسكريون في دولة غير معترف بها ‪:‬‬


‫ويشمل هؤالء أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعملون في دولة تحت‬
‫والء حكومة ال تعترف بها الدولة المتحاربة األخرى ‪ .‬ويشكل هؤالء من صنفي‬
‫العسكريين المكلفين بالخدمة اإللزامية والمتطوعين في القوات المسلحة ‪ .‬ومن‬
‫أمثلة هؤالء القوات المسلحة الفلسطينية بالنسبة إلى (إسرائيل) فعلى الرغم من عدم‬
‫اعتراف (إسرائيل) بالدولة الفلسطينية ‪ ،‬فان هذه القوات تتمتع بالحماية الدولية ‪.‬‬
‫‪.3‬األشخاص الذين ليس لهم دور إيجابي في العمليات الحربية ‪:‬‬
‫وتشمل هذه الفئة جميع األشخاص الذين يقتصر دورهم في العمليات الحربية‬
‫على األعمال اإلنسانية والخدمة كاألشخاص المكلفين بجمع جثث الموتى والقتلى‬
‫وجمع المرضى وتصنيفهم وإسعافهم واألشخاص المكلفين بتقديم الخدمات اإلدارية‬
‫وطبقًا لذلك ‪ ،‬فان ما يشترط في هؤالء لكي يتمتعوا بالحماية اإلنسانية أن تتوافر‬
‫فيهم الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫أ ــ أن يرافقوا القوات المسلحة في أداء خدماتهم ‪.‬‬
‫ب ــ أن تتحدد أعمالهم في األعمال اإلنسانية والخدمية ‪.‬‬
‫جـ ــ أال يمارسوا أعماًال عسكرية ‪.‬‬
‫‪.4‬العسكريون المقاتلون الذين سّلموا أسلحتهم ألي سبب كان وأوقفوا القتال ‪:‬‬
‫ويتمتع هؤالء بالحماية اإلنسانية وان شاركوا في القتال ماداموا قد أوقفوا‬
‫أعمالهم الحربية وسّلموا أسلحتهم سواء تركوا للعودة إلى بلدهم أو عّد و من‬
‫األسرى‪.‬‬
‫‪ .5‬األشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة ‪ :‬وتشمل هذه الفئة ما يأتي ‪:‬‬
‫أ ــ المدنيين من مالحي الطائرات الحربية ‪ :‬وهم األشخاص الذين ينتدبون من‬
‫الخطوط الجوية المدنية للعمل في الطائرات الحربية ‪.‬‬
‫ب ــ المراسلين الحربيين ‪ :‬وهؤالء في الواقع يتبعون القوات المسلحة ويعملون‬
‫لتغطية األعمال الحربية ‪ .‬وال يقصد بهم المراسلين الذين يعملون في الصحف‬
‫المدنية ‪ ،‬بل الذين يعملون في الصحف العسكرية ‪.‬‬
‫جـ ــ متعهدي التموين ‪ :‬ومتعهدو التموين هم الذين يكلفون بتوريد المواد الغذائية‬
‫ويقدمون السلع والخدمات ألفراد القوات المسلحة سواء كانوا يتبعون القوات‬
‫المسلحة أم ال ‪ .‬والمهم انهم ال يباشرون العمليات الحربية ‪.‬‬
‫د ــ الفنانين ‪ :‬وهم األشخاص الذين يتمتعون بمواهب فنية ‪ ،‬يرافقون القوات‬
‫المسلحة للترفيه عنهم ‪ .‬دون أن يمارسوا أعمال القتال ‪ ،‬وال يهم أن يكون هؤالء‬
‫من العسكريين أو المدنيين بشرط أن يحملوا تصريحات من القوات المسلحة التي‬
‫يعملون فيها ‪.‬‬

‫‪ .6‬سكان األراضي غير المحتلة ‪:‬‬


‫يتمتع هؤالء بالحماية اإلنسانية إذا توافرت فيهم الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫أ ــ أن يكونوا من سكان الدولة المتحاربة ‪.‬‬
‫ب ــ أن تكون أراضيهم غير محتلة ‪.‬‬
‫جـ ــ أن يحملوا السالح من تلقاء أنفسهم ‪.‬‬
‫د ــ أن يقترب العدو منهم ‪.‬‬
‫هـ ــ أن يتحدد عملهم بمقاومة القوات الغازية ‪ .‬أي انهم يدافعون ضد احتالل‬
‫أرضهم وال يقاومون بأعمال عدائية أخرى ‪.‬‬
‫و ــ أال تسمح الفرصة لهم لتشكيل وحدات عسكرية نظامية ‪.‬‬
‫ز ــ أن يحملوا السالح جهرًا ‪ ،‬وإذا قاموا بإخفائه ثم باغتوا العدو فانهم على بينة‬
‫من أن هؤالء من المقاتلين ‪ ،‬ويتخذ الحيطة والحذر منهم ‪.‬‬
‫ح ــ أن يطبق هؤالء قوانين الحرب وعاداتها ن من جهة بدأ القتال وادارته ووقفه‬
‫وعدم استخدام االسلحه المحرمة دوليًا ‪.‬‬
‫رابعًا ‪ :‬نطاق الحماية اإلنسانية ‪:‬‬
‫نقصد بنطاق الحماية اإلنسانية الحقوق اإلنسانية التي تتمتع بها األصناف التي‬
‫سبقت اإلشارة إليها في الفقرة السابقة ‪ .‬وقد حددت اتفاقية جنيف لتحسين حالة‬
‫الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان لعام ‪1949‬م نطاق هذه الحماية‬
‫بالشكل اآلتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬االحترام الالزم لألشخاص العسكريين من األصناف التي سبقت اإلشارة‬
‫إليها وقد أوجبت هذه االتفاقية أن يكون االحترام في جميع األحوال ‪ ،‬وهذا يعني‬
‫إن على الدولة الحاجزة أن تؤمن احترام هؤالء بغض النظر عن الظروف التي‬
‫تمر بها قواتها المسلحة والدولة الحاجزة ملزمة بضمان االحترام بأن تلزم‬
‫قواتها المسلحة باحترام هؤالء فال توجه كلمات نابية أو ما يخدش الشعور وال‬
‫يجوز تأنيبهم وإساءة معاملتهم ‪.‬‬
‫‪ .2‬حمايتهم الحماية الالزمة ‪ .‬فعلى الدولة الحاجزة أن تأمر قواتها المسلحة بعدم‬
‫التعرض لهم ‪ .‬كما عليها أن تأمر قواتها بعدم تعرض الجمهور لالعتداء عليهم‬
‫‪ .‬ومن مستلزمات الحماية إخالءهم من ساحة العمليات الحربية وابعادهم عن‬
‫مسرح الحرب لئال يتعرضوا آلثار األعمال الحربية بين الطرفين ‪ .‬فال يجوز‬
‫وضعهم في منطقة عسكرية تكون هدفًا للهجمات الحربية ‪ .‬وان كانت هذه‬
‫الهجمات من دولتهم وتكون الدولة الحاجزة مسؤولة عن حمايتهم وال يجوز‬
‫التذرع بأن دولتهم هي التي قامت بقتلهم والتزام الدولة الحاجزة بالحماية كما‬
‫أوجبته االتفاقية ينبغي أن يكون في جميع األوقات فال يجوز لها أن تتذرع بأن‬
‫ظروفها الحربية أو االقتصادية أو الفنية ال تسمح لها بذلك ‪ .‬ونرى انه إذا كانت‬
‫ظروف الدولة الحربية أو االقتصادية أو الفنية ال تسمح لها حقيقة بتقديم هذه‬
‫الحماية ‪ ،‬فان عليها أن تستعين بالمنظمات اإلنسانية الدولية والدول المحايدة‬
‫لتقديم المساعدة لها ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكونوا تحت سلطة الدولة الحاجزة أي أن يكونوا تحت حماية القوات‬
‫المسلحة الرسمية فال يجوز أن يكونوا تحت حماية أفراد القوات المتطوعة أو‬
‫القوات المدنية المرافقة أو أية جهة مدنية أخرى ‪ .‬إن الهدف من وضعهم تحت‬
‫حماية القوات المسلحة الرسمية هو لضمان عدم تعرضهم لالعتداء وضمان‬
‫تطبيق أحكام االتفاقية ‪ ،‬ذلك أن القوات المسلحة على علم ودراية بهذه األحكام‬
‫وقد يجهل غيرهم متطلبات الحماية التي يقررها القانون الدولي ‪ .‬فضًال عن أن‬
‫القوات المسلحة هي الجهة المسؤولة عن ذلك أمام الدولة الحاجزة ‪.‬‬
‫‪ .4‬المعاملة اإلنسانية لهم ‪ :‬حيث تلتزم الدولة بعدم القيام بأي عمل ضدهم يمس‬
‫كرامتهم وشخصيتهم ويجب معاملتهم المعاملة التي تليق بهم بصفتهم بشرًا ‪.‬‬
‫وعليها أن تعامل العسكريين طبقًا لرتبهم العسكرية فال يجوز وضع جميع‬
‫العسكريين في معسكر اعتقال واحد ‪ .‬أو أن تسلط أصحاب الرتب الصغيرة‬
‫على أصحاب الرتب األعلى ‪.‬‬
‫‪ .5‬عدم التمييز بين العسكريين ‪ :‬ليس للدولة الحاجزة أن تميز في معاملتها بين‬
‫العسكريين بسبب الجنس ‪ ،‬فتعامل الرجال معاملة سيئة بالنسبة إلى معاملة‬
‫النساء أوالعكس ‪ .‬ويحرم عليها التمييز بينهم بسبب القومية‪ .‬فقد تقوم الدولة‬
‫الحاجزة بمعاملة سيئة لبعض القوميات بسبب وجود عداء قومي تاريخي وتلجأ‬
‫بعض الدول إلى المعاملة السيئة لألشخاص الذين ينتمون إلى قومية الدولة‬
‫الحاجزة ‪ ،‬على أساس أن هؤالء لم يحاربوا إلى جانبها على الرغم من الصلة‬
‫القومية بينهما ‪ ،‬ويحرم التمييز بين أصناف العسكريين بسبب الدين أو الطائفة ‪،‬‬
‫فال يجوز معاملة بعض العسكريين من دين معين أو طائفة معينة معاملة تختلف‬
‫عن اآلخرين ‪ .‬كذلك بالنسبة إلى اآلراء السياسية واختالف اللون فال يجوز أن‬
‫تختلف المعاملة بسبب ذلك ‪.‬‬
‫ويجوز التمييز بين العسكريين بتوفير ظروف أفضل في الحاالت اآلتية ‪:‬‬
‫أ ــ معاملة النساء بصورة تتناسب ووضعهن وتقدم لهن الخدمات اإلنسانية ‪.‬‬
‫ب ــ معاملة العسكريين بحسب مراتبهم فيجوز توفير الراحة للضباط بحسب رتبهم‬
‫العسكرية ‪.‬‬
‫‪ .6‬عدم االعتداء على حياتهم ‪ .‬فال يجوز أبادتهم أو قتل بعضهم بأي شكل من‬
‫األشكال ‪.‬‬
‫‪ .7‬عدم استعمال العنف ضدهم ‪ .‬فال يجوز ضربهم أو تعذيبهم أو منع الماء و‬
‫الطعام عنهم ‪.‬‬
‫‪ . 8‬عدم أجراء التجارب الطبية أو العلمية أو أن يكونوا موضعًا لتجارب األسلحة‬
‫ومدى تأثيرها وال يجوز أخذ الدم منهم بالقوة ‪.‬‬
‫‪ .9‬عدم تركهم بدون عالج أو رعاية طبية ‪.‬‬
‫‪ .10‬عدم خلق ظروف تعرضهم لمخاطر العدوى أو األمراض أو تعرض‬
‫جروحهم للتلوث ‪.‬‬
‫‪ .11‬أن تقدم األولوية في العالج على أسس قائمة على حاجة المرضى والجرحى‬
‫‪.‬‬
‫‪ .12‬إذا ما أرادت الدولة الحاجزة أن تترك المرضى والجرحى للطرف اآلخر ‪،‬‬
‫فان عليها أن توفر الخدمات الطبية الالزمة للعناية بهم ‪.‬‬
‫‪ .13‬البحث عن الجرحى والمرضى ‪.‬‬
‫أوجبت اتفاقية جنيف بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة‬
‫في الميدان لعام ‪1949‬م أن يتخذ أطراف النزاع ما يأتي ‪:‬‬
‫أ ــ البحث عن الجرحى والمرضى من األصناف التي سبقت اإلشارة إليها ومن‬
‫الواضح إن هذا البحث أن تقوم به كل دولة متنازعة بعد انتهاء االشتباك ويكون‬
‫هذا البحث في األراضي التي تخضع لسيطرة الدولة ‪ ،‬وليس للدولة أن تقوم‬
‫بالبحث عن الجرحى والمرضى في المناطق التي تخضع الحتالل الدولة األخرى ‪.‬‬
‫ب ــ جمع الجرحى والمرضى في مناطق معينة بعيدة عن ساحة العمليات‬
‫العسكرية‪ .‬ويتم جمعهم بعد البحث عنهم وينقلون إلى مكانات الجمع بحسب طبيعة‬
‫حالة المرضى والجرحى ‪.‬‬
‫جـ ــ حمايتهم من السلب والنهب وسوء المعاملة ذلك أن حالة القتال تعرض‬
‫أطراف النزاع إلى الموت ‪ .‬وان حالة الحنق والكراهية وغرور النصر قد تؤدي‬
‫إلى االنتقام من هؤالء ولهذا يجب حمايتهم من االنتقام منهم عن طريق سلبهم أو‬
‫سوء المعاملة ‪.‬‬
‫د ــ تبادل الجرحى بين أطراف النزاع فعندما تسمح الظروف يتفق أطراف النزاع‬
‫على جمع وتبادل الجرحى المتروكين في ميدان القتال طبقًا لما يأتي ‪:‬‬
‫أوًال ــ أن تعقد اتفاقية هدنة أو وقف العمليات الحربية ‪.‬‬
‫ثانيًا ــ أن يسمح بجمع الجرحى من ساحة العمليات الحربية ‪.‬‬
‫ثالثًا ــ أن يختص الجمع بالجرحى دون المرضى ‪.‬‬
‫رابعًا ــ أن يتحدد الجمع بالجرحى المتروكين ‪ ،‬دون الجرحى الذين نقلتهم الدولة‬
‫الحاجزة إلى داخل األراضي الواقعة تحت االحتالل ‪.‬‬
‫خامسًا ــ أن يتم تبادل الجرحى بين الطرفين ‪ ،‬فيقدم كل طرف الجرحى إلى‬
‫الطرف اآلخر وإذا رفض أحد األطراف ذلك جاز للطرف اآلخر االمتناع عن‬
‫إجراء التبادل‪.‬‬
‫سادسًا ــ أن يتم نقلهم بالطريقة التي ُينقل بها العسكريون ‪.‬‬
‫هـ ــ تبادل الجرحى والمرضى في منطقة محاصرة ففي هذه الحالة يجب اتخاذ ما‬
‫يأتي ‪:‬‬
‫أوًال ــ أن يتم االتفاق بين األطراف المتنازعة ‪.‬‬
‫ثانيًا ــ أن يكون الجرحى والمرضى في منطقة محاصرة أو مطوقة ‪.‬‬
‫ثالثًا ــ السماح ألفراد الهيئات الطبية والدينية بالمرور إلى تلك المناطق لنقل‬
‫الجرحى والمرضى ألغراض التبادل ‪.‬‬

You might also like