You are on page 1of 165

‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫لصـوص اآلخـرة‬
‫تفنيـد آراء امللحـدين يف الكون واحليـاة‬

‫‪1‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪1441‬هـ ‪ 2020 /‬م‬

‫اسم الكتاب‪ :‬لصوص اآلخرة‪ ،‬تفنيـد آراء الملحـدين يف الكون والحيـاة‬


‫اسم المؤلــف‪ :‬د‪ .‬هيثم طلعت‬
‫الطبعــة‪ :‬األولى‬
‫مقاس الكتاب‪24 × 17 :‬‬
‫عدد الصفحات‪164 :‬‬
‫رقـــم اإليـــداع‪2019/25968 :‬م‬
‫الرتقيم الدولي‪978-977-6713-20-8 :‬‬

‫العنوان‪ 3 :‬شارع مسجد الفرقان – القناطر اخلريية – القليوبية مجهورية مصر العربية‬
‫التليفون‪01102260020 – 01019757010 :‬‬
‫‪website: http://tbseir.com twitter: @tabseir Fb: @tbseir‬‬
‫‪Email: tabseir@gmail.com‬‬

‫‪2‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫صٍضٍخ‪ٔ :‬مض اإلٌربص ‪ٚ‬إثجبد اإلصالَ (‪)1‬‬

‫لصـوص اآلخـرة‬
‫تفنيـد آراء امللحـدين‬
‫يف الكون واحليـاة‬

‫ص‪١٘ .‬ثُ طٍؼذ‬

‫‪3‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪4‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫ِ‬
‫سيئات‬ ‫إف اغبمد ﵁ كبمده ونستعينو ونستغفره ونعوذ با﵁ من شرور أنفسنا ومن‬
‫ىادي لو‪ ،‬وأشهد أ ْف ال إلو إال ا﵁ُ وحده‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ومن يُضل ْل فال َ‬ ‫أعمالنا‪َ ،‬من يهده ا﵁ُ فال مض َّل لو َ‬
‫ات ا﵁ِ وسالمو عليو وعلى صبيع األنبياء‬ ‫عبده ورسولُو صلو ُ‬‫ؿبمدا ُ‬‫أف ً‬ ‫ال شريك لو‪ ،‬وأشهد َّ‬
‫ومن أحبَّهم إىل يوـ الدين‪.‬‬
‫واؼبرسلُت‪ ،‬وعلى صحابتو وآؿ بيتو‪َ ،‬‬
‫أما بعد؛‬
‫عاما تطلَّعت أف أؤلف كتابًا ُم َّ‬
‫وس ًعا يف نقد اإلغباد‪ ،‬وبياف‬ ‫فقبل حوايل اثٍت عشر ً‬
‫رجوت أف أحققها فيو!‬
‫ُ‬ ‫أجال‬
‫بعض براىُت صحة اإلسالـ‪ ،‬ووضعت ؽبذه الفكرة ً‬
‫األجل‪ ،‬ويقًتب معو ربقق ىذا اؼبشروع بفضل ا﵁‪.‬‬
‫وسبضي السنوات‪ ،‬ويقًتب َ‬
‫ربديدا ىو األجل‪ ،‬وىذا الكتاب الذي بُت يديك ىو اعبزء األوؿ‬
‫ليصبح ىذا العاـ ً‬
‫من ىذا اؼبشروع‪.‬‬
‫مشروع‪ :‬نقد اإلغباد وإثبات اإلسالـ!‬
‫ينقسم ىذا اؼبشروع إىل ثالثة أجزاء‪:‬‬
‫اعبزء األوؿ وىو الكتاب الذي بُت يديك‪ :‬لصوص اآلخرة‪.‬‬
‫تفنيدا آلراء اؼبلحدين يف الكوف ونشأة اغبياة‪ ،‬ونػَ ْقد أشهر‬
‫ويتناوؿ ىذا الكتاب ً‬
‫الشبهات اليت يطرحوهنا يف آية ظهور الكوف‪ ،‬وآية ظهور الكائنات اغبية‪ ،‬مع تركيز أكرب على‬
‫براىُت وآيات وجود اػبالق سبحانو‪.‬‬
‫يُت‪.‬‬
‫أما اعبزء الثاين من ىذا اؼبشروع وىو كتاب‪ :‬رسوؿ األُم َ‬
‫‪5‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫تفنيدا آلراء اؼبلحدين يف الدين‪ ،‬وبيانًا لبعض براىُت‬


‫وسيتناوؿ الكتاب إف شاء ا﵁ ً‬
‫صحة اإلسالـ ودالئل صدؽ الرسوؿ صلى ا﵁ عليو وسلم‪ ،‬وحقائق ما يعلمو أىل الكتاب‬
‫عن النيب القادـ‪.‬‬
‫وشبُهات إغبادية‪.‬‬
‫أما اعبزء الثالث من اؼبشروع وىو كتاب‪ :‬وساوس ُ‬
‫وىو لنقد أشهر افًتاءات اؼبلحدين على اإلسالـ والشريعة‪ ،‬وبياف طرؽ التعامل مع‬
‫الشبهات والوساوس الع َقدية‪.‬‬
‫تباعا إف شاء ا﵁ خالؿ الشهور القادمة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والكتاباف األخَتاف سيصدراف ً‬
‫يسر يل أسباب االنتهاء من ىذا اؼبشروع‪،‬‬
‫وىنا ال يسعٍت إال أف أضبد ريب سبحانو أف َّ‬
‫خَتا‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫مث َّ‬
‫أتقدـ بالشكر لكل َمن علمٍت‪ ،‬فجزاىم ريب عٍت ً‬
‫وىذا اؼبشروع أقدمو للقارئ العريب وغَت العريب‪ ،‬اؼبسلم وغَت اؼبسلم‪ ،‬اؼبؤمن با﵁‬
‫صبيعا‪ ،‬فاغبُ َجج اليت أعرضها‬
‫واؼبلحد‪ ،‬الباحث عن اغبق وطالب العلم الشرعي؛ أُقدمو ؽبؤالء ً‬
‫خطاب لكل ىذه األطياؼ‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫يف ىذا اؼبشروع ىي‬
‫ِ‬
‫سهل اللغة‪ ،‬قصَت العبارة‪ ،‬إال أف كل فقرةٍ فيو ُمرَّكزة ُم َ‬
‫وجزة‪،‬‬ ‫ىذا اؼبشروع وإف كاف َ‬
‫ومثل ىذا األسلوب يف الطرح وبتاج لقراءة متأنية ىادئة‪.‬‬
‫تأصيال لنقد شبهات‪،‬‬
‫ً‬ ‫لت يف ىذا اؼبشروع‪ :‬بناء معرفة‪ ،‬وليس عرض معلومات؛‬
‫حاو ُ‬
‫وليس تفكيك كل شبهة مستقلة عن األخرى؛ بناء يقُت‪ ،‬وليس ؾبرد تلقُت‪.‬‬
‫كتبت من عند نفسي عدـ اػبطأ أو الزلل‪.‬‬ ‫وال َّأدعي يف شيء فبا ُ‬
‫وال َّأدعي يف ىذا اؼبشروع بأكملِو إال خطوًة واحد ًة ضعيفةً ىزيلةً على طريق كيلومًتي‬
‫ىائل‪ُ ،‬فب َّهد بآالؼ اغبجج والدالئل والرباىُت‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫﴿ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ﴾‬
‫[الكهف‪.]ٜٔٓ :‬‬
‫قدمت الطرح يف ىذا اؼبشروع بنظاـ سؤاؿ وجواب؛ ليكوف ْأدعى لالنتباه والًتكيز‬‫َّ‬
‫والتذكر وسهولة استحضار اؼبعلومة‪.‬‬
‫صورا مباشرًة من اؼبراجع اليت أحتج هبا‪ ،‬وليس ؾبرد روابط‬
‫كما استخدمت يف الغالب ً‬
‫للمراجع‪ ،‬حىت يكوف أدعى للتحقق من صحة اؼبعلومة وتوثيق اػبرب أماـ عيٍت القارئ!‬
‫أجرا؛ إنو نِ ْعم اعبواد الكرًن‪.‬‬
‫راجيًا من ا﵁ أف ينفع هبذا العمل‪ ،‬وأف يكتب لنا بو ً‬
‫خَتا‪.‬‬
‫وال تنسوين من صاحل الدعاء‪ ،‬جزاكم ا﵁ ً‬
‫د‪.‬هيثم طلعت‬
‫‪Haithamsrour41@gmail.com‬‬
‫‪https://www.facebook.com/haitham.srour12‬‬

‫‪7‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫واآلن لنبدأ على بركة اهلل‪:‬‬


‫‪ٌّ -1‬بطا ٘ظا اٌّشغ‪ٚ‬ع‪ ٟ٘ َِٓٚ ،‬اٌفئخ اٌُّضز‪ٙ‬ضَفخ ِٕٗ؟‬
‫ىذا اؼبشروع ىو للتأسيس وضبط اؼبعرفة‪ ،‬فالفروع يف الغالب ال تنشئ َمنهجاً‪ ،‬ال بد‬
‫من التأسيس ؼبنهج‪ ،‬اؼبنهج ىو الذي يَعصم ويُنشئ الفروع‪.‬‬
‫تحري للحجج‬
‫الباحث عن اغبق‪ ،‬يسًتشد بو اؼبُ ّ‬
‫ُ‬ ‫اؼبنهج ىو الذي يسًتشد بو‬
‫قمت بالرد على عشر ُشبُهات ستلتبس الشبهة اغبادية عشرة على اؼبتشكك؛‬
‫والرباىُت؛ فلو ُ‬
‫تتكوف‬
‫منهجا يف الرد‪ ،‬إذ ْف ال بد من التأسيس‪ ،‬ال بد من التأصيل ؼبنهج حىت َّ‬
‫ألنو ال يبلك ً‬
‫َملَكة ذاتية لدى الشاب‪ ،‬وحىت يعرؼ اؼبتشكك كيف ُوبيل اؼبتشابو إىل اؼبح َكم‪ ،‬ويعرؼ أين‬
‫ُ‬
‫شبهة ٍ‬
‫معينة!‬ ‫يبحث يف بطوف الكتب لتفنيد ٍ‬

‫وهبذا يستضيء َمن يريد أف يُوفَّق للخَت واغبق؛ ً‬


‫ملحدا كاف أو متشك ًكا‪.‬‬
‫ؤىل للرد على الشبهات وتفنيدىا‬
‫أيضا اؽبدؼ من اؼبشروع أف يكوف عندنا شباب ُم َّ‬
‫ً‬
‫يف كل مدينة وقرية وشارع‪ ،‬شباب مسلم لديو دراية بنقد أشهر الشبهات‪ ،‬ومعرفة بطريقة‬
‫تفكيك دعاوى اإلغباد والعلمانية واؼبادية‪ ،‬واطالع على َعوار وخلل ىذه الكفريات‪ :‬خلل‬
‫اإلغباد والفلسفات اؼبادية؛ وفَهم لرباىُت صحة اإلسالـ ويقينيات اإليباف‪.‬‬
‫فاألمة اإلسالمية اليوـ تواجو حربًا عاؼبيَّة‪ ،‬حربًا ال زبفى على ُمتابع‪ ،‬وىذا قَ َدر أتباع‬
‫النبوات عرب التاريخ‪ ،‬حيث تتكاتف ِملل الكفر بشىت مدارسها ومللها ِوكبلها غبرب أتباع‬
‫األنبياء‪ ،‬ولدس السموـ والشبهات‪ ،‬وذبنيد أصحاب األىواء لتزيُت الكفر‪ ،‬مرة بالشهوة‪ ،‬ومرة‬
‫بالشبهة‪ ،‬ومرة بالسالح واالحتالؿ!‬
‫‪8‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫دوما‪.‬‬
‫ىذا َديْدهنم عرب العصور‪ ،‬فمشروعهم معروؼ‪ ،‬وكأهنم يتواصوف بو ً‬
‫﴿ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾ [الذاريات‪]ٖ٘ :‬‬

‫أوال بأوؿ‪ ،‬سيبتلعنا طوفاف ىذه اغبرب!‬ ‫فلو مل ُكبصن أنفسنا وأبناءنا ونتزكى إيبانيا ً‬
‫أضف إىل ىذه اغبرب أننا نعيش اليوـ ظاىرة إغباديَّة فِعليَّة يف العامل‪ ،‬فنسبة اإلغباد‬ ‫ِ‬
‫ؼبوجة إغباديٍَّة‪ ،‬موجة يقودىا لصوص اآلخرة الذين‬
‫ويتعرض عاؼبنا اإلسالمي أيضا ٍ‬
‫ً‬ ‫تزداد‪َّ ،‬‬
‫ُ‬
‫يريدوف أف يسلبوا آخرة الناس‪ ،‬ويُضيعوا عليهم حياهتم األبدية‪ ،‬وىنا واجب اؼبسلم أف يُ ِتقن‬
‫كيف يواجو ىذه اؼبوجة وىؤالء اللصوص‪ ،‬وكيف ينتفع عند ربو من ىذه اؼبوجة‪ ،‬فهذه‬
‫اؼبوجة اإلغباديَّة نِعمة كبَتة من ا﵁ لِ َمن انتفع هبا وسأؿ ربو أف يكوف ربت راية نبيو صلى ا﵁‬
‫مدافعا عن دين ا﵁‪ ،‬داعيًا للحق؛ فيتعلم كيف يدعو إىل ا﵁‪ ،‬ويتعلم ما يعزز‬ ‫عليو وسلم‪ً ،‬‬
‫بصَتة أصحاب الشبُهات والشكوؾ‪.‬‬ ‫يقينو‪ ،‬ويتعلم إشكاالت اإلغباد‪ ،‬مث يدعو إىل ا﵁ على ٍ‬
‫أسبٌت‬
‫يات اؼبسلمةُ يف دوؿ العامل‪ ،‬ف َّ‬
‫ضا ؽبذه اؼبوجة ىي األقل ُ‬ ‫ودبا أف أكثر الفئات تعر ً‬
‫توجيو ؿبتوى ىذا اؼبشروع إىل اللغات األخرى لينتفع بو الناطقوف بتلك اللغات من اؼبسلمُت‬
‫وغَتىم‪.‬‬
‫فالعامل اليوـ وبتاجنا أكثر بكثَت جدا فبا كبن كبتاج إليو!‬
‫نعم!‬
‫العامل يعيش موجة عبثية وعدمية غَت مسبوقة‪ ،‬فقد مات معٌت اإلنساف وظهر‬
‫الالإنساف‪ ...‬وىذا نتاج اإلغباد اؼبتوقع!‬
‫والعاقل َمن استعاف با﵁ وشَّر عن ساعد اعبِد ليدعو إىل ربو‪ ،‬ويُبلغ الناس رسالة ا﵁‪،‬‬
‫﴿ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ﴾ [فصلت‪.]ٖٖ :‬‬
‫‪9‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪ -2‬ف‪ ٟ‬اٌجضا‪٠‬خ‪ِ :‬ب ٘‪ ٛ‬ألصغ طغ‪٠‬ك ٌزرص‪ ً١‬اٌ‪١‬م‪ٌٍّ ٓ١‬ضٍُ ‪ٚ‬اٌُّزشىه؟‬


‫أقصر طريق ىو ِورد يومي من القرآف تقرؤه بتدبر‪ ،‬ولو نصف حزب يوميا‪.‬‬
‫يكوف لك ورد تدبر يوميا ربافظ عليو‪ ،‬تقرأ آي ِ‬
‫ات ىذا ال ِورد بتدبر وتأمل وتفكر‪.‬‬
‫ومن أفضل الكتب اؼبعينة على التدبر ىو‪ :‬التفسَت اؼبيسر‪ ،‬وىو تفسَت موجز صبيل!‬
‫ُ‬
‫تقرأ اآلية من القرآف الكرًن‪ ،‬مث تقرأ تفسَتىا‪ ،‬وىكذا إىل أف ينتهي ال ِورد‪ ،‬ويف العاـ التايل‬
‫تنتقل لتفسَت آخر مثل اؼبختصر يف التفسَت‪ ،‬مث تفسَت الشيخ السعدي رضبو ا﵁ وىكذا‪...‬‬

‫اػباصة‪ ،‬وفيو جواب‬


‫وىذا الطريق طريق تدبر القرآف واؼبداومة عليو‪ ،‬لو أسراره اإليبانية َّ‬
‫ُؾب َمل لكل شبهة‪ ،‬وبو ربصل طُمأنينة النفس‪ ،‬وفيو ُرقية من الشيطاف والوسواس!‬
‫‪10‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ٍ‬
‫ووقفات‪.‬‬ ‫واإلنساف كلما تدبَّر كتاب ربو خرج منو دبعجز ٍ‬
‫ات‬ ‫َ‬
‫بل وكم من عدو لرسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم أراد اغتيالو‪ ،‬فما أف ظبع آيات‬
‫القرآف حىت انفطر قلبو وظهر اإليباف يف عينيو!‬
‫ىذا يف حاؿ الكافر ا﵀ارب الكاره لإلسالـ‪ ،‬فكيف بصاحب الشبُهات الذي يريد‬
‫اغبق‪ ،‬فكيف باؼبسلم؟!‬
‫فللقرآف معارج إيبانية عجيبة‪ ،‬تستبشر بو النفوس‪ ،‬وتنشرح لو الصدور‪ ،‬وعادة النفوس‬
‫(ٔ)‬
‫مع القرآف أهنا إذا أخذت حظها منو عادت لو مرتاع ًة تُريد اؼبزيد!‬
‫طوالت وكتب الفالسفة حبثًا‬‫فالقرآف ىو أقصر طريق لتحصيل اليقُت‪ ،‬والذين قرأوا اؼب َّ‬
‫ُ‬
‫عن اليقُت اعًتفوا يف آخر أعمارىم أف أيسر وأفضل طريق لليقُت كاف طريق القرآف!‬
‫طوالت الكالمية‪:‬‬
‫انظر ماذا قاؿ الرازي رضبو ا﵁ بعد رحلة طويلة مع كتب الفالسفة واؼب َّ‬
‫ُ‬
‫اؼبناىج الفلسفية‪ ،‬فما رأيتُها تشفي‬
‫تأملت الطرؽ الكالمية‪ ،‬و َ‬ ‫ُ‬ ‫قاؿ رضبو ا﵁‪" :‬لقد‬
‫غليال‪ ،‬ورأيت أقرب الطرؽ طريقة القرآف‪...‬‬ ‫عليال‪ ،‬وال تروي ً‬
‫ً‬
‫(ٕ)‬
‫عرؼ مثل معرفيت" ‪.‬‬ ‫جرب مثل ذبربيت َ‬ ‫ومن َّ‬
‫مث قاؿ‪َ :‬‬
‫الشهرستاين رضبو ا﵁‪:‬‬ ‫وقاؿ َ‬
‫ِ‬
‫المعالم‬ ‫وسيَّرت طرفِي بين تلك‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المعاهد كلِّها‬ ‫لقد طفت في تلك‬
‫(‪)3‬‬
‫ف حائ ـ ـ ـ ـ ـ ـر على ذَقَــن أو قـارعا ِس َّن ن ـ ِ‬
‫ـادم‬ ‫فلـم َأر إال واضع ـ ـا ك ـ ـ َّ‬

‫(ٔ) راجع كتاب‪ :‬الطريق إىل القرآف‪ ،‬إبراىيم السكراف‪ ،‬متاح على الشبكة العنكبوتية‪.‬‬
‫(ٕ) سَت أعالـ النبالء‪ ،‬ـٕٔ صٔٓ٘‪.‬‬
‫(ٖ) هناية اإلقداـ يف علم الكالـ‪ ،‬صٖ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫كبت‬
‫وقاؿ أبو اؼبعايل اعبَُويٍت رضبو ا﵁‪" :‬لقد قرأت طبسُت أل ًفا يف طبسُت أل ًفا‪ ،‬ور ُ‬
‫ضت يف الذي هنَْوين عنو‪ ،‬وىا أنا ذا أعود إىل اغبق باغبق"!‬
‫وخ ُ‬ ‫البحر اػبِ َّ‬
‫ضم ُ‬
‫كلهم اعًتفوا أف طريق القرآف ىو أمثل وأسهل وأيسر وأقصر طرؽ ربصيل اليقُت‪.‬‬
‫فالقرآف كالـ ا﵁ لكل ٍ‬
‫أحد حبسب علمو وثقافتو وبساطتو وعمقو؛ ىو كالـ ا﵁ لكل‬
‫أطياؼ البشر!‬
‫وإىل جانب تدبر كتاب ا﵁ أدعوكم إىل قراءة أعظم الكالـ‪ ،‬وأحسن القوؿ بعد كالـ‬
‫ا﵁ سبحانو‪ ،‬وىو كالـ نبيو صلى ا﵁ عليو وسلم‪ ،‬أُوصي بقراءة طبسة أحاديث من رياض‬
‫الصاغبُت يوميا‪ ،‬بشرح بسيط صبيل مثل شرح ابن عثيمُت رضبو ا﵁‪.‬‬
‫أحوجنا ؼبِثل ذلك!‬
‫ورياض الصاغبُت كتاب تزكية إيبانية‪ ،‬وما َ‬
‫فلتبدأ مشروع ربصيلك لليقُت من اليوـ‪ ،‬فما من حياتك خَت إال ما كاف فيها ﵁‪،‬‬
‫باطل وىباءٌ القيمة لو‪ ،‬وكما قاؿ اإلماـ ابن القيم رضبو ا﵁‪" :‬إذا كاف العبد وىو يف‬
‫وغَت ذلك ف ٌ‬
‫(ٔ)‬
‫الصالة ليس لو من صالتو إال ما ع َقل منها‪ ،‬فليس لو من عمره إال ما كاف فيو با﵁ و﵁" ‪.‬‬
‫‪ِ -3‬ب ٘‪ ٛ‬اإلٌربص‪ِٚ ،‬ب ٘‪ ٟ‬رمض‪ّ١‬بد أرجبػٗ؟‬
‫(ٕ)‬
‫اإلغباد يف اللغة يعٍت‪ :‬اؼبْيل‬ ‫‪.‬‬
‫َ‬
‫قاؿ ا﵁ تعاىل ﴿ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ﴾ [النحل‪]ٖٔٓ :‬‬

‫يُلحدوف إليو‪ ،‬يعٍت‪ :‬يبيلوف إليو‪.‬‬

‫(ٔ) اعبواب الكايف‪ ،‬صٓ‪.ٔٛ‬‬


‫(ٕ) لساف العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬مادة " َغبَ َد"‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫اصطالحا فهو‪ :‬إنكار اػبالق والغيب والن َّبوات والبعث واغبساب‪.‬‬


‫ً‬ ‫أما اإلغباد‬
‫واإلغباد فَِرؽ كثَتة‪ ،‬ومذاىب متنوعة فهناؾ‪:‬‬
‫اؼبلحد‪ :‬وىو الذي ي ِ‬
‫نكر وجود الغيبيات اليت تقوؿ هبا األدياف‪.‬‬‫ُ‬
‫وىناؾ الربويب‪ :‬وىو الشخص الذي يؤمن بوجود ٍ‬
‫خالق ؽبذا العامل لكنو يكفر باألدياف‪.‬‬
‫وىناؾ الالأدري‪ :‬وىو الشخص الذي ال يستطيع أف هبزـ بصحة وجود اػبالق‪ ،‬وال‬
‫يستطيع أف هبزـ بعدـ وجوده‪ ،‬فهو شخص متوقف!‬
‫وىناؾ الالاكًتاثي‪ :‬وىو الشخص الذي ال يُبايل بالقضية الدينية‪ ،‬وقضية وجود اػبالق‪.‬‬
‫وكل أتباع ىذه التقسيمات يبكن أف نطلق عليهم‪ :‬الالدينيُت‪ ،‬فاؼبلحد والربويب‬
‫والالأدري والالاكًتاثي كلهم الدينيوف‪.‬‬
‫وىناؾ الشخص اؽبيوماين‪ :‬شخص يهتم باإلنساف فحسب‪ ،‬وقد يكوف اؽبيوماين غَت ملحد‪.‬‬
‫ىذه أشهر تقسيمات اؼبذاىب اإلغبادية اؼبعاصرة‪.‬‬
‫وىنا مالحظة ىامة‪:‬‬
‫يوجد فَػ ْرؽ بُت التعريف اللغوي لإلغباد‪ ،‬والتعريف االصطالحي!‬
‫فالتعريف اللغوي لإلغباد ىو‪ :‬اؼبْيل‪ ،‬وبالتايل يدخل ربت ىذا التعريف‪ :‬أصحاب‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫الفَرؽ الضالَّة كاؼبعطلة وغ َِتىم!‬
‫ُ‬
‫لذلك ورود كلمة ملحد يف كتب اؼبتقدمُت ال تعٍت اؼبفهوـ االصطالحي اؼبعاصر‬
‫نوعا من االكبراؼ يف باب من‬
‫لإلغباد‪ ،‬والذي يعٍت إنكار اػبالق والن َّبوات‪ ،‬لكنها تعٍت ً‬
‫أبواب العقيدة كباب‪ :‬األظباء والصفات‪.‬‬
‫ملحدا‪ ،‬وينسبو لإلغباد‬
‫لذلك من قاؿ‪ :‬إف ابن سينا أو أيا من فالسفة اؼبسلمُت كاف ً‬
‫‪13‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ملحدا بالتعريف‬
‫ً‬ ‫دبعناه االصطالحي اؼبعاصر فقد أخطأ؛ ألنو ليس أحد من ىؤالء كاف‬
‫الع َقدية‪.‬‬
‫االصطالحي اؼبعاصر لإلغباد‪ ،‬وإمبا كاف لبعضهم خلل يف بعض القضايا َ‬
‫‪ِ -4‬ز‪ ٝ‬ثضأ اإلٌربص؟‬
‫إغباد دبعناه االصطالحي اؼبعاصر‪ ،‬والذي‬
‫ال تُوجد بداية معروفة لإلغباد‪ ،‬وليس ىناؾ ٌ‬
‫يعٍت إنكار اػبالق قبل القرف الثامن عشر اؼبيالدي‪.‬‬
‫وباستثناء بعض ما نُسب إىل دياجوراس ‪ Diagoras of Melos‬فإف تاريخ األمم‬
‫(ٔ)‬
‫كاف ُمطبِ ًقا على اإليباف باػبالق ‪.‬‬
‫ومل يثبت إنكار اػبالق عند أحد من الناس يف الغرب أو الشرؽ حىت القرف الثامن‬
‫عشر اؼبيالدي!‬
‫نعم نُسبت بعض األقواؿ ؽبذا أو ذاؾ لكن مل يثبت شيء من ذلك!‬
‫يقوؿ اؼبؤرخ الشهَت ويل دورانت يف موسوعتو قصة اغبضارة‪" :‬وال يزاؿ االعتقاد القدًن‬
‫(ٕ)‬
‫سليما" ‪.‬‬
‫اعتقادا ً‬
‫ً‬ ‫صبيعا‬
‫بأف الدين ظاىرة تعم البشر ً‬
‫وقاؿ الشهرستاين‪" :‬أما تعطيل اػبالق العامل القادر اغبكيم فلست أراىا مقالة ٍ‬
‫ألحد‪..‬‬
‫(ٖ)‬
‫وال أعرؼ عليها صاحب مقالة" ‪.‬‬
‫فاإلغباد ظاىرة طُفيلية بالنسبة لتاريخ اعبنس البشري اؼبطبِق على اإليباف باػبالق‪ ،‬أو‬
‫ُ‬
‫كما يقوؿ الدكتور عبد ا﵁ الشهري‪" :‬اإلغباد مل يظهر إال ك ِزعنِ َفة ظبك القرش وسط حبر‬

‫(ٔ) )‪Diagoras of Melos (ٗٓٙ B.C.‬‬


‫(ٕ) ويل ديورانت‪ ،‬قصة اغبضارة‪ ،‬ـٔ ص ‪.ٜٜ‬‬
‫(ٖ) هناية اإلقداـ‪ ،‬صٖٕٔ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫الدين اؽبادر"‬
‫‪ -5‬و‪١‬ف ثضأ اإلٌربص؟‬
‫بداية اإلغباد كانت مع القرف الثامن عشر اؼبيالدي‪ ،‬حُت ظهرت موجة لتأويل‬
‫النصوص الدينية يف أوروبا على يد ُدعاة التنوير والعلمانيُت‪.‬‬
‫فاسدا ُىبرجو‬
‫تأويال ً‬
‫وىذا أخطر مداخل اإلغباد على اإلطالؽ‪ :‬تأويل النص الديٍت ً‬
‫عن معناه‪ ،‬ىذا أخطر مدخل إغبادي!‬
‫ألف تأويل النص الديٍت دبا ىبرجو عن معناه سيُؤدي إىل التشكيك يف قيمة النص‪،‬‬
‫ومصداقية اؼبعٌت‪ ،‬وسيجعل ما يطرأ على ذىنك من فهم النص بال وثوقية!‬
‫فانتشر اإلغباد يف الغرب‪ ،‬حُت فقد الناس الثقة بالنص الديٍت!!‬
‫وىذا باؼبناسبة ما وباوؿ ُدعاة ما يُسمى بالتنوير يف بالدنا تطبيقو اليوـ مع اإلسالـ‪.‬‬
‫وباولوف اللعب بالنصوص الشرعية حىت يوىنوا قيمتها يف النفس‪ ،‬وىبرجوىا عن معناىا!‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬أنت تقوؿ‪ :‬اػبمر حراـ باإلصباع!‬
‫واؼبلحد يقوؿ‪ :‬اػبمر حالؿ‪...‬‬
‫حالال!‬
‫فهنا يأيت التنويري ويقوؿ لك‪ :‬سأقوـ بتأويل النص الديٍت حىت أجعل اػبمر ً‬
‫ٍ‬
‫شديد‪ ،‬وىو أكرب مدخل لإلغباد‪ ،‬وكانت ىذه‬ ‫ىذا مشروع التنوير يف بالدنا بإهبا ٍز‬
‫بداية اإلغباد يف أوروبا‪.‬‬
‫بعد!‬
‫لكن حىت القرف الثامن عشر اؼبيالدي مل يكن اإلغباد الذي ىو إنكار اػبالق قد ظهر ُ‬
‫فقط ظهر نوع من التمرد على الدين‪ ،‬وأشهر شخصية معادية للدين يف ذاؾ الوقت‪،‬‬

‫(ٔ) ثالث رسائل يف اإلغباد والعلم واإليباف‪ ،‬د‪ .‬عبد ا﵁ الشهري‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫لصوص اآلخرة‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫ىو الفيلسوؼ الفرنسي فولتَت‬
‫ملحدا اإلغباد‬
‫ً‬ ‫وفولتَت كغَته من ُدعاة التمرد على الدين يف ذاؾ الوقت مل يكن‬
‫طالحي اؼبعروؼ اليوـ‪ ،‬وإمبا فقط رافض ؼبسيحية الكنيسة؛ ولذلك مل يبانع فولتَت من‬
‫َّ‬ ‫االص‬
‫شرح األخالؽ يف إطار الدين ػبدمو‪ ،‬وكاف يقوؿ كلمتو الشهَتة‪" :‬لو مل يكن ىناؾ إلو‬
‫ػبانتٍت زوجيت وسرقٍت خادمي"‪ .‬واألعجب أنو قاـ يف أواخر حياتو ببناء كنيسة بال ُقرب من‬
‫(ٕ)‬
‫قصره نقش على مدخلها‪" :‬يا رب‪ ،‬اذ ُك ْر عبدؾ فولتَت" ‪.‬‬
‫خصصة لإللو وحده على ىذه األرض‪ ،‬أما الكنائس‬ ‫و َّادعى أهنا الكنيسة الوحيدة اؼب َّ‬
‫ُ‬
‫صصة للقديسُت‪ ،‬وكاف يرسل خدمو إىل الكنيسة بانتظاـ ويدفع أجور تعليم‬ ‫األخرى فهي ُـب َّ‬
‫اعد الديانة‪.‬‬
‫أبنائهم قو َ‬
‫فنحن حىت ىذه اللحظة مل نرصد اإلغباد دبعناه اؼبعاصر‪.‬‬
‫تتأسس‬
‫ربديدا التنظَت الفعلي لإلغباد‪ ،‬و َّ‬
‫ويدخل القرف التاسع عشر ليبدأ يف ىذا القرف ً‬
‫األفكار اليت سينبٍت عليها اإلغباد‪:‬‬
‫(ٖ)‬
‫‪.‬‬ ‫فيظهر التنظَت االقتصادي لإلغباد عند كارؿ ماركس‬
‫حيث اعترب ماركس أف االقتصاد ىو البنية التحتية الوحيدة‪ ،‬أما الدين فسيختفي يف‬
‫اجملتمع الشيوعي يف مرحلة تالية‪.‬‬
‫ويف ذاؾ الوقت ظهرت نظرية التطور على يد تشارلز داروين‪ ،‬واليت زعم فيها أف‬

‫(ٔ) فولتَت (‪ٔٚٚٛ‬ـ)‪.‬‬


‫(ٕ) قصة اغبضارة‪ ،‬ويل ديورانت‪ ،‬اجمللد ‪ ٖٛ‬صفحة ٕٗٔ‪.‬‬
‫(ٖ) كارؿ ماركس (ٖ‪ٔٛٛ‬ـ)‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫(ٔ)‬
‫تطورت من بعضها البعض ‪.‬‬
‫الكائنات اغبية َّ‬
‫(ٕ)‬
‫وبعد تشارلز داروين ظهر باحث فرنسي يف علم االجتماع يُدعى إيبيل دوركاًن‪:‬‬
‫تفسَتا لسبب اعتناؽ الدين‪ ،‬فاعترب أف الدين نشأ نتيجة‬
‫ً‬ ‫حاوؿ دوركاًن أف يضع‬
‫اجملتمع واعبماعة‪ ،‬حيث تشًتؾ العشائر يف لقب واحد فيما يُعرؼ بالطوطم ‪ ،Totem‬وىذا‬
‫الطوطم يف الغالب يكوف لقبًا حيوانيا‪ ،‬ومن ىنا نشأ الدين عند دوركاًن‪.‬‬
‫منثورا‪ ،‬فهناؾ‬
‫من اؼبعلوـ عند علماء االجتماع اليوـ أف زبيالت دوركاًن أصبحت ىباءً ً‬
‫أُمم كاملة وحضارات‪ ،‬بل وقارات ال تعرؼ شيئًا عن الطوطم‪ ،‬وال يوجد عندىم نظاـ األلقاب‬
‫(ٖ)‬
‫صبيعا‪ :‬عقيدة اإليباف با﵁ األعلى بصورة واضحة ‪.‬‬
‫اغبيوانية‪ ،‬ومع ذلك توجد عند ىؤالء ً‬
‫مؤخرا أف فكرة الطوطم يف القبائل القديبة ىي فكرة اقتصادية‬
‫تبُت ً‬‫والعجيب أنو قد َّ‬
‫وليست فكرًة دينية‪ ،‬فالطوطم شعار قومي ورمز يُعرؼ القبائل بأنساهبا‪ ،‬ىو شيء أشبو‬
‫بالعلَم اػباص بالدوؿ اليوـ‪.‬‬
‫َ‬

‫(ٔ) تشارلز داروين (ٕ‪ٔٛٛ‬ـ)‪.‬‬


‫(ٕ) إيبيل دوركاًن (‪ٜٔٔٚ‬ـ)‪.‬‬
‫(ٖ) ‪Andrew Lang (ٜٔٙٛ) the making of religion.‬‬

‫‪17‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫فمما ىو معلوـ أف الدين يف‬


‫أما فكرة أف الدين أنشأه اجملتمع‪ ،‬فهذه فكرة سخيفة‪َّ ،‬‬
‫األصل ظاىرة فردية‪ ،‬ىو َعالقة بُت اإلنساف وربو‪...‬‬
‫مث كيف يُنشئ العقل اعبمعي الدين؟‬
‫ىل ظبع أحد بديانة تظهر مث يقبلها اجملتمع مباشرةً؟‬
‫دوما؟‬
‫أـ أف العكس ىو اغباصل ً‬
‫فاؼبوقف اؼبعتاد اؼبتكرر ىو‪ :‬اؼبناىضة للديانة اعبديدة‪ ،‬واؼبقاومة العنيفة لداعيها! أليس‬
‫ومتكررا؟‬
‫ً‬ ‫شاىدا‬
‫أصال تارىبيا ُم ً‬
‫ىذا ً‬
‫مث إف ىذا االفًتاض السخيف عند دوركاًن ال هبيب عن السؤاؿ اعبوىري‪ِ :‬من أين‬
‫جاءت فكرة اإللو األكرب فاطر السماوات واألرض‪ ،‬وعلى ِغرار أي صباعة أو ؾبتمع طُبعت‬
‫ىذه الصورة؟ وكيف قامت الدعوات ؽبا عرب كل التاريخ وكل اعبغرافيا‪ ،‬عرب كل الزماف وعرب‬
‫(ٔ)‬
‫تاريخ كل األنبياء؟‬
‫درس يف جامعات أوروبا باعتبارىا حقائق تارىبية‪.‬‬
‫لألسف خياالت دوركاًن ظلت لعقود تُ َّ‬
‫دور كبَتٌ يف تدليس اؼبعرفة عند األوروبيُت عندما كاف يطرح‬
‫وباؼبناسبة دوركاًن كاف لو ٌ‬
‫حرمات كمظهر تديٍت عندىم‪ ،‬فقد‬
‫للم َّ‬
‫حفالت القبائل البدائية دبا فيها من عربدة وارتكاب ُ‬
‫سبردا على ىيكل اغبياة االجتماعية والدينية للقبيلة وليس‬
‫ثبت أف ىذه اغبفالت كانت ً‬
‫العكس‪ ،‬وأصبحت اآلف ىذه اغبقيقة من أشهر تدليسات دوركاًن!‬
‫فالنظم القبلية يف كل اجملتمعات تقوـ على الفصل التاـ بُت اعبنسُت؛ لقد جعل دوركاًن‬
‫مظهرا دينيا‪.‬‬
‫بأسلوب غريب التمرد على الدين واغبفالت اؼباجنة ً‬
‫(ٔ) الدين‪ ،‬د‪ .‬ؿبمد عبد ا﵁ دراز‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫تسربت على أيدي داروين وماركس ودوركاًن الكثَتُ من‬ ‫إذ ْف ُخالصة ما سبق‪َّ :‬‬
‫اؼبعلومات اؼبغلوطة إىل العقل األورويب‪ ،‬فظهر الشك واإلغباد‪.‬‬
‫كانت البداية مع ىؤالء‪ ،‬وسوؼ تكوف النهاية مع أشباىهم!‬
‫اقعا على األرض‪ ،‬وت َّبٌت التنظَت‬
‫مشروعا و ً‬
‫ً‬ ‫ومع دخوؿ القرف العشرين أصبح اإلغباد‬
‫االقتصادي لكارؿ ماركس ُد َوؿ بأكملها!‬
‫فظهرت الشيوعية يف كثَت من دوؿ شرؽ أوروبا وروسيا والصُت وفيتناـ وكوريا وكوبا‬
‫وغَتىا‪ ،‬وظهر التنظَت البيولوجي لتشارلز داروين يف أؼبانيا النازية‪ ،‬ونشأت اغبرب العاؼبية‬
‫الثانية بناءً على مفهوـ البقاء لألصلح وإبادة األعراؽ الضعيفة‪ ،‬حيث ظهر مفهوـ إبادة‬
‫الػ ‪ Subman‬أي‪ :‬األعراؽ اؼبنحطَّة كما يُسموهنا‪.‬‬
‫ُ‬

‫لقد فشلت التنظَتات اإلغبادية يف البقاء‪ ،‬فاهنارت النازية بعد أف كشفت عن الوجو‬
‫القبيح للعنصرية‪ ،‬واختفاء معٌت اإلنساف يف اإلغباد‪ ،‬واهنارت اؼباركسية َّ‬
‫وتفكك االرباد‬
‫‪19‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫السوفييت‪ ،‬وظهر عجز اإلغباد التاـ عن ربليل ظاىرة اإلنساف!‬


‫فاإلنساف ال يبكن أف يُف َّسر َوفْػ ًقا ؽبذه التنظَتات الفاسدة‪.‬‬
‫ٍ‬
‫سباما‪ ،‬فقد اتَّشح ً‬
‫زورا بالعلم‬ ‫ومع دخوؿ القرف اغبادي والعشرين ظهر اإلغباد بزي جديد ً‬
‫معتمدا ىذه اؼبرة على افًتاضات‬
‫ً‬ ‫سمى بػ"اإلغباد العلمي"‪ ،‬وبدأ يُقدـ نفسو مرة أخرى‬ ‫وتَ َّ‬
‫وزبمينات جديدة ال تقل سطحيةً عن االفًتاضات القديبة‪ ،‬وال تقل خطورًة على اإلنساف عنها!‬
‫لكن مشكلة ىذا النوع اعبديد أنو يستخدـ عصا العلم ليُغري أنصاؼ اؼبثقفُت واعبيل‬
‫الصاعد بو!‬
‫مشروع ىذا الكتاب الذي بُت يديك اآلف ىو يف‪ :‬كشف حقيقة اإلغباد اعبديد‪،‬‬
‫والنظر فيما تلبَّس بو من دعاوى ِعلمية!‬
‫‪ -6‬و‪١‬ف ثضأد اٌطج‪١‬ؼخ؟‬
‫و‪١‬ف ثضأ اٌى‪ْٛ‬؟‬
‫ىذا أوؿ سؤاؿ عقلي يبكن طرحو حُت ننظر حولنا!‬
‫سباما هبيب عن ىذا السؤاؿ بتقرير قدرة الطبيعة على اػبلق واإلهباد‪.‬‬
‫واإلغباد اعبديد كالقدًن ً‬
‫فالطبيعة عندىم ىي اؼبسؤولة عن اإلهباد والتقدير والعناية واػبَْلق‪ ،‬فقد نسبوا ؽبا كل شيء‪.‬‬
‫الطبيعة عندىم ىي‪ :‬كل شيء؛ وال شيء غَت الطبيعة كما يقوؿ الالأدري كارؿ‬
‫(ٔ)‬
‫ساغاف ‪. Carl Sagan‬‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=1-OdJmAefOY‬‬
‫من ‪3:12‬‬
‫إىل ‪3:18‬‬

‫‪20‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫فالطبيعة عند اؼبلحد ىي اؼبعٌت األوحد يف الوجود‪ ،‬حىت إف توماس ىكسلي رفيق‬
‫داروين وجرو داورين ‪ Darwin Bulldog‬كما كاف وبب أف يُسمى‪ ،‬كاف يُطلق على‬
‫الطبيعة لقب‪ :‬السيدة الطبيعة ‪.Dame Nature‬‬
‫حجما ىو الطبيعة عند اؼبالحدة!‬
‫فأكرب َوثَن ازبذ من دوف ا﵁ ً‬
‫حجما يف تاريخ الكفر البشري‪.‬‬
‫الطبيعة ىي أكرب األوثاف ً‬
‫فاإلغباد يف حقيقتو ىو وثنيَّة‪ ،‬حيث ينسب للطبيعة اؼبادية القدرة على اػبَْلق واإلهباد والتدبَت!‬
‫ولذلك ريتشارد دوكينز اؼبلحد الشهَت يُسمي الطبيعة بػ‪" :‬صانع الساعات األعمى‬
‫‪."The Blind Watchmaker‬‬

‫‪21‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫فالطبيعة تصنع وزبلق عندىم!‬


‫وىذه الصورة الوثنيَّة لإلغباد ذبعلو يندرج ربت الوثنيات اليت ظهرت عرب التاريخ!‬
‫السفسطة‪ ،‬وبينما ىو على َو ْشك أف‬
‫يقوؿ الدكتور حساـ حامد‪" :‬اؼبلحد ارتقى جبل َّ‬
‫يقهر أعلى قمة من قمم السفسطة‪ ،‬وإذ تعًتضو آخر صخرة‪ ،‬وما إف يصعد‪ ،‬إذا بو هبد‬
‫(ٔ)‬
‫صباعة من الوثنيُت كانوا هبلسوف قبلو يف نفس اؼبكاف ىناؾ منذ قروف" ‪.‬‬
‫فما إف يصعد اؼبلحد أعلى جبل اإلغباد‪ ،‬ويف غبظة ارتقائو أعلى ٍ‬
‫قمة من قممو‪ ،‬إذا‬
‫بو يكتشف وثنيَّة إغباده‪.‬‬
‫سباما بقدرات قطعة‬
‫فاإلغباد يؤمن بقدرة الطبيعة وحتمية الطبيعة‪ ،‬كما يُؤمن الوثٍت ً‬
‫اغبَ َجر اليت يعبدىا مع ا﵁!‬
‫ىذه ىي النظرة اإلغباديَّة للطبيعة‪ ،‬وىي مسؤولية الطبيعة عن‪ :‬إهباد كل شيء!‬
‫لكنَّنا يف القرف العشرين قد اكتشفنا حقيقة علميَّة مدىشة‪ ،‬وىي َّ‬
‫أف‪ :‬الطبيعة ؽبا‬
‫بداية‪ ،‬وأهنا غَت مكتفية بذاهتا!‬
‫فقد أصبح من اؼبسلَّمات اليوـ َّ‬
‫أف‪ :‬ىذا الكوف ظهر من الالزماف والالمكاف؛ فجأ ًة‬
‫ُ‬
‫ظهرت الطبيعة!‬
‫فالطبيعة ليست أزليَّة‪ ،‬واليوـ ىناؾ إصباع بُت علماء الفيزياء أف الكوف لو بداية‪.‬‬
‫غبظة ما ظهرت مادة الكوف‪ ،‬وظهر الزماف واؼبكاف بعد أف مل يكن ىناؾ ال‬ ‫ففي ٍ‬
‫مكاف وال زماف‪ ،‬ىذا إصباع علمي!‬

‫(ٔ) اإلغباد وثوقية التوىم وخواء العدـ‪ ،‬د‪ .‬حساـ الدين حامد‪ ،‬مركز مباء للبحوث والدراسات‪ ،‬الطبعة‬
‫األوىل‪ ،‬صٓٔٔ‪ .‬بتصرؼ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫الوْرطة الكربى أماـ اإلغباد!‬


‫وىنا تظهر َ‬
‫فالكوف أتى فجأ ًة دبنتهى الضبط وبثوابت فيزيائية مبهرة‪ ،‬وحبُدود حرجة غاية يف الدقة!‬
‫وجد غَته‪.‬‬‫فضال عن أف ي ِ‬
‫وهبذا فمن البديهي أف الكوف ليس لو دور يف إهباد نفسو ً‬
‫ُ‬
‫وبالتايل ال يبقى إال البديل الثالث‪ ،‬وىو أف ؽبذا الكوف خال ًقا!‬
‫﴿ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ﴾ [الطور‪.]ٖٙ-ٖ٘ :‬‬
‫كاف الكتشاؼ ظهور الكوف فجأةً وبثوابت غاية يف الضبط‪ ،‬كاف الكتشاؼ ىذا‬
‫قع شدي ٌد على نفوس اؼبلحدين‪.‬‬
‫األمر َو ٌ‬
‫يقوؿ الالأدري ديفيد بَتلنسكي ‪" :David Berlinski‬ينزعج الفيزيائيوف َّ‬
‫بشدة من‬
‫(ٔ)‬
‫حقيقة أف للكوف بداية؛ ألف ىذا أمر لو لوازـ دينية" ‪.‬‬
‫ونفس الكالـ يُؤكده ستيفن ىوكينج يف كتابو الشهَت تاريخ موجز للزمن حيث يقوؿ‪:‬‬

‫‪)1( David Berlinski: The devil's Delusion, Atheism and its Scientific Pretensions, p.97.‬‬

‫‪23‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫"الذين ال ُوببّذوف حقيقة بداية الزمن وبداية الكوف‪ ،‬ىم ال ُوببذوف ذلك؛ ألف ؽبذا األمر‬
‫(ٔ)‬
‫عدا دينيا" ‪.‬‬‫بُ ً‬
‫أما الفيزيائي اؼبلحد آرثر إدقبتوف ‪ Arthur Eddington‬فيعًتؼ اعًتافًا قاسيًا فيقوؿ‪:‬‬
‫(ٕ)‬
‫"إف فكرة أف للكوف بداية ىذه الفكرة بغيضة بالنسبة يل‪ ،‬فكرة كريهة تزعجٍت" ‪.‬‬
‫فبداية الكوف ىي حقيقةٌ مزعجة لكل ملحد؛ لكن لألسف واقع اغباؿ أف بعض‬
‫اؼبلحدين غَت الدارسُت للعلوـ ال يعرفوف ىذه اإلشكاالت؛ ولذلك ردبا يسخر بعضهم من‬
‫أصال‪ ،‬وبالتايل ال يشعر بأي إزعاج!‬
‫إلزاـ أف الكوف لو بداية؛ ألنو ال يفهم أبعاد ىذا اإللزاـ ً‬
‫‪ٌ -7‬ىٓ ِب اٌّبٔغ أْ رى‪ٕ٘ ْٛ‬بن ل‪ٛ‬أ‪ ٓ١‬لجً ظ‪ٛٙ‬ع و‪ٕٔٛ‬ب‪٘ٚ ،‬ظٖ‬
‫اٌم‪ٛ‬أ‪ ٓ١‬وبْ ٌ‪ٙ‬ب ص‪ٚ‬ع ف‪ ٟ‬إ‪٠‬خبص و‪ٕٔٛ‬ب؟‬
‫الر ْجم بالغيب ﴿ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ‬
‫يف البداية‪ :‬ىذا من باب َّ‬
‫ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ﴾ [سبأ‪.]ٖ٘ :‬‬
‫فنتيجةً لكفرىم يُضطروف للرجم بالغيب بال برىاف وال بينة!‬
‫ثانيًا‪ :‬فكرة أف ىناؾ قوانُت فيزيائية قبل كوننا‪ ،‬ىذه الفكرة علميا سخيفة؛ ألنو ال‬
‫يوجد كلمة "قبل" قبل ظهور كوننا‪ ،‬فهذه الكلمة "قبل" ىي كلمة مرتبطة بالزمن‪ ،‬والكوف‬

‫(ٔ) ستيفن ىوكينج‪ ،‬تاريخ موجز للزماف صٕ‪.ٜ‬‬


‫نقال عن‪ :‬العلم ليس إؽبًػا‪ ،‬ؿبمد أمُت ُخالؿ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪)2( the notion of a beginning of the present order of Nature. is repugnant‬‬
‫‪to me.‬‬
‫‪Arthur Eddington, The End of the World: From the Standpoint of Mathematical‬‬
‫‪Physics in Nature, p. 450. Nature 127, 447-453.‬‬

‫‪24‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫كما قلنا أتى من الالزمن‪ ،‬وبالتايل ال وجود لكلمة "قبل" يف العامل اؼبادي الطبيعي‪.‬‬
‫انُت قبل عاؼبنا يكوف هبذا قد أجاب عن سؤاؿ‪:‬‬ ‫مث ىل بافًتاض اؼبلحد َّ‬
‫أف ىناؾ قو َ‬
‫من أين أتى الكوف؟‬
‫سيبقى السؤاؿ‪ :‬ما مصدر ىذه القوانُت؟‬
‫َمن الذي قنَّنها؟‬
‫َمن الذي أعطاىا عملها؟‬
‫ما مصدر قانوف اعباذبية الذي افًتضو بعض اؼبالحدة ساب ًقا لكوننا‪ ،‬ما مصدر ىذا القانوف؟‬
‫َمن الذي قنَّنو؟‬
‫مث إف قانوف اعباذبية ىو توصيف رياضي غبدث معُت‪ ،‬وليس ىو ذات اغبدث‪.‬‬
‫وللتبسيط‪ :‬قانوف اعباذبية يشرح سبب سقوط األجساـ وحركة األجساـ‪ ،‬لكن ال‬
‫يفسر يل ِمن أين أتت األجساـ‪ ،‬وباألحرى ىو مل ي ِ‬
‫وجد ىذه األجساـ!‬‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حركتها إذا سقطت على األرض‪.‬‬
‫فقانوف اعباذبية لن يُنتج كرة بلياردو‪ ،‬وإمبا ىو فقط يصف َ‬
‫فقانوف اعباذبية ليس كينونة مستقلة‪ ،‬ليس شيئًا مستقال؛ وإمبا ىو‪ :‬وصف غبدث طبيعي!‬
‫لكن يأيت اؼبالحدة ليفًتضوا أف وجود قانوف اعباذبية يكفي ػبَْلق كرة البلياردو‪ ،‬وعصا‬
‫البلياردو‪ ،‬والعب البلياردو؛ ىذه سخافة غريبة لتربير اػبرافة!‬
‫أيضا بنفس القياس نقوؿ إ َّف‪ :‬قوانُت االحًتاؽ الداخلي يف موتور السيارة لن زبلُ َق‬
‫ً‬
‫موتور سيارة‪.‬‬
‫فهل من العقل افًتاض أف قوانُت االحًتاؽ الداخلي تكفي ػبَْلق‪ :‬اؼبوتور‪ ،‬وشرارة‬
‫االحًتاؽ‪ ،‬والبَنزين‪ ،‬والسائق‪ ،‬والطريق؟‬
‫‪25‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ٍ‬
‫إشكاالت حقيقية مزعجة‬ ‫ما أصبح يُفكر اؼبالحدة هبذه الطريقة إال ألهنم يواجهوف‬
‫لن ىبرجوا منها إال هبذه ال َف ْرضيات الغريبة‪.‬‬
‫‪ٌ -8‬ىٓ عثّب ف‪ ٟ‬اٌّضزمجً ٔؼغف و‪١‬ف ظ‪ٙ‬غ اٌى‪ْٛ‬؟‬
‫ىذا يُسمى بػ‪ :‬التوسل باؼبستقبل‪ ،‬وىو أكرب مغالطة يقع فيها اؼبلحد!‬
‫فلساف حاؿ اؼبلحد‪ :‬سأكفر على أمل أف يَظهر يف اؼبستقبل ما يدعم ُكفري‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مستقبل لن أكوف فيو!‬ ‫سأكفر من أجل ُح َّجة قد تظهر يف‬
‫وىكذا حاؿ مالحدة ذاؾ اؼبستقبل سيقعوف يف نفس اؼبغالطة!‬
‫ولن ذبد َمن َّ‬
‫يتفكو َّ‬
‫ويتندر بكل ىؤالء مثل اؼبستقبل!‬
‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ [الشورى‪]ٔٙ :‬‬
‫ٍ‬
‫زبمينات وفُ ٍ‬
‫روض ؼبنع تفسَت الظاىرة يف إطارىا‬ ‫ليس من العقل يف ٍ‬
‫شيء االحتكاـ إىل‬
‫الداليل على اػبالق‪.‬‬
‫أو دبعٌت آخر‪ :‬ليس من العقل يف ٍ‬
‫شيء االحتكاـ إىل تونبات ؼبنع تفسَت ظهور‬ ‫ً‬
‫وجد الذي أتقن كل شيء‪.‬‬ ‫الكوف الذي أتى هبذا الضبط يف إطاره الداليل على اؼب ِ‬
‫ُ‬
‫َّ‬
‫إف ىذا التعطيل ىو تعطيل لوظيفة العقل!‬
‫وإذا ُكنَّا عند ىذه اؼبرحلة‪ ،‬ومع ىذه اؼبعطيات الساطعة نعاند اإليباف باػبالق‪ ،‬فعند‬
‫أي ٍ‬
‫مرحلة نُسلم لو؟‬
‫﴿ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾ [اؼبلك‪]ٔٓ :‬‬

‫احتك ْم إىل عقلِك‪:‬‬


‫واآلف أيها القارئ! ِ‬
‫‪26‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫اختل ثابت واحد‬


‫ابت فيزيائية مبهرة حبيث لو َّ‬ ‫ٍ‬
‫كوف جاء يف غبظة دبنتهى الضبط‪ ،‬وبثو َ‬
‫منها جبزء من مليارات مليارات األجزاء ؼبا ظهر‪ ،‬أليست ىذه اؼبقدمة تُثبِت َّ‬
‫أف‪ :‬اإليباف‬
‫الديٍت باػبالق أحق و ْأوىل من الغرائب اليت نسمعها من اؼبلحدين؟‬
‫َّ‬
‫حك ْم عقلك!‬
‫ال يبكن لشيء منضبط هبذا الضبط كالثوابت الفيزيائية اليت بدأ هبا كوننا أف تأيت‬
‫بالصدفة‪.‬‬
‫ال َعالقة للصدفة هبذا اإلهبار!‬
‫‪ِ -9‬ب اٌّبٔغ أْ رى‪ٕ٘ ْٛ‬بن أو‪ٛ‬اْ وث‪١‬غح‪ٚ ،‬و‪ٕٔٛ‬ب أر‪ ٝ‬ث‪٘ ٓ١‬ظٖ األو‪ٛ‬اْ‬
‫ثبٌصضفخ؟‬
‫فرضية األكواف اؼبتعددة كما يَعرؼ كل فيزيائي على ظهر األرض‪ ،‬ىي ؾبرد زبمُت بال‬
‫دليل ِمن رصد أو حبث‪.‬‬
‫يقوؿ عامل الفيزياء جوف بولكنجهوف‪" :‬األكواف اؼبتعددة ‪ Multiverse‬ليست فيزياء‪،‬‬
‫بل ىي يف أحسن األحواؿ تصور ميتافيزيقي‪ ،‬وال يوجد سبب علمي واحد يدعو لإليباف‬
‫(ٔ)‬
‫دبجموعة من األكواف اؼبتعددة‪ ،‬ال يوجد دليل علمي هبعلٍت أُصدؽ هبذه الفكرة" ‪.‬‬
‫حىت‬
‫أما الفيزيائي الالمع راسل ستانرد ‪ Russell Stannard‬فيقوؿ‪" :‬ال توجد َّ‬
‫معادلة فيزيائية واحدة تدعم فرضية األكواف اؼبتعددة"‪.‬‬

‫‪)1( John Polkinghorne, One World, P.80‬‬


‫نقال عن‪ :‬العلم ليس إؽبًػا‪ ،‬ؿبمد أمُت ُخالؿ‪ ،‬مركز يقُت‪.‬‬
‫ً‬
‫‪27‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ففرضية األكواف اؼبتعددة ىي ُؾبَّرد زبمينات وخياالت غَت ُمَربىنة‪ ،‬واالنتصار ؽبذه‬
‫أمر ُمربِك وغريب‪ ،‬كما يقوؿ فيلسوؼ العلوـ ريتشارد داويد ‪.Richard Dawid‬‬ ‫التخمينات ٌ‬

‫وحىت على افًتاض وجود أكواف متعددة‪ ،‬ستبقى ىذه األكواف اؼبتعددة ُمنعزلة سببيا‪،‬‬
‫أي َّ‬
‫أف‪ :‬كل كوف منعزؿ عن اآلخر سببيا‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫سباما‪ ،‬وبالتايل فكل كوف ىو عبارة عن‬


‫ظهَر مستقال ً‬ ‫أف‪ :‬كل كوف قد َ‬‫وىذا معناه َّ‬
‫واقعة مستقلة ‪ Independent Event‬أي‪ :‬واقعة ال َعالقة ؽبا بسابقتها‪.‬‬
‫ظهور‬ ‫ِ‬ ‫وهبذه الصورة فلكل ٍ‬
‫اػباصة اؼبستقلة بو‪ ،‬وال يُفسر ظهور بعضها ُ‬‫َّ‬ ‫كوف قوانينو‬
‫البعض اآلخر‪.‬‬
‫إشكاال أعمق‪ ،‬وىو أنَّو‪ :‬سيصبح لكل كوف تصميمو اػباص‪ ،‬وبالتايل‬
‫ً‬ ‫وىذا سيطرح‬
‫فاؼبلحد مل يعد أمامو كوف بثوابت فيزيائية مدىشة‪ ،‬بل صبلة أكواف ٍ‬
‫لكل منها عملية إبداع‪،‬‬
‫خاصة وإال ما ظهر!‬ ‫و ٍ‬
‫لكل منها قوانُت َّ‬
‫وردبا بعض ثوابت ىذه األكواف تفوؽ يف دىشتها وعظمتها اإلتقاف الذي نشهده يف‬
‫كوننا بًتيليونات تريليونات اؼبرات؛ إهنا إلزامات أكرب على اإلغباد‪.‬‬
‫إذ ْف األكواف اؼبتعددة مل َربُ َّل مشكلة الضبط الدقيق‪ ،‬بل طرحت مشكلة الضبط على‬
‫أبعاد أخرى ردبا ال هبرؤ العقل البشري على استيعاهبا يف األمد اؼبنظور‪.‬‬
‫مث السؤاؿ اعبوىري‪ِ :‬من أين أتت ىذه األكواف؟‬
‫األكواف اؼبتعددة على افًتاض وجودىا ىي ليست أزليَّة‪ ،‬بل ؽبا بداية!‬
‫ودبا أف ؽبا بداية فال بد أف ىناؾ ُمسببًا لوجودىا!‬
‫ب عن شيء بتقدًن فرضية األكواف اؼبتعددة‪.‬‬
‫وبالتايل فأنت مل ُذب ْ‬
‫َّأما مسألة َّ‬
‫أف األكواف اؼبتعددة ؽبا بداية‪ ،‬فهذا أمر معروؼ كما يقوؿ أحد أشهر‬
‫داعمي فرضية األكواف اؼبتعددة اليوـ‪ ،‬وىو الفيزيائي آالف جوث ‪ Alan Guth‬حيث يقرر‬
‫أف ىذه األكواف اؼبتعددة على افًتاض وجودىا ستبقى ؽبا بداية ؿبددة ‪It would still be‬‬
‫‪.somewhere an ultimate beginning‬‬
‫‪29‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫مكاف ما لكل ىذه األكواف‪ ،‬ستبقى ىناؾ بداية هنائيَّة‬ ‫ٍ‬ ‫ستبقى ىناؾ بداية يف‬
‫(ٔ)‬
‫للجميع ‪.‬‬
‫قائما‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وبالتايل سيبقى سؤاؿ‪ :‬من أين أتت ىذه األكواف سؤ ًاال ً‬
‫استشكاال منطقيا بسيطًا يف موضوع األكواف اؼبتعددة يُبُت عدـ جدوى‬
‫ً‬ ‫مث َّ‬
‫إف ىناؾ‬
‫االحتجاج هبا من طرؼ اؼبلحد وىو‪:‬‬
‫ىل عندما أسألك‪ :‬من أين أتى ىذا الغالـ الصغَت اعبميل؟ فتقوؿ ىذا الغالـ لو‬
‫قبيحا! ىل أنت هبذا أجبت؟‬
‫إخوة كثَتوف غَته‪ ،‬ردبا بعضهم يكوف ً‬
‫من أين أتى ىذا الكوف األنيق؟‬
‫ستقوؿ‪ :‬ىناؾ أكواف أخرى كثَتة!‬
‫إجابة سخيفة على سؤاؿ عقلي ومنطقي!‬
‫لت أف تُغرؽ السمكة بكل‬
‫يقوؿ كريستياف دوؼ ‪" :Christian Dove‬لو حاو َ‬
‫(ٕ)‬
‫ؿبيطات العامل فستبقى تثبت وجودىا‪ ،‬ستبقى حية" ‪.‬‬
‫السمكة ستبقى تتنفس؛ ألف السمكة ببساطة ال تغرؽ باؼباء حىت ولو وضعتَها داخل‬
‫كل ؿبيطات العامل‪.‬‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=NUI9Dq4WTxg‬‬
‫من ‪ٖٓ:ٕٜ‬‬
‫إىل ‪ٖٓ:٘ٙ‬‬
‫سبت استفادة رابط الفيديو من كتاب براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬مركز تكوين‪ ،‬ص ٗٔٗ‪.‬‬
‫‪)2( De Duve, Life Evolving, P.299‬‬

‫‪30‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫فأنت مل تفعل شيئًا بافًتاض وجود أكواف متعددة‪ ،‬أنت هبذه اغبيلة ‪ -‬حيلة األكواف‬
‫هترب من إلزامات الضبط الدقيق‪ ،‬وال إلزامات وجود كوننا وال غَتىا من‬ ‫اؼبتعددة‪ -‬مل ُ‬
‫اإللزامات‪ ،‬ما زالت ىذه اإللزامات حيةً تتنفس‪ ،‬ولو أغرقتها دبليارات األكواف!‬
‫تعقيدا‪.‬‬
‫بل إف كل كوف جديد سيزيد اإللزامات ً‬
‫شرعا من وجود أكواف أخرى‪ ،‬فا﵁ عز وجل‬
‫عقال وال ً‬
‫وباؼبناسبة‪ :‬ليس ىناؾ ما يبنع ً‬
‫ىو رب العاؼبُت‪.‬‬
‫﴿ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ﴾ [الفاربة‪.]ٕ :‬‬
‫يتم افًتاض أف كل كوف مبٍت على‬
‫شرعا‪ ،‬لكن التدليس أ ْف َّ‬
‫فهذا أمر ال مشكلة فيو ً‬
‫فصلنا؛ فكل كوف منعزؿ عن اآلخر‪،‬‬
‫اآلخر‪ ،‬مع أف كل كوف مستقل سببيا عن اآلخر كما َّ‬
‫وكل كوف لو ثوابتو اػباصة‪ ،‬وليس مبنيا على غَته‪ ،‬وبالتايل ال مكاف للصدفة أو االحتمالية‪.‬‬
‫‪ِ -11‬ب اٌّبٔغ أْ ‪٠‬ى‪ ْٛ‬اٌى‪ ْٛ‬أر‪ ٝ‬ثّرط اٌصضفخ؟‬
‫القوؿ بالصدفة يف بداية الكوف ىو جهل بأصوؿ االحتماالت؛ ألف الصدفة ؽبا‬
‫ينفك ِ‬
‫اف عنها‪ ،‬ونبا‪ :‬الزماف واؼبكاف‪.‬‬ ‫شرطاف ال َّ‬
‫فالصدفة تشًتط‪ :‬زمانًا تقوـ فيو بإحداث أثرىا‪.‬‬
‫وجودا ماديا مكانيا تقوـ عليو ليُنتج مفعوؽبا‪.‬‬
‫وتشًتط‪ً :‬‬
‫والكوف أتى من الالزماف والالمكاف‪ ،‬وبالتايل من الالصدفة!‬
‫‪ِ ً٘ -11‬ف‪ َٛٙ‬اٌضجج‪َّ١‬خ ٌٗ ‪ٚ‬ح‪ٛ‬ص ٌرظخ ظ‪ٛٙ‬ع اٌى‪ْٛ‬؟‬
‫يف اإلسالـ كبن نؤمن بقيوميَّة ا﵁؛ فا﵁ قيوـ السماوات واألرض‪ :‬بو تقوـ السماوات‬
‫واألرض‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫اسم ا﵁ األعظم عند كثَت من أىل العلم‪.‬‬


‫ولذلك كاف اسم "اغبي القيوـ" ىو ُ‬
‫تعمقنا يف النظر إىل كوننا وجدنا أف الكوف ما كاف لو أف‬
‫لكن العجيب أننا عندما َّ‬
‫وجد مث يستقر ويستمر‪ ،‬وما كاف للدالة اؼبوجية أف تُظهر مبطًا معينًا للوجود إال دبُرجح؛ إال‬ ‫يُ َ‬
‫بقيوميَّ ٍة!‬
‫والدالة اؼبوجية ىي‪ :‬احتماالت خصائص أي جسيم صغَت‪ ،‬خصائص اعبسيم مثل‪:‬‬
‫مكاف اعبسيم!‬
‫ردبا يكوف مكاف اعبسيم اآلف ىنا أو ىنا أو ىناؾ‪ ،‬ال تعرؼ‪.‬‬

‫الدالة اؼبوجية تضع احتماالت كثَتة جدا ؼبكاف اعبسيم‪ ،‬لكن ال تقطع لو دبكاف‬
‫ُؿب َّدد‪ ،‬ولن تستطيع أف تقطع!‬
‫حجما من‬
‫فطب ًقا ؼبيكانيك الكم‪ ،‬وميكانيك الكم ىو علم دراسة اعبُ َسيمات األصغر ً‬
‫سباما‪.‬‬
‫الذرة‪ ،‬وىو علم صحيح ً‬

‫‪32‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫طب ًقا ؼبيكانيك الكم‪ ،‬فأنت يستحيل علميا أف تعرؼ مكاف جسيم واحد بعد ٍ‬
‫ثانية‬ ‫ُ‬
‫ومن قاؿ إنو يعرؼ مكانو‬
‫من اآلف‪ ،‬بل يستحيل أف تعرؼ مكانو وسرعتو اآلف‪ ،‬ىذا ؿباؿ َ‬
‫اآلف‪ ،‬فهو ال يعرؼ شيئًا عن ميكانيك الكم‪.‬‬
‫اؿ يف ميكانيك الكم‪،‬‬ ‫وقت و ٍ‬
‫احد ىذا ُؿب ٌ‬ ‫ُت عبسي ٍم و ٍ‬
‫احد يف ٍ‬ ‫فأنت لن تعرؼ خاصيت ِ‬
‫سمى يف علم ميكانيك الكم دببدأ الريبة أو مبدأ الاليقُت‪.‬‬
‫وىذا ما يُ َّ‬
‫وقت و ٍ‬
‫احد؛‬ ‫ومبدأ الاليقُت ينص على أنَّو‪ :‬يستحيل ربديد مكاف وسرعة جسيم يف ٍ‬
‫ُ‬
‫يستحيل ربديد خاصيتُت يف نفس الوقت‪.‬‬
‫لكن قد يقوؿ قائل‪ :‬ردبا ىذا نتيجة قصور اآلالت أو قصور اؼبعرفة البشرية؟‬
‫جيدا‪.‬‬
‫أيضا ال يفهم ميكانيك الكم ً‬
‫ومن قاؿ هبذا فهو ً‬
‫َ‬
‫صارـ من قوانُت الطبيعة‪ ،‬ال يرتبط بأي ٍ‬
‫شكل من األشكاؿ‬ ‫فمبدأ الاليقُت ىو قانوف ٌ‬
‫ببعض القصور اؼبوجود يف أجهزتنا‪ ،‬أو بقدراتنا على الرصد‪ ،‬بل ىو قانوف كوين‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫سباما ال َّ‬
‫يتحكم بنفسو‪ ،‬وال يبكن أف‬ ‫قاصر ً‬
‫وبناءً على ما سبق‪ :‬فالكوف بكل ما فيو ٌ‬
‫غبظة واحدةٍ!‬
‫فضال أف نعرؼ كبن ما سيؤوؿ إليو بعد ٍ‬
‫يعرؼ ىو‪ً ،‬‬
‫فحرفيا لن تعرؼ ولن يعرؼ العامل ماذا سيحصل يف الكوف بعد غبظة واحدة من‬
‫اآلف؛ وىذا مبدأ كوين!‬
‫قائم يف كل غبظة‪ ،‬ويف‬
‫فاهنيار السماوات‪ ،‬وتشقق األفالؾ ىو احتماؿ كوانيت كمي ٌ‬
‫أي غبظة!‬
‫﴿ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫ﮠﮡ﴾ [فاطر‪]ٗٔ :‬‬

‫يتحوؿ‬
‫وكما يقوؿ ستيفن ىوكينج يف كتابو األخَت التصميم العظيم‪" :‬من اؼبمكن أف َّ‬
‫القمر يف بعض العصور إىل قطعة جنب؛ يف أية غبظة يبكن أف وبصل ىذا األمر‪ ،‬لكنو ليس‬
‫كذلك اآلف‪ ...‬مث يضحك ىوكينج ويقوؿ‪ :‬وىذا ردبا ي ِ‬
‫غضب الفئراف"‪.‬‬‫ُ‬
‫‪34‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ويقوؿ ستيفن ىوكينج يف نفس الصفحة‪" :‬البعض يتخيَّل أف ىذا خياؿ ِعلمي‪ ،‬لكنو‬
‫ليس كذلك"!‬

‫أي شيء يبكن أف يقع يف أية غبظة!‬


‫عما أربدث!‬
‫جيدا سيفهم َّ‬
‫والذي يفهم ميكانيك الكم ً‬
‫قائم؛‬
‫مر ٌ‬ ‫فالدىشة ليست يف انقالب الكوف إىل أي توقع يف أيَّة غبظة؛ ألف ىذا أ ٌ‬
‫ومنظَّم!‬ ‫ٍ‬ ‫األكثر دىشة َّ‬
‫أف الكوف ال وبصل لو أي شيء من ذلك‪ ،‬بل ىو ثابت ومستقر ُ‬
‫فثبات الكوف واستقراره بكل ما فيو من ُجسيمات ىو أحد أوجو قيوميَّة ا﵁ سبحانو‪ ،‬وبدوف‬
‫تفسد السماوات واألرض يف غبظة‪﴿ :‬ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ﴾ [األنبياء‪.]ٕٕ :‬‬
‫ا﵁ ُ‬
‫فالكوف كلو بكل ُجسيم فيو مفتقر إىل ا﵁ منذ غبظة ظهوره‪ ،‬ويف كل غبظة‪.‬‬
‫ِ‬
‫يقوالف لنا إنو‪ :‬ال بد من ُمرجح يف كل غبظة لكل‬ ‫إذ ْف الدالة اؼبوجية وميكانيك الكم‬
‫‪35‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ُجسيم‪ ،‬ال بد من قيوـ وإال الهنار كل شيء!‬


‫ال بد من مرجح لظهور الكوف‪ ،‬ال بد من مرجح الستمرار الكوف‪ ،‬ال بد من مرجح‬
‫الستقرار الكوف وثباتو!‬
‫فالسببيَّة أمر جوىري غبظة ظهور الكوف‪ ،‬والقيوميَّة حقيقة لكل َمن نظر وتدبَّر!‬
‫‪ٌ -12‬ىٓ ً٘ فؼالً اٌضجج‪َّ١‬خ غ‪١‬غ ِ‪ٛ‬ح‪ٛ‬صح ف‪ ٟ‬ػبٌُ ِ‪١‬ىبٔ‪١‬ه اٌىُ؟‬
‫السببيَّة ىي بديهة يف ميكانيك الكم‪.‬‬
‫السببيَّة ىي سبب ونتيجة‪.‬‬
‫والسببيَّة تعٍت َّ‬
‫أف‪ :‬اغبدث "أ" يؤدي إىل اغبدث "ب"‪.‬‬
‫اعتماد اغبدث "ب" على اغبدث "أ" ىذه ىي السببيَّة‪ ،‬وىي جوىر العلم‪ ،‬وجوىر‬
‫ميكانيك الكم‪ ،‬وجوىر أي رصد وجودي على اإلطالؽ‪ ،‬فالسببيَّة موجودة يف ميكانيك‬
‫الكم بال شك!‬
‫وال يبكن أف يُبٌت علم بدوف سببيَّة!‬
‫وإنكار السببيَّة ىو إنكار لكل العلوـ التجريبية!‬
‫لكن ما ىي مشكلة ميكانيك الكم؟‬
‫سمى بػ‪ :‬اغبتمية‪.‬‬
‫مشكلة ميكانيك الكم ىي مع شيء يُ َّ‬
‫ما ىي اغبتمية؟‬
‫اغبتمية ىي‪ :‬اإلطار الزمٍت لألحداث!‬
‫ترتيب األحداث يف اإلطار الزمٍت ىذا اظبو‪" :‬اغبتمية"‪.‬‬
‫مشكلة ميكانيك الكم ىي مع اغبتمية‪ ،‬وليس مع السببيَّة‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ألف الزمن يف ميكانيك الكم غَت واضح‪ ،‬اإلطار الزمٍت لألحداث يف ميكانيك الكم‬
‫غَت ظاىر للعلماء‪ ،‬وىناؾ كتب كاملة وتفسَتات ـبتلفة للزمن داخل ميكانيك الكم‪.‬‬
‫ف َفهم الزمن ىو من أعقد األمور يف ميكانيك الكم‪.‬‬
‫فهنا بعض العلماء يقولوف إ َّف‪ :‬اغبتمية ال وجود ؽبا يف ميكانيك الكم!‬
‫أيضا يف ميكانيك‬
‫وإف كانت ىناؾ أحباث كثَتة تُؤكد أنو حىت اغبتمية ثابتة وصحيحة ً‬
‫مؤخرا أوراؽ ِعلمية تدعم‬
‫الكم‪ ،‬كما يف تفسَت بوىم ‪ ،Bohmian interpretation‬وظهرت ً‬
‫بالفعل تفسَت بوىم‪ ،‬لكن بغض النظر عن كل ذلك‪ ،‬فالسببيَّة ىي بديهة يف ميكانيك الكم‪.‬‬
‫ومن العلماء الذين كتبوا يف ضرورة السببيَّة يف ميكانيك الكم‪ِ ،‬‬
‫العامل ماكس بورف‬
‫‪ ،Max Born‬وىو أحد أكرب علماء ميكانيك الكم‪ ،‬واغبائز على نوبل يف ميكانيك الكم‪.‬‬
‫قاـ ماكس بورف بتأليف كتاب‪NATURAL PHILOSOPHY OF CAUSE :‬‬
‫‪.AND CHANCE‬‬

‫‪37‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫كامال بعنواف‪" :‬السببيَّة واغبتميَّة"‪.‬‬


‫فصال ً‬
‫وكتَب يف ىذا الكتاب ً‬
‫يف ىذا الفصل أوضح ماكس بورف‪ :‬الفرؽ بُت السببيَّة واغبتميَّة‪ ،‬و َّ‬
‫أف اغبتمية ىي إطار‬
‫زمٍت لألحداث‪ ،‬بينما السببيَّة ىي ترتب اغبدث "ب" على اغبدث "أ" مث قاؿ‪:‬‬
‫الظن بأف الفيزياء زبلت عن السببيَّة ىو قوؿ عا ٍر ً‬
‫سباما من الصحة!‬
‫‪Physics has given up causality is entirely unfounded.‬‬
‫فالسببيَّة ىي سبب ونتيجة‪ ،‬وميكانيك الكم تسري عليو السببيَّة كما تسري على كل العلوـ‪.‬‬
‫‪Causality postulates that there are laws by which the occurrence‬‬
‫‪of an entity B of a certain class depends on the occurrence of an entity‬‬
‫‪A of another class, where the word 'entity' means any physical object,‬‬
‫‪phenomenon, situation, or event. A is called the cause, B the effect.‬‬
‫اؽبامة‪ :‬السببيَّة ىي ُمسلَّمة يف ميكانيك الكم‪.‬‬
‫مث قاؿ كلمتو َّ‬
‫‪We derive Quantum Theory from purely informational principles.‬‬
‫(ٔ)‬
‫‪. Five elementary axioms—causality‬‬
‫فهذه حقائق مستقرة‪ ،‬لكن لألسف ىناؾ َمن يلعب بعقوؿ بعض شبابنا باسم العلم!‬
‫وال أدري ؼباذا يُشكك اؼبلحد يف السببيَّة؟‬
‫ؼباذا وباوؿ أف يفًتض سقوط السببيَّة يف ميكانيك الكم؟‬
‫زبيَّل أنَّو يريد أف يسقط بُرىانًا عقليا عمالقًا كالسببيَّة؟‬
‫ىل تعرؼ ؼباذا وباوؿ اؼبلحد أف يفعل ذلك؟‬

‫نقال عن‪ :‬اخًتاؽ عقل‪ ،‬د‪ .‬أضبد إبراىيم‪ ،‬مركز دالئل‪.‬‬


‫(ٔ) اإلحاالت ً‬
‫‪38‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫اعبواب ردبا ببساطة‪ :‬ألف البناء العقلي السليم ضد اإلغباد!‬


‫البديهيات العقلية كالسببيَّة ضد اإلغباد‪.‬‬
‫‪ٕ٘ -13‬بن حُض‪ّ١‬بد رشغج ثبصزّغاع ِٓ اٌفغاؽ اٌى‪ٛ‬أز‪ ٟ‬أ‪ ٚ‬اٌفغاؽ‬
‫اٌىّ‪٘ ً٘ ،ِٟٛ‬ظا ‪٠‬ؼٕ‪ ٟ‬ظ‪ٛٙ‬ع اٌّبصح ِٓ الش‪ٟ‬ء؟‬
‫ىذه الفرضية‪ :‬فرضية خروج ُجسيمات باستمرار من الفراغ الكوانيت‪ ،‬كانت تُعد من‬
‫أشهر تدليسات اؼبالحدة يف مطلع األلفينات‪.‬‬
‫كانوا يقولوف‪ :‬ىناؾ ُجسيمات تظهر من الشيء!‬
‫لكن ما مل يقولوه لنا ىو َّ‬
‫أف‪ :‬الالشيء يف مصطلح الفيزياء ىو "شيء حقيقي لو‬
‫وجود" وليس الشيئًا‪ ،‬ليس ىو العدـ!‬
‫فالالشيء يف الفيزياء يُسمى بػ‪ :‬الفراغ الكمومي أو الفراغ الكوانيت‪.‬‬
‫وىو فراغ اصطالحي‪ ،‬وال يعٍت العدـ!‬
‫اؼبادة والطاقة‪ ،‬ويف ىذا الفراغ قدر من‬
‫فهو فراغ موجود يف إطار الزماف واؼبكاف و َّ‬
‫الطاقة يستحيل التخلص منو‪.‬‬
‫فما وبصل ىو ربوالت ؽبذه الطاقة إىل ُجسيمات افًتاضية‪ ،‬مث زبتفي اعبسيمات سر ًيعا!‬
‫ىذا كل ما يف األمر!‬
‫فالفراغ الكوانيت ال يؤدي لظهور جسيمات من العدـ!‬
‫وإمبا من ؾباالت طاقة وزماف ومكاف‪.‬‬
‫ودبا َّ‬
‫أف الكوف باتفاؽ الفيزيائيُت جاء من الالزماف والالمكاف؛ فبالتايل‪ :‬ما َعالقة ىذه‬
‫الظاىرة بنشأة الكوف؟‬

‫‪39‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫والغريب أف ىذه اعبُسيمات االفًتاضية اليت زبرج من الفراغ الكوانيت‪ ،‬ال قيمة حقيقية‬
‫تتحوؿ إىل ُجسيمات‬
‫سمى ‪ Virtual particles‬جسيمات افًتاضية‪ ،‬وال َّ‬
‫ؽبا؛ لذلك ىي تُ َّ‬
‫حقيقية‪.‬‬
‫أصال‪ ،‬وإمبا زبتفي ذاتيا‬
‫تتحوؿ إىل مادة‪ ،‬وليست دبادة ً‬
‫ىي جسيمات افًتاضية ال َّ‬
‫فور ظهورىا‪.‬‬

‫مادة وطاقة‪.‬‬
‫تتحوؿ إىل مادة إال بتفاعلها مع َّ‬
‫ولن َّ‬
‫إذ ْف يف ميكانيك الكم حىت ربصل على ىذه اعبُسيمات االفًتاضية أنت ربتاج إىل‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬مكاف‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬زماف‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ٖ‪ -‬حد أدىن من الطاقة )‪.Zero-point energy (ZPE‬‬


‫أصال‪ ،‬وإمبا زبتفي فور ظهورىا!‬
‫ويف األخَت ىذه ُجسيمات افًتاضية ليست دبادة ً‬
‫والتساؤؿ ىنا‪ :‬ؼباذا يندفع اؼبلحد خلف ىذه األُطروحات‪ ،‬ويبٍت عليها سراب أوىامو؟‬
‫أمورا غَت منطقيَّة وال واقعيَّة؟‬
‫ؼباذا يفًتض ً‬
‫اعبواب ببساطة‪ :‬ألف اإلغباد ال ينتصر إال باللعِب على َوتَر السحر واػبرافة!‬
‫الدين ىو أحد االنتصارات الكربى للعقل!‬
‫الدين أكرب انتصار للعقل‪.‬‬
‫أما اإلغباد فال يبلك إال االفًتاضات البائسة‪ ،‬واليت قد تكوف بُرىانًا على معاناتو!‬
‫‪ِ -14‬ب ٘‪ ٟ‬صالئً ‪ٚ‬ح‪ٛ‬ص اٌشبٌك؟‬
‫ونعمو‬
‫ومن ذا الذي ُوبصي خل َقو َ‬
‫دالئل وجود اػبالق سبحانو كثَتة ال ُربصى‪َ ،‬‬
‫وجوده وكمالِو؟‬
‫ُت ِ‬ ‫وجوده‪ ،‬وما ال حصر لو من براى ِ‬
‫َ‬
‫ويقدـ لنا القرآف الكرًن ثالث مراتب من األدلة الكربى على وجود اػبالق سبحانو‪،‬‬
‫ومراتب أخرى استئناسية كثَتة‪.‬‬
‫وىنا قد يسأؿ سائل ويقوؿ‪ :‬كيف كبتج بالقرآف على ملحد ال يؤمن بو؟‬
‫واعبواب‪ :‬كبن نُقدـ األدلة العقليَّة اليت يطرحها القرآف الكرًن يف إثبات وجود اػبالق‪،‬‬
‫وىذه األدلة تستوي ُحجتها يف نظر اؼبؤمن بالقرآف وغَت اؼبؤمن بو؛ ألهنا أدلة عقلية!‬
‫أما األدلة الثالثة الكربى اليت يُقدمها القرآف الكرًن فهي‪:‬‬
‫الدليل األوؿ وىو‪ :‬دليل اإلهباد‪:‬‬
‫كل شيء ُؿبدث‪ ،‬أي‪ :‬وجد بعد أف مل يكن موجودا‪ ،‬ال بد لو ِمن ُؿب ِدث أي‪ِ :‬‬
‫موجد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪41‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫مادة وقوانُت وأفالؾ‪ُ ،‬ؿب َدث بال خالؼ بُت علماء األرض‪.‬‬
‫والكوف كلو بكل ما فيو من َّ‬
‫موجودا‪.‬‬
‫ً‬ ‫الكوف ُوِجد بعد أف مل يكن‬

‫والشيء اؼبحدث الذي وجد فيو برىاف آكد على اؼب ِ‬


‫وجد! ىذه بديهة يستوي يف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫التسليم ؽبا كل البشر‪.‬‬
‫يقوؿ ستيفن ىوكينج يف كتابو الشهَت تاريخ موجز للزمن‪" :‬وجود بداية للكوف ىذا‬
‫(ٔ)‬
‫األمر لو لوازـ دينية" ‪.‬‬
‫ويقوؿ الفيزيائي فرانك تبلر ‪" :Frank Tipler‬لقد بدأت حيايت اؼبهنية كملحد‪ ،‬مل‬

‫(ٔ) ستيفن ىوكينج‪ ،‬تاريخ موجز للزماف‪ ،‬صٕ‪.ٜ‬‬

‫‪42‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬
‫(ٔ)‬
‫أتصور حىت يف أحالمي أف حدوث قوانُت الفيزياء ستدفعٍت إىل اإليباف باػبالق" ‪.‬‬
‫َّ‬
‫فكل شيء وجد فيو برىاف على ِ‬
‫اؼبوجد‪.‬‬ ‫ُ‬
‫لذرة ىي براىُت بعضها فوؽ‬
‫ذرة وكل ُج َسيم يف الكوف‪ ،‬وكل نشاط َّ‬ ‫وبالتايل فكل َّ‬
‫بعض على وجود اػبالق‪.‬‬
‫الذرات وىذه اعبُسيمات؛ ىذا الكوف بكل ما فيو من مادة ىو‬ ‫فهذا الوجود وىذه َّ‬
‫كوف َعَرضي ُؿب َدث ليس أزليا‪.‬‬
‫كتف بذاتو‪ ،‬وإذا استقرت ىذه البديهيات العِلميَّة‬ ‫الكوف بكل قوانينو ونواميسو غَت م ٍ‬
‫ُ‬
‫يف ذىنك فسينصرؼ عقلُك إىل ِ‬
‫اؼبوجد‪ ،‬وسيتربىن لك بأف ؽبذا الكوف خال ًقا ال َؿبالة‪.‬‬
‫فهذا يُسمى بػ‪" :‬برىاف اإلهباد" وما أكثر آيات القرآف الكرًن اليت تلفت أنظارنا إىل‬
‫دفعا للتفكر فيو والتأمل‪.‬‬
‫ىذا الربىاف‪ ،‬وتدفعُنا ً‬
‫اقرأ قولَو تعاىل‪﴿ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ﴾ [يونس‪.]ٔٓٔ :‬‬
‫واقرأ قولو سبحانو‪﴿ :‬ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳‬
‫﮴﴾ [األعراؼ‪]ٔٛ٘ :‬‬

‫ُحدث‪ ،‬كل شيء ُوِج َد؛ فيو دليل عقلي وبرىنة مباشرة‬
‫فكل شيء خلِق‪ ،‬كل شيء أ ِ‬
‫ُ‬
‫على ِ‬
‫اؼبوجد!‬
‫الدليل الثاين وىو‪ :‬دليل اإلتقاف‪:‬‬

‫‪)1( Frank Tipler, the Physics of immortality, p.ix.‬‬


‫نقال عن براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬صٖ‪( ٗٙ‬بتصرؼ)‪.‬‬
‫ً‬
‫‪43‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫كل شيء يف الوجود على اإلطالؽ من الكواركات ‪-‬أصغر ُج َسيم تَّ رصده‪ -‬إىل‬
‫أكرب األجراـ‪ ،‬كل شيء يف الكوف وبمل درجة من درجات التعقيد الوظيفي‪.‬‬
‫ومهمة ُؿب َّددة‪ ،‬وبمل درجة من اإلتقاف‪.‬‬
‫التعقيد الوظيفي أي‪ :‬يُؤدي وظيفة متخصصة ُ‬
‫وىذا اإلتقاف‪ ،‬ىذا التعقيد الوظيفي‪ ،‬ىو مرتبة زائدة على ؾبرد الوجود‪.‬‬
‫فالوجود مرتبة‪.‬‬
‫والتعقيد الوظيفي ‪-‬اإلتقاف‪ -‬مرتبة زائدة على ؾبرد الوجود‪.‬‬
‫ٍ‬
‫بشكل معُت ليؤدي وظيفة ؿبددة‪.‬‬ ‫صمم‬
‫شيء حولك ُم َّ‬ ‫ولو نظرت ِمن حولك فكل ٍ‬
‫الذرة ستجد أف الكوارؾ ‪-‬أصغر ُجسيم على اإلطالؽ تَّ‬ ‫ولو نظرت يف أعمق أعماؽ َّ‬
‫صم ٌم بشكل معُت ألداء مهمة ُؿب َّددة‪.‬‬
‫رصده‪ُ -‬م َّ‬

‫الذرة والفوتوف والقوانُت الفيزيائية والطاقة‪ ،‬كل شيء لو وظيفة ويؤدي ُمهمة‪ ،‬حىت‬
‫ف َّ‬
‫اؼبشعة ؽبا دورىا اغبيوي يف سبايُز طبقات األرض!‬
‫العناصر َّ‬
‫كذلك الروابط بُت الذرات‪ :‬الروابط الكيميائية األيونيَّة والتسانبية اليت ذبري بُت‬
‫‪44‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫تعاقدا آخر؟ فتقبل ذرةُ‬ ‫الذرات لتكوين اعبزيئات‪ ،‬وكيف َّ‬


‫أف الذرة تقبل ىذا التعاقد‪ ،‬وترفض ً‬ ‫َّ‬
‫الذرات اؼبكونة للسَتاميك‬
‫التعاقد مع ذرة الكلور لتكوين ملح الطعاـ‪ ،‬بينما ترفض َّ‬
‫َ‬ ‫الصوديوـ‬
‫التعاقد مع الذرات يف خاليا جلدؾ!‬
‫ىذه الصور اؼبدىشة من التعاقد ورفض التعاقد تؤدي إىل كل األشكاؿ والتنويعات‬
‫اؼببهرة ا﵀يطة بنا‪.‬‬

‫لعمل ُؿب َّد ٍد!‬


‫تسخَتا ٍ‬
‫ً‬ ‫تعقيدا وظيفيا‪ ،‬كل ما حولك وبمل‬
‫كل ما حولك وبمل ً‬
‫ىذا التعقيد والتسخَت واإلتقاف ىو بُرىاف َخ ْلق وإبداع‪.‬‬
‫لذلك اؼبلحد الشهَت أستاذ ميكانيك الكم جبامعة أوكسفورد ديفيد دوتش يستهزئ‬
‫من اغباؿ اليت وصل إليها اؼبالحدة فيقوؿ‪" :‬إذا زعم أي إنساف أنو مل يتفاجأ من اإلتقاف‬
‫والدقة يف ىذا الكوف وقوانُت ىذا الكوف‪ ،‬فهو ببساطة يدس رأسو يف الرمل؛ اؼبفاجآت كثَتة‬
‫وغَت ُمتوقعة"‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫فاإلتقاف يف الكوف يفاجئ العلماء‪.‬‬


‫وما أكثَػَر اآليات اليت ربدثت عن دليل اإلتقاف يف القرآف الكرًن‪:‬‬
‫قاؿ ا﵁ عز وجل‪﴿ :‬ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ﴾ [النمل‪.]ٛٛ :‬‬
‫وقاؿ سبحانو‪﴿ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ﴾ [السجدة‪.]ٚ :‬‬
‫عز ِمن قائل‪﴿ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ﴾‬ ‫وقاؿ َّ‬
‫[األعلى‪.]ٖ-ٔ :‬‬
‫كثَتة ىي اآليات اليت تُؤكد ىذا الربىاف العقلي السامق‪ :‬برىاف اإلتقاف!‬
‫كثَتا من اؼبالحدة ِفبَّن ُهبهزوف للسفسطة حىت قبل‬
‫لكن لألسف ىذا اإلتقاف ال يبهر ً‬
‫أف يتأملوا الربىاف الذي وبملو ىذا اإلتقاف!‬

‫‪46‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ولذلك فقد أحسن ديفيد دوتش حُت وصفهم بأهنم‪" :‬يدسوف رؤوسهم يف الرماؿ"!‬

‫سباما‬
‫وأنا أدعوؾ لتتأمل اإلتقاف يف زىرة األوركيد ‪ Orchid‬اليت تتخذ صورة تُطابق ً‬
‫ؿباوال تلقيحها فتلتصق حبَّات غُبار الطلع يف رأسو‪،‬‬
‫صورة أُنثى النحل‪ ،‬فيأيت ذَ َكر النحل ً‬
‫ويقوـ بالعملية نفسها يف أوركيد أخرى‪ ،‬فيقوـ بالتلقيح اؼبثايل لزىرة األوركيد دوف أف يدري‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫واألعجب من ذلك أف زىرة األوركيد ‪ Orchid‬تُفرز نفس الرائحة اػباصة بأُنثى‬


‫النحل فَتموف ‪ Pheromone‬أُنثى النحل‪ ،‬وليس شكلها فقط‪.‬‬
‫تنس أهنا كائن ال يعي من أمره شيئًا‪،‬‬
‫تأمل يف ىذه الزىرة العجيبة زىرة األوركيد‪ ،‬وال َ‬
‫وال يُدبر من أمره شيئًا‪.‬‬
‫ومع ىذه اػباصية اؼبعجزة للتلقيح عند األوركيد‪ ،‬فهي تعيش يف تو ُازف بيئي مثايل مع‬
‫غَتىا من الكائنات‪ ،‬فال تطغى عليها حبيث تنتشر يف األرض على حساب غَتىا من‬
‫ودع عجيب الصنع يف كل شيء‪.‬‬‫النباتات؛ فسبحاف فاطر اػبلق‪ ،‬وم ِ‬
‫َ ُ‬
‫وحىت تشارلز داروين نفسو ا عًتؼ قبل عاـ من وفاتو أف ما تقوـ بو زىرة األوركيد‬
‫يعصف بعقلو؛ نعم!‬
‫(ٔ)‬
‫يعصف بالأدريتو‪ ،‬ويعصف بكفره!‬
‫لكن بعض اؼبلحدين اؼبعاصرين لألسف ال يُعصفوف‪ ،‬وال يتأثروف هبذه األمور وال هبذه‬
‫َّ‬
‫الرباىُت‪ ،‬فهم يعيشوف حالة من السفسطة اعباىزة!‬
‫ب براىُت اإلتقاف لو تدبَّروىا!‬
‫أعج َ‬
‫فما َ‬
‫وَمن نظر يف براىُت اإلتقاف بتجرٍد للحق‪ ،‬سيُسلم باػبالق البارئ اؼبصور اؽبادي العليم‬
‫ُ‬
‫اغبكيم القدير!‬
‫اذىب ألحد معامل‬
‫أوجو براىُت اإلتقاف اإلؽبي‪ ،‬ف ْ‬
‫ترصد بنفسك أحد ُ‬
‫وإذا أردت أف ُ‬
‫التحاليل الطبية‪ ،‬وانظر إىل معايَت ضبط اؽبُرمونات يف أجسادنا!‬

‫"‪)1( "Well, that often comes over me with overwhelming force; but at other times,‬‬
‫‪and he shook his head vaguely, adding, "it seems to go away." (Argyll 1885, 244).‬‬

‫‪48‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ىروف النمو ‪ Growth hormone‬على سبيل اؼبثاؿ‪ ،‬انظر يف تركيزه يف الدـ‪ ٘" :‬نانو جراـ"‪.‬‬

‫قسم على ثالثة آالؼ‬


‫احدا من ىذا اؽبرموف ُم َّ‬ ‫ودبُعادلة رياضيَّة بسيطة‪ ،‬ذبد َّ‬
‫أف جر ًاما و ً‬
‫إنساف‪ ،‬انظر ؼبقدار الدقة اؼببهرة‪.‬‬
‫ولو ازدادت نسبة ىذا اؽبرموف دبقدار يُقاس بأجزاء من اؼبائة مليوف من اعبراـ؛ فإف‬
‫ىذا قد يؤدي إىل مرض العملقة‪ ،‬ولو قلَّت بأجزاء من اؼبائة مليوف من اعبراـ قد تؤدي إىل‬
‫مرض التقزـ‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫تغَتات كاملة يف بنية اؽبيكل العظمي‪َ :‬ع ْملقة أو تقزـ‪ ،‬نتيجة زيادة أو نقص هبذا‬
‫القدر البسيط واؼبدىش من ىرموف النمو‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫أما لو نظرت يف ىرموف األدرينالُت‪ ،‬ذاؾ اؽبرموف العجيب الذي تشعر بتأثَته غبظة‬
‫اػبوؼ‪ ،‬وغبظة اػبطر‪ ،‬فيُسرع دقات ضربات القلب‪ ،‬ويضخ الدـ إىل العضالت‪ ،‬ويزيد من‬
‫قُػ َّوة انتباىك‪ ،‬ىذا اؽبرموف لو نظرت فيو لوجدت أنو ُم َّ‬
‫قدر بضبط مبهر يف دمك‪.‬‬

‫ودبُعادلة رياضيَّة بسيطة‪َّ ،‬‬


‫فإف حجم ملعقة واحدة منو تقريبًا تُوزع على عشرات اآلالؼ‬
‫من البشر!‬
‫‪51‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫زبيَّل ِدقة أف ملعقة واحدة تُوزع على عشرات اآلالؼ من البشر!‬


‫دقة وإتقاف من أعجب ما ترى‪.‬‬
‫سبحانو‪﴿ :‬ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ﴾ [القمر‪]ٜٗ :‬‬ ‫قاؿ ربنا‬
‫الدليل الثالث وىو‪ :‬دليل الرعاية "الرعاية لإلنساف"‪:‬‬
‫لو نظرت إىل اغبدود اغبرجة اليت تُشكل وظائفك البيولوجية‪ِ ،‬‬
‫ودقة ُىرموناتِك‪،‬‬
‫والفندؽ الذي تعيش فيو‪ ،‬فندؽ النعم واػبَتات‪ :‬أرض تُنبت طعامك‪ ،‬وظباء ُسبطر رزقك‬
‫﴿ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ﴾ [عبس‪،]ٕٙ-ٕٗ :‬‬
‫وخزا مستمرا‬ ‫ِ‬
‫فندؽ متكامل من حولك‪ ،‬والفطرة اليت بداخلك واليت تضبط قيمك‪ ،‬وتُعطيك ً‬
‫ظلمت تشعر بضرورة إصالح نفسك‪ ،‬والن َّبوات اليت أتتك‪:‬‬
‫َ‬ ‫أخطأت أو‬
‫َ‬ ‫لضمَتؾ حبيث لو‬
‫أولئك األنبياء الذين جاؤوا ليضبطوا لك معرفتك وعملك‪ ،‬وما ال يبكن حصره من النعم؛‬
‫عند النظر يف كل ىذا تستوعب معٌت دليل الرعاية‪.‬‬
‫فليس ىناؾ إتقاف فحسب‪ ،‬بل ىناؾ رعاية وتسخَت من أجلك أيها اإلنساف؛ ما‬
‫سخٌر لك‪.‬‬
‫حولك ُم َّ‬
‫ط بك يدؿ على أنك ُمدلل‪ ،‬كما يقوؿ عامل الفلك األمريكي جوف‬
‫فبنية كل ما وبي ُ‬
‫(ٔ)‬
‫أوكِيف ‪.‬‬
‫فنحن ؿباطوف بالرعاية اإلؽبية!‬
‫وما اعبوائز والكشوؼ الكربى إال كشوؼ ألوجو الرعاية يف الكوف‪ ،‬مث يناؿ العلماء‬

‫‪)1( Fred Heeren, Show me God, p.226.‬‬


‫نقال عن براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص ٘‪.ٗٙ‬‬
‫ً‬
‫‪52‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫جوائز على ىذه الكشوؼ‪.‬‬


‫فما أكثرىا من نَِعم‪ :‬نَِعم اؽبداية بالفطرة والنبوات‪ ،‬ونعم الرزؽ الدنيوي‪.‬‬
‫﴿ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾ [الشعراء‪.]ٜٚ-ٚٛ :‬‬
‫رصدت مزيد أوجو تسخَت من أجلك!‬
‫َ‬ ‫نظرت يف الكوف من حولك‪،‬‬
‫وكلما َ‬
‫قدر الطبيعة" يسرد عامل الوراثة الالأدري مايكل دنتوف‪ ،‬يسرد آالؼ‬‫ويف كتابو " َ‬
‫الرباىُت العِلميَّة على ىذا التسخَت‪ ،‬وعلى ىذه اؼبعايَت اليت انضبط هبا ما حولك لك‪.‬‬
‫مشكورا بًتصبتو ونشره‪.‬‬
‫ً‬ ‫الكتاب ُمبهر يف ىذا الباب وقد قاـ مركز براىُت‬

‫‪53‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫قاؿ ربنا سبحانو‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬


‫ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ﴾‬
‫[لقماف‪.]ٕٓ :‬‬
‫لكن لألسف‪﴿ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ن َعم ال ُربصى يعرفها كل إنساف من نفسو‪ْ ،‬‬
‫ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ﴾ [اغبج‪!]ٛ :‬‬
‫‪ٌ -15‬ىٓ ٌّبطا ال رى‪ٕ٘ ْٛ‬بن ذعبعح ػظ‪ّ١‬خ أ‪ ٚ‬أ‪ ٞ‬ش‪ٟ‬ء ِبص‪ٛ٘ ٌّٞ‬‬
‫اٌّضؤ‪ٚ‬ي ػٓ إ‪٠‬خبص و‪ٕٔٛ‬ب ث‪ٙ‬ظا اإلث‪ٙ‬بع؟‬
‫أيضا جواب‬
‫ىذا سؤاؿ متكرر وباؼبناسبة الذي يعرؼ جواب ىذا السؤاؿ سيعرؼ ً‬
‫شبهة‪َ :‬من َخلَق اػبالق؟‬
‫لشبهة‪َ :‬من خلق اػبالق؟‬
‫أيضا ُ‬
‫فجواب ىذا السؤاؿ ىو جواب ً‬
‫وىذا السؤاؿ أجاب عنو علماء اإلسالـ قبل أكثر من ألف عاـ!‬
‫(ٔ)‬
‫قاؿ علماؤنا‪ :‬التسلسل يف الفاعلُت يُؤدي بالضرورة إىل عدـ وقوع األفعاؿ ‪.‬‬
‫أي وجود أكثر من خالق‪ ،‬مثل‪ :‬حضارة عظيمة أوجدتنا‪ ،‬أو‬
‫التسلسل يف الفاعلُت‪ْ :‬‬
‫شيء مادي أوجدنا‪ ،‬أو خالق أوجده خالق آخر واػبالق اآلخر أوجده آخر وىكذا‪...‬‬
‫صبيعا سيحتاجوف‬
‫ىذه اغبضارة‪ ،‬ىذا الشيء اؼبادي‪ ،‬ىذا اػبالق اؼبخلوؽ‪ :‬ىؤالء ً‬
‫لشيء آخر أوجدىم‪ ،‬أليس كذلك؟‬
‫بالتسلسل يف اػبالقُت أو‬ ‫سمى‬ ‫والذي أوجدىم سيحتاج ٍ‬
‫ؼبوجد ثالث وىكذا! ىذا يُ َّ‬
‫ُ‬
‫التسلسل يف الفاعلُت‪.‬‬

‫(ٔ) ظاىرة نقد الدين يف الفلسفة اغبديثة‪ ،‬د‪ .‬سلطاف العمَتي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ؼبوج ٍد وىكذا‪...‬‬
‫وجد وبتاج ِ‬
‫وجد وكل م ِ‬
‫ُ‬
‫لكل موجود م ِ‬
‫ُ‬
‫عقال!‬
‫اؿ ً‬‫ىذا التسلسل الذي يفًتضو اؼبلحد ُؿب ٌ‬
‫ؼباذا؟‬
‫انتبِ ْو!‬
‫موجود لو م ِ‬
‫وجد فلن يوجد أي شيء؛ ألف كل شيء يًتتَّب وجوده‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬
‫ألنو لو أف َّ‬
‫ُ‬
‫ؼبوجد ٍ‬
‫ثالث وىكذا‪ ،‬هبذه الصورة لن يوجد أي شيء‬ ‫على ٍ‬
‫شيء يسبقو‪ ،‬والذي يسبقو وبتاج ِ‬
‫كتف بذاتو‪ ،‬الكل مفتقر!‬‫ال خالقوف وال ـبلوقات؛ ألف الكل غَت م ٍ‬
‫ُ‬
‫وجد َّأوؿ خالق أزيل‪ ،‬وإال ؼبا ُوجد أي شيء!‬‫فال بد أف تقف السلسلة عند م ِ‬
‫ُ‬
‫وحىت نستوعب ىذه القاعدة أكثر سنضرب عليها اؼبثاؿ الشهَت مثاؿ‪ :‬اعبندي والرصاصة‪.‬‬
‫لو أف جنديا ينتظر األمر من القائد بإطالؽ رصاصة‪ ،‬والقائد ينتظر األمر من ٍ‬
‫قائد‬
‫أبدا‪.‬‬
‫آخر وىكذا إىل ما ال هناية فلن زبرج الرصاصة ً‬
‫فلو أف كل حضارة يتوقف وجودىا على حضارة أخرى سبقْتها‪ ،‬فلن تظهر ىذه‬
‫اغبضارة وال اليت أوجدهتا وال اليت سبقتهم‪ ،‬لن يظهر أي شيء ألف الكل مفتقر!‬
‫فالتسلسل يف الفاعلُت يؤدي بالضرورة إىل عدـ وقوع أفعاؿ‪.‬‬
‫التسلسل يف اػبالقُت يؤدي إىل عدـ وجود ـبلوقات‪...‬‬
‫ودبا أنو ىناؾ ـبلوقات‪ ،‬إذ ْف بالضرورة العقلية ىناؾ خالق َّأوؿ واجب وجود؛ واجب‬
‫وجود أي‪ :‬ال يستمد وجوده من غَته سبحانو!‬
‫وبالتايل فجواب سؤاؿ َمن خلق اػبالق؟ ىو‪ :‬لو َّ‬
‫أف لكل خالق خال ًقا آخر وىكذا‪،‬‬
‫ؼبا ظهر أي خالق‪ ،‬وؼبا ظهرت أيَّة ـبلوقات‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫وبناءً على ما سبق فإذا ُسئِل ملحد عن‪ :‬ما مصدر ىذا الكوف فأجاب بػ‪ :‬افًتاض‬
‫حضارة عظيمة أوجدتنا أو شيء مادي أوجدنا أو خالق ـبلوؽ؛ َّ‬
‫فإف ىذه االفًتاضات من‬
‫اؼبلحد ستُوقِع يف التسلسل ا﵀اؿ ً‬
‫عقال‪.‬‬
‫أيضا ىذه االفًتاضات ليست جوابًا عن السؤاؿ! ألف السؤاؿ التايل من الطرؼ اؼبؤمن‬
‫ً‬
‫سيكوف كاآليت‪ :‬وَمن الذي خلق تلك اغبضارة؟ َمن الذي خلق ذاؾ الشيء اؼبادي؟‬
‫فاؼبلحد مل يُقدـ جوابًا هبذه االفًتاضات‪.‬‬
‫خربا‬
‫مستندا أو ً‬
‫ً‬ ‫دليال أو برىانًا أو‬
‫مث ىل يبلك صاحب ىذه االفًتاضات‪ ،‬ىل يبلك ً‬
‫مثال؟ أـ أف األمر ال يعدو أف يكوف رصبًا بالغيب؟‬
‫من تلك اغبضارة ً‬
‫وأنا أتساءؿ‪ :‬كيف لصاحب افًتاض هبذه السطحية أف يَعيب على اعبواب الديٍت؟‬
‫عقال‪ ،‬مث إف‬
‫اعبواب الديٍت أكثر منطقية وتناس ًقا مع نفسو‪ ،‬وال يقع يف التسلسل ا﵀اؿ ً‬
‫مباشرا‪ ،‬يبتلك النص الديٍت‪ ،‬ويبتلك برىاف األنبياء الذين أتَػ ْوا‬
‫دعما نقليا ً‬ ‫اعبواب الديٍت يبتلك ً‬
‫وأخربوا هبذا اعبواب‪ ،‬وىؤالء األنبياء أُيدوا باؼبعجزات والدالئل لتوكيد صحة ىذا اعبواب!‬
‫دعما نقليا ُموثػَّ ًقا وىو متسق مع ذاتو‪.‬‬
‫فاعبواب الديٍت يبتلك ً‬
‫أيضا اعبواب الديٍت يبتلك مستند عدـ اؼبعا ِرض‪ ،‬حيث مل تًتؾ لنا تلك الكائنات‬
‫ً‬
‫ىذه الدعوى العريضة اليت تُثبت قيامها بذلك‪ ،‬فليس ىناؾ معارض عقلي وال نقلي وال‬
‫علمي لوجود اػبالق سبحانو‪.‬‬
‫أيضا اعبواب الديٍت متفق مع ما انتهى إليو العِلم من عدـ وجود أيَّة مادة أو زمن قبل‬
‫ً‬
‫كوننا‪ ،‬بل اؼبادة والزمن أتيا إىل الوجود غبظة ظهور الكوف‪ ،‬وبالتايل فكيف يكوف ىناؾ شيء‬
‫مادي أوجد كوننا إذا كاف الكوف أتى من الالمادة؟‬
‫‪56‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫أتصور ما ُمنتهى ىذه االفًتاضات اليت يضعها اؼبالحدة‪ :‬حضارة أخرى‪،‬‬


‫جلست َّ‬
‫خالق ـبلوؽ‪ ،‬شيء مادي!‬
‫ما ُمنتهى كل ىذا؟‬
‫وجدت أف ما يفعلو اؼبالحدة بالضبط ىو‪ :‬أهنم يضعوف يف الطريق إىل‬
‫ُ‬ ‫وبعد تفكَت‬
‫إثبات اػبالق ‪-‬يعٍت ىم سينتهوف إىل إثبات اػبالق وإال لوقعوا يف التسلسل الالهنائي‪-‬‬
‫يضعوف يف ىذا الطريق افًت ٍ‬
‫اضات متهافتة ال هبد العقالء من القرائن ما يوحي ‪-‬ولو من‬
‫أصال!‬ ‫ٍ‬
‫بعيد‪ -‬بوجودىا ً‬
‫فهذه االفًتاضات ليست جوابًا يف حد ذاتو‪ ،‬وإمبا ىي إرجاء اؼبطلَب اؼبعريف‪ ،‬إرجاء‬
‫إثبات اػبالق خطوة للوراء ال أكثر‪.‬‬
‫يؤجلوف إثبات اػبالق ػبطوٍة واحدة دوف دليل على ىذا التأجيل أو ىذه اػبطوة!‬
‫﴿ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ﴾‬
‫[األنعاـ‪.]ٔٗٛ :‬‬
‫زبرصوف‪ :‬تضعوف االفًتاضات من خيالكم ال أكثر!‬
‫ُ‬
‫والعجيب أف اؼبلحد يفرح هبذه االفًتاضات جدا‪ ،‬يفرح هبذا التأجيل إلثبات اػبالق‬
‫ويراه حال ذكيا؛ ألنو ببساطة يكره ويشمئز من القوؿ الديٍت بوجود اػبالق‪ ،‬مع أنو سيثبتو‬
‫غما عنو وإال لوقع يف التسلسل‪.‬‬
‫بعد قليل ُر ً‬
‫وىذا يؤكد أف مشكلة ىؤالء نفسيَّة ال علميَّة وال عقليَّة‪...‬‬
‫﴿ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬
‫ﮰ ﮱ ﮲ ﮳ ﮴﴾ [الزمر‪.]ٗ٘ :‬‬
‫‪57‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫إف التسليم ﵁ باػبلق واألمر ىو هناية قصة اؼبصَت اإلنساين‪ ،‬سواءً شئنا أـ أبينا‪ ،‬إف‬
‫ىذا التسليم ىو االستجابة اؼبثَتة للقضية اإلنسانية ال ُكربى‪.‬‬
‫ُ‬
‫إف اإلسالـ مل يأخذ اظبو من قوانينو وال نظامو وال ُؿبَّرماتو‪ ،‬وإمبا من شيء يشمل ىذا‬
‫(ٔ)‬
‫كلو ويسمو عليو ‪-‬من حقيقة التسليم ﵁‪ -‬إنو استسالـ ﵁‪ ،‬إنو اإلسالـ!‬
‫الـ لو سبحانو يف األمر والنهي‪.‬‬
‫نسأؿ ا﵁ أف يرزقنا االستس َ‬
‫أْ ٕ٘بن ِب‬
‫‪ -16‬و‪١‬ف رم‪ ٌْٛٛ‬إْ اٌطبلخ ظ‪ٙ‬غد ِغ ظ‪ٛٙ‬ع اٌى‪ ْٛ‬ف‪ ٟ‬ذ‪َّ ٓ١‬‬
‫‪ُ٠‬ؼغف ثبٌمبٔ‪ ْٛ‬األ‪ٚ‬ي ٌٍض‪ٕ٠‬بِ‪١‬ىب اٌرغاع‪٠‬خ‪ ،‬أ‪ِ ٚ‬ب ‪ُ٠‬ضَّّ‪ ٝ‬ثمبٔ‪ ْٛ‬ذفظ اٌطبلخ؟‬
‫ستحدث‬
‫تعريف قانوف حفظ الطاقة كالتايل‪ :‬يف أي نظاـ معزوؿ‪ :‬الطاقة ال تَفٌت وال تُ َ‬
‫من العدـ‪.‬‬
‫وبالتايل فالسؤاؿ الذي يطرحو بعضهم‪ِ :‬من أين أتت ىذه الطاقة اليت ظهرت مع‬
‫ظهور الكوف؟‬
‫وجواب ىذا السؤاؿ كالتايل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ىذا قانوف يتعلَّق فقط بعمل الكوف‪ ،‬يتعلَّق بنظاـ سرياف الطاقة داخل نظاـ‬
‫ً‬
‫(ٕ)‬
‫معزوؿ ال بأصل الكوف!‬
‫ت تزعم أيها اؼبلحد َّ‬
‫أف ؾبموع طاقة الكوف يساوى الصفر؟‬ ‫ألس َ‬
‫ثانيًا‪ْ :‬‬
‫ؾبموع الطاقة السالبة والطاقة اؼبوجبة يساوي‪ :‬الصفر!‬
‫أصال‬
‫إذ ْف مل يتم خرؽ قانوف حفظ الطاقة بأية صورة من الصور؛ ألف ؾبموع الطاقة ً‬

‫(ٔ) اإلسالـ بُت الشرؽ والغرب‪ ،‬علي عزت بيجوفيتش‪ ،‬مؤسسة بافاريا للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫(ٕ) براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬الطبعة األوىل ص‪.ٗٔٙ‬‬

‫‪58‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫يساوي الصفر‪.‬‬
‫وؽبذا يعًتؼ الفيزيائي اؼبلحد الشهَت شوف كاروؿ ‪ Sean Carroll‬ب َّ‬
‫أف‪ :‬قانوف حفظ‬
‫يتم خرقو غبظة ظهور الكوف فيقوؿ‪" :‬يف بداية الكوف يف أوؿ غبظة للكوف مل يتم‬
‫الطاقة مل َّ‬
‫(ٔ)‬
‫خرؽ قانوف حفظ الطاقة؛ ألف الطاقة تساوي الصفر" ‪.‬‬
‫سباما أف القانوف الثاين للديناميكا اغبرارية يقرر أف للكوف بداية‪ ،‬فهذا‬
‫ثالثًا‪ :‬من اؼبعلوـ ً‬
‫القانوف ُح َّجة على بداية الكوف‪.‬‬
‫وطب ًقا ؽبذا القانوف َّ‬
‫فإف‪ :‬الكوف يكتسب إنًتوبيا ‪ Entropy‬مع الوقت‪ ،‬أي‪ :‬يكتسب‬
‫عشوائية أو فوضى‪.‬‬
‫حتما ستزداد مع الوقت‪ ،‬فأي تغَت وبدث يف‬ ‫ويستحيل أف تقل اإلنًتوبيا‪ ،‬بل ىي ً‬
‫ربوالت الطاقة ال بد وأف يصحبو ازدياد يف مقدار اإلنًتوبيا اػباصة بو‪.‬‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=TGs4C60FR68‬‬
‫من ‪ 00:42‬إىل ‪00:49‬‬

‫‪59‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫وللتَّبسيط‪ :‬لو أحضرنا كوبًا من اؼباء الساخن‪ ،‬فإف الطاقة ستنتقل من ىذا الكوب إىل‬
‫الغرفة مع الوقت حىت تتساوى حرارة الكوب مع حرارة الغرفة‪ ،‬ويستحيل أف وبصل العكس‪،‬‬
‫دوما ستنتقل اغبرارة من‬
‫يستحيل أف تزداد حرارة الكوب على حساب حرارة الغرفة‪ ،‬بل ً‬
‫األعلى طاقة حرارية لألقل طاقة حرارية حىت تتساوى حرارة اعبميع‪.‬‬

‫لذلك الكوف تزداد إنًتوبيتو مع الزمن حىت يصل للموت اغبراري ‪،Thermal death‬‬
‫حُت يصبح عند أعلى درجة من اإلنًتوبيا‪.‬‬
‫وىنا نأيت للشاىد من ىذا الكالـ‪ :‬لو كانت الطاقة أزليَّة ستكوف ىناؾ إنًتوبيا‬
‫الهنائية‪ ،‬ستكوف ىناؾ عشوائية الهنائية بدأ هبا الكوف!‬
‫لو كانت الطاقة أزليَّة ُلولِد الكوف ميتًا!‬

‫‪60‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫سباما ىو اغباصل‪ :‬فالكوف كما ىو معلوـ بدأ باغبد األدىن على اإلطالؽ‬
‫لكن العكس ً‬
‫من اإلنًتوبيا‪.‬‬
‫وكما يقوؿ اؼبلحد الفيزيائي شوف كاروؿ‪" :‬طب ًقا للقانوف الثاين للديناميكا اغبرارية‪ ،‬فإف‬
‫اإلنًتوبيا تزداد وىذه قضية مهمة؛ ألنو يف بداية ظهور الكوف كانت اإلنًتوبيا قليلة جدا جدا‬
‫جدا‪ ،‬ال أحد يعرؼ ؼباذا بدأ الكوف هبذا اغبد األدىن من اإلنًتوبيا‪ ،‬ىذا سؤاؿ مفتوح يف علم‬
‫(ٔ)‬
‫ومنظما جدا؟"‬
‫ً‬ ‫فبيزا جدا‬
‫الكونيات؛ ؼباذا بدأ الكوف ً‬
‫فالكوف بدأ باغبد األدىن من اإلنًتوبيا‪ ،‬إذ ْف فالطاقة ليست أزليَّة وإال ألصبحت‬
‫اإلنًتوبيا أزلية‪.‬‬
‫فبيزا جدا‬
‫قائال‪ :‬ؼباذا بدأ الكوف ً‬
‫وىذا األمر ىو الذي دفع شوف كاروؿ ليتعجب ً‬
‫ومنظما جدا؟‬
‫ً‬
‫ىذا تساؤؿ واحد من أشهر اؼبلحدين الفيزيائيُت يف العامل!‬
‫لكن لألسف كثَت من اؼبالحدة مازالوا يروف َّ‬
‫أف‪ :‬الكوف غَت فبيز وغَت ُمنظم‪ ،‬وأف‬
‫الطاقة أزليَّة‪ ،‬وال أدري من أي عصر تأيت مقوالهتم ىذه!‬
‫ومن باب اإلنصاؼ أود أف أقوؿ َّ‬
‫أف شوف كاروؿ كملحد حاوؿ أف يتجاوز ىذه‬
‫الورطة ‪-‬ورطة اغبد األدىن من اإلنًتوبيا‪ -‬حاوؿ أف يتجاوزىا بافًتاض األكواف اؼبتعددة‪،‬‬
‫فصلنا فيها اعبواب يف الصفحات السابقة!‬
‫وىذه اؼبسألة مسألة األكواف اؼبتعددة َّ‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=TGs4C60FR68‬‬
‫من ‪00:49‬‬
‫إىل ‪1:16‬‬

‫‪61‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪ٌ -17‬ىٓ ثؼط اٌّالذضح ‪٠‬عؼ‪ ْٛ‬فغظ‪١‬بد وث‪١‬غح ٌٍرظخ ظ‪ٛٙ‬ع اٌى‪ْٛ‬‬
‫ف‪ِ ٟ‬رب‪ٌٚ‬خ إلثجبد أػٌ‪١‬خ اٌطبلخ؟‬
‫كل ىذه ال َفَرضيات والتخمينات غَتُ صحيحة علميا‪ ،‬وتعجب حُت تستمتع لفيزيائي‬
‫قائال‪" :‬ال يوجد َمبوذج‬
‫ملحد حبجم ألكسندر فلنكلن ‪ Alexander Vilenkin‬وىو يعًتؼ ً‬
‫(ٔ)‬
‫واحد ُم ٍ‬
‫رض لكوف بال بداية" ‪.‬‬
‫ال يوجد مبوذج واحد صحيح أو فرضية واحدة صحيحة يبكن الربىنة عليها يف إثبات‬
‫أزلية الطاقة‪.‬‬
‫وبعد أف َّ‬
‫عدد ألكسندر فلنكلن النماذج وال َفَرضيات اليت يضعُها العلماء لتجاوز بداية‬
‫وصلت إليها أنو ال يوجد‬
‫ُ‬ ‫الكوف‪ ،‬اعًتؼ حبسرٍة ً‬
‫قائال‪" :‬سأخربكم بتعليقي‪ :‬إف النتيجة اليت‬
‫مبوذج من ىذه النماذج صاحل للعمل‪ ،‬ال يوجد مبوذج من ىذه النماذج يستطيع ذبنب أف‬
‫(ٕ)‬
‫ؽبذا الكوف بداية" ‪.‬‬
‫كل النماذج اليت رباوؿ ذباوز بداية الكوف لتثبت أزليَّة الطاقة كلها مباذج فاشلة ال تعمل!‬
‫مث بدأ فلنكن يف شرح فشل ىذه النماذج!‬
‫جاىدا عرب سنُت أف يتجاوز أف للكوف‬
‫ً‬ ‫ىذا اعًتاؼ عزيز من ملحد فيزيائي حاوؿ‬
‫بداية‪ ،‬لكنو يف األخَت يُقر بالفشل واػبيبة!‬

‫(ٔ) براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.ٗٔٚ‬‬


‫‪)2( https://www.youtube.com/watch?v=NXCQelhKJ7A‬‬
‫من ‪2:41‬‬
‫إىل ‪3:35‬‬

‫‪62‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫فكل ما انتهى إليو العلم يف كل النماذج الصحيحة العملية أف الكوف لو بداية!‬

‫مث يأيت ملحد ليقوؿ لك‪ :‬ىناؾ احتماليَّة ِعلميَّة أف الكوف يسبقو كذا او كذا أو أننا‬
‫نستطيع ذباوز بداية الكوف بكذا أو بكذا!‬
‫السفسطات والفرضيات مهما ثبت‬
‫وباولوف باستمرار أف يُوىنوا قوة الربىاف ببعض َّ‬
‫خطؤىا وعدـ جدواىا‪.‬‬
‫كاف وما زاؿ وسيبقى اإلغباد سفسطة للبديهيات ببعض االفًتاضات والتخيالت‪،‬‬
‫بينما يبقى الدين ىو التسليم بإلزامات ىذه البديهيات!‬

‫‪63‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪ -18‬إطا وبْ اهلل لض سٍك اٌى‪ ،ْٛ‬فٍّبطا وً ٘ظٖ اٌى‪ٛ‬اوت ‪ٚ‬إٌخ‪ٌّ ،َٛ‬بطا‬
‫اٌى‪ ْٛ‬ث‪ٙ‬ظٖ اٌعشبِخ؟‬
‫ىذه الشبهة تعتمد على مغالطة‪" :‬أنسنة اإللو"‪ :‬حيث هبعل اؼبلحد اإللو إنسانًا‪.‬‬
‫ودبا َّ‬
‫أف اإلنساف بطبيعتو يُعاين من نقص يف اؼبوارد‪ ،‬فبالتايل اؼبفًتض أف يُنفق اإلنساف‬
‫بأقل قدر متاح من أجل ربقيق أفضل نتيجة‪.‬‬
‫عما يفًتوف؛ ولذلك يتساءلوف‪ :‬ؼباذا‬
‫يتصوروف أف اإللو كاإلنساف تعاىل ا﵁ َّ‬
‫فهم َّ‬
‫الكوف هبذا اغبجم الضخم؟‬
‫أف ا﵁ خلق مليارات مليارات األكواف مثل كوننا ىل ىذا يُ ِنقص من‬ ‫وقبيبهم‪ :‬لو َّ‬
‫ُ‬
‫خزائنو شيئًا؟‬
‫فا﵁ ىبلق ما يشاء‪ ،‬وال ينقص ذلك من خزائنو شيئًا؛ ويف َخ ِلقو تدبَّر عظيم قدرتو‬
‫وعجيب حكمتو!‬
‫لكن السؤاؿ اآلف‪ :‬ىل ؽبذه الكواكب والنجوـ الكثَتة فائدة لنا؟‬
‫واعبواب‪:‬‬
‫أ ًوال‪ :‬كبن لسنا وحدنا يف الكوف‪ ،‬قاؿ ربنا سبحانو‪﴿ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ﴾ [الشورى‪]ٕٜ :‬‬

‫علما بالعدـ‪.‬‬ ‫ٍ‬


‫فعدـ العلم ليس ً‬
‫ثانيًا‪ :‬عدـ معرفتنا بفائدة شيء ما ال يعٍت أنو بال فائدة‪ُ ،‬‬
‫ثالثًا‪ :‬كبن نعلم أف اؼبعادف اليت ال تقوـ حياتنا إال هبا‪ ،‬ىذه اؼبعادف مل تنشأ إال يف‬
‫قلب مستعرات عمالقة أو أفراف قبمية ضخمة‪.‬‬
‫فاؼبعادف كلها اليت كبتاج إليها‪ ،‬كاغبديد الذي ينقل األوكسجُت إىل رئتيك‪ ،‬اؼبعادف‬
‫‪64‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫اليت هبا قِواـ معيشتِك‪ ،‬ىذه اؼبعادف ما نشأت إال داخل أفراف النجوـ العمالقة البعيدة جدا عنا‪.‬‬

‫العطالة ‪ Inertia‬اليت كبيا يف نعيمها ىي‬ ‫مؤخرا َّ‬


‫أف‪ :‬القصور الذايت أو َ‬ ‫تبُت لنا ً‬
‫ابعا‪َّ :‬‬
‫رً‬
‫نتاج كتلة الكوف ككل‪.‬‬
‫ما معٌت‪ :‬القصور الذايت؟‬
‫وبصل؟‬
‫لو أنك تركب سيارة وفجأ ًة السيارة توقفت‪ ،‬ما الذي ُ‬
‫تندفع لألماـ! أليس كذلك؟‬
‫ىذه ىي العطالة أو القصور الذايت‪.‬‬
‫أقل فبا ىو عليو اآلف الستطاعت أبسط نسمة ىواء‬
‫لو كاف القصور الذايت يف عاؼبنا َّ‬
‫أف ربرؾ الصخور‪ ،‬ويف عامل كهذا نكوف معرضُت باستمرار لقصف كل أنواع األشياء!‬
‫(ٔ)‬
‫ولو كانت العطالة أكرب فبا ىي عليو اآلف ؼبا استطعنا حىت ربريك أصابعنا ‪.‬‬
‫العطالة على الكتلة‪.‬‬
‫وتتوقف قوة القصور الذايت أو َ‬
‫‪)1( Nature's Destiny: How the Laws of Biology Reveal Purpose in the Universe,‬‬
‫‪Michael Denton.‬‬

‫‪65‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫واألمر الذي أدىش الفيزيائيُت أف كتلة َؾبَّرة درب التبانة‪ ،‬اجملرة اليت ربتوي على‬
‫ؾبموعتنا الشمسية‪ ،‬ال تشارؾ يف ضبط العطالة إال بنسبة ٔ‪ ٓ.‬باؼبليوف‪ ،‬بينما كتلة األرض‬
‫ال تضبط العطالة إال بنسبة ٔٓٓ‪ ٓ.‬باؼبليوف‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫فالعطالة اؼبثالية اليت كبيا على شبارىا‪ ،‬واليت من خالؽبا مبارس كل أنشطتنا‪ ،‬ىي نتاج‬
‫ؾبموع طاقة الكوف ككل‪.‬‬
‫﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾‬
‫[ص‪.]ٕٚ :‬‬
‫توسع العلم‪ ،‬ظهرت عجائب اغبكمة ودقائق اػبلق!‬
‫وكلما َّ‬
‫‪ -19‬و‪١‬ف ٔى‪ٔ ْٛ‬رٓ اٌجشغ ثرخّٕب ٘ظا اٌصغ‪١‬غ ف‪ِ ٟ‬غوز ٘ظا اٌى‪ْٛ‬‬
‫اٌؼّالق؟‬
‫اضا متهافتًا فيقوؿ‪ :‬دبا أف الكوف ضخم‪ ،‬فاإلنساف‬
‫واعبواب كالتايل‪ :‬اؼبلحد يضع افًت ً‬
‫كزا يف ىذا الكوف‪ ،‬ىذا االفًتاض مبٍت على مقدمة‪ :‬دبا أف ىذه اؼبزارع شاسعة‬ ‫ليس مر ً‬
‫وصاحبُها حجمو صغَت جدا بالنسبة ؽبا إذ ْف‪ :‬ىو ليس بصاحبِها!‬

‫ليس األمر باغبجم إطالقًا‪.‬‬


‫اضل بُت أعظم الناس‬
‫واألخالؽ اليت بال حجم مادي ىي اؼبعيار األكرب يف التف ُ‬
‫‪67‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫وأحقر الناس‪.‬‬
‫وإنقاذ طفل واحد أوىل من جباؿ األرض‪ ،‬أليس كذلك؟‬
‫معيارا!‬
‫فقضية األحجاـ ليست ً‬
‫أف عندنا َملِ ًكا وىذا اؼبلك أوصى البنو ببعض الوصايا‬
‫ودعونا نضرب ىذا اؼبثاؿ‪ :‬لو َّ‬
‫معًتض ويقوؿ‪ :‬كيف ؼبلك يبلك‬
‫ٌ‬ ‫والنصائح‪ ،‬وَكتب لو يف ذلك كتابًا‪ ،‬ىل يبكن أف يأيت‬
‫ماليُت األفدنة واألراضي الشاسعة اليت ال حصر ؽبا‪ ،‬كيف يهتم بابنو الذي ال يبلغ حجمو‬
‫ووزنو واحد على مليوف فبا يبلك ىذا اؼبلك من األراضي واألفدنة؟ و﵁ اؼبثل األعلى‪.‬‬
‫أصال؟‬
‫ىل ىذا اعًتاض معقوؿ ً‬
‫فالقضية ليست باغبجم وال بالوزف‪.‬‬
‫مث أليس ىذا الكوف بدأ من نُقطة أصغر من رأس الدبوس دبليارات اؼبرات كما يقرر‬
‫كل فيزيائي اليوـ؟‬
‫إذ ْف اغبجم نسيب‪.‬‬
‫فاستغراب ضخامة اغبجم أو ضآلتو أو طوؿ عمر الكوف أو قصره ىي ؿباوالت‬
‫يتصوروف أف اإللو إنسانًا‪ ،‬ودبا َّ‬
‫أف اإلنساف من اؼبفًتض أف يُقدر األشياء‬ ‫ألنسنة اإللو‪ ،‬حيث َّ‬
‫حبسب إنفاقو عليها‪ ،‬ودبا أف الكوف عمالؽ جدا‪ ،‬فاؼبفًتض أف يكوف مركز ىذا الكوف شيء‬
‫ضخم اغبجم جدا‪ ،‬حىت يوازي النفقات اليت أُنفقت على كوف هبذا اغبجم!‬
‫ما الذي يضَتكم أيها اؼبالحدة من أف ىبلق ا﵁ُ ما يشاء بالكيف الذي يشاء؟‬
‫ؼباذا ا﵀اوالت اؼبتكررة ألنسنة اإللو؟‬
‫كزا ؽبذا الكوف؟‬
‫لكن ىل كبن بالفعل مر ً‬
‫‪68‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫نعم أنت أيها اإلنساف‪ :‬مركز ىذا الكوف بالتكليف اإلؽبي‪ ،‬والتكليف اإلؽبي ىو‬
‫الدين‪ ،‬ىو األمانة اليت ضبلها اإلنساف‪ ،‬ىو ىذا االختبار األعظم الذي كبن فيو!‬
‫كزا ؽبذا الكوف‪ ،‬فال حبجمك وال بقوتك وال بقدراتك‬
‫فقط بالتكليف اإلؽبي تُصبح مر ً‬
‫كزا يف ىذا الكوف!‬
‫كزا ؽبذا الكوف‪ ،‬وإمبا من خالؿ التكليف اإلؽبي أصبحت مر ً‬
‫تصبح مر ً‬
‫حجما‪ ،‬بل‬
‫ً‬ ‫والتكليف ال َعالقة لو باغبجم؛ إذ ال يلزـ أف يكوف التكليف لألكرب‬
‫اؼبنطقي أف يكوف التكليف للكائن الذي يدرؾ معٌت التكليف‪ ،‬والقادر على فعل اػبَت وترؾ‬
‫الشر‪ ،‬الكائن القادر على اإليباف والكفر!‬
‫وكلنا يعلم أنو ُمكلَّف‪ ،‬سواءً شئنا أـ أبينا!‬
‫اؼبلحد واؼبؤمن الكل يعلم أنو ُمكلَّف ويشعر بالتكليف اإلؽبي‪ ،‬ويعاين َو ْخز الضمَت‬
‫األخالقي‪ ،‬ويعرؼ أ َّف بداخلو‪ :‬افعل وال تفعل‪ ،‬افعل اػبَت وال تفعل َّ‬
‫الشر‪ ،‬كلنا يعلم من واقع‬
‫نفسو أنو ُمطالَب!‬
‫فنحن يف مركز ىذا الكوف تكليفيا!‬
‫أيضا كبن يف مركز ىذا الكوف إدراكيا ومعرفيا‪ ،‬فنحن ندرؾ ونعي ونعقل ونعرؼ‬
‫ً‬
‫أيضا كبن يف مركز ىذا‬
‫جيدا؛ ً‬
‫حقيقة وجودنا‪ ،‬وحقيقة الكوف من حولنا‪ ،‬ونفهم معٌت وجودنا ً‬
‫معٌت‪ ،‬فطفل صغَت أوىل من كل جباؿ العامل‪ ،‬وكبن يف مركز ىذا الكوف دينيا‪،‬‬
‫الكوف قيمةً و ً‬
‫ا﵀اسبوف!‬
‫فنحن اؼبُطالبوف اؼبآخذوف اؼبُكلفوف َ‬
‫وكبن الكائن اؼبد ِرؾ لروعة اإلعداد ٍ‬
‫بعناية‪ ،‬كبن الكائن اؼبدرؾ لإلتقاف‪ ،‬كبن الكائن‬
‫ُ‬
‫سباما على االختيار‪ ،‬كبن نَقدر‬
‫ً‬ ‫قدر‬‫َ‬‫ن‬ ‫كبن‬ ‫‪،‬‬ ‫بالتكليف‬ ‫الكفر‬ ‫أو‬ ‫بو‬ ‫لف‬ ‫القادر على تنفيذ ما ُك‬
‫حقيق ًة على اإليباف والكفر‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫فنحن يف مركز ىذا الكوف‪ ،‬سواءً شئنا أـ أبينا!‬


‫﴿ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ﴾ [األحزاب‪]ٕٚ :‬‬

‫ْ‪،‬‬
‫‪٠ -21‬م‪ٛ‬ي ثؼط اٌّالذضح‪ :‬األعض ِٓ اٌطج‪١‬ؼ‪ ٟ‬أْ ‪٠‬ى‪ ْٛ‬ث‪ٙ‬ب إرمب ٌ‬
‫ف‪ٕٙ‬بن و‪ٛ‬اوت وث‪١‬غح ٌ‪١‬ضذ ف‪ٙ١‬ب ذ‪١‬بح‪ .‬ف‪ٛ‬ح‪ٛ‬ص و‪ٛ‬وت ث‪ٙ‬ظا اإلرمبْ وبألعض‬
‫٘‪ ٛ‬أِغ طج‪١‬ؼ‪ ٟ‬ثبٌٕضجخ ٌؼضص اٌى‪ٛ‬اوت اٌىج‪١‬غ؛ أٌ‪١‬ش وظٌه؟‬
‫اعبواب كالتايل‪ :‬ما َعالقة وجود كواكب كثَتة بنقد دليل اإلتقاف؟‬
‫القضية ليست مو َّاد َّأولية‪.‬‬
‫ليس دبا أنٍت يف غابة مليئة بكافة اػبُضر والثمار واغبيوانات‪ ،‬ليس معٌت ذلك أف‬
‫يظهر أمامي فجأةً يف وسط الغابة إناء طعاـ مطبوخ شهي؛ فالقضية ليست مو َّاد َّأولية!‬

‫أبدا أنٍت من الطبيعي أف أجد‬


‫أيضا ليس معٌت توافُر الرماؿ يف صحاري العامل‪ ،‬ليس معناه ً‬
‫ً‬
‫‪70‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫الرقْمية والشرائح اإللكًتونية اليت تُصنع من الرماؿ‪ ،‬حويل يف كل مكاف يف الصحراء!‬


‫اؼبعاعبات َّ‬

‫صنع وإتقاف ‪.Know how‬‬


‫فالقضية ليست مو َّاد أولية؛ القضية ُ‬
‫ليس ؾبرد وجود ؾبموعة كواكب تكوف كافية ألف يظهر بينها كوكب هبذا اإلتقاف‬
‫كاألرض‪.‬‬
‫وصنع ﴿ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ﴾ [النمل‪.]ٛٛ :‬‬
‫القضية إتقاف وخلق ُ‬
‫فوجود كواكب أخرى كثَتة ال يربر إطالقًا وجود حياة على كوكب األرض‪.‬‬
‫تشفَتا جينيا بداخلك يضبط كل وظائفك وأعضائك‬
‫ً‬ ‫وجود كواكب أخرى ال يربر‬
‫وىرموناتِك ٍ‬
‫بضبط مبه ٍر قبل أف توجد أنت بنفسك!‬
‫والتشفَت اعبيٍت ىو‪ :‬جينات ربمل معلومات داخل كل خلية من خالياؾ وخاليا كل‬
‫كائن حي!‬
‫واعبُت ىو‪ :‬شريط طويل جدا مكتوب عليو بنظاـ الشفرة أو بنظاـ الًتميز مكتوب‬
‫عليو خصائص ومعلومات كل عضو من أعضاء جسدؾ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫عُت من اعبينات‪ ،‬يُكتب‬


‫فمثال حىت ينشأ الكبد يف اعبنُت ال بد أف يتواجد عدد ُم َّ‬
‫ً‬
‫عليهم بنظاـ الشفرة كيفية تكوف الكبد‪ ،‬مث يتم فك ىذه الشفرة فيظهر كبدؾ!‬
‫كل عضو من أعضائك‪ ،‬وكل إنزًن‪ ،‬وكل ىرموف كلها تُشفَّر داخل اعبينات اػباصة بك‪.‬‬
‫ويوجد يف كل خلية من خالياؾ ٖٓ ألف جُت تشفر لكل وظائفك‪.‬‬
‫ادة‪ ،‬والنظم البيولوجية يف صبيع الكائنات اغبية ىي نظم‬
‫فاغبياة معلومة وليست دب َّ‬
‫ظما ماديَّة‪.‬‬
‫معلوماتية وليست نُ ً‬
‫مادة‪ ،‬وعدد اغبروؼ اليت ُكتبت هبا جيناتُك ىي‬
‫نعم! اغبياة معلومة وليست ؾبرد َّ‬
‫أربعة مليارات حرؼ داخل كل خلية من خاليا ِ‬
‫جسدؾ!‬
‫ىل ىذا اإلعجاز يتم تربيره بأف ىناؾ كواكب أخرى كثَتة؟‬
‫بدعة بإتقاف من حولو‪،‬‬
‫اؼبشكلة أف اؼبلحد يتعامل مع الكائنات اغبية‪ ،‬ومع النظم اؼب َ‬
‫ٌ‬
‫يتعامل معها كما يتعامل مع لعبة البازؿ جيم ‪ ،Puzzle game‬حيث يفكك اؼبلحد‬
‫بدعة‪ ،‬يُفككها مث يقوـ بإعادة ذبميعها من أماكن ـبتلفة‪.‬‬
‫مكونات اغبياة والنظم اؼب َ‬
‫ُ‬
‫‪72‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫يُفكك اؼبطلوب مث يعيد ذبميعو!‬


‫طريقة تفكَت اؼبلحد غريبة جدا‪.‬‬
‫ىل وجود غابات كثيفة يربر ظهور صينية طعاـ ُم َّ‬
‫عدة بعناية؟‬
‫ىل وجود كواكب كثَتة يُربر ظهور أربعة مليارات حرؼ داخل كل خلية من خالياؾ‬
‫اختل حرؼ واحد منها ردبا حصلت‬
‫دبنتهى الضبط تشفر لوظائف جسدؾ‪ ،‬حبيث لو َّ‬
‫مشكلة كبَتة؟‬
‫بُرىاف اإلتقاف ىو بُرىاف عقلي حقيقي‪ ،‬يؤكد اػبلق اإلؽبي والعلم والقدرة‪ ،‬وال يبكن‬
‫ذباوزه هبذه اػبياالت اإلغبادية‪.‬‬
‫إف اغباجة إىل ضرورة تربير ىذا اإلتقاف‪ ،‬وىذا التشفَت‪ ،‬وىذه اغبياة‪ ،‬وىذا الكوف‪،‬‬
‫ماسة‪.‬‬
‫وىذه النظم اؼبعلوماتية‪ ،‬ضرورة تربير كل ىذا بإثبات اػبالق‪ ،‬ىي حاجة عقلية َّ‬
‫عقدا يعمل‬
‫جهازا ُم ً‬
‫فلو صعدنا أنا وأحد اؼبلحدين على أحد الكواكب واكتشفنا ً‬
‫‪73‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ٍ‬
‫بضبط مبه ٍر‪ ،‬وحىت لو مل نفهم وظيفتو ُ‬
‫بعد‪ ،‬ىل يبكن إنكار الصانع ؽبذا اعبهاز جملرد‬
‫ضخامة حجم الكوكب الذي كبن عليو؟‬
‫فروض اؼبلحدين غريبة حقا!‬
‫البداىة العقلية تدفعنا أنا واؼبلحد حُت نرى ىذا اعبهاز للقوؿ ِ‬
‫باؼبوجد القادر‪.‬‬
‫والذي ينكر ىذه البداىة العقلية الذي ينكر اؼب ِ‬
‫وجد ىو اؼبطالَب بالدليل وليس اؼبثبِت!‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫اؼبلحد يف ىذا الكوف اؼببهر‪ ،‬يف ىذا الكوف األنيق ىو اؼبطالب بالدليل وليس اؼبؤمن!‬
‫ُ‬
‫اؼبثبت للخالق يتفق مع البداىة العقلية‪ ،‬أما اؼبنكر للخالق فهو معاند ؽبذه البداىة‪.‬‬
‫ُ‬

‫أتعجب فبن وباوؿ أف يُسفسط بُرىاف اإلتقاف يف الكوف هبذه الفروض الغريبة‪.‬‬
‫وأنا صراحة َّ‬
‫إف قِواـ العلم التجرييب اغبديث على رصد برىاف اإلتقاف يف الكوف ويف اغبياة‪ ،‬مث‬
‫وبصد العلماء اعبوائز على ما رصدوه من إتقاف!‬
‫واآلف دعوين أحكي لكم طُرفة غريبة تُبُت مدى معاندة اؼبلحد ظاىريا لربىاف اإلتقاف‪،‬‬
‫يف الوقت الذي يُسلم فيو ؽبذا الربىاف داخليا‪:‬‬
‫‪74‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ذات مرة كتب اؼبلحد الالأدري كارؿ ساغاف‪ ،‬رواية اظبها "كونتاكت"‪ ،‬وبكي فيها‬
‫عن كيف َّ‬
‫أف العلماء يبحثوف عن ذكاء خارج األرض‪.‬‬

‫األولية قادمة من الفضاء‬


‫ويف الرواية اكتشف العلماءُ سلسلة طويلة من األرقاـ َّ‬
‫اػبارجي؛ وألف ىذا التسلسل األويل يفيد قيمة رياضية ُؿب َّددة‪ ،‬قيمة تدؿ على نوع من‬
‫دليال عقليا كافيًا ليقطع ىؤالء العلماء يف الرواية بأف ىذه الرسالة قادمة‬
‫الضبط‪ ،‬فكاف ىذا ً‬
‫من حضارة أخرى رباوؿ التواصل معنا!‬
‫كل دراسات البحث عن ذكاء خارج األرض ‪Search for Extraterrestrial‬‬
‫سباما برصد إشارة مثل ىذه لتثبت وجود حضارة أخرى رباوؿ التواصل‬
‫‪ Intelligence‬ستكتفي ً‬
‫معنا!‬

‫‪75‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫الطرفة ىنا أف كارؿ ساغاف كاتب ىذه الرواية ىو الأدري شهَتٌ‪ ،‬لكن عقلو يُسلم‬
‫حبقيقة أف التعقيد والنظاـ يف رسالة صغَتة ىو دليل على برىاف اإلهباد واإلتقاف!‬
‫ُؾبَّرد سلسلة من أرقاـ َّأولية ستقطع بوجود حضارة عمالقة؛ فكيف تَنسب أيها‬
‫اؼبلحد‪ ،‬كيف تنسب أربعة مليارات حرؼ داخل كل خلية من خاليا جسدؾ‪ ،‬واليت لو‬
‫اختل حرؼ واحد منها لردبا حصلت كارثة‪ ،‬كيف تنسب كل ىذا اإلتقاف إىل ىذه اؼبراوغات‬
‫َّ‬
‫اليت تفًتضها؟‬
‫ليس من العقل يف ٍ‬
‫شيء االحتكاـ إىل خياالت وسفسطات وزبمينات ؼبنع تفسَت‬
‫الظاىرة يف إطارىا الداليل على اػبالق‪ ،‬ىذا ؿبض ربكم ال أكثر‪ ،‬وتعطيل لوظيفة العقل!‬
‫﴿ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ﴾‬
‫[يونس‪.]ٔٓٔ :‬‬
‫مث دعوين أتساءؿ‪ :‬بأي دليل من خارجنا كبن مطالبوف بالتمرد على برىاف اإلتقاف‬
‫الذي نستشعره؟‬
‫بأي دليل من خارجنا كبن ُمطالبوف بالتمرد على ما وقع ربت نظرنا وعقلنا ورصدنا؟‬
‫اآلف اؼبوقف انقلب‪ :‬كبن الذين نُلزـ اؼبلحد بالتسليم دبا ترصده اغبواس من إتقاف‪،‬‬
‫دائما إىل االستدالؿ بالرؤية اؼبادية!‬
‫وىو يرفض ويعاند الرصد النظري واغبسي‪ ،‬مع أنو يدعو ً‬
‫مستقرة يف ىذا الكوف‪ ،‬ويف نظم الكائنات اغبية‪.‬‬
‫َّ‬ ‫اإلتقاف ىو‪ :‬حقيقة‬
‫ؤسس على أمل أف الكوف بو إتقاف‪ ،‬العلم مؤسس على َّ‬
‫أف العامل‬ ‫والعلم نفسو ُم َّ‬
‫مستوعب عقليا‪ -‬ولو مل يُسلم العلم هبذه اغبقيقة‪ ،‬فهذا يعٍت أنو ال مكاف للعلم‬
‫عقالين ‪َ -‬‬
‫أصال‪ ،‬ولن تكوف ىناؾ معادلة رياضية صحيحة سارية يبكن تتبعها والتثبت منها والثقة هبا!‬
‫ً‬
‫‪76‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ؤسس على أف الكوف ال بد أف يكوف متقنًا وال بد أف يكوف فيو ضبط وإبداع!‬
‫فالعلم ُم َّ‬
‫ولذلك فالعلم التجرييب َوضع ما يُعرؼ دببدأ "الوتَتة الواحدة" ‪Uniformitarianism‬‬
‫والذي يؤكد َّ‬
‫أف قوانُت الطبيعة ثابتة عرب الزماف وعرب اؼبكاف‪ ،‬وىذه القوانُت يبكن قياسها‬
‫والثقة بالقياس‪.‬‬

‫فالعا َمل بو ضبط دقيق‪ ،‬سواءً رصدناه أو مل نرصده‪ ،‬والعلم يُسلم هبذه اغبقيقة حىت‬
‫قبل البحث والكشف!‬
‫إنو ﴿ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ﴾ [النمل‪.]ٛٛ :‬‬
‫سبحانو ىو‪﴿ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ﴾ [السجدة‪.]ٚ :‬‬

‫‪77‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪ -21‬و‪١‬ف ثضأد اٌّؼٍ‪ِٛ‬خ؟‬


‫و‪١‬ف ثضأد اٌشفغح اٌخ‪١ٕ١‬خ؟‬
‫و‪١‬ف صُ‪ٔٚ‬ذ اٌّؼٍ‪ِٛ‬بد اٌّىز‪ٛ‬ثخ ػٍ‪ ٝ‬اٌشغ‪٠‬ط اٌخ‪ ٟٕ١‬صاسً وً سٍ‪١‬خ‬
‫ِٓ سال‪٠‬ب وً وبئٓ ذ‪ ٟ‬ػٍ‪ٚ ٝ‬حٗ األعض؟‬
‫خصائص‬
‫ُ‬ ‫دونة عليو حبروؼ رباعية التشفَت‬
‫يف البداية الشريط اعبيٍت ىو شريط ُم َّ‬
‫الكائن اغبي‪ ،‬وما وبتاج إليو وطريقة تشكيل األعضاء‪ ،‬وطريقة عمل اؽبُرمونات واإلنزيبات‪،‬‬
‫والشكل العاـ للكائن اغبي‪ ،‬وكل ما وبتاج إليو وظيفيا‪.‬‬
‫فاآلف السؤاؿ‪ :‬كيف ظهرت اؼبعلومات يف ىذا الشريط اعبيٍت؟‬
‫كيف ُشفرت اؼبعلومات بنظاـ تشفَت ُرباعي؟‬

‫ال يوجد كائن حي يف تاريخ األرض بدوف تشفَت ُرباعي ُمسبَق لكل خصائصو‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫فكيف ظهر ىذا النظاـ اؼبعلومايت اؼبدىش؟‬


‫ىذه تساؤالت عقلية ومنطقية!!‬
‫يقوؿ عامل الرياضيات األمريكي نوربرت فينر ‪" :Norbert Wiener‬اؼبعلومة ىي‬
‫معلومة؛ اؼبعلومة ليست ماد ًة وال طاقة"‪ ،‬فالسؤاؿ العقلي الذي يطرح نفسو ىنا‪ :‬كيف‬
‫ظهرت فجأ ًة اؼبعلومة؟‬
‫سخر غبمل اؼبعلومات واؼبوجود داخل نَواة كل خلية من خالياؾ‬
‫الشريط اعبيٍت اؼب َّ‬
‫ُ‬
‫وبمل بداخلو أربعة مليارات معلومة كما قلنا قبل ذلك!‬

‫وىرموناتك وإنزيباتك وأعضاؤؾ‪.‬‬ ‫وم َّ‬


‫شفر هبا وظائفك ُ‬ ‫أربعة مليارات حرؼ ُمدونة‪ُ ،‬‬
‫‪79‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ظهور اؼبعلومات هبذا الشكل من أكثر األمور اليت أربكت العلم اغبديث‪.‬‬
‫لقد اكتشف العلم أف العامل كلَّو معلومات!‬
‫يقوؿ عامل الفيزياء الالأدري الشهَت بوؿ دافيس ‪" :Paul Davies‬العلماء يعًتفوف خلف‬
‫األبواب اؼبغلقة أهنم يف حَتة‪ ،‬حَتة من نظاـ اغبياة اؼبعلومايت اؼببهر‪ ،‬ىم يشعروف بالقلق من ىذا‬
‫(ٔ)‬
‫اؼبوضوع؛ ألف ىذا اؼبوضوع سيفتح الباب للمتدينُت‪ ،‬فنظاـ اغبياة اؼبعلومايت يعٍت اػبلق" ‪.‬‬
‫ىذا كالـ الالأدري بوؿ دافيس‪ ،‬واؼبشكلة الثانية يف ىذا اؼبوضوع ‪-‬والكالـ موصوؿ‬
‫لبوؿ دافيس‪ -‬أف العلماء لو اعًتفوا باعبهل ‪-‬اعبهل بتفسَت مصدر النظاـ اؼبعلومايت َوف ًقا‬
‫(ٕ)‬
‫إف ىذا سَتفع عنهم الدعم اؼبايل" ‪.‬‬‫للرؤية اؼبادية‪ -‬ف َّ‬
‫فالنظاـ اؼبعلومايت اؼببهر‪ ،‬وكيف ظهر فجأ ًة هبذه الصورة ىو ورطة لكل مادي!‬
‫وبينما كاف لزيل أورجل ‪ Leslie Orgel‬وىو أحد أبرز علماء نشأة اغبياة‪ ،‬بينما كاف‬
‫قائال‪" :‬أرجو َّأال يكوف ىناؾ مؤمن‬
‫يوما عن ىذه الورطة يف إحدى ؿباضراتو عقَّب ً‬ ‫يتحدث ً‬
‫(ٖ)‬
‫باػبَْلق اإلؽبي اؼبباشر بُت اعبمهور" ‪.‬‬
‫فمن ال يشعر من ُدعاة اؼبادية بورطة كيف ظهرت اؼبعلومة فهو إنساف ُمغيَّب؛ ُمغيَّب‬ ‫َ‬
‫بإرادتو حىت يَنسى اللوازـ الدينية لظهور اؼبعلومات فجأة‪.‬‬
‫خاصة من غَت البيولوجيُت ما زالوا يتعاملوف مع ىذه‬
‫الغريب أف بعض اؼبلحدين َّ‬

‫‪)1( Paul Davies, the Fifth Miracle, P.17-18.‬‬


‫براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬صٓ‪.٘ٛ‬‬
‫(ٕ) اؼبصدر السابق نفس الصفحة‪.‬‬
‫‪)3( Leslie Orgel, the RNA World and the Origin of Life, lecture, ISSOL 2002.‬‬
‫براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.584‬‬

‫‪80‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫الورطات اؼبتتابعة بعقلية القرف التاسع عشر‪ ،‬فما أف تُطلع اؼبلحد العريب على إهبار النظاـ‬
‫اؼبعلومايت الذي يوجد داخل كل كائن حي‪ ،‬والذي ظهر فجأة مع ظهور اغبياة حىت يُوق َفك‬
‫قائال لك‪ :‬لكن ىناؾ خاليا بدائية وخاليا ُم َّ‬
‫عقدة!‬ ‫سر ًيعا ً‬
‫وىذه اػبرافة تقسيم اػباليا إىل‪ :‬خاليا بدائية وخاليا ُم َّ‬
‫عقدة‪ ،‬ىي خرافة قديبة‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫عقدة ومبهرة‪ ،‬وال توجد خلية بال نظاـ معلومايت ‪.‬‬ ‫فكل اػباليا ُم َّ‬
‫إهبارا ودقَّةً‬
‫بل كلما نظرنا يف التعقيد اؼبوجود داخل خلية كائن وحيد اػبلية نكتشف ً‬
‫ال تقل بأي حاؿ عن الدقة اؼبوجودة يف خاليا أي كائن حي متعدد اػباليا‪.‬‬
‫فاألجهزة واؼباكينات اؼببهرة توجد داخل اػبلية يف أي كائن‪ ،‬سواءً كاف وحيد اػبلية‬
‫أو متعدد اػباليا‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫وىذه العضية اليت توجد يف الصورة أمامك ً‬
‫سمى الكاينيسن ‪.Kinesin‬‬
‫ىي عضية تُ َّ‬

‫‪)1( Jacques Monod, Chance and Necessity, P.134‬‬

‫‪81‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫وىي واحدة من آالؼ اؼباكينات اؼببهرة داخل اػبلية اغبية‪ ،‬ىذا الكاينيسن لو ِر ْجالف‬
‫صصة لو لينقل اؼبكونات ػبارج اػبلية‪ ،‬و وبمل‬ ‫ويداف حقيقيتا ِف‪ ،‬ويسَت على طرؽ ُـب َّ‬
‫أضعاؼ وزنِو ويف حاؿ أنو تعثَّر يف الطريق أو وجد طري ًقا غَت فبهد ًة‪ ،‬فإنو يطلب كاينيسُت‬
‫آخر ليساعده‪.‬‬
‫ىذه ماكينة واحدة من آالؼ اؼباكينات اليت توجد داخل اػبلية‪ ،‬وطبسوف خلية ال‬
‫سبأل النقطة اليت نكتبها يف آخر السطر"‪.‬‬
‫مث ماذا عن ماكينة السوط البكتَتي ‪Flagellum‬؟‬
‫ماكينة السوط البكتَتي ىي إحدى ماكينات اػبلية البكتَتية وحيدة اػبلية ‪-‬اػبلية‬
‫تتكوف ماكينة السوط البكتَتي من ِمائيت‬ ‫البكتَتية اليت يظن اؼبالحدة أهنا خلية بدائية‪َّ -‬‬
‫أحدىا‪ ،‬فلن تظهر ماكينة‬
‫بروتُت‪ ،‬إذا جاء أحد ىذه الربوتينات مكاف اآلخر أو اختفى ُ‬
‫السوط البكتَتي بالكلية!‬
‫حجم اؼبوتور اؼبحرؾ ؽبذا السوط ىو واحد من مائة ألف من البوصة‪.‬‬
‫ُ‬
‫ويتحرؾ السوط البكتَتي دبعدؿ عشرة آالؼ حركة يف الدقيقة‪ ،‬وىو قادر على عكس‬
‫اذباه حركتو يف جزء من أربعُت ألف ٍ‬
‫جزء من الثانية‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫وقد قاـ الرياضيوف حبساب احتماؿ نشأة ىذا السوط بالصدفة‪ ،‬فوجدوا أف‬
‫االحتمالية تصل إىل ٓٔ أس ألف ومائة وسبعُت ٓٔ ٓ‪.ٔٔٚ‬‬
‫ذرة ٓٔ ٓ‪.ٛ‬‬
‫ذرات الكوف كلو ال تتجاوز ٓٔ أس شبانُت َّ‬
‫مع أف عدد َّ‬
‫أشكاال أبسط من السوط‬
‫ً‬ ‫أماـ ىذه اؼبعجزة حاوؿ ُدعاة اؼبادية افًتاض أف ىناؾ‬

‫‪83‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫سمى ‪Type III secretion‬‬ ‫البكتَتي‪ ،‬فقالوا‪ :‬إ َّف ىناؾ ماكينة قريبة من السوط البكتَتي تُ َّ‬
‫تطور الػ‪ Type III secretion system‬ظهر السوط البكتَتي‪ ،‬وكأين‬ ‫‪ system‬وعندما َّ‬
‫هبم وىم وباولوف تفسَت نظاـ مبهر بنظاـ مبهر آخر‪.‬‬

‫مؤخرا َّ‬
‫أف ىذا الػ‪ Type III secretion systems‬متأخر‬ ‫تبُت ً‬
‫العجيب يف األمر أنو َّ‬
‫أوال مث ظهر بعده الػ ٖ ‪TYPE‬‬
‫يف الظهور عن السوط البكتَتي‪ ،‬فقد ظهر السوط البكتَتي ً‬
‫(ٔ)‬
‫‪. secretory system‬‬
‫فالبكتَتيا أقدـ الكائنات اغبية بينما ‪ Type III secretion system‬موجود يف‬

‫‪)1( Sophie S. Abby and Eduardo P. C. Rocha, an Evolutionary Analysis of the‬‬


‫‪Type III secretion system, 2012‬‬
‫براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬صٕٔ‪.ٙ‬‬

‫‪84‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫الكائنات متعددة اػباليا فكيف يُنسب وجود األقدـ إىل األحدث؟‬


‫اوزىا بالًتقيع اإلغبادي لكل ماكينة مبهرة يف‬‫السوط البكتَتي معجزة ال يبكنها َذب ُ‬
‫النظم اػبلوية اغبية‪.‬‬
‫وحىت نأيت على ىذه الفرضية من جذورىا ‪-‬فرضية َّ‬
‫أف‪ :‬ىناؾ خاليا بدائية وخاليا‬
‫سمى بػ‪ :‬اغبد األدىن من اعبينات‬‫معقدة‪-‬؛ دعونا نُوضح مسألة ِعلميَّة يف علم األحياء تُ َّ‬
‫‪.The Minimal Gene Set‬‬
‫ما معٌت اغبد األدىن من اعبينات؟‬
‫اغبد األدىن من اعبينات ىو‪ :‬القدر األدىن من اعبينات الذي ال وبيا كائن حي بدونِو!‬
‫قل عدد اعبينات عن اغبد األدىن دبقدار ج ٍ‬
‫ُت واحد‪.‬‬ ‫لن يكوف ىناؾ كائن حي لو َّ‬
‫واعبُت ىو جزء من الشريط اعبيٍت الذي ربدثنا عنو ساب ًقا‪.‬‬
‫فاعبُت ىو شريط معلومايت وبتوي على عدد كبَت من الشفرات تُشفر اؼبعلومات‪.‬‬

‫وىناؾ حد أدىن من اعبينات الزـ للحياة حبيث‪ :‬تشفر ؾبموعة من ىذه اعبينات‬
‫‪85‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫للطاقة ‪-‬ألنو ال حياة للكائن اغبي بدوف طاقة‪ ،-‬وؾبموعة أخرى تُشفر للغذاء‪ ،‬وجينات‬
‫أخرى تشفر للتكاثر‪ ،‬وغَتىا تشفر للوظائف األساسية للحياة‪ ،‬وىكذا!‬
‫لكن يا تُرى ما ىو عدد اعبينات اليت سبثل اغبد األدىن‪ ،‬والذي ال يكوف ىناؾ كائن‬
‫حي بعدد أقل منها؟‬
‫وقرروا أنو بُت ماِئتُت‬
‫قاـ العلماء حبساب اغبد األدىن من اعبينات الالزـ للحياة‪َّ ،‬‬
‫وطبسة وستُت إىل ثالشبائة وطبسُت جينًا‪.‬‬

‫توصلت مؤسسة كريج فنًت ‪ Craig Venter‬إىل َّ‬


‫أف اغبد األدىن من اعبينات ال‬ ‫وقد َّ‬
‫(ٔ)‬
‫أقل من ثالشبائة واثنُت وشبانُت جينًا ‪.‬‬
‫يكوف َّ‬

‫‪)1( J. Craig Venter Institute (JCVI) conducted a study to find all the essential‬‬
‫=‬
‫‪86‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫وىناؾ أحباث ِعلميَّة كثَتة جرت يف ىذا الباب‪ ،‬وخالصتها َّ‬


‫أف‪ :‬اغبد األدىن من‬
‫اعبينات سيًتاوح بُت مائتُت وأربعة وأربعُت إىل قرابة األلف ِ‬
‫وستمائة ج ٍ‬
‫ُت‪.‬‬

‫لو كاف األمر ماد ًة فحسب‪ ،‬والعامل ُؾبَّرد نظاـ مادي‪ ،‬فنحن حباجة إىل أ ْف نبدأ من‬
‫الصفر جُت‪ ،‬إذا أردنا اؼبرور من اؽبيدروجُت إىل اإلنساف!‬
‫سمى صفر جُت‪ ،‬أو واحد جُت‪ ،‬أو حىت مائة‬
‫لكن العلم ىبربنا أنَّو ال يوجد شيء يُ َّ‬
‫=‬
‫‪genes of M. genitalium through global transposon mutagenesis. As a result they‬‬
‫‪found that 382 out of 482 protein coding genes were essential.‬‬

‫‪87‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫جُت‪ ،‬العلم يقوؿ‪ :‬إنَّنا حباجة إىل ؾبموعة عمالقة من اؼبعلومات كحد أدىن‪ ،‬وإال ؼبا ظهر‬
‫الكائن اغبي من البداية‪.‬‬

‫فليس ىناؾ يف الطبيعة شيء بدائي‪ ،‬بل كل منظومة بدأت بإهبار مستقل!‬
‫وسيبقى اإلهبار يف النظاـ اؼبعلومايت الذي يُشفر للكائنات قبل أف تظهر‪ ،‬سيبقى ىذا‬
‫دوما َح َجر عثرة يف وجو اإلغباد‪َ ،‬ح َجر عثرة يف وجو ُمنكري اػبلق اإلؽبي!‬
‫اإلهبار ً‬
‫‪ -22‬و‪١‬ف ثضأد اٌر‪١‬بح؟‬
‫و‪١‬ف ظ‪ٙ‬غد اٌر‪١‬بح؟‬
‫ىذا السؤاؿ من أصعب األسئلة يف العلم التجرييب اغبديث على اإلطالؽ!‬
‫يُقرر واحد من أكرب علماء األحياء‪ ،‬وىو عامل متخصص يف أحباث بداية اغبياة‪،‬‬
‫يُدعى‪ :‬ستيورات كوفماف‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫يقرر َّ‬
‫أف‪" :‬أي شخص ُىبربؾ أنو يعرؼ علميا كيف بدأت اغبياة على األرض فهو‬
‫(ٔ)‬
‫إما‪ :‬أضبق أو ـبادع" ‪.‬‬
‫وعلى موقع الساينتيفك أمريكاف العلمي العاؼبي‪ ،‬وربت مقاؿ بعنواف‪" :‬بسست!!! ال‬
‫زبرب اؼبؤمنُت باػبَْلق اإلؽبي اؼبباشر أف العلماء اؼباديُت ليس لديهم أدىن فكرة عن كيف‬
‫نشأت اغبياة على األرض‪.‬‬

‫‪)1( Stuart Kauffman, the Search for Laws of Self-Organization and Complexity,‬‬
‫‪Oxford University Press, 31‬‬
‫براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص‪.581‬‬

‫‪89‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫الكاتب ربت ىذا اؼبقاؿ كل فرضيات اؼبالحدة يف ىذا الباب‪ ،‬ويُبُت سخافتَها!‬ ‫ُ‬ ‫يسرد‬
‫فقضية كيف بدأت اغبياة‪ ،‬قضية ال يبكن تفسَتىا َوف ًقا للرؤية اؼبادية‪.‬‬
‫لكن ىنا قد وبتج علينا ملحد ويقوؿ‪ :‬لكن ألستم هبذا تستخدموف مغالطة إلو الفجوات!‬
‫صر العلم عن شيء قلتم‪ :‬إذ ْف ا﵁ ىو الذي أوجده!‬
‫كلما قَ ُ‬
‫واعبواب‪ :‬ىذا خطأ شديد؛ فنحن كبتج دبا نعلم وليس دبا قبهل‪.‬‬
‫كبتج بالنظم اؼبعلوماتية اؼبعقدة اؼبوجودة داخل كل كائن حي‪.‬‬
‫واؼبعلومة ليست مادة‪ ،‬اؼبعلومة نتاج َخ ْلق وصنع وعلم وقدرة وإحاطة‪.‬‬
‫كبتج بنظاـ التشفَت الرباعي الذي ُدونت من خاللو كل اؼبعلومات اليت وبتاجها‬
‫الكائن دبنتهى الضبط قبل أف يظهر!‬
‫دونة بنظاـ تشفَتي داخل كل خلية من خالياؾ؛ إذ ْف‬
‫أربعة مليارات معلومة ُم َّ‬
‫بالبديهة العقلية ىذه اؼبعلومات ال بد ؽبا من ِ‬
‫موجد!‬
‫تتحوؿ إىل غبم ودـ وأعضاء‬
‫فكيف هبذه اؼبعلومات وىي ُمشفرة‪ ،‬مث كيف هبا وىي َّ‬
‫وىرمونات ووظائف غاية يف الضبط؟‬
‫ُ‬
‫ؤدى ىذه‬
‫فهذا احتجاج دبا نعلم‪ ،‬وىو احتجاج تقوده البديهة العقلية‪ ،‬والذي ينكر ُم َّ‬
‫البديهة ىو اؼبطالب بتقدًن الدليل ولسنا كبن!‬
‫أيضا بأننا بكل علومنا وجامعاتنا أصبحنا نُوقن أف اؼبركبات الكيميائية مهما‬
‫كبن كبتج ً‬
‫ُ‬
‫تعقدت لن تُتنج حياة‪ ،‬فكيف ننسب اغبياة لبيئة األرض األوىل‪ ،‬وكبن مل نستطع إهبادىا‬ ‫َّ‬
‫ِ (ٔ)‬
‫بكل قدراتنا العلميَّة؟‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=zskbSuG4lco‬‬
‫=‬
‫‪90‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫صبيعا َأال تعرؼ كيف‬


‫كيف ؽبذه اعبامعات واؼبعامل العمالقة والعقوؿ اؼببهرة كيف ؽبا ً‬
‫بسطة من اغبياة‪ ،‬مث يُصر اؼبلحد على أف اغبياة نشأت بالصدفة يف بيئة‬
‫تنتج ولو صورة ُم َّ‬
‫األرض العشوائية األوىل؟‬
‫اآلف‪َ :‬من الذي ُهبيب بالفجوات اؼبعرفية كبن أـ الذين أغبدوا؟‬
‫الذي ال يعرؼ كيف نشأت اغبياة‪ ،‬وال كيف نشأة اؼبعلومة‪ ،‬وال كيف ظهرت نظم‬
‫الكائنات اغبية‪ ،‬وال كيف ظهر الكوف نفسو‪ ،‬مث ينسب كل ما هبهلو للطبيعة األكثر منو‬
‫جهال‪ ،‬ىو اؼبتبع للفراغات ولسنا كبن!‬
‫ً‬
‫إنو يُسلم عقلو لفجوات معرفية ال حصر ؽبا‪.‬‬
‫يُسلم نفسو لفجوات ٍ‬
‫ماض ينسب لو ىذه اؼبعجزات‪ ،‬وفجوات مستقبلية‪.‬‬
‫فجوات مستقبلية حُت يقوؿ‪ :‬ردبا يف اؼبستقبل نعرؼ كيف حصلت ىذه اؼبعجزات‬
‫‪!Future Gaps‬‬
‫اؼبلحد يعيش يف عامل معريف مليء بالفجوات!‬
‫بينما كبن كبتج دبا نعلم‪ ،‬كبتج دبا رصدناه من نظم معلوماتية‪ ،‬كبتج باغبقائق والنتائج‬
‫اليت أفادىا العقل بالنظر والبحث‪.‬‬
‫وىكذا تبُت َّ‬
‫أف اؼبؤمن يُسلم بالدليل‪ ،‬بينما اؼبلحد يُسلم بالوىم واألمل والتخمينات‬
‫=‬
‫من ٖٔ‪ٗ:‬‬
‫إىل ‪ٗ:ٕٛ‬‬
‫أبدا‬
‫أبدا ً‬
‫ما لن نرصده ً‬
‫تكوين خلية حية من مركبات كيميائية غَت حية‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫البعيدة‪ ،‬فاؼبلحد يقوـ بًتحيل مشكالتو إىل حيث نكوف غَت موجودين!‬
‫﴿ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ﴾ [سبأ‪]ٖ٘ :‬‬

‫يضعوف أيَّة افًتاضات مستقبلية تناقض ما ربت أيديهم‪ ،‬بينما اؼبؤمن يُسلم بالرباىُت‬
‫والدالئل اليت ربت يده‪.‬‬
‫إذ ْف الذي يُنكر إلزاـ التصميم واؼبعلوماتية ا﵀يطة بنا يف داللتها على اػبَْلق واإلتقاف‬
‫ىو اؼبطالَب بتقدًن الدليل ولسنا كبن!‬
‫ُ‬
‫‪٠ ً٘ -23‬ركُّ ٌٍٍّرض اصزشضاَ ذُخَّخ اٌّضزمجً؛ ذُخَّخ اإل‪ّ٠‬بْ ثأْ‬
‫اٌّضزمجً لض ‪٠‬شجغٔب و‪١‬ف ٔشأد ٘ظٖ إٌظُ اٌّؼٍ‪ِٛ‬بر‪١‬خ ‪ٚ‬و‪١‬ف ظ‪ٙ‬غد اٌر‪١‬بح؟‬
‫الرجم بالغيب باستخداـ اؼبستقبل ال يكوف إال يف اؼبمكن العقلي ‪Contingent‬‬
‫‪ ،Existence‬أي الشيء الذي من اؼبمكن عقليا أف وبدث!‬
‫ونشأة اغبياة على األرض ذاتيا ؿباؿ عقلي؛ ألهنا لو كانت فبكنًا عقليا الستطاع‬
‫البشر إهبادىا يف كل غبظة‪ ،‬ويف كل مكاف بأقل جهد‪ ،‬أما كوف البشر بكل علومهم‬
‫ومكائنهم وقدراهتم وعقوؽبم وجامعاهتم ال يستطيعوف أف ِ‬
‫يوجدوا ولو أبسط صورة منها‪،‬‬
‫فاألمر ال ىبضع إطالقًا للممكن العقلي‪.‬‬
‫فالذي يقوؿ‪ :‬أنا سأكفر على أمل أف أجد يف اؼبستقبل ُحجةً لكفري‪ ،‬سأكفر على‬
‫عقال!‬
‫يوما ما‪ ،‬فهذا من أضل الناس ً‬
‫دليال على كفري ً‬
‫أمل أف أجد ً‬
‫ومن العجيب والذي يدعو اؼبلحد إىل أف يعيد التفكَت يف إغباده حقا ىو َّ‬
‫أف‪:‬‬
‫اؼبؤسسات العِلميَّة العمالقة‪ ،‬اؼبؤسسات اليت تؤمن باؼبادية‪ ،‬وليس اؼبؤسسات الدينية وضعت‬
‫مؤخرا جوائز مالية ضخمة ؼبن يستطيع أف هبيب عن سؤاؿ‪ :‬كيف نشأت اغبياة‪ ،‬وآخرىا‬
‫ً‬
‫‪92‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫جائزة خبمسة ماليُت دوالر‪ ،‬ىذه اعبائزة ُوضعت يف جامعة أريزونا‪ ،‬وكانت اعبائزة ؼبن‬
‫يَعرؼ‪ :‬كيف تُ َّ‬
‫شفر اؼبعلومة داخل الشريط اعبيٍت!‬

‫فهل ىذا فبكن عقلي يف بيئة األرض العشوائية حىت وبيل إليها اؼبلحد كفره؟‬
‫مبلغ مايل هبذا اغبجم مقابل أف يقوـ أي إنساف بتصميم جزء من شريط جيٍت‪ ،‬ولو‬
‫(ٔ)‬
‫أبسط من الشريط اعبيٍت يف البكتَتيا دباليُت اؼبرات ‪.‬‬
‫مث يُصػر اؼبلحد على أف اغبياة من اؼبمكن أف تظهر بالصدفة يف بيئة األرض العشوائية!‬
‫قاؿ ربنا سبحانو‪﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=PmNGZgHH6Jg‬‬
‫من ‪ ٚ:ٜٗ‬إىل ٕٓ‪ٛ:‬‬
‫ما كباوؿ القياـ بو ىو تشكيل شكل من أشكاؿ اغبياة يكوف أصغر دباليُت اؼبرات من بكتَتيا صغَتة‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ﴾ [اغبج‪]ٖٚ :‬‬
‫ِ‬
‫وقاؿ ا﵁ُ عز وجل يف اغبديث ال ُقدسي الصحيح اؼبتفق عليو‪َ " :‬وَم ْن أَظْلَ ُم فب َّْن َذ َى َ‬
‫ب‬
‫(ٔ)‬
‫َىبْلُ ُق َك َخ ْل ِقي‪ ،‬فَػ ْليَ ْخلُ ُقوا ذَ َّرًة ْأو لِيَ ْخلُ ُقوا َحبَّةً ْأو َشعِ ََتةً" ‪.‬‬
‫الذرة‪ :‬ىي صغار النمل‪.‬‬ ‫و َّ‬
‫اخلق مبلة صغَتة‪ ،‬أو حىت الشريط اعبيٍت غببَّة قمح!‬
‫أيها اإلنساف! معك العقل والتصميم والصنع والقدرة واؼبعامل العمالقة والكيمياء‬
‫اؼب َّ‬
‫عقدة‪ ،‬ومع ذلك مل تُنتج شيئًا!‬
‫ُ‬
‫مل تُنتج مبلة صغَتة‪ ،‬بل وال حىت أصغر من البكتَتيا دباليُت اؼبرات‪.‬‬
‫صماءَ جرداء تنتج لنا البكتَتيا واإلنساف؟ ما لكم‬
‫أرضا َّ‬
‫فهل من اؼبمكن العقلي أف ً‬
‫كيف ربكموف؟‬
‫وربديدا يف آخر شهر‬
‫ً‬ ‫أف‪ :‬العلماء اجتمعوا مرًة أخرى قبل شهور قليلة‪،‬‬ ‫بل والغريب َّ‬
‫مايو من العاـ ‪ ٕٜٓٔ‬ميالدية‪ ،‬يف اعبمعية اؼبلكية للعلوـ بلندف‪.‬‬

‫(ٔ) متفق عليو‪ :‬أخرجو البخاري ح‪ ،ٜٚ٘٘:‬ومسلم ح‪.ٕٔٔٔ:‬‬

‫‪94‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫لكن يا تُرى من أجل ماذا؟‬


‫من أجل مضاعفة قيمة اعبائزة لتصل قيمتها إىل عشرة ماليُت دوالر!‬
‫عشرة ماليُت دوالر ليس كتحد إلهباد حياة‪ ،‬بل فقط جملرد تصنيع شريط جيٍت يشفر‬
‫(ٔ)‬
‫اؼبعلومات ‪.‬‬
‫«فَػ ْليَ ْخلُ ُقوا َذ َّرًة ْأو لِيَ ْخلُ ُقوا َحبَّ ًة ْأو َشعِ ََتًة»!‬
‫يتحدوف البشر هبذا التحدي مقابل عشرة ماليُت دوالر!‬ ‫العلماء بأنفسهم ىم اليوـ َمن َ‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?time_continue=49&v=rJSCBeLD05M‬‬
‫من ‪ٕٔ:ٜٗ‬‬
‫إىل ٘ٓ‪ٖٔ:‬‬
‫صباح اػبَت‪ ،‬أشكركم إنو ؼبن الشرؼ يل أف أكوف ىنا يف اعبمعية اؼبلكية‬
‫كبن ىنا سنقوـ دبضاعفة قيمة اعبائزة وىذه أوؿ خطوة ىامة أقوـ هبا منذ قدومي ألوروبا‪..‬‬

‫‪95‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫اصة اليت ظهرت فجأ ًة دبنتهى الضبط يف أبسط‬ ‫فما بالك دباليُت الشفرات اؼبًت َّ‬
‫الكائنات اغبية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫ومعرفة؟‬ ‫أيهما أقرب للعقل‪ ،‬وؼبا ربت أيدينا من عل ٍم‬
‫التصور اإلغبادي أـ اػبلق اإلؽبي؟‬
‫دع عقلك يعمل‪ ،‬ولو على حساب ىواؾ!‬
‫ْ‬
‫‪ٌ -24‬ىٓ ِب ػاي اٌجؼط ‪٠‬ؼزمض أْ اٌؼٍُ اصزطبع إ‪٠‬خبص ذ‪١‬بح وّب ف‪ٟ‬‬
‫رخغثخ وغ‪٠‬ج فٕزغ ‪ Craig Venter‬اٌز‪ ٟ‬أحغا٘ب لجً صٕ‪ٛ‬اد؟‬
‫ِ (ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫طب ًقا لتجربة كريج فنًت العلميَّة‬
‫ربديدا ىو أنَّو‪ :‬أحضر خلية ميكوبالزما حية‪ ،‬واؼبيكوبالزما ىي‪:‬‬ ‫َّ‬
‫فإف ما فعلو فنًت ً‬
‫كائن وحيد اػبليَّة من أصغر الكائنات اغبية على اإلطالؽ‪ ،‬أحضر ميكوبالزما بالغشاء‬
‫اػباص هبا‪ ،‬وبإنزيبات اػبلية‪ ،‬وعضيات اػبلية‪ ،‬وؾبموعة كاملة من اعبينات داخل نواة اػبلية‪،‬‬
‫مث قاـ بإدخاؿ ؾبموعة من القواعد اؼبصنَّعة إىل داخل اػبلية‪ ،‬فقامت خلية اؼبيكوبالزما‬
‫ُ‬
‫بتكثَت ىذه القواعد‪ ،‬أي‪ :‬قامت بعمل أكثر من نسخة من ىذه القواعد‪.‬‬
‫إذ ْف ما قاـ بو كريج فنًت ىو مشروع عمل داخل خلية حية!‬
‫خلية بغشاء اػبلية بإنزيبات اػبلية دبجموعة كاملة من اعبينات داخل اػبلية‪.‬‬

‫(ٔ) ورقة كريج فنًت العلمية ٕٓٔٓ‪:‬‬


‫‪https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/20488990‬‬
‫ورقة كريج فنًت العلمية ‪:ٕٓٔٙ‬‬
‫‪http://science.sciencemag.org/content/sci/351/6280/aad6253.full.pdf‬‬

‫‪96‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫يقوؿ اغبائز على جائز نوبل يف علم األحياء بوؿ نَتس ‪" :Paul Nurse‬عمل فنًت‬
‫إقباز كبَت لكنَّو مل ىبلق حياة صناعية"‪.‬‬

‫أما جيم كولينز ‪ Jim Collins‬أستاذ اؽبندسة البيولوجية يف جامعة بوسطن فيقوؿ‪:‬‬
‫"ما يُزعجٍت ىو َّ‬
‫أف بعض الناس زبيَّلوا أننا استطعنا َخ ْلق حياة‪ ،‬ىذا ال يبثل َخ ْلق حياة"‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫واألغرب فبا سبق أف كريج فنًت بنفسو قاؿ‪" :‬إننا مل لبلق حياة من الصفر ‪We‬‬
‫‪."didn’t create life from scratch‬‬

‫‪98‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫يبق على االعتقاد بأف العلم أوجد حياة سوى بعض اؼبلحدين غَت الدارسُت للبيولوجيا‪.‬‬
‫مل َ‬
‫إذ ْف فاغبياة ليست فبكنًا عقليا‪.‬‬
‫واغبياة مل تنشأ من مادة غَت حية رغم كل جهود جامعات ومعامل العامل؛ ىذا مل‬
‫وبصل!‬
‫وبالتايل‪ :‬فاغبزمة اؼبعلوماتية اليت ظهرت فجأ ًة بنظاـ تشفَت رباعي يف الشريط اعبيٍت‬
‫ليست فبكنًا عقليا‪ ،‬وظهورؾ أنت أيها اإلنساف‪ ،‬ليس فبكنًا عقليا!‬
‫لو َّ‬
‫تفكر اؼبلحد يف ىذه اغبقائق بصدؽ‪ ،‬فلن يرقد لو َج ْفن!‬
‫‪ٌ -25‬ىٓ ِبطا ػٓ ِشغ‪ٚ‬ع ع‪٠‬زشبعص ص‪ٚ‬و‪ٕ١‬ز ‪ Richard Dawkins‬ػٕضِب‬
‫ذب‪ٚ‬ي رفض‪١‬غ ظ‪ٛٙ‬ع اٌشفغح اٌخ‪١ٕ١‬خ ثبٌصضفخ؟‬
‫حاوؿ اؼبلحد الشهَت ريتشارد دوكينز بصحبة برنامج ؼبربمج يُدعى ريتشارد ىارديسن‬
‫‪ Richard Hardison‬حاوؿ أف يتجاوز معضلة التشفَت اعبيٍت بلُعبة مضحكة فقاؿ‪ :‬سنقوـ‬
‫بإدخاؿ حروؼ إحدى اعبُمل يف برنامج ريتشارد ىارديسن‪ ،‬وسننظر كم يستغرؽ الربنامج‬
‫إلنشاء ىذه اعبملة!‬
‫وبالتايل بنفس القياس سنتوقع الوقت الذي يستغرقو ظهور جزء من النظاـ اؼبعلومايت‬
‫الذي وبملو أحد اعبينات‪.‬‬
‫وفكرة برنامج ريتشارد ىارديسن بإهباز ىي َّ‬
‫أف‪ :‬الربنامج يقوـ بعرض اغبروؼ عشوائيا‬
‫للبحث عن اغبرؼ الصحيح اؼبطلوب‪ ،‬فإذا وصل للحرؼ الصحيح اؼبطلوب فإنو سيحتفظ‬
‫(ٔ)‬
‫بو مث يبدأ رحلة حبث جديدة عن اغبرؼ الصحيح التايل‪ ،‬وىكذا حىت تكتمل اعبملة ‪.‬‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=AXxCsHGIxww‬‬

‫‪99‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫لكن يا تُرى! كم عدد اؼبغالطات اليت ارتكبها ريتشارد دوكينز يف ىذا اؼبثاؿ؟‬
‫مل يقل لنا دوكينز فلتة العقالء‪ :‬ماذا سيحدث لو تَّ االحتفاظ حبرؼ خاطئ؟‬
‫أليس من الطبيعي أف يتوقف الربنامج عن العمل‪ ،‬وليس أف يبدأ يف البحث عن‬
‫اغبرؼ الصحيح مرًة أخرى؟‬
‫أيضا‪ :‬ما ىي اآللية اليت ستُعيد اغبروؼ وتنتقي بينها؟‬
‫مل يقل لنا ً‬
‫مث اؼبشكلة األكرب‪ :‬ما معٌت تشكل عشرة حروؼ يف كائن مل يظهر بعد؟‬
‫أصال!‬
‫ال معٌت لوجود ىذه اغبروؼ وال قيمة وظيفية ؽبا ليتم االحتفاظ هبا ً‬
‫تتحوؿ اغبروؼ إىل حياة؟‬
‫مث كيف َّ‬
‫مث واألىم فبا سبق‪ :‬برنامج الكمبيوتر وبتاج لقدرة وعلم وتصميم وإرادة وصنع وضبط‬
‫‪100‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ومعايرة دقيقة‪ ،‬فلماذا اشًتط دوكينز ذلك يف ذبربتو‪ ،‬ورفض أف ينسبو للخالق يف بيئة األرض األوىل؟‬
‫بعد‪ ،‬كيف عرؼ حباجتو إىل ىذه األحرؼ بعينها؟‬
‫مث كيف عرؼ الكائن الذي مل يظهر ُ‬
‫بل واألغرب أنَّو سيحتفظ بالصحيح ويًتؾ اػبطأ‪ ،‬مع أ َّف الكائن مل يوجد ُ‬
‫بعد!‬
‫ريتشارد دوكينز هبذه التجربة اليت فيها يقوـ الربنامج بفحص اغبروؼ واختيار اؼبطلوب‬
‫ىو هبذه التجربة ذباوز فكرة العشوائية‪ ،‬وقَّرر ضرورة التصميم اؼبسبَق‪ ،‬فالقضية ِعلم وقدرة‬
‫ُ‬
‫وإرادة ُمسبَقة‪ ،‬وليست عشواء أو العقالنية‪.‬‬
‫مث أليس من اؼبفًتض أف يكوف التطور بال أي دور إنشائي؟‬
‫فكيف وبذؼ الربنامج اغبروؼ اػبطأ‪ ،‬ويبٍت على اعبمع السابق للحروؼ الصحيحة؟‬
‫ىذا الفعل ال يوجد يف الطبيعة؛ ألف كل واقعة يف عامل االحتماالت يف الطبيعة ىي‬
‫واقعة مستقلَّة ‪.Independent Event‬‬
‫ىي واقعة ال َعالقة ؽبا بسابقتها!‬
‫فحرؼ خطأ يعٍت انتهى اؼبوضوع وتوقَّف العمل!‬
‫ٍ‬
‫وزبمينات ال‬ ‫فروضا‬
‫ؿباولة ريتشارد دواكينز ذبعلك تقطع أف ُدعاة النظرية يضعوف ً‬
‫َعالقة ؽبا بأرض الواقع وال حبقيقة ما وبصل يف الطبيعة!‬
‫مرة يقوـ‬
‫ددا منذ البداية يسعى الربنامج إليو‪ ،‬ويف كل َّ‬
‫فريتشارد دوكينز يطلب ىدفا ُؿب ً‬
‫الكمبيوتر دبقارنة النتائج وفحصها لالحتفاظ باغبروؼ اؼبربؾبة لديو واستبعاد الباقي‪ ،‬إنو تدبَت‬
‫وعناية ورعاية خاصة وإرادة وحكمة وقصد!‬
‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫وىذا غاية ما ُوبدثكم عنو اؼبؤمن يف قضية اػبَْلق‬

‫ملحدا‪ ...‬ؼباذا؟ كرًن فرحات‪ ،‬مكتبة هنضة مصر‪.‬‬


‫(ٔ) لست ً‬
‫‪101‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪ٌ -26‬ىٓ أال ررًّ اٌطج‪١‬ؼخ ص‪ٛ‬عًا ُِؼمَّضح ‪ٚ‬ص‪ٛ‬عًا ألًَّ رؼم‪١‬ضًا ِٓ‬
‫األٔظّخ اٌر‪١‬بر‪١‬خ اٌّشزٍفخ‪ ،‬وبٌؼ‪ ٓ١‬ػٍ‪ ٝ‬صج‪ ً١‬اٌّثبي؟‬
‫ىذا االعًتاض ىو لُب اإلشكاؿ التطوري‪ ،‬والذي يُبُت أننا أماـ نظرية تعتمد بالكلية‬
‫على الطرح الفلسفي وليس الطرح العلمي اؼبربىن!‬
‫ُ‬
‫اغبساسة للضوء؟‬
‫َّ‬ ‫اػبلية‬ ‫يف‬ ‫عجاز‬ ‫فاإلعجاز ليس فقط يف العُت‪ ،‬اإل‬

‫‪102‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ربسست ىذه اػباليا للضوء؟‬


‫ؼباذا َّ‬
‫يتحوؿ التحسس للضوء إىل نبضات كهربية؟‬
‫وكيف َّ‬
‫تتحوؿ النبضة الكهربية إىل وعي ورؤية ؼبا أمامك؟‬
‫وكيف َّ‬
‫القضية منقوصة من البدء!‬
‫تطورا!‬ ‫اعبواب ال يكوف بافًتاض َّ‬
‫أف‪ :‬ىناؾ عيونًا أقل ً‬
‫سباما جبواب نفس التطوري عندما‬
‫ىذا الطرح الفلسفي من ُدعاة نظرية التطور أشبو ً‬
‫نسألو‪ :‬ىل تستطيع الطبيعة أف تُنشئ صينية كنافة طازجة باعبُنب؟‬

‫قائال‪ :‬اؼبوضوع بسيط‪ ،‬بسيط جدا‪.‬‬


‫سيُجيبك التطوري ً‬
‫القمح موجود يف الطبيعة‪ ،‬وسقوط النيازؾ قد يتسبَّب يف طحن القمح يف أحد األزمنة‬
‫يتحوؿ الدقيق إىل عجُت!‬
‫ليتحوؿ إىل دقيق‪ ،‬ومع قليل من اؼبطر َّ‬
‫السحيقة؛ َّ‬
‫وعلى طرؼ أحد صخور األفراف الربكانية سيصبح لدينا مكاف رائع للطهي السريع!‬
‫أما طعم الكنافة اللذيذ؛ فهناؾ حل بسيط‪ :‬قصب السكر موجود يف كل مكاف‬

‫‪103‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫إلضافة مذاؽ الكنافة‪ ،‬وينابيع اؼباء الساخن كثَتة إلذابة قصب السكر‪.‬‬
‫أما اعبُنب فظهوره سهل‪ :‬فما أكثر األبقار ونقاط اللنب اليت تنزؿ من ضرعها بعد‬
‫رضاعة أوالدىا‪...‬‬
‫سباما سخافة الطرح‪ ،‬بل وقد تشعر باؼبلل والسذاجة‪.‬‬
‫إىل ىنا تستوعب ً‬
‫قعرة‪،‬‬
‫حساسة للضوء‪ ،‬أو عُت ُم َّ‬
‫األولية واليت ىي‪ :‬خليَّة َّ‬
‫فالقضية ليست يف توافُر اؼبواد َّ‬
‫تطورا!‬
‫أو عيوف أقل ً‬
‫القضية يف اؼبعرفة ‪ the Know How‬اليت تنتج صينية الكنافة باعبُنب!‬
‫القضية منقوصة من البَدء!‬
‫أنت لو انتظرت ؼباليُت األعواـ لن َّ‬
‫تتشكل صينية كنافة واحدة؛ ألف القضية معرفة‬
‫‪ Know How‬وليست مو َّاد أولية‪.‬‬
‫كمعطًى‬ ‫ٍ‬ ‫افًتاض َّ‬
‫أف وجود اؼبواد األولية كاؼ ىذا افًتاض فلسفي‪ ،‬لكنو ال يصلح ُ‬
‫علمي معترب!‬
‫كل ما يفعلو التطوري أنو يُفكك يف عقلو أجزاء النظاـ البيولوجي اؼب َّ‬
‫عقد الذي أمامو‪،‬‬
‫ُ‬
‫يُفكك األجزاء اؼبكونة للعُت يف عقلو‪ ،‬مث يقوـ بإعادة ذبميع ىذه األجزاء من أماكن ـبتلفة‬
‫من الطبيعة‪.‬‬
‫كأننا نلعب لعبة البازؿ ‪.Puzzle Game‬‬
‫فكك وصبع!‬

‫‪104‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫صب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اػبياؿ خ ْ‬
‫وموىبة توليد اغبكايا قد يبتلكها البعض‪.‬‬
‫لكن على اؼبستوى اعبُزيئي داخل اػبلية كل التفاصيل مهمة‪ ،‬وخلل يف حرؼ واحد‬
‫نظاما بأكملِو!‬
‫داخل شريطك اعبيٍت قد يُفسد ً‬
‫فما بالك بنظاـ مبهر كالعُت؟‬
‫دقة العُت البشرية تُوازي طبسمائة وستة وسبعُت ميجا بيكسل‪.‬‬
‫وربتوي العُت على أنقى عدسة يف العامل‪.‬‬
‫وحجم اؼبستقبل الضوئي يف الشبكية ال تتجاوز مساحتو نصف اؼبلليمًت اؼبربع!‬
‫(ٔ)‬
‫وخ ْلق إؽبي مبهر ‪.‬‬
‫إنَّو إعجاز َ‬
‫(ٔ) أوصي باالستماع ؽبذه اغبلقة‪:‬‬
‫اسأؿ وال زبف | اغبلقة ‪ | ٔٛ‬الصدفة… ىل يبكنها خلق العُت؟ !جٔ‪ |.‬الدكتور مهاب السعيد‬
‫على ىذا الرابط‪https://www.youtube.com/watch?v=a9GE1AQYVDs :‬‬

‫‪105‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ربصل الرؤية؟‬
‫وحىت تعرؼ كيف ُ‬
‫حىت تعرؼ مدى تعقيد ىذا النظاـ اؼببهر‪ ،‬والذي ال يبكن تفسَته بطريقة التفكيك‬
‫‪106‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫اػبرايف الدارويٍت‪ ،‬حىت تعرؼ إهبار ىذا النظاـ؛ انتبو معي ؽبذا الشرح‪:‬‬
‫عندما تسقط فوتونات الضوء على شبكية عينِك‪ ،‬فإهنا ُربفز بروتينًا يُدعى الرودوبسُت‬
‫‪-Rhodopsin‬الرودوبسُت يوجد داخل خاليا شبكية العُت‪ -‬بعد ربفيز الرودودبسُت فإنو‬
‫بدال منها جزيئة ‪ ،GTP‬وبعد‬ ‫ِ‬
‫ويكتسباف ً‬ ‫معا جزيئة اظبها ‪GDP‬‬
‫يلتصق بربوتُت آخر فيُطلقا ً‬
‫يصبحاف أكثر قوة‪ ،‬وبالتايل يكوف بإمكاهنما اآلف فصل جزيئة‬ ‫ِ‬ ‫اكتساب ىذه اعبزيئة فإهنما‬
‫تُدعي ‪.Cgmp‬‬
‫بعد انفصاؿ ىذه اعبزيئة تدخل جزيئات الصوديوـ ذات الشحنة اؼبوجبة إىل داخل‬
‫اػبلية‪ ،‬وبدخوؽبا وبدث خلل يف توازف الشحنات عرب غشاء اػبلية‪ ،‬ىذا اػبلل ىو الذي‬
‫تيارا كهربيا ينتقل عرب العصب البصري إىل الدماغ‪.‬‬
‫يُولد ً‬
‫عندما يصل التيار الكهريب لدماغك ربصل معجزة ‪-‬تبهرين كلما َّ‬
‫تفكرت فيها‪ -‬وىي‬
‫َّ‬
‫أف دما َغك يقوـ بتفسَت تردد ىذا التيار الكهريب الذي وصل إليو على أنو رؤية! وكأنو يبتلك‬
‫متكامال ُمسب ًقا ُوبوؿ التيار الكهريب الذي وصل إليو إىل رؤية ؼبا أمامك!‬
‫ً‬ ‫قاموسا‬
‫ً‬
‫ُـبُك يقبع داخل صندوؽ مظلم والذي ىو اعبمجمة؛ وال يصل ؼبخك إال تيارات‬
‫فسر اؼبخ ىذا التيار على أنو رؤية؟‬
‫كهربية‪ ،‬فكيف َّ‬
‫كيف أعطاؾ الرؤية؟‬
‫كيف ُيبيز بُت عشرة ماليُت درجة لونية ـبتلفة بأبعادىا اؼبختلفة؟‬
‫كل ىذا اإلعجاز يف منظومة اإلبصار وبصل يف غبظة واحدة دبجرد أف تفتح عينيك وتنظر!‬
‫وبعد دورة اإلبصار ىذه اليت بدأت بربوتُت الرودوبسُت‪ ،‬فإف ىذا الربوتُت ال بد أف‬
‫يعود سر ًيعا ليشارؾ بعد أقل من غبظة يف دورة إبصار جديدة‪.‬‬
‫‪107‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫الشفرة اؼبطلوبة لتكوين بروتُت الرودوبسُت توجد داخل الشريط اعبيٍت يف كل خلية‬
‫من خالياؾ‪ ،‬وشفرة اإلنزيبات اؼبطلوبة لتفكيك بروتُت الرودوبسُت بعد عملية اإلبصار توجد‬
‫أيضا داخل الشريط اعبيٍت‪ ،‬كذلك الشبكية وعدسة العُت والرموش واغباجب وعظاـ‬ ‫ً‬
‫اعبمجمة واؼبخ كل األعضاء توجد شفرهتا داخل الشريط اعبيٍت‪.‬‬
‫(ٔ)‬
‫ذرات الكوف ال تكفي لتشكيل شفرة بروتُت رودوبسُت واحدة بالصدفة ‪.‬‬‫كل َّ‬
‫فضال عن إدراؾ معٌت الرؤية‬
‫فضال عن اؼبخ‪ً ،‬‬‫فضال عن تكوين شبكية العُت‪ً ،‬‬ ‫ىذا ً‬
‫فضال عن ظهورؾ أنت أيها اإلنساف!‬
‫داخل صندوؽ اؼبخ اؼبظلم‪ً ،‬‬
‫﴿ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ﴾‬
‫[لقماف‪]ٔٔ :‬‬

‫‪ٌ -27‬ىٓ ً٘ ٔرٓ عصضٔب رط‪ٛ‬عًا ٌٍؼ‪ ٓ١‬سالي اٌجرث ف‪ ٟ‬األذبف‪١‬غ؟‬


‫دائما بعكس ما يتوقع ويتمٌت ُدعاة النظرية‪.‬‬
‫علم األحافَت يأيت ً‬
‫ثبت أحفوريا أف العُت اؼب َّ‬
‫عقدة ظهرت مع بداية عصر الكامربي‪ ،‬أي مع بداية ظهور‬
‫ُ‬
‫ُشعب الكائنات اغبية‪.‬‬
‫فالعُت اؼب َّ‬
‫عقدة ظهرت فجأةً‪.‬‬
‫ُ‬

‫(ٔ) إف احتمالية ظهور إنزًن بسيط ىي‪ ٕٓ :‬أس ٓٓٔ‪.‬‬


‫بينما عدد ذرات الكوف ىي‪ ٔٓ :‬أس ٓ‪.ٛ‬‬
‫‪Richard Dawkins, Climbing Mount Improbable, P.75‬‬
‫براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬صٕ٘‪.ٙ‬‬

‫‪108‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫مفصال لظهور ُجزيء وظيفي واحد‬


‫ً‬ ‫احدا‬
‫وذجا و ً‬
‫ُدعاة نظرية التطور ال يبتلكوف َمب ً‬
‫فضال عن مبوذج مفصل لظهور أي عضو كالعُت على اإلطالؽ‪.‬‬
‫داخل اػبلية بالتطور‪ً ،‬‬
‫ال يبتلكوف إال التخيل الظاىري‪ ،‬مث يأيت البحث األحفوري بعكس التوقعات!‬
‫‪ٕ٘ ً٘ -28‬بن ػبٌُ ِٓ اٌـ‪ RNA‬لجً ظ‪ٛٙ‬ع اٌـ‪٘ ً٘ ،DNA‬ظا اٌىالَ صر‪١‬د؟‬
‫الػ‪ DNA‬ىو الشريط اعبيٍت الذي يُشفر اؼبعلومات بالتشفَت الرباعي كما ربدثنا قبل ذلك!‬
‫أيضا نظاـ تشفَت رباعي يوجد يف داخل خالياؾ‪ ،‬حيث يشفر‬
‫وكذلك الػ‪ RNA‬ىو ً‬
‫ؼبنظومات وظيفية ُمتخصصة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫فكل خلية من خالياؾ فيها عوامل من الػ‪ RNA‬وىي اليت تقوـ بوظيفة تصنيع الربوتُت‬
‫داخل اػبلية‪ ،‬فافًتاض عامل الػ ‪ RNA‬لتفسَت ظهور عامل الػ‪ DNA‬ىو كمن يضيف أنظمة‬
‫تفسَتا‪.‬‬
‫ُمعقدة إىل أنظمة معقدة‪ ،‬ويُسمي ىذا ً‬
‫عامل الػ ‪ RNA‬ىو عامل تشفَت معلومايت‪.‬‬
‫سباما؛ ألف الػ ‪RNA‬‬
‫َّأما فرضية عامل الػ ‪ RNA‬قبل عامل الػ‪ DNA‬فهي فرضية خاطئة ً‬
‫بطبيعتو ضعيف‪ ،‬وال يظهر إال داخل خليَّة حيَّة حىت يكوف حافظة مؤقتة للمعلومات‪.‬‬
‫فالػ ‪ RNA‬يتحطم تلقائيا‪.‬‬
‫ولذلك يعترب العلماء َّ‬
‫أف‪" :‬فرضية عامل الػ ‪ RNA‬قبل عامل الػ‪ DNA‬ىي الفرضية‬
‫األسوأ‪ ،‬فالػ ‪ RNA‬ىش جدا‪ ،‬وىو فقط يعمل كحافظة مؤقتة للمعلومات؛ ولذلك ال يبكن‬
‫(ٔ)‬
‫للػ‪ RNA‬أف يسبق اػبلية‪ ،‬وبالتايل فمن السخف اعتباره كنقطة بداية للحياة" ‪.‬‬
‫‪ ً٘ -29‬االٔزشبة اٌطج‪١‬ؼ‪ٔ ٟ‬ظغ‪٠‬خ ػٍِّ‪َّ١‬خ‪ ،‬أَ ٘‪ ٛ‬رشّ‪ ٓ١‬فٍضف‪ٟ‬؟‬
‫يف سبعينيات القرف اؼباضي أعلن واحد من أشهر فالسفة العلم يف القرف العشرين‬
‫على اإلطالؽ وىو الالأدري كارؿ بوبر َّ‬
‫أف‪:‬‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=zskbSuG4lco‬‬
‫من ‪ٖٕ:ٗٚ‬‬
‫إىل ٕٓ‪ٖٖ:‬‬

‫‪110‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬
‫(ٔ)‬
‫"نظرية التطور ىي نظرية ميتافيزيقية‪ ،‬ىي ؾبرد قفزة إيبانية وليست بعلم" ‪.‬‬
‫وقتها ثارت ثائرة ُدعاة النظرية‪ ،‬وحاولوا أف يُربىنوا لو أف النظرية يبكن أف زبضع‬
‫لالختبار‪.‬‬
‫لكنو وقبل وفاتو بعامُت فقط اعًتؼ للساينتيفك أمريكاف أنو ما زاؿ غَت ر ٍ‬
‫اض عن‬
‫النظرية‪ ،‬ما زاؿ غَت ُمقتن ٍع هبا‪.‬‬

‫وقد عرضت الساينتيفك أمريكاف اعًتافات بوبر وغَته من الباحثُت ربت مقاؿ‬
‫بعنواف‪ :‬داروين اؼبشكوؾ فيو‪ ،‬ؼباذا ؾبموعة من العلماء الالدينيُت يشكوف يف نظرية التطور؟‬

‫‪)1( I have come to the conclusion that Darwinism is not a testable scientific‬‬
‫‪theory, but a metaphysical research programme.‬‬
‫‪Karl Popper, “Darwinism as a Metaphysical Research Programme” Methodology‬‬
‫‪and Science, p.103-119.‬‬

‫‪111‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫أكد بوبر موقفو من النظرية‪ ،‬ومن االنتخاب الطبيعي بالتفصيل يف آخر كتاب‬ ‫وقد َّ‬
‫احد وىو كتاب ‪ ،Evolutionary Epistemology‬وقد أورد بوبر‬ ‫بعاـ و ٍ‬
‫كتبو قبل وفاتو ٍ‬
‫(ٔ)‬
‫يف ىذه الكتاب اعًتافات كبار علماء نظرية التطور عرب تارىبها ‪.‬‬
‫فنقل عن أحد عظاـ الداروينية ‪-‬على حد تعبَته‪ -‬وىو كارؿ وادقبتوف ‪C. H.‬‬
‫‪ Waddington‬قولو َّ‬
‫أف‪" :‬االنتخاب الطبيعي ليس أكثر من طوطولوجيا ‪."Tautology‬‬
‫وطوطولوجيا تعٍت‪ :‬تكرارية؛ أي ؾبرد حشو كالـ‪ ،‬فاالنتخاب الطبيعي الذي ىو قواـ‬
‫نظرية التطور غَت منضبط بأدلة‪ ،‬وليس قضي ًة ِعلميَّة‪ ،‬وإمبا ىو تَ ْكرار كالـ‪ ،‬كالذي يُفسر اؼباء‬
‫بعد اعبهد باؼباء!‬
‫لكن ؼباذا االنتخاب الطبيعي تكرار كالـ؟‬
‫ألف أي كائن حي ستفًتض أنو ت انتخابو طبيعيا‪ ،‬جملرد أنو ظل حيا!‬
‫ؾبرد حشو كالـ‪.‬‬

‫‪)1( Evolutionary Epistemology, Rationality, and the Sociology of Knowledge,‬‬


‫‪with Contributions by Sir Karl Popper .‬‬

‫‪112‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫فما مربر قولنا‪ :‬إف ما جرى كاف انتخابًا؟‬


‫ؼباذا ال يكوف شيء آخر أبقى على ىذا الكائن؟‬
‫أي كائن سيبقى سنقوؿ‪ :‬إنو ت انتخابو؟‬
‫رصدا علميا!‬
‫إهنا فروض زبمينية وليست ً‬
‫يكمل بوبر ويقوؿ‪ :‬نفس كالـ وادقبتوف يوجد لدى داروينيُت ِعظاـ من أمثاؿ‪ :‬رونالد‬
‫أيضا أ َّف االنتخاب‬
‫فيشر ‪ Ronald Fisher‬مؤسس الداروينية اغبديثة‪ ،‬حيث يقرر فيشر ً‬
‫َ‬
‫الطبيعي طوطولوجيا‪.‬‬
‫أيضا جوف ىالداف ‪ J.B.S. Haldane‬عامل الوراثة وشريك فيشر يف تأسيس‬ ‫ً‬
‫الداروينية اغبديثة يعًتؼ َّ‬
‫أف‪ :‬االنتخاب الطبيعي طوطولوجيا‪.‬‬
‫ونفس األمر يؤكد عليو جورج جايلورد سيمبسوف ‪George Gaylord Simpson‬‬
‫عاما يف إدارة متحف التاريخ‬
‫عامل اغبفريات األمريكي‪ ،‬والذي عمل ألكثر من ثالثُت ً‬
‫الطبيعي يف أمريكا‪.‬‬
‫أف‪ :‬االنتخاب الطبيعي طوطولوجيا‪ ،‬والكالـ لكارؿ بوبر‪ ،‬فمفهوـ‬‫كل ىؤالء يقرروف َّ‬
‫مفهوما ِعلميا‪.‬‬
‫ً‬ ‫االنتخاب الطبيعي ليس‬
‫والعجيب أنو بعد أعواـ من كالـ بوبر‪ ،‬وداخل معامل جامعة ميشغاف ربولت النتيجة‬
‫اليت َّقررىا بوبر إىل واقع عملي‪ ،‬حيث سبت ؿباولة إجراء نظرية التطور‪ ،‬فقاـ الباحثوف‬
‫دبحاكاة حبيث سبضي مليوف سنة على بعض البكتَتيا بالتحفيز اؼبتتابع‪ ،‬فماذا كانت النتيجة؟‬
‫فضال عن انتقاؿ نوع‬
‫جديدا مل يظهر ً‬
‫احدا ً‬
‫تريليونات البكتَتيا ظهرت لكن بروتينًا و ً‬
‫لنوع آخر!‬
‫ٍ‬
‫‪113‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ىذه ىي نتيجة االنتخاب الطبيعي‪.‬‬


‫االنتخاب الطبيعي مل يعمل!‬
‫(ٔ)‬
‫التطور مل يعمل!‬
‫الغريب أف داروين بنفسو كاف يستشعر أف ىناؾ مشكلة يف نظريتو!‬
‫ففي عاـ ٕ‪ٔٛٙ‬ـ أرسل عامل النبات جوزيف ىوكر ‪ Joseph Hooker‬رسالة إىل‬
‫داروين قاؿ فيها‪:‬‬
‫مثال يف شكل مناقَت الطيور أو االختالؼ بُت أشكاؿ الكائنات‬
‫ىل تظن أف التنوع ً‬
‫اغبية ضمن النوع الواحد مصدره انتخاب طبيعي؟‬
‫ال إطالقًا!‬
‫األمر ببساطة َّ‬
‫أف ىناؾ تنو ًعا وراثيا يف األجداد‪ ،‬ىناؾ اختالفات داخل النوع الواحد‪،‬‬
‫ىذه االختالفات تتيح ىذه األشكاؿ اؼبتعددة ضمن النوع الواحد‪.‬‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=_rebE1J-Ozk‬‬
‫من ٕٓ‪ٙ:‬‬
‫إىل ٖ٘‪ٚ:‬‬

‫‪114‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫سبحا َف ا﵁! وكأف ىوكر يتكلَّم عن اغبَوض اعبيٍت للنوع الذي تَّ رصده بعد حوايل‬
‫مائة عاـ من ىذا الكالـ‪.‬‬
‫أشكاال ـبتلفة ضمن إطار النوع من أنواع الكائنات اغبية‪.‬‬
‫ً‬ ‫اغبَوض اعبيٍت الذي‪ :‬يُتيح‬
‫قائال‪" :‬اعبزء الذي أدىشٍت فعليا يف خطابك‪ ،‬وقلب كِياين‬
‫رد عليو ً‬ ‫اؼبهم أف داروين َّ‬
‫ذكرت فيو أف كل اختالؼ نراه يبكن أف يكوف قد حدث دوف‬
‫َ‬ ‫أسا على َع ِقب ىو الذي‬‫رً‬
‫أحطت باؼبوضوع إحاطة‬
‫َ‬ ‫سباما يف ذلك‪ ،‬ولكنَّك‬
‫أي انتخاب‪ ،‬وإين كنت ومازلت أتفق معك ً‬
‫اوية جديدةٍ"‪.‬‬
‫تامة‪ ،‬ورأيتَو من ز ٍ‬

‫ُدعاة نظرية التطور الذين ما زالوا هبادلوف لتأكيد قوة نظريتهم ىم أشبو دبجموعة من‬
‫اؼبنقبُت عن َكنز من الذىب يبحثوف ليل هنار يف طبقات األرض اؼبختلفة‪ِ ،‬‬
‫ووبفروف ِ‬
‫ويكسروف‬
‫قبوا مكتوبًا عليو‪" :‬الكنز يوجد ىنا"!‬ ‫أطناف الصخور الطينية والرملية والرسوبية‪ ،‬مع َّ‬
‫أف ىناؾ ً‬
‫الصنع اإلؽبي اؼبتقن أماـ أعينِكم‪ ،‬لكنهم يتجاىلوف ىذا القبو؛ ألهنم ينطلقوف من‬
‫ُ‬
‫‪115‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫مقدمة َّ‬
‫أف‪ :‬منجم الذىب ال بد أف يكوف ربت األرض!‬
‫ف ُدعاة التطور ينطلقوف من مقدمة أ َّف‪ :‬تفسَت اغبياة والتنوع يف الكائنات اغبية ال بد‬
‫أف يكوف تفسَتا ماديا؛ لذلك ىم ما زالوا ِ‬
‫وبفروف‪ ،‬مع أف دالئل اػبلق اإلؽبي اؼبتقن أمامهم‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫يف كل غبظة؛ ونظرية التطور ال تعمل‪ ،‬االنتخاب الطبيعي ال يعمل؛ لكن يتجاىلوف!! وما‬
‫زالوا وبفروف!!!‬
‫ؿباولة إغماض العُت عن القبو الذي أمامهم مع فشل نظرية التطور يف كل اختبار‬
‫ضرر شدي ٌد على العلم‪ ،‬وتأخَت لفروع كبَتة من العلم‪ ،‬وتضييع ؼبنافع‬
‫وذبربة ومعمل‪ ،‬ىذا ٌ‬
‫اح أخرى!‬‫كاف ْأوىل أف نستخدمها يف من ٍ‬
‫‪ٌ -31‬ىٓ ً٘ اٌطفغاد ‪ٚ‬اٌزط‪ُّٛ‬ع اٌصغ‪١‬غ ً٘ ‪ُ٠‬ؤص‪٠‬بِْ إٌ‪ ٝ‬رط‪ٛ‬ع وج‪١‬غ؟‬
‫دائما لُعبة اغبِيَل اللغوية‪ ،‬حيث يلعبوف باؼبصطلحات‪ ،‬ومن‬
‫يستخدـ ُدعاة نظرية التطور ً‬
‫ُ‬
‫أشهر ىذه اؼبصطلحات اليت يلعبوف هبا مصطلح‪" :‬التكيف يف إطار اغبَوض اعبيٍت للنَوع"‪.‬‬
‫صغَتا!‬
‫تطورا ً‬
‫التكيف يُسميو ُدعاة النظرية‪ً :‬‬
‫لكن ما ىو التكيف؟‬
‫التكيف ىو‪ :‬التنوع ضمن إطار نوع الكائن اغبي!‬
‫مثال ىناؾ‪ :‬األبيض واألسود والطويل والقصَت؛ ىذا تنوع ضمن اغبوض‬
‫ففي البشر ً‬
‫اعبيٍت لنفس النوع‪.‬‬
‫أشكاال ـبتلفة‪.‬‬
‫ً‬ ‫فاغبوض اعبيٍت للنوع يُتيح‬
‫جيدا دعونا نضرب ىذا اؼبثاؿ‪:‬‬
‫وحىت نفهم طبيعة اغبوض اعبيٍت ً‬
‫وزيْت وبيض‪.‬‬
‫وسكر َ‬
‫داخل اؼبطبخ يوجد‪ :‬دقيق ُ‬
‫‪116‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫نستطيع دبكونات ىذا اؼبطبخ أف نصنع صينية كيك أو حىت صينية فطَت بالسكر!‬
‫معا‪.‬‬
‫اغبوض اعبيٍت للمطبخ يتيح الصنفُت ً‬

‫ىذا ىو التنوع ضمن اغبوض اعبيٍت للنوع‪.‬‬


‫فاغبوض اعبيٍت يتيح تشكيالت وتنويعات ـبتلفة‪...‬‬

‫‪117‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫وعندما زار داروين ُج ُزر اعباالباجوس‪ ،‬وشاىد تنوع مناقَت العصافَت‪ ،‬وجد َّ‬
‫أف اؼبناقَت‬
‫صغَتا‪،‬‬ ‫زبتلف حبسب طبيعة الغذاء‪ ،‬فلو َّ‬
‫أف األكل كاف قريبًا من األرض سيصبح اؼبنقار ً‬
‫بعيدا داخل األرض‪ ،‬فإف اؼبنقار سيكوف أطوؿ‪.‬‬
‫بينما لو كاف األكل ً‬

‫ظن داروين َّ‬


‫أف ما وبصل أمامو ىو تطور!‬ ‫َّ‬
‫مل يكن داروين يف ذاؾ الوقت يعرؼ طبيعة اغبوض اعبيٍت للنوع‪ ،‬مل يكن يعرؼ أف‬
‫ىذا تكيف طبيعي ضمن إطار النوع الواحد!‬
‫قرف ٍ‬
‫كامل‬ ‫مل يدرؾ داروين ىذه اغبقيقة؛ ألف تركيب اغبوض اعبيٍت مل يفهم إال بعد ٍ‬
‫ُ‬
‫من كتاب أصل األنواع‪.‬‬
‫فما كاف وبدث أماـ داروين مل يكن تطوًرا‪ ،‬وإمبا تنوع وتكيف ضمن إطار اغبوض‬
‫اعبيٍت لنفس النوع‪.‬‬
‫شكاال ـبتلفة من اؼبناقَت‪ ،‬فهناؾ‬
‫فالشريط اعبيٍت أو الشريط الوراثي ؽبذه العصافَت يتيح أ ً‬
‫يف الشريط اعبيٍت ؽبذه العصافَت شفرة لربوتُت يُدعى )ٗ‪Bone morphogenetic (Bmp‬‬

‫‪118‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ٗ ‪.protein‬‬
‫اعبُت اػباص هبذا الربوتُت يف اؼبرحلة اعبنينية يُشفر لكل األنواع من أشكاؿ اؼبناقَت‪،‬‬
‫نفسو يُشفر لكل‬ ‫وحبسب ِ‬
‫نشاطو فيما بعد يعطي بروتينًا فبيػًزا ؼبنقار ؿبدد‪ ،‬أي‪َّ :‬‬
‫أف اعبُت َ‬
‫اتضح أهنا تنتمي لنفس‬
‫أشكاؿ اؼبناقَت‪ ،‬فكل ىذه التنويعات للمناقَت اليت شاىدىا داروين‪َ ،‬‬
‫اغبوض اعبيٍت؛ تنتمي لنفس النَوع!‬
‫داروين مل يكن يفهم معٌت اغبَوض اعبيٍت‪ ،‬وال اعبينات‪ ،‬وال التشفَت‪ ،‬وال شيء فبا أقولو اآلف‪.‬‬
‫داروين كاف يعتمد على رؤية سطحية بدائية‪ ،‬استنبط من خالؽبا نظريتو!‬
‫تطورا!‬
‫فاعترب أف التكيفات داخل نفس مكونات اغبوض اعبيٍت داخل نفس اؼبطبخ اعتربىا ً‬
‫َ‬
‫ولألسف ما زاؿ أتباع النظرية يُروجوف لنفس أسطورتِِو فيُسموف التكيف ضمن إطار‬
‫صغَتا‪ ،‬يف إوباء إىل احتمالية ربوؿ التطور الصغَت إىل تطور كبَت‬
‫النوع الواحد يسمونو تطوًرا ً‬
‫نوع جديد!‬
‫أي‪ :‬إىل ظهور ٍ‬
‫مع َّ‬
‫أف اعبميع يعلم اليوـ أف كل ىذه التكيفات ىي‪ :‬تنويعات ضمن إطار اغبوض‬
‫اعبيٍت لنفس النوع‪.‬‬
‫واألغرب من ذلك أنَّنا باعًتافهم‪ :‬مل نرصد حىت الساعة َّ‬
‫أي انتواع؛ مل نرصد أي‬
‫ظهوٍر ألنو ٍاع جديدة!‬
‫مؤخرا ترصبو مركز براىُت‪ ،‬الكتيب بعنواف‪" :‬االنتواع اػبادع" يرد‬
‫وىناؾ كتيب صدر ً‬
‫على كل التخمينات يف كل اغباالت اليت ظنوا أهنا حاالت ظهور ألنواع جديدة بالتطور‪،‬‬
‫وبُت الكتاب أهنا تكيفات ضمن إطار النوع الواحد!‬
‫َّ‬

‫‪119‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫دائما داخل اغبَوض اعبيٍت للنَوع‪ ،‬وال َعالقة ؽبا بالتطور!‬


‫فالتكيفات تكوف ً‬
‫أشكاال ـبتلفةً‪ :‬فاغبوض اعبيٍت يتيح للبكتَتيا آكلة‬
‫ً‬ ‫وىذا اغبوض اعبيٍت كما قلنا يتيح‬
‫النايلوف أف تكتسب خاصية أكل النايلوف مىت توفر النايلوف ؽبا!‬
‫واغبوض اعبيٍت يتيح مقاومة البكتَتيا للمضاد اغبيوي مىت تعاطى اؼبريض مضادا حيويا!‬
‫ٍ‬
‫ـبتلفة‪ ،‬حيث ردبا‪ :‬تفقد‬ ‫وإف كانت مقاومة البكتَتيا للمضاد اغبيوي ذبري بصوٍر‬
‫يتعرؼ عليها اؼبضاد اغبيوي!‬
‫البكتَتيا جزءًا من الشريط اعبيٍت اػباص هبا‪ ،‬فال َّ‬
‫وأشهر مثاؿ على ذلك طَُفيل اؼباالريا حُت قاوـ عقار ال ُكلوروكوين‪ ،‬وبعد أف توقف‬
‫األطباء عن وصف ىذا العقار اختفت السالالت الضعيفة من طفيل اؼباالريا اليت فقدت‬
‫‪120‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ؾبددا‪.‬‬
‫جزءًا من الشريط اعبيٍت اػباص هبا‪ ،‬وعادت السالالت األصلية للظهور ً‬

‫فما حصل أثناء مقاومة اؼبضاد اغبيوي كاف انتكاسةً ‪ Devolution‬وليس تطوًرا‬
‫‪.Evolution‬‬
‫‪ٌ -31‬ىٓ أٌَُْ ررصض ٔظغ‪٠‬خ اٌزط‪ُّٛ‬ع حبئزح ٔ‪ٛ‬ثً ف‪ ٟ‬اٌى‪١ّ١‬بء ٌٍؼبَ ‪2118‬؟‬
‫بالفعل التجربة اليت حازت على جائزة نوبل يف الكيمياء للعاـ اؼباضي كانت بعنواف‪:‬‬
‫"نظرية التطور يف معمل" حيث قاـ العلماء بتقليد نظرية التطور داخل معمل؛ فكيف حصل‬
‫ىذا وماذا كانت النتيجة؟‬
‫‪121‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫قاـ العلماء الذين فازوا باعبائزة بعمل طفرات يف ِشفرة الشريط اعبيٍت لبعض اإلنزيبات‬
‫داخل البكتَتيا ربت ضغط شديد بسرعة شديدة‪ ،‬فأصبحت الطفرات اليت ربتاج ؼبليار عاـ‬
‫(ٔ)‬
‫حىت تظهر‪ ،‬ت ضغطها لتحدث يف شهوٍر قليلة ‪.‬‬
‫فماذا كانت نتيجة تطبيق نظرية التطور ؼبدة باليُت األعواـ؟‬
‫النتيجة كانت مدىشة!‬
‫نوع آخر‪.‬‬
‫فمع كل ىذا الضغط التطفَتي مل ينتقل نوع من اؼبيكروبات إىل ٍ‬

‫‪)1( https://www.youtube.com/watch?v=6ecpiWFOCvU‬‬
‫من ‪ ٕ:ٓٚ‬إىل ٕٓ‪ٕ:‬‬
‫ما فعلوه ىو أهنم قاموا بتسريع التطور‪ ،‬فما يستغرؽ فعليا باليُت األعواـ ت إجراؤه يف أسابيع قليلة أو عاـ واحد‪.‬‬
‫وىذا كاف جزءًا من تصريح سارة لنس ‪ Sara Linse‬عضو عبنة نوبل للكيمياء‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫مل يظهر بروتُت واحد جديد وظيفي‪ ،‬ومل يظهر إنزًن واحد جديد‪ ،‬فقط كل ما حصل‬
‫ىو أف بعض اإلنزيبات أصبحت أكثر كفاء ًة يف إطار نفس النوع‪.‬‬
‫ظل كما ىو يف اعبيل‬
‫وىذا كالـ اؼبوقع الرظبي لنوبل‪" :‬إنزًن السبتليزين ‪َّ subtilisin‬‬
‫األوؿ واعبيل الثاين واعبيل الثالث نفس اإلنزًن‪ ،‬داخل نفس اؼبيكروب‪ ،‬داخل نفس النوع‪،‬‬
‫داخل نفس العائلة‪ ،‬لكن فقط ؾبرد متغَتات ضمن إطار اإلنزًن نفسو‪.‬‬

‫كل ما رصدناه متغَتات ضمن اإلنزًن الواحد‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫تبُت أف الطفرات اؼبتكررة جعلتو‬


‫والعجيب أف ىذا اإلنزًن الذي بدا أنو أصلح وأكفأ َّ‬
‫بالنسبة للكائن اغبي أضعف‪ ،‬وعمره أقصر مقارنةً باإلنزًن الطبيعي الذي مل يتطفر‪ ،‬فهو فقط‬
‫مثال‪ ،‬أما يف اعبُملة بالنسبة للكائن اغبي‬
‫أصلح وأكفأ الستخدامنا كبن لو يف الوقود اغبيوي ً‬
‫(ٔ)‬
‫فاإلنزًن أصبح ىشا وفق ًَتا ‪.‬‬
‫فنظرية التطور بعد باليُت االعواـ مل تفعل أي شيء!‬
‫اف اؼبلحداف جَتي فودور ‪ِ Jerry Fodor‬‬
‫وماظبو باؼباريٍت‬ ‫ولذلك يقوؿ الداروينيَّ ِ‬
‫َ‬
‫‪ ،Massimo Piattelli-Palmarini‬يف كتاهبما‪" :‬األمر الذي أخطأ فيو داروين ‪What‬‬
‫‪ "Darwin Got Wrong‬يقوالف إ َّف‪" :‬النظرية معيبة؛ ‪ -‬نظرية التطور معيبة مث قاال‪...-‬ىذا‬
‫ليس كتابا عن ا﵁‪ ،‬وال عن التصميم الذكي‪ ،‬وال عن اػبلق‪ ،‬ليس أيا منا متور ٌط يف ٍ‬
‫شيء من‬ ‫ً‬
‫ِ‬
‫ذلك‪ - .‬كالنبا ملحداف ‪ -‬لقد ارتأينا أنو من اؼبستحسن أف نوضح ىذا منذ البداية؛ ألف‬

‫‪)1( Modified enzymes are poor, weak things compared to natural enzymes, even‬‬
‫‪with the best of protein engineers’ efforts.‬‬
‫‪Dr. Douglas Axe‬‬

‫‪124‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬
‫(ٔ)‬
‫رأينا األساسي فيما سيأيت يقضي بأف ىناؾ خطأً ما‪ ،‬وردبا خطأ لدرجة قاتلة يف النظرية ‪.‬‬
‫‪ٌ -32‬ىٓ ثٕظغ‪٠‬خ االذزّبالد اٌُّخغَّصح‪ ،‬وُ ‪٠‬ب رُغ‪ٔ ٜ‬رزبج ِٓ اٌ‪ٛ‬لذ‬
‫ً ‪ٚ‬اذض؟‬
‫ٌزثج‪١‬ذ طفغر‪ٔ ٓ١‬بفؼز‪ ٓ١‬ف‪ ٟ‬ح‪ٍ ١‬‬
‫يف دراسة عجيبة نُشرت يف ؾبلة ‪ Genetics‬الدولية للدفاع عن نظرية التطور‪ ،‬ثبت‬
‫أننا لتثبيت طفرتُت نافعتُت يف جيل واحد كبتاج يف اغبشرات الصغَتة لزمن يصل إىل بضعة‬
‫ماليُت من السنُت‪ ،‬بينما كبتاج يف اإلنساف إىل أكثر من مائة مليوف عاـ‪.‬‬

‫‪)1( Fodor, J. & Piattelli Palmarini, M., What Darwin Got Wrong, p.15‬‬
‫(من مقدمة كتاب تصميم اغبياة‪ ،‬دار الكاتب‪ ،‬صٓٔ)‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫مائة مليوف عاـ من أجل تثبيت طفرتُت اثنتُت نافعتُت‪.‬‬


‫ىذا يف دراسة أجريت يف األصل للدفاع عن نظرية التطور‪ ،‬والرد على ُمنتقديها‬
‫واؼبشككُت فيها!‬

‫أكثر من مائة مليوف عاـ لطفرتُت اثنتُت‪.‬‬


‫ودبا أنَّو بُت اإلنساف والسلف اؼبشًتؾ اؼبزعوـ ‪-‬القرد اإلفريقي اعبنويب‪ -‬أكثر من ستُت‬
‫مليوف طفرة‪.‬‬
‫فنحن كبتاج إىل أضعاؼ أضعاؼ عمر الكوف لظهور نوع واحد جديد!‬
‫وؿباؿ!‬
‫العلم ببساطة يقوؿ لك‪ :‬التطور خطأ ُ‬
‫التطور ال يعمل‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ولذا عاؼبا األحياء التطورية لُت مارجلِس ‪ Lynn Margulis‬ودورين ساغاف ‪Dorion‬‬
‫دليل مباش ٍر على ظهور األنواع‬
‫نستطع اقتفاءَ ٍ‬
‫ْ‬ ‫‪ Sagan‬اعًتفا يف تقرير علمي‪" :‬أننا مل‬
‫اعبديدة‪ ،‬سواءً كاف يف ُج ُزر اعباالباجوس البعيدة أو يف أقفاص ـبتربات خرباء ذبابة الفاكهة‬
‫(ٔ)‬
‫أو يف الرسوبات اؼبتكدسة" ‪.‬‬
‫مفقودا‪.‬‬
‫ً‬ ‫اغباسم على التطور‬
‫ُ‬ ‫الدليل‬
‫ُ‬ ‫ال يزاؿ‬
‫فكل ما رصداه كاف ؾبرد تغَتات ضمن النوع الواحد‪.‬‬
‫نسبة العُث اؼب َفل َفل ‪ Peppered moths‬خالؿ فًتة الثورة الصناعية مل يكن‬ ‫فزيادةُ ِ‬
‫ُ‬
‫أبقارا وفَتَة‬ ‫لنا‬ ‫رت‬‫َّ‬
‫ف‬‫و‬ ‫اثية‬
‫ر‬ ‫الو‬ ‫اؽبندسة‬ ‫وعلوـ‬ ‫و‪،‬‬ ‫أكثر من ؾبرد تنو ٍع لوين ضمن نوع العث ِ‬
‫نفس‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫اللحم‪ ،‬وذَُرًة أغٌت بالربوتُت؛ لكن اؼباشيةَ ظلَّت ماشية والذ َرة ظلت ذرة والعث ظل عثا‪.‬‬
‫ت استنفاد التنوع يف كثَت من الكائنات اغبية ألقصى حد‪ ،‬ومل ُيع ْد باإلمكاف حصوؿ‬
‫(ٕ)‬ ‫اؼبز ِ‬
‫التغَت فيها‪ ،‬ومع ذلك مل يظهر نوع جديد على اإلطالؽ ‪.‬‬ ‫يد من ِ‬
‫ولذلك تُقرر ؾبلة علم األحياء النمائي ‪ Developmental Biology‬التطورية يف‬
‫ٍ‬
‫مقاؿ ؽبا اشًتؾ فيو ؾبموعة من علماء األحياء َّ‬
‫أف‪" :‬التغَتات يف ؾباالت اؽبندسة الوراثية قد‬
‫تؤدي إىل التكيف مع البيئة‪ ،‬لكن ىذا ال يعٍت ظهور األصلح‪ ،‬ويبدو أف أصل األنواع ‪-‬‬
‫(ٖ)‬
‫مشكلة داروين‪ -‬تبقى مشكل ًة غَت ؿبلولة" ‪.‬‬

‫‪)1( Lynn Margulis and Dorion Sagan, Acquiring Genomes: A Theory of the Origins‬‬
‫‪of Species, p.32.‬‬
‫(تصميم اغبياة‪ ،‬د‪ .‬ويلياـ ديببسكي ود‪ .‬جوناثاف ويلز‪ ،‬ترصبة د‪ .‬مؤمن اغبسن وآخرين‪ ،‬دار الكاتب صٕ٘ٔ)‪.‬‬
‫(ٕ) تصميم اغبياة‪ ،‬د‪ .‬ويلياـ ديببسكي ود‪ .‬جوناثاف ويلز‪ ،‬ترصبة د‪ .‬مؤمن اغبسن وآخرين‪ ،‬دار الكاتب‪.‬‬
‫‪)3( Scott F. Gilbert, John M. Opitz, Rudolf A. Raff, Resynthesizing Evolutionary‬‬
‫=‬
‫‪127‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫أمال يكافح بقوة ضد البيانات التجريبية والرصدية‪.‬‬


‫كانت نظرية التطور وستبقى ً‬
‫بعد‬ ‫لذلك توصيف نظرية التطور بأهنا نظرية‪ ،‬ىذا يف حد ذاتو م ِ‬
‫شكل‪ ،‬فهي مل تَػ ْر َؽ ُ‬ ‫ُ‬
‫لتوصف بأهنا نظرية‪.‬‬
‫وىذا كالـ اغبائز على نوبل إرنست تشاين ‪ Ernst Chain‬حُت قاؿ‪" :‬من العسَت‬
‫(ٔ)‬
‫وصف نظرية التطور أهنا نظرية ‪. "It can hardly be called a theory‬‬
‫‪٠ -33‬م‪ٛ‬ي صُػبح ٔظغ‪٠‬خ اٌزط‪ُّٛ‬ع إْ اٌشّجبٔز‪٠ ٞ‬رز‪ ٞٛ‬ػٍ‪ ٝ‬ثّبٔ‪١‬خ‬
‫‪ٚ‬أعثؼ‪ ٓ١‬وغ‪ِٛٚ‬ص‪ًِٛ‬ب‪ٚ ،‬اإلٔضبْ ‪٠‬رز‪ ٞٛ‬ػٍ‪ ٝ‬صزخٍ ‪ٚ‬أعثؼ‪ ٓ١‬وغ‪ِٛٚ‬ص‪ًِٛ‬ب‪ ،‬إطْْ ال ثض‬
‫أَّْ ٕ٘بن اٌزربًِب حغ‪ ٜ‬ث‪ ٓ١‬وغ‪ِٛٚ‬ص‪ ٓ١ِٛ‬ف‪ ٟ‬اإلٔضبْ‪٘ٚ ،‬ظا ِب عصض‪ ٖٚ‬ثرضت‬
‫رشّ‪ ُٕٙ١‬ف‪ ٟ‬وغ‪ِٛٚ‬ص‪ َٛ‬علُ اثٕ‪ ٓ١‬ف‪ ٟ‬اإلٔضبْ‪ ،‬ف‪٘ ًٙ‬ظا اٌزشّ‪ ٓ١‬صر‪١‬د؟‬
‫ىذه واحدة من أكرب الدالئل اليت يُروج ؽبا ُدعاة النظرية بكثافة‪.‬‬
‫قليال!‬
‫لكن لنهدأ ً‬
‫ىل ىذا ِعلم أـ فلسفة؟‬
‫تطوَر ىو والشمبانزي من‬ ‫العلم التجرييب عندما يستمع لدعوى مثل ىذه َّ‬
‫أف‪ :‬اإلنساف َّ‬
‫سلف مشًتؾ‪ ،‬سيقوؿ‪ :‬ىذه دعوى يلزمها رصد!‬
‫تصورا معينًا يف ذىنك أف اإلنساف والشمبانزي من سلف‬
‫أنت أيها التطوري تضع ً‬
‫=‬
‫‪and Developmental Biology, Developmental Biology Magazine, Vol173, P.357-372.‬‬
‫‪)1( It can hardly be called a theory‬‬
‫‪R. W. Clark: the Life of Ernst Chain, P.147‬‬
‫براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬ص ‪ٖ٘ٙ‬‬

‫‪128‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫مشرتك‪ ،‬مث تقوم بتوجيو البحث حنو ىذا التصور!‬


‫ىذه مصادرة على املطلوب؛ وىي إحدى املغالطات املنطقية الشهرية‪ ،‬فهذه الدعوى‬
‫م‬
‫فلسفة وليست بعلم!‬
‫ألننا بنفس ىذا األسلوب نستطيع أن نزعم أن اإلنسان والبطاطا من سلف مشرتك‬
‫كروسوما بالضبط مثل الشمبانزي‪،‬‬
‫ً‬ ‫واحد؛ ألن نبات البطاطا حيتوي على مثانية وأربعني‬
‫فلماذا الشمبانزي وليس البطاطا‪ ،‬إذا كانت املسألة عدد كروموسومات!؟‬
‫نوعا من أمساك الزينة يدعى مسك جويب ‪ Guppy‬حيتوي على نفس عدد‬
‫مث إن ىناك ً‬
‫كروموسوما كاإلنسان بالضبط‪ ،‬فلماذا الشمبانزي‬
‫ً‬ ‫الكروموسومات يف اإلنسان‪ ،‬ستة وأربعني‬
‫وليس جويب؟‬
‫املوضوع مصادرة على املطلوب‪ ،‬وتوجيو املعطيات حنو تصور معني يف ذىن داعية‬
‫نظرية التطور!‬
‫علما‪ ،‬ركزوا معي يف ىذا االفرتاض‪:‬‬
‫وحىت نتأكد أننا أمام فلسفة وليس ً‬
‫كروموسوما ىو وأبناؤه‪ ،‬وفجأ ًة‬
‫ً‬ ‫سنفرتض أن اإلنسان األول كان ميتلك مثانية وأربعني‬
‫أتى أحد األحفاد وحدث هلذا احلفيد اندماج بني كروموسومني‪ ،‬مث جاءت الذرية البشرية‬
‫كروموسوما‪ ،‬ىل مثة خطأ يف ىذا السيناريو؟‬
‫ً‬ ‫املعاصرة من ىذا احلفيد صاحب الستة وأربعني‬
‫ىل تستطيع ِعلميًّا أن تثبت صحة سيناريو مدعاة التطور أو خطأ ىذا السيناريو؟‬
‫بل إن ىذا السيناريو أقرب فلسفيًّا؛ ألنو يمقلل عدد الفروض‪ ،‬وبالتايل فهو أصح ِعلميًّا‬
‫طب ًقا ملا يمعرف بنصل أوكام ‪.Occam's razor‬‬
‫فاملوضوع فروض عقلية وختمينات‪.‬‬
‫‪129‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫واآلف ننتقل للشق الثاين من جواب ىذه الدعوى‪:‬‬


‫ىل بالفعل حدث اندماج يف الكروموسوـ الثاين لإلنساف؟‬
‫ىذا الكالـ كاف يُطرح قبل مشروع اعبينوـ البشري ‪The Human Genome‬‬
‫‪ Project‬أي قبل عاـ ألفُت وثالثة‪.‬‬
‫وعرفنا بالضبط‬ ‫ِ‬
‫جيدا قراءة شفرة اعبينوـ البشري‪َ ،‬‬
‫لكن بعد العاـ ألفُت وثالثة استطعنا ً‬
‫تتابعات اغبروؼ يف الكروموسوـ الثاين يف اإلنساف‪.‬‬
‫وفبا نعرفو اآلف‪ ،‬وفبا يعرفو كل باحث يف الشفرات اعبينية أنو يف هناية كل كروموسوـ‬
‫يوجد تتابع معُت من اغبروؼ هبذه الصورة‪ :‬تاء تاء ألف جيم جيم جيم تاء تاء ألف جيم‬
‫جيم جيم أو ‪ TTAGGG TTAGGG TTAGGG‬آالؼ اؼبرات هبذا التتابع‪ ،‬وىذا‬
‫التتابع لو خاصية عجيبة وىي اغبفاظ على الكروموسوـ من التلف!‬

‫‪130‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫لو حصل التحاـ بُت كروموسومُت‪ ،‬فاؼبفًتض أ َّف منطقة االلتحاـ تكوف فبتلئة بضعف‬
‫ىذا التتابع تاء تاء ألف جيم جيم جيم؛ ألهنا منطقة هناية كروموسومُت أليس كذلك؟‬
‫أجريت دراسات على ىذه اؼبِنطقة اليت ُزعم أنو حصل فيها التحاـ‪َّ ،‬‬
‫وتبُت أهنا ِمنطقة‬
‫مزدضبة باعبينات الوظيفية‪ ،‬أي‪ :‬جينات تشفر لربوتينات متخصصة‪ ،‬وليست ؾبرد منطقة‬
‫تالحم‪ ،‬جرت ىذه الدراسة يف حبث يدعم النظرية!‬
‫ُ‬

‫فالدراسات اليت تدافع عن ىذه الفرضية‪ ،‬فرضية‪ :‬التحاـ الكروموسومُت ىي بنفسها تعًتؼ‬
‫(ٔ)‬
‫َّ‬
‫أف‪ :‬منطقة االلتحاـ اؼبزعومة ال يوجد هبا التتابع الكايف من‪ :‬تاء تاء ألف جيم جيم جيم ‪.‬‬

‫‪)1( Daniel Fairbanks, Relics of Eden: The Powerful Evidence of Evolution in‬‬
‫‪Human DNA (Amherst, NY: Prometheus, 2007.‬‬

‫‪131‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫نقطة أخَتة يف نقض ىذه الدعوى‪ :‬يوجد وسط كل كروموسوـ ِمنطقة تُ َّ‬
‫سمى‬
‫"السنًتومَت"‪ ،‬وبالتايل فاؼبفًتض َّ‬
‫أف الكروموسوـ الثاين يف اإلنساف بو اثناف من السنًتومَتات‪.‬‬

‫وكالعادة حاولوا أف يشَتوا إىل تتابُع معُت باعتباره بقايا سنًتومَت قدًن‪ ،‬لكننا اكتشفنا‬
‫أ َّف ىذا اؼبكاف اؼبزعوـ ليس بو الػ‪ Alphoid DNA‬اؼبميز للسنًتومَت‪.‬‬
‫بل إنَّو يف دراسة أخرى ت َّبُت َّ‬
‫أف تتابع حروؼ السنًتومَت يف الشمبانزي والغوريال ال‬
‫يوجد ىذا التتابع يف أي ِمنطقة يف الكروموسوـ الثاين يف اإلنساف‪ ،‬وىذا ينسف ىذه الدعوى‬
‫من جذورىا!‬
‫ينسف دعوى التحاـ الكروموسومُت!‬

‫‪132‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫تطورا سر ًيعا جدا حصل َّأدى الختفاء‬ ‫وحىت ىبرجوا من ىذه الورطة افًتضوا َّ‬
‫أف‪ :‬ىناؾ ً‬
‫أي أثر للسنًتومَت القدًن!‬

‫‪133‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫السنًتومَت القدًن اختفى فجأ ًة دوف أي أثر!‬


‫الربىاف يظهر السحر!‬
‫دائما حينما يُفتقد ُ‬
‫ً‬
‫‪٠ -34‬م‪ٛ‬ي صُػبح إٌظغ‪٠‬خ إٔٔب اوزشفٕب أَّْ‪ :‬فغع اٌؼصت اٌربئغ‬
‫‪٠ Recurrent Laryngeal Nerve‬شغج ِٓ اٌّز‪ٚ ،‬ثضًٌب ِٓ اٌضس‪ٛ‬ي ِجبشغح إٌ‪ٝ‬‬
‫اٌرٕخغح‪ ،‬فئٔٗ ‪ٕ٠‬زي ٌألصفً‪٠ٚ ،‬ض‪ٚ‬ع ذ‪ٛ‬ي األ‪ٚ‬عط‪ ،ٟ‬ثُ ‪٠‬صؼض ِغحً أسغ‪ٜ‬‬
‫ٌألػٍ‪٘ٚ ،ٝ‬ظٖ اٌٍفخ صٌ‪ ً١‬ػٍ‪ ٝ‬إٔٔب وٕب أصّبوًب‪ ،‬فّب صرخ ٘ظٖ اٌضػ‪ٜٛ‬؟‬
‫دائما غبجم الدعوى وقارْهنا حبجم الدليل عليها‪ ،‬وستعرؼ الفرؽ بسهولة بُت‬
‫انظر ً‬
‫صاحب اغبق واؼبهرج!‬

‫‪134‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫أوؿ معلومة للرد على ىذه الفكرة اػبُرافية َّ‬


‫أف‪ :‬ىناؾ عصبًا حنجريا يدخل من اؼبخ‬
‫سمى ‪ Superior Laryngeal Nerve‬إذ ْف لفة العصب اغبائر‬ ‫مباشرًة للحنجرة يُ َّ‬
‫‪ Recurrent Laryngeal Nerve‬ستكوف ؽبدؼ‪ ،‬ستكوف لتحقيق مهمة ؿبددة‪ ،‬سواءً‬
‫عرفنا ىذا اؽبدؼ أو مل نعرفو!‬
‫َ‬
‫تتم ىذه اللفة ستحصل مشكلة‪.‬‬
‫فلو مل َّ‬
‫وبالفعل تَّ تشخيص حالة مرضية بسبب عدـ حصوؿ ىذه اللفة‪ ،‬حيث يدخل يف‬
‫ىذه اغبالة اؼبرضية يدخل العصب اغبائر ‪ Recurrent Laryngeal Nerve‬مباشرة إىل اغبنجرة‬
‫سمى ‪" Non-recurrent laryngeal nerve‬العصب‬
‫دوف ىذه اللفة‪ ،‬وىذه اغبالة اؼبرضية تُ َّ‬
‫يتصور ُدعاة نظرية التطور أنو النموذج األفضل!‬
‫غَت اؼبلتف" وىي الشكل الذي َّ‬
‫تبُت َّ‬
‫أف ىذه حالة مرضية‪ ،‬وليست حالة طبيعية!‬ ‫الغريب أنَّو َّ‬
‫فنتيجةً لعدـ نزوؿ العصب اغبائر ‪ Recurrent Laryngeal Nerve‬للدوراف حوؿ‬
‫األورطي‪ ،‬فإف اؼبريض سيُصاب بػ‪ :‬تضخم يف بعض الشرايُت اػبارجة من األورطي‪ ،‬ومشاكل‬
‫يف البلع والتنفس‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫فاؼبعلومة اليت أصبحت من بديهيات الطب اغبديث أف فرع العصب اغبائر وقت نزولو‬
‫لاللتفاؼ حوؿ األورطي‪ ،‬فإنو يقوـ بتغذية اؼبريء والقصبة اؽبوائية والقلب ‪Deep cardiac‬‬
‫(ٔ)‬
‫‪. plexus‬‬
‫ومؤخرا ت اكتشاؼ فوائد ؽبذه اللفة للعصب اغبائر يف اؼبرحلة اعبنينية!‬
‫ً‬ ‫بل‬
‫‪٠ -35‬م‪ٛ‬ي صُػبح إٌظغ‪٠‬خ‪ :‬إَّْ شفغح ف‪١‬غ‪ٚ‬س إٌضز اٌؼىض‪Retrovirus ٟ‬‬
‫ر‪ٛ‬حض ف‪ٔ ٟ‬فش اٌّىبْ رمغ‪٠‬جًب ف‪ ٟ‬ح‪ َٕٛ١‬اإلٔضبْ ‪ٚ‬اٌشّجبٔز‪ٚ ،ٞ‬ثبٌزبٌ‪ٟ‬‬
‫اٌضٍف اٌّشزغن ذزًّب أُص‪١‬ت ث‪ٙ‬ظا اٌف‪١‬غ‪ٚ‬س ‪ٔٚ‬مٍٗ ٌألذفبص‪ :‬اإلٔضبْ‬
‫‪ٚ‬اٌشّجبٔز‪ٞ‬؛ فّب ذم‪١‬مخ ٘ظٖ اٌفغظ‪١‬خ؟‬
‫تبُت أهنا شفرة‬ ‫اعبواب َّ‬
‫أف‪ :‬ىذه الشفرة اؼبزعومة لفَتوس نسخ عكسي داخل الشريط اعبيٍت َّ‬
‫لتسلسل وظيفي يؤدي مهمة حيوية يف اػبلية‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بفَتوس مرضي‪ ،‬بل ىي شفرة ُ‬ ‫وظيفية‪ ،‬وليست‬
‫فهذه الشفرة تساعد اعبُت ٖ٘‪ P‬يف عمليات تنظيمية للجينوـ‪ ،‬وىذا اعبُت لو حصل‬
‫خلل يف وظيفتو‪ ،‬فإنو قد يؤدي لإلصابة بالسرطاف ‪-‬عافانا ا﵁ وإياكم‪.‬‬

‫‪)1( The recurrent laryngeal nerves gives cardiac branches to the deep cardiac plexus,‬‬
‫‪and branches to the trachea, esophagus and the inferior constrictor muscles.‬‬

‫‪136‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫صف إصابات السرطاف سببُها اؼبباشر‪ :‬خلل يف اعبُت ٖ٘‪.P‬‬ ‫ِ‬


‫فن ْ‬
‫فَتوسا‬
‫فما يُزعم أهنا شفرات لفَتوس النسخ العكسي ىي شفرات وظيفية‪ ،‬وليست ً‬
‫مرضيا!‬
‫سباما‪ ،‬وتؤدي وظيفتها باقتدار‪ ،‬فهي ليست‬
‫ىي شفرات تسلك كجينات طبيعية ً‬
‫إصابة‪ ،‬وال يتعامل معها اعبينوـ كإصابة مرضية!‬
‫ولو كانت إصابة مرضية‪ ،‬فمن اؼبعلوـ يف علم الوبائيات ‪-‬وىو ؾباؿ عملي‪َّ -‬‬
‫أف اػبلية‬
‫عندما تُصاب بفَتوس فإهنا سبوت‪ ،‬فيما يُعرؼ باؼبوت اؼبربمج للخلية ‪ ،Apoptosis‬ىذا‬
‫فضال عن أف تكوف ىذه اػبلية ىي النطفة اليت ينشأ منها اعبنُت‪،‬‬
‫فضال عن أ ْف تظل حيَّةً‪ً ،‬‬
‫ً‬
‫واليت يف العادة تكوف من أنقى وأصلح اػباليا على اإلطالؽ‪.‬‬
‫لكن قد يسأؿ سائل ويقوؿ‪ :‬كيف توجد نفس الشفرة يف نفس اؼبكاف؟‬
‫يف عامل الكائنات اغبية قبد شفرات مشاهبة لشفرات فَتوس النسخ العكسي يف نفس‬
‫ٍ‬
‫لكائنات حيَّ ٍة‪ُ ،‬دعاة التطور بأنفسهم يعًتفوف أهنا سلكت طرقًا تطورية ـبتلفة!‬ ‫اؼبكاف‬
‫ُت تطوري ِ‬
‫ُت‬ ‫ِ‬
‫كائناف طريق ِ‬ ‫إذ ْف السؤاؿ سيعود على نفس ُدعاة النظرية‪ :‬كيف يسلك‬
‫ـبتلف ِ‬
‫ُت‪ ،‬مث توجد هبما نفس الشفرة يف نفس اؼبكاف؟‬
‫مثال يف آكالت اللحوـ كالثعالب‪ ،‬واؼبجًتات كاألغناـ‪.‬‬
‫وىذا ما نراه ً‬
‫ُ‬
‫سباما‪.‬‬ ‫مع َّ‬
‫أف كال منهما سلك طري ًقا تطورية ـبتلفةً ً‬

‫‪137‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫(ٔ)‬ ‫وقبد نفس األمر عند قردة البابوف و ِ‬


‫القطط يف نفس اؼبكاف بالضبط!‬
‫فإما أف تقبل َّ‬
‫أف ىذا أمر طبيعي‪ ،‬أف توجد شفرتاف يف نفس اؼبكاف‪ ،‬وال َعالقة ؽبذا‬
‫مربرا ؽبذه اؼبطابقة بُت شفرتُت يف نفس‬ ‫ِ‬
‫بإثبات تطور كائن من آخر‪ ،‬وإما أف تُوجد لنا ً‬
‫اؼبكاف لكائنُت غَت مرتبطُت تطوريا!‬
‫بل واألعجب من كل ما سبق‪ :‬أنَّنا لو استخدمنا ىذه الدعوى‪ ،‬دعوى َّ‬
‫أف شفرة‬
‫دليل على التطور‪ ،‬لو استخدمنا‬
‫فَتوس النسخ العكسي يف نفس اؼبكاف لكائنُت ـبتلفُت ٌ‬
‫دليال على خطأ النظرية‪.‬‬
‫نفس ىذه الدعوى بنفس ىذه الصورة‪ ،‬فإهنا ستكوف ً‬

‫‪)1( Robin A Weiss, "The discovery of endogenous retroviruses", Retrovirology,‬‬


‫‪2006; 3: 67.‬‬

‫‪138‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫جيدا‪:‬‬
‫دعونا نشرح كيف ذلك؟ وركزوا ً‬
‫اكتشف العلماء شفرة فَتوس نسخ عكسي موجودة يف الشمبانزي والغوريال والقردة‬
‫اإلفريقية وقردة العامل القدًن‪ ،‬وال توجد ىذه الشفرة يف اإلنساف؛ إهنا شفرة الػ ٔ‪.PTERV‬‬
‫طب ًقا ألدبيات التطور‪ ،‬فإف السلف اؼبشًتؾ لإلنساف والشمبانزي انفصل عن الغوريال‬
‫قبل انفصاؿ اإلنساف والشمبانزي‪ ،‬وبالتايل فلو ُوجدت شفرة فَتوس نسخ عكسي يف‬
‫حتما وال بد أف توجد يف اإلنساف‪ ،‬وإال فشجرة‬
‫الغوريال والشمبانزي يف نفس اؼبكاف‪ ،‬إذ ْف ً‬
‫التطور وىم!‬
‫السلف اؼبشًتؾ لإلنساف والشمبانزي انفصل عن الغوريال قبل انفصاؿ اإلنساف‬
‫والشمبانزي! ىذا كالـ ُدعاة النظرية‪.‬‬
‫فلو ُوجدت شفرة فَتوس نسخ عكسي يف الغوريال والشمبانزي يف نفس اؼبكاف‪ ،‬إذ ْف‬
‫حتما وال بد أف توجد يف اإلنساف‪ ،‬وإال فشجرة التطور غَت صحيحة!‬
‫ً‬
‫فعال!‬
‫أف ىذا ما حدث ً‬ ‫والعجيب َّ‬
‫حيث إنَّو طب ًقا لدراسة ِعلميَّة نشرهتا ؾبلة الساينس دايلي العِلميَّة ‪Science Daily‬‬
‫توجد شفرة فَتوس النسخ العكسي من نوع ٔ‪ PTERV‬يف الغوريال والشمبانزي‪ ،‬وال توجد‬
‫يف اإلنساف‪ ،‬وىذا يُسقط التطور ككل بنفس أدوات احتجاج التطوريُت!‬

‫‪139‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫باؼبناسبة ىذه األسئلة الثالثة السابقة ىي أشهر دالئل نظرية التطور على اإلطالؽ!‬
‫والنتيجة اليت نصل إليها بعد تفنيد أشهر أدلة التطور َّ‬
‫أف‪ :‬التطور ىو زبمُت فلسفي‬
‫وافًتاضات عقلية ال أكثر!‬
‫دائما ما ُوب ِرجاف ىذه النظرية‪.‬‬
‫أما العلم والبحث اؼبُدقق‪ ،‬ف ً‬
‫اإليباف بالنظرية سهل؛ ألنو اؼبربر البديهي للمادية‪ ،‬لكن أف تؤمن شيء وأف تثبت‬
‫سباما‪.‬‬
‫إيبانك شيءٌ آخر ً‬
‫‪ِ -36‬ب ذم‪١‬مخ األػعبء األثغ‪٠‬خ أ‪ ٚ‬األػعبء اٌعبِغح ف‪ ٟ‬حضُ اإلٔضبْ؟‬
‫األعضاء األثرية أو األعضاء الضامرة كانت واحدة من أشهر أدلة النظرية قديبًا‪ ،‬فقبل‬
‫أكثر من مائة عاـ من اآلف كانت ىناؾ قائمة طويلة من األعضاء األثرية اليت زبيَّلوا أهنا بقايا‬
‫عضوا‪ ،‬وكلما كاف العلم يتوسع ونكتشف فوائد ؽبذه األعضاء‪،‬‬‫تطور‪ ،‬حوايل مائة وشبانُت ً‬
‫عضوا بال فائدة!‬ ‫َّ‬
‫فإف العدد يقل يف القائمة‪ ،‬واليوـ كبن تقريبًا ال نعرؼ ً‬
‫‪140‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫وهبذا تصبح دعوى النظرية ُح َّجةً عليها‪ ،‬إذ لو كانت النظرية صحيحة‪ ،‬فاؼبفًتض أف‬
‫األعضاء الضامرة كثَتة جدا‪ ،‬ومع الوقت نرصد أعضاءً جديدة بال فائدة‪ ،‬لكن العكس ىو‬
‫الذي حصل!‬
‫والغريب أهنم كانوا يشَتوف إىل أ عضاء نعرؼ اليوـ أننا ال يبكن أف نستغٍت عنها‪،‬‬
‫لكن لقلة العلم يف ذاؾ الوقت‪ ،‬كانوا يشَتوف ؽبا باعتبارىا بقايا تطور!‬
‫مثاؿ على ذلك‪ :‬كانوا يشَتوف إىل الغدة اعبار درقية واؼبسؤولة عن توا ُزف الكالسيوـ يف‬
‫(ٔ)‬
‫الدـ‪ ،‬كانوا يشَتوف إليها باعتبارىا بقايا تطور ‪.‬‬
‫عالجا تعويضيا مدى اغبياة‪،‬‬ ‫قل إفر ُازىا‪َّ ،‬‬
‫فإف اإلنساف وبتاج ً‬ ‫الغدة اعبار درقية اليت لو َّ‬
‫وإال قد يُصاب دبشاكل خطَتة يف العظاـ واألعصاب‪ ،‬كانوا يعتربوهنا بقايا تطور!‬

‫‪)1( R. Wiedersheim, The Structure of Man: An Index to His Past History (London:‬‬
‫‪Macmillan and Co., 1895).‬‬

‫‪141‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫بل واألعجب أهنم كانوا يتخيَّلوف َّ‬


‫أف الغدة النخامية اليت ىي مركز اؽبرمونات يف‬
‫اعبسم أهنا بقايا تطور‪.‬‬
‫حجمها ال يتجاوز حبة‬
‫ُ‬ ‫الغدة النخامية اليت ىي من عجائب اػبلق اإلؽبي‪ ،‬واليت‬
‫الفاصوليا ووزُهنا حوايل نصف جراـ‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ونظرا ؽبذا اغبجم الصغَت‪ ،‬فقد ظنوا أهنا بقايا تطور‪ ،‬لكن نكتشف دبرور السنوات َّ‬
‫أف‬ ‫ً‬
‫ىذه الغدة الصغَتة تفرز ؾبموعة ُىرمونات غاية يف اػبطورة واألنبية‪ ،‬مثل‪ :‬ىرموف النمو‪،‬‬
‫والذي لو ازدادت نسبتو دبقدار يُقاس بأجزاء من اؼبائة مليوف من اعبراـ‪ ،‬فإنو يؤدي إىل مرض‬
‫قل بأجزاء من اؼبائة مليوف من اعبراـ‪ ،‬فإنو يؤدي إىل مرض التقزـ‪.‬‬
‫الع ْملقة‪ ،‬ولو َّ‬
‫َ‬

‫‪143‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫تغَتات كاملة يف بِنية اؽبيكل العظمي عملقة أو تقزـ نتيج ًة لزيادة أو قلة هبذا القدر‬
‫البسيط‪ ،‬واؼبدىش من ىرموف النمو الذي تفرزه ىذه الغدة‪ ،‬وىذه النقطة ذكرناىا ساب ًقا‪.‬‬
‫أيضا ىذه الغدة الصغَتة الغدة النخامية تُفرز ؾبموعة معجزة من اؽبرمونات جبانب‬
‫ً‬
‫ىرموف النمو‪ ،‬فهي تُفرز ىرمونات لضبط ضغط الدـ‪ ،‬وىرمونات تشغيل الغدة الدرقية‪،‬‬
‫وىرمونات التبويض‪ ،‬وىرمونات البلوغ‪ ،‬وىرمونات إفراز اللنب‪ ،‬قائمة طويلة من اؽبرمونات‬
‫اؼبعجزة من ىذه الغدة الصغَتة‪.‬‬
‫كاف ُدعاة النظرية يتخيَّلوف َّ‬
‫أف ىذه الغدة اؼبعجزة بقايا تطور لصغر حجمها!‬
‫الد ْمعية اليت تُفرز الدموع بقايا تطور؛ ألهنم‬ ‫أيضا ُدعاة النظرية كانوا يعتربوف َّ‬
‫أف الغدة َّ‬ ‫ً‬
‫(ٔ)‬
‫بعد خصائص وأنبية الدموع لعُت اإلنساف ‪.‬‬ ‫مل يكونوا يعرفوف ُ‬
‫وىذه صورة غالؼ الكتاب الذي ربدَّث عن ىذه الغدد اؼبعجزة باعتبارىا بقايا تطور!‬
‫ىذا الكتاب وصمة عار يف جبُت النظرية!!‬

‫‪)1( R. Wiedersheim, The Structure of Man: An Index to His Past History (London:‬‬
‫‪Macmillan and Co., 1895).‬‬

‫‪144‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫وقعت ربت يد جراح يؤمن بنظرية التطور قبل قرف من الزماف؟‬


‫زبيَّ ْل أيها اإلنساف! لو َ‬
‫همالت باعتبار َّ‬
‫أف‬ ‫كم من األعضاء كاف سيسلُب من جسدؾ‪ ،‬ويُلقيها يف سلة اؼبُ َ‬
‫ىذه األعضاء بقايا تطور ال فائدة منها!؟‬
‫لكن بعد ُمضي قرف من الزماف ىل توقَّفت اػبرافة؟‬
‫العجيب ‪-‬بل أقوؿ واؼبقزز‪ -‬أف ىذا الطرح مل يتوقف حىت الساعة؛ ألف التطور لو‬
‫فحتما ىناؾ عدد ال بأس بو من بقايا التطور!‬
‫صحيحا‪ً ،‬‬
‫ً‬ ‫كاف‬
‫‪145‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫لذلك ىم يُروجوف لضرورة وجود بقايا تطور يف اإلنساف!‬


‫ولألسف ىنا تتحكم األيديولوجيا يف العلم!‬
‫ىنا تصَت األيديولوجيا ىي اؼب ِ‬
‫سيطرة وىي اؼبوجهة‪ ،‬بينما يصبح العلم والبحث العلمي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُت ال ُموج َه ِ‬
‫ُت‪.‬‬ ‫وج َه ِ‬ ‫تابع ِ‬
‫ُت ُم َّ‬ ‫َ‬
‫قليال من األعضاء‪ -‬باعتباره بقايا تطور‪،‬‬
‫لعدد ‪-‬وإف كاف ً‬ ‫لألسف ما زالوا يروجوف ٍ‬
‫ُ‬
‫ومن بُت ىذه األعضاء‪ :‬الزائدة الدودية‪.‬‬
‫يدرسو طلبة الطب يف جامعة عُت شس‪،‬‬
‫كنت أقرأ بالصدفة يف كتاب اعبراحة الذي ُ‬
‫(ٔ)‬
‫فوقعت عيٍت على ىذه الفقرة‪. Appendix is the tonsil of GIT :‬‬
‫الزائدة الدودية بالنسبة للجهاز اؽبضمي كاللوزتُت بالنسبة للجهاز التنفسي‪ ،‬الزائدة‬
‫الدودية نظاـ مناعي للجهاز اؽبضمي كما َّ‬
‫أف اللوزتُت نظاـ مناعي للجهاز التنفسي!‬
‫سباما فبا يُقاؿ‬
‫يدرسو طلبة الطب يف مدرجات اعبامعات‪ ،‬وىذا على العكس ً‬
‫ىذا ما ُ‬
‫يف كتب شرح نظرية التطور‪.‬‬
‫العلم شيء وما يُروج لو ُدعاة التطور يف كتبهم شيءٌ آخر‪.‬‬
‫وطب ًقا جمللة ساينس دايلي ‪ Science Daily‬العِلميَّة َّ‬
‫فإف‪ :‬الزائدة الدودية ىي البطل‬
‫اػبفي يف منظومة مناعة اعبهاز اؽبضمي؛ ولذلك َمن يقوـ بإجراء عملية الزائدة الدودية‬
‫يكوف عُرضة أكثر من غَته لإلسهاؿ!‬

‫‪)1( Surgical anatomy Dr.Elmatary MD Ain shams University p.187.‬‬

‫‪146‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫بل والزائدة الدودية قد تُنقذ حياتك‪ ،‬وىذا عنواف ؼبقاؿ آخر للػ‪.Scientific American‬‬

‫‪147‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪ٌ -37‬ىٕ‪ِ ُٙ‬بػاٌ‪ٛ‬ا ‪٠‬م‪ ٌْٛٛ‬إَّْ ظغس اٌؼمً ثمب‪٠‬ب رط‪ُّٛ‬ع؛ ف‪٘ ًٙ‬ظا صر‪١‬د؟‬
‫ماسة فعليا‪ ،‬فهو‬
‫كبَتا ىو حاجة َّ‬
‫ضرس العقل يف األنظمة الغذائية اليت تتطلب مضغًا ً‬
‫ضروري ؼبزيد مساعدة يف طحن الطعاـ!‬
‫(ٔ)‬
‫فمن وبتاج ؼبضغ أكثر كأغلب دوؿ العامل ىو حباجة فعليَّة لضرس العقل ‪.‬‬
‫وعدـ استخداـ ضرس العقل ىو نتيجة االعتماد على األكالت السريعة الػ ‪Junk‬‬
‫‪ food‬أما الذي يأكل بنظاـ غذائي متوازف صحيح غٍت باػبضراوات‪ ،‬كالبيئات اليت تعتمد‬
‫(ٕ)‬
‫على اإلكثار من اؼبضغ‪ ،‬ففي ىذه البيئات يُعترب ضرس العقل حاجة طبيعية ‪.‬‬
‫بعيدا عن كل ىذا!‬
‫مث ً‬
‫تفك ْر أيها اإلنساف يف أسنانِك اللبنية اليت تسقط ذاتيا‪ ،‬وربل ؿبلها أسناف قوية‬
‫َّ‬
‫مقبل عليها‪َ ،‬أال يدؿ ىذا على اػبلق اإلؽبي اؼبتقن لكل ما‬
‫تناسب اؼبرحلة العمرية اليت أنت ٌ‬
‫ُ‬
‫ربتاج لو حبسب مرحلتك العمرية؟‬
‫وبعد ظهور األسناف القوية الدائمة يظهر ضرس العقل يف مرحلة تالية ليضم األسناف‪،‬‬
‫ويغلق الفراغات بُت الضروس‪.‬‬
‫فحكمة اػبْلق ذبعلك تعلم أف لكل ٍ‬
‫شيء فائدة‪ ،‬حىت ولو خفيت عليك يف غبظتك‬ ‫َ‬
‫الراىنة!‬

‫(ٔ) اغبقيقة واػبياؿ يف نظرية التطور‪ ،‬د‪ .‬حسن نصرت‪.‬‬


‫‪)2( Weston A. Price “Nutrition and Physical Degeneration: A Comparison of‬‬
‫”‪Primitive and Modern Diets and Their Effects‬‬
‫نقال عن (الباحثوف اؼبسلموف)‪.‬‬
‫ً‬
‫‪148‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫‪ِٚ -38‬بطا ػٓ اٌفِمْغاد اٌؼُصؼص‪١‬خ اٌّضؤ‪ٌٚ‬خ ػٓ عثط ثؼط‬


‫اٌؼعالد ‪ٚ‬األعثطخ ‪ٚ‬األ‪ٚ‬ربع ف‪ِٕ ٟ‬طمخ اٌرَ‪ٛ‬ض‪ٚ ،‬اٌّضؤ‪ٌٚ‬خ ػٓ صػُ ذًّ ‪ٚ‬ػْ‬
‫اإلٔضبْ سبص ًخ ‪ ٛ٘ٚ‬حبٌش؟‬
‫الغريب يف ىذا اؼبثاؿ أهنم أصبحوا يعرفوف جيدا فوائد ىذه ِ‬
‫الف ْقرات‪ ،‬لكنَّهم يُصروف‬ ‫ً‬
‫على أهنا بقايا تطور؛ ؼباذا‪ :‬ألف ىذه الفقرات يف زبيلهم ىي بقايا ذيل!‬
‫حساسة ينسبوف ؽبا خياالهتم!‬
‫ىم يتخيلوف مث ينسبوف لفقرات تقوـ بوظائف َّ‬
‫عجيب أمر ىؤالء!‬
‫ىل ُوجد إنساف ببقايا ذيل يف تاريخ البشر حىت يضعوا ىذه االفًتاضات؟‬
‫سيجيبك ُدعاة النظرية‪ :‬نعم! ىناؾ أطفاؿ يولدوف بزوائد َغبْميَّة يف أسفل الظهر!‬
‫والرد ببساطة َّ‬
‫أف‪ :‬ىذا كذب صريح على العلم التشروبي لألعضاء‪.‬‬
‫ألف الزوائد اللحمية تظهر يف أي مكاف باعبسم‪ ،‬والفرؽ بُت الزوائد اللحمية وبُت‬
‫الذيل تشروبيا فرؽ جوىري‪ ،‬فالذيل وبتوي على فقرات أو غضاريف‪ ،‬وىذا ما ُيبيز الذيل‬
‫كما تقوؿ الػ‪ The New England Journal of Medicine,‬ىو الفقرات‪ ،‬أما بدوف‬
‫(ٔ)‬
‫ذيال ‪.‬‬
‫الفقرات فال يكوف ً‬
‫والسؤاؿ اآلف‪ :‬ىل ت اكتشاؼ زائدة غبمية واحدة أسفل الظهر هبا فقرات يف تاريخ البشر؟‬
‫ُذبيب الػ ‪ِ Journal of Neurosurgery‬ؾبلَّة جراحة األعصاب‪ ،‬وىي واحدة من‬

‫(ٔ)‪There is no zoological precedent for a vertebral tail without caudal vertebrae‬‬


‫‪Fred Ledley, “Evolution and the Human Tail,” The New England Journal of‬‬
‫‪Medicine, 306 (20): 1212-1215 (May 20, 1982).‬‬

‫‪149‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫أكرب اجملالت الطبية عن ىذا السؤاؿ قائلةً‪" :‬ال توجد زائدة غبمية واحدة يف البشر هبا فِ ْقرات‬
‫(ٔ)‬
‫أو غضاريف أو أي شيء من ىذا القبيل" ‪.‬‬
‫ف ُخرافة بقايا الذيل يف اإلنساف مل يعد ؽبا وجود يف كتب العلم!‬
‫‪ٌ -39‬ىٓ ً٘ ثبٌفؼً ٕ٘بن حزء ِٓ اٌشغ‪٠‬ط اٌخ‪ ٟٕ١‬ثال ‪ٚ‬ظ‪١‬فخ‪،‬‬
‫‪ُ٠‬طٍم‪ ْٛ‬ػٍ‪ ٗ١‬اٌـ‪ DNA‬اٌشغصح ف‪ ٟ‬اإلٔضبْ ‪Junk DNA‬؟‬
‫كانوا يظنوف أف ىناؾ جزءًا من الشريط اعبيٍت بال وظيفة بالفعل يف اإلنساف‪ ،‬وأطلقوا‬
‫عليو لقب‪ DNA :‬خردة‪.‬‬
‫مؤخرا أف الػ‪ DNA‬اػبردة ىو مايسًتو اعبينوـ‪ ،‬ىو مدير‬
‫العجيب واؼبدىش أنو ثبت ً‬
‫عمل اعبينوـ‪.‬‬
‫ىو اؼبنظم ألعقد العمليات اغبيوية يف اعبينوـ‪.‬‬
‫بل ووصفتو ِؾبلَّة الػ ‪ Scientific American‬بػ‪ :‬منبع الكنوز اػبفية!‬

‫‪)1( Even such so-called “tails” aren’t anything like those found in tailed‬‬
‫‪mammals. That is for the simple reason that “true tails” in humans entirely lack‬‬
‫‪vertebrae — or any kind of bone, cartilage, notochord, or spinal cord‬‬
‫‪Roberto Spiegelmann, Edgardo Schinder, Mordejai Mintz, and Alexander‬‬
‫‪Blakstein, “The human tail: a benign stigma,” Journal of Neurosurgery, 63: 461-‬‬
‫)‪462 (1985‬‬
‫نقال عن (الباحثوف اؼبسلموف)‪.‬‬
‫ً‬
‫‪150‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫وتأسس ِعلم عمالؽ على الػ ‪ ،Junk DNA‬وىو علم الػ‪ Epigenetics‬لدراسة‬
‫َّ‬
‫خصائص وعمل الػ‪.Junk DNA‬‬
‫يوما ما أنَّو خردة!‬ ‫ٍ‬ ‫ِعلم كامل َّ‬
‫تأسس على شيء كاف يُعتقد ً‬
‫‪ٌ -41‬ىٓ ً٘ ثُص‪١‬الد شؼغ اإلٔضبْ ثمب‪٠‬ب رط‪ُّٛ‬ع؟‬
‫مثال ب َّ‬
‫أف ىناؾ‬ ‫بُصيالت الشعر ىي أداة لإلحساس؛ وىي خط إنذار أوؿ ُزبربؾ ً‬
‫ضارة‪.‬‬
‫حشرًة َّ‬
‫أيضا للشعر قيمة صبالية ال زبفى‪.‬‬
‫ً‬
‫ىذه أمور يعرفها البشر بطبيعتِهم!‬
‫مؤخرا منذ حوايل أربع سنوات تقريبًا َّ‬
‫أف بُصيالت الشعر تبٍت‬ ‫لكن الغريب أنَّو َّ‬
‫تبُت ً‬
‫الطبقة السطحية للجلد‪ ،‬حيث تقوـ بعمل إعادة ذبديد للطبقة اػبارجية ِ‬
‫للجلد ‪Re-‬‬
‫ترقيعا للجلد مع كل ُجرٍح بسيط‪.‬‬
‫‪ ،epithelialization‬وإال الحتجنا ً‬
‫‪151‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ويف دراسة ِعلميَّة صبيلة تو ً‬


‫كيدا على ىذا الكالـ‪ ،‬أجريت يف العاـ ألفُت وطبسة عشر‬
‫على أربع عشرة حالة هبا جروح تَّ فيها زرع بُصيالت شعر لدراسة دورىا يف التئاـ اعبروح‪،‬‬
‫تبُت من خالؿ الدراسة أف بصيالت الشعر كاف ؽبا دور رئيس يف بناء الطبقة السطحية‬
‫َّ‬
‫للجلد يف كل اغباالت‪ ،‬بل وحصل التعايف التاـ للجميع بعد زرع بُصيالت الشعر!‬

‫وتنتهي الدراسة إىل أف بصيالت الشعر بالفعل ؽبا أنبية ثبتت ِعلميا يف عملية التئاـ‬
‫(ٔ)‬
‫اعبروح ‪.‬‬
‫يوما ما أهنا بقايا تطور‪.‬‬
‫ىذه بصيالت الشعر اليت ظُ َّن ً‬
‫‪)1( Therefore, the present study demonstrated the ability of hair follicle units to‬‬
‫‪promote chronic cutaneous wound healing.‬‬

‫‪152‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫‪ِٚ -41‬بطا ػٓ اٌ ُمشَؼْغ‪٠‬غح؟‬


‫ساسا باالنفعاالت النفسيَّة واؼبعنويَّة‪﴿ :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ‬
‫ال ُق َش ْعريرة مرتبطة أ ً‬
‫ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ﴾ [الزمر‪]ٕٖ :‬‬

‫مؤخرا أف ال ُق َش ْعريرة مسؤولة عن إخراج اؼبادة الدىنية من‬


‫أيضا أنو ثبت ً‬‫لكن الغريب ً‬
‫الغدد الدىنية اؼبنتشرة على اعبِلد‪.‬‬
‫‪ِٚ -42‬بطا ػٓ اٌخفٓ اٌثبٌث ف‪ ٟ‬اإلٔضبْ؟‬
‫اعبفن الثالث لنظافة العُت ولرطوبتها‪.‬‬
‫‪ِٚ -43‬بطا ػٓ اٌؼظبَ ف‪ِِٕ ٟ‬طمخ اٌرَ‪ٛ‬ض ف‪ ٟ‬اٌر‪١‬زبِْ‪ ٟ٘ ً٘ ،‬ثمب‪٠‬ب رط‪ُّٛ‬ع؟‬
‫امتألت اؼبواقع الداعية للتطور هبذه الدعوى!‬

‫لكن نكتشف منذ سنو ٍ‬


‫ات قليلة أف العظاـ يف ِمنطقة اغبوض يف اغبيتاف ىي اليت‬
‫دورا رئيسيا يف التكاثر!‬ ‫سبسك عضالت العضو التناسلي يف اغبوت‪ ،‬أي َّ‬
‫أف ؽبا ً‬
‫تقوؿ ؾبلة الساينس دايلي ‪ Science Daily‬يف ٍ‬
‫مقاؿ ؽبا‪" :‬العظاـ اليت زبيَّلنا أهنا‬
‫(ٔ)‬
‫تبُت أهنا ىامة لعملية التكاثر" ‪.‬‬
‫بقايا تطور َّ‬
‫‪)1( The bones that we used to believe were vestigial turn out to be important to reproduction.‬‬

‫‪153‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫خاصة ستقوـ هبا‪.‬‬


‫كل األعضاء ىي ُمسبقة التجهيز لوظائف َّ‬
‫عرفنا‬
‫كل األعضاء زبضع ؼبنظومة تدبَت اػبَْلق وكماؿ التقدير ودقيق اغبكمة‪ ،‬سواءً َ‬
‫بعد!‬
‫فائدة ىذه األعضاء واغبكمة منها أو مل نعرؼ ُ‬
‫ذرة يف الكوف بال فائدة‪﴿ :‬ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎﰏ﴾ [النمل‪.]ٛٛ :‬‬
‫ال توجد َّ‬
‫لكن أكثر الناس ال يؤمنوف!‬
‫مل أقرأ يف حيايت عن عض ٍو من أعضاء اإلنساف‪ ،‬باعتباره بقايا تطور أو إرث تطوري‬
‫يف أي كتاب طيب على اإلطالؽ‪.‬‬
‫علما‪.‬‬
‫لألسف التطور أصبح أيديولوجيا وليس ً‬

‫‪154‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫وُزُت أ‪ٚ‬ص‪ ٟ‬ث‪ٙ‬ب‬


‫ىذه ؾبموعة ُكتُب أوصي هبا ؼبن يريدوف التصدي للموجة اإلغبادية والدعوة إىل ا﵁‬
‫َ‬
‫على بصَتة وحكمة وعلم يف نقد اإلغباد‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬التفسَت اؼبيسر‪ :‬من أعجب وأيسر التفاسَت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫أوصي أف تقرأ كل يوـ ِو ً‬
‫ردا من القرآف الكرًن‪ ،‬وليكن نصف حزب‪ ،‬تقرأ اآلي َة مث تقرأ‬
‫(ٔ)‬
‫تفسَتىا وىكذا؛ ستنفتح لك أبواب اغبكمة إف شاء ا﵁!‬

‫(ٔ) موقع اؼبصحف اإللكًتوين جبامعة اؼبلك سعود‪ ،‬وبو التفسَت اؼبيسر‪:‬‬
‫‪http://quran.ksu.edu.sa/index.php‬‬

‫‪155‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ٕ‪ -‬معامل السنَّة النبوية للشيخ صاحل الشامي‪ :‬وىذا الكتاب من كنوز وجواىر كتب‬
‫اؼبعاصرين‪ ،‬حيث َصبع فيو الشيخ صاحل الشامي صبيع األحاديث النبوية الصحيحة مع حذؼ‬
‫اؼبكرر‪ ،‬ووضع طريقة جديدة للتبويب تتفق مع متطلبات العصر!‬
‫ُ‬

‫أُوصي بقراءة عشرة أحاديث يوميا من ىذه اؼبوسوعة!‬

‫‪156‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫ٖ‪ -‬كتاب اخًتاؽ عقل للدكتور أضبد إبراىيم‪ :‬وأنا أوصي هبذا الكتاب بشدة يف‬
‫القضايا اؼبتعلقة بالفيزياء واإلغباد؛ ألف الكتاب يناقش ىذه القضايا باحًتافية ِعلميَّة وتدقيق‬
‫(ٔ)‬
‫أيضا ردود على شبهات إغبادية أخرى ـبتلفة ‪.‬‬ ‫وتوثيق‪ ،‬وفيو ً‬

‫(ٔ) كتاب اخًتاؽ عقل‪:‬‬


‫‪http://www.mediafire.com/file/a5lmwvr83tm05ns/%D8%A7%D8%AE%D8%A‬‬
‫‪A%D8%B1%D8%A7%D9%82+%D8%B9%D9%82%D9%84.pdf‬‬

‫‪157‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫ٗ‪ -‬النبأ العظيم للدكتور عبد ا﵁ دراز‪ :‬كتاب فيو من فتوح براىُت إثبات أف القرآف‬
‫(ٔ)‬
‫كالـ ا﵁ الشيء الكثَت ‪.‬‬

‫‪)1( http://www.mediafire.com/file/32x6jpw229woiqb/ar_elnaba_Al3azeem.pdf/file‬‬

‫‪158‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫٘‪ -‬براىُت وجود ا﵁ للدكتور سامي عامري‪ :‬من أصبل وأكثر الكتب دقَّةً وتوس ًعا يف‬
‫(ٔ)‬
‫سرد األدلة على وجود ا﵁ سبحانو ‪.‬‬

‫(ٔ) كتاب براىُت وجود ا﵁‪ ،‬د‪ .‬سامي عامري‪ ،‬على ىذا الرابط‪:‬‬
‫‪https://www.aricr.org/ar/?p=723‬‬

‫‪159‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪ٚ‬ف‪ ٟ‬األس‪١‬غ‬
‫أذكركم ونفسي وكل طالب علم وكل باحث عن اغبق وكل داعية إىل ا﵁؛ أذكركم‬
‫بتجديد نية اإلخالص ﵁ سبحانو‪ ،‬فربكات اإلخالص عظيمة وا﵁‪.‬‬
‫صدؽ!‬
‫إذ ليست العربةُ دبن سبق‪ ،‬إمبا العربةُ دبَن َ‬
‫اؿ‪:‬‬‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم فَػ َق َ‬
‫واإلخالص ىو َمناط قبوؿ العمل؛ « َجاءَ َر ُج ٌل إِ َىل النَِّيب َ‬
‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‪َ :‬ال‬ ‫اؿ رس ُ ِ‬
‫وؿ اللَّو َ‬ ‫س ْاألَ ْجَر َوالذ ْكَر‪َ ،‬ما لَوُ؟ فَػ َق َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ت َر ُج ًال َغَزا يػَْلتَم ُ‬ ‫أََرأَيْ َ‬
‫اؿ‪ :‬إِ َّف اللَّوَ َال يػَ ْقبَ ُل‬‫وؿ اللَّ ِو‪َ :‬ال َش ْيءَ لَوُ‪ُ ،‬مثَّ قَ َ‬ ‫ث مَّر ٍ‬
‫وؿ لَوُ َر ُس ُ‬
‫ات‪ ،‬يػَ ُق ُ‬ ‫َش ْيءَ لَوُ‪ ،‬فَأَ َع َاد َىا ثََال َ َ‬
‫(ٔ)‬ ‫ِ‬
‫صا‪َ ،‬وابْػتُغِ َي بِِو َو ْج ُهوُ» ‪.‬‬‫م َن الْ َع َم ِل إَِّال َما َكا َف لَوُ َخال ً‬
‫ِ‬
‫واؼبخلصوف الذين مل تغَُّرىم لُ َعاعة الدنيا ىم َّأوؿ َمن يدخل اعبنة يوـ القيامة؛ قاؿ‬
‫ِ‬ ‫رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم‪« :‬ىل تَ ْدرو َف أََّو َؿ من ي ْدخل ْ ِ‬
‫اعبَنَّةَ م ْن َخ ْل ِق اللَّو؟ قَالُوا‪ :‬اللَّوُ‬ ‫َْ َ ُُ‬ ‫َْ ُ‬
‫ين تُ َسد هبِِ ُم‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫اؿ‪ :‬أََّو ُؿ من ي ْدخل ْ ِ‬
‫اعبَنَّةَ م ْن َخ ْلق اللو الْ ُف َقَراءُ َوالْ ُم َهاج ُرو َف‪ ،‬الذ َ‬ ‫َْ َ ُُ‬ ‫َوَر ُسولُوُ أَ ْع ُ‬
‫لم‪ ،‬قَ َ‬
‫(ٕ)‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ضاءً» ‪.‬‬ ‫يع َؽبَا قَ َ‬‫ص ْد ِرهِ‪َ ،‬ال يَ ْستَط ُ‬
‫اجتُوُ ِيف َ‬ ‫ور‪َ ،‬ويػُتَّػ َقى هب ُم الْ َمكا ِرهُ‪َ ،‬وَيبُ ُ‬
‫وت أَ َح ُد ُى ْم َو َح َ‬ ‫الثػغُ ُ‬
‫واإلخالص والتقوى يتبعهما العطاء‪ ،‬قاؿ ربنا سبحانو‪﴿ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ﴾ [طو‪.]ٕٔٔ :‬‬
‫﴿ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ﴾ [الطالؽ‪]ٕ :‬‬

‫﴿ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ﴾ [الطالؽ‪]ٗ :‬‬

‫فهذه قاعدة متكررة بوتَتة ثابتة يف القرآف الكرًن‪ :‬االتباع يتبعو العطاء!‬

‫(ٔ) صحيح النسائي‪ ،‬ح‪.ٖٔٗٓ:‬‬


‫(ٕ) مسند اإلماـ أضبد‪ ،‬ح‪ ،ٜٔٔٙٓٙ:‬حكم ا﵀دث‪ :‬صحيح‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫واعلم أف ِمفتاح النصر على اؼبلحدين ىو باإلخالص والتقوى والصرب!‬


‫قاؿ ا﵁ عز وجل‪﴿ :‬ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ‬
‫ﮄ﴾ [السجدة‪.]ٕٗ :‬‬
‫بالصرب عن معصية ا﵁‪ ،‬والصرب على الطاعة‪ ،‬والصرب على الدعوة إىل ا﵁ سبحانو‪ ،‬أما‬
‫اسخ والطمأنينة با﵁ وبنصره سبحانو!‬
‫العلم الر َ‬
‫يتضم ُن َ‬
‫اليقُت ف َّ‬
‫قلوب العباد‪.‬‬
‫ويفتح ا﵁ لك َ‬ ‫فبالصرب واليقُت تُناؿ اإلمامة يف الدين‪ِ ،‬‬
‫استغف ْر ثانية‪ ،‬وىكذا؛‬ ‫ِ‬ ‫دت للمعصية‬ ‫ِ‬
‫ضعفت وعُ َ‬ ‫َ‬ ‫فاستغف ْر‪،‬‬ ‫أذنبت‬
‫ضعفت و َ‬ ‫َ‬ ‫وإذا‬
‫وإيَّاؾ أف سبََ َّل‪ ،‬وأكثِْر من قوؿ‪ :‬سبحاف ا﵁‪ ،‬واغبمد ﵁‪ ،‬وال إلو إال ا﵁‪ ،‬وا﵁ أكرب‪ ،‬فهو‬
‫أحب الكالـ إىل ا﵁‪ ،‬قاؿ رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم‪« :‬أَ َحب الْ َك َالِـ إِ َىل اللَّ ِو تَػ َع َاىل‬
‫(ٔ)‬ ‫أَربع‪ :‬سبحا َف اللَّ ِو‪ ،‬و ْ ِ ِ‬
‫ت» ‪.‬‬ ‫ضرَؾ بِأي ِه َّن بَ َدأْ َ‬
‫اغبَ ْم ُد للَّو‪َ ،‬وَال إِلَ َو إَِّال اللَّوُ‪َ ،‬واللَّوُ أَ ْكبَػ ُر‪َ ،‬وَال يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ ٌ ُ ْ َ‬
‫(ٕ)‬ ‫ِ‬
‫أيضا عن النيب صلى ا﵁ عليو وسلم ‪.‬‬ ‫فهذا الذكر يُساقط ذنوب العبد كما ورد ً‬
‫اؼ الْ َع ُد َّو‬‫ض َّن بِالْ َم ِاؿ أَ ْف يػُْن ِف َقوُ‪َ ،‬و َخ َ‬
‫بل وقاؿ رسوؿ ا﵁ صلى ا﵁ عليو وسلم‪َ « :‬م ْن َ‬
‫اغبَ ْم ُد لِلَّ ِو‪َ ،‬وَال إِلَ َو إَِّال‬
‫اب اللَّْي َل أَ ْف يُ َكابِ َدهُ‪ ،‬فَػ ْليُ ْكثِْر ِم ْن قَػ ْوِؿ‪ُ :‬سْب َحا َف اللَّ ِو‪َ ،‬و ْ‬ ‫ِ‬
‫أَ ْف ُهبَاى َدهُ‪َ ،‬وَى َ‬
‫(ٖ)‬
‫اللَّوُ‪َ ،‬واللَّوُ أَ ْكبَػ ُر ‪.‬‬
‫ٍ‬
‫دبعصية منا‪.‬‬ ‫نفسك أوًال بأوؿ‪ ،‬وعليك أف تعلم أنو ال يظهر ملحد إال‬ ‫بادر بتطهَت ِ‬ ‫ِ‬
‫دائما ْ‬
‫ف ً‬
‫عافانا ا﵁ وإياكم وأصلح ا﵁ اؼبلحدين ؼبا فيو اػبَت والصالح ؽبم‪ .‬آمُت‬

‫(ٔ) صحيح مسلم‪ ،‬ح‪.ٕٖٔٚ:‬‬


‫(ٕ) صحيح اعبامع‪ ،‬ح‪.ٔٙٓٔ:‬‬
‫(ٖ) السلسلة الصحيحة‪ ،‬ـ‪ ٙ‬صٕ‪.ٗٛ‬‬

‫‪161‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫اٌف‪ٙ‬غس‬
‫مقدمة الكتاب (لصوص اآلخرة)‪5 .................................................. :‬‬
‫ومن ىي الفئة اؼبستهدفة منو؟‪8 ..................................‬‬
‫‪ -1‬ؼباذا ىذا اؼبشروع َ‬
‫‪ -2‬ما ىو أقصر طريق لتحصيل اليقُت للمسلم واؼبتشكك؟‪11 .........................‬‬
‫ُ‬
‫‪ -3‬ما ىو اإلغباد‪ ،‬وما ىي تقسيمات أتباعو؟‪12 .....................................‬‬
‫‪ -4‬مىت بدأ اإلغباد؟‪14 ............................................................‬‬
‫‪ -5‬كيف بدأ اإلغباد؟‪15 ..........................................................‬‬
‫‪ -6‬كيف بدأت الطبيعة؟ كيف بدأ الكوف؟ ‪21 ......................................‬‬
‫‪ -7‬ما اؼبانع أف تكوف ىناؾ قوانُت قبل ظهور كوننا؟ ‪24 ...............................‬‬
‫‪ -8‬ردبا يف اؼبستقبل نعرؼ كيف ظهر الكوف؟‪26 .....................................‬‬
‫‪ -9‬ما اؼبانع أف تكوف ىناؾ أكواف وكوننا أتى بينها؟ ‪27 ...............................‬‬
‫‪ -11‬ما اؼبانع أف يكوف الكوف أتى بالصدفة؟‪31 .....................................‬‬
‫‪ -11‬ىل مفهوـ السببيَّة لو وجود غبظة ظهور الكوف؟ ‪31 .............................‬‬
‫‪ -12‬ىل السببيَّة غَت موجودة يف عامل ميكانيك الكم؟ ‪36 ............................‬‬
‫‪ -13‬ىل ىناؾ جسيمات زبرج باستمرار من الفراغ الكوانيت؟ ‪39 ......................‬‬
‫‪ -14‬ما ىي دالئل وجود اػبالق؟ ‪41 ...............................................‬‬
‫‪ -15‬ؼباذا ال تكوف ىناؾ حضارة عظيمة قبل كوننا؟‪54 ...............................‬‬
‫‪ -16‬كيف تقولوف إف الطاقة ظهرت مع ظهور الكوف؟‪58 ............................‬‬
‫‪ -17‬فرضيات إلثبات أزلية الطاقة؟‪62 ..............................................‬‬

‫‪162‬‬
‫تفنيد آراء امللحدين يف الكون واحلياة‬

‫‪ -18‬ؼباذا حجم الكوف كبَت؟ ‪64 ...................................................‬‬


‫‪ -19‬كيف نكوف كبن البشر يف مركز ىذا الكوف؟ ‪67 ................................‬‬
‫‪ -21‬ىل من الطبيعي اإلتقاف على األرض لكثرة الكواكب؟ ‪71 .......................‬‬
‫‪ -21‬كيف بدأت اؼبعلومة؟ كيف بدأت الشفرة اعبينية؟ ‪78 ...........................‬‬
‫‪ -22‬كيف بدأت اغبياة؟ كيف ظهرت اغبياة؟‪88 ....................................‬‬
‫‪ -23‬ىل وبق للملحد استخداـ حجة اإليباف بأف اؼبستقبل قد هبيبنا؟ ‪92 ...............‬‬
‫‪ -24‬ىل العلم استطاع إهباد حياة كما يف ذبربة كريج فنًت؟ ‪96 ........................‬‬
‫‪ -25‬ماذا عن مشروع ريتشارد دوكينز يف تفسَت ظهور الشفرة بالصدفة؟ ‪99 .............‬‬
‫تعقيدا؟‪112 ....................‬‬
‫وصورا أقل ً‬ ‫‪ -26‬أال ربمل الطبيعة ً‬
‫صورا حياتية معقدة ً‬
‫تطورا للعُت خالؿ البحث يف األحافَت؟ ‪118 ....................‬‬
‫‪ -27‬ىل كبن رصدنا ً‬
‫‪ -28‬ىل ىناؾ عامل من الػ‪ RNA‬قبل ظهور الػ‪ ،DNA‬ىل ىذا الكالـ صحيح؟ ‪119 ...‬‬
‫‪ -29‬ىل االنتخاب الطبيعي نظرية ِعلميَّة‪ ،‬أـ ىو زبمُت فلسفي؟ ‪111 .................‬‬
‫‪ -31‬ىل الطفرات والتطور الصغَت يؤدياف إىل تطور كبَت؟‪116 ........................‬‬
‫‪ -31‬أمل ربصد نظرية التطور جائزة نوبل يف الكيمياء للعاـ ‪2118‬؟‪121 ..............‬‬
‫‪ -32‬بنظرية االحتماالت كم كبتاج لتثبيت طفرتُت نافعتُت؟ ‪125 ......................‬‬
‫‪ -33‬ىل ىناؾ التحاـ جرى بُت كروموسومُت يف اإلنساف؟ ‪128 ......................‬‬
‫‪ -34‬ؼباذا فرع العصب اغبائر يدور حوؿ األورطي؟ ‪134 ..............................‬‬
‫‪ -35‬ىل ىناؾ شفرة لفَتوس النسخ العكسي يف جينوـ اإلنساف والشمبانزي؟ ‪136 .....‬‬
‫‪ -36‬ما ىي حقيقة األعضاء األثرية يف جسم اإلنساف؟‪141 ..........................‬‬

‫‪163‬‬
‫لصوص اآلخرة‬

‫‪ -37‬ضرس العقل ىل ىو بقايا تطور؟‪148 .........................................‬‬


‫‪ -38‬ما ىي أنبية الفقرات العُصعصية؟ ‪149 ........................................‬‬
‫‪ -39‬ىل ىناؾ ما يعرؼ بالػ‪ DNA‬اػبردة؟‪151 .....................................‬‬
‫‪ -41‬ىل بصيالت شعر اإلنساف بقايا تطور؟‪151 ...................................‬‬
‫‪ -41‬ىل ال ُق َش ْعريرة بقايا تطور؟ ‪153 ...............................................‬‬
‫‪ -42‬ىل اعبفن الثالث يف اإلنساف بقايا تطور؟ ‪153 .................................‬‬
‫‪ -43‬ىل عظاـ اغبَوض يف اغبيتاف بقايا تطور؟‪153 ..................................‬‬
‫كتب أوصي هبا ‪155 ..............................................................‬‬
‫ويف األخَت ‪161 ...................................................................‬‬

‫‪164‬‬

You might also like