You are on page 1of 15

‫األمن الصناعي‬

‫أوال ‪:‬المقدمة‬
‫يعود ظهور مفهوم األمن الصناعي إلى الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا وأمريكا‪،‬فلقد ظهرت‬
‫بوادر الثورة الصناعية في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر‪،‬و كان من أهم المتغيرات التي‬
‫صاحبت ذلك هو إحالل اآللة محل اإلنسان العامل‪.‬‬
‫ولقد اعتبرت الصناعة النشاط األكثر خطرا على اإلنسان‪،‬وخسائرها في األرواح و الجرحى تفوق‬
‫بدرجة كبيرة خسائر ما تخلفه الحروب‪ .‬فلقد أشار مكتب العمل الدولي في تقديره عن الحوادث‬
‫الصناعية في بريطانيا في الفترة من ‪ 1939‬ـ‪ 1945‬م ( و هي فترة الحرب العالمية الثانية ) ‪ ,‬ان‬
‫عدد ضحايا الحوادث الصناعية فاق عدد ضحايا الحرب العالمية نفسها‪.‬‬
‫و زيادة على ذلك فقد ظهرت األمراض المهنية أي األمراض التي تسببها الصناعة نفسها ‪ ,‬فأصبح‬
‫من المستحيل تجاهلها ‪ ,‬هذا باإلضافة إلى ما رافق ذلك من الكوارث الصناعية ‪ .‬فان الثورة‬
‫الصناعية قد تمخض عنها آثار ضارة‪ ،‬في سبيل زيادة اإلنتاج كان ال بد من تدابير و إجراءات يجب‬
‫اتخاذها من اجل حماية العنصر البشري من هذه اآلثار و هذا يعني االهتمام بأمر السالمة و األمن‬
‫الصناعي كتدابير علمية حتى يمكن تفادي تلك اآلثار ‪.‬‬
‫ما دمنا نتكلم على األمن الصناعي ‪ ،‬فمن المناسب ان نتحدث عن بعض المفاهيم التي تشكل‬
‫موضوعه ‪ ،‬ماهيته و أهدافه ‪.‬‬
‫يمكن تعريف األمن الصناعي عالميا بأنه ( الصحة و السالمة المهنية )‬
‫حيث يعني األمن الصناعي بتوفير ظروف العمل اآلمنة و الصحية المناسبة في أماكن العمل ‪ .‬و‬
‫ذلك عن طريق الدراسة المسبقة لكافة المخاطر المتوقعة التي قد تنشا في المراحل المختلفة التي‬
‫تمر بها العملية اإلنتاجية منذ البدء في التفكير في اختيار موقع المنشاة إلى آخر مرحلة من مراحل‬
‫اإلنتاج ‪ ,‬مع وضع تدابير السالمة الوقائية التي تستهدف بالدرجة األولى منع وقوع هذه المخاطر و‬
‫العمل تطويقها و الحد من انعكاساتها عند حدوثها ‪ ,‬و الشك ان الهدف من كل هذه التدابير هو‬
‫توفير الحماية الكاملة و الشاملة لكل عناصر اإلنتاج و في مقدمتها العنصر البشري الذي يعتبر‬
‫بمثابة المحور األساسي في العملية الصناعية لكل هذه التدابير الوقائية بما يكفل تحقيق الكفاية‬
‫اإلنتاجية و يؤمن أسباب التقدم و االزدهار‪.‬‬

‫المخاطــر الصناعيـة ‪:‬‬

‫إن المخاطر الصناعية هي نوع من األزمنة األمنية و لكن لها خصوصياتها و اختالفها عن باقي‬
‫األزمات األمنية ‪ ,‬و لكن في نفس الوقت تشترك مع األزمة األمنية في أمور عديدة منها ‪:‬‬
‫‪1‬ـ المفاجأة ‪:‬‬
‫غالبا ما تكون األزمة الصناعية مفاجأة و غير متوقعة و على األقل في الوقت الذي حدثت فيه لذلك‬
‫تشكل مفاجأة في وقت حدوثها كما ان أحداثها تتسم بالمداهمة مما يصيب األجهزة األمنية باإلرباك‬
‫إذا لم تكن قد أعدت العدة مسبقا لمواجهة مثل هذه األزمة ‪.‬‬
‫‪2‬ـ سرعـة و تتابع األحداث ‪:‬‬
‫عادة ما تتسم األحداث المشكلة لالزمة األمنية بالسرعة و التتابع فتتوالى االنعكاسات المختلفة التي‬
‫قادتها في حالة األمن و تندر باتساع رقعة المخاطر و هو ما يتطلب السرعة في التعامل مع‬
‫األحداث و مواجهتها و السيطرة عليها و الحد من نطاق انتشارها لهذا كان من اول مهام أجهزة‬
‫األمن االنتقال السريع لمكان الطوارئ و محاصرة اثاره و تطويق نتائجه ‪.‬‬

‫‪3‬ـ الدرجة العالية من التوتر النفسي ‪:‬‬


‫صاحب األزمة األمنية ‪ ,‬و كذلك الصناعية درجة عالية من التوتر النفسي ‪ ,‬فعندما تتصاعد األحداث‬
‫المشكلة لالزمة األمنية ‪ ,‬فان جوا من التوتر النفسي غالبا ما يسود مسرح األحداث ‪ ,‬مما يؤثر‬
‫على سالمة القرار و حسن التصرف في مواجهة األحداث ‪.‬‬
‫‪4‬ـ اتساع نطاق األحداث ‪:‬‬
‫نظرا لما تتسم به األزمة من سرعة و تتابع فان نطاق األحداث غالبا ما يتسع ليمتد الى مناطق‬
‫مجاورة لم تكن في الحسبان كما أن األحداث األمنية المتداعية غالبا ما يكون لها انعكاسات واسعة‬
‫النطاق مما يلقي على أجهزة األمن واجبات إضافية لمنع انتشار األخطار المصاحبة لالزمة ‪.‬‬
‫‪5‬ـ عدم توفر المعلومات الكافية عن األزمة أو الكارثة ‪:‬‬
‫كثيرا ما تتسم أحداث الكارثة الصناعية بالنقص في البيانات و عدم توفر المعلومات عن حجم و‬
‫أسباب الكارثة لليست بالدقة مما يؤثر على سالمة تقدير الموقف و بالتالي تتسم اإلجراءات حيالها‬
‫بالتسرع و االرتجال ‪.‬‬

‫‪6‬ـ تعدد األجهزة المشاركة ‪:‬‬


‫تعتبر مشكلة حوادث العمل من أكثر المشاكل التي تسبب خسائر فادحة لكل من العمال و أصحاب و‬
‫األعمال ‪.‬‬
‫المجلس القومي للمن الصناعي ‪The national safety council‬‬
‫تقريرا يشير إلى ان الحوادث الصناعية تسبب خسائر قيمتها ‪ 3‬بليون ‪ billion‬دوالر سنويا ‪ ,‬و‬
‫متوسط نصيب خسارة العامل الواحد نحو خمسين دوالرا سنويا ‪ ,‬و الشك ان الخسائر المالية‬
‫فادحة و لكننا اذا نظرنا إلى قيمة الحياة و إلى األطراف التي يفقدها اإلنسان لوجدنا ان الموقف ال‬
‫يمثل مشكلة و حسب و لكنه يمثل مأساة كبرى ‪.‬‬
‫و بطبيعة الحال فان موضوع األمن الصناعي و حوادث العمل من الموضوعات الهامة التي يهتم‬
‫ببحثها علماء النفس في الصناعة ‪ ,‬و ينبغي إجراء البحوث العلمية و الموضوعية بالوقوف على‬
‫أسباب الحوادث و لوضع الوسائل التي تمنع حدوثها و التي تزيد من إجراءات األمن الصناعي‬
‫عامة ‪.‬‬
‫و الواقع ان مشكلة حوادث العمل تمثل مشكلة كبرى إنسانية و اجتماعية و اقتصادية ‪ ,‬و لبيان‬
‫ضخامة هذه المشكلة يقول جاكوبس ‪ jacobs‬أن اإلحصاءات تشير انه في الواليات المتحدة‬
‫األمريكية وحدها في أي عام من األعوام يقتل حوالي ‪ 100‬ألف شخص و يصاب حوالي عشرة‬
‫مليون شخص نتيجة الحوادث ‪.‬‬
‫ففي عام ‪ 1962‬على سبيل المثال قتل ‪ 97‬ألفا نتيجة للحوادث منها حوالي ‪ % 50‬ترجع إلى‬
‫حوادث السيارات و ‪% 25‬حوادث وقعت في المنازل ‪ %15 ,‬من الحوادث وقعت في أماكن‬
‫العمل ‪.‬‬
‫و لقد كشفت معظم الدراسات التي أجريت في مجال حوادث العمل ان العوامل البشرية او العنصر‬
‫البشري هو السبب الرئيسي في وقوع معظم الحوادث أي معظم الحوادث ترجع إلى أمور المسئول‬
‫عنها اإلنسان ‪.‬‬
‫تعتبر المبادئ السيكولوجية للسلوك اإلنساني في العمل من األمور الهامة التي تساعد على الوقاية‬
‫من الحوادث ‪Accident privontion‬‬
‫و على سبيل المثال فقد أشار بعض البحاث إلى أن سالمة العامل ماهي اال عملية تعليمية‬
‫‪ Learning function‬و توضح هذه الحقيقة دراسة أجريت على سائقي الباصات إحدى المدن‬
‫حيث حضروا برنامج للتدريب على الوقاية من الحوادث لمدة ‪ 2/4‬أسبوعا و بعدها أدوا امتحانا‬
‫ثبتت فيه صالحيتهم للقيام بأعمالهم و لقد سجل معدل ارتكابهم للحوادث خالل ‪ 17‬شهرا ووجد ان‬
‫هذا المعدل استمر في الهبوط طوال هذه المدة و تعداها إلى ما بعدها ومعنى ذلك أن التدريب فائدة‬
‫كبيرة للوقاية من الحوادث ‪.‬‬
‫بالرغم من تعدد العوامل السيكولوجية التي تكمن في مشكلة الحماية من الحوادث هناك اتجاه قوي‬
‫في كثير من الشركات إلهمال االتجاه السيكولوجي في وضع استراتيجية منع الحوادث ‪ ,‬و يرجع‬
‫السبب في ذلك إلى أن مهندسي األمن الصناعي لم يدرسوا أو يتدربوا في مجاالت السلوك اإلنساني‬
‫‪ ,‬أي في علم النفس ‪.‬‬
‫و لكن إسهامات علم النفس ال ينبغي التقليل من شانها و الحقيقة ان مشكلة الوقاية من الحوادث و‬
‫تقليلها تحتاج الى تعاون السيكولوجي و المهندس ‪ ,‬فالمعرفة السيكولوجية تكمل المعرفة الهندسية‬
‫‪.‬‬
‫و هنا نتساءل هل من الممكن ان يقوم المهندس بتصميم جهاز لألمن يكون آمنا و سالما كلية‬
‫بصرف النظر عن نوعية العامل ؟‬
‫ال يستطيع المهندس ان يخترع مثل هذا الجهاز و الذي يمكن للعامل أن يديره بأعلى مستوى من‬
‫الكفاية و االقتصاد اذ ال بد من اخذ العنصر اإلنساني في االعتبار ‪.‬‬
‫إن األجهزة اآلمنة تصبح شديدة الخطورة في ايدي بعض العمال و لذلك‬
‫يتطلب تصميما و عناية خاصة بالعنصر البشري ‪Human element‬‬

‫تعريــف الحــوادث ‪:‬‬


‫بعد توضيح أهمية العنصر اإلنساني في وقوع حوادث العمل نتساءل ماهو المقصود بالحادثة ‪ ,‬إن‬
‫المشتغلين بميدان األمن الصناعي يعرفون الحادثة بتعريفات مختلفة ‪.‬فمثال إذا سقط العامل من‬
‫فوق السلم الذي كان ترتقيه و لكنه لم يصب بأية إصابة و لم تحدث خسائر او تدمير ألي آلة أو‬
‫جهاز ‪ ,‬فهل تعتبر هذه الحادثة أم ال ( في الغالب ما تكون اإلجابة بالنفي ) و ماهو الموقف بالنسبة‬
‫لعامل آخر يسقط أيضا من فوق السلم و ينتج عن ذلك حدوث رض أو قصع أو التواء في كعبه فهل‬
‫تعد هذه حادثة ؟‬
‫في الواقع أننا في مثل هذه الحاالت لدينا حدث من السلوك ينبغي ان نسميه حادثة ‪ ,‬و بطبيعة الحال‬
‫هناك فروق واسعة بين الحوادث ‪ ,‬فهناك نتائج مختلفة للحوادث تتراوح ما بين مجرد حدوث بعض‬
‫الرضوض الخفيفة او حصول إصابات قاتلة أو خطيرة تؤدي إلى الوفاة و كل هذه اإلصابات‬
‫الخفيفة و الخطيرة من الممكن ان تنتج من حدث واحد هو سقوط السلم و أن االختالف يحدث في‬
‫النتائج ‪.‬‬
‫و تعرف الحادثة ‪ Accident‬بمعناها الواسع هي كل ما يحدث دون ان يكون متوقع الحدوث مما‬
‫ينجم عنه في العادة ضرر للناس أو األشياء ‪ ,‬فلو ترتب عليها إصابة احد من الناس سميت إصابة ‪.‬‬
‫و قد جرى العرف في قياس األمن الصناعي على أن تقتصر اإلصابات على تلك التي تقعد العامل‬
‫المصاب عن العمل أكثر من يوم واحد او أكثر من مصوب العمل التي وقعت فيها اإلصابة ‪.‬‬
‫تصنيــف الحوادث ‪:‬‬
‫يمكن تصنيف حوادث العمل بطرق مختلفة ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ من حيث نوعها إلى حوادث مرور أو حوادث مناجم او حوادث طائرات او الى حوادث خطيرة و‬
‫أخرى غير خطيرة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ من حيث نتائجها إلى حوادث تتلف اآلالت أو المنتجات او تصيب األشخاص بإصابات مختلفة‬
‫كالحروق و الكسور و فقد الحواس او األعضاء أو التشويهات المختلفة أو الموت ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ من حيث خطورتها إلى حوادث مميتة و حوادث تؤدي إلى عجز كلي دائم كفقد العينين أو اليدين‬
‫و أخرى تؤدي إلى عجز دائم كفقد عين واحدة او يدا واحدة و حوادث تؤدي الى عجز كلي مؤقت‬
‫أي يمنع العامل من العمل لفترة معينة و أخرى تحتاج إلى إسعافات أولية ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ من حيث أسبابها الى حوادث ترجع في المقام األول إلى عوامل بشرية كإهمال العامل او شرود‬
‫ذهنه او ضعف ذكائه أو قلة خبرته او عجزه عن ضبط نفسه ‪ ,‬و حوادث ترجع في المقام األول إلى‬
‫عوامل مادية أو ميكانيكية كسقوط أشياء على العامل او انفجار بعض المواد او تلف مفاجئ بعض‬
‫المواد أو إلى تلف مفاجئ في بعض اآلالت و قد وجد أن حوادث الصنف األول تتراوح نسبتها من‬
‫‪ 80‬إلى ‪ % 90‬و ان حوادث الصنف الثاني تتراوح بين ‪ 10‬و ‪ % 20‬من حوادث الصناعة و لبعل‬
‫هذا ما يشير إلى أهمية العامل اإلنساني و رجحانه في وقوع الحوادث ‪.‬‬
‫النظريــات التي تفسر الحوادث ‪:‬‬
‫للحوادث أسباب كثيرة سواء كانت إنسانية او خارجية و نعرض اآلراء المختلفة المتعلقة بنشوء‬
‫الحوادث ‪.‬‬
‫النظريــة القدرية ‪:‬‬
‫أصحاب هذه النظرية يرون ان الناس صنفان احدهما سعيد الحظ و اآلخر تعيس الحظ فمنهم من‬
‫لديه حصانه ضد الحوادث و اآلخر أكثر قابلية للحوادث ‪.‬‬
‫و يفسرون ذلك و يرجعونه إلى القدر و لكننا نرفض هذه النظرية ألنها تقوم على وجهة نظر‬
‫ينقصها المنطق العلمي ‪.‬‬
‫النظريــة العلميــة ‪:‬‬
‫و نقول هذه النظرية أن الشخص دائم اإلصابة إنما يعاني خلال جسديا أو عصبيا و ان هذا الخلل هو‬
‫السبب في هذه الحوادث و نحن نفكر أن يكون هذا هو السبب القوي الفعال في هذه الحوادث‬
‫المتكررة ‪.‬‬
‫نظريــة التحليل النفسـي ‪:‬‬
‫و تعتبر هذه النظرية الحوادث إنما هي أفعال مقصودة ال شعورية و يعتقد أصحاب هذه المدرسة‬
‫التحليلية أن اإلصابة الجسدية إنما هي عدوان ال شعوري موجه للذات و يعتبر فرويد أن سبب‬
‫معظم الحوادث هو الدافعية الالشعورية ‪.‬‬
‫نظريــة علم النفس التجريبــي ‪:‬‬
‫هذه النظرية تقول أن للحوادث أسبابا كثيرة و متعددة و العامل يقع تحت تأثيرات كثيرة و متغيرة و‬
‫إذا كان هناك أسباب متعددة للحوادث فان لها أيضا أهداف متعددة فقد يكون الدافع لها الرغبة في‬
‫الحصول على تعويض مادي أو في تخفيف المسؤولية عن نفسه ‪.‬‬
‫العــوامل المسسبــة للحوادث ‪:‬‬
‫تختلف األهمية النسبية للعوامل الداخلية و الخارجية باختالف نوع العمل و ظروفه و تكوين العامل‬
‫النفسي و البيولوجي ففي الصناعات التي تحف بها المخاطر كصناعة المفرقعات أو الغازات‬
‫السامة أو المناجم يزداد اثر العوامل الخارجية ‪.‬‬
‫إن العوامل الشخصية عميقة األثر ‪,‬حتى في الصناعات غير المعرضة لألخطار و مما يجدر ذكره‬
‫أن العوامل الخارجية وحدها أو الداخلية وحدها قد ال تؤدي إلى وقوع حوادث أو إلى عدد كبير من‬
‫الحوادث ‪ ,‬و لكن تضافر هذين النوعين من العوامل هو ما يؤدي إلى وقوع الحوادث بنسبة كبيرة‬
‫كسرة اإلضاءة مع ضعف األبصار عند العامل أو سوء وضع اآللة بين عامل عصبي أو مندفع ‪.‬‬
‫و بعبارة أخرى نقول أن العوامل الخارجية ال اثر لها إال إذا تجاوبت و تفاعلت مع شخصية ذاتية‬
‫هي التكوين الجسمي و النفسي للعامل و خبراته و تدريبه و مزاجه‪.‬‬
‫األسباب الشخصية للحوادث ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الذكاء ‪:‬‬
‫يميل التفكير الشائع أن الشخص الغبي يتعرض للحوادث أكثر من الذكي ‪ ,‬و لكن الدراسات العلمية‬
‫ال تجد من النتائج ما يبرر هذا التعميم ‪.‬‬
‫و لقد قام ( فارمر و شامبرز ‪( Farmer and chambers‬‬
‫بدراسة هذه المشكلة و لم يجد أي ارتباط بين تقديرات الذكاء و بين تعدد الحوادث بين العمال ‪ ,‬و‬
‫لقد اقترح أن الذكاء يرتبط بالحوادث التي تتضمن أخطاء في الحكم و ال يرتبط بتلك التي تتضمن‬
‫مهارات يدوية ‪ ,‬و يفسر هذا االقتراح عدم وجود ارتباط في دراسة فرامرز و شامبرز ‪.‬‬
‫‪2‬ـ حدة البصــر ‪:‬‬
‫ان مدى مدة البصر و سالمته عامل يسهم في التعرض للحوادث و هناك من الشواهد ما يدل على‬
‫هذا ‪ ,‬و قد قام (تيفين ) و زميل له بتحديد ما تتطلبه كل جماعة عاملة من مطالب بصرية و ذلك‬
‫بالنسبة ألثنى عشر مجموعة من العاملين ثم فحصوا لتبين ما إذا كانت الخواص البصرية الالزمة‬
‫متوافرة لدى كل فرد في هذه المجموعات أم ال ‪ .‬و لقد بينت النتائج أن نسبة العاملين الذين لم‬
‫يتعرضوا للحوادث كانت أعلى بين الذين نجحوا في االختبار أو الفحص عن أولئك الذين رسبوا و‬
‫ذلك في إحدى عشر مجموعة ولم توجد فروق في مجموعة واحدة ‪ ,‬و قد تكونت كلية من عمال‬
‫غير مهرة ‪.‬‬
‫‪2‬ـ التوافق أو التآزر الحركي ‪:‬‬
‫لقد عزل بعض الباحثين التوافق العضلي كعامل له تأثير على االستهداف للحوادث و يبدو من‬
‫المعقول أن نفترض أن البطء في االستجابة تؤثر في تكرار الحوادث ‪ ,‬و مع هذا فقد ظهر أن‬
‫السرعة في االستجابة في حد ذاتها ليس لها عالقة ذات داللة بتكرار الحوادث في الصناعة ‪.‬و لكن‬
‫يبدو أن االستجابات األكثر تعقيدا هامة‪ .‬و قد استخدم فارمر و شامبرز بطارية من االختبارات‬
‫تتكون من اختبار تنقيط ‪ ,‬و أداة لقياس سرعة االستجابة لإلشارة ‪.‬و اختبارا آخر يتطلب أن يغير‬
‫المفحوص أداءه العضلي بما يتفق مع اإلرشادات المتغيرة‪.‬‬
‫و حين قسم ‪ 500‬من العاملين إلى مجموعتين على أساس تقديراتهم إلى مجموعة متفوقة في‬
‫األداء و مجموعة اقل نفوقا ‪ ,‬وجد أن المجموعة األخيرة تعرضت إلى ‪ % 48‬من الحوادث أكثر‬
‫من المجموعة المتفوقة ‪.‬‬
‫و معنى هذا أن االرتباك و نقص المهارة و بطئ االستجابة و ما تتعرض له أعضاء الحس من‬
‫عيوب يسهم في وقوع الحوادث ‪ ,‬و بناءا على ذلك يصعب على األشخاص الضعاف في هذه‬
‫النواحي الحسية الحركية تجنب المواقف التي تعرضهم لإلصابة بالحوادث ‪ ,‬و قد ال يكون هؤالء‬
‫األشخاص مهملين أو مندفعين ‪ ,‬و مع ذلك يتعرضون للحوادث ‪.‬‬
‫‪4‬ـ الســن و الخبـرة‪:‬‬
‫يوضح الشكل التالي العالقة بين الخبرة و الحوادث فوجد أن ‪%50‬‬
‫من األفراد قد أصيبوا بحوادث في الستة اشهر األولى من عملهم و كانت النسبة ‪ % 33‬في‬
‫الشهور الستة التالية و كانت نسبة من أصيبوا في حوادث بعد أن قضوا عامين و نصف في عملهم‬
‫هي ‪‰ 3‬‬
‫و نسبة اإلصابة بين الموظفين الجدد عالية إلى حد ملحوظ في الشهور القليلة االولى من عملهم‬
‫عنها في الشهور او السنوات التالية ‪.‬‬
‫شكل ‪12‬العالقة بين الحوادث التي وقعت للشباب و بين سنوات الخبرة ‪:‬‬
‫ففي إحدى المؤسسات الصناعية للمعادن كان وقوع الحوادث لمجموعتين من العمال بين ‪ 5‬و ‪6‬‬
‫في األلف خالل الشهر األول و في الشهر الثالث نقصت هذه النسبة فأصبحت تتراوح بين ‪ 4‬و ‪5‬‬
‫في األلف و في نهاية الشهر السادس انخفضت تلك النسبة فأصبحت ‪ 6‬و ‪ 3‬في األلف ‪.‬‬
‫و أوجدت هاتان الدراستان بالحاجة إلى تدريب فعال يمتد خالل فترات زمنية أطول ينصب على‬
‫العادات السليمة التيس غالبا ما تحذف مجموعتان تلقت أحداهما تدريبا خاصا بأساليب العمل و‬
‫األمن الصناعي فتناقصت اإلصابات بسرعة عنها في حالة المجموعة التي لم تتلق أي تدريب‬
‫ووصلت المجموعة المدربة إلى ‪ 8‬و ‪ 3‬في الشهر الثالث و هو معدل لم تقترب منه المجموعة‬
‫األخرى حتى الشهر السابع كما يوضح ذلك الرسم التالي ‪.‬‬
‫و الواقع أن معدل وقوع الحوادث يتناقص باتساق مع العمر و يوضح الجدول اآلتي معدل وقوع‬
‫الحوادث إذا ما قورن بالسن لكل من الرجال و النساء في إحدى المؤسسات الصناعية ‪.‬‬
‫إن معظم األبحاث التي أجريت في هذا المجال لم تكشف عن نتائج ثابتة من مؤسسة إلى أخرى أو‬
‫من صناعة إلى صناعة مخالفة لها ‪.‬‬
‫كذلك هذه الدراسات ان معدل وقوع الحوادث كان أعلى بين العمال و الصغار في السن الذين يقلون‬
‫في خبرتهم عن غيرهم ‪ ,‬إال انه في بعض المؤسسات الصناعية زيادة نسبة وقوع الحوادث بزيادة‬
‫عمر العمال و بين شروزبري ‪ Shrosbree‬أن إحصاءات إحدى الصناعات تشير إلى أن العمال‬
‫الذين قضوا مدة طويلة في المؤسسة قد يكون الخطر في سلوكهم ألنهم اعتادوا على الخطر ‪ ,‬ومن‬
‫ثم فإنهم يكونون اقل احتراسا عن غيرهم من العمال ‪.‬‬
‫‪5‬ـ العوامــل االنفعالية ‪:‬‬
‫هناك عاملين انفعاليين يتصالن بالحوادث التي تقع لألفراد في المؤسسات الصناعية و هما ‪:‬‬
‫النضج االنفعالي و الحالة االنفعالية وقت وقوع الحادثة ‪ .‬و ثمة تحليل لألسباب للحوادث لدى ‪50‬‬
‫عامال في إحدى المؤسسات الصناعية األمريكية بين أن أربعة عناصر هي ‪ :‬االتجاه الخاطئ ـ‬
‫التسرع ـ العصبية و الخوف ـ القلق و االكتئاب و كانت هذه العناصر مسئولة عن ‪ % 33‬من‬
‫الحوادث بين أفراد المجموعة التي تمت دراستها ‪ ,‬نستدل من ذلك على أن الحالة االنفعالية تعتبر‬
‫مسئولة عن نسبة كبيرة جدا من الحوادث ‪.‬‬
‫و العالقة بين النوبات االنفعالية و بين تكرار وقوع الحوادث توضحه إحدى الدراسات التي قام بها‬
‫هيرسي ‪ Hersey‬فوجد أن العامل المتوسط يكون منخفضا في الحالة االنفعالية حوالي ‪ % 30‬من‬
‫الوقت و أن أكثر من نصف األربعمائة حادثة بسيطة التي قام بدراستها وقعت أثناء مثل هذه‬
‫الفترات ‪ ,‬و يؤكد غيره من علماء النفس مثل كاردول دور عدم الثبات االنفعالي و تسببه في وقوع‬
‫كثير من الحوادث ‪.‬‬
‫و يبين هيرسي أهمية الحالة االنفعالية العامة للعامل فأوضح أن إنتاج العمال الصناعيين يكون‬
‫أعلى بحوالي ‪ % 8‬و ذلك خالل الفترات التي يكون فيها هؤالء العمال سعداء فرحين و يكونون‬
‫أكثر تعاونا في هذه الحالة مما أو كانوا متضايقين و متشائمين قلقين ‪ ,‬و هكذا فالحالة االنفعالية ال‬
‫تعتبر أمرا مرغوبا فيه فحسب من ناحية األمن الصناعي و لكن أيضا من ناحية اإلنتاج ‪.‬‬

‫األسباب الخارجية للحوادث ‪:‬‬


‫‪1‬ـ ظروف العمل السيئة ‪:‬‬
‫لوحظ انه كلما هيئ للعامل جو مريح كلما زادت إنتاجيته حيث يترتب عليه منع حدوث اإلرهاق و‬
‫تحسين ظروف العمل بتوفير وسائل آلية و أدوات يدوية مريحة للعامل ‪ ,‬العناية بالتهوية و‬
‫اإلضاءة في المؤسسة‬
‫‪2‬ـ أجهزة العمـل و معداتـه ‪:‬‬
‫قد تنشا الحوادث من اآللة نفسها و قد يرجع ذلك إلى عدة أسباب منها‪:‬‬
‫ـ عدم العناية بتخزين المواد الكيماوية و القابلة لالشتعال ‪.‬‬
‫ـ عدم تنظيم أماكن العمل و نظافتها‬
‫ـ إهمال اآلالت و عدم صيانتها‬
‫ـ تكدس أماكن العمل باآلالت‬
‫ـ عدم حجب و تسوير األجزاء المتحركة من اآللة‬
‫اآلثار المترتبـة على حوادث الصنـاعة ‪:‬‬
‫لحوادث الصناعة آثارها المتعددة سواء كانت على العامل أو على المنشاة الصناعية و فيما يلي‬
‫تفصيالت ذلك ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬اآلثار المتعلقة بالعامل ‪:‬‬
‫قد تؤدي الحوادث إلى وفاة العامل أو يتعرض البعض اآلخر إلى عاهات مستديمة كلية او اهات‬
‫جزئية تجعله يفقد عمله ‪ .‬وتضطرب على اثر ذلك حياة األسرة ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اآلثار المتعلقة المؤسسة‬
‫‪ 1‬ـ كثرة اإلصابات يؤدي إلى تدهور كبير في الروح المعنوية لمجموع العاملين نتيجة شعورهم‬
‫بفقدان األمن ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ كثرة اإلصابات التي يتعرض لها العاملون المدربون تؤثر على اإلنتاجية من حيث الكم و الكيف ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ تتحمل التكاليف نتيجة إصابات العمل مثل التعويضات و نفقات العالج ‪ ,‬و الخسائر المترتبة على‬
‫النقص في اإلنتاج وما لالقتصاد القومي بصفة عامة ‪.‬‬
‫تعريــف األمن الصناعي ‪:‬‬
‫كثرت و تعددت تعار يف األمن الصناعي ‪ ,‬و لما كان األمر كذلك فإننا سنشير الى بعض التعاريف‬
‫التي وجدت قبوال مناسبا في هذا الميدان ‪ .‬هنالك تعريف مختصر لألمن الصناعي ( مجموعة‬
‫اإلجراءات و التدابير الكفيلة بحماية األرواح و الممتلكات في المنشات الصناعية )‬
‫و تعريف آخر هو انه ( مجموعة اإلجراءات و التنظيمات المتعلقة بالمحافظة على األمن و النظام‬
‫و السالمة داخل المنشات االقتصادية و الحيوية و مرافقها بالوسائل المتاحة )‪.‬مجموعة األساليب‬
‫و الجهود الهندسية و التنظيمية التي يجب أن تتخذ ‪.‬‬

‫و تعريف رابع لألمن الصناعي بأنه _( الفرع الذي يرسي إلى تهيئة جميع الظروف المادية و‬
‫النفسية و االجتماعية و التي تكفل اكبر إنتاج مع االهتمام برضى العامل عن عمليه ‪ ,‬فهو يهتم‬
‫بالكشف عن أفضل الظروف اإلنسانية للعمل ‪ ,‬و حل المشكالت الصناعية حال علميا ) (‪)1‬‬
‫و يمكننا ان نخرج من كل هذه التعريفات بان األمن الصناعي ماهو إال مجموعة من اإلجراءات و‬
‫النظم الخاصة بحماية األرواح و المنشات و مالءمتها مع استمرار اكبر قدر من اإلنتاجية في كل‬
‫الظروف ‪.‬‬
‫مفهـوم األمن الصنـاعي‬
‫ان مفهوم األمن الصناعي هو إيجاد البرامج المناسبة للتصدي ما يمكن ان يؤثر بطريقة أو بأخرى‬
‫على سالمة العاملين و الممتلكات و سير العملية اإلنتاجية ‪ ,‬باالستعانة بالمتخصصين في هذا‬
‫المجال تتوفر فيهم الخبرة و الكفاءة لتصميم هذه البرامج و تحقيق الهدف المنشود اال و هو توفير‬
‫كافة أساليب الحماية الوقائية (‪)2‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ ) 1‬نبيل عبد العزيز ‪ ,‬التخطيط لمواجهة أخطار التهديد بالقنابل ‪ ,‬الندوة لسابعة لألمن الصناعي ‪,‬‬
‫األمانة العامة للهيئة العليا لألمن الصناعي ‪ ,‬العربية السعودية ‪ 1428‬هـ ص‪5‬‬

‫(‪ ) 1‬السيد رمضان حوادث الصناعة واألمن الصناعي ‪ ,‬اإلسكندرية ‪ ,‬مصر ‪ ,‬المكتب الجامعي‬
‫الحديث ‪ 1984 ,‬م ص ‪77‬‬
‫(‪ ) 2‬عبد المحسن ابو الليف ‪ ,‬األمن الصناعي ‪ ,‬محاضرات بأكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية ‪,‬‬
‫الرياض ‪ 1417‬هـ ص ‪2‬‬

‫ان المهمة األساسية لألمن الصناعي إنما هي مهمة وقائية لذلك فان نجاحها هو فيما لم يحدث‬
‫بالدرجة األولى ‪.‬‬

‫األمن الصناعــي ‪:‬‬


‫إذ يعتبر موضوع األمن الصناعي من أهم الموضوعات أو الميادين التطبيقية لعلم النفس‬
‫الصناعي ‪ .‬انه ميدان أو فرع يستهدف رفع الكفاية اإلنتاجية للعامل و يحرص على راحة العامل و‬
‫كرامته ‪ ,‬و انه يهتم بالكشف عن أفضل الظروف اإلنسانية للعمل ‪ ,‬و حل المشكالت الصناعية حال‬
‫علميا ‪.‬‬
‫تسعى برامج األمن الصناعي إلى المحافظة على صحة العمال و سالمتهم من األخطار و الحوادث‬
‫الصناعية و اإلبقاء على معدل الحوادث الصناعية في حده األدنى و تحسين صحة العمال إلى أعلى‬
‫درجة ممكنة و بالتالي فاألمن الصناعي أهدافه وقائية بالدرجة األولى ألنها تساعد على عدم وقوع‬
‫الحوادث الصناعية و بالتالي تمنع وقوع إصابات من شانها التأثير على العامل و صحته و على‬
‫كفاءته اإلنتاجية بصفة عامة ‪.‬‬
‫وسائــل تحقيق أهداف األمن الصناعـي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬تكييف العمل للعامل ‪ :‬أي تكييف اآلالت و األدوات و العدد حتى تناسب العامل الذي يديرها أو‬
‫يستخدمها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تحسين الظروف الفيزيقية للعمل ‪ :‬كاإلضاءة و التهوية و درجة الحرارة و الخ ‪...‬‬
‫ثالثا ‪ :‬التفتيــش ‪ :‬الغرض منه إظهار األخطار المهنية في المنشات الصناعية لتفادي الخطر‬
‫بالنسبة ألي عملية واردة أو مادة أو جهاز أو بالنسبة لظروف العمل بها ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬البحــوث ‪ :‬سواء كانت بحوث فنية أو سيكولوجية أو دراسات إحصائية ‪:‬‬
‫(أ‌) البحـوث الفنية‪ :‬و التي تشتمل دراسة الطريقة المثلى ألداء كل عمل من األعمال المكان وضع‬
‫كل عامل في العمل المناسب له على نحو يكفل تالفي جميع األسباب المحتملة لوقوع الحوادث و‬
‫كذلك دراسة مخاطر اآلالت و تدبير الوسائل الوقائية منها و التأكد من مطابقة تصميمها لمواصفات‬
‫اآلمن ‪.‬‬
‫(ب‌) البحوث السيكولوجيــة ‪ :‬لدراسة االستعداد للحوادث (الستهداف الحوادث ) كما تتضمن هذه‬
‫البحوث دراسة العالقة بين نسبة الحوادث ومن العامل و مدة خدمته و دراسة العوامل االنفعالية و‬
‫القدرة الذهنية و التعب و الملل و مدى ارتباطها بحوادث العمل‬
‫(ج) الدراسات اإلحصائية ‪ :‬و يتم إعداد هذه الدراسات عن طريق تسجيل حوادث العمل و جميع‬
‫الحقائق عليها ‪ ,‬و إعداد اإلحصاءات عند اإلصابات ‪.‬‬
‫تكييف العمــل للعامــل ‪:‬‬
‫يهتم األمن الصناعي بتكييف العمل بمعنى طرق تأدية العمل ‪ ,‬و أدوات العمل ‪ ,‬و ظروفه ‪ ,‬ومكانه ‪.‬‬
‫ولقد دلت المالحظات و الدراسات التجريبية على أن اغلب العمال إن تركوا يعملون كل بطريقته‬
‫الخاصة لم يستطيعوا أن يقفوا على طرق سهلة اقتصادية ألداء أعمالهم ‪ ,‬و اغلب أنهم يتمسكون‬
‫بطرق عقيمة ‪ .‬عديمة الجدوى ‪ ,‬فالعامل من دون إرشاد يكون اقرب إلى قيام بحركات زائدة او‬
‫طائشة تستنفذ جزءا من طاقته و تسبب له التعب من غير داع و من ناحية أخرى فالمهندسون‬
‫حين يصممون اآلالت و األدوات فإنهم يهتمون في العادة بصالحيتها لإلنتاج ‪ ,‬دون االهتمام‬
‫بالشخص الذي سيديرها ثماني ساعات في اليوم ‪ ,‬أسبوعا بعد أسبوع ‪ ,‬و الذي ال يلبث أن يكتشف‬
‫أنها تسبب له إجهادا ال داعي له ‪.‬‬
‫و على سبيل المثال بعض األخطاء العامة في تصميم اآلالت من الناحية اإلنسانية‪ :‬فاآلالت يكون‬
‫ارتفاعها في العادة اكبر أو اصغر من طول العامل المتوسط ‪.‬‬
‫و حتى لو تداركنا هذا العيب بوضع منصة يقف عليها العامل أن كانت اآللة أعلى منه فهذا يعرضه‬
‫لمخاطر أخرى جديدة ‪ ,‬أما أن كانت اآللة أعلى منه فهذا يعرضه لمخاطر أخرى جديدة ‪ ,‬أما أن‬
‫كانت اآللة اقصر منه ‪ ,‬كان تكيفه لها أصعب منه في الحالة األولى يضاف إلى هذا اآلالت تتطلب‬
‫استخدام اليد اليسرى مما يشق على العامل األيمن ‪ .‬و من العيوب الشائعة أيضا عدم وجود‬
‫مستودع قريب من اآللة ‪.‬زد على ذلك أن موطئ األقدام في كثير من اآلالت تكون في العادة أضيق‬
‫مما يجب بحيث ال تسمح للقدم ان تستند إليها باجمعها ‪.‬‬
‫لذا فان اآللة مهما كانت معقدة فإنها تتطلب شخصا يديرها بصورة مستمرة و يستجيب إلشارات‬
‫تصدر عنها او يقيم بصيانتها ‪.‬‬
‫و هو في كل هذا يستجيب وفق قدراته و خصائصه و حدود طاقته ‪ ,‬من اجل هذا ال يمكن غض‬
‫النظر عن النواحي السيكولوجية في الصلة بين اإلنسان و اآللة ‪ ,‬إن العامل يتلقى على الدوام‬
‫إشارات من اآللة عن طريق مؤشرات أو أصوات ‪ ,‬و عليه أن يستجيب لهذه المنبهات و قد تكون‬
‫السرعة أحيانا عامال هاما في هذه االستجابة او تكون الدقة هي العامل الهام و غالبا ما تتطلب‬
‫اآلالت سرعة و دقة في االستجابة أو تكون الدقة و هذا يتعين أن يكون حجم اآلالت يتالءم مع‬
‫القدرات الحسية و الحركية للعامل ‪ ,‬و هذه ناحية من صميم اختصاص السيكولوجي ‪ ,‬فحبذا لو‬
‫تعاون مع مهندس الكفاية بالمصنع في هذا العمل ‪.‬‬
‫موجز القول فانه عند تكييف العمل للعامل ينبغي مراعاة االعتبارات التالية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تصميم اآلالت و األدوات بحيث يتسنى استخدامها على نحو يزيد من اإلنتاجية و ال يزيد من‬
‫التعب ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ترتيب أدوات العامل و معداته و مواده بحيث يستطيع العامل أن يجدها حين يحتاج إليها في‬
‫سرعة و سهولة دون أن يضيع وقتا في البحث عنها ‪.‬‬
‫‪3‬ـ الكشف أن األوضاع الجسمية المناسبة و المأمونة للعامل أثناء عمله ‪.‬‬
‫‪4‬ـ تحاط الجنازير و األجزاء المتحركة بحواجز تمنع األخطار الناتجة منها ‪.‬‬
‫‪5‬ـ يجب عند العمل على األجهزة الكهربائية توقي أخطار التيار الكهربائي ‪.‬‬

‫تفسيـر كيفية توزيع الحوادث ‪:‬‬


‫لقد لوحظ ان العمال يتعرضون لنفس األخطار أثناء العمل إال أنهم يختلفون فيما بينهم من حيث‬
‫عدد الحوادث التي يتورط كل منهم فيها ‪ ,‬لمحاولة تفسير هذا االختالف نجد أربعة فرضيات تفسر‬
‫توزيع الحوادث على األفراد ‪.‬‬
‫‪1‬ـ الفرض األول ـ الصدفة‬
‫و هذا الفرض يرجع الحوادث إلى عامل الصدفة المحضة ‪ ,‬و يرى انه ليست هناك أية عوامل‬
‫شخصية ‪.‬‬
‫‪2‬ـ الفرض الثاني ـ عدالة و توزيع الحوادث ‪:‬‬
‫و يرجع هذا الفرض توزيع الحوادث إلى نظام عادل تخضع له ‪.‬‬
‫و خالصة هذا االفتراض انه إذا حدثت حادثة لفرد ما فانه يكون بذلك قد حصل على نصيبه من‬
‫الحوادث لفترة معينة ثم يأتي دور فرد آخر من زمالئه ليقع في حادثة و هكذا ‪...‬الخ و يفسر بان‬
‫حدوث الحوادث للفرد يتسبب عنه تعليم من جانب الفرد و عبرة يستخلصها مما حدث له و بالتالي‬
‫يساعدانه على كيفية تحاشي حوادث مستقبلية ‪.‬‬
‫الطفل الذي سبق له أن احترق من لعبه بالنار ال يعاوده مرة أخرى حتى ال تتكرر حادثة احتراقه ‪.‬‬
‫‪3‬ـ الفرض الثالث ـ القابلية المتزايدة ‪:‬‬
‫يرى أصحاب الفرضية أن كل األفراد في البداية يكونون ذوي استعداد متساوي للتورط في‬
‫حوادث ‪ ,‬وان أولئك الذين تحدث لهم الحوادث األولى يصحبون ذوي استعداد يهيئ لهم حوادث‬
‫أكثر في المستقبل و هكذا يؤدي تورط الفرد في حوادث إلى زيادة في قابليته الن تحث له حوادث‬
‫في المستقبل ‪ .‬الخوف و القلق و عدم الثقة في نفسه ‪ ,‬فيقل تحكمه السليم في سلوكه نتيجة لهذا ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ الفرض الرابع ـ القابلية للحوادث نتيجة للتكوين النفسي البيولوجي الخاص بالفرد ‪:‬‬
‫يرى هذا االفتراض أن التكوين النفسي البيولوجي الخاص بالفرد يؤثر في تكوين درجة ثابتة نسبيا‬
‫من القابلية للتورط في الحوادث ‪ Accident Proneness‬لديه تختلف عن غيره و تتسبب في‬
‫الفروق بين األفراد فيما يتعلق بمدى تورطهم في حوادث ‪ ,‬و يرى هذا االفتراض إن القابلية‬
‫للحوادث تتوزع لدى األفراد على بعد واحد مستمر هو ما يعرف بالمتصل ‪ Continuum‬شانها‬
‫في ذلك شان غيرها من سمات الشخصية و خصائصها ‪,‬فكل فرد يتميز بدرجة معينة من القابلية‬
‫للحوادث ‪,‬قد تكون هذه الدرجة كبيرة تورطه في الحوادث ‪ ,‬فهي بالنسبة لعمل معين قد تكون عالية‬
‫‪ ,‬و بالنسبة آلخر عند نفس الفرد قد تكون منخفضة ‪.‬‬
‫تفسيــر ‪ :‬فلو كان الفرض األول هو الصادق ( فرض الصدفة ) فسوف يكون توزيع الحوادث على‬
‫األفراد عشوائيا تماما ‪ ,‬ولو كان الفرض الثاني هو الصادق (فرض عدالة التوزيع ) فسوف نجد ان‬
‫معدل حوادث الفرد المرتفع في فترة يتبعه معدل منخفض في الفترة التالية و العكس بالعكس ‪ ,‬و لو‬
‫كان الفرض الثالث هو الصادق ( فرض القابلية المتزايدة ) فان معدل حوادث الفرد العالي في فترة‬
‫سوف يتبعه معدل أعلى في الفترة التالية ‪ ,‬أما لو كان الفرض الرابع هو الصادق ( فرض القابلية‬
‫نتيجة للتكوين النفسي البيولوجي للفرد ) فان أفرادا معينين سوف يميلون إلى االحتفاظ بمعدل‬
‫منخفض في كل الفترات ‪.‬‬
‫‪5‬ـ البيئة النفسية للعمـل ‪:‬‬
‫‪6‬ـ النوع ( الجنس )‬
‫‪7‬ـ السـن ‪:‬‬
‫‪8‬ـ الخبــرة‬
‫‪9‬ـ الذكاء‬
‫درس شافر سيلنغ ) ‪ selling ( 25. 347‬العالقة بين الذكاء و معدل الحوادث في مؤلف نشره في‬
‫عام ‪ 1941‬قارن فيه بين معدل حوادث ‪ 6829‬عامال صناعيا و بين درجات ذكائهم ‪ ,‬و الجدول رقم‬
‫(‪ )19‬يلخص نتائج تلك الدراسة ‪:‬‬

‫جــدول رقم ‪01‬‬


‫عالقــة اإلصابات بالذكــاء‬

‫درجة اختبار الذكاء اإلصابات في السنة لكل ‪ 100‬عامل‬


‫( مرتفعة ) أ‬
‫ب‬
‫ج‬
‫د‬
‫(منخفضة ) هـ ‪0,66‬‬
‫‪1,12‬‬
‫‪1,53‬‬
‫‪2,08‬‬
‫‪2,76‬‬

‫وواضح من الجدول تلك العالقة السالبة بين درجات اختبار الذكاء و بين معدل الحوادث و يتايد‬
‫نفس االتجاه من دراسة تشامبرز ‪Chambers‬‬
‫‪10‬ـ السرعة االدراكية و السرعة الحركية‬
‫‪11‬ـ الحالة االنفعالية الراهنة‬
‫‪12‬ـ االنتحار وإدمان الكحوليات‬
‫‪13‬ـ ديناميات الشخصية‬
‫‪14‬ـ اضطراب الشخصية‪:‬‬
‫‪ 15‬الدوافع النفسية و الحوادث كمثال ‪( :‬نظرية فرويد )‪:‬‬
‫درس فرويد ‪ Freud‬ظاهرة الحوادث في دراسات عدة تحت عناوين مختلفة منها األفعال التي تنفذ‬
‫بشكل خاطئ ‪Erroneonsly‬‬
‫‪ Carried Outaction‬و األفعال العرضية و أفعال الصدفة ‪symptomatic Chance‬‬
‫‪ action‬كما تعرض لها كظاهرة مصاحبة لالضطراب النفسي في بعض الحاالت ‪.‬‬
‫و في كل هذا برهن فرويد على أن الحوادث كباقي األفعال العرضية التي يقع فيها الناس ـ ليست‬
‫اتفاقية و أنها تتطلب أكثر من مجرد التفسيرات الفيزيولوجية و أن لها معنى و تقبل التأويل وان‬
‫يوسع المرء أن يستنتج منها وجود دوافع و نوايا محجوزة أو مكبوتة يقصد فرويد بها أن لها‬
‫داللة و أنها تصدر عن مقصد ‪ ,‬عن نزعة ‪ ,‬و أنها تحتل مكانا معينا في سلسلة من العالقات‬
‫النفسية تشبه الهفوات شبها كبيرا تسمى األفعال العارضة أو العرضية ال هدف لها في الظاهر ‪ ,‬و‬
‫إنما يمكن تفسيرها كما أنها عالئم صغيرة تشير إلى عمليات نفسية أخرى أهم منها ‪ ,‬فهي أفعال‬
‫نفسية بالمعنى الكامل لهذا اإلصالح‬
‫و هناك أمثلة نلمس فيها تأييدا لنظرية التحليل النفسي في تعليل الحوادث ‪.‬و بهذا الصدد يعرض لنا‬
‫فرويد حالة عرضت له في خبرته الشخصية و هي لسيدة صغيرة كسرت ساقها من تحت الركبة في‬
‫حادث جعلها طريحة الفراش لعدة أسابيع وكان من المدهش حقا عدم وجود إحساس باأللم و‬
‫هدوئها الذي استقبلت به هذه اإلصابة و كانت اإلصابة مصحوبة بعرض عصابي خطير طال أمده ‪,‬‬
‫و في أثناء التحليل اتضحت الظروف التي أحاطت باإلصابة و االنطباعات الخاصة التي سبقتها ‪.‬‬
‫‪14‬ـ اضطراب الشخصية ‪:‬‬
‫قامت الدكتورة فالندر دنبار ‪ flader dunbar‬بدراسة لطائفة من المرضى السيكوسوماتيين‬
‫لتبين ما إذا كانت هناك خصائص نفسية يمكن تمييزها في األمراض السيكوسوماتية لمعرفة‬
‫عالقتها بالجوانب االنفعالية و كانت العينة عبارة مرضى سيكوسوماتيين ادخلوا إحدى مستشفيات‬
‫نيويورك ‪ .‬اتخذت مجموعة ضابطة من األفراد الذين دخلوا المستشفى بسبب حدوث إصابات لهم ‪.‬‬
‫حيث كانت تعتقد أن األفراد الذين يدخلون المستشفى بسبب إصاباتهم هم أفراد أسوياء لكنها ما إن‬
‫بدأت دراستها بوقت قصير حتى أتضح لها أن مجموعة اإلصابات ‪ ,‬المفترض أنهم أسوياء من‬
‫الناحية النفسية ‪ ,‬إنما كانوا في الواقع بعيدين عن السواء ‪ ,‬وان هناك عوامل انفعالية تعمل على‬
‫توريطهم في اإلصابات ‪.‬‬
‫و لقد أوضحت دراسات دنبار الالئك الذين دخلوا المستشفى بسبب اإلصابات ما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ إن ‪ % 80‬من أولئك الذين ارتكبوا حادثا خطيرا ‪ ,‬يميلون إلى ارتكاب حوادث أخرى و لهم‬
‫شخصية خاصة ‪ ,‬أما ال ‪% 20‬الباقية فهم أسوياء لحد ما ‪ ,‬و ليس لهم نمط خاص من الشخصية‬
‫و ال يميلون إلى ارتكاب حوادث أكثر ‪.‬‬
‫‪ 2‬الناس المعروفون بارتكاب عديد من الحوادث الصغيرة يميلون إلى ارتكاب حادثة خطيرة ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أنهم ليسوا حمقى ‪ ,‬أو خاملين بل يميلون الن يكونوا حاضري البديهة للعمل و باال حرى‬
‫متبصرين ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ أفراد مندفعون بصفة عامة يركزون على الحياة اليومية و ال يهتمون باألهداف البعيدة و هم‬
‫غالبا مستاءون من السلطة ‪ ,‬و قد وجدت دنبار أن نمط شخصياتهم متطابق تطابقا شديدا مع نمط‬
‫شخصيات األحداث الجانحين ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ زواج األفراد القابلين لإلصابات ‪ ,‬يميل الن يكون غير ثابت على العموم ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ يمتازون إلى حد كبير بخضوعهم لعامل الصدفة بما في ذلك الزواج ‪ ,‬يبدون ميال للمجازفة و‬
‫التخاذ القرارات السريعة بدون تفكير كاف ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ بالرغم من انه قد أتضح لدنبار إن حاالت اإلصابات ليست سوية إال انه أتضح لها أيضا أنهم‬
‫كانوا بصفة عامة أكثر الفئات السيكوسوماتية التي درستها قربا من السواء ‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فرج عبد القادر طه‪ ,‬علم النفس الصناعي و التنظيمي القاهرة ‪ 1988‬ص ‪ 314‬دار المعارف ‪.‬‬
‫و يتضح من نتائج دراسة ان األفراد الذين تسهل استشارة انفعاالتهم أكثر قابلية لإلصابات ‪.‬‬
‫إن االستياء و االتجاه السلبي نحو العمل و االستياء من السلطة و العدم االتزان االنفعالي مرتبطة‬
‫باإلصابات و الحوادث ‪.‬‬
‫و بهذا الصدد يعرض لنا فرويد حالة عرضت له في خبرته الشخصية و هي لسيدة صغيرة كسرت‬
‫ساقها من تحت الركبة في حادث جعلها طريحة الفراش لعد أسابيع و كان من المدهش حقا عدم‬
‫وجود إحساس باأللم و هدوئها الذي استقبلت به هذه اإلصابة وكانت اإلصابة مصحوبة بعرض‬
‫عصابي خطير طال أمده ‪ ,‬و في أثناء التحليل اتضحت الظروف التي أحاطت باإلصابة و االنطباعات‬
‫الخاصة التي سبقتها ‪ .‬فلقد أمضت السيدة بعض الوقت في مزرعة أختها بين جمع من أقاربها و‬
‫في إحدى الليالي رقصت إحدى الرقصات التي ضاق بها زوجها الغيور ضيقا بالغا فتقدم منها و‬
‫همس في أذنها قائال ‪ :‬مرة ثانية سلكت كما تسلك العاهرة فتركت الكلمات أثرا كبيرا فيها ‪ ,‬و في‬
‫هذه الليلة لم تذق طعم الراحة في نومها ‪ ,‬و في ضحى اليوم التالي أرادت أن تتنزه فاختارت‬
‫بنفسها األحصنة التي سوف تجر العربة التي تركبها و خالل النزهة كانت عصبية كما ذكرت‬
‫للحوذي ان األحصنة تفزع وما إن اعترض األحصنة عائق بسيط حتى قفزت من العربة في فزع‬
‫فكسرت ساقها ‪ ,‬هذا بينما لم يصب احد من كانوا بالعربة ‪.‬‬
‫و في هذه الحالة يتبين بوضوح تلك المهارة الفائقة في إيجاد موقف واستغالله استغالال مناسبا‬
‫إلحداث إصابة تكيل للمراة عقابا مالئما لجريمتها التي ارتكبتها فبحدوث اإلصابة على هذا النحو‬
‫أصبح من المحال عليها أن ترقص لمدة طويلة و في نفس الوقت أشبعت لديها الحاجة إلى عقاب‬
‫الذات تكفيرا عما ارتكبته من جرم غضب له زوجها غضبا شديدا و هكذا استطاعت اإلصابة أن‬
‫تحقق هدفين في آن واحد احدهما عقاب السيدة على ما ارتكبته من ذنب و اآلخر حرمانها من‬
‫ارتكابها نفس الجرم لمدة طويلة وما دامت اإلصابة قد حققت لها كل هذا بنجاح ‪ ,‬فانه يحق لها أن‬
‫ترحب بها و ال تتألم منها ‪.‬‬

‫(أ‌) توصيات مقترحة لزيادة األمن الصناعي و تخفيض الحوادث ‪:‬‬


‫ارتاينا تسطير بعض التوصيات المهمة لالخذ بها بناء على نتائج البحوث المتعلقة بمشكلة االمن‬
‫الصناعي و تخفيض الحوادث و بها نحقق اهم اهداف علم النفس في ميدان الصناعة و العمل و‬
‫االخص لتحقيق افضل انسجام بين العامل و عمله بحيث نودي الى زيادة االنتاج و المحافظة على‬
‫الراحة النفسية للعمل و تقليل الخسارة المادية و البشرية و المعنوية الى اقل حد ممكن ‪.‬‬
‫و هذه التوصيات مصنفة تبعا لمجاالت مهمة في ميدان الصناعة و العمل ‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ بالنسبـة لظروف العمل الفيزيقية ‪:‬تتمثل في االضاءة و درجة الحرارة و قلة الضوضاء و نقص‬
‫التعب و االجهاد هذه العوامل تساعد على تخفيض معدالت الحوادث و خلق جو مالئم للعمل ‪ ,‬لذا‬
‫ينبغي تحسينه و تطويرها للحد من االخطار اذا ان هذه الظروف تختلف بتنوع الوظائف و البيئة‬
‫هذا من جهة و ال يخاف هذه العقبات ال بد من توفر شرط اخر و هو على مهندسي اآلالت صناعتها‬
‫صناعة تقل درجة الخطر اذ ال بد من تطويرها و العمل على تحسينها و ان تكون البيئة مناسبة‬
‫للقيام بهذه المهن و هو كالقيام بعمليان نوعية كذكر أهمية هذه األدوات و حماية العامل من‬
‫األخطار المحدقة بها ‪ ,‬كوضع الخوذة ‪ ,‬نظارة ‪ ,‬أقنعة لوقايته ومن اجل سالمته ‪.‬‬
‫‪2‬ـ بالنسبة لمالءمة العامل للعمل ‪:‬‬
‫إن لالضطرابات النفسية ( االنفعالية ) و نقص القدرة على االنتباه و التركيز و نقص الخبرة ‪,‬‬
‫إدمان الخمر و الميل لالنتحار و المخاطرة و التمركز في الذات و القلق كما تكون هذه االضطرابات‬
‫موجهة لألخر او لألشياء و حتى للنفس أيضا ‪ ,‬لذا ينصح و يؤكد اهمية وضع برامج تدريبية‬
‫مناسبة تساعد ديثي الخبرة على اكتساب الخبرات الالزمة للنجاح في العمل و االبتعاد عن حوادثه ‪.‬‬
‫‪3‬ـ بالنسبة لرعاية العامل في عمله ‪:‬‬
‫ان بيئة العمل النفسية لها دور كبير في خفض معدالت الحوادث و الحد منها او رفعها و هذا ما‬
‫تبين خاصة من حدوث ( دكير ) وزمالئه على وجه الخصوص لذا االهتمام لبيئة العمل حتى‬
‫ينخفض مستوى الحوادث قدر المستطاع ‪.‬‬
‫فلتخفيض عاملي التعب و الملل المسببان لضيق النفس ومن ثم يخلق فرص وقوع الحوادث تقسيم‬
‫العمل وإعطاء العامل فرصة للتغيير و التنوع في طبيعة األعمال و إتاحة فرصة كافية للراحة و‬
‫إدخال برامج الترفيه بين الحين و األخر ‪.‬‬
‫اما فيما يخص العمل و الروح المعنوية للعامل ان (ريان و سميث ) ارجعا كثرة الحوادث في‬
‫المؤسسات تعود الى الروح المعنوية السائدة بين العمال في المؤسسة و هو العالج يرفع الروح‬
‫المعنوية لهؤالء العمال بالطرق السيكولوجية كما ان للباحثين ( دافيدز وماهوني ) نفس الرأي‪.‬‬
‫أما (روبير) فيلخصها في ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الضمان ‪ : Securité‬حق العامل في اجر معقول من غير ان يخشى الوقت ‪.‬‬
‫‪2‬ـ إتاحة فرصة التقدم أمامه ‪.‬‬
‫‪3‬ـ معاملته باحترام وحفظ كرامته‪.‬‬
‫كما ان هذه العوامل وجد لها صدى فأشركوا العامل في أرباح مؤسسته وتمثيل في مجلس أدارتها ‪.‬‬
‫اما ارتباط الحوادث سوء التوافق و االضطرابات النفسية ‪ :‬العمل على عالج مشكالت العاملين‬
‫النفسية و اضطرابا تهم التوافقية ومن بين الباحثين الذين درسوا هذه الحاالت ( فيتلس ) فدرس‬
‫حاالت ‪ 154‬ممن تكرر وقوعهم في الحوادث في المدة بين ‪ 1‬يناير ‪ 1929‬و ‪ 1‬يناير ‪1930‬في‬
‫عيادة لتالفي وقوع الحوادث أسستها شركة ملووكي للسكك الحديدية و الكهرباء و نقصت الحوادث‬
‫من ‪ 1218‬إلى ‪ 331‬كما فصل ‪ 3‬عمال فقط ‪ ,‬و توصلت شركة كليفلندا إلى نتائج مماثلة ‪ ,‬و‬
‫للرعاية الطبية للعمال تساعد كذلك على التقليل من الحوادث ‪.‬‬
‫تحسين الظروف الفيزيقية للعمل ‪:‬‬
‫تتوقف انتاجية العامل الى عدة عوامل داخلية وخارجية ‪:‬‬
‫أ ـ الداخلية ‪( :‬الشخصية ) قدرات الفرد واستعداداته وسمات شخصية وقوة دوافعه وخبرته‬
‫وتدريبه ‪.‬‬
‫ب ـ العوامل الخارجية ‪ :‬الظروف الفيزيقية ‪ :‬الظروف االجتماعية التي تحيط به في عمله اما‬
‫العوامل الفيزيقية ‪:‬‬
‫أ ـ اإلضاءة ‪:‬‬
‫اإلضاءة الجيدة ‪ :‬تعين العامل على رفع مستوى اإلنتاجية و بمجهود اقل اذ ال طالما تعتمد الكفاية‬
‫اإلنتاجية على سرعة اإلدراك البصري و الدقة في التمييز بين األشياء او المالحظة الموصولة او‬
‫الثقيلة إما اإلضاءة السيئة تثير في نفوس الكثيرين من الشعور باالنقباض و ما يؤدي إلى إرهاق‬
‫البصر وزيادة التعب واألخطار فيجب إن يكون كافيا ثابتا موزعا توزيعا عادال فضوء الشمس‬
‫المباشر قد يحقق دائما هذه الشروط األربعة يجب تصويبه وتعزيزه غالبا بإضاءة صناعية ‪.‬‬
‫و لإلضاءة الجيدة فوائد أخرى فضال على األركان و أالماكن القذرة كما أنها تختلف من مهنة إلى‬
‫أخرى حسب االحتياجات وتتخذ مشكلة اإلضاءة داللة اكبر إذا عرفنا ان كثيرا من العمال المصابون‬
‫بعيوب في اإلبصار يهملونها أوال يفطنون إليها ‪.‬‬
‫كما ان اإلضاءة تختلف شدتها باختالف نوع العمل و العامل و كلما ازداد عمر العامل احتاج إلى‬
‫إضاءة اشد إلتقان عمله ‪ ,‬كما إن األشياء الناصعة إزالتها ألنها تسبب الصداع لذا يستحسن طالءها‬
‫كما ينصح أيضا االهتمام بارتفاع األسقف و أشكالها و ارتفاع المصابيح ‪.‬‬
‫ب ـ التهوية ‪ :‬و يعني تزويد العمال باستمرار الهواء النظيف الخالي من األدخنة و الرطوبة الزائدة‬
‫ويقدر الهواء الالزم للفرد الواحد في الساعة ‪.‬‬
‫‪ :1000‬قدم مكعب من الهواء في األماكن المزدحمة العادية ‪.‬‬
‫‪ // // // :2000‬المتوسطة في حاالت العمل ‪.‬‬
‫و تساعد التهوية الطبيعية بتهوية صناعية وذلك بعمل ناقلة ( ضاغطة حيث تقوم بضغط الهواء‬
‫من الخارج إلى داخل المبنى ‪.‬‬
‫وجدت شركة فيالدلفيا للكهرباء إن تزويد مكاتب الموظفين بأجهزة لتكييف المواد وقد انقص من‬
‫نسبة مرضى الموظفين و بالتالي قد انقص من الوقت الضائع ‪.‬‬
‫ولتفادي أضرار الرطوبة فانه ينبغي مراعاة ‪:‬‬
‫أ ـ عدم تبليط أرضية مكان العمل إال بعد االنتهاء من تركيب اآلالت و إقامة المعدات المختلفة‬
‫الالزمة للعمل ‪.‬‬
‫ب ـ يجب ان تكون األرضية صماء غير منفذة للرطوبة ‪.‬‬
‫‪ /3‬الضوضــاء ‪:‬‬
‫الضوضاء عامل مزعج مشتت لالنتباه وهي نوعان ‪:‬‬
‫أ ـ الضوضاء الموصولة ‪ :‬ليس لها اثر كصدور عن جماعة يكتبون على اآلالت الكتابة ‪.‬‬
‫ب ـ الضوضاء المتقطعة ‪ :‬أو غير مألوفة قد يكون لها األثر الضار الصادرة عن أبواق السيارات‬
‫في الطريق دخول و خروج أفراد ‪.‬‬
‫و األعمال العقلية تتأثر بالضوضاء أكثر مما تناثر بها األعمال الحركية البسيطة ‪.‬الن األعمال‬
‫بتدريبها تصبح عادة و يسهل وممارستها أما العقلية فهي تتأثر بالفوضى ‪.‬‬
‫الرعاية الطبية و الصحية ‪ :‬ترتبط صحة العامل الجسمية بعدة عوامل منها ‪ :‬بنيته الطبيعية‬
‫وتربيته المنزلية في السنين األولى من نشأته وحالة معيشته عند البلوغ وحالته الصحية في البلد‬
‫الذي يعيش فيه و المصنع الذي يعمل بداخله ‪.‬‬
‫أصبحت الرعاية الطبية للعامل من اهم العوامل التي ترتكز عليها أي مؤسسة اذا ان في القديم‬
‫كانوا ال يهتمون بصحة العامل ان مرض استبدل بآخر فهدفهم كان االستغالل إلى أقصى درجة ‪.‬‬
‫و هناك وسائل عدة للمحافظة على صحة العمال ‪:‬‬
‫أ‪ /‬تحسين الظروف الفيزيقية في أماكن العمل‬
‫ب‪ /‬العمل أي إزالة األخطار الصحية‬
‫ج‪ /‬الفحص الطبي االولي قبل االلتحاق بالعمل‬
‫د‪ /‬تقديم وسائل اإلسعاف األولى و العالج في الحاالت الطارئة‬
‫هـ‪ /‬اإلشراف و التفتيش على جميع ظروف العمل التي تؤثر على صحة العمال بالمنشات ‪.‬‬
‫لجان األمن الصناعــي ‪:‬‬
‫تتكون اللجنة المثالية من أعضاء مختلفين منهم اإلداري و الفني و المشرف و السيكولوجي و‬
‫مهندس األمن و الطبيب المهني و األخصائي االجتماعي و من وظائفها ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تحليل أسباب الحوادث وظروفها ‪ :‬وصف الحوادث وتحده الظروف التي وقعت فيها ثم تصنيفها‬
‫من حيث نوعها وأسبابها و نتائجها ‪.‬‬
‫‪2‬ـ الفحص الدوري الموصول لآلالت و المعدات و األجهزة للتأكيد من سالمتها‬
‫‪3‬ـ اإلشراف على الظروف الفيزيقية للعمل‬
‫‪4‬ـ نشر الوعي الوقائي بين العمال عن طريق اإلعالنات و األحاديث و غيرها‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ العناية باالختبار المهني للعمال و بحالتهم الصحية و بتوزيع فترات الراحة ‪.‬‬
‫المهندس و السيكولوجـي ‪:‬‬
‫لكل منهما وظائفه وواجبا ته ولو ان التعاون بينهما يكون أمرا ضروريا فمن وظائف مهندس‬
‫األمان تسوير اآلالت الخطرة تصميم واقيات الحوادث ‪ ,‬مراقبة اآلالت ووظائف‬
‫السيكولوجي ‪,‬معالجة اإلنسانية في الحوادث كتدريب العمال على اصطناع طرق الوقاية و التفطن‬
‫للمخاطر الممكنة و عالج المستهدفين للحوادث ‪ ,‬العمل على خفض حدة التعب و الملل ‪ .‬كما ال بد‬
‫من تعليم المبتدئ كيفية اإلمساك باألدوات و االقتراب من اآلالت فحص األدوات قبل استخدامها و‬
‫ال تقدم في صورة محاضرات او تقدم اليه في صورة تحذيرات بل على ان تغرس فيه كعادات‬
‫يؤديها دون الحاجة إلى بذل جهد و انتباه ‪.‬‬
‫و يمكننا تلخيص الوظائف الرئيسية للسيكولوجي فيما تتصل باألمن الصناعي فيما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ تحليل أسباب الحوادث و عواملها النفسية‬
‫‪ 2‬ـ اإلسهام في نشر الوعي الوقائي عن طريق اإلعالم و الدعاية و تدريب العمال على احترام‬
‫وسائل الوقاية ‪.‬‬
‫‪3‬ـ تحديد اثر التعب و الملل في وقوع بعض الحوادث ‪.‬‬
‫‪4‬ـ استبعاد المستهدفين و عالجهم ‪.‬‬

‫التربية الوقائية ‪:Safety Education‬‬


‫لجميع المؤسسات الصناعية لوائح و تشريعات تتصل باألمن مما يجب ان يعيه كل عامل فيها ‪ ,‬و‬
‫تتلخص هذه القواعد و اللوائح في عبارات موجزة تكتب على لوحة او مجلة الحائط بالمؤسسات‬
‫او تنشر على صورة كتيبات و نشرات ‪,‬‬
‫إذ أن المعلومات وحدها في مجال األمن الصناعي و غيره من المجاالت ال تكفي كل الناس على‬
‫تنفيذ ما فيها ‪,‬ذلك أن المعرفة في ذاتها قوة خامدة و ليست قوة دافعة و ال يمكن ان تتحول إلى‬
‫أفعال و سلوك فعلي إال أن تحولت إلى دوافع و اتجاهات نفسية وعادات و ال يتأتى ذلك إال بترغيب‬
‫العامل فيها و أشعاره بفائدتها شخصيا ‪ ,‬أي جعلها ذات داللة و معنى في نظره حتى يؤمن بها‬
‫إيمانا يدفعه إلى تطبيقها و ممارستها ‪ ,‬و لتكوين هذه االتجاهات و العادات شروط يجب ان تراعى‬
‫في بث هذه التربية الوقائية ‪.‬‬

‫الخاتمــة ‪ :‬تلك كانت أهم التوصيات التي نرى قيمتها التطبيقية ‪ ,‬راجين ان تتهيأ الظروف المناسبة‬
‫لالستفادة التطبيقية منها في تخفيض معدالت الحوادث بالنسبة لعمال الصناعة و المهن المختلفة ‪,‬‬
‫و بهذا فقط تتحقق االستفادة التطبيقية من نتائج البحوث و الدراسات ‪ ,‬و هو الذي يدفع بقوة إلى‬
‫إجرائها و بذل المزيد من الجهد و التكاليف لتقدمها ‪.‬‬

‫قائمــة المراجع ‪:‬‬


‫‪ 1‬ـ ابوشامة ‪ ,‬عباس ‪ ,‬األمن الصناعي ‪ .‬الرياض ‪ :‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية ‪. 1999 ,‬‬
‫‪ 2‬ـ عكاشة ‪ ,‬محمود فتحي ‪ .‬علم النفس الصناعي ‪ .‬اإلسكندرية ‪ :‬مطبعة الجمهورية ‪. 1999,‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد القادر طه ‪ ,‬فرج ‪ .‬علم النفس الصناعي و التنظيمي ‪ .‬القاهرة ‪ :‬دار المعارف ‪. 1988 ,‬‬
‫‪4‬ـ عويد سلطان ‪ ,‬المشعان ‪ .‬علم النفس الصناعي ‪ .‬مصر ‪ :‬مكتبة الفالح ‪. 1994,‬‬
‫‪Amselme , B. Albasini . Les Risques Professionnels . Pars:5/‬‬
‫‪. Editions Nathan , 1994‬‬
‫‪. Roger , mucchielli . Analyser les conditions le travail/6‬‬

You might also like