Professional Documents
Culture Documents
الأمن الصناعي
الأمن الصناعي
أوال :المقدمة
يعود ظهور مفهوم األمن الصناعي إلى الثورة الصناعية التي شهدتها أوروبا وأمريكا،فلقد ظهرت
بوادر الثورة الصناعية في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر،و كان من أهم المتغيرات التي
صاحبت ذلك هو إحالل اآللة محل اإلنسان العامل.
ولقد اعتبرت الصناعة النشاط األكثر خطرا على اإلنسان،وخسائرها في األرواح و الجرحى تفوق
بدرجة كبيرة خسائر ما تخلفه الحروب .فلقد أشار مكتب العمل الدولي في تقديره عن الحوادث
الصناعية في بريطانيا في الفترة من 1939ـ 1945م ( و هي فترة الحرب العالمية الثانية ) ,ان
عدد ضحايا الحوادث الصناعية فاق عدد ضحايا الحرب العالمية نفسها.
و زيادة على ذلك فقد ظهرت األمراض المهنية أي األمراض التي تسببها الصناعة نفسها ,فأصبح
من المستحيل تجاهلها ,هذا باإلضافة إلى ما رافق ذلك من الكوارث الصناعية .فان الثورة
الصناعية قد تمخض عنها آثار ضارة ،في سبيل زيادة اإلنتاج كان ال بد من تدابير و إجراءات يجب
اتخاذها من اجل حماية العنصر البشري من هذه اآلثار و هذا يعني االهتمام بأمر السالمة و األمن
الصناعي كتدابير علمية حتى يمكن تفادي تلك اآلثار .
ما دمنا نتكلم على األمن الصناعي ،فمن المناسب ان نتحدث عن بعض المفاهيم التي تشكل
موضوعه ،ماهيته و أهدافه .
يمكن تعريف األمن الصناعي عالميا بأنه ( الصحة و السالمة المهنية )
حيث يعني األمن الصناعي بتوفير ظروف العمل اآلمنة و الصحية المناسبة في أماكن العمل .و
ذلك عن طريق الدراسة المسبقة لكافة المخاطر المتوقعة التي قد تنشا في المراحل المختلفة التي
تمر بها العملية اإلنتاجية منذ البدء في التفكير في اختيار موقع المنشاة إلى آخر مرحلة من مراحل
اإلنتاج ,مع وضع تدابير السالمة الوقائية التي تستهدف بالدرجة األولى منع وقوع هذه المخاطر و
العمل تطويقها و الحد من انعكاساتها عند حدوثها ,و الشك ان الهدف من كل هذه التدابير هو
توفير الحماية الكاملة و الشاملة لكل عناصر اإلنتاج و في مقدمتها العنصر البشري الذي يعتبر
بمثابة المحور األساسي في العملية الصناعية لكل هذه التدابير الوقائية بما يكفل تحقيق الكفاية
اإلنتاجية و يؤمن أسباب التقدم و االزدهار.
إن المخاطر الصناعية هي نوع من األزمنة األمنية و لكن لها خصوصياتها و اختالفها عن باقي
األزمات األمنية ,و لكن في نفس الوقت تشترك مع األزمة األمنية في أمور عديدة منها :
1ـ المفاجأة :
غالبا ما تكون األزمة الصناعية مفاجأة و غير متوقعة و على األقل في الوقت الذي حدثت فيه لذلك
تشكل مفاجأة في وقت حدوثها كما ان أحداثها تتسم بالمداهمة مما يصيب األجهزة األمنية باإلرباك
إذا لم تكن قد أعدت العدة مسبقا لمواجهة مثل هذه األزمة .
2ـ سرعـة و تتابع األحداث :
عادة ما تتسم األحداث المشكلة لالزمة األمنية بالسرعة و التتابع فتتوالى االنعكاسات المختلفة التي
قادتها في حالة األمن و تندر باتساع رقعة المخاطر و هو ما يتطلب السرعة في التعامل مع
األحداث و مواجهتها و السيطرة عليها و الحد من نطاق انتشارها لهذا كان من اول مهام أجهزة
األمن االنتقال السريع لمكان الطوارئ و محاصرة اثاره و تطويق نتائجه .
و تعريف رابع لألمن الصناعي بأنه _( الفرع الذي يرسي إلى تهيئة جميع الظروف المادية و
النفسية و االجتماعية و التي تكفل اكبر إنتاج مع االهتمام برضى العامل عن عمليه ,فهو يهتم
بالكشف عن أفضل الظروف اإلنسانية للعمل ,و حل المشكالت الصناعية حال علميا ) ()1
و يمكننا ان نخرج من كل هذه التعريفات بان األمن الصناعي ماهو إال مجموعة من اإلجراءات و
النظم الخاصة بحماية األرواح و المنشات و مالءمتها مع استمرار اكبر قدر من اإلنتاجية في كل
الظروف .
مفهـوم األمن الصنـاعي
ان مفهوم األمن الصناعي هو إيجاد البرامج المناسبة للتصدي ما يمكن ان يؤثر بطريقة أو بأخرى
على سالمة العاملين و الممتلكات و سير العملية اإلنتاجية ,باالستعانة بالمتخصصين في هذا
المجال تتوفر فيهم الخبرة و الكفاءة لتصميم هذه البرامج و تحقيق الهدف المنشود اال و هو توفير
كافة أساليب الحماية الوقائية ()2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ) 1نبيل عبد العزيز ,التخطيط لمواجهة أخطار التهديد بالقنابل ,الندوة لسابعة لألمن الصناعي ,
األمانة العامة للهيئة العليا لألمن الصناعي ,العربية السعودية 1428هـ ص5
( ) 1السيد رمضان حوادث الصناعة واألمن الصناعي ,اإلسكندرية ,مصر ,المكتب الجامعي
الحديث 1984 ,م ص 77
( ) 2عبد المحسن ابو الليف ,األمن الصناعي ,محاضرات بأكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية ,
الرياض 1417هـ ص 2
ان المهمة األساسية لألمن الصناعي إنما هي مهمة وقائية لذلك فان نجاحها هو فيما لم يحدث
بالدرجة األولى .
وواضح من الجدول تلك العالقة السالبة بين درجات اختبار الذكاء و بين معدل الحوادث و يتايد
نفس االتجاه من دراسة تشامبرز Chambers
10ـ السرعة االدراكية و السرعة الحركية
11ـ الحالة االنفعالية الراهنة
12ـ االنتحار وإدمان الكحوليات
13ـ ديناميات الشخصية
14ـ اضطراب الشخصية:
15الدوافع النفسية و الحوادث كمثال ( :نظرية فرويد ):
درس فرويد Freudظاهرة الحوادث في دراسات عدة تحت عناوين مختلفة منها األفعال التي تنفذ
بشكل خاطئ Erroneonsly
Carried Outactionو األفعال العرضية و أفعال الصدفة symptomatic Chance
actionكما تعرض لها كظاهرة مصاحبة لالضطراب النفسي في بعض الحاالت .
و في كل هذا برهن فرويد على أن الحوادث كباقي األفعال العرضية التي يقع فيها الناس ـ ليست
اتفاقية و أنها تتطلب أكثر من مجرد التفسيرات الفيزيولوجية و أن لها معنى و تقبل التأويل وان
يوسع المرء أن يستنتج منها وجود دوافع و نوايا محجوزة أو مكبوتة يقصد فرويد بها أن لها
داللة و أنها تصدر عن مقصد ,عن نزعة ,و أنها تحتل مكانا معينا في سلسلة من العالقات
النفسية تشبه الهفوات شبها كبيرا تسمى األفعال العارضة أو العرضية ال هدف لها في الظاهر ,و
إنما يمكن تفسيرها كما أنها عالئم صغيرة تشير إلى عمليات نفسية أخرى أهم منها ,فهي أفعال
نفسية بالمعنى الكامل لهذا اإلصالح
و هناك أمثلة نلمس فيها تأييدا لنظرية التحليل النفسي في تعليل الحوادث .و بهذا الصدد يعرض لنا
فرويد حالة عرضت له في خبرته الشخصية و هي لسيدة صغيرة كسرت ساقها من تحت الركبة في
حادث جعلها طريحة الفراش لعدة أسابيع وكان من المدهش حقا عدم وجود إحساس باأللم و
هدوئها الذي استقبلت به هذه اإلصابة و كانت اإلصابة مصحوبة بعرض عصابي خطير طال أمده ,
و في أثناء التحليل اتضحت الظروف التي أحاطت باإلصابة و االنطباعات الخاصة التي سبقتها .
14ـ اضطراب الشخصية :
قامت الدكتورة فالندر دنبار flader dunbarبدراسة لطائفة من المرضى السيكوسوماتيين
لتبين ما إذا كانت هناك خصائص نفسية يمكن تمييزها في األمراض السيكوسوماتية لمعرفة
عالقتها بالجوانب االنفعالية و كانت العينة عبارة مرضى سيكوسوماتيين ادخلوا إحدى مستشفيات
نيويورك .اتخذت مجموعة ضابطة من األفراد الذين دخلوا المستشفى بسبب حدوث إصابات لهم .
حيث كانت تعتقد أن األفراد الذين يدخلون المستشفى بسبب إصاباتهم هم أفراد أسوياء لكنها ما إن
بدأت دراستها بوقت قصير حتى أتضح لها أن مجموعة اإلصابات ,المفترض أنهم أسوياء من
الناحية النفسية ,إنما كانوا في الواقع بعيدين عن السواء ,وان هناك عوامل انفعالية تعمل على
توريطهم في اإلصابات .
و لقد أوضحت دراسات دنبار الالئك الذين دخلوا المستشفى بسبب اإلصابات ما يلي :
1ـ إن % 80من أولئك الذين ارتكبوا حادثا خطيرا ,يميلون إلى ارتكاب حوادث أخرى و لهم
شخصية خاصة ,أما ال % 20الباقية فهم أسوياء لحد ما ,و ليس لهم نمط خاص من الشخصية
و ال يميلون إلى ارتكاب حوادث أكثر .
2الناس المعروفون بارتكاب عديد من الحوادث الصغيرة يميلون إلى ارتكاب حادثة خطيرة .
3ـ أنهم ليسوا حمقى ,أو خاملين بل يميلون الن يكونوا حاضري البديهة للعمل و باال حرى
متبصرين .
4ـ أفراد مندفعون بصفة عامة يركزون على الحياة اليومية و ال يهتمون باألهداف البعيدة و هم
غالبا مستاءون من السلطة ,و قد وجدت دنبار أن نمط شخصياتهم متطابق تطابقا شديدا مع نمط
شخصيات األحداث الجانحين .
5ـ زواج األفراد القابلين لإلصابات ,يميل الن يكون غير ثابت على العموم .
6ـ يمتازون إلى حد كبير بخضوعهم لعامل الصدفة بما في ذلك الزواج ,يبدون ميال للمجازفة و
التخاذ القرارات السريعة بدون تفكير كاف .
7ـ بالرغم من انه قد أتضح لدنبار إن حاالت اإلصابات ليست سوية إال انه أتضح لها أيضا أنهم
كانوا بصفة عامة أكثر الفئات السيكوسوماتية التي درستها قربا من السواء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرج عبد القادر طه ,علم النفس الصناعي و التنظيمي القاهرة 1988ص 314دار المعارف .
و يتضح من نتائج دراسة ان األفراد الذين تسهل استشارة انفعاالتهم أكثر قابلية لإلصابات .
إن االستياء و االتجاه السلبي نحو العمل و االستياء من السلطة و العدم االتزان االنفعالي مرتبطة
باإلصابات و الحوادث .
و بهذا الصدد يعرض لنا فرويد حالة عرضت له في خبرته الشخصية و هي لسيدة صغيرة كسرت
ساقها من تحت الركبة في حادث جعلها طريحة الفراش لعد أسابيع و كان من المدهش حقا عدم
وجود إحساس باأللم و هدوئها الذي استقبلت به هذه اإلصابة وكانت اإلصابة مصحوبة بعرض
عصابي خطير طال أمده ,و في أثناء التحليل اتضحت الظروف التي أحاطت باإلصابة و االنطباعات
الخاصة التي سبقتها .فلقد أمضت السيدة بعض الوقت في مزرعة أختها بين جمع من أقاربها و
في إحدى الليالي رقصت إحدى الرقصات التي ضاق بها زوجها الغيور ضيقا بالغا فتقدم منها و
همس في أذنها قائال :مرة ثانية سلكت كما تسلك العاهرة فتركت الكلمات أثرا كبيرا فيها ,و في
هذه الليلة لم تذق طعم الراحة في نومها ,و في ضحى اليوم التالي أرادت أن تتنزه فاختارت
بنفسها األحصنة التي سوف تجر العربة التي تركبها و خالل النزهة كانت عصبية كما ذكرت
للحوذي ان األحصنة تفزع وما إن اعترض األحصنة عائق بسيط حتى قفزت من العربة في فزع
فكسرت ساقها ,هذا بينما لم يصب احد من كانوا بالعربة .
و في هذه الحالة يتبين بوضوح تلك المهارة الفائقة في إيجاد موقف واستغالله استغالال مناسبا
إلحداث إصابة تكيل للمراة عقابا مالئما لجريمتها التي ارتكبتها فبحدوث اإلصابة على هذا النحو
أصبح من المحال عليها أن ترقص لمدة طويلة و في نفس الوقت أشبعت لديها الحاجة إلى عقاب
الذات تكفيرا عما ارتكبته من جرم غضب له زوجها غضبا شديدا و هكذا استطاعت اإلصابة أن
تحقق هدفين في آن واحد احدهما عقاب السيدة على ما ارتكبته من ذنب و اآلخر حرمانها من
ارتكابها نفس الجرم لمدة طويلة وما دامت اإلصابة قد حققت لها كل هذا بنجاح ,فانه يحق لها أن
ترحب بها و ال تتألم منها .
الخاتمــة :تلك كانت أهم التوصيات التي نرى قيمتها التطبيقية ,راجين ان تتهيأ الظروف المناسبة
لالستفادة التطبيقية منها في تخفيض معدالت الحوادث بالنسبة لعمال الصناعة و المهن المختلفة ,
و بهذا فقط تتحقق االستفادة التطبيقية من نتائج البحوث و الدراسات ,و هو الذي يدفع بقوة إلى
إجرائها و بذل المزيد من الجهد و التكاليف لتقدمها .