You are on page 1of 12

İ.Ü.

Şarkiyat Mecmuası Sayı 20 (2012-1) 77-87 77

:‫المسرحي» لدى المسرحيّين الرّواد في المشرق‬


ّ ‫إشكاليّة «التعبير‬
‫تركيا العثمانيّة وبالد الشام وإيران‬
The TheatrIcal PIoneers’ Problem
of «TheatrIcal ExpressIon» In The
East: Ottoman Turkey, The Levant And Iran

Fatemeh Parchekani*

Abstract
Expressing a new art or literary genre is a problematic and challenge
faced by all those who perform that for the first time, since they should
find methods and terminology to express that. This is what the pioneer play
writers and dramatists faced in East when they tried to set up theater shows
or write plays in the nineteenth century.
People of those countries knew the art of theatre and brought it into their
countries, and they had to find new words and terms that reflect this new
art. Therefore, in order to recognize this problem and the ways to treat it, it
was necessary to study in depth between the eastern countries; Turkey, the
Levant and Iran, which were the pioneers of theatre launching in Ottoman
Turkish, Arabic and Persian languages.
Keywords: theatre, Turkey, Levant, Iran.

‫الخالصة‬
‫ إذ إ ّن‬،‫مرة‬ّ ‫يب اجلديد هو إشكاليّة وحت ّد يواجههما من يقوم مبمارسته أل ّول‬ ّ ‫الفن أو النوع األد‬
ّ ‫التعبري عن‬
‫ هذا ما واجهه املسرحيّون الرّواد يف بلدان املشرق عند قيامهم‬.‫عليه إجياد أساليب ومصطلحات للتعبري عنه‬
‫الفن باملعىن احلديث يف تلك البلدان يف القرن‬ ّ ‫مسرحي يف بدايات دخول هذا‬ ّ ‫مبمارسات مسرحيّة أو تأليف‬
.‫التاسع عشر‬
‫ ووجب عليهم إجياد كلمات‬،‫فن املسرح وأدخلوه إىل بالدهم‬ ّ ‫تعرفوا على‬ ّ ‫وكان أبناء هذه البلدان‬
‫ ومن أجل إدراك هذه اإلشكاليّة وكيفيّة معاجلتها من‬،‫ لذلك‬.‫الفن اجلديد‬ ّ ‫هذا‬ ‫تعب عن‬
ّ‫ومصطلحات جديدة ر‬
‫ وهي تركيا وبالد الشام‬،‫معمقة يف هذا اجملال بني بلدان املشرق‬ ّ ‫اسة‬ ‫ر‬ ‫بد‬ ‫القيام‬ ‫الضروري‬ ‫ من‬،‫قبل املسرحيّني‬
.‫ وذلك من خالل اللغات الرتكيّة العثمانيّة والعربيّة والفارسيّة‬،‫فن املسرح‬ ّ ‫وإيران اليت كانت رائدة يف إدخال‬
‫ املسرحيّون الرّواد‬،‫ إيران‬،‫ بالد الشام‬،‫ تركيا العثمانيّة‬،‫ التعبري املسرحي‬،‫ املسرح‬:‫الكلمات المفتاحيّة‬

* Dr., Ph.D in theatre from Saint Joseph University, Beirut, Lebanon, and Ph.D in Arabic literature from
Beirut Arab University. (fparchegani@gmail.com)
‫‪78‬‬ ‫”‪The Theatrical Pioneers’ Problem of “Theatrical Expression‬‬

‫مدخل‬
‫نتصور أن‬
‫عندما يشهد شعب فنًّا أو نو ًعا أدبيًّا جدي ًدا مل يسبق له أن شاهده‪ ،‬فإ ّن من أوىل وأبرز اإلشكاليّات اليت ميكننا أن ّ‬
‫الفن أو األدب‪ ،‬حيث إ ّن على القائمني به أن جيدوا طرقًا وتعابري ومصطلحات من‬ ‫يواجهها هذا الشعب هي طريقة التعبري عن هذا ّ‬
‫عما ميارسونه‪ ،‬ولكي يكون بإمكاهنم تعريف الشعب بفنّهم وممارساهتم‪.‬‬ ‫يعبوا ّ‬
‫أجل أن رّ‬
‫األوروپي يف تلك البلدان يف القرن التاسع عشر‪ ،‬إذ إ ّن‬‫ّ‬ ‫خيص نشأة املسرح‬ ‫بالنسبة إىل بلدان املشرق كان األمر كذلك فيما ّ‬
‫الفن وأحبّوه وأرادوا إدخاله إىل‬
‫ّ‬ ‫هذا‬ ‫على‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ف‬‫تعر‬
‫ّ‬ ‫الذين‬ ‫ّفني‬ ‫ق‬ ‫املث‬ ‫من‬ ‫عدد‬ ‫أبناء هذه البلدان شاهدوا فنًّا جدي ًدا يدخل عليهم بوساطة‬
‫اللغوي أ ّوالً‪ ،‬حيث إنهّ م مل يسبق هلم أن اختربوا‬
‫ّ‬ ‫التعبري‬ ‫ناحية‬ ‫من‬ ‫ح‪،‬‬‫املسر‬ ‫بلدهم‪ .‬وكان على املسرحيّني أن جيدوا طرقًا للتعبري عن‬
‫ّ‬
‫الفن أو طبّقوا كلمات ومصطلحات عليه‪ ،‬لذلك شكل هذا األمر حت ّديًا بارًزا أمامهم‪.‬‬ ‫هذا ّ‬
‫لذلك كلّه كانت إشكاليّة التسمية والتعبري عن املسرح إشكاليّة حقيقيّة وحت ّديًا كبريًا يف ّ‬
‫كل من تركيا العثمانيّة وبالد الشام وإيران‬
‫بفن جديد‪ ،‬كاملسرح الذي دخل املشرق‪ ،‬مل تكن‬ ‫يف فرتة بدايات نشأة املسرح فيها‪ ،‬حيث إ ّن الكلمات واملصطلحات املتعلّقة ّ‬
‫فن جديد خّاتذ طريقه إىل بلداهنم‪ ،‬حاولوا التعبري عن‬ ‫موجودة يف لغات بلدان املشرق‪ ،‬لذلك جند أ ّن أبناء املشرق‪ ،‬الذين ُدهشوا أمام ّ‬
‫الفن من خالل استخدام بعض الكلمات املوجودة يف لغتهم لإلشارة إىل املسرح وعناصره‪ ،‬أي قاموا بإطالق بعض الكلمات‪،‬‬ ‫هذا ّ‬
‫اليت كانت تُستخ َدم ملعا ٍن أخرى أو لإلشارة إىل التمثيليّات التقليديّة السائدة يف بلدهم‪ ،‬على املسرح اجلديد‪ ،‬أو قاموا مبحاولة ترمجة‬
‫الكلمات واملصطلحات األجنبيّة املتعلّقة باملسرح إىل لغتهم‪ ،‬كما أنهّ م استخدموا الكلمات األجنبيّة نفسها يف بعض األحيان‪ .‬وهنا‬
‫سنحاول دراسة هذه اإلشكاليّة يف البلدان املذكورة استنا ًدا إىل املصادر والوثائق املتوفّرة يف هذا اجملال‪.‬‬

‫المسرحي في بدايات المسرح‬


‫ّ‬ ‫التعبير‬
‫أ ّوالً‪ :‬تركيا العثمانيّة‬
‫شت من هذا البلد‪ ،‬لكن مل تكن‬ ‫األوروپي إليها كانت هناك مناذج متثيليّة تُعرض يف مناطق ىّ‬
‫ّ‬ ‫يف تركيا العثمانيّة‪ ،‬قبل دخول املسرح‬
‫األوروپي‪ ،‬أقيمت اخلشبة‪ ،‬ويف هذه الفرتة‪ ،‬اعتمد األتراك تسميتني للتمييز‬ ‫ّ‬ ‫هناك خشبة مسرح يف منطقة منها‪ .‬وعندما دخل املسرح‬
‫بني نوعني مسرحيَّني‪ ،‬فقيل للتمثيليّات القدمية «سوفلورسيز تياترو» أي «املسرح من دون السوفلور[‪ ]Souffleur‬أو امللقّن”‪،‬‬
‫مسي املسرح اجلديد بـ “سوفلوريل تياترو” أي “املسرح مع سوفلور أو امللقّن”‪.1‬‬ ‫وّ‬
‫املسرحي‪ ،‬كما أ ّن عبارة «تياترو اويوين» (لعبة‬‫ّ‬ ‫النص‬
‫كلمة «اويون» مبعىن «اللعب» كانت تُستعمل لإلشارة إىل املسرح و ّ‬
‫ال عن كلمة «متثيل»‪ .‬وعبارة «آجيكلي تياترو اويوين» أي «املسرحيّة احملزنة» وكلمة «فاجعة»‬ ‫أيضا‪ ،‬فض ً‬
‫التياترو) كانت سائدة ً‬
‫كانتا تشريان إىل الدراما والرتاجيديا‪ ،‬وكلمة «مضحكة» وعبارة «مضحك تياترو اويونو» كانتا تُستخدمان لإلشارة إىل الكوميديا‪،‬‬
‫أيضا‪ .‬وعبارة «منظوم كومديا» وكلمة «مقفّى» استُعملتا للكوميديا الشعريّة‪.2‬‬ ‫كما أ ّن كلميت «كومديا» و»كومدي» قد استُعملتا ً‬
‫استقرت مصطلحات «تياترو» و»أويون» و»تياترو أويوين»‪ ،‬حيث تُستَعمل اليوم لإلشارة إىل املسرح كعرض‪.3‬‬ ‫وأخريًا ّ‬
‫تدل على نوع املسرحيّة‪ ،‬منها «عِربت آميز اويون» أي‬ ‫كذلك يف عناوين بعض املسرحيّات يف الفرتة العثمانيّة نقرأ عبارات ّ‬
‫القَه ِخ ْد َم ْت اِي َد ْر‬
‫َخ َ‬
‫«املسرحيّة ذات العربة»‪ ،‬و»ا ّوليسي گولونچ‪ ،‬سونو آجيكلي‪ »4‬أي «أ ّوهلا مضحك‪ ،‬وآخرها حمزن»‪ ،‬و»ا ْ‬
‫تِيَاْ�ت ُرو» أي «املسرحية اليت ختدم األخالق»‪ ،‬و»بري فاجعه تارخييه» أي «فاجعة تارخييّة‪ ،»5‬و»اساسي تاريخ صحيحه مستند درام»‬
‫التارخيي الصحيح»‪ ،‬و»مضحك اوپرا" أي "األوپرا املضحكة"‪ ،‬و"رقص و شرقيلر ايله مزين مللي درام"‬ ‫ّ‬ ‫أي «الدراما ذات األساس‬

‫‪1. Metin And, Tanzimat ve İstibdat Döneminde Türk Tiyatrosu (1839- 1908), s 18.‬‬
‫‪2. Metin And, Başlangıcından 1983'e Türk tiyatro tarihi, s 98.‬‬
‫‪3. Haldun Taner, Tiyatro terimleri sözlüğü, s 77, 107, 108.‬‬
‫‪4. Evvelisi gülünç, sonu acıklı tiyatro.‬‬
‫‪5. Bir facia-i tarihiyye.‬‬
‫‪Fatemeh PARCHEKANİ / Şarkiyat Mecmuası Sayı 20 (2012-1) 77-87‬‬ ‫‪79‬‬

‫أي "الدراما الوطنيّة املزيّنة بالرقص واملوسيقى"‪.6‬‬


‫أ ّما لإلشارة إىل املمثّل‪ ،‬فقد استُعملت يف البدايات بعض الكلمات‪ ،‬منها «بازنده ‪ »7‬و»أويوجني‪ ،»8‬وهذه األخرية هي اليت‬
‫أيضا‪.‬‬
‫تُستعمل اليوم ً‬
‫حممد أفندي" سفري الدولة العثمانيّة‬ ‫هذه التسميات املتع ّددة وردت يف بعض النصوص املتعلّقة باملسرح‪ ،‬منها ما كتبه «چليب ّ‬
‫يف فرنسا عن املسرح‪ ،‬حني استعمل كلمة "بازنده لر" لإلشارة إىل املمثّلني‪ .‬كما أنّه يف اإلشارة إىل أوركسرتا يف املسرح مل يستعمل‬
‫كلمة معيّنة‪ ،‬بل كان يقول‪ ..." :‬أمامنا يف مكان حضور العازفني‪ ،9‬كان قد ُعلِّق ستار كبري‪.10»...‬‬
‫املسرحي يف تركيا إبراهيم شناسي باستعمال كلمة «كوميديا» يف اإلشارة إىل مسرحيّته «زواج شاعر»‪ ،11‬كما أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫يكتفي الرائد‬
‫نَامِق كمال يستعمل كلمة «تياترو» ومصطلح «تياترو أويوين» يف مسرحيّاته‪.‬‬
‫أيضا استعمال كلمات ومصطلحات متع ّددة‪.‬‬ ‫املسرحي‪ ،12‬فإنّنا نشهد ً‬ ‫ّ‬ ‫أ ّما فيما يتعلّق بالتقطيع‬
‫ال يف مسرحيّته «زواج شاعر» كلمة «فصل » املأخوذة من العربيّة لإلشارة إىل الوحدة الكربى‬
‫‪13‬‬
‫يستعمل إبراهيم شناسي مث ً‬
‫يسمي اليوم يف الرتكيّة « پَرده‪ 15»14‬وهي كلمة فارسيّة تعين «الستار»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ما‬ ‫وهو‬ ‫ة‪،‬‬ ‫بي‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫الع‬ ‫يف‬ ‫«الفصل»‬ ‫يف مسرحيّته أي ما يقابل‬
‫تسمى اليوم يف الرتكيّة «صحنه»‬ ‫ّ‬ ‫اليت‬‫و‬ ‫املشهد‪،‬‬ ‫أي‬ ‫ته‬‫مسرحي‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫الصغرى‬ ‫الوحدة‬ ‫إىل‬ ‫لإلشارة‬ ‫»‬ ‫‪16‬‬
‫«فقرة‬ ‫ويستعمل شناسي كلمة‬
‫أيضا‪ .‬وهاتان الكلمتان أي «پرده" و"صحنه" مشرتكتان يف التعابري املسرحيّة اليوم يف تركيا وإيران‪،‬‬ ‫وهي كلمة مأخوذة من الفارسيّة ً‬
‫املسرحي يف إيران يف هذا القسم‪ .‬كذلك إ ّن مصطلح "صحنه" يُستعمل اليوم لإلشارة إىل خشبة‬ ‫ّ‬ ‫التطرق إىل التعبري‬
‫كما سنرى يف ّ‬
‫املسرح يف تركيا وإيران‪.‬‬
‫أيضا كلمة "فصل" لإلشارة إىل الفصل‪ ،‬إالّ أنّه وخالفًا لشناسي‪ ،‬استعمل كلمة "جملس" لإلشارة‬ ‫كذلك استعمل نامق كمال ً‬
‫ِيسرتَه"‪.17‬‬
‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ي‬‫س‬‫ِ‬ ‫د‬‫اخوْ‬‫َن يَ ُ‬
‫إىل املشهد يف مسرحيّته " َوط ْ‬
‫حيافظ نامق كمال يف اعتماده على تقطيع املسرحيّة على الفصل واجمللس يف معظم مسرحيّاته‪ ،‬إالّ أنّنا نراه يعتمد على نوع آخر‬
‫يسمي الوحدة الكربى "فصل"‪ ،‬والوحدة الصغرى "پَرده"‪ ،‬والوحدة‬ ‫نهَِال" أي على ثالث وحدات‪ِّ ،‬‬ ‫«گ ْل ْ‬ ‫من التقطيع يف مسرحيّته ُ‬
‫األصغر "جملس"‪.18‬‬

‫‪6 - Metin And, age, s 98- 99.‬‬


‫مركبة من “باز” من “بازي” أي اللعب‪ ،‬والحقة “ َنده” الدالّة على اسم الفاعل‪( .‬علي اكبر دهخدا‪ ،‬لغت نامه‪،‬‬ ‫فارسي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪“ - 7‬بازندة” كلمة أصلها‬
‫ج ‪ ،10‬ص ‪).398‬‬
‫مركبة من “اويون” أي “اللعب” والحقة “چي" بمعنى "صاحب" أو الذي يقوم بـ"‪ ،‬وتعني اويونچی «الممثّل" ‪(Haldun‬‬ ‫‪ ،Oyunçu - 8‬كلمة ّ‬
‫)‪Taner,Tiyatro terimleri sözlüğü, s 77.‬‬
‫ومركبة من “ساز” أي آلة موسيقيّة‪ ،‬والحقة “ َنده” الدالّة على اسم الفاعل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فارسي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 9‬يَستعمل كلمة “سازنده” التي أصلها‬
‫‪10 - İbrahim Şinasi, Şair evlenmesi, Has. Özön, Mustafa nıhat, S 30.‬‬
‫‪11 - İbrahim Şinasi, Bütün eserleri, Haz. İsmail Parlatir, s 79.‬‬
‫المسرحي بحيث تتح َّدد المفاصل الرئيسيّة للحدث من خالل تقسيمه إلى‬
‫ّ‬ ‫‪ - 12‬التقطيع (‪ ،)Segmentation‬هو الشكل الذي يَنتظم فيه العمل‬
‫وحدات مثل الفصل (‪ )Act‬والمشهد (‪ )Scène‬واللوحة (‪ ،)Tableau‬وغير ذلك من أنواع التقطيع المستخدَمة في المسرح‪( .‬ماري إلياس‪ ،‬حنان‬
‫المسرحي‪ ،‬ص ‪).141‬‬
‫ّ‬ ‫قصاب حسن‪ ،‬المعجم‬ ‫ّ‬
‫‪13. İbrahim Şinasi, Bütün eserleri, Haz. İsmail Parlatir, s 79.‬‬
‫)‪14. Perde. (Haldun Taner,Tiyatro terimleri sözlüğü, s 77.‬‬
‫‪ .15‬بهرام بيضائى‪ ،‬نمايش در ايران‪ ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪16. İbrahim Şinasi, Bütün eserleri, age, s 81.‬‬
‫‪ .17‬نامق كمال‪ ،‬وطن يا خود سيليستره‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ - Namık Kemal, Gülnihal, yayına Haz. Ayşe demir.‬نامق كمال‪ُ ،‬گل نهال؛ ‪18.‬‬
‫‪80‬‬ ‫”‪The Theatrical Pioneers’ Problem of “Theatrical Expression‬‬

‫ثانيًا‪ :‬بالد الشام‬


‫كذلك كان األمر بالنسبة إىل بالد الشام‪ ،‬والبلدان العربيّة بشكل عا ّم‪ ،‬فيما يتعلّق بإشكاليّة التعبري عن املسرح يف البدايات‪،‬‬
‫استقر مصطلح «املسرح» بعد أن شهد ع ّدة تغيريات‪ ،‬فأُطلق بداية على املسرحيّة اسم «الرواية»‪ ،19‬ومن مثّ من أجل تفريق‬ ‫إىل أن ّ‬
‫مسيت «الرواية التشخيصيّة»‪ ،‬مثّ قيل‪« :‬متثيليّة» و»رواية متثيليّة»‪ ،‬وبعد‬ ‫املسرحيّة عن الرواية السرديّة‪ ،‬أضيفت كلمة «التشخيصيّة»‪ ،‬و ّ‬
‫أيضا كلمة «دراما»‬ ‫ذلك استعملت الكلمة اإليطاليّة «تياترو»‪ ،‬فقيل «تياترات» أي مسرحيّات‪ ،‬كما استُعملت كلمة «اللعبة»‪ ،‬و ً‬
‫اإلنكليزي للكلمة‪ .‬مثّ كما يشري بعض املصادر واملراجع بدأ مصطلح املسرحيّة واملسرح ّ‬
‫يستقر منذ اخلمسينيّات‬ ‫ّ‬ ‫املأخوذة من اللفظ‬
‫من القرن العشرين ‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫كذلك شهد مصطلح «املسرح» للداللة على مكان العرض تغيرّ ات ع ّدة‪ ،‬فأطلق عليه أ ّوالً «تياتر»‪ ،‬مثّ ُع ّرب بـ «املرسح»‪،‬‬
‫يل «تياترو»‪ .‬كما‬ ‫وهو الساحة الواسعة اليت جتري فيها االحتفاالت واألعياد واأللعاب يف القرى العربيّة‪ ،‬مثّ استُخدم املصطلح اإليطا ّ‬
‫استُعمِلت كلمة «امللعب»‪.21‬‬
‫ال عن فرتة بداية انطالقة املسرح يف بالد الشام يف القرن‬ ‫وعن املصطلحات اليت كانت دارجة يف اللغة العربيّة منذ القدمي‪ ،‬فض ً‬
‫التاسع عشر‪ ،‬كتبت الكاتبة «خالدة سعيد»‪« :‬مسرح‪ ،‬مرسح‪ ،‬مشهد‪ ،‬عرض‪ ،‬احتفال‪ ،‬فرجة‪ ،‬عيد‪ ،‬متسرح‪ ،‬مسرحة‪ ،‬جملس‪،‬‬
‫املشهدي‪ .‬فهذا العرض يستم ّد شرعيّته من مضمونه الشامل‬ ‫ّ‬ ‫ديوان‪ ،‬هذه مجيعها تسميات صاحلة لإلشارة إىل العمل أو العرض‬
‫اإليقاعي) ومن شعريّته؛ وهذا املضمون هو ما مينح التسمية داللتها وصدقيّتها»‪.22‬‬ ‫ّ‬ ‫كي‪-‬‬
‫البصري‪ -‬احلر ّ‬
‫ّ‬ ‫(النص ّي‪-‬‬
‫ّ‬
‫ّي‪،‬‬ ‫ل‬
‫ّ ّ‬‫احمل‬ ‫الشعيب‬ ‫نينها‬
‫ر‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫حمتفظ‬ ‫ّاش‪،‬‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫مارون‬ ‫استعارها‬ ‫اليت‬ ‫التسمية‬ ‫هي‬ ‫ة‪،‬‬ ‫احملكي‬
‫ّ‬ ‫اللغة‬ ‫«يف‬ ‫كتبت‪:‬‬ ‫«مرسح»‬ ‫كلمة‬ ‫عن‬ ‫كذلك‬
‫للفن املقتبَس‪،‬‬‫وظيفي للمكان‪ ،‬سابق ّ‬ ‫ّ‬ ‫أصله‪ .‬و»املرسح» اسم‬ ‫الفن الذي اقتبسه ومتلّكه و ّ‬ ‫مسى هبا ّ‬ ‫وأعطاها مضموهنا اجلديد و ّ‬
‫املتفرج فيه العب‬
‫حت ِّ‬ ‫حبريّة‪ .‬ىّ‬
‫ّ‬ ‫ألعابه‬ ‫يف‬ ‫املسامهة‬‫و‬ ‫ة‬‫ّ‬‫ي‬
‫حبر‬
‫ّ‬ ‫فيه‬ ‫ك‬ ‫التحر‬
‫ّ ّ‬ ‫يتم‬ ‫مفتوح‬ ‫مكان‬ ‫وهو‬ ‫االحتفال‪.‬‬‫ويعين حلبة الرقص والغناء و‬
‫مرسحا إالّ عند حضور اجلمهور احملتفل وقيام االحتفال‬ ‫ً‬ ‫املكان‬ ‫ى‬ ‫يسم‬
‫ّ‬ ‫وال‬ ‫حلظة‪.‬‬ ‫أي‬
‫ّ‬ ‫يف‬ ‫كة‬‫املشار‬
‫و‬ ‫ل‬‫التدخ‬
‫حريّة ّ‬ ‫بشكل ما‪ ،‬وميتلك ّ‬
‫حت العازف ال يقف جانبًا أل ّن مكانه وسط‬ ‫ىّ‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫وغري‬ ‫ات‬‫ر‬ ‫مها‬ ‫عرض‬ ‫أو‬ ‫لعب‬ ‫أو‬ ‫عزف‬ ‫أو‬ ‫رقص‬ ‫من‬ ‫ة‬‫اجلمعي‬
‫ّ‬ ‫وانطالق التعبريات‬
‫املرسح»‪.23‬‬
‫تدل على املسرح‪ ،‬إذ أورد يف‬ ‫اهتم بتثبيت مصطلحات ّ‬ ‫ين هو أ ّول من ّ‬ ‫يب أ ّن بطرس البستا ّ‬ ‫واعتربت مصادر تاريخ املسرح العر ّ‬
‫معجم «حميط احمليط» الذي صدر بني سنتيَ ‪ 1866‬و‪ 1869‬كلمتيَ «مسرح» و»خشبة»‪ ،‬وشرح معَ�نيَيهما بأنهّ ما مكان الرقص‬
‫واللعب‪.24‬‬
‫األوروپي‪ ،‬والذين‬
‫ّ‬ ‫كذلك استُعملت بعض التسميات األخرى للتعبري عن املسرح واألمور املتعلّقة به من قِبل الذين عرفوا املسرح‬
‫َن إىل بلداهنم‪ ،‬وسنكتشف هذا األمر من خالل اإلشارة إىل بعض الوثائق‪.‬‬ ‫اهتموا بإدخال هذا الف ِّ‬
‫ّ‬
‫ومبا أ ّن بالد الشام تُعترب من ضمن البلدان العربيّة عا ّمة‪ ،‬فمن املفيد اإلشارة إىل بعض ما كتبه العرب فيما يتعلّق باملسرح‪ ،‬منها‬
‫ما كتبه «رفاعة الطهطاوي» املصري مقاالً وصف فيه املسرح يف فرنسا‪ ،‬واستعمل فيه كلمة «التياتر» و»السبكتاكل»‪ .‬كما أنّه‬
‫استعمل مصطلح «الضحكات» لإلشارة إىل املسرحيّات الكوميديّة‪ ،‬و»املبكيات» لإلشارة إىل املسرحيّات الرتاجيديّة‪ .‬واستعمل‬
‫أيضا كلمة «لعب» لإلشارة إىل التمثيل‪ ،‬و»الالعب» مشريًا إىل املمثّل‪.‬‬ ‫ً‬
‫إن األب لويس شيخو في‬ ‫أيضا‪ ،‬حتّى النصف األوّل من القرن التاسع عشر‪ ،‬حيث ّ‬
‫العربي ً‬
‫ّ‬ ‫‪ .19‬درج مصطلح الرواية في أوساط مؤرّ خي األدب‬
‫كتابه “اآلداب العربيّة في القرن التاسع عشر” الذي نشره سنة ‪ ،1924‬استخدم مصطلح الرواية لإلشارة إلى المسرح‪ ،‬حتّى أنّه يسمّي موليير‬
‫“الراوية”‪( .‬لويس شيخو‪ ،‬اآلداب العربيّة في القرن التاسع عشر‪ ،‬ص ‪).106‬‬
‫المسرحي‪ ،‬ص ‪424‬؛ خليل الموسى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫قصاب حسن‪ ،‬المعجم‬‫‪ .20‬محمّد كامل الخطيب‪ ،‬نظريّة المسرح‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪7‬؛ ماري إلياس‪ ،‬حنان ّ‬
‫العربي الحديث‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫ّ‬ ‫المسرحيّة في األدب‬
‫قصاب حسن‪ ،‬م‪.‬س‪ ،.‬ص ‪.424‬‬ ‫‪ .21‬محمّد كامل الخطيب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،.‬ج ‪ ،1‬ص ‪7‬؛ ماري إلياس‪ ،‬حنان ّ‬
‫‪ .22‬خالدة سعيد‪ ،‬االستعارة الكبرى‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪ .23‬خالدة سعيد‪ ،‬م‪.‬ن‪ ،.‬ص ‪.11‬‬
‫قصاب حسن‪ ،‬م‪.‬س‪ ،.‬ص ‪.424‬‬ ‫‪ .24‬ماري إلياس‪ ،‬حنان ّ‬
‫‪Fatemeh PARCHEKANİ / Şarkiyat Mecmuası Sayı 20 (2012-1) 77-87‬‬ ‫‪81‬‬

‫تسمى التياتر‪ ..‬والسبكتاكل (‪ ،)Spectacle‬وهي يلعب فيها تقليد سائر ما وقع‪...‬‬ ‫«‪ ...‬فمن جمالس املالهي عندهم ّ‬
‫حمال ّ‬
‫كل لعبة تُرخي الستارة‪...‬‬ ‫فهي وإن كانت مشتملة على املضحكات فكم فيها من املبكيات‪ ...‬ويف الليلة يلعبون لعبات‪ ،‬وبعد فراغ ّ‬
‫كرسي‪ .‬وهكذا‪ ...‬وأعظم السبكتاكالت‬ ‫ال لعب شاه العجم ألبسوا العبًا لبس ملك العجم‪ ،‬وأحضروه وأجلسوه على ّ‬ ‫فإذا أرادو مث ً‬
‫املسماة باألوبرة‪ ...‬فيها أعظم اآلالتيّة وأهل الرقص وفيها الغناء على اآلالت والرقص بإشارات كإشارات األخرس‬ ‫ّ‬ ‫يس‬ ‫يف مدينة پار‬
‫تدل على أمور عجيبة‪.25”...‬‬ ‫ّ‬
‫يف هذا الكالم‪ ،‬يقصد الكاتب بـ «السبكتاكل» العرض (املشهد)‪ ،‬ويقصد بـ «اآلالتيّة» اآلالت املوسيقيّة‪ ،‬ويشري باحلركة‬
‫تدل على أمور عجيبة»‪.‬‬ ‫والتمثيل على املسرح بقوله «إشارات األخرس ّ‬
‫يسوغ استعماله‬ ‫كذلك يعرتف الطهطاوي بأنّه ال توجد كلمات ومصطلحات عربيّة للداللة الدقيقة على التياتر‪ ،‬وهكذا ّ‬
‫الكلمات األوروپيّة‪ ،‬يضيف‪:‬‬
‫مسا عربيًّا يليق مبعىن السبكتاكل أو التياتر‪ ،‬غري أ ّن اللفظ سبكتاكل معناه منظر أو متنـ ّزه أو حنو ذلك‪ ،‬ولفظ‬ ‫«‪ ...‬وال أعرف ا ً‬
‫يل نوع منها‪،‬‬ ‫املسمى خياليًّا‪ ،‬بل اخليا ّ‬
‫ّ‬ ‫اللعب‬ ‫أهل‬ ‫نظريها‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫ويقرب‬ ‫ّه‪،‬‬ ‫ل‬ ‫وحم‬ ‫اللعب‬ ‫هبا‬ ‫ي‬ ‫مس‬
‫ّ‬ ‫ما‬ ‫ّ‬
‫مث‬ ‫كذلك‪،‬‬ ‫األصلي‬
‫ّ‬ ‫تياتر معناه‬
‫يتوسع فيه‪ ،‬وال مانع أن ترتجم لفظة تياتر أو سبكتاكل بلفظ خيايلّ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أن‬ ‫ّ‬
‫ال‬ ‫إ‬ ‫قاصر‪،‬‬ ‫االسم‬ ‫وهذا‬ ‫كمدية‪،‬‬ ‫باسم‬ ‫الرتك‬ ‫عند‬ ‫وتشتهر‬
‫وبتوسع يف معىن هذه الكلمة‪.26»...‬‬ ‫ّ‬
‫يتوسع معىن هذه الكلمة كي يشمل ما جيري يف‬ ‫ّ‬ ‫أن‬‫و‬ ‫التياتر‪،‬‬ ‫إىل‬ ‫لإلشارة‬ ‫ّ»‬ ‫يل‬ ‫«خيا‬ ‫كلمة‬ ‫استعمال‬ ‫مقاله‬ ‫يف‬ ‫الطهطاوي‬ ‫ويقرتح‬
‫الكوميدي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يدل على تأكيده أ ّن األتراك يستخدمون كلمة «كمدية» للمسرح‬ ‫التياتر‪ .‬كما أ ّن كالمه ّ‬
‫كما أ ّن األديب اللبناين «أمحد فارس الشدياق» يف مقاله الذي كتبه سنة ‪ 1850‬عن املسارح يف لندن استعمل لفظ «ثياطر»‬
‫لإلشارة إىل املسرح كملهى‪ ،‬واستخدم كلمة «الالعبني» ليشري إىل املمثّلني‪ .‬كما أنّه حاول أن يعطي معلومات عن الديكور يف‬
‫املسرح‪ ،‬باستخدامه كلمات «اآلالت واألدوات واملناظر»‪ ،‬فيقول‪ ...« :‬ويف هذه املواضع من اآلالت واألدوات واملناظر ما حييرّ‬
‫الناظر‪ ،‬ألنّه على قدر اختالف الوقائع واحلوادث ينبغي أن يكون اختالف األدوات الالزمة لتمثيلها‪.27»...‬‬
‫أ ّما بالنسبة إىل املسرحيّني الرّواد يف بالد الشام‪ ،‬فنرى أ ّن مارون نقّاش وأبا خليل القبّاين استخدما كلمة «رواية» لإلشارة إىل‬
‫مرسحا أدبيًّا‪،‬‬
‫كالنص‪ .‬حيث قال نقّاش يف خطبته‪ « :‬ومربًزا هلم ً‬ ‫ّ‬ ‫أيضا للمسرح‬ ‫املسرحيّة‪ ،‬وكلمة «مرسح» للمسرح كمكان‪ ،‬و ً‬
‫ال نقّاش كتب يف عنوان مسرحيّته‬ ‫وذهبًا إفرجنيًّا مسبوًكا عربيًّا‪ .28»...،‬كما أنهّ ما يضيفان بعض األوصاف إىل كلمة «الرواية»‪ .‬فمث ً‬
‫ملحنة»‪ ،29‬كما أنّه يصف مسرحيَّتيه «أبو احلسن املغفّل» و»السليط احلسود» بـ «رواية مضحكة‬ ‫«البخيل»‪« ،‬رواية مضحكة كلّها ّ‬
‫ملحنة»‪.30‬‬
‫ّ‬
‫ال يف مسرحيّة «هارون الرشيد مع األمري غامن بن أيّوب وقوت‬ ‫أيضا أوصافًا إىل كلمة «الرواية»‪ ،‬فمث ً‬ ‫أ ّما القبّاين فيضيف ً‬
‫القلوب» أورد عبارة «تارخييّة غراميّة أدبيّة تلحينيّة تشخيصيّة»‪ ،31‬ويف مسرحيّة «عفيفة» كتب عبارة «تارخييّة أدبيّة أخالقيّة متثيليّة‬
‫تلحينيّة»‪ ،32‬ويف مسرحيّة «عنرت بن ش ّداد» كتب «تارخييّة أدبيّة غراميّة حربيّة تلحينيّة تشخيصيّة»‪.33‬‬
‫يسمي «املشهد» بالـ»منظر» يف بعض مسرحيّاته منها‪:‬‬ ‫عما يتعلّق باملسرح‪ ،‬نرى أ ّن أبا خليل القبّاين ّ‬ ‫وبالنسبة إىل التعبري ّ‬
‫يسمى فيها‬ ‫ّ‬ ‫اليت‬ ‫اته‬‫ّ‬‫مسرحي‬ ‫لباقي‬ ‫ًا‬
‫ف‬ ‫خال‬ ‫اجلميل»‬ ‫و»ناكر‬ ‫النساء»‬ ‫و»حيل‬ ‫اد»‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫ش‬ ‫بن‬ ‫و»عنرت‬ ‫العجم»‬ ‫«األمري حممود جنل شاه‬
‫عن‪ :‬محمّد كامل الخطيب‪ ،‬نظريّة المسرح‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.25 -17‬‬ ‫‪.25‬‬
‫عن‪ :‬محمّد كامل الخطيب‪ ،‬م‪.‬ن‪ ،.‬ج ‪ ،1‬ص ‪.20 -19‬‬ ‫‪.26‬‬
‫عن‪ :‬محمّد كامل الخطيب‪ ،‬م‪.‬ن‪ ،.‬ج ‪ ،1‬ص ‪.25 -17‬‬ ‫‪.27‬‬
‫مارون ّنقاش‪ ،‬أرزة لبنان‪ ،‬مق ّدمة نقوال ّنقاش‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪.28‬‬
‫مارون ّنقاش‪ ،‬م‪.‬ن‪ ،.‬تحقيق نبيل أبو مراد‪ ،‬ص ‪.110‬‬ ‫‪.29‬‬
‫مارون ّنقاش‪ ،‬م‪.‬ن‪ ،.‬ص ‪.353 ،188‬‬ ‫‪.30‬‬
‫العربي‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫ّ‬ ‫أبو خليل القبّاني‪ ،‬المسرح‬ ‫‪.31‬‬
‫أبو خليل القبّاني‪ ،‬م‪.‬ن‪ ،.‬ص ‪.129‬‬ ‫‪.32‬‬
‫أبو خليل القبّاني‪ ،‬م‪.‬ن‪ ،.‬ص ‪.189‬‬ ‫‪.33‬‬
‫‪82‬‬ ‫”‪The Theatrical Pioneers’ Problem of “Theatrical Expression‬‬

‫املشهد بـ «اجلزء»‪.‬‬
‫كل فصل من‬‫ويف مسرحيّة «لباب الغرام» أو «ملك مرتيدات» خيتار القبّاين تسمية أخرى للمشهد وهي «الواقعة» ويتألّف ّ‬
‫ع ّدة واقعات‪.‬‬
‫«املشخص»‪ ،‬وللداللة على التمثيل يستعمالن‬
‫ّ‬ ‫ّاشا والقبّاين يستخدمان كلمة‬
‫أ ّما بالنسبة إىل اإلشارة إىل املمثّل‪ ،‬فنجد أ ّن نق ً‬
‫«التشخيص»‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬إيران‬
‫الفن إليها‪ .‬يف إيران‪ ،‬كما يف البلدان‬
‫ويأيت دور إيران كي نتح ّدث عن إشكاليّة التعبري عن املسرح فيها يف بدايات دخول هذا ّ‬
‫يعب‬ ‫أن‬ ‫ما‬ ‫يقة‬
‫ر‬ ‫بط‬ ‫ٌّ‬
‫كل‬ ‫وحاول‬ ‫اجملال‪،‬‬ ‫األوروپي واملسرحيّون الرّواد إشكاليّات يف هذا‬ ‫تعرفوا على املسرح‬
‫رّ‬ ‫ّ‬ ‫األخرى‪ ،‬واجه أولئك الذين ّ‬
‫الفن اجلديد الذي بدأت البالد تشهده‪.‬‬ ‫عن هذا ّ‬
‫املعبة عن املسرح والعناصر املتعلّقة به تغيرّ ات يف الفرتات الالحقة وصوالً إىل اليوم الذي متّ‬
‫وشهدت الكلمات واملصطلحات رّ‬
‫أيضا‪ .‬وكلمة «منايش نامه » ّ‬
‫تدل‬ ‫‪35‬‬
‫املسرحي‪ ،‬كما أ ّن كلمة «تئاتر» دارجة ً‬
‫ّ‬ ‫تثبيت كلمة «نمَ ايِش‪ »34‬لإلشارة إىل املسرحيّة والعرض‬
‫فيسمى عادة «تئاتر»‪.‬‬
‫املسرحي ّ‬
‫ّ‬ ‫املسرحي‪ .‬أ ّما املكان‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫على ّ‬
‫وهنا سنشري إىل بعض الوثائق لبيان التعابري املستخدمة فيها‪.‬‬
‫ازي»‪ ،‬أحد اإليرانيّني الذين سافروا إىل أوروپا وشاهدوا مسارح وحضروا مسرحيّات‪ ،‬ومن مثّ كتبوا عنها بعد‬ ‫«مريزا صاحل الشري ّ‬
‫عودهتم إىل بلدهم حماولني تعريف املسرح‪ ،‬وضع تقر ًيرا عن املسرح يف مدينة پطرسربغ الروسيّة‪ ،‬واستعمل فيه كلمة «تمَ اشا خانه‪»36‬‬
‫لإلشارة إىل املسرح كمكان العرض‪ .‬كتب‪« :‬متاشاخانه [املسرح] من املباين املوجودة يف پطرسربغ‪ .‬مل يكن موجوًدا يف روسيا قبل‬
‫ستّني سنة‪ ،‬واستقدمت إمرباطورة روسيا إليزابيث قبل مخس ومخسني سنة ع ّدة أشخاص من «متاشاخانه» [املسرح] يف فرنسا والنمسا‬
‫يؤسسوا «متاشاخانه» [املسرح] يف موسكو‪.37»...‬‬ ‫والسويد كي ّ‬
‫أ ّما بالنسبة إىل الداللة على املمثّل‪ ،‬فاستعمل يف تقريره‪ ،‬عن مسرح «كاونت غاردن» يف لندن‪ ،‬كلمة «بازي َگر" أو‬
‫ويدل استعمال هذه الكلمة على أ ّن الكاتب كان يعرفها من طريق التمثيليّات التقليديّة‬ ‫أيضا للممثّل‪ّ .‬‬ ‫يگر‪ »38‬اليت تُستعمل اليوم ً‬ ‫"باز َ‬
‫كل من يلعب يف‬ ‫السائدة يف إيران سابقًا‪ ،‬إذ يشري بعض املصادر واملراجع إىل أ ّن هذه الكلمة كانت تُستعمل سابقًا للداللة على ّ‬
‫أنواع الفرجة والتمثيليّات‪.39‬‬
‫ويف إشارة إىل التمثيل‪ ،‬يستعمل الكاتب «بازي‪ »40‬و»شبيه‪ ،»41‬كتب‪« :‬ويف لندن‪ ،‬تنتشر عشر متاشاخانه [مسرح] كبرية‬
‫وصغرية‪ ،‬فيها عدد كبري من املوظّفني وبازي گران [املمثّلني]‪ ،‬ويقصدها الناس عند الليل‪ ...‬يف جانب من متاشاخانه [مسرح] يغنيّ‬
‫املطربون ويف جانب آخر يقوم بازيگران [املمثّلني] بِبازي وشبيه [التمثيل]‪.42"...‬‬

‫“يش”‪ ،‬تعني العرض‪( .‬علي اكبر دهخدا‪ ،‬لغت نامه‪ ،‬ج ‪ ،47‬ص ‪778‬؛ بهرام بيضائى‪ ،‬نمايش در ايران‪،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ .34‬كلمة مركبة من “نما” والحقة ِ‬
‫ص ‪).224‬‬
‫ّ‬
‫“يش” و”نامه”‪( .‬علي اكبر دهخدا‪ ،‬همان‪ ،‬ج ‪ ،47‬ص ‪).778‬‬ ‫‪ .35‬كلمة مركبة من “نما” والحقة ِ‬
‫مركبة من‬ ‫َ‬
‫“بازيگر خانه" وهي ّ‬ ‫مركبة من “تماشا” أي التفرّ ج‪ ،‬و”خانه” أي الدار‪ .‬وكانت تُس َتعمل ً‬
‫أيضا لإلشارة إلى المعنى نفسه كلمة‬ ‫‪ .36‬كلمة ّ‬
‫"گر" و"خانه" أي الملعب والمسرح والتياتر‪( .‬علي اكبر دهخدا‪ ،‬همان‪ ،‬ج ‪ ،10‬ص ‪413‬؛ ج ‪ ،16‬ص ‪).928‬‬ ‫"بازي" والحقة َ‬
‫‪ .37‬ميرزا صالح شيرازي‪ ،‬سفرنامه‪ ،‬ص ‪.126 -125‬‬
‫مركبة من «بازي» بمعنى اللعب و الحقة «گر"‪( .‬علي اكبر دهخدا‪ ،‬لغت نامه‪ ،‬ج ‪ ،10‬ص ‪).413‬‬ ‫‪ .38‬كلمة ّ‬
‫‪ .39‬بهرام بيضائى‪ ،‬نمايش در ايران‪ ،‬ص ‪.214‬‬
‫‪“ .40‬بازي” أي “اللعبة” بمعنى التمثيل‪ ،‬وهي كلمة كانت وال تزال تُستعمل للتمثيل‪( .‬علي اكبر دهخدا‪ ،‬همان‪ ،‬ج ‪ ،10‬ص ‪).404‬‬
‫‪“ .41‬شبيه” كلمة كانت تُستعمل للتمثيل في التمثيليّات التقليديّة اإليرانيّة‪ ،‬واستعملها ميرزا صالح في اإلشارة إلى التمثيل في المسرح األوروپي‪.‬‬
‫‪ .42‬ميرزا صالح شيرازي‪ ،‬سفرنامه‪ ،‬ص ‪.316 -315‬‬
‫‪Fatemeh PARCHEKANİ / Şarkiyat Mecmuası Sayı 20 (2012-1) 77-87‬‬ ‫‪83‬‬

‫ازي هو ّأول من استعمل كلمة «شبيه» مبعىن التمثيل يف املسرح‪ ،‬وهي كلمة يف‬ ‫مؤرخي املسرح يف إيران أ ّن الشري ّ‬ ‫ويذكر بعض ّ‬
‫املرة يف توصيف املسرح على الطريقة األوروپيّة‪.44‬‬
‫ّ‬ ‫هذه‬ ‫خدم‬ ‫ت‬ ‫س‬
‫ُ َ‬‫ت‬‫و‬ ‫»‪،‬‬ ‫‪43‬‬
‫ية‬
‫ز‬ ‫«التع‬ ‫ا‬ ‫خصوص‬
‫ً‬ ‫ة‬‫ّ‬‫اني‬
‫ر‬ ‫اإلي‬ ‫التمثيليّات التقليديّة‬
‫ازي كلمة «صحن» العربيّة لإلشارة إىل قاعة املسرح‪ ،‬وكلمة «احلجرة» العربيّة لإلشارة إىل املقصورات يف‬ ‫كذلك يستعمل الشري ّ‬
‫املسرح‪ ...« .‬من جيلس يف «صحن» [القاعة] يدفع ثالثة شيلنغات ونصف شيلنغ‪ ،‬ومن جيلس يف «حجرات» [املقصوارت] سبعة‬
‫شيلنغات‪ ،‬ومن جيلس فوق احلجرات‪ ،‬شيلن َغني‪.45« ...‬‬
‫كذلك كتب «مريزا مصطفى أفشار» تقر ًيرا عن مسارح يف روسيا‪ ،‬استخدم فيه كلمات متع ّددة لإلشارة إىل املسرح وعناصره‪،‬‬
‫الفن اجلديد‪.‬‬
‫وهذا التقرير مليء بكلمات ومصطلحات حياول هبا الكاتب التعبري عن ّ‬
‫كل مسرح مخسمائة‬ ‫كل الواليات الروسيّة لتسلية الناس‪ ....‬يعمل يف ّ‬
‫«بنوا مباين طياتر [تياتر] الذي هو مبعىن «متاشا خانه» يف ّ‬
‫املتبحرين يف فنون احملاورة والرقص والغناء‪ ...،‬منهم من يعمل يف احملاورات‬ ‫األقل‪ ،‬ومجيعهم من املتعلّمني و ّ‬ ‫موظّف وموظّفة على ّ‬
‫املنظومة واملنثورة‪ ،‬ومن يدخل إىل «بازي» [املسرحيّة] يف «مطايبات» و»مضحكات»‪ ،‬ومن يقوم بالغناء واألناشيد‪ ،‬ومجاعة تقوم‬
‫احلب بـ «اشاره» [إشارة] و»اميا» [إمياء]‪ ،‬منهم يعمل يف الشعوذة‪...‬‬ ‫بـ «بازي» [التمثيل] والرقص‪ ،‬والبعض يقوم بأداء الرغبة و ّ‬
‫هناك غرف يدخل فيها «متاشائيان‪[ »46‬املُشاهدون] ما بني «بازي» [املَشاهد]‪ ... ...‬تُعرض «بازي ها»ي (ل َُعب‪ ،‬مسرحيّات)‬
‫غريبة وشعوذات عجيبة يف مسرح پطرسربغ‪.47»...‬‬
‫استعمل الكاتب كلمة «طياتر» األجنبيّة‪ ،‬ويرتمجها بـ «متاشاخانه»‪ ،‬كما أنّه يستخدم «متاشائي» لإلشارة إىل املشاهدين‪.‬‬
‫وجتدر اإلشارة إىل أ ّن هذه الكلمة شهدت تغيرّ ات‪ ،‬واليوم تُستعمل كلمة «متاشاچي‪ّ »48‬‬
‫لتدل على املُشاهد‪.‬‬
‫ائي‪ ،‬ليشري إىل املسرحيّة حينًا‪ ،‬وإىل التمثيل أحيانًا‪،‬‬
‫ومن الالفت أ ّن الكاتب يستعمل كلمة «بازي» أي اللعب بشكل عشو ّ‬
‫وإىل َمشاهد املسرحيّات أحيانًا أخرى‪.‬‬
‫لفظي «مطايبات» و»مضحكات» العربيَّني‪ ،‬ويقصد هبما املَشاهد الكوميديّة‪ ،‬كما أنّه يشري إىل‬ ‫كما أ ّن الكاتب استعمل َ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫احلركات املسرحيّة باستخدام كلمتيَ «إشارة» و»إمياء» العربيَّتَني‪ ،‬وربمّ ا قصد هبما حركات امليم ً‬
‫كذلك نورد تقر ًيرا آخر كتبه «حسني خان آجودانباشي نظام الدولة»‪ ،‬من رجال احلكومة القاجاريّة‪ ،‬عن املسرح يف ڤيينا يف‬
‫كتاب رحالته‪ ،‬لنرى التعابري املستَعملة فيه لإلشارة إىل ما يتعلّق باملسرح‪.‬‬
‫«نظرا لوجود الكثري من «متاشاخانه» [املسرح] يف مجيع ممالك اإلفرنج‪ ،‬وأل ّن األمراء واألعيان ميلكون حجرة [مقصورة] فيها‬ ‫ً‬
‫حسب مراتبهم‪ ،‬يبقى املفتاح مع صاحبها‪ ،‬يدخل إليها ملشاهدة «متاشا» وقتما يشاء‪ ...،‬يف الليلة التالية ذهبنا مع آجودانباشي‬
‫اخلاصة لإلمرباطور‪ ،‬ورجعنا إىل املنـزل بعد انتهاء اجمللس‬
‫اإلنكليزي ودخلنا إىل احلجرة [املقصورة] ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحممد رضا بيك واحلكيم‬
‫[العرض]‪.49»...‬‬
‫بعض الكلمات واملصطلحات اليت استعملها الكاتب مشرتكة بينه وبني آخرين ممّن كتبوا عن املسرح‪ ،‬منها «حجرة»‬
‫و»متاشاخانه»‪ .‬كما أنّه استعمل كلمة «متاشا»‪ ،‬واألرجح أنّه يقصد هبا «العرض»‪ ،‬إالّ أنّه يعود ويستعمل كلمة «جملس» العربيّة‬
‫ليدل على العرض نفسه‪.‬‬ ‫ّ‬

‫خصوصا ما جرى لحفيده اإلمام “الحسين” في كربالء سنة ‪ 61‬للهجرة‪.‬‬‫ً‬ ‫النبي محمّد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .43‬هي تمثيليّة تُقام على أساس الروايات المتعلّقة بحياة آل‬
‫(بهرام بيضائى‪ ،‬همان‪ ،‬ص ‪.)113‬‬
‫‪ .44‬جمشيد ملك پور‪ ،‬ادبيات نمايشى در ايران‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.74‬‬
‫‪ .45‬ميرزا صالح شيرازي‪ ،‬همان‪ ،‬ص ‪.316 -315‬‬
‫"المشاهدون" أو "المتفرِّ جون" آنذاك‪( .‬علي اكبر دهخدا‪،‬‬
‫ِ‬ ‫وأيضا كلمة “تماشاچي" كانتا تُستعمالن بمعنى‬ ‫ً‬ ‫‪“ .46‬تماشائيان” جمع “تماشائي”‬
‫همان‪ ،‬ج ‪ ،16‬ص ‪).929 ،928‬‬
‫‪ .47‬مصطفى بن نصرهللا أفشار‪ ،‬احواالت سفر ميرزا مسعود‪ ،‬ص ‪.260 -257‬‬
‫‪ .48‬كلمة مركبّة من “تماشا” بمعنى التفرّ ج‪ ،‬والحقة “چي" التركيّة‪.‬‬
‫‪ .49‬عبد الفتاح گرمرودى‪ ،‬شرح مأموريت آجودانباشي‪ ،‬ص ‪.298 -297‬‬
‫‪84‬‬ ‫”‪The Theatrical Pioneers’ Problem of “Theatrical Expression‬‬

‫ليدل على أكثر من معىن‪،‬‬ ‫وهكذا نرى أنّه ال يوجد دقّة كبرية يف استعمال الكلمات يف مكاهنا‪ .‬وأحيانًا يُستَعمل كلمة واحدة ّ‬
‫ليدل على معىن واحد‪.‬‬ ‫وأحيانًا يُستَخدم كلمات متع ّددة ّ‬
‫يف تقارير كتبها ناصرالدين شاه عن املسارح يف أوروپا‪ ،‬يستعمل الكلمات واملصطلحات السابقة لإلشارة إىل املسرح وما يتعلّق‬
‫به‪ ،‬إالّ أنّه يبدا باستعمال كلمات ومصطلحات مل تكن سائدة سابقًا‪.‬‬
‫كتب عن مسرح مدينة موسكو يف رحلته األوىل إىل أوروپا اليت متّت سنة ‪:1873‬‬
‫«كانت الشمس ال تزال ساطعة‪ ،‬فذهبنا إىل «متاشاخانه» [املسرح] بناه اإلمرباطور نيقوال‪ .‬عندما وصلنا صعدنا على السلّم‬
‫مرة تظهر الراقصات بثياب‬ ‫كل ّ‬‫وجلسنا يف «لوج‪ ”Loge -‬أمام “سن‪ ”Scène -‬أي أمام مكان “بازي” [التمثيل]‪ ...‬ويف ّ‬
‫أيضا‪ .‬وبعد انتهاء “جملس” [مشهد] يُسدل الستار‬ ‫هلن املشاهدون ويقولون “‪ ”Pois‬يعين ً‬ ‫خمتلفة‪ ،‬ويرقصن بشكل مجيل ويصفق ّ‬
‫يسمى ّ‬
‫كل‬ ‫مثّ يُزاح‪ ،‬بعد ربع ساعة من اسرتاحة الناس‪ ،‬للبدء بـ “جملس” [مشهد] آخر‪ .‬ذهبنا بعد الدفعة األوىل من التمثيل الذي ّ‬
‫منه “اكت‪[ ”Acte -‬مشهد] إىل مكان جلوس آخر كان مشرفًا على مكان الرقص‪ ،‬وجلس األمراء واآلخرون يف لوج [مقصورة]‬
‫حت منتصف الليل‪.50”...‬‬ ‫مرات وعرضوا مخسة أنواع من “بازي” [التمثيل] ىّ‬ ‫األوىل‪ .‬أزاحوا الستار مخس ّ‬
‫ال استخدم كلمة «لوج» األجنبيّة لإلشارة‬ ‫استخدم ناصرالدين شاه بعض الكلمات الفرنسيّة لإلشارة إىل املسرح وعناصره‪ ،‬فمث ً‬
‫إىل املقصورة يف املسرح‪ ،‬يف حني أ ّن اآلخرين كانوا قد اختاروا كلمة «حجرة» العربيّة هلذا املعىن‪ .‬كما أنّه يشري إىل كلمة «سن»‬
‫املسرحي‪ .‬كما أنّه استعمل كلمة «جملس» لإلشارة إىل مشهد من العرض‪ ،‬يف حال أنّه يف بعض‬ ‫ّ‬ ‫للخشبة‪ ،‬وكلمة «اكت» للمشهد‬
‫التقارير السابقة كانت هذه الكلمة قد استُعملت للعرض‪ .‬كذلك استخدم كلمة «‪ ”pois‬اليت مسعها من املشاهدين‪ ،‬ويبدو أ ّن‬
‫“أيضا”‪.‬‬‫األصح هو “‪ ”Bis‬اليت تُستخدم لإلشارة إىل ً‬ ‫ّ‬
‫ين أ ّن هذا التقرير هو األ ّول بني التقارير املسرحيّة اإليرانيّة اليت تُستخدم فيها كلمات صحيحة فرنسيّة‬
‫مؤرخو املسرح اإليرا ّ‬
‫واعترب ّ‬
‫ين‪.51‬‬
‫لتوضيح املسرح وعناصره مثل “سن” و”اكت”‪ ،‬وهكذا دخلت هذه الكلمات إىل املعجم املسرحي اإليرا ّ‬
‫أيضا‪ ،‬منها ما كتبه عن املسرح يف مدينة پطرسربغ‪:‬‬ ‫ويُعيد الشاه استعمال كلماته املختارة يف تقاريره الالحقة ً‬
‫معا يف العربة وذهبنا إىل «متاشاخانه» [املسرح]‪ ...‬كان الطريق‬
‫«عند الغروب جاء صاحب اجلاللة اإلمرباطور إىل منـزلنا وجلسنا ً‬
‫طويالً‪ ...‬بعد إسدال الستار األ ّول ذهبنا إىل غرفة أخرى‪ ...‬وبعد ذلك ذهبنا مع اإلمرباطور إىل «لوج» [املقصورة] السفليّة اليت‬
‫أيضا»‪.52‬‬
‫كانت قريبة من مكان «متاشا» [العرض]‪ ،‬وشاهدنا «دو اكت» [مشه َدين] هناك ً‬
‫لكن ناصر الدين شاه يف رحلته الثالثة إىل أوروپا اليت متّت سنة ‪ ،1888‬أي بعد مخس عشرة سنة من رحلته األوىل‪ ،‬استعمل‬ ‫ّ‬
‫كلمة «تياتر» لإلشارة إىل املسرح بدالً من كلمة «متاشاخانه» اليت استخدمها سابقًا‪ .‬كتب عن آمفي تياتر يف وارشو‪:‬‬
‫«‪ ...‬علينا أن نذهب إىل «تياتر» [املسرح] عمارة الرنسكي‪ ...‬هذا التياتر بدون سقف‪ ...‬بنوا أمام «سن» [اخلشبة] بشكل‬
‫مدرجات جيلس الناس عليها‪ ...‬كانوا قد وضعوا لنا كراسي أمام «سن»‪ ،‬وكان بيننا وبني «سن» مسافة مخسة‬ ‫نصف هالل له ّ‬
‫جدا‪ .‬أُزيح الستار وظهر املمثّلون بدأوا بالرقص‪...‬لقد عرضوا «دو پرده"‬ ‫ال ًّ‬ ‫أو ستّة أذرع من املاء يف البحرية‪ ...‬كان املكان مجي ً‬
‫ائعني خالل هذه الليلة‪.53"...‬‬ ‫[مشه َدين] ر َ‬
‫وهنا يستعمل كلمة «پرده" مبعىن الستار‪ ،‬لإلشارة إىل املشهد‪ ،‬خالفًا لتقريره السابق الذي اختار فيه كلمة "اكت" الفرنسيّة‬
‫أيضا‪.‬‬
‫لإلشارة إىل املعىن نفسه‪ .‬وقد يكون يف فرتة كتابة تقريره هذا ساد مصطلح "پرده" الذي يُستعمل اليوم ً‬
‫أ ّما الفرق الثاين يف تقاريره املكتوبة يف رحلته الثالثة‪ ،‬فهو أ ّن الشاه يستعمل كلمة "شبيه" لإلشارة إىل التمثيل‪ ،‬بدالً من "بازي"‬

‫ناصر الدين شاه‪ ،‬روزنامه سفر فرنگستان‪ ،‬ص ‪.25‬‬ ‫‪.50‬‬


‫جمشيد ملك پور‪ ،‬ادبيات نمايشى در ايران‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.90‬‬ ‫‪.51‬‬
‫ناصر الدين شاه‪ ،‬روزنامه سفر فرنگستان‪ ،‬ص ‪.29‬‬ ‫‪.52‬‬
‫ناصرالدين شاه‪ ،‬سفرنامه‪ ،‬سفر سوم‪ ،‬ص ‪.79 -78‬‬ ‫‪.53‬‬
‫‪Fatemeh PARCHEKANİ / Şarkiyat Mecmuası Sayı 20 (2012-1) 77-87‬‬ ‫‪85‬‬

‫اليت استخدمها سابقًا‪ .‬وذكرنا سابقًا أن مصطلح "شبيه" كان يُستعمل منذ القدمي لإلشارة إىل بعض التمثيليّات التقليديّة يف إيران‬
‫منها التعزية‪.‬‬
‫كتب ناصرالدين شاه عن مسرح ادن‪:‬‬
‫ال يف "متاشاخانه" [مسرح] ادن ‪ .Eden54‬إنّه مجيل‪ .‬صعدنا على سالمل صغرية وجلسنا يف «لوج» [مقصورة]‬ ‫"حضرنا لي ً‬
‫ُ‬
‫واسعة أمام (سن) [اخلشبة]‪ ...‬مثّ قاموا بـ «شبيه» [متثيل] نفق ُسنسيت يف ايطاليا الذي أنشئ بعد حفريات داخل اجلبل يبلغ عمقها‬
‫سبعة فراسخ‪ ...‬مثّ قاموا بـ «شبيه» [متثيل] قناة السويس‪.« 55»..،‬‬
‫صحافباشي» وهو تاجر سافر إىل أوروپا‪ .‬استخدم يف‬ ‫األوروپي كتبها «مريزا إبراهيم ّ‬ ‫ّ‬ ‫كذلك هناك تقارير أخرى عن املسرح‬
‫املرات يقع يف عشوائيّة استعمال الكلمات‪ ،‬كما‬ ‫ّ‬ ‫إحدى‬ ‫يف‬ ‫ه‬‫ّ‬‫ن‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫ال‬ ‫إ‬ ‫عنها‪،‬‬ ‫ثنا‬ ‫د‬
‫ّ‬ ‫وحت‬ ‫سبق‬ ‫تقاريره معظم املصطلحات والكلمات اليت‬
‫سنرى‪ .‬كتب عن مسرح يف لندن‪:‬‬
‫الكرسي الذي ميكن املشاهدة منه يرتاوح بني تومان ومخسة عشر قرانًا‪ ،‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫«ذهبت ليلة البارحة إىل «متاشا» احلمراء‪ .‬سعر‬
‫ليس مبل ًغا كبريًا وليس قليالً‪.56»...‬‬
‫إ ّن كلمة «متاشا» تعين املسرحيّة‪ ،‬وليس املسرح‪ ،‬إالّ أ ّن الكاتب هنا خيلط بني الكلمتني واملعَ�نيَني‪ ،‬ويستعمل «متاشا» بدالً من‬
‫«الكرسي‬
‫ّ‬ ‫«الكرسي الذي ميكن املشاهدة منه»‪ ،‬وهنا يقصد الكاتب‬ ‫ّ‬ ‫ال عن ذلك‪ ،‬يلفت قوله‪:‬‬ ‫«متاشاخانه» اليت تعين املسرح‪ .‬فض ً‬
‫يدل على عدم معرفته مبصطلح يشري إىل هذا املعىن‪.‬‬ ‫القريب من اخلشبة»‪ ،‬إالّ أنّه ال يشري إىل اخلشبة‪ ،‬ما قد ّ‬
‫األوروپي‬
‫ّ‬ ‫لصحافباشي نرى كلمة «حكاية» لإلشارة إىل املسرحيّة‪ ،‬يف حال أ ّن معظم من كتبوا عن املسرح‬ ‫ويف تقرير آخر ّ‬
‫اختاروا كلمة «بازي» أي اللعب لإلشارة إىل هذا املعىن‪ .‬كتب‪:‬‬
‫اإلنكليزي‪ ...،‬هكذا «حمافل» [مسرحيّات أو‬ ‫ّ‬ ‫«كنت يف «متاشاخانه» [املسرح] ليالً‪ .‬كانت «حكاية» [مسرحيّة] اجليش‬
‫عروض] تساعد على توعية املشاهدين»‪.57‬‬
‫يف هذا التقرير‪ ،‬يستعمل الكاتب كلمة «حمافل» العربيّة لإلشارة إىل املسرحيّات أو العروض املسرحيّة‪.‬‬
‫املسرحي»‪ ،‬فقد وجدنا إعالنًا نُشر يف جريدة «اخرت» اإليرانيّة‪ ،‬يستعمل عبارة «رساله‬ ‫ّ‬ ‫أ ّما فيما يتعلّق بالتعبري عن «النص‬
‫تياتر» (رسالة تياتر)‪.58‬‬
‫األوروپي واستعمال كلمات ومصطلحات خمتلفة للتعبري عن‬ ‫ّ‬ ‫ومذكرات مكتوبة عن املسرح‬ ‫التطرق إىل تقارير ّ‬‫بعد االنتهاء من ّ‬
‫كل ما يتعلّق به‪ ،‬سيكون من املفيد أن نشري إىل بعض التعابري اليت وردت يف ما كتبه املسرحيّون الرّواد يف إيران‪ .‬وهذا‬ ‫فن املسرح و ّ‬ ‫ّ‬
‫الرواد وما كتبوه عن املسرح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ات‬ ‫مسرحي‬
‫ّ‬ ‫على‬ ‫نظرة‬ ‫إلقاء‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫يظهر‬ ‫األمر‬
‫ين كتب مسرحيّاته باللغة الرتكيّة اآلذريّة‪،‬‬ ‫مسرحي إيرا ّ‬
‫ّ‬ ‫كاتب‬ ‫ل‬ ‫أو‬
‫ّ‬ ‫اده‪،‬‬ ‫ز‬ ‫آخوند‬ ‫علي‬ ‫فتح‬ ‫التطرق إىل هذا األمر لدى مريزا‬
‫عند ّ‬
‫يلفت عنوان جمموعة مسرحيّاته اليت أمساها بـ «متثيالت» لإلشارة إىل املسرحيّات أو النصوص املسرحيّة‪ .‬كما أنّه يستعمل بعض‬
‫الكلمات واملصطلحات يف حديثة عن فوائد املسرح‪:‬‬
‫دارجا‪ ،‬وهو بوساطة «تشبيه» و»تقرير» ويف غاية النقص‬ ‫حت اآلن‪ ،‬كان نقل املصيبة ً‬ ‫«‪ ...‬يف الشعوب اإلسالميّة‪ ،‬ىّ‬
‫حال كي ال يظهر‬ ‫ال مل جيدوا ًّ‬ ‫والقصور‪ ....‬فبناء لذلك‪ ،‬كيفيّة «تشبيهات» اليت هي من أل ّذ ن َِعم العامل‪ ،‬تظهر بشكل ركيك‪ .‬مث ً‬
‫«شبيه» [املمثّل] يف حالة التكلّم كالقارىء‪ .‬إ ّن «شبيه» [املمثّل] جيب أن حيفظ ويقوم باحلوار‪ ،‬لكن ترى أنّه ميسك ورقة ويقرأ‬
‫بالعبارات الغليظة‪ .‬يف هذه احلال‪ ،‬كيف سيؤثّر «شبيه» [التمثيل أو املمثّل] على طبيعة اإلنسان‪ .‬أ ّما نقل البهجة بوساطة‬

‫أوديون ‪.Odeon‬‬ ‫‪.54‬‬


‫ناصرالدين شاه‪ ،‬سفرنامه‪ ،‬سفر سوم‪ ،‬ص ‪.307 -305‬‬ ‫‪.55‬‬
‫إبراهيم صحّ افباشى تهرانى‪ ،‬سفرنامه‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪.56‬‬
‫إبراهيم صحّ افباشى تهرانى‪ ،‬همان‪ ،‬ص ‪.52‬‬ ‫‪.57‬‬
‫اختر‪ ،‬شماره دهم‪1291 ،‬؛ عن‪ :‬جمشيد ملك پور‪ ،‬ادبيات نمايشى در ايران‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص ‪.108‬‬ ‫‪.58‬‬
‫‪86‬‬ ‫”‪The Theatrical Pioneers’ Problem of “Theatrical Expression‬‬

‫«تشبيهات» [املسرحيّات] ليس سائ ًدا‪.59»...‬‬


‫ال استعمل كلمة‬ ‫خصوصا التعزية‪ ،‬فمث ً‬
‫ً‬ ‫استعمل الكاتب بعض الكلمات اليت كانت تُستعمل سابقًا يف التمثيليّات التقليديّة‬
‫أيضا يف عشوائيّة وغموض يف استعمال املصطلحات‪،‬‬ ‫«تشبيه» لإلشارة إىل املسرحيّة‪ ،‬وكلمة «شبيه» لإلشارة إىل املمثّل‪ .‬إالّ أنّه يقع ً‬
‫حيث إ ّن يف قوله‪« :‬كيف سيؤثّر شبيه على طبيعة اإلنسان» ال يتّضح متا ًما هل يقصد التمثيل أو املمثّل‪.‬‬
‫ويف مسرحيّاته استعمل آخوندزاده كلمة «جملس» لإلشارة إىل «املشهد»‪ ،‬وعند اإلشارة إىل الشخصيّات استعمل عبارة «افراد‬
‫اهل جمالس» ليشري إىل أمسائها‪.‬‬
‫ين باللغة الفارسيّة‪ ،‬فكتب‪:‬‬ ‫مسرحي إيرا ّ‬
‫ّ‬ ‫أ ّما مريزا آقا تربيزي‪ ،‬أ ّول كاتب‬
‫«‪ ...‬قام هذا العبد احلقري بتقليد هذا األسلوب امليمون وكتب كتابًا باللغة الفارسيّة يشمل أربع «حكايت» [حكايات]‪ ،‬و ّ‬
‫كل‬
‫حكاية حتتوي على أربعة «جملس» [مشاهد]‪.60»...‬‬
‫إ ّن الالفت يف هذه الرسالة أ ّن تربيزي بالرغم من إهناء كتابة أربع مسرحيّات ال يزال ميتنع عن استعمال لفظ املسرحيّة أو املسرح‬
‫املسرحي‪ ،‬بل يلجأ إىل عبارات كانت موجودة سابقًا يف اإلشارة إىل الكتابات القصصيّة‪ ،‬فيذكر لفظ «حكايات» يف‬ ‫ّ‬ ‫أو املشهد‬
‫كل حكاية‪»...‬‬ ‫يكرر ذكر كلمة «حكاية» يف «‪ ...‬و ّ‬ ‫ّ‬ ‫كما‬ ‫ات»‪.‬‬ ‫«مسرحي‬
‫ّ‬ ‫به‬ ‫يقصد‬ ‫وهو‬ ‫حكايات‪»...‬‬ ‫بع‬
‫ر‬ ‫أ‬ ‫يشمل‬ ‫«‪...‬‬ ‫قوله‪:‬‬
‫ويقصد هبا «املسرحيّة»‪ .‬ويستعمل لفظ «جمالس» يف قوله‪ ...« :‬حتتوي على أربعة جمالس‪ »...‬ويقصد به «مشاهد»‪.‬‬
‫أيضا يستعمل املرادف‬ ‫يكرر تربيزي كلمتيَ «حكايت» و»جملس» لإلشارة إىل املسرحيّة واملشهد‪ ،‬يف مسرحيّاته‪ .‬و ً‬ ‫كذلك ّ‬
‫َشت" يف عناوين بعض مسرحيّاته‪ .‬مثال ذلك مسرحيّته "سرگذشت اشرف خان" (حكاية‬ ‫ُ‬
‫«سرگذ ْ‬
‫الفارسي لكلمة احلكاية وهو َ‬
‫ّ‬
‫أشرف خان)‪ ،‬اليت أورد فيها‪..." :‬هذه احلكاية تنتهي يف أربعة جمالس"‪.61‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫بفن املسرح اجلديد يف املشرق مل تكن موجودة يف لغات‬ ‫وجدنا يف هذه الدراسة أ ّن الكلمات واملصطلحات الدقيقة املتعلّقة ّ‬
‫الفن اجلديد‪ ،‬لذا‬
‫ّ‬ ‫عن‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫يعب‬
‫رّ‬ ‫أن‬ ‫عليهم‬ ‫كان‬ ‫ني‬ ‫املسرحي‬
‫ّ‬ ‫بلدان املشرق اليت ندرسها هنا‪ ،‬أي تركيا العثمانيّة وبالد الشام وإيران‪ ،‬إالّ أ ّن‬
‫األوروپي وعناصره‪ ،‬الكلمات اليت كانت تُستَعمل سابقًا‬‫ّ‬ ‫حاولوا استخدام بعض الكلمات املوجودة يف لغتهم لإلشارة إىل املسرح‬
‫لإلشارة إىل معان أخرى أو إىل التمثيليّات التقليديّة والقدمية السائدة يف تلك البلدان‪.‬‬
‫ويف بعض األحيان‪ ،‬قام املسرحيّون مبحاولة ترمجة الكلمات واملصطلحات املسرحيّة األوروپيّة إىل لغتهم‪ ،‬كما أ ّن البعض استخدم‬
‫الكلمات األجنبيّة نفسها‪.‬‬
‫مرت مبراحل‬ ‫واحلق أ ّن املصطلحات املتعلّقة باملسرح منذ انطالقتها على ألسنة املسرحيّني يف تركيا العثمانيّة وبالد الشام وإيران‪ّ ،‬‬
‫كل من تلك البلدان‪.‬‬ ‫حت وصلت إىل تثبيت بعض الكلمات اليت تُستخ َدم اليوم يف ّ‬ ‫خمتلفة‪ ،‬وتغيريات كثرية ىّ‬
‫األوروپي الذي‬
‫ّ‬ ‫يف تركيا العثمانيّة‪ ،‬حاول املسرحيّون بداي ًة إجياد مصطلحات خترج التمثيليّات القدمية املوجودة يف البلد واملسرح‬
‫دخل إليه حديثًا‪ ،‬فاستخدموا عبارة «سوفلورسيز تياترو» أي «املسرح من دون السوفلور أو امللقّن» لإلشارة إىل التمثيليّات القدمية‪،‬‬
‫األوروپي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫و»سوفلوريل تياترو» أي «املسرح مع سوفلور أو امللقّن» لإلشارة إىل املسرح‬
‫ال عن‬‫كذلك متّ استخدام كلمات وعبارات أخرى منها «اويون» مبعىن «اللعب» و»تياترو اويوين» (لعبة التياترو) و»متثيل» فض ً‬
‫بعض الكلمات اليت تشري إىل أنواع املسرحيّات الكوميديّة والرتاجيديّة وغري‪ ،‬كما استُخدِمت كلمة «بازنده» لإلشارة إىل املمثّل‪.‬‬
‫ووردت الكلمات والعبارات واملصطلحات املختلفة يف النصوص املسرحيّة أو يف املقاالت اليت ُكتبت عن املسرح وتُدووِل استعماهلا‬
‫‪ .59‬ميرزا فتح على آخوندزاده‪ ،‬تمثيالت‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ .60‬ميرزا آقا تبريزی‪ ،‬چهار تياتر‪ ،‬ص ‪.2 -1‬‬
‫‪ .61‬ميرزا آقا تبريزی‪ ،‬همان‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪Fatemeh PARCHEKANİ / Şarkiyat Mecmuası Sayı 20 (2012-1) 77-87‬‬ ‫‪87‬‬

‫بني املسرحيّني والناس‪ .‬ويف النهاية متّ تثبيت مصطلحات «تياترو» و»أويون» و»تياترو أويوين» اليت تُستخ َدم اليوم لإلشارة إىل‬
‫املسرح‪ ،‬وكلمة «اويوجني» اليت تعين املمثّل‪.‬‬
‫أيضا كان األمر كذلك‪ ،‬إذ إ ّن مصطلح «املسرح» استقّر يف تلك البلدان والبلدان العربيّة بشكل عا ّم‪،‬‬ ‫ويف بالد الشام ً‬
‫ال يف البداية استخدم بعض املسرحيّني كلمة «الرواية» لإلشارة إىل املسرح‪ ،‬كما أ ّن هناك كلمات‬ ‫بعدما شاهد تغيريات ع ّدة‪ ،‬فمث ً‬
‫وعبارات أخرى درجت منها «التشخيصيّة» و»الرواية التشخيصيّة» و»متثيليّة» و»الرواية التمثيليّة» و»اللعبة» و»تياترو» و»دراما»‬
‫و»املرسح»‪.‬‬
‫الفن إىل بلدهم‪ ،‬تلك الكلمات والعبارات‬ ‫اهتموا بإدخال هذا ّ‬‫األوروپي أو ّ‬
‫ّ‬ ‫كل من أبناء بالد الشام‪ ،‬ممّن عرفوا املسرح‬ ‫واختار ّ‬
‫وفقًا لذوقه أو ملا يراه مناسبًا‪ .‬وبعد تلك التغيريات‪ ،‬استُعملت كلمة «املسرح» ومتّ تعميم هذه الكلمة وصوالً إىل اليوم‪ ،‬حيث‬
‫مجيعا‪.‬‬
‫ستعمل هذه الكلمة يف البلدان العربيّة ً‬ ‫تُ َ‬
‫خاصة كان‬ ‫كل منهم كلمة ّ‬ ‫معبة عن املسرح وعناصره‪ ،‬واستعمل ّ‬ ‫أيضا إجياد كلمات ومصطلحات رّ‬ ‫وحاول املسرحيّون يف إيران ً‬
‫كفن للعرض‪ ،‬و»متاشا خانه» لإلشارة إىل املسرح‬ ‫ّ‬ ‫ح‬‫املسر‬ ‫إىل‬ ‫لإلشارة‬ ‫«متاشا»‬ ‫منها‬ ‫اجلديد‪،‬‬ ‫الفن‬
‫يراها مناسبة لإلشارة إىل هذا ّ‬
‫ستعمالن لإلشارة إىل‬ ‫كمكان للعرض‪ .‬كما أنهّ م استعملوا كلمات أخرى‪ ،‬منها «بازي» أي اللعب‪ ،‬أو «شبيه» واللتَني كانتا تُ َ‬
‫التمثيليّات التقليديّة‪ ،‬و»طياطر»‪.‬‬
‫ووردت الكلمات والعبارات املشرية إىل املسرح‪ ،‬يف البداية‪ ،‬يف ّ‬
‫املذكرات والتقارير اليت كتبها اإليرانيّون الذين سافروا إىل بلدان‬
‫أوروپيّة وكتبوا عن املسرح لدى عودهتم إىل البلد‪ ،‬كما أنهّ ا استُخدِمت يف املقاالت والنصوص املسرحيّة يف تلك الفرتة‪ .‬ويف النهاية‬
‫ستعمل‬
‫أيضا‪ ،‬و»منايش نامه» تُ َ‬ ‫ترسخت كلمة «نمَ ايِش» لإلشارة إىل املسرح‪ ،‬وهي تُستخ َدم اليوم‪ ،‬كما أ ّن كلمة «تئاتر» درجت ً‬ ‫ّ‬
‫املسرحي‪.‬‬
‫ّ‬ ‫للنص‬
‫ّ‬
‫يتم‬
‫املعبة عن املسرح مل ّ‬ ‫الفن إىل املشرق تُبينّ أ ّن استعمال الكلمات رّ‬
‫دراسة حماوالت التعبري عن املسرح يف بدايات دخول هذا ّ‬
‫بدقّة كبرية‪ ،‬إذ إنّه يف بعض األحيان كانت تُستخ َدم كلمة واحدة للداللة على أكثر من معىن‪ ،‬وأحيانًا أخرى استُخدِمت كلمات‬
‫لتدل على معىن واحد‪.‬‬ ‫متع ّددة ّ‬
‫ومن األمور البارزة يف جمال التعبري عن املسرح عمليّة التأثري والتأثّر بني لغات بلدان املشرق‪ ،‬أي الرتكيّة العثمانيّة والعربيّة‬
‫والفارسيّة‪ ،‬حيث إ ّن الكلمات واملصطلحات املستخ َدمة يف جمال املسرح تشري إىل هذه العمليّة‪ .‬ومبا أ ّن اللغات املشار إليها كانت‬
‫أيضا‪ ،‬ودرجت بعض العبارات املسرحيّة املشرتكة بني تلك البلدان‪،‬‬ ‫قد وقعت حتت عمليّة التأثري والتأثّر‪ ،‬فقد انتقل ذلك إىل املسرح ً‬
‫املسرحي‪ ،‬استعمل املسرحيّون يف تركيا العثمانيّة وإيران كلمات عربيّة‪ ،‬منها‬ ‫ّ‬ ‫ال يف جمال التقطيع‬‫استمر بعضها إىل يومنا هذا‪ .‬فمث ً‬‫و ّ‬
‫املسرحي‪ ،‬كما أ ّن بعض األتراك استخدموا عبارات فارسيّة منها «پَرده" مبعىن الستار‬ ‫ّ‬ ‫«فصل» و»جملس» و»فقرة» يف التقطيع‬
‫لإلشارة إىل املشهد‪.‬‬
‫خيص الكثري من تفاصيل احلياة اليوميّة والفّ�نيّة واألدبيّة‪،‬‬
‫يشري هذا األمر إىل وجود تفاعل بني البلدان الشرقيّة املختلفة يف ما ّ‬
‫كل لغة إىل‬ ‫حيث إ ّن اللغات الرتكيّة العثمانيّة والعربيّة والفارسيّة كانت قد تداخلت ببعضها إىل ح ّد كبري ودخلت كلمات كثرية من ّ‬
‫اللغات األخرى‪ .‬وال ينحصر تفاعل تلك البلدان بتفاعلها مع البلدان األوروپيّة‪ ،‬فإذا كانت قد أخذت املسرح من أوروپا‪ ،‬إالّ أنهّ ا‬
‫شاهدت عمليّة التأثري والتأثّر فيما بينها‪ ،‬ما أنتج االشرتاك يف اللغة املسرحيّة‪.‬‬

You might also like