Professional Documents
Culture Documents
إشكالية الهوية والعولمة بين رهانات الماضي وتحديات المستقبل
إشكالية الهوية والعولمة بين رهانات الماضي وتحديات المستقبل
ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ:
ﺇﺳﻠﻮﺏ APA
ﻛﻮﺍﺳﻤﻲ ،ﻣﺮﻳﻢ .(2014) .ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺭﻫﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺗﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ.ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ
ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ ،ﻉ .66 - 47 ،10ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 642656/Record/com.mandumah.search//:http
إشكالية اهلوية والعوملة ﺇﺳﻠﻮﺏ MLA
ﻛﻮﺍﺳﻤﻲ ،ﻣﺮﻳﻢ" .ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺭﻫﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺗﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ".ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ
ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔﻉ .66 - 47 :(2014) 10ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 642656/Record/com.mandumah.search//:http
بني
بني
فرض مصطلح "اهلوية" نفسه يف الساحة األدبية والسياسية والثقافية بشكل الفت لالنتباه،
فبات دائم احلضور وأصبح احلديث عنه حديثا شائكا إشكاليا يدخل من سباق ران إسرتاتيجي،
لذلك أضحى من الصعب العثور على تعريف دقيق حمدد هلذا األخري فقد تعددت مفاهيمه
واختلفت ،كل حسب خلفياته التارخيية والسياسية واعتقاداته الدينية ومناحيه األيديولوجية" ،فعلى
الرغم من أن مصطلح اهلوية ذو تاريخ طويل ،إذ أنه اشتق من اجلذر الالتيين ( )Edemالذي يدل
على التوحد واالستمرارية ،فإنه مل يصبح متداوال إال خالل القرن العشرين فقط ،فاستقراء تاريخ كلمة
"هوية" يعود بنا إىل التاريخ القدمي إال أن مل يكن رائجا ،فكانت إعادة بعثه يف القرن العشرين وذلك
تبعا خلصوصيات هذا القرن وما عرفه هذا األخري من صراعات وتشظيات بني الشعوب حتم على
اهلوية كما عرفها قاموس "املنجد" اللغة العربية معناها (حقيقة الشيء أو الشخص املطلقة،
املشتملة على صفاته اجلوهرية) وهي يف اللغة العربية مشتقة ،كما هو واضح يف مبناها من الضمري
املنفصل (هو) الذي يدل على ذات الشيء أو الشخص ،املستقلة عن ذوات األشياء أو األشخاص
اآلخرين .أما يف اللغة الفرنسية فإن لفظ اهلوية ( )identitéمشتق من الكلمة الالتينية (،)Edem
اليت تقال عن األشياء أو الكائنات املتشاهبة أو املتماثلة متاثال تاما ،مع االحتفاظ يف ذات الوقت
يتمايز بعضها عن بعض "واهلوية كما شرحها قاموس "الروس الفرنسي" تعين( :جمموع الظروف ،أو
وال خيتلف قاموس " "Petit Robertيف تعريفه للهوية كثريا عما جاء يف القاموس السابق،
فهي حسب تعريفه هلا (ما يسمح بالتعرف على شخص بني مجيع األشخاص اآلخرين) لكنه يضيف
أما املوسوعة الكونية فتنطلق من األصل الالتيين للكلمة لتنفذ فكرة التشابه أو التماثل التام
بني األشياء ،وتستشهد بقول الفيلسوف الرياضي "البينيتز "( )6161 -6491( "Laypnitsالذي
ينفي أن يتشابه شيئان يف العامل يف كل خصائصها) ليخلص إىل نتيجة (أنا لو قلنا بذلك لكانا شيئا
واحدا).
وهبذا يكون مفهوم اهلوية مشرتكا بعض الشيء بني كل هذه التعريفات اللغوية املقدمة سابقا،
فنالحظ أن هناك إمجاع على أهنا تعين ذلك االستقالل الكياين لشيء أو كائن عن أي شيء آخر،
فاهلوية هنا تعين بشكل أوضح الشعور يتميز شخص أو جمتمع عن آخر مهما كانت درجة التشابه
بينهما.
كما أن هناك من أدخل البعد النفسي لدى اإلنسان يف تشكيل اهلوية أمثال الفيلسوف
اإلجنليزي (جون لوك )6179 -6161حيث قال" :إن الذات أو الـ"هو" ( )Le moiأو ()Self
هو ذلك الشيء ( )La choseاملفكر الواعي ،كائنا ما كانت الصورة اليت يتجلى فيها روحية أو مادية
بسيط مركبة ن "ال يهم" ومن خالل هذه الفقرة نالحظ اتساع مفهوم اهلوية وتشعبه أكثر فأكثر،
حيث أصبح أكثر تعقيدا باختاذه أبعادا "أكر منها لغوية" ،بل أبعادا سياقية كما اختذت النقاشات
اخلاصة هبذا املصطلح منحنيني أساسيني (املنحىن السيكودينامي -الدينامي النفسي) (واملنحىن
السوسيولوجي) "حيث ظهر املنحىن السيكودينامي مع "نظرية فرويد" حول التوحد أو التماهي وتتمثل
يف أن الطفل يتشرب أشخاصا أو موضوعات خارجية ،غالبا ما تكون األنا العليا لألب (أو األم)،
وتركز (وإن كانت متصارعة)" .املنحىن الدينامي النفسي يقصد به أن له عالقة بالقوى أو العمليات
العقلية أو العاطفية الناشئة خباصة يف فجر الطفولة وبآثارها يف على السلوك واألوضاع العقلية فهنا تتربر
العالقة بني الطفولة وآثارها يف السلوك البشري واعقلي وعلى هذا األساس تتكون شخصية الفرد...
ويف هذا السياق نفسه بنظر املؤرخ النفسي "ايريك ايركون" إىل اهلوية بوصفها "علمية تقع يف
القلب من اإلنسان كما توجد يف قلب ثقافته اجلمعية وهذا ما خيلق الرابطة بني الفرد واجملتمع ،وقد
طور "ايريك ايركسون" (مفهوم أزمة اهلوية) خالل (احلرب العاملية الثانية) لإلشارة إىل املرضى املصابني
بتوحد الشخصية "مث عمم هذا املفهوم بعد ذلك ليدل على مرحلة كاملة ،مراحل احلياة ( )...وهنا
تصبح مرحلة الشباب أزمة عامة واضطراب حمتمل للهوية ،وبعد ذلك انطلق مصطلح أزمة اهلوية إىل
جمال االستعمال الشائع" .ويعد هذا املفهوم هو أقرب املفاهيم النفسية وأكثرها إحاطة مبفهوم اهلوية
كمعطى نفسي ،هذا فيما خيص "مفهوم اهلوية" من خالل املنحىن السيكودينامي أو الدينامي النفسي.
فيما خيص هذا املفهوم من خالل املنحىن السوسيولوجي كما ذكرنا سابقا فق اختذت املناقشات حول
هذه اإلشكالية منحنيني منحىن نفسي ومنحىن وسوسيولوجي "فريتبط االجتاه السوسيولوجي اخلاص
بنظرية اهلوية التفاعلية الرمزية ،كما نبع من الرباغماتية للذات اليت تناوهلا "وليام جيمس" و"جورج
هاربرت" ،فالذات تعتد قدرة إنسانية مميزة متكن األفراد من التفاع عن طريق اللغة واالتصال" فهذا
املصطلح عند السوسيولوجني مرتبط بعالقة األنا املتميزة بالعامل اخلارجي (اجملتمع) والتفاعل بني هذه
الذات وهذا العامل اخلارجي هلا ،يتم عن طريق اللغة وهلذا قيل أن للغة الفضل يف تكوين وزرع
اإلحساس اجلماعي باالنتماء لدى الشعوب .ويف خضم التطورات احلديثة على مستوى النظريات
االجتماعية وغريها تغري مفهوم "اهلوية" تبعا هلذه التغريات على مجيع املستويات املرتبطة "بالبنيوية وما
بعد البنيوية" .وتستند آراء أصحاب البنيوية وما بعد البنيوية إىل آراء وتوجهات عامل اللغة السويسري
"فرديناد دي سوسري" صاحب االجتاه البنيوي ( )...فاللغة يف رأيه نسق ذو بنية وهو الذي يولد
املعاين ،وقد أعلن "سوسري" أن اللغة هي -احلقيقية -اليت ختاطب الفرد بإخضاعه لقواعدها ()...
لدعم الرأي القائل بأن مجيع املعاين االجتماعي والثقافية ،إمنا تتخلق داخل اللغة ( )...وبعبارة أخرى
ميكن القول بأن العامل من حولنا بل املكان الذي نعيش فيه إمنا يكسب معناه وداللته يف إطار التصور
الذي منلكه ،وهكذا ميكن القول أن هويتنا -من نكون-؟ وإحساسنا باهلوية إمنا يتشكل من خالل
وعلى هذا األساس ميكن القول أن املادة اخلام للهوية تتشكل أوال من خالل اخلطابات
املتداولة ومع استيعاب األفراد هلذه اخلطابات وهبذا الشكل تلعب اللغة دورا كبريا يف تكوين هوية
الشعوب واألممم.
وبناء على هذا ال ميكن أن نعثر على معىن واضح ملصطلح "اهلوية" داخل علم االجتماع،
حيث يستخدم هذا املصطلح بشكل عام وفضفاض مرافقا ملعىن أو مفهوم الذات عند الباحث ،وتبعا
ملشاعره وأفكاره وتوجهاته حول ذاته مثلما هو احلال فيما خيص مصطلحي "هوية النوع" و"اهلوية
الطبقية" ،لذلك يرى البعض أن هويتنا تعد نتاجا للتوقعات املرتبطة باألدوار االجتماعية يف مقابل ذلك
يرى البعض اآلخر أننا نصوغ ذواتنا بشكل أفضل تفاعلية من خالل املواد اليت تقدم لنا أثناء عملية
التنشئة االجتماع ي أو عرب األدوار املختلفة اليت تؤديها" ،ونالحظ أن ما هو مشرتك بني كل هذه
التوضيحات أن اهلوية "هي نتاج اجتماعي قبل كل شيء ينشأ من خالل التفاعل القائم بني "الفرد
وأدواره املختلفة اليت تؤديها يف اجملتمع بكل جوانبه" معرجني على دور اللغة كعنصر اجتماعي يف حتديد
وإبراز مالمح هذه اهلوية ،دون أن نغفل حضور بعض املسميات الشائعة يف أوساط علم االجتماع
أولت دراسات الفكر العريب اهتماما كبريا مبفهوم اهلوية وهذا يعود إىل ما عانته الدول العربية
اإلسالمية عن متزق وشتات جراء احلروب واالستعمار وكل أنواع السيطرة اخلارجية االستعمارية منها
واالستثمارية ،فتاريخ الدول العربية يف كل اجملاالت حافل باملعاناة والتمزق والتنظيمات ،لذلك كان
موضوع اهلوية أو اهتمامات هذه الدول "وال شك أن العامل العريب بالنسبة للرأي العام -كان أول
منطقة من مناطق العامل اليت وصفت فيها مسألة اهلوية ،وكأهنا عالمة مميزة مركبة للحاضر ،فقد تنظم
احلياة السياسية وبضبط إيقاعها عن طريق تظاهرات ضخمة كاشفة عن اهلويات" وعلى هذا األساس
مل هتر لفة "اهلوية" إال حديثا ،يف املعجم السياسي واملعجم العريب ،وكلما توارى التاريخ واضمحل
اجملتمع أمام الثقافة الغربية الكاسحة إال وصار النظام السياسي يواجه أكرب الصعوبات يف حتديد "معامل
هذه اهلوية" ،وهذا يعود إىل انبهار الفرد العريب باآلخر الغريب وتعظيمه له مقابل تقزميه لذاته ،هلذا كان
هذا االهنزام الفكري الذي يعانيه اجملتمع العريب هو السبب األول واألهم يف إعادة بعث هذا املصطلح
من جديد.
فهذا املفهوم للهوية شاع يف القرن التاسع عشر "كتعبري عن مجاع تارخيية تعيش أزمة ،وتبحث
هلا عن خمرج يف تعابري مثل :النزعة العاملية والتطورية ،باملطالبة بإشباع اهلوية وضد التجانس وإمنا اهلوية
يف عامل جديد ظل زمنا طويال غريبا عنها ويف معارضة اخللط التارخيي ،تبني وتكشف عن مواقف
دفاعية" فهذا املفهوم اجلديد للفظة اهلوية فرضته معطيات العصر وظروفه ومناحيه األيديولوجية
والفكرية ولذلك عربت يف القرن 64م عن مجاعة تعيش "التمزق" وأزمة التشظي ،وحتاول من خالهلا
مواكبة التطورات العاملية كما هو احلال يف بلدان الوطن العريب املستعمرة وكانت هذه اللفظة يف هناية
املطاف "نتيجة لظروف الفشل واهلزائم الداخلية واخلارجية اليت عرفتها القومية العربية والدول اليت
أما فيما خيص القرن 17م ونظرة مفكري إىل هذا املصطلح فلم ختتلف كثريا عن سابقيه:
حيث اكتسب اهلوية طابع اإلفراط يف القومي نظرا للخطر الذي يداهم القومية العربية ،وحنن سنحاول
رصد آراء أهم مفكري هذا العصر من خالل بعض األمساء اليت سنستحضرها يف هذا املقام.
شغلت قضي ة "اهلوية" عددا غري قابل من الكتاب واملفكرين واملثقفني من العرب وخاصة
املغاربة ،وذلك ألن اجملتمع "املغاريب" لديه نظرته اخلاصة اليت ينظر هبا إىل موضوع "اهلوية" ومن بني
هؤالء جند الكاتب املغريب :عبد السالم بن عبد العايل :الذي اهتم هبذه القضية وأصدر جمموعة من
الكتب يف هذا اجملال منها (الرتاث واهلوية )6491وتطرق فيه إىل مهوم املثقف املغريب وكذلك عالقة
اهلوية بالرتاث ،وكلك كتابة (أسس الفكر الفلسفي املعاصر )6446وحتدث فيه عن مسألة "اهلوية
واالختالف".
"حياول املفكر املغريب وضع مفهوم للهوية على شاكلة ما قام به "هيجل" حيث أدمج
االختالف كمفهوم داخل للهوية وجزء منها ومييز بني مفهومي االختالف جزء من اهلوية ،أما التميز
فهو إضفاء من خارجها لداخليها ،إن االختالف خاصية يف اهلوية ،أما التميز فهو خاصية هلوية ما،
ونعرف كما سبق وذكرنا أن فكرة "االختالف يف اهلوية ظهرت عند هيجل يف الفلسفة الغربية
وعند اخلوارزمي يف الفلسفة العربية،وعند اخلوارزمي يف الفلسفة العربية،فاهلوية من وجهة نظر "بن عبد
العايل" موجدة لكنه يؤكد على وجود االختالف واالعتماد على آراء هيجل يف عالمة اهلوية
باالختالف" إال أ نه البد من التأكد هنا بأن هذا املفكر املغريب تناول مسألة اهلوية قصد دراسة العالقة
الشائكة بني "الفكر والواقع" وخصوص مع الغري أو اآلخر ...،ومها مفهومان يبعدان اهلوية عن كل
ختشب واستقرار وثبات ،بل وتنفي عنها االنغالق والتوحد فرتمي هبا يف تعدد ال متناه" أي أن اهلوية ال
تدعو النغالق والتحجر بل إمنا هي تتمتع بديناميكية ركية جتعلها "دائمة التجدد االنفتاح".
وهذا جنده يف قول بن عبد العايل" :ألهنا ترعى االختالف وترتك للتفردات نصيبها يف الوجود
وميكن القول من خال ل هذا أن ريية "بن عبد العايل" ميكن اعتبارها ريية مثالية يف طبيعتها،
وحتاول االستناد على هاجس الرغبة يف املعرفة وكذلك "التفكيك" و"إعادة البناء" مقارنة بالنماذج
النقدية احلديثة اليت تسعى إىل إمعان النظر يف إشكالية اهلوية دون العودة إىل حمتواها الفلسفي ،وها ما
سنجده يف كتابات "علي حرب" حيث بىن آراءه بعيدا عن الفلسفة املثالية القدمية وألصق دراساته
إذا كان "عبد السالم بن عبد العايل" نظر للهوية من موقف فلسفي خالص فإن "علي حرب"
انطلق من ريية معيارية ونظر إليها على أهنا معطى جوهري يف الوجود حيث يقوم أن" :اهلوية اعتقاد
املرء أن بإمكانه أن يبقى "هو هو ،بالتطابق مع أصوله ،أو االلتصاق بذاكرته أو احملافظة على تراثه" ما
هو إال ومها ومل يكتف بذلك بل راح يقول" :إن هذا الوهم جعل املثقف يقيم يف قوقعته ويتصرف
كحارس هويته وأفكاره ،األمر الذي منعه من التجديد واإلبداع ،وحال بينه وبني االخنراط يف صناعة
العامل انطالقا من جمال عمله وتأثريه ،أي من خالل صناعة األفكار وابتكار املفاهيم"" ،علي حرب"
أكثر الكتاب العرب واملفكرين تشايما يف قضية اهلوية حيث يعتربها ال وجود هلا ،يف ظل "االنطواء
واجلمود والتثبيت بالرتاث وعدم جماراة العصر" ويرى أيضا أن االنفتاح على اآلخر هو "سر" اإلبداع
والتحديد وانتعا اهلوية وليس العكس كما يدعي بعض املثقفني ،ففي موقفه "ينفي اهلوية نفيا هلويته"،
يطالب "علي حرب" املثقف "باإليداع" لنفع هويته وليس االنغالق والقضاء عليها .لكن هذه الريية
سرعان ما يأيت "علي حرب" بنقيضها حيث يقوم عن اهلوية أهنا "أرحب من أن حتتويها فكرة أو عقيدة
أو مؤسسة".
وهكذا ينتقل من حالة "أو موقف" النفي والرفض إىل موقف االعرتاف والقبول وهو
االعرتاف بوجود هوية ولكن يف ظل االنفتاح على الغري والتعرف وقبول اآلخر.
وقد كانت "مسألة اهلوية" الشغل الشاغل "لعلي حرب" يف بعض فرتات حياته وهذا ما تقر
به كل أعماله مثل :كتابه "حديث النهايات"" ،فتوحات العوملة ومأزق اهلوية" 1777وحتدث فيه عن
"هنا يعود "علي حرب" إىل دائرة اهلوية غري ناف وجودها ،يقول يف هذا الصدد "جيد اإلنسان
نفسه اليوم بني ثالث عوامل لكل منها هويته ومركز استقطابه:
الثاين :العامل احلديث بفلسفاته العلمانية ورواياته العقالنية أو بإيديولوجياته العاملية وهتومياته اإلنساوية،
الثالث :العامل اآلخذ يف التشكل اآلن أي عامل العوملة "...فهذه العوامل الثالث ميكن تسميتها
باألصولية (الرتاثية).
والعاملية (العلمانية) والعوملة (اإلعالمية) ،ويف خضم ها "فعلي حرب" حيمل "أهل اهلوية"
كما ينفي أن تكون اهلوية جاهزة أو منزلة من األعلى فهو يقرتح هوية ولكن دون امتالك
قبلي هلا ،بل على العكس من ذلك وهذا ما نفهمه من قوله :إهنا مرة اجلهد واملراس واشتغال على
املعطي الوجدي بكل أبعاده من أجل حتويله إىل أعمال وإجنازات فاهلوية صناعة وحتويل بقدر ما هي
انبناء وتشكل واألحرى القول بأهنا بنية يعاد بنايها باستمرار خصوصا عند األزمات أو الوقوع يف
مأزق"
وهذا املفهوم أراد "علي حرب" من خالله جتاوز الفهم اجلاري للهوية الذي كان أول أسباب
ضعفها يف وقت مضى وال يزال كذلك ،وذلك ألن اهلوية القوية واملزدهرة هي اهلوية القادرة على األخذ
والعطاء وذلك من خالل احلفاظ على أصوهلا مع جماراة عصرها "بكل أبعاده".
ويضيف يف هذا املقام" :حنتاج إىل تغيري منط التعامل من هلويتنا ييث نقيم مع األول والثوابت
عالقة متحركة حتويلية ،تتيح لنا أن نتغري عما حنن عليه عرب إنتاج احلقائق وخلق الوقائع وهبذا ملعىن حنن
حنتاج إىل الدفاع عن هلويتنا بقدر ما حنتاج أي عمل منتج نتجدد به بقدر ما تزداد جتدرا" هذا القول
يريد أن يطالب "حرب" بإعادة تشكل اهلوية من طرف املعنيني هبا من كل "العينات" يف سياق
األحداث واجملريات عوملة اهلوية "مبا يتماشى مع مقتضى العصر "اليوم" وهذا يقوم مبجموعة العمليات
منها :التكوين ،التداول ،التواصل ،االعرتاف مبواطن ضعف األنا ،التنمية يف مجيع اجملاالت ألن مأزق
اهلوية من مأزق "األنا وهذا بالضبط ما حتدث عنه "علي حرب" يف كتابه "حديث النهاية" ،وهنالك
أن األنا ال ميكن أن حيي من خالل مفردات األصل احملافظة االنغالق ،التحجر واخلوف بل من خالل
مفردات املغامرة ،التواصل والتبادل واالعرتاف ،اإلبداع والتجدد والتحول واالخرتاق ،ورفع شعار اخلروج
من الذاكرة واالنطواء هو أول خطوا اإلبداع والتجدد "لروح اهلوية" وهذا بالضبط ما نادى به "علي
وليس "علي حرب" الوحيد الذي الحقه "سؤال اهلوية" بل هناك من كل لـ"هذا املوضوع
هاجسا" لكن هذا املفكر اليوم ليس "عربيا" بل فرنكوفونيا وهو يتجسد يف شخص "أمني معلوف"
وأبرز كتاباته اهلويات القائلة ( )la identities meutriéresسؤال "اهلوية" األصل الذي الحق
"أمني معلوف" وصار يبحث عن ذاته وعن نفسه بني كل ما هو عريب أو فرنسي وعاش التمزق حيث
نراه يف مقدمة كتابه "اهلويات القاتلة" يطرح جمموعة من األسئلة عن أصله وهلويته وتلمس يف حديثه
ذلك النشظي الذي عاناه هذا الكاتب حيث يقول" :هل أنا إذن نصف فرنسي ونصف لبناين؟ يقول:
أبدا فاهلوية ال تتجزأ وال تنقسم أنصافا وال أثالثا وال مساحات منفصلة ،ليست لدي هويات عدة،
أملك هوية واحدة مكونة من العناصر اليت تؤلفها على وفق تركيب خاص خيتلف من شخص آلخر".
وهذه اهلوية اليت يتحدث عنها "أمني معلوف" ما هي إال هوية مركبة ( identité
)comlexeويقدم آلة يف كتابه هذا عن بعض األفراد الذين ميلكون "هوية مركبة" مثله متاما :فرانكو-
لبناين ،أو مثل مالك حداد "فرانكو -جزائري" فهذا االختالط يف نظر أمني معلوف "هو ضياع ومتزق"
حيث يقول أن" :إن الذي حيمل هوية مركبة جيد نفسه بالتايل مهمشا يقول بأهنم يكونون حية
ويركز أمني معلوف "علي اهلوية" املركبة ألهنا يعاين من الصراع بني العرب والغرب بني لبنان
وفرنسا كما عاىن كثري مثله وهو يف كتابه هذا يدعو إىل "ميل املرء" إىل هوية واحدة وإن كانت لديه
"هوية مركبة" وهذا ما جنده يف مقالة له بعنوان هلوييت وانتماءايت " mon identité et mes
"appurtenancesـ ويسعى أمني معلوف إىل القول ألنه ما من انتماء له الغلبة يف تكوين اهلوية
إطالقا "بل "أن اهلوية تتكون من انتماءات متعددة لكن من الضروري التأكيد أيضا بأهنا واحدة
ونعيشها كوحدة متكاملة" .فاالنتماء الديين والسياسي واللغوي والعقائدي واأليديولوجي والثقايف
يدخل حتت لواء لفظة "اهلوية" وهي اليت جتمع بني كل هذه االنتماءات الكثرية من حيث املصدر
واألصل والتكوين دون أن تكون الغلبة املطلقة ألي من هذه االنتماءات بل اهلوية هي نتائج تفاعل
بينها وهذه الريية الوضعية للهوية عند أمني معلوف تعود إىل خصوصية هذا اآلخر أيديولوجيا وتكوينه
أمني معلوف يرى أن "اهلوية مؤلفة من انتماءات متعددة وهي ليست سلسلة من االنتماءات
املستقلة وليست رقعا بل رمسا على النسيج مشدود" ومتاشيا مع هذا املنطق ملفهوم اهلوية جاءت رواية-
ليون أفريقي -ألمني معلوف مبثابة دليل على هذا الفكر حيث يقول ليون هذا الذي هو حسن بن
حممد الوزان "ست أفريقيا وال من أوروبا وال من بالد العرب ،فأنا ابن السبيل ،وطين هو القافلة وحيايت
وإذا عدنا إىل "بعض مفكري العرب" من القرن العشرين واستقرأنا آراءهم جند أن "حممد
عابد اجلابري" قد قدم مسامهة معمقة يف فهمه للهوية حيث يرى فيها "كيانا يصري ويتطور وليست
معطى جاهزا وهنائيا فهي تصري وتتطور إما يف اجتاه االنكماش وإما يف اجتاه االنتشار وهي تعتين
بتجارب أهلها ومعاناهتم وانتصاراهتم وأيضا باحتكاكها سلبا وإجيابا مع اهلويات الثقافية األخرى".
فهذه اهلوية ليست وليدة أعدم بل هي عبارة عن نتيجة لرتاكمات حضارية وثقافية جلماعة معينة
شكلت من خالهلا اهلوية "فهوية الفرد وهوية اجلماعة واهلوية قومية ،كلها هويات متغرية ذات حركية
دائمة مع الزمن حيث تتفاعل مع معطيات العصر إما إجيابا وإما سلبا ،وهذه الريية هي "نفسها ريية
ادوارد سعيد للهوية حيث يقوم بأهنا" مثرة إرادة وليست شيئا تعطيه الطبيعة والتاريخ".
ويؤكد اجلابري أن اهلوية الثقافية ال تكتمل وال تربز خصوصيتها احلضارية وال تغدو هوية قارة
على نشدان العاملية وعلى األخذ والعطاء إال إذا جتمدت مرجعيتها يف كيان شخص تتطابق فيه ثالث
عناصر :الوطن واألمة والدولة وعلى هذا األساس يؤمن اجلابري بأنه "ال يوجد داللة مطلقة فوق
الثقافات املغايرة لذلك فإن التجأت ثقافة ما إىل االقتباس ففي داخل هذه الثقافة ينبغي البحث عن
كما أن ما مييز نظرة اجلابري ملسألة اهلوية هو ربطها مبفهوم آخر هو القومية هذا املفهوم
ومن خالل هذه التعاريف واالجتهادات املقدمة من قبل نقاد ومفكرين عرب نالحظ أنه
اجتمعوا حول حقيقة واحدة أن اهلوية إمنا هي وعي وإحساس باالنتماء إىل كيان اجتماعي معني له
خصوصياته اليت متيزه عن غريه ،بغض النظر عن التصادمات واخلالفات أو حىت التطابقات يف أي جمال
من اجملاالت.
اهلوية والعوملة:
شاع يف السنوات األخرية املاضية مصطلحا "أصبح األكثر تداوال يف الساحة الثقافية ،فال حتل
مبقام إال وسجل فيه هذا املصطلح حضوره" ،العوملة" فهو مفهوم بعكس حقيقة أساسية مفادها زيادة
التالحم بني األجزاء املكونة لألرض من كل النواحي السياسية ،االقتصادية ،الثقافية واإلعالمية يف
مواجهة ظاهرة "التمسك بذات ثقافية معينة"" ،فالعوملة هي جمموعة متشابكة من العالقات املعقدة،
وهي عملية تارخيية تشهد انتقال اجملتمع اإلنساين من عهد الدول املنفردة أو الكيانات اإلقليمية إىل
عهد آخر ي شهد فيه تفاعال وتالمحا عضويا بني الدول والكيانات اإلقليمية والثقافات الوطنية" فهذا
املفهوم للعوملة واهلوية جيعل من كل منها مصطلحا يكاد يكون مناقضا لآلخر بأي صفة من الصفات،
فيمكن القول أن هذا املفهوم "العوملة" جيعل من "مصطلح اهلوية" نقيضا له إن صح التعبري" فاهلوية
قومية أو اهلوية الوطنية كعامل أساسي يف بناء ثقافة وكيان الشعوب وبذلك كان هذا املفهوم اجلديد
مبثابة زعزعة للنظام العام القومي لألمم والشعوب اليت ترى يف التفاعل والتالحم مع اآلخر مبثابة التبعية
واخلروج عن خصوصية األنا وجوهر الذات وما ميثل اهلوية أمام هذا املد اجلديد املطالب حبل وفك كل
اهلويات والدول حتت قانون واحد أال وهو "العوملة لذلك هناك سؤال يتجرأ ويطرح نفسه يف هذا
السياق ،إذا كانت اهلوية هي ذلك الشهور باالنتماء إىل أمة أو عب معني لديه ما مييزه عن غريه
ويفخر بذلك أو أن اهلوية هي بكل دقة" عناصر الرتكيب يف عالقتها الداخلية اليت تعطي للكائن
خصائصه األساسية واليت تتصل بالوسط اخلارجي طبيعيا كان أو غري طبيعي فهي الشعور باالنتماء إىل
وسط وثقافة معينني وعلى العكس من ذلك فالعوملة هي "رفض هلذه النزعة الوطنية ودعوة لضحد كل
ما هو خصوصي وقومي ووطين والدخل تح لواء العوملة والالثقافية والالهوية" أنصار اهلويات النقية مع
مثل هذا؟ وكيف يكون تأثري هذا املفهوم على اهلوية العربية اليت ترى يف حاهلا األنقى واألظهر واألكثر
متاسكا بني اهلويات؟ فكيف سيتعامل العريب املسلم أو كعريب فقط مع العوملة يف أحدث تقنياهتا؟
وهو الوجه اآلخر هلذا املفهوم وحتت أي إطار يدخل؟ وهل ما يعرف باهلوية اهلجينة كما
هذه كلها تسايالت وال تزال تفرض نفسها يف زمن انقسم إىل تيارين ،تيار ديين حمافظ
متمسك هبويته مهما كانت خصوصيتها وتيار يطالب دون انقطاع باالنفتاح والتخلص من كل ما هو
قومي ما ال جمارة ركب احلضارة الغربية كقوة إسرتاتيجية يف عامل يدعو إىل العوملة واالنفتاح كما ميليه،
والعريب يرى يف فكرة تقبل اآلخر وكذلك االنفتاح عليه وعلى حضارته نوع من التعبية الصرحية هلذا
الغرب الذي فرض نفسه على األنا العربية بطريقة يصعب علينا كعرب نكراهنا "فثنائية العالقة بني
الغرب والشرق ،بني املنتصر واملهزوم ،بني السيد والعبد ،تقوم على إخضاع املهزوم وإذالله ،وقبوله كل
إمالءات وشروط املنتصر هلذا أصبح العريب يرى أن العوملة وكل أنظمتها ومظاهرها نوعا من اإلذالل
والتبعية لآلخر ولكن ليست هذه احلالة الوحيدة يف التعامل مع العوملة بل هناك طرف آخر يتعامل مع
العوملة بنوع من االنبهار هبا والذوبان يف كل خصوصياهتا "فهذه الذات اليت تقف يف مواجهة اآلخر
ومقابلته ،وقد اختار وفرض على هذه األنا العربية رد فعل معني ومن رحم العالقة تولدت مواقف
واختيارات ...فحارهبا وشوش عليها ،وسلط عليها جيشا من املستشرقني واملستعربني ،وحاول أن
يلحق اللغة العربية ...زيف التاريخ وألغى أمساء وحاول أن يدمر موطن هذه الذات ،وأن ميزق خرائطها
اجلغرافية والوجدانية واحلضارية" لذلك ويف هذا الساق أصبحت اهلوية يف مأزق وبات احلفاظ عليها
دهاليز العوملة أمرا شاقا وصعبا ووجدنا هذا اآلخر يقسم هذا العامل إىل قسمني :الغرب املاي وهو
العامل العقالين املتطور والشرق البدائي الروحاين املتخلف ،واختذ كل الوسائل العسكرية والغري عسكرية
يف بسط سيطرته على الشرق وإخراجه من غياهب "التخلف والرجعية" حسب رأيه فهو حياول أن
يلعب دور الوصي على العامل باعتباره املسيطر بنفوذه األول يف مجيع اجملاالت ،لذلك فقد بدأت
"مهمة الوصاية حبروب دينية صليبية وقد تنتهي اآلن حبرب حضارية ،حرب جترد اإلنسان من ثقافته
وهويته وجترده من ماضيه ،وكذلك من إرثه املعريف واجلمايل والعقائدي وكل شيء مييزه عن غريه حتت
شعار ما يعرف "العوملة" فلم تكن جراحات االستعمار قد انطفأت حىت بوغت العريب ...بقوة هذا
الغرب الذي ما فتئ يرتد صداها بني احلني واآلخر وهي قوة غدا من الصعب اللحاق هبا وأيضا مضاها
الشرق هلا أو حتويله إىل طرف متكافئ فيها" فبع الذي مرت به الشعوب العربية وما عصفت هبويتها
من جراحات االستعمار إىل غياهب العوملة ،فلم تتنفس هذه الشعوب الصعداء حىت وحدت نفسها
حبيسة استعمار آخر خفي وأكثر خطورة من سابقيه ،فدخل هذا العريب يف صراع مع هذه القوة بكل
مظاهرها فتجده يوما منبهرا معجبا بنموذج اآلخر يف التقدم والتطور والتحضر وجتد يوما آخر ساخط
عليه يعتربه عدوا جيب عدم االنصياع له ،وهذا الوضع احلضاري املزري الذي يعيشه اليوم مل يزد الفرد
لكن املشكلة احلقيقية هلويتنا الثقافية العربية ليست يف اكتساح العوملة واألمركة على ما نتوهم
حنن ،بل تتمثل يف عجز اجملتمع العريب عن إعادة تشكيل هويته يف سياق العصر وجمرياته "بل عجزهم
عن العوملة هويتهم وأعلمه وحواسبه اقتصادهم وعقلنة سياستهم وكونته فكرهم ومعارفهم" ،ذلك
فإشكالية اهلوية العريب ال تكمن يف العوملة وال يف العصر اجلديد بكل معطياته بل تكمن يف عدم قدرة
فاحلفاظ على اهلوية ال يتأتى عن طريق االنغالق ألن هذا االنغالق الذي متارسه السواد
األعظم من لعوب العربية على هويته هو الدليل األول على ضعفها" ،فاهلوية شيء آخر غري رد افعل
ض اآلخر ونزوع حامل لتأكيد "األنا" بصورة أقوى وأرحب" فالعريب عضو يف قومية ثقافية ،فال ميكن
أن يرى يف حاله إال الطهارة والنقاء "ويف غريه "الدنس والنجاسة" فهذه النظرة اإلقصائية اليت تبنتها
األنا يف مقابل اآلخر هي اليت جعلت من هذا اآلخر" ينظر إىل األنا عل أهنا ذات ثقافية متعصبة
ورجعي ،فقد ساهم العريب يف تشويه صورة أناه أكثر مما ساهم أعدايه يف ذلك فقد أصبح املسلم
معادال موضوعيا للرجعية والتطرف ،التعصب ...اخل ،لذلك "فكسر األقفال وإلغاء منطق احلراسة،
واعتما منهج نقدي لثقافتنا كفيل بتطوير مواضع اخللل يف هويتنا ،اكتساهبا قوة وحيوية وقدرة على
املبادرة واالستفادة من املفاهيم اجلديدة ،دون إحداث تشويه هلذه اهلوية" إذا كان "األنا ال يتحدد إال
عرب اآلخر ،وراء تعلق األمر بالفرد أو اجلماعة فإن أي مشروع للمستقبل جيب أن يؤخذ فيه بعني
االعتبار بصورة واعية أو غري واعية ،وميكن الذهاب أبعد من ذلك حيث ميكن القول أنه لوال وجود
اآلخر ملا كان التفكري يف املستقبل أصال ،لذلك فاحلفاظ على اهلوية ومقاومة العوملة ال تكون ببناء
األوار العالية حول هوية أو االنغالق على الذات أو رفض ما هو آت ،بل األمر يتطلب فهما عميقا
للذات وفهما مماثال لآلخر" ومن خالل ذلك يتم مراجعة الثقافة مع االستفادة من إجيابيات ثقافة
اآلخر ذلك اآلخر الذي فرض نفسه وأصبح من الضروري التعايش معه ،فال فكرة االرمتاء يف أحضان
العوملة هي احلل جملاراهتا ،وال فكر االنطواء على الذات وإقصاء اآلخر هي احلل يف سبيل حتقيق
الذات.
فهذا الفهم للذات لكل أبعادها والفهم املماثل لآلخر هو احلل األمثل يف سبيل مسايرة
العوملة بكل مظاهرها ،فاألنا واآلخر ضرورة حتمية لبعضهما البعض لذلك فالصراع لن يكون يوما حال
خلالفاهتم بل إن التعايش واحلوار وهو السبيل األمثل للحفاظ على اهلويات وجعلها أكثر صالبة
متجددة مع العصور قادرة على جماهبة "كل متغريات العصر" فالتجدد هو السمة الضرورية لتحقيق
قائمة املراجع:
أمني معلوف ،اهلويات القاتل ،ترمجة :جبور الدويهي ،دار النهار ،بريوت.
جوردون مارشال ،موسوعة علم االجتماع ،مراجعة "حممد حممود اجلوهري" ،اجمللد ،6اجمللس
أمحد منور" ،األديب اجلزائري باللسان الفرنسي ،نشأته وتطوره وقضاياه ،ديوان املطبوعات
اجلامعية ،اجلزائر.1771 ،
عزيز العظم ،مفاهيم عاملية للهوية ،من أجل حوار بني الثقافات ،املركز الثقايف ،العريب ،الدار
البيضاء ،املغرب.
عبد السالم بن عبد العايل ،الفكر يف عصر التقنية ،أفريقيا الشرق ،املغرب ،ط.1777 ،6.
حممد حسن الربغثي ،الثقافة العربية والعوملة ،املؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بريوت،
.1771
حممد عابد اجلابري ،وجهة نظر ،حنو إعادة بناء الفكر العريب املعاصر ،مركز دراسات ،الوحدة
العربية.
عز الدين إمساعيل ،اهلوية القومية يف األدب العريب ،دار األمني للطباعة ،القاهرة.6444 ،
رزان حممود إبراهيم ،خطاب النهضة والتقدم يف الرواية العربية املعاصرة ،الشروق.1776 ،
صدوق نور الدين ،الغرب يف الرواية العربية ،قنديل أم هاشم أمنوذجا ،دار الثقافة للنشر
والتوزيع ،الدار البيضاء ،املغرب.
حممد عابد اجلابري ،مسألة اهلوية ،العروبة واإلسالم والغرب ،قضايا الفكر العريب ،مركز
دراسات الوحدة العربية ،بريوت ،لبنان.
عبد السالم بن عبد العايل ،الفكر يف عصر التقنية ،أفريقيا الشرق ،املغرب ،ط.1777 ،6.
عبد السالم بن عبد العايل ،أسس الفكر الفلسفي املعاصر توبقال ،املغرب ،ط.1776 ،6.