Professional Documents
Culture Documents
آثار نازلة كورونا على المبادئ المُؤَسِّسَة للمنظمات الدولية والإقليمية
آثار نازلة كورونا على المبادئ المُؤَسِّسَة للمنظمات الدولية والإقليمية
9اغسطس/آب 2020
مقدمة
تُع ُّد نازلة كورونا من أخطر النوازل والكوارث الشاملة التي تواجه اإلنسانية في القرن الحالي ،وتمثِّل دراسة آثارها
وانعكاساتها على المنظمات الدولية واإلقليمية أحد أهم أولويات القضايا على أجندة البحث في الجامعات ومراكز التفكير
والدراسات ،وأجهزة صنع القرار واتخاذه ،ويتمثَّل إسهام هذا البحث في محاولة تقديم "إضافة نوعية" متواضعة على
المستويين المنهجي والمعرفي للجهود البحثية الضخمة انطالقًا من تناول القضية بالدراسة عبر النقاط األربعة التالية:
أوًل :مسلَّمة الدراسة وفرضيتها :تنطلق الدراسة من مسلَّمة أساسية مفادها أن نشأة المنظمات الدولية واإلقليمية جاءت
ا
سة" التي استهدفت
في سياق أزمات وحروب عالمية كبرى ،كاستجابة وتجسيدًا لمجموعة من "الدعوات" و"المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
منع تكرار وقوع "حروب جديدة" ،و"تحقيق السلم واألمن الدوليين" و"تعزيز التعاون والتضامن الدولي واإلقليمي" في
مواجهة النوازل والكوارث اإلنسانية ،ولنتذ َّكر مبادئ وودرو ويلسون ( )Woodrow Wilsonاألربعة عشر ،وما تتضمنه
إعالنات ومواثيق المنظمات الدولية واإلقليمية المختلفة في هذا الصدد(.)1
ثانياا :التساؤًلت األساسية للدراسة :تسعى الدراسة للتأكد من مدى صحة الفرضية السابقة عبر اإلجابة على تساؤلين
سة لنظام
أساسين :أولهما ذو طبيعة وصفية وتحليلية؛ يدور حول المدى الذي "كشفت" فيه األزمة عن فشل المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
2
"التعاون والتضامن العالمي" والمنوط تحقيقه بالمنظمات الدولية واإلقليمية ،بينما التساؤل الثاني ذو الطبيعة التفسيرية
سة"،
والمستقبلية يدور حول تفسير أسباب الفشل :إلى أي مدى تعود األزمة إلى "الفجوة" الموجودة بين "المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
و"الممارسات الواقعية" للمنظمات الدولية واإلقليمية؛ حيث تكون األولى مجرد "غطاء أيديولوجي" للثانية( ،)2أو أن هذا
سة باعتبارها تتضمن في سياق نشأتها واستمراريتها ،وبنيتها وتكوينها الداخلي ،ما
الفشل يرجع إلى طبيعة المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
سة التي قامت عليها المنظمات الدولية واإلقليمية ت ُ َع ُّد -كما
يخلق ذلك ويؤدي إليه؛ إذ يذهب البعض إلى أن المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
سنرى -امتدادًا لمنطق الوفاق األوروبي ( ،)Concert of Europeوالذي قام على أساسه "نظام فيينا" ( Vienna
سة
)Systemبحمولته التاريخية ومنظومته القيمية الكلية المض َّمنة()3؟ وإلى أي مدى يؤثر ذلك على مستقبل المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
للمنظمات الدولية واإلقليمية؟
ثالثاا :منهجية الدراسة ومصادرها :يترتب على ما سبق تحديد االختيار المنهجي للدراسة في إطار االتجاهات الثالث
السائدة في علم العالقات الدولية بصدد دراسة النوازل واألزمات( ،)4وهي :أ) الواقعيون ( :)Realistsالذين يؤكدون
على التوزيع العادل للقوة ،والمصالح الذاتية للدول .ب) الليبراليون ( :)Liberalsالذين يركزون على قدرة المنظمات
الدولية على التخفيف من آثار الفوضى الدولية التي يؤكد عليها الواقعيون ولمساعدة "الدول" على تحقيق أهدافها .ج)
البنائيون ( :)Constructorsالذين يؤكدون على أهمية الهويات الجماعية العابرة للحدود التي تتش َّكل منها القضايا
المشتركة.
ويتمثَّل االختيار المنهجي األساس للدراسة في االتجاه الثاني (الليبرالي) ،أي التركيز على مدى قدرة المنظمات على التخفيف
من آثار النوازل ،ومساعدة الدول والمجتمعات في كيفية التعامل معها ،مع اعتبار أن االتجاه األول (الواقعي) يمثِّل "تهديدًا"
صا وبدائل أمامه ،هذا من جانب ،ومن جانب آخر تتبع
يضع حدودًا على االختيار ،وأن االتجاه الثالث (البنائي) يمنح فر ً
الدراسة الخطوات العلمية الخمسة المعروفة منهجيًّا في تناول موضوعها( ،)5وهي :التوصيف ،والتحليل ،والتفسير ،والتنبؤ
ورسم السيناريوهات المستقبلية ،والتعامل معها ضب ً
طا وتحك ًما ،كما تتعامل مع المصادر األساسية المتمثلة في الوثائق
التأسيسية للمنظمات الدولية واإلقليمية وممارساتها إزاء النازلة ،و"البيانات" و"الخطاب السياسي واإلعالمي واألكاديمي"
حولها.
رابعاا :تقسيم الدراسة :تسعى الدراسة انطالقًا من التساؤلين السابقين لمقاربة قضيتها البحثية عبر اإلجابة على سؤالين،
األول :سؤال المنهج ويضع الضوابط المنهجية لدراسة القضية علميًّا وبحثيًّا ،ويقدم مراجعة نقدية للخطاب السائد معرفيًّا
سة" للمنظمات الدولية
حول كيفية الدراسة ،والثاني :سؤال الموضوع الذي يبحث "آثار" النازلة على "المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
واإلقليمية التي قامت عليها ،ومنحتها المشروعية القانونية والشرعية السياسية.
.1سؤال المنهج :كيفية دراسة آثار نازلة كورونا على المنظمات الدولية واإلقليمية
تُحدِّد اإلجابة على سؤال المنهج "األبعاد الغائبة" في بحث موضوع "آثار نازلة كورونا وانعكاساتها على المنظمات الدولية
واإلقليمية"؛ إذ تتمثَّل في مجموعة من الضوابط "المنهجية" و"المعرفية" المحددة لكيفية دراسة الموضوع علميًّا.
ا
أوًل :الضوابط المنهجية لكيفية دراسة آثار نازلة كورونا
تنبع الضوابط المنهجية من فهم طبيعة موضوع الدراسة ذاته ،ويقود اتباعها لجعل نتائجها موضع ثقة ومصداقية علمية،
وتتمحور حول طبيعة النازلة وآثارها كما يلي:
3
أ -صعوبة دراسة آثار النازلة علم ًّيا
ت ُ َع ُّد "دراسات األثر" ( ،)The effect studiesوفقًا لمنهجية البحث العلمي ،من الدراسات "الصعبة" أو "المستحيلة"،
صح بعدم القيام بها إال في ظل ضوابط منهجية ومعرفية محددة وصارمة ،وذلك لسببينً ،
أوال :عدم الثقة والتي عادة ً ما يُ ْن َ
في النتائج التي يتم التوصل إليها ،وثانيًا :عدم القدرة على إثباتها عبر تقديم األدلة والبراهين عليها .وينتمي موضوع البحث
لهذه النوعية من الدراسات؛ إذ يبحث في تأثير العامل "المستقل" (( )Independent Variableآثار نازلة كورونا)
المؤسسة للمنظمات الدولية واإلقليمية"؛ حيث يتخذ بحث
ِّ على "العامل التابع" ( ،)Variable Dependentأي "المبادئ
العالقة أحد صور ثالثة(:)6
األولى :العالقة السببية المباشرة ( ،)Causal Relationshipبحيث تكون آثار نازلة كورونا المباشرة وغير المباشرة
هي "السبب" الذي يخلق "تغييرات" محددة في المبادئ المؤسسة للمنظمات الدولية واإلقليمية .والثانية :العالقة التوافقية
( )Correlation Relationshipوتعني أن آثار نازلة كورونا ،والتغيرات في المبادئ المؤسسة للمنظمات الدولية
واإلقليمية ،توجدان وتختفيان م ًعا دون إمكانية إثبات عالقة بينهما .والثالثة :عالقة االعتماد المتبادل
( ،)Interdependence Relationshipأي تتوقف التغيرات في المبادئ المؤسسة للمنظمات الدولية واإلقليمية وتعتمد
على اآلثار التي تُحدثها نازلة كورونا.
يمكن القول إذن :إن ثمة اتفاقًا بين الباحثين على صعوبة إثبات وجود العالقة أو إرجاع "التغيرات" في العامل التابع المبادئ
المؤسسة للمنظمات الدولي ة واإلقليمية إلى العامل المستقل (آثار نازلة كورونا) ،فهي مستحيلة في (الصورة األولى) ،وال
معنى لها في (الصورة الثانية) ،وبالغة الصعوبة في (الصورة الثالثة) إلى درجة تصل إلى حد االستحالة.
ب -كيفية دراسة اآلثار النابعة من طبيعة الظاهرة "المربع اًلستراتيجي" للنازلة
تُعَ ُّد نازلة كورونا ظاهرة ُم َر َّكبة في جوهرها تمتلك أبعادًا استراتيجية أربعًا الزمة لوجود وبقاء المجتمعات والدول ،ويجب
فهمها وتحليلها من خالل هذا "المربع االستراتيجي" الذي يتضمن األبعاد :الصحية واالقتصادية والسياسية والمجتمعية.
فالنازلة وإن بدأت نا زلة صحية إال أنها سرعان ما انتقلت تأثيراتها إلى األبعاد االقتصادية ،ثم األبعاد السياسية ،لتصبح
إشكالية مجتمعية شاملة عالمية ،وفي الوقت ذاته تمتلك النازلة أبعادًا إقليمية ومحلية تختلف من منطقة ودولة ألخرى،
واإلشكالية أن "العدو/الفيروس" العامل المحوري في بناء االستراتيجية ما زالت حقيقته خافية ،وأساليب التعامل معه غير
واضحة للجميع .لقد شهدت البشرية "تاريخيًّا" نوازل صحية مشابهة ،إال أن هذه النازلة تتمتع بقدر من التفرد والخصوصية
أمرا موضع شك حتى اآلن ،مما يتطلب وضع
في سياقها مما يجعل من عملية بناء "نموذج تاريخي" كأداة للمقارنة والقياس ً
ضوابط منهجية لكيفية التعامل العلمي ،وعلى الجانب اآلخر تتطلب دراسة "نازلة كورونا" فهم طبيعة آثارها؛ إذ هي ً
أوال:
من الظواهر الدينامية المتغيرة وغير الثابتة ،وثانيًا :من الظواهر الرجراجة التي تتسم بدرجة عالية من السيولة
( ،)Liquidityوثالثًا :من الظواهر غير المكتملة ( .)Unfinished Businessوتضع السمات الثالث آلثار النازلة
ً
وصوال إلى التنبؤ باتجاهات المستقبل ومن ثم وتفسيرا
ً ً
وتحليال ضوابط منهجية صارمة على كيفية دراستها علميًّا :توصيفًا
بصدد كيفية التعامل معها ضب ً
طا وتحك ًما ،كما أسلفنا.
ثانياا :كيفية دراسة الخطاب السائد بصدد آثار نازلة كورونا "المثلث المعرفي"
يدور الخطاب السائد بصدد آثار نازلة كورونا حول ثالثة أضالع مترابطة ت ُ َع ُّد بمنزلة "المثلث المعرفي" المطلوب فهمه
وتحليله نقديًّا ،ومن ثم وضع الضوابط "المعرفية" لكيفية التعامل معه ،فوفقًا لهذا الخطاب السائدً ،
أوال :تمثِّل آثار نازلة
4
"تحول تاريخية فاصلة" ( )Historical Turning Pointفي مسار تاريخ العالقات الدولية،
ُّ تعبيرا عن نقطة
ً كورونا
مثل بقية األحداث التاريخية الكبرى كالحروب العالمية ،والثورات ،والكوارث ،وثانيًا :تضع آثار النازلة النهايات المختلفة
( )The endsألوضاع ومنظمات معينة قائمة وبالتالي سيكون للنازلة ثالثًا "الما بعديات" ( .)The Postونفصل هذه
األضالع المعرفية الثالثة فيما يلي:
يفرض ذلك على الباحث الجاد التوقف أمام األحداث الكبرى ُمتَأ َ ِّم ًال في منهجية استدعائها التي قد تتشابه شكليًّا لكن تختلف
ض ِّللَة إن لم يتم بناء "النموذج التاريخي" أداة للمقارنة المنهجية المنضبطة( ،)9وأن يدرك أيضًا
موضوعيًّا فتكون المقارنة ُم َ
وتشكل قطيعة بنيوية
ِّ تحول تاريخية تضع النهاية ألوضاع معينة،
ضرورة وجود ضوابط علمية محددة العتبار النازلة نقطة ُّ
التحول التاريخي الحقيقية حسب
ُّ ومعرفية مع الواقع القائم ،وبالتالي لها "ما بعدها" ،ولعل أهم هذه الضوابط أن تقود نقطة
طبيعتها ولو تدريجيًّا إلى تغيير البنية السياسية واالقتصادية المجتمعية والدولية ،رغم صعوبة إثبات وجود عالقة سببية
التحول التاريخي وحدوث تغيير بنيوي ومعرفي داخل العالقة المجتمعية والدولية(.)10
ُّ مباشرة بين نقطة
لقد قدمت دراسات تاريخ العالقات الدولية أكثر النماذج اقترابًا من االكتمال من مقولة" :نقطة التحول التاريخي" ،وهي
ظواهر "الحروب" و"الثورات" ،ومنها "الحرب األميركية" والحربان العالميتان ،األولى والثانية ،والثورات الفرنسية،
والسوفيتية ،واإليرانية .والمالحظة الجديرة باالعتبار أن هذه األحداث التاريخية الكبرى استغرق بعضها فترات زمنية
ً
أجياال كاملة ،وبالتالي يجب على الباحثين التحول التاريخي ،البعض منها استغرق
ُّ طويلة لكي يفرز آثاره ،ومن ثم يمثِّل نقطة
المؤسسة للمنظمات
ِّ الجادين التواضع ً
قليال والتساؤل عن الكيفية والمدى اللذين يمكن أن تؤثر بهما نازلة كورونا على المبادئ
الدولية واإلقليمية وفي ضوء وجود ضوابط منهجية ومعرفية محددة.
وتُعَ ُّد مراجعة الدراسات السابقة مجددًا بهذا الصدد ذات داللة؛ إذ قبل ثالثة عقود من الزمان شهد الخطاب السائد نفس الجدل
حول عدد من "النهايات"؛ ولنتذ َّكر الجدل الذي أثارته كتابات المستشرق المخضرم ،برنارد لويس (،)Bernard Lewis
صاحب الصالت الوثيقة بدوائر صنع القرار األميركي والصهيوني حول مستقبل المنطقة العربية واإلسالمية وشرق
األوسطية وتقسيم خرائطها( .)11ولنتذ َّكر في نفس السياق كتابات صامويل هنتنغتون ( )Samuel Huntingtonحول
5
صدام الحضارات وصراعها واستجابات جامعاتنا ومفكرينا حولها برفع رايات حوار وتواصل وتالقح الحضارات()12؛
تلك الموجة التي سادت الخطاب والواقع في نهاية التسعينات من القرن الماضي ،دون أن ننسى أيضًا الخطاب السائد عن
"النهايات" والغوغائي أحيانًا في أعقاب سقوط االتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية وانهيار حائط برلين الشهير والجدل
حول "نهاية التاريخ" ذاته والتبشير باالنتصار النهائي للرأسمالية والديمقراطية والليبرالية الغربية(.)13
َ
أضغاث تساؤل الدراسة ،ونحن إزاء فترة ليست بعيدة بمقاييس التاريخ في حياة األمم والشعوب ،إلى أي مدى ت ُ َع ُّد الكتابات
أحالم أو سرابًا يحسبه الظمآن ماء؟ وهل يكرر خطابنا السائد حاليًّا بشأن نازلة كورونا ذات الجدل البيزنطي والحوار البابلي
ٍ
مجددًا؟
تقطع هكذا غالبية الدراسات باألمر بـ"ثقة" ،وقدرة على "التنبؤ" ورسم السيناريوهات المستقبلية ،أليس من المنطقي -إذا
انطلقنا من صحة ما سبق -أن نؤكد على التحليل القائل بأنه "ألم يكن من األجدى بهؤالء القائلين بـ"المابعديات" التنبؤ العلمي
بهذه النازلة "األزمة" قبل وقوعها لكي نتفاداها؛ وبذلك نتجنب "المعاناة" من آثارها بداية"(ً )15
بدال من التأكيد "الواثق"
وبمنطق "اإلجماع" على رسم السيناريوهات المابعدية بعد وقوع النازلة ،والمعاناة من آثارها؟
وهكذا ،يمكننا أن نخلص إلى إمكانية الدراسة العلمية آلثار نازلة كورونا على المبادئ المؤسسة للمنظمات الدولية واإلقليمية
في ضوء هذين المستويين من الضوابط :المستوى األول :وهو الضوابط المنهجية التي تتعلق بضرورة فهم طبيعة الظاهرة
موضع الدراسة "ظاهرة آثار نازلة كورونا" ،وضوابط دراسة األثر على المبادئ المؤسسة للمنظمات الدولية واإلقليمية،
تحول
والمستوى الثاني من الضوابط المعرفية التي تتعلق بفهم مرتكزات الخطاب المعرفي حول الظاهرة باعتبارها نقطة ُّ
تاريخي يضع النهايات ألوضاع قائمة في بنية النظام الدولي وأنه سيكون لها ما بعدها؛ وبالتالي وضع هذا الحادث موضع
المقارنة مع أحداث تم التعامل معها بنفس منطق الخطاب لكي تتم االستفادة منه في التعامل مجددًا قبل أن ننتقل إلى تقديم
مساهمة الدراسة في موضوع دراسة الظاهرة.
.2سؤال الموضوع :آثار النازلة على المبادئ المؤسسة للمنظمات الدولية واإلقليمية
يأتي تناول كيفية تعامل المنظمات الدولية واإلقليمية مع آثار النازلة إجابة على سؤال الموضوع عبر مستويين ،األول:
يفرضه اإلطار العلمي كما أسلفنا توصيفًا للنازلة كظاهرة مر َّكبة و"مربع استراتيجي" يمتلك أبعادًا أربعة متكاملة()16
تشمل :أ) :النو احي الصحية ،ب) االقتصادية ،ج) السياسية ،د) المجتمعية ،وتتعامل معه "المنظمات الدولية واإلقليمية"
وفقًا لرؤيتها ومبادئها المؤسسة ،ومجال اختصاصاتها ،والمستوى الثاني :تفسير آثار النازلة على المبادئ المؤسسة للمنظمات
الدولية واإلقليمية ،وتحديدًا على قدرتها المستقبلية للتعامل مع هذه اآلثار.
6
المستوى األول :كيفية تعامل المنظمات الدولية واإلقليمية مع آثار نازلة كورونا :توصيف وتحليل
جاء تأسيس "المنظمات الدولية الحديثة" ،مثل األمم المتحدة ،استنادًا للرأي االستشاري لمحكمة العدل الدولية في 12
أبريل/نيسان ،1944كمنظمة صاحبة إرادة مستقلة عن الدول األعضاء ،والتي قامت على أنقاض عصبة األمم التي تأسست
بعد الحرب العالمية األولى بهدف الحفاظ على السلم واألمن الدوليين ،غير أن المنظمات اإلقليمية العامة والمتخصصة
والمعنية بالتعامل مع الكوارث والنوازل كانت األسبق وجودًا ،نتناولها فيما يلي:
.1منظمة الصحة العالمية :تقوم المنظمة بأدوار دولية في مواجهة األزمات الصحية ،والكوارث واألوبئة العالمية؛ إذ
تتحدد مسؤوليتها في إعالن وتحديد مستوى األزمات ،وتصنيفها حسب درجة انتشارها ،وتقديم التنسيق والدعم الفني وتحديد
أنواع التدابير المشتركة التي ينبغي اتخاذها من طرف الدول مجتمعة ،ومراقبة وتقييم الوضع باستمرار ،وتقديم المساعدة
للدول الفقيرة ،وتنسيق جهود البحث عن حلول صحية .وقد قدَّمت منظمة الصحة العالمية في التعامل مع نازلة كورونا
نموذ ًجا واض ًحا للفشل؛ كان له تداعياته العالمية؛ األمر الذي سمح للرئيس األميركي ،دونالد ترامب ،باستغاللها سياسيًّا بداية
ً
انتقاال لالنسحاب واتهامها بالتقصير واالنحياز(.)17 من تجميد الواليات المتحدة األميركية لمساهمتها المالية في الميزانية
.2منظمة التعاون اًلقتصادي والتنمية :ت ُ َع ُّد هذه المنظمة أكبر تجمع دولي للدول المانحة التي تتمتع بقدرات خاصة تؤهلها
لتقديم المساعدات ،وتحقيق التعاون والتضامن الدولي ،ومن هذه القدرات :األنظمة الصحية المتطورة ،والموارد المالية
الكبيرة ،والمراكز البحثية المرموقة ،واإلمكانيات اللوجستية الهائلة ،والموارد البشرية الهائلة ،والقدرات األمنية
العالية...إلخ ،والواقع أنه رغم توافر كل هذه األمور -بدرجات متفاوتة -لدى هذه الدولة المانحة ،فإن نازلة كورونا لم تحقق
التعاون والتضامن الدولي بين هذه "الدول المانحة" ذاتها ،والتي ت ُ َع ُّد "النواة الصلبة" للمنظمة؛ فانعكس فشلها على فشل
المنظمة ككل(.)18
.3منظمات المجتمع المدني العالمي :يشمل هذا القطاع شبكة واسعة من المنظمات والجمعيات الناشطة على
المستويين ،الدولي واإلقليمي ،وعادة ما تكون مس َّجلة باألمم المتحدة ،وتعود نشأة بعضها إلى عقود طويلة قبل نشأة المنظمات
الدولية الحكومية الرسمية ،وغالبها يُعَ ُّد أكثر فعالية وكفاءة في مواجهة الكوارث والنوازل اإلنسانية مقارنة بالدولية
والحكومية رغم ضعف مواردها المالية والبشرية .والواقع أنه ال تتوافر لدينا معلومات كافية عن األدوار التي قامت بها
منظمات ،مثل :الصليب األحمر الدولية ،أو الهالل األحمر الدولي ،أو األوكسفام ،في التعامل مع هذه النازلة؛ ونرى أن هذه
ً
مستقبال للقيام بنفس الوظيفة ،واألدوار في تحقيق "التضامن" و"التعاون الدولي" و"تعزيز قدرة" المنظمات هي المؤهلة
الدول الفقيرة على حماية وإنقاذ حياة رعاياها(.)19
.4اًلتحاد األوروبي :يُ َع ُّد االتحاد األوروبي منظمة إقليمية فعالة؛ لها دستور يحمي "الحركة" و"االنتقال" بين الدول
األعضاء ،ويمتلك االتحاد عملة موحدة ،وكذلك بن ًكا ،وعل ًما ورئاسة واحدة...إلخ ،ومع وجود هذا األساس القوي فإن التعامل
مع "آثار نازلة كورونا" جرى بشكل أحادي؛ حيث تصرفت كل دولة بمفردها ،وغاب عن ممارستها واعتبارها وجود
"المبادئ األساسية" حول برامج "التعاون" و"التضامن" الجماعي لمصلحة السياسات القُطرية لكل دولة من دول
االتحاد(.)20
7
.5منظمة التعاون اإلسالمي :وهي منظمة إقليمية تضم مجموعة واسعة من الدول األعضاء الذين تتباين مستوياتهم
االقتصادية؛ وغالبًا ما يشتركون في االنتماء إلى "الهوية" اإلسالمية ودون اشتراط ذلك ،ورغم أن هذه المنظمة تمتلك بن ًكا
في جدة "بنك التنمية اإلسالمي" كان من الممكن أن يقوم بدور تضامني وتقديم مساعدات على مستوى الدول األعضاء (مثل
دور البنك أو صندوق النقد الدولي) ،لم توجه منظمة التعاون اإلسالمي أية دعوة للتضامن أو التعاون بين أعضائها لمواجهة
آثار النازلة ،وطغت الخالفات السياسية ،ووجدنا بعض المساعدات من بعض الدول للبعض اآلخر دون أن يكون للمنظمة
أية أدوار حقيقية في مواجهة نازلة كورونا(.)21
.6المنظمات اإلقليمية العربية :جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي واًلتحاد المغاربي
ت ُ َع ُّد المنظمات اإلقليمية العربية من أضعف المنظمات اإلقليمية في مواجهة النوازل والكوارث ،وقد اتضح ذلك جليًّا في
نازلة كورونا؛ حيث كان ما يجمع بينهما هو "ضعف التعاون والتضامن الصحي واالقتصادي" ،وانعدام أية برامج لتبادل
الخبرات واإلدارة المشتركة .فقد غابت الجامعة العربية تما ًما عن أي تحرك على كل المستويات ،وتركت كل "دولة" تُدِّير
أمورها اعتمادًا على ذاتها؛ وظلت دول عربية فقيرة ،مثل :الصومال ،وجزر القمر ،وجيبوتي ،والسودان ،تكافح آثار نازلة
كورونا بإمكانياتها الضئيلة والمتواضعة ،وتجد بعض الدعم من خارج "جامعة الدول العربية" ،وذلك من دول ،مثل :الصين،
وتركيا ،ودول االتحاد األوروبي.
وقد كشفت النازلة عن فشل المنظمات الدولية واإلقليمية في القيام بأدوارها األساسية المتوقعة في مثل هذه النوازل؛ التحذير
منها بداية ،والتنسيق فيما بينها في مواجهتها والحد من آثارها على المستوى العالمي حتى اآلن ،كما كشف التعامل مع آثار
النازلة "الضعف" و"البيروقراطية" الداخلية في "المنظمات الدولية" و"اإلقليمية"؛ إذ لم تستطع المنظمات القيام بالحدود
الدنيا من أدوارها األساسية مما أثار التساؤالت حول جدوى (الوجود) ذاته وفائدته ،وهكذا.
وتضع آثار النازلة العالم في تعامله مع المنظمات اإلقليمية والدولية أمام أحد خيارين ،األول :استغالل آثار النازلة لتطوير
مؤسسات النظام الدولي واإلقليمي باتجاه "التعاون" و"الرفاه" و"تبادل المصالح" .والثاني :استغالل النازلة لتعزيز أنماط
القوة ،والقيادة والسيطرة داخل هذه المنظمات ولو بالقوة؛ األمر الذي يرتبط بالسيناريوهات المستقبلية التي ستتخذها
المنظمات الدولية واإلقليمية ،ويذهب البعض إلى أن أمامها ثالثة سيناريوهات:
-األول" :االحتواء" آلثار النازلة بشكل سريع وتداعيات محددة.
-الثاني" :التعايش" مع آثار النازلة وتداعياتها الخطرة.
-الثالث" :الفوضى" والفشل في احتواء آثار النازلة وبالتالي خروجها عن حدود التحكم.
غير أن االنطالق إ لى إجابة سؤال المستقبل وسيناريوهاته البد أن يسبقه ضرورة طرح السؤال التفسيري :لماذا فشلت
المؤسسة؟ وبالتالي يمكن
ِّ المنظمات الدولية واإلقليمية في التعامل مع آثار النازلة التي تقع في صلب رؤيتها ،ومبادئها
الحديث عن السيناريوهات المستقبلية للتعامل مع النازلة والنوازل القادمة المشابهة.
8
المستوى الثاني :كيفية تعامل المنظمات الدولية واإلقليمية مستقبليًّا مع آثار نازلة كورونا
لم يكن الفشل الذي بدا واض ًحا في تعامل المنظمات الدولية واإلقليمية مع آثار "نازلة كورونا" بمنزلة داللة على عدم قيامها
ع َرضًا للمرض األصلي الذي تعانيه وليس حقيقته ،والذي
بأدوارها المطلوبة ووظائفها المنوطة بها فقط؛ فقد يكون ذلك َ
تتمثَّل أسبابه المحورية وفقًا للبعض في "غياب" رسالتها ،وعدم وضوح رؤيتها ،وعدم االلتزام بالمبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
سة التي قامت
عليها ،ومعها اكتسبت أساس وجودها ومشروعيتها القانونية ،وشرعيتها الفعلية السياسية .لقد نشأت المنظمات "الدولية"
سة المعروفة على المستوى الدولي من حماية السلم
تعبيرا نظاميًّا يجسد عال ًما من "األفكار" و"المبادئ" ال ُم َؤ ِّس َ
ً و"اإلقليمية"
واألمن الدوليين إلى تحقيق التعاون والتضامن الجماعي والدولي...إلخ ،وعلى المستوى اإلقليمي من السعي نحو "تحقيق
الوحدة األوروبية" بكل المراحل التي مرت بها؛ إلى تحقيق التعاون العربي والوحدة العربية؛ ناهيك عن "التضامن
اإلسالمي" ،دون الحديث عن التعاون الخليجي.
سة بداية "المشروعية القانونية" لميالد المنظمات الدولية واإلقليمية ،ومع تكرار الفشل في مواجهة
قدَّمت المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
سة بدأ يفقد شرعيته السياسية واألخالقية وفعاليته وفي الوقت نفسه بدأت
النوازل المتتالية ،فإن الكثير من هذه المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
المنظمات الدولية واإلقليمية تعاني من فقدان الدور والهوية وتغلغل البيروقراطية والفساد اإلداري والمالي.
الوهَج الذي رافق عمليات اإلنشاء يخفت وينطفئ ،واألماني واآلمال التي رافقت التأسيس ورعت عمليات
وهكذا ،بدا أن َ
التطور واالزدهار تستنفد أغراضها ،وبالتالي تتحول إلى زخرف من "القول" و"ركام" من األفكار الميتة والمميتة بتعبير
المفكر مالك بن نبي ،في كتابه "مشكلة األفكار في العالم اإلسالمي" ،فقد تحولت المبادئ إلى نقائضها ،وتحولت مجالس
التعاون والتضامن إلى أدوات حصار وعدوان.
9
في أشكال جديدة بين دول المركز واألطراف .ومن ناحية ثالثة :توجيه جزء من هذا الدعم لتحقيق االستقرار السياسي خاصة
بعد الحرب العالمية الثانية ،وكان ذلك هدفًا أمينًا أيضًا .ومن ناحية رابعة :كانت هذه المساعدات إحدى أدوات الصراع
واالستقطاب السياسي إبان فترة الحرب الباردة بين المعسكرين ،الشرقي والغربي ،بقيادة أميركا واالتحاد السوفيتي ،قبل أن
ينهار في نهاية التسعينات من القرن الماضي(.)22
ا
أوًل :نظام "التضامن الدولي المستجد" :إعادة صياغة لنظام فيينا التأسيسي
يرى القائلون بهذا االتجاه أن نظام التضامن الدولي "المستجد" يحمل في طياته بذور فشله وتراجعه؛ إذ هو مجرد إعادة
ويتكون النظام المستجد من مجموعة من االتفاقيات،
َّ ُعرف بـ"نظام فيينا"،
صياغة للوضع القديم ،والذي كان سائدًا وي َ
والمنظمات ،والمعايير ،واآلليات ،والخطط والبرامج التي يتم بموجبها تقديم المساعدات للدول والشعوب المحتاجة -وبالذات
في أوقات النوازل والكوارث -كتعبير عن نوع من التضامن الدولي.
ُو ِّلد النظام القديم بعد انتصار القوى العظمى حينئ ٍذ (إنجلترا وروسيا وبروسيا والنمسا) على نابليون بونابرت عام ،1815
سة التفاقية فيينا ،وبالتالي أ ُ ْ
ط ِّلق عليه "نظام فيينا" إشارة لمؤتمر فيينا الشهير الذي انعقد وعلى أساسه جاءت المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
على مدار عامي ( ،)1814-1813والذي أدى إلى ما أُسمي الحقًا "نظام الوفاق األوروبي" .وقد استمر نظام فيينا أو
"نظام الوفاق األوروبي" طوال القرن التاسع عشر باعتباره يحقق توازن القوى في أوروبا ،وقد أثبت نجاحه في العديد من
أوًل: ً
وصوال إلى إنشاء عصبة األمم ،وكان هذا النظام يقوم على أربعة أسس( ،)23ا القضايا عبر آليات المؤتمرات والتحكيم
االعتراف بوضع خاص للجهات الفاعلة األكثر قوة في النظام بحيث تملي على أوروبا مصيرها وأن يكونوا وحدهم
المسؤولين عن الحفاظ على السالم .ثانياا :إقرار القوى العظمى بترسيخ الوضع السياسي واإلقليمي الراهن في القارة،
وإعادته وتجديده حسب الضرورة .ثالثاا :اتفاق األطراف األساسية السامية المتعاقدة على تجديد اجتماعاتها لفترات محددة
عبر آلية التشاور ،وحل النزاعات من خالل اجتماعات دورية .رابعاا :االعتراف بالسيادة والحماية المتضمنة في نظام فيينا،
وتبدي الدول الكبرى سياسة إيجابية تجاه الدول التي تتمتع بمؤسسات سياسية داخلية محافظة غير ليبرالية وغير ثورية .أما
النظام المستجد "نظام التضامن الدولي الحالي" ،فيؤكد الكثيرون أنه يُعَ ُّد في جوهره امتدادًا لنظام الوفاق والتضامن
األوروبي ،ويترجم المركزية األوروبية والغربية في نسختها األميركية األكثر ضراوة وتوح ً
شا ،وأن القيم المضمنة
والمضمرة تتمثَّل في "عبء الرجل األبيض" الذي يحمل مهمة "تحضير وتحديث العالم"؛ وذلك عبر إعادة استعماره
ويشكل ذلك
ِّ وتقسيمه ،وت ُ َع ُّد هي جوهر المشكلة التي تستبطن العنصرية في حقيقة األمر بكل أشكالها وفي جوهرها الحقيقي،
10
لُبَّ اإلشكال وأساس تفجره الداخلي ،والذي اتضح في النازلة األخيرة بقوة حين رفع الجمي ُع ولكن ك ٌّل بطريقته مضمون
شعار "أميركا ً
أوال" ومارس في الوقت ذاته عقلية السطو والقرصنة األوروبية على المستلزمات الطبية المهداة من الصين
تضررا؛ األمر الذي يعيد للذاكرة قراصنة جزيرة صقلية وفرسان القديس يوحنا
ً ً
مثال إلى بعض الدول األوروبية األكثر
مجددًا.
ثانياا :وصول نظام التضامن الدولي المستجد إلى طريق مسدود
سة لـ"نظام التعاون والتضامن الدولي" في
يرى كثيرون أن المنظمات الدولية واإلقليمية التي قامت لتحقيق المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
نسخته المستجدة قد استنفدت أغراضها ووصلت إلى طريق مسدود؛ إذ واجهت العديد من النوازل والكوارث الكبرى في
العقود األربعة المنصرمة ،وكان آخرها مواجهة آثار نازلة كورونا؛ وقد أثبتت في تعاملها ً
فشال متتاليًا -في احتواء هذه
ً
فضال عن شرعيتها موضع اختبار وتساؤل حقيقي .وقد اآلثار أو حتى التعايش معها -األمر الذي جعل مشروعية وجودها
سة لـ"نظام التضامن الدولي والتعاون اإلقليمي" الذي قامت عليه المؤسسات الدولية
انسحب هذا التساؤل على المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
ً
وصوال لحالة فقدان المشروعية والشرعية السياسية والصدقية األخالقية. واإلقليمية؛
-الثانية :نازلة ذات طبيعة سياسية :بدأت بانهيار االتحاد السوفيتي ،وفي أعقابه سقطت أيضًا دول المنظومة االشتراكية
في أوروبا الشرقية ،وقد كان سقوط حائط برلين داللة على نهاية هذه الحقبة ،واإلشكالية هنا أن هذا االنهيار السريع والمتتالي
تعبيرا عن أزمة ضخمة ونازلة كبيرة؛ إذ عجزت األنظمة السياسية في ذلك الوقت عن أن تسد الفراغ الكبير الذي
ً كان
حدث من زاوية الوفاء بالحاجات األساسية والضرورية للشعوب؛ حيث انتشر الجوع ،والمرض وعانت فئات كثيرة من
انقطاع الكهرباء والتدفئة...إلخ ،وهكذا كانت مؤسسات النظام الدولي ونظام التضامن االجتماعي أمام نازلة وكارثة إنسانية
حقيقية قضى فيها عشرات اآلالف نحبهم جوعًا ،أو مرضًا ،أو تجمدًا من البرد .ومرة أخرى يثبت نظام التضامن االجتماعي
وهذه المؤسسات فشلها الحقيقي في هذا التعامل مع هذه النازلة والكارثة.
هزت الضمير اإلنساني كله. -الثالثة :نازلة ذات طبيعة قيمية وأخالقية :ت ُ َع ُّد نازلة إبادة جماعية وتطهير عرقي وكارثة َّ
حرب أهلية انزلقت لعملية إبادة جماعية في صراع بين قبائل الهوتو والتوتسي؛ إذ في غضون ثالثة أسابيع فقط قُتِّل نحو
80ألف مواطن رواندي في مذابح بشعة ،كان موقف األمم المتحدة برئاسة أمينها العام ،بطرس غالي(*) مخزيًا؛ إذ قامت
بسحب قوات حفظ السالم األممية ،وتركت القبائل تلقى مصيرها ذب ًحا ً
وقتال ،ولم يحفظ ماء وجه النظام الدولي سوى بعض
المنظمات الدولية غير الرسمية والصليب األحمر التي قامت بدور هامشي في حمايتهم من المذابح الجماعية.
11
-الرابعة :ذات طبيعة صحية عالمية :نازلة كورونا :لم يكن موقف نظام التضامن االجتماعي الدولي وال المنظمات الدولية
واإلقليمية ،كما أسلفنا ،بأحسن ً
حاال من النوازل السابقة ،فالنظام الدولي يواجه نازلة شاملة تعدت آثارها النواحي الصحية
لتمتد للجوانب االقتصادية والسياسية والمجتم عية .والالفت لالنتباه أن المنظمات الدولية واإلقليمية تركت الجميع يواجهون
مصيرهم دون تمييز بين الدول والمجتمعات الفقيرة والغنية بدعوى أنهم يجابهون نفس النازلة العالمية؛ وفي ذلك تجاهل
لحجم الكارثة في الدول الفقيرة ،والتي تجعل من وقع وآثار النازلة عليها أخطر بكثير من الدول األخرى الغنية والمتقدمة،
وذلك لخمسة أسباب( ،)25أولها :أن غالبية سكان هذه الدول من "الفقراء" الذين يعتمدون على العمل اليومي خارج المنزل
للحصول على دخولهم من القطاعات غير المنظمة وغير الحكومية ،وثانيهما :أن القطاع االقتصادي األساس في هذه البلدان
هو القطاع الشعبي ،أي غير المصنَّف ،وهذا من أكثرها معاناة لتوقفه شبه الكامل أثناء النازلة ،ثالثها :أن النظام الصحي
في هذه الدول بالغ الضعف ،يفتقر إلى مقومات الصحة العامة ،وصحة الطوارئ الالزمة في هذه األزمات ،ورابعها :ضعف
الوعي الصحي نتيجة الضعف اإلعالمي ،وانتشار االعتماد على العادات والتقاليد الشعبية المتوارثة ،وخامسها :ضعف
النظام البنكي والرقمي في هذه البلدان ،وضعف سالسل التوريد لالحتياجات األساسية في هذه المجتمعات والدول.
يفرض كل ما سبق على المنظمات الدولية واإلقليمية توجيه جهودها نحو هذه الدول والمجتمعات الفقيرة؛ حيث تعيش
شعوبها إشكالية حقيقية وما زالت؛ فهي ال تستطيع البقاء في البيوت وممارسة االنعزال؛ ألنها خائفة من الموت جوعًا ،وهي
أيضًا خائفة إذا خرجت كالمعتاد فقد تصاب بالمرض وتموت؛ ألنها لن تجد الرعاية الصحية المالئمة .وهكذا لم تستطع
المنظمات الدولية واإلقليمية التعامل مع آثار النازلة سوى بتكرار الفشل التاريخي .إن تفاعل اآلثار المستقبلية التي أفرزها
"التعامل الفاشل" لتلك المنظمات الدولية واإلقليمية مع النازلة حتى اآلن ،هو من سيحدد مصيرهما مستقبليًّا :نظام التضامن
الجماعي ،والمنظمات الدولية واإلقليمية العاملة في إطاره.
استنتاجات
كشف التعامل الفاشل مع آثار نازلة كورونا من قبل المنظمات الدولية واإلقليمية عن احتماالت مستقبلية لتغيرات تشمل
سة للمنظمات الدولية واإلقليمية على مستويات أربع أساسية:
المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
َسس للمنظمات الدولية واإلقليمية ا
أوًل :مراجعة البناء القيمي ال ُمؤ ِّ
يفترض أن تمتد تأثيرات نازلة كورونا إلى إحداث تغييرات في البناء القيمي ال ُم َؤ ِّسس للمنظمات الدولية واإلقليمية ،يتضمن
مراجعة مفهوم القيمة ذاته؛ ففي نظرية القيم يكون التساؤل حول ماهية القيمة بداية ،ومنظومة القيم والقيمة العليا التي تتربع
على قمة البناء القيمي وت ُ َع ُّد محوره الذي يدور معه وجودًا وعد ًما :هل هي قيمة "الحرية" ،أو "المساواة" ،أو "العدالة"؟
تفرض آثار نازلة كورونا تحديد ماهية القيمة ومفهومها :هل هي الموارد المالية ،الثروة ،النقود -أيًّا كان الغطاء :الذهب أو
الدوالر أو الهيبة والقوة األميركية -أم هي الموارد البشرية :جهد اإلنسان وعمله؟
فقد تبيَّن أن عقول الناس وجهدهم اإلنساني ،سواء أكانوا األطباء أو العمال ،يظل األهم مقارنة بالمال في مواجهة آثار
النازلة ،وتبيَّن أيضًا أن "الفقر" ال يح دده فقط مقدار األرصدة من "المال والذهب" ،بل مدى الحاجة ألشياء بسيطة مثل
"الكمامات" التي أشعلت معارك وحروبًا برزت فيها األنانية من أجل حب البقاء ،وبالتالي أصبحت القيمة مرادفًا للقدرة على
الوفاء بالحاجة ،أي مسألة "اإلشباع" المادي والمعنوي والنفسي ،والذي يقدره عامل "الندرة" النسبية مقارنة بالموارد -أيًّا
كانت نوعيتها -وفي هذا برزت أهمية "القطاع الرقمي" الذي منع من موت المجتمعات والدول بـ"السكتة الكبرى" ،وهذا لم
يكن يتم لوال "عقول" أبناء "الدول الفقيرة" التي أسهمت في العملية(.)26
12
يرتبط بالقيمة العليا النموذج السياسي الذي يجسدها ،وبالتالي يدور التساؤل بهذا الصدد حول مدى االرتباط بين طبيعة النظم
السياسية (ديمقراطية وتسلطية) ،ومدى الكفاءة والفعالية في التعامل مع آثار نازلة كورونا ،ومن ثم النموذج السياسي
المستقبلي األفضل؛ فما أفضل النظم والنماذج السياسية في التعامل مع آثار هذه النوازل؟ فإذا كانت قيمة "الحرية"،
و"الديمقراطية" هي القيمة المحورية والعليا كانت "الحالة الديمقراطية" هي المقياس الذي على أساسه تتحدد "المساعدات
الدولية" في كل دولة وتنفيذ برامج "التضامن الجماعي" للدول الفقيرة؛ وفقًا لمؤشر يحدد موقع كل دولة بين "ديمقراطية
كاملة" إلى "سلطوية كاملة"؛ بالتركيز على حالة "الحقوق السياسية" و"الحريات المدنية" التي على أساسها تحدد المنظمات
الدولية برامج المساعدات التي بالطبع تخضع للتسييس .التساؤل األساسي :إلى أي مدى بعد هذه النازلة ستظل قيمة "الحرية"
يارا مركزيًّا" في هذا التصنيف وإلى أي مدى ستتراجع؟
في ضوء ما يحدث "مع ً
يُثار التساؤل األعمق حول وظيفة الدول :هل هي تحقيق الحرية والسعادة أم حفظ حق الحياة والنفس ً
أوال؟ وبالتالي يفتح
الباب أمام مقاييس جديدة ،وتطرح تساؤالت أمام بناء مقاييس ومؤشرات جديدة ،وعن مدى االرتباط بين طبيعة النظم
السياسية (ديمقراطية-تسلطية) ومدى الكفاءة ،والفعالية في إدارة مثل هذه النوازل عبر إعادة ترتيب النظام القيمي(.)27
13
عالمية للكوارث والنوازل...إلخ .وبالتالي ،إلى أي مدى يمكننا الحديث عن فشل أميركي ونجاح صيني أم أن األمر ما زال
مبكرا؟ وفي هذا الصدد ،ما مدى مسؤولية الصين عن النازلة؟ وتأثير ذلك على إمكانية وفرص وجودها في قيادة العالم بكل
ً
إشكالياته؟ وإلى أي مدى تمثل "االشتراكية الديمقراطية" ًّ
حال بعد فشل النموذج األنجلوسكسوني ،وتراجع الالتيني ،ورفض
النموذج الشمولي الروسي أو الصيني؟
وفي خالصة خاتمة ،توجد مؤشرات واقعية على انهيارات قادمة في الهياكل المؤسسية للنظام الدولي ،ولكنها ليست حاسمة،
وفي نفس الوقت بروز ظواهر جديدة وفاعلين جدد ،وأشكال جديدة للتفاعل غير معهودة من قبل ،ولكنها غير واضحة .إن
األطر المنهجية السائدة في تحليل المنظمات الدولية واإلقليمية لم تعد قادرة على تقديم فهم حقيقي لها عبر توصيفها ،وتحليلها،
وتفسيرها ورسم اتجاهاتها المستقبلية ،وبالتالي ،فإن التساؤل يغدو مشروعًا :هل نحن على أبواب "حدوث ثورة علمية"،
نتيجة عدم قدرة اإلطار المنهجي والمعرفي على تقديم إجابات كافية و ُمرضية آلثار هذه النازلة على مؤسسات النظام الدولي
واإلقليمي وأننا على مشارف بزوغ إطار تفسيري أعلى جديد ،أي تغيير في "البراديغم السائد" لدراسة العالقات والمنظمات
سة؟ سؤال تظل إجابته مفتوحة على كل االحتماالت.
الدولية بداية بإعادة تجديد المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
*أ.د .حامد عبد الماجد القويسي ،أستاذ النظم السياسية في كلية الدراسات الشرقية واإلفريقية ،جامعة لندن ،ورئيس مكتب
التطوير والمستشار األكاديمي لرئيس جامعة قطر.
مراجع
سة لنشأة المنظمات الدولية الحديثة:
( )1راجع حول المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
addition, Barbra Feinberg, John Morton Blum, Woodrow Wilson and the Politics of Morality (Boston: Little Brown, 1956), 20
Woodrow Wilson, America’s 28th President (New York: Child Press, 2006), 110.
وكذلك قارن :السيد أمين شلبي ،آراء سولجنتسين في أبعاد الوفاق الدولي ،مجلة السياسة الدولية (مركز الدراسات السياسية واالستراتيجية ،القاهرة ،العدد ،)1977 ،48ص -112
.116
سة والممارسة العملية للمنظمات الدولية واإلقليمية:
( )2راجع بصدد الفجوة بين المبادئ ال ُم َؤ ِّس َ
Barry Busan, Richard Little, International System in World History; Remaking the study of International Relations (Oxford
University Press, 2012), 56-99.
كذلك دراسة الباحث عبد ربي بن صحراء" ،هل كشفت جائحة كورونا هشاشة نظام التضامن الدولي؟"( ،ورقة غير منشورة) ،ص .5-3
( )3حول العالقة بين المبادئ المؤسسة التي قامت عليها المنظمات الدولية الحديثة و"نظام فيينا" الذي يجسد الوفاق األوروبي ،راجع :كايل السكوريتس" ،نظام دول الوفاق األوروبي
وحوكمة القوى العظمى اليوم :ماذا يمكن لنظام أوروبا في القرن التاسع عشر أن يعلِّم صانعي السياسات حول النظام الدولي للقرن الحادي والعشرين؟" ،مؤسسة راند ،2017 ،ص
( ،25-10تاريخ الدخول 15 :يونيو/حزيران .shorturl.at/tBNX7 :)2020
( ) 4حول االتجاهات أو المدارس األساسية في دراسة العالقات الدولية ،راجع :محمد طه بدوي ،مدخل إلى علم العالقات الدولية( ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،بدون تاريخ) ،ص
.43-34وقارن" :نظام دول الوفاق األوروبي وحوكمة القوى العظمى اليوم" ،مرجع سابق ،ص .12-9
( )5حامد عبد الماجد ،منهجية بحث ودراسة الظواهر السياسية( ،القاهرة ،دار نشر جامعة القاهرة ،)2000 ،ص .25-15
( )6المرجع السابق ،ص .36-35
( )7حامد عبد الماجد ،المشروع األمريكي في المنطقة العربية واستراتيجية مقاومته (القاهرة ،دار الشروق الدولية ،)2009 ،ص .25 -18
( ) 8حامد عبد الماجد (محرر) ،التحوالت والثورات الشعبية في العالم العربي :الدالالت الواقعية واآلفاق المستقبلية( ،عمان ،مركز دراسات الشرق األوسط ،)2011 ،ص .26-7
( ) 9راجع حول فكرة ومنهجية "بناء النماذج" كأداة للمقارنة أو القياس ،سواء "النموذج المرجعي" أو "النموذج التاريخي" ،نظرية التحليل السياسي (محاضرات غير منشورة ألقيت
على طالب الفرقة الرابعة قسم العلوم السياسية بكلية االقتصاد .)1979 ،وراجع محاولة تطبيق فكرة النماذج واتخاذها أداة للمقارنة المنهجية في دراسة ،حامد عبد الماجد ،الوظيفة
العقيدية للدولة اإلسالمية :دراسة في النظرية السياسية( ،القاهرة ،دار النشر والتوزيع اإلسالمية ،)1992 ،ص .361 -351
14
( )10المرجع السابق ،ص .365-362
وراجع أيضًا:
Geopolitics after Covid -19: is the pandemic a turning point?” the Economist (Intelligence UNIT), (2020).
( )11حول كتابات برنارد لويس عن تاريخ المنطقة ومستقبلها ،راجع:
Bernard Lewis, What Went Wrong? W estern Impact and Middle Eastern Response, Released in January 2002, shortly after
the September 11 attack, but written shortly before. The nucleus of this book appeared as an article published in The Atlantic
Monthly in January 2002 also see: Bernard Lewis, The Arabs in History (Oxford University Press, 199 3).
( )12راجع حول صدام الحضارات الدراسة األشهر لصامويل هنتنغتون:
- Samuel P. Huntington, The Clash of Civilizations, Foreign Affairs, no. 72, (1993.
- Shireen T. Hunter, the future of Islam and the West: Clash of Civilizations or peaceful Coexistence? (Washington: the center
for Strategic international Studies, 1995).
( )13للمقارنة راجع :وسيلة خراز" ،نهاية التاريخ :فرانسيس فوكوياما نموذ ًجا" ،مجلة العلوم اإلنسانية (الجزائر ،العدد ،)30ص .44-27
Francis Fukuyama, The End of History and the Last Man (New York: Free press, 1993).
(Intelligence Unit), (May 6, 2020). (14) “Geopolitics after Covid-19 is the pandemic a turning point,” The Economist
( ) 15خليل العناني" ،كورونا وسؤال "المابعديات" مخاطر القفز نحو المجهول" ،الجزيرة .نت 16 ،أبريل/نيسان ( ،2020تاريخ الدخول 15 :يونيو/حزيران :)2020
.shorturl.at/pHSW2
( )16راجع حول نموذج "المربع االستراتيجي" كمدخل لدراسة وتناول إدارة األزمة تحليليًّا وسياسيًّا :حامد عبد الماجد (محرر) ،دور جامعة قطر تجاه الدولة والمجتمع القطري في
إدارة أزمة كورونا (ورقة غير منشورة) ،جامعة قطر ،مكتب االستراتيجية :رئاسة جامعة قطر ،يونيو/حزيران .2020
( )17حول موقف الواليات المتحدة األميركية من المنظمات الدولية المتخصصة وتحديدًا من تعامل منظمة الصحة العالمية مع النازلة ،راجع" :فيروس كورونا :منظمة الصحة العالمية
تطالب العالم بالتأهب وتبحث إعالن الطوارئ الصحية عالميًّا" ،بي بي سي 30 ،يناير/كانون الثاني ( ،2020تاريخ الدخول 16 :يونيو/حزيران .shorturl.at/fuJN0 :)2020
وراجع للمقارنة" ،فيروس كورونا :انتقادات لقرار الرئيس ترامب بشأن تعليق تمويل منظمة الصحة العالمية" ،بي بي سي 15 ،أبريل/نيسان ( ،2020تاريخ الدخول 16 :يونيو/حزيران
.shorturl.at/fltR5 :)2020
( )18إدارة األمم المتحدة للتواصل العالمي" ،األمم المتحدة تدير التعاون العالمي استجابة لفيروس كورونا مرتكزة على العلم" ،األمم المتحدة 20 ،أبريل/نيسان ( ،2020تاريخ الدخول:
16يونيو/حزيران .shorturl.at/jkwDL :)2020راجع أيضًا :إدارة األمم المتحدة للتواصل العالمي" ،تمويل من أجل محاربة جائحة كورونا في دول العالم الفقيرة" ،األمم المتحدة،
6أبريل/نيسان ( ،2020تاريخ الدخول 16 :يونيو/حزيران .shorturl.at/glvzP :)2020
( )19حول دور منظمات المجتمع المدني العالمي غير الحكومية في مواجهة النوازل والكوارث ،راجع:
" -هشاشة النظام الدولي :هل تنهي جائحة كورونا العولمة التي نعرفها أم تدخل مرحلة أخرى؟" ،الجزيرة نت 21 ،مارس/آذار ( ،2020تاريخ الدخول 16 :يونيو/حزيران :)2020
.shorturl.at/syzCDوفي هذا اإلطار تأتي دراسة غير منشورة في بابها حول الموضوع للباحث ،عبد ربي بن صحراء" ،هل كشفت جائحة كورونا هشاشة نظام التضامن الدولي؟"،
مرجع سابق ،ص .5-3
( ) 20مجموعة من المؤلفين" ،أزمة كورونا ..التداعيات على العالم العربي واستراتيجية المواجهة" ،مجلة دراسات شرق أوسطية (مركز دراسات الشرق األوسط ،ع َّمان ،العدد ،92
صيف ،)2020ص .4-3
( )21انظر :المرجع السابق ،ص .5-4وانظر :شريفة جتين" ،كورونا يكشف اهتراء مبدأ التضامن بين دول االتحاد األوروبي" ،وكالة األناضول 23 ،مارس/آذار ( ،2020تاريخ
الدخول 16 :يونيو/حزيران .shorturl.at/buzMV :)2020
( )22راجع حول استخدام "المساعدات الدولية" إبَّان فترة الحرب الباردة كأحد أدوات الصراع السياسي :حسين بلخيرات ،النظرية السياسية للمجتمع الدولي :اتجاهات العالقات الدولية
منذ نهاية الحرب الباردة( ،الجزائر ،مركز الكتاب األكاديمي ،)2004 ،ص .176-157
( )23راجع حول نظام الوفاق األوروبي :كايل السكوريتس" ،نظام دول الوفاق األوروبي وحوكمة القوى العظمى اليوم" ،مرجع سابق .وقارن" :التضامن األوروبي في مواجهة فيروس
كورونا" ،diplomatie.gouv.fr ،بدون تاريخ( ،تاريخ الدخول 16 :يونيو/حزيران shorturl.at/fzHKP :)2020
( )24حول هذه األ زمات والنوازل ،راجع :دراسة للباحث ،عبد ربي بن صحراء" ،هل كشفت جائحة كورونا هشاشة نظام التضامن الدولي؟" ،مرجع سابق ،ص .5-3وأيضًا للمقارنة:
"هل يفكك فيروس كورونا االتحاد األوروبي ،ويقضي على حلم الوحدة العربية؟" 27 ،DW ،مارس/آذار ( ،2020تاريخ الدخول 16 :يونيو/حزيران .shorturl.at/glnxS :)2020
وأيضًا راجع" :هشاشة النظام الدولي ...هل تنهي جائحة كورونا العولمة التي نعرفها أم تدخل مرحلة أخرى؟" ،مرجع سابق.
مستعرا ولقي قرابة المليون مصيرهم
ً * موقف بطرس غالي ،األمين العام األسبق لألمم المتحدة ،في هذه األزمة النازلة كان ضعيفًا ويراه البعض مخزيًا؛ إذ ترك الصراع العرقي والقبلي
ذب ًحا وسحبت األمم المتحدة جنودها ،ويقارنها البعض بالموقف من أزمة البوسنة والهرسك في أعقاب تفكك االتحاد اليوغسالفي؛ وقد قال كوفي عنان ،األمين العام التالي لألمم المتحدة،
عن هذه المذبحة :إنها "وصمة عار في جبين اإلنسانية" ،وبعدها تمت مراجعة شاملة أثمرت عن إنشاء مكتب تنسيق الشؤون اإلنسانية ( )UNOCHAواللجنة الدائمة.
( )25عبد ربي بن صحراء" ،هل كشفت جائحة كورونا هشاشة نظام التضامن الدولي؟" ،مرجع سابق ،ص .16-15
( )26محمد يتيم" ،أزمة كورونا وانعكاساتها على منظومة القيم" ،الجزيرة نت 10 ،أبريل/نيسان ( ،2020تاريخ الدخول 16 :يونيو/حزيران .shorturl.at/dit59 :)2020
Cheeseman, “Authoritarians are exploiting the Coronavirus. Democracies must not follow suit,” foreign (27) Jeffery Smith, Nick
policy, April 30, 2020 in addition see: Nael Shama, “In Egypt, the Corona Virus Pandemic has exposed the short falls of a
government that has neglected the health sector for long,” foreign policy, April 30, 2020.
The pandemic will change the World forever. We :(28) John Allen et all., “How the World will look after Coronavirus pandemic
asked 12 leading global thinkers for their predictions,” Foreign policy, March 20, 2020.
(29) Kurt M. Campbell and Rush Doshi, “The Coronavirus Could Reshape Global Order: China Is Maneuvering for International
Leadership as the United States Falters,” foreignaffairs.com, March 18, 2020.
( )30جيل غرساني" ،أزمة فيروس كورونا فرصة إلعادة النظر في العالقات الدولية ،وجعلها أكثر توازنًا" ،موقع 27 ،France 24مارس/آذار ( ،2020تاريخ الدخول17 :
يونيو/حزيران .shorturl.at/lCHL2 :)2020وقارن :عالء بيومي" ،انتفاضات كورونا المقبلة" ،القدس العربي 2 ،مايو/أيار ( ،2020تاريخ الدخول 17 :يونيو/حزيران :)2020
15
.shorturl.at/AKTY1وأيضًا :محمد حربي" ،مستقبل المنظمات الدولية وأزمة كورونا" ،الوطن 24 ،مايو/أيار .2020وقارن :يوسف خليل" ،فيروس كورونا والحاجة إلى نظام
عالمي جديد" ،الجزيرة نت 17 ،أبريل/نيسان ( ،2020تاريخ الدخول 17 :يونيو/حزيران .shorturl.at/bdfrD :)2020
انتهى
16