Professional Documents
Culture Documents
تحدي الحرية (1) - 231123 - 172504
تحدي الحرية (1) - 231123 - 172504
اإلسالم
و
تحدي الحرية
pg. 6
مفھوم الحرية لغة ً واصطالحا ً
مفھوم المنھج لغة واصطالحا ً
مفھوم الحرية في المنھج اإلسالمي
ضوابط الحرية وحدودھا في المنھج اإلسالمي
أنواع الحرية
مفھوم العالم اإلسالمي
واقع الحرية في العالم اإلسالمي
كيف نفعل الحرية في اإلسالم
pg. 7
مفهوم الحرية
تعريف الحرية لغة:
" الحر ،بالضم :نقيض العبد " ( ابن منظور 1410 ،هـ ،جـ ، 4ص.)181
" والحرة :نقيض األمة ،والجمع حرائر " ( ابن منظور 1410 ،هـ ،جـ ، 4ص.)181
" وتحرير الولد :أن يفرده لطاعة هللا عز وجل وخدمة المسجد ،وقوله تعالى (:إِ ْذ
ب إِنِّي نَذَ ْرتُ لَكَ َما فِي بَ ْ
طنِي ُم َح َّر ًرا فَتَقَبَّ ْل ِمنِّي إِنَّكَ أ َ ْنتَ الس َِّمي ُع ْالعَ ِليم ت ا ْم َرأَتُ ِع ْم َرانَ َر ّ ِ
قَالَ ِ
( سورة آل عمرآن (" ))35
" والحر من الناس :أخيارھم وأفضالھم .وحرية العرب :أشرافھم " ( ابن منظور 1410 ،
هـ ،جـ ، 4ص.)182
" والحرة :الكريمة من النساء ( ابن منظور 1410 ،هـ ،جـ ، 4ص.)182
" الحرية :األرض اللينة الرملية " ( الفيروز بادي 1993،م) .
( -3إطالق العنان للناس ليحققوا خيرھم بالطريقة التي يرونھا طالما كانوا ال يحاولون حرمان
الغير من مصالحھم )...إلى غيرھا من التعاريف التي ال مجال لذكرھا في المقام.
pg. 8
ولكن بعد التأمل الدقيق ـ نجد ـ أن مرجع جميع ھذه التعاريف إلى جامع واحد وحقيقة مشتركة
واحدة ـ ھي القدرة على الفعل واالختيار ـ دلت عليھا ألفاظ متعددة ،وبصور مختلفة ...ولذا لم
يتحصل لدى االنتقال من تعريف آلخر أمر آخر يضيف على التعريف األول شيئا ً يذكر سوى
التبسيط ،والتوضيح ( " .حسين ١٤٢١ ،هـ ،ص) ٤٤
pg. 9
مفهوم الحرية في المنهج اإلسالمي
نهج
واض ٌح ،وھو النَّ ْھج ،والـجمع نَھجات ونُ ُھج ونُھوج ٌ
طريق ن ْھ َجُ :
بين ِ :
والـمنھاج :كالـ َم ْن َھج .وفـي التنزيل ( :لّ ِك ُل َج َعلنا َ ِم ْن ُك ْم ِش ْر َعةً
ِ ض ُحه.
ق:و َ و َم ْن َھج الطري ِ
َو ِم ْن َھاجا ً (سورة المائدة:اآلية))٤٨
الواضح
ِ ُ
الطريق والـمنھاج :
ِ واضحا ً بَـ ِيّنا ً ،
ِ ض َح وا ْستَبانَ وصار َن ْھجاوأَن َھج الطريقَ :و َ
صار نَ ْھجا ( ابن منظور ١٤١٠ ،هـ ،ج ، ٢ص)383 ُ
الطريق َ : وا ُ ْست َ ْن َھج
" الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة ،
تھيمن على سير العقل ،وتحدد عملياته ،حتى يصل إلى نتيجة معلومة " ( العساف ،
١٤٢٤هـ ،ص ) ١٦٩
" فن التنظيم الصحيح لسلسلة من األفكار العديدة ،من أجل الكشف عن الحقيقة " ( أبو
سليمان ١٤١٦ ،هـ ،ص ) ٦٠
" طريق كسب المعرفة ،أوھو الطريقة التي يتبعھا الباحث في دراسة المشكلة الكتشاف
الحقيقة ،أو ھو الخطوات المنظمة التي يتبعھا الباحث في معالجة الموضوعات التي يقوم
بدراستھا " ( الدغيمي ١٤١٧ ،هـ ،ص . ) ٣٣
" كان ظھور الطريقة العلمية نتيجة للجھود المختلفة التي بذلھا المھتمون خالل عصور طويلة ،
لكن أول مالمح ھذه الطريقة ظھرت على يد فرنسيس بيكون في نھاية القرن السادس عشر
وبداية القرن السابع عشر حين اقترح بناء النتائج على أساس مجموعة كبيرة من الوقائع
والمالحظات التي يمكن جمعھا ،ثم تطور هذا المنهج نتيجة لجھود وأفكار نيوتن وجاليلو فظهر
pg. 10
المنهج العلمي ،أو الطريقة العلمية التي تجمع بين األسلوب االستقرائي واألسلوب االستنتاجي
القياسي ،أو جمع بين الفكر الذي يمثله األسلوب القياسي وبين أسلوب المالحظة الذي يمثله
األسلوب االستقرائي.
فاألسلوب العلمي أو الطريقة العلمية ھي طريقة تجمع بين الفكر والمالحظة وبين القياس
واالستقراء "(عبيدات ١٤٢٤ ،هـ ،ص ) ٤٤
"خص المولى تبارك وتعالى "اإلنسان" بالعقل واإلدراك والتمييز ،وأمر بحفظ حقه في حرية
التفكير والتعبير مادام ذلك في حدود الشرع ومصلحة الجماعة ،ال يقھر على أمر ،وال يقسر
على رأي ،وال يمنع من إبداء الرأي واالجتھاد فيه ،ألن ھذا قوام ":نموه العقلي" واتساع
مداركه وشحذ تفكيره ،ومبادئه اإليجابية في بناء حياته الخاصة وفلسفته ونظرته للحياة ،
وتحقيق طموحاته المستقلة ،ومساھمته الفعالة في بناء حياة الجماعة وتطوير نظمھا وتراثھا
الفكري والعلمي والحضاري ،وتمكينھا من بلوغ أھدافھا المرجوة لخير جميع أفرادھا .
وألن في الحفاظ على حرية "اإلنسان" في فكره وتعبيره ،صونا "آلدميته" المكرمة من هللا
تعالى ،ودعما لكيانه المستقل والمتميز عن غيره ،وتنمية لشخصيته لتكون قوية متماسكة
،وتعزيزا العتداده بذاته وثقته بنفسه ،وراحة وسعادة له في حياته ،وإعطاء ھذه الحياة معاني
الكرامة وأسباب الھناء.
والمولى سبحانه وتعالى ،وھو يضرب لعباده المثل ،وله وحده المثل األعلى ،أقر لإلنسان
حريته حتى فيما يتعلق بأمور اإليمان والعقيدة والتوحيد ،وھي أسمى األمور ،وحمله مسؤولية
حريته في إيمانه وكفره ،وھذا ھو العدل التام ،وأقام عليه الحجة بما أعطاه من حرية قوامھا
اإلرادة واالختيار والعقل " (الزنتالي ١٩٩٣ ،م ،ص. ) ١٩٦
َارا أ َ َحا َ
ط ِب ِھ ْم قال تعالى َ ﴿ :وقُ ِل ْال َح ُّق ِم ْن َر ِبّ ُك ْم فَ َم ْن شَا َء فَ ْليُؤْ ِم ْن َو َم ْن شَا َء فَ ْليَ ْكفُ ْر إِنَّا أ َ ْعت َ ْدنَا ِل َّ
لظا ِل ِمينَ ن ً
ت ُم ْرتَفَقًا (سورة الكهف :اآلية سا َء ْ
اب َو َ ش َر ُ س ال َّس َرا ِدقُ َھا َو ِإ ْن يَ ْست َ ِغيثُوا يُغَاثُوا بِ َماء َك ْال ُم ْھ ِل يَ ْش ِوي ْال ُو ُجوهَ بِئْ َ
ُ
(﴾ ))29
pg. 11
ت َويُؤْ ِم ْن بِ َّ ِ
اَّلل فَقَ ِد ا ْست َ ْم َ
سكَ ي فَ َم ْن يَ ْكفُ ْر بِ َّ
الطا ُ
غو ِ الر ْش ُد ِمنَ ْالغَ ِّ وقال تعالىَ ﴿ :ال ِإ ْك َراهَ فِي ال ِد ِ
ّين قَ ْد تَبَيَّنَ ُّ
ص َام لَ َھا َو ََّّللاُ َس ِمي ٌع َع ِلي ٌم (سورة البقرة :اآلية (﴾ ))256 بِ ْالعُ ْر َوةِ ْال ُوثْقَى َال ا ْن ِف َ
(سورة الغاشية :اآليات (﴾))22،21 وقال تعالى ﴿ :فَذَ ِ ّك ْر إِنَّ َما أ َ ْنتَ ُمذَ ِ ّك ٌر * لَسْتَ َ
علَ ْي ِھ ْم بِ ُم َ
صي ِْطر
ومن أسرار الشريعة اإلسالمية حرصھا على تعميم الحرية في اإلسالم بكيفية منتظمة ّ ،
فإن هللا
ل ّما بعث رسوله بدين اإلسالم كانت العبودية متفشيّة في البشر ،وأقيمت عليھا ثروات كثيرة،
وكانت أسبابھا كثيرة :وھي األسر في الحروب ،والخطف في الغارات ،وبيع اآلباء واأل ّمھات
أبناء ُھ ْم ،والرھائن في الخوف ،والتداين .فأبطل اإلسالم جميع أسبابھا عدا األسر .
pg. 12
ضوابط الحرية
" على أن الحرية في التربية اإلسالمية ليست سائبة ،وال مطلقة العنان حتى تھوي بصاحبھا إلى
قاع الضالل الروحي ودرك االنحطاط األخالقي ،بل ھي حرية واعية منضبطة ،فإذا خرج بھا
اإلنسان عن أحكام الدين ونطاق العقل وحدود األخالق وصلحة الجماعة ،تمت مساءلته
ومحاسبته وإيقافه عند حده ورده عن غيه ،منعا لضرر الفرد والجماعة ،وفساد الدين والدنيا".
(الزنتالي ١٩٩٣ ،م ،ص)٤٥٩
التصرف بالملك بدون عدوان على النفس أو الغير ،سواء أكان الملك
ّ ومن تعاريف ال ُحرية أنھا
حسيا ً أو معنويا ً .
فال يُعتبر االعتداء على النفس أو الملك الشخصي حرية لإلنسان ،لذلك حرم " دين اإلسالم "
االنتحار أو اإلضرار بشيء من الجسد أو الملك في غير مصلحة صحيحة مبنية على مكارم
األخالق ،وكذلك فإن الناس يمنعون األفراد الذين يريدون االنتحار أو اإلضرار بأمالكھم من
ذلك.
كما ال يُعتبر االعتداء على الغير سواء باللسان ( كالسَّبّ ِ ) أو األركان ( كالضرب ) من الحرية
،فمن فعل ذلك فھو من األشرار ال األحرار.
سى أ َ ْن يَ ُكونُوا َخي ًْرا ومن حدود الحرية :قول هللا تعالى ﴿ :يَا أَيُّ َھا الَّذِينَ آ َمنُوا َال يَ ْسخ َْر قَ ْو ٌم ِم ْن قَ ْوم َ
ع َ
س ِاال ْس ُم ب بِئْ َ س ُك ْم َو َال تَنَابَ ُزوا بِ ْاأل َ ْلقَا ِ سى أ َ ْن يَ ُك َّن َخي ًْرا ِم ْن ُھ َّن َو َال ت َْل ِم ُزوا أ َ ْنفُ َ ع َساء َ سا ٌء ِم ْن نِ َ ِم ْن ُھ ْم َو َال نِ َ
يرا ِمنَ َّ
الظ ِّن إِ َّن الظا ِل ُمونَ * يَا أَيُّ َھا الَّذِينَ آ َمنُوا اجْ تَنِبُوا َكثِ ً ان َو َم ْن لَ ْم يَتُبْ فَأُولَئِكَ ُھ ُم َّ اإلي َم ِوق بَ ْع َد ْ ِس ُ ْالفُ ُ
ضا أَي ُِحبُّ أ َ َح ُد ُك ْم أ َ ْن يَأ ْ ُك َل لَحْ َم أ َ ِخي ِه َم ْيتًا فَ َك ِر ْھت ُ ُموهُ َواتَّقُوا
ض ُك ْم بَ ْع ً
سوا َو َال يَ ْغتَبْ بَ ْع ُ س ُ ض َّ
الظ ِّن ِإثْ ٌم َو َال ت َ َج َّ بَ ْع َ
ارفُوا إِ َّنشعُوبًا َوقَبَائِ َل ِلتَعَ َ اس إِنَّا َخلَ ْقنَا ُك ْم ِم ْن ذَ َكر َوأ ُ ْنثَى َو َجعَ ْلنَا ُك ْم ُ َّللا ت ََّوابٌ َر ِحي ٌم * يَا أَيُّ َھا النَّ ُ َّللا إِ َّن َّ َ
َّ َ
َّللا َع ِلي ٌم َخ ِبير (سورة الحجرات :اآليات ﴾ )11،13
َّللا أَتْقَا ُك ْم ِإ َّن َّ َ
أ َ ْك َر َم ُك ْم ِع ْن َد َّ ِ
pg. 13
أنواع الحرية
" من أھم الخصائص التي تتميز بھا التربية اإلسالمية عن غيرھا من أنواع التربية القديمة
والحديثة ،وتسجل بھا قصب السبق ع ليھا ،ھي خاصية الحرية ،حرية التفكير وحرية التعلم
وحرية السعي ،بما يعزز الشخصية اإلنسانية ويدعم استقاللھا واعتدادھا بذاتھا في حدود الشرع
واألخالق " (الزنتالي ١٩٩٣ ،م ،ص . ) ٤٥٦
-١الحريات الشخصية أو المدنية :ومن أمثلة ھذا الصنف :حرية السكن وحرمته ،وحرية
المراسالت .كما تدخل فيھا الحريات العائلية).
-٢الحريات االقتصادية :وتشمل :حق الملكية ،وحرية العمل ،وحرية التجارة والصناعة ...الخ.
-٣الحريات الفكرية :وتشمل :الحريات الفلسفية ،والدينية ،والفنية ،واألدبية(".حسين١٤٢١ ،هـ ،
ص) ٤٤
ويندرج تحت التقسيمات السابقة عدة أنواع من الحقوق والحريات كحق اإلنسان في الحياة ،
وحقه في تولي الوظائف العامة ،وحقه في إنشاء األسرة والرضا في الزواج ،وحق المرأة في
الموافقة على الزواج أو رفضه ،وحرية التنقل والسفر .....الخ .
pg. 14
واقع الحرية في العالم اإلسالمي
" يقصد بالعالم اإلسالمي الدول التي تزيد فيھا نسبة المسلمين عن %٥٠من سكانھا ،أو يمثل
المسلمون فيھا األغلبية " ( الجاسر ١٤٢٧ ،هـ ،ص .") ١٢
ويغطي العالم اإلسالمي مساحة كبيرة تقدر بأكثر من ٣٢مليون كم ٢أي ما يعادل خمس
مساحة اليابسة ،ويزيد عدد المسلمين حاليا ً عن أكثر من ١٣٠٠مليون مسلم يعيشون في ٥٦
دولة إسالمية تقريبا ً ونسبة منھم يعيشون كأقليات إسالمية في دول غير إسالمية ،وھذا يعني أن
عدد المسلمين يقارب ربع سكان العالم البالغ ٦مليارات نسمة تقريبا ً " ( الجاسر ١٤٢٧ ،هـ ،ص
) ١٢
وإذا كانت تلك المفردات قد وجدت طريقھا إلى التقنين الدولي في إطار حقوق اإلنسان ،فأنا
عالمنا العربي ما زال يعاني الكثير من النقص والقصور إزاء تناول ھذه المشكالت "( شعبان ،
٢٠٠١م ،ص . ) ٣
pg. 15
ويمكن القول إن مستوى الحرية في العالم اإلسالمي بصفة عامة ما زال منخفضا ً ،وذلك
بالنظر إلى أصغر مؤسسات الدولة كأنموذج يُنقل الحكم منه إلى غيره من مؤسسات المجتمع
وأنظمته ،ويمثل تلك المؤسسة المدرسة ،حيث يمكن مالحظة النظام المركزي في إدارة
المدرسة من قبل مديرھا من حيث التسلط ،والتعسف اإلداري ،ومحاباة بعض المعلمين على
حساب غيرھم ،وإلزام المعلم بما يكلفه به مدير المدرسة دون نقاش واستطالع لرأيه،
والتصرف في جدول المعلمين بما يرضي مدير المدرسة دون النظر إلى رغبات المعلمين ،
وينتقل ذلك إلى تصرفات المعلمين مع الطالب ومنعھم من الكالم والحركة ،واستخدام طرق
التدريس التي ال تساعد على الحوار وإبداء الرأي والتشجيع على التفكير ،وكل ذلك يسفر عن
قلة الوعي ،والتقليد األعمى ألصحاب المناصب األعلى ،وعدم التنبه لنتائج كبت الحريات ؛
كالتمرد على األنظمة ،وضعف اإلنتاج ،والتخلف الفكري واالجتماعي ؛ نسأل هللا السالمة
والعافية .
pg. 16
كيف نفعل الحرية في االسالم
"االسالم يؤكد "مفھوم الحرية" وينادي بالحفاظ عليه ،تشريفا لإلنسان وتكريما له وإعالء لشأنه
وفق ما اقتضته إرادة هللا تعالى بتفضيله على كثير ممن خلق ،سواء فيما يتعلق بأمور الدين أو
أمور الدنيا " ( الزنتالي ١٩٩٣ ،م ،ص ) ٤٥٦
"وسبيلها في ذلك فتح الباب أمام اإلنسان ليمارس حريته وإرادته واختياره الواعي المسؤول
دينيا وخلقيا ،وتمكينه من تكوين شخصيته على نحو متكامل وسوي ومتزن خال من االضطراب
العقلي والتوتر العصبي والقلق النفسي ،وإتاحة الفرص العادلة المتكافئة أمامه لينمي عقله
ويصقل قدراته وميوله ومواھبه ،وتشجيعه على المبادءات الذاتية والنشاط الذاتي حتى يشارك
بفعالية في بناء نفسه بنفسه من خالل العملية التربوية والتعليمية.ووسيلتھا في تكوين اإلنسان
وتنشئته :اإلقناع والحجة والبرھان ،والدعوة بالتي ھي أقوم والمجادلة بالتي ھي أحسن ،
والتذكير الواعي والنصح الرشيد ،وتبصيره بشكل بناء إيجابي يخاطب عقله ،ويستنير ذھنه
ويقدح تفكيره ،فتكون قناعاته بغير جبر أو إكراه ،ويتحمل مسؤوليات حريته
واختياره في دنياه وأخراه" ( الزنتالي ١٩٩٣ ،م ،ص ) ٤٥٦
س ُن ِإ َّن َربَّكَ ھ َُو أ َ ْعلَ ُم سنَ ِة َو َجاد ِْل ُھ ْم ِبالَّ ِتي ِھ َ
ي أَحْ َ ظ ِة ْال َح َ
س ِبي ِل َربِّكَ بِ ْال ِح ْك َم ِة َو ْال َم ْو ِع َ قال تعالى ﴿:ا ْد ُ
ع ِإلَى َ
ض َّل َع ْن َسبِي ِل ِه َوھ َُو أَ ْعلَ ُم بِ ْال ُم ْھتَدِينَ (سورة النحل :اآلية ﴾)12 بِ َم ْن َ
َارا وقال سبحانهَ ﴿ :وقُ ِل ْال َح ُّق ِم ْن َربِّ ُك ْم فَ َم ْن شَا َء فَ ْليُؤْ ِم ْن َو َم ْن شَا َء فَ ْليَ ْكفُ ْر إِنَّا أ َ ْعت َ ْدنَا ِل َّ
لظا ِل ِمينَ ن ً
ت ُم ْرتَفَقًا
سا َء ْاب َو َ ش َر ُ س ال َّ س َرا ِدقُ َھا َوإِ ْن يَ ْست َ ِغيثُوا يُغَاثُوا بِ َماء َك ْال ُم ْھ ِل يَ ْش ِوي ْال ُو ُجوهَ بِئْ َ أ َ َحا َ
ط بِ ِھ ْم ُ
(سورة الكهف :اآلية ﴾)29
ت َويُؤْ ِم ْن ِب َّ ِ
اَّلل فَقَ ِد ا ْست َ ْم َ
سكَ ي فَ َم ْن يَ ْكفُ ْر ِب َّ
الطا ُ
غو ِ الر ْش ُد ِمنَ ْالغَ ِّ وقال عز وجل﴿ :ال إِ ْك َراهَ فِي ال ِد ِ
ّين قَ ْد تَبَيَّنَ ُّ
ص َام لَ َھا َو ََّّللاُ َس ِمي ٌع َع ِلي ٌم (سورة البقرة :اآلية ﴾)256 بِ ْالعُ ْر َوةِ ْال ُوثْقَى َال ا ْن ِف َ
pg. 17
"وقد عزز الرسول صلى هللا عليھ وسلم في سنته المطھرة وسيرته العطرة ،مبدأ "الحرية"
سواء في التفكير أم في التعبير أم في إعمال الرأي واالجتھاد في أمور الدين والدنيا ،حرصا منه
على تكوين الشخصية المستقلة المتماسكة القوية لدى المسلم .
فأثناء االستعداد لمعركة "بدر الكبرى" والتخطيط لھا ،قال الصحابي الجليل "الحباب بن المنذر" رضي هللا
عن ":يا رسول هللا ،إن ھذا المكان الذي أنت فيه ليس بمنزل ،فانطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم ،فإني
عالم بھا وبقلبھا ،بھا قليب قد عرفت عذوبة ماءه ال ينزح ،ثم نبني عليھ حوضا فنشرب ونقاتل .ونغور
ماسواه من القلب فنزل جبريل عليه السالم على رسول صلى هللا عليھ وسلم فقال" :الرأي ما أشار به الحباب
".1فنھض رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ففعل ذلك .
ولما أراد الرسول صلى هللا عليه وسلم أن يبعث الصحابي الفقيه "معاذ بن جبل" رضي هللا عنه إلى اليمن
،ليعلم الذين دخلوا إلى اإلسالم ويفقھھم ،قال عليه الصالة والسالم ":كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟"قال
أقضي بكتاب هللا قال "فإن لم تجد في كتاب هللا " قال فبسنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .قال فإن لم تجد
في سنة رسول هللا وال في كتاب هللا ؟"قال :أجتھد برأي وال آلو.فضرب رسول هللا صلى هللا عليھ وسلم صدره
،فقال":الحمد الذي وفق رسول رسول هللا إلى مايرضي رسول هللا" 2وعن عائشة وعن أنس بن ثابت رضي
هللا عنھما ،أن النبي صلى هللا عليھ وسلم قال":أنتم أعلم بأمور دنياكم"( 3الزنتالي ١٩٩٣ ،م ،ص)٤٥٨
فاضي ِد َم ْشقَ ،قا َل َكي َ ي هللاَّ ُ عنه َقا َل ِل َر ُجلَ :من أ َ ْنتَ ؟ َقا َل :أنَا َق ِ ض َع َم َر َر ِ عن محارب بن " ِدثَار أ َ َّن ُ
،فف ِقَا َل:فأذا
سو ِل هللا َِّ َسنَّ ِة َر ُ
ضي ِب ُ
ب هللا قال :أق َ ْس في ِكت َا ِ ب هللا َِّ ،قَإ َل :فأ َذا َجا َء َما لَي َ
ضي ِب ِكت َا ِت َ ْقضي ِ ؟أ َ ْقال أق َ
س ْنتَ "( السيوطي ، ع َمر :أَح َ سائيِ ،فَقَا َل لَھه ُ ْ
سو ِل هللاَ قال :أجتھد برأي َوأ ُ َؤ ِام ُر ُجل َ سنَّ ِة َر ُ
ْس في َُجا َء َما لَي َ
١٩٩٤م ،جـ ، ١٣ص ) ٤٧٢
pg. 18