You are on page 1of 18

‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫تنظيم املساراملنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬

‫د‪ .‬نوارة حسيـن‬


‫أستاذة محاضرة «أ»‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬
‫جامعة مولود معمري‪ ،‬تيـزي وزو‬
‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫(((‬
‫امللخص‬
‫تعتب ــر إدارة املــوارد البشــرية الت ــي تهتــم بتنظيــم املســار املنهــي للموظفي ــن مــن أهــم وظائــف اإلدارة بســبب تـركي ــزها علــى‬
‫انطالقــا مــن اعتبــاره أصـ ًـا اسـ ً‬‫ً‬
‫ـتثماريا‬ ‫املوظفي ــن باعتبارهــم أثمــن مــورد‪ ،‬بــل أكث ــر املــوارد تأثي ـ ًـرا فــي اإلنتاجيــة علــى اإلطــاق‪،‬‬
‫يجــب إدارتــه وتطوي ــره بفعاليــة وكفــاءة؛ لضمــان املردوديــة والتفــوق فــي األداء علــى األمدي ــن القريــب والبعيــد‪.‬‬
‫فمــن «إدارة املستخدمي ــن» إلــى «إدارة األف ـراد» إلــى «إدارة شــئون املوظفي ــن»‪ ،‬ثــم أخي ـ ًـرا إلــى «إدارة املــوارد البشــرية»‪،‬‬
‫وظلــت أهميــة «الفــرد املســتخدم» أو «املوظــف» أو «املــورد البشــري» عب ــر مختلــف هــذه املحطــات‪ ،‬فقــد ارتبــط املســمى ّ‬
‫االول‬
‫بالنظــرة للفــرد العامــل كمســتخدم‪ ،‬ولــم يتغي ــر إال عندمــا تغي ــرت الفلســفة والنظــرة إليــه بظهــور إدارة املــوارد البشــرية‪ ،‬بحيــث‬
‫تغي ــر املســتخدم مــن مج ــرد شــخص أجي ــر إلــى رأســمال عقلــي‪ ،‬فــإدارة املــوارد البشــرية عبــارة عــن مجموعــة مــن األنشــطة الت ــي‬
‫تهــدف إلــى تسيي ــر املواهــب والقــدرات للمســاهمة فــي تحقيــق الرســالة والرؤيــة واالست ـراتيجية واألهــداف التنظيميــة(((‪.‬‬
‫ركنــا أساسـ ًـيا فــي غالبيــة املؤسســات واإلدارات؛ ألنهــا تهــدف إلــى تعزي ــز القــدرات‬ ‫وعليــه‪ ،‬يعتب ــر دور إدارة املــوارد البشــرية ً‬
‫التنظيميــة مــن خــال العمــل علــى اســتقطاب وتأهيــل الكفــاءات املناســبة القــادرة علــى مواكبــة التحديــات الحاليــة واملســتقبلية‬
‫والتكيــف مــع التغي ـرات الت ــي واكبــت العوملــة وعصرنــة اإلدارة‪ ،‬وغي ــر ذلــك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والصمــود أمــام التنافســية‪ ،‬بــل‬
‫ويحتــاج التسيي ــر واإلدارة املثلــى للمســار املنهــي للموظفي ــن إلــى التخطيــط املحكــم بنــاء علــى مبــادئ وأســس تتبعهــا إدارة‬
‫املــوارد البشــرية‪ ،‬وتهــدف مــن خاللهــا إلــى العمــل علــى توليــد طاقــات املوظفي ــن‪ ،‬مــن لحظــة انتقائهــا للموظــف إلــى نهايــة العالقــة‬
‫الوظيفيــة عب ــر مختلــف مراحــل الحيــاة املهنيــة‪ ،‬مــن تعيي ــن وتكوي ــن وتدريــب وتقييــم وإعــادة تأهيــل وتطوي ــر للكفــاءات‪ .‬وهــي‬
‫العناصــر الت ــي ســنتناولها فــي هــذه الدراســة ب�شــيء مــن التفصيــل‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬إدارة املوارد البشرية – املساراملنهي للموظف – املوظف ‪ -‬تخطيط‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫يلتحــق املوظفــون بمناصــب عملهــم بمج ــرد توظيفهــم فــي اإلدارات واملؤسســات العموميــة‪ ،‬بحيــث تعتب ــر محاضــر‬
‫ً‬
‫قانونيــا لتحمــل الت ـزاماتهم‬ ‫ً‬
‫وأساســا‬ ‫التنصيــب ‪ -Les PV D’ instalation‬علــى مســتواها ‪ -‬بدايــة قانونيــة لحياتهــم املهنيــة‪،‬‬
‫الوظيفيــة‪ ،‬بحيــث يخضعــون للنظــام الداخلــي للمؤسســة وللقواني ــن الت ــي تنظــم تلــك الوظيفــة‪ .‬إن فلســفة قواني ــن الوظيفــة‬

‫* تم تسلم البحث في مارس ‪ ،2016‬وقبل للنشر في فبراير ‪.2017‬‬


‫‪(2) Dolan SH L et Saba T et autre : La Gestion des ressources humaines , Tendances, enjeux et pratiques actuelles, Edition Pearson‬‬
‫‪Education, Paris, 2002, p5..‬‬
‫‪219‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬

‫العموميــة بصفــة عامــة فــي مختلــف دول العالــم قائمــة علــى أســاس تحقيــق معادلــة تجمــع بي ــن ضــرورة حمايــة املوظــف وحمايــة‬
‫املصلحــة العامــة‪ ،‬وتهتــم بخلــق نــوع مــن التــوازن لتحقيــق ذلــك‪ ،‬ألن قواعــد قانــون الوظيفــة العموميــة جــاءت بأمــر مــن النظــام‬
‫العــام املرتبــط بالنظــام العــام االجتماعــي‪ ،‬وعليــه ففــي كل مــا يتعلــق بنشــأة عالقــة التوظيــف وتنظيمهــا وتسيي ــرها وتنظيــم‬
‫املســار املنهــي للموظــف‪ ،‬فــإن املؤسســات اإلداريــة واإلدارات العموميــة(((‪ ،‬تلت ــزم بصفــة أصليــة وأساســية بأحــكام القواني ــن‪،‬‬
‫حتـى ال تقع في إشكاالت التعسف في استعمال الحق أو الخطأ في مواجهة املوظفيـن العمومييـن‪ ،‬وحتـى ال تتعرض للمواجهة‬
‫أمــام الســلطة القضائيــة‪.‬‬
‫واســتجابة ملتطلبــات العمــل وتسيي ــره‪ ،‬يكــون مــن اختصــاص اإلدارة العامــة تقســيم كل مناصــب العمــل إلــى وظائــف‪،‬‬
‫وت ــرتيب املناصــب املتماثلــة فــي مســتوى واحــد‪ ،‬وإعطائهــا الراتــب نفســه فــي أســاك الوظائــف الت ــي تتحــد فــي طبيعــة العمــل‬
‫الواحــد‪ ،‬وكل ســلك يمكــن أن يشــتمل علــى رتبــة واحــدة أو علــى عــدة رتــب‪ .‬بحيــث تكـ ّـون كل عــدة أســاك شــعبة‪ ،‬وهــي عبــارة‬
‫عــن تعاقــب أو تسلســل منظــم توجــد ضمنــه مهنــة معينــة‪ ،‬هــذا مــع وضــع مخطــط للمســار املنهــي ‪La Plan de Gestion de‬‬
‫ـخصيا‪ ،‬بحيــث‬ ‫‪ Carrière Professionnelle‬لــكل موظــف‪ ،‬وإعالمــه بذلــك‪ ،‬ألن اختيــار خــط السي ــر للمهنــة مــن اختصاصــه شـ ً‬
‫يقــوم بذلــك بإعانــة مسي ــر أو مدي ــر املــوارد البشــرية أو املختــص بتثمي ــن القــدرات‪ ،‬فالوظيفة العامة فــي ظــل النظــام القانونــي‬
‫للوظيــف العمومــي الحالــي تتمي ــز بالــدوام واالســتقرار‪ ،‬يتفــرغ لهــا املوظــف العــام للقيــام باملهــام املوكلــة لــه طيلــة حياتــه املهنيــة‬
‫ً‬
‫بصفــة دائمــة‪ ،‬وهــذا الــدوام يكــون محفوفــا بجملــة مــن العمليــات يســعى املوظــف أن تكــون فــي صالحــه‪ ،‬وتخــدم مســاره املنهــي‬
‫بصفــة كاملــة‪ ،‬وتجعلــه ي ــرقى إلــى أعلــى الرتــب والدرجــات(((‪ ،‬ومــن خــال هــذه الدراســة نتســاءل عــن‪ :‬املقصــود باملســار املنهــي‬
‫للموظــف وعــن آليــات تسيي ــره ‪ .‬وللتفصيــل نتنــاول تعريــف املوظــف واملقصــود بتسيي ــر مســاره املنهــي فــي (املبحــث األول)‪ ،‬ثــم‬
‫آليــات تنظيــم املســار املنهــي للموظــف العمومــي فــي (املبحــث الثانــي)‪.‬‬

‫مشكلة البحث‬
‫إن املــورد البشــري داخــل املؤسســات واإلدارات يشــكل العنصــر املفتاح ــي األسا�ســي‪ ،‬وسـ ّـر نجــاح تنظيمهــا وإدارتهــا‪،‬‬
‫فطاملــا أثبتــت الدراســات واألبحــاث الســابقة فشــل تسيي ــر املؤسســات لألســباب االجتماعيــة‪ ،‬الســيما فشــل املؤسســات‬
‫فــي التسيي ــر البشــري ملشــروعات تغيي ــرها‪ ،‬وخاصــة أنهــا قــد دخلــت‪ -‬فــي إطــار الدولــة واإلدارة املعاصــرة‪ -‬فــي ص ـراع مــن أجــل‬
‫الصي ــرورة واالندمــاج‪ ،‬وقــد أصبــح نجــاح هــذه املســألة يتوقــف علــى العامــل البشــري‪.‬‬
‫مهمــا مالحظــة وتحليــل دور اإلدارة املختصــة بشــئون العاملي ــن داخــل املؤسســة‪ ،‬أي مصلحــة إدارة‬ ‫وعليــه‪ ،‬يكــون أمـ ًـرا ً‬
‫املوارد البشــرية ومدى قدرتها على تحقيق االندماج الفعلي للمورد البشــري في ح ــركية املؤسســة‪ ،‬فبالرغم من اعتبار الكثي ــر‬
‫أن إدارة املــوارد البشــرية هــي أداة فــي خدمــة اإلدارة العليــا وبقيــة اإلدارات التنفيذيــة الســاهرة علــى تنفيــذ مشــروعات التغيي ــر‬
‫فــي شــكلها العــام‪ ،‬بحيــث يعتب ــر املــورد البشــري بذلــك مج ــرد عامــل تصـحيح ــي تابــع‪ ،‬بغــض النظــر عــن النتائــج واآلثــار علــى‬
‫املردوديــة‪ -‬فــإن إدارة املــوارد البشــرية مكـ ّـون أسا�ســي وفاعــل استـراتيج ــي‪ ،‬يمكــن أن يقــوم مدي ــرها بــدور قيــادي فــي تسيي ــر‬
‫ـاال است ـر ً‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اتيجيا فــي تسيي ــر املنظمــة أو اإلدارة الت ــي‬ ‫عمليــات التغيي ــر‪ ،‬ومــن ثــم يصبــح هــذا املــورد عامــا أساسـ ًـيا مح ــركا وفعـ‬
‫ينتمــي إليهــا(((‪.‬‬
‫((( نصت املادة ‪ 2‬من القانون األسا�سي للوظيفة العمومية على أنه‪« :‬يقصـد باملؤسسـات واإلدارات العموميـة‪ ،‬املؤسسـات العمومية‪ ،‬واإلدارات املركزية‬
‫في الدولة واملصالح غير املمركزة التابعة لها والجماعات اإلقليميـة واملـؤسسـات العمومـية ذات الطابـع اإلداري‪ ،‬واملؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫العلمي والثقافي واملنهي واملؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي‪ ،‬وكل مؤسسة عمومية يمكن أن يخضع مستخدموها ألحكام هذا القانون‬
‫األسا�سي»‪.‬‬
‫‪ -‬األم ـ ـ ــر رقم ‪ ،03 /06‬املؤرخ في ‪ 15‬جويلية (يوليو) ‪ ،2006‬يتضمن القانون األسا�سي للوظيفة العمومية‪ ،‬ج ر عدد ‪.78‬‬
‫((( سليمان الطماوي‪ ،‬الوظيفة العامة‪ ،‬املنتدى القانوني‪ ،28/06/2009 ،‬انظر ‪ www .google.dz‬في املوقع ‪fpe p,g hg,/dtm hguhlm hg,/dtm fdj‬‬
‫((( رقام ليندة‪ ،‬دور املوارد البشرية في تسيير التغيير في املؤسسات االقتصادية الكبرى في والية سطيف‪ ،‬أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم‪ ،‬كلية‬
‫العلوم االقتصادية‪ ،‬جامعة سطيف‪ ،‬الجزائر‪ ،2014 ،‬ص‪.2‬‬
‫‪220‬‬
‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫إن مســاهمة املــوارد البشــرية أو املوظفي ــن فــي توليــد الطاقــة داخــل املؤسســة وضمــان املردوديــة والكفــاءة تتوقــف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أصــا علــى التنظيــم الحســن للمســار املنهــي للمــورد البشــري‪ ،‬ألنــه أصــا مــورد بحاجــة إلــى معــارف جديــدة‪ ،‬وتطوي ــر لكفاءاتــه‬
‫باســتمرار‪ ،‬حت ــى يتســنى لــه القيــام بمهامــه أو بمهــام جديــدة بــكل نجــاح‪.‬‬
‫وعليــه تظهــر اإلشــكالية الت ــي نطرحهــا فــي البحــث‪ ،‬والت ــي تتمثــل فــي‪ :‬كيــف يتــم تسيي ــروتنظيــم املســاراملنهــي للموظفي ــن‪،‬‬
‫أي كيــف تتــم إدارة املــوارد البشــرية فــي التشــريع الج ــزائري؟‬

‫أهمية البحث‬
‫تنبــع أهميــة اختيارنــا للموضــوع املتعلــق بتنظيــم املســار املنهــي للموظــف مــن كــون املــوارد البشــرية مــن أهــم عناصــر‬
‫التفوق والتمي ــز بالنســبة للمؤسســة واملنظمة أو اإلدارة الت ــي ينتمون إليها‪ ،‬والســيما مع كث ــرة التغي ــيرات والتقلبات في الدولة‬
‫املعاصــرة ‪ ،‬هــذه التغي ــيرات الت ــي تضــع هــذه املؤسســات أمــام رهــان التغيي ــر مــن أجــل ّ‬
‫التكيــف‪ ،‬وهــذا لــن يتحقــق دون إعطــاء‬
‫ً ّ ً‬
‫فعــاال فــي معادلــة التغيي ــر‪ ،‬ومــن ثــم إعطــاء األهميــة لــإدارة الت ــي تهتــم بشــئونه‬ ‫األهميــة للمــورد البشــري‪ ،‬باعتبــاره عامــا‬
‫وقدراتــه وأوضاعــه املختلفــة‪ ،‬باعتبارهــا وحــدة تنظيميــة‪ ،‬ولذلــك قمنــا بتســليط الضــوء علــى املســار املنهــي للموظــف وعلــى‬
‫حياتــه املهنيــة علــى ضــوء التشــريع الج ـزائري‪.‬‬

‫منهج الدراسة‬
‫اعتمدنا في هذه الدراسة على املنهج الوصفي التحليلي ألحكام القواني ــن الج ـزائرية الت ــي تتعلق بتنظيم وتسيي ــر املسار‬
‫املنهــي للموظــف أو إدارة املــوارد البشــرية داخــل املؤسســات واإلدارات‪ ،‬وكذلــك اعتمدنــا علــى بعــض املراجــع والكتــب الت ــي لهــا‬
‫عالقــة باملوضــوع‪.‬‬

‫املبحث األول‪ -‬تعريف املوظف واملقصود بتسييـرمساره املنهي‪.‬‬


‫املطلب األول‪ -‬تعريف املوظف‬
‫يعتب ــر املوظــف أداة اإلدارة فــي أداء وتحقيــق أهدافهــا الت ــي تتمثــل فــي إشــباع حاجــات الجماعــة‪ ،‬وهــو وعــاء ســلطتها فــي‬
‫تنفيــذ القواني ــن واللوائــح فــي مواجهــة األف ـراد‪ ،‬وبالتالــي فهــو العقــل املفكــر فــي مساي ــرة خطــى التقــدم إلــى آفــاق التطــور‪ .‬لــذا‬
‫تطرقــت غالبيــة التشــريعات املقارنــة عنــد تنظيــم أحــكام الوظيفــة العموميــة إلــى تعريــف املوظــف العمومــي‪ ،‬الســيما التشــريع‬
‫الج ـزائري الــذي عــرف املوظــف العمومــي فــي نــص املــادة األولــى مــن األمــر رقــم ‪ 133/66‬بأنــه‪« :‬يعتب ــر موظفي ــن عموميي ــن كل‬
‫األشــخاص املعينــون فــي وظيفــة دائمــة‪ ،‬الذي ــن رســموا فــي درجــة مــن درجــات التــدرج الوظيفــي فــي اإلدارات املركزيــة التابعــة‬
‫للدولــة وفــي املصالــح الخارجيــة التابعــة لهــا‪ ،‬وفــي الجماعــات املحليــة‪ ،‬وكذلــك املؤسســات والهيئــات العامــة حســب كيفيــات‬
‫تحــدد بمرســوم»(((‪.‬‬
‫ثم في نص املادة ‪ 05‬من املرســوم رقم ‪ 59/85‬الذي يتضمن القانون األسا�ســي النموذج ــي لعمال املؤسســات واإلدارات‬
‫العموميــة كمــا يلــي‪« :‬تطلــق علــى العامــل الــذي يثبــت فــي منصــب عملــه بعــد انتهــاء املــدة التج ــريبية تســمية املوظــف العمومــي‪،‬‬
‫ويكــون حينئــذ فــي وضعيــة قانونيــة أساســية وتنظيميــة إزاء املؤسســة أو اإلدارة»‪ ((( .‬أمــا فــي األمــر رقــم ‪ 03/06‬املتعلــق بالقانــون‬
‫ً‬
‫موظفــا كل عــون((( يعي ــن‬ ‫األسا�ســي للوظيفــة العموميــة الســالف الذكــر‪ ،‬فتــم تعريفــه فــي نــص املــادة ‪ 04‬علــى أنــه‪« :‬يعتب ــر‬
‫ورســم فــي الســلم اإلداري»‪ .‬وعليــه مــن خــال التعريفــات الســابقة نســتثني مــن قائمــة املوظفي ــن‬ ‫فــي وظيفــة عموميــة دائمــة ّ‬

‫((( أمر رقم ‪ ، 133 /66‬املؤرخ في ‪02‬جوان ‪ ، 1966‬يتضمن القانون العام للوظيفة العمومية امللغى ‪ ،‬ج ر عدد‪. 46‬‬
‫((( مرسوم رقم ‪ ،59 /85‬املؤرخ في ‪ 23‬مارس ‪ ،1985‬يتضمن القانون األسا�سي النموذجي لعمال املؤسسات و اإلدارات العمومية ‪ ،‬ج ر عدد‪. 13‬‬
‫((( إن مصطلح «العون» الذي يقابله بالفرنسية «‪ »AGENT‬يستعمل على مستوى نظم املعلومات (وخاصة في سياق مرجع التدبير املندمج ملوظفي الدول‬
‫‪ ،)GIPE‬للتعبير عن جميع موظفي الدولة دون تمييز بيـن االعوان و املوظفيـن‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬
‫العموميي ــن كل املوظفي ــن املعيني ــن بصفــة اســتثنائية‪ ،‬الذي ــن ّ‬
‫نصــت عليهــم املــادة ‪ 20‬كمــا يلــي‪« :‬يمكــن اللجــوء‪ ،‬بصفــة‬
‫اســتثنائية‪ ،‬إل ــى توظيــف أع ــوان متعاقدي ــن ف ــي مناصــب شغ ــل مخصصــة للموظفي ــن فــي الحــاالت اآلتيــة‪:‬‬
‫ ‪-‬في انتظار تنظيم مسابقة توظيف أو إنشاء سلك جديد للموظفيـن‪.‬‬
‫ ‪-‬لتعويض الشغور املؤقت ملنصب شغل»‪.‬‬
‫وتضيــف املــادة ‪« :2/22‬وال يخــول شــغل هــذه املناصــب الحــق فــي اكتســاب صفــة املوظــف أو الحــق فــي اإلدمــاج فــي رتبــة‬
‫مــن رتــب الوظيفــة العموميــة»‪.‬‬
‫ومن خالل املواد املذكورة ً‬
‫سابق‬
‫ا‪ ،‬ينبغي الكتساب صفة املوظف العام‪ ،‬توافر العناصر التالية‪:‬‬
‫ ‪-‬دائمية الوظيفة‪.‬‬
‫ ‪-‬العمل في إحدى مصالح الدولة‪.‬‬
‫ ‪-‬صدور قرار التعييـن‪.‬‬
‫ ‪-‬التـرسيم في إحدى درجات التدرج الوظيفي‪.‬‬
‫وعليــه يمكــن القــول إن املوظــف العــام هــو الشــخص الــذي يثبــت فــي منصــب عملــه بعــد انتهــاء املــدة التج ــريبية‪ ،‬فيكــون‬
‫حينئــذ فــي وضعيــة قانونيــة وتنظيميــة تجــاه املؤسســة الت ــي يعمــل بهــا‪ ،‬بحيــث يســتفيد خــال حياتــه املهنيــة مــن مجموعــة مــن‬
‫الحقــوق‪ ،‬وفــي املقابــل تلزمه مجموعــة مــن الواجبــات‪ ،‬لذلــك نــص قانــون الوظيفــة العموميــة علــى الشــروط الت ــي يجــب أن‬
‫ً‬
‫تتوافــر فــي املتـرشحي ــن مــن أجــل االلتحــاق بالوظائــف العموميــة بصفــة عامــة‪ ،‬وذلــك إعمــاال ملبــدأ املســاواة فــي الدخــول إلــى‬
‫الوظائــف العامــة فــي الدولــة‪.‬‬
‫وقــد أورد املشــرع الج ـزائري في القواني ــن األساســية الخاصــة بالوظائــف العموميــة‪ -‬بحســب نوعهــا ودرجتهــا‪ -‬الشــروط‬
‫اإللزاميــة الت ــي يجــب احت ـرامها مــن الســلطات املختصــة بالتعيي ــن‪ ،‬حيــث نصــت املــادة ‪ 75‬مــن األمــر رقــم‪ ،03 /06‬الــذي‬
‫يتضمــن القانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة علــى أنــه‪« :‬ال يمكــن أن يوظــف ًأيــا كان فــي وظيفــة عموميــة مــا لــم تتوافــر فيــه‬
‫الشــروط اآلتيــة‪:‬‬
‫ ‪-‬أن يكون جـزائري الجنسية‪.‬‬
‫ً‬
‫متمتعا بحقوقه املدنية‪.‬‬ ‫ ‪-‬أن يكون‬
‫ ‪-‬أال تحمل شهادة سوابقه القضائية مالحظات تتنافى وممارسة الوظيفة املراد االلتحاق بها‪،‬‬
‫ ‪-‬أن يكون في وضعية قانونية تجاه الخدمة الوطنية‪،‬‬
‫ ‪-‬أن تتوافــر فيــه شــروط الســن والقــدرة البدنيــة والذهنيــة‪ ،‬وكــذا املؤهــات املطلوبــة لاللتحــاق بالوظيفــة امل ـراد‬
‫االلتحــاق بهــا»‪.‬‬
‫كمــا أشــار القانــون نفســه إلــى كل اإلج ـراءات الشــكلية الت ــي تتبعهــا الســلطات املختصــة بالتعيي ــن فــي انتقائهــا للموظفي ــن‬
‫ّ‬
‫بحســب مــا تتطلبــه مرافقهــا مــن جهــة‪ ،‬وبحســب مــا تســمح بــه مي ـزانية الدولــة مــن جهــة ثانيــة‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املقصود بتنظيم املسار املنهي للموظف‪:‬‬
‫عنــد تحديــد املقصــود بتنظيــم وتسيي ــر الحيــاة املهنيــة للموظفي ــن‪ ،‬يجــدر بنــا عــدم الخلــط بي ــن تنظيــم وتسيي ــر «املهــن‬
‫أيضــا بـ«الحيــاة املهنيــة للموظــف»‪ ،‬ألن املفاهيــم‪ -‬وإن تظهــر متشــابهة‪-‬‬ ‫الوظيفيــة» وتسيي ــر «املســار املنهــي»‪ ،‬أو مــا يطلــق عليــه ً‬
‫فهــي فــي الحقيقــة مختلفــة‪ ،‬فهنــاك خلــط أو ســوء فهــم فيمــا يتعلــق بتنظيــم وتسيي ــر الحيــاة املهنيــة للموظفي ــن‪ ،‬ألن غالبيــة‬
‫اإلداريي ــن والدارسي ــن فــي هــذا املجــال يعتب ــرون أن الحيــاة املهنيــة هــي تــدرج فــي املناصــب‪ ،‬لكــن الحيــاة املهنيــة‪ -‬فــي الواقــع‪ -‬ليســت‬
‫ً‬
‫تدرجــا فــي األقدميــة أو ت ــرقية إلــى رتبــة أعلــى فقــط‪ ،‬بــل هــي قبــل كل �شــيء مجــال منهــي محــدد فــي بدايــة مســار كل عــون‪ ،‬فــي إطــار‬
‫القانــون األسا�ســي الخــاص الــذي ينتمــي إليــه ذلــك املوظــف‪.‬‬
‫‪222‬‬
‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫ولزيادة التوضيح‪ ،‬نتطرق في تعريف املسار املنهي إلى تعريف الدكتور أحمد ماهر الذي يقول ما يلي‪« :‬من املصطلحات‬
‫ُ‬
‫الحديثــة علــى مجــال إدارة املــوارد البشــرية مــا يطلــق عليــه تخطيــط وتنميــة املســار الوظيفــي‪ ،‬وهــي إحــدى الوظائــف الت ــي تعنــى‬
‫بإحــداث توافــق وتطابــق بي ــن الفــرد مــن جهــة‪ ،‬وبي ــن الوظائــف الت ــي يشــغلها مــن جهــة‪ ،‬وذلــك بغــرض أسا�ســي هــو تحقيــق‬
‫أهــداف اإلدارة واملؤسســات فــي اإلنتاجيــة‪ ،‬وتحقيــق أهــداف األفـراد فــي الرضــا عــن العمــل واألج ــر»‪.‬‬
‫كمــا يمكــن تعريــف مفهــوم املســار الوظيفــي بالنظــر إليــه مــن عــدة زوايــا كمــا يلــي‪« :‬ينظــر إلــى املســار الوظيفــي علــى أنــه‬
‫مجموعــة الوظائــف املتتاليــة الت ــي يشــغلها الفــرد علــى امتــداد عمــره الوظيفــي‪ ،‬والت ــي تتأث ــر باتجاهاتــه وطموحاتــه وآمالــه‬
‫ومشــاعره‪ ،‬وقــد ينظــر إلــى املســار املنهــي مــن منظــور الح ــركة داخــل التنظيــم‪ ،‬كمــا قــد ينظــر إلــى املســار املنهــي أو الوظيفــي‬
‫باعتبــاره ســمة ممي ــزة للموظــف‪ ،‬حيــث يتكــون مســار كل موظــف مــن عــدة وظائــف ومراكــز إداريــة وخب ـرات متنوعــة»‪ (((.‬كمــا‬
‫إن تحديــد املســارات املهنيــة وكيفيــة إعدادهــا وسي ــرها هــي مــن مســئولية اإلدارة(((‪ ،‬أمــا االختيــار األحســن للحيــاة املهنيــة فهــي‬
‫مســألة شــخصية‪ ،‬حيــث ُتؤخــذ بعي ــن االعتبــار قــدرة وإمكانيــة وكفــاءة الشــخص لتطوي ــر مؤهالتــه‪ ،‬لذلــك يجــب ً‬
‫أيضــا عــدم‬
‫الخلــط بي ــن تسيي ــر الحيــاة املهنيــة وتسيي ــر املهــن‪ ،‬إذ إن األولــى تخــص املوظــف(((‪ ،‬وتتعلــق بتطــوره الشــخ�صي‪ ،‬بينمــا الثانيــة‬
‫تتعلــق باملهــن فــي حــد ذاتهــا والتسيي ــر الجماعــي للمــوارد البشــرية مــن طــرف اإلدارة‪ .‬كمــا إن الحيــاة املهنيــة أو املســار الوظيفــي‬
‫يصنعــه صاحبــه مــن خــال تقلــده للمناصــب والرتــب والوظائــف العليــا‪ ،‬بحيــث يتخلــل هــذا املســار العديــد مــن العمليــات‪،‬‬
‫كالت ــرقية والتنقــل والتعــرض إلــى العقــاب وربمــا الطــرد أو العــزل‪ .‬إلــخ‪.‬‬
‫وعليــه فقــد ُينظــر إلــى مفهــوم املســار الوظيفــي علــى أنــه مجموعــة الوظائــف املتتاليــة الت ــي يشــغلها الفــرد علــى امتــداد‬
‫عمــره الوظيفــي‪ ،‬والت ــي تتأث ــر باتجاهاتــه وطموحاتــه وقدراتــه ومشــاعره‪ ،‬وقــد ينظــر إليــه علــى أنــه ســمة ممي ــزة للموظــف‬
‫والوظيفــة واملؤسســة(((‪،‬أو أنــه نمــوذج للخب ـرات املرتبطــة بالعمــل واملمتــدة عب ــر حيــاة اإلنســان املهنيــة‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ -‬آليات تنظيم املساراملنهي للموظف العمومي‬


‫معقــدة يصعــب التحكــم فيهــا‪ ،‬بحيــث ال يمكــن ضبطهــا‬ ‫ُيعتب ــر العنصــر البشــري فــي املؤسســات (املوظفــون) ت ــركيبة ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتوجيهــا‬ ‫كاآللــة‪ ،‬وهــو ســلوك يســتدعي مرونــة فــي املعاملــة الضطرابــه الشــديد‪ ،‬لــذا يتطلــب تسيي ــره وحســن إدارتــه تخطيطــا‬
‫دقيقا‪ ،‬فمن بي ــن الوظائف الت ــي يقوم بها مسئولو تسيي ــر املوارد البشرية وظيفة تسيي ــر الحياة املهنية للموظفي ــن‪،‬‬ ‫وتنظيما ً‬
‫ً‬
‫وهــي عبــارة عــن مجموعــة تحــوالت وتنقــات يمــر بهــا املوظــف خــال فت ــرة تواجــده باملؤسســة‪ ،‬تبــدأ منــذ توظيفــه‪ ،‬حتــى انتهــاء‬
‫هــذه الحيــاة‪ ،‬ســواء أكان ذلــك بالتقاعــد أم باالســتقالة أم بالوفــاة… إلــخ‪ .‬وقــد يمــر املوظــف خــال هــذه الفت ــرة بعــدة مراحــل‬
‫تعتب ــر مهمــة وحاســمة قــد تقــرر فــي بعــض األحيــان مصي ــره املنهــي(((‪ ،‬مــن بي ــن هــذه املراحــل نذكــر علــى ســبيل املثــال‪ :‬تقييــم‬
‫أدائــه وكفاءتــه وإمكانيــة تكوينــه‪ ،‬ليتما�شــى مــع أي تطــور علمــي أو تكنولوج ــي قــد يمــس اإلدارة‪ ،‬وقــد يكــون هــذا التكوي ــن قصــد‬
‫لعدة أسباب تعتبـر نهاية‬ ‫التحسيـن من مستواه‪ ،‬ثم تـرقيته إلى مناصب كان يطمح في الوصول إليها‪ ،‬ويغادر املوظف اإلدارة ّ‬
‫حساســا‪ ،‬بحيث كلما زاد اهتمام املسئولي ــن‬ ‫ً‬ ‫لحياته املهنية(((‪ .‬لذلك يجب منح العنصر البشــري بالغ األهمية باعتباره ً‬
‫موردا‬
‫باملوظفي ــن‪ ،‬زاد اهتمامهــم بــأداء أعمالهــم‪ ،‬لذلــك نجــد أن أهميــة تخطيــط وتنميــة املســار الوظيفــي بالنســبة للمؤسســة ال تقــل‬
‫عــن أهميــة كل فــرد أو موظــف مــن موظفيهــا بمــا يحقــق التوافــق بي ــن الفــرد والوظيفــة‪ ،‬حيــث تصــل هــذه األهميــة إلــى الدرجــة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الت ــي يمكــن القــول فيهــا ّإن هنــاك مدخـ ًـا ً‬
‫تنظيميــا لتخطيــط وتنميــة‬ ‫فرديــا لتخطيــط وتنميــة املســار الوظيفــي‪ ،‬ومدخــا آخ ــر‬
‫((( نقال عن‪ :‬مصطفى كريم‪ ،‬املسار الوظيفي‪ ،‬املفهوم و األهمية‪ ،‬املنتدى القانوني‪ ،24/01/2010 ،‬انظر املوقع‪www.islammemo.cc/2010/01/24/93966.html‎:‬‬
‫((( في الواقع ال ّبد أن يهدف تخطيط للموارد البشرية في املؤسسة إلى حل مشكلة معينة‪ ،‬وهذا من صالحيات اإلدارة‪.‬‬
‫للتفصيل انظر‪ :‬نادر أحمد أبو شيخة‪ ،‬إدارة املوارد البشرية‪ ،‬إطار نظري وحاالت عملية‪ ،‬دار صفاء للنشر و التوزيع‪ ،‬عمان‪ ،2010 ،‬ص ‪.46‬‬
‫((( «املوظف العمومي هو كل من يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام األخرى عن طريق شغله منصباً‬
‫يدخل في التنظيم اإلداري لذلك املرفق»‪ .‬انظر مصطفى الشريف‪ ،‬أعوان الدولة‪ ،‬الشركات الوطنية للنشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1981 ،‬ص‪21‬‬
‫((( يتطلب التخطيط والتنمية الناجحة للمسار املنهي للموظف تظافر جهود ثالثة أطراف أساسية هي املنظمة أو املؤسسة والرئيس املباشر واملوظف نفسه‪.‬‬
‫‪(5) Bernard Martory et Daniel Crozet, Gestion des ressources humaines ,Pilotage social et performances, 6eme édition, Dunos, Paris,‬‬
‫‪2005, p.71‬‬
‫((( د‪ .‬هناء رستم‪ .‬حقوق وواجبات املوظف العمومي‪ .‬انظر املوقع ‪http//www.tvet-p‬‬
‫‪223‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬
‫ّ‬
‫املســار الوظيفــي(((‪ .‬وال شــك أن املســار الوظيفــي للموظــف ال يسي ــر هكــذا بصــورة وطريقــة عفويــة تلقائيــة‪ ،‬فــا بـ ّـد أن هنــاك‬
‫ميكانزميــات وآليــات ومراحــل تمي ــز هــذه الحيــاة املهنيــة الطويلــة‪ ،‬تبــدأ بالتعيي ــن وتنتهــي بالتقاعــد نتناولهــا بالتفصيــل فيمــا يلــي‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ -‬تنظيم املساراملنهي في مرحلة بداية الخدمة واستقرارها‬


‫تعتب ــر الوظيفــة الركي ــزة األساســية لــدى جميــع العاملي ــن‪ ،‬ســواء أكان ذلــك فــي الوظائــف الحكوميــة أم حت ــى فــي القطــاع‬
‫الخــاص‪ ،‬فعندمــا يختــار الشــخص وظيفــة مــا‪ ،‬فإنــه يطمــح مــن خاللهــا إلــى التــدرج الوظيفــي والوصــول بهــا إلــى أعلــى الســلم‬
‫الوظيفــي داخــل الحكومــة أو حت ــى داخــل القطــاع الخــاص‪ .‬وي ــركز التخطيــط وتنميــة املســار الوظيفــي علــى تحقيــق التوافــق‬
‫والتطابــق بي ــن األفـراد مــن جهــة وبي ــن الوظائــف والنمــو الوظيفــي مــن جهــة أخ ــرى‪ ،‬لــذا يمكــن القــول‪ :‬إن هنــاك مدخـ ًـا ً‬
‫فرديــا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تنظيميــا لتخطيــط وتنميــة املســار الوظيفــي‪.‬‬ ‫ومدخــا‬
‫الفرع األول ‪ -‬التوظيف كبداية للمساراملنهي‬
‫ومدتهــا‪ ،‬ويســلك‬‫بدخــول املوظــف العــام عالــم العمــل فــي الوظيفــة العامــة‪ ،‬فإنــه يبــدأ حيــاة مهنيــة طويلــة بطــول الوظيفــة ّ‬
‫تلقائيــا مسـ ًـارا جديـ ًـدا فــي عمــره يســمى املســار الوظيفــي‪ ،‬وهــو شــخ�صي وذاتــي‪ ،‬فــكل موظــف لــه مســار وظيفــي خــاص بــه‪ ،‬يشــبه‬‫ً‬
‫بعــض الزمــاء فــي بعــض األحيــان‪ ،‬ويختلــف عنهــم فــي كثي ــر مــن األحيــان‪ ،‬واإلدارة ملزمــة بتبليــغ املوظــف بــكل معلومــة جديــدة‬
‫تتعلــق بمســاره الوظيفــي‪ ،‬ألنــه املعنــي األول بهــذه املعلومــات‪ ،‬وقــد نــص املشــرع علــى هــذا اإلج ـر ّاء كحــق للموظــف فــي املــادة‬
‫‪ 96‬مــن األمــر رقــم ‪ ،03 /06‬الــذي يتضمــن القانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة كمــا يلــي‪«ُ :‬يبل ــغ املوظــف بك ــل القــرارات‬
‫املتعل ــقة بوضعيتــه اإلداريــة وتنشــركل القــرارات اإلداريــة الت ــي تتضمــن تعيي ــن وت ــرسيم وت ــرقية املوظفي ــن وإنهــاء مهامهــم‬
‫فــي نشــرة رســمية للمؤسســة أو اإلدارة العموميــة املعنيــة»‪ .‬فاملســار الوظيفــي وبــكل بســاطة هــو الحيــاة املهنيــة للعامــل‪ ،‬وهــو‬
‫َ ُّ‬
‫عمــره املنهــي الــذي يعيشــه أثنــاء تأديتــه لعملــه‪ (((.‬واملـ ّـدة الزمنيــة للمســار الوظيفــي تبــدأ عنــد ت َســلم املوظــف للوظيفــة وتنتهــي‬
‫بانتهائهــا‪ ،‬ونتناولهــا بالتفصيــل فيمــا يلــي‪.‬‬
‫‪- -1‬تخطيــط وتنميــة املــوارد البشــرية‪ :‬يعــد تخطيــط وتنميــة املســار الوظيفــي مــن املصطلحــات الجديــدة إلدارة املــوارد‬
‫ُ‬ ‫البشــرية (((‪ ،‬ويمثــل ً‬
‫أيضــا إحــدى الوظائــف الت ــي تعنــى بإحــداث توافــق بي ــن الفــرد مــن جهــة وبي ــن الوظائــف الت ــي‬
‫سيشــغلها مــن جهــة أخــرى‪ ،‬وذلــك بغــرض تحقيــق أهــداف املؤسســة اإلنتاجيــة وتحقيــق أهــداف الفــرد‪.‬‬
‫ً‬
‫إن التخطيــط فــي جميــع امليادي ــن يعــود بفائــدة علــى املؤسســة‪ ،‬وملــا كان التخطيــط شـ ًـيئا مفيـ ًـدا وفعــاال‪ ،‬وجــب علــى‬
‫اإلدارات واملؤسســات العموميــة انتهــاج هــذه السياســة فــي التسيي ــر‪ ،‬الســيما فــي املجــال املتعلــق باملــوارد البشــرية‪،‬‬
‫ً‬
‫باعتبــار املــورد البشــري‪ -‬أي املوظــف‪ -‬عامــا أساسـ ًـيا فــي دفــع عجلــة اإلنتــاج(((‪ ،‬حيــث نــص املشــرع علــى هــذا اإلج ـراء‬
‫فــي األمــر رقــم ‪ 03 /06‬الــذي يتضمــن القانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة فــي املــادة ‪111‬كمــا يلــي‪« :‬يتــم تسيي ــر املســار‬
‫املنهــي للموظفي ــن فــي إطــار سياســة تسيي ــر تقدي ــرية للمــوارد البشــرية‪ ،‬تكــرس مــن خــال املخططــات الســنوية لتسيي ــر‬
‫املــوارد البشــرية واملخططــات الســنوية أو املتعــددة الســنوات للتكوي ــن وتحسي ــن املســتوى»‪ .‬وعليــه فمــن الضــروري‬
‫ً‬
‫مخططــا سـ ً‬ ‫ّ‬ ‫لــإدارة العموميــة‪ -‬بمــا لهــا مــن ســلطات ّ‬
‫ـنويا لتسيي ــر هــذا املــورد األسا�ســي‪.‬‬ ‫خولهــا إياهــا املشــرع‪ -‬أن تضــع‬
‫وتجــدر اإلشــارة إلــى أن تخطيــط املــوارد البشــرية هــو مجموعــة مــن اإلج ـراءات والسياســات املتكاملــة واملتناســقة‪ ،‬الت ــي‬
‫تضمــن للمؤسســة توفي ــر العــدد املناســب مــن العمالــة بالنوعيــة املناســبة‪ ،‬وفــي التوقيــت املالئــم‪ ،‬وذلــك إلمكانيــة القيــام‬
‫باألعمــال املطلــوب أداؤهــا فــي فت ــرة زمنيــة معينــة‪ ،‬حيــث إنــه عندمــا تقــوم اإلدارة بوضــع مــا يســمى باملخطــط لتنميــة‬
‫((( مصطفى كريم‪ .‬املسار الوظيفي‪ ...‬املفهوم واألهمية‪ .‬املنتدى القانوني‪ ،24/01/2010 ،‬املرجع السابق‬
‫((( د‪ .‬محمد أنس قاسم جعفر‪ .‬مبادئ الوظيفة العامة وتطبيقها على التشريع الجزائري‪ .‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1984 ،‬ص ‪. 152‬‬
‫((( للتفصيل انظر‪ :‬د‪ .‬سهيلة محمد عباس‪ ،‬د‪ .‬علي حسيـن علي‪ ،‬إدارة املوارد البشرية‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬عمان‪ ،2007 ،‬ص ‪.149‬‬
‫((( إن إدارة املوارد البشرية تعد اليوم من أهم الوظائف اإلدارية في أي منشأة إدارية أو صناعية‪ ،‬وهي اآلن ال تقل أهمية عن باقي الوظائف األخرى‪،‬‬
‫كالتسويق واإلنتاج واملالية‪ ،‬وذلك ملا ظهر من أهمية العنصر البشري ومدى تأثيره على الكفاءة اإلنتاجية للمنشأة‪ ،‬ولقد اتسع مفهوم إدارة املوارد‬
‫البشرية ليشمل أنشطة رئيسة متعددة‪ ،‬يأتي على رأسها تحليل وتوصيف الوظائف‪ ،‬وتخطيط املوارد البشرية وتنميتها وتدريبها‪.‬‬
‫‪224‬‬
‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫وتسيي ــر املــوارد البشــرية‪ ،‬يجــب أن يشــمل هــذا املخطــط جميــع العمليــات اإلداريــة‪ ،‬قديمهــا وجديدهــا‪ ،‬وتتــم عمليــة‬
‫ً‬
‫إخ ـراج الفــروق فــي جميــع األســاك‪ ،‬ومقارنتهــا بمــا جــاء فــي مي ـزانية الســنة الجديــدة‪ ،‬وانطالقــا مــن ذلــك تتــم عمليــة‬
‫ب ــرمجة التوظيــف ومباشــرة إج ـراءاته‪.‬‬
‫‪- -2‬التعييـن‪ :‬بعد إتمام إجـراءات وضع املخطط السنوي لتسييـر املوارد البشرية وتأشيـرها من مصالح مفتشية الوظيف‬
‫العمومي للوالية‪ ،‬تأت ــي عملية التوظيف‪ ،‬وتكون عن طريق ّأول إج ـراء تتخذه املؤسسة أو اإلدارة‪ ،‬أي التعيي ــن‪ ،‬حيث‬
‫ـص املشــرع علــى هــذا اإلج ـراء فــي املــادة ‪ 95‬مــن األمــر رقــم ‪ 03 /06‬كمــا يلــي‪« :‬تعــود صالحيــات تعيي ــن املوظفي ــن إلــى‬‫نـ ّ‬
‫الســلطة املخولــة بمقت�ضــى القواني ــن والتنظيمــات املعمــول بهــا»‪ .‬فالتوظيــف هــو مجموعــة مــن العمليــات الت ــي بموجبهــا‬
‫يعي ــن أجــدر وأكفــأ العناصــر الت ــي ت ــرغب فــي االندمــاج داخــل املؤسســة بفعليــة واملمارســة فــي نشــاطها‪ ،‬وهــذا بالعمــل‬
‫املســتمر علــى تعظيــم وتنميــة الشــعور بالــوالء واالنتمــاء لتحقيــق املي ــزة التنافســية‪ ،‬لذلــك يقــال إن «التوظيــف هــو‬
‫البحــث عــن اليــد العاملــة ذات الكفــاءة»‪ ،‬ويتبــع كل هــذا بإج ـراءات تســمح للمؤسســة بتهيئــة نفســها لكــي تجلــب عـ ً‬
‫ـددا‬
‫كافيــا مــن املتـرشحي ــن الذي ــن يتصفــون بالكفــاءات مقابــل املنصــب املقت ــرح أو املعــروض‪ .‬إن دراســة وفهــم سياســات‬ ‫ً‬
‫التوظيــف عمليــة مهمــة وحيويــة تتطلــب التعــاون الكامــل واملســاهمة الفعالــة مــن كل إداري‪ /‬إداريــة مهمــا كان املســتوى‬
‫الــذي يعمــل فيــه‪ ،‬كمــا إن مصطلــح التوظيــف يعنــي «شــغل الوظائــف الخاليــة»‪.‬‬
‫‪- -3‬التنصيــب – ‪ :L’installation‬علــى إث ــر كل هــذه اإلج ـراءات التنظيميــة الســابق اإلشــارة إليهــا والواجــب اتخاذهــا‪،‬‬
‫تأت ــي مرحلــة تنصيــب املوظــف فــي منصبــه‪ .‬حيــث تقــوم مصلحــة املستخدمي ــن بتحـري ــر محضــر يعلــن فيــه عــن تنصيــب‬
‫ُ َّ‬
‫ـميا فــي املهــام املوكلــة إليــه حســب منصــب عملــه‪ ،‬بحيــث ت َســلم لــه مهــام وظيفتــه‪ .‬وبالطبــع تفتــح اإلدارة‬ ‫املوظــف رسـ ً‬
‫ملفــا ً‬
‫خاصــا باملعنــي يعتب ــر بمثابــة دليــل علــى بدايــة وح ــركية مســاره املنهــي‪ ،‬يتضمــن كل املعلومــات املتعلقــة‬ ‫املســتخدمة ً‬
‫باملوظــف‪ ،‬ويشــمل جميــع الوثائــق الضروريــة الت ــي تهــم وضعيــة اإلدارة(((‪ ،‬حيــث نــص املشــرع فــي الفصــل الثالــث املتعلــق‬
‫بالتسيي ــر اإلداري للمســار املنهــي للموظــف مــن األمــر رقــم ‪ ،03 /06‬فــي املــادة ‪ 93‬علــى أنــه‪« :‬يتعي ــن علــى اإلدارة تكوي ــن‬‫ّ‬
‫ملــف إداري لــكل موظــف‪ .‬يجــب أن يتضمــن امللــف مجمــوع الوثائــق املتعلق ــة بالشه ــادات واملؤهــات والحالــة املدنيــة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتصنــف باســتمرار‪ .‬يت ــم استغ ــال امللــف اإلداري لتسيي ــر‬ ‫والوضعيــة اإلداريــة للموظــف‪ .‬وتسـ ّـجل هــذه الوثائــق وت ــرقم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتضمــن امللــف اإلداري أي مالحظــة حــول اآلراء السياسي ــة أو النق ــابية أو‬ ‫الحيــاة املهني ــة للموظــف فقــط‪ .‬يجــب أال‬
‫الدينيــة للمعنــي»‪.‬‬
‫‪- -4‬التثبيــت والت ــرسيم‪ :‬يم�ضــي املوظــف فت ــرة تج ــريبية كموظــف مت ـ ّـربص‪ ،‬علــى إث ــر تعيينــه تقــدر إمــا ‪ 06‬أشــهر أو ‪09‬‬
‫أشــهر تختلــف حســب الرتبــة املتحصــل عليهــا‪ ،‬قــد تصــل إلــى ســنة كاملــة حســب نــص املــادة ‪ 84‬مــن األمــر رقــم ‪06/03‬‬
‫مدتهــا ســنة‪،‬‬ ‫الت ــي تنــص علــى أنــه‪« :‬يجــب علــى املت ـ ّـربص‪ ،‬حســب طبيعــة املهــام املنوطــة ب ــرتبته‪ ،‬قضــاء فت ــرة ت ــربص ّ‬
‫ويمكــن بالنســبة لبعــض األســاك أن تتضمــن ً‬
‫تكوينــا تحضي ـ ًـريا لشــغل وظيفتــه»‪.‬‬
‫وعنــد انقضــاء املـ ّـدة التج ــريبية يتعي ــن علــى اإلدارة املســتخدمة عــرض املعنــي علــى اللجنــة املتســاوية األعضــاء الت ــي تهتــم‬
‫بناء على‬‫بوضعيــة املستخدمي ــن‪ ،‬وهــذا بعــد تســجيله فــي قائمــة التأهيــل للوظيفــة(((‪ ،‬حيــث تضبــط هــذه القائمــة اللجنــة ً‬
‫بناء على نتيجة االمتحانات أو االختبارات املهنية‪ ،‬أو على أساس هذيـن العنصريـن‪.‬‬ ‫الس َّلمي املباشر‪ ،‬أو ً‬ ‫تقريـر الرئيس ُ‬
‫ُ َّ‬
‫الســلمية املؤهلــة‪ .‬ويتوقــف ذلــك‬ ‫ونصــت علــى ذلــك املــادة ‪ 86‬كمــا يلــي‪« :‬يتــم اقت ـراح ت ــرسيم املت ـ ّـربص مــن قبــل الســلطة‬
‫ُ‬
‫علــى التســجيل فــي قائمــة تأهيــل تقـ َّـدم للجنــة اإلداريــة املتســاوية األعضــاء املختصــة»‪ .‬ويتــم تثبيــت املعنــي إذا أعربــت‬
‫‪.‬‬
‫اللجنــة وعب ــرت عــن موافقتهــا حســب الحالــة‪ ،‬بق ـرار أو بمقــرر تتخــذه الســلطة أو الهيئــة الت ــي لهــا صالحيــة التعيي ــن‬
‫ويخضــع بالطبــع القـرار الــذي يتضمــن التثبيــت حســب مــا نصــت عليــه القواني ــن‪ -‬الســيما القانــون املذكــور سـ ً‬
‫ـابقا‪ -‬إلــى‬
‫((( محمد أنس قاسم جعفر‪ .‬املرجع السابق‪ .‬ص ‪.73‬‬
‫ّ‬
‫((( نصت املادة ‪ 83‬من األمر رقم ‪ ،03 /06‬الذي يتضمن القانون األسا�سي للوظيفة العمومية على ما يلي‪« :‬يعيـن كل مترشح تم توظيفه في رتبة للوظيفة‬
‫العمومية بصفة متربص‪ .‬غير أنه يمكن أن تنص القوانيـن األساسية الخاصة ً‬
‫ونظرا للمؤهالت العالية املطلوبة لاللتحاق ببعض الرتب على الترسيم‬
‫املباشر في الرتبة»‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬

‫تأشي ــرة أجهــزة الرقابــة القانونيــة الت ــي يجــب عليهــا أن تبــث خــال األيــام الخمســة عشــر املواليــة لتاريــخ قيــام املصالــح‬
‫املسي ــرة بإيــداع امللــف لــدى األجهــزة املذكــورة‪.‬‬
‫‪- -5‬تقييــم أداء املوظــف‪ :‬إن التقييــم الــدوري واملســتمر ألداء املوظــف الــذي نــص عليــه املشــرع الج ـزائري فــي نــص املــادة‬
‫‪ ،97‬الــذي يخضــع لــه كل املوظفي ــن الذي ــن يخضعــون للقانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة دون اســتثناء أثنــاء‬
‫وفقــا ملناهــج مختلفــة نــص عليهــا املشــرع‪ ،‬وتحــدد نوعهــا اإلدارة‬ ‫مســارهم املنهــي‪ ،‬يهــدف إلى تقدي ــر مؤهالتهــم املهنيــة ً‬
‫املعنيــة بحســب طبيعــة الوظيفــة وخصائصهــا‪ ،‬كمــا يهــدف كذلــك حســب نــص املــادة ‪ 98‬مــن األمــر رقــم ‪ ،03 /06‬الــذي‬
‫يتضمــن القانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة إلــى مــا يلــي‪« :‬يهــدف تقييــم املوظــف إلــى‪:‬‬
‫ ‪-‬التـرقية في الدرجات‪.‬‬
‫ ‪-‬التـرقية في الرتبة‪.‬‬
‫ ‪-‬منح امتيازات مرتبطة باملردودية وتحسيـن األداء‪.‬‬
‫ ‪-‬منح األوسمة الشرفية واملكافآت»‪.‬‬
‫ويـرتكز تقييم أداء املوظف على معاييـر موضـوعيـة تهدف‪ -‬على وجه الخصوص‪ -‬إلى تقديـر‪:‬‬
‫ ‪-‬احتـرام الواجبات العامة والواجبات املنصوص عليها في القوانيـن األساسية‪.‬‬
‫ ‪-‬الكفاءة املهنية‪.‬‬
‫ ‪-‬الفعالية واملردودية‪.‬‬
‫ ‪-‬كيفية الخدمة‪.‬‬
‫كمــا يمكــن أن تنــص القواني ــن األساســية الخاصــة بالوظيفــة العموميــة وتنظيمهــا علــى معايي ــر أخ ــرى تطبــق علــى بعــض‬
‫األســاك‪ ،‬نظـ ًـرا لخصوصياتهــا‪.‬‬
‫وتحــدد املؤسســات واإلدارات العموميــة‪ -‬بعــد استشــارة اللج ــان اإلداريــة املتســاوية األعضــاء‪ ،‬وموافقــة الهيــكل املركــزي‬
‫للوظيفــة العموميــة‪ -‬مناهــج التقييــم الت ــي تتــاءم مــع طبيعــة أنشــطة املصالــح املعنيــة(((‪ .‬فاملهــم هــو ّأن هــدف تقييــم األداء هــو‬
‫قيــاس مــدى ممارســة الفــرد للســلطة ّ‬
‫املخولــة لــه‪ ،‬وأدائــه ملســئوليات الوظيفــة الحاليــة الت ــي يقــوم بهــا‪ ،‬وكذلــك تحليــل ســلوكه‬
‫ّ‬
‫املتعلــق بالعمــل‪ ،‬مــع اكتشــاف قدراتــه الحاليــة وإمكاناتــه للتقــدم بمــا يعــود بالفائــدة لــكل مــن املوظــف واملؤسســة‪.‬‬
‫وعليــه يتــم التقييــم بصفــة دوريــة مــن طــرف الســلطة الســلمية أو الرئاســية كاملدي ــر بموافقــة مــن اللجنــة املتســاوية‬
‫املوظــف املعنــي الــذي يمكنــه أن يقــدم بشــأنها ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األعضــاء‪ ،‬وينتــج عنــه تقييــم ّ‬
‫تظلمــا إلــى‬ ‫منقــط مرفــق‪ ،‬وتبلــغ نقطــة التقييــم إلــى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اللجنــة اإلداريــة املتســاوية األعضــاء املختصــة الت ــي يمكنهــا اقت ـراح مراجعتهــا‪ .‬وتحف ــظ استم ــارة التقي ــيم فــي مل ــف املوظ ــف‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪- -6‬تصنيــف املوظــف‪ :‬يخضــع املوظــف الــذي يتــم تعيينــه فــي املؤسســات العموميــة أو فــي اإلدارات إلــى عمليــة التصنيــف فــي‬
‫إحدى املجموعات الت ــي تنقسم إلى أصناف توافق مختلف مستويات تأهيل املوظفي ــن‪ ،‬بحيث يض ــم كل صنف درجات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املحصــل عليهــا مــن املوظــف‪.‬‬ ‫ويخصــص لــكل درجــة رقــم اســتداللي يوافــق الخب ــرة املهنيــة‬ ‫توافــق تقــدم املوظــف فــي رتبتــه‪،‬‬
‫وتشــكل األصنــاف والدرجــات واألرقــام االســتداللية املقابلــة لهــا الشــبكة االســتداللية للرواتــب‪ .‬يحــدد عــدد األصنــاف‪،‬‬
‫والحــد األدنــى واألق�صــى لــكل صنــف وعــدد الدرجــات‪ ،‬وكــذا قواعــد الت ــرقية فــي الدرجــات عــن طريــق التنظيــم‪ .‬وقــد نصــت‬
‫املــادة ‪121‬مــن األمــر رقــم ‪ 06/03‬الــذي يتضمــن القانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة علــى أنــه يتحــدد راتــب املوظــف بنــاء‬
‫علــى تصنيفــه‪ ،‬األمــر الــذي يجعــل عمليــة التصنيــف مهمــة جـ ًـدا بالنســبة للموظفي ــن كمــا يلــي‪« :‬يوافــق الراتــب األسا�ســي‬
‫الرقــم االســتداللي األدنــى للصنــف‪ .‬ويمثــل الراتــب املقابــل للواجبــات القانونيــة األساســية للموظــف»‪.‬‬
‫((( املادة ‪ 101‬من األمر رقم ‪ ،03 /06‬الذي يتضمن القانون األسا�سي للوظيفة العمومية نصت على ما يلي‪« :‬تعود سلطة التقييم والتقدير للسلطة‬
‫ُ َّ‬
‫السلمية املؤهلة‪ ،‬ويتم التقييم بصفة دورية‪ .‬وينتج عنه تقييم منقط مرفق بمالحظة عامة»‪.‬‬
‫‪226‬‬
‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫وتضيــف كذلــك املــادة ‪ 122‬مــن القانــون نفســه مــا يلــي‪« :‬يتحــدد الراتــب الرئيــس مــن خــال الرقــم االســتداللي األدنــى‬
‫ً‬
‫للرتبــة‪ ،‬مضافــا إليــه الرقــم االســتداللي املرتبــط بالدرجــة املتحصــل عليهــا‪ .‬وينتــج الراتــب الرئيــس مــن حاصــل ضــرب الرقــم‬
‫االســتداللي للراتــب الرئيــس فــي قيمــة النقطــة االســتداللية»‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ -‬تسييـرحـركيات املوظف ووضعياته القانونية‬
‫تقــوم اإلدارة عنــد تنظيــم املســار املنهــي للموظفي ــن بمتابعــة تنقالتهــم‪ ،‬وتختلــف الوضعيــات مــن موظــف إلــى آخ ــر نتناولهــا‬
‫فيمــا يلــي‪:‬‬
‫‪- -1‬الخدمــة الفعليــة‪ :‬اعتب ــرت املــادة ‪ 87‬مــن املرســوم رقــم ‪ 95/85‬املــؤرخ فــي ‪ 1985/03/23‬املتضمــن القانــون األسا�ســي‬
‫النموذج ــي للعمــال املنتمي ــن للمؤسســة واإلدارات العموميــة الخدمــة الفعليــة‪ ،‬كمــا يلــي‪« :‬يكــون العامــل فــي حالــة‬
‫ً‬
‫الخدمــة الفعليــة إذا كان يمــارس فعــا الوظائــف املطابقــة ملنصــب العمــل الــذي عي ــن فيــه»‪ .‬وتبي ــن املــادة ‪ 89‬مــن‬
‫املرســوم ‪ 59/85‬الســالف الذكــر أنــه يحــق للعامــل الــذي يكــون فــي حالــة الخدمــة الفعليــة أن ينتفــع بالتغيــب والعطــل‬
‫القانونيــة والغيابــات الخاصــة املدفوعــة األج ــر‪.‬‬
‫‪- -2‬الت ــرقية‪ :‬يقصــد بالت ــرقية مــن الناحيــة اإلداريــة‪« :‬اختيــار أكفــأ املوظفي ــن وأصلحهــم لتولــي وظائــف ذات مســتوى أعلــى‬
‫من حيث املســئولية والســلطة في التنظيم اإلداري»‪ ،‬بحيث يتمتع الشــخص املرقى بمزايا مادية أفضل مما كان يتمتع‬
‫بهــا فــي وظيفتــه الســابقة‪ ،‬وتعتب ــر الت ــرقية مــن أهــم األمــور بعــد األج ــر بالنســبة للموظــف‪ ،‬حيــث إنهــا تفســح املجــال أمــام‬
‫املوظــف للوصــول للمناصــب العليــا‪ ،‬فتغــرس الحافــز أمــام املوظفي ــن لبــذل أق�صــى قــدر مــن الجهــد ليظفــر بالت ــرقية‬
‫ّ‬
‫والتمتــع بمزاياهــا املاديــة واملعنويــة‪ ،‬كمــا إنهــا تشــعر املوظــف باألمــان نتيجــة تحقيــق تقــدم مســتمر فــي حياتــه الوظيفيــة‪.‬‬
‫للموظــف واإلدارة‪ ،‬فيجــب االهتمــام بهــا ووضــع معيــار ســليم تتــم علــى أساســه‪ً -‬‬ ‫ّ‬
‫عمومــا‪-‬‬ ‫ونظـ ًـرا ألهميــة الت ــرقية بالنســبة‬
‫ً‬
‫ووفقــا ألحــد املعياري ــن‪ ،‬وهمــا األقدميــة واالختيــار‪ ((( .‬وقــد نــص املشــرع الج ـزائري علــى الت ــرقية فــي املادتي ــن ‪ 106‬و‪107‬‬
‫علــى التوالــي فــي األمــر رقــم‪ 03 /06‬الــذي يتضمــن القانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة كمــا يلــي‪:‬‬
‫املــادة ‪« :106‬تتمثــل الت ــرقية فــي الدرجــات فــي االنتقــال مــن درجــة إلــى الدرجــة األعل ــى مباش ــرة‪ ،‬وتتــم بصفــة مســتمرة‬
‫ُ‬
‫حســب الوتائــر والكيفيــات الت ــي تحــدد عــن طريــق التنظيــم»‪.‬‬
‫املــادة ‪ :107‬تتمثــل الت ــرقية فــي الرتــب فــي تقــدم امل ــوظف فــي مس ــاره املنهــي‪ ،‬وذلــك باالنتقــال مــن رتبــة إلــى الرتبــة األعلــى‬
‫مباشــرة فــي الســلك نفســه أو فــي الســلك األعلــى مباشــرة‪ ،‬حســب الكيفيــات اآلتيــة‪:‬‬
‫ ‪-‬على أساس الشهادة من بيـن املوظفيـن الذيـن تحصلوا خالل مسارهم املنهي على الشهادات واملؤهالت املطلوبة‪.‬‬
‫ ‪-‬بعد تكويـن متخصص‪.‬‬
‫ ‪-‬عن طريق امتحان منهي أو فحص منهي‪.‬‬
‫ ‪-‬علــى ســبيل االختيــار عــن طريــق التســجيل فــي قائمــة التأهيــل‪ ،‬بعــد أخــذ رأي اللجنــة املتســاوية األعضــاء‪ ،‬مــن بي ــن‬
‫املوظفي ــن الذي ــن يثبتــون األقدميــة املطلوبــة‪.‬‬
‫وال يستفيد املوظف من التـرقية عن طريق التسجيل في قائمة التأهيل مرتيـن متتاليتيـن‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتحدد القوانيـن األساسية الخاصة كيفيات تطبيق أحكام هذه املادة‪.‬‬
‫وعليه تتمثل تـرقية املوظفيـن في الحق في الصعود إلى طبقة أو درجة أو رتبة أعلى‪ ،‬وهي بمثابة تعويض عن املجهود الذي قام‬
‫ً‬
‫كيفما كانت الرتبة التـي يؤول‬
‫ً‬ ‫بحيث‬ ‫ـر‪،‬‬ ‫ج‬‫األ‬ ‫زيادة‬ ‫ذلك‬ ‫عن‬ ‫وينتج‬ ‫لإلدارة‪.‬‬ ‫فعال‬ ‫به املوظف أثناء عمـله‪ ،‬ومقابل ما قدمه‬
‫ّ‬
‫إليها في طبقته الجديدة‪ ،‬فإن املوظف الذي يكون موضوع تـرقية ال يمكنه أن يتقا�ضى مرتبـا أقل من مرتبه القديم‪(((.‬‬
‫((( محمد أنس قاسم جعفر‪ .‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫((( رناي فريد‪ .‬حماية حقوق املوظف في النظام القانوني للوظيف العمومي الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل درجة املاجستير‪ ،‬في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة تيزي‬
‫وزو ‪ ،2005 ،‬ص ‪.143‬‬
‫‪227‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬
‫ّ‬
‫والطريقــة الت ــي انتهجهــا املشــرع للحكــم علــى مــدى كفــاءة املوظــف وتـرقيت ــه هــي إخضاعــه لنظــام تنقيــط ســنوي‪ .‬وت ــرجع‬
‫سلطة التنقيط إلى رئيس اإلدارة الذي يـراعي في تحديد النقط العددية املعلومات املهنيـة كالفعالية‪ ،‬اإلنتاج والسلوك‪.‬‬
‫ويجــب التميي ــز بي ــن نوعي ــن مــن الت ــرقية حســب املادتي ــن ‪ 106‬و‪ 107‬الســابق ذكرهمــا‪ ،‬أي الت ــرقية فــي الرتبــة والت ــرقية‬
‫فــي الدرجــة‪ ،‬وال تتــم الت ــرقية إال بإعــداد لوائــح الت ــرقي الت ــي تحصرهــا اإلدارة فــي كل ســنة‪ ،‬وتعرضهــا علــى اللجــان اإلداريــة‬
‫ّ‬
‫املتساوي ــة األعضــاء لــكل إطــار والت ــي تطلــع علــى النقــاط العدديــة للموظفي ــن‪ ،‬وكــذا املالحظــات املهنيـ ــة‪.‬‬
‫‪- -3‬االنتــداب‪ :‬هــو حــق يتمتــع بــه العمــال ويمارســونه فــي حــدود القواني ــن والتنظيمــات الســاري العمــل بهــا‪ ،‬وتكــون العمليــة‬
‫بي ــن إدارة ومثيلتهــا فــي صالــح املوظــف الــذي ي ــرغب فــي التمتــع بهــذا املكســب القانونــي‪ ،‬ملـ ّـدة ال تقــل عــن ســتة أشــهر وال‬
‫تفــوق خمــس ســنوات‪ .‬وبانتهــاء املـ ّـدة الت ــي حددتهــا الـقواني ــن والتنظيمــات املعمــول بهــا ينتهــي االنت ــداب‪ ،‬ويعــاد إدراج‬
‫ّ‬
‫املوظــف فــي ســلكه ومنصبــه األصلــي أو فــي منصــب مم ــاثل‪ .‬وفــي ح ــالة ع ــدم ت ــوافر م ــناصب مماثلــة ملن ــصبه‪ ،‬يـؤخ ــذ ول ــو‬
‫ـقرر تصــدره ال ــهيئة املــستخدم ــة‪ ،‬ويطلــق ع ــلى‬‫ك ــان زائ ـ ًـدا ع ــلى ع ــدد ال ــعمال امل ــطلوب‪ .‬وتت ــم ه ــذه ال ــعملية عــن ط ــريق م ـ ّ‬
‫هــذه ال ــحالة إعــادة اإلدمــاج بعــد االنتــداب‪.‬‬
‫‪- -4‬اإلحالــة ع ــلى االســتيداع‪ :‬تأت ــي عمليــة اإلحالــة ع ــلى االســتيداع عندمــا يكــون املوظــف قــد اســتنفد مــدة العطــل املرضيــة‬
‫والعطلــة طويلــة املــدى‪ ،‬ويكــون غي ــر قــادر علــى مواصلــة القيــام بمهامــه(((‪ .‬وقــد نــص املشــرع الج ـزائري علــى حــاالت‬
‫اإلحالــة علــى االســتيداع فــي األمــر رقــم ‪ ،03 /06‬الــذي يتضمــن القانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة فــي املــادة ‪ 146‬كمــا‬
‫يلــي‪:‬‬
‫تكون اإلحالة على االستيداع بقوة القانون في الحاالت اآلتية‪:‬‬
‫ ‪-‬في حالة تعرض أحد أصول املوظف أو زوجته أو أحد األبناء املتكفل بهم لحادث أو إلعاقة أو مرض خطيـر‪.‬‬
‫ّ‬
‫ ‪-‬للسماح للزوجة املوظفة بتـربية طفل يقل عمره عن خمس سنوات‪.‬‬
‫ّ‬
‫ ‪-‬للسماح للموظف بااللتحاق بـزوجته إذا اضطر إلى تغييـر إقامته بحكم مهنته‪.‬‬
‫ّ‬
‫ ‪-‬لتمكيـن املوظف من ممارسة مهام عضو مسيـر لحـزب سيا�سي‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتضيــف املــادة ‪ 148‬مــن القانــون نفســه أنــه‪« :‬يمكــن أن يســتفيد املوظــف مــن اإلحالــة علــى االســتيداع ألغ ـراض‬
‫شــخصية‪ ،‬الســيما للقيــام بدراســات أو أعمــال بحــث‪ ،‬بطلــب منــه‪ ،‬بعــد سنتي ــن مــن الخدمــة الفعليــة»‪ ،‬لكــن ال يجــب‬
‫أن تكــون تلــك األســباب الشــخصية خارجــة عــن القانــون كممارســته لعمــل آخ ــر‪ ،‬أو تجــارة بقصــد تحقيــق الربــح‪،‬‬
‫وهــذا مــا نصــت عليــه املــادة ‪« :150‬يمنــع املوظــف الــذي أحيــل علــى االســتيداع مــن ممارســة نشــاط مربــح مهمــا كانــت‬
‫طبيعتــه»‪ .‬بــل وأكث ــر مــن ذلــك تتمتــع اإلدارة بصالحيــات واســعة للتأكــد مــن أن املوظــف قــدم أسـ ً‬
‫ـبابا جديــة لإلحالــة علــى‬
‫االســتيداع‪ ،‬وهــذا مــا نصــت عليــه املــادة ‪« :151‬يمكــن لــإدارة ‪ -‬فــي أي وقــت ‪ -‬القيــام بتحقيــق للتأكــد مــن تطابــق اإلحالــة‬
‫علــى االســتيداع مــع األســباب الت ــي أحيــل مــن أجلهــا املوظــف علــى هــذه الوضعيــة»‪ .‬وتوجــد أحــكام قانونيــة أخ ــرى كثي ــرة‬
‫تتعلــق بهــذه الحالــة بالنســبة للموظفي ــن املنتدبي ــن‪ ،‬ومنهــا مــا نــص عليــه األمــر رقــم ‪ ،03 /06‬الــذي يتضمــن القانــون‬
‫األسا�ســي للوظيفــة العموميــة فــي املــادة ‪« :147‬إذا عي ــن زوج املوظــف فــي ممثليــة ج ـزائرية فــي الخــارج أو مؤسســة أو‬
‫ّ‬ ‫هيئــة دوليــة أو ّكلــف ّ‬
‫بمهمــة تعــاون‪ ،‬يوضــع املوظــف الــذي ال يمكنــه االســتفادة مــن االنتــداب فــي وضعيــة إحالــة علــى‬
‫االســتيداع بقــوة القانــون‪ .‬بغــض النظــر عــن أحــكام املــادة ‪ 149‬أدنــاه‪ ،‬تســاوي مـ ّـدة اإلحالــة علــى االســتيداع مـ ّـدة ّ‬
‫مهمــة‬
‫ّ‬
‫زوج املوظــف»‪ .‬إن اإلحالــة علــى االســتيداع بنـ ًـاء علــى الطلــب ال تخــول صاحبهــا أي حــق فــي األج ــرة‪.‬‬
‫ويتحــدد مدتهــا ً‬
‫وفقــا ملــا جــاء فــي نــص املــادة ‪ 149‬مــن األمــر رقــم ‪ 03 /06‬التاليــة‪« :‬تمنــح اإلحالــة علــى االســتيداع فــي‬
‫الحــاالت املنصــوص عليهــا فــي املــادة ‪ 146‬أعــاه‪ ،‬ملــدة دنيــا قدرهــا ســتة أشــهر‪ ،‬قابلــة للتجديــد فــي حــدود أقصاهــا خمــس‬
‫ّ‬
‫ســنوات خــال الحيــاة املهنيــة للموظــف‪.‬‬
‫((( رحماوي كمال‪ ،‬ضمانات تأديب املوظف العام في القانون الجزائري‪ ،‬رسالة لنيل درجة املاجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عنابة‪ ،1991 ،‬ص ص ‪.33-32‬‬
‫‪228‬‬
‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫تمنــح اإلحالــة علــى االســتيداع ألغ ـراض شــخصية املنصــوص عليهــا فــي املــادة ‪ 148‬أعــاه ملــدة دنيــا قدرهــا ســتة أشــهر‪،‬‬
‫ّ‬
‫قابلــة للتجديــد فــي حــدود سنتي ــن خــال الحيــاة املهنيــة للموظــف»‪ .‬وفــي كل الحــاالت الت ــي يخضــع فيهــا املوظــف لهــذه‬
‫الوضعيــة تكــرس اإلحالــة علــى االســتيداع بقـرار إداري فــردي يصــدر مــن الســلطة اإلداريــة املؤهلــة‪ ،‬وتــدرج نســخة مــن‬
‫الق ـرار داخــل ملفــه فــي إطــار إج ـراءات املتابعــة اإلداريــة ملسي ــرته الوظيفيــة‪ .‬وعنــد انتهــاء مــدة االســتيداع يعــاد إدراج‬
‫املوظــف فــي ســلكه‪ ،‬ويعــاد تعيينــه فــي منصبــه األصلــي أو فــي منصــب مماثــل ً‬
‫وفقــا ملــا جــاء فــي نــص املــادة ‪ 152‬مــن األمــر‬
‫رقــم ‪ 03 /06‬التاليــة‪« :‬يعــاد إدمــاج املوظــف بعــد انقضــاء فت ــرة إحالتــه علــى االســتيداع فــي رتبتــه األصليــة بقــوة القانــون‬
‫ولــو كان زائـ ًـدا عــن العــدد»‪.‬‬
‫‪- -5‬الخدمــة الوطنيــة‪ :‬تعــد الفت ــرة الت ــي يقضيهــا املوظــف أثنــاء تأديــة واجــب الخدمــة الوطنيــة بمثابــة حالــة انتــداب‪ ،‬وفــور‬
‫انتهــاء الفت ــرة يعــاد إدراج املوظــف فــي ســلكه ومنصبــه حســب الشــروط املعمــول بهــا واملحــددة مــن طــرف التشــريع(((‪ ،‬كمــا‬
‫إن املــدة الت ــي يقضيهــا املوظــف فــي الخدمــة الوطنيــة تدخــل فــي حســاب تعويــض الخب ــرة علــى أســاس املــدة املتوســطة‪.‬‬
‫ّ‬
‫حيــث يحتفــظ املوظــف فــي هــذه الوضعيــة بحقوقــه فــي الت ــرقية فــي الدرجــات والتقاعــد‪ .‬وال يمكنــه طلــب االســتفادة‬
‫ّ‬
‫مــن أي راتــب‪ ،‬مــع مراعــاة األحــكام التشــريعية والتنظيميــة الت ــي تحكــم الخدمــة الوطنيــة‪ .‬ثــم يعــاد إدمــاج املوظــف فــي‬
‫رتبتــه األصليــة عنــد انقضــاء فت ــرة الخدمــة الوطنيــة بقــوة القانــون ولــو كان زائـ ًـدا علــى العــدد‪ .‬ولــه األوليــة فــي التعيي ــن فــي‬
‫ـاغرا أو فــي منصــب معــادل لــه‪.‬‬ ‫املنصــب الــذي كان يشــغله قبــل تجنيــده إذا كان املنصــب شـ ً‬

‫املطلب الثاني ‪ -‬تنظيم نهاية املساراملنهي للموظف‬


‫إذا كانــت مــن شــروط انطبــاق وصــف املوظــف العــام هــو ممارســة عملــه بصفــة دائمــة‪ ،‬فــإن عالقــة العمــل تصادفهــا‬
‫ظــروف وحــاالت تجعــل الوظيفــة تنتهــي‪ ،‬ســواء أكان ذلــك بصفــة نهائيــة أم مؤقتــة قبــل بلــوغ موعدهــا القانونــي نتناولهــا فيمــا‬
‫يلــي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ -‬نهاية العالقة الوظيفية بصفة مؤقتة لعطلة مرضية طويلة املدى‬
‫ّ‬
‫قــد تــؤدي مجموعــة مــن األســباب إلــى اســتحالة التنفيــذ الفعلــي للمهــام مــن قبــل املوظــف نتيجــة العج ــز البدنــي أو‬
‫عاديــا أم بســبب حــادث عمــل‪-‬‬ ‫الفكــري الناتــج عــن حالــة مرضيــة مؤقتــة‪ ،‬فحالــة املــرض طويلــة املـ ّـدة ‪ -‬ســواء أكان هــذا املــرض ً‬
‫ّ‬
‫تــؤدي إلــى وقــف عالقــة العمــل وتجميــد آثارهــا إلــى غايــة الشــفاء الكلــي للعامــل‪ .‬حيــث يتــم التكفــل باملوظــف فــي هــذه الوضعيــة‬
‫مــن الناحيــة املاليــة والعالجيــة مــن هيئــة الضمــان االجتماعــي مــن خــال دفعهــا للتعويضــات اليوميــة الخاصــة بمصروفــات‬
‫ّ‬
‫العــاج والعنايــة الطبيعيــة طــوال فت ــرة االنقطــاع عــن العمــل(((‪ .‬واســتفادة املوظــف مــن التكفــل الكامــل مــن قبــل هيئــة الضمــان‬
‫االجتماعــي متوقــف علــى التقاري ــر الطبيــة وإكمــال اإلج ـراءات والفحــوص الطبيــة املقــررة قانونــا(((‪ .‬وفــي هــذه الحالــة مــن حــق‬
‫ُ‬
‫املوظــف املوجــود فــي وضعيــة املــرض الطويــل األمــد أن تعتمــد لــه الفت ــرة الت ــي قضاهــا فــي عطلــة املــرض الطويــل األمــد‪ ،‬ســواء فــي‬
‫الت ــرقية فــي الدرجــات أو فــي التقاعــد‪ ،‬حيــث تتــم ت ــرقية هــؤالء األعــوان باملـ ّـدة املتوســطة دون مراعــاة اإلج ـراءات املعمــول بهــا فــي‬
‫هــذا املجــال أي خــارج الجــدول‪.‬‬
‫((( انظر املادة ‪ 154‬من األمر رقم ‪ ،03 /06‬التي تنص «يوضع املوظف املستدعى ألداء خدمته الوطنية في وضعية تسمى «الخدمة الوطنية»‪ .‬ونص املادة‬
‫‪ 01‬من األمر رقم ‪ 103 – 74‬املؤرخ في ‪ 15‬نوفمبر ‪ 1974‬املتضمن قانون الخدمة الوطنية التي تنص «الخدمة الوطنية إلزامية لجميع األشخاص‬
‫املتمتعيـن بالجنسية الجزائرية والبالغيـن من العمر ‪ 19‬سنة»‪.‬‬
‫((( القانون ‪ 83/13‬املؤرخ في ‪ 02/07/83‬املتعلق بحوادث العمل واألمراض املهنية ج ر عدد ‪.28‬‬
‫((( أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجزائري‪ ،‬دار املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص‪.360‬‬
‫‪229‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬

‫الفرع الثاني‪ -‬نهاية العالقة الوظيفية بصفة دائمة‬


‫ً‬
‫أوال‪ -‬نهاية العالقة الوظيفية باإلحالة على التقاعد‬
‫التقاعــد هــو الطريــق العــادي إلنهــاء العالقــة الوظيفيــة‪ ،‬حيــث يفت ــرض أن يكــون املوظــف غي ــر قــادر علــى االســتمرار‬
‫بالقيــام بأعبــاء وظيفتــه‪ ،‬وهــذا بغــض النظــر عــن الطــرف صاحــب املبــادرة بطلــب إنهــاء عالقــة العمــل‪ .‬فــإن نهايــة الخدمــة‬
‫للعامــل ببلــوغ الســن املقــررة أمــر مؤكــد فــي الحيــاة الوظيفيــة(((‪ ،‬وهــو ســبب ال دخــل لــه إلرادة العامــل فيــه‪ .‬وقــد حــدد القانــون‬
‫الخــاص بتقاعــد املوظفي ــن شرطي ــن أساسيي ــن‪:‬‬
‫‪ -‬أشــرط الســن‪ :‬بالنســبة للرجــل ببلــوغ ستي ــن ســنة‪ ،‬وللنســاء ببلــوغ خمســة وخمسي ــن ســنة‪ .‬إلــى أن تســتفيد العامــات‬
‫الت ــي َّربي ــن ولـ ًـدا أو عـ ّـدة أوالد طيلــة تســع ســنوات علــى األقــل مــن تخفيــض فــي الســن علــى أســاس ســنة واحــدة عــن كل‬
‫يطبــق شــرط الســن فــي بعــض الحــاالت املذكــورة فــي املــواد ‪،21 ،09 ،07‬‬ ‫ـتثناء ال ّ‬
‫ولــد‪ ،‬وذلــك فــي حــدود ثــاث ســنوات‪ ،‬واسـ ً‬
‫و‪ 24‬ف ‪ 2‬مــن القانــون رقــم ‪83./ 12‬‬
‫‪ -‬بشــرط مـ ّـدة العمــل‪ :‬هــو قضــاء فت ــرة خمــس عشــرة ســنة خدمــة فعليــة شــرط أن يكــون قــد سـ ّـدد جميــع االشت ـراكات‬
‫املت ــرتبة عليــه‪ ،‬وأن تكــون إدارتــه قــد ســاهمت فــي تمويــل الصنــف الــذي تنتمــي إليــه‪ ،‬وعليــه ال يمكــن اإلحالــة إلــى التقاعــد‬
‫إال إذا توافــر شــرطان‪ ،‬الســن والخدمــة ً‬
‫معــا‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬نهاية العالقة الوظيفية بسبب الوفاة‬
‫الوفــاة مــن األســباب القانونيــة إلنهــاء عالقــة العمــل‪ ،‬ويمكــن أن تكــون الوفــاة طبيعيــة ال عالقــة لهــا بالعمل‪.‬ومــن ثــم ال‬
‫يت ــرتب علــى املســتخدم أي الت ـزام‪ ،‬إال مــا تقــرره قواني ــن التأمينــات االجتماعيــة فيمــا يتعلــق بمنحــة الوفــاة‪ ،‬وبالتالــي ال يت ــرتب‬
‫علــى ذوي الحقــوق إزاء املســتخدم أي حــق‪ .‬أمــا إذا كانــت الوفــاة ناتجــة عــن حــادث عمــل أو مــرض منهــي كمــا هــي محــددة فــي‬
‫القانــون الخــاص بحــوادث العمــل واألم ـراض املهنيــة‪ ،‬ففــي هــذه الحالــة تبقــى آثــار عالقــة العمــل املاديــة املتمثلــة فــي املعــاش‬
‫وفقــا لنــص املادتي ــن ‪ 52‬و‪ 57‬مــن القانــون رقــم ‪ّ ،13/83‬‬
‫ويكيــف‬ ‫أو بــع الوفــاة ماديــة املفعــول ومســتمرة لــذوي الحقــوق ً‬
‫ر‬
‫ً‬
‫الحــادث علــى أنــه حــادث عمــل إذا كان مطابقــا ملــا جــاء فــي نــص املــادة ‪ 07‬مــن القانــون الســالف الذكــر‪ .‬أمــا فيمــا يخــص إثبــات‬
‫الوفــاة الناتجــة عــن حــادث العمــل‪ ،‬فيجــب اتبــاع إج ـراءات مهمــة كمعاينــة الحــادث‪ ،‬والتصريــح بــه‪ ،‬والنظــر فــي امللــف ومعاينــة‬
‫اإلصابــات‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ -‬نهاية العالقة الوظيفية بالتسريح‬
‫ّ‬
‫يقــع علــى عاتــق املوظــف بمج ــرد التوظيــف مجموعــة مــن االلت ـزامات‪ ،‬يت ــرتب عــن اإلخــال بهــا عقوبــات تأديبيــة‪ ،‬لكــن هــذا‬
‫ّ‬
‫التأديــب قــد أحاطــه املشــرع بضمانــات تحمــي املوظــف مــن تعســف الســلطة اإلداريــة تطبيقــا ملبــدأ الشــرعية املتضمــن ســيادة حكــم‬
‫القانــون‪ .‬فحســب املرســوم رقــم‪ 59/85‬الســيما املــادة ‪ 124‬منــه‪ ،‬يعتب ــر التســريح التأديب ــي مــن أكب ــر العقوبــات التأديبيــة‪ ،‬ولهــذا‬
‫ّ‬
‫أحاطها املشــرع بحماية خاصة‪ ،‬بحيث أســندت ســلطة التســريح التأديب ــي للجنة املتســاوية األعضاء مع إعطاء املوظف الضمانات‬
‫ويكيــف التســريح حســب جســامة الخطــأ‪ ،‬حيــث يمكــن أن يكــون مــع إشــعار ســابق وتعويضــات أو دونهــا‪.‬‬ ‫للدفــاع عــن نفســه‪ّ .‬‬
‫‪ -‬أالتســريح التأديبــي‪ :‬يقصــد بالتســريح التأديب ــي ذلــك التســريح الــذي يتــم فــي حالــة اإلخــال بالواجبــات الوظيفيــة‬
‫مرتكبا للجـريمة متـى أخل بالتـزاماته القانونية‪ ،‬وتقوم الجـريمة على ركنيـن‬ ‫ً‬ ‫املنصوص عليها قانونا(((‪ ،‬ويعتبـر املوظف‬
‫أساسيي ــن‪ ،‬همــا‪:‬‬
‫ ‪-‬الركــن املــادي‪ :‬يتجلــى هــذا الركــن فــي الفعــل الــذي ي ــرتكبه املوظــف‪ ،‬ويتمثــل فــي اإلهمــال لواجباتــه الت ــي تدخــل فــي إطــار‬
‫((( انظر د‪ .‬نعيم عطية‪ ،‬انتهاء الخدمة ببلوغ السن القانونية ً‬
‫وفقا لنظام العامليـن املدنييـن بالدولة وبالقطاع العام‪ ،‬مجلة العلوم اإلدارية‪ ،‬السنة‬
‫العاشرة‪ ،‬العدد األول‪ ،1968 ،‬ص‪.109‬‬
‫((( راجع املادتيـن ‪ 23‬و‪ 24‬من املرسوم ‪ 85/59‬املؤرخ في ‪ ،23/03/1985‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫وظيفته‪ ،‬ويشت ــرط أن يكون للفعل املادي وجوده الظاهر وامللموس‪ ،‬ألن القانون ال يعاقب على التفكي ــر والنوايا‪،‬‬
‫لذلك ال يجوز تهمة املوظف دون مب ــرر‪.‬‬
‫ً‬
‫ ‪-‬الركن املعنوي‪ :‬يتحقق الركن املعنوي متـى كانت اإلدارة آثمة أي أن يكون املوظف مدركا لخطئه أو للمخالفة التـي‬
‫ي ــرتكبها متعمـ ًـدا‪ ،‬لكــن اإلدارة عنصــر الزم ليتحقــق الركــن املعنــوي ألن الج ــريمة التأديبيــة كالج ــريمة الجنائيــة تقــوم‬
‫علــى أســاس الخطــأ‪ ،‬فــإذا لــم يتوافــر هــذا الركــن فــا ج ــريمة وال عقوبــة‪ ،‬ألن الفعــل صــدر عــن غي ــر اختيــاره‪ ،‬وتنتمــي‬
‫املســئولية اإلداريــة فــي الحــاالت التاليــة واملتمثلــة فــي‪ :‬حالــة الضــرورة‪ ،‬واإلك ـراه املــادي واملعنــوي‪ ،‬والقــوة القاهــرة‪،‬‬
‫والحــادث املفاجــئ‪ ،‬وكــذا فقــدان اإلدراك والتميي ــز‪ ،‬ولكــن ال يمكــن إعفــاء املوظــف مــن العقوبــة التأديبيــة مت ــى تعلــق‬
‫ّ‬ ‫األمــر بعــدم فهــم القانــون أو الواقــع الــذي ال يعتب ــر مب ـ ً‬
‫ـررا‪ ،‬أو التحجــج بكث ــرة األعمــال املكلــف بهــا‪ ،‬والت ــي يمكــن أن‬
‫ّ‬
‫تكــون كعــذر مخفــف يت ــرتب عليــه تخفيــف العقوبــة‪ ،‬ال إلغاؤهــا‪ .‬وباإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬فــإن املوظــف ال يعــذر بجهــل‬
‫أســباب إيقافه والتعليمات الت ــي من املفروض أن يكون على علم بها‪ ،‬وبالتالي يتحقق التســريح التأديب ــي مت ــى توافر‬
‫وفقــا لإلج ـراءات املنصــوص عليهــا فــي األمــر رقــم ‪ 03/06‬الســالف الذكــر‪.‬‬ ‫الركــن املــادي واملعنــوي ً‬

‫‪ -‬بالتسريح غيـرالتأديبي‪:‬‬
‫ ‪-‬التســريح بســبب فقــدان الجنســية‪ :‬حــدد القانــون األسا�ســي للوظيفــة العموميــة شــروط التوظيــف فــي املــادة ‪ 25‬مــن‬
‫األمــر رقــم ‪ 133/66‬واملــادة ‪ 31‬مــن املرســوم رقــم ‪ ،59/85‬ومنهــا شــرط الجنســية‪ ،‬إذ ال يمكــن ألي شــخص أن يعي ــن‬
‫فــي وظيفــة عموميــة مــا لــم يكــن يتمتــع بالجنســية الج ـزائرية‪ ،‬ســواء أكانــت أصليــة أم مكتســبة‪ ،‬والت ــي تعتب ــر رابطــة‬
‫تبعيــة سياســية وقانونيــة بي ــن الشــخص والدولــة‪ ،‬أي رابطــة االنتمــاء‪ .‬وفقــدان الجنســية أو التج ــريد منهــا يــؤدي إلــى‬
‫فقــدان العالقــة بي ــن املوظــف واإلدارة‪ .‬ومــن آثــار الفقــدان أو التج ــريد مــن الجنســية ح ــرمان املوظــف مــن جميــع‬
‫الحقــوق الت ــي كان يتمتــع بهــا كمواطــن الســيما الحــق فــي الوظيفــة دون أي تعويــض‪.‬‬
‫ ‪-‬التســريح بســبب فقــدان الحقــوق املدنيــة‪ :‬إن فقــدان املوظــف لح ــريته بســبب حكــم قضائــي أو تدبي ــر احتياطــي أو‬
‫الحكــم عليــه بعقوبــة ســالبة للح ــرية كالحبــس أو الســجن النافذي ــن يضــع املوظــف فــي وضــع يســتحيل معــه ممارســة‬
‫مهامــه‪ ،‬ويــؤدي إلــى إنهــاء عالقتــه الوظيفيــة‪ .‬أمــا إذا ثبتــت براءتــه بموجــب حكــم قضائــي نهائــي يمكنــه العــودة إلــى‬
‫منصــب عملــه مــع تعويضــه عــن فت ــرة التوقيــف االحتياطــي إذا اســتلزم األمــر‪ .‬ولهــذا اعتبــرت املــادة ‪ 75‬مــن األمــر رقــم‬
‫ً‬
‫‪ 03/06‬التمتع بالحقوق املدنية شــرطا من شــروط التوظيف‪ ،‬بل وشــرط لالحتفاظ بهذه الوظيفة‪ ،‬لذلك يشت ــرط‬
‫فــي ملــف طلــب التعيي ــن بطاقــة الســوابق العدليــة‪.‬‬
‫ر ً‬
‫ابعا‪ -‬إنهاء العالقة الوظيفية باالستقالة‬
‫االســتقالة فقــدان إرادي للوظيفــة بطلــب مــن املوظــف‪ ،‬بحيــث تنتهــي الخدمــة فيهــا بقـرار إداري‪ ،‬فاملوظــف الــذي يقــدم‬
‫اســتقالته يفص ــح عــن إرادتــه فــي ت ــرك الخدمــة قبــل ســن التقاعــد(((‪ ،‬واالســتقالة حــق لــكل موظــف وتخضــع لشــروط شــكلية‬
‫حددهــا املشــرع الج ـزائري فيمــا يلــي‪:‬‬‫لقبولهــا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫طلبا كتاب ًـيا يفصـح فيه عن رغبته في االستقالة‪.‬‬ ‫املوظف ً‬ ‫ ‪-‬أن يقدم‬
‫ ‪-‬أن ي ــرسل طلبــه إلــى الســلطة الت ــي لهــا صالحيــة التعيي ــن عــن طريــق الســلم اإلداري‪ ،‬ويظــل ً‬
‫مكلفــا بواجباتــه إلــى حي ــن‬
‫البــت فــي طلبــه‪.‬‬
‫ ‪-‬تت ــرتب آثارهــا بمج ــرد قبولهــا مــن طــرف الســلطة املختصــة وتعطــي مهلــة للطرفي ــن اإلدارة واملوظــف‪ ،‬فاألولــى التخــاذ‬
‫التدبي ـرات الالزمــة لتعويــض املوظــف املســتقيل‪ ،‬والثانــي قصــد مراجعــة نفســه وإعــادة النظــر فــي ق ـراره‪ ،‬علــى أال‬
‫تتعــدى ثالثــة أشــهر‪ ،‬بحيــث تصبــح بعــد ذلــك نهائيــة‪.‬‬
‫((( محمد أنس قاسم‪ .‬مذكرات في الوظيفة العامة‪ ،‬الطبعة ‪ .2‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،1989 ،‬ص ‪.152‬‬
‫‪231‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬
‫ً‬
‫خامسا‪ -‬إنهاء العالقة الوظيفية بالعزل‬
‫هــو إنهــاء الحيــاة املهنيــة للموظــف‪ ،‬ووضــع حـ ّـد لعالقــة املوظــف بــاإلدارة الت ــي باشــر فيهــا نشــاطه‪ ،‬باعتبارهــا عقوبــة‬
‫املوظــف الــذي ي ــرتكب خطــأ مهنيــا جسـ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ـيما‪ .‬والعــزل هــو مــن أق�ســى العقوبــات التأديبيــة نظـ ًـرا‬ ‫تأديبيــة خطي ــرة توقــع علــى‬
‫لخطورتهــا‪ ،‬فــا يتــم العــزل إال إذا وافقــت لجنــة املوظفي ــن ‪ -‬أي اللجنــة املتســاوية األعضــاء ‪ -‬علــى عــزل املوظــف‪ ،‬أي أن رأيهــا‬
‫ّ‬
‫فــي هــذه الحالــة ملــزم لجهــة اإلدارة‪ .‬يتضمــن ق ـرار العــزل منــع املوظــف مــن االلتحــاق بــأي وظيفــة عامــة‪ ،‬ويصــدر فــي الحــاالت‬
‫التاليــة‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬أفــي حالــة إهمــال املنصــب‪ :‬يت ــرتب عــن كل غيــاب غي ــر مب ــرر للموظــف ملــدة تتجــاوز‪ 48‬ســاعة إهمــال للمنصــب‪ ،‬حيــث‬
‫ّ‬
‫يوجــه للموظــف املعنــي تنبيــه‪ ،‬أي إعــذار‪ ،‬مــع إشــعار بالتســلم ليلتحــق بعملــه‪ ،‬وإذا لــم يســتجب بعــد انقضــاء مــدة ‪48‬‬
‫ســاعة مــن تســلمه رســالة اإلعــذار‪ ،‬تحــال الوضعيــة علــى اللجنــة املتســاوية األعضــاء‪ ،‬وجــاء املنشــور رقــم ‪ 1024‬املــؤرخ‬
‫ّ‬
‫فــي ‪ 1993/12/21‬املتعلــق باإلج ـراءات الخاصــة املوجهــة للموظفي ــن املتخلي ــن عــن مناصــب عملهــم‪ ،‬فيكــون بإرســال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إعذاري ــن‪ ،‬األول والثانــي فــي خــال ‪ 48‬ســاعة إلــى آخ ــر عنــوان معــروف بــه املوظــف مؤشــر عليــه مــن مصالــح الب ــريد‪،‬‬
‫تطبيقــا للمــادة ‪ 130‬مــن املرســوم رقــم ‪ 59/85‬املــؤرخ فــي‬ ‫ً‬ ‫وخــال توقيــف املعنــي باألمــر ال يتقا�ضــى أي راتــب مــا عــدا املنــح‬
‫‪ ،1985/03/23‬وبعــد مــرور مــدة شهري ــن مــن تاريــخ التوقيــف ولــم يلتحــق بعملــه‪ ،‬يت ــرتب علــى ذلــك العــزل‪ .‬وفــي حالــة مــا‬
‫املوظف ً‬ ‫ّ‬ ‫إذا ّ‬
‫طلبا لإلعادة إلى منصبه خالل فتـرة توقيفه عن العمل‪ ،‬يمكن أن يعاد إدماجه بعد أخذ رأي اللجنة‬ ‫قدم‬
‫تطبيقــا للنصــوص الســارية املفعــول‪ ،‬ولكــن إذا قــدم طلــب الرجــوع إلــى منصــب عملــه‬ ‫ً‬ ‫التأديبيــة الت ــي تنظــر فــي وضعيتــه‬
‫بعــد مــرور فت ــرة التوقيــف عــن العمــل أو بعــد العــزل للتخلــي عــن املنصــب‪ ،‬فــإن وضعيتــه ال يمكــن أن تعــرض علــى اللجنــة‬
‫التأديبيــة إال إذا ب ــرر غيابــه لقــوة قاهــرة‪ ،‬وفــي هــذه الحالــة األخي ــرة لــإدارة واللجنــة التأديبيــة التحقــق مــن األســباب الت ــي‬
‫قدمهــا املوظــف‪ ،‬وذلــك إمــا لتأكيــد قـرار العــزل أو لتأجيلــه‪ ،‬وتعتب ــر فت ــرة الغيــاب غي ــر مــؤداه‪ ،‬وال تســتحق أج ـ ًـرا‪.‬‬
‫‪ -‬بعــدم االلتحــاق بعــد نهايــة مــدة اإلحالــة علــى االســتيداع‪ :‬عنــد انتهــاء مــدة اإلحالــة علــى االســتيداع فــي أي حالــة مــن‬
‫متخليا عن منصبه‬‫ً‬ ‫سابقا ولم يتقدم املوظف بطلب إعادة إدماجه في اآلجال القانونية‪ ،‬يعتب ــر‬ ‫الحاالت الت ــي ذكرناها ً‬
‫ً‬
‫ومهمــا لــه‪ ،‬ونتيجــة لذلــك يمكــن لــإدارة عزلــه بعــد القيــام باإلج ـراءات القانونيــة املعمــول بهــا‪.‬‬
‫‪ -‬جبسبب فقدان الحقوق املدنية وفقدان الجنسية أو التجـريد منها‪:‬‬
‫ ‪-‬ســبب فقــدان الحقــوق املدنيــة ‪:‬حــددت املــادة ‪ 75‬مــن األمــر رقــم ‪ 03/06‬شــروط التوظيــف‪ ،‬بحيــث ال يمكــن ٍ‬
‫ألي‬
‫كان أن يوظــف فــي وظيفــة عموميــة مــا لــم تتوافــر فيــه الشــروط املنصــوص عليهــا‪ ،‬فــإذا وظــف فــي منصــب معي ــن‬
‫يفت ــرض دوام توافــر تلــك الشــروط وفقــدان املنصــب فــي الحالــة العكســية‪ ،‬الســيما لألســباب التاليــة‪:‬‬
‫ ‪-‬بسبب فقدان الجنسية‪ :‬يفقد كل مواطن الجنسية الجـزائرية في الحاالت التالية‪:‬‬
‫•اكتساب الجنسية األجنبية طواعية‪ ،‬وإذن له بالتخلي عن الجنسية الجـزائرية بموجب مرسوم‪.‬‬
‫•عــدم اســتجابته لإلنــذار الــذي يوجــه لــه مــن الحكومــة الج ـزائرية للتخلــي عــن الوظيفــة فــي بلــد أجنب ــي‪ ،‬أو عضويتــه‬
‫فــي منظمــة دوليــة ليســت الج ـزائر عضـ ًـوا فيهــا‪.‬‬
‫•املرأة الجـزائرية التـي تكسب جنسية زوجها األجنبـي‪ ،‬وإذن لها بالتخلي عن الجنسية الجـزائرية بموجب مرسوم‪.‬‬
‫ ‪-‬بسبب التجـريد من الجنسية‪ :‬يفقد املوظف وظيفته متـى تم تجـريده من الجنسية في الحــاالت التالية‪:‬‬
‫•صدور الحكم على جـزائري الرتكابه عمل يعد جناية أو جنحة تمس بأمن الدولة‪.‬‬
‫مضر بمصلحة الدولة الجـزائرية لصالح دولة أجنبية‪ .‬أو أي جهة أجنبية أخـرى(((‪.‬‬ ‫•إذا قام بعمل ٍ‬
‫((( أمر رقم ‪ ،05-01‬مؤرخ في ‪ّ ،27/02/2005‬‬
‫يعدل ّ‬
‫ويتمم األمر رقم ‪ ،86-70‬مؤرخ في ‪ ،15/12/1970‬يتضمن قانون الجنسية‪ ،‬ج ر عدد ‪.15‬‬
‫‪232‬‬
‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫خاتم ــة‬
‫ـوردا فهــو عنصــر مفتاح ــي وأســاس‬ ‫مهمــا‪ ،‬وباعتبــاره مـ ً‬
‫يعتب ــر املوظــف العمومــي فــي كل التشــريعات والقواني ــن عنصـ ًـرا ً‬
‫سي ــر املرافــق العموميــة‪ ،‬لذلــك تهتــم مصلحــة إدارة املــوارد البشــرية فــي كل إدارة ومؤسســة بتنظيــم حياتــه الوظيفيــة أو‬
‫املهنيــة‪ .‬وألن العالقــة الوظيفيــة بي ــن املوظــف والجهــة املســتخدمة ت ــرتكز علــى عــدة مبــادئ قانونيــة كاملســاواة فــي االلتحــاق‬
‫وقاعــدة تــوازي األشــكال‪ ،‬فــإن الحيــاة املهنيــة كلهــا تخضــع فــي تنظيمهــا إلج ـراءات وقواعــد ووثائــق ثبوتيــة‪ ،‬وللتخطيــط ولتنظيــم‬
‫املحكمي ــن‪.‬‬
‫إن تخطيــط وتنميــة املســار الوظيفي مــن املصطلحــات الحديثــة علــى مجــال إدارة املــوارد البشــرية‪ ،‬باعتبــار هــذا املســار‬
‫ُ‬
‫إحــدى الوظائــف الت ــي تعنــى بإحــداث توافــق وتطابــق بي ــن الفــرد واملؤسســة مــن جهــة‪ ،‬وبي ــن الوظائــف الت ــي يشــغلها كل واحــد‬
‫منهــم مــن جهــة أخ ــرى‪ ،‬وذلــك بغــرض أسا�ســي هــو تحقيــق أهــداف اإلدارة واملؤسســات فــي اإلنتاجيــة‪ ،‬وتحقيــق أهــداف األفـراد‬
‫فــي الرضــا عــن العمــل واألج ــر‪.‬‬
‫فلتخطيــط املســار الوظيفــي للموظفي ــن وتنظيمــه أهميــة بالغــة‪ ،‬لــذا أكــدت الدارســات علــى أهميــة املســار الوظيفــي‬
‫للموظف‪ ،‬مما ينعكس على أدائه في وظيفته وتطلعاته وأهدافه املنشودة‪ ،‬لكن املشكلة تتمثل في معرفة مدى إملام املوظف‬
‫بمفهــوم املســار الوظيفــي‪ ،‬وكيفيــة تطوي ــره‪ ،‬بمــا يحقــق التوافــق التــام بي ــن املوظــف ووظيفتــه‪ .‬كمــا إن وجــود ب ــرنامج طويــل‬
‫األجــل لتخطيــط وتطوي ــر املســارات الوظيفيــة للعاملي ــن يســاعد فــي تحقيــق الفعاليــة التنظيميــة فــي إدارة املــوارد البشــرية‪،‬‬
‫وخاصــة ّأن التخطيــط للمــوارد البشــرية ال بــد أن يهــدف إلــى حــل مشــكلة الكــم والنــوع فــي املــوارد‪ ،‬وهــذا يقت�ضــي تحديــد الصــورة‬
‫ّ‬
‫الت ــي يخطــط لتكــون عليهــا الوظائــف ومواصفــات املوظفي ــن الحاليــة واملســتقبلية‪.‬‬
‫وطبقــا لنظريــة النظــم فهــي نظــام مفتــوح ومتفاعــل مــع‬ ‫وبمــا أن املؤسســات واإلدا ات بمختلــف أنواعهــا وأحجامهــا‪ً ،‬‬
‫ر‬
‫املحيط الخارجي‪ ،‬فهي متغيـر وبحاجة ألن تكون كذلك لضمان االستمرارية‪ ،‬واملورد البشري من أهم عناصر هذا التغييـر‪،‬‬
‫هاما في مختلف عمليات التغييـر داخل هذه املؤسسات‬ ‫دورا ً‬‫لذلك تلعب إدارة املوارد البشرية ‪ -‬باعتبارها وحدة تنظيمية ‪ً -‬‬
‫واإلدارات‪ .‬وبالرغــم مــن كــون إدارة املــوارد البشــرية فــي التشــريع الج ـزائري يســيطر علــى طابــع مهامهــا البعــد اإلداري والقانونــي‬
‫فــي التسيي ــر العــام للموظفي ــن والعاملي ــن‪ ،‬فهــي تقــوم بذلــك ضمــن خطــة است ـراتيجية لتوليــد طاقــة الكفــاءات لضمــان الجــودة‬
‫واملردوديــة والتمي ــز فــي األداء‪.‬‬

‫النتائج‪:‬‬
‫ ‪-‬بالنظــر إلــى واقــع الثقافــة التنظيميــة الت ــي ال ت ـزال عاج ــزة أو قاصــرة عــن توفي ــر املنــاخ املالئــم لتشــجيع املوظفي ــن أو‬
‫العاملي ــن فــي املؤسســات واإلدارات لتقديــم أفضــل مــا لديهــم‪ ،‬بســبب كونهــا ال ت ـزال تعانــي مــن عــدم وضــوح الرؤيــة‬
‫ألهدافهــا‪ .‬ومــن خــال مــا تقــدم‪ ،‬يتض ــح لنــا أنــه فيمــا يتعلــق باملــوارد البشــرية وحجمهــا فــي املنظمــات الحكوميــة‪،‬‬
‫يجــب أن تكــون هنــاك عمليــة إعــادة توزيــع واســتغالل للمــوارد البشــرية الحاليــة وتوجيههــا نحــو األهــداف املطلوبــة‪،‬‬
‫مــع توفي ــر التدريــب املناســب للحصــول علــى مــوارد جديــدة مؤهلــة عــن طريــق تفعيــل ب ــرنامج تطوي ــر القطــاع العــام‪،‬‬
‫وتوفي ــر التدريــب املســتمر لوضــع الشــخص املناســب فــي املــكان املناســب‪ ،‬بنـ ًـاء علــى أســس الجــدارة واالســتحقاق‬
‫الوظيفــي‪.‬‬
‫ ‪ّ -‬إن حملــة اإلصالحــات االقتصاديــة والسياســية الت ــي انتهجتهــا الج ـزائر بقيــت قاصــرة ولــم تمتــد إلــى كل املجــاالت‪،‬‬
‫ـدودا ولــم يجـ ِـار مجــاالت اإلصــاح األخ ــرى‪ .‬فالسياســات واإلج ـراءات‬ ‫الســيما مجــال املــوارد البشــرية الــذي بقــي محـ ً‬
‫حاليــا ال ت ـزال دون مســتوى الطموحــات‪ ،‬وال تعكــس املمارســات املثلــى فــي هــذا‬ ‫الخاصــة باملــوارد البشــرية املطبقــة ً‬
‫وفقــا ملنهجيــة علميــة ودقيقــة‪ ،‬األمــر الــذي‬‫املجــال‪ .‬فتخطيــط املــوارد البشــرية فــي الج ـزائر ‪ -‬وإلــى حـ ّـد بعيــد‪ -‬ال يتــم ً‬
‫يت ــرتب عليــه عــدم تمكــن املؤسســات واإلدارات مــن تحديــد احتياجاتهــا املتوقعــة مــن األعــداد واملهــارات والخب ـرات‬
‫العلميــة الالزمــة لتحقيــق أهدافهــا‪ ،‬أو حت ــى عــدم تمكنهــا مــن تحديــد الفائــض منهــا‪.‬‬
‫‪233‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬

‫ ‪ّ -‬إن معانــاة الج ـزائر مــن تدنــي مســتوى األداء واإلنتاجيــة وتض ــخم جهازهــا الوظيفــي ‪ -‬بدليــل أزمــة التوظيــف‪ -‬نتجــت‬
‫عــن ســوء التخطيــط والتعامــل مــع املــوارد البشــرية فــي املراحــل املاضيــة والحاليــة‪ ،‬ونتجــت عــن عــدم التطلــع علــى‬
‫العالــم الخارج ــي‪ ،‬وإلــى مــا توصلــت إليــه تجــارب الــدول املتقدمــة مــن نتائــج مذهلــة فــي مجــال إدارة املــوارد البشــرية‪.‬‬

‫االقتـراحات والتوصيات‬
‫ّ‬
‫واملفصــل ملوضــوع تنظيــم املســار املنهــي للموظــف‪ ،‬ومــدى االهتمــام بــإدارة املــوارد البشــرية‬ ‫مــن خــال العــرض الســابق‬
‫ي‬
‫الــذي أج ــريناه علــى ضــوء التشــريع الج ـزائر ‪ ،‬يمكــن الخ ــروج ببعــض االقت ـراحات التاليــة‪:‬‬
‫ ‪-‬منح إدارة املوارد البشرية األهمية‪ ،‬مثلها مثل باقي الوحدات التنظيمية في املؤسسات‪ ،‬والسيما أن دورها مفتاحـي‬
‫َ‬
‫بالنسبة لنجاح تسييـرها‪ ،‬فوظيفتها نظم مختلف األنشطة التـي لها عالقة بتسييـر النظام االجتماعي للمؤسسة‪.‬‬
‫ ‪-‬فتــح اآلفــاق أمــام إدارة املــوارد البشــرية‪ ،‬وضمــان أداء مهامهــا ضمــن خطــة است ـراتيجية لتوليــد طاقــة الكفــاءات‬
‫والجــودة واملردوديــة والتمي ــز فــي األداء‪ ،‬بغــض النظــر عــن البعــد اإلداري والقانونــي فــي التسيي ــر العــام للموظفي ــن‬
‫والعاملي ــن‪.‬‬
‫ ‪-‬تعيي ــن الشخص املناسب في املكان املناسب‪ ،‬وضمان تساوي الحظوظ بي ــن املتـرشحي ــن للمناصب وللت ــرقية بتبني‬
‫املوضوعيــة فــي التعامــل مــع امللفــات والطلبــات‪.‬‬
‫ ‪-‬يجب أن يتما�شى عدد العمال في املؤسسة مع املعاييـر املوضوعة لها‪.‬‬
‫ ‪-‬إعــداد ب ـرامج تكوينيــة وتدريبيــه متخصصــة فــي مجــال تنميــة الكفــاءات اإلداريــة أو التنفيذيــة‪ ،‬مــع ربــط عمليــات‬
‫التكوي ــن بالت ــرقية‪ ،‬لخلــق روح املنافســة بي ــن املــوارد البشــرية وتوليــد طاقــة كل فــرد فــي املؤسســة‪.‬‬
‫ ‪-‬خلــق روح املســئولية لــدى املوظــف بمــا يجعلــه يحــس بمــدى مســئوليته داخــل املؤسســة‪ ،‬والســيما بمعاقبــة كل مــن‬
‫يقــوم بأعمــال تحــد أو تعرقــل مــن السي ــر الحســن للمؤسســة‪.‬‬
‫ ‪-‬التطلــع إلــى العالــم الخارج ــي‪ ،‬وإلــى مــا توصلــت إليــه الــدول مــن تجــارب فــي مجــال إدارة املــوارد البشــرية وتنظيــم‬
‫املســارات املهنيــة للموظفي ــن‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫املجلة العربية لإلدارة‪ ،‬مج ‪ ،38‬ع‪ - 1‬مارس (آذار) ‪2018‬‬

‫املراجع‬
‫ً‬
‫أوال ‪ -‬مراجع باللغة العربية‬
‫ ‪-‬نادر أحمد أبو شيخة‪ .)2010( .‬إدارة املوارد البشرية‪ ...‬إطارنظري وحاالت عملية‪ .‬دار صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫ ‪-‬مصطفى الشريف‪ .)1981( .‬أعوان الدولة‪ .‬الشركات الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجـزائر‪.‬‬
‫ ‪-‬محمــد أنــس قاســم جعفــر‪ .)1984( .‬مبــادئ الوظيفــة العامــة وتطبيقهــا علــى التشــريع الج ـزائري‪ .‬ديــوان املطبوعــات‬
‫الجامعيــة‪ ،‬الج ـزائر‪.‬‬
‫ ‪-‬سهيلة محمد عباس؛ علي حسيـن علي‪ .)2007( .‬إدارة املوارد البشرية‪ .‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫ ‪-‬أحمية سليمان‪ ،‬التنظيم القانوني لعالقات العمل في التشريع الجـزائري‪ .‬دار املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجـزائر‪.‬‬
‫ ‪-‬محمد أنس قاسم‪ .)1989( .‬مذكرات في الوظيفة العامة‪ .‬ط ‪ .2‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجـزائر‪.‬‬
‫ ‪-‬رقــام لينــدة‪ .)2014( .‬دور املــوارد البشــرية فــي تسيي ــر التغيي ــر فــي املؤسســات االقتصاديــة الكب ــرى فــي واليــة ســطيف‪ .‬أطروحــة‬
‫لنيــل درجــة الدكتــوراه فــي العلــوم‪ ،‬كليــة العلــوم االقتصاديــة‪ ،‬جامعــة ســطيف‪ ،‬الج ـزائر‪.‬‬
‫ ‪-‬رنــاي فريــد‪ .)2005( .‬حمايــة حقــوق املوظــف فــي النظــام القانونــي للوظيــف العمومــي الج ـزائري‪ ،‬رســالة لنيــل درجــة‬
‫املاجستي ــر‪ ،‬فــي القانــون‪ ،‬كليــة الحقــوق‪ ،‬جامعــة تي ــزي وزو‪.‬‬
‫ ‪-‬رحمــاوي كمــال‪ .)1991( .‬ضمانــات تأديــب املوظــف العــام فــي القانــون الج ـزائري‪ ،‬رســالة لنيــل درجــة املاجستي ــر‪ ،‬كليــة‬
‫الحقــوق‪ ،‬جامعــة عنابــة‪.‬‬
‫ ‪-‬األمـر رقم ‪ ،133 /66‬املؤرخ في ‪ 02‬جوان (يوليو) ‪ ،1966‬يتضمن القانون العام للوظيفة العمومية امللغى‪ ،‬ج ر عدد‪.46‬‬
‫ ‪-‬القانون ‪ 13/83‬املؤرخ في ‪ 83/07/02‬املتعلق بحوادث العمل واألمراض املهنية ج ر عدد ‪28.‬‬
‫ويتمــم األمــر رقــم ‪ ،86-70‬مــؤرخ فــي ‪ ،1970/12/15‬يتضمــن قانــون‬ ‫ ‪-‬األمــر رقــم ‪ ،01-05‬مــؤرخ فــي ‪ ،2005/02/27‬يعـ ّـدل ّ‬
‫الجنســية‪ ،‬ج ر عــدد ‪.15‬‬
‫ ‪-‬األمر رقم ‪ ،03 /06‬املؤرخ في ‪ 15‬جويلية (يوليو) ‪ ،2006‬يتضمن القانون األسا�سي للوظيفة العمومية‪ ،‬ج ر عدد ‪.78‬‬
‫ ‪-‬املرســوم رقــم ‪ ،59 /85‬املــؤرخ فــي ‪ 23‬مــارس ‪ ،1985‬يتضمــن القانــون األسا�ســي النموذج ــي لعمــال املؤسســات واإلدارات‬
‫العموميــة‪ ،‬ج ر عــدد ‪.13‬‬
‫ً‬
‫ ‪-‬نعيــم عطيــة‪ .)1968( .‬انتهــاء الخدمــة ببلــوغ الســن القانونيــة وفقــا لنظــام العاملي ــن املدنيي ــن بالدولــة وبالقطــاع العــام‪ ،‬مجلــة‬
‫العلــوم اإلداريــة‪ ،‬الســنة العاشــرة‪ ،‬العــدد األول‪.‬‬
‫ ‪-‬مصطفــى كريــم‪ .)2010( .‬املســار الوظيفــي‪ ،‬املفهــوم واألهميــة‪ ،‬املنتــدى القانونــي‪ ،2010/01/24 ،‬انظــر املوقــع‪www. :‬‬
‫‪html.93966/24/01/islammemo.cc/2010‬‬
‫ ‪-‬ســليمان الطمــاوي‪ .)2009( .‬الوظيفــة العامــة‪ ،‬املنتــدى القانونــي‪ ،2009/06/28 ،‬انظــر ‪ www.google.dz‬فــي املوقــع‪:‬‬
‫‪fpe p,g hg,/dtm hguhlm hg,/dtm fdj‬‬
‫ ‪-‬هناء رستم‪ ،‬حقوق وواجبات املوظف العمومي‪ ،‬انظر املوقع‪http//www.tvet-p :‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬املراجع باللغة الفرنسية‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Dolan SH L et Saba T et autres. (2002). La Gestion des ressources humaines , Tendances, enjeux‬‬
‫‪et pratiques actuelles , Edition Pearson Education, Paris,.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Bernard Martory et Daniel Crozet. (2005). Gestion des ressources humaines, Pilotage social et‬‬
‫‪performances, 6eme édition, Dunos, Paris.. .‬‬

‫‪235‬‬
‫تنظيم املسار املنهي للموظف في التشريع الجـزائري‬

Organizing the Professional Career of the Employee in Algerian Legislation

Dr. Nouara Hocine


Faculty of Law and Political Science
University of Mouloud Mameri -Tizi Ouzou - Algeria

ABSTRACT

Human resources, which concern with organization of professional path of employees is one of most
important aspect of administration because of concentration on employees, as they not only consider rare
resource but also the most effective element at all in productivity. Which we have to administrate and develop it
with effect and coefficient way to grant return and superiority in performance in both short and long terms.
From the department of employees to the individual administration, then the employee’s affairs department
and finally the administration of human resources, and across all these stages, acquire the employer, the clerk and
the human resource their importance. The first terminology connected with worker as an employee and changed
when philosophy and wieu towards him has been changed by existing what we call the administration of human
resources, and the employee became a mental capital instead of a hired worker.
The administration of human resources consists of a collection of activities, which aim to push creatives and
abilities to contribute in achieving the letter the vision the strategy and the organizational aims.
So the vule of human resources administration consider a corner stone in majority of administrations
because it aims to consolidate the organizational abilities through thepolariztion and qualification the suitable
skills to current and future challenges and sustain in front of competivity and have ability to adapt with alternations
which characterize the globalization and modernization of administration and all of her aspects of life.
So guiding and controlling of the professional route for employees need to a curate planning based on
principals and basies applied with the human resources administration, through which it can generates the
utmost energy of the employee from the moment of selecting him to the end of professional relation across
different stages of his professional age.
Key Words: Human Resources- Employees- Different Stages of a Professional Age

236

You might also like