You are on page 1of 2

‫شرح التعاريف‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف التابعي ومكانتهم‬

‫للعلماء في تعريف التابعي قوالن مشهوران‪:‬‬

‫‪ )1‬فمنهم من يقول‪" :‬هو َم ْن َلِقَي الصحابَّي وإن لم يصحبه" وهو الذي عليه عمل األكثرين‬
‫من أئمة الحديث‪.‬‬

‫‪ )2‬ومنهم من يقول‪" :‬هو من صحب صحابًّيا" وال يكتفي فيه بمجرد الُّلقي‪.‬‬

‫والراجح‪ :‬هو من لقي صحبيا مؤمنا بالنبي صلى هللا عليه وسلم ومات على اإلسالم‪.‬‬

‫فضل التابعين‪:‬‬

‫فاش‪SS‬تملت اآلي‪SS‬ة الكرمي‪SS‬ة على أبل‪SS‬غ الثن‪SS‬اء من هللا رب الع‪SS‬المين على الس‪SS‬ابقين األولين من‬
‫المهاجرين واألنصار والتابعين لهم بإحسان‪ ،‬حيث أخير تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عن‪SS‬ه‬
‫بم‪SS‬ا أك‪SS‬رمهم ب‪SS‬ه من جن‪SS‬ات النعيم‪ .‬وذك‪SS‬ر الش‪SS‬يخ محم‪SS‬د األمين الش‪SS‬نقيطي‪ 1‬أن ال‪SS‬ذين اتبع‪SS‬وا‬
‫السابقين بإحسان يشاركونهم في الخ‪SS‬ير كقول‪SS‬ه تع‪SS‬الى‪َ :‬و َء اَخ ِر يَن ِم ْنُهْم َلَّم ا َيْلَح ُق و۟ا ِبِهْم ۚ َو ُه َو‬
‫ٱْلَع ِز يُز ٱْلَحِكيُم (‪[ )٣‬الجمعة‪ ،]3 :‬وقوله تعالى‪َ :‬و ٱَّلِذ يَن َج ٓاُء و ِم ۢن َبْع ِدِهْم َيُقوُلوَن َر َّبَنا ٱْغ ِفْر َلَن ا‬
‫َو ِإِل ْخ َٰو ِنَنا ( ‪[ )١٠‬الحشر‪ ،]10 :‬وقوله تعالى‪َ :‬و ٱَّلِذ يَن َء اَم ُنو۟ا ِم ۢن َبْعُد َو َهاَج ُرو۟ا َو َجٰـَهُد و۟ا َم َع ُك ْم‬
‫َفُأ۟و َلٰٓـِئَك ِم نُك ْم ۚ (‪[ )٧٥‬األنفال‪.]75 :‬‬

‫‪ 1‬الشنقيطي‪ ،‬حممد األمني اجلكين‪1995 ،‬م‪ ،‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.474‬‬
‫البحث الثاين‪ :‬جهود التابعين ومن بعدهم في حفظ الحديث النبوي‪.‬‬

‫نهض أئم‪SS‬ة الس‪SS‬نة المبارك‪SS‬ة للقي‪SS‬ام ب‪SS‬واجب تب‪SS‬يين أح‪SS‬وال ال‪SS‬رواة‪ ،‬فعرف‪SS‬وا أس‪SS‬ماءهم وكن‪SS‬اهم‬
‫وألقابهم وموالي‪SS‬دهم ومح‪SS‬ال نش‪SS‬أتهم‪ ،‬وتتبع‪SS‬وا رحالتهم في طلب العلم‪ ،‬وتتبع‪SS‬وا حرك‪SS‬اتهم‬
‫وسكناتهم وعبادتهم ومعامالتهم‪ ،‬وربما امتحونهم أو س‪SS‬ألوا عنهم أه‪SS‬ل المعرف‪SS‬ة بهم‪ ،‬وق‪SS‬ابلوا‬
‫بين مروياتهم ومرويات الثقات المتقنين من أئمة الدين‪ ،‬ولم يدعوا س‪SS‬بيال للتع‪ّSS‬رف على ح‪SS‬ال‬
‫راو أو للتأكد من صدق روايته إال سلكوه‪ ،‬مع المبالغة في االحتياط‪ ،‬معلنين ك‪SS‬ل نت‪SS‬ائج بحثهم‬
‫في ذلك للناس‪ ،‬ولم يفتهم من ذلك شيء قليل وال كثير‪ ،‬وي‪S‬رحم هللا اإلم‪S‬ام الجلي‪S‬ل عب‪S‬د هللا بن‬
‫المبارك (‪181‬ه) الذي قيل له‪ :‬هذه األحاديث المصنوعة؟ قال‪ :‬تعيش لها الجهابذة‪ ،‬وتال ق‪SS‬ول‬
‫‪2‬‬
‫هللا تعالى‪ِ :‬إَّنا َنْح ُن َنَّز ْلَنا ٱلِّذْك َر َو ِإَّنا َل ۥُه َلَحٰـِفُظوَن (‪[ )٩‬الحجر‪.]9 :‬‬

‫بدأ عصر التابعين‪ ،‬بعد أن انتهى الجيل األول‪ ،‬وذهب قرن الصحابة رضي هللا عنهم‪ ،‬فتحّم ل‬
‫الت‪SS‬ابعون بإحس‪SS‬ان عن الص‪SS‬حابة رض‪SS‬ي هللا عنهم العلم واإليم‪SS‬ان‪ ،‬والش‪SS‬عور العمي‪SS‬ق بعظم‬
‫المسؤولية الملقاة عليهم بتبلي‪SS‬غ العلم واإليم‪SS‬ان لألجي‪SS‬ال من بع‪SS‬دهم‪ ،‬كم‪SS‬ا بلغتهم ص‪SS‬افية نقي‪SS‬ة‪،‬‬
‫وسار التابعون ومن بعدهم‪-‬رحمهم هللا‪-‬بمثل ما كان الصحابة يعمل‪SS‬ون; فيس‪SS‬معون ويتحّم ل‪SS‬ون‬
‫ثم يحدثون عنهم‪ ،‬ويؤّد ون بكل أمانة ودقة‪.‬‬

‫وفي عهد التابعين حصلت بعض الفتن والقالقل‪ ،‬وال ش‪ّS‬ك أن مقت‪S‬ل الخليف‪S‬ة عثم‪S‬ان بن عف‪S‬ان‬
‫رضي هللا عنه كان ثلمة في حصن اإلسالم‪ ،‬وكان من أكبر آث‪SS‬ار فتن‪SS‬ة مقتل‪SS‬ه; اف‪SS‬تراق األم‪SS‬ة‪،‬‬
‫وظهور بعض األحزاب وأصحاب الفتن واأله‪SS‬واء‪ ،‬ال سياس‪SS‬ية فحس‪SS‬ب; ب‪SS‬ل عقدي‪SS‬ة سياس‪SS‬ية;‬
‫عندها بدأت دواعي التقّو ل والوضع على النبي صلى هللا عليه وسلم تظه‪SS‬ر‪ ،‬نص‪SS‬رة للم‪SS‬ذهب‬
‫االعتقادي الذي يتحزب له بعض مرضى النفوس والجهلة‪ .‬فإذا عدنا إلى عصر التابعين ومن‬
‫بعدهم‪ ،‬نستطيع أن نقول‪ :‬أنهم ك‪SS‬انوا يس‪S‬تعملون تقريًب ا نفس الخط‪SS‬وات ال‪SS‬تي ك‪SS‬ان يس‪S‬تعملها‬
‫الصحابة‪-‬رضوان هللا عليهم‪-‬في حفظهم لألحاديث والعناية بها‪ ،‬إال أنه‪S‬ا وض‪S‬حت بعض ه‪S‬ذه‬
‫المناهج; وذلك زيادة في الحيطة والحذر‪.‬‬

‫‪ 2‬المرجع نفسه‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.3-2‬‬

You might also like