You are on page 1of 32

‫وس رو ا‬

‫) ـ ‪ (١٩‬واﻷو ع اا‬


‫الحمد هلل ول��ي كل نعمة‪ ،‬ودافع كل نقمة‪ ،‬س��بحانه له األمر‬
‫كله‪ ،‬هو الذي يدفع الضراء‪ ،‬ويكشف البالء‪ ،‬ويعافي من كل وباء‪،‬‬
‫نسأله ‪ 4‬عافيته‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪،‬‬
‫ونستغفره ونتوب إليه من جميع الذنوب‪ ،‬ونشهد أن ال إله إال اهلل‬
‫وحده ال شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد‪ ،‬يحيي ويميت وهو حي‬
‫ال يموت‪ ،‬بيده الخير وهو على كل شيء قدير‪ ،‬ونشهد أن سيدنا‬
‫وداعيا‬
‫ً‬ ‫ونذيرا‪،‬‬
‫ً‬ ‫وبشيرا‬
‫ً‬ ‫محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله اهلل هاديا‬
‫ً‬ ‫ونبينا‬
‫منيرا‪ ،‬صلى اهلل وس��لم علي��ه‪ ،‬وعلى آله‬
‫وس��راجا ً‬
‫ً‬ ‫إلى اهلل بإذنه‬
‫وصحبه أجمعين‪ ،‬وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫جميع��ا أيها المؤمنون والمؤمنات بتحية‬


‫ً‬ ‫أما بعد؛ فأحييكم‬
‫اإلسالم الطيبة المباركة؛ الس�لام عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪،‬‬
‫وأس��أله ‪ 4‬أن يعافينا وإياكم‪ ،‬وأن يش��فينا من كل داء‪ ،‬وأن‬
‫يكش��ف عنا كل كرب‪ ،‬وأن يعيننا على كل خير‪ ،‬وأن يصرف‬
‫غيره‪،‬‬
‫عنا كل س��وء‪ ،‬فإنه ال يصرف الس��وءَ وال يأتي بالخير ُ‬
‫تبارك وتعالى‪ ،‬بيده األمر وهو على كل شيء قدير‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبجانب هذا فإنني أعتذر عن تساؤالت كثير من الناس‪ ،‬إذ‬
‫يتس��اءلون كيف لم تكن لي كلمة في هذه األيام التي يمر بها‬
‫الناس في مشارق األرض ومغاربها بأزمةٍ خانقة تأخذ بتالبيبهم‬
‫وتخنق منهم األنفاس‪ ،‬وال ريب أنني لم أَغْفُ ل هذا األمر‪ ،‬فقد‬
‫كانت لي كلمة‪ ،‬وقد ُسجلت عبر تلفزيون سلطنة عمان‪ ،‬ولكن‬
‫دت أن ُتبث بعد‬ ‫ِ‬
‫ال أدري كيف تعثرت ولم ُتب��ث‪ ،‬مع أنني ُوع ُ‬
‫ساعة من تسجيلها وأن ُيعاد البث مرة بعد أخرى‪ ،‬لكن لم أقف‬
‫لها على خبر‪ .‬وهلل األمر من قبل ومن بعد‪.‬‬

‫هذا؛ وال ريب أننا مطالبون أولاً في مثل هذه األزمة الخانقة‬
‫أن تكون لنا عبر ٌة وعظ��ةٌ‪ ،‬فإن اهلل ‪ِّ 4‬‬
‫يصرف األمر كله لتكون‬
‫فيه عبر ٌة لعباده وعظة لهم‪ ،‬تقودهم إل��ى الخير وتنهنههم عن‬
‫الشر وتدعوهم إلى التفكر في أمرهم واعتبار ما يجري حولهم‪،‬‬
‫وأن كل ش��يء بيد اهلل ‪ 4‬هو الذي يصرف األمر في الس��ماء‬
‫واألرض وهو الذي بيده القهر كله‪.‬‬

‫فهذا ـ كما ُيقال ـ في��روس؛ هو من دقت��ه وحقارته ال يكاد‬


‫��ز َم هذه األمم‬
‫يبصر حتى بأش��عة المجهر‪ ،‬ولكن م��ع ذلك َه َ‬
‫المغرورة كلها في مشارق األرض ومغاربها من الصين شرقًا إلى‬
‫غربا‪ ،‬مع أن ه��ذه الدول أوتيت‬
‫الواليات المتحدة اإلمريكي��ة ً‬
‫ما أوتيت من الق��وة‪ ،‬وأوتيت ما أوتيت م��ن التمكين‪ ،‬وأوتيت‬

‫‪3‬‬
‫ما أوتيت من العلم‪ ،‬وتوفَّ َر عندها األطب��اء‪ ،‬وكثر فيها الخبراء‪،‬‬
‫ولكنهم مع ذلك وقفوا حي��ارى عاجزين أمام هذا األمر اإللهي‪،‬‬
‫وفي ذلك كله ما يدعو إلى االعتبار واالس��تعبار وحس��ن العظة‬
‫وتذ ُّكر ما يأتي من قبل اهلل تعالى وما جرى لألمم الس��ابقة‪ ،‬فإن‬
‫في كل ما جرى في هذه األرض من حين خلقها اهلل ‪ 4‬وإلى أن‬
‫عبرا ال تكاد تنته��ي‪ ،‬ومن بينها‪:‬‬
‫يرث اهلل الس��موات واألرض ً‬
‫ما يشاهده اإلنسان في زمانه‪ ،‬كهذه العبرة العظيمة التي نشاهدها‬
‫فيما يجري في هذا العالم الفسيح‪ ،‬فلله األمر من قبل ومن بعد‪.‬‬

‫ال ري��ب أن الرق��اب كلها انكس��رت‪ ،‬والجباب��رة جميعا‬


‫صغروا‪ ،‬والقوى كلها ضعفت‪ ،‬والقدرات كلها اضمحلت‪ ،‬فإ َّن‬
‫صرف األمر في الس��ماء وفي األرض‬ ‫وحده هو الذي ُي ّ‬
‫اهلل ‪4‬‬
‫ص ِرف الضراء إال هو‪ ،‬وهذا‬ ‫وهو الذي يدبر أحوال عباده‪ ،‬فال َي ْ‬
‫ما دل��ت عليه اآليات القرآني��ة‪ ،‬فإن اهلل تب��ارك وتعالى يقول‪:‬‬
‫﴿ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ‬
‫ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾ [األنعام‪ ،]١٧ :‬ويقول‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ‬
‫ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ‬
‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﴾ [يونس‪.]١٠٧ :‬‬

‫فإذا كان هذا الفيروس الدقيق الضعيف وصل به األمر إلى أن‬
‫يهزم هذه األم��م في جبروته��ا وتعاليه��ا وكبريائه��ا وغرورها‬

‫‪4‬‬
‫وأصبح��ت صاغرة متذلل��ة أمام ه��ذا األمر القاه��ر الذي أخذ‬
‫بتالبيبهم وش��دد عليهم الخناق؛ فما بالكم بجنود اهلل تعالى في‬
‫السماوات وفي األرض؟ ﴿ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ﴾ [الفتح‪.]٤ :‬‬

‫فاهلل ‪ُ 4‬ي َ‬
‫ص ّرف الكون كله‪ ،‬يوم تش��قق السماوات‪ ،‬عندما‬
‫يأتي أمر اهلل ‪ 4‬وتتس��اقط األجرام الفلكية كي��ف يكون أمر‬
‫العباد في ذلك الوقت؟!‬

‫علينا أن نرجع إلى اهلل ‪ 4‬ونستغفره ونتوب إليه ونعول‬


‫في كل أمر علي��ه‪ ،‬فإنه ‪ 4‬هو اإلله القاه��ر المصرف لهذا‬
‫الكون بأس��ره‪ ،‬وعلينا م��ع ذلك أن نأخذ بأس��باب الوقاية‬
‫الحس َّية والمعنوية‪.‬‬

‫علينا أن نتوقى سخط اهلل ‪ 4‬أولاً بالتوبة إلى اهلل وبمحاسبة‬


‫النفس وبالرجوع إلى اهلل ‪ . 4‬وعلينا أن نكون أم َة ٍ‬
‫أمر بمعروف‬
‫ونهي عن المنكر‪.‬‬

‫وأنا أناشد جميع المسؤولين والناس على اختالف قدراتهم أال‬


‫يدعوا األمر بالمعروف والنهي ع��ن المنكر‪ ،‬فإن األمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر صمام األمان في هذه الحياة‪ ،‬كيف واهلل تعالى‬
‫يقول‪ ﴿ :‬ﭑ ❁ ﭓﭔ ﭕ ﭖ❁ ﭘﭙﭚ ﭛ‬
‫ﭜﭝ ﭞﭟﭠ ﴾ [العصر‪ ١ :‬ـ ‪.]٣‬‬

‫‪5‬‬
‫فإذا كان اإليمان والعمل الصالح لم يغنيا عن الناس شي ًئا‬
‫إال مع تواصيهم بالحق وتواصيه��م بالصبر فكيف بمن ترك‬
‫البر إلى الفجور وم��ن ترك اإليمان وت��رك العمل الصالح؟‬
‫فعلينا أن نرجع إلى حقيق��ة اإليمان‪ ،‬اإليم��ان الذي يورثنا‬
‫الخشية من اهلل حتى نكون كما قال ‪ 4‬في وصف المؤمنين‪:‬‬
‫﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ❁ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ❁ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﴾ [األنفال‪ ٢ :‬ـ ‪.]٤‬‬

‫فعلينا أن نكون ح ًّق��ا مؤمنين بالتكيف مع مقتضى اإليمان‬


‫حتى نصل إلى ه��ذه الدرجة‪ ،‬وبتصديق ه��ذا اإليمان بالعمل‬
‫الصال��ح الذي يق��اس بما ج��اء في كت��اب اهلل وف��ي هدي‬
‫رس��ول اهلل ژ ‪ ،‬إذ ال يمكن أن نفرق بين الصالح وغيره وبين‬
‫البِ ّر والفجور وبين التقوى واالنهماك إال بالرجوع إلى كتاب اهلل‬
‫وس��نة رس��وله ژ ‪ ،‬ومع ذلك علينا أن نتواص��ى بالحق وأن‬
‫نتواصى بالصبر لننجو من الخسران في هذه الدنيا ومن الخسران‬
‫في الدار اآلخرة‪ ،‬فإن اهلل ‪ 4‬ضمن لعب��اده الصالحين النجاح‪،‬‬
‫نجاح الدنيا ونجاح اآلخرة‪ ،‬كيف واهلل ‪ 4‬يقول‪ ﴿ :‬ﭼ ﭽ‬
‫ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ‬
‫ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﴾ [األنفال‪ ،]٢٩ :‬فالفرقان هو‬

‫‪6‬‬
‫ما يؤتيه اهلل ‪ 4‬عباده في هذه األرض من البصيرة ومن التمكين‬
‫ومن القدرة على التفريق بين الحق والباطل ومن تمييز األعمال‬
‫صالحها وغير صالحه��ا حتى يكونوا على بصي��رة من أمرهم‪،‬‬
‫وهذا كله مم��ا يتحقق بتقوى اهلل ‪ ، 4‬فعلين��ا أن نكون أمة أمر‬
‫ٍ‬
‫بمعروف ونهي عن المنكر كما فرض اهلل تعالى‪.‬‬
‫فنحن أمة جعلها اهلل ‪ 4‬متميزة عل��ى غيرها من األمم‪،‬‬
‫وأعظم مزاياها األمر بالمع��روف والنهي عن المنكر ولذلك‬‫ُ‬
‫بدأ بهذه الصفة قبل أن يبدأ بذكر اإليمان نفس��ه عندما قال‪:‬‬
‫﴿ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ‬
‫ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ‬
‫ﭱ﴾ [آل عمران‪ ،]١١٠ :‬واهلل ‪ 4‬ف��رض علينا أن نكون أمة هذا‬
‫شأنها‪ ،‬وناط بذلك الفالح وناط بذلك وحدتنا وترابطنا وتآخينا‬
‫ب بعضنا لبعض وانسجامنا في هذه الحياة عندما قال ‪: 4‬‬ ‫وح َّ‬
‫ُ‬
‫﴿ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﴾ [آل عمران‪.]١٠٤ :‬‬
‫نعم؛ علينا أن نكون أمة هذا ش��أنها‪ ،‬شأنها األمر بالمعروف‬
‫ِ‬
‫والنهي عن المنكر‪ ،‬وليست (م ْن) هنا للتبعيض وإنما هي للبيان‪،‬‬
‫جميعا أن نكون أمة هذا شأنها؛ نأمر بالمعروف وننهى عن‬‫ً‬ ‫فعلينا‬
‫المنكر‪ ،‬ونهتدي بهدي اهلل ‪ 4‬ونستمسك بكتابه وبسنة نبيه ژ ‪،‬‬
‫وبذلك يتحقق لنا النجاح في هذه الدنيا وفي الدار اآلخرة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وبطبيعة الح��ال األمر بالمعروف والنه��ي عن المنكر مما‬
‫يش��ترك فيه جميع الناس رجالاً ونساء‪ ،‬وذلك ِ‬
‫معق ُد ارتباطهم‪،‬‬ ‫ً‬
‫وبذلك يتآخـ��ون‪ ،‬ويترابطون‪ ،‬فاهلل تعال��ى قال‪﴿ :‬ﮑ‬
‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ﴾ [التوبة‪.]٧١ :‬‬

‫��ن كيف تك��ون ه��ذه الوالية الت��ي تش��د المؤمنين‬


‫وب َّي َ‬
‫والمؤمنات بعضه��م إلى بعض حتى يترابط��وا برباط اإليمان‬
‫فيكونوا كالنفس الواحدة‪ ،‬كما ق��ال النبي ژ ‪« :‬ترى المؤمنين‬
‫في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو‬
‫تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر»(((‪.‬‬

‫((( رواه البخاري عن ال ّنعمان بن بش��ير؛ صحيح البخاري‪ ،‬كتاب (‪ )78‬األدب‪،‬‬


‫باب (‪ )27‬رحمة الناس والبهائم‪( ،‬رقم‪ ،6011 :‬ص‪ .)509‬وأخرج مس��لم عن‬
‫ال ّنعمان بن بشير قال‪ :‬قال رسول اهلل ژ ‪ :‬مثل المؤمنين في توا ّدهم وتراحمهم‬
‫بالسهر‬
‫وتعاطفهم مثل الجس��د إذا اش��تكى منه عضو تداعى له سائر الجسد ّ‬
‫والصلة واآلداب‪ ،‬باب (‪ )17‬تراحم‬
‫ّ‬ ‫والحمى؛ صحيح مسلم‪ ،‬كتاب (‪ّ )45‬‬
‫البر‬ ‫ّ‬
‫المؤمنين وتعاطفه��م وتعاضدهم‪( ،‬رق��م‪ ،]6588[ 2586 :‬ص‪ ،)1130‬وأخرج‬
‫أحمد عن ال ّنعمان بن بشير قال‪ :‬س��معت رسول اهلل ژ يقول‪ :‬مثل المؤمنين‬
‫في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجس��د إذا اشتكى منه شيء تداعى له‬
‫والحمى؛ مس��ند أحمد‪( ،‬رقم‪ ،)154/14 ،18287 :‬وأخرج‬
‫ّ‬ ‫بالسهر‬
‫سائر الجسد ّ‬
‫الطيالسـي عن ال ّنعمان بن بشير قال‪ :‬سمعت رسول اهلل ژ يقول‪ :‬أال إن مثل‬
‫المؤمنين ومثل توادهم وتحابهم وتراحمهم مثل الجس��د إذا اش��تكى بعضه‬
‫تداعى سائره بالسهر والحمى؛ مسند أبو داود الطيالسـي‪( ،‬باب) النعمان بن‬
‫بشير‪( ،‬رقم‪ ،790 :‬ص‪.)107‬‬

‫‪8‬‬
‫وب َّين ‪ 4‬أن ف��ي مقدمة ه��ذه األعمال التي تش��د الناس‬
‫جميعا أمة‬
‫ً‬ ‫بعضهم إلى بعض وتربط على قلوبهم حتى يكونوا‬
‫متآخية مترابط��ة متحابة متآزرة‪ :‬األم��ر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬فقد قال تعالى‪﴿ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ‬
‫ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬
‫ﮫ﴾ [التوبة‪.]٧١ :‬‬

‫قدم اهلل ‪ 4‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقام‬


‫نعم؛ َّ‬
‫الصالة وإيتاء الزكاة مع أهميتهما ومع ما لهما من تأثير في نفوس‬
‫العباد‪ ،‬وما لهما من تأثير نفسي واجتماعي في حياة الناس؛ ألجل‬
‫أن إقام الصالة وإيتاء الزكاة ال يمكن أن يحافظ عليهما إال باألمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وكذلك اإليمان ال يمكن أن ُيحافظ‬
‫قدم اهلل ‪4‬‬
‫عليه إال باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬فلذلك َّ‬
‫ذكر األمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ذكر اإليمان مع أن‬
‫كل صالحات األعمال ال تقوم إال على اإليمان‪.‬‬

‫واهلل ‪ 4‬ب َّين أن ترك األم��ر بالمعروف والنه��ي عن المنكر‬


‫س��بب للعنته ـ والعياذ باهلل ـ ومن الذي يطيق لعنة اهلل؟ فاهلل ‪4‬‬
‫ٌ‬
‫يقول‪﴿ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬
‫ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ﴾ [المائدة‪.]٧٨ :‬‬

‫‪9‬‬
‫ّبين ما هو سبب هذه اللعنة فقال‪ ﴿ :‬ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﴾ [المائ��دة‪،]٧٩ :‬‬
‫وليست هذه األمة بمنأى عن هذا عندما تترك األمر بالمعروف‬
‫والنهي ع��ن المنكر‪ ،‬فقد جاء ف��ي الحديث ال��ذي رواه ابن‬
‫مسعود عن رسول اهلل ژ وأخرجه من طريقه أبو داود والبيهقي‬
‫ْص‬ ‫دخ َل ال َّنق ُ‬ ‫أنه عليه أفضل الصالة والس�لام قال‪«ِ :‬إ َّن أَ َّو َل َما َ‬
‫الر ُج َل َف َيقُو ُل‪َ :‬يا َه َذا‪،‬‬ ‫الر ُج ُل َي ْل َقى َّ‬ ‫��رائيل أَنَّه َكا َن َّ‬
‫َ‬ ‫َع َلى َبنِي ِإ ْس‬
‫ك‪ ،‬ثُم َي ْل َق ُاه مِن ا ْلغَد ِ َو ُهو‬ ‫ا َّتق ِ اهلل ودع ما َتص َنع‪َ ،‬ف ِإ َّنه ال ي ِ‬
‫ح ُّل َل َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ ْ َ ْ ُ‬
‫يب ُه َو َق ِعيدَ ُه‪َ ،‬ف َل َّما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫َع َلى حاله‪َ ،‬فال َي ْم َن ُعه ذلك أَ ْن يكُ و َن أَكي َل ُه و َشر ِ َ‬
‫ض ِه ْم ب ِ َب ْعضٍ‪ ،‬ولعنهم على لسان‬ ‫ك ضرب اهلل ُق ُلوب بع ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َف َع ُلوا َذل َ َ َ َ ُ‬
‫داوود وعيس��ى بن مريم كما ق��ال‪﴿ :‬ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬
‫ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬
‫ﭹ ﭺ ❁ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ‬
‫ﮃﮄﮅﮆ❁ﮈﮉﮊﮋ‬
‫ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ‬
‫ﮘﮙﮚﮛ❁ﮝﮞﮟﮠﮡ‬
‫ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ‬
‫ﮫ ﴾ [المائدة‪ ٧٨ :‬ـ ‪.»]٨١‬‬
‫«كلاَّ ‪ ،‬واهلل َل َتأْمر َّن بِا ْلمعر ِ‬
‫وف‪َ ،‬و َل َت ْن َه ُو َّن َعن ِ ا ْل ُم ْنكَ رِ‪،‬‬ ‫ثم قال‪َ :‬‬
‫َ ُْ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬
‫الظالِمِ‪ ،‬و َل َتأْطر َّن ُه َع َلى َ َ‬
‫الح ِّق أ ْط ًرا‪ ،‬و َل َتق ُ‬
‫ْص ُر َّن ُه‬ ‫ُ‬ ‫ول َتأْ ُخ ُذ َّن َع َلى َيد ِ َّ‬

‫‪10‬‬
‫ع َلى الحق َقصرا‪ ،‬أَو َليضرِبن اهلل ب ُق ُلوب ِ بع ِ‬
‫ضكُ ْم َع َلى َب ْعضٍ‪،‬‬ ‫َْ‬ ‫َ ِّ ْ ً ْ َ ْ َ َّ‬ ‫َ‬
‫ث َُّم َلي ْل َعننكُ ْم َك َما َل َع َن ُه ْم»(((‪.‬‬
‫فمعنى ذلك أن من لم يحافظ على األمر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكر فإنه يكون مصيره كمصير بني إسرائيل الذين ُل ِعنوا‬
‫على لسان داود وعيسى بن مريم بس��بب إعراضهم عن األمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫وإذا كان األمر بالمعروف والنهي عن المنكر من ضرورات‬
‫هذه الحياة فال بد من اتقاء كل ما يؤدي إلى س��خط اهلل‪ ،‬وكل‬
‫ما يؤدي إلى لعنة اهلل‪ ،‬وكل ما يؤدي إلى غضبه‪ ،‬وكل ما يؤدي‬

‫((( أخرجه من طريق ابن مس��عود أبو داود؛ س��نن أبي داود‪ ،‬كتاب (‪ )36‬المالحم‪،‬‬
‫باب (‪ )17‬األمر والنهي‪( ،‬رق��م‪ ،4336 :‬ص‪ ،)1539‬والبيهقي؛ الس��نن الكبرى‪،‬‬
‫كتاب آداب القاضي‪ ،‬باب (‪ )3‬ما يست َد ُّل بِهِ ع َلى أ َ َّن ا ْلقَضاء وسائِر أَعمال ِ ا ْلولاَ ةِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمما يكُ و ُن أَمرا بِمعر ٍ‬
‫وف أ َ ْو َن ْه ًيا َع ْن ُم ْنكَ ٍر م ْن ف ُُروض ِ ا ْلك َف َايات‪( ،‬رقم‪،)20196 :‬‬ ‫ًْ َ ُْ‬ ‫َّ َ‬
‫وبمعناه عنه أخرجه أحمد؛ مس��ند أحمد‪( ،‬رقم‪ ،)5/4 ،3713 :‬والترمذي؛ سنن‬
‫الترمذي‪ )44( ،‬أبواب تفسير القرآن‪ ،‬باب (‪ )5‬ومن سورة المائدة‪( ،‬رقم‪،3047 :‬‬
‫أيضا أخرجه عن أبي عبيدة (ابن عبداهلل بن مس��عود مرسلاً )‬ ‫ص‪ ،)1959‬وبمعناه ً‬
‫ابن ماجه؛ سنن ابن ماجه‪ )36( ،‬أبواب الفتن‪ ،‬باب (‪ )20‬األمر بالمعروف والنهي‬
‫عن المنكر‪( ،‬رقم‪ ،4006 :‬ص‪ ،)2717‬والترمذي؛ س��نن الترم��ذي‪ )44( ،‬أبواب‬
‫تفس��ير القرآن‪ ،‬باب (‪ )5‬ومن س��ورة المائدة‪( ،‬رقم‪ ،3048 :‬ص‪ .)1959‬وأخرجه‬
‫أيضا‪ :‬الطبران��ي في الكبير؛ المعجم الكبير‪ )772( ،‬عبداهلل بن مس��عود الهذلي‪،‬‬
‫(رقم‪ ،10268 :‬مج (‪ .)123/10 )5‬وأخرجه من طريق أبي موسى األشعري بمعناه‬
‫الطبراني كما في مجمع الزوائد (‪ )269/7‬قال الهيثمي‪« :‬رجاله رجال الصحيح»‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫إلى نقمته ـ والعي��اذ باهلل ـ فإن ذلك كله مم��ا يؤثر على حياة‬
‫ويدعُّهم في المهالك د ًعا ـ والعياذ باهلل ـ‪.‬‬
‫الناس ُ‬
‫فمن ذلك‪ :‬أنه ال بد من ت��رك الربا؛ ألن الربا حرب بين‬
‫اهلل تعالى وبين العباد‪ ،‬فاهلل ‪ 4‬يقول‪ ﴿ :‬ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ❁ﯔﯕﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﴾ [البق��رة‪ ٢٧٨ :‬ـ ‪َ ،]٢٧٩‬‬
‫ومن ذا الذي‬
‫يطيق حرب اهلل ورس��وله ژ ؟! وأنتم ت��رون كيف أصيب‬
‫الناس بالذعر وأصيبوا بالرعب مع ما أوتوا من قوة بس��بب‬
‫الجلَّى؟‬
‫هذا الفيروس اليسير القليل؛ فكيف بنقمة اهلل تعالى ُ‬
‫وكيف بحربه؟ ﴿ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﴾ [الفتح‪ ،]٤ :‬كيف‬
‫يطيق العباد حرب اهلل تعالى ورسوله؟‬

‫فعليهم أن يتقوا اهلل وأن يدعوا ما بقي من الربا‪ ،‬امتثالاً ألمر‬


‫اهلل ورجو ًعا إلى الحق الذي أنزله اهلل‪ ﴿ ،‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﴾ [األحزاب‪ ،]٣٦ :‬ومعنى هذا أنه يجب‬
‫جميع��ا على ترك‬
‫ً‬ ‫التعاون م��ن الحكوم��ات ومن الش��عوب‬
‫جميعا‪ ،‬وتنظيف جميع المعامالت من أي‬
‫ً‬ ‫المعامالت الربوية‬
‫معاملة ربوية‪ ،‬لتكون خالصة غير مش��وبة بش��يء من شوائب‬
‫الربا‪ .‬نسأل اهلل تعالى العافية‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وقد جاء ف��ي الحديث عن النبي ژ ما ي��دل على أن كل‬
‫المتعاملين بالربا مش��تركون في اللعنة‪ ،‬فقد قال ژ ‪َ « :‬ل َع َن اهلل‬
‫الربا وآك ِ َله َو ُم ْؤك ِ َل ُه َو َكات ِ َب ُه َو َش��اهِدَ ْي ِه»‪ .‬ثم قال‪« :‬هم س��واء»‪.‬‬
‫يعني‪ :‬في اللعنة وفي اإلثم(((‪.‬‬

‫كذلك نجد أن من األمور الخطيرة‪ :‬تفش��ي الفاحش��ة في‬


‫العباد‪ ،‬فإن الفاحشة كلها أمر خطير‪ ،‬كل الفواحش خطيرة‪ ،‬ومن‬
‫بين هذه الفواحش الخطيرة فاحش��ة الزنا وفاحش��ة الش��ذوذ‬
‫الجنس��ي ـ والعياذ باهلل ـ فيجب أن ُت َس َّ‬
‫��د جميع األبواب أمام‬
‫حذر من الزنا لم يحذر منه‬‫الزنا‪ ،‬ونحن نرى أن اهلل ‪ 4‬عندما َّ‬
‫فحسب‪ ،‬بل َّ‬
‫حذر من االقتراب منه عندما قال‪﴿ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﴾ [اإلسراء‪.]٣٢ :‬‬

‫نعم؛ ُمنع االقتراب من الزنا ومعنى ذلك أن كل س��بب‬


‫يؤدي إلى الزن��ا والعياذ ب��اهلل فإنه يجب البع��د عنه وعدم‬
‫االقتراب منه‪ ،‬كي��ف واألمور المغرية الت��ي تدفع ـ والعياذ‬
‫باهلل ـ إلى الزنا كثيرة‪ ،‬منها تبرج النساء‪ ،‬ومنها هذا االختالط‬
‫بين الرج��ال والنس��اء س��واء كان ذلك في العم��ل أو في‬

‫((( أخرجه أحمد بلفظ «لعن رسول اهلل‪»...‬؛ مسند أحمد‪( ،‬رقم‪،)397/11 ،14197 :‬‬
‫ومسلم بلفظ «لعن رسول اهلل‪»...‬؛ صحيح مسلم‪ ،‬كتاب (‪ )22‬المساقاة‪ ،‬باب‬
‫(‪ )19‬لعن آكل الربا ومؤكله‪( ،‬رقم‪ ،1598 :‬ص‪.)955‬‬

‫‪13‬‬
‫مجاالت أخرى من مجاالت الحياة‪ ،‬فعلى الناس أن يتقوا اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬وأن َي َدعوا ذلك‪ ،‬وأن يتأدب��وا بآداب اهلل تعالى التي‬
‫بغض األبص��ار قبل أن يأمر‬‫ِّ‬ ‫أنزلها في كتابه‪ ،‬ف��اهلل ‪ 4‬أمر‬
‫غض البصر وس��يل ٌة تمكّ ن‬
‫بحفظ الفروج‪ ،‬وما ذلك إال ألن َّ‬
‫اإلنسان من حفظ َ‬
‫الف ْرج‪.‬‬

‫تأديبا لعباده المؤمنين‪ ﴿ :‬ﭾ ﭿ ﮀ‬


‫ً‬ ‫فقد قال تعالى‬
‫ﮁ ﮂ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬
‫ﮎ ﴾ [الن��ور‪ ]٣٠ :‬ثم أتبع ذلك قوله‪ ﴿ :‬ﮐ ﮑ ﮒ‬
‫ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ‬
‫ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬
‫ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ‬
‫ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ‬
‫ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﴾ [النور‪.]٣١ :‬‬

‫كل ذلك ألجل المحافظة‪ ،‬وليس ذلك فحس��ب بل كل‬


‫ما يثير خيال الرجل تجاه المرأة على المرأة أن تتفاداه؛ ألنه‬
‫يتأثر بكل شيء منها‪ ،‬فهو يتأثر بنفحة طيبها ويتأثر بجرس‬
‫حليه��ا ويتأثر حتى بنب��رة صوتها‪ ،‬فعليه��ا أن تكون متزنة‬
‫وقورة في معاملتها إياه وحديثها معه‪ ،‬حتى ال يتأثر بش��يء‬

‫‪14‬‬
‫مما يكون م��ن قبلها تجاهه‪ ،‬وهذا يظه��ر في قول اهلل ‪: 4‬‬
‫﴿ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬
‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﴾ [النور‪.]٣١ :‬‬
‫َّ‬
‫ح��ذر من أمور؛ فقد‬ ‫أيضا أن النبي ژ‬
‫ونجد مع ذلك ً‬
‫َّ‬
‫حذر من دخول الرجال على النس��اء أو الخلوة بهن بدون‬
‫المحارم‪ ،‬فقال ژ ‪« :‬أال ال يخلون الرجل بامرأة إال مع ذي‬
‫محرم»((( وق��ال ژ ‪« :‬من كان يؤمن ب��اهلل واليوم اآلخر فال‬
‫أيضا‪« :‬ما خال‬
‫وقال ژ ‪ً :‬‬
‫(((‬
‫يخلون بامرأة إال مع ذي محرم»‬
‫رجل بامرأة إال كان الشيطان ثالثهما» ‪ ،‬ونجد ً‬
‫(((‬
‫أيضا التحذير‬
‫من الدخول على النساء‪ ،‬في قوله ژ ‪« :‬إياكم والدخول على‬

‫((( أخرجه الطبراني؛ المعجم الكبير‪( ،‬رقم‪ ،)425/11 ،12205 :‬والبيهقي في شعب‬
‫اإليمان؛ الجامع لشعب اإليمان‪ )37( ،‬من شعب اإليمان وهو باب في تحريم‬
‫أيضا‪:‬‬
‫الفروج وما يج��ب من التعفف عنها‪( ،‬رق��م‪ .)365/8 ،5055 :‬وأخرجه ً‬
‫البخاري؛ صحيح البخاري‪ ،‬كتاب (‪ )56‬الجهاد‪ ،‬ب��اب (‪ )140‬من اكتتب في‬
‫جيش فخرجت امرأته حاجة‪( ،‬رقم‪ ،3006 :‬ص‪ ،)241‬ومسلم؛ صحيح مسلم‪،‬‬
‫كتاب (‪ )15‬الحج‪ ،‬باب (‪ )74‬س��فر المرأة مع محرم إلى الحج‪( ،‬رقم‪1341 :‬‬
‫[‪ 3272‬ـ ‪ ،]3274‬ص‪ 901‬ـ ‪.)902‬‬
‫((( أخرجه أحمد؛ مسند أحمد‪( ،‬رقم‪ ،)339/3 ،14692 :‬والترمذي؛ سنن الترمذي‪،‬‬
‫أبواب (‪ )10‬الرضاع‪ ،‬باب (‪ )16‬ما جاء في كراهي��ة الدخول على المغيبات‪،‬‬
‫(رقم‪ ،1171 :‬ص‪.)1767‬‬
‫((( أخرجه الطبراني؛ المعجم الكبير‪( ،‬رقم‪.)205/8 ،7830 :‬‬

‫‪15‬‬
‫النس��اء»‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬أرأيت الحمو يا رسول اهلل؟ ـ يعني‬
‫حما المرأة الذي ه��و أخو زوجها ـ فقال له الرس��ول ژ ‪:‬‬
‫«الحمو الموت»(((‪.‬‬

‫يعني أن دخول أخي الزوج على الم��رأة بمثابة الموت‬


‫وكذلك كل ما يكون ممن يقترب منها وتقترب منه بس��بب‬
‫رما لها ولم تكن‬
‫عالقة صهر أو عالقة نسب إذا لم يكن َم ْح ً‬
‫محرما له لم تجز الخلوة بينهما ولم يجز دخوله عليها‪ ،‬إال‬
‫ً‬
‫أن تكون مس��تترة محتش��مة ويكون معها ذو محرم‪ ،‬وهذا‬
‫كدخوله على أخت زوجته أو عمتها أو خالتها أو زوجة عمه‬
‫أو زوجة خاله‪ ،‬ف��إن ذلك كله مما يحرم في اإلس�لام وال‬
‫يجوز بحال من األحوال‪.‬‬

‫((( رواه البخاري؛ صحيح البخاري‪ ،‬كت��اب (‪ )67‬النكاح‪ ،‬باب (‪ )112‬ال يخلون‬
‫رجل بامرأة إال ذو محرم‪( ،‬رقم‪ ،5232 :‬ص‪ ،)452‬ومس��لم؛ صحيح مس��لم‪،‬‬
‫كتاب (‪ )39‬السالم‪ ،‬باب (‪ )8‬تحريم الخلوة باألجنبية والدخول عليها‪( ،‬رقم‪:‬‬
‫‪ ،]5674[ 2172‬ص‪ ،)1064‬والترمذي؛ سنن الترمذي‪ ،‬أبواب (‪ )11‬الرضاع‪ ،‬باب‬
‫(‪ )16‬ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات‪( ،‬رقم‪ ،1171 :‬ص‪ 1766‬ـ ‪)1767‬‬
‫وقال‪« :‬حس��ن صحيح»‪ .‬وأخرجه الطبران��ي؛ المعجم الكبي��ر‪( ،‬رقم‪،762 :‬‬
‫‪ ،)277/17‬والبيهقي في الس��نن الكبرى؛ السنن الكبرى‪ ،‬كتاب (‪ )39‬النكاح‪،‬‬
‫(رقم‪ ،)145/7 ،13518 :‬وفي شعب اإليمان؛ الجامع لشعب اإليمان‪ )37( ،‬من‬
‫شعب اإليمان وهو باب في تحريم الفروج وما يجب من التعفف عنها‪( ،‬رقم‪:‬‬
‫‪ 363/8 ،5054‬ـ ‪.)364‬‬

‫‪16‬‬
‫أيضا ال بد من االحتراز م��ن الخمور؛ فإن الخمور‬
‫كذلك ً‬
‫هي مصدر البالء وهي أساس الشر‪ ،‬والخمر ـ كما قيل ـ مجمع‬
‫اآلثام‪ ،‬كل اآلثام تعود إلى الخمر ـ والعياذ باهلل ـ ‪ ،‬فعندما يسكر‬
‫اإلنسان يفقد ش��عوره وعقله واتزانه فال يبالي بما يصدر منه‪،‬‬
‫وال يبالي بما يق��ع عليه أو يقع له أو يق��ع منه‪ ،‬فلذلك يجب‬
‫عليه أن يحذر كل الحذر من االقتراب م��ن الخمور ومن كل‬
‫أيضا‪ ،‬فالخمر تهدم‬
‫ما يؤثر على العقول وما يؤثر على الصحة ً‬
‫هدم��ا‪ ،‬والتقارير الطبية في دول الغ��رب قد بينت أن‬
‫الصحة ً‬
‫الخمر تؤدي ـ والعياذ باهلل ـ إلى أن يكون ضحاياها في العالم‬
‫في كل عام خمسة أضعاف ضحايا المخدرات مجتمعة‪ ،‬وهذا‬
‫جدا‪.‬‬
‫جدا ً‬
‫جدا ً‬
‫خطير ً‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫ٌ‬
‫وهذا مما يشهد به األطباء‪ ،‬فقبل فترة طويلة من الزمن قال‬
‫أحد أطباء ألمانيا‪« :‬أغلقوا الب��ارات أضمن لكم إغالق نصف‬
‫المستش��فيات واالس��تغناء عن نصف األطباء»‪ .‬وهذا ما أكدته‬
‫طبيبة في األيام القريبة ذهب إليها أحد مش��ايخنا وهو الشيخ‬
‫حمود بن حمي��د الصواف��ي ـ حفظه اهلل تعال��ى ـ للعالج في‬
‫ألمانيا‪ ،‬وأُجري فحص على دمه و ُعرضت نتيجة الفحص على‬
‫طبيبة كانت تشرف على عالجه‪ ،‬فتعجبت من صفاء دمه وقالت‬
‫له‪ :‬إنما يعود هذا كله إلى ورعكم‪ ،‬أنت ف��ي هذا العمر َد ُمك‬

‫‪17‬‬
‫بهذا الصفاء‪ ،‬لو كنتم مثلنا تشربون الخمر كما نشربها لما كان‬
‫األمر كذلك‪ ،‬ل��و كان الن��اس عندنا كمثلك��م ألغلقنا نصف‬
‫المستشفيات والستغنينا عن نصف األطباء‪ .‬هكذا يعترفون بهذه‬
‫الحقيقة وال يبال��ون باالعتراف بها مع أنهم واقعون أس��ارى‬
‫للخمر‪ ،‬فعلينا أن نتفادى الخمر‪.‬‬

‫وكم للخمر من آثار سلبية في حياة الناس‪ ،‬هي تبعث على‬


‫حقد الناس بعضهم على بعض‪ ،‬وعلى اإلجرام‪ ،‬وعلى س��فك‬
‫الدماء‪ ،‬وعلى إزهاق األرواح‪ ،‬وعلى قتل األنفس‪ ،‬كل هذا مما‬
‫كثيرا بس��بب الخمور ـ والعياذ باهلل تعالى ـ ‪ ،‬فعلى‬
‫يقع للناس ً‬
‫الناس أن يتقوا اهلل وأن يحاربوا الخمر‪.‬‬

‫وأنا أدعو جمي��ع الحكومات اإلس�لامية وفي مقدمتها‬


‫حكومتنا؛ إلى تحريم الخمر ومنعها في البر والبحر والجو‪،‬‬
‫وأن تكون الخمر محظورة ال يباح شربها وال االتجار فيها‪،‬‬
‫وال تصديره��ا وال اس��تيرادها‪ ،‬فإن اهلل تعال��ى ّبين خطورة‬
‫الخمر في قوله‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬
‫ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ❁ ﭡ ﭢ‬
‫ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ‬
‫ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﴾ [المائ��دة‪ ٩٠ :‬ـ ‪ ،]٩١‬والنبي ژ‬
‫يقول‪« :‬لع��ن اهلل الخمر‪ ،‬وش��اربها‪ ،‬وس��اقيها‪ ،‬وعاصرها‪،‬‬

‫‪18‬‬
‫ومعتصرها‪ ،‬وحاملها‪ ،‬والمحمولة إليه‪ ،‬وبائعها‪ ،‬ومشتريها‪،‬‬
‫وآكل ثمنها»(((‪ ،‬كل هؤالء مشتركون في اللعنة‪.‬‬
‫وعلى أي حال؛ كم ُتس��بب الخمر من حوادث السير التي‬
‫تؤدي إلى ه�لاك األنفس‪ ،‬وتؤدي إلى تحط��م األبدان‪ ،‬وإلى‬

‫((( رواه الربيع من طريق ابن عباس؛ الجامع الصحيح‪ ،‬كتاب (‪ )40‬األش��ربة من‬
‫الخمر والنبي��ذ‪( ،‬رق��م‪ ،625 :‬ص‪ ،)162‬والحاكم؛ المس��تدرك‪ ،‬كتاب (‪)34‬‬
‫األشربة‪( ،‬رقم‪ 160/4 ،7229 :‬ـ ‪ ،)161‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪.‬‬
‫وأخرجه من طريق ابن عمر‪ :‬أبو داود بدون (وآكل ثمنها)؛ س��نن أبي داود‪،‬‬
‫كتاب (‪ )25‬األش��ربة‪ ،‬باب (‪ )2‬العصي��ر للخمر‪( ،‬رق��م‪ ،3674 :‬ص‪،)1495‬‬
‫والبيهقي؛ الس��نن الكبرى‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب (‪ )67‬كراهية بيع العصير ممن‬
‫يعصر الخمر‪( ،...‬رقم‪.)534/5 ،10778 :‬‬
‫وأخرجه من طريق أنس‪ :‬الترمذي بلفظ (لعن رس��ول اهلل‪)...‬؛ سنن الترمذي‪،‬‬
‫(‪ )12‬أبواب البي��وع‪ ،‬باب (‪ )59‬النه��ي أن يتخذ الخمر خ�لا‪( ،‬رقم‪،1295 :‬‬
‫ص‪ ،)1781‬وقال‪ :‬غريب‪ ،‬واب��ن ماجه بلفظ (لعن رس��ول اهلل ژ في الخمر‬
‫عشـرة‪)...‬؛ س��نن ابن ماجه‪ )30( ،‬أبواب األش��ربة‪ ،‬باب (‪ )6‬لعنت الخمر‬
‫عشـرة أوجه‪( ،‬رقم‪ ،3381 :‬ص‪.)2681‬‬
‫وأخرجه من طريق عثمان بن أبي العاص الطبران��ي؛ المعجم الكبير‪( ،‬رقم‪:‬‬
‫‪ ،)42/9 ،8387‬وكذلك في األوسط؛ المعجم األوسط‪ ،‬باب من اسمه علي بن‬
‫سعيد‪( ،‬رقم‪.)422/4 ،4090 :‬‬
‫وروي بألفاظ أخرى فأخرجه الطيالسـي؛ مس��ند أبي داود الطيالسـي‪( ،‬رقم‪:‬‬
‫‪ ،1957‬ص‪ ،)264‬وابن أبي شيبة؛ مصنف ابن أبي شيبة‪ ،‬كتاب (‪ )34‬األوائل‪،‬‬
‫باب (‪ )1‬أول من فعل وما فعل‪( ،‬رقم‪ ،)270/7 ،35989 :‬والبيهقي في شعب‬
‫اإليمان؛ ش��عب اإليمان‪ )39( ،‬من ش��عب اإليمان وهو ب��اب في المطاعم‬
‫والمشارب وما يجب التورع عنه منها‪( ،‬رقم‪.)477/8 ،5195 :‬‬

‫‪19‬‬
‫تعطل األش�لاء‪ ،‬وتؤدي إلى أن يظل الناس عياال على غيرهم‬
‫ال يملكون ألنفس��هم ش��ي ًئا‪ُ ،‬تنفق عليهم النفقات الطائلة في‬
‫عالجه��م‪ ،‬و ُتنفق النفق��ات الطائل��ة فيما يحتاج��ون إليه من‬
‫جميعا أن‬
‫ً‬ ‫ضروراتهم بسبب تعاطي الخمور‪ ،‬فيجب على الناس‬
‫يتقوا اهلل تعالى وأن يرتدعوا عن هذه اآلفة المهلكة‪.‬‬

‫وال ريب أن الصحة نعمة من اهلل فيجب على اإلنس��ان أال‬


‫يفرط في نعم اهلل‪ .‬وكذلك المال‪ ،‬والعقل‪ ،‬كما تجب المحافظة‬
‫على سالمة النفس البش��رية من كل جانب من الجوانب‪ ،‬فإن‬
‫كل ذلك من نع��م اهلل تعالى على اإلنس��ان واهلل تعالى يقول‪:‬‬
‫﴿ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ﴾‬
‫[البقرة‪ ،]٢١١ :‬أما ما ُي َّدعى من أ َّن الخمر هي وس��يلة من وسائل‬
‫االتجار واإلثراء وغير ذلك فإن هذه وس��اوس من الشيطان‪،‬‬
‫ولو قيس ما يتصور من منفعة من هذا بجانب ما ُينفق بسبب‬
‫مصائب الخمر لما ساوى شي ًئا مما ُينفق بسبب هذه المصائب‬
‫العظيمة فكم ينفق في عالج المصابين بس��بب الخمور وكم‬
‫أيضا عل��ى عولهم وعل��ى نفقاتهم الضروري��ة بعد أن‬ ‫ُينفق ً‬
‫يتعطلوا‪ ،‬فعلى الناس أن يتقوا اهلل‪ ،‬م��ع أنه لو كان هناك ربح‬
‫كما يتصورون فماذا عس��ى أن تكون قيمة ربح ٍ مشوب بلعنة‬
‫اهلل ‪ 4‬؟ نسأل اهلل ‪ 4‬العافية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫وكذلك بالنس��بة إلى التدخين والشيش��ة والمخدرات‬
‫جميعا بأنواعها‪ ،‬فإن مضار التدخين هي من أعظم المضار‪،‬‬
‫ً‬
‫وضحايا التدخين فيما اطلعت عليه في بعض اإلحصائيات‬
‫األخيرة بلغوا في كل عام عش��رة ماليي��ن ضحية يموتون‬
‫بس��بب تعاطي التدخين‪ ،‬فعل��ى الناس أن يتق��وا اهلل وأن‬
‫يحارب��وا التدخين‪ ،‬ونرج��و منع التدخين عل��ى أي حال‪،‬‬
‫وكذلك أن تمنع الشيش��ة في جميع األوق��ات ال في هذا‬
‫الوقت فقط‪.‬‬

‫أيضا من األم��ور الخطيرة‪ :‬جمي��ع المعاصي‬


‫وكذل��ك ً‬
‫الظاهرة والباطنة فإن كال من ذلك إنما يؤدي إلى سخط اهلل‬
‫تعالى‪ .‬فالفاحش��ة ـ كما قلت ـ هي م��ن أخطر العوامل في‬
‫نش��ر األوباء فقد جاء ع��ن النبي ژ أنه ق��ال‪« :‬ما ظهرت‬
‫الفاحش��ة في قوم حت��ى يعلنوها إال ظهرت فيه��م األوباء‬
‫واألوجاع واألسقام التي لم تكن في أسالفهم»(((‪ ،‬وهذا ظاهر‬
‫فيما أصيب به الناس من فقدان المناعة المكتسب‪ ،‬فإن ذلك‬
‫إنما يعود إلى مقارفة الفاحشة ـ والعياذ باهلل ـ نسأل اهلل تعالى‬
‫العفو والعافية‪.‬‬

‫((( أخرجه البيهقي في شعب اإليمان؛ الجامع لش��عب اإليمان‪ )22( ،‬من شعب‬
‫اإليمان وهو باب في الزكاة‪( ،‬رقم‪.)518/5 ،3043 :‬‬

‫‪21‬‬
‫وكذلك من أسباب الحماية‪ :‬صون العقيدة؛ إذ اإلنسان إن‬
‫لم يكن ذا عقيدة ُتبصره بما يأتي وما يذر ال يكون على شيء‬
‫من الحق‪ ،‬لذلك يجب ترس��يخ اإليمان باهلل تعالى في نفوس‬
‫جميع الناس منذ نشأتهم األولى‪ ،‬فيجب ترسيخ اإليمان باهلل‬
‫في الم��دارس جميعا بل جمي��ع المؤسس��ات التعليمية منذ‬
‫رياض األطف��ال وإلى أعلى الدرجات في ُس�� ّلم الدراس��ة‪،‬‬
‫ويجب ترسيخ اإليمان باهلل في اإلنسان منذ نشأته األولى إلى‬
‫أن يودَّع ويوارى في قبره‪.‬‬

‫جميعا وأن ُي َع َّرفُوا‬


‫ً‬ ‫يجب أن ترس��خ قيم اإليمان في الناس‬
‫بحاجتهم إلى اهلل‪ ،‬وأن ُيقاوم اإللحاد والملحدون‪ ،‬وأن ُيضرب‬
‫على أيديهم وأيدي كل الذين يحاولون أن يسوغوا اإللحاد أو‬
‫يروج��وا له تحت أي ش��عار كان من الش��عارات الزائفة التي‬
‫يتوس��لون بها ألجل ترويج هذه البضاعة الخاس��رة الكاسدة‪،‬‬
‫كالعقالني��ة والعلمانية وغيرها‪ ،‬يج��ب أن ُيضرب على أيدي‬
‫جميعا حتى تك��ون كلمة اهلل هي العلي��ا وكلمة الذين‬
‫ً‬ ‫هؤالء‬
‫كفروا السفلى‪ ،‬إن اهلل ‪ 4‬على كل شيء قدير‪.‬‬

‫وكما ُيق��اوم اإللح��اد كذلك يج��ب أن يرس��خ اإليمان‬


‫الخالص‪ ،‬اإليمان باهلل ‪ 4‬الذي ال تشوبه شائبة من خرافة؛ فإن‬
‫هدما وتنشر الفس��اد فيما بين الناس‪،‬‬
‫الخرافات تهدم اإليمان ً‬

‫‪22‬‬
‫فالخرافة هي التي أفقدت الناس الصلة باهلل‪ ،‬وجعلتهم يتعلقون‬
‫بالبش��ر واألوهام والخياالت بدلاً من أن يتعلقوا باهلل ‪ ، 4‬مع‬
‫أن اآليات القرآنية تدل على أنه ال يمكن أن يستفيد اإلنسان من‬
‫تعلق يتعلقه بأي شيء كان إال إن كان متعلقًا باهلل ‪ 4‬الذي له‬
‫ملك السماوات واألرض‪.‬‬

‫فاهلل ‪ 4‬يق��ول‪ ﴿ :‬ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬


‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﴾ [التوبة‪ ،]٥١ :‬ويقول ‪: 4‬‬
‫﴿ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ‬
‫ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﴾ [فاطر‪ ،]٢ :‬ويقول‪﴿ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ‬
‫ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ‬
‫ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ﴾‬
‫[الزمر‪ ،]٣٨ :‬ويقول عز من قائل‪ ﴿ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ‬
‫ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﴾ [سبأ‪.]٢٢ :‬‬

‫فما من أحد من هؤالء الذين ُيدعون من دون اهلل له مشاركة‬


‫في خلق الس��ماوات واألرض‪ ،‬وما كان أح��د منهم من ظهير‬
‫ويترك دعاء اهلل؟ ﴿ﭼ ﭽ ﭾ‬
‫هلل ‪ 4‬فكيف ُي ْد َعون من دون اهلل ُ‬
‫ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ‬

‫‪23‬‬
‫ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﴾ [الرعد‪ ،]١٦ :‬وه��ذا يعني بطبيعة الحال‬
‫أن ُيضرب أيض��ا على أيدي الدجالين الذين يش��يعون العقيدة‬
‫الفاس��دة في الناس بحيث َي ّدعون علم الغيب مع أن الغيب هلل‬
‫وحده‪ ﴿ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫ﭴ ﭵ﴾ [النمل‪.]٦٥ :‬‬

‫وإذا كان النبي ژ ـ وهو أعظ��م الخلق منزل ًة وأقربهم إلى‬


‫اهلل ‪ 4‬ـ ال يعل��م من الغيب ش��ي ًئا إال ما أوح��اه اهلل ‪ 4‬إليه‬
‫فكيف بغيره؟ بل كيف بهؤالء الدجالين من أين لهم أن يعلموا‬
‫الغيب؟ فاهلل تعال��ى يخاطب النب��ي ژ بقوله‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬
‫ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ‬
‫ﭮ ﴾ [األعراف‪.]١٨٨ :‬‬

‫وهؤالء كم أثاروا من فتن في الناس‪َ ،‬ح ْس ُبنا أن مجموعة‬


‫من الناس ذهب��وا ضحايا له��ذه الفتنة التي ُي ِش��يعها هؤالء‬
‫الدجالون‪ ،‬كالقضية التي وقعت في صحار فقد اجتمع خمسة‬
‫إخوة على قتل خالهم بس��بب قول أحد الدجالين بأنه َس َحر‬
‫أختهم! فذه��ب الخال ضحية هذا اإلفك وه��ذا الزور وهذا‬

‫‪24‬‬
‫فمن الرابح من‬
‫الدجل‪ ،‬وبعد ذلك ذهب الكل ضحية ذلك‪َ ،‬‬
‫هذا؟ فالكل خاس��ر‪ ،‬حتى ذلك الدجال الذي يظن أنه رابح‬
‫هو خاسر أيما خسارة ولو كسب من دجله ما كسب من المال‬
‫الحرام‪.‬‬

‫وكم هناك من فتن أش��يعت بين الناس فيها قطع الصلة‬


‫بين اآلباء واألمه��ات من ناحية وبي��ن أوالدهم من ناحية‬
‫دجال ٍ زعم ألحد من هؤالء المغفلين بأ َّ‬
‫ن‬ ‫أخرى‪ ،‬فكم من َّ‬
‫أ ُ َّمه هي التي س��حرته وكـاد أن يقتله��ا! وهلل األمر من قبل‬
‫ومن بعد‪.‬‬

‫فهذه الفتن يجب أن ُتطفأ وأال ُيترك أُوارها يشتعل وذلك‬


‫بالقبض عل��ى هؤالء المفس��دين الذين يثي��رون هذه الفتن‬
‫جميعا أن‬
‫ً‬ ‫بإشاعة هذه الخرافات فيما بين الناس‪ .‬على الناس‬
‫يتحذروا من ذلك‪ ،‬وعلى أهل الحل والعقد وأصحاب القرار‬
‫أن يقضوا على هذه الفتن بالقوة بمشيئة اهلل ‪ ، 4‬ليكونوا من‬
‫الذين ينطبق عليهم قول اهلل‪﴿ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ‬
‫ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ‬
‫ﮔ ﮕ ﴾ [الحج‪.]٤١ :‬‬

‫جميعا أن ي��درؤوا هذه الش��رور الظاهرة‬


‫ً‬ ‫بل عل��ى الناس‬
‫والباطنة بالرجوع إلى اهلل وبتقوى اهلل واالعتصام بحبله والتوكل‬

‫‪25‬‬
‫عليه واإلناب��ة إليه‪ ،‬واألم��ر بالمعروف والنهي ع��ن المنكر‪،‬‬
‫والقض��اء على كل فتن��ة من الفت��ن التي تكون بي��ن الناس‪،‬‬
‫وترس��يخ العقيدة الصحيح��ة في نفوس الن��اس؛ التي توصل‬
‫الن��اس بربهم ‪ 4‬الذي هو على كل ش��يء قدي��ر‪ ،‬وباإلجابة‬
‫جدير‪ ،‬نع��م المولى ونعم النصير‪ .‬وعلين��ا أن ندعو اهلل ونحن‬
‫موقنون باإلجابة‪.‬‬

‫اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك من كل ذنب‪ ،‬اللهم اغفر‬


‫لنا ذنوبنا كلها سرها وجهرها صغيرها وكبيرها ما علمنا منها‬
‫وما لم نعلم‪ ،‬اللهم إنا نسألك بأنا نشهد أنك أنت اهلل ال إله‬
‫إال أنت الواحد األحد الصمد الذي ل��م يلد ولم يولد ولم‬
‫كفوا أحد‪ ،‬نس��ألك ربنا أال تدع لنا في مقامنا هذا‬
‫يكن له ً‬
‫غما إال فرجته‪،‬‬
‫عيبا إال أصلحت��ه‪ ،‬وال ًّ‬
‫ذنبا إال غفرته‪ ،‬وال ً‬
‫ً‬
‫مريضا إال‬
‫ً‬ ‫كربا إال نفس��ته‪ ،‬وال دين��ا إال قضيت��ه‪ ،‬وال‬
‫وال ً‬
‫غائب��ا إال حفظته ورددته‪،‬‬
‫عافيته‪ ،‬وال علة إال داويتها‪ ،‬وال ً‬
‫وال ض��الاً إال هديته‪ ،‬وال ع��دوا إال كفيت��ه‪ ،‬وال دعاء إال‬
‫اس��تجبته‪ ،‬وال رجاء إال حققته‪ ،‬وال بالء إال كش��فته‪ ،‬وال‬
‫س��ائال إال أعطيته‪ ،‬وال محروما إال رزقت��ه‪ ،‬وال جاهال إال‬
‫علمته‪ ،‬وال حاجة من حوائج الدني��ا واآلخرة هي لك رضا‬
‫ولنا صالح ومنفعة إال قضيتها في يسر منك وعافية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫اللهم اجعل الموت خير غائب ننتظره‪ ،‬والقبر خير بيت‬
‫خيرا لنا منه‪ .‬إن��ك ربنا على كل‬
‫نعمره‪ ،‬واجعل ما بع��ده ً‬
‫شيء قدير‪.‬‬

‫اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا‪ ،‬وأصلح لنا‬


‫دنيانا التي فيها معاشنا‪ ،‬وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا‪،‬‬
‫واجعل الحياة زيادة لنا ف��ي كل خير‪ ،‬والموت راحة لنا من‬
‫كل شر‪.‬‬

‫اللهم عافنا ف��ي عقولنا‪ ،‬وعافنا في أبدانن��ا‪ ،‬وعافنا في‬


‫أنفس��نا‪ ،‬وعافنا في أوالدنا‪ ،‬وعافنا ف��ي ذرارينا‪ ،‬وعافنا في‬
‫مجتمعنا‪ ،‬وعافنا في أموالنا‪ ،‬وعافنا في كل شيء‪ ،‬اللهم ربنا‬
‫احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا‬
‫ومن فوقنا ونع��وذ بعظمت��ك أن نغتال من تحتن��ا‪ ،‬اللهم‬
‫احفظنا باإلس�لام‪ ،‬اللهم احفظنا باإليم��ان‪ ،‬اللهم احفظنا‬
‫بالتقوى‪ ،‬اللهم احفظنا بالبر اللهم احفظنا باألمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر‪ ،‬إنك ربنا على كل شيء قدير‪ ،‬اللهم إنا‬
‫نسألك أن تصرف هذا الوباء عنا وعن المسلمين في مشارق‬
‫جميعا‪ ،‬وأن تطه��ر منه بالدنا هذه وبالد‬
‫ً‬ ‫األرض ومغاربها‬
‫المس��لمين‪ ،‬وأن تعافي منه عبادك أجمعين‪ ،‬إنك ربنا على‬
‫كل شيء قدير‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫اللهم احفظنا بحفظك‪ ،‬وارعنا برعايتك‪ ،‬واكألنا بكالءتك‪،‬‬
‫وال تكلنا إلى غيرك‪ .‬اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن‬
‫ونعول‬
‫ّ‬ ‫سيئات أعمالنا‪ .‬سبحانك ربنا نس��تغفرك ونتوب إليك‬
‫في إجابة دعائن��ا عليك‪ ،‬ونش��هد أن ال إل��ه إال أنت وحدك‬
‫محمدا عبدك ورسولك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال شريك لك‪ ،‬ونشهد أن سيدنا ونبينا‬
‫اللهم ص ِّل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وعلى‬
‫تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين‪ .‬س��بحان ربك رب العزة عما‬
‫يصفون‪ ،‬وس�لام على المرس��لين‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫وصلى اهلل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫أما بع��د؛ فإجاب�� ًة على تس��اؤل الناس وم��ا وجدوه في‬


‫نفوس��هم من الحرج من منعهم ُدخو َل المس��اجد والحيلولة‬
‫بينهم وبين إقام الجمع��ات والجماعات في بيوت اهلل تعالى‪،‬‬
‫جميعا‪ ،‬ولك��ن ال را َّد لقضاء اهلل‬
‫ً‬ ‫ال ريب أن هذا أمر يزعجنا‬
‫يبلو‬
‫وال معقّب لحكمه‪ ،‬فإن اهلل تعالى ابتالن��ا بهذا ألجل أن َ‬
‫ق في هذا‬
‫��د َ‬
‫ص ُ‬ ‫إيمانن��ا‪ ،‬وعلينا أن نرج��ع إلى اهلل ‪ ، 4‬وأن َن ْ‬
‫اإليمان‪ ،‬وأن نك��ون حقًا آخذين بكت��اب اهلل‪ ،‬حريصين على‬
‫اتباع هدي رسول اهلل ژ ‪ ،‬مستمسكين بالعروة الوثقى من هذا‬
‫ٍ‬
‫الدين‪ ،‬إن اهلل على كل شيء قدير‪.‬‬

‫هذا؛ وال ريب أن اإلنسان عليه أن يحترز‪ ،‬فاالحتراز يجب‬


‫على اإلنس��ان م��ن كل أذى‪ ،‬فإ َّن ص��و َن النفس البش��رية من‬
‫الضرورة بمكان‪ ،‬فمن األمور الضرورية التي ُتعتبر في مقاصد‬

‫‪29‬‬
‫ض هذه النفس‬ ‫الش��ريعة‪ :‬حفظ النفس البش��رية‪ ،‬حتى ال ُت َع َّر َ‬
‫لشيء‪ ،‬ولذلك جاء في كتاب اهلل تعالى بأن من أحياها فكأنما‬
‫أحيا الناس جميعا‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬
‫ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ﴾ [المائدة‪.]٣٢ :‬‬
‫فالنفس البشرية لها قيم ٌة عظيمة‪ ،‬ولذلك يجب االحتراز من كل‬
‫ما يؤدي إلى الضرر بالنفس البشرية‪.‬‬

‫المضار‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫النب��ي ژ االحت��راز والتوقِّي م��ن‬
‫ُّ‬ ‫وقد ع ّلمن��ا‬
‫فالرس��ول ژ بالنس��بة إلى الوباء علَّم أمته كي��ف يتصرفون‪،‬‬
‫بحيث نهاه��م إذا نزل الوباء ب��أرض أن يخرج��وا منها‪ ،‬وإذا‬
‫س��معوا به في مكان أن يذهبوا إليه‪ ،‬كلُّ ذلك ألجل االحتراز‪،‬‬
‫يضر بغيره إن ن��زل الوباء بأرض‬
‫َّ‬ ‫أما منعه من الخ��روج فلئال‬
‫حتى ال ينقل هذا الوباء من أرض ٍ هو فيها إلى أرض ٍ ليس هو‬
‫فيها‪ ،‬وأما منع الس��فر إلى البلد الذي في��ه الوباء فذلك ألجل‬
‫حرز النفس وصونها م��ن أن تصاب به ـ والعياذ باهلل ـ‪ .‬فلذلك‬
‫يجب االتقاء‪ ،‬وبجانب ذلك النب��ي ژ قال‪« :‬ف ِ َّـر من المجذوم‬
‫فرارك من األسد»(((‪.‬‬

‫((( أخرجه ابن جرير الطبري؛ تهذيب اآلثار‪( ،‬رقم‪ ،38 :‬ص ‪.)17‬‬

‫‪30‬‬
‫والش��عائر الدينية لها قيم�� ٌة عظيمة في نفوس المس��لمين‬
‫جميعا‪ ،‬وكلنا نتألم من ع��دم إقامة الصلوات في المس��اجد‪،‬‬
‫ولكن ماذا عس��ى أن نعمل؟ والرس��ول ژ َب ّين أنه في حالة‬
‫الضرورة يصلي الناس في بيوتهم‪ ،‬حتى فيما هو أدنى من هذا‪،‬‬
‫فالنبي ژ عندما تكون ريح ش��ديدة أو يكون مطر مزعج نو ًعا‬
‫ما أمر أن يقول المؤذن ف��ي أذانه‪« :‬أال صلوا ف��ي الرحال أال‬
‫صلوا في الرحال»(((‪ ،‬أي كل ٌ‬
‫أحد منك��م يصلي في بيته حتى‬
‫ال يعرض نفس��ه لألذى‪ ،‬وإذا كان هذا في الريح وفيما هو أقل‬
‫من الوباء فكيف بالوباء؟‬

‫فإذن هذا عذر‪ ،‬ومع ذلك علين��ا أن نتقي اهلل‪ ،‬وأن نحرص‬
‫على إقامة الشعائر في بيوتنا بحسب ما يتسنى لنا‪ ،‬وأن نتوكل‬
‫على اهلل ‪ ، 8‬وأن نأخذ بأوامر الشارع الحكيم في اتقاء المضار‬
‫على اختالفها‪ ،‬فالنبي ژ أمرنا باالحتراز من كل ما فيه مضار‪:‬‬
‫«ف ِ َّـر من المجذوم فرارك من األس��د»‪ .‬وهكذا كل ما يؤدي إلى‬
‫انتشار المرض يجب أن نفر منه كفرارنا من األسد‪ .‬وقانا اهلل كل‬
‫ش��ر‪ ،‬وحفظنا من كل س��وء‪ ،‬وجنبنا كل مكروه‪ .‬إنه على كل‬
‫شيء قدير‪.‬‬

‫((( أخرجه عبد الرزاق؛ المصنف‪( ،‬رقم‪.)493/1 ،1901 :‬‬

‫‪31‬‬
‫الحلول الربانية لدفع البالء والمحن‬
‫وإنه مما يج��ب علين��ا أن نح��رص عليه ونس��ارع إليه‪:‬‬
‫ما أرش��دنا إليه النبي ژ من عالج األسقام واألمراض وعالج‬
‫المرضى أيضا بالصدقات؛ فإن الصدقات تطفئ غضب الرب‪،‬‬
‫وتدفع البالء‪ ،‬وتكش��ف الكرب‪ ،‬فلذلك ندع��و إلى التصدق‬
‫والمسارعة إلى الصدقات‪ ،‬واهلل ‪ 4‬يتقبل من عباده صدقاتهم‪،‬‬
‫ويكش��ف ضراءهم‪ ،‬ويرفع بالءهم‪ .‬إنه تعالى على كل ش��يء‬
‫قدير‪ .‬وصلى اهلل وسلم على س��يدنا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪ .‬والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫‪32‬‬

You might also like