You are on page 1of 3

‫عقد ديداكتيكي‬

‫مقاربة أولى للمفهوم‬


‫إن دراسة مساحة التفاعالت بين مختلف المتدخلين في وضعية ما يطرح مسألة التنظيمات التي تنش أ‬
‫نتيجة هذه التفاعالت‪ .‬هذه التنظيمات أو الترتيب ات وم ا ينتج عنه ا من ت أثيرات يمكن تحليله ا على ش كل‬
‫تعاقدات‪ ،‬فنتحدث عن عقد بيداغوجي‪ ،‬وعقد اجتماعي‪ ،‬وعقد تواصلي وعقد ديداكتيكي‪.‬‬
‫العقد الديداكتيكي هو مجموع الترتيبات والتنظيمات وتأثيراتها يتأس س من خالل التف اعالت بين الم درس‬
‫والمتعلمين في ارتباط بوضعية ما واألهداف المتوخاة منها‪.‬‬
‫إضاءة‪:‬‬
‫مفهوم العقد؛ كما هو في الديداكتيك له وظيف ة أساس ية لوص ف وتفس ير ع دد من الوظ ائف النش يطة‬
‫وغير النش يطة المالحظ ة داخ ل وض عيات‪ ،‬كم ا أن التب ادالت المتبع ة في قس م م ا – مثال أس تاذة تري د‬
‫توضيح المد "وو"‪ -‬يمكن تحليلها من خالل تعاقدات مختلفة (الهير‪:)99-98-1993‬‬
‫مدرس‪ :‬شكله بيضوي ولونه أخضر أو أحمر أو أسود‪...‬‬
‫تلميذ‪ :‬زيتون‬
‫مدرس‪ :‬السماء ملية ب‪...‬‬
‫تلميذ‪ :‬الغيوم‬
‫مدرس‪ :‬الدجاجة لها صغير إنه‪...‬‬
‫تلميذ‪ :‬كتكوت‬
‫مدرس‪ :‬عندما نريد الشرب نشتري‪...‬‬
‫تلميذ‪ :‬كوبا‬
‫في المقام األول‪ ،‬يمكننا مس اءلة ك ل التب ادالت‪ .‬اللعب ة هاهن ا أن الم درس يطلب من المتعلمين تكمل ة‬
‫الجمل‪ ،‬هذا "النموذج التقليدي" من التبادالت مسموح ب ه تش ريعيا بين المت دخلين (م درس ‪ /‬تلمي ذ)‪ ،‬لكن‬
‫أيضا من خالل مواقف غير متكافئة بين هؤالء في عالقة بالمعرفة المعني ة (فك رة التول د الطوب وغرافي‪:‬‬
‫التموضع في الفضاء)‪.‬‬
‫في المقام الثاني‪ ،‬يكشف الخلل الوظيفي الذي انتهى به هذا المقطع أيضا أن القواع د الض منية بالق در‬
‫نفسه تدير هذه التف اعالت‪ ،‬وقب ل ك ل ش يء‪ ،‬يمكن إع ادة بنائه ا بش كل مختل ف من قب ل الف اعلين داخ ل‬
‫الفصل‪ .‬هنا يمكن تفسير هذا التشويه الحاصل بين القواعد التي يحاول المدرس ترسيخها‪ ،‬والقواع د ال تي‬
‫يحاول التالميذ بناها ألسباب محلية (داخل الفصل)‪ .‬وكمثال على ذلك نأخذ التص ادم في تص ور الغ رض‬
‫من التب ادل‪( ...‬دراس ة الكلم ات المتض منة ل"وو" أو للص وت "ض متين") (إمك ان اق تراح كلم ات م ع‬
‫توضيح الفرق)‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫لكن‪ ،‬يمكن للم رء أيض ا أن يج ادل ح ول التح ديات ال تي ق د تتج اوز الوض ع ال ذي تمت دراس ته‪،‬‬
‫كاالستعماالت االجتماعية المختلفة خطابا (اللسان الدارج نموذجا) (هنا يظهر البعد ال ذي يض ع الم درس‬
‫أمام االستعماالت المختلفة المرتبطة بالممارسة التطبيقية)‪.‬‬
‫في النهاي ة‪ ،‬ه ذا المث ال يعتم د فك رة أن نمط ا واح دا من التعاق د ال يمكن أن يش مل جمي ع القواع د‬
‫والتحديدات التي تؤسسه‪ ،‬ألن بعضها يكون مرتبطا بالوضعية وموضوع التعلم‪ ،‬في حين تعاقدات أخ رى‬
‫تكون في مستوى أدنى‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإنه يسمح لنا بمالحظة أن العقود المذكورة أعاله تشترك في ع دة نق اط‪ .‬أوًال‪ ،‬فهي ليس ت‬
‫محددة في معظم األحيان‪ ،‬وال يتم ذكر العقوبات في حالة االنتهاك‪ .‬ثانًيا‪ ،‬فهي ليست محددة لم دة مح ددة‪،‬‬
‫ولكنها تبدو متحركة ومستمرة في البناء المشترك‪.‬‬
‫يبقى التمي يز بين أن واع العق ود المس تخدمة في مج ال الدي داكتيك‪ .‬يمكن اس تخدام المعي ار الرئيس ي‬
‫للتمييز وهو أصل المحددات التي تشرح التنظيم ات‪ .‬يمكن أن يك ون ه ذا األخ ير مقص وًر ا على الفض اء‬
‫الضيق للموقف (الوضعية)‪ ،‬كما يمكن تجاوزه‪.‬‬
‫في هذه الحال ة األخ يرة‪ ،‬يمكن اس تدعاء مس احات مختلف ة‪ :‬مج ال المؤسس ات (المدرس ة أو الفص ل‬
‫الدراسي)‪ ،‬مجال االنضباط المدرسي‪ ،‬مج ال النفس ية‪ ...‬هك ذا‪ ،‬ط ورت ج انين فيل و ع ام ‪ 1974‬مفه وم‬
‫"العقد البيداغوجي"‪ ،‬واستمدته من عقد أولي من أص ل مؤسس ي‪ .‬يتض من ه ذا العق د األولي ال ذي يح دد‬
‫األدوار والوضعيات المختلفة للمتعلم والمدرس بنًد ا مركزًيا‪" ،‬واجب التدريس والتربية‪ ،‬والح ق في التعلم‬
‫والتربية" (فيلو‪ .)314 :1996 ،‬وفًقا لها‪ ،‬فإن العالقة بين الخضوع والهيمنة التي يجب أن ينش ئها ه ذا‬
‫العقد هي عنف كبير جًد ا بحيث ال يمكن أن يستمر هذا العقد‪ .‬ثم يتم إنشاء عقد آخر‪" ،‬العقد البيداغوجي"‪،‬‬
‫في العالقة بين المعلم والطالب إلخفاء هذا العقد األولي بشكل مصطنع‪ ،‬كما تقول فيلو (‪،)316 :1996‬‬
‫في‪ :‬عقد جديد‪" ،‬عقد استثنائي ذو بنية تناقضية"‪ ،‬قادر على وضع وضمان الق انون ال ذي ُيؤس س التب ادل‬
‫والعطاء والموافقة على العطاء‪ ،‬وضمان تنظيم النظام من خالل ضمان عدم انتهاك ترتيب المواق ف‪ .‬من‬
‫هذا العقد الجديد‪ ،‬يظهر بند مركزي‪ :‬وهو عالقة الهوي ة والتعري ف القائم ة على الحب‪ ،‬وبالت الي إمكاني ة‬
‫المدرس لتأسيس نفسه كوكيل مؤسس لنظ ام تع ريفي‪ .‬إذن‪ ،‬يش ير ه ذا العق د البي داغوجي إلى "الن وابض‬
‫الالشعورية لديناميكية التدريس" وفًق ا لتعبير كلودين بالنشارد‪-‬الفيل (‪ .)65 :1989‬تميل أعمال األخيرة‬
‫أيًض ا إلى وض ع ج زء من التحدي د كموض وع للدراس ة "الن اجم عن بع د الالوعي‪ ،‬وال ذي ي ؤثر على‬
‫سلوكيات أطراف فعل التدريس دون علمهم‪ .‬يمكن أيًض ا اعتبار أن التخصص الدراسي هو مساحة تعكس‬
‫إنشاء وضرورة عقد‪.‬‬
‫في الواقع‪ ،‬يمكن تفسير بعض التنظيمات التي تدير التفاعالت بين المدرس (المعت بر في ه ذه الحال ة‬
‫كمدرس لتخصص مدرسي) والمتعلمين على أنها تحديث وبناء لوصفات وتوصيات تميز هذا التخصص‪.‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬يبدو أن القيود التي تحكم وفًقا للتالمي ذ‪ ،‬ط ول النص وص ال تي يجب إنتاجه ا يمكن أن‬
‫ُت عزى إلى "عقد تخصصي"‪ ،‬حيث إنها مختلفة حسب ه ذه التخصص ات‪ .‬وهك ذا‪ ،‬يعتق د تالمي ذ المدرس ة‬
‫اإلعدادي ة أن ه يجب إنت اج "نص وص قص يرة" في الرياض يات و "طويل ة" في اللغ ة الفرنس ية ((‬
‫‪Lahanier-Reuter، Reuter، 2002‬‬

‫‪56‬‬
‫وهناك أنواع أخرى من العق ود ال تي تمت دراس تها في الدي داكتيك تعكس تنظيم ات تعتم د مح دداتها‬
‫بشكل وثيق على الوضعية نفسها‪ .‬في ه ذه الحال ة‪ ،‬يتعل ق األم ر بعق ود محلي ة ومؤقت ة‪ .‬أوله ا ه و العق د‬
‫الديداكتيكي محدد من قبل )‪ Guy Brousseau (2003: 5 sq.‬بالطريقة التالية‪:‬‬

‫"العقد الديداكتيكي هو مجموعة االلتزامات المتبادل ة والعقوب ات ال تي يفرض ها ك ل ش ريك في الوض عية‬
‫التعليمية؛‬

‫أو يعتقد أنه يفرضها‪ ،‬صراحة أو ضمنيا‪ ،‬على اآلخرين؛‬ ‫‪‬‬

‫وتلك التي يفرضها عليه أو يعتقد أنه يفرضها عليه‪ ،‬بخصوص المعرفة المعنية‪".‬‬ ‫‪‬‬

‫تستند دراسة التفاعالت في الموقف إلى فرضية‪ ،‬مقبولة من قبل معظم الديداكتيكيين‪ ،‬مفاده ا أن المعرف ة‬
‫التي يتم تدريسها ال يمكن نقلها بشكل مباشر أو فوري أو كامل‪ .‬تؤدي هذه الفرض ية إلى قب ول فك رة أن ه‬
‫في أي موق ف تعليمي وتعلمي‪ ،‬ال يتم مش اركة أه داف المعرف ة في البداي ة‪ ،‬وال يعرفه ا جمي ع ف اعلي‬
‫الموقف بالتساوي‪ ،‬ألن المدرس والتالميذ لديهم مواقع غير متماثلة فيما يتعلق بالمعرف ة‪ .‬وم ع ذل ك‪ ،‬ف إن‬
‫القول بأن التلميذ ال يعرف مشروع المدرس‪ ،‬وبالت الي ه دف الموق ف ال ذي ُيطلب من ه االنخ راط في ه ال‬
‫يعني أنه يتجاهله تماًما‪ .‬نظًر ا ألنه لديه بالفعل خبرات في المواقف التعليمية‪ ،‬يمكنه افتراض هذه األهداف‬
‫وإعادة بناء توقعات المدرس‪ .‬يعني القول إن المدرس يتوقع هدًفا في الموقف أنه ال يعني أيًض ا أنه يمكن ه‬
‫فرض الهدف الذي حدده لنفسه‪ .‬فال يتم وص ف الموق ف على أن ه الكش ف الت دريجي عن ه دف المعرف ة‬
‫تحت سيطرة المدرس المطلقة‪ .‬على العكس من ذلك‪ ،‬نفترض بدًال من ذلك أن هدف الموق ف س يتم بن اؤه‬
‫بشكل مشترك في تفاعالت بعضهم البعض‪ ،‬دون أن نكون متأكدين من أنه سيكون هو نفسه لجميع فاعلي‬
‫الموقف‪.‬‬

‫‪57‬‬

You might also like