Professional Documents
Culture Documents
يمكن الحصول على المعلومات عن إنسان ما قبل التاريخ ( اإلنسان البدائي) عن طريق علماء اآلثار
واألنتربولوجيين واألنثولوجيين ،فعلم اآلثار يهتم بدراسة البقايا والشواهد المادية للشعوب ،أما
االنتربولوجيا فتهتم بدراسة بقايا الهياكل العظمية لإلنسان ،واألنثولوجيا تدرس القبائل البدائية في العصر
الراهن مثل التسمانيين المتواجدين في أستراليا وإفريقيا،إذ يشير" " Sallasإلى وجود تشابه كبير بين
الرسومات والصناعات البدائية مع رسومات وصناعات هذه المجتمعات التي تعيش في العصر الحالي .و
يتفق العلماء على أن اإلنسان البدائي هو ذلك اإلنسان الذي عاش في الفترة الممتدة من بداية العصر قبل
الحجري ثم العصر الحجري وعصر الرعي إلى العصر الزراعي.
ــ العناية بالحاضر وإشباع الحاجات األساسية وعدم االه تمام بالمستقبل.
ــ الضبط االجتماعي وااللتزام الخلقي ألن أقدم المشكالت االجتماعية كانت الضبط ومنها جاءت
فكرة"التابو" وهو إجراءات ردعية بمثابة القانون في العصر الحالي.
1ـ1ـ أهداف التربية البدائية :إن الخلفية االجتماعية للمجتمع تعكس نظامه التربوي وتحدد أهدافه ،فأهداف
اإلنسان ف ي الحياة البدائية بسيطة ،ساذجة ومحدودة ال تتعدى حدود إشباع حاجاته البيولوجي الضرورية
وضمان البقاء وتحقيق التكيف مع البيئة .إذن نجد التربية هي األخرى بنفس السمات من بساطة وسذاجة و
أهدافها ال تتعدى:
أــ إعداد اإلنسان لتحصيل الغذاء وتدبير المأوى والتكيف وتعلم عادات القبيلة وطقوس السحر واسترضاء
األرواح لضمان البقاء.
ب ــ مسايرة األفراد للجماعة وفرض سلطتها وتقييدهم بالمسؤوليات دون تمييز.
أــ تربية نظرية :تهدف إلى تفسير المشكالت التي تعترض اإلنسان ومظاهر البيئة وعالم األرواح وكيفية
استرضائها(تربية روحية).
ب ــ تربية عملية :تهدف إلى إعداد البدائي على الجوانب المادية للحياة التي تشتمل نشاطات
الجماعة(جمع الغذاء،الصناعات البدائية البسيطة،أمن القبيلة ،الصيد ،).....ولهذا محتوياتها كانت بسيطة
مرتبطة بجوانب الحياة البسيطة للبدائي(عالم األرواح،العادات االجتماعية ،الحاجات البدنية).وبهذا كانت
األسرة والقبيلة هما المؤسستان التربويتان الوحيدتان المسؤولتان عن إعداد الطفل و تربيته.
1ـ3ـ طرق التربية وأساليبها :اعتمد البدائي في عملية التنشئة أساليب بسيطة في بعض األحيان مقصودة
وفي أحيان أخرى عفوية وتلقائية ومن أهم هذه الطرق:
أ ــ الطريقة العضوية :باستعمال أعضاء الجسم ،فبعد أن اكتشف قدرة يده على مسك األشياء ورميها
أصبح حريصا على نقلها أل بنائه في نشاطا مختلفة كالصيد ،وكذلك األمر عندما تنبه إلى أن صوته القوي
قد يخيف بعض الحيوانات واألعداء .
ب ــ التقليد الالشعوري :يتجسد في تقليد الصغار ألنشطة الكبار بطريقة عفوية وتلقائية أثناء اللعب.
ج ــ التقليد الشعوري :تظهر في تقليد البدائي لغيره في المهارات كالصيد وصنع األسلحة وغيرها،
وتدريجيا ظهرت طبقة الكهنة والسحرة واألطباء والمعلمين لتظهر طريقة التلقين مع تطو خبرة اإلنسان
وكان موضوعها األساسي العبادات ،طقوس السحر ،القوانين واألخالق وضوابط السلوك.
1ـ4ـ التنظيمات التعليمية :لم تكن هناك تنظيمات تعليمية على النحو الذي نفهمه اآلن فال مدارس وال
صفوف وال مقررات دراسية .ويبقى العنصر التنظيمي الوحيد هو مراسيم التكريس واختبارات النضج
والتي تتضمن مجموعة من االختبارات البدنية والمنافسات الساخنة يخوضها المراهقون والشباب في
القبيلة ليصبحوا أعضاء كاملين في القبيلة وقد تدوم سنوات .
2ــ التربية في الحضارات الشرقية القديمة:
يرجع تاريخ الحضارة المصرية القديمة إلى العصر الحجري القديم ،وقد قامت في شمال إفريقيا أين استقر
جامعو الغذاء والصيادين على الهضبة اإلفريقية بعد جفافها وتحولها إلى صحراء بعد العصر الجليدي.
فيما بعد انتقلوا للعيش على ضفاف نهر النيل لما يميزه من ظروف مالئمة للعيش(المياه ،مصادر الغذاء،
األمن ألنه محاط بالصحاري) ،عاشوا شكل قبائل استطاع بعضها السيطرة على األخرى حتى نشأت
مملكتين إحداهما شمال النهر واألخرى جنوبه.
عرف المصريون منذ القديم باستئناس الحيوانات وتحسين السالالت ،كما مارسوا الزراعة وهم أول من
ابتكر مفهوم االدخار وأصبحوا منتجين لغذاء بدال من جمعه ،استعملوا النباتات في صنع مالبسهم
واستعملوا الحجارة وجذوع األشجار في بناء بيوتهم.ثم اكتشفوا المعادن كالنحاس والذهب والفضة لكنها لم
تستعمل سوى للزينة.
ــ القديمة التي امتد حكمها من األسرة األولى إلى األسرة الحادية عشر.
ــ الوسطى وتمتد من األسرة الثانية عشر إلى األسرة السابعة عشر.
في القرن 34ق م توحدت مملكتي الشمال والجنوب وكان من نتائجها ازدهار الحضارة المصرية وقد
تجسدت مظاهر هذا االتحاد فيما يلي:
ــ التقدم العلمي في مختلف المجاالت كالكيمياء(التحنيط أكبر دليل على ذلك) ،الهندسة والميكانيك(
األهرامات تمثل أكبر شاهد على ذلك).
كل هذه المظاهر الحضارية أدت إلى توسع رقعة مصر فقد ضمت إليها العراق وجنوب بالد العرب
والصومال وتحسنت عالقاتها مع الجيران خاصة التجارية منها.
في خضم هذا االنتعاش الحضاري واالقتصادي لمصر ظهر "أخناتون" بعقيدته التوحيدية فحاربه الكهنة
وانقسم المجتمع المصري إلى مؤيد لـ "أخناتون" ومعارض فعمت الفوضى وانقسم الحكم وتراجعت
الثروة وغزيت مصر من كل الجهات وسقطت في أيدي الرومان واليونان.
2ـ1ـ1ـ شكل التربية وأهدافها :تشير آثار المصريين إلى تطور الحياة االجتماعية وتعدد أوجه نشاطها
الديني ،العلمي ،السياسي ،االقتصادي مما جعل الحياة فيها معقدة وبالتالي لم تكن األسرة وحدها قادرة على
تقديم الرعاية والعناية الكافية للناشئة ،فتطلب األمر استحداث المدارس لتساعد األسرة في مهمة التربية.
لما كانت الحياة في هذا المجتمع بهذا التعقيد فإن أهداف التربية اتخذت أشكال متنوعة تراوحت بين التنمية
الثقافية والمهنية واالجتماعية والد ينية .....كما أن كون المجتمع مقسم إلى أربع طبقات( الكهنة ــ مالك
األراضي ــ األحرار وهم المشتغلون بالحرف ــ العبيد) فإنه من أهداف التربية إعداد الناشئ للقيام بالنشاط
الذي تمارسه طبقته ،مع انفتاح بين الطبقات ،أي ال مانع لالنتقال للطبقات األعلى شرط أن يبدي المتعلم
تفوقا وتميزا يؤهله لالرتقاء أو بأن يحظى بزوجة من الطبقة العليا .وتعتبر الكتابة عندهم أرقى مهنة
فالكاتب فقط يمكنه أن يحظى بوظيفة في القصر.
أــ تربية ثقافية :تهتم بتعليم القراءة والكتابة وقيمتها مرتفعة خاصة عند التجار والحرفين وتساعدهم على
تحرير العقود والسجالت التجارية.
ج ــ تربية دينية اجتماعية :تهتم بتعليم مراسيم الدفن والمواعظ والحكم واآلداب العامة واألساطير التي
تصاغ في شكل قصص أو وصايا ،إضافة إلى األهازيج واألغاني وقصص المشاهير وأخبار الرحالت.
2ـ1ـ2ـ طرق التربية وتنظيماتها الرسمية :اعتمد المصريون القدماء على طريقة التلمذة الصناعية في
تعليم الحرف والحفظ واالستظهار في األخالق واآلداب والحكمة ...والتقليد والتكرار في تعليم الكتابة من
خالل نسخ السجالت والعقود حسب المهن،و أخيرا طريقة الحوار والمناقشة فيما يتعلق بالنصوص الدينية.
أما فيما ي تعلق بالتنظيمات التعليمية فحياة الطفل مقسمة إلى مرحلتين:
ــ الصبا :من الرابعة إلى الرابعة عشر،يتعلم فيها أدواره.وبعد الرابعة عشر يقوم بأدواره .
كانت المؤسسة األولى التي ترعى الطفل هي األسرة تؤمن له كل احتياجاته وتتيح له المجال للمشاركة في
كل أنشطتها المنزلية كما توفر جوا أسريا تتسم عالقاته بقدر كبير من العاطفة مما ينمي لديه الحرية
واإلبداع.
ينتقل بعدها الطفل إلى التعليم النظامي أي المدرسة التي شهدت تنوعا على خالف المجتمعات التي
عاصرتها ،أهمها:
ــ مدارس المعابد :مخصصة لتعليم الكتابة وفنونها لتخليد التراث والعلوم.
ــ مدارس القصر :مخصصة ألبناء الملوك ويختار لهم رفقاؤهم ومدرسيهم بعناية.
ــ المدارس الحكومية :والتي تنقسم بدورها إلى :ــ مدارس الكتب والوثائق
ــ اإلسطبل الملكي :يتعلم فيه أبناء النبالء الكتابة والعلوم العسكرية.
ــ المعابد :هي مراكز للتعليم العالي ،مثل جامعة "عين شمس" وجامعة "أون"(متخصصة في
الرياضيات،الفلك،العلوم الطبيعية،الهندسة).......وقد درس فيها الكثير من الفالسفة اليونانيين أمثال طاليس
و أفالطون و غيرهما.
يطلق عليهم اسم ب ني إسرائيل أو العبرانيين أو اليهود ،ويعود نسبهم إلى النبي يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم عليهم السالم.
كثر نسب بني إسرائيل في عهد سيدنا يعقوب وخشي فرعون تكاثرهم فأمر بقتل أطفالهم الذكور كي
يقضي على ساللتهم ،واضطهدوا و سخروا لألعمال الشاقة والبناء حتى ضاق بهم الحال فخرجوا من
مصر في عهد سيدنا موسى عليه السالم ،اتجهوا إلى سيناء وتذمر ولحق بهم األذى والتشريد إال أن سيدنا
موسى حاول أن يجمعهم حول عقيدته التوحيدية التي تدعو إلى العدل ،الكرامة ،المساواة ،النهي عن القتل
والسرقة وعتق العبد العبراني....
كان عصر اآلباء(إبراهيم،إسحاق،يعقوب،يوسف عليهم السالم) الموجه الرئيسي لتاريخ اليهود عبر
العصور ،فلما تجلى الرب لسيدنا إبراهيم عليه ا لسالم ــ كما ورد في الكتاب المقدس ــ أخبره بأن نسبه
سيكثر ويضرب في األرض 344سنة ووعده أن ينال بنو إسرائيل األرض الممتدة بين نهري النيل
والفرات ،فاتخذ اليهود من هذه القص ة عقيدتهم التي تدور حول فكرتين أساسيتين :األولى هي أنهم شعب
الله المختار والثانية هي أرض الميعاد ،لتتحول هذه المعتقدات بعد أن ظلوا عن شريعتهم والتشريد بهم
مقومات التف حولها بنو إسرائيل ليجتمع شتاتهم في فلسطين في العصر الحديث .
في عهد سيدنا موسى عليه ا لسالم استطاع أن يغرس تشريعه وتنظيمه في نفوس اليهوديين وحرص
على تقوية أواصر التضامن االجتماعي فكان أول قائد وضع أسس القومية واإلحساس بالنظام الجمعي
ومحبة الوطن مستندا في ذلك على الوصايا العشر( 3منها تحدد العالقة بين اليهودي والرب و 6تنظم
العالقة بين اليهود يين فيما بينهم).
إضافة إلى التوراة والتلمود وهي المصادر األساسية للتشريع والفكر اليهودي وقد ساعدا على تنمية
القومية لدى اليهود خاصة بعد تحريف التوراة بما يخدم مصالحهم.
2ـ2ـ1ـ شكل التربية وأهدافها :ساد على التربية اليهودية روح المحافظة عل المظهر الديني والخلقي
لتصورهم واعتقادهم العالقة والصلة والحميمية مع الرب والمسؤولية الفردية تجاهه ألنه شعب الله
المختار.
ــ إعداد مواطنين مخلصين للرب (في عهد سيدنا موسى عليه السالم) ،أما بعده فقد تحولت إلى إلى إعداد
اليهودي المتعصب لعرقه.
ــ غرس تعاليم الدين اليهودي ومعتقداتهم من خالل المراسيم الدينية والعادات والتقاليد والقيم االجتماعية
والحرص على نقلها للناشئة.
ــ تزويد الناشئة بالخبرات والمهارات الضرورية لممارسة مختلف الحرف والمهن كالزراعة والرعي
والحياكة......فقد عرف اليهود منذ القدم بأنهم عملييين.
كما كانت تعتمد في األساس على التدريب المنزلي بالنسبة للنساء على مهارات إدارة شؤون البيت إلى
جانب فنون الرقص والغناء وكانت المرأة تمثل الركيزة األساسية في التربية ،و الرجال يتدربون مهنيا
إلعالة األسرة وكانوا يقدسون العمل وهناك حكمة عندهم تقول" من ال يعلم ابنه مهنة فهو يدفعه ألن يكون
لصا" ،وبهذا تعتبر األسرة مهمة جدا في المجتمع اليهودي.أما التربية الفكرية والتنمية الثقافية والعلمية
فكانت تمثل شيئا ثانويا.
2ـ2ـ2ـ محتويات التربية وتنظيماتها :مما سبق يمكننا أنتصر ما يتعلمه الناشئة في مجتمع بني إسرائيل
فهو ال يتعدى التاريخ القومي والتلمود والتوراة بمعدل سبع ساعات يوميا لمدة سبع سنوات ،فالتوراة
المحرف طبعا هو أول كتاب يوضع بين يدي الطفل ومنه تؤخذ كل النصوص في تعليم الكتابة
والقراءة.إلى جانب اللغة العبرية التي ال تقل شأنا عن التاريخ القومي والتوراة والتلمود،وفي األخير يتلقى
المتعلم بعض الفنون كالرقص والعزف.
أما عن المدارس اليهودية فقد ظهرت سنة 63ق م وألحقت بالمعابد ،يلتحق الطفل بـ:
1ــ المدرسة االبتدائية :في سن السادسة ليتعلم القراءة والكتابة والعقيدة والتاريخ حتى سن الخامسة عشر
وال ينهي هذه المرحلة أال ويكون قد أنهى التلمود كامال .
2ــ مدارس األنبياء :ليتلقى التفسير الديني للقانون والشعر المقدس وأساليب الدعوة.
3ــ مدارس الكتاب :تعقد في بيوت الكتاب المعروفين ،مخصصة للدراسات التحليلية للتوراة والتلمود
وبعدها يفتح المجال لدراسة العلوم العلمانية :الرياضيات والفلك والجغرافيا.....
يعتمد المعلمون على أساليب الحفظ واالستظهار والتكرار في المرحلة االبتدائية خاصة في النصوص
الدينية وغيرها،ثم المحاضرة والمناظرة في المستويات األعلى.ويؤكد اليهود على العقاب البدني لألطفال
الكبار لكن دون مبالغة،فالقاعدة التربوية لديهم تقو ل" عاقب الطفل بإحدى يديك وداعبه بكلتيهما" وهي
موجودة في كتاب التلمود.
2ــ 3ــ التربية عند الهنود القدامى:
يمتد التاريخ الهندي في الماضي إلى 0044ق م ،فقد عاصر الهنود حضارة مصر القديمة على ضفاف
نهر النيل والحضارة السومرية في بالد الرافدين.
كانت الزراعة والتجارة وصناعة األواني عماد الثروة في المجتمع الهندي القديم إلى جانب استئناس
الحيوانات وكان المجتمع الهندي مقسم إلى أربع طبقات تنفرد كل واحدة منها بقانون يحكمها وبحقوق
واجبات تميزها عن األخرى،هذه الطبقات هي :ــ البراهمانيين(الكهنة)
ــ المحاربين
ــ العبيد(المنبوذين )
ال يسمح ألي فرد االنتقال من طبقته إلى طبقة أعلى مهما كان وضعه أو مهما أبدى من التميز ،وكانت
مكانة المرأة في المجتمع متدنية جدا فهي ترمز للذنب وتعتبر كائنا نجسا ال يسمح لها حتى بلمس الكتب
المقدسة فهي المذنبة إذا مات زوجها وتعاقب بدفنها حية أو بحرقها.
أما من الناحية الدينية بالنسبة للهنود فالله حاضر في كل شيء وفي كل مكان ،يتجسد في األرض
والسماء وفي ا لكواكب والشمس وقمم الجبال والوديان وفي كل الظواهر الطبيعية ،كما يؤمنون بخلود
األرواح وتناسخها وأن الحياة الحقيقية هي أن يصل الفرد إلى الذوبان في الذات اإللهية (النيرفانا) وهي
أعلى درجات الطمأنينة والحكمة والخير.ثم ظهرت الديانة البوذية ( نسبة لبوذا) لكنها لم تغير شيئا في
عقائد اليهود فهو يرى أن الشر أصله األهواء البشرية (إذا أراد اإلنسان الوصول إلى الطمأنينة عليه أن
يتخلى عن ذاته).
أــ اإلعداد للحياة األخرى ومساعدة الفرد على الذوبان في المطلق أو الذات اإللهية اعتمادا على تنمية
االتجاهات الدينية والوجدانية ألفراد المجتمع وإقناعهم بانتماءاتهم الطبقية وقتل كل مبادرة للتغيير أو التقدم
واإلبداع لدى الفرد من جهة والتنمية العقلية لطبقة الكهنة فقط لضمان استمرار امتيازاتهم وتميزهم الطبقي
ومادامت مصالحهم مرتبطة بوضعية المجتمع فقد قاوموا التغيير وحافظوا على البناء االجتماعي والتقاليد
كما هي .
المدرسة االبتدائية في سن السابعة ليتولى الكهنة تعليمهم في صفوف تعقد في أي مكان( بيت الكاهن،
المعابد ،األسواق )...ويتلقى الكهنة أجورهم مقابل ذلك من هيئات خيرية.كانت التربية فيها أقل ما يقال
عنها سطحية وساذجة ال تعنى بتطوير قدرات الفرد بقدر ما تعنى بتطبيعه على انتمائه الطبقي وقتل روح
المبادرة لديه.
وفي مستويات أعلى كانت هناك كليات احتكرها الكهنة ألنفسهم،وكان لها دور تعليمي ،تثقيفي وتدريجيا
أصبحت الكليات تسمح ألفراد من الطبقات األخرى االلتحاق بها لكن بشرط المحافظة على الطبقية.
كانت الكتب المقدسة ( الفيدا) وهي كتب تحتوي على المعارف الفلسفية والتقاليد والعادات االجتماعية
،ألفها رجال الدين الهنود في األلف األول قبل الميالد أهم المحتويات التي يتلقاها الفرد في المدرسة ،
وتركز على القيم السلبية كاالهتمام بالحياة األخرى بدل االهتمام بالحياة الواقعية وتنمية روح المسؤولية
واالعتماد على النفس والصبر على الظلم وتشجيع مذهب التقشف والعزوف عن الحياة لقتل كل
االستعدادات والحريات الفردية.
بينما يحضى الكهنة وأبناؤهم بنصيب من المحتويات المتنوعة كالفلك ،الطب ،الرياضيات ،البالغة
ولكنهم يتع لمونها في قالب جاف أي دون تطويرها،وهذا ما تفسره الطرق التقليدية والسلبية في التعليم
والتي تتعدى الحفظ والتقليد والتكرار والنسخ ،كما أن للعقاب الجسدي نصيب في تعزيز هذه السلبية.
2ــ4ــ التربية عند الصينيين القدماء:
يرجع تاريخ المجتمع الصيني القديم إلى أكثر من 3444ق م ،وتميز بروح المحافظة التي تجسدت
في الجمود ،االنغالق ،السكون والحياة الرتيبة ،كما سيطرت على فكرهم التقاليد والعادات المرتبطة
باألجداد واألسالف حتى عقيدتهم تقوم على عبادة األسالف .كان الصينيون القدامى شعبا مسالما كثير
العناية بمظاهر اللباقة والتهذيب.
جاء الحكيم الصيني " كونفوشيوس" ليعيد بناء المجتمع الصيني وفقا للمبادئ المستوحاة من 5كتب
لخصت دراسته للماضي هي:
4ـ كتاب الشعر :لخص فيه مبادئ الحياة البشرية واألخالق الفاضلة.
عبرت هذه الكتب عن رغبة " كونفوشيوس" في العودة إلى الماضي والحفاظ على النظام الثابت
وتقديس تراث األجداد و إعداد الفرد وتهيئته لشغل مكانه في النظام االجتماعي المحدد.
2ـ4ـ1ـ أهداف التربية شكلها :دارت األهداف التربوية للصينيين القدامى حول محور أساسي وهو
المحافظة على الماضي وتكريس عادات وتقاليد األجداد و صياغة الحاضر في قالب الماضي.وعلى هذا
األساس فقد ترتوحت بين:
ــ التربية الخلقية :للتدريب على العادات والتقاليد وتعليم الواجبات والمسؤوليات.
ــ التربية المدنية واالجتماعية :لتعليم أسس الحياة االجتماعية والعالقات وضوابطها.
ــ التربية البدنية :لتعليم الفنون القتالية (غايتها تقوية الجسم العقل والدفاع عن النفس فالصينيون عرفوا
قديما بأنهم مجتمع مسالم)
إن محتويات التربية الصينية القديمة كانت كلها مستمدة من فلسفة "كونفوشيوس" وتعاليمه الخلقية ــ
التي تحولت تدريجيا إلى عقيدة دينية ــ سواء في البيت أو في المدرسة ،كانت تعتمد على طرق قاسية إذ
يجلس المتعلم ساعا ت طويلة يردد ما علمه إياه المعلم ،كما كان العقاب الجسدي و المعنوي أسلوبا
أساسيا للتربية.
يلتحق الطفل بالصفوف االبتدائية ثم الثانوية ثم العليا وكلها تقام في األكواخ أو المعابد القديمة التي لم تعد
مستغلة،إال أن ما ميز النظام الصيني عن األنظمة األخرى هواستحداثه نظاما لالمتحانات في المرحلة
العليا وهي شاقة ومتعبة وعلى أساسها يتم انتقاء المؤهلين للمناصب الحكومية المرموقة.
3ــ التربية في الحضارات الغربية القديمة:
يرجع تاريخ اليونان القديمة إلى القرن الثامن قبل الميالد ،واستمرت حضارتها 43قرنا أي إلى غايى
القرن السادس ميالدي .كانت عبارة عن مدن ومستعمرات مستقلة ومعزولة حول حوض البحر األبيض
المتوسط،نظرا لتضاريسها الوعرة .وكانت كل مدينة بمثابة دولة مستقلة لها حكمها المستقل.إن انفتاح
اليونان على البحار جعل منها ملتقى للحضارات القديمة عن طريق الطرق التجارية.
ساد اليونان الحكم الديموقراطي خاصة في مدينة أثينا التي كانت من أبرز مدنها وأكثرها تأثيرا في
المسار الحضاري لليونان القديمة.
تنوعت المعتقدات الدينية في اليونان بتنوع الروافد الحضارية التي نهل منها المجتمع اليوناني ( عبادة
األلهة اإلثنى عشر ،الفلسفات الرواقية ،األفالطونية.)...
3ـ1ـ1ــ إسبرطا :التي تقع على رقعة جبلية ،سيطر عليها نظام حكم مستبد .هذان العامالن جعال ظروف
الحياة صعبة وقاسية فكان منطق القوة العسكرية هو السائد على هذه المدينة ،لذلك كان نظامها التربوي
قائما على القسوة والقوة البدنية .
ــ خلق الرجل القوي الذي يستطيع الدفاع عن حدوده وقادر على السيطرة ويؤمن بالتوسع.
كان أفراد المجتمع ملكا للدولة ،تتعهدهم بالتربية من سن السابعة من خالل التمرينات العسكرية
والبدنية القاسية والفنون القتالية والفروسية والتطبيع االجتماعي على احترام النظام وااللتزام بالمبادئ
واألوامر والوالء للدولة.
يمكث الطفل في أسرته حتى سن السابعة يتلقى تربية قاسية بعيدا عن نعومة العيش واإلتكالية .يلتحق
بعدها بالمدرسة العسكرية وهي إجبارية على الذكور واإلناث ،يبقى فيها حتى سن العشرين ليلتحق
بالثكنات والحصون على الحدود كجندي نظامي مدرب وال يفارقها إال بعد قضاء عشر سنوات ،عندئذ
فقط يؤذن لهم بالزواج واالندماج في الحياة االجتماعية و تأسيس أسرة والعيش كمواطنين أحرار.
3ـ1ـ2ـ أثيـــــنا :تميزت أثينا بموقعها الجغرافي المفتوح على حضارات العالم القديم عبر البحار ،كما
تمتعت بظروف تاريخية واجتماعية وثقافية جيدة( كثرة العلماء والفالسفة وتطور الفكر )....مما أدخل
التطور على أسلوب الحياة وكان فيها االهتمام بالبعد العقلي والثقافي والفكري للفرد من أولويات المجتمع.
فتأثر النظام التربوي بذلك وكان مرتكزا على منطق القوة الفكرية.
ــ االهتمام بوجوه التعليم المختلفة ( تنمية كل القدرات الجسمية ،العقلية ،الخلقية .)....
ــ األنشطة البدنية والرياضية لتنمية القدرة على ضبط النفس وااللتزام بالقواعد وروح المنافسة والروح
الرياضية ،ولعل ابتكارهم لأللعاب األولمبية خير دليل على ذلك.
ــ الخطابة لما لها من دور تعزيز قواعد المجتمع الديمقراطي الذي يقوم على الحوار.
ــ الفنون كالنحت والعمارة وقد برعوا في هذا المجال والشواهد المادية دليل على ذلك.
وقد كان المجتمع مقسما إلى طبقتين :طبقة األحرار وطبقة العبيد ،ولكل طبقة مدارسها الخاصة فمدارس
األحرار تهتم بتربية العقل والذوق واألخالق والمواطنة السليمة .أما مدارس العبيد فتهتم بالتدريب على
مهارات العمل.
الرومانية سنة 354ق م في قرية صغ يرة في شبه الجزيرة اإليطالية على تأسست اإلمبراطورية
" التيبر" واستمر وجودها إلى غاية 336سنة م. ضفاف نهر
كان تاريخ روما حافال باألحداث التي أثرت عل تركيبة المجتمع الروماني وعلى ثقافته مقوماته .مر نظام
الحكم بمراحل هي:
ــ عهد الحكم الملكي605 :ــ 544ق م ،أين ازدهرت الحركة التجارية وأصدر أول دستور وزادت
العائدات االقتصادية.
ــ عهد الحكم الجمهوري544 :ــ 44ق م ،أصبح الحكم يديره مجلس الشيوخ والفرسان ،وفي هذه الفترة
بدأت روما في التوسع لتشمل كامل به الجزيرة اإليطالية ،ثم غزو بالد "الغال"ــ فرنسا حالياـ ثم مدينة
قرطاج وراء البحر األبيض المتوسط لتتوسع الحملة إلى ما تبقى من مناطق شمال إفريقيا .وفي نفس
الوقت كان الصراع والحروب هو ما ميز عالقتها مع اليونان.
ــ عهد اإلمبراطورية الرومانية 44 :ق م ــ 336م ،زاد التوسع الجغرافي إلى شبه الجزيرة اإلسبانية و
الكثير من األقاليم األوروبية المجاورة وغرب آسيا وشمال إفريقيا وجزر البحر األبيض التوسط( من نهر
الفرات إلى المحيط األطلسي) .بعد هذا التوسع تراجع االقتصاد بسبب الحروب التي استنزفت الخزينة
وانتشار اللهو وحياة الرفاهية ،ومن ناحية أخرى التنوع الثقافي الحضاري والعقائدي للطوائف والشعوب
التي أصبحت تحت راية اإلمبراطورية واختالف طوائف الديانة المسيحية كانت عوامل قوية أنذرت
بنهاية مجدها.فبدأ الفساد الحكومي وضعف القادة فسيطر البربر والقبائل الغريبة على الجيش الروماني
وتسللوا للحكم تدريجيا ،بعدها سيطر الجرمان على الحكم وبدأ الخالفات ب ين الجهة الغربية والجهة
الشرقية اللتان كانت نهايتهما على يد البيزنطيين والفاتحين المسلمين على التوالي.
عموما تميز الرومان عن اليونان بكونهم عملين أكثر من كونهم نظريين .وكان منطقها منطق عسكري
مفتتنة بالحروب والغزو والتوسع حالها حال إسبرطا ،والملفت لال نتباه أنه ومنذ دخول الرومان إلى اليونان
عسكريا بدأت تتشرب الفكر والثقافة اليونانية حتى أصبح المطلع على مخلفات الرومان غير قادر على
فصل اللمسة اليونانية عن األعمال المخلدة للرومان.
من الناحية التربوية كانت األسرة تتولى تنشئة األبناء ذكورا وإناث حتى سن السابعة ثم يلتحق بعدها
الذكور بآبائهم ليشاركوهم في كل أنشطتهم ،فيتعلمون منهم بالمحاكاة أساليب العمل وآداب الحياة
االجتماعية.
إن أول مالمح تأثير قوة الفكر اليوناني تجلى في تأسيس مدارس النحو الخطابة على غرار تلك المنتشرة
في أثينا ،وقد لقيت إقباال كبيرا من طرف الرومان رغم معارضة الحكومة لها إال أنها في األخير استسلمت
لمطلب الشعب وأصبحت هي التي تدعمها ماديا ،حتى أصبحت تلك المدارس جزءا من النظام التربوي
الروماني.
يتلقى الروماني تعليمه األولي بمدارس " اللودوس" (مدارس اللعب) ويكون التعليم فيها عن طريق اللعب،
ثم ي نتقل إلى المستوى األعلى ليتلقى الخطابة والقانون فالطب فالرياضيات التطبيقية ،ثم يتعداها لمرحلة
متقدمة يمكن أن نسميها العليم العالي ويتوسع فيها المتعلم في كل العلوم وينفتح على كل الثقافات.
كخالصة لكل هذا فإن التربية الرومانية أصبحت مرآة عاكسة لثقافة اليونان.
1ـ الحضارة الجنوبية (بالد اليمن) :دانت النصرانية واليهودية والمجوسية واشتهرت بعظمة البناء وتشييد
القصور.
2ـ الحضارة الشمالية (بالد الشام) :اشتهرت بالتجارة والهندسة والعمارة وصناعة األواني.
3ـ حواضر الحجاز(بالد الطائف ويثرب ومكة) :كانت ملتقى األديان فدانت اليهودية والنصرانية وعبادة
األصنام ثم اإلسالم فيما بعد ،كما كانت ملتقى الطرق التجارية.
إن هذا التنوع االقتصادي والجغرافي والديني للحضارة العربية القديمة منحها مقومات جعلت الحياة في
عصر الجاهلية تتميز بتنوع مظاهر الحياة االجتماعية بين النمط الحضري والنمط البدوي ويمكن تلخيص
هذه المظاهر فيما يلي:
ــ تميز المجتمع الجاهلي بمكارم األخالق والجود والكرم والشجاعة وفي المقابل كان مفتتنا بالحروب.
ــ عرفوا علم األديان والتاريخ األنساب وعلم الرؤيا والكهنوت و الفصاحة والشعر وهو أهم ما ميزهم
رغم أنقلة منهم فقط يعرفون القراءة والكتابة.
ــ تميزوا بعبادة األصنام ودانوا اليهودية والنصرانية والمجوسية خاصة عرب الشمال والجنوب ،كما
مارسوا الرعي.
انطالقا من هذه المميزات فقد كانت التربية في عصر الجاهلية تهدف إلى إعداد الناشئة للعمل والحياة وفقا
لظروف المجتمع(بدوي أو حضري) فعند:
أــ البدو :تنمية االستعدادات واالتجاهات القبلية،وتعلم مهارات الصيد واالحتطاب والرعي والعناية
بالحيوانات والفروسية والقتال.
ب ــ الحضر :تنمية القيم واالتجاهات ،غرس العادات و التقاليد واإلعداد الحياة الحضرية ومتطلباتها
المهنية كاحتراف التجارة والبناء والتداوي والصناعات المختلفة.
أما الحضر فكانت التربية عندهم أكثر نظامية فهماك المكتبات ومدارس القراءة والكتابة والمعاهد.
تزامنت فترة ظهور اإلسالم في البالد العربية مع العصور الوسطى التي عاشتها أوروبا( العصور
المظلمة).
1ــ مرحلة الدعوة المنحصرة في مكة :من بداية نزول الوحي ودامت ما يقارب 3سنوات.
2ــ مرحلة انتشار اإلسالم بعد الهجرة النبوية إلى المدينة :ثم إلى شبه الجزيرة العربية بعد العودة إلى
مكة المكرمة.
3ــ مرحة الخلفاء الراشدين :أين انتشر اإلسالم إلى سوريا ،فلسطين ،العراق ،إيران و مصر وبعدها إلى
شمال إفريقيا وأوروبا عن طريق إسبانيا ،ثم إلى الهند والصين في عهد األمويين(حركة الفتوحات
اإلسالمية).
4ــ فترة العصر الذهبي (العصر العباسي)للدولة اإلسالمية:تزامنت مع القرن الثامن للميالد ،أين تطورت
مظاهر الحياة في المجتمع وازدهرت حاله وساد العدل بفضل تطبيق مبادئ الدين اإلسالمي.وعموما
تميزت هذه الفترة بـ:
ــ االحتكاك بالشعوب نتيجة الفتوحات اإلسالمية والغزو والرحالت وبالتالي ترجمة العلوم من الفارسية
والهندية والصينية واإلغريقية وغيرها من اللغات إلى اللغة العربية وتأسيس رصيد علمي ضخم (الطب،
الفلك،الهندسة،الجغرافيا،الكيمياء،الجبر،التاريخ ،اآلداب .)...فبرز العلماء باكتشافاتهم واختراعاتهم وكان
هذا كله كافيا لتأسي س حضارة مزدهرة في ذلك الوقت الذي كانت فيه أوروبا في الجهل(عصر الظلمات).
5ــ من القرن 11م إلى القرن 12م :أي عهد الدولة الفاطمية ،فقد بنى الجوهر الصقلي جامع األزهر
وتأسست المكتبات في قصور الخلفاء واألمراء وأحيطوا باألطباء والعلماء والمثقفين.ثم بدأت المدارس
ا لنظامية في الظهور في بغداد ثم البصرة وبخارى ومصر.....وعموما فقد شهد الفكر التربوي اإلسالمي
تطورا ال نظير له خال هذه الفترة وبرز أعالمه أمثال ابن سحنون وابن تيمية القابسي والغزالي وابن سينا
غيرهم.
6ــ فترة انهيار الدولة اإلسالمية :انهارت الدولة اإلسالمية نتيجة لعدة أهمها:
ــ انتشار الفرق الدينية خاصة بعد حروب الردة وانقسام المسلمين إلى مذاهب متعارضة كالسنة والشيعة
والصوفية.
ــ تعارض مصالح الدولة مع مصالح الدين وتحول الحكم من نظام الشورى إلى التوريث وعدم قدرة
المسلمين على تحقيق االنسجام بين أمور السياسة والدين.
ــ توسع الرقعة الجغرافية للدولة اإلسالمية من مشرق الكرة األرضية إلى مغربها وتنوع األعراق و
الشعوب والثقافات.
إن هذه العوامل زيادة على استغراق المسلمين في الملذات نتيجة للرفاهية المادية واالجتماعية كانت كافية
لتفكك الدولة وانقسامها.
5ـ1ـ أهداف التربية اإلسالمية واتجاهاتها :كان التوجه األساسي للتربية في الحضارة اإلسالمية نحو
إرساء مبدئي:
ــ دينية بالدرجة األولى ،لتحقيق االلتزام بأوامر الله تعالى وتحقيق الهدف من الوجود في الدنيا وهو خالفة
الله في األرض وعمارتها.
ــ علمية اجتماعية ،لتدعيم األدوار االجتماعية وتنمية الشخصية اإلسالمية المشبعة بروح وقيم الدين
اإلسالمي.
5ـ2ـ التنظيمات التعليمية :تعتبر األسرة المؤسسة التربوية األولى التي ترعى الطفل من والدته حتى سن
الخامسة وتؤمن له كل حاجاته النفسية والجسمية واالجتماعية ،ليلتحق بعدها بـ :
ــ المدارس األولية :وتسمى "الكتاب" ،يلتحق بها الذكور واإلناث لتعلم الكتابة والقراءة والحساب إلى
جاني مضامين متنوعة حسب البلدان.ففي بلدان المغرب يتعلم الطفل القرآن وفي األندلس القرآن وقواعد
اللغة العربية وتجويد الخط ورواية الشعر ،أما في إفريقيا فيتعلم القرآن والحديث النبوي .وفي بلدان
المشرق محتويات متنوعة كما هو الحال في األندلس وأكثر.
ــ المدارس الثانوية :يتعمق المتعلمون في مختلف العلوم من أدب ،نحو ،حساب ،فلك،كيمياء،طب ،
فلسفة باتباع طرق متنوعة كاإلمالء والمحاضرة والمناظرة ....
ــ المدارس العالمية :تتميز بعدم تقيدها بمنهج محدد ما عدا المواد الدينية واللغوية فتشترك فيها كل
التخصصات.
وعلى العموم اعتمدت التربية اإلسالمية على العلوم النقلية في المراحل التعليمية األولى ثم العلوم العقلية
النفعية في المراحل المتقدمة.
لفهم التيارات التربوية في العصور الوسطى ال بد من فهم التربية المسيحية ومبادئها المستمدة من روح
ما أوحي للمسيح "عليه السالم" ،ولتيسير ذلك نقسم تطور مفاهيمها إلى ثالث محطات كبرى تعتبر الثالثة
منها هي فترة العصور الوسطى:
6ـ 1ـ عصر المسيح عليه السالم :ظهرت الديانة المسيحية في فترة ازدهار اإلمبراطورية الرومانية،
وكانت تهدف إلى تطهير النفوس وتحقيق العدالة والبلوغ بالنفوس إلى أقصى درجات الكمال الروحي
وزرع األخالق والفضيلة.
لذلك كانت التربية آنذاك دينية خلقية بالدرجة األولى ،اعتمد فيها المسيح عليه السالم على أسلوب الحوار
والقدوة والتلقائية والبساطة من المحسوس إلى المجرد ومن المألوف إلى غير المألوف في مخاطبة القلوب
والضمائر ،لما كان ألسلوبه هذا من تأثير في نفوس الناس خاصة منهم الحواريين .فالتفوا حوله كمرب
ومعلم ليشكلوا كنيسة في شكل تنظيم إنساني وكانت هذه المؤسسة الوحيدة التي كرست مبادئ المسيحية.
6ـ2ـ عصر الحواريين اآلباء :بعد وفاة المسيح عليه السالم من جهة وانحالل المجتمع الروماني أخالقيا
تأثرت الكنيسة ،إال أن الحواريين اآلباء حاولوا أن يحافظوا على نمط التربية الدينية واألخالقية
واالستمرار في نشر الفضيلة في ا لمجتمع .ودعما لدور الكنيسة ظهرت عدة أشكال من المدارس كمدارس
اإلنشاد والحوار الديني والكاتدرائيات لتعليم واجبات الكنيسة وفيما بعد أنشئت مدارس الالهوت .كان
رجال الدين هم الذين يشرفون على التعليم في هذه المدارس التي يلتحق بها الذكور واإلناث لتلقي مبادئ
الدين واألخالق ونبذ األدب والبالغة والفلسفة فق اعتبرت زندقة.
6ـ3ـ العصور الوسطى :يبدأ التأريخ للعصور الوسطى بانهيار اإلمبراطورية الرومانية من جهة وامتزاج
الدين بالمعتقدات الوثنية واألفكار الفلسفية القادمة من اليونان ،فشهد المجتمع األوروبي انقساما دينيا
وفكريا ما أدى إلى ظهور أربع اتجاهات تربوية مختلفة:
أـ اتجاه الديرية :هو االتجاه الذي حاول أن يحافظ على ما تبقى من التربية المسيحية ومبادئ الكنيسة
وأهدافها.تميز بنوع من الزهد فق كان يهدف إلى تهذيب النفس والبدن والعقل والعواطف والترفع عن
الحاجات وإنكارها.
كان األطفال يلتحقون بالدير في سن العاشرة إلى الثامنة عشر ثم بعدها يتمون دراساتهم العليا،و كانت
محتوياتها دينية خالصة في البداية( كتابة ،قراءة ،الكتاب المقدس والمخطوطات).ثم استدخلت عليها الفنون
السبع فيما بعد(النحو،الخطابة،الجدل،الحساب،الموسيقى ،الفلك،الهندسة).أما عن أساليب التدريس فقد
تنوعت بين اإلصغاء والسؤال والجواب والمحاضرة والمناقشة والحوار.
ب ـ اتجاه الحركة المدرسية :اتجاه عكس مدى تأثر اإلمبراطورية الرومانية بالثقافات والفكر والفلسفات
الواردة إليها،
فقد أكد هذا االتجاه على معتقدات الكنيسة بحجة العقل(أي محاولة ت حقيق االنسجام بين الدين العقل) .لذلك
جاءت محتويات التربية في هذه المدارس مزيجا بين مبادئ الدين والتيارات الفلسفية و اعتمدت على
المحاضرة والمناظرة كأسلوبين في التدريس فهما األنسب لهذه المضامين.وتنوعت أشكال المدارس في
هذا االتجاه بين الكاتدرائيات ومدارس النحو واألديرة الجامعات.
ج ـ اتجاه حركة الفروسية :عبر هذا االتجاه بشكل واضح عن التمسك بمنطق القوة العسكرية الذي كانت
روما تتبناه قبل سقوطها .فرغم أن التربية كانت تهدف إلى تعليم المثل الدينية واألخالقية إال أنها اتخذت
شكال ونمطا عسكريا وبدنيا خالصا ،فقد كان ا لطفل يقضي فقط السبع سنوات األولى من حياته في أسرته
ليلتحق بعدها بقالع اإلقطاعيين لتعلم القراءة والكتابة والحساب والشعر واإلنشاد ويصاحب الشعراء حتى
يبلغ الواحدة والعشرين من عمره ،ليصاحب فارسا لتعلم فنون الفروسية ،وحياته هذه بين قلعة اإلقطاعي
والفرسان ال تخ لو من التدريب العسكريا وضمنيا يتلقى مبادئ الدين واألخالق.
د ـ اتجاه مدارس النقابات :ظهرت هذه المدارس بازدهار التجارة بعد الحروب الصليبية ،وكانت تهدف
إلى تعليم نشاطي التجارة والصناعة .شيدت مدارس لتعليم أبناء التجار والحرفين سميت مدارس النقابات
وبالموازاة شيدت مدارس اإلنشاد إلعداد رجال الدين ،وقد كانت في عمومها ذات طابع مهني بالدرجة
األولى ودينية بالدرجة الثانية ،لذلك اعتنت فقط بتعليم القراءة والكتابة والحساب فقط إلى جانب الحرف
والمهن المنتشرة آنذاك ثم الدين ويستمر التدريب المهني فيها من سن الخامسة إلى سن الحادية عشر
ليلتحق الطفل بعدها بالمهنة التي تناسبه.
الحت البوادر األولى للنهضة األوروبية في األفق قبل القرن 43م ،وسميت الفترة الممتدة من
القرن43م إلى القرن 46م بعصر النهضة التي كان من ورائها عاملين أساسين:
ــ التحرر من العبودية واإلقطاع دفعا المجتمع األوروبي إلى االهتمام بالطبيعة البشرية والفنون واللغات،
لذلك اتجهت التربية في هذه الفترة إلى اإلنسانيات( اللغات،اآلداب الكالسيكية،الفنون ،التاريخ
والفلسفة.)...
من أشهر أعلم هذه المرحلة الهولندي" أرازموس" الذي قام فكره التربوي على جملة من المبادئ أهمها:
ــ التأكيد على الطبيعة الخيرة لإلنسان إذا ما أحسن المجتمع تربيته بالحوافز التشجيعية بدل العقاب.
ــ التأكيد على ضرورة تعلم المسائل الدينية استنادا إلى الفهم والذكاء و التدرج.
ــ التأكيد على الحرية الفردية وأهمية اللعب قبل تعلم المواد الدراسية الجامدة في فترات العمر المبكرة.
8ـ القرن 17م :اصطبغت التربية في هذه الفترة بالطابع الواقعي ،يرجع ذلك لموجة التطور العلمي
واالختراعات وظهور المنهج التجريبي و االستقرائي وانتشار نظر يات "نيوتن" وأبحاث "جاليليو"
وغيرهم.
انتقلت االتجاهات التربوية إلى رؤية الحياة منظور واقعي يعتمد على التجربة والحواس .وقد اشتهر
الفيلسوف اإلنجليزي "جون لوك " في هذا المجال واعتبر الحواس مدخالت للعقل وأساس لبناء المعرفة.
9ـ القرن :18تميز هذا القرن بإعطاء قدر كبير من األهمية للتربية باعتبارها المسؤولة عن إنسانية هذا
الكائن (اإلنسان ليس إنسانا بدون تربية).
انتشرت حركة تأسيس المدارس،فقد قام "لويس الرابع عشر" في فرنسا بفتح الكثير منها وخصص
مكافآت للمعلمين .أما قيصر روسيا "بطرس" فقد أسس مدارس الحساب والهندسة .وفي إنجلترا أعطيت
عناية خاصة لمدارس إعداد المهندسين واألطباء وغيرهم من المختصين لتطوير أوضاع البلد.
ــ "فردريك هاربرت" :الذي أكد على البيئة التعليمية والمعلم وتحسين ظروف عملية التعليم.
ــ "جان جاك روسو" :الذي أكد على التربية الحرة (الطبيعية) بعيدا عن الضغوط االجتماعية.
أـ النزعة اإلنسانية :المؤسسة على أفكار" فروبل" في بداية القرن والذي أكد على النشاط الذاتي للمتعلم
وأهمية اللعب وأن اإلنسان يخضع لقوانين التضاد واالرتباط ،واعتمد على المكعب واألسطوانة والكرة
كوسائل تعليمية( فالمكعب يشير لالستقرار والكرة إلى الحيوية والتغير أما األسطوانة فتربط المتضادات)
.واستمرت هذه النزعة بأفكار " ماريا منتسوري" في نهاية القرن والتي حاولت إعادة أفكار "فروبل" ،
والتربية عندها تقوم على العمل والنشاط واللعب وأن الحواس منافذ للعقل .كما أسست بيئة للتعلم سمتها
"بيت األطفال"وهي تحتوي كل المواد الالزمة للتعلم .
ب ـ النزعة العلمية :وهي بمثابة نتيجة حتمية لتطور العلوم الطبيعية ومباحث علم النفس ،وعلى رأس هذا
االتجاه"هاربرت سبينسر" الذي أكد على أهمية المحتوي والمضمون ال4ي تقدمه المدرسة ،فالمدرسة ال
بد توفر تربية صحية جسمية وإعدادا مهنيا تهذيبا أخالقيا واجتماعيا تنمية للمشاعر واألذواق.
11ــ القرن :21اصطبغت التربية في القرن 04بالنظرة الواقعية التي أخذت بعين االعتبار الثورة
المعرفية وثورة اآلمال البشرية والتكنولوجيا واالتصال واالنفجار السكاني ،وقد برز في هذا التوجه
التربوي الجديد كل من " جون ديوي" و " بيرتراند راسل" الذي دعا إلى تحرير اإلنسان من المعوقات
والقيود التي تعيق انطالقاته العقلية واالتجاه نحو االعتماد على المالحظة واالستقراء العلمي لتزداد
معرفته بالعالم الخارجي والتكيف مع متطلبات الواقع وتغيراته قام اتجاه التربية لهذا القرن على:
ــ التربية من أجل النمو والتطور وتقدم اإلنسان وتالقح الثقافات وتطوير العالقات الدولية.