You are on page 1of 22

‫المحور‪ :2‬األســس التاريخية للتــــــربيــــــة‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ التربية في المجتمعات البدائية‪:‬‬

‫يمكن الحصول على المعلومات عن إنسان ما قبل التاريخ ( اإلنسان البدائي) عن طريق علماء اآلثار‬
‫واألنتربولوجيين واألنثولوجيين ‪ ،‬فعلم اآلثار يهتم بدراسة البقايا والشواهد المادية للشعوب ‪ ،‬أما‬
‫االنتربولوجيا فتهتم بدراسة بقايا الهياكل العظمية لإلنسان‪ ،‬واألنثولوجيا تدرس القبائل البدائية في العصر‬
‫الراهن مثل التسمانيين المتواجدين في أستراليا وإفريقيا‪،‬إذ يشير" ‪ " Sallas‬إلى وجود تشابه كبير بين‬
‫الرسومات والصناعات البدائية مع رسومات وصناعات هذه المجتمعات التي تعيش في العصر الحالي‪ .‬و‬
‫يتفق العلماء على أن اإلنسان البدائي هو ذلك اإلنسان الذي عاش في الفترة الممتدة من بداية العصر قبل‬
‫الحجري ثم العصر الحجري وعصر الرعي إلى العصر الزراعي‪.‬‬

‫وعموما تميزت المجتمعات البدائية بمجموعة من السمات أهمها‪:‬‬

‫ــ العناية بالحاضر وإشباع الحاجات األساسية وعدم االه تمام بالمستقبل‪.‬‬

‫ــ الخوف من المنظور وغير المنظور( الظواهر الطبيعية ومسبباتها)‪.‬‬

‫ــ االعتقاد في وجود نوعين من األرواح خيرة وشريرة‪.‬‬

‫ــ االعتقاد في فعالية السحر واعتماده كأساس في الطب‪.‬‬

‫ــ العناية بالزينة والفنون‪.‬‬

‫ــ االهتمام بمراسيم التكريس واختبارات النضج‪.‬‬

‫ــ الضبط االجتماعي وااللتزام الخلقي ألن أقدم المشكالت االجتماعية كانت الضبط ومنها جاءت‬
‫فكرة"التابو" وهو إجراءات ردعية بمثابة القانون في العصر الحالي‪.‬‬

‫‪1‬ـ‪1‬ـ أهداف التربية البدائية‪ :‬إن الخلفية االجتماعية للمجتمع تعكس نظامه التربوي وتحدد أهدافه‪ ،‬فأهداف‬
‫اإلنسان ف ي الحياة البدائية بسيطة ‪ ،‬ساذجة ومحدودة ال تتعدى حدود إشباع حاجاته البيولوجي الضرورية‬
‫وضمان البقاء وتحقيق التكيف مع البيئة‪ .‬إذن نجد التربية هي األخرى بنفس السمات من بساطة وسذاجة و‬
‫أهدافها ال تتعدى‪:‬‬

‫أــ إعداد اإلنسان لتحصيل الغذاء وتدبير المأوى والتكيف وتعلم عادات القبيلة وطقوس السحر واسترضاء‬
‫األرواح لضمان البقاء‪.‬‬
‫ب ــ مسايرة األفراد للجماعة وفرض سلطتها وتقييدهم بالمسؤوليات دون تمييز‪.‬‬

‫‪1‬ـ‪ 2‬ـ أنواع التربية ومحتواها‪:‬‬

‫أــ تربية نظرية‪ :‬تهدف إلى تفسير المشكالت التي تعترض اإلنسان ومظاهر البيئة وعالم األرواح وكيفية‬
‫استرضائها(تربية روحية)‪.‬‬

‫ب ــ تربية عملية‪ :‬تهدف إلى إعداد البدائي على الجوانب المادية للحياة التي تشتمل نشاطات‬
‫الجماعة(جمع الغذاء‪،‬الصناعات البدائية البسيطة‪،‬أمن القبيلة ‪ ،‬الصيد‪ ،).....‬ولهذا محتوياتها كانت بسيطة‬
‫مرتبطة بجوانب الحياة البسيطة للبدائي(عالم األرواح‪،‬العادات االجتماعية‪ ،‬الحاجات البدنية)‪.‬وبهذا كانت‬
‫األسرة والقبيلة هما المؤسستان التربويتان الوحيدتان المسؤولتان عن إعداد الطفل و تربيته‪.‬‬

‫‪1‬ـ‪3‬ـ طرق التربية وأساليبها‪ :‬اعتمد البدائي في عملية التنشئة أساليب بسيطة في بعض األحيان مقصودة‬
‫وفي أحيان أخرى عفوية وتلقائية ومن أهم هذه الطرق‪:‬‬

‫أ ــ الطريقة العضوية‪ :‬باستعمال أعضاء الجسم‪ ،‬فبعد أن اكتشف قدرة يده على مسك األشياء ورميها‬
‫أصبح حريصا على نقلها أل بنائه في نشاطا مختلفة كالصيد‪ ،‬وكذلك األمر عندما تنبه إلى أن صوته القوي‬
‫قد يخيف بعض الحيوانات واألعداء ‪.‬‬

‫ب ــ التقليد الالشعوري‪ :‬يتجسد في تقليد الصغار ألنشطة الكبار بطريقة عفوية وتلقائية أثناء اللعب‪.‬‬

‫ج ــ التقليد الشعوري‪ :‬تظهر في تقليد البدائي لغيره في المهارات كالصيد وصنع األسلحة وغيرها‪،‬‬
‫وتدريجيا ظهرت طبقة الكهنة والسحرة واألطباء والمعلمين لتظهر طريقة التلقين مع تطو خبرة اإلنسان‬
‫وكان موضوعها األساسي العبادات‪ ،‬طقوس السحر‪ ،‬القوانين واألخالق وضوابط السلوك‪.‬‬

‫‪1‬ـ‪4‬ـ التنظيمات التعليمية‪ :‬لم تكن هناك تنظيمات تعليمية على النحو الذي نفهمه اآلن فال مدارس وال‬
‫صفوف وال مقررات دراسية‪ .‬ويبقى العنصر التنظيمي الوحيد هو مراسيم التكريس واختبارات النضج‬
‫والتي تتضمن مجموعة من االختبارات البدنية والمنافسات الساخنة يخوضها المراهقون والشباب في‬
‫القبيلة ليصبحوا أعضاء كاملين في القبيلة وقد تدوم سنوات ‪.‬‬
‫‪2‬ــ التربية في الحضارات الشرقية القديمة‪:‬‬

‫‪2‬ــ‪1‬ــ التربية في الحضارة المصرية القديمة‪:‬‬

‫يرجع تاريخ الحضارة المصرية القديمة إلى العصر الحجري القديم‪ ،‬وقد قامت في شمال إفريقيا أين استقر‬
‫جامعو الغذاء والصيادين على الهضبة اإلفريقية بعد جفافها وتحولها إلى صحراء بعد العصر الجليدي‪.‬‬

‫فيما بعد انتقلوا للعيش على ضفاف نهر النيل لما يميزه من ظروف مالئمة للعيش(المياه‪ ،‬مصادر الغذاء‪،‬‬
‫األمن ألنه محاط بالصحاري) ‪،‬عاشوا شكل قبائل استطاع بعضها السيطرة على األخرى حتى نشأت‬
‫مملكتين إحداهما شمال النهر واألخرى جنوبه‪.‬‬

‫عرف المصريون منذ القديم باستئناس الحيوانات وتحسين السالالت‪ ،‬كما مارسوا الزراعة وهم أول من‬
‫ابتكر مفهوم االدخار وأصبحوا منتجين لغذاء بدال من جمعه ‪ ،‬استعملوا النباتات في صنع مالبسهم‬
‫واستعملوا الحجارة وجذوع األشجار في بناء بيوتهم‪.‬ثم اكتشفوا المعادن كالنحاس والذهب والفضة لكنها لم‬
‫تستعمل سوى للزينة‪.‬‬

‫انقسم التاريخ المصري إلى ثالث ممالك‪:‬‬

‫ــ القديمة التي امتد حكمها من األسرة األولى إلى األسرة الحادية عشر‪.‬‬

‫ــ الوسطى وتمتد من األسرة الثانية عشر إلى األسرة السابعة عشر‪.‬‬

‫ــ الحديثة من األسرة الثامنة عشر إلى األسرة الواحدة والثالثون‪.‬‬

‫في القرن ‪ 34‬ق م توحدت مملكتي الشمال والجنوب وكان من نتائجها ازدهار الحضارة المصرية وقد‬
‫تجسدت مظاهر هذا االتحاد فيما يلي‪:‬‬

‫ــ زيادة الثروة الحيوانية والزراعية‪.‬‬

‫ــ التقدم العلمي في مختلف المجاالت كالكيمياء(التحنيط أكبر دليل على ذلك)‪ ،‬الهندسة والميكانيك(‬
‫األهرامات تمثل أكبر شاهد على ذلك)‪.‬‬

‫ــ التطور في الطب وظهور مختلف التخصصات‪.‬‬

‫ــ الجبر والهندسة والفلك والحساب وحركة الكواكب‪...‬‬

‫ــ اختراع الكتابة بمختلف أنواعها الهيروغليفية‪ ،‬الهيراطيقية والديمقراطية‪.‬‬

‫كل هذه المظاهر الحضارية أدت إلى توسع رقعة مصر فقد ضمت إليها العراق وجنوب بالد العرب‬
‫والصومال وتحسنت عالقاتها مع الجيران خاصة التجارية منها‪.‬‬
‫في خضم هذا االنتعاش الحضاري واالقتصادي لمصر ظهر "أخناتون" بعقيدته التوحيدية فحاربه الكهنة‬
‫وانقسم المجتمع المصري إلى مؤيد لـ "أخناتون" ومعارض فعمت الفوضى وانقسم الحكم وتراجعت‬
‫الثروة وغزيت مصر من كل الجهات وسقطت في أيدي الرومان واليونان‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪1‬ـ‪1‬ـ شكل التربية وأهدافها‪ :‬تشير آثار المصريين إلى تطور الحياة االجتماعية وتعدد أوجه نشاطها‬
‫الديني ‪،‬العلمي‪ ،‬السياسي‪ ،‬االقتصادي مما جعل الحياة فيها معقدة وبالتالي لم تكن األسرة وحدها قادرة على‬
‫تقديم الرعاية والعناية الكافية للناشئة ‪ ،‬فتطلب األمر استحداث المدارس لتساعد األسرة في مهمة التربية‪.‬‬

‫لما كانت الحياة في هذا المجتمع بهذا التعقيد فإن أهداف التربية اتخذت أشكال متنوعة تراوحت بين التنمية‬
‫الثقافية والمهنية واالجتماعية والد ينية ‪ .....‬كما أن كون المجتمع مقسم إلى أربع طبقات( الكهنة ــ مالك‬
‫األراضي ــ األحرار وهم المشتغلون بالحرف ــ العبيد) فإنه من أهداف التربية إعداد الناشئ للقيام بالنشاط‬
‫الذي تمارسه طبقته ‪ ،‬مع انفتاح بين الطبقات ‪ ،‬أي ال مانع لالنتقال للطبقات األعلى شرط أن يبدي المتعلم‬
‫تفوقا وتميزا يؤهله لالرتقاء أو بأن يحظى بزوجة من الطبقة العليا‪ .‬وتعتبر الكتابة عندهم أرقى مهنة‬
‫فالكاتب فقط يمكنه أن يحظى بوظيفة في القصر‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪2‬ـ أنواع التربية ومحتوياتها‪:‬‬

‫أــ تربية ثقافية‪ :‬تهتم بتعليم القراءة والكتابة وقيمتها مرتفعة خاصة عند التجار والحرفين وتساعدهم على‬
‫تحرير العقود والسجالت التجارية‪.‬‬

‫ب ــ تربية مهنية‪ :‬تضمن تعلم الحرف والمهن كل حسب طبقته‪.‬‬

‫ج ــ تربية دينية اجتماعية‪ :‬تهتم بتعليم مراسيم الدفن والمواعظ والحكم واآلداب العامة واألساطير التي‬
‫تصاغ في شكل قصص أو وصايا‪ ،‬إضافة إلى األهازيج واألغاني وقصص المشاهير وأخبار الرحالت‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪1‬ـ‪2‬ـ طرق التربية وتنظيماتها الرسمية‪ :‬اعتمد المصريون القدماء على طريقة التلمذة الصناعية في‬
‫تعليم الحرف والحفظ واالستظهار في األخالق واآلداب والحكمة‪ ...‬والتقليد والتكرار في تعليم الكتابة من‬
‫خالل نسخ السجالت والعقود حسب المهن‪،‬و أخيرا طريقة الحوار والمناقشة فيما يتعلق بالنصوص الدينية‪.‬‬

‫أما فيما ي تعلق بالتنظيمات التعليمية فحياة الطفل مقسمة إلى مرحلتين‪:‬‬

‫ــ الطفولة‪ :‬من الميالد إلى سن الرابعة وفيها يتعلم الطفل‪.‬‬

‫ــ الصبا‪ :‬من الرابعة إلى الرابعة عشر‪،‬يتعلم فيها أدواره‪.‬وبعد الرابعة عشر يقوم بأدواره ‪.‬‬
‫كانت المؤسسة األولى التي ترعى الطفل هي األسرة تؤمن له كل احتياجاته وتتيح له المجال للمشاركة في‬
‫كل أنشطتها المنزلية كما توفر جوا أسريا تتسم عالقاته بقدر كبير من العاطفة مما ينمي لديه الحرية‬
‫واإلبداع‪.‬‬

‫ينتقل بعدها الطفل إلى التعليم النظامي أي المدرسة التي شهدت تنوعا على خالف المجتمعات التي‬
‫عاصرتها ‪،‬أهمها‪:‬‬

‫ــ مدارس المعابد‪ :‬مخصصة لتعليم الكتابة وفنونها لتخليد التراث والعلوم‪.‬‬

‫ــ مدارس القصر‪ :‬مخصصة ألبناء الملوك ويختار لهم رفقاؤهم ومدرسيهم بعناية‪.‬‬

‫ــ المدارس الحكومية ‪ :‬والتي تنقسم بدورها إلى‪ :‬ــ مدارس الكتب والوثائق‬

‫ــ مدارس الخزينة الملكية‬

‫ــ مدارس الفرسان‬

‫ــ اإلسطبل الملكي‪ :‬يتعلم فيه أبناء النبالء الكتابة والعلوم العسكرية‪.‬‬

‫ــ المعابد‪ :‬هي مراكز للتعليم العالي‪ ،‬مثل جامعة "عين شمس" وجامعة "أون"(متخصصة في‬
‫الرياضيات‪،‬الفلك‪،‬العلوم الطبيعية‪،‬الهندسة‪).......‬وقد درس فيها الكثير من الفالسفة اليونانيين أمثال طاليس‬
‫و أفالطون و غيرهما‪.‬‬

‫‪2‬ــ ‪2‬ــ التربية عند بني إسرائيل‪:‬‬

‫يطلق عليهم اسم ب ني إسرائيل أو العبرانيين أو اليهود ‪ ،‬ويعود نسبهم إلى النبي يعقوب بن إسحاق بن‬
‫إبراهيم عليهم السالم‪.‬‬

‫كثر نسب بني إسرائيل في عهد سيدنا يعقوب وخشي فرعون تكاثرهم فأمر بقتل أطفالهم الذكور كي‬
‫يقضي على ساللتهم‪ ،‬واضطهدوا و سخروا لألعمال الشاقة والبناء حتى ضاق بهم الحال فخرجوا من‬
‫مصر في عهد سيدنا موسى عليه السالم ‪ ،‬اتجهوا إلى سيناء وتذمر ولحق بهم األذى والتشريد إال أن سيدنا‬
‫موسى حاول أن يجمعهم حول عقيدته التوحيدية التي تدعو إلى العدل ‪،‬الكرامة‪ ،‬المساواة‪ ،‬النهي عن القتل‬
‫والسرقة وعتق العبد العبراني‪....‬‬

‫كان عصر اآلباء(إبراهيم‪،‬إسحاق‪،‬يعقوب‪،‬يوسف عليهم السالم) الموجه الرئيسي لتاريخ اليهود عبر‬
‫العصور‪ ،‬فلما تجلى الرب لسيدنا إبراهيم عليه ا لسالم ــ كما ورد في الكتاب المقدس ــ أخبره بأن نسبه‬
‫سيكثر ويضرب في األرض ‪ 344‬سنة ووعده أن ينال بنو إسرائيل األرض الممتدة بين نهري النيل‬
‫والفرات ‪ ،‬فاتخذ اليهود من هذه القص ة عقيدتهم التي تدور حول فكرتين أساسيتين‪ :‬األولى هي أنهم شعب‬
‫الله المختار والثانية هي أرض الميعاد‪ ،‬لتتحول هذه المعتقدات بعد أن ظلوا عن شريعتهم والتشريد بهم‬
‫مقومات التف حولها بنو إسرائيل ليجتمع شتاتهم في فلسطين في العصر الحديث ‪.‬‬

‫في عهد سيدنا موسى عليه ا لسالم استطاع أن يغرس تشريعه وتنظيمه في نفوس اليهوديين وحرص‬
‫على تقوية أواصر التضامن االجتماعي فكان أول قائد وضع أسس القومية واإلحساس بالنظام الجمعي‬
‫ومحبة الوطن مستندا في ذلك على الوصايا العشر( ‪ 3‬منها تحدد العالقة بين اليهودي والرب و‪ 6‬تنظم‬
‫العالقة بين اليهود يين فيما بينهم)‪.‬‬

‫إضافة إلى التوراة والتلمود وهي المصادر األساسية للتشريع والفكر اليهودي وقد ساعدا على تنمية‬
‫القومية لدى اليهود خاصة بعد تحريف التوراة بما يخدم مصالحهم‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪2‬ـ‪1‬ـ شكل التربية وأهدافها‪ :‬ساد على التربية اليهودية روح المحافظة عل المظهر الديني والخلقي‬
‫لتصورهم واعتقادهم العالقة والصلة والحميمية مع الرب والمسؤولية الفردية تجاهه ألنه شعب الله‬
‫المختار‪.‬‬

‫وعموما انحصرت أهداف التربية لدى بني إسرائيل في ‪:‬‬

‫ــ إعداد اليهودي للمصير( أرض الميعاد)‪.‬‬

‫ــ إعداد مواطنين مخلصين للرب (في عهد سيدنا موسى عليه السالم)‪ ،‬أما بعده فقد تحولت إلى إلى إعداد‬
‫اليهودي المتعصب لعرقه‪.‬‬

‫ــ غرس تعاليم الدين اليهودي ومعتقداتهم من خالل المراسيم الدينية والعادات والتقاليد والقيم االجتماعية‬
‫والحرص على نقلها للناشئة‪.‬‬

‫ــ تزويد الناشئة بالخبرات والمهارات الضرورية لممارسة مختلف الحرف والمهن كالزراعة والرعي‬
‫والحياكة‪......‬فقد عرف اليهود منذ القدم بأنهم عملييين‪.‬‬

‫ومن هنا نستنتج أن التربية قد اتخذت عندهم عدة أشكال أهمها‪:‬‬

‫أــ دينية‪ :‬تمثلت في طاعة الرب‪.‬‬

‫ب ــ خلقية‪ :‬من خالل خلق المواطن الصالح‪.‬‬

‫ج ــ مدنية إجتماعية‪ :‬بنشر المساواة والتضامن‪.‬‬

‫كما كانت تعتمد في األساس على التدريب المنزلي بالنسبة للنساء على مهارات إدارة شؤون البيت إلى‬
‫جانب فنون الرقص والغناء وكانت المرأة تمثل الركيزة األساسية في التربية‪ ،‬و الرجال يتدربون مهنيا‬
‫إلعالة األسرة وكانوا يقدسون العمل وهناك حكمة عندهم تقول" من ال يعلم ابنه مهنة فهو يدفعه ألن يكون‬
‫لصا" ‪ ،‬وبهذا تعتبر األسرة مهمة جدا في المجتمع اليهودي‪.‬أما التربية الفكرية والتنمية الثقافية والعلمية‬
‫فكانت تمثل شيئا ثانويا‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪2‬ـ‪2‬ـ محتويات التربية وتنظيماتها‪ :‬مما سبق يمكننا أنتصر ما يتعلمه الناشئة في مجتمع بني إسرائيل‬
‫فهو ال يتعدى التاريخ القومي والتلمود والتوراة بمعدل سبع ساعات يوميا لمدة سبع سنوات ‪ ،‬فالتوراة‬
‫المحرف طبعا هو أول كتاب يوضع بين يدي الطفل ومنه تؤخذ كل النصوص في تعليم الكتابة‬
‫والقراءة‪.‬إلى جانب اللغة العبرية التي ال تقل شأنا عن التاريخ القومي والتوراة والتلمود‪،‬وفي األخير يتلقى‬
‫المتعلم بعض الفنون كالرقص والعزف‪.‬‬

‫أما عن المدارس اليهودية فقد ظهرت سنة ‪ 63‬ق م وألحقت بالمعابد‪ ،‬يلتحق الطفل بـ‪:‬‬

‫‪1‬ــ المدرسة االبتدائية ‪ :‬في سن السادسة ليتعلم القراءة والكتابة والعقيدة والتاريخ حتى سن الخامسة عشر‬
‫وال ينهي هذه المرحلة أال ويكون قد أنهى التلمود كامال ‪.‬‬

‫‪2‬ــ مدارس األنبياء‪ :‬ليتلقى التفسير الديني للقانون والشعر المقدس وأساليب الدعوة‪.‬‬

‫‪3‬ــ مدارس الكتاب ‪ :‬تعقد في بيوت الكتاب المعروفين‪ ،‬مخصصة للدراسات التحليلية للتوراة والتلمود‬
‫وبعدها يفتح المجال لدراسة العلوم العلمانية‪ :‬الرياضيات والفلك والجغرافيا‪.....‬‬

‫يعتمد المعلمون على أساليب الحفظ واالستظهار والتكرار في المرحلة االبتدائية خاصة في النصوص‬
‫الدينية وغيرها‪،‬ثم المحاضرة والمناظرة في المستويات األعلى‪.‬ويؤكد اليهود على العقاب البدني لألطفال‬
‫الكبار لكن دون مبالغة‪،‬فالقاعدة التربوية لديهم تقو ل" عاقب الطفل بإحدى يديك وداعبه بكلتيهما" وهي‬
‫موجودة في كتاب التلمود‪.‬‬
‫‪2‬ــ ‪3‬ــ التربية عند الهنود القدامى‪:‬‬

‫يمتد التاريخ الهندي في الماضي إلى ‪ 0044‬ق م‪ ،‬فقد عاصر الهنود حضارة مصر القديمة على ضفاف‬
‫نهر النيل والحضارة السومرية في بالد الرافدين‪.‬‬

‫كانت الزراعة والتجارة وصناعة األواني عماد الثروة في المجتمع الهندي القديم إلى جانب استئناس‬
‫الحيوانات وكان المجتمع الهندي مقسم إلى أربع طبقات تنفرد كل واحدة منها بقانون يحكمها وبحقوق‬
‫واجبات تميزها عن األخرى‪،‬هذه الطبقات هي‪ :‬ــ البراهمانيين(الكهنة)‬

‫ــ المحاربين‬

‫ــ الصناع والتجار والفالحين‬

‫ــ العبيد(المنبوذين )‬

‫ال يسمح ألي فرد االنتقال من طبقته إلى طبقة أعلى مهما كان وضعه أو مهما أبدى من التميز‪ ،‬وكانت‬
‫مكانة المرأة في المجتمع متدنية جدا فهي ترمز للذنب وتعتبر كائنا نجسا ال يسمح لها حتى بلمس الكتب‬
‫المقدسة فهي المذنبة إذا مات زوجها وتعاقب بدفنها حية أو بحرقها‪.‬‬

‫أما من الناحية الدينية بالنسبة للهنود فالله حاضر في كل شيء وفي كل مكان ‪ ،‬يتجسد في األرض‬
‫والسماء وفي ا لكواكب والشمس وقمم الجبال والوديان وفي كل الظواهر الطبيعية‪ ،‬كما يؤمنون بخلود‬
‫األرواح وتناسخها وأن الحياة الحقيقية هي أن يصل الفرد إلى الذوبان في الذات اإللهية (النيرفانا) وهي‬
‫أعلى درجات الطمأنينة والحكمة والخير‪.‬ثم ظهرت الديانة البوذية ( نسبة لبوذا) لكنها لم تغير شيئا في‬
‫عقائد اليهود فهو يرى أن الشر أصله األهواء البشرية (إذا أراد اإلنسان الوصول إلى الطمأنينة عليه أن‬
‫يتخلى عن ذاته)‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪3‬ـ‪1‬ـ أهداف التربية وتنظيماتها‪:‬‬

‫مما سبق تتضح محدودية أهداف التربية في نقطتين أساسيتين هما‪:‬‬

‫أــ اإلعداد للحياة األخرى ومساعدة الفرد على الذوبان في المطلق أو الذات اإللهية اعتمادا على تنمية‬
‫االتجاهات الدينية والوجدانية ألفراد المجتمع وإقناعهم بانتماءاتهم الطبقية وقتل كل مبادرة للتغيير أو التقدم‬
‫واإلبداع لدى الفرد من جهة والتنمية العقلية لطبقة الكهنة فقط لضمان استمرار امتيازاتهم وتميزهم الطبقي‬
‫ومادامت مصالحهم مرتبطة بوضعية المجتمع فقد قاوموا التغيير وحافظوا على البناء االجتماعي والتقاليد‬
‫كما هي ‪.‬‬

‫ب ــ المحافظة على النظام الطبقي ‪.‬‬


‫بالنسبة للتنظيمات التربوية فإن أول مؤسسة يتعلم فيها الفرد أسس وقواعد الحياة االجتماعية وعادات‬
‫وتقاليد وأ نشطة الطبقة التي ينتمي إليها هي األسرة ‪ ،‬ودور المرأة هنا ضعيف جدا ال يتعدى حدود الخدمة‬
‫وتوفير الرعاية الجسدية والسهر على تلبية حاجات األسرة من إعداد الطعام والتنظيف‪...‬‬

‫المدرسة االبتدائية في سن السابعة ليتولى الكهنة تعليمهم في صفوف تعقد في أي مكان( بيت الكاهن‪،‬‬
‫المعابد ‪ ،‬األسواق‪ )...‬ويتلقى الكهنة أجورهم مقابل ذلك من هيئات خيرية‪.‬كانت التربية فيها أقل ما يقال‬
‫عنها سطحية وساذجة ال تعنى بتطوير قدرات الفرد بقدر ما تعنى بتطبيعه على انتمائه الطبقي وقتل روح‬
‫المبادرة لديه‪.‬‬

‫وفي مستويات أعلى كانت هناك كليات احتكرها الكهنة ألنفسهم‪،‬وكان لها دور تعليمي‪ ،‬تثقيفي وتدريجيا‬
‫أصبحت الكليات تسمح ألفراد من الطبقات األخرى االلتحاق بها لكن بشرط المحافظة على الطبقية‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪3‬ـ‪2‬ـ محتويات التربية وطرقها‪:‬‬

‫كانت الكتب المقدسة ( الفيدا) وهي كتب تحتوي على المعارف الفلسفية والتقاليد والعادات االجتماعية‬
‫‪،‬ألفها رجال الدين الهنود في األلف األول قبل الميالد أهم المحتويات التي يتلقاها الفرد في المدرسة ‪،‬‬
‫وتركز على القيم السلبية كاالهتمام بالحياة األخرى بدل االهتمام بالحياة الواقعية وتنمية روح المسؤولية‬
‫واالعتماد على النفس والصبر على الظلم وتشجيع مذهب التقشف والعزوف عن الحياة لقتل كل‬
‫االستعدادات والحريات الفردية‪.‬‬

‫بينما يحضى الكهنة وأبناؤهم بنصيب من المحتويات المتنوعة كالفلك ‪ ،‬الطب ‪ ،‬الرياضيات ‪ ،‬البالغة‬
‫ولكنهم يتع لمونها في قالب جاف أي دون تطويرها‪،‬وهذا ما تفسره الطرق التقليدية والسلبية في التعليم‬
‫والتي تتعدى الحفظ والتقليد والتكرار والنسخ ‪،‬كما أن للعقاب الجسدي نصيب في تعزيز هذه السلبية‪.‬‬
‫‪2‬ــ‪4‬ــ التربية عند الصينيين القدماء‪:‬‬

‫يرجع تاريخ المجتمع الصيني القديم إلى أكثر من ‪ 3444‬ق م‪ ،‬وتميز بروح المحافظة التي تجسدت‬
‫في الجمود ‪ ،‬االنغالق ‪ ،‬السكون والحياة الرتيبة‪ ،‬كما سيطرت على فكرهم التقاليد والعادات المرتبطة‬
‫باألجداد واألسالف حتى عقيدتهم تقوم على عبادة األسالف ‪.‬كان الصينيون القدامى شعبا مسالما كثير‬
‫العناية بمظاهر اللباقة والتهذيب‪.‬‬

‫جاء الحكيم الصيني " كونفوشيوس" ليعيد بناء المجتمع الصيني وفقا للمبادئ المستوحاة من ‪ 5‬كتب‬
‫لخصت دراسته للماضي هي‪:‬‬

‫‪1‬ـ سجل المراسيم‪ :‬يتضمن اآلداب العامة للمناسبات(الزواج‪ ،‬المآتم ‪ ،‬األضاحي‪.)...‬‬

‫‪2‬ـ كتاب التغيرات‪ :‬تحدث فيه عن ما وراء الطبيعة‪.‬‬

‫‪3‬ـ حوليات الربيع والخريف‪ :‬ضمنه أحداث عصره‪.‬‬

‫‪4‬ـ كتاب الشعر‪ :‬لخص فيه مبادئ الحياة البشرية واألخالق الفاضلة‪.‬‬

‫‪5‬ـ كتاب التاريخ‪ :‬تضمن فضائل وجالئل أعمال الملوك‪.‬‬

‫عبرت هذه الكتب عن رغبة " كونفوشيوس" في العودة إلى الماضي والحفاظ على النظام الثابت‬
‫وتقديس تراث األجداد و إعداد الفرد وتهيئته لشغل مكانه في النظام االجتماعي المحدد‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪4‬ـ‪1‬ـ أهداف التربية شكلها‪ :‬دارت األهداف التربوية للصينيين القدامى حول محور أساسي وهو‬
‫المحافظة على الماضي وتكريس عادات وتقاليد األجداد و صياغة الحاضر في قالب الماضي‪.‬وعلى هذا‬
‫األساس فقد ترتوحت بين‪:‬‬

‫ــ التربية الخلقية‪ :‬للتدريب على العادات والتقاليد وتعليم الواجبات والمسؤوليات‪.‬‬

‫ــ التربية المدنية واالجتماعية‪ :‬لتعليم أسس الحياة االجتماعية والعالقات وضوابطها‪.‬‬

‫ــ التربية البدنية ‪ :‬لتعليم الفنون القتالية (غايتها تقوية الجسم العقل والدفاع عن النفس فالصينيون عرفوا‬
‫قديما بأنهم مجتمع مسالم)‬

‫ــ التربية المهنية‪ :‬تعلم المهن والحرف المختلفة لكسب العيش‪.‬‬

‫‪2‬ـ‪4‬ـ‪ 2‬ـ محتوياتها وتنظيماتها التعليمية‪:‬‬

‫إن محتويات التربية الصينية القديمة كانت كلها مستمدة من فلسفة "كونفوشيوس" وتعاليمه الخلقية ــ‬
‫التي تحولت تدريجيا إلى عقيدة دينية ــ سواء في البيت أو في المدرسة‪ ،‬كانت تعتمد على طرق قاسية إذ‬
‫يجلس المتعلم ساعا ت طويلة يردد ما علمه إياه المعلم ‪ ،‬كما كان العقاب الجسدي و المعنوي أسلوبا‬
‫أساسيا للتربية‪.‬‬

‫يلتحق الطفل بالصفوف االبتدائية ثم الثانوية ثم العليا وكلها تقام في األكواخ أو المعابد القديمة التي لم تعد‬
‫مستغلة‪،‬إال أن ما ميز النظام الصيني عن األنظمة األخرى هواستحداثه نظاما لالمتحانات في المرحلة‬
‫العليا وهي شاقة ومتعبة وعلى أساسها يتم انتقاء المؤهلين للمناصب الحكومية المرموقة‪.‬‬
‫‪ 3‬ــ التربية في الحضارات الغربية القديمة‪:‬‬

‫‪3‬ــ‪1‬ــ التربية عند اليونان‪:‬‬

‫يرجع تاريخ اليونان القديمة إلى القرن الثامن قبل الميالد‪ ،‬واستمرت حضارتها ‪ 43‬قرنا أي إلى غايى‬
‫القرن السادس ميالدي‪ .‬كانت عبارة عن مدن ومستعمرات مستقلة ومعزولة حول حوض البحر األبيض‬
‫المتوسط‪،‬نظرا لتضاريسها الوعرة‪ .‬وكانت كل مدينة بمثابة دولة مستقلة لها حكمها المستقل‪.‬إن انفتاح‬
‫اليونان على البحار جعل منها ملتقى للحضارات القديمة عن طريق الطرق التجارية‪.‬‬

‫ساد اليونان الحكم الديموقراطي خاصة في مدينة أثينا التي كانت من أبرز مدنها وأكثرها تأثيرا في‬
‫المسار الحضاري لليونان القديمة‪.‬‬

‫تنوعت المعتقدات الدينية في اليونان بتنوع الروافد الحضارية التي نهل منها المجتمع اليوناني ( عبادة‬
‫األلهة اإلثنى عشر‪ ،‬الفلسفات الرواقية‪ ،‬األفالطونية‪.)...‬‬

‫تأثر تاريخ اليونان القديمة بالمدينتين البارزتين "إسبرطا" و "أثينا" ‪:‬‬

‫‪3‬ـ‪1‬ـ‪1‬ــ إسبرطا‪ :‬التي تقع على رقعة جبلية‪ ،‬سيطر عليها نظام حكم مستبد ‪.‬هذان العامالن جعال ظروف‬
‫الحياة صعبة وقاسية فكان منطق القوة العسكرية هو السائد على هذه المدينة ‪،‬لذلك كان نظامها التربوي‬
‫قائما على القسوة والقوة البدنية ‪.‬‬

‫انحصرت أهدافها التربوية في‪:‬‬

‫ــ خلق المواطن القادر على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة‪.‬‬

‫ــ خلق الرجل القوي الذي يستطيع الدفاع عن حدوده وقادر على السيطرة ويؤمن بالتوسع‪.‬‬

‫كان أفراد المجتمع ملكا للدولة ‪ ،‬تتعهدهم بالتربية من سن السابعة من خالل التمرينات العسكرية‬
‫والبدنية القاسية والفنون القتالية والفروسية والتطبيع االجتماعي على احترام النظام وااللتزام بالمبادئ‬
‫واألوامر والوالء للدولة‪.‬‬

‫يمكث الطفل في أسرته حتى سن السابعة يتلقى تربية قاسية بعيدا عن نعومة العيش واإلتكالية‪ .‬يلتحق‬
‫بعدها بالمدرسة العسكرية وهي إجبارية على الذكور واإلناث ‪ ،‬يبقى فيها حتى سن العشرين ليلتحق‬
‫بالثكنات والحصون على الحدود كجندي نظامي مدرب وال يفارقها إال بعد قضاء عشر سنوات ‪ ،‬عندئذ‬
‫فقط يؤذن لهم بالزواج واالندماج في الحياة االجتماعية و تأسيس أسرة والعيش كمواطنين أحرار‪.‬‬

‫‪3‬ـ‪1‬ـ‪2‬ـ أثيـــــنا‪ :‬تميزت أثينا بموقعها الجغرافي المفتوح على حضارات العالم القديم عبر البحار ‪ ،‬كما‬
‫تمتعت بظروف تاريخية واجتماعية وثقافية جيدة( كثرة العلماء والفالسفة وتطور الفكر‪ )....‬مما أدخل‬
‫التطور على أسلوب الحياة وكان فيها االهتمام بالبعد العقلي والثقافي والفكري للفرد من أولويات المجتمع‪.‬‬
‫فتأثر النظام التربوي بذلك وكان مرتكزا على منطق القوة الفكرية‪.‬‬

‫من هذا المنطلق ركزت التربية األثينية في أهدافها على‪:‬‬

‫ــ االهتمام بالعقل وتطوير شخصية الفرد‪.‬‬

‫ــ االهتمام بوجوه التعليم المختلفة ( تنمية كل القدرات الجسمية ‪ ،‬العقلية ‪،‬الخلقية ‪.)....‬‬

‫لهذا كانت محتوياتها التربوية متنوعة تراوحت بين‪:‬‬

‫ــ األنشطة البدنية والرياضية لتنمية القدرة على ضبط النفس وااللتزام بالقواعد وروح المنافسة والروح‬
‫الرياضية ‪ ،‬ولعل ابتكارهم لأللعاب األولمبية خير دليل على ذلك‪.‬‬

‫ــ الموسيقى وفنونها لتنمية الذوق والحس الجمالي‪.‬‬

‫ــ الشعر لما فيه من حكمة وما ينميه في النفس من عواطف‪.‬‬

‫ــ الخطابة لما لها من دور تعزيز قواعد المجتمع الديمقراطي الذي يقوم على الحوار‪.‬‬

‫ــ القراءة والكتابة والحساب والهندسة ومختلف العلوم‪.‬‬

‫ــ القانون وتعليمه اختياري‪.‬‬

‫ــ الفنون كالنحت والعمارة وقد برعوا في هذا المجال والشواهد المادية دليل على ذلك‪.‬‬

‫ــ الفلسفة والمنطق‪.‬‬

‫وقد كان المجتمع مقسما إلى طبقتين ‪ :‬طبقة األحرار وطبقة العبيد‪ ،‬ولكل طبقة مدارسها الخاصة فمدارس‬
‫األحرار تهتم بتربية العقل والذوق واألخالق والمواطنة السليمة‪ .‬أما مدارس العبيد فتهتم بالتدريب على‬
‫مهارات العمل‪.‬‬

‫‪3‬ـ‪2‬ـ التربية عند الرومان‪:‬‬

‫الرومانية سنة ‪ 354‬ق م في قرية صغ يرة في شبه الجزيرة اإليطالية على‬ ‫تأسست اإلمبراطورية‬
‫" التيبر" واستمر وجودها إلى غاية ‪336‬سنة م‪.‬‬ ‫ضفاف نهر‬

‫كان تاريخ روما حافال باألحداث التي أثرت عل تركيبة المجتمع الروماني وعلى ثقافته مقوماته ‪.‬مر نظام‬
‫الحكم بمراحل هي‪:‬‬
‫ــ عهد الحكم الملكي‪605 :‬ــ‪ 544‬ق م‪ ،‬أين ازدهرت الحركة التجارية وأصدر أول دستور وزادت‬
‫العائدات االقتصادية‪.‬‬

‫ــ عهد الحكم الجمهوري‪544 :‬ــ ‪ 44‬ق م ‪،‬أصبح الحكم يديره مجلس الشيوخ والفرسان ‪،‬وفي هذه الفترة‬
‫بدأت روما في التوسع لتشمل كامل به الجزيرة اإليطالية‪ ،‬ثم غزو بالد "الغال"ــ فرنسا حالياـ ثم مدينة‬
‫قرطاج وراء البحر األبيض المتوسط لتتوسع الحملة إلى ما تبقى من مناطق شمال إفريقيا‪ .‬وفي نفس‬
‫الوقت كان الصراع والحروب هو ما ميز عالقتها مع اليونان‪.‬‬

‫ــ عهد اإلمبراطورية الرومانية ‪ 44 :‬ق م ــ ‪336‬م ‪ ،‬زاد التوسع الجغرافي إلى شبه الجزيرة اإلسبانية و‬
‫الكثير من األقاليم األوروبية المجاورة وغرب آسيا وشمال إفريقيا وجزر البحر األبيض التوسط( من نهر‬
‫الفرات إلى المحيط األطلسي)‪ .‬بعد هذا التوسع تراجع االقتصاد بسبب الحروب التي استنزفت الخزينة‬
‫وانتشار اللهو وحياة الرفاهية ‪،‬ومن ناحية أخرى التنوع الثقافي الحضاري والعقائدي للطوائف والشعوب‬
‫التي أصبحت تحت راية اإلمبراطورية واختالف طوائف الديانة المسيحية كانت عوامل قوية أنذرت‬
‫بنهاية مجدها‪.‬فبدأ الفساد الحكومي وضعف القادة فسيطر البربر والقبائل الغريبة على الجيش الروماني‬
‫وتسللوا للحكم تدريجيا ‪،‬بعدها سيطر الجرمان على الحكم وبدأ الخالفات ب ين الجهة الغربية والجهة‬
‫الشرقية اللتان كانت نهايتهما على يد البيزنطيين والفاتحين المسلمين على التوالي‪.‬‬

‫عموما تميز الرومان عن اليونان بكونهم عملين أكثر من كونهم نظريين‪ .‬وكان منطقها منطق عسكري‬
‫مفتتنة بالحروب والغزو والتوسع حالها حال إسبرطا‪ ،‬والملفت لال نتباه أنه ومنذ دخول الرومان إلى اليونان‬
‫عسكريا بدأت تتشرب الفكر والثقافة اليونانية حتى أصبح المطلع على مخلفات الرومان غير قادر على‬
‫فصل اللمسة اليونانية عن األعمال المخلدة للرومان‪.‬‬

‫من الناحية التربوية كانت األسرة تتولى تنشئة األبناء ذكورا وإناث حتى سن السابعة ثم يلتحق بعدها‬
‫الذكور بآبائهم ليشاركوهم في كل أنشطتهم ‪ ،‬فيتعلمون منهم بالمحاكاة أساليب العمل وآداب الحياة‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫إن أول مالمح تأثير قوة الفكر اليوناني تجلى في تأسيس مدارس النحو الخطابة على غرار تلك المنتشرة‬
‫في أثينا‪ ،‬وقد لقيت إقباال كبيرا من طرف الرومان رغم معارضة الحكومة لها إال أنها في األخير استسلمت‬
‫لمطلب الشعب وأصبحت هي التي تدعمها ماديا‪ ،‬حتى أصبحت تلك المدارس جزءا من النظام التربوي‬
‫الروماني‪.‬‬

‫يتلقى الروماني تعليمه األولي بمدارس " اللودوس" (مدارس اللعب) ويكون التعليم فيها عن طريق اللعب‪،‬‬
‫ثم ي نتقل إلى المستوى األعلى ليتلقى الخطابة والقانون فالطب فالرياضيات التطبيقية‪ ،‬ثم يتعداها لمرحلة‬
‫متقدمة يمكن أن نسميها العليم العالي ويتوسع فيها المتعلم في كل العلوم وينفتح على كل الثقافات‪.‬‬
‫كخالصة لكل هذا فإن التربية الرومانية أصبحت مرآة عاكسة لثقافة اليونان‪.‬‬

‫‪4‬ــ التربية في الحضارة العربية القديمة ‪:‬‬

‫انقسمت التربية في الحضارة العربية القديمة إلى ثالث حضارات‪:‬‬

‫‪1‬ـ الحضارة الجنوبية (بالد اليمن)‪ :‬دانت النصرانية واليهودية والمجوسية واشتهرت بعظمة البناء وتشييد‬
‫القصور‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ الحضارة الشمالية (بالد الشام)‪ :‬اشتهرت بالتجارة والهندسة والعمارة وصناعة األواني‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ حواضر الحجاز(بالد الطائف ويثرب ومكة)‪ :‬كانت ملتقى األديان فدانت اليهودية والنصرانية وعبادة‬
‫األصنام ثم اإلسالم فيما بعد ‪،‬كما كانت ملتقى الطرق التجارية‪.‬‬

‫إن هذا التنوع االقتصادي والجغرافي والديني للحضارة العربية القديمة منحها مقومات جعلت الحياة في‬
‫عصر الجاهلية تتميز بتنوع مظاهر الحياة االجتماعية بين النمط الحضري والنمط البدوي ويمكن تلخيص‬
‫هذه المظاهر فيما يلي‪:‬‬

‫ــ الحياة البدوية سادها نظام القبيلة ‪.‬‬

‫ــ تميز المجتمع الجاهلي بمكارم األخالق والجود والكرم والشجاعة وفي المقابل كان مفتتنا بالحروب‪.‬‬

‫ــ عرفوا علم األديان والتاريخ األنساب وعلم الرؤيا والكهنوت و الفصاحة والشعر وهو أهم ما ميزهم‬
‫رغم أنقلة منهم فقط يعرفون القراءة والكتابة‪.‬‬

‫ــ تميزوا بعبادة األصنام ودانوا اليهودية والنصرانية والمجوسية خاصة عرب الشمال والجنوب‪ ،‬كما‬
‫مارسوا الرعي‪.‬‬

‫انطالقا من هذه المميزات فقد كانت التربية في عصر الجاهلية تهدف إلى إعداد الناشئة للعمل والحياة وفقا‬
‫لظروف المجتمع(بدوي أو حضري) فعند‪:‬‬

‫أــ البدو‪ :‬تنمية االستعدادات واالتجاهات القبلية‪،‬وتعلم مهارات الصيد واالحتطاب والرعي والعناية‬
‫بالحيوانات والفروسية والقتال‪.‬‬

‫ب ــ الحضر‪ :‬تنمية القيم واالتجاهات ‪ ،‬غرس العادات و التقاليد واإلعداد الحياة الحضرية ومتطلباتها‬
‫المهنية كاحتراف التجارة والبناء والتداوي والصناعات المختلفة‪.‬‬

‫وبهذا عرفت التربية عدة أشكال ب ين البدنية والعسكرية األخالقية واالجتماعية‪........‬‬


‫أما عن تنظيماتها التعليمية فعلى العموم لم تكن هناك تنظيمات رسمية إال في المجال العسكري ولم تكن‬
‫هناك برامج ومقررات تستهدف الفئات العمرية للناشئة خاصة عند البدو إذ تسند مهمة التربية لألسرة‬
‫والقبيلة وفي األسو اق ( سوق عكاظ مثال لتعلم الشعر والفصاحة)‬

‫أما الحضر فكانت التربية عندهم أكثر نظامية فهماك المكتبات ومدارس القراءة والكتابة والمعاهد‪.‬‬

‫‪ 5‬ــ التربية اإلسالمية في العصور الوسطى‪:‬‬

‫تزامنت فترة ظهور اإلسالم في البالد العربية مع العصور الوسطى التي عاشتها أوروبا( العصور‬
‫المظلمة)‪.‬‬

‫مثل اإلسالم نواة الحضارة اإلسالمية وقد مر بعدة مراحل‪:‬‬

‫‪ 1‬ــ مرحلة الدعوة المنحصرة في مكة ‪ :‬من بداية نزول الوحي ودامت ما يقارب ‪ 3‬سنوات‪.‬‬

‫‪ 2‬ــ مرحلة انتشار اإلسالم بعد الهجرة النبوية إلى المدينة‪ :‬ثم إلى شبه الجزيرة العربية بعد العودة إلى‬
‫مكة المكرمة‪.‬‬

‫‪3‬ــ مرحة الخلفاء الراشدين‪ :‬أين انتشر اإلسالم إلى سوريا‪ ،‬فلسطين ‪ ،‬العراق‪ ،‬إيران و مصر وبعدها إلى‬
‫شمال إفريقيا وأوروبا عن طريق إسبانيا‪ ،‬ثم إلى الهند والصين في عهد األمويين(حركة الفتوحات‬
‫اإلسالمية)‪.‬‬

‫‪ 4‬ــ فترة العصر الذهبي (العصر العباسي)للدولة اإلسالمية‪:‬تزامنت مع القرن الثامن للميالد‪ ،‬أين تطورت‬
‫مظاهر الحياة في المجتمع وازدهرت حاله وساد العدل بفضل تطبيق مبادئ الدين اإلسالمي‪.‬وعموما‬
‫تميزت هذه الفترة بـ‪:‬‬

‫ــ هضم ثقافات األمم الحضارات القديمة واالستفادة منها‪.‬‬

‫ــ االحتكاك بالشعوب نتيجة الفتوحات اإلسالمية والغزو والرحالت وبالتالي ترجمة العلوم من الفارسية‬
‫والهندية والصينية واإلغريقية وغيرها من اللغات إلى اللغة العربية وتأسيس رصيد علمي ضخم (الطب‪،‬‬
‫الفلك‪،‬الهندسة‪،‬الجغرافيا‪،‬الكيمياء‪،‬الجبر‪،‬التاريخ‪ ،‬اآلداب‪ .)...‬فبرز العلماء باكتشافاتهم واختراعاتهم وكان‬
‫هذا كله كافيا لتأسي س حضارة مزدهرة في ذلك الوقت الذي كانت فيه أوروبا في الجهل(عصر الظلمات)‪.‬‬

‫‪5‬ــ من القرن ‪11‬م إلى القرن ‪12‬م‪ :‬أي عهد الدولة الفاطمية ‪ ،‬فقد بنى الجوهر الصقلي جامع األزهر‬
‫وتأسست المكتبات في قصور الخلفاء واألمراء وأحيطوا باألطباء والعلماء والمثقفين‪.‬ثم بدأت المدارس‬
‫ا لنظامية في الظهور في بغداد ثم البصرة وبخارى ومصر‪.....‬وعموما فقد شهد الفكر التربوي اإلسالمي‬
‫تطورا ال نظير له خال هذه الفترة وبرز أعالمه أمثال ابن سحنون وابن تيمية القابسي والغزالي وابن سينا‬
‫غيرهم‪.‬‬

‫‪ 6‬ــ فترة انهيار الدولة اإلسالمية‪ :‬انهارت الدولة اإلسالمية نتيجة لعدة أهمها‪:‬‬

‫ــ انتشار الفرق الدينية خاصة بعد حروب الردة وانقسام المسلمين إلى مذاهب متعارضة كالسنة والشيعة‬
‫والصوفية‪.‬‬

‫ــ تعارض مصالح الدولة مع مصالح الدين وتحول الحكم من نظام الشورى إلى التوريث وعدم قدرة‬
‫المسلمين على تحقيق االنسجام بين أمور السياسة والدين‪.‬‬

‫ــ توسع الرقعة الجغرافية للدولة اإلسالمية من مشرق الكرة األرضية إلى مغربها وتنوع األعراق و‬
‫الشعوب والثقافات‪.‬‬

‫إن هذه العوامل زيادة على استغراق المسلمين في الملذات نتيجة للرفاهية المادية واالجتماعية كانت كافية‬
‫لتفكك الدولة وانقسامها‪.‬‬

‫‪5‬ـ‪1‬ـ أهداف التربية اإلسالمية واتجاهاتها‪ :‬كان التوجه األساسي للتربية في الحضارة اإلسالمية نحو‬
‫إرساء مبدئي‪:‬‬

‫ــ وحدة الدين‪.‬‬

‫ــ دمج وصهر االختالفات رغم تنوع األعراق واألصول التاريخية‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس كانت أهداف التربية‪:‬‬

‫ــ دينية بالدرجة األولى‪ ،‬لتحقيق االلتزام بأوامر الله تعالى وتحقيق الهدف من الوجود في الدنيا وهو خالفة‬
‫الله في األرض وعمارتها‪.‬‬

‫ــ علمية وثقافية‪،‬باكتساب أدوات الثقافة( القراءة والكتابة) ومحاربة األمية‪.‬‬

‫ــ علمية اجتماعية‪ ،‬لتدعيم األدوار االجتماعية وتنمية الشخصية اإلسالمية المشبعة بروح وقيم الدين‬
‫اإلسالمي‪.‬‬

‫ــ عقلية‪ ،‬لتنمية المعرفة والحث على طلب العلم‪.‬‬

‫ــ مهنية‪ ،‬إتقان المهن والحرف لكسب العيش‪.‬‬

‫ــ جمالية‪ ،‬لتنمية الحس الجمالي و الفني وتذوق الفنون والشعر‪.‬‬


‫ــ بدنية‪ ،‬ممارسة الرياضة والفروسية والسباحة والرماية وفنون القتال‪.‬‬

‫‪5‬ـ‪2‬ـ التنظيمات التعليمية‪ :‬تعتبر األسرة المؤسسة التربوية األولى التي ترعى الطفل من والدته حتى سن‬
‫الخامسة وتؤمن له كل حاجاته النفسية والجسمية واالجتماعية‪ ،‬ليلتحق بعدها بـ ‪:‬‬

‫ــ المدارس األولية‪ :‬وتسمى "الكتاب" ‪،‬يلتحق بها الذكور واإلناث لتعلم الكتابة والقراءة والحساب إلى‬
‫جاني مضامين متنوعة حسب البلدان‪.‬ففي بلدان المغرب يتعلم الطفل القرآن وفي األندلس القرآن وقواعد‬
‫اللغة العربية وتجويد الخط ورواية الشعر‪ ،‬أما في إفريقيا فيتعلم القرآن والحديث النبوي‪ .‬وفي بلدان‬
‫المشرق محتويات متنوعة كما هو الحال في األندلس وأكثر‪.‬‬

‫ــ المدارس الثانوية‪ :‬يتعمق المتعلمون في مختلف العلوم من أدب ‪،‬نحو ‪،‬حساب ‪،‬فلك‪،‬كيمياء‪،‬طب ‪،‬‬
‫فلسفة باتباع طرق متنوعة كاإلمالء والمحاضرة والمناظرة ‪....‬‬

‫ــ المدارس العالمية‪ :‬تتميز بعدم تقيدها بمنهج محدد ما عدا المواد الدينية واللغوية فتشترك فيها كل‬
‫التخصصات‪.‬‬

‫ــ األبحاث و الدراسات العليا‪:‬وتكون في بيت الحكمة‪.‬‬

‫وعلى العموم اعتمدت التربية اإلسالمية على العلوم النقلية في المراحل التعليمية األولى ثم العلوم العقلية‬
‫النفعية في المراحل المتقدمة‪.‬‬

‫‪ 6‬ــ التربية المسيحية في العصور الوسطى‪:‬‬

‫لفهم التيارات التربوية في العصور الوسطى ال بد من فهم التربية المسيحية ومبادئها المستمدة من روح‬
‫ما أوحي للمسيح "عليه السالم"‪ ،‬ولتيسير ذلك نقسم تطور مفاهيمها إلى ثالث محطات كبرى تعتبر الثالثة‬
‫منها هي فترة العصور الوسطى‪:‬‬

‫‪6‬ـ‪ 1‬ـ عصر المسيح عليه السالم‪ :‬ظهرت الديانة المسيحية في فترة ازدهار اإلمبراطورية الرومانية‪،‬‬
‫وكانت تهدف إلى تطهير النفوس وتحقيق العدالة والبلوغ بالنفوس إلى أقصى درجات الكمال الروحي‬
‫وزرع األخالق والفضيلة‪.‬‬

‫لذلك كانت التربية آنذاك دينية خلقية بالدرجة األولى‪ ،‬اعتمد فيها المسيح عليه السالم على أسلوب الحوار‬
‫والقدوة والتلقائية والبساطة من المحسوس إلى المجرد ومن المألوف إلى غير المألوف في مخاطبة القلوب‬
‫والضمائر‪ ،‬لما كان ألسلوبه هذا من تأثير في نفوس الناس خاصة منهم الحواريين‪ .‬فالتفوا حوله كمرب‬
‫ومعلم ليشكلوا كنيسة في شكل تنظيم إنساني وكانت هذه المؤسسة الوحيدة التي كرست مبادئ المسيحية‪.‬‬
‫‪6‬ـ‪2‬ـ عصر الحواريين اآلباء‪ :‬بعد وفاة المسيح عليه السالم من جهة وانحالل المجتمع الروماني أخالقيا‬
‫تأثرت الكنيسة ‪،‬إال أن الحواريين اآلباء حاولوا أن يحافظوا على نمط التربية الدينية واألخالقية‬
‫واالستمرار في نشر الفضيلة في ا لمجتمع ‪.‬ودعما لدور الكنيسة ظهرت عدة أشكال من المدارس كمدارس‬
‫اإلنشاد والحوار الديني والكاتدرائيات لتعليم واجبات الكنيسة وفيما بعد أنشئت مدارس الالهوت‪ .‬كان‬
‫رجال الدين هم الذين يشرفون على التعليم في هذه المدارس التي يلتحق بها الذكور واإلناث لتلقي مبادئ‬
‫الدين واألخالق ونبذ األدب والبالغة والفلسفة فق اعتبرت زندقة‪.‬‬

‫‪6‬ـ‪3‬ـ العصور الوسطى‪ :‬يبدأ التأريخ للعصور الوسطى بانهيار اإلمبراطورية الرومانية من جهة وامتزاج‬
‫الدين بالمعتقدات الوثنية واألفكار الفلسفية القادمة من اليونان‪ ،‬فشهد المجتمع األوروبي انقساما دينيا‬
‫وفكريا ما أدى إلى ظهور أربع اتجاهات تربوية مختلفة‪:‬‬

‫أـ اتجاه الديرية‪ :‬هو االتجاه الذي حاول أن يحافظ على ما تبقى من التربية المسيحية ومبادئ الكنيسة‬
‫وأهدافها‪.‬تميز بنوع من الزهد فق كان يهدف إلى تهذيب النفس والبدن والعقل والعواطف والترفع عن‬
‫الحاجات وإنكارها‪.‬‬

‫كان األطفال يلتحقون بالدير في سن العاشرة إلى الثامنة عشر ثم بعدها يتمون دراساتهم العليا‪،‬و كانت‬
‫محتوياتها دينية خالصة في البداية( كتابة ‪،‬قراءة‪ ،‬الكتاب المقدس والمخطوطات)‪.‬ثم استدخلت عليها الفنون‬
‫السبع فيما بعد(النحو‪،‬الخطابة‪،‬الجدل‪،‬الحساب‪،‬الموسيقى ‪ ،‬الفلك‪،‬الهندسة)‪.‬أما عن أساليب التدريس فقد‬
‫تنوعت بين اإلصغاء والسؤال والجواب والمحاضرة والمناقشة والحوار‪.‬‬

‫ب ـ اتجاه الحركة المدرسية‪ :‬اتجاه عكس مدى تأثر اإلمبراطورية الرومانية بالثقافات والفكر والفلسفات‬
‫الواردة إليها‪،‬‬

‫فقد أكد هذا االتجاه على معتقدات الكنيسة بحجة العقل(أي محاولة ت حقيق االنسجام بين الدين العقل)‪ .‬لذلك‬
‫جاءت محتويات التربية في هذه المدارس مزيجا بين مبادئ الدين والتيارات الفلسفية و اعتمدت على‬
‫المحاضرة والمناظرة كأسلوبين في التدريس فهما األنسب لهذه المضامين‪.‬وتنوعت أشكال المدارس في‬
‫هذا االتجاه بين الكاتدرائيات ومدارس النحو واألديرة الجامعات‪.‬‬

‫ج ـ اتجاه حركة الفروسية‪ :‬عبر هذا االتجاه بشكل واضح عن التمسك بمنطق القوة العسكرية الذي كانت‬
‫روما تتبناه قبل سقوطها‪ .‬فرغم أن التربية كانت تهدف إلى تعليم المثل الدينية واألخالقية إال أنها اتخذت‬
‫شكال ونمطا عسكريا وبدنيا خالصا‪ ،‬فقد كان ا لطفل يقضي فقط السبع سنوات األولى من حياته في أسرته‬
‫ليلتحق بعدها بقالع اإلقطاعيين لتعلم القراءة والكتابة والحساب والشعر واإلنشاد ويصاحب الشعراء حتى‬
‫يبلغ الواحدة والعشرين من عمره‪ ،‬ليصاحب فارسا لتعلم فنون الفروسية ‪ ،‬وحياته هذه بين قلعة اإلقطاعي‬
‫والفرسان ال تخ لو من التدريب العسكريا وضمنيا يتلقى مبادئ الدين واألخالق‪.‬‬
‫د ـ اتجاه مدارس النقابات‪ :‬ظهرت هذه المدارس بازدهار التجارة بعد الحروب الصليبية‪ ،‬وكانت تهدف‬
‫إلى تعليم نشاطي التجارة والصناعة ‪ .‬شيدت مدارس لتعليم أبناء التجار والحرفين سميت مدارس النقابات‬
‫وبالموازاة شيدت مدارس اإلنشاد إلعداد رجال الدين‪ ،‬وقد كانت في عمومها ذات طابع مهني بالدرجة‬
‫األولى ودينية بالدرجة الثانية‪ ،‬لذلك اعتنت فقط بتعليم القراءة والكتابة والحساب فقط إلى جانب الحرف‬
‫والمهن المنتشرة آنذاك ثم الدين ويستمر التدريب المهني فيها من سن الخامسة إلى سن الحادية عشر‬
‫ليلتحق الطفل بعدها بالمهنة التي تناسبه‪.‬‬

‫‪7‬ــ التربية في عصر النهضة‪:‬‬

‫الحت البوادر األولى للنهضة األوروبية في األفق قبل القرن ‪ 43‬م ‪،‬وسميت الفترة الممتدة من‬
‫القرن‪43‬م إلى القرن ‪46‬م بعصر النهضة التي كان من ورائها عاملين أساسين‪:‬‬

‫ــ نشأة مدارس المجتمعات المحلية والمدارس الحرفية والجامعات‪.‬‬

‫ــ التحرر من العبودية واإلقطاع دفعا المجتمع األوروبي إلى االهتمام بالطبيعة البشرية والفنون واللغات‪،‬‬
‫لذلك اتجهت التربية في هذه الفترة إلى اإلنسانيات( اللغات‪،‬اآلداب الكالسيكية‪،‬الفنون ‪ ،‬التاريخ‬
‫والفلسفة‪.)...‬‬

‫من أشهر أعلم هذه المرحلة الهولندي" أرازموس" الذي قام فكره التربوي على جملة من المبادئ أهمها‪:‬‬

‫ــ التأكيد على الطبيعة الخيرة لإلنسان إذا ما أحسن المجتمع تربيته بالحوافز التشجيعية بدل العقاب‪.‬‬

‫ــ التأكيد على ضرورة تعلم المسائل الدينية استنادا إلى الفهم والذكاء و التدرج‪.‬‬

‫ــ التأكيد على الحرية الفردية وأهمية اللعب قبل تعلم المواد الدراسية الجامدة في فترات العمر المبكرة‪.‬‬

‫‪8‬ـ القرن ‪17‬م‪ :‬اصطبغت التربية في هذه الفترة بالطابع الواقعي ‪ ،‬يرجع ذلك لموجة التطور العلمي‬
‫واالختراعات وظهور المنهج التجريبي و االستقرائي وانتشار نظر يات "نيوتن" وأبحاث "جاليليو"‬
‫وغيرهم‪.‬‬

‫انتقلت االتجاهات التربوية إلى رؤية الحياة منظور واقعي يعتمد على التجربة والحواس‪ .‬وقد اشتهر‬
‫الفيلسوف اإلنجليزي "جون لوك " في هذا المجال واعتبر الحواس مدخالت للعقل وأساس لبناء المعرفة‪.‬‬

‫اهتمت التربية في هذه الفترة بما يلي‪:‬‬

‫ــ التعرف على الطبيعة واعتبارها مصدر الخبرة وحقل للمعرفة‪.‬‬

‫ــ استخدام الحواس في التعلم‪.‬‬


‫ــ تشجيع التعلم عن طريق الخبرة بالطريقة العلمية‪.‬‬

‫ــ التركيز على اللغات القومية بدل اللغات القديمة‪.‬‬

‫ــ االهتمام بتربية الجسم وتهذيب الحواس واألخالق والعقل‪.‬‬

‫ــ إعداد ال فرد لمواجهة مطالب الحياة والتكيف مع الواقع‪.‬‬

‫‪9‬ـ القرن‪ :18‬تميز هذا القرن بإعطاء قدر كبير من األهمية للتربية باعتبارها المسؤولة عن إنسانية هذا‬
‫الكائن (اإلنسان ليس إنسانا بدون تربية)‪.‬‬

‫انتشرت حركة تأسيس المدارس‪،‬فقد قام "لويس الرابع عشر" في فرنسا بفتح الكثير منها وخصص‬
‫مكافآت للمعلمين‪ .‬أما قيصر روسيا "بطرس" فقد أسس مدارس الحساب والهندسة‪ .‬وفي إنجلترا أعطيت‬
‫عناية خاصة لمدارس إعداد المهندسين واألطباء وغيرهم من المختصين لتطوير أوضاع البلد‪.‬‬

‫من أشهر مربي هذا القرن ‪:‬‬

‫ــ "بيستالوتزي"‪ :‬الذي يرى أن التربية هي الوسيلة لخلق مجتمع مستنير‪.‬‬

‫ــ "فردريك هاربرت" ‪ :‬الذي أكد على البيئة التعليمية والمعلم وتحسين ظروف عملية التعليم‪.‬‬

‫ــ "جان جاك روسو" ‪:‬الذي أكد على التربية الحرة (الطبيعية) بعيدا عن الضغوط االجتماعية‪.‬‬

‫‪11‬ــ القرن ‪ :19‬تأثرت التربية هنا بنزعتين‪:‬‬

‫أـ النزعة اإلنسانية‪ :‬المؤسسة على أفكار" فروبل" في بداية القرن والذي أكد على النشاط الذاتي للمتعلم‬
‫وأهمية اللعب وأن اإلنسان يخضع لقوانين التضاد واالرتباط‪ ،‬واعتمد على المكعب واألسطوانة والكرة‬
‫كوسائل تعليمية( فالمكعب يشير لالستقرار والكرة إلى الحيوية والتغير أما األسطوانة فتربط المتضادات)‬
‫‪.‬واستمرت هذه النزعة بأفكار " ماريا منتسوري" في نهاية القرن والتي حاولت إعادة أفكار "فروبل" ‪،‬‬
‫والتربية عندها تقوم على العمل والنشاط واللعب وأن الحواس منافذ للعقل‪ .‬كما أسست بيئة للتعلم سمتها‬
‫"بيت األطفال"وهي تحتوي كل المواد الالزمة للتعلم ‪.‬‬

‫ب ـ النزعة العلمية‪ :‬وهي بمثابة نتيجة حتمية لتطور العلوم الطبيعية ومباحث علم النفس ‪ ،‬وعلى رأس هذا‬
‫االتجاه"هاربرت سبينسر" الذي أكد على أهمية المحتوي والمضمون ال‪4‬ي تقدمه المدرسة ‪ ،‬فالمدرسة ال‬
‫بد توفر تربية صحية جسمية وإعدادا مهنيا تهذيبا أخالقيا واجتماعيا تنمية للمشاعر واألذواق‪.‬‬

‫‪11‬ــ القرن ‪ :21‬اصطبغت التربية في القرن ‪ 04‬بالنظرة الواقعية التي أخذت بعين االعتبار الثورة‬
‫المعرفية وثورة اآلمال البشرية والتكنولوجيا واالتصال واالنفجار السكاني‪ ،‬وقد برز في هذا التوجه‬
‫التربوي الجديد كل من " جون ديوي" و " بيرتراند راسل" الذي دعا إلى تحرير اإلنسان من المعوقات‬
‫والقيود التي تعيق انطالقاته العقلية واالتجاه نحو االعتماد على المالحظة واالستقراء العلمي لتزداد‬
‫معرفته بالعالم الخارجي والتكيف مع متطلبات الواقع وتغيراته قام اتجاه التربية لهذا القرن على‪:‬‬

‫ــ االهتمام بالتنمية المتكاملة للشخصية‪.‬‬

‫ــ االهتمام بتعليم الكبار والصغار‪.‬‬

‫ــ االهتمام بذكاء اإلنسان وقدراته‪.‬‬

‫ــ التأكيد على اإلعداد النظري والعملي‪.‬‬

‫ــ المتعلم هو محور العملية التعليمية‪.‬‬

‫ــ االهتمام بحاجات الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫ــ مراعاة الفروق الفردية واختالف البيئات و الثقافات‪.‬‬

‫ــ التربية من أجل النمو والتطور وتقدم اإلنسان وتالقح الثقافات وتطوير العالقات الدولية‪.‬‬

You might also like