)1االشتقاق :اللغة العربية لغة اشتقاقية ،تقوم على أبواب الفعل الثالثيِّ؛ لذلك فإن خزائنها من المفردات يمكن أن تزداد دائ ًما ،وكل الكلمات المشتقة من أصل ثالثي معها المعنى األصلي ،بخالف غيرها من اللغات ،فاالشتقاق من أبرز سمات هذه اللغة آخ َر وخصائصها ،وللغة العربية طريقة عجيبة في التوليد جعلت ِّ هذه اللغة متصالً بأولها في نسيج ملتحم ،من غير أن تذهب معالمها ،بعكس اللغات األوروبي.
ففي اللغة العربية نشتق المكتبة (اسم المكان) من الكتاب والكتابة،
بينما ال عالقة بين ( )bookالتي تعني كتاب في اللغة اإلنجليزية و( )libraryالتي تعني مكتبة ،إن اشتراك األلفاظ المنتمية إلى أصل واحد في أصل المعنى ،وفي قدر عام منه ،يسري في جميع مشتقات األصل الواحد مهما اختلف العصر أو البيئة ،والروابط االشتقاقية نوع من التصنيف للمعاني في كلياتها وعمومياتها ،وهي علم المنطقَ ،وتربط أسماء األشياء المرتبطة في أصلها وطبيعتها ت ُ ِّ برباط واحد ،وهذا يحفظ جهد المتعلم ،ويوفر وقته ،وإن خاصة الروابط االشتقاقية في اللغة العربية تهدينا إلى معرفة كثير من مفاهيم العرب ،ونظراتهم إلى الوجود ،وعاداتهم القديمة ،وتوحي بفكرة الجماعة وتعاونها وتضامنها في النفوس عن طريق اللغة[.]1 عرب :هو لفظ استعاره العرب القدامى ( )2التعريب والتوليد :ال ُم َّ في عصر االحتجاج باللغة من أ َّمة أخرى ،واستعملوه في لسانهم؛ مثل :السندس ،الزنجبيل ،اإلبريق ،وما إلى ذلك.
ي البناء ،أُعطي في اللغة الحديثة معنًى مختلفًا
والمولَّد :هو لفظ عرب ُّ عما كان العرب يعرفونه؛ مثل :الجريدة ،المجلة ،السيارة، الطيارة ...إلخ.
والتعريب أحد مظاهر التقاء العربية بغيرها من اللغات على
مستوى المفردات ،وكانت األلفاظ الدخيلة في العصر الجاهلي قليلةً محدودةً ،تتصل باألشياء التي لم يعرفها العرب في حياتهم ،وهي محصورة في ألفاظ تدل على أشياء مادية ال معنوية؛ مثل :كوب، مسك ،مرجان ،درهم ...إلخ. وتعود قلة الدخيل إلى سببين :انغالقهم على أنفسهم ،واعتدادهم بأنفسهم وبلغتهم ،أما بعد اإلسالم فقد اتصلت العربية باللغات األخرى ،فانتقلت إليها ألفاظ جديدة ،تتعلق كلها بالمحسوسات والماديات؛ مثل :أسماء األلبسة ،واألطعمة ،والنباتات ،والحيوان، وشؤون المعيشة ،أو اإلدارة ،وقد انعدم التأثير في األصوات والصيغ والتراكيب ،وإن هذا الداخل على الغالب لم يبقَ على حاله، صي َغ في قالب عربي. بل ِّ
( )3النحت :وهو انتزاع كلمة جديدة من كلمتين أو أكثر ،بحيث
تدل على معنى ما انتزعت منه؛ كالبسملة من قولنا( :بسم هللا الرحمن الرحيم).
( )4تلخيص أصوات الطبيعة ومحاكاتها من وسائل زيادة الثروة
اللغوية ،وفي اللغة العربية ألفاظ كثيرة دالة على أصوات الحيوانات ،وضوضاء األشياء ،وهناك ألفاظ دالة على النطق والكالم؛ مثل( :تعتع)؛ أي( :تردد في الكالم). ( )5انتقال المفردة من المحسوس :وهذا االنتقال أثَّر في الفكر، وبروز الحاجة إلى التعبير عن المعقوالت والمجردات؛ من ذلك: (االقتباس) أصلها المادي قبس من النار ،ثم نُقل المعنى إلى األخذ من العلم والكالم ،وهو معنى معنوي.
( )6التفاعل واالقتباس من اللغات األخرى :تتفاعل اللغات بعضها
وتأثرا ،لدرجة أن هناك ً تأثيرا ً ع َل الكائنات الحية، مع بعض تفا ُ عا يدور بين اللغات من أجل البقاء ،وعملية االقتراض من لغة صرا ً أخرى تفيد اللغة المقترضة ،واللغة العربية حين اتصل أهلها قدي ًما بالثقافات المجاورة ،واحتكوا بشعوبها ،دخلت ألفاظ من لغاتها إلى اللغة العربية ،ولو نظرنا إلى القرآن الكريم لوجدنا الكثير من المعربة التي أُخذت من لغات أخرى؛ مثل( :القسطاس): َّ األلفاظ الميزان من الرومية ،و(الصراط) :من اليونانية ،و(ياقوت) :من الفارسية ،و(مالئكة) :من الحبشية ،و(طوبى) :أي :الجنة من الهندية.