You are on page 1of 36

‫فص ٌل ٌ‬

‫خاص بوظائف شهر شعبان‬


‫مأخو ٌذ من كتاب‪ :‬خمتصر لطائف املعارف‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫‪ J‬وظائف شهر شعبان ‪L‬‬


‫مجالس‪:‬‬
‫َ‬ ‫وي ْش َت ِم ُل على‬
‫َ‬
‫اجمللس َّ‬
‫األول‬
‫‪ J‬يف صيامه ‪L‬‬
‫بن َز ْي ٍد‪،‬‬
‫سام َة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أح َم ُد وال ّنسائِ ُّي من حديث ُأ َ‬ ‫اإلمام ْ‬
‫ُ‬ ‫خر َج‬
‫َّ‬
‫األيا َم َي ْس ُرد ح َّتى‬ ‫م‬ ‫صو‬ ‫ي‬ ‫رسول اهلل ِ‬
‫ُ‬ ‫كان‬ ‫َ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫قال‪َ :‬‬
‫َقول ال ي ْفطِر‪ ،‬وي ْفطِ‬
‫األيا َم ح َّتى ال َيكا ُد َيصو ُم‪ ،‬إالَّ يومين‬ ‫ن َ ُ ُ ُ ُ َّ‬
‫ر‬
‫ولم َيكُن‬ ‫ما‪.‬‬ ‫ه‬ ‫صام‬ ‫َّ‬ ‫ال‬‫وإ‬ ‫‪،‬‬ ‫صيام ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫يف‬ ‫كانا‬ ‫إن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫الجمعة‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رسول‬ ‫َ‬ ‫ت‪ :‬يا‬ ‫شعبان‪ .‬ف ُق ْل ُ‬‫َ‬ ‫هور ما َيصو ُم ِمن‬ ‫الش ِ‬ ‫َيصو ُم ِمن ُّ‬
‫َّك َتصو ُم ال َتكا ُد ُت ْفطِ ُر‪ ،‬و ُت ْفطِ ُر ح َّتى ال َتكا ُد َتصو ُم‬ ‫اهللِ! إن َ‬
‫«أي‬ ‫ك وإالَّ صم َت ُهما‪َ .‬‬ ‫ِ‬
‫صيام َ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ُّ :‬‬ ‫إن َد َخال يف‬ ‫يومين ْ‬ ‫إالَّ‬
‫قال‪« :‬ذانِ َك‬ ‫الخميس‪َ .‬‬‫ِ‬ ‫االثنين ويو ُم‬‫ِ‬ ‫لت‪ :‬يو ُم‬ ‫يومين؟»‪ُ .‬ق ُ‬ ‫ِ‬
‫العالمين‪ُ ،‬‬
‫وأ ِح ُّب‬ ‫َ‬ ‫رب‬ ‫ُ‬
‫األعمال على ِّ‬ ‫يومان ُت ْع َر ُ‬
‫ض في ِهما‬ ‫ِ‬
‫‪4‬‬ ‫‪4‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫لت‪ :‬ولم َأر َك َتصو ُم ِمن‬ ‫صائم»‪ُ .‬ق ُ‬


‫ٌ‬ ‫ض عملي وأنا‬ ‫أنْ ُي ْع َر َ‬
‫َ‬ ‫هور ما َتصوم ِ‬
‫الش ِ‬
‫شهر َي ْغ ُف ُل ال َّن ُ‬
‫اس‬ ‫ٌ‬ ‫«ذاك‬ ‫‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال‬ ‫‪.‬‬‫شعبان‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫ُ‬
‫األعمال إلى‬ ‫شهر ُت ْر َف ُع ِ‬
‫فيه‬ ‫وهو ٌ‬‫رجب ورمضانَ ‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بين‬
‫عن ُه َ‬
‫صائم»(‪.)1‬‬
‫ٌ‬ ‫العالمين ‪ُ ،‬‬
‫وأ ِح ُّب أنْ ُي ْر َفع عملي وأنا‬ ‫َ‬ ‫رب‬
‫ِّ‬

‫بي ‪ِ ‬من‬ ‫ذكر صيا ِم ال َّن ِّ‬ ‫ُ‬


‫الحديث َ‬ ‫قد َت َض َّم َن هذا‬
‫ِ‬
‫شهور‬ ‫وصيام ِه ِمن‬
‫ِ‬ ‫وصيام ِه ِمن َّأيا ِم األسبوعِ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الس ِنة‪،‬‬
‫جمي ِع َّ‬
‫الس ِنة‪.‬‬
‫َّ‬
‫الس ِنة‪َ ،‬‬
‫فكان ‪‬‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫فأما صيام النبي ‪ِ ‬‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫يسرد الصيام أحيانًا ِ‬
‫والف ْط َر أحيانًا‪ ،‬ف َيصو ُم ح َّتى ُي َ‬
‫قال‪:‬‬ ‫َ ْ ُ ُ ِّ َ‬
‫قال ال َيصو ُم‪.‬‬‫وي ْفطِ ُر ح َّتى ُي َ‬ ‫ِ‬
‫ال ُي ْفط ُر‪ُ ،‬‬
‫بي ‪ُ ‬ي ْنكِ ُر على َمن يصوم َّ‬
‫الد ْه َر‬ ‫وقد كانَ ال َّن ُّ‬
‫نفس ِه أنَّه ال َي ْف َع ُل ذلك‪.‬‬
‫وال ي ْفطِر منه‪ ،‬وي ْخبِر عن ِ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ‬

‫وقوى‬
‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)21753‬وأبو داود (‪ ،)2436‬والنسائي (‪ّ ،)2357‬‬
‫إسناده جمع من أهل العلم كالمنذري وابن حجر واأللباين‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪5‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫بي ‪‬‬ ‫عم ٍرو‪َّ ،‬‬


‫أن النَّ َّ‬ ‫حيحين عن َع ْب ِد اهللِ ِ‬
‫بن ْ‬ ‫ِ‬ ‫الص‬
‫ففي َّ‬
‫بي‬ ‫قال‪ :‬نعم‪َ .‬‬ ‫قوم َ‬
‫الليل؟»‪َ .‬‬ ‫هار و َت ُ‬ ‫َ‬
‫فقال النَّ ُّ‬ ‫«أتصوم ال َّن َ‬
‫ُ‬ ‫قال ل ُه‪:‬‬
‫فطر‪ُ ،‬‬
‫وأ ِّ‬ ‫ُ ُ‬
‫وأنام‪ ،‬وأ َم ُّس‬
‫ُ‬ ‫صلي‬ ‫أصوم وأ ِ ُ‬ ‫‪« :‬لكنِّي‬
‫فمن َر ِغ َب عن س َّنتِي‪َ ،‬‬
‫فليس منِّي»(‪.)1‬‬ ‫ِّساء‪َ ،‬‬
‫الن َ‬
‫بي ‪‬‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫ن‬‫م‬‫أن نفرا ِ‬ ‫وفي ِهما عن أ َن ٍ‬
‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫س‪ً َّ ،‬‬
‫بعض ُهم‪ :‬ال آك ُُل‬ ‫وقال ُ‬‫َ‬ ‫بعض ُهم‪ :‬ال أ َت َز َّو ُج النِّسا َء‪،‬‬ ‫َ‬
‫قال ُ‬
‫بي‬
‫ذلك النَّ َّ‬ ‫ٍ‬
‫فراش‪ .‬ف َب َل َغ َ‬ ‫بعض ُهم‪ :‬ال أنا ُم على‬ ‫حم‪َ ،‬‬
‫وقال ُ‬ ‫ال َّل َ‬
‫بال أقوا ٍم يقولونَ كذا‬ ‫وقال‪« :‬ما ُ‬ ‫ب َ‬ ‫فخ َط َ‬
‫‪َ ،‬‬
‫ِّساء‪،‬‬ ‫وأصوم ُ‬
‫وأ ِ‬
‫فط ُر‪ ،‬وأ َت َز َّو ُج الن َ‬ ‫ُ‬ ‫وأنام‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وكذا؟ لكنِّي ُأ َص ِّلي‬
‫فليس منِّي»(‪.)2‬‬
‫رغ َب عن س َّنتي‪َ ،‬‬ ‫فمن ِ‬‫َ‬
‫الدر ِ‬
‫داء‪،‬‬ ‫أن َس ْل َ‬
‫زار أبا َّ ْ‬
‫مان َ‬ ‫البخاري»‪َّ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫ويف «صحيح‬
‫وكان النَّبي ‪ ‬قد آخى بينَهما‪ ،‬فرأى ُأم الدر ِ‬
‫داء‬ ‫َ‬
‫َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫َ‬
‫أخاك أبا‬ ‫إن‬
‫ت‪َّ :‬‬ ‫ُك ِّ‬
‫متبذ َلةً؟ فقا َل ْ‬ ‫شأن ِ‬‫فقال لها‪ :‬ما ْ‬
‫متبذ َلةً‪َ ،‬‬
‫ِّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1153‬ومسلم (‪.)1159‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)5063‬ومسلم (‪.)1401‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫الد ِ‬
‫رداء‪َ ،‬ق َّر َب‬ ‫فلما جاء أبو َّ‬ ‫داء ال حاج َة ل ُه يف ُّ‬‫الدر ِ‬
‫الدنيا‪َّ .‬‬ ‫َّ ْ‬
‫ٍ‬
‫بآكل‬ ‫قال‪ :‬ما أنا‬ ‫صائم‪َ .‬‬
‫ٌ‬ ‫فقال ل ُه‪ :‬ك ُْل‪َ .‬‬
‫قال‪ :‬إنِّي‬ ‫طعاما‪َ ،‬‬
‫ً‬ ‫ل ُه‬
‫رداء لِ َيقو َم‪،‬‬
‫الد ِ‬ ‫ب أبو َّ‬ ‫الليل‪َ ،‬ذ َه َ‬
‫كان ُ‬ ‫فلما َ‬
‫فأكل‪َّ .‬‬ ‫ح َّتى ْتأك َُل‪َ .‬‬
‫كان‬
‫فلما َ‬ ‫فقال ل ُه‪ :‬ن َْم‪َّ ،‬‬ ‫ب ل َيقو َم‪َ ،‬‬ ‫ثم َذ َه َ‬
‫مان‪ :‬ن َْم‪َّ .‬‬ ‫فقال ل ُه َس ْل ُ‬ ‫َ‬
‫فقال‬ ‫فص َّليا‪َ .‬‬ ‫اآلن‪ .‬فقاما َ‬ ‫مان‪ُ :‬ق ِم َ‬ ‫الليل‪َ ،‬‬
‫قال َس ْل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِمن آخرِ‬
‫عليك ح ّقًا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫لضيف َ‬
‫ك‬ ‫عليك ح ّقًا‪َّ ،‬‬
‫وإن‬ ‫َ‬ ‫ك‬‫نفس َ‬ ‫إن لِ ِ‬ ‫مان‪َّ :‬‬ ‫َس ْل ُ‬
‫بي‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫فأتيا‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫َّ‬
‫ق‬ ‫ح‬ ‫حق‬‫ٍّ‬ ‫ذي‬ ‫َّ‬
‫كل‬ ‫عليك ح ّقًا‪ ،‬فأع ِ‬
‫ط‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫وإن ِ‬
‫ألهل‬ ‫َّ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫«صد َق َس ْلمانُ »(‪ .)1‬ويف‬ ‫َ‬ ‫ذلك ل ُه‪َ ،‬‬
‫فقال‪:‬‬ ‫فذكَرا َ‬ ‫‪َ ،‬‬
‫قال‪َ « :‬ث ِك َل ْت َس ْلمانَ ُأ ُّم ُه! لقد ُأ ْشبِ َع‬ ‫ٍ‬
‫الصحيحِ ‪َ ،‬‬ ‫رواية يف غيرِ َّ‬
‫العلم»(‪.)2‬‬
‫ِ‬ ‫ِمن‬
‫ِ‬
‫العاص‬ ‫بن‬ ‫بي ‪ ‬لع ْب ِد اهلل ِ ِ‬
‫بن َع ْمرِو ِ‬ ‫وهكذا َ‬
‫قال ال َّن ُّ‬
‫أن َيصو َم صو َم داو َد‪َ ،‬يصو َم‬
‫وأم َر ُه ْ‬
‫الد ْه َر‪ ،‬فنَها ُه َ‬
‫كان َيصو ُم َّ‬
‫لما َ‬
‫َّ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪.)1968‬‬


‫دح لسلمان‬
‫((( أخرجها الطبراين يف األوسط (‪ .)7637‬ويف هذه الرواية َم ٌ‬
‫وتعجب من علمه وحكمته‪ ،‬أما كلمة (ثكلته أمه) فليس فيها بأس‪ ،‬فإنها‬
‫ٌ‬
‫تُطلق وال يراد بها معناها‪ ،‬ومثلها قولهم‪ :‬تربت يداك ونحوها من الكلمات‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪7‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫أفضل ِمن َ‬
‫ذلك»(‪.)1‬‬ ‫َ‬ ‫يوما‪َ .‬‬
‫وقال ل ُه‪« :‬ال‬ ‫ِ‬
‫ويفط َر ً‬
‫يوما ُ‬
‫ً‬
‫ِ‬ ‫فأفضل الصوم أالَّ ي ْض ِ‬
‫أفضل‬‫ُ‬ ‫هو‬
‫عما َ‬ ‫َّ‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫ج‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ى‬ ‫ت‬
‫َّ‬ ‫ح‬ ‫البدن‬
‫َ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ُ َّ ِ ُ‬
‫ف‬ ‫أض َع َ‬
‫فإن ْ‬ ‫ِ‬
‫الالزمة‪ْ ،‬‬ ‫عباد ِه‬
‫حقوق ِ‬ ‫ِ‬ ‫بحقوق اهلل ِ أو‬
‫ِ‬ ‫من ُه‪ِ ،‬من القيا ِم‬
‫أفض َل‪.‬‬‫كان تر ُك ُه َ‬ ‫أفضل من ُه‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫هو‬
‫مما َ‬ ‫شيء ِمن َ‬
‫ذلك َّ‬
‫ٍ‬ ‫عن‬
‫الة أو ِ‬ ‫عن الص ِ‬ ‫أن ُي ْض ِع َ‬
‫عن‬ ‫البدن ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫الصيا ُم‬ ‫ف ِّ‬ ‫مثل ْ‬ ‫فاألو ُل‪ُ :‬‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫الجمعة ويو ِم عرف َة‬ ‫قيل يف النَّهيِ عن صيا ِم‬ ‫الذكرِ أو العلمِ‪ ،‬كما َ‬ ‫ِّ‬
‫ِ‬
‫اليومين‪.‬‬ ‫عاء يف هذين‬ ‫والد ِ‬ ‫الذكرِ ُّ‬ ‫عن ِّ‬‫ف ِ‬ ‫بعرفةَ‪ :‬إ َّن ُه ُي ْض ِع ُ‬
‫الصيا َم و َي ُ‬
‫قول‪ :‬إ َّن ُه َي ْمنَ ُعني‬ ‫عود ‪ُ ‬ي ِق ُّل ِّ‬ ‫ابن َم ْس ٍ‬ ‫وكانَ ُ‬
‫إلي‪.‬‬ ‫أحب‬ ‫القرآن‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫وقراء‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫القرآن‬ ‫ِ‬
‫قراءة‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬
‫أفضل ِمن الصيامِ‪ .‬نَص ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫فيان ال َّث ُّ‬
‫وري‬ ‫عليه ُس ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫القرآن‬ ‫فقراء ُة‬
‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫وتعليم ُه‬ ‫وكذلك تع ُّل ُم العل ِم النَّاف ِع‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫األئمة‪.‬‬ ‫وغير ُه ِمن‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الصيامِ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫من ِّ‬
‫أفضل ِمن‬
‫ُ‬ ‫طلب العل ِم‬
‫أن َ‬‫األئم ُة األربع ُة على َّ‬
‫ص َّ‬ ‫وقد َن َّ‬

‫((( تقدَّ م تخريجه‪ ،‬وهو يف الصحيحين‪.‬‬


‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫المتطو ِع ِبه‪ ،‬ف َي ُ‬


‫كون‬ ‫َّ‬ ‫الصيا ِم‬ ‫ُ ِ‬
‫أفضل من ِّ‬ ‫والصال ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صالة ال َّنافلة‪َّ ،‬‬
‫مصباح‬ ‫العلم‬ ‫فإن‬
‫َّ‬ ‫لى‪،‬‬ ‫األو‬ ‫ِ‬
‫بطريق‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫يا‬ ‫الص‬ ‫ن‬ ‫أفضل ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫العلم‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫طريق على‬ ‫سار يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُي ْس َتضا ُء ِبه يف‬
‫فم ْن َ‬ ‫الجهل والهوى‪َ ،‬‬ ‫ظلمة‬
‫ب‪.‬‬ ‫أن َي َق َع يف بئرٍ ٍ‬
‫بوار ف َي ْع َط َ‬ ‫يأم ْن ْ‬ ‫غيرِ مصباحٍ ‪ ،‬لم َ‬
‫محاريب‬
‫َ‬ ‫العلم وا َّتخذوا‬
‫َ‬ ‫قوما َت َركوا‬
‫إن ً‬ ‫ابن ِس َ‬
‫يرين‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫قال ُ‬
‫أحد بغيرِ عل ٍم‬ ‫وص َّلوا بغيرِ علمٍ‪ ،‬واهللِ؛ ما َع ِم َل ٌ‬ ‫فصاموا َ‬
‫مما ُي ْص ِل ُح‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أكثر َّ‬‫كان ما ُي ْفس ُد َ‬
‫إالَّ َ‬

‫أو‬ ‫ِ‬
‫للعيال ِ‬ ‫ِ‬
‫الكسب‬ ‫عن‬ ‫الصيا ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫والثاني‪ُ :‬‬
‫أن ُي ْضعف ِّ‬ ‫مثل ْ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫وإليه اإلشار ُة‬ ‫َ‬
‫أفضل‪.‬‬ ‫وجات‪ ،‬ف َيكون تر ُك ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بحقوق ال َّز‬ ‫القيا ِم‬
‫عليك ح ًقا»‪.‬‬
‫َ‬ ‫ك‬ ‫«وإن ِ‬
‫ألهل َ‬ ‫بقولِ ِه ‪َّ :‬‬
‫ِ‬
‫لنفس َك‬ ‫إليه ‪ ‬بقولِ ِه‪« :‬إنَّ‬ ‫ومنها‪ :‬ما أشار ِ‬
‫َ‬
‫فس‬‫أن النَّ َ‬
‫شير إلى َّ‬ ‫حق ح َّق ُه»؛ ُي ُ‬
‫كل ذي ٍّ‬‫فأعط َّ‬‫ِ‬ ‫عليك ح ًقا‪...‬‬ ‫َ‬
‫ومن ح ِّقها‬ ‫أن يقوم بح ِّقها‪ِ ،‬‬ ‫مأمور‬ ‫وهو‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫آ‬ ‫ِ‬
‫ابن‬ ‫عند‬
‫َ‬ ‫وديع ٌة هلل ِ‬
‫ٌ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫المنزل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫صاح َبها إلى‬ ‫اللطف بها ح َّتى ِ‬
‫توص َل‬ ‫ُ‬
‫‪9‬‬
‫‪9‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫فأص ِلحوا‬
‫نفوسكُم مطاياكُم إلى ر ِّبكُم‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫الح َس ُن‪:‬‬ ‫َ‬
‫قال َ‬
‫مطاياكُم ِ‬
‫توص ْلكُم إلى ر ِّبكُم‪.‬‬

‫به على‬ ‫قوي ِ‬ ‫بني ِة ال َّت ِّ‬


‫المباح َّ‬
‫ِ‬ ‫حظها ِمن‬ ‫نفس ُه َّ‬
‫فمن َو َّفى َ‬ ‫َ‬
‫ذلك‪ ،‬كما َ‬
‫قال ُمعا ٌذ‪ :‬إنِّي‬ ‫مأجورا يف َ‬
‫ً‬ ‫كان‬ ‫الط ِ‬
‫اعات‪َ ،‬‬ ‫أعمال َّ‬
‫ِ‬
‫ومن َق َّصر يف ح ِّقها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب قومتي‪َ .‬‬ ‫أح َتس ُ‬‫ب نومتي كما ْ‬ ‫أح َتس ُ‬‫ْ‬
‫أشار‬
‫َ‬ ‫ظالما لها‪ .‬وإلى هذا‬ ‫ً‬ ‫كان‬
‫ت و َت َض َّر َر ْت‪َ ،‬‬ ‫ح َّتى َض ُع َف ْ‬
‫ذلك‬‫بن َع ْمرٍو‪« :‬إ َّن َك إذا َف َع ْل َت َ‬ ‫‪ ‬بقولِ ِه ل َع ْب ِد اهلل ِ ِ‬
‫ت‬ ‫ت‪ :‬ك َّل ْ‬‫العين»(‪ .)1‬ومعنى ن َِف َه ْ‬
‫وه َج َم ْت له ُ‬ ‫فس َ‬ ‫َن ِف َه ْت ل ُه ال َّن ُ‬
‫غار ْت‪.‬‬ ‫ت‪ .‬ومعنى هجم ِ‬
‫العين‪َ :‬‬
‫ُ‬ ‫ت‬ ‫َ َ َ‬ ‫وأ ْع َي ْ‬

‫نفس ُه بأنْ َح َّم َلها ما ال ُت ِطيق ُه ِمن ِّ‬


‫الصيا ِم ونح ِو ِه‪،‬‬ ‫فمن َع َّذ َب َ‬ ‫َ‬
‫وعقل ِه‪ ،‬فيفو ُته ِمن ال َّط ِ‬
‫اعات‬ ‫ِ‬ ‫ضعف بدنِ ِه‬‫ِ‬ ‫فر َّبما أ َّث َر َ‬
‫ذلك يف‬
‫َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بالصيامِ‪.‬‬ ‫مما َي ْح ُص ُل ل ُه بتعذيبِه َ‬
‫نفس ُه ِّ‬ ‫أكثر َّ‬
‫الفاضلة ُ‬
‫((( هذا جزء من حديث عبداهلل بن عمرو بن العاص الذي أخرجه البخاري‬
‫أن الذي يصوم الدهر أو يقوم كل الليل ُيتعب نفسه إتعا ًبا‬‫ومسلم‪ ،‬ومعناه‪َّ :‬‬
‫ّ‬
‫وتكل وال تستطيع اإلتيان ببقية األعمال الصالحة‪.‬‬ ‫شديدً ا ّ‬
‫فتمل‬
‫‪10‬‬ ‫‪10‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫نفس ِه ح َّقها‬
‫إعطاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫بي ‪َ ‬ي َت َو َّس ُط يف‬ ‫وكانَ ال َّن ُّ‬
‫وي ْنكِ ُح‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫نا‬ ‫وي‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫قو‬‫وي‬
‫َ‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬
‫ُ‬
‫العدل‪ :‬فيصوم وي ْفطِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫غاي‬
‫َ‬ ‫فيها‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ويع ِ‬
‫د‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫ج ُد ِمن ال َّطي ِ‬
‫ِ‬
‫والعسل‬ ‫كالحلواء‬ ‫بات‬ ‫ِّ‬ ‫مما َي ِ‬ ‫وي ْأك ُُل َّ‬ ‫ال ِّنسا َء‪َ ،‬‬
‫الحجر‪.‬‬
‫َ‬ ‫يجوع ح َّتى َي ْربِ َط على َبطن ِ ِه‬
‫ُ‬ ‫الدجاجِ ‪ .‬وتار ًة‬ ‫ولح ِم َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫لنفس ِه‬
‫فاختار ‪ِ ‬‬
‫بين‬
‫األحوال‪ ،‬ل َي ْج َم َع َ‬ ‫أفضل‬ ‫ْ َ‬
‫والرضى‪.‬‬‫والصبرِ ِّ‬
‫الشكرِ َّ‬
‫مقامي ُّ‬
‫ِ‬

‫قوتِ ِه‬ ‫ِ‬


‫طول عمرِه يف َّ‬ ‫عليه بد ُنه يف ِ‬
‫ُ‬
‫ال ي ْقوى ِ‬
‫فمن َع ِم َل عم ً َ‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫حد ُ‬ ‫ومن َح َم َل ما ال ُي ُ‬
‫طيق‪ ،‬فإ َّن ُه قد َي ُ‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫سير‬ ‫م‬ ‫قا‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫اس‬ ‫‪،‬‬ ‫وضعف ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ْ َ ُ َ‬
‫ضج ُر ف َي ْق َط ُع‬ ‫العمل بالك ِّلي ِ‬
‫ِ‬ ‫مرض يمنَعه ِ‬
‫وي َ‬ ‫م‬ ‫أ‬
‫َْ ُ َ‬‫س‬ ‫ي‬ ‫وقد‬ ‫ة‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل ُه ٌ ْ ُ ُ‬
‫أرضا ق َط َع وال ً‬
‫ظهرا أ ْبقى‪.‬‬ ‫ت ال ً‬
‫كالمنْ َب ِّ‬
‫صير ُ‬ ‫َ‬
‫العمل ف َي ُ‬
‫األيامِ‪ ،‬أ ْعني‪َّ :‬أيا َم األسبوعِ‪،‬‬ ‫ن‬ ‫وأما صيام ال َّنبي ‪ِ ‬‬
‫م‬
‫َّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬
‫والخميس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االثنين‬ ‫فكان َي َت َح َّرى صيا َم‬
‫َ‬
‫كان َي َت َح َّرى‬
‫بي ‪َ ‬‬ ‫وكذا ُر ِو َي عن عائِ َش َة‪َّ :‬‬
‫أن النَّ َّ‬
‫وابن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أح َم ُد والنسائ ُّي ُ‬
‫والخميس‪َ .‬خ َّر َج ُه اإلما ُم ْ‬ ‫االثنين‬ ‫صيام‬
‫‪11‬‬
‫‪11‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫وح َّس َن ُه‪.‬‬ ‫ِِ‬


‫ي َ‬‫ماج ْه وال ِّت ْرمذ ُّ‬
‫َ‬
‫كان‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫حديث أبي ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ماج ْه ِمن‬
‫ابن َ‬ ‫َ‬
‫وخ َّر َج ُ‬
‫َ‬
‫رسول‬ ‫والخميس‪َ .‬‬
‫فقيل‪ :‬يا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫االثنين‬ ‫بي ‪َ ‬يصو ُم‬ ‫النَّ ُّ‬
‫ِ‬
‫االثنين‬ ‫فقال‪« :‬إنَّ يو َم‬ ‫والخميس؟ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫االثنين‬ ‫َّك تصو ُم‬ ‫اهللِ! إن َ‬
‫ِ‬
‫للمتهاجرين‪،‬‬ ‫مسلم‪ ،‬إ َّال‬
‫ٍ‬ ‫اهلل في ِهما ِّ‬
‫لكل‬ ‫والخميس َي ْغ ِف ُر ُ‬
‫ِ‬
‫عوهما ح َّتى َي ْص َط ِلحا»(‪.)1‬‬ ‫ف َي ُ‬
‫قول‪َ :‬د ُ‬
‫ِ‬
‫والخميس‪.‬‬ ‫ِ‬
‫االثنين‬ ‫ِ‬
‫استحباب صيا ِم‬ ‫ِ‬
‫العلماء على‬ ‫وأكثر‬
‫ُ‬
‫فكان‬
‫َ‬ ‫الس َن ِة‪،‬‬
‫بي ‪ ‬من أشهرِ َّ‬
‫ِ‬
‫صيام ال َّن ِّ‬
‫ُ‬ ‫وأ َّما‬
‫الش ِ‬
‫هور‪.‬‬ ‫شعبان ما ال َيصو ُم ِمن غيرِ ِه ِمن ُّ‬
‫َ‬ ‫َيصو ُم ِمن‬
‫رسول اهلل ِ‬‫َ‬ ‫ت‬‫قال ْت‪ :‬ما َر ْأي ُ‬ ‫عائش َة‪َ ،‬‬
‫حيحين عن َ‬ ‫ِ‬ ‫الص‬
‫ففي َّ‬
‫رمضان‪ ،‬وما رأي ُت ُه يف‬
‫َ‬ ‫قط إالَّ‬‫‪ْ ‬اس َتك َْم َل صيا َم شهرٍ ُّ‬
‫ٍ‬
‫كان‬
‫رواية‪َ :‬‬ ‫خاري يف‬
‫ُّ‬ ‫شعبان(‪ .)2‬زا َد ال ُب‬
‫َ‬ ‫صياما من ُه يف‬
‫ً‬ ‫شهرٍ َ‬
‫أكثر‬

‫((( تقدَّ م تخريج هذه األحاديث الثالثة‪.‬‬


‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1969‬ومسلم (‪.)1156‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪12‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫شعبان ك َّل ُه‪،‬‬


‫َ‬ ‫كان َيصو ُم‬
‫رواية‪َ :‬‬ ‫ٍ‬ ‫شعبان ك َّل ُه‪ .‬ولمسل ٍم يف‬ ‫َ‬ ‫َيصو ُم‬
‫سائي عن عائِ َشةَ‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫لل‬ ‫ٍ‬
‫رواية‬ ‫شعبان إالَّ قليالً‪ .‬ويف‬ ‫َ‬ ‫كان َيصو ُم‬‫َ‬
‫أن‬ ‫ِ ِ‬ ‫الش ِ‬ ‫أحب ُّ‬ ‫قا َل ْ‬
‫رسول اهلل ‪ْ ‬‬ ‫هور إلى‬ ‫َّ‬ ‫كان‬
‫ت‪َ :‬‬
‫برمضان‪.‬‬
‫َ‬ ‫كان َي ِص ُل ُه‬
‫شعبان‪َ ،‬‬‫ُ‬ ‫َيصو َم‬

‫وغير ُه ‪-‬‬ ‫العلماء ‪ -‬منهم ابن المبار ِ‬


‫ك‬ ‫ِ‬ ‫طائفة ِمن‬
‫ٌ‬ ‫وقدْ َر َّج َح‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫كان‬
‫شعبان‪ ،‬وإنَّما َ‬‫َ‬ ‫كم ْل صيا َم‬ ‫أن النَّبي ‪ ‬لم يس َت ِ‬ ‫َّ‬
‫ْ َْ‬ ‫َّ‬
‫أكثر ُه‪.‬‬
‫يصو ُم َ‬
‫رسول اهلل ِ‬ ‫ُ‬ ‫اس؛ َ‬
‫قال‪ :‬ما صا َم‬ ‫عب ٍ‬ ‫عن ِ‬
‫حيحين ِ‬
‫ِ‬
‫ابن َّ‬ ‫الص‬
‫ويف َّ‬
‫ابن ع َّب ٍ‬
‫اس َيك َْر ُه‬ ‫وكان ُ‬
‫َ‬ ‫رمضان‪.‬‬
‫َ‬ ‫غير‬
‫شهرا كامالً َ‬
‫‪ً ‬‬
‫رمضان(‪.)1‬‬
‫َ‬ ‫غير‬
‫شهرا كامالً َ‬
‫أن َيصو َم ً‬
‫ْ‬

‫صيام‬
‫ُ‬ ‫يام‬
‫الص ُ‬ ‫ُ‬
‫«أفضل ِّ‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫فإنْ َ‬
‫قيل‪ :‬فقد َ‬
‫َ‬
‫كذلك‪ ،‬بل‬ ‫صوم يو ًما و ُي ْف ِط ُر يو ًما»‪ ،‬ولم َي ُص ْم‬
‫داو َد‪ ،‬كانَ َي ُ‬
‫ِ‬
‫اثنين‬ ‫شعبان َّ‬
‫وكل‬ ‫َ‬ ‫ويصو ُم‬ ‫ا‪،‬‬ ‫د‬ ‫سر‬ ‫ر‬‫كان يصوم سردا وي ْفطِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً ُ ُ‬ ‫َ َ ُ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)1971‬ومسلم (‪.)1157‬‬


‫‪13‬‬
‫‪13‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫الصيا ِم قد َف َّس َر ُه‬ ‫قيل‪ :‬صيا ُم داو َد الذي َف َّض َل ُه على ِّ‬ ‫ٍ‬
‫وخميس‪َ .‬‬
‫وكان‬
‫َ‬ ‫الدهرِ‪،‬‬ ‫آخر بأنَّه صو ُم شطرِ َّ‬ ‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫‪ ‬يف‬
‫َ‬
‫الدهرِ‬ ‫ِ‬
‫نصف َّ‬ ‫بي ‪ ‬إذا ُج ِم َع َي ْب ُل ُغ صيا َم‬ ‫صيا ُم النَّ ِّ‬
‫زيد ِ‬
‫ذكر ُه يو َم عاشورا َء‬ ‫مع ما َس َب َق ُ‬ ‫كان يصو ُم َ‬ ‫عليه‪ ،‬وقد َ‬ ‫أو َي ُ‬
‫يوما‬ ‫صيام ُه وال َيصو ُم ً‬ ‫َ‬ ‫الح َّج ِة‪ ،‬وإنَّما َ‬
‫كان ُي َف ِّر ُق‬ ‫وتسع ذي ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫األوقات‬ ‫حرى صيا َم‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫كان‬
‫َ‬ ‫َّه‬
‫ن‬ ‫أل‬ ‫ا؛‬ ‫يوم‬ ‫ر‬ ‫وي ْفطِ‬
‫َ َّ‬ ‫‪‬‬ ‫ُ ُ ً‬
‫أكثر ِمن يو ٍم ويو ٍم‬ ‫الصيا ِم والفطرِ َ‬ ‫ُ‬
‫تفريق ِّ‬
‫ِ‬
‫الفاضلة‪ ،‬وال َي ُض ُّر‬
‫الصيا ِم ِمن‬ ‫أفضل من ِّ‬
‫ُ ِ‬ ‫هو‬
‫ي على ما َ‬
‫ُ ِ‬
‫القصد به ال َّت َق ِّو َ‬ ‫كان‬
‫إذا َ‬
‫وكان‬‫َ‬ ‫ِ‬
‫بحقوقها‪،‬‬ ‫والجهاد عليها والقيا ِم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وتبليغها‬ ‫أداء الر ِ‬
‫سالة‬ ‫ِ‬
‫ِّ‬
‫ضع ُف ُه عن َ‬
‫ذلك‪.‬‬ ‫صيام يو ٍم وفطر يو ٍم ي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫عمن‬‫بي ‪ ‬يف حديث أبي َقتا َد َة َّ‬ ‫لما ُسئِ َل ال َّن ُّ‬
‫ولهذا َّ‬
‫ذلك»(‪.)1‬‬‫«و ِد ْد ُت أ ِّني ُط ِّو ْق ُت َ‬
‫قال‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫يومين‪َ ،‬‬ ‫وي ْفطِ ُر‬
‫يوما ُ‬
‫َيصو ُم ً‬
‫الفطر‬
‫َ‬ ‫لما ك ََبر َي ْس ُر ُد‬ ‫ِ‬
‫العاص َّ‬ ‫بن‬ ‫عبد اهللِ ُ‬
‫بن َع ْم ِرو ِ‬ ‫وقد كانَ ُ‬

‫وقدرت عليه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫((( أخرجه مسلم (‪ .)1162‬ومعنى ُط ِّو ُ‬
‫قت ذلك‪ :‬أي أطقتُه‬
‫‪14‬‬ ‫‪14‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫ِ‬
‫ثم َيعو ُد ف َيصو ُم ما فا َت ُه؛ محافظ ًة‬ ‫أحيانًا ل َي َت َق َّوى به على ِّ‬
‫الصيا ِم َّ‬
‫الدهرِ‪.‬‬ ‫بي ‪ِ ‬من صيا ِم شطرِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫على ما فار َق ِ‬
‫عليه‬ ‫َ‬
‫وأزيد من ُه‬
‫ُ‬ ‫الدهرِ‬
‫أجر صيا ِم شطرِ َّ‬ ‫بي ‪ُ ‬‬ ‫فح َص َل للنَّ ِّ‬
‫َ‬
‫الصيا ِم‬
‫أجر تتاب ِع ِّ‬‫وح َص َل ل ُه ‪ُ ‬‬ ‫المتفر ِق‪َ ،‬‬
‫ِّ‬ ‫بصيام ِه‬
‫ِ‬

‫أهم من ُه‬
‫هو ُّ‬ ‫ُ‬
‫االشتغال بما َ‬ ‫لذلك‪ ،‬وإنَّما عا َق ُه عن ُه‬
‫َ‬ ‫بتم ِّن ِيه‬
‫أعلم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وأفضل‪ .‬واهللُ ُ‬
‫رجب‬‫ٍ‬ ‫بين‬
‫اس عن ُه َ‬ ‫فل ال َّن ُ‬ ‫ويف قولِ ِه ‪َ « :‬ي ْغ ُ‬
‫أو‬ ‫ِ‬
‫األزمان ِ‬ ‫بعض ما َي ْش َت ِه ُر فض ُل ُه ِمن‬ ‫أن َ‬ ‫ورمضانَ »؛ إشار ٌة إلى َّ‬
‫َ‬
‫أفضل من ُه َّإما مطل ًقا أو‬ ‫غير ُه‬
‫يكون ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫األشخاص قد‬ ‫األماكن ِ‬
‫أو‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫بالمشهور‬ ‫لون‬ ‫اس ف َي ْش َت ِغ َ‬
‫أكثر النَّ ِ‬
‫ُ‬ ‫لها‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ط‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫لخصوصي ٍة ِ‬
‫فيه‬ ‫َّ‬
‫عند ُهم‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫بمشهور َ‬ ‫ليس‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وي َف ِّو َ‬
‫تحصيل فضيلة ما َ‬ ‫تون‬ ‫عن ُه ُ‬
‫اس‬ ‫ِ‬
‫غفلة ال َّن ِ‬ ‫ِ‬
‫أزمان‬ ‫ِ‬
‫عمارة‬ ‫ِ‬
‫استحباب‬ ‫دليل على‬ ‫وفيه ٌ‬
‫كان طائف ٌة ِمن‬ ‫ِ‬ ‫وأن َ‬ ‫بالط ِ‬
‫َّ‬
‫محبوب هلل ‪ ،‬كما َ‬ ‫ٌ‬ ‫ذلك‬ ‫اعة‪َّ ،‬‬
‫العشاءين بالص ِ‬ ‫لف يسـ َت ِ‬
‫ِ‬
‫ويقولون‪:‬‬
‫َ‬ ‫الة‬ ‫ِ َّ‬ ‫بين‬
‫ون إحيا َء ما َ‬
‫ح ُّب َ‬ ‫الس َ ْ‬ ‫َّ‬

‫‪15‬‬
‫‪15‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫ِ‬
‫لشمول‬ ‫وسط ِ‬
‫الليل‬ ‫ِ‬ ‫وكذلك ُ‬
‫فضل القيا ِم يف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الغفلة‪،‬‬ ‫هي ساع ُة‬
‫َ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫الذكرِ‪ ،‬وقد َ‬ ‫اس ِ‬
‫فيه عن ِّ‬ ‫ِ‬
‫الغفلة ألكثرِ النَّ ِ‬
‫اعة ُ‬
‫فك ْن»‪.‬‬ ‫الس ِ‬ ‫ممن َي ْذ ُك ُر َ‬
‫اهلل يف َ‬
‫تلك َّ‬ ‫«إن َ‬
‫استط ْع َت أنْ َتكونَ َّ‬ ‫ِ‬
‫ؤخ َر العشا َء‬ ‫أن ُي ِّ‬‫ريد ْ‬
‫بي ‪ُ ‬ي ُ‬ ‫كان النَّ ُّ‬
‫ولهذا المعنى َ‬
‫بخشية المش َّق ِة على‬ ‫ِ‬ ‫ذلك‬ ‫الليل‪ ،‬وإنَّما َع َّل َل َ‬
‫ترك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نصف‬ ‫إلى‬
‫وهم َينْ َتظِرو َن ُه‬ ‫ِ‬
‫ولما َخ َر َج ‪ ‬على أصحابِه ُ‬ ‫اس‪َّ .‬‬‫النَّ ِ‬
‫األرض‬‫ِ‬ ‫أحد ِمن أهلِ‬ ‫قال ُلهم‪« :‬ما َي ْنت َِظ ُرها ٌ‬ ‫ِ‬
‫العشاء‪َ ،‬‬ ‫ِ‬
‫لصالة‬
‫فضيلة ال َّت َف ُّر ِد بذكرِ اهلل ِ يف‬
‫ِ‬ ‫غير ُكم»(‪ .)1‬ويف هذا إشار ٌة إلى‬ ‫ُ‬
‫ذاكر ل ُه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫يوج ُد فيه ٌ‬ ‫وقت من األوقات ال َ‬

‫الوقت املغفو ِل عن ُه َّ‬


‫بالطاع ِة فوائ ُد‪.‬‬ ‫ويف إحيا ِء ِ‬
‫ُ‬
‫أفضل‪،‬‬ ‫رارها‬ ‫وإس‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫كون أخفى‪ ،‬وإخفاء النَّوافِ‬‫منها‪ :‬أ َّن ُه َي ُ‬
‫ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫العبد ور ِّب ِه‪ ،‬ولهذا َ‬
‫قيل‪ :‬إنَّه‬ ‫ِ‬ ‫بين‬
‫سر َ‬
‫الصيا ُم؛ فإنَّه ٌّ‬
‫وال س َّيما ِّ‬
‫ليس ِ‬
‫فيه ريا ٌء‪.‬‬ ‫َ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)570‬ومسلم (‪.)636‬‬


‫‪16‬‬ ‫‪16‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫كان‬
‫أحد‪َ ،‬‬ ‫أربعين سن ًة ال َي ْع َل ُم ِبه ٌ‬ ‫َ‬ ‫الس ِ‬
‫لف‬ ‫بعض َّ‬ ‫وقد صا َم ُ‬
‫ويصو ُم‪،‬‬ ‫ما‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫د‬
‫َّ‬ ‫ص‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫رغيفان‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫وم‬ ‫وق‬‫ِ‬ ‫الس‬ ‫إلى‬ ‫ي ْخرج ِمن بيتِ ِ‬
‫ه‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫وق أ َّن ُه أك ََل يف بيتِ ِه‪.‬‬ ‫الس ِ‬ ‫أهل ُّ‬ ‫وي ُظ ُّن ُ‬ ‫أكلهما‪َ ،‬‬ ‫ف َي ُظ ُّن أه ُل ُه أ َّن ُه ُ‬
‫صيام ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫أن ُي ْظ ِه َر ما ُي ْخفي ِبه‬ ‫لمن صا َم ْ‬ ‫وكا ُنوا َي ْست َِح ُّبونَ َ‬
‫ابن مس ٍ‬
‫مدهنين‪.‬‬ ‫فأصبِحوا َّ‬ ‫أصبح ُت ْم صيا ًما‪ْ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫قال‪ :‬إذا‬ ‫عود َ‬ ‫فعن ِ َ ْ‬ ‫ِ‬
‫وقال قتا َد ُة‪ :‬يستحب للصائ ِم ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ب عن ُه‬‫أن َي َّده َن ح َّتى َت ْذ َه َ‬ ‫ُ ْ َ ُّ َّ‬
‫الصيامِ‪.‬‬ ‫ُغ ْب َر ُة ِّ‬
‫الحي إذا صا َم‬ ‫ْت أبي ومشيخ َة‬ ‫أدرك ُ‬
‫اح‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫وقال أبو ال َّت َّي ِ‬
‫ِّ‬
‫أحسن ثيابِ ِه‪.‬‬
‫َ‬ ‫أحد ُهم ا َّد َه َن و َلبِ َس‬
‫ُ‬

‫كان يو ُم‬
‫قال‪ :‬إذا َ‬ ‫ابن َم ْر َي َم ‪َ ‬‬ ‫و ُيروى أنَّ عيسى َ‬
‫شفتيه ِمن دهن ِ ِه ح َّتى‬
‫ِ‬ ‫صو ِم ِ‬
‫أحدك ُْم‪ ،‬ف ْل َي ْد َه ْن لحي َت ُه و ْل َي ْم َس ْح‬
‫ِ ِ‬
‫ليس بصائمٍ‪.‬‬ ‫َينْ ُظ َر النَّاظ ُر إليه ف َيرى أ َّن ُه َ‬
‫الص ِ‬
‫دق َينُ ُّم عليِ ِهم‪.‬‬ ‫وريح ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫أحوال ُهم‬ ‫الصادقونَ‬
‫كم َي ْسـ ُت ُر َّ‬

‫‪17‬‬
‫‪17‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫قلوب‬
‫ُ‬ ‫المسك‪َ ،‬ت ْس َت ْن ِش ُق ُه‬
‫ِ‬ ‫أطيب ِمن ِ‬
‫ريح‬ ‫ُ‬ ‫الصيا ِم‬
‫ريح ِّ‬
‫ُ‬
‫قو ُة‬‫المدةُ‪ ،‬ازدا َدت َّ‬ ‫ت عليه َّ‬‫وإن ُأ ْخ ِف َي‪ ،‬وك َّلما طا َل ْ‬
‫المؤمنين ْ‬
‫َ‬
‫ريح ِه‪.‬‬
‫ِ‬

‫أحد سرير ًة إال أ ْل َب َس ُه اهللُ ردا َءها عالنيةً‪.‬‬


‫أس َّر ٌ‬
‫ما َ‬
‫السرائِ ُر‬ ‫أهل ال ُق ِ‬
‫لوب َّ‬ ‫أ َت ْخفى َعلى ِ‬ ‫الس َّر ْأو ُق ْل ُت َغ ْي َر ُه‬
‫َو َه ْبني َك َت ْم ُت ِّ‬
‫ب يف العي ِن ِ‬
‫ظاه ُر‬ ‫ضمير ال َق ْل ِ‬ ‫وأن‬ ‫الو ْج ِه ناطِ ٌق‬ ‫أبى َ‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الس َّر يف َ‬‫أن ِّ‬
‫ذاك َّ‬
‫ِ‬
‫األعمال أش ُّقها‬ ‫ُ‬
‫وأفضل‬ ‫ِ‬
‫فوس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ومنها‪ :‬أ َّن ُه ُّ‬
‫أشق على ال ُّن‬
‫ِ‬
‫فوس‪.‬‬‫على النُّ‬
‫ِ‬
‫أحوال‬ ‫شاه ُد ُه ِمن‬
‫أن النُّفوس تتأسى بما ُت ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫وسبب َ‬
‫ذلك َّ‬ ‫ُ‬
‫أهل‬ ‫اس وطاعا ُت ُهم؛ َك ُث َر ُ‬ ‫الجنس‪ ،‬فإذا َك ُث َر ْت َي َق َظ ُة النَّ ِ‬‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أبناء‬
‫رت‬ ‫اعات‪ .‬وإذا َك ُث ِ‬ ‫ت ال َّط ُ‬ ‫بهم‪ ،‬فسه َل ِ‬ ‫المقتدين ِ‬ ‫ِ‬
‫لكثرة‬ ‫ال َّط ِ‬
‫اعة‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫نفوس‬ ‫بهم ُعمو ُم النَّ ِ‬
‫اس‪ ،‬ف َي ُش ُّق على‬ ‫أسى ِ‬ ‫الغفالت وأه ُلها‪َ ،‬ت َّ‬
‫ُ‬
‫بهم فيها‪.‬‬ ‫ظين طاعا ُت ُهم‪ ،‬لق َّل ِة َمن َي ْق َت َ‬
‫دون ِ‬ ‫المتي ِّق َ‬

‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫أجر‬
‫منهم ُ‬ ‫بي ‪« :‬للعاملِ ُ‬ ‫ولهذا المعنى َ‬
‫قال ال َّن ُّ‬
‫منكم‪ ،‬إ َّن ُكم َت ِجدونَ على الخي ِر أعوا ًنا وال َي ِجدونَ »(‪.)1‬‬
‫خمسين ُ‬
‫َ‬

‫عود غري ًبا‬


‫وس َي ُ‬‫اإلسالم غري ًبا‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫وقال ‪َ « :‬ب َدأ‬
‫وم ِن الغربا ُء؟‬ ‫ٍ‬
‫رواية‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫قيل‪َ :‬‬ ‫للغرباء»(‪ .)2‬ويف‬ ‫كما بدأ‪ ،‬فطوبى‬
‫«الذين ُي ْص ِلحونَ إذا َف َس َد ال َّن ُ‬
‫اس»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪:‬‬
‫سار‪ِ ،‬‬
‫عن‬ ‫حديث‪َ :‬م ْع ِق ِل ِ‬
‫بن َي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ويف «صحيح مسلم»‪ِ :‬من‬
‫إلي»(‪.)3‬‬ ‫ِ‬
‫كالهجرة َّ‬ ‫قال‪« :‬العباد ُة يف َ‬
‫اله ْر ِج‬ ‫بي ‪‬؛ َ‬ ‫النَّ ِّ‬
‫إلي»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كالهجرة َّ‬ ‫ِ‬
‫الفتنة‬ ‫أح َم ُد‪ ،‬ولف ُظ ُه‪« :‬العباد ُة يف‬
‫وخ َّر َج ُه اإلما ُم ْ‬
‫َ‬

‫عون أهوا َء ُهم‪،‬‬ ‫الفتن َي َّتبِ َ‬


‫ِ‬ ‫اس يف ِ‬
‫زمن‬ ‫أن النَّ َ‬‫ذلك َّ‬ ‫وسبب َ‬ ‫ُ‬
‫بحال الجاهل َّي ِة‪،‬‬‫ِ‬ ‫كون حا ُل ُهم ً‬
‫شبيها‬ ‫دين‪ ،‬ف َي ُ‬‫عون إلى ٍ‬ ‫رج َ‬ ‫وال َي ِ‬
‫وي َّتبِ ُع‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫د‬
‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫وي‬ ‫ك بدين ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫فإذا ان َفرد ِمن بين ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬

‫((( أخرجه أبو داود (‪ ،)4341‬والترمذي (‪ ،)3058‬وأخرج الحاكم قوله‪:‬‬


‫(للعامل منهم أجر خمسين) وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪.‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)145‬‬
‫((( أخرجه مسلم (‪.)2948‬‬
‫‪19‬‬
‫‪19‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫هاج َر ِمن ِ‬
‫بين‬ ‫ِ‬ ‫ب مساخ َط ُه‪َ ،‬‬
‫كان بمنزلة َمن َ‬
‫ِ‬
‫وي ْج َتن ُ‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ي‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مراض‬
‫رسول اهلل ِ ‪ ‬مؤمنًا ِبه م َّتب ًعا‬ ‫ِ‬ ‫أهل الجاهل َّي ِة إلى‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫لنواهيه‪.‬‬ ‫ألوامرِ ِه مجتن ًبا‬
‫ِ‬ ‫بين ِ‬ ‫ِ‬
‫والغفلة‬ ‫أهل المعاصي‬ ‫أن المنفر َد بال َّطا َعة َ‬‫ومنها‪َّ :‬‬
‫دافع‬ ‫ِ‬ ‫اس ك ِّل ِهم‪ ،‬فكأ َّنه يح ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قد ي ْد َفع ِ‬
‫وي ُ‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫يه‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫عن‬ ‫ء‬
‫ُ‬ ‫البال‬ ‫به‬ ‫ُ ُ‬
‫عنهم‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪20‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫‪ْ J‬فص ٌل ‪L‬‬


‫ُ‬
‫قضاؤ ُه‬ ‫قضاء رمضانَ ؛ َو َج َب ِ‬
‫عليه‬ ‫ِ‬ ‫شيء ِمن‬ ‫ِ‬
‫عليه ٌ‬ ‫َمن كانَ‬
‫آخر لغي ِر‬
‫بعد رمضانَ َ‬ ‫جوز ل ُه ْتأ ِخ ُير ُه إلى ما َ‬ ‫ِ‬
‫القدرة‪ ،‬وال َي ُ‬ ‫مع‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫ضرورة‪.‬‬
‫ِ‬
‫مضانين‪،‬‬ ‫الر‬
‫بين َّ‬ ‫فع َل ذلك وكانَ ْتأ ُ‬
‫خير ُه لعذ ٍر مستم ٍر َ‬ ‫فإنْ َ‬
‫ِ‬
‫القضاء‪.‬‬ ‫مع‬ ‫شيء ِ‬
‫عليه َ‬ ‫بعد رمضانَ ال َّثاين‪ ،‬وال َ‬ ‫ُ‬
‫قضاؤ ُه َ‬ ‫كان ِ‬
‫عليه‬
‫ِ‬
‫القضاء‬ ‫فقيل‪َ :‬ي ْقضي و ُي ْط ِع ُم َ‬
‫مع‬ ‫وإنْ كانَ لغي ِر عذ ٍر‪َ :‬‬
‫وأح َم َد ا ِّت ً‬
‫باعا‬ ‫افعي ْ‬ ‫ك َّ‬
‫والش ِّ‬ ‫قول مالِ ٍ‬
‫وهو ُ‬ ‫ِّ‬
‫لكل يو ٍم مسكينًا‪َ ،‬‬
‫وهو ُ‬
‫قول‬ ‫وقيل َي ْقضي وال إطعا َم ِ‬
‫عليه‪َ ،‬‬ ‫بذلك‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫آلثا ٍر َ‬
‫ور َد ْت‬
‫أبي حنيف َة‪.‬‬
‫َ‬
‫األعمال‬ ‫وأو َد َعها‬ ‫الش ِ‬
‫ريفة َ‬
‫وض َّيعها ْ‬ ‫ِ‬
‫األوقات َّ‬ ‫يا َمن َف َّر َط يف‬
‫است َْو َد َعها!‬
‫وبئس ما ْ‬
‫َ‬ ‫الس ِّيئ َة‪،‬‬
‫َّ‬

‫‪21‬‬
‫‪21‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫بار ْك‬ ‫وه��ذا َش ْ��ه ُ��ر َش ْع َ‬ ‫مضى رج��ب وما أحسنْ َت ِ‬


‫فيه‬
‫الم َ‬‫بان ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫��وار ْك‬
‫���ذ ْر َب َ‬ ‫اح َ‬ ‫بِ ُح ْر َمتها أف ْ��ق َو ْ‬ ‫ق���ات َج ْهالً‬
‫األو َ‬ ‫��ن َض�� َّي َ��ع ْ‬
‫فيا َم ْ‬
‫دار ْك‬ ‫ِ‬ ‫��ار ُق ال�� َل َّ��ذ ِ‬
‫ات َق ْهر ًا‬ ‫ف ُت��ف ِ‬
‫الم ْو ُت ك َْر ًها منْ َك َ‬ ‫َو ُي ْخلي َ‬ ‫َف َ‬
‫��س ْ��و َ‬
‫اج َع ْل َم َ��د َار ْك‬ ‫ص َو ْ‬ ‫بِ َت ْو َب ِة ُم ْخ ِل ٍ‬ ‫الخطايا‬‫َت َد َار ْك ما ْاس َت َط ْع َت ِم َن َ‬
‫دار ْك‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫َف َخير ذوي الجرائِ‬ ‫الم ِة ِم ْن َج ِحي ٍم‬ ‫َعلى َط َل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬ ‫الس َ‬
‫ب َّ‬

‫‪‬‬

‫‪22‬‬ ‫‪22‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫اجمللس الثاني‬
‫‪ J‬يف ذكر نصف شعبان ‪L‬‬
‫ِ‬
‫حديث‪:‬‬ ‫والتر ِم ِذ ُّي ِمن‬
‫ْ‬ ‫أح َم ُد وأبو داو َد‬
‫اإلمام ْ‬
‫ُ‬ ‫َخ َّر َج‬
‫بي‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫عن‬ ‫َ‪،‬‬
‫ة‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫أبي‬ ‫عن‬ ‫‪،‬‬ ‫حمن‪ ،‬عن ِ‬
‫أبيه‬ ‫ِ‬ ‫الر‬ ‫بن عب ِ‬
‫د‬ ‫ِ‬ ‫الع ِ‬
‫الء‬
‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قال‪« :‬إذا ا ْنت ََص َف شعبانُ ‪ ،‬فال َتصوموا ح َّتى‬‫‪َ ،‬‬
‫وغير ُه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫رمضانَ »(‪ .)1‬وصححه ال ِّتر ِم ِ‬
‫ذ‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َّ َ ُ ْ‬

‫العمل ب ِه‪:‬‬
‫ثم يف ِ‬ ‫احلديث َّ‬
‫ِ‬ ‫واخ َتلَ َف العلما ُء يف ِص َّح ِة هذا‬‫ ْ‬
‫وابن‬ ‫ِِ‬ ‫ٍ‬
‫ي ُ‬ ‫منه ُم ال ِّت ْرمذ ُّ‬
‫غير واحد‪ُ ،‬‬ ‫فص َّح َح ُه ُ‬ ‫تصحيح ُه‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫فأما‬‫َّ‬
‫فيه َمن‬‫ان والحاكِم وال َّطحاوي وابن عب ِد البر‪ ،‬و َت َك َّلم ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫ح‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫منهم‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫أكبر ِمن‬
‫كر‪ُ ،‬‬ ‫حديث ُمنْ ٌ‬ ‫هو‬‫وأعلم وقالوا‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫هؤالء‬ ‫هو ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫الر ِاز ُّ‬
‫ي‬ ‫أح َم ُد وأبو ُز ْر َع َة َّ‬ ‫ي واإلما ُم ْ‬ ‫بن َم ْهد ٍّ‬
‫حمن ُ‬‫الر ِ‬ ‫ع ْب ُد َّ‬
‫واأل ْث َر ُم‪.‬‬

‫((( أخرجه أحمد (‪ ،)9707‬وأبو داود (‪ ،)2337‬والترمذي (‪ ،)738‬ودرجته‬


‫مب َّينة يف كالم المؤلف ‪ ،‬وخالصة القول فيه أنَّه حديث منكر‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫‪23‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫ِ‬
‫بحديث‬ ‫ور َّد ُه‬ ‫لم َي ْر ِو العال ُء حدي ًثا َ‬
‫أنكر من ُه‪َ .‬‬ ‫أح َم ُد‪ْ :‬‬ ‫َ‬
‫وقال ْ‬
‫مفهوم ُه جوا ُز‬
‫َ‬ ‫فإن‬ ‫ِ‬
‫يومين»‪َّ ،‬‬ ‫«ال َت َقدَّ موا رمضانَ بصو ِم يو ٍم أو‬
‫ِ‬
‫يومين‪.‬‬ ‫بأكثر ِمن‬
‫قد ِم َ‬ ‫ال َّت ُّ‬
‫ِ‬
‫أحاديث‬ ‫شير إلى‬ ‫ي‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫األحاديث ك ُّلها ُتخالِ‬
‫ُ‬ ‫األثر ُم‪:‬‬ ‫َ‬
‫ُ ُ ُ‬ ‫وقال َ‬
‫ِ‬ ‫ووصل ِه‬
‫ِ‬ ‫شعبان ك َّل ُه‬
‫ونهيه‬ ‫برمضان‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫بي ‪‬‬ ‫صيا ِم النَّ ِّ‬
‫ٍ‬
‫حينئذ شا ًذا‬ ‫ُ‬
‫الحديث‬ ‫فصار‬ ‫ِ‬
‫بيومين‪،‬‬ ‫رمضان‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫عن ال َّت َق ُّد ِم على‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حيحة‪.‬‬ ‫مخال ًفا لألحاديث َّ‬
‫الص‬
‫منسوخ‪ .‬وحكَى اإلجماع على ِ‬
‫ترك‬ ‫هو‬ ‫وقال َّ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫حاوي‪َ :‬‬‫ُّ‬ ‫الط‬
‫العلماء على أ َّن ُه ال ُي ْع َم ُل ِبه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وأكثر‬
‫ُ‬ ‫‪.‬‬ ‫العمل ِ‬
‫به‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫نصف شعبانَ ‪.‬‬ ‫هذا ك ُّل ُه يف ِّ‬
‫الصيا ِم َ‬
‫بعد‬
‫ِ‬
‫جملة‬ ‫منهي عن ُه‪ ،‬فإ َّن ُه ِمن‬
‫فغير ٍ‬ ‫صيام يو ِم الن ِّْص ِ‬
‫ف من ُه‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فأ َّما‬
‫كل شهرٍ‪.‬‬ ‫صيامها ِمن ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المندوب إلى‬ ‫الغر‬ ‫ِ‬
‫البيض ِّ‬ ‫َّأيا ِم‬
‫متعد َد ٌة‪ِ ،‬‬
‫وقد‬ ‫أحاديث ُأ َخ ُر ِّ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫نصف شعبانَ‬ ‫ويف فضلِ ِ‬
‫ليلة‬
‫بعضها‬
‫ان َ‬ ‫ابن ِح َّب َ‬
‫وص َّح َح ُ‬
‫األكثرون‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫فض َّع َفها‬ ‫اخ ُت ِل َ‬
‫ف فيها‪َ ،‬‬
‫‪24‬‬ ‫‪24‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫وخر َج ُه يف «صحيحه»‪.‬‬
‫َّ‬
‫الشا ِم كخالِ ِد‬ ‫أهل َّ‬ ‫ابعون ِمن ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّصف ِمن شعبانَ َ‬
‫كان ال َّت‬ ‫وليل ُة الن ِ‬
‫وغيرهم ُي َع ِّظمونَها‬ ‫ِ‬ ‫عامرٍ‬ ‫بن ِ‬ ‫مان ِ‬ ‫دان ومك ٍ‬
‫ْحول و ُل ْق َ‬ ‫ِ‬
‫بن َم ْع َ َ‬
‫اس فض َلها‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫أخذ النَّ ُ‬ ‫وعنهم‬
‫ُ‬ ‫العبادة‪،‬‬ ‫هدون فيها يف‬ ‫َ‬ ‫وي ْج َت‬ ‫َ‬
‫فلما‬ ‫ذلك آثار إسرائيل َّيةٌ‪َّ .‬‬ ‫قيل‪ :‬إ َّن ُه َب َلغ َُهم يف َ‬ ‫وتعظيمها‪ ،‬وقد َ‬ ‫َ‬
‫فمنهم‬ ‫ذلك‪ُ ،‬‬ ‫اس يف َ‬ ‫ف النَّ ُ‬ ‫ِ‬
‫البلدان‪ ،‬اخ َت َل َ‬ ‫عنهم يف‬
‫ذلك ُ‬ ‫ْاش َت َه َر َ‬
‫يمها ‪ -‬منهم طائف ٌة ِمن عب ِ‬
‫اد‬ ‫من َقبِ َله منهم ووا َف َقهم على تعظِ ِ‬
‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬
‫العلماء ِمن ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫أكثر‬
‫ذلك ُ‬ ‫البصرة وغيرِ ِهم‪ ،‬وأ ْنك ََر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أهل‬
‫الر ِ‬
‫حمن‬ ‫وابن أبي ُم َل ْي َكةَ‪ ،‬و َن َق َل ُه ع ْب ُد َّ‬ ‫منهم عطا ٌء ُ‬ ‫الحجاز ‪ُ -‬‬ ‫ِ‬
‫ِ‬
‫أصحاب‬ ‫قول‬ ‫وهو ُ‬ ‫ِ‬ ‫فقهاء ِ‬ ‫ِ‬ ‫أس َل َم عن‬ ‫ِ‬ ‫بن َزي ِ‬
‫أهل المدينة‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫بن‬ ‫د‬ ‫ُ ْ‬
‫ذلك ُك ُّل ُه بدعةٌ‪.‬‬ ‫ك وغيرِ ِهم ‪ -‬وقالوا‪َ :‬‬ ‫مالِ ٍ‬

‫نوب التي َت ْم َن ُع ِمن‬ ‫الذ َ‬ ‫ب ُّ‬ ‫أن َي َت َج َّن َ‬‫المسلم ْ‬


‫ِ‬ ‫و َيت ََع َّي ُن على‬
‫ِ‬ ‫الد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫رك‪،‬‬ ‫الش ُ‬ ‫تلك الليلة‪ .‬وقد ُر ِو َ‬
‫ي أنَّها‪ِّ :‬‬ ‫عاء يف َ‬ ‫وقبول ُّ‬ ‫المغفرة‬
‫عند اهلل ِ‬ ‫نوب َ‬ ‫الذ ِ‬ ‫أعظم ُّ‬ ‫وهذه ال َّثالث ُة‬ ‫ِ‬ ‫وقتل النَّ ِ‬
‫فس‪ ،‬وال ِّزنى‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫صحتِ ِه‪ ،‬أ َّن ُه‬
‫فق على َّ‬ ‫عود الم َّت ِ‬ ‫ابن مس ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪ ،‬كما يف حديث ِ َ ْ‬
‫‪25‬‬
‫‪25‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫قال‪« :‬أن َت ْج َع َل‬‫أعظم؟ َ‬


‫ُ‬ ‫نب‬‫الذ ِ‬
‫أي َّ‬‫بي ‪ُّ :‬‬ ‫َس َأل ال َّن َّ‬
‫ولد َك‬
‫قال‪« :‬أنْ َت ْق ُت َل َ‬
‫أي؟ َ‬
‫ثم ٌّ‬ ‫وهو َخ َل َق َك»‪َ .‬‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫هللِ ندًّ ا َ‬
‫قال‪« :‬أن ُتزانِ َي حليل َة‬
‫أي؟ َ‬
‫ثم ٌّ‬ ‫مع َك»‪َ .‬‬
‫قال‪َّ :‬‬ ‫خش َي َة أنْ َي ْط َع َم َ‬
‫ذلك‪ ﴿ :‬ﭑ ﭒ ﭓ‬ ‫جا ِر َك»‪ .‬فأن َز َل اهللُ تعا َلى تصديق َ‬
‫ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﴾ [الفرقان‪.)1(]68 :‬‬

‫وهي‬ ‫أيضا َّ‬ ‫ِ‬


‫المغفرة ً‬ ‫المانعة ِمن‬
‫ِ‬ ‫ومن ُّ‬
‫الذ ِ‬ ‫ِ‬
‫حناء‪َ ،‬‬ ‫الش ُ‬ ‫نوب‬
‫َ‬
‫وذلك َي ْمنَ ُع‬ ‫ِ‬
‫نفسه‪،‬‬ ‫بغضا ل ُه لهوى‬
‫أخيه ً‬ ‫ِ‬ ‫حقد المسل ِم على‬
‫ُ‬
‫حمة‪ ،‬كما‬ ‫المغفرة والر ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أوقات‬ ‫ِ‬
‫المغفرة يف أكثرِ‬ ‫أيضا ِمن‬
‫ً‬
‫َّ‬
‫أبواب‬
‫ُ‬ ‫يف «صحيح مسلم»‪ :‬عن أبي ُه َر ْي َر َة مرفو ًعا‪ُ « :‬ت ْفت َُح‬
‫عبد ال ُي ْش ِر ُك باهللِ‬ ‫لكل ٍ‬ ‫والخميس‪ ،‬ف ُي ْغ َف ُر ِّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫االثنين‬ ‫الج َّن ِة يو َم‬
‫قال‪ :‬أ ْن ِظروا‬
‫شحناء‪ُ ،‬ي ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫أخيه‬ ‫شي َئا‪ ،‬إال رج ً‬
‫ال كا َن ْت بي َن ُه َ‬
‫وبين‬
‫هذين ح َّتى َي ْص َط ِلحا»(‪.)2‬‬
‫ِ‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ ،)4477‬ومسلم (‪.)86‬‬


‫وأجلوا‪.‬‬
‫أخروا ِّ‬
‫((( أخرجه مسلم (‪ ،)2565‬ومعنى‪ :‬أنظروا أي‪ِّ :‬‬
‫‪26‬‬ ‫‪26‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫الش ِ‬
‫حناء ك ِّلها‪،‬‬ ‫در ِمن أنوا ِع َّ‬‫الص ِ‬ ‫فأفضل األعما ِل‪ :‬سالم ُة َّ‬ ‫ُ‬
‫األهواء والبد ِع التي َت ْق َت ِضي‬
‫ِ‬ ‫شحناء ِ‬
‫أهل‬ ‫ِ‬ ‫السالم ُة ِمن‬ ‫وأفض ُلها َّ‬
‫عليهم واعتقا َد‬ ‫ِ‬ ‫والحقد‬
‫َ‬ ‫وبغض ُهم‬
‫َ‬ ‫سلف األُ َّم ِة‬ ‫ِ‬ ‫ال َّط ْع َن على‬
‫ِ‬
‫القلب‬ ‫ثم يلي َ‬
‫ذلك سالم ُة‬ ‫م‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬
‫وتضليل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫تبديع‬ ‫أو‬ ‫م‬ ‫تكفيرِ ِ‬
‫ه‬
‫َّ‬
‫المسلمين وإراد ُة الخيرِ ُلهم ونصيح ُت ُهم‬ ‫حناء لعمو ِم‬‫الش ِ‬ ‫ِمن َّ‬
‫َ‬
‫لنفس ِه‪.‬‬ ‫حب ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ُلهم ما ُي ُّ‬
‫ْ ِ‬
‫وأن ُيح َّ‬
‫قولون‪ ﴿ :‬ﭖ‬
‫َ‬ ‫المؤمنين عمو ًما بأن َُّهم َي‬
‫َ‬ ‫وقد َو َص َف ُ‬
‫اهلل‬
‫ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ‬
‫ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﴾ [الحشر‪.]10 :‬‬

‫قال‬‫بي ‪َ ‬‬ ‫أن ال َّن َّ‬‫ويف «المسند»‪ :‬عن أنَس؛ َّ‬


‫رجل ِمن أهلِ الج َّن ِة»‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ألصحابِ ِه ثالث َة َّأيامٍ‪َ « :‬ي ْط ُل ُع ُ‬
‫عليك ُم اآلنَ‬
‫عند ُه‬‫بن َع ْمرٍو‪ ،‬فنا َم َ‬ ‫واحد‪ .‬فاستضا َفه عب ُد اهلل ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ف َي ْط ُل ُع ٌ‬
‫رجل‬
‫ُ‬ ‫ُ َْ‬
‫ِ‬ ‫كثير ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫بالحال‪،‬‬ ‫فأخ َب َر ُه‬
‫عمل‪ْ ،‬‬ ‫ثال ًثا ل َينْ ُظ َر عم َل ُه‪ ،‬فلم َي َر ل ُه يف بيته َ‬
‫وليس يف قلبي شي ٌء على‬
‫أبيت َ‬
‫هو ما َترى‪ ،‬إالَّ أنِّي ُ‬ ‫َ‬
‫فقال ل ُه‪َ :‬‬
‫‪27‬‬
‫‪27‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫فقال ع ْب ُد اهللِ‪ :‬بهذا َب َلغ ما َب َل َغ(‪.)1‬‬


‫المسلمين‪َ .‬‬
‫َ‬ ‫أحد ِمن‬
‫ٍ‬

‫قيل‪:‬‬ ‫بن َع ْمرٍو؛ َ‬


‫قال‪َ :‬‬ ‫ماج ْه»‪ :‬عن َع ْب ِد اهلل ِ ِ‬
‫ويف «سنن ابن َ‬
‫ِ‬
‫القلب‬ ‫«كل مخمو ِم‬ ‫قال‪ُّ :‬‬ ‫أفضل؟ َ‬ ‫ُ‬ ‫أي النَّ ِ‬
‫اس‬ ‫َ ِ‬
‫رسول اهلل! ُّ‬ ‫يا‬
‫ِ‬
‫اللسان َن ْعرِ ُف ُه‪ ،‬فما مخمو ُم‬ ‫ُ‬
‫صدوق‬ ‫ِ‬
‫اللسان»‪ .‬قالوا‪:‬‬ ‫ِ‬
‫صدوق‬
‫بغي وال‬ ‫قي الذي ال إِ ْث َم ِ‬
‫فيه وال َ‬ ‫«هو ال َّت ِق ُّي ال َّن ُّ‬ ‫ِ‬
‫القلب؟ َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫َ‬
‫حسد»(‪.)2‬‬ ‫َّ‬
‫غل وال‬
‫الص ِ‬
‫دور‬ ‫ِ‬
‫األعمال سالم ُة ُّ‬ ‫ُ‬
‫أفضل‬ ‫الس ِ‬
‫لف‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫بعض َّ‬ ‫قال‬
‫ِ‬
‫الخصال َب َل َغ َمن‬ ‫ِ‬
‫وبهذه‬ ‫فوس وال َّنصيح ُة لأل ُ َّم ِة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫وسخاو ُة ال ُّن‬
‫االجتهاد يف الصو ِم والص ِ‬
‫الة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بكثرة‬ ‫َب َل َغ ال‬
‫َّ‬ ‫َّ‬
‫العبد مغفر َة موال ُه‬
‫َ‬ ‫نوب التي َت ْحرِ ُم‬ ‫اج َتنِبوا ُّ‬
‫الذ َ‬ ‫ْ‬
‫إخواين! ْ‬
‫وبة واالستغفار‪.‬‬ ‫حمة وال َّت ِ‬
‫الغ َّفار يف مواس ِم الر ِ‬
‫َّ‬
‫الش ْر ُك؛ فإ َّن ُه ﴿ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬
‫أ َّما ِّ‬

‫((( أخرجه أحمد (‪ .)12697‬قال العراقي يف تخريج اإلحياء (‪:)1836 /4‬‬


‫رواه أحمد بسند صحيح‪.‬‬
‫((( أخرجه ابن ماجه (‪ ،)4216‬وقال البوصيري‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪28‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫وأما‬
‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﴾ [المائدة‪َّ .]72:‬‬
‫األرض على ِ‬
‫قتل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وأهل‬ ‫ِ‬
‫موات‬ ‫الس‬ ‫اجتمع ُ‬ ‫القتل؛ ِ‬
‫ُ‬
‫أهل َّ‬ ‫َ‬ ‫فلو‬
‫رجل مسل ٍم بغيرِ ٍّ‬
‫حق؛ أل َك َّب ُه ُم اهللُ جمي ًعا يف النَّار‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫ُ‬
‫الخلق‬ ‫ِ‬
‫لسخط الج َّبار‪،‬‬ ‫ض‬ ‫عر ِ‬ ‫ت‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫حذار ِ‬
‫م‬ ‫فحذار ِ‬
‫ِ‬ ‫الزنى‪،‬‬
‫وأ َّما ِّ‬
‫ُّ‬
‫أن َي ْزنِي ُ‬ ‫ِ‬
‫عبد ُه‬ ‫أحد أغير ِمن اهلل ْ‬
‫عبيد ُه وإماؤ ُه واهللُ َيغار‪ ،‬ال َ‬‫ك ُّل ُهم ُ‬
‫بغض األبصار‪.‬‬ ‫وأم َر ِّ‬ ‫َ‬ ‫أجل َ‬ ‫أو َت ْزنِي أم ُته ِ‬
‫فمن ِ‬
‫الفواحش َ‬ ‫ذلك َح َّر َم‬ ‫َ َ ُ‬
‫السو َء و َق َص َد ل ُه‬ ‫ِ‬
‫ألخيه‬ ‫حناء؛ فيا َمن ْ‬
‫أض َم َر‬ ‫وأ َّما َّ‬
‫ُّ‬ ‫الش ُ‬
‫اإلضرار! ﴿ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ‬
‫َ‬
‫كفيك‬ ‫ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﴾ [إبراهيم‪َ ،]42:‬ي‬
‫ِ‬
‫مغفرة األوزار‪.‬‬ ‫ِ‬
‫أوقات‬ ‫ِ‬
‫المغفرة يف‬ ‫حرمان‬
‫ُ‬
‫المعاصي‬ ‫باب َ‬ ‫أس ِ‬‫َل��ى بِ ْ‬ ‫ال��م ْ��و‬
‫ب����ار َز َ‬
‫��د َ‬ ‫خ���اب َع�� ْب ٌ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ف يوم ِ‬ ‫ِ‬
‫صاص‬ ‫الق‬ ‫َل ْم َي َخ ْ َ ْ َ‬ ‫����م����ا َج���ن���ا ُه‬
‫�����ح����� ُه م َّ‬
‫َو ْي َ‬
‫ب ال َّنواصي‬ ‫ـدا ُم ِم ْن َش ْي ِ‬ ‫ع���د األ ْق���ـ‬
‫���ر ُ‬ ‫ِ‬
‫�����و َم ف��ي��ه َت ْ‬
‫َي ْ‬
‫ِ‬
‫���اص‬‫َو َح����ي����ا ٌة يف انْ���تِ��� َق‬ ‫ٍ‬
‫ي�������اد‬ ‫ن������وب يف از ِْد‬ ‫ل���ي ُذ‬
‫ٌ‬
‫َل����م ل��ي ِ‬ ‫����م ُ‬
‫ف��ي��ه َخ�لاص��ي‬ ‫ُ‬ ‫����ل م���ا أ ْع���ـ‬ ‫��م��ت��ى أ ْع َ‬‫َف َ‬
‫‪29‬‬
‫‪29‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫مسرورا بسوء العمل! ك ُْن ِمن‬ ‫ً‬ ‫بطول األمل! يا‬ ‫ِ‬ ‫مغرورا‬
‫ً‬ ‫يا‬
‫الموت على َو َجل‪ ،‬فما َت ْدري متى َي ْه ُج ُم األجل‪.‬‬ ‫ِ‬

‫مستقبل يوما ال يس َتك ِْم ُله‪ِ ،‬‬ ‫لف‪ :‬كم ِمن‬ ‫الس ِ‬ ‫َ‬
‫ومن‬ ‫ُ‬ ‫ٍ ً َْ‬ ‫بعض َّ‬ ‫قال ُ‬
‫ومسير ُه ألبغ َْض ُت ُم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األجل‬ ‫غدا ال ُي ْد ِر ُك ُه‪ ،‬إ َّنكُم لو َر ْأي ُت ُم‬
‫مؤم ٍل ً‬ ‫ّ‬
‫وغرور ُه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫األمل‬
‫دور َع َل َّي ِم ْن ك ُِّل النَّواحي‬
‫َت ُ‬ ‫والمناي��ا‬
‫َ‬ ‫أن ُأ َخ َّل َ‬
‫��د‬ ‫ُأؤْ ِّم ُ‬
‫��ل ْ‬
‫أع ُ‬‫َلع ِّلي ال ِ‬ ‫وما‬
‫الصباحِ‬
‫يش إلى َّ‬ ‫َ‬ ‫ت َي ً‬
‫إن ْأم َس�� ْي ُ‬
‫وما أ ْدري َو ْ‬
‫َ‬
‫أص َب َح ِمن ُسك ِ‬
‫َّان‬ ‫الدنيا أو َغدا ْ‬ ‫ِ‬
‫طلب ُّ‬ ‫راح يف‬ ‫ِ‬
‫كم م َّمن َ‬
‫ِ‬
‫القبور غدا‪.‬‬
‫الم َج ِّه ُز يف َر ِح ِيل ْ‬
‫ك‬ ‫َو َق ْد َج َّد ُ‬ ‫ك‬ ‫َّك بِالم ِضي إلى س ِ‬
‫��بيل ْ‬ ‫َ‬ ‫كأن َ ُ ِّ‬
‫ك‬ ‫بِ َقولِ ِهم َله ا ْفر ْغ ِمن َغ ِ‬
‫سيل ْ‬ ‫اس�� َت ْع َجلو ُه‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ٍ‬
‫��ل‬ ‫وجيء بِ ِ‬
‫غاس‬
‫ْ ُ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫إ َلي ِهم ِمن كَثيرِ َك أو َق ِ‬
‫ليل ْ‬ ‫َو َل ْم َت ْح ِم ْل ِسوى َك َف ٍن َو ُق ْط ٍن‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬
‫ْت َع َل ْي ِه َم ْمدو ٌد بِطولِ ْ‬
‫ك‬ ‫َفأن َ‬ ‫الر ُ‬
‫جال إل ْي َ‬
‫ك َن ْع ًش��ا‬ ‫َو َق ْ‬
‫��د َم َّد ِّ‬
‫ك‬ ‫كور َك أو ِ‬
‫أصيل ْ‬ ‫ك يف ُب ِ‬ ‫لِ َح ْم ِل َ‬ ‫داع��وا‬
‫ْ‬ ‫��م َت‬
‫��م إن َُّه ُ‬ ‫َو َص َّل ْ‬
‫��وا ُث َّ‬
‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫الم ِة يف نُزولِ ْ‬
‫ك‬ ‫ك بِ َّ‬
‫الس َ‬ ‫َو َم ْن َل َ‬ ‫��ت َق ْب ً‬
‫��را‬ ‫أس�� َل َ‬
‫موك َن َز ْل َ‬ ‫َف َل َّم��ا ْ‬
‫ك‬‫باد َعلى ُدخولِ ْ‬‫الع ِ‬
‫ؤوف بِ ِ‬
‫َر ٌ‬ ‫َ��ك َي��و َم َت ْد ُخ ُل�� ُه َر ٌ‬
‫حي��م‬ ‫أعان َ‬
‫َف َذرنِي ِمن َقصيرِ َك أو َط ِ‬
‫ويل ْ‬ ‫الم ْو َتى َطويالً‬ ‫ف ُت ِ‬ ‫َف َس ْو َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫جاو ُر َ‬
‫ت َعلى َقبولِ ْ‬
‫ك‬ ‫َوبِاهلل ِ ْاس َت َعنْ ُ‬ ‫أخي ها َق ْد ن ََص ْح ُت َك َف ْاس َت ِم ْع لي‬
‫ِ‬

‫ك‬ ‫أخيك ويف َخ ِ‬


‫ليل ْ‬ ‫َ‬ ‫ك يف‬ ‫ُت ِصي ُب َ‬ ‫المنايا ك َُّل ٍ‬
‫حين‬ ‫َأ َل ْس َ‬
‫��ت َترى َ‬

‫‪‬‬

‫‪31‬‬
‫‪31‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫‪ J‬فص ٌل ‪L‬‬
‫رمضان يف قولِ ِه‬
‫َ‬ ‫الفطر َ‬
‫قبل‬ ‫َ‬ ‫الجه ِ‬
‫ال َّ‬
‫أن‬ ‫ولر َّبما َظ َّن ُ‬
‫بعض َّ‬
‫يومين»‪ُ ،‬يرا ُد‬ ‫ِ‬ ‫‪« :‬ال َت َق ِّدموا رمضانَ بصو ِم يو ٍم وال‬
‫ِ‬ ‫فوس ح َّظها ِمن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِبه اغتنا ُم‬
‫أن‬‫قبل ْ‬ ‫هوات َ‬ ‫الش‬ ‫لتأخ َذ النُّ ُ‬ ‫األكل‪ُ ،‬‬
‫لألكل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هي َّأيا ُم تودي ٍع‬ ‫‪:‬‬ ‫يقولون‬
‫َ‬ ‫ولهذا‬ ‫ِ‪،‬‬
‫م‬ ‫يا‬‫بالص‬ ‫ذلك‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُتمنَع ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ َ‬
‫قال‬ ‫ومن َ‬ ‫‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حسات‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ا‬ ‫األي‬ ‫ن‬ ‫و ُتسمى َتنحيسا‪ ،‬واشتقا ُقه ِ‬
‫م‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ َّ‬
‫حوي‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ابن ُد ُر ْس َت َو ْي ِه النَّ‬ ‫خطأ من ُه‪َ .‬ذك ََر ُه ُ‬ ‫فهو ٌ‬ ‫ِ‬
‫تنهيس بالهاء َ‬ ‫ٌ‬ ‫هو‬
‫َ‬
‫عند‬ ‫ذلك ُم َتل َّق ًى ِمن النَّصارى‪ ،‬فإن َُّهم َي ْف َعلو َن ُه َ‬ ‫أصل َ‬ ‫أن َ‬ ‫و َذك ََر َّ‬
‫لم‬ ‫ما‬‫ب‬ ‫ور‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ظ‬ ‫ن‬ ‫مم‬ ‫ٌ‬
‫وجهل‬ ‫ٌ‬
‫خطأ‬ ‫ه‬ ‫ُّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫وهذا‬ ‫م‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ِ‬
‫صيام‬ ‫قرب‬‫ِ‬
‫َّ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫المباحة بل َي َت َع َّدى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هوات‬ ‫منهم على اغتنا ِم َّ‬
‫الش‬ ‫ي ْق ِ‬
‫كثير ُ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫ر‬ ‫تص‬ ‫َ‬
‫المبين‪.‬‬ ‫الخسران‬ ‫هو‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المحرمات‪ ،‬وهذا َ‬ ‫َّ‬ ‫إلى‬

‫بعض ُهم يف المعنى‪:‬‬ ‫وأن َْش َد ُ‬


‫واص ْل ُش ْر َب َل ْي ِل َ‬
‫ك بِالنَّ ِ‬
‫هار‬ ‫َف ِ‬ ‫ت‬ ‫ون ِم ْن َش ْع َ‬
‫بان َو َّل ْ‬ ‫إ َذا ِ‬
‫الع ْش ُر َ‬
‫الص ِ‬
‫غار‬ ‫ضاق َعلى ِّ‬ ‫ت َ‬ ‫الو ْق َ‬
‫فإن َ‬
‫َّ‬ ‫��ر ْب بِأ ْق��داحٍ ِص ٍ‬
‫غ��ار‬ ‫َوال َت ْش َ‬
‫‪32‬‬ ‫‪32‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫آخر‪:‬‬ ‫َ‬
‫وقال ُ‬
‫فاس ِقيانِي خمرا بِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ماء الغَما ِم‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫بان ُمنْ��ذ ًرا بِ ِّ‬
‫الصيا ِم‬ ‫جا َء َش�� ْع ُ‬

‫نصيب ِمن‬
‫ٌ‬ ‫فالبهائم أع َق ُل من ُه‪ ،‬ول ُه‬
‫ُ‬ ‫َو َمن كا َن ْت ِ‬
‫هذه حال ُه‪،‬‬
‫قولِ ِه تعا َلى‪﴿ :‬ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬
‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﴾ [األعراف‪.]179:‬‬
‫ِ‬
‫العبادات‬ ‫رمضان الستثقالِ ِه ُم‬ ‫فهاء َي ْس َت ْث ِق َ‬
‫لون‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫الس ُ‬ ‫وهؤالء ُّ‬
‫ال ال ُي َص ِّلي إالَّ‬ ‫الجه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫فكثير من هؤالء َّ‬ ‫ٌ‬ ‫والصيامِ‪.‬‬‫الصالة ِّ‬ ‫فيه من َّ‬
‫نوب إالَّ‬ ‫الذ ِ‬ ‫كبائر ُّ‬ ‫ب‬ ‫رمضان إذا صام‪ ،‬وكثير منهم ال يج َتن ِ‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫َ‬
‫نفس ِه مفارق ُتها لمأ ُلوفِها‪،‬‬ ‫عليه‪ ،‬وي ُش ُّق على ِ‬
‫َ‬
‫طول ِ‬ ‫رمضان‪ ،‬ف َي ُ‬ ‫َ‬ ‫يف‬
‫ون‬
‫مصر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫والليالي ليعو َد إلى المعصية‪ ،‬وهؤالء ُّ‬ ‫َ‬ ‫األيا َم‬
‫فهو َي ُع ُّد َّ‬
‫َ‬
‫ومنهم َمن ال َي ْصبِ ُر‬ ‫فهم هلكى‪ُ ،‬‬ ‫مون‪ُ ،‬‬ ‫وهم َي ْع َل َ‬ ‫على ما َف َعلوا ُ‬
‫رمضان‪.‬‬ ‫َ‬ ‫على المعاصي‪ ،‬فهو ِ‬
‫يواق ُعها يف‬ ‫َ‬
‫اإليمان و َز َّينَ ُه يف قلبِ ِه‬
‫َ‬ ‫به خيرا حبب ِ‬
‫إليه‬ ‫فمن أرا َد ُ‬
‫اهلل ِ ً َ َّ َ‬ ‫َ‬
‫اشدين‪،‬‬ ‫الر‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وكَره ِ‬
‫َ‬ ‫فصار من َّ‬ ‫َ‬ ‫والعصيان‬
‫َ‬ ‫والفسوق‬ ‫الكفر‬
‫َ‬ ‫إليه‬ ‫َّ َ‬
‫‪33‬‬
‫‪33‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫ب‬
‫فح َّب َ‬
‫يطان َ‬ ‫نفس ِه فأت َب َع ُه َّ‬
‫الش ُ‬ ‫ومن أراد ِبه شرا خ َّلى بي َنه وبين ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الغاوين‪.‬‬
‫َ‬ ‫فكان ِمن‬
‫َ‬ ‫والعصيان‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫والفسوق‬ ‫الكفر‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫إليه‬

‫ت ِمن نعمٍ! وكم‬ ‫الحذر ِمن المعاصي! فكم َس َل َب ْ‬ ‫َ‬ ‫الحذر‬


‫َ‬
‫ديارا ِمن‬
‫ت ً‬ ‫ت ِمن ديار! وكم ْ‬
‫أخ َل ْ‬ ‫ت ِمن نقمٍ! وكم َخ َّر َب ْ‬ ‫َج َل َب ْ‬
‫ِ‬
‫العصاة بال َّثار! كم‬ ‫أخذ ْت ِمن‬
‫ديار! كم َ‬ ‫م‬ ‫منه‬ ‫ي‬ ‫أهلها فما ب ِ‬
‫ق‬ ‫ِ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ُلهم ِمن آثار!‬ ‫َم َح ْ‬
‫الذن ِ‬
‫ْب ُت ْخشى َو ْه َي ُت ْن َت َظ ُر‬ ‫واق ُب َّ‬‫ع ِ‬ ‫ْب ال َت ْأمن ع ِ‬
‫واق َب ُه‬ ‫الذن ِ‬ ‫يا ِ‬
‫صاح َب َّ‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫َو َل ْي َس لِ ْل َخ ْل ِق ِمن َد َّيانِ ِه ْم َوز َُر‬ ‫س َس ُت ْجزى بِا َّل ِذي ك ََس َب ْت‬
‫َفك ُُّل َن ْف ٍ‬

‫دهر ُهم ك ُّل ُه‬ ‫هؤالء الحمقى ِمن قو ٍم َ‬


‫كان ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫حال‬ ‫أين‬
‫َ‬
‫ونهار ُهم صيا ٌم؟!‬
‫ُ‬ ‫رمضان‪ ،‬لي ُل ُهم قيا ٌم‬
‫َ‬

‫رمضان‪َ ،‬رأ ْت ُه ْم‬


‫َ‬ ‫شهر‬ ‫لف جاري ًة‪َّ ،‬‬
‫فلما َق ُر َب ُ‬ ‫الس ِ‬ ‫قوم ِمن َّ‬ ‫باع ٌ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫بون ل ُه َو َي ْس َت ِع ُّد َ‬
‫فسأ َل ْت ُهم‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫ون باألطعمة وغيرِها‪َ ،‬‬ ‫تأه َ‬ ‫َي َّ‬
‫رمضان؟!‬
‫َ‬ ‫صومون إالَّ‬
‫َ‬ ‫رمضان‪ ،‬فقا َل ْ‬
‫ت‪ :‬وأن ُتم ال َت‬ ‫َ‬ ‫َن َته َّي ُأ لصيا ِم‬
‫رمضان‪ُ ،‬ر ُّدوين ِ‬
‫عليهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كل زمانِ ِهم‬
‫عند قو ٍم ُّ‬
‫ت َ‬ ‫لقد ُكنْ ُ‬

‫‪34‬‬ ‫‪34‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫ف ُ‬
‫الليل‪،‬‬ ‫صالح جاري ًة ل ُه‪َ ،‬‬
‫فلما ان َت َص َ‬ ‫ٍِ‬ ‫بن‬
‫الح َس ُن ُ‬
‫وباع َ‬ ‫َ‬
‫الصالةَ! قالوا‪ :‬أ َط َل َع‬ ‫الد ِار! َّ‬
‫الصال َة َّ‬ ‫ت فنا َد ْت ُه ْم‪ :‬يا َ‬
‫أهل َّ‬ ‫قام ْ‬
‫َ‬
‫ثم جا َء ْت‬ ‫ت‪ :‬وأن ُتم ال ُت َص ُّل َ‬
‫ون إالَّ المكتوبةَ؟! َّ‬ ‫الفجر؟ قا َل ْ‬
‫ُ‬
‫ون إالَّ‬ ‫ٍ‬
‫سوء ال ُي َص ُّل َ‬ ‫ت‪ :‬ب ْع َتني على قو ِم‬ ‫الح َس ِن فقا َل ْ‬
‫إلى َ‬
‫َ‬
‫الفرائض‪ُ ،‬ر َّدين ُر َّدين‪.‬‬

‫الموت‪.‬‬
‫َ‬ ‫فطر َك‬
‫واج َعل َ‬
‫الدنيا ْ‬ ‫الس ِ‬
‫لف‪ُ :‬ص ِم ُّ‬ ‫بعض َّ‬ ‫َ‬
‫قال ُ‬
‫الش ِ‬ ‫صومون ِ‬
‫هوات‬ ‫فيه ِ‬
‫عن َّ‬ ‫َ‬ ‫قين‪َ ،‬ي‬
‫شهر صيا ِم الم َّت َ‬ ‫الدُّ نيا ك ُّلها ُ‬
‫ِ‬
‫صيام ِهم‬ ‫ِ‬ ‫المحر ِ‬
‫الموت‪ ،‬فقد ان َق َضى ُ‬
‫شهر‬ ‫ُ‬ ‫مات‪ ،‬فإذا جا َء ُه ُم‬ ‫َّ‬
‫عيد فطرِ ِهم‪.‬‬
‫واس َت َه ُّلوا َ‬
‫ْ‬
‫ذاك فِ ْطر ِص ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َق ْد صم ُت عن َّلذ ِ‬
‫ات َد ْهرِ َي ُك ِّلها‬
‫يامي‬ ‫َو َي ْ��و َم لقاك ُْم َ ُ‬ ‫َ ُ ْ َ ْ‬

‫ومن‬ ‫‪،‬‬ ‫بعد مماتِ ِ‬


‫ه‬ ‫َمن صا َم اليو َم عن شهواتِ ِه؛ أ ْف َط َر عليها َ‬
‫َ‬
‫اآلخرة وفواتِ ِه‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عوق َب بحرمانِ ِه يف‬
‫قبل وفاتِ ِه‪ِ ،‬‬ ‫َتعج َل ما حرم ِ‬
‫عليه َ‬ ‫ُ ِّ َ‬ ‫َ َّ‬
‫وشاهد ُ‬
‫ذلك‪ :‬قو ُل ُه َتعا َلى‪ ﴿ :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ‬ ‫ُ‬
‫بي ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫وقول النَّ ِّ‬ ‫ﯾ ﯿ‪[ ﴾...‬األحقاف‪.]20:‬‬
‫‪35‬‬
‫‪35‬‬
‫خمتصر كتاب (لطائف املعارف) لإلمام ابن رجب‬

‫ِ‬
‫اآلخرة»‪ ،‬و« َمن‬ ‫لم َي ْش َر ْبها يف‬
‫الخمر يف الدُّ نيا‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫« َمن َش ِر َب‬
‫ِ‬
‫اآلخرة»(‪.)1‬‬ ‫لم َي ْل ْ‬
‫بس ُه يف‬ ‫الحرير يف الدُّ نيا‪ْ ،‬‬
‫َ‬ ‫َلبِ َ‬
‫س‬
‫��ش��ت��اتِ ْ‬ ‫���ب لِ َ‬ ‫دار َش��� َت ٍ‬ ‫ْ������ت يف ِ‬
‫��ك‬ ‫َف��� َت َّ‬
‫���أه ْ‬ ‫���ات‬ ‫أن َ‬
‫���ن َش َ��ه��واتِ ْ‬
‫��ك‬ ‫��م�� َت�� ُه َع ْ‬
‫ُص ْ‬ ‫��و ٍم‬
‫ال��دنْ��ي��ا كَ�� َي ْ‬ ‫اج��� َع ِ‬
‫���ل ُّ‬ ‫َو ْ‬
‫�����و ِم َوف���اتِ ْ‬
‫���ك‬ ‫ِ‬
‫ـ�� َّل��ه يف َي ْ‬ ‫��ر َك ِع�� ْن َ‬
‫��د الـ‬ ‫و ْل��ي��ك ِ‬
‫ُ��ن ف�� ْط ُ‬
‫َ َ ْ‬

‫‪‬‬

‫((( أخرجهما البخاري (‪ ،)5575‬ومسلم (‪ )2003‬عن ابن عمر ‪.‬‬


‫‪36‬‬ ‫‪36‬‬

You might also like