‫والعاشر منه‪ ،‬الذي يطلق عليه تاسوعاء وعاشوراء‪،‬‬ ‫ومن فضائل هذا الشهر املبارك أنه من األشهر‬

‫ُ‬
‫فقد ورد النص يف فضيلة صيام هذه األيام‪ ،‬قال @ ‪:‬‬ ‫احلرم اليت ذكرها هللا يف القرآن فقال ‪ K :‬ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫‪ó‬‬
‫َ ُ َ ْ َ ُ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ ْ ُ َ ِّ َ َّ َ َ‬ ‫ﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ‬
‫السنة‬ ‫للا أن يكفر‬‫‪ِ M‬صيام يو ِم عاشوراء أحت ِسب على ِ‬
‫ً‬ ‫َّ َ َ‬ ‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا وحده‬
‫ال ِت ق ْبل ُه‪[ L‬رواه مسلم]‪ .‬فيكون صوم هذا اليوم سبب�ا ملغفرة‬ ‫ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ‬
‫ﯟ ‪[ J‬التوبة‪ ،] 36 :‬وقد بينها النيب @بقوله ‪:‬‬ ‫ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أما بعد‬
‫الذنوب وتكفري السيئ�ات‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ ََ ٌ َ‬ ‫ْ َ ٌ‬ ‫َّ َ ُ ْ َ َ َ‬
‫ السنة اثن�ا َعش َر ش ْه ًرا ِمن َها أ ْر َب َعة ُح ُر ٌم ثالثة ُمت َوا ِل َيات‬ ‫‪M‬‬ ‫فلقد أمر هللا عباده باالستعداد لليوم اآلخر بالعمل‬
‫ولفضيلة هذا اليوم صامته العرب يف اجلاهلية قبل‬ ‫ُ ْ َ ْ َ َ ُ ْ َّ َ ْ ُ َ َّ ُ َ َ َ ُ ُ َ َ َّ َ ْ َ‬
‫الج ِة والمحرم ‪ ،‬ورجب مضر ال ِذى بي‬ ‫ذو القعد ِة وذو ِ‬
‫ان َع ُاش َ‬
‫ور ُاء َي ْو ًما‬
‫َ َ‬
‫اإلسالم‪ ،‬فعن عائشة < قالت‪M :‬ك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الصالح فقال ‪K :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫َ ُ ُ ُ‬ ‫ْ َ َّ َ َ َ َّ‬ ‫َ ُ ُ ُ َُْ ٌ‬ ‫ُج َمادى َوش ْع َبان‪ L‬متفق عليه‪.‬‬ ‫ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ‪[ J‬البقرة‪،]281:‬‬
‫ب @ يصومه‪L‬‬ ‫الن ُّ‬
‫اه ِلي ِة ‪ ،‬وكان ِ‬
‫تصومه قريش ِف ال ِ‬
‫فهو شهر حرام عظم هللا من شأنه‪ ،‬فحث على‬ ‫وحثهم على املسارعة يف اغتن�ام أعمارهم قبل انقطاع‬
‫[رواه البخاري]‪.‬‬
‫التقرب إليه فيه بالطاعات‪ ،‬ونهى عباده عن ظلم‬ ‫األجل‪ ،‬فقال سبحانه‪K :‬ﭑﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ولما قدم النيب @ املدين�ة رأى اليهود يصومون‬ ‫ََ َ ْ‬
‫أنفسهم فيه املعايص والذنوب فقال ‪ K :‬فل تظ ِل ُموا ِف ِيه َّن‬ ‫[آل‬ ‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‪J‬‬
‫َ َ َ ْ َ ْ ُ َّ َ ُ ُ َ‬
‫ومون ُه‪،‬‬ ‫يوم العاشر‪ ،‬فقال لهم‪ M :‬ما هذا اليوم ال ِذى تص‬ ‫َُْ ُ‬
‫أنف َسك ْم‪J‬‬ ‫عمران‪.]133:‬‬
‫فقالوا‪ :‬هذا يوم عظيم أنىج هللا فيه موىس وقومه وغرق‬
‫ً‬ ‫ولما كان هذا الشهر مختصا بإضافته إىل هللا تعاىل‪،‬‬ ‫ومن فضل هللا على هذه األمة أن هيأ لها مواسم‬
‫فرعون وقومه‪ ،‬فصامه موىس شكرا فنحن نصومه‪.‬‬
‫‪َ M‬ف َن ْح ُن َأ َح ُّق َو َأ ْو َل ب ُم َ ْ ُ ْ‬
‫وس ِمنكم‪L‬‬ ‫ناسب أن خيصه بعمل وعبادة قد أضافها إليه كذلك‪،‬‬ ‫تكرث فيها األجور‪ ،‬وتتنوع فيها العبادات‪ ،‬فيغتنمها‬
‫ِ‬ ‫فقال رسول هللا @‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬
‫فصامه رسول هللا @ وأمر بصيامه‪[ .‬رواه البخاري ومسلم]‪.‬‬ ‫وهي عبادة الصيام‪ ،‬كما يف قوله @‪ M :‬كل َع َم ِل ْاب ِن آد َم‬ ‫املوفق السائر إىل ربه بالعمل الصالح‪ ،‬وقد ورد يف األثر ‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َُ ْ َ َُ ْ َ َ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُ ْ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َ ْ َ َّ َ َّ‬
‫ال َسنة َعش ُر أ ْمثا ِل َها ِإل َس ْب ِع ِمائ ِة ِض ْع ٍف قال‬ ‫يضاعف‬ ‫للا‪ ،‬ف ِإن‬‫ات رحم ِة ِ‬ ‫«افعلوا الي دهركم وتعرضوا ِلنفح ِ‬
‫َ َ ُ َ ْ َ َُ‬ ‫َّ ُ َ َّ َ َ َّ َّ َّ ْ َ َ َّ ُ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ِ َّل ‪َ ‬ن َف َحات م ْن َر ْح َمته ُيص ُ‬
‫ولذلك قال بعض أهل العلم أن صوم يوم عاشوراء‬ ‫للا عز وجل ِإ ال الصوم ف ِإنه ِل وأنا أج ِزى ِب ِه يدع شهوته‬ ‫يب ِب َها َم ْن َيش ُاء ِم ْن‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫كان مفروضا على األمة قبل فرضية صيام رمضان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ع َباده»‪ ،‬ومن تلكم النفحات اليت َّ‬
‫َو َط َع َام ُه ِم ْن أ ْج ِلى‪[ L‬رواه البخاري ومسلم واللفظ له]‪.‬‬ ‫من هللا بها على عباده‬ ‫ِ ِِ‬
‫فلما فرض رمضان نسخ حكم الصيام يف عاشوراء إىل‬ ‫موسم عظيم من مواسم الطاعة‪ ،‬يتقرب فيه العبد‬
‫ّ‬ ‫فمن أخص العبادات يف هذا الشهر الصيام‪ ،‬ولذلك‬
‫االستحباب‪ ،‬فمن شاء صامه ومن شاء أفطر‪ ،‬وقد دل‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪َ M :‬و َأ ْف َض ُل ِّ‬
‫الص َي ِام َب ْعد ش ْه ِر َر َمضان ِص َي ُام‬
‫لربه‪ ،‬راجيا ثوابه ورضاه‪ ،‬إنه موسم شهر هللا املحرم‪.‬‬
‫على ذلك ما رواه البخاري عن عائشة < قالت‪ M:‬كان‬ ‫قال @‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َّ‬
‫ََ ُ َ‬ ‫َأ َم َر بص َي ِام َي ْو ِم َع ُاش َ‬
‫ور َاء ‪ ،‬فل َّما ف ِرض‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ُ ُ َّ‬
‫للا @‬
‫رسول ِ‬ ‫للا ال ُم َح َّر ِم‪[ L‬رواه مسلم]‪ ،‬وقد حمل بعض أهل العلم‬ ‫شه ِر ِ‬ ‫هذا الشهر الذي شرفه هللا ‪ ‬بأن أضافه‬
‫ََْ َ‬
‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫‪M‬وأفض ُل‬ ‫السمه إضافة تشريف وفضل‪ ،‬فقال @ ‪:‬‬
‫َر َمضان كان َم ْن ش َاء َص َام‪َ ،‬و َم ْن ش َاء أف َط َر‪. L‬‬ ‫األفضلية على صيام التطوع املطلق ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ان ص َي ُام َش ْهر َّ ْ ُ‬
‫ِّ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ‬
‫للا المحر ِم‪[L‬رواه‬ ‫ِ ِ‬ ‫الصي ِام بعد شه ِر رمض ِ‬
‫ب ــل كان @ حيثه ــم عل ــى صومه ــم ويرغبه ــم في ــه‪،‬‬ ‫ومن أخص أيام شهر هللا املحرم صياما التاسع‬
‫مسلم]‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫مـــن الصيـــام يف هـــذا الشـــهر الفضيـــل‪ ،‬وأن نتحـــرى‬ ‫فصام ــه الصحاب ــة وصوم ــوا صبي�انه ــم‪ ،‬فع ــن الربي ــع‬
‫صيـــام التاســـع والعاشـــر كمـــا كان يفعـــل النـــي @‬ ‫بن ــت مع ــوذ ب ــن عف ــراء قال ــت أرس ــل رس ــول هللا @‬
‫خصوص ــا ه ــذه األي ــام املعتدل ــة‪ ،‬ال ــي ب ــدأ النه ــار فيه ــا‬ ‫غ ــداة عاش ــوراء إىل ق ــرى األنص ــار ال ــي ح ــول املدينــ�ة‬
‫بالقص ــر واللي ــل بالط ــول‪ ،‬فه ــذه غنيم ــة ب ــاردة‪ ،‬عل ــى‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ً َ ْ ُ َّ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ‬
‫ـــن كان‬ ‫‪ M‬مـــن كان أصبـــح صا ِئمـــا فلي ِتـــم صومـــه وم‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫املشـــمر أن يغتنمهـــا بالعمـــل الصالـــح ‪.‬‬ ‫أ ْص َب ــح ُمف ِط ـ ًـرا فل ُي ِت ـ َّـم َب ِق َّي ــة َي ْو ِم ـ ِـه‪ L‬فكن ــا بع ــد ذل ــك‬
‫وفقنا هللا جميعا لطاعته ‪.‬‬ ‫نصوم ــه ونص ــوم صبي�انن ـ�ا الصغ ــار منه ــم إن ش ــاء هللا‪،‬‬
‫ونذه ــب إىل املس ــجد فنجع ــل له ــم اللعب ــة م ــن العه ــن‪،‬‬
‫ف ــإذا بك ــى أحده ــم عل ــى الطع ــام أعطين�اه ــا إي ــاه عن ــد‬
‫اإلفط ــار‪[ .‬رواه مس ــلم]‪.‬‬

‫ولفضيلـــة هـــذا اليـــوم كان النـــي @ يتحـــرى‬

‫ُ‬
‫صيامـــه‪ ،‬فعـــن ابـــن عبـــاس > قـــال‪َ M :‬مـــا َع ِل ْمـــت‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ـام َي ْو ًم ــا َيت َح ـ َّـرى فضل ـ ُـه َعل ــى األ َّي ـ ِ‬
‫ـام ِإ ال‬ ‫َص ـ َ‬
‫ـي @‬ ‫الن ـ ّ‬
‫ِ‬
‫َ َْ ََ َ َ ََ َْ َ ُ َ َ‬
‫ه ــذا الي ــوم يع ـ ِـى ش ــهر رمض ــان وي ــوم عاش ــوراء‪ [.L‬رواه‬
‫َ َ َْ ْ َ َ ْ‬
‫النســـايئ]‪.‬‬

‫والســـنة أن يصـــوم قبلـــه يـــوم التاســـع ملخالفـــة‬

‫ـاس‬ ‫أه ــل الكت ــاب يف صومه ــم‪ ،‬فع ــن َع ْب ـ َـد َّ ْ َ َ َّ‬
‫للا ب ــن عب ـ ٍ‬ ‫ِ‬
‫ـوراءَ‬ ‫َي ـ ْـو َم َع ُاش ـ َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ُ َّ‬
‫للا @‬ ‫{ ق ــال‪ِ M :‬ح ــن ص ــام رس ــول ِ‬
‫ُ ِّ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ َّ َّ‬
‫للا ِإن ـ ُـه َي ـ ْـو ٌم ت َعظ ُم ـ ُـه‬ ‫ـول‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ـا‬
‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـوا‪:‬‬
‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ـه‬‫ـ‬ ‫ام‬ ‫ي‬‫َو َأ َم ـ َـر بص َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ُ ُ َ َّ َ َ َ َ َ‬
‫للا @‪ :‬ف ِـــإذا كان‬ ‫اليهـــود والنصـــارى‪ ،‬فقـــال رســـول ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬
‫ـاء َّ ُ ُ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ـام ْال ُم ْقبـ ُـل ‪ -‬إ ْن َشـ َ‬
‫ْال َعـ ُ‬
‫اسـ َـع  ‪.L‬‬ ‫للا ‪ -‬صمنــا اليــوم الت ِ‬ ‫ِ ْ ِ‬
‫ْ َ ُ ْ ُ ْ ُ َ َّ ُ ُ ِّ َ ُ ُ َّ‬ ‫َ َ ََ ْ َ‬
‫ق ــال فل ــم ي ــأ ِت الع ــام المق ِب ــل ح ــى ت ــو َف رس ــول ِ‬
‫للا‬
‫@‪.‬‬

‫فعلينـ ـ�ا أن نغتن ــم ه ــذه األي ــام املبارك ــة‪ ،‬ب ــأن نك ــر‬

‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬