Professional Documents
Culture Documents
Cour n3
Cour n3
يمكن تقسيم القواعد القانونية باستخدام معيارين األول من حيث القوة اإللزامية
والثاني من حيث الموضوع.
من خالل تعرفنا على خصائص القاعدة القانونية وجدنا أن كل القواعد القانونية
ملزمة لكن درجة اإللزام تختلف من قاعدة ألخرى ،فبعض القواعد آمرة ال تجوز
مخالفتها واألخرى مكملة يجوز االتفاق على مخالفتها.
-القواعد اآلمرة :هي القواعد القانونية التي تسعى الى ضمان تحقيق النظام
واالستقرار في المجتمع ،وبذلك فهي قواعد تنعدم فيها الحرية الفردية ألنها تجبر
األفراد على احترامها فال يجوز لألفراد االتفاق على تغييرها ،فمثال ال يمكن
لألشخاص أن يتفقوا على تغيير سن الزواج أو التغيير في التزامات التاجر القانونية.
ومن بين القواعد اآلمرة نجد القواعد الخاصة بالنظام العام واآلداب العامة.
-القواعد المكملة :او القواعد المفسرة فهي قواعد يجوز االتفاق على مخالفتها ألنها
مكملة إلرادة األفراد في حالة عدم االتفاق على المسائل التي تنظمها مثال 563 :من
التقنين التجاري والمادة 387من التقنين المدني.
ب -معايير التمييز بين القواعد اآلمرة والقواعد المكملة:
*المعيار الشكلي :فبالرجوع الى صياغة القاعدة القانونية يتبين ان كانت القاعدة آمرة
أو مكملة .فالقواعد اآلمرة تفرض عقوبات على مخالفتها كقواعد قانون العقوبات ،وقد
تنص القاعدة صراحة على عدم جواز االتفاق على مخالفتها مثال المادة 05من التقنين
1
التجاري والمادة 454من التقنين المدني .أو تستخدم كعبارة " ال يمكن أو ال محل ".
وبالمقابل يمكن استنتاج الصفة المكملة للقاعدة القانونية من صياغة النص كالنص
على جواز مخالفتها أو عبارة " مالم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك " أو
استخدام كلمة " يجوز".
لكن هذه العبارات ال تستخدم في كل القواعد القانونية فهناك بعض المواد ال يمكن
استنتاج صفتها ان كانت آمرة أو مكملة اال إذا تم تحليل مضمونها عن طريق االعتماد
على المعيار الموضوعي.
*المعيار الموضوعي :وهو معيار يعنى بدارسة النص القانوني من خالل التعرف على
مدى تعلقه بالمصالح األساسية للمجتمع ،أي إذا كانت القاعدة متعلقة بهذه المسائل فهي
قواعد آمرة وإال فهي مكملة ألنها تنظم المصالح الخاصة لألفراد.
فكل القواعد المتعلقة بالنظام العام أو اآلداب العامة هي قواعد مقيدة لمبدأ سلطان
اإلرادة لما فيها من تحديد للحرية الفردية في التعاقد ،مثال :المادة 97من التقنين
المدني ،فلو تصورنا انه تم ابرام عقد إيجار مستودع فهنا العقد مشروع صحيح ،لكن
إذا كان سبب االستئجار هو تخزين األسلحة فإن السبب غير مشروع مخالف للنظام
العام وبالتالي يبطل العقد (بطالن مطلق).
وتجدر المالحظة إلى أن كل القواعد المتعلقة بالنظام العام واآلداب العامة
تعتبر قواعد آمرة ،ولكن بالمقابل ليست كل القواعد اآلمرة من النظام العام واآلداب
العامة وانما قواعد تسعى إلى حماية أوضاع معينة كالقواعد الخاصة بنقص األهلية
فهي قواعد آمرة ال يجوز لألفراد مخالفتها ولكنها غير متعلقة بالنظام العام ،ونقص
االهلية في المتعاقد يؤدي الى قابلية العقد لإلبطال (بطالن نسبي).
النظام العام فكرة تستعصي بطبيعتها على التحديد ،لكن يمكن ان يعرف النظام
العام على انه مجموعة المصالح والمقومات األساسية التي يقوم عليها كيان مجتمع
2
سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ،فقواعد النظام العام هي تلك التي
يقصد بها تحقيق مصلحة عامة ترجح على كل مصلحة فردية ،ومن ثم وجب على
كل فرد احترامه حتى ولوكان في ذلك تضحية بمصالحهم الخاصة ،وإذا هم
خرجوا على هذا النظام باتفاق خاص كان هذا االتفاق باطال.
*النظام العام :ليس من اليسير تحديد مفهوم النظام العام ،فالقانون يهدف إلى تحقيق
النظام في المجتمع ولكن ليست كل قواعده من النظام العام.
فالنظام العام يتعلق بالمصالح والمقومات األساسية التي يقوم عليها كيان مجتمع
سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ،وال يمكن تصور مجتمع سليم بدونها.
فقواعد النظام العام هي تلك التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة ترجح على
كل مصلحة فردية ،ومن ثم وجب على كل فرد احترامه حتى ولوكان في ذلك
تضحية بمصالحهم الخاصة ،وإذا هم خرجوا على هذا النظام باتفاق خاص كان
هذا االتفاق باطال.
فمثال تعتبر قواعد القانون الجنائي من النظام العام كونها تحقق األمن في المجتمع،
وعموما كل قواعد القانون العام تعتبر من النظام العام كالقانون الدستوري التي
تنظم الدولة نظام الحكم فيها والحريات العامة ،فال يجوز ان تتفق سلطة مع أخرى
على أن تتنازل لها عن كل او جزء من اختصاصها ،وال يجوز ألي فرد التنازل
عن حرياته وحقوقه العامة.
في حين نجد أن قواعد القانون الخاص جلها قواعد مكملة ،ألنها تخص
المعامالت بين األفراد لذا يجوز لهم االتفاق على مخالفتها ،لكن قانون األحوال
الشخصية والقواعد المنظمة للحالة المدنية تعتبرمن النظام العام ألنها تخص النظام
االجتماعي.
3
النظام العام فكرة مرنة تختلف باختالف األزمنة فربما كان التأمين على الحياة
قديما مخالفا للنظام العام ألنه مضاربة على حياة الشخص ،لكنه أصبح االن مشروعا
وغير مخالف للنظام العام.
كما يختلف باختالف األمكنة فالقرض بفائدة في المعامالت المدنية مخالف للنظام
العام في الجزائر طبقا لنص المادة 454من التقنين المدني ،لكنه ليس كذلك في
فرنسا.
*اآلداب العامة :هي مجموعة المبادئ األخالقية الالزمة للمحافظة على توازن
المجتمع واستقراره ،وهنا البد لنا نميز بين اآلداب العامة واألخالق ،فليست كل
قواعد األخالق متعلقة باآلداب العامة ،فهذه األخيرة هي الحد األدنى من قواعد
االخالق الالزم للحفاظ على كيان المجتمع.
وبطبيعة الحال تتأثر اآلداب العامة بالعادات والتقاليد والدين ،لذا فاآلداب العامة
مفهوم نسبي يختلف باختالف األزمنة واألمكنة ،مثال :في المجتمع اإلسالمي ال
يجوز التعايش بين رجل وامرأة خارج فكرة الزواج ،في حين أن هذا التعايش يرتب
آثارا قانونية في دول غربية .وبما أن اآلداب العامة في مجتمعنا اإلسالمي وطيدة
الصلة بالدين ،فنجدها ال تتغير بتغير الزمان عكس المجتمعات الغربية التي تعتبر
فيها اآلداب العامة معيارا مرنا .مثال :الوصية لالبن غير الشرعي كانت مخالفة
لآلداب العامة في فرنسا ،لكنها أصبحت مشروعة وله الحق أيضا في النفقة (قانون
جويلية .)1955
4