You are on page 1of 4

‫تقسيم القواعد القانونية‬

‫يمكن تقسيم القواعد القانونية باستخدام معيارين األول من حيث القوة اإللزامية‬
‫والثاني من حيث الموضوع‪.‬‬

‫‪ -1‬تقسيم القواعد القانونية من حيث قوة إلزاميتها‪:‬‬

‫من خالل تعرفنا على خصائص القاعدة القانونية وجدنا أن كل القواعد القانونية‬
‫ملزمة لكن درجة اإللزام تختلف من قاعدة ألخرى‪ ،‬فبعض القواعد آمرة ال تجوز‬
‫مخالفتها واألخرى مكملة يجوز االتفاق على مخالفتها‪.‬‬

‫أ‪-‬مفهوم القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‪:‬‬

‫‪ -‬القواعد اآلمرة‪ :‬هي القواعد القانونية التي تسعى الى ضمان تحقيق النظام‬
‫واالستقرار في المجتمع‪ ،‬وبذلك فهي قواعد تنعدم فيها الحرية الفردية ألنها تجبر‬
‫األفراد على احترامها فال يجوز لألفراد االتفاق على تغييرها‪ ،‬فمثال ال يمكن‬
‫لألشخاص أن يتفقوا على تغيير سن الزواج أو التغيير في التزامات التاجر القانونية‪.‬‬
‫ومن بين القواعد اآلمرة نجد القواعد الخاصة بالنظام العام واآلداب العامة‪.‬‬
‫‪ -‬القواعد المكملة‪ :‬او القواعد المفسرة فهي قواعد يجوز االتفاق على مخالفتها ألنها‬
‫مكملة إلرادة األفراد في حالة عدم االتفاق على المسائل التي تنظمها مثال‪ 563 :‬من‬
‫التقنين التجاري والمادة ‪ 387‬من التقنين المدني‪.‬‬
‫ب‪ -‬معايير التمييز بين القواعد اآلمرة والقواعد المكملة‪:‬‬
‫*المعيار الشكلي‪ :‬فبالرجوع الى صياغة القاعدة القانونية يتبين ان كانت القاعدة آمرة‬
‫أو مكملة‪ .‬فالقواعد اآلمرة تفرض عقوبات على مخالفتها كقواعد قانون العقوبات‪ ،‬وقد‬
‫تنص القاعدة صراحة على عدم جواز االتفاق على مخالفتها مثال المادة ‪ 05‬من التقنين‬
‫‪1‬‬
‫التجاري والمادة ‪ 454‬من التقنين المدني‪ .‬أو تستخدم كعبارة " ال يمكن أو ال محل "‪.‬‬
‫وبالمقابل يمكن استنتاج الصفة المكملة للقاعدة القانونية من صياغة النص كالنص‬
‫على جواز مخالفتها أو عبارة " مالم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك " أو‬
‫استخدام كلمة " يجوز"‪.‬‬
‫لكن هذه العبارات ال تستخدم في كل القواعد القانونية فهناك بعض المواد ال يمكن‬
‫استنتاج صفتها ان كانت آمرة أو مكملة اال إذا تم تحليل مضمونها عن طريق االعتماد‬
‫على المعيار الموضوعي‪.‬‬
‫*المعيار الموضوعي‪ :‬وهو معيار يعنى بدارسة النص القانوني من خالل التعرف على‬
‫مدى تعلقه بالمصالح األساسية للمجتمع‪ ،‬أي إذا كانت القاعدة متعلقة بهذه المسائل فهي‬
‫قواعد آمرة وإال فهي مكملة ألنها تنظم المصالح الخاصة لألفراد‪.‬‬
‫فكل القواعد المتعلقة بالنظام العام أو اآلداب العامة هي قواعد مقيدة لمبدأ سلطان‬
‫اإلرادة لما فيها من تحديد للحرية الفردية في التعاقد‪ ،‬مثال‪ :‬المادة ‪ 97‬من التقنين‬
‫المدني‪ ،‬فلو تصورنا انه تم ابرام عقد إيجار مستودع فهنا العقد مشروع صحيح‪ ،‬لكن‬
‫إذا كان سبب االستئجار هو تخزين األسلحة فإن السبب غير مشروع مخالف للنظام‬
‫العام وبالتالي يبطل العقد (بطالن مطلق)‪.‬‬
‫وتجدر المالحظة إلى أن كل القواعد المتعلقة بالنظام العام واآلداب العامة‬
‫تعتبر قواعد آمرة‪ ،‬ولكن بالمقابل ليست كل القواعد اآلمرة من النظام العام واآلداب‬
‫العامة وانما قواعد تسعى إلى حماية أوضاع معينة كالقواعد الخاصة بنقص األهلية‬
‫فهي قواعد آمرة ال يجوز لألفراد مخالفتها ولكنها غير متعلقة بالنظام العام‪ ،‬ونقص‬
‫االهلية في المتعاقد يؤدي الى قابلية العقد لإلبطال (بطالن نسبي)‪.‬‬
‫النظام العام فكرة تستعصي بطبيعتها على التحديد‪ ،‬لكن يمكن ان يعرف النظام‬
‫العام على انه مجموعة المصالح والمقومات األساسية التي يقوم عليها كيان مجتمع‬

‫‪2‬‬
‫سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية‪ ،‬فقواعد النظام العام هي تلك التي‬
‫يقصد بها تحقيق مصلحة عامة ترجح على كل مصلحة فردية‪ ،‬ومن ثم وجب على‬
‫كل فرد احترامه حتى ولوكان في ذلك تضحية بمصالحهم الخاصة‪ ،‬وإذا هم‬
‫خرجوا على هذا النظام باتفاق خاص كان هذا االتفاق باطال‪.‬‬
‫*النظام العام‪ :‬ليس من اليسير تحديد مفهوم النظام العام‪ ،‬فالقانون يهدف إلى تحقيق‬
‫النظام في المجتمع ولكن ليست كل قواعده من النظام العام‪.‬‬
‫فالنظام العام يتعلق بالمصالح والمقومات األساسية التي يقوم عليها كيان مجتمع‬
‫سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية‪ ،‬وال يمكن تصور مجتمع سليم بدونها‪.‬‬
‫فقواعد النظام العام هي تلك التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة ترجح على‬
‫كل مصلحة فردية‪ ،‬ومن ثم وجب على كل فرد احترامه حتى ولوكان في ذلك‬
‫تضحية بمصالحهم الخاصة‪ ،‬وإذا هم خرجوا على هذا النظام باتفاق خاص كان‬
‫هذا االتفاق باطال‪.‬‬
‫فمثال تعتبر قواعد القانون الجنائي من النظام العام كونها تحقق األمن في المجتمع‪،‬‬
‫وعموما كل قواعد القانون العام تعتبر من النظام العام كالقانون الدستوري التي‬
‫تنظم الدولة نظام الحكم فيها والحريات العامة‪ ،‬فال يجوز ان تتفق سلطة مع أخرى‬
‫على أن تتنازل لها عن كل او جزء من اختصاصها‪ ،‬وال يجوز ألي فرد التنازل‬
‫عن حرياته وحقوقه العامة‪.‬‬
‫في حين نجد أن قواعد القانون الخاص جلها قواعد مكملة‪ ،‬ألنها تخص‬
‫المعامالت بين األفراد لذا يجوز لهم االتفاق على مخالفتها‪ ،‬لكن قانون األحوال‬
‫الشخصية والقواعد المنظمة للحالة المدنية تعتبرمن النظام العام ألنها تخص النظام‬
‫االجتماعي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫النظام العام فكرة مرنة تختلف باختالف األزمنة فربما كان التأمين على الحياة‬
‫قديما مخالفا للنظام العام ألنه مضاربة على حياة الشخص‪ ،‬لكنه أصبح االن مشروعا‬
‫وغير مخالف للنظام العام‪.‬‬
‫كما يختلف باختالف األمكنة فالقرض بفائدة في المعامالت المدنية مخالف للنظام‬
‫العام في الجزائر طبقا لنص المادة ‪ 454‬من التقنين المدني‪ ،‬لكنه ليس كذلك في‬
‫فرنسا‪.‬‬
‫*اآلداب العامة‪ :‬هي مجموعة المبادئ األخالقية الالزمة للمحافظة على توازن‬
‫المجتمع واستقراره‪ ،‬وهنا البد لنا نميز بين اآلداب العامة واألخالق‪ ،‬فليست كل‬
‫قواعد األخالق متعلقة باآلداب العامة‪ ،‬فهذه األخيرة هي الحد األدنى من قواعد‬
‫االخالق الالزم للحفاظ على كيان المجتمع‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال تتأثر اآلداب العامة بالعادات والتقاليد والدين‪ ،‬لذا فاآلداب العامة‬
‫مفهوم نسبي يختلف باختالف األزمنة واألمكنة‪ ،‬مثال‪ :‬في المجتمع اإلسالمي ال‬
‫يجوز التعايش بين رجل وامرأة خارج فكرة الزواج‪ ،‬في حين أن هذا التعايش يرتب‬
‫آثارا قانونية في دول غربية‪ .‬وبما أن اآلداب العامة في مجتمعنا اإلسالمي وطيدة‬
‫الصلة بالدين‪ ،‬فنجدها ال تتغير بتغير الزمان عكس المجتمعات الغربية التي تعتبر‬
‫فيها اآلداب العامة معيارا مرنا‪ .‬مثال‪ :‬الوصية لالبن غير الشرعي كانت مخالفة‬
‫لآلداب العامة في فرنسا‪ ،‬لكنها أصبحت مشروعة وله الحق أيضا في النفقة (قانون‬
‫جويلية ‪.)1955‬‬

‫‪4‬‬

You might also like