You are on page 1of 28

‫‪14‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫ألجل الإحاةل اإىل هذا املقال‪:‬‬


‫قاوقو‪ ،‬حمجوبة‪" ،‬النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‪ :‬من املالحظة الالكرتونية اإىل اإعادة‬
‫كتابة ا ألثر الرمقي"‪ ،‬ديناميات اجامتعية اإفريقية‪ ،‬اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪،2023 ،5‬‬
‫ص‪https://revues.imist.ma/index.php/RASHS/index 41-14.‬‬

‫ِّ ْ ُ‬
‫النتنوغر افيا منهجا للبحث السوسيولوجي واألنثربولوجي‪:‬‬
‫من املالحظة االلكترونية إلى إعادة كتابة األثرالرقمي‬
‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫محجوبة قاوقو‬

‫ملخص‪:‬‬
‫تسعى هذه الورقة اإىل مقاربة النِّتْنُوغرافيا مكفهوم ومكهنج انىشء يف البحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬
‫داخل الفضاء الرمقي‪ .‬س ينتظم اش تغالنا داخلها وفق حمورين أأساس يني‪ :‬سيتجه التحليل يف ا ألول مهنام‬
‫حنو حتديد مفهوم النتنوغرافيا يف عالقته ابلإثنوغرافيا؛ بيامن سريكز التحليل يف احملور الثاين عىل اس تجالء‬
‫خصوصيات البحث النتنوغرايف بوصفه ممارسة مهنجية تفتح أفاقا واعدة للبحث الاجامتعي‪ ،‬كام تكشف‬
‫أأيضا عن حدود وإاكراهات يلزم أأ ْن يعهيا الباحث قصد اختاذ التدابري الالزمة اليت تسمح هل ابلستامثر‬
‫املُعقلن للاثر الرمقية اليت تتيحها ا ألرش يفات الاجامتعية الإلكرتونية املفتوحة ألجل اإعادة كتابهتا كتابة‬
‫سوس يولوجية أأو أأنرثبولوجية‪ ،‬تبعا حلقل اش تغاهل‪ .‬سنستند يف بناء منت هذه الورقة البحثية عىل‬
‫املطول داخل فضاءات الش باكت الاجامتعية الرمقية‪،‬‬ ‫املالحظات امليدانية اليت رامكناها كنتاجٍ لنغامس نا ِّ‬
‫وعىل تأأمالتنا يف تكل التجربة البحثية اخلاصة‪ ،‬أأو ما ميكن أأ ْن نس ِّميه ابلنِّتْنُوغرافيا اذلاتية منظورا اإلهيا‬
‫نعاكيس للباحث النِّتْنُوغرايف يف جتربته امليدانية داخل الفضاء الرمقي‪.‬‬ ‫كدراسة تأأملية قامئة عىل تفك ٍري ا ٍِّ‬
‫الكامت املفتاحية‪ :‬اإثنوغرافيا‪ ،‬أأنرثوبولوجيا‪ ،‬ا ألثر الرمقي‪ ،‬ش بكة اجامتعية‪ ،‬مالحظة اإلكرتونية‪ ،‬مهنج‬
‫سوس يولويج‪ ،‬نتْنُوغرافيا‪.‬‬

‫‪ 1‬مت تنفيذ هذه املنشورة (بشلكٍ جزيئ) بدمع من اجمللس العريب للعلوم الاجامتعية يف اإطار منحة مقدمة من مؤسسة‬
‫اكرنيجي يف نيويورك لربانمج الزمالء الناش ئني يف دورته الثامنة‪ .‬ا ِّإن الترصحيات والراء الواردة هنا تكون من مسؤولية‬
‫املؤل ِّفة وحدها‪.‬‬
‫‪ 2‬أأس تاذة حمارضة مؤهةل يف عمل الاجامتع ‪ -‬املركز اجلهوي ملهن الرتبية والتكوين‪ -‬القنيطرة‪.‬‬
‫‪hajibakaoukaou@gmail.com‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
15

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

Netnography as a Method of Sociological and Anthropological


Research: From Online Observation to a Rewriting of Digital
Traces

Mahjouba KAOUKAOU

Abstract: This study aims to examine netnography as a concept, and as a


rising qualitative method in the sociological and anthropological research
sphere. The paper will be organized into two sections. In the first section, we
will delimit the notion of netnography based on the classical definitions given
to it. In the second section, we will focus on exploring the specificities of
netnography as a methodological practice that opens up promising prospects
for social research, and which also reveals the limitations and pros that a
researcher needs to be aware of to deal appropriately with the digital traces
and rewrite it in a sociological and anthropological way. The ideas and
conceptions illustrated in this paper are derived from our long-term online
observation in the digital social networks. Hence, in our reflection through
this paper, we will draw on our personal experience, or what we might call
auto-netnography, viewed as a retrospective study based on the
netnographer’s self-reflection in his/her own fieldwork experience within the
digital space.
Keywords: Anthropology, digital trace, Ethnography, method,
netnography, online observation, social netwok.

ISSN: 2737-856X 2023 ،5 ‫ العدد‬،‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‬


‫‪16‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫تقدمي‪:‬‬
‫دارس للسوس يولوجيا يف صيغهتا النظرية عندما يبارش معلية احلفر يف تراهثا‪ ،‬مبا هو جينيالوجيا‬ ‫اإن لك ٍ‬
‫تريد العودة ل ألصول ا ألوىل‪ ،‬فاإنه يف عودته تكل يعيد اختبار حلظة ميالد السوس يولوجيا كام خربها‬
‫الرواد ا ألوائل‪ ،‬وكام نقلوها نظراي عرب مؤلفاهتم اليت قَعدوا فهيا ذلاك احلقل املعريف‪ٍ ،‬‬
‫كعمل وكحرفة‪ .‬اإننا‬
‫نمتثل حلظة امليالد تكل بشلك واحض وحنن نقر أأ لإميل دوراكمي "‪ "Durkheim Emile‬وهو حياول‬
‫حرص جمالت السوس يولوجيا‪ ،‬وترس مي حدودها‪ ،‬عرب حتديد موضوعها والقواعد املهنجية ملامرس هتا‪ ،1‬كام‬
‫نعاين الانشغال عينه وحنن نقر أأ لسان س ميون"‪ "Saint-Simon‬ومارس يل موس "‪"Marcel Mauss‬‬
‫‪ ،2‬وغريمه من علامء الاجامتع اذلين اعتنَوا بسؤال التأأسيس‪ .‬لقد ظل الاعتقاد سائدا‪ ،‬ول يزال‪ ،‬بأأن‬
‫حلظة اخملاض تكل اكنت واحدة‪ ،‬وانهتت‪ُ .‬ودل معها العمل اخملصوص لها واكمتل بناؤه عندما أأرسيت قواعده‬
‫و ُحدِّد موضوعه‪ .‬ذلكل فاإن املفاهمي نفسها والإجراءات املهنجية ذاهتا ظلت ش به اثبتة يُعاد اس تحضارها‬
‫يف املناجه التعلميية‪ -‬أالاكدميية اخلاصة بتدريس السوس يولوجيا‪ ،‬وذكل يف أأفق التمرن عىل احلرفة عرب ضبط‬
‫أأسسها‪ ،‬والتحمك يف أأدواهتا‪ ،‬مث المترس هبا عىل املدى البعيد‪.‬‬
‫لكن طبيعة التحولت الكربى اليت عرفهتا اجملمتعات املعارصة يف احلقبة الرمقية مبا رافقها من ٍ‬
‫بروز‬
‫إطار مو ِّج ٍه لإعادة التفكري يف الوجود‬
‫لكياانت اجامتعية جديدة تُعرف وتُفهَم عىل ضوء مقوةل الافرتاضية اك ٍ‬
‫الاجامتعي بمتظهراته اخملتلفة داخل الفضاء الرمقي‪ ،‬أأصبحت تسائل اليوم من جديد لك ا ألطر النظرية‬
‫واملهنجية اليت لطاملا فكِّر من داخلها رواد البحث السوس يولويج وا ألنرثوبولويج‪ ،‬و َمن اقتفى أأثرمه‪.‬‬
‫ذكل اإننا وحنن نبحث يف سوس يولوجيا الفضاء الرمقي نكون كام لو أأننا نعيد اختبار ما يش به حلظة ٍ‬
‫خماض‬
‫لشلك جديد من املامرسة السوس يولوجية وا ألنرثوبولوجية‪ ،‬يعاد مبوجهبا طرح سؤال التأأسيس‬ ‫جديدة ٍ‬
‫النظري‪ ،‬وسؤال املهنج؛ وذكل ابلنظر اإىل الإشاكلت املتعددة اليت يواهجها الباحث مع لك خطوة‬
‫مهنجية خيطوها وهو منغمس يف معهل امليداين داخل الفضاء الرمقي‪ ،‬ومع لك حماو ٍةل للتأأطري النظري‬

‫‪1‬‬
‫‪Durkheim, Emile, « La Sociologie et son domaine scientifique », Collection : Les‬‬
‫‪classiques des sciences sociales, édition électronique réalisée par Jean-Marie‬‬
‫‪Tremblay, 1900, pp.1-20. Disponible sur : http://classiques. uqac.ca/ classiques/‬‬
‫‪Durkheim_emile/textes_1/textes_1_01/socio_scientifique.pdf (consulté le :‬‬
‫)‪16/07/2022‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Saint-Simon, Claude-Henri, La physiologie sociale : œuvres choisies, (1er 1813),‬‬
‫‪Paris : Presses universitaires de France, 1965; Durkheim, Emile, « La Sociologie et‬‬
‫‪son domaine scientifique », op.cit.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪17‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫ملوضوعه والتعبري عنه نظراي‪-‬مفاهمييا‪ .‬ا ِّإن الباحث املُراج َع ل ألدبيات املُنت َجة هبذا اخلصوص يرصد طبيعة‬
‫اللغة اجلديدة اليت أأصبحت تُوظف يف العقود ا ألخرية من قبل الباحثني يف اإطار سعهيم لصياغة عُد ٍة‬
‫نظرية ومفاهمي ِّية جديدة تسمح مبواكبة تكل التحولت والتعبري عهنا بلغة سوس يولوجية و أأنرثبولوجية مالمئة‬
‫تعكس خصوصية المتظهرات اجلديدة للوجود الاجامتعي‪ .‬حيث أأصبحنا نعاين اس تخدام مفاهمي من‬
‫قبيل‪ :‬امجلاعات الإلكرتونية‪ ،‬السكن الافرتايض‪ ،‬التفاعل الإلكرتوين‪" ،‬الرابط الاجامتعي الإلكرتوين"‪3‬‬

‫الالعالقات الافرتاضية وغريها من املفاهمي ا ألخرى العاكسة لتكل المتظهرات الاجامتعية‪.‬‬


‫املوظف من ق َبل الباحثني‪ ،‬بقدر ما يعكس واقعا اجامتع ِّيا‬ ‫ا ِّإن طبيعة هذا احلقل املفاهميي اجلديد َ‬
‫جديدا ل يزال يف طور التشلك‪ ،‬ألن صورته ل تزال غري مكمتةل بسبب التغري املس متر يف بنيته؛ فاإنه‬
‫يعكس أأيضا مدى تعقد ذكل الواقع املرصود والظواهر والكياانت الرمقية الناش ئة داخهل‪ ،‬واليت تنفلت‬
‫من التحديد املوضعي الفزييقي‪ ،‬كام تنفلت من التحديد املفاهميي‪-‬النظري ادلقيق‪ ،‬جراء التغريات اليت‬
‫يشهدها الفضاء الرمقي اجلامع لها‪ ،‬سواء من حيث الشلك أأو املضمون‪ .‬ونفهَم‪ ،‬عىل ضوء ذكل‪ ،‬كيف‬
‫أأنه وبعد مرور أأزيد من عقدين من الزمن عىل ظهور ش باكت التواصل الاجامتعي الرمقية مبختلف صيغها‬
‫و أأشاكلها‪ ،‬والاتساع الكبري حلجم مس تخدمهيا‪ ،‬ل زلنا نعاين تردد الباحثني وشكِّيِّهتم إازاء املفاهمي املوظفة‬
‫يف وصف الفضاء الرمقي‪ ،‬وما حيدث داخهل‪ .‬وت َْصدُ ق هذه املالحظة عىل الإطار املهنجي أأيضا‪ .‬حيث‬
‫َعرف العقد املنرصم من هذا القرن احتدام النقاش بني الباحثني يف العلوم الاجامتعية حول مدى‬
‫مَشوعية احلديث عن مسأأةل التجديد املهنجي ارتباطا مبا أأصبح يُصطلح عليه اليوم ابملناجه الرمقية أأو‬
‫'الافرتاضية'‪ ،‬ومدى مالءمة تقنيات البحث الالكس ييك خلصوصية الفضاء الرمقي‪ ،‬ومدى موثوقية‬
‫املعطيات اليت ُجتمع داخهل‪ ،‬ومدى فعالية أأفقها التفسريي؛ وذكل يف ظل افتقارها يف كث ٍري من ا ألحيان‬
‫اإىل عدد من املؤرشات اليت تستند اإلهيا تقنيات البحث الالكس ييك يف تأأويل املعطيات وفهمها‪ ،‬وعىل‬
‫ر أأسها املعطيات السوس يو‪-‬دميوغرافية‪.‬‬

‫‪ 3‬أأنظر ‪ :‬قاوقو‪ ،‬حمجوبة‪" ،‬الهوية الالدينية الرمقية ومفهوم العائةل الإلكرتونية‪ :‬حنو مقاربة جديدة ملفهوم الرابط الالديين‬
‫الإفرتايض"‪ .‬هسربيس متودا‪ ،‬العدد‪ ،2020 ،55 :‬ص‪ .414 -411 .‬متت أخر زايرة للموقع بتارخي‪2023-11-15 :‬‬
‫‪https://www.hesperis-tamuda.com/Downloads/2020/fascicule-4/19.pdf‬‬
‫لبد و أأ ْن نشري هنا اإىل أأننا مقنا بتح ِّيني عدد من املعطيات البيبلوغرافية يف هذا املقال وذكل بعد خضوعه لخر حتكمي‬
‫س بق مبارشة معلية النَش يف اجملةل‪ ،‬وهذا هو ما يربر اختالف توارخي الاطالع عىل بعض املقالت الإلكرتونية‪،‬‬
‫واستامثرها يف املنت‪.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪18‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫اإننا نقر مبوجب هذه الورقة البحثية‪ ،‬و أأخرى س بقهتا‪ ،4‬أأن البحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‪،‬‬
‫لِكهام‪ ،‬يعيشان اليوم حتولت براديغمية كربى هتم هجازهام املفاهميي وإاطارهام املهنجي يف ضوء التحولت‬
‫اليت يشهدها العامل يف ظل احلقبة الرمقية؛ وذكل جراء التكنولوجيا العالية ادلقة اليت ِّغريت لك ِّيا شلك‬
‫اجملمتع‪ ،‬ومسحت بظهور أأشاكلٍ اجامتعية جديدة‪ ،‬ما اكن ميكن التنبؤ هبا مع بداية نشأأة السوس يولوجيا‬
‫وا ألنرثوبولوجيا‪ .‬اإن اجليل الرمقي قد افْ َ َرت َض جيال جديدا من املناجه‪ ،‬أأو عىل ا ألقل صيغة ُمكيفة للمناجه‬
‫الالكس يكية تطورت داخهل برجميات عالية ادلقة للمعاجلة المكية للمعطيات الضخمة‪ ،‬كام تطورت‬
‫اإجراءات مهنجية جديدة‪ ،‬يف اجلانب الكيفي‪ ،‬ألجل مالحظة وتتبع الكياانت الاجامتعية الناش ئة كام‬
‫تعكسها امجلاعات الإلكرتونية‪ ،‬والتفاعالت وا ألنشطة السوس يو‪-‬اإلكرتونية اليت ينتجها 'املبحرون' عىل‬
‫صفحات مواقع الش باكت الاجامتعية بفضاءاهتا الافرتاضية‪.‬‬
‫تسعى هذه الورقة البحثية اإذن اإىل مساءةل ومناقشة العنرص الثاين املندرج مضن هذا اجليل اجلديد‬
‫للمناجه؛ أأ ْي الشق الكيفي املتعلق ابملالحظة الإلكرتونية أأو املالحظة النِّتْنوغرافية " ‪netnographic‬‬
‫‪ "observation‬واملنضوية أأساسا داخل املهنج النِّتنوغرايف‪ .‬حيث س نعمل داخلها عىل اس تكشاف ما‬
‫تثريه املامرسة املهنجية النتنوغرافية من قضااي وإاشاكلت تتعلق بدراسة ا ألثر الرمقي ابعتباره املادة اخلام‬
‫اليت يش تغل هبا وعلهيا الباحث الاجامتعي يف سعيه حنو اإنتاج ٍِّنص نتْنوغرايف‪ .‬سيتجه معلنا يف البداية‬
‫نقدي موجز ومركز لبعض ا ألدبيات املن َت َجة حوهل واليت عىل‬ ‫حنو حتديد مفهوم النتنوغرافيا عرب ٍ‬
‫حفص ٍ ِّ‬
‫ضوهئا س نقوم ابإعادة التفكري يف املفهوم قصد ضبط حدوده ادلللية عىل ضوء بنيته الرتكيبية؛ بيامن س نعمل‬
‫يف مرحةل اثنية عىل اس تكشاف خصوصيات النِّتنوغرافيا "‪ "Netnography‬مكامرسة مهنجية انش ئة‬
‫تفتح فرصا أأرحب يف البحث الاجامتعي؛ لكهنا تكشف أأيضا عن حدود وإاكراهات‬ ‫تتيح اإماكانت‪ ،‬و ُ‬
‫تقتيض البحث عن الطرق والاسرتاتيجيات املهنجية املالمئة للتعاطي معها‪.‬‬
‫نتاج ما اس تخلصناه من مالحظاتنا وتأأمالتنا‬ ‫ونشري هنا اإىل أأن ا ألفاكر املقدمة يف هذه الورقة تشلك َ‬
‫اخلاصة يف جتربتنا البحثية امليدانية داخل الفضاء الرمقي عىل امتداد عقد من الزمن؛ وذكل ْعرب متوقعنا‬
‫فيه من لكتا الوضعيتني‪ :‬وضعية الباحثة‪/‬املالحظة احملايدة للجامعات الإلكرتونية والش باكت الاجامتعية‬

‫‪ 4‬قاوقو‪ ،‬حمجوبة‪" ،‬براديغم الش بكة الاجامتعية الافرتاضية‪ :‬حنو اإعادة ترس مي حقل السوس يولوجيا وجمالهتا"‪ ،‬جمةل‬
‫ابحثون‪ ،‬العدد ‪ ،6‬أأبريل‪-‬يونيو ‪ ،2019‬ص‪107-95 .‬؛ قاوقو‪ ،‬حمجوبة‪" ،‬اجملمتع الافرتايض وإاشاكلية جتديد مهنج‬
‫البحث السوس يولويج‪ :‬حنو بناء منوذج دلراسة التفاعالت الإلكرتونية بواسطة احلاسوب"‪ ،‬جمةل معران العدد ‪،29‬‬
‫اجملدل الثامن‪ ،‬صيف ‪ ،2019‬ص‪ .114-89.‬متاح عىل الرابط الإلكرتوين‪:‬‬
‫‪( https://bookstore.dohainstitute.org/p-1654.aspx‬اترخي أخر زايرة للموقع ‪)2022/07/16 :‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪19‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫الرمقية احلاضنة لها‪ ،‬مث وضعية الفرد‪-‬املنغمس اذلي يشلك جزءا من اجملمتع الرمقي املدروس‪ُ ،‬‬
‫وخيترب جتاربه‬
‫عرب املالحظة ابملشاركة‪ .‬ذلا فاإن مهنجية البحث اليت اعمتدانها يف هذه ادلراسة ميكن أأ ْن ندرهجا حتت‬
‫نعاكيس للباحث النِّتْنُوغرايف يف‬
‫امس النِّتْنُوغرافيا اذلاتية منظورا اإلهيا كدراسة تأأملية قامئة عىل تفك ٍري ا ٍِّ‬
‫جتربته امليدانية اذلاتية داخل الفضاء الرمقي من خمتلف الزوااي‪ ،‬وذكل عرب استامثر املالحظات املس متدة‬
‫من لكتا الوضعيتني املشار اإلهيام أأعاله‪.‬‬

‫أأول‪ -‬الإثنوغرافيا‪ :‬حتديد املفهوم وأأ ْش َكة جمال املامرسة البحثية‬


‫يس تدعي احلديث املبديئ عن الإثنوغرافيا يف أأصلها الاش تقايق اليوانين مفهومني أأساس يني يَظهران‬
‫مكح ِّددين مركزي ْني يف خمتلف البناءات التعريفية لهذا اجملال هام‪ :‬امجلاعة والوصف الكتايب لها‪ .‬قد ينصب‬
‫ذكل الوصف اإما عىل امجلاعة يف بعدها املوسع يف خمتلف تفاصيلها‪ ،‬أأو قد يكون ابلرتكزي عىل بعض‬
‫املؤسسات أأو الوحدات الصغرى داخلها‪ .‬تتحدد الإثنوغرافيا بذكل ابعتبارها نوعا من ادلراسة العلمية‬
‫املُع ِّمقة ل"التفاعالت الاجامتعية والسلواكت والتصورات اليت تربز داخل مجموعات أأو فرق أأو مؤسسات‬
‫أأو جامعات"‪ .5‬ذلكل فهيي بوج ٍه عام تُعرف كدراسة لثقاف ٍة ما‪ ،‬أأو ألحد متظهراهتا‪ .‬وتَت تكل ادلراسة عرب‬
‫املالحظة ابملشاركة‪ ،‬املمتدة زمنيا‪ ،‬وعرب الوصف الكتايب ادلقيق ملكوانهتا الثقافية أأو منط عيش أأفرادها‬
‫يف فرتة زمنية حمددَة يقوم فهيا الباحث ابلنغامس ’التام‘ داخل امجلاعة املقصودة ابلبحث بغرض معاينة‬
‫تفاعالت ا ألفراد وسلواكهتم ومواقفهم كام َيه‪ ،‬يف خمتلف وضعيات احلياة اليومية‪.‬‬
‫جيدُ هذا املهنج أأصوهل يف ادلراسات ا ألنرثوبولوجية للمجمتعات القروية الصغرى (النائية يف الغالب)‬
‫واليت ابرشها يف بداية القرن العَشين‪ ،‬وعىل امتداد فرتات طويةل‪ ،‬بعض الباحثني ك"برونيسالف‬
‫مالينوفسيك" "‪ "Malinowski Bronislaw‬و" أألفريد رادلكيف‪-‬براون" "‪Alfred Radcliffe-‬‬
‫‪ "Brown‬وغريهام من الباحثني ا ألنرثوبولوجيِّني اذلين وثقوا احلياة اليومية لتكل اجملمتعات و أأنظمهتا‬
‫العقدية؛ ويه املقاربة املهنجية اليت تبناها لحقا أأعضاء مدرسة ش ياكغو السوس يولوجية‪ ،‬وطبقوها يف‬
‫دراس هتم للحياة الاجامتعية اليومية لعدد من املناطق احلرضية‪ ،6‬لتتسع بعد ذكل تطبيقات ذكل املهنج‬
‫يف جمالت متعددة‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Reeves, Scott et al, « Qualitative Research Methodologies: Ethnography », British‬‬
‫‪Medical Journal, vol.337, n° 7668, 2008. pp.512-514. Retrieved from:‬‬
‫)‪Doi:10.1136/bmj.a1020 (Accessed: 16 June 2022‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Ibidem.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪20‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫يكشف لنا التعريف املقدم أأعاله ل إالثنوغرافيا أأن ا ألمر يتعلق ٍ‬


‫مبهنج كيف ِّ ٍي يقوم فيه الباحث جبمع‬
‫املعطيات من امليدان اعامتدا عىل توليفة من التقنيات وا ألدوات اليت متكنه من ذكل‪ ،‬واليت قد خيتار‬
‫اإحداها‪ ،‬أأو قد يزاوج بيهنا من قبيل‪ :‬املالحظة أأو اإجراء املقابالت‪ ،‬أأو التصوير الفوتوغرايف ملشاهد‬
‫احلياة اليومية‪ ،‬أأو التسجيالت املصورة وغريها‪ .‬وتمكن قوة الإثنوغرافيا يف هذه القدرة التوليفية القامئة‬
‫عىل تعبئة طرائق مهنجية متعددة يف مجع البياانت‪ .7‬حيث ميكن للباحث أأ ْن يعمتد التِّثْليث أأو الرتبيع‬
‫املهنجي ألجل تنويع التقنيات ومصادر مجع املعطيات‪ ،‬وتعميق البحث خبصوص القضااي أأو الظواهر‬
‫الاجامتعية املدروسة‪.‬‬
‫معل تشار ٍ ِّك يتضافر‬‫ويشلك الَّسد وال َعرض هنا الآلية ا ألساس ية اليت يَت من خاللها بناء املعىن عرب ٍ‬
‫فيه الع َمل املُنتظم وامل ُ َمهنج للباحث‪ ،‬واجملهود التلقايئ أأو املوجه للمشارك يف البحث‪ .‬ذكل أأ ِّن الفرد‬
‫املقصود ابملالحظة يُنتج املعىن من خالل معلية العرض اخلاريج ألفاكره وأرائه ومشاعره اليت يس تعرضها‬
‫الَّسد الشفهيي لتجاربه وخرباته‪ ،‬وعرب حراكته وإامياءاته اجلسدية‪ .‬هذا بيامن يُعيد الباحث بناء املعىن‬ ‫عرب ِّ‬
‫الَّسد‪ ،‬ومن خالل التقاط‬ ‫معليت العرض و ِّ‬
‫من خالل تسجيل وتدوين لك املعطيات املعروضة اإابن ْ‬
‫املشاهد ادلِّ اةل وإاعادة قراءهتا عن طريق الاش تغال عىل التفاصيل ادلقيقة اليت متكن الباحث عرب معلية‬
‫"الوصف املكثف"‪ 8‬من المتيزي بني الغمزة ورمشة العني‪ 9‬عىل حد تعبري لكيفورد غريتز " ‪Geertz‬‬
‫‪ ،"Clifford‬و"نقل مشاهد غنية ومشولية لرؤى ا ألفراد‪ ،‬و أأفعاهلم‪ ،‬وطبيعة ا ألماكن اليت يقطنوهنا"‪10‬؛‬
‫كام تسمح ملتلقي النص املكتوب أأ ْن يَفهم وحييط خبصوصيات اجملمتع املدروس‪.‬‬
‫تقوم معلية اإنتاج النص الإثنوغرايف املكتوب من طرف الباحث عىل اإعادة هيكة وعرض‬
‫كييب حتلييل يس تجمع من خالهل ادلللت واملفاهمي املفككة‪ ،‬ويقمي‬ ‫معل تر ٍِّ‬
‫املعطيات من جديد عن طريق ٍ‬
‫يؤول تكل املعطيات‪ ،‬ويفهم بعضها عىل‬ ‫بيهنا ش بكة من العالقات‪ .‬ويكون غرضه من ذكل الربط هو أأ ْن ِّ‬
‫ضوء الخر‪ ،‬عرب استنطاق املشاهد والوقائع املنقوةل وصفا‪ ،‬مث اس تنباط املعىن مهنا مبارشة دون الاستناد‬

‫‪7‬‬
‫‪S. Reeves, et al, «Qualitative Research Methodologies: Ethnography», op.cit.,‬‬
‫‪p.512.‬‬
‫‪ 8‬ي ِّ‬
‫وظ ُف الباحثون يف الغالب هذا املفهوم عىل اعتبار أأنه يعود اإىل لكيفورد غريتز‪ ،‬لكن حىت وإا ْن اكن غريتز يوظفه‬
‫مفصال يف دللته‪ ،‬اإل أأنه يشري بوضوح ومنذ البداية أأنه يس تعري املفهوم من غيلربت رييل‬‫ويقف عنده بشلك مطول ِّ‬
‫‪.Gilbert Ryle‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Geertz, Clifford., The Interpretation of Cultures, New York: Clifford sic Books,‬‬
‫‪1973. p.6-7.‬‬
‫‪10‬‬
‫‪S. Reeves, et al, «Qualitative Research Methodologies: Ethnography», op. cit.,‬‬
‫‪p. 512.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪21‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫موهجات خارجية ق ْبلية‪ .‬ألن الغاية من الثنوغرافيا ليس هو اختبار فرضية ما‪ ،‬بل اس تكشاف‬ ‫اإىل ِّ‬
‫طبيعة ظاهرة اجامتعية معينة‪ 11‬كام تكشف عن نفسها ميدانيا؛ وتقدمي دراسة وصفية‪ -‬حتليلية للثقافات‬
‫هميكة تشلك موضوع مالحظ ٍة‬ ‫املدروسة‪12‬؛ تقوم عىل تأأويل املعطى عرب الاش تغال عىل عنارص غري َ‬
‫تفسري من طرف الباحث‪.13‬‬ ‫ٍ‬
‫ووصف و ٍ‬
‫تندرج هذه التحديدات املفاهميية‪ ،‬املقدمة أأعاله‪ ،‬مضن التعريفات الالكس يكية ل إالثنوغرافيا؛‬
‫وت َْصدق علهيا بشلك عام يف مشوليهتا‪ ،‬أأخذا بعني الاعتبار الصيغ اليت تطورت ومتظهرت هبا من خالل‬
‫خمتلف ادلراسات الإثنوغرافية اليت ترامكت داخل هذا احلقل منذ بروزه اإىل حدود هناية القرن العَشين‪.‬‬
‫لكن التطورات اليت شهدها البحث الإثنوغرايف يف العقود ا ألخرية جعلت هذا احلقل يتضمن فروعا‬
‫تتباين يف طرق اش تغالها تبعا ملوقع الباحث‪ ،‬وطبيعة موضوع املالحظة وامليدان اذلي ُجت َرى فيه‪ .‬تمتثل‬
‫هذه الفروع يف "الإثنوغرافيا اذلاتية" و"امليتا‪-‬اإثنوغرافيا"‪ ،‬مث "الإثنوغرافيا الإلكرتونية"‪ ،14‬أأوالإثنوغرافيا‬
‫الرمقية‪.15‬‬
‫تشلك أأفاكر الباحث وتصوارته اليت يس تخلصها انطالقا من تفاعالته الاجامتعية اخلاصة العنرص‬
‫ا ألساس يف البحث الثنوغرايف‪-‬اذلايت؛ أأي أأ ِّن جتربته اذلاتية يه اليت متثل موضوع مالحظة تأأملية‪،16‬‬
‫يك؛ وعىل ضوهئا يعيد "وصف وتأأويل النصوص الثقافية‪ ،‬واملعتقدات واملامرسات"‪17‬‬ ‫نقدية‪ ،‬وموضو َع ح ٍ ِّ‬
‫ُ‬
‫اخلارجية‪ .‬ويعين ذكل أأن الباحث الاجامتعي عوض تقليص مساحة تدَ خل ذاتيِّته يف البحث‪ ،‬ف إان ِّه حيرص‬

‫‪11‬‬
‫‪Atkinson, Paul & Martyn Hammersley, «Ethnography and Participant‬‬
‫‪Observation», Handbook of Qualitative Research, 1994, pp. 248-261. Retrieved‬‬
‫‪from: http://hevra.haifa.ac.il/~soc/lecturers/sgooldin/files/6461181041799.pdf‬‬
‫)‪(Accessed: 15 June 2022‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Barbour, Joann Danelo, « Leader Paradoxes and Critical Ethnographies »,‬‬
‫‪Academic Exchange Quarterly, vol. 11, n° 2, 2007, pp.117-121.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Reeves, et al, «Qualitative Research Methodologies: Ethnography», op.cit., p.513.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪Ibidem.‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Pink, Sarah et al., Digital Ethnography: Principles and Practice, London: Sage‬‬
‫‪Publications, 2015.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪Ellingson Laura L. & Ellis Carolyn, « Autoethnography as constructionist project»,‬‬
‫‪in Handbook of constructionist research, James A. Holstein & Jaber F. Gubrium‬‬
‫‪(Eds), New York: Guilford Press, 2008, pp.445-466; Marechal, Garance,‬‬
‫‪«Autoethnography», in Encyclopedia of case study research, Albert J. Mills,‬‬
‫‪Gabrielle Durepos & Elden Wiebe (éd.), Thousand Oaks, CA: Sage Publications vol.‬‬
‫‪2, 2010, pp. 43–45.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪Adams, Tony E. Jones, Stacy Holman & Carolyn Ellis, «Autoethnography»,‬‬
‫‪International Encyclopedia of Communication Research Methods, 2017. pp. 1-11.‬‬
‫)‪Retrieved from: Doi:10.1002/9781118901731.iecrm0011 (Accessed: 15 June 2022‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
22

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫ عىل توس يعها عرب بناء النص علهيا يف اإطار نوعٍ من التفكري الانعاكيس‬،‫بشلك مقصود‬ ٍ ‫ و‬،‫بدَ ل ذكل‬
‫اإثنوغرافيا فا ِّإن نصوص البحث ذاهتا يه اليت تشلك‬-‫ أأما يف امليتا‬.)self-reflection( ‫املرتد حنو اذلات‬
‫؛ هذا بيامن تقوم النِّتْنُوغرافيا عىل‬18‫ ليَت انطالقا مهنا اإنتاج أأفاكر ومعارف جديدة‬،‫موضوع حتليل وتركيب‬
،‫توس يع نطاق اس تعامل املفاهمي التقليدية للبحث الإثنوغرايف وتطبيقها يف دراسة الفضاء الرمقي معوما‬
.‫وامجلاعات الإلكرتونية عىل وجه اخلصوص‬
،‫ وكذا النقاش حولها مكامرسة مهنجية‬،‫ولنئ اكنت الاس تعاملت والبناءات النظرية ملفهوم النِّتْنُوغرافيا‬
‫بشلك واحض اإل يف العقد ا ألول من هذا القرن كنتاج لظهور وتطور ش باكت التواصل الاجامتعي‬ ٍ ‫مل تربز‬
‫ خبصائصها التفاعلية؛ فا ِّإن الاش تغال ابملهنج النِّتْنوغرايف قد انطلق منذ‬2.0 ‫وادلخول يف حقبة الإنرتنيت‬
،‫بداية التسعينات مع عدد من الباحثني ا ألنكوساكسون ِّيني اذلين اهمتوا بدراسة امجلاعات الإلكرتونية‬
‫ وشريي تورلك‬19"‘Sandy’ Stone" ‫ كام هو احلال مع ساندي س تون‬،‫ومسأأةل الهوية بشلك خاص‬
Robert " ‫ مع روبرت كوزينت‬1995 ‫ وقد مت التأأسيس للمفهوم ألول مرة س نة‬.20Sherry Trukl
‫ وط ِّبقها يف عدد من ادلراسات‬212009 ‫" اذلي قَ ِّعد لها مهنجيا يف مؤلفه املنشور س نة‬Kozinets
.22‫ارتباطا مبجال التسويق والاس هتالك‬

18
Britten, Nicky, et al., « Using meta ethnography to synthesize qualitative research:
a worked example », Journal of health services research & policy, vol.7, n°4, 2002,
pp.209-215.
19
Allucquère Rosanne, Stone, «Will the real body please stand up», in Michael
Benedikt (dir), Cyberspace: first steps, Cambridge: MIT Press, 1991, pp.81-118;
Stone, Allucquère Rosanne, The war of desire and technology at the close of the
mechanical age, MIT press, 1996.
20
Turkle, Sherry, The second self: computers and the human spirit, New York:
Simon and Schuster, 1991; Turkle, Sherry, Life on the Screen: Identity in the Age of
the Internet, New York: Simon & Schuster, 1995.
21
Kozinets, Robert V., Netnography: Doing Ethnographic Research Online,
London: Sage, 2009.
22
Kozinets, Robert V, "On Netnography: Initial Reflections on Consumer Research
Investigations of Cyberculture", in: Alba, Joseph W., and J. Wesley Hutchinson
(dir.), NA- Advances in Consumer Research, Vol.25, Provo, UT: Association for
Consumer Research, 1998, p.366-371; Kozinets, Robert V, « The field behind the
screen: Using netnography for marketing research in online communities », Journal
of marketing research, vol. 39, n°1, 2002, pp.61-72. Retrieved from:
Doi:10.1509/jmkr.39.1.61.18935. (Accessed: 15 June 2022)
Kozinets, Robert V, “Click to Connect: Netnography and Tribal Advertising”,
vol.39, n° 1, Journal of Advertising Research. vol. 46, n° 3, 2006, pp.279–288.
Retrieved from: Doi:10.2501/S002184990606033 (Accessed: 17 June 2022);

ISSN: 2737-856X 2023 ،5 ‫ العدد‬،‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‬


‫‪23‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫ظهرت النِّتْنُوغرافيا يف هذا الس ياق مكفهوم حييل اإىل املهنج الإثنوغرايف ُمطبِّقا عىل الفضاء الرمقي‬
‫هبدف فهم خمتلف املامرسات اليت تَت فيه والظواهر والكياانت الاجامتعية اليت تنشأأ وتتطور داخهل‪.‬‬
‫حيث اإن َصدْ ر لكمة ن ْتنُوغرافيا أأ ْي "‪ "Netno‬يف أأصهل الاش تقايق صي َغ قياسا عىل صدْ ر لكمة‬
‫اإثنوغرافيا‪ ،‬أأ ْي "‪ ،"Ethno‬وذكل يف اإطار نوعٍ من التكيِّيف املصطلحي مراعاة خلصوصية الفضاء‬
‫املبىن واملعىن‪ ،‬بوصفها موضوعا‬ ‫املدروس عرب اس تدماج مفهوم الش بكة "‪ "Network‬أأو"‪ "Net‬يف َ‬
‫لكن ا ْإن اكنت الكمة اخملترصة "نت"‪ Net/‬حتيل يف ا ألصل‬ ‫و أأداة للبحث النِّتْنُوغرايف يف الوقت نفسه‪ْ .‬‬
‫الاش تقايق الإجنلزيي اإىل معىن الش بكة بشلك عام‪ ،‬فا ِّإن الإحاةل املقصودة ابلتدقيق يف هذا الس ياق‬
‫التكنولويج اخلاص يه الش بكة التقنية‪-‬الافرتاضية الالمتناهية‪ ،‬أأو "ش بكة الش باكت"‪ 23‬بتعبري بيري‬
‫ميسو "‪."Pierre Musso‬‬
‫مكهنج صاع ٍد هل خصوصياته اليت متزيه هو اذلي ِّيربر اليوم اس تعامل‬ ‫اإن احلديث عن النِّتْنوغرافيا هنا ٍ‬
‫توصيف الإثنوغرافيا الالكس يكية أأو الثنوغرافيا التقليدية‪ ،‬واذلي نوظفه يف هذه الورقة‪ ،‬ويوظفه غريان‬
‫من الباحثني‪ 24‬يف س ياق َع ْقد املقارنة بني املهنجني الثنوغرايف والنِّتْنُوغرايف بغرض متيزي أأحدهام عن‬
‫الخر‪ .‬لكن ينبغي أأ ْن نأأخذ بعني الاعتبار أأ ِّن وصف لِكس ييك أأو تقليدي ل حييل هنا عىل أأ ٍ ِّي دلةل‬
‫جتاوزي يؤسس ملنطق القطيعة‬ ‫ٍ ِّ‬ ‫بديل أأو‬
‫مكهنج ٍ‬‫قدحية قد يُفهم مهنا أأننا حناول تقدمي النِّتْنُوغرافيا ٍ‬
‫ا إلبس متولوجية‪ ،‬ويؤرش بذكل عىل هناية مرحةل من البحث الإثنوغرايف وبداية أأخرى‪ .‬ذكل أأن الإثنوغرافيا‬
‫مكهنج رصني يف البحث الاجامتعي مادام اجملمتع املادي قامئا‪ ،‬ومادامت‬ ‫س تظل دامئا حمافظة عىل ماكنهتا ٍ‬
‫تؤسس للك ممارسة‬ ‫امجلاعات املُشَ ِّكة هل‪ ،‬أأو اليت تتشلك داخهل‪ ،‬تظل يه ا ألصل والقاعدة اليت ِّ‬
‫سوس يولوجية أأو أأنرثبروبولوجية‪ ،‬مبا يف ذكل النِّتْنُوغرافيا ذاهتا؛ بل اإن امجلاعات الإلكرتونية نفسها ل‬
‫ميكهنا أأ ْن تكون يف غياب ذكل اجملمتع املادي اذلي خيلق تكل امجلاعات‪ ،‬عرب فاعليِّة أأفراده و أأنشطهتم‬
‫التفاعلية الرمقية‪.‬‬
‫ذلا فتوصيف لِكس ييك أأو تقليدي ل حييل هنا سوى عىل كون الإثنوغرافيا يه ا ألصل‪ ،‬مبعناه‬
‫التأأسييس‪ ،‬اذلي تتفرع عنه النِّتْنُوغرافيا وتس متد منه مبادهئا ا ألولية وقواعدها و أأدواهتا املهنجية‪ .‬كام أأ ِّن‬

‫‪Kozinets, Robert V, "Netnography: The marketer’s secret weapon", White paper,‬‬


‫)‪2010, pp.1-13. Retrieved from : https://bit.ly/3joMROl (Accessed : 15 June 2022‬‬
‫‪23‬‬
‫‪Musso, Pierre, Critique des réseaux, Paris : Presse Universitaires de France, 2003,‬‬
‫‪p.309.‬‬
‫‪24‬‬
‫‪Josiane Jouet, Coralie Le Caroff, « L’observation ethnographique en ligne », dans :‬‬
‫‪Christine Barat (dir), Manuel D’analyse de Web, Collection Sciences Humaines et‬‬
‫‪Sociales, Paris : Armand Colin, 2013, p.147.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪24‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫املؤسس‪ ،‬مع اإقرار عنرص‬ ‫التوصيف هبذا املعىن يتضمن اس تحضارا لتارخيية ذكل احلقل املهنجي ِّ‬
‫الاس مترارية فيه‪ ،‬مقابل حداثة الفرع الناشئ‪ .‬ويفيد ذكل أأن النِّتْنُوغرافيا تشلك صيغة جديدة للمامرسة‬
‫الإثنوغرافية‪ ،‬هذا مع اس مترار اش تغال املهنجني‪ ،‬الإثنوغرايف والنِّتْنُوغرايف معا‪ ،‬عىل حنو متو ٍاز وتاكميل‪،‬‬
‫ابلشلك اذلي تقتضيه الصيغتان الراهنتان اللتان أأصبحت تمتظهر هبام احلياة الاجامتعية‪ :‬أأ ْي املادية‬
‫والرمقية‪.‬‬
‫وإاذا‪ ،‬أأخذان بعني الاعتبار التعريفات الالكس يكية ل إالثنوغرافيا بصورهتا التقليدية كام مارسها الرواد‬
‫ا ألوائل‪ ،‬وكام ل تزال قامئة ومس مترة؛ جند أأن ا ألرضية ا ألساس ية اليت يَت فهيا‪ ،‬ويتأأسس علهيا العمل‬
‫الثنوغرايف يه أأرضية امليدان املادي‪ ،‬جبغرافيته‪ ،‬وحدوده الرتابية املعروفة اليت يقوم الباحث بتعييهنا‬
‫حرص عينة البحث‪ .‬أأما اإذا أأخذان بعني الاعتبار التفريع‬ ‫بدقة أأثناء توصيفه جملمتع ادلراسة وذكل قصد ْ‬
‫الثاليث املشار اإليه أأعاله (الإثنوغرافيا اذلاتية‪ ،‬امليتا‪-‬اإثنوغرافيا‪ ،‬الإثنوغرافيا الإلكرتونية‪/‬الرمقية أأو‬
‫النِّتْنُوغرافيا) فاإننا نالحظ أأن العمل الإثنوغرايف يف ظل التحولت التكنولوجية اليت شهدها العامل يف‬
‫ميار َس داخل ميدانني متباينني من حيث البنية‬ ‫احلقبة الرمقية‪ ،‬أأصبح يمتظهر ببعدين‪ ،‬وصار ابلإماكن أأ ْن َ‬
‫والطبيعة ومنطق الاش تغال‪ :‬ا ألول مادي‪ ،‬كام َعرفته ول تزال الإثنوغرافيا الالكس يكية؛ والثاين‬
‫اإلكرتوين‪’ ،‬افرتايض‘‪ .‬ويعين ذكل أأ ِّن معلية املالحظة أأحضت تَت بصيغتني‪ ،‬تبعا لمتظهرات احلياة‬
‫الاجامتعية يف بُعدهيْ ا املادي والرمقي‪ :‬أأ ْي املالحظة ’املادية‘ (الفزييقية) واملالحظة الإلكرتونية أأو‬
‫النِّتْنُوغرافية‪.‬‬
‫كام تكشف لنا املالحظة التأأملية ملكوانت ذكل التفريع الثاليث أأنه‪ :‬ا ْإن اكنت الثنوغرافيا بشلك عام‬
‫تظل الرباديغم ا ألمشل اذلي تندرج فيه لك التفريعات املشار اإلهيا سابقا أأو غريها‪ ،‬فاإن الإثنوغرافيا‬
‫اذلاتية‪ ،‬كام امليتا‪-‬اإثنوغرافيا‪ ،‬ي ْق َبالن الانطباق‪ ،‬يف اعتقادان‪ ،‬عىل لِك امليدا ْنني‪ :‬املادي والافرتايض؛ أأما‬
‫النِّتْنُوغرافيا‪ ،‬ابلصفة والتعريف‪ ،‬مفيداهنا هو الفضاء الرمقي‪ .‬ذلكل فا ْإن اكنت الإجراءات والضوابط املهنجية‬
‫تعارفا علهيا‪ ،‬كام قَعدَ لها الرواد ا ألوائل‪ ،‬وكام‬
‫اليت حتمك العمل الإثنوغرايف يف امليدان املادي حمددة و ُم َ‬
‫تعكسها ا ألدبيات املرتامكة يف هذا الصدد واليت أأرشان اإىل بعضها أنفا؛ فا ِّإن ا ألمر ليس س يان ابلنس بة‬
‫للنِّتْنُوغرافيا‪.‬‬
‫سيس ُكل الباحث عندما تغيب اجلغرافيا املادية اليت من‬ ‫اإن الإشاكل اذلي يُطرح هنا هو‪ :‬كيف ْ‬
‫املفروض أأ ْن يتحرك ويمتوقع داخلها فزييقيا‪ ،‬وعندما تغيب احلدود الرتابية‪ ،‬ويصبح املبحوث اكئنا رمقيا‬
‫لماداي‪’ ،‬يبحر‘ داخل فضاء مفتوح‪ ،‬ل متنا ٍه؟ هل يصح الالكم هنا‪ ،‬فعال‪ ،‬عن بروز نوع جديد من‬ ‫ِّ‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪25‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫املامرسة الإثنوغرافية اليت تتشلك وفق خصوصيات الفضاء الرمقي‪ ،‬أأم أأن البحث الاجامتعي الكيفي‬
‫املطبق عىل ذكل الفضاء ل خيرج عن نطاق املامرسة املأألوفة يف البحث الإثنوغرايف التقليدي؟ وإا ْن اكن‬
‫يصح احلديث عن اإثنوغرافيا خاصة ابلفضاء الرمقي‪ ،‬مفا اذلي ميزيها عن نظريهتا اليت ت َُامرس داخل امليدان‬
‫املادي؟ وإا ْن اكنت طبيعة البيئة اليت ُجت َرى فهيا قد ت َطرح اإشاكلت مهنجية عىل الباحث املش تغل علهيا‪،‬‬
‫فكيف تمتظهر تكل الإشاكلت؟ وما يه الضوابط اليت ينبغي أأ ْن ت ِّ‬
‫ُوجه الباحث أأثناء اإجنازه لبحثه قصد‬
‫جتاوزها أأو التعاطي معها عىل حن ٍو خيدم البحث السوس يولويج‪ ،‬ويسامه يف فتح أفاق أأوسع لستامثر‬
‫املعطيات الرمقية؟‬

‫اثنيا‪ -‬النِّتْنُوغرافيا مكامرسة مهنجية بني فرص البحث وإاكراهاته‬


‫بقدر ما أأصبح العامل الرمقي يُغري ا ألفراد ابلبوح‪ ،‬والكشف‪ ،‬واس تعراض ا ألفاكر وا ألجساد‬
‫وا ألنشطة اليومية‪ ،‬ف إان ِّه أأصبح يُغري أأيضا الباحثني‪ ،‬الأاكدمييني أأو الهواة؛ وذكل ابلنظر اإىل غزارة‬
‫املعطيات الرمقية املُن َتجة داخهل‪ ،‬واليت تبدو كام لو أأهنا تقدِّم نفسها‪ ،‬وبدون عناء‪ ،‬مكوضوعٍ تلقا ٍ ِّيئ للبحث‪،‬‬
‫جاهز يف أأ ِّي وقت لإعادة البناء والتحليل‪ .‬وقد تزايد هذا الإغراء جراء التقدم التكنولويج الهائل يف‬
‫جمال صناعة الربجميات اخلاصة مبعاجلة وحتليل املعطيات الضخمة "‪ "Big data‬واليت أأصبحت تُستمثر‬
‫لكن رمغ الإماكانت الهائةل اليت‬ ‫يف جمالت عدة مكجال التسويق التجاري والس ياس ية والصحة وغريها‪ْ .‬‬
‫توف ِّ ُرها هذه الربجمات يف قياس اجتاهات الر أأي واملواقف ويف رصد أأمناط الاس هتالك وغريها من‬
‫السلواكت الإنسانية؛ فاإهنا تظل مع ذكل تكشف عن احملدودية نفسها اليت لطاملا َو َ َمست مناجه البحث‬
‫المكية‪ .‬أأ ْي كوهنا متنح اإماكنية كبرية لرصد املواقف والراء والاجتاهات العامة‪ ،‬لكن يعوزها العمق‪ ،‬ول‬
‫توفر اإماكنية لفهم الظواهر والسلواكت الاجامتعية والولوج اإىل التجارب الإنسانية يف معقها‪ .‬وكام تق ِّد ُم‬
‫لتحري العمق وإاغناء البحث المكِّي؛ فا ِّإن املهنج‬‫املناجه الكيفية ممثةل يف املهنج الإثنوغرايف‪ ،‬سبيال مهنجيا ِّ‬
‫النتنوغرايف يربز‪ ،‬ابعتباره ذكل السبيل املهنجي املوازي ل ألول‪ ،‬يوفر هو الخر تقنيات وأآليات مهنجية‬
‫زمن ممتد‪ ،‬ويف اجتاهات متعددة‪.‬‬ ‫لتَتبع الظواهر الناش ئة داخل الفضاء الرمقي‪ ،‬ومالحظة تطورها يف ٍ‬
‫لكن ا ْإن اكن واقع البحث الاجامتعي يف الفضاء الرمقي قد أأ ْمىل عىل ادلِّ ارسني هل وض َع تفريع ٍ جدي ٍد‬
‫داخل حقل الإثنوغرافيا‪ ،‬فا ِّإن ذكل مردِّه مالحظة عدد من التباينات أأثناء تطبيق املهنج الإثنوغرايف‬
‫داخل ذكل الفضاء مقارنة مع تطبيقاته املهنجية املعتادة سابقا‪ .‬إا ْذ اإن الصعوابت اليت واهجها الباحثون يف‬
‫ميدان غري ميدانه املادي املأألوف‪ ،‬والإجراءات البديةل اليت اقرتحوها‬ ‫حماولهتم تزنيل ذكل املهنج داخل ٍ‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪26‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫ألجل التعاطي معها عرب تكييف املهنج الإثنوغرايف تبعا ملقاس الفضاء الرمقي ورشوطه‪ ،‬يه اليت جعلت‬
‫احلديث ممكنا اليوم عن اإثنوغرافيا خاصة ابلفضاء الرمقي‪ ،‬لها مزاايها بقدر ما لها عيوهبا ونقائصها‪.‬‬
‫س نخصص هذا احملور اإذن ملناقشة خصوصيات الاش تغال ابملهنج النِّتنوغرايف‪ ،‬عرب الوقوف عند‬
‫الفرص اليت يتيحها للباحث املش تغل به‪ ،‬مث الإكراهات اليت َ ُحتد من الإماكانت اليت يوفرها هل‪ .‬ولقد‬
‫اخرتان أأ ْن نتناول هذا احملور من خالل مخس نقط أأساس ية يه‪ 25:‬الاخنراط املتقطع‪ ،‬املكشوفية الرمقية‪،‬‬
‫املبحوث املفرتض‪ ،‬التأأويل امل ُ َط ِّبق رمقيا‪ ،‬التدفق املعلومايت‪ ،‬مث مسأأةل حرص جمال املالحظة‪ .26‬ول بد‬
‫من الإشارة هنا أأن هذه النقط ل تشلك حرصا شامال خلصائص املهنج النِّتْنُوغرايف‪ ،‬بل تركزيا عىل‬
‫أأمهها؛ أأي تكل اليت ميكننا اعتبارها مداخل كربى ملقاربة الإشاكلت املهنجية ا ألساس ية اليت يطرهحا‬
‫الاش تغال بذكل املهنج‪.‬‬

‫‪ -1‬النتنوغرافيا ومفهوم الاخنراط املتقطع‪:‬‬


‫عندما نتأأمل التعريفات اليت قُ ِّدمت ل إالثنوغرافيا عىل اختالف س ياقاهتا فاإننا جند أأهنا يف مجملها‬
‫ابملبىن وهو مفهوم الإنغامس‪ .‬ولنئ اكن هذا املفهوم‬ ‫تمتحور حول مفهوم أأسايس قد ُحيال اإليه ابملعىن أأو َ‬
‫املقوم ا ألساس اذلي يقوم عليه املهنج الإثنوغرايف يف لكِّ ِّيته‪ ،‬فاإن ا ألمر س ِّيان ابلنس بة للمهنج‬
‫يشلك ِّ‬
‫النِّتْنوغرايف‪ .‬ذكل أأن دراسة الفضاء الرمقي تَت يه ا ألخرى عرب الاخنراط داخل اجملمتع الافرتايض‬
‫ومالحظة خمتلف التفاعالت وا ألنشطة اليت حتدث داخهل‪ ،‬واحلرص عىل رصدها وتسجيلها كام يه‪27‬؛‬
‫هذا مع تكيِّيف معلية املالحظة تبعا للَشوط اليت ميلهيا الفضاء الرمقي عىل الباحث الاجامتعي‪ .‬ذلا فاإن‬
‫السؤال اذلي يُثار يف هذا املس توى يمتحور حول خصوصية ذكل الاخنراط‪ ،‬والكيفية اليت جيري هبا‪.‬‬

‫س بق لنا أأ ْن و أأ َ ْ‬
‫رشان‪ ،‬وبشلك مقتضب‪ ،‬لهذه املداخل امخلسة يف ورقة علمية لنا منشورة ابللغة الاجنلزيية بعنوان‪:‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪Netnography: towards a new sociological approach of qualitative research in the‬‬


‫‪ digital age‬ويه الورقة اليت قدمناها عىل هامش النسخة الثالثة من املؤمتر ادلويل حول مناجه البحث المكية‬
‫والكيفية يف العلوم الاجامتعية‪3rd International Conference on Quantitative and Qualitative :‬‬
‫)‪ Methods for Social Sciences (QQR’21‬اذلي انعقد يف يوليوز من س نة ‪ .2021‬أأنظر الإحاةل الاكمةل‬
‫للمرجع املقدمة أأسفهل‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫‪Kaoukaou, Mahjouba, “Netnography: towards a new sociological approach of‬‬
‫‪qualitative research in the digital age”, SHS Web of Conf. Vol 119, n° 01006, 2021,‬‬
‫‪p.1-7. Retrieved from: Doi: https://doi.org/10.1051/shsconf/202111901006‬‬
‫)‪(Accessed: 20 July 2022‬‬
‫قاوقو‪" ،‬اجملمتع الافرتايض وإاشاكلية جتديد مهنج البحث السوس يولويج"‪ ،‬مرجع مذكور‪ ،‬ص‪.94.‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪27‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫ا ْإن اكن ذكل النوع من العمل القامئ عىل املالحظة وتسجيل معطيات امليدان اذلي يقوم به‬
‫النِّتْنوغرايف هو نفسه اذلي لطاملا قام به الباحثون الاجامتعيون يف معلهم الإثنوغرايف املأألوف؛ فاإن ما‬
‫ميزي هذا الشلك من الإثنوغرافيا امل ُ َكيفة هو طبيعة الفضاء الاجامتعي اذلي تُ َفعل داخهل املالحظة‬
‫النِّتْنُوغرافية‪ ،‬ومينحها خصوصيهتا‪ .28‬إا ْذ أأ ِّن اإحدى أأمه اخلصائص اليت حتددها حبسب كريس تني هاين‬
‫" ‪ "Christine Hine‬يه كوهنا تقوم عىل "الاخنراط املتقطع‪ ،‬ول تقتيض الانغامس التام ‪-‬يف امليدان‪-‬‬
‫عىل مدى زمين طويل"‪ 29‬ومتصل‪ ،‬كام هو احلال يف الإثنوغرافيا الالكس يكية‪.‬‬
‫ويُعزى ذكل الاخنراط املتقطع‪ ،‬يف نظران‪ ،‬اإىل طبيعة جمال البحث والإكراهات املرتبطة به من‬
‫هجة؛ مث الإماكانت اليت يتيحها من هجة اثنية‪ .‬ألنه ا ْإن اكن الباحث النِّتْنُوغرايف َجيدُ نفسه خالل فرتة‬
‫املالحظة يمتوقع يف الن نفسه بني فضاءين‪ :‬أأحدهام افرتايض والخر مادي؛ فاإنه جيد نفسه أأيضا مطالبا‬
‫يف لك حلظة بأأ ْن يغادر أأحدهام‪ ،‬بشلك مؤقت و’جزيئ‘‪ ،‬لينخرط يف الخر؛ إا ْذ ل ميكنه الانغامس لك ِّيا‬
‫موسوما ابل َب ْينِّية القامئة عىل احلضور ’ املوازي‪-‬النس يب‘‬
‫فهيام معا‪ ،‬يف الن نفسه‪ .‬ا ِّإن اخنراطه بذكل يكون ُ‬
‫بني فضاءين خمتلفني من حيث الشلك والطبيعة؛ وخصوصي ُة الفضاء الرمقي ُ‬
‫ومنطق اش تغاهل هام الذلان‬
‫يُمليان عىل الباحث ذاك النوع من الاخنراط واحلضور‪.‬‬
‫احملددَة للمجمتع الافرتايض يه ما ميكن أأ ْن نس ِّميه ابلوجود "العارض"‬ ‫اإن اخلاصية ا ألساس ية ِّ‬
‫"‪ 30"Ephemeral‬اذلي ل ميكن للباحث أأن يضمن اس متراره‪ .‬إا ْذ ميكن لعينة البحث أأو أأحد عنارصها‬
‫أأ ْن ختتفي يف أأ ِّي حلظة من ذكل الفضاء ول يعود مبقدوره العثور علهيا‪ .‬كام أأن نشاط امجلاعات الالكرتونية‬
‫قد يضْ ُعف أأو قد يتوقف يف بعض ا ألوقات‪ ،‬فيكون الباحث من مثة جمربا عىل تعليق أأنشطته البحثية‪،‬‬
‫ولو جزئ ِّيا‪ ،‬اإىل أأ ْن تس تأأنف امجلاعة جمددا نشاطها الإلكرتوين‪ ،‬نظرا لكونه ل يت َحمك ل يف معلية النَش‬
‫ول يف سريورة التفاعل داخل الصفحات واملواقع الالكرتونية‪.‬‬
‫ويعين ذكل أأن الاخنراط املتقطع ليس اختيارا يقوم به النِّتْنوغرايف ابلرضورة‪ ،‬بل هو واقع يفرضه‬
‫طبيعة جممتع ادلراسة‪ .‬كام يعين ذكل أأن الاخنراط املتقطع ل ينطبق عىل الباحث فقط‪ ،‬بل ينطبق أأيضا‬
‫فرتض‘ (املس تخدم لش بكة الإنرتنيت) اذلي يكون حضوره حضورا انسحابيا‪ ،‬حبيث‬ ‫عىل املبحوث ’امل ُ َ َ‬

‫قاوقو‪" ،‬اجملمتع الافرتايض وإاشاكلية جتديد مهنج البحث السوس يولويج"‪ ،‬مرجع مذكور‪ ،‬ص‪.94.‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪29‬‬
‫‪Hine, Christine. M., Virtual Ethnography, Thousand Oaks, CA: Sage Publications‬‬
‫‪Ltd, 2000, p.66-71.‬‬
‫‪30‬‬
‫‪Bunt, Gary., iMuslims: Rewiring the House of Islam, London: C. Hurst & Co.‬‬
‫‪Kuala Lumpur, Editions: Chapel Hill: University of North Carolina Press, 2009,‬‬
‫‪p.21.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪28‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫بشلك غري مبارش‪ ،‬يف حتديد منط املالحظة‪،‬‬ ‫يظهر وخيتفي عىل حنو مس متر‪ ،‬فيتدخل بذكل هو الخر‪ٍ ،‬‬
‫ومسارها‪ ،‬بل حىت زمهنا‪ .‬وهذا النوع من احلضور اخملصوص للباحث النِّتْنوغرايف واملبحوث ’املفرتض‘‬
‫عىل حد سواء هو اذلي ِّيربر اس تعاملَنا ملفهوم املالحظة الإلكرتونية أأو النِّتْنُوغرافية متيزيا لها عن املالحظة‬
‫املتعارف علهيا يف البحث‬ ‫اليت جتري داخل امليدان الفزييقي‪ ،‬حرصا‪ ،‬وذكل وفْق الضوابط املهنجية َ‬
‫الإثنوغرايف املأألوف‪.‬‬
‫لكن ا ْإن اكنت هذه الإكراهات تدخل يف اإطار احلدود اليت ترافق هذه الصيغة اجلديدة ل إالثنوغرافيا‬
‫بفعل الطبيعة الافرتاضية للفضاء‪ ،‬واليت ل تُلزم ا ألفراد امل ُ َال َحظني ابلخنراط الكِّي داخهل أأو التواجد‬
‫ادلامئ فيه؛ فا ِّإن هذه الطبيعة اليت تكشف عن حدوده يه نفسها اليت تُفص ُح عن اإماكانته‪ ،‬وتُكس ُبه‬
‫مرونة يف البحث‪ .‬تتجىل هذه املرونة يف كون الباحث ا ْإن اكن جيد نفسه ملزما يف بعض ا ألوقات مبغادرة‬
‫اجملمتع الافرتايض ألجل الانغامس يف حياته اليومية‪ ،‬وذكل يف الوقت اذلي تس متر فهيا امجلاعة الالكرتونية‬
‫يف نشاطاهتا املعهودة؛ فاإنه ميكنه أأ ْن يعود لحقا ويس تدرك ما فاته‪ ،‬ألن معظم ا ألنشطة والتفاعالت‬
‫السوس يو‪-‬اإلكرتونية تظل حمفوظة يف احلاسوب‪ ،‬وابإماكنه أأي يَطلع علهيا يف أأ ِّي وقت‪ ،‬ويقوم بتسجيلها‬
‫وحفظها‪.‬‬
‫متزي النِّتْنُوغرافيا عن الإثنوغرافيا‪ ،‬فالباحث السوس يولويج‬ ‫ويمكن هنا أأحد الفروق ا ألساس ية اليت ِّ ُ‬
‫أأو ا ألنرثبولويج داخل الفضاءات الرمقية جيد دامئا من ينوب عنه يف غيابه‪ ،‬وحىت يف حضوره‪ ،‬ويسجل‬
‫املعلومات بدل عنه‪ ،‬من دون أأ ْن يكون قد انْتَدَ ب َ ُه ق ْبل ِّيا لإجناز هذه املهمة لصاحله‪ .‬ويتعذر هذا ا ألمر يف‬
‫الواقع الفعيل‪ ،‬حيث يكون الباحث مطالبا ابلتواجد خشصيا وبشلك دامئ داخل امليدان‪ ،‬إا ْن مل ي ُ َف ِّوض‬
‫بشلك واحض من ينوب عنه‪ ،‬يف حدود معينة‪ ،‬ألجل رصد وتسجيل ما حيدث‪ ،‬واكن يريد أأ ْن يواكب‬
‫أأنشطة امجلاعة‪ ،‬و أأ ْن ل يفوته يشء‪.‬‬
‫ا ِّإن ما ميكن أأن نس تخلصه اإذن انطالقا من خمتلف العنارص اليت س بق عرضها يه أأنه‪ :‬ا ْإن اكن‬
‫الاخنراط يف شكه املتقطع يمتظهر من هجة اكسرتاتيجية جيد الباحث نفسه مدفوعا اإلهيا أأحياان ألنه ل‬
‫يتحمك يف معلية التفاعل السوس يو‪-‬اإلكرتوين ويف سريورة اإنتاج املعىن؛ فاإنه يمتظهر من هجة أأخرى‬
‫اكسرتاتيجية ميكنه أأ ْن خيتارها طوعا يف أأحيان أأخرى‪ .‬ويتعلق ا ألمر يف هذه احلاةل الثانية ابلوضعية اليت‬
‫يكون فهيا الفضاء الرمقي املدروس ل يعرف توقفا يف معلية التفاعل وإانتاج احملتوى الرمقي‪ ،‬بل يتسم‬
‫بغزارة الانتاج مع اتصال ِّيته الزمن ِّية‪ .‬حيث ميكن للباحث عندها أأ ْن ي ُ ِّعو َل عىل معلية التوثيق الرمقي اليل‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪29‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫اليت تسمح هل ابلولوج اإىل املعطيات وإاعادة تسجيلها وحفظها يف أأ ِّي وقت‪ ،‬حىت وإا ْن انقطع لفرتة عن‬
‫زايرة املوقع الإلكرتوين املقصود ابدلراسة‪.‬‬

‫‪ -2‬املكشوفية الرمقية‪:‬‬
‫ا ِّإن معلية التفاعل السوس يو‪-‬اإلكرتوين ومعلية التوثيق الرمقي اليل للك الاثر الناجتة عن ذاك التفاعل‪،‬‬
‫جتعالن من الفضاء الرمقي "أأرش يفا حيِّا"‪ ،31‬ديناميا‪ ،‬ومفتوحا‪ ،‬جيري فيه حفظ البياانت الرمقية بشلك‬
‫مس متر حلظة اإنتاهجا‪ .‬وتمكن هنا اإحدى اخلصوصيات اليت متزيه عن ميدان البحث املادي‪" .‬فعىل عكس‬
‫العمل املُطول اذلي اكن يُدار بشلك تقليدي من طرف الباحث ألجل كسب ثقة امجلاعة اليت يرغب يف‬
‫دراس هتا‪ ،‬فاإن الإثنوغرافيا الإلكرتونية تق ِّد ُم مزية كبرية ويه الولوج الفوري اإىل املعطيات"‪ .32‬ومتثل هذه‬
‫املزية امتدادا ألخرى شكت ولتزال أأحد أأبرز اخلصائص ِّ‬
‫املعربة عن منطق اش تغال الفضاء الرمقي منذ‬
‫ظهوره‪ ،‬ويه خاصية املكشوفية (‪ 33)transparence/visibilité‬واليت يعكسها ذكل الفضاء بأأشاكل‬
‫متعددة ومبس توايت متباينة‪ ،‬من خالل املواقع الإلكرتونية اخملتلفة اليت حتولت بش باكهتا َ‬
‫وغرفها‬
‫منصات للكشف‪ ،‬مبا هو جتربة يف البوح؛ وإاىل فضاء لالنكشاف الرمقي مبا هو ْعرض‬ ‫ٍ‬ ‫’الافرتاضية‘ اإىل‬
‫للهوايت الترصحيية وللهوايت اخلبيئة‪ ،‬ومبا هو اس تعراض لذلات يف خمتلف جوانهبا‪ ،‬لك ِّيا أأو جزئيا‪،‬‬
‫شالك أأو مضموان‪ ،‬أأو هام معا‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪Christine, Barats, Jean-Marc, Leblanc et Pierre Fiala, « Approches texto métriques‬‬
‫‪du web : corpus et outils », dans : Christine Barat (dir), Manuel D’analyse de Web,‬‬
‫‪Collection Sciences Humaines et Sociales, Paris : Armand Colin, 2013, p.105.‬‬
‫‪32‬‬
‫‪J. Jouet, Le Caroff Coralie « L’observation ethnographique en ligne », op. cit., p.‬‬
‫‪148.‬‬
‫‪ - 33‬نفضل اس تخدام لكمة مكشوفية مكقابل عريب لكمة ‪ Transparence‬ولكمة ‪ visibilité‬يف الوقت نفسه‪ ،‬واللتني‬
‫تس تخدمان يف ا ألدبيات اخلاصة ابلفضاء الرمقي ابملعىن ذاته‪ ،‬كام هو احلال عند جووي ‪ Jouet‬ولواكروف ‪.Le Caroff‬‬
‫لكن حىت وإا ْن اكنت الرتمجة العربية املتداوةل للكمتني ‪ Transparence‬و‪ visibilité‬يه "شفافية" و"مرئية" عىل‬
‫التوايل؛ فاإن هاتني الكمتني العربيتني (شفافية ومرئية) ل تنقالن‪ ،‬يف نظران‪ ،‬بدقة ومشولية املعىن اذلي عرضناه أأعاله‬
‫داخل املنت‪ .‬ذلا بدت لنا لكمة املكشوفية يه ا ألدق يف نقل املعىن اذلي حتيل اإليه لك من الكمتني ‪Transparence‬‬
‫و‪ visibilité‬يف البيئة الرمقية‪ ،‬أأي معىن الكشف وسريورة الانكشاف القصدي‪ ،‬بوصفهام جتربة اإنسانية‪ ،‬اجامتعية أأو‬
‫ذلات واعية ت ُِّعرف عن نفسها تدرجييا وبشلك ممهنج عرب فعل التوثيق الرمقي اذلي تصنع من خالهل هوايت رمقية‬ ‫محمية‪ٍ ،‬‬
‫قد تتطابق لكيا أأو جزئيا مع الهوايت الفعلية أأو قد ختتلف عهنا‪.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪30‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫يُفيض هذا التحديد خلاصية املكشوفية الرمقية اإىل الإقرار‪ ،‬مبدئيا‪ ،‬أأن الفضاء الرمقي يُظهر أأكرث مما‬
‫ُخيفي؛ و أأنه يسمح بذكل مبرامكة ما يكفي من املوارد الرمقية الالزمة للبحث واليت من شأأهنا أأ ْن تفسح‬
‫اجملال للباحث لتغطية حاجته من املعطيات‪ِّّ ،‬مك وكيفا‪ ،‬والولوج اإىل معق التجارب الفردية ملس تخديم‬
‫الإنرتنيت اذلين يعرضوهنا عىل املنصات الإلكرتونية‪.‬‬
‫لكن ا ْإن اكنت هذه اخلاصية تُ َعد ترمجة نظرية ملنطق الوضوح اذلي تش تغل به ش بكة الإنرتنيت عرب‬
‫أأنظمة احلواسيب والهواتف اذلكية وشاشاهتا اليت جتعل من هوايت ا ألفراد هوايت رمقية‪ ،‬قابةل للتِّمظهر‬
‫بصيغ عدة؛ أأي كهوايت حمكية‪ ،‬مكتوبة ومقروءة‪ُ ،‬مصورة ومرئية‪ ،‬وقابةل ل إالدراك مبس توايت خمتلفة؛‬
‫يعرب عن نظا ٍم غري مكمتل لل َكشف‪.‬‬ ‫فاإن مفهوم املكشوفية الرمقية يظل مع ذكل مفهوما اإشاكليا ومفارقا‪ِّ ،‬‬
‫إا ْذ أأن تأأمل أأشاكل أأجر أأته داخل الفضاء الرمقي جيعلنا نعاين كيف أأن ال َكشف يُوظف أأحياان اكسرتاتيجية‬
‫قصدي؛ يُظهر مبوجبه مس تخدم الإنرتنيت‬ ‫ألجل الإخفاء والمتويه‪ ،‬وذكل عندما يتحول اإىل ٍ‬
‫فعل انتقا ٍ ِّيئ ٍ ِّ‬
‫ياء و ْيس ُكت عن أأخرى‪ .‬اإنه يُعيد ترتيب ’احلقيقة‘ عرب اإخضاعها لنوعٍ من‬ ‫أأمورا وخيفي أأخرى‪ ،‬يقول أأش َ‬
‫تنجم عن عرضها والترصحي هبا يف صورهتا الفعلية‬ ‫الرحش وذكل حىت يتفادى الاثر السلبية اليت ميكن أأ ْن َ‬
‫واملكمتةل‪.‬‬
‫ذلكل جند جوزاين جووي "‪ "Jouet Josiane‬وكورايل لواكروف "‪"Coralie Le Caroff‬‬
‫تؤكدان يف هذا الإطار أأن تكل املكشوفية اليت تبدو للوهةل ا ألوىل‪ ،‬يه مكشوفية خادعة ألهنا ختزتل‬
‫ا ألفراد يف أاثرمه‪ ،‬عندما ل يَت اإعادة موضعهتا داخل الس ياق‪ ،‬وعندما ل يَت ربطها بدوافع اإنتاهجا؛ ذكل‬
‫أأن اخلصائص السوس يوهمنية أأو العائلية ملس تعميل الإنرتنيت يَت إاخفاؤها يف الغالب عرب هوايت مس تعارة‪،‬‬
‫تنفلت من املالحظة‪ .34‬هذا فضال عن طبيعة التفاعالت الإلكرتونية اليت تأأيت يف أأغلهبا يف شلك‬
‫تعليقات مكتوبة أأو اقتباسات‪ ،‬أأو يف شلك نقرات اإحيائية انق ٍةل لإحساس عرب الرموز ا أليقونية‬
‫(‪ ،)Emoticônes‬وغريها من الصيغ ا ألخرى اليت ابلرمغ من وظائفها التواصلية‪-‬التعبريية‪ ،‬فاإنه ل يكون‬
‫مبقدورها ن ْقل تعابري الوجه وإامياءاته‪ ،‬ولغة اجلسد بلك اإشاراته‪ .‬هذا علام أأهنا تشلك مجيعها جزءا ل يتجز أأ‬
‫من حلظة التفاعل‪ ،‬ويكون مبقدورها ن ْقل رسائل قد ل تقولها الكامت وامجلل املنطوقة أأو املكتوبة‪.‬‬
‫اإن بعضا من هذه الاعتبارات السابق ذكرها واملتعلقة بدرجة املكشوفية الرمقية يه اليت استند اإلهيا‬
‫بعض الباحثني يف توجيه نقدمه للنِّتْنوغرافيا‪ .‬حيث جند "دبرا س بيتولنيك" "‪"Debra Spitulnik‬‬
‫تصف املهنج النِّتنوغرايف يف هذا الإطار ابعتباره مهنجا غري مكمتل‪ ،‬ألنه ل يقوم عىل انغامس الباحث‬

‫‪34‬‬
‫‪J. Jouet, C. Le Caroff « L’observation ethnographique en ligne », op. cit., p. 148.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪31‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫فعليا يف العوامل الاجامتعية للمشاركني يف البحث‪ ،‬ويف الطقوس اليت تَت وهجا لوجه يف العامل املادي‪.35‬‬
‫كام تؤكد جووي ولواكروف‪ ،‬يف الس ياق نفسه‪ ،‬أأن جمال املالحظة النِّتْنُوغرافية‪ ،‬يظل ضيقا جدا ابلقياس‬
‫اإىل نظريهتا يف الإثنوغرافيا الالكس يكية؛ لكوهنا تنحرص يف الاس تعاملت املرئية‪ ،‬ول تسمح بفهم ا ألبعاد‬
‫اخلفية لالس تعاملت الاجامتعية لفضاء امجلاعات الافرتاضية‪ .36‬ويعين ذكل أأن الباحث يف هذه احلاةل‬
‫حيتاج اإىل بذل جمهود اإضايف يف تأأويل دلةل احملتوى الرمقي موضوع ادلراسة عرب "تكثيف املعطيات"‪37‬‬

‫من خالل تنويع املوارد واملصادر الرمقية امل ُ ْش تَغل علهيا‪ ،‬حىت يُ َمكِّل بعضها البعض‪ ،‬ويُقر أأ بعضها عىل‬
‫ضوء البعض‪.‬‬
‫لكن هناك قضية أأساس ية نود أأن نقف عندها يف هذا الإطار‪ ،‬وتتعلق بتقيِّمينا اخلاص لهذا المنط من‬
‫التفاعل الرمقي‪ .‬تمتثل تكل القضية يف أأن التصورات اليت ترتكز يف نقدها للنِّتْنُوغرافيا عىل مسأأةل اإبراز‬
‫القصور اذلي يعرتي البحث النِّتْنُوغرايف جراء غياب أأو نقص املعطيات السوس يو‪-‬دميوغرافية للمبحوثني‬
‫املفرتضني أأو اعامتدمه عىل هوايت مس تعارة تظل‪ ،‬يف اعتقادان‪ ،‬تصورات اخزتالية تكشف عن حمدوديهتا‬ ‫َ‬
‫لس ببني رئيس يني‪:‬‬
‫يمتثل السبب ا ألول يف كون تكل التصورات املشار اإلهيا أأعاله‪ ،‬كام هو احلال مع تصور جوزاين‬
‫جووي وكورايل لواكروف‪ ،‬تتسم بأأهنا أأحادية الرؤية‪ .‬ويرتد ذكل اإىل كوهنا ت َ ْقرص التفاعل السوس يو‪-‬‬
‫اإلكرتوين عىل المنط املكتوب‪ .‬هذا علام أأ ِّن التطور التكنولويج اذلي شهده فضاء الإنرتنيت يف العقد‬
‫ملكون الصورة والصوت‪،‬‬ ‫ا ألخري أأفىض اإىل بلورة أأمناط تواصلية جديدة تقوم عىل حضور أأقوى ِّ‬
‫والشهادات الرمقية املصورة اليت حتيك س َري احلياة‪ ،‬فضال عن التواصل احلي (‪ )Live‬والتفاعل املبارش‬
‫والين مع احملتوى موضوع البث‪ ،‬وغريها من التقنيات اجلديدة اليت أأصبحت ت َُوظ ُف داخل ش باكت‬
‫التواصل الاجامتعي الرمقية‪ ،‬واليت ميكن أأ ْن تشلك يه ا ألخرى موضوعا للبحث النِّتْنُوغرايف‪.‬‬
‫ويعود السبب الثاين اإىل كون الَشوط اليت يَت فهيا اإنتاج احملتوى الرمقي يه اليت تصنع خصوصيته‪،‬‬
‫وتشلك نقطة القوة فيه‪ .‬ألن اإخفاء مس تعميل الش باكت الاجامتعية الرمقية لهوايهتم احلقيقية واعامتدمه‬

‫‪35‬‬
‫‪Spitulnik, Debra, « Anthropology and mass media », Annual review of‬‬
‫‪Anthropology, vol.22, n° 1, 1993, pp. 293-315. Retrieved from :‬‬
‫)‪Doi:10.1146/annurev.an.22.100193.001453. (Accessed : 4 Mai 2022‬‬
‫‪36‬‬
‫‪J. Jouet, C. Le Caroff « L’observation ethnographique en ligne », op.cit., p. 148.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪Guillaume, Latzko-Toth, Claudine, Bonneau, Mélanie Millette, “Small Data, Thick‬‬
‫‪Data: Thickening Strategies for Trace-Based Social Media Research,” in: Luke Sloan‬‬
‫‪& Quan-Haase Anabel (dir), The SAGE handbook of social media research methods,‬‬
‫‪Sage Publications, 2017, pp. 199-214.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪32‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫لهوايت مس تعارة هو اذلي يشجعهم عىل البوح بأأش ياء ما اكن ميكن أأ ْن ي ُبوحوا هبا يف ظل الَشوط‬ ‫ٍ‬
‫العادية للتفاعل وهجا لوجه‪ ،‬واليت تكون حمكومة بسلطة الرقابة الاجامتعية والقانونية‪ ،‬وذكل يف ظل‬
‫مكشوفية الهوية‪.‬‬
‫املطول عىل التفاعالت السوس يو‪-‬‬ ‫إا ْذ أأ ِّن املالحظة اليت وقفنا علهيا من خالل اش تغالنا امليداين ِّ‬
‫اإلكرتونية داخل الفضاء الرمقي يه‪ :‬وجود عالقة ِّاطراديِّة عكس ية بني درجة املكشوفية عىل مس توى‬
‫احملددات السوس يو‪-‬دميغرافية للهوية الرمقية الترصحيية‪ ،‬ودرجة املكشوفية عىل مس توى الهوية الرمقية‬
‫الفاعةل‪ .‬فكام ارتفع منسوب ا ألوىل ( أأ ْي مس توى الترصحي ابملعطيات الشخصية واملهنية احلقيقية ملس تخدم‬
‫الإنرتنيت)‪ ،‬لكام اخنفض منسوب الثانية‪ ( ،‬أأ ْي اخنفاض يف درجة البوح والاس تعراض الرمقي)‪ ،38‬والعكس‬
‫َصيح‪.‬‬
‫كعامل مشجع ٍ عىل الكشف؛ حبيث ا ِّإن مس تخدم ش باكت‬ ‫حيث يبدو الإخفا ُء وجمهولية الهوية هنا ٍ‬
‫التواصل الاجامتعي الرمقية يُ ْمعن يف التِّخفي والتِّمويه ألجل أأ ْن يمتكن من التعبري عن نفسه حبرية أأكرب‪،‬‬
‫خاصة عندما يتعلق ا ألمر ابلتعبري عن الراء واملواقف خبصوص بعض القضااي ’احلساسة‘ (خطاب‬
‫العنف والكراهية‪ /‬قضااي الإرهاب‪ /‬احلياة اجلنس ية‪-‬امحلميية‪ /‬تغ ِّيري املعتقد ادليين وانتقاد ا ألداين‪ /‬بعض‬
‫القضااي الس ياس ية املصريية‪ )...‬واليت قد يرتتب عهنا متابعات قضائية أأو اإدانة جممتعية من شأأهنا أأ ْن ت َ َمس‬
‫بسمعة الفرد وتؤثر سلبا عىل حياته العائلية أأو عالقاته الاجامتعية ووضعيته املهنية‪ .‬ويعين ذكل أأ ِّن‬
‫مس تخدم ش باكت التواصل الاجامتعي الرمقية مييل اإىل تويخ احليطة واحلذر يف تدويناته وتعليقاته‬
‫التفاعلية وطبيعة املوارد الرمقية اليت يتقامسها عندما تكون هويته الفعلية‪/‬احلقيقية املرصح هبا تتطابق لك ِّيا‬
‫حبساب ُموثِّق؛ هذا بيامن تقل درجة احلذر‬ ‫ٍ‬ ‫مع هويته الرمقية‪ ،‬أأ ْي عندما ’يبحر‘ عىل تكل الش باكت‬
‫هبوايت مس تعارة أأو منقوصة‪ ،‬يعتقد أأنه مبوجهبا يظل‬ ‫ٍ‬ ‫عندما يكون مس تخدم تكل الش باكت ’يبحر‘‬
‫بعيدا عن الرقابة الرمقية بلك صيغها ( أأمنية‪-‬قانونية‪ ،‬اجامتعية)‪.39‬‬
‫تخالص مفاده أأن‪ :‬هامش حرية التعبري اليت يعتقد الفرد أأنه ميتلكها‬ ‫ويقودان هذا التحليل اإىل اس ٍ‬
‫بشلك عفوي من دون أأ ْن يكون‬ ‫فرتض ٍ‬ ‫داخل الفضاء الرمقي‪ ،‬وطبيعة احملتوى اذلي يُنتجه املبحوث امل ُ َ‬

‫‪ 38‬قاوقو‪ ،‬حمجوبة‪" ،‬الباترايرك ِّية الرمق ِّية واسرتاتيج ِّيات املقاومة اجلندريِّة النامعة‪ :‬دراسة سوس يولوجيِّة"‪ ،‬سلسةل أأوراق‬
‫العمل‪ ،‬ورقة رمق ‪ ،28‬منشورات اجمللس العريب للعلوم الاجامتعية‪ ،2023 ،‬ص‪ .32.‬اترخي النَش‪:‬‬
‫‪https://www.theacss.org/uploads/cke_documents/Working-Paper--Mahjouba-2023/11/30‬‬
‫‪( Kaoukaou.pdf‬اترخي أخر زايرة‪ 14 :‬دجنرب ‪.)2023‬‬
‫‪ 39‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪33‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫موهجا يف ذكل بسؤال الباحث‪ ،‬بل يكون مبنأأى عن الإكراهات النامجة عن حضوره وعن معرفته هبوية‬
‫املبحوث؛ جتعل احملتوى الرمقي يف نظران‪ ،‬عاكسا (يف الغالب ا ألمع) بشلك أأكرب للتجارب الفعلية للفرد‬
‫وحلقيقة أرائه ومعتقداته وقناعاته‪.‬‬

‫‪ -3‬مفارقة املشارك يف البحث املفرتض‪:‬‬


‫مفهويم الاخنراط املتقطع واملكشوفية الرمقية خبصائصهام وطبيعة نظام اش تغاهلام‪ ،‬كام س بق‬ ‫ْ‬ ‫ا ِّإن‬
‫اإيضَ ُاهحام‪ ،‬بقدر ما يفتحان اجملال للحديث عن فرص البحث اليت يتيحها الفضاء الرمقي لدلارس املش تغل‬
‫سايس يواهج ُه النِّتْنوغرايف يف هذا الس ياق ويمتثل يف‬
‫عليه‪ ،‬بقدر ما يكشفان أأيضا عن اإكرا ٍه‪ ،‬أأو اإشاكلٍ أأ ٍِّ‬
‫مفارقة ’املشارك يف البحث احلارض‪-‬الغائب‘ اذلي يشارك يف البحث من دون علمه‪ ،‬ويُنتج حمتوى‬
‫حبث لكن من دون أأ ْن تكون معلية الانتاج تكل موهجة بأأس ئةل ق ْبل ِّية ُم َعدة من طرف‬ ‫يشلك موضوع ٍ‬
‫الباحث‪ .‬وتنكشف هذه املفارقة عىل مس تويني‪:‬‬
‫يتجىل املس توى ا ألول للمفارقة يف التساؤل عن مدى صالحية احلديث يف هذه احلال عن مفهوم‬
‫’املشارك يف البحث‘‪ ،‬واحلال أأ ِّن هذا ا ألخري مل خيضع ل’برتوكول‘ البحث ومل يوافق عليه؛ ا ألمر اذلي‬
‫يفتحنا هنا عىل اإشاكل أخر يتعلق بأأخالقيات البحث داخل الفضاء الرمقي‪ .‬وهذا ال ُبعد ا ألول للمفارقة‬
‫هو اذلي جيعلنا نفضِّ ل اس تعامل مفهوم املشارك يف البحث ’املفرتض‘ عوض مفهوم املشارك يف البحث‬
‫مفردا‪ ،‬وهو الاس تعامل اذلي يقف عليه القارئ يف احملاور السابقة‪ .‬حيث ا ِّإن صفة املفرتض ختزتل هنا‬
‫خصوصية احلضور الرمقي اذلي خيتلف عن احلضور املادي‪ ،‬كام تعكس خصوصية مسأأةل املشاركة يف‬
‫البحث اليت تكون يف هذه احلاةل مشاركة مفرتضة فقط‪ ،‬وغري مبارشة‪ .‬أل ِّن املعين هبا عندما اكن يتفاعل‬
‫حبث‪ ،‬بل اكن يقوم‬ ‫ويُنتج احملتوى مل يكن يقوم بذكل حتت طلب الباحث‪ ،‬أأو ألجل املسامهة يف ٍ‬
‫معل ٍِّ‬
‫بذكل فقط ألجل متعة التفاعل والتقامس مع نظرائه من مس تخديم الش باكت الاجامتعية الرمقية‪ .‬كام أأن‬
‫لك مشارك حممتل يف اإنتاج احملتوى الرمقي موضوع ادلراسة يشلك مشاراك مفرتضا يف البحث ابلنس بة‬
‫للباحث‪ ،‬خاصة عندما يتعلق ا ألمر ابلصفحات الإلكرتونية العمومية ذات الطابع التفاعيل‪ ،‬كام هو الشأأن‬
‫ابلنس بة للصفحات ا إلعالمية الفايس بوكية أأو صفحات امجلاعات الإلكرتونية املفتوحة واليت قد تشلك‬
‫موضوعا للمالحظة النِّتنوغرافية‪.‬‬
‫ويتجىل املس توى الثاين للمفارقة يف كون املشارك يف البحث املفرتض‪ ،‬يكون حارضا يف ميدان‬
‫لكن حضوره ل يزتامن غالبا مع حضور الباحث النِّتنوغرايف‪ .‬أأ ْي أأنه يكون‬ ‫البحث يف زمن اإنتاج احملتوى ِّ‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪34‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫غائبا حلظة مالحظة الباحث للميدان وحلظة ْمجعه للمعطيات‪ .‬ذلا فاإن املشلك ا ألساس اذلي يواهجه‬
‫املفرتضني يف اإنتاج احملتوى‬‫النِّتنوغرايف يف هذه احلاةل يتعلق بغياب اإماكنية تعميق املعطيات مع املشاركني َ‬
‫الرمقي ارتباطا ابلقضااي اليت َيود احلصول بصددها عىل معطيات أأكرث‪ .‬تبقى هناك اإجراءات مهنجية بديةل‬
‫متاحة أأمام الباحث للقيام بذكل‪ ،‬اإذا اكن ا ألمر رضوراي‪ ،‬من قبيل اللجوء اإىل مقابالت تمكيلية ميكن‬
‫أأ ْن يعقدها عن بعد أأو حضوراي مع عينة خمتارة من مس تخديم ش باكت التواصل الاجامتعي الرمقية ب ْعدَ‬
‫لكن هذا مع ا ألخذ بعني الاعتبار الصعوابت اليت قد يواهجها‬ ‫التصال هبم‪ ،‬واحلصول عىل موافقهتم‪ْ .‬‬
‫الباحث يف تشكيل هذه العينة‪ ،‬ابلنظر اإىل تع ِّذر أأو صعوبة الوصول اإىل املعن ِّيني اب ألمر‪ ،‬بسبب اعامتد‬
‫بعضهم حلساابت اإلكرتونية غري َموثقة‪ ،‬ورغبهتم يف عدم انكشاف هوايهتم‪ ،‬أأو بسبب غياب عنرص‬
‫الثقة وصعوبة بناهئا يف غياب التواصل املبارش وهجا لوجه‪.‬‬
‫ُطرح يف هذا الس ياق فكرة التاكملية بني املهنجني الإثنوغرايف والنتنوغرايف عرب اعامتد صيغتني‬ ‫كام ت َ‬
‫للمالحظة أأ ْي‪ :‬املالحظة الإلكرتونية للفضاء الرمقي واملالحظة الالكس يكية ملوضوع ادلراسة يف‬
‫الوضعيات الفعلية داخل الفضاء املادي‪ .‬ويعين ذكل مقاربة الظاهرة أأو املوضوع املدروس نفسه داخل‬
‫ميدانيني خمتلفني‪ ،‬ومالحظة الفاعلني يف موقعني متوازي ْني للفعل‪ ،‬عىل حن ٍو تصبح معه املعطيات تمكِّ ُل‬
‫لك من امليدان الرمقي ونظريه الفزييقي؛‬ ‫بعضَ ها البعض‪ ،‬وتوف ِّ ُر أأرضية للمقارنة بني النتاجئ اليت يكشف عهنا ٌّ‬
‫تعزز وتدمع بعضها البعض‪ ،‬أأو تناقض وختالف بعضها البعض‪ ،‬مث‬ ‫قصد معرفة ما اإذا اكنت تكل النتاجئ ِّ‬
‫املفَّسة ذلكل التقاطع أأو لغيابه‪.‬‬
‫البحث يف العوامل ِّ‬

‫‪ - 4‬التأأويل املُطبق رمق ِّيا‪:‬‬


‫يتبدى لنا انطالقا مما س بق بيانه أأعاله أأ ِّن الفضاء الرمقي كام هو فضاء لبناء املعىن ُوصنع ادللةل‬
‫ييل ابمتياز ابلنس بة للباحث اذلي يش تغل عليه‪ ،‬واذلي يكون‬ ‫ابلنس بة ملس تعمليه‪ ،‬فهو أأيضا فضاء تأأو ٌّ‬
‫مطالبا ابستنطاق احملتوى املُنتج أأو ا ألثر الرمقي املرتوك‪ ،‬يف غياب مُنتجيه‪.‬‬
‫لكن هناك اإشاكل أخر قد يُطرح عىل هذا املس توى ويمتثل يف الإفراط يف التأأويل‬
‫(‪ )surinterprétation‬اذلي يرتصد الباحث ابس مترار‪ ،‬سواء جراء اخزتال احلالت املال َح َظة أأو‬
‫العنارص املأأخوذة لغرض الفهم والتفسري‪ ،‬أأو جراء املغالة يف البحث عن الانسجام والرغبة يف التعممي؛‬
‫ذكل أأنه داخل اإطار ش بكة الإنرتنيت و أأثناء الاش تغال عىل الاثر الرمقية املدَ ونة عىل وجه اخلصوص‪،‬‬
‫البحث اإىل الانفصال عن الواقع الاكمن خلف الظواهر املدروسة‪ ،‬وذكل بسبب الغزارة يف‬ ‫قد يُفيض ُ‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪35‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫الإحاةل والاقتباس اليت تَس ُم هذا النوع من احملتوى الرمقي‪ .40‬ويعين ذكل أأ ِّن النِّتْنوغرايف عليه أأ ْن َ‬
‫يكون‬
‫واعيا خبصوصية احملتوى اذلي يش تغل عليه واذلي يتِّخذ منتجوه من التناص‪ ،‬يف كثري من ا ألحيان‪،‬‬
‫أآلية أأساس ية لبنائه ابلنظر اإىل وفرة وتعدد املوارد الرمقية املتاحة ملس تخديم الإنرتنيت‪ ،‬وسهوةل الولوج‬
‫اإلهيا؛ ويه املوارد اليت يس تعينون هبا اإما يف التعبري عن مشاعرمه وحالهتم النفس ية‪ ،‬أأو يف ادلفاع عن‬
‫مواقفهم ودمعها‪ ،‬أأو يف تفنيد ا ألطروحات املضادة‪.‬‬
‫اإن ممكَ َن الإشاكل املطروح هنا هو أأن الاقتباس ل يكون ُموثقا يف حالت كثرية‪ ،‬حيث تكون‬
‫معلية اإنتاج احملتوى يه يف احلقيقة جمرد قرصنة فكرية (مقصودة أأو غري مقصودة)؛ أأ ْي عبارة عن ن َ ْسخ‬
‫ثيق للمصادر‪ .‬فتكون النتيجة يه اختالط ا ألمور ببعضها البعض‪ ،‬ا ألمر اذلي قد‬ ‫ول َ ْصق من دون تو ٍ‬
‫يؤثر لحقا عىل معلية التأأويل خالل مرحةل اإعادة نقل ا ألثر الرمقي بلغة الباحث‪ ،‬وذكل اإذا حدث ومل‬
‫ينتبه اإىل التداخل القامئ بني احملتوى الرمقي اذلي يعود يف أأصهل ملس تخدم الإنرتنيت واحملتوى املعريف‬
‫ا ألصيل املقتَبَس من نصوص أأخرى خارجية (مقالت‪ ،‬كتب‪ ،‬أأقوال مأأثورة‪ .)...‬ويعين ذكل أأنه يف حاةل‬
‫ما اإذا اكن الباحث يفتقد اإىل اليقظة العلمية‪-‬املهنجية الالزمة‪ ،‬ومل يكن متسلِّحا ابلثقافة الاكفية اليت تدمع‬
‫يه ا ألخرى تكل اليقظة وجتعلها ممكنة‪ ،‬فاإن معلية التأأويل ستَتَحول يف مجملها اإىل حتليل للنصوص املوازية‬
‫املُس تدعاة من طرف مس تخديم ش بكة الإنرتنيت دون الوعي بأأهنا نصوص خارجية؛ َوس ُيخطئ التأأويل‬
‫وخيرج عن املسار اذلي اكن من املفرتض أأن يسري فيه؛ وخيط َئ من مثة النتيج َة اليت‬ ‫بذكل موضوعَه‪ُ ،‬‬
‫اكن من املمكن أأ ْن يصل اإلهيا‪.‬‬
‫اإننا وحنن نناقش هنا مسأأةل الإفراط يف التأأويل ل نعترب التِّناص مشالك داخل احملتوى الرمقي‪ ،‬ول‬
‫نقول ا ِّإن الباحث يلزمه تفادي الاش تغال عىل احملتوايت الرمقية اليت تقوم عليه‪ ،‬أأو استبعاد النصوص‬
‫املوازية اليت تتخلِّل احملتوى املدروس وعدم أأخذها بعني الاعتبار أأثناء حتليل وتأأويل املعطيات‪ .‬اإننا ندرك‬
‫جيدا أأن الاقتباس داخل الفضاء الرمقي‪ ،‬أأو حىت خارجه‪ ،‬هو جزء ل يتجز أأ من معلية اإنتاج املعىن‪،‬‬
‫يرغب يف التعبري عنه‪ .‬ذلكل فاإننا ل نود من خالل‬ ‫يعرب معا ُ‬ ‫يس تدعيه املشارك يف البحث قصدا حىت ِّ‬
‫اإاثرتنا لهذه النقطة اإل أأ ْن نؤكد عىل رضورة وعْي الباحث بذكل التِّناص والعمل عىل رصده‪ ،‬وإادراك‬
‫طبيعته ومصدره‪ ،‬و أأخذه بعني الاعتبار أأثناء مجع املعطيات وحتليلها‪ ،‬وحتديد دوره ووظيفته داخل‬
‫احملتوى املدروس‪ ،‬هذا مع الوعي ابحلدود القامئة بني صوت املشارك يف البحث وا ألصوات اخلارجية‬

‫‪40‬‬
‫‪Heas, Stéphane, Poutrain, Véronique « les méthodes d’enquête qualitative sur‬‬
‫‪Internet », Ethnographiques, org, vol. 4, 2003, pp. 1-8. Retrieved from :‬‬
‫)‪https://bit.ly/3dHM9Ka (Accessed : 15 Mai 2022‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪36‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫يعي املسافة الفاصةل بني صوت املشارك‬ ‫املس تدعاة من طرفه‪ .‬ويعين ذكل أأن النِّتْنُوغرايف مطالب بأأ ْن َ‬
‫املفرتض يف العينة الرمقية اليت يش تغل علهيا وا ألصوات ا ألخرى اليت تتخل ُل احملتوى الرمقي امل ُ ْنتَج‪ ،‬و أأ ْن‬
‫يُدْ ركَ العالقات القامئة بني خمتلف ا ألصوات‪ ،‬يف خمتلف أأبعادها وتشعباهتا‪ ،‬ويسري ابلتحليل يف الاجتاه‬
‫اذلي أأراده املقتبس (مس تخدم الإنرتنيت) من وراء توظيفها‪ ،‬ل يف الاجتاه اذلي أأراده صاحب النص‬
‫ا ألصيل املقتَبَس منه‪.‬‬
‫املعىن تبعا لطبيعة‬ ‫لكن ا ْإن اكنت معلية التأأويل املطبق عىل ا ألثر الرمقي تقوم عىل حرص حدود َ‬
‫ا ألصوات املتكِّمة داخل لك عنرص من عنارص الوحدات التفاعلية السوس يو‪-‬اإلكرتونية موضوع ادلراسة‪،‬‬
‫املشكة للوحدة‪ /‬أأو الوحدات‬ ‫مث البحث اإاب َن معلية التحليل عن عنرص الإلتقائية بني مجيع العنارص ِّ‬
‫احلرص تطرح عىل مس توى أخر‪ ،‬أأمشل‪ ،‬هو جمال املالحظة‬ ‫التأأويلية املدروسة يف لكِّيهتا؛ فا َإن رضور َة ْ‬
‫الإلكرتونية‪.‬‬

‫‪ - 5‬التدفق املعلومايت ورضورة حرص جمال املالحظة الإلكرتونية‪:‬‬

‫السمة اجلوهرية لش بكة الإنرتنت‪ ،‬فا ِّإن هذه‬ ‫لنئ اكنت التدفقات املعلوماتية الالحمدودة تشلك ِّ‬ ‫ْ‬
‫السمة بقدر ما تفتح أفاقا واعدة للبحث الاجامتعي؛ فاإهنا تطرح أأيضا مشالك مهنجيا أخر ينضاف اإىل‬ ‫ِّ‬
‫ما س بق؛ ويتعلق ابلكيفية املالمئة اليت ينبغي أأ ْن يتعامل هبا الباحث مع تكل التدفقات‪ ،‬سواء أأثناء‬
‫حرص جمال‬ ‫مالحظته للفضاء اذلي تُنتج داخهل‪ ،‬أأو أأثناء اش تغاهل عىل املعطيات اليت مجعها‪ .‬ا ِّإن مشلك ْ‬
‫ادلراسة اذلي يُطرح هنا هو إانِّام يرتد اإىل ادلينامية ادلاخلية للفضاء الرمقي اذلي تتغري بنيته يف لك حلظة‬
‫جراء معلية الانتاج وإاعادة الإنتاج املس مترة للمحتوى‪ ،‬وجراء اخنراط أأفراد ُجدُ د يف ش باكت التواصل‬
‫الاجامتعي الرمقية أأو انسحاهبم مهنا يف لك حلظة؛ هذا فضال عن معلية التِّشلك وإاعادة التِّشلك املس مترة‬
‫للهوايت الرمقية وامجلاعات الإلكرتونية الباحثة عن اإثبات وجودها‪ ،‬وتأأكيد نفسها داخل الفضاء الرمقي‪.‬‬
‫خيصصها الباحث للتعرف‬ ‫تربز هنا اإذن أأمهية املرحةل الاس تكشافية يف البحث واليت ينبغي أأ ْن ِّ‬ ‫ُ‬
‫عن قرب عىل الفضاء املدروس قصد حتديد املواقع الإلكرتونية أأو الش باكت الاجامتعية الرمقية اليت‬
‫سيش تغل علهيا‪ ،‬و أأي العنارص سريكز علهيا اش تغاهل داخل املوقع أأو املواقع الإلكرتونية اخملتارة لدلراسة‪،‬‬
‫واليت ستشلك من مثة موضو َع تتبع ٍ ومالحظة‪ .‬وإا ْن اكنت هذه املرحةل الاس تكشافية تسمح للباحث أأ ْن‬
‫تدقيق الإشاكلية يسمح هل‪ ،‬كذكل ومثال‪ ،‬حبرص جمال املالحظة الإلكرتونية‬ ‫يدقِّ َق يف اإشاكلية حبثه؛ فا ِّإن َ‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪37‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫احلرص سيُنفق الباحث زمنا طويال وجمهودا كبريا يف‬ ‫وعنارصها‪ ،‬اّمك وكيفا‪ .‬ذلكل فاإنه يف غياب هذا ْ‬
‫املالحظة من دون طائل‪ ،‬بسبب غزارة التدفقات املعلوماتية اليت يشهدها الفضاء الرمقي لك يوم‪ ،‬خاصة‬
‫فضاء الش باكت الاجامتعية الرمقية‪ ،‬كام هو الشأأن مع ش بكة الفايس بوك‪.‬‬
‫ولنئ اكنت املالحظة النِّتنوغرافية تقتيض من الباحث أأ ْن يقوم ببناء ش بكة‪/‬ش باكت للمالحظة‬
‫مبؤرشات دقيقة ترتقي بعملية املالحظة الإلكرتونية من املس توى العشوايئ اإىل املس توى املنظم واملهنجي؛‬
‫حرص الفرتة ِّالزمنية للمالحظة الإلكرتونية‪ ،‬والتحديد‬ ‫فا ِّإن خاصية التدفق املعلومايت مت ُيل عليه رضورة ْ‬
‫ادلقيق لفرتة ْمجع املعطيات وتسجيلها عرب حتديد زمن انطالقها وزمن الانهتاء مهنا ابلتدقيق؛ مع احلرص‬
‫عىل توثيق لك حلظة من حلظات تسجيل املعطيات عىل احلاسوب الشخيص‪ .‬ذكل أأن ا ألرقام املسجةل‬
‫خبصوص املؤرشات موضوع املالحظة تتغري يف لك دقيقة بسبب ادلينامية املس مترة للش باكت الاجامتعية‬
‫الرمقية ودينامية ا ألنشطة التفاعلية ملس تخدمهيا‪ ،‬واذلين يُ ِّغريون من بنيهتا بشلك مس متر؛ وهو ما يعين‬
‫أأ ِّن معطيات جديدة س تظهر يف فضاء املالحظة‪ ،‬أأو قد ختتفي منه مبارشة يف ادلقيقة اليت ينهتيي فهيا‬
‫مقي معني‪ ،‬أأو يف اللحظة اليت س ُيوقف فهيا معلية ْمجع املعطيات بشلك‬ ‫الباحث من ْمجع وح ْفظ حمتوى ر ِّ ٍ‬
‫لكِّي‪ .‬ويعين ذكل أأن ادلينامية املس مترة للفضاء الرمقي تقتيض من الباحث ا ألنرثبولويج أأو السوس يولويج‬
‫يويل الاهامتم الالزم لعملية أأرشفة البياانت‬ ‫خالل مرحةل املالحظة الإلكرتونية و أأثناء مجع املعطيات أأ ْن َ‬
‫الرمقية‪ 41‬موضوع ادلراسة‪ ،‬أل ِّن ا أل ْرشفة اجليِّدة ترفع من صالحية ومصداقية املعطيات اجملمعة‪ ،‬كام ت ُِّيَّس‬
‫َمعل الباحث بشلك كبري خالل مرحةل معاجلة وحتليل البياانت‪ ،‬أأو يف حاةل تَلَف أأو ضياع بعض‬
‫املعطيات وحاجته اإىل اسرتدادها أأو تدقيقها عرب العودة اإىل مصادرها ا ألول ِّية داخل املنصات الرمقية‪.‬‬
‫ا ِّإن ما ميكن أأ ْن نس تخلصه انطالقا من لك ما س بق عرضه عىل امتداد هذا احملور هو أأن النِّتْنُوغرافيا‬
‫ا ْإن اكنت تسعى اليوم اإىل فرض نفسها مكهنج يف البحث الاجامتعي يسمح ابستامثر الإماكانت الهائةل اليت‬
‫يتيحها الفضاء الرمقي بأأرش يفاته الضخمة املفتوحة للك زائر‪ ،‬فا ِّإن الباحث املش تغل بذكل املهنج مطالب‬
‫بأأ ْن يكون اش تغاهل ذاك مرفوقا وعىل حنو مو ٍاز مبا ميكن أأن نس ِّميه ابمليتا‪-‬ميتودولوجيا الرمقية اليت تقوم‬
‫عىل جعل اختياراته وممارساته املهنجية داخل ذكل الفضاء موضوع تفك ٍري ومساءةل مس مترين‪ .‬ويعين ذكل‬
‫الاحتفاظ ابملسافة العلمية اليت يفرتضها اش تغاهل يف اجتاهات ثالث‪ :‬مع ميدان حبثه‪ ،‬ومع موضوعه‪ ،‬ومع‬
‫رص من هذه العنارص الثالث هل رشوطه اخلاصة اليت يُملهيا‬ ‫املهنج املط ِّبق دلراس ته‪ .‬حيث ا ِّإن لك عن ٍ‬
‫عىل الباحث‪ ،‬وهل اإكراهاته اليت يفرضها عليه واليت تقتيض من النِّتْنُوغرايف أأ ْن يعمتدَ املرونة الاكفية أأثناء‬

‫قاوقو‪ ،‬اجملمتع الافرتايض وإاشاكلية جتديد مهنج البحث السوس يولويج‪ ،‬مرجع مذكور‪ ،‬ص‪.102-105.‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪38‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫التعاطي معها‪ ،‬و أأ ْن يُكيِّف ابس مترار مقارابته و أأدوات اش تغاهل تبعا ملا يقتضيه لك عنرص‪ْ ،‬‬
‫لكن ابلشلك‬
‫وجيود من مهنجه‪ ،‬ل العكس؛ وابلشلك اذلي يقلِّل من صعوابت البحث‪،‬‬ ‫اذلي خيدم رصامة العمل ِّ‬
‫وجيعلها فرصا حقيقية لتوليد النظرايت واملفاهمي والسري ابلبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج خطو ٍات‬
‫اإىل ا ألمام‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫ا ْإن اكنت حماور هذه الورقة البحثية قد كشفت لنا عن كون النِّتْنُوغرافيا تق ِّدم نفسها كصيغة جديدة‬
‫ومكيِّفة للمهنج الإثنوغرايف‪ ،‬فاإن اجلدِّة هنا ل ينبغي أأ ْن تُفهم عىل أأهنا اإت َيان بيشء غري مس بوق‪ ،‬أأ ْي‬
‫اكإبداعٍ ينطلق من نقطة الصفر‪ ،‬بل ينبغي أأ ْن تُفهم كفعل جتدي ٍد ينطلق من قواعد قامئة وحياول أأ ْن يعدِّل‬
‫فهيا ويكيِّفها تبعا خلصوصية الفضاء اذلي يُطبق فيه واذلي يُ ْميل ذكل النوع من التجديد عىل الباحث‬
‫ألجل جتاوز الإشاكلت املهنجية اليت تُطرح هل يف ذكل املضامر‪ .‬ويعين ذكل أأ ِّن التحولت الرباديغمية‬
‫اليت تعيشها السوس يولوجيا وا ألنرثبولوجي ْا اليوم جراء التقدم التكنولويج الكبري‪ ،‬كام أأعادت اإاثرة سؤال‬
‫ا ألطر النظرية واملفاهميية املوظ َفة يف دراسة اجملمتع‪ ،‬بل وافرتضت اإعادة النظر يف مفهوم اجملمتع يف حد‬
‫طر َح سؤال املهنج بصيغة جديدة‪ ،‬و أأصبحت تفرتض التعاطي مع العدِّة املهنجية‬ ‫ذاته؛ فاإهنا أأعادت أأيضا ْ‬
‫اليت يش تغل هبا عمل الاجامتع وا ألنرثوبولوجيا‪ ،‬ل ك ُعدة جاهزة يُعاد اإنتاهجا واس تعادهتا كام يه يف لك ِّمرة‬
‫إرث معر ٍ ِّيف ترامكي قابل لالغتناء‪ ،‬يلزم العودة اإليه‪ ،‬والانطالق منه‪،‬‬ ‫وكأهنا نوع من التِّعالمي الثابتة‪ ،‬بل اك ٍ‬
‫ألجل التأأسيس عليه‪ ،‬وتطويره‪ ،‬وحت ِّيينه‪ ،‬ابلشلك اذلي يسمح مبواكبة مس تجدات العرص الراهن‪.‬‬
‫ولنئ اكن اجملمتع‪ ،‬أأصبح يمتظهر بصورتني‪ ،‬مادية ورمقية‪ ،‬وإا ْن اكنت ا ألشاكل الاجامتعية أأحضت‬
‫الصيغ اليت صارت تمتظهر هبا؛ فاإن ذكل يعين أأ ِّن املرونة املهنجية‬ ‫بذكل أأكرث مرونة من حيث طبيعة ِّ‬
‫ينبغي أأ ْن تكون يه القاعدة ل العكس؛ خاصة و أأ ِّن املسأأةل املهنجية تتعلق هنا مبا هو اإنساين‪ ،‬أأ ْي مبا هو‬
‫دينايم ونس يب بطبيعته‪ .‬وتَطرح تكل املرونة نفسها بشلك أأكرب عندما نعاين جحم الَّسعة اليت يسري هبا‬
‫التقدم التكنولويج اليوم يف اجملال املعلومايت‪ ،‬خاصة يف ظل الرهاانت والإشاكلت الكربى اليت بد أأت‬
‫تطرهحا تكنولوجيا اجليل اخلامس واليت ميكهنا أأ ْن تُغري لك ِّيا شلك العامل‪ ،‬وشلك احلياة الاجامتعية‪.‬‬
‫ا ِّإن تكل التحولت الرباديغمية الكربى اليت حنيل اإلهيا ابس مترار‪ ،‬واليت ا ْإن اكن عدد من الباحثني لزال‬
‫غافال عهنا‪ ،‬أأو حذرا مهنا‪ ،‬مشكِّاك فهيا‪ ،‬حبمك ابتعاده عن الفضاء الرمقي وعن ما جيري داخهل‪ ،‬أأو حبمك‬
‫حباث ودراسات ألهنا ل تشلك مدَ َار اهامتمه؛ فاإن الباحث املهَت بدراسة‬ ‫عدم اإحاطته مبا يُنتج حوهل من أأ ٍ‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
‫‪39‬‬

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫ذكل الفضاء‪ ،‬ممارسة أأو تنظريا أأو هام معا‪ ،‬يدرك ابملقابل جحم ’القلق‘ املهنجي اذلي خيتربه الباحثون يف‬
‫ومه يقاربون موضوعاهتم‪.‬‬ ‫هذا الإطار جراء جحم الإشاكلت املفاهميية واملهنجية وا ألخالقية اليت تعرتضهم ُ‬
‫ولنئ اكن ذكل القلق ل يزال قامئا ومس مترا بسبب حداثة ميدان البحث‪ ،‬والصيغ اجلديدة اليت‬
‫أأصبحت تنكشف هبا خمتلف ا ألشاكل الاجامتعية داخل الفضاء الرمقي‪ ،‬بل وبروز أأشاكل وممارسات‬
‫اجامتعية أأخرى غري مأألوفة؛ فا ِّإن الَّسعة اليت تسري هبا اليوم التكنولوجيا الفائقة ادلقة تقتيض أأ ْن يو َ‬
‫اكب‬
‫الباحثون ا ألنرثبولوجيون والسوس يولوجيون ذكل التقدم‪ ،‬تنظريا وممارسة‪ ،‬و أأ ْن يَعوا أأنه ا ْإن اكن من نتاجئه‬
‫أأ ِّن ا ألشاكل الاجامتعية أأصبحت تمتظهر بصيغتني‪ ،‬فاإنه ل ينبغي الاس مترار يف اس تنساخ مناجه البحث‬
‫املأألوفة وتزنيلها كام يه عىل الفضاء الرمقي دون أأدىن تكيِّ ٍيف أأو مراجعة وكأهنا يشء ’مقدس‘ ل يقبل‬
‫النقاش أأو التعديل‪.‬‬
‫كام ل ينبغي الاس مترار يف التعامل مع اجملمتع ’الافرتايض‘ مبنطق اجملمتع الفعيل‪ ،‬وإاسقاط خصوصيات‬
‫ا ألول عىل الثاين‪ ،‬واعامتد املقولت نفسها يف النظر اإىل الثنني‪ ،‬دون تَدَ ب ٍر يف جحم الفوارق القامئة بيهنام‪،‬‬
‫كام لو أأن شيئا مل يتغري يف شلك احلياة الإنسانية ابلرمغ من لك التحولت الكربى اليت خَربهتْ ا البَشية‪،‬‬
‫ولتزال ختتربها‪ ،‬بسبب الثورة الرمقية اليت َفرضَ ت لزاما مقاربة الوجود الانساين وفْ َق مقو ٍةل لطاملا‬
‫ُو ِّظ َفت يف تصنيف ووصف ما يندرج يف ابب الومه أأو اخملتلق وغري املوجود‪ ،‬ويه مقوةل الافرتاضية‪.‬‬
‫نظراي ومهنجيِّا‪ ،‬أأصبحت تقتيض اليوم‪ ،‬يف‬ ‫ويعين ذكل أأن متطلبات الاش تغال عىل الفضاء الرمقي‪ِّ ،‬‬
‫نظران‪ ،‬تغيري زاوية النظر اإىل مفهوم الافرتاضية يف حد ذاته عرب النظر اإلهيا مكقو ٍةل واصف ٍة ملس توى من‬
‫املوجود‘‪ ،‬ل ’الوجود املتخيل‘‪ ،‬ألن هذا التغ ِّيري يف زاوية النظر هو اذلي ابإماكنه‬ ‫مس توايت ’الوجود ْ‬
‫يسمح بتجاوز عدد من الإشاكلت اليت يواهجها الباحثون‪ ،‬يف جمال العلوم الاجامتعية والإنسانية‬ ‫أأ ْن َ‬
‫معوما‪ ،‬وذكل يف اإطار سعهيم اإىل التعبري مفاهمييِّا عن الكياانت الناش ئة داخل ذكل الفضاء عىل حن ٍو‬
‫يعكس خصوصية وجودها الرمقي والعارض‪.‬‬
‫ولعل اس مترار املالحظة النِّتْنوغرافية يف الس نوات املقبةل أأو العقود القادمة‪ ،‬يف ظل التطورات اجلديدة‬
‫اليت تعدُ هبا التكنولوجيا الفائقة ادلقة يف جيلها اجلديد‪ ،‬ابإماكنه أأ ْن يكشف عن مفاهمي جديدة ملقاربة‬
‫الفضاء الرمقي‪ ،‬أأو تعديل العدة املفاهميية احلالية اليت نوظفها اإىل الن‪ .‬كام ابإماكن تكل التطورات‬
‫التكنولوجية أأن تفيض يه ا ألخرى اإىل تعديل صيغة تكل املالحظة نفسها جراء بروز تقنيات جديدة‬
‫قد تسمح برؤية أأبعاد أأخرى للحياة البَشية مل يتوقعها العمل اإىل الن‪ ،‬يَت مبوجهبا اإعادة النظر من جديد‬
‫يف سؤال مهنج البحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج وموضوعاهتام والرباديغامت املعمتدة يف مقاربهتا‪.‬‬

‫‪ISSN: 2737-856X‬‬ ‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‪ ،‬العدد ‪2023 ،5‬‬
40

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

‫لحئة املراجع واملصادر‬

‫ سلسةل‬،"‫ دراسة سوس يولوجيِّة‬:‫ "الباترايركيِّة الرمقيِّة واسرتاتيجيِّات املقاومة اجلندريِّة النامعة‬،‫ حمجوبة‬،‫قاوقو‬
.2023 ،‫ منشورات اجمللس العريب للعلوم الاجامتعية‬،28 ‫ ورقة رمق‬،‫أأوراق العمل‬
‫ حنو مقاربة جديدة ملفهوم الرابط الالديين‬:‫ "الهوية الالدينية الرمقية ومفهوم العائةل الإلكرتونية‬،‫ حمجوبة‬،‫قاوقو‬
.)414 -411( 2020 ،55 :‫ العدد‬،‫ هسربيس متودا‬."‫الإفرتايض‬
،"‫ حنو اإعادة ترس مي حقل السوس يولوجيا وجمالهتا‬:‫ "براديغم الش بكة الاجامتعية الافرتاضية‬،‫ حمجوبة‬،‫قاوقو‬
.)107-95( 2019 ‫يونيو‬-‫ أأبريل‬،6 ‫ العدد‬،‫جمةل ابحثون‬
‫ حنو بناء منوذج دلراسة‬:‫ "اجملمتع الافرتايض وإاشاكلية جتديد مهنج البحث السوس يولويج‬،‫ حمجوبة‬،‫قاوقو‬
.)114-89( ،2019 ‫ صيف‬،‫ اجملدل الثامن‬،29 ‫ العدد‬،‫ جمةل معران‬،"‫التفاعالت الإلكرتونية بواسطة احلاسوب‬
Adams, Tony E. Jones; Stacy, Holman; Carolyn, Ellis, «Autoethnography»,
International Encyclopedia of Communication Research Methods, 2017. pp. 1-
11.
Atkinson, Paul; Martyn, Hammersley, «Ethnography and Participant
Observation», Handbook of Qualitative Research, 1994, pp. 248-261.
Barbour, Joann Danelo, «Leader Paradoxes and Critical Ethnographies»,
Academic Exchange Quarterly, vol. 11, n° 2, 2007, pp.117-121.
Britten, Nicky, et al., « Using meta ethnography to synthesise qualitative
research: a worked example », Journal of health services research & policy,
vol.7, n°4, 2002, pp.209-215.
Bunt, Gary, iMuslims: Rewiring the House of Islam, London: C. Hurst & Co.
Kuala Lumpur, Editions: Chapel Hill: University of North Carolina Press, 2009.
Christine, Barats, Jean-Marc, Leblanc et Pierre Fiala, «Approches texto
métriques du web: corpus et outils», dans : Christine Barat (dir), Manuel
D’analyse de Web, Collection Sciences Humaines et Sociales, Paris : Armand
Colin, 201.
Durkheim, Emile, « La Sociologie et son domaine scientifique », Collection :
"Les classiques des sciences sociales », édition électronique réalisée par Jean-
Marie Tremblay, 1900, pp.1-20.
Ellingson Laura L. & Ellis Carolyn, «Autoethnography as constructionist
project», in: Handbook of constructionist research, James A. Holstein & Jaber F.
Gubrium (Eds.), New York: Guilford Press, 2008, pp.445-466.
Geertz, Clifford., The Interpretation of Cultures, New York: Clifford sic Books,
1973.
Heas, Stéphane ; Poutrain, Véronique « les méthodes d’enquête qualitative sur
Internet », Ethnographiques, org, vol. 4, 2003, pp. 1-8.
Hine, Christine. M., Virtual Ethnography, Thousand Oaks, CA: Sage
Publications Ltd, 2000.
Josiane, Jouet ; Coralie Le Caroff, "L’observation ethnographique en ligne",
dans: Christine Barat (dir), Manuel D’analyse de Web, Collection Sciences
Humaines et Sociales, Paris: Armand Colin, 201.
Kaoukaou, Mahjouba, "Netnography: towards a new sociological approach of
qualitative research in the digital age", SHS Web of Conf. Vol 119, n° 01006,
2021, pp.1-7.

ISSN: 2737-856X 2023 ،5 ‫ العدد‬،‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‬


41

‫النِّتْنُوغرافيا مهنجا للبحث السوس يولويج وا ألنرثبولويج‬ ‫حمجوبة قاوقو‬

Kozinets, Robert V, "Click to Connect: Netnography and Tribal Advertising”,


vol.39, n° 1, Journal of Advertising Research. vol. 46, n° 3, 2006, pp.279–288.
Kozinets, Robert V, "Netnography: The marketer’s secret weapon", White paper,
2010, pp.1-13.
Kozinets, Robert V, "On Netnography: Initial Reflections on Consumer Research
Investigations of Cyberculture", in: Alba, Joseph W., and J. Wesley Hutchinson
(dir.), NA - Advances in Consumer Research, vol. 25, Provo, UT: Association for
Consumer Research, 1998, pp.366-371.
Kozinets, Robert V, «The field behind the screen: Using netnography for
marketing research in online communities », Journal of marketing research, vol.
39, n°1, 2002, pp.61-72.
Kozinets, Robert V, Netnography: Doing Ethnographic Research Online,
London: Sage, 2009.
Guillaume, Latzko-Toth, Claudine, Bonneau, Mélanie Millette, “Small Data,
Thick Data: Thickening Strategies for Trace-Based Social Media Research,” in:
Luke Sloan & Quan-Haase Anabel (dir), The SAGE handbook of social media
research methods, Sage Publications, 2017, pp. 199-214.
Marechal, Garance, «Autoethnography », in: Albert J. Mills, Gabrielle Durepos
& Elden Wiebe (éd.), Encyclopedia of case study research, Thousand Oaks, CA:
Sage Publications vol. 2, 2010, pp. 43–45.
Musso, Pierre, Critique des réseaux, Paris : Presse Universitaires de France,
2003.
Pink, Sarah et al., Digital Ethnography: Principles and Practice, London: Sage
Publications, 2015.
Reeves, Scott et al, «Qualitative Research Methodologies: Ethnography», British
Medical Journal, vol.337, n° 7668, 2008. pp.512-514.
Saint-Simon, Claude-Henri, La physiologie sociale : œuvres choisies, (1er 1813),
Paris : Presses universitaires de France, 1965.
Spitulnik, Debra, «Anthropology and mass media», Annual review of
Anthropology, vol.22, n°1, 1993, pp. 293-315.
Stone, Allucquère Rosanne ‘Sandy’, « Will the real body please stand up »,
Cyberspace: first steps, 1991, pp.81-118.
Stone, Allucquère Rosanne, The war of desire and technology at the close of the
mechanical age, MIT press, 1996.
Turkle, Sherry, Life on the Screen: Identity in the Age of the Internet, New York:
Simon & Schuster, 1995.
Turkle, Sherry., The second self: computers and the human spirit, New York:
Simon and Schuster, 1991.

ISSN: 2737-856X 2023 ،5 ‫ العدد‬،‫اجملةل الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجامتعية‬

You might also like