Professional Documents
Culture Documents
(*) مدرس االنثروبولوجيا -قسم االجتماع -كلية اآلداب -جامعة القاهرة (فرع الخرطوم).
61
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
االثنوجرافى ما هو اال توثيق للتراث قبل اندثاره .وهذا ايضا ما كان يحدث للمصريين
القدماء من تسجيلهم لحياتهم المعيشية على الجدران وذلك من خالل رسوماتهم المختلفة .
وإذا كانت السينما العادية التى يشاهدها جمهور الناس بما تقدمه له من متعة وتشويق
واثارة .فان السينما االنثروبولوجية تقدم الفيلم الوثائقى .أى أنها تقدم التراث الخاص
بشعب من الشعوب ،من خالل معرفة تراثه الثقافى واالجتماعى .خاصة اذا ماالحظنا أن
السينما العادية تختار القصة والموسيقى والممثلين الذين يؤدون أدوارهم بعناية فائقة ،كما
تسمح للمونتاج أن يقوم بتقطيع مقاطع الفيلم حسب رؤية المخرج.
أما السينما االنثروبولوجية فنجد الباحث فيها يقوم بدراسته الميدانية من خالل رؤيته
للمكان والناس وسلوكياتهم وأفعالهم االجتماعية دون أن يتدخل فى تقطيع أواصر الفيلم،
فكأنها الميزة الخاصة باألنثروبولوجيا البصرية دون السينما نفسها.
فالواقعية هى المطلوبة لألنثروبولوجى من خالل عملية المالحظة حيث أن
االنثروبولوجى يستبعد تماما درجة العاطفية فهو محايد تماما دون تدخل ،فنجده يعرض
الصورة كما هى على أرضية الواقع .فالكاميرا ما هى اال مرآة االنسان يستطيع من
خاللها رؤية الواقع كما هى .اذن هى الحقيقة التى المفر لالنسان أن يعتمد عليها فكأن
الفيلم االثنوجرافى ماهو اال معايشة هذه الحقيقة .فالكاميرا هى عين الحقيقة دون جدال.
االطار العام للدراسة :
أوال :موضوع البحث
رؤية الظاهرة االنثروبولوجية وأسلوب معالجتها تشير الى أهمية فكرة فكرة البصيرة
التى تتميز بها العلوم االنسانية عن غيرها من العلوم التجريبية .والفن ابداع يستخدم فى
تفسير تخيالت االنسان وفهمه لهذه التخيالت كما أنه متعه للحياة .وقدرة االنسان على
استخدام الرموز .واالنثروبولوجيين يهتمون بالفن كانعكاس للقيم الثقافية واهتمام
االنسان بها (.)4
ثانيا :أهداف البحث :
-1أن االنثروبولوجيا بما لديها من مفاهيم ومصطلحات خاصة قادرة على فهم
المجتمع االنسانى بكل زواياه المختلفة ،حيث ان االنثروبولوجيا تتسم بنظرة
شمولية للمجتمع الذى يهتم به الباحث.
-2يهدف البحث الى التعرف بشكل أساسى على اساسيات فرع جديد يشكل أساس
جوهرى فى الفكر االنثروبولوجى أال وهو الفيلم االنثروبولوجى.
-3اثراء المكتبة االنثروبولوجية العربية ببحث جديد عن االنثروبولوجية البصرية
خاصة اذا ما علمنا أنه ال يوجد على حد علم الباحث كتاب أو بحث عربى عن
االنثروبولوجيا البصرية والفيلم االثنوجرافى.
ثالثا :تحديد مفاهيم البحث
اذا كان الفن صورة من صور الثقافة فأن البصر هو اآلخر صورة من صور الثقافة،
فالعين هى التى تالحظ وتشاهد كل ما يدور خارج االنسان من بيئة وعالقات اجتماعية
62
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
وثقافية فى آن واحد .وبالتالى فان العين تشاهد الجمال والقبح وتعى هى األخرى
بالرومانسية والهمجية عن طريق تعبيرات الوجه .
فكأن العين هى التى تدل على الحقيقة التى يعيها االنسان بمختلف جوانبها .فالروائى
ماهو اال مبدع ذى الهام حاد مختلف عن البشر خاصة فى تذوقه للجمال ،فكأن هذا
المبدع هو الذى يعرف عن الحقيقة الفنية الواقعية ما هو بعيد عن مدركات البشر.
-1االنثروبولوحبا البصرية :وقد عرفت الموسوعة البريطانية االنثروبولوجيا بأنها
هى الدراسة االنثروبولوجية التى تقوم على دراسة الظواهر البصرية فى الثقافة
والمجتمع من خالل وسيلة مرئية( .)5وتم تعريف االنثروبولوجيا البصرية من
قبل (رو اون) بأنها النشاط الثقافى حيث فنون السينما والعلوم االنسانية
وتكنولوجيا المعلومات والتفاعل معها وتدرج فى الممارسات االجتماعية
البصرية على التقاليد العرقية الجراء حوار الثقافات(.)6
والباحث فى هذا الطار عرف االنثروبولوجيا البصرية بأنها العلم الذى يهتم بدراسة
النشاط االنسانى بجميع ظواهره االجتماعية والثقافية فى اطار من الرؤية البصرية
مستخدما فى ذلك الفن السينمائي.
طرق وأساليب البحث فى جمع البيانات الخاصة باالنثروبولجيا البصرية:
-1استخدام الكاميرا الفوتوغرافية النتاج صور عادية
-2استخدام كاميرا الفيديو لتصوير األحداث
-3استخدام الكاميرات السينمائية
-4استخدام الكاميرات الديجيتال
-5استخدام أداة ساليت لتوضيح الصورة بكل أبعادها كى تعبر عن الواقع المالزم لها.
تساؤالت البحث :
تحاول الدراسة وضع عددا من التساؤالت وهى كاآلتى:
1ـ ما هى العالقة بين االدرا البصرى والثقافة؟
2ـ ما هو دور الصورة فى الفيلم االثنوجرافى؟
النظريات المستخدمة فى البحث :
سيتناول الباحث فى بحثه هذا مجموعة من النظريات سواء كانت متعلقة
باألنث روبولوجيا من جهة أو متعلقة بالفنون من جهة أخرى وهذا ما يتيح للباحث نوعا من
التكامل فى بحثه والنظريات هى :
ا -البنائية الوظيفية.
ب -نظرية عين الكاميرا .
ج -نظرية االنعكاس.
نظرية عين الكاميرا:
تشكككل نظريككة عككين الكككاميرا األسككاس الجككوهرو لعلككم االنثروبولوجيككا البص كرية علككي
اعتبار أنها تمثل األساس لدى المشكاهد فمكن المعكروف أنكه يوجكد عكدة أطكر لهكذه النظريكة
ممثلة في اإلعداد للفيلم والنص (سواء أكانت قصكة أم روايكة ..الكخ) والمكؤثرات الصكوتية
63
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
والتي تؤثر علي حركة المشاهد ثم التصوير بكل أبعاده سواء أككان عدسكة الككاميرا قريبكة
من الممثل أو متوسطة أو بعيدة عنه أو التقريب من وجه الممثل .بمعني أنها تأخذ العدسكة
ما يسمي بالزووم ثم يلي ذلك المونتاج والذو يتفاعل مع النص والحوار من خكالل تقطيكع
بعض المشاهد .وبعد ذلك يأتي دور الجمهور وهم يشكلون البعد األخير للفيلم علي اعتبكار
أنهم المتلقين للفيلم والمشاهدين له.
وبالتككالي فالكككاميرا هنككا تلككم بكككل أواصككر الفككيلم مككن زوايككاه المختلفككة فالمشككاهد هككو الككذو
يالحظ كل صغيرة وكبيرة أمام الكاميرا من خالل متابعة مدى انفعاالت الممثل وتعبيرات
وجهه واجزاء جسمه ،كذلك فإن انتقال الكاميرا بزواياها المختلفكة فكي األمكاكن المفتوحكة
يجعل المشاهد يشعر بالراحة والرومانسية في حكين نجكد العككس إذا كانكت زوايكا الككاميرا
توجد فكي أمكاكن مغلقكة فهنكا يشكعر المشكاهد بنكوع مكن االنفعكال الزائكد خاصكة فكي مشكاهد
المعار أو الجريمة.
ومن هنكا يكرى الباحكث أن نظريكة عكين الككاميرا مكن الممككن االسكتفادة منهكا مكن خكالل
تصوير سلوكيات األفراد ومدى انفعالهم اتجاه شيء معين ،كذلك نفكس الحكال عنكد دراسكة
ظاهرة معينة من ظواهر االحتفال بشعائر المكرور أو الختكان .ككل ذلكك مكن شكأنه أن يفيكد
الفككيلم األثنككوجرافي .ألن الفككيلم األثنككوجرافي مككا هككو إال تعبيككر أو هككو مككرآة حقيقيككة لحيككاة
اإلنسان .من خالل مالحظكة األنثروبولكوجي لجميكع مظكاهر الحيكاة .وعلكي الكرغم مكن أن
مدة الفيلم االثنوجرافي بسيطة للغاية .فهي ال تتعدو دقائق إال أنها كافية لدراسكة الظكاهرة
بأدق تفاصيلها .بل ورفع خريطة المنطقة مكن أرضكية الواقكع إلكي الفكيلم مباشكرة ممكا يفيكد
االنثروبولوجي في عدم استغراق وقت كبير لرفع منطقة بحثه علي الخريطة.
نظرية اإلنعكاس:
تأتي في المرتبة الثانية من حيث اختيار الباحكث .حيكث أنهكا تصكب فكي مصكلحة األدب
بدرجة كبيرة وهنا نرى أن الفكيلم السكينمائي حينمكا يتنكاول قصكة أو روايكة أدبيكة فكأن ذلكك
يفيده من حيث معالجة قضايا معينة أو تتبع ظاهرة معينة كما هو الحكال فكي ثالثيكة نجيكب
محفوظ (قصر الشوق– بين القصرين– السكرية) أو زقاق المدق أو بداية ونهاية .كل هذه
األفكالم مكأخوذة عككن روايكات بكنفس المسككمي مكن األديكب نجيككب محفكوظ .وال شكك أن كككل
مخرج للفيلم يتنكاول القصكة مكن منظكور أدبكي مشكوق مكن ناحيكة ومنظكور تجكارو لجكذب
الجمهور .فالفيلم هنا هو للتثقيف من زاوية وتجارو من زاوية أخرى.
ونظرية اإلنعكاس قد تعكس الواقكع الكذو يعكيش فيكه المجتمكع وبالتكالي فكإن المخكرج قكد
يأخذ لقطات من الفيلم تنم عن مكنونات الشخصية كمكا فكي الثالثيكة مثكل (السكيد أحمكد عبكد
الجككواد) .وهككي شخصككية الرجككل القككوو المسككيطر علككي زمككام األمككور فككي حككين نجككد هككذه
الشخصية ليال تميل إلي العبث والفجور فازدواج الشخصكية نجكده فكي هكذه الروايكات بككل
معانيها كما أن توجيهات المخرج قد تخرج عن إطار المألوف بحيث تنصب لقطات الفكيلم
عن نوازع جنسية لدى شخصيات الرواية كما هو في (ياسين ابن السيد احمكد عبكد الجكواد
...الخ)
64
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
وعلي ذلك يمكن القول أن الهدف األساسي من اختيار هذين النظريتين كي تالئم البحكث
المراد بحثه .خاصة وأن مكن الصكعوبات التكي واجهكة الباحكث عكدم وجكود نظريكة خاصكة
بالفيلم االثنوجرافي إلي وقتنا الحالي مما يصعب من مهمة الباحث ويؤثر علي بحثه.
المناهج المستخدمة فى البحث:
يمكككن القككول ان الباحككث سيسككتخدم فككى دراسككته هككذه منهجككين لدراسككة موضككوع الرؤيككة
البصرية وهما كآلتى :
1ـ المنهج االنثروبولوجى فى دراسة المجتمكع وهكذا المكنهج يسكاعد الباحكث فكى وصكف
الظاهرة وتحليلها ومعرفة الحقائق عن الظاهرة التى نحن بصدد دراستها.
وتنبع أهمية هذا المنهج فكى الكشكف عكن مظكاهر السكلو الخاصكة بكأفراد هكذا المجتمكع
خالل فترات زمنية معينة وهل هى ثابتة أم اعتراها بعض التغيرات المصاحبة لها.
2ـ منهج تحليل المضكمون .وهكذا المكنهج سسكيولوجى يقكوم علكى الوصكف الموضكوعى
المنظم الكمى لمحتوى الظاهرة عن االتصال كما أشار لذلك (بيرلسون)(.)7
وتعتبر األفالم السينمائية أحد المصادر الممتازة لهذا النوع مكن التحليكل ويمككن صكياغة
ثالث مفهومات تحليلية للعالقات االجتماعية:
ا -عالقات تتجه لشخص مباشرة.
ب -عالقات تتجه بعيدا عنه.
ج -العالقات المضادة له.
وبعد ذلك يحاول الباحث ان يأتى بشواهد من األفكالم السكينمائية تعبكر عكن هكذه المفكاهيم
( .)8وهذا المنهج يستخدم فى تحليل الروايات من خالل األفكار التى يعتنقها هؤالء األدبكاء
ومدى ارتباط القيم التى يطرحونها بما هو موجود داخل المجتمع الذى يتم التعبير عنه.
المداخل المنهجية المستخدمة فى البحث:
وفى هذا االطار سيتم استخدام مدخلين أساسيين عند تناولنا لهذا البحث وهما المدخل
الوظيفى والمدخل المعرفى.
65
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
احتياجات معينة فى الحياة وهى حاجته الى المأكل والمأوى والملبس واألمن
والجنس وحاجته للغة.
-2المدخل المعرفى:
ويتميز هذا المدخل باهتمامه باالنسان من خالل تفكيره وليس سلوكه وبالتالى
فنقطة بدء الدراسة المعرفية لثقافة ما هى البحث عن التصورات والمقوالت
والتصنيفات العقلية التى ينظم أفراد هذه الثقافة الظواهر المختلفة المحيطة بهم
على أساسها والتى تبدو فى التركيبات المميزة للغة التى يتحدثون بها ولقد أطلق
على هذا التجاه اسم (االثنوجرافيا الجديدة) ومن علماء االتجاه المعرفى (تشارلز
فريك– ستورتيفانت)(.)10
ويتشكل البناء المعرفى لكل فرد نتيجة بعض المحددات مثل البيئة الفيزيقية
التى يعيش فيها والبيئة االجتماعية التى نشأ فيها فالفرد الذى يعيش فى بيئة
صحراوية يختلف البناء المعرفى عنده عن االنسان الذى يعيش فى مجتمع
حضرى ،وكذلك تؤثر البيئة االجتماعية فى التكوين المعرفى عند الفرد ،فالبناء
المعرفى للفرد الذى ينتمى الى الطبقات الدنيا ويقيم فى مناطق حضارية متخلفة
يختلف عن البناء المعرفى للفرد الذى ينتمى الى الطبقة العليا ويقيم فى منطقة
حضارية تتصف بالتنظيم االجتماعى المتماسك(.)11
فاذا نظرنا الى هذا االتجاه أوالمدخل المعرفى ما هو اال كيفية اعمال الفكر فى
العقل.اذن هو عبارة عن مدركات عقلية فى ذهن األفراد الذين يعيشون فى
مجتمع ما فنجد الفرد الذى يعيش فى مجتمع متخلف فان النقود هى التى تشكل
حياته العامة فى حين نجد العكس بالنسبة للفرد الذى يحيا فى مجتمع غنى أو
متوسط فان العاطفة تجاه الجمال والرومانسية نجدها واضحة فى هذا االطار.
فكأن المعرفة الوجدانية تتولد فى ذهن الفرد من خالل بيئته التى يعيش فيها
ومن رؤيته للواقع الذى يحيا فى اطاره وهذا مانجده فى عمل األديب أو
الروائى .وبالتالى فان االنثروبولوجيا البصرية تعمل فى اطار هذين المدخلين
(الوظيفى– المعرفى) على أساس أن المنهج الذى يتبعه الباحث هو المنهج
االنثربولوجى القائم على الوصف والتحليل لكل عناصر البناء والوظيفة
ومعرفة سلوكيات وتصورات مدركات عقله من جانب آخر.
أدوات جمع البيانات:
ولقد استخدم الباحث فى بحثه مجموعة من أدوات البحث هى:
-1يعد الفيلم االثنوجرافى هو أحد األدوات الرئيسة لجمع البيانات فى االنثروبولوجيا
الثقافية .ولما كانت هذه األداة تمثل اتجاه حديثا الى حد ما فى االنثروبولوجيا
بصفة عامة واالنثروبولوجيا البصرية بصفة خاصة فان درجة اهتمام الباحث بها
تشكل حجر الزاوية فى دراسته هذه.
66
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
-2تعد األفالم السينمائية بصفة عامة مجاال خصبا لالنثروبولوجيين خاصة تلك
األعمال الروائية التى تحتوى على كل تفاصيل الحياة بصفة عامة فهى بذلك من
أدوات جمع البيانت التى تم االعتماد عليها.
صعوبات البحث:
الشك ان االنثروبولوجيا البصرية تعد فرعا مهما لعلم االنسان وان االنثروبولوجيا
ك علم ليس استاتيكيا ولكنه ديناميكى بمعنى انه ليس علما جامدا وأنما نجده متغير وفقا
لمتطلبات عصره .وبالتالى نجد االنثروبولوجيا البصرية فرعا ليس جديدا ولكن لم يلتفت
اليه الكثير من شباب علماء االنثروبولوجيا حيث أنه لم يتبلور بعد افكاره االساسية التى
سيبنى عليها هذا العلم .ولكن ككل العلوم يوجد الكثير من الصعوبات التى واجهت
الباحث فى بحثه وهى :
-1قلة عدد الكتب المنشورة باللغات االوربية حول االنثروبولوجيا البصرية .
-2عدم وجود ا بحاث عربية تناولت هذا الموضوع (وذلك على حد علم
الباحث) وكذلك ال توجد مراجع عربية.
-3ال توجد دوريات علمية وصلت الى مصر تناولت مثل هذا العلم.
وبالتالى كان لزاما على الباحث ان يتناول هذا العلم ولو بجهد بسيط متواضع حتى ينير
الطريق للذى يأتى من بعده من طالب علم االنثروبولوجيا وغيره من العلوم الوثيقة
الصلة بهذا الموضوع.
ولنتناول بشىء من التفصيل تاريخ هذا الفرع (االنثروبولوجيا البصرية).
تاريخ االنثروبولوجيا البصرية:
يمكن القول أن أحد الوثائق االساسية لالستخدام االكاديمى للفيلم كان من خالل
(الفرد كورت هادون ) عام 1898فى دراستة لجزر توريس والتى عمل على التسجيل
العلمى من خالل وسائل مختلفة مثل معدات التحدث عن صور فوتوغرافية وأفالم.
ولقد أستخدم (هادون) البحث المنهجى واالتجاه العلمى (الحياة القومية)
فىتفضيل المالحظة المباشرة عن المبشرين والرحالة ،وبؤرة التقرير هو أدوار الباحث
الحقلى والنظرى .)12(.ومنهنا نرى (هادون) أشار الى صناعة األفالم من خالل ما أسماه
(بالسينما مسى)؛ (أى أن المشاهد هو الذى يشعر أو يلمس الصورة) ،وبالتالى فهو يشير
الى نهج الحس والبصر ،أى أن االنسان يشعر بالفعل ويشاهد الفعل فى الصورة .أى
يوجد تكامل فى الفيلم من تصوير وصوت.
ثم أتسع نطاق االفالم االثنوجرافية بعد الحرب العالمية االولى وذلك من خالل
أعمال كل من (مالينوفسكى -وبواس) ثم يليهم (راد كليف براون و مارسيل موس) من
أن العمل الميدانى البد وأن يشتمل على صورة وصوت لمشاهدة الواقع العملى سواء
أكان ذلك من خالل االحتفاالت بمراسم الطقوس بكل أنشطتها وكذلك عمل مقاييس
الجزاء الجسم االنسانى (قبائل الكيكوتيل) وكذلك عناصر الثقافة المادية.
67
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
68
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
بصرية .وهى ماهى الصورة؟– وماهو مضمونها؟ -ثم من الذى قام بالتقاط هذه الصور
ومتى ولماذا؟ واألشخاص الذين يأتون ماذا تفعل معهم؟
التصوير وتحليل المناظر:
لقد أصبح التصوير أداة ضرورية للدراسة الحقلية فقد دأب األنثروبولوجيون فى
السنوات األخيرة على التقاط الصور واألفالم السينمائية لتساعد على ايضاح مادتهم
االثنوجرافية واألفالم التسجيلية تعتبر بمثابة سجالت للخبرة فى الدراسة الحقلية وخاصة
فى المواقف التى يصعب مالحظة جزئياتها كما فى حفالت شعائر التكريس أو الشعائر
الدينية أو الجنائزية حيث يصعب على العين المجردة ادرا هذا الكم الهائل من
الجزئيات ،ومن ثم فان التصوير يخدم العديد من األغراض وليس لمجرد تزويد
اآلخرين بما يحدث فى موقع ما عن كيفية المعيشة أو أسلوب الحياة والعادات والتقاليد
والمظهر الفيزيقى ..الخ ولكنه على حد تعبير (باتس) وسيلة لتوضيح التفاعل القائم بين
األفراد والجماعات.
أن التسجيالت السينمائية تستخدم من أجل تسجل العناصر المتداخلة ،والشك أن
أمعان النظر فيها ودراستها عن قرب وتكرار عرضها يمكن الباحث من االطالع على
التفاصيل المرتبطة بالسلو والتى ال يستطيع ادراكها بوضوح فى المالحظة العابرة،
كما يمكن االعتماد عليه فى فحص التنوع الهائل للموضوعات (كيفية مسك االم لوليدها،
كيفية اطعامه ،حمايته ،التفاعل بين االخوة واالخوات ،قضاء وقت الفراغ ،شعائر
وطقوس أو ممارسات الحرب أو الصيد ..الخ(.)15
ان االنثروبولوجيين قد اهتموا بتحليالت واسعة للفيلم كوسيلة اتجاه لدراسة الثقافة
بصفة عامة فضال عن مضمون الفيلم نفسه وعادة مايكون البحث أكثر صعوبة فى
الوصف والمناقشة(.)16
والفكرة األساسية هنا تدور حول أن الدراسات الثقافية األخرى تعمل على ادرا
انماط للمقارنة بالرغم من التفاصيل الهامة التى تعتمد على هذه العالقة لمثل هذه االنماط،
فاالنماط تستطيع أن ترى بواسطة المالحظة االولى والتفاصيل الهامة لهذا الترابط هو أن
رءويتها يمكن تحليلها بدقة متمثلة فى اآلتى:
-1ابحاث عن القواعد ومحتوى عناصرها االكثر تكرارا.
-2الغالقات التى تكون أكثر تكرارا.
-3البحث عن اتصال لتنظيمات رئيسية حتى تظهر متعارضة أو كالم
متناقض.
باالضافة الى أن المادة الخام للفيلم تعتمد على المالحظة ثم االستجابة الى السلو
الفعلى ،وبالتالى فان دراسة محتوى الفيلمتكون حالة عامة فقط للفحص حيث تقوم
االنثروبولوجيا العامة بفحص الثقافة المادية من خالل بحث التيمات ومستوى الرءوية
ألى اشكال عامة فى الحياة الثقافية وانماط التفاعل لمثل هذه التيمات وبعض المبادىء
الرئيسية مثل فحص حالة عينة من خالل (بندكت )1946ومجمل الشرح من خالل
ويالند 1951بين االخرين بينما تمت مناقشة تحليل الفيلم من خالل باتسون وآخرون
.)17(1945
69
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
عادة تكون األفالم غنية ومعقدة بكمية معلومات وفيرة ودراسة الفيلم تكون أولية
فهى تتعامل مع فحص الحوار ووصف الفعل وقيمة المعلومات الموجودة فيه مثل
الموسيقى وتأثيرات الصوت واألشكل الفنية للفيلم مثل استخدام الكاميرات وتحليل تيمات
الفيلم فضال عن ذلك فانها ليست قضية أولية لالستجابة الفنية مثل التحليل الذى يعتمد
على مسألتين أو قضيتين رئيسيتين كحاالت أكثر سهولة ولكن ليست سهلة ألنها تخرج
من المحتوى فى الممارسة والفعل المباشر والمقارنة والمالحظة الغير أساسية للمادة
الخام والجمهور فى صنع أساس لمبادئه الشرقية وانعكاسه على هذه المالحظة.
وآليات دراسة الفيلم االنثروبولوجى تكون بسيطة جدا من خالل فحص الفيلم نفسه
ومراجعة البيانات وتسجيلها مع قراءتها بعناية كاملة لهذه العملية وقد تواجهه ثالث
صعوبات مشتركة أوال :ان مالحظة األفالم بعناية قد يكون عملها ممل وهذا عمل
أساسى اليستطيع ان يقوم به حوار مساعد ثانيا :ان دراسة وصف محتوى الفيلم
االنثروبولوجى به أسئلة مؤجلة بأشكال الثقافة المختلفة حيث ان محتوى الفيلم وأنماطه
األساسية النستطيع معرفتها فى هذا االتساع بمعنى أن محتواها البد أن يكون ملحوظا.
ثالثا :اذا كان المالحظ متحيزا ومتحامال بمعنى كيف يكون هوذات بؤرة ونظام لهذه
المالحظة تسجيل لمصدر الفيلم فانه يصنع حبكة روائية والشخصيات ومشهد سينمائى
متتابع كبداية له واالجابة ليست نهائية لهذه األسئلة الصعبة(.)18
وعلى الرغم من أن المادة المادة الفلمية تمثل مشاهد حية للواقع المعاش ال تقبل
الشك فهى لم تستثنى من شبهة الوقوع فى التزييف للواقع الميدانى ونقله بأمانة للمعمل
التحليلى وهو ما أكدته لنا المناهج المتعلقة باألنثروبولوجيا البصرية والقلق العلمى مبعثة
دقة الوصف وحياده وعدم انحيازه التجاه بعينه وهنا نوعان من المادة الفلمية األول
الفيلم االثنوجرافى الذى يمثل موضوعا متكامال حول ظاهرة فلكلورية أو حرفة أو طقس
واليمكن التعرف على الموضوع بدون رؤية هذه المادة متكاملة وهو فيلم قد يستغرق
عدة دقائق من واقع عدة ساعات تصوير .الثانى المقاطع الفيلمية أو لقطات الفيديو الحية
وهو تصوير بعض الممارسات الشعبية ومونتاجها وعرضها فى مدة قد تتراوح ما بين
30ثانيو و 3دقائق وتمثل هذه المدة فترة زمنية مناسبة لعرض احد عناصر الثقافة
الشعبية كوسائل االنتقال أو رش الملح أو غربلة الوليد أو احدى التعبيرات الحركية(.)19
نتائج البحث:
لقد تناول الباحث بالبحث والفحص موضوعا جديدا فى مضمونه وهو
االنثروبولوجيا البصرية .والذى يعد أحد أبرز الفروع الرئيسة لعلم االنثروبولوجيا بحيث
وجدنا أن جميع فروع االنثروبولوجيا البد وأن تدخل فى طياتها أداة من أدوات علم
االنثروبولوجيا البصرية (كاألفالم .والكاميرا .الخ).
ولقد توصل الباحث الى عدة نتائج متثقة الصلة باالنثروبولوجيا البصرية وهى:
-1أن االنثروبولوجيا البصرية كعلم من الممكن أن يتناول حياة األفراد
والمجتمعات بدراسة متأنية وتحليل لكل أبعاد حياتهم االجتماعية والثقافية
70
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
-2أن االنثروبولوجيا البصرية تشكل مرآة شاملة لكل أحاسيس الناس ومدى
ادراكهم للظاهرة تلك التى يتناولها الباحث االنثروبولوجى .على شرط تتبع
الظاهرة بكل أبعادها
-3أن الفيلم االثنوجرافى مازال فى طور نموه األولى وعلى الرغم من ايجابياته اال
أن له سلبيات متمثلة فى:
ا -أن الباحث االنثروبولوجى من الجائز أن تطغى عليه ثقافته وأحاسيسه على
الظاهرة التى يريد أن يبحثها .وبالتالى قد يحدث صدام بين ثقافته وثقافة اآلخر.
ب -قد يحدث نوع من التشويش فى مدركات األفراد والمراد دراستهم اتجاه ظاهرة
معينة وبالتالى قد يصعب على الباحث تتبع الظاهرة بنفس المعايير العلمية المالحظة
اتجاه الظاهرة نفسها وهذا ما نجده فى المجتمعات الريفية بوجه خاص.
-4من المالحظ أن االنثروبولوجيا البصرية يمكن أن تتناول الثقافة بشكل عام
وتفاصيل أدق خاصة عند تسجيل عادات وتقاليد وأعراف وقيم الناس
ومعتقداتهم .وهذا مانجده مصورا على جدران المعابد فى مصر القديمة .فالثقافة
كعلم تشكل أساس جوهرى للفيلم االثنوجرافى.
-5تشكل لغة الفيلم االثنوجرافى أساسا جوهريا لتوثيق اللهجات واالشارات لجميع
الشعوب قبل اندثارها .وبالتالى على الباحث فى الفيلم االثنوجرافى أن يبتعد عن
لغة التشويق واالثارة بقدر ما يقدم من معلومات مهمة عن حياة الناس وثقافتهم.
وبعد
فاالنثروبولوجيا البصرية كعلم قد قد يجذب فى السنوات القادمة الكثير من علماء
االنثروبولوجيين الذين يريدون أن يبحثوا فى فرع جديد من فروع االنثروبولوجيا العامة
حيث تساهم ا النثروبولوجيا البصرية فى عملية التنمية والتخطيط وهذا مفيد من الناحية
الملية والنظرية لكل من الدولة والباحث االنثروبولوجى..
وذلك ألن الفيلم االثنوجرافى ينقل صورة واقعية حية لجميع المشكالت التى تعانى
منها جميع المجتمعات وبالتالى يصبح لدينا فرعا جديدا داخل االنثروبولوجيا البصرية أال
وهو االنثروبولوجيا البصرية التطبيقية .حيث أن معرفة المشكلة من أساسها تساهم الى
حد كبير فى حلها ووضع الخطوط العريضة لتجنبها من األساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش الدراسة:
1ـ علياء شكرى ،المقدمة فى السينما االثنوجرافية– سينما الغد ،جان بول كوين– كاترين
دوكليبل ،ترجمة غراء مهنا ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،2002 ،القاهرة ،ص.6
2- Jay Ruby: Visual anthropology: Edited by David levinson& Melvin
Ember:Henry and company: new york: 1996:vol 13:p 45-51 .
3ـ علياء شكرى ،المقدمة فى السينما االثنوجرافية -سينما الغد ،سبق ذكره ،ص.6-5
4-William A.Haviland; Cultural Anthropology; Holt Rinehart and
Winston; Newyork; 1981; p. 393.
5-Encyclopedia of Britannica.
71
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
6-WWW.VISANT.ETNOS.RU/ABOUT/PROJECT.
7ـ غريب محمد سيد أحمد ،تصميم وتنفيذ البحث االجتماعى ،دار المعرفة الجامعية،
االسكندرية ،1983 ،ص.149
8ـ محمد الجوهرى– عبدهللا الخريجى ،طرق البحث االجتماعى ،دار الكتاب للتوزيع ،القاهرة
ط 1982 ،3ص.224
9ـ فتحية محمد ابراهيم –مصطفى الشنوانى ،مداخل الى مناهج البحث فى علم االنسان
(االنثروبولوجيا) ،دار المريخ للنشر ،الرياض ،1988ص.116
10ـ فتحية محمد ابراهيم وآخر ،مداخل الى مناهج البحث فى علم االنسان ،مرجع سبق،
ص.125
11ـ محمد حسن غمرى ،مناهج االنثروبولوجية ،المركز العربى للنشر والتوزيع ،االسكندرية
،1982ص.101
; 12-Sarah Pink; The future of visual anthropology: engaging the senses
Madison Ave Routledge ; New york; 2006; pp5-6.
13-I bid ;pp 1-10.
14-I bid ;pp 29,35.
15ـ فاروق اسماعيل ،المدخل الى االنثروبولوجيا– النظرية والمنهج ،دار المعرفة الجامعية،
االسكندرية ،ب.ت ،ص.264
16- John H.Weakland;Feature films as cultural document; In Paul
)hockings;(ed Principles of visual ;anthropology Walter
degruytergmbh& co; berlin; 2003 p.59.
17- I bid ; p 53.
18- I bid ;pp 55-56.
19ـ مصطفى جاد ،استخالص العناصر الفلكلورية ،فى أبحاث مؤتمر المأثورات الشعبية
والتنوع الثقافى ،المجلس األعلى للثقافة القاهرة ،ط ، 2009 ، 1ص.36 -364
72
د .حمدى عبد العزيز حجاج االنثرو بولوجيا البصرية وعالقتها باألفالم
مجلة وادى النيل للدراسات والبحوث ـ العدد الثاني ـ إبريل 2014م
مراجع الدراسة
أوال -المراجع العربية:
1ـ علياء شكرى ،المقدمة فى السينما االثنوجرافية– سينما الغد ،جان بول كوين– كاترين
دوكليبل ،ترجمة غراء مهنا ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ،2002 ،القاهرة.
2ـ غريب محمد سيد أحمد ،تصميم وتنفيذ البحث االجتماعى ،دار المعرفة الجامعية،
االسكندرية.1983 ،
3ـ فاروق اسماعيل ،المدخل الى االنثروبولوجيا– النظرية والمنهج ،دار المعرفة
الجامعية ،االسكندرية.
4ـ فتحية محمد ابراهيم– مصطفى الشنوانى ،مداخل الى مناهج البحث فى علم االنسان
(االنثروبولوجيا) ،دارالمريخ للنشر ،الرياض.1985
5ـ محمد الجوهرى– عبد هللا الخريجى ،طرق البحث االجتماعى ،دار الكتاب للتوزيع،
القاهرة ط.1982 ،3
6ـ محمد حسن غمرى ،مناهج االنثروبولوجية ،المركز العربى للنشر،االسكندرية.
7ـ مصطفى جاد ،استخالص العناصر الفلكلورية ،فى أبحاث مؤتمر المأثورات الشعبية
والتنوع الثقافى ،المجلس األعلى للثقافة القاهرة ،ط.2009 ،1
73