You are on page 1of 6

‫المذهب التجريبي‪:‬‬

‫يعت بر الم دهبالتجريبى من أفض ل م ذاهب البحث العلمى ألن ه ذا الم ذهب يعتم د‬
‫باألساس على التجربة العلمية القائمة على قواعد المنهج العلمي‪ ،‬مما يتيح فرصة‬
‫عملية الختبار االستنتاجات للتأكد من تطابقها مع الحقائق الموضوعية األمر الذي‬
‫يق دم أس س لوض ع الق وانين عن طري ق ه ذه التج ارب‪ .‬والتعلم بالتجرب ة ق ديم ق دم‬
‫اإلنس ان األم ر ال ذي اعط اه الفرص ة للوص ول إلى مراح ل متقدم ة‪ ،‬ولكن تح ول‬
‫التجربة والمالحظة إلى منهج علمي جرى في نهاية العصور الوسطى‪.‬‬

‫اذن يمكننا القول ان أكثر مناهج البحث أهمية بالنسبة لإلنسان هو المدهبالتجريبى‬
‫الن ه ذا الم دهب س اعده على التط ور وبن اء حض ارته عن طري ق المالحظ ة‬
‫والتج ريب والوص ول إلى النت ائج الص حيحة ومعرف ة الط رق الس لمية للتعام ل م ع‬
‫الظواهر وتفسيرها‪.‬‬

‫ومم ا الش ك في ه ان ه ذا الم دهب في البحث العلمى م ر بمراح ل عدي دة من التط ور‬
‫شأنه شأن الحضارة اإلنسانية فبينما كان اإلنسان األول يقوم باستخدام هذا المدهب‬
‫دون أن يشعر أصبح هذاالمدهب اآلن مكتمل الصور ويتم استخدامه بطريقة تعتمد‬
‫في األس اس على القواع د العلمي ة‪ .‬وتتض ح قيم ة الم دهبالتجريبىقى العل وم البحت ة‬
‫والتطبيقية‬

‫تاريخ المذهب التجريبي‬


‫منذ ظهور اإلنسان تميز بسعيه لمعرفة الطبيعة التي وجد نفسه فيها‪ ،‬وأصبح من‬
‫السمات اإلنسانية التجريب واختبار المواد لمعرفة الصالح والمناسب له ولو اخذنا‬
‫مثاًال على ذلك ان اإلنسان المبكر استخدم حجر الصوان لقدح الشرر وتوليد النار‬
‫من ه والب د ان الوص ول له ذه النتيج ة س بقتها خ برات متراكم ة من مالحظ ات على‬
‫أنواع من االحجار أدت إلى استنتاج وجود الخاصية في حجر الصوان دون باقى‬
‫أنواع الحجر‪ .‬لقد استخدم المالحظة والخبرة المتراكمة لالستنتاج من مرحلة مبكرة‬
‫في تاريخ اإلنسانية‪ .‬ويسمى أيضا مذهب المالحظة الخارجيةوالتجربه‪.‬‬

‫مراحل المذهب التجريبي‪:‬‬

‫‪-‬اليونانين والمنهج التجريبي‪:‬‬

‫الش ك أن ظه ور المنهج التجري بي وتث بيت اركان ه ك ان عس يرا‪ ،‬إذ اس تمر يح اول‬
‫الظهور منذ عهد سقراط بل ومن قبله‪ ،‬إذ ان فلسفة اليونان كثيرا ما كانت تشمل‬
‫أج زاًء نع دها الي وم منتمي ة إلى مج ال العلم التجري بي كالنظري ات الخاص ة بأص ل‬
‫الك ون أو بطبيع ة الم ادة ومن ه ذا القبي ل ك ان م ذاهب التجريب يين اليون انيين ال تي‬
‫نجدها في الفترة السابقة لسقراط وكذلك في الفترة المتأخرة للفلسفة اليونانية‪.‬‬

‫ولق د ك ان أب رز ه ؤالء الفالس فة ه و ديمق ريطس (‪ )Democritus‬وه و معاص ر لـ‬


‫سقراط‪ ،‬يعد أول من طرأت على ذهنه الفكرة القائلة‪ ،‬ان الطبيعة تت ألف من ذرات‪،‬‬
‫ومن هنا أصبح يحتل مكانًة في تاريخ العلم فضاًل عن تاريخ الفلسفة ويمكن أن يعد‬
‫ديمق راطيس من بين الفالس فة اليون انيين ال ذين ك انوا يعتق دون أن المعرف ة ال ب د ان‬
‫تكون يقينية أو مجربه على نحو مطلق‪.‬‬

‫كما في مذاهب فرانسيس بيكون (‪ )1626- 1561‬م وهو فيلسوف إنجليزي أول‬
‫من ح اول إقام ة منهج علمي جدي د يرتك ز إلى الفهم الم ادي للطبيع ه وظواهره ا‪,‬‬
‫وه و مؤس س المادي ة الجدي دة والعلم التجري بي وواض ع أس س االس تقراء العلمي‪،‬‬
‫ف الغرض من التعلم عن ده ه و زي ادة س يطرة اإلنس ان على الطبيع ة وه ذا ال يمكن‬
‫تحقيق ه إَال عن طري ق التعليم ال ذي يكش ف العل ل الخفي ة لألش ياء‪ .‬دع ا أيض ا إلى‬
‫النزعة الشكية فيما يتعلق بكل علم سابق بحيث يجب أن تكون هذه النزعة الخطوة‬
‫األولى نحو اإلصالح وتطهير العقل من المفاهيم المسبقة واألوهام التي تهدد العقل‬
‫بشكل مستمر و جون لوك (‪)1704- 1632‬م وآخرين من الذين أسهموا في بناء‬
‫المنهج التجريبي الحديث‪ .‬إذ أن "جون لوك" هو أحد كبار ممثلي النزعة التجريبية‬
‫اإلنجليزية‪ ،‬جاء بعد هوبز وبيكون وكان أعمق منهما المعرفة عند جون لوك ‪.‬‬

‫يقوم المذهب التجريبي في المعرفة على أساس التجربة‪ ،‬باعتبارها المصدر النهائي‬
‫لك ل معرف ة‪ ،‬وأن الح واس وح دها هي أب واب المعرف ة‪ ،‬فليس في العق ل ش يء لم‬
‫يم ر ب الحس أوال‪ ،‬وينك ر التجري بيون أن يول دالعقل م زود بأفك ار فطري ة وق د اهتم‬
‫التجريبيون بالعلوم الطبيعية التي تعتمد على التجربة‪ ،‬وأنكروا قدرة في ذلك‪ .‬على‬
‫أن التجرب ة ال ت وفر لن ا المعرف ة الحق ة وأن العق ل حاص ل من ذ األص ل علىالمع اني‬
‫العليا الضرورية للعلم واألخالق ‪.‬‬

‫فقد أعلن الفيلسوف اإلنجليزي جون لوك بكل وثوق‪ ،‬أن المعرفة تأتينا عن طريق‬
‫التجربة والحواس‪،‬‬

‫وأن ك ل ش يئ وك ل فك رة أو تص ور في العق ل ه و من التجرب ة أو الح واس‪ ،‬وأن‬


‫العق ل يك ون خالي ا من ك ل ش يء عن د والدة اإلنس ان فيق ول‪" :‬العق ل ص فحة بيض اء‬
‫‪1‬‬
‫خالية من كل فكرة"‬

‫وبهذا الحواس تنقل لنا األفكار واآلراء إلى العقل من العالم المادي‪ ،‬والذي يعتبر‬

‫‪1‬‬
‫‪Extrait de François Ribe et les autres, dictionnaire de philosophie, (paris, Armand coli‬‬
‫‪éditeur, 1995), p 316‬‬
‫ه و المص در األساس ي للمعرف ة ؛ وعلي ه يمكن أن نق ول أن المص در األول لألفك ار‬
‫والمعارف هو موضوعات‬

‫الحس‪ ،‬وال ذي يعتم د اعتم ادا كلي ا على حواس نا‪ ،‬فتك ون المعرف ة ب الحواس مباش رة‬
‫فتترك انطباع في الذهن‪،‬‬

‫مثال عن د لمس الم اء الس اخن أو رؤي ة اللوح ة ال تي رس مها الفن ان فإن ه يتول د لن ا‬
‫انطباع في الذهن مباشرة‪،‬‬

‫وهذا ما نسميه اإلحساس ‪.‬ومن هنا نتوصل الى مايلي‪:‬‬

‫ذلك كان جانبا واحدا فقط من جوانب المنهج التجريبي‪ .‬وهو الجانب النظري منه‬
‫فقط‪ ،‬وهناك جانب آخر للمنهج التجريبي هو الجانب العملي منه وهو ذلك الجانب‬
‫ال ذي يعتم د على ص نع ظ اهرة من ظ واهر الحي اة ثم مالحظته ا ودراس ة أس بابها‬
‫وميزاتها وطرق التحكم فيها‪ .‬ويفترق هذا الجانب عن ذاك في أمرين‪:‬‬

‫أ_ إن ص نع الظ اهرة يخض ع لش روط الب احث نفس ه ويس تطيع ب ذلك إبع اد كاف ة‬
‫المالبس ات ال تي ق د تش وش الرؤي ة وتع وق دون فهم حقيق ة الظ اهرة والعوام ل‬
‫األساس ية الم ؤثرة في ظهوره ا بينم ا مالحظ ة ظ اهرة طبيعي ة ال تخض ع لش روط‬
‫الباحث وتتداخل فيها عوامل عديدة يصعب تمييز العامل الحاسم من بينها‪.‬‬

‫ب_ إن التجرب ة النظري ة هي حص يلة العل وم النظري ة ال تي ال تحت اج إلى جه د‬


‫إضافي بينما التجربة العملية هي نوع من القيام بعمل تغيير في الحياة ويحتاج إلى‬
‫جه د والى إيج اد ش روط ص عبة في الحي اة ول ذلك اس تطاع علم اء اليون ان اكتش اف‬
‫أهمي ة المنهج التجري بي نظري ا بينم ا لم يق دروا على إج راء أبس ط التج ارب العملي ة‬
‫التي لو أنهم جربوها لكانوا اكتشفوا حقائق كثيرة‪ ،‬فمثًال ‪ :‬الفكرة القائلة أن الشمس‬
‫واألرض والك واكب تتح رك حولن ا لم تكن مجهول ة لليون انيين‪ ،‬فق د اق ترح‬
‫أرسطوفوسالساموس ي (‪ )Aristarchus of Samos‬بص واب فك رة النظ ام‬
‫المتمرك ز ح ول الش مس في ح والي ع ام ‪ 200‬ق‪.‬م ولكن ه لم يتمكن من اقن اع‬
‫معاصريه بصواب رأيه ولم يكن في استطاعة الفلكيين اليونانيين أن يأخذوا برأي‬
‫أرس طوفوس ألن علم الميكانيك ا ك ان في ذل ك الحين في حال ة ت أخر مث ال ذل ك ان‬
‫بطليم وس اع ترض على أرس طوفوس ب القول‪ :‬أن األرض ينبغي ان تك ون س اكنة‬
‫ألنه ا ل و لم تكن ك ذلك لم ا س قط الحج ر ال ذي يق ع على األرض في خ ط رأس ي‬
‫ولظلت الطيور في الهواء مختلفة عن األرض المتحركة وهبطت إلى جزء مختلف‬
‫من سطح األرض ولم تجر تجرية إثبات خطأ حجة بطليموس إال في القرن السابع‬
‫عشر‪ ،‬عندما أجرى األب جاسندي (‪ )Gassendi‬وهو عالم وفيلسوف فرنسي ك ان‬
‫معاص را لـ ديك ارت وخص ما ل ه‪ ،‬أج رى تجرب ة على س فينة متحرك ة فأس قط حج را‬
‫من قمة الصاري ورأى انه وصل إلى أسفل الصاري تماما‪.‬‬

‫نقد المذهب التجريبيبالرغم من نجاح المنهج التجريبي وفاعليته فان هنالك سلبيات‬
‫يتوجب االنتباه اليها وتجاوزها والحد منها قدر االمكان وهي‪-:‬‬

‫‪ -‬صعوبة تحقيق الضبط التجريبي في المواضيع والمواقف االنسانية واالجتماعية‬


‫وذلك بسبب الطبيعة المميزة لألنسان وقدرته على تغير انماط سلوكه بشكل يؤثر‬
‫على التجربة ونتائجها ‪.‬‬

‫‪ -‬من الصعب التحكم بجميع المتغيرات والعوامل التي تؤثر في الظاهرة ‪.‬‬

‫‪ -‬من الص عب التحكم بجمي ع ظ روف الموق ف التجري بي والمتغ يرات ع دا متغ ير‬
‫واح د (المس تقل ) خاص ة وان هن اك عوام ل س ببية عدي دة في المج االت االنس انية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -‬ان التجريب هو عبارة عن اثبات فروض والتأكد من صحتها ‪,‬فالتجرب ة ال ت زود‬
‫الباحث بمعلومات جديدة وانما يثبت بواسطتها معلومات معينة ‪.‬‬

‫‪ -‬فق دان عنص ر التش ابه الت ام في العدي د من المج اميع االنس انية الم راد تط بيق‬
‫التجربة عليها ‪ ,‬مقارنة بالتشابه الموجود في المجاالت الطبيعية ‪.‬‬

‫‪ -‬هناك الكثير من القوانين والتقاليد والقيم التي تقف عقبة بوجه اخضاع الكائنات‬
‫االنسانية للتجربة ‪.‬‬

‫‪ -‬تعتم د دق ة النت ائج على ن وع االدوات ال تي يس تخدمها الب احث كاألختب ارات‬
‫والمق اييس وم دى ص دق ه ذه االختب ارات ومالئمته ا لقي اس الظ اهرة ‪ ,‬ل ذلك ينبغي‬
‫على الب احث ان اليق ع في اخط اء القي اس عن طري ق الت دقيق في اختي ار االدوات‬
‫المناسبة للقياس والتي تتميز بالدقة والصدق والثبات‪.‬‬

You might also like