لقد اهتم االنسان كثيرا بالعالم الخارجي و بظواهره المختلفة
فحاول ايجاد المناهج لذلك و لكنه في وقت من األوقات وجد
أنه بحاجة أيضا إلى ذاته أي دراسة االنسان كإنسان من جوانبه المختلفة النفسية و االجتماعية و التاريخية .و في محاولته هذه اضطر الى تجريب المنهج التجريبي كطريقة للدراسة و لكن جرى اختالف بين المفكرين حول امكانية تطبيق هذا المنهج على العلوم االنسانية فمنهم من راى انه ال يمكن التطبيق في حين يرى آخرون عكس ذلك ,فهل المنهج التجريبي يصلح ألن يطبق على العلوم اإلنسانية ؟
يدور منطق األطروحة االولى حول انه ال يمكن تطبيق
المنهج التجربي على العلوم االنسانية اذ انها تشتمل على مجموعة من التعقيدات التي تحول بينها و بين ان يطيق المنهج التجريبي عليها و من الحجج و االدلة التي اعتمد عليها هؤالء أن هذه العلوم ترتبط باالنسان كدارس و مدروس في نفس الوقت فاليمكن لالنسان ان يتصف بالحيادية في الدراسة االنسانية فتتدخل بذلك الميول و االهواء و الرغبات كما ان هذه الظواهر تحدث في زمان و مكان معين لذلك ال يمكن تكرارها و من ثمة و ال يمكن مالحظتها و ال اقامة التجربة عليها كما ان الظواهر االنسانية تتميز بالتعقيد و التغير اذ انها غير ثابتة فالتنبؤ فيها امر صعب ان لم يكن مستحيال و من ثمة ال يمكننا بهذه الطريقة الوصول الى قوانين و صياغتها و تعميمها على باقي الظواهر المشابهة اذن ال يمكن تطبيق المنهج التجريبي .على العلوم االنسان ان العلوم االنسانية معقدة و بالتالي فطبيق المنهج التجريبي عليها امر صعب و لكنه في الوقت نفسه ليس مستحيال اذ ان يمكن ان نجد الحل لذلك بمراعاة الخصوصية التي تتميز بها هذه العلوم يدور منطق االطروحة الثانية حول انه يمكن تطبيق .المنهج التجريبي على العلوم اإلنسانية
و من الحجج و االدلة التي دعم بها اصحاب هذا االتجاه رايهم
ماذهب اليه علماء النفس و االجتماع و التاريخ كفرويد و دوركايم و ابن خلدون حيث ذهبو الى القول بان التجربة قابلة للتطبيق على الظواهر االنسانية ألنها جزء من الظواهر الطبيعية و من ثمة يمكن للدارس ان يتخلى عن الذاتية و يدرس الظاهرة بكل موضوعية فيستعمل المالحظة الغير مباشرة و كذا التجربة فمثال في علم التاريخ يؤلجأ الباحثون الى مالحظة اآلثار المادية الناتجة عن الفترة المراد دراستها او الحادثة المراد معرفتها ثم يقوم الباحث بإعادة تركيب الحادثة التاريخية من خالل ربطها باالحداث التي كانت قبلها و التي اتت بعدا وبذلك يعيد تركيب الحادثة التاريخية و من ثمة نرى بانه يمكن .تطبيق المنهج التجريبي على العلوم اإلنساني ان العلوم االسانية و مهما بلغت من الدقة فإنها ال تخلو مما هو ذاتي اذ يلجا الباحث دائما الى ادخال لمسة خاصة به تظهر فيها ميوالته و اهواءه اتجاهاته ,إن تطبيق المنهج التجريبي على العلوم االنسانية امر ممكن و لكن ليس بنفس الطريقة او الكيفية التي يمكننا ان نطبقه بها على علوم المادة الجامدة او الحي فالباحث في علوم االنسان وجب ان يراقب ذاته مانعا اياها من الوقوع في االنزالقات و االخطاء التي قد تؤدي الى دراسة غير موضوعية
نستنج في االخير ان تطبيق المنهج التجريبي على
العلوم االنسانية قد حقق الكثير من النتائج و الذليل على ذلك التطور الحاصل في كل من علم النفس و االجتماع و التاريخ و هذا ما ساعد الشعوب على التعرف على تاريخها و طبيعة .المجتمعات و عوامل التطور و التأخر