You are on page 1of 98

‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫أنفاس الزهراء‬

‫تأليف ‪:‬خادم اجلناب احملمدي‬

‫فضيلة الشيخ حممد الزبري حساني حفظه اهلل تعاىل‬

‫‪1‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬


‫وصلى اهلل على سيدنا وموالنا حممد وعلى آله وصحبه وسلم‬

‫ورضي الله عن شيخنا اليالني وعن أتباعه وورثته إىل يوم الدين‬

‫من علينا اب إلنتساب اإىل ال ّمة احمل ّمديّة‪ ،‬فتكل النعمة‬ ‫امحلد هلل اذلي ّ‬
‫العظمى والرمحة الكربى‪ ،‬وأ ّمت علينا الفضل بأهل البيت الكرام‪ ،‬ل س ّيام‬
‫الشامخ واجملد الباذخ واملقام ّالراخس‪ ،‬فص ّل‬‫الزهرين واحلس نني‪ ،‬ذوي القدر ّ‬
‫لك‪ ،‬وعىل أهل‬ ‫اللّهم من أعامق الوجدان وخالص الإميان عىل حبيب ّ‬
‫اللك يف ال ّ‬
‫وحصبه ّ‬
‫وسّل تسلامي كثريا‪ ،‬أ ّما بعد ‪:‬‬
‫فا ّإن الالكم لطيف وخميف يف ذات الوقت‪ ،‬حيامن تتلكّم عن س ّيدة نساء‬
‫العاملني‪ ،‬عن من أرست القلوب جباملها‪ ،‬وسبت اللباب جباللها‪ ،‬عن من‬
‫لك مقاييسها‪ ،‬ولكن أشهد هللا ما هو ا ّإل دافع ّ‬
‫احلب‬ ‫متث ّل لنا هويّتنا ب ّ‬
‫والتّوسل حفسب‪ ،‬ومن يف ال ّمة يعرف قدر ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫السالم) ‪.‬‬
‫احلب من قليب اإىل ّليب‪ ،‬ورصت أحبث عن ما خياجلين يف‬ ‫حتول ّ‬ ‫مفنذ أن ّ‬
‫الساحة العلم ّية‪ ،‬فال‬
‫اخلارج‪ ،‬وأان أتأ ّسف عن غياب موليت الزهراء من ّ‬
‫دروس ول مؤلفات ول مناس بات ‪ ،..‬وكن ّنا ل عالقة لنا هبا !!‪.‬‬

‫السبب من وراء ذكل‪ ،‬أن ّنا يف ترمجتنا لساداتنا‪ ،‬نقرصها عىل اجلانب‬ ‫و ّ‬
‫الإقتدايئ فقط‪ ،‬كام نسمعهم كثريا ما يقولون ‪ :‬نتعرف عىل س ّيدان رسول هللا‬
‫‪2‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫‪ ‬لنقنتدي به ونأتيس‪ ،‬وهل هذا هو ّعّل املعرفة فقط‪ ،‬وهل عالقتنا مبولان‬
‫احلبيب ‪ ‬موقوفة عىل ا إلت ّباع‪ ،‬وأين ّ‬
‫احلب والإميان والتّوقري ‪! ..‬؟‬
‫مفن هنا اكن و ل ب ّد أن نتعرف عىل قدر الس ّيدة ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫السالم)‬
‫حق قدرها‪ ،‬ولنحّبّ ا ونوالهيا‪ّ ،‬مث لنأتيس هبا يف سريهتا املباركة ‪.‬‬‫لنقدرها ّ‬
‫السري و ّالّتامج‪ ،‬عىل هذا املقصد الإمياين العرفاين‬‫وعليه ف إان ّنا نطالب بكتابة ّ‬
‫هوة اخلالف يف التّفضيل ما بني‬ ‫الوجداين‪ ،‬وملّا غابت هذه الغاية‪ ،‬إاتّسعت ّ‬
‫حّت نسمع من بعض أهل العّل هفوات ساذجة‪ ،‬تنيب عن‬ ‫املقامات و ّالرتب‪ّ ،‬‬
‫عدم اس تقراء للنّصوص‪ ،‬انجت عن عدم ّ‬
‫ختصص يف اجملال ‪.‬‬
‫وموضوعنا هذا ما هو ا ّإل حماوةل لس ّد هذا الفراغ‪ ،‬عىل حد معرفة الفقري اإىل‬
‫هللا ورسوهل ‪ ،‬ولرنمس معامل املعراج ملن أراد أن يرفرف يف النوار‪ ،‬فنقول‬
‫وابهلل التّوفيق‪ ،‬متوسلني اإليه حببيبه ‪ ‬وأهل بيته الكرام ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫حملـــــــــــــة تعريفيّة ‪:‬‬


‫اإّنّ ا بضعة س ّيد الوجود ‪ ،‬س ّيدة نساء العاملني قاطبة‪ ،‬مولتنا فاطمة‬
‫الصديقة الكربى‪ ،‬من اس تغنت عن التّعريف‬ ‫الزهراء‪ ،‬البتول ّ‬
‫الطاهرة‪ّ ،‬‬
‫والتّوصيف مبجدها وسؤددها‪ ،‬فاكنت معلومة عند الولني والخرين‪،‬‬
‫السفليني‪.‬‬
‫والعلويني و ّ‬
‫السالم) مخلس س نني قبل البعثة النّبويّة املباركة‪ ،‬ا ّإابن بناء‬
‫ودلت (علهيا ّ‬
‫قريش للكعبة‪ ،‬وحتكمي س يد الورى‪ ‬يف وضع احلجر السعد‪ ،‬وكن ّه يف‬
‫ذكل اإشارة اإىل أن ّه يف الوقت اذلي بنيت فيه البيت‪ ،‬ومتت لبناهتا بوضع‬
‫نبوة‪ ،‬مبيالد الس ّيدة البتول‬ ‫احلجر السعد‪ّ ،‬مت كذكل وضع لبنة الامتم لبيت ال ّ‬
‫السالم ‪.‬‬
‫علهيا ّ‬
‫الس ّيدة خدجية الكربى ريض هللا عهنا‪ّ ،‬مث يتّمت مهنا‪،‬‬ ‫وتربّت يف جحر أ ّمها ّ‬
‫وبقيت يف حضن س ّيد الكوان‪ ‬يرعاها ابلنوار والرسار ‪.‬‬
‫ّمث زفّت اإىل حرضة مولان الإمام عيل بن أيب طالب ‪ ‬يف ذي القعدة‪،‬‬
‫من س نة اثنتني ّ‬
‫جهرّي‪ ،‬بعد وقعة بدر املباركة‪.‬‬
‫فأمثرت هل أربعة أزهار‪ ،‬ساداتنا ‪ :‬احلسن‪ ،‬واحلسني‪ ،‬وزينب‪ ،‬وأ ّم لكثوم علهيم‬
‫السالم أمجعني ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولقد عاشت س بعة وعرشين ربيعا‪ ،‬ومل تلبث بعد احلبيب ‪ ‬سوى‬
‫س تة أشهر‪ ،‬وانتقلت اإىل ّالرفيق العىل يوم الإثنني‪ ،‬وتوارت يف رضحيها‬

‫‪4‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الرشيف ليّل الثالاثء‪ ،‬لثالث خلون من شهر رمضان س نة اإحدى عرشة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ومقاهما يف البقيع املبارك‪ ،‬ومنذ ذكل العهد ل زال يزار‪.‬‬
‫وأ ّما بيهتا املبارك‪ ،‬فهو اإحدى احلجرات اليت نزلت فهيا (سورة‬
‫احلجرات)‪ ،‬لن ّه عندما بىن مولان احلبيب ‪ ‬املسجد النبوي‪ ،‬بىن عىل‬
‫الرشيف‪ ،‬مث بىن فامي يليه وإاىل هجة الشامل بيت ًا‬
‫زاويته الرشقية اجلنوبية بيته ّ‬
‫يؤوي س يدان علي ًا و ّ‬
‫الس يدة فاطمة علهيام ّ‬
‫السالم‪.‬‬
‫واكنت مساحته عىل ما ذكره (البتنوين) اكلتايل‪ :‬طوهل اجلنويب ‪ 41 ،5‬مّتاً‬
‫والشاميل ‪ 41‬مّت ًا وعرضه من هجيت الغرب والرشق حوايل ‪ 7، 5‬مّت ًا‪.‬‬
‫السالم) من هجة الشامل‬ ‫واكن مولان احلبيب ‪ ‬يهت ّجد خلف بيهتا (علهيا ّ‬
‫الرشيفني‬‫عند السطوانة اليت م ُّسيت بأسطوانة الهتجد‪ ،‬وما بني البيتني ّ‬
‫خوخة تصل بيهنام ‪.‬‬
‫واكن لهذا البيت الفاطمي منفذ اإىل املسجد النبوي كام وردت بذكل‬
‫الرشيفة‪ ،‬وهل ابب من هجة‬ ‫الحاديث الكثرية‪ ،‬وهو الن داخل احلجرات ّ‬
‫السالم‪ ،‬ويرى منه حمراهبا‬ ‫املقدسة‪ ،‬يسمى "ابب فاطمة " علهيا ّ‬
‫يسار احلجرة ّ‬
‫ورسيرها مغطى برداء أخرض ‪.‬‬
‫َأ ْو تبس ِنِنِنِنِنِناط ًا َأ ْو َ ْأ ِنِنِنِنِن َ ً‬
‫ِنّل َأ ْو تج ِنِنِنِنِن ً‬
‫ِندارا‬ ‫ل َ ْيت َِنِنِن تِنين مكن ِنِنِن م‬
‫ِنت ابمل َ تدينَ ِنِنِنِن تة ج ِنِنِن ًِنارا‬

‫‪5‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫صورة من مشائلها الشّريفة‬


‫ّي ترى ماذا نقول يف وصف بضعة النّ ّبوة !‪ ،‬ومن ذا اذلي حييط مبظهر امجلال‬
‫احمل ّمدي !‪ ،‬وهايه أم املؤمنني ريض هللا عهنا جتمل الوصف فتقول ‪« :‬ما‬
‫يت أحد ًا أش ب مه َُست ًا ّ ً‬
‫ودل وهد ًّي برسول هللا ‪ ‬يف قيا تمها وقعو تدها‪ ،‬من‬ ‫رأ م‬
‫رسول هللا ‪.4» ‬‬ ‫بنت ت‬ ‫فاطم َة ت‬
‫بل جند املعصوم ‪ ‬يش ّبها ابحلور العني‪ ،‬فيقول ‪ « :‬إابنيت فاطمة‪ ،‬حوراء‬
‫أدميّة ‪ ،‬مل َ تحت ْض ومل ت َط مم ْث »‪.‬‬
‫ِنات ال مق مصِنِن ت‬
‫ِنور‬ ‫َول تمِنِنِنن تجِنِنِنن ْ تس قا تطنِنِن ت‬ ‫ِنيس َكِنِن َِنذو تات اخلمِنِنِندم و تر‬ ‫محسِن ِْنِن هنم ا لَِنِن َ‬
‫َ َْش ِنِن مِنس مح ْسِنِنِن ٍِنن وأ ْهلمه ِنِنِنا اكل مبِنِنِنِندم تور‬ ‫ه ِنِنِنِنِن تذ ته تص ِنِنِنِنِن ْب َغ مة ا َلان ابلن ِنِنِنِنِنو تر‬
‫فَ َسِنِنِنِنِنالم عِنِنِنِنِنىل ب َِنِنِنِن تِنين الزهِنِنِنِنِنرا تء‬
‫لت أ ّمي عن فاطم َة‬ ‫ولقد جاء عن س ّيدان أنس بن ماكل ‪ ‬قال ‪« :‬سأ م‬
‫رسول هللا ‪ ‬فقالت اكنت اكلقم تر لي َّل البد تر‪ ،‬أو ت‬
‫الشمس اإذا خر َجت‬ ‫بنت ت‬‫ت‬
‫ت‬
‫برسول‬ ‫حاب‪ ،‬بيضا َء ممرشب ًة ممحر ًة‪ ،‬لها َشعر أسود‪ ،‬تمن أش ّتد النّاس‬ ‫تمن ّ‬
‫الس ت‬
‫هللا ‪ ‬ش ّبًا‪ ،‬ويه وهللا كام قال الشاعر‪:‬‬
‫ـــيب فيه وه َْو َجثل أ َ‬
‫حس مم‬ ‫شعرها * * * وتغ م‬ ‫تسحب تمن قيا ٍم َ‬ ‫م‬ ‫بيضا مء‬
‫فكـــأّنّا فِنِنِنِنِنيه ّنِنِنِنِنِنار ممــــرشق * * * وكــــأن ّه لِنِنِنِنِنيل عليِنِنِنها ممِن ت م‬
‫ِنظّل‬

‫رواه الترمذي والحاكم ‪.‬‬


‫رواه الخطيب والصيداوي ‪.‬‬
‫رواه الحاكم في صحيحه ‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫السالم) من أش به النّاس ابمجلال النبوي‪،‬‬ ‫و اإذا اكن ابناها احلس نان (علهيام ّ‬
‫الصد تر اإىل‬‫هللا ‪ ‬مابني ّ‬ ‫احلسن أش ب مه برسول ت‬
‫م‬ ‫كام قال س ّيدان عيل‪: ‬‬
‫‪4‬‬
‫احلسني أش ب مه برسول هللا ‪ ‬ما اكن أسف َل تمن ذكل »‪.‬‬‫ّالرأ تس‪ ،‬و م‬
‫السالم‪ ،‬واليت يه واسطهتام يف ذكل‪ ،‬فلهيي أش به‬ ‫مفا ابكل اإذا بأ ّمهام علهيا ّ‬
‫ابحلبيب‪ ‬بلكياته‪ ،‬جامل وجالل وكامل ‪.‬‬
‫الس ّيدة العظمية‪ ،‬فلينظر اإىل ما قيل يف‬ ‫وعليه ف إان ّه من أراد تفصيال لشامئل ّ‬
‫شامئل أبهيا احلبيب‪ ،‬فا ّإن الابن نسخة من أبيه‪ ،‬كيف ل وقد اكن يلقّبا‬
‫بأ ّم أبهيا‪ ،‬أي لشدّة ش ّبها به ‪ ،‬فّل يقل ابنة أبهيا‪ ،‬بل قَل َ َب التّشبيه‬
‫للمبالغة والتّوكيد ‪.‬‬
‫احلسن‬
‫م‬ ‫بل ولقد جاء عنه ‪ ‬أن ّه اكن يقول ‪« :‬الودلم رحيانة‪ ،‬ورحيا َنيت ‪:‬‬
‫احلسني «‪ .‬ويقول ‪« : ‬كيف ل أحبِنّهام وهام رحيانتاي من ادلنيا أ َّشهام«‬ ‫و م‬
‫وما هاذان ّالرحيانتان ا ّإل من عبيق ّالزهراء‪ ،‬مفا أحّبّ ام ‪ ‬ا ّإل حببه ل ّمهام‪،‬‬
‫السالم ‪.‬‬‫واليت اكن اإذا دخلت عليه يقبلها ويعتنقها ويس تنشق أرجيها علهيا ّ‬
‫ويكفيك أ ّن اُسها اذلي صار علام علهيا هو " الزهراء" املش تق من الزهرة‪،‬‬
‫اليت يه الوضاءة و ّالرونق وا إلرشاق‪ ،‬فاُسها يد ّل عىل امجلال والّباء ‪.‬‬
‫ولقد كنت سألت بعض مشاخئنا من أهل الكشف عن صفة موليت‬
‫السالم‪ ،‬فقال يل ‪ :‬اإمجع حسن نساء العامل لكّه يف صورة واحدة‪،‬‬ ‫علهيا ّ‬

‫رواه الترمذي ‪.‬‬


‫رواه الديلمي والعسكري ‪.‬‬
‫رواه الطبراني والبزار ‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫السالم‪ ،‬وهذا قاهل يل أكرث من واحد‬‫وس تحصل عىل جامل حم ّيا الزهراء علهيا ّ‬
‫السالم) مناما ويقظة ‪.‬‬
‫الطاهرة (علهيا ّ‬ ‫ترشفوا برؤية ّ‬
‫ممن ّ‬
‫من أمسائها عليها السّالم‬
‫إسم " فاطمة" عليها السّالم‬
‫ُّسيت الس ّيدة )فاطمة ( بويح من هللا تعاىل؛ لن ّه ورد يف أحاديث عدّة‪،‬‬
‫وذكل يد ّل عىل أ ّن لهذا الإمس توقيف ّرابين‪ ،‬كام يف حديث احلامك يف‬
‫مس تدركه ‪) :‬اإمنا ُسيت فاطمة‪ ،‬لن هللا فطمها وجحّبا عن النار( ‪.‬‬
‫واش تقاقها من الفطم وهو )القطع (كام قال ابن دريد‪ ،‬ومنه ‪ :‬فطم الصيب‪:‬‬
‫اإذا قطع عنه الل ّنب‪.‬‬
‫الشفاعة اذلي أقاهما هللا تعاىل فيه‪ ،‬فهيي جباملها‬ ‫وفيه دلةل عىل معىن ّ‬
‫شفيعة لل ّمة من جالل هللا تعاىل‪.‬‬
‫ِنان وا ْغِنِن َِنر ْب هبت ِنِنِنا فا تط َمِنِنِن مة ال تنِّنِنِنري تان‬ ‫ا ْ َإْعِنِن ْ‬
‫ِنب هبِنِنِنا مم ْر تضِنِنِن َع مة ا تجلنِنِن ت‬
‫إسم "الزّهراء" عليها السّالم‬
‫السالم‪ ،‬ول يعرف أ ّول من سامها‬ ‫هذا اللّقب من أشهر ألقاب الس ّيدة علهيا ّ‬
‫السامء‪ ،‬وتلقته الرض ابلقبول والشغف ‪.‬‬ ‫به‪ ،‬وكن ّه نزل من ّ‬
‫النري املمرشق من‬
‫قال ابن الثري رمحه هللا‪ :‬الزهراء ‪ :‬تأنيث الزهر‪ ،‬وهو ّ‬
‫‪4‬‬
‫اللوان‪ ،‬ويراد به إارشاق نور اإمياّنا‪ ،‬وإاضاءته عىل اإميان غريها ‪.‬‬
‫وقال املناوي رمحه هللا ‪ُ :‬سيت ابلزهراء َلّنا زهرة املصطفى ‪.‬‬
‫منال الطالب | ابن ألاثير ‪ 805 :‬ـ‬
‫اتحاف السائل | املناوي ‪2 :‬‬
‫‪8‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫إسم " البتول" عليها السّالم‬


‫اإمس البتول مش تق من البتل‪ ،‬والبتل يف اللغة ‪ :‬هو القطع ‪..‬‬
‫وقال ثعلب اللّغوي رمحه هللا ‪ :‬لقبت فاطمة بنت س يد املرسلني ‪ ‬ابلبتول‬
‫لنقطاعها عن نساء زماّنا وعن نساء ا مل ّمة‪ ،‬فض ًال ودين ًا وحس ب ًا وعفاف ًا‪،‬‬
‫ويه س يدة نساء العاملني‪ ،‬وأ ّم أولده ‪. ‬‬
‫وقيل ‪ :‬البتول من النساء ‪ :‬املنقطعة عن ادلنيا اإىل هللا تعاىل‪ ،‬وبه لقّبت‬
‫‪4‬‬
‫الس ّيدة فاطمة (ريض هللا عهنا) ‪.‬‬
‫وقال ابن منظور رمحه هللا ‪ :‬امرأة متبتّل اخللق‪ :‬أي منقطعة اخللق عن‬
‫هين فضل‪ ،‬وقيل ‪ :‬التامة اخللق‪ ،‬وقيل ‪ :‬تبتيل َخلْقها ‪ :‬انفراد‬ ‫النساء‪ ،‬لها عل ّ‬
‫لك يشء مهنا حبس نه‪ ،‬ل يتلك بعضه عىل بعض ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وعن الهروي يف (الغريبني) ‪ ،‬قال ‪ُ :‬سيت فاطمة علهيا السالم بتو ًل؛ َلّنّ ا‬
‫بمتلت عن النظري ‪.‬‬
‫إسم " أمّ أبيها" عليها السّالم‬
‫وورد أ ّن مولان احلبيب ‪ ‬اكن ينادهيا بِن "أم أبهيا" كام أخرجه (الطرباين)‪،‬‬
‫ولعل مراده ‪ ‬بذكل هو مراده من قوهل " أان من احلسني " وهو اكلتوكيد‬
‫يف النس بة والش به‪ ،‬لن العرب إاذا أرادوا أن يش ّبوا الابن بأبيه‪ ،‬قالوا هو‬
‫الصوري‪ ،‬وهو الوراثة‬ ‫ابن أبيه‪ ،‬بيد أن ّه أراد معىن أمعق وأ ّدق من التّشبيه ّ‬
‫احمل ّمديّة‪ ،‬واخلالفة المحديّة ‪.‬‬

‫تاج العروس | الزبيدي ‪ 0 : 7‬ـ بتل ـ ‪.‬‬


‫النهاية ‪ 42 :‬ـ بتل ـ ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫إسم " الصّديقة" عليها السّالم‬


‫الصديقة لتحقّقها مبقام القطب ّية‪ ،‬مفقام الولية الكربى يس ّمى برتبة‬ ‫وُس ّيت ّ‬
‫الصديق‪ ،‬وس ّيدتنا مرمي‬ ‫تتوج هبا س ّيدان أبو يكر ّ‬ ‫الصديقيّة‪ ،‬ويه اليت ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم) أحق هبذا املقام‪ ،‬كام روي عن‬ ‫السالم‪ ،‬والس ّيدة فاطمة (علهيا ّ‬ ‫علهيا ّ‬
‫رسه ‪« :‬اكنت فَا تط َمة تسمى الصديقة «‪.4‬‬
‫الصادق قدس هللا ّ‬ ‫س ّيدان جعفر ّ‬
‫الصدق هيدي‬ ‫ابلصدق‪ ،‬فاإن ّ ت‬
‫الرشيف يقول ‪« :‬عليمك ّ ت‬ ‫ول غرو فاحلديث ّ‬
‫الرب‪ ،‬وإان الرب هيدي اإىل اجلنة‪ ،‬وما يزال الرجل يصدق‪ ،‬ويتحرى‬ ‫اإىل ّت‬
‫الصدق حّت مي ْكتَب عند هللا ص ّتديقًا« ويه اكنت أصدق النّاس لهجة‪ ،‬كام‬ ‫ّت‬
‫ِض هللا َع ْهنا ‪« :‬رمح هللا فَا تط َمة‪ ،‬ما اكن أحد بعد النيب‬
‫قالت أم املؤمنني َر ت َ‬
‫َصىل هللا عَل َ ْي ته َوأ ت تهل َو َس َّل أصدق لهجة مهنا « ‪.‬‬
‫إسم "بضعة " النبي‪‬‬
‫ففي القاموس ‪ :‬البضعة بفتح املوحدة‪ ،‬وحيك مضها وكرسها وسكون املعجمة‬
‫قطعة من اللحم‪ ،‬واملعىن أّنا جزء مين‪ ،‬كام أن القطعة جزء من اللحم ‪.‬‬
‫ومل يشهد املعصوم ‪ ‬لحد هبذه اخلصوص ّية ا ّإل لها‪ ،‬حيامن قال ‪« : ‬فاطمة‬
‫ب َضعة تم ّين « ‪ .‬ويف ذكل من الرسار ما فيه‪ ،‬كام س يأيت ‪..‬‬

‫رواه الحاكم ‪.‬‬


‫رواه الحاكم ‪.‬‬
‫رواه أحمد والحاكم ‪..‬‬
‫‪11‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫لقطة من أخالقها عليها السّالم‬


‫السالم‪ ،‬حتتاج اإىل التطلّع عىل‬ ‫ا ّإن خشص ّية جليّل مثل الس ّيدة فاطمة علهيا ّ‬
‫تفاصيل حياهتا‪ ،‬لتكون قدوة لنساء املسلمني‪ ،‬ولكن وللسف‪ ،‬فّل حيفظ لنا‬
‫التّارخي ا ّإل نزرا من سريهتا املنرية ‪.‬‬
‫وعليه ف إان ّنا س نقف عند بعض اجلوانب املرشقة يف أخالقيّات ّالزهراء‪ ،‬وما‬
‫ذكر س يكون دليال عىل ما مل يذكر‪ ،‬لنس تجمع يف أذهاننا صورة اكمّل‪ ،‬عن‬
‫بنت بيت النّ ّبوة‪ ،‬واليت يه ّ‬
‫الطراز ال ّول يف الّتبية احمل ّمديّة ‪.‬‬
‫سمتها عليها السّالم‬
‫اخلاصة‪ ،‬لن تكون مثرهتا عادية‪ ،‬س ّيام وأ ّن‬ ‫ممّا ل ريب فيه أ ّن ترب ّية النّ ّبوة ّ‬
‫جمرد الوراثة‬ ‫الرشيف يثبت بأّنّ ا "بضعة منه " فال شك أن ّه ل يقصد ّ‬ ‫الويح ّ‬
‫الرشيفة‪ ،‬ولكنّه يعين كذكل وراثة الخالق والحوال واملشاعر‬ ‫اجلسديّة ّ‬
‫الرشيف‪ ،‬فا ّإن الظاهر عنوان الباطن‪.‬‬ ‫النبويّة‪ ،‬ف إالن أش ّبته يف جسمه ّ‬
‫يت أحد ًا أش ب مه َُست ًا ود ّلً‬‫فلهذا تقول أ ّم املؤمنني ريض هللا عهنا‪« :‬ما رأ م‬
‫رسول هللا ‪«‬‬ ‫بنت ت‬ ‫وهـد ًّي برسول هللا ‪ ‬يف قيا تمها وقعو تدها‪ ،‬من فاطم َة ت‬
‫وهذا اإجامل حتته تفصيل طويل عريض ‪.‬‬
‫وتصفها أ ّم املؤمنني ريض هللا عهنا‪ّ ،‬مرة أخرى قائّل ‪« :‬كنا أزواج النيب‬
‫صىل هللا عليه وسّل اجتعنا عنده‪ ،‬مل يغادر مهنن واحدة‪ ،‬جفاءت فاطمة‬
‫‪4‬‬
‫متيش ما ختطئ مشيهتا مش ية رسول هللا ‪. « ‬‬

‫رواه البخاري ‪.‬‬


‫‪11‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫وتقول أم املؤمنني َر ت َ‬
‫ِض هللا َع ْهنا‪ّ ،‬مرة أخرى ‪« :‬ما رأيت أحدا اكن‬
‫‪4‬‬
‫أش به الكما‪ ،‬وحديثا من فَا تط َمة برسول هللا ‪. « ‬‬
‫فنجد أ ّن أ ّم املؤمنني ريض هللا عهنا أكرثت من وصف هذه الشامئل‬
‫الفاطم ّية‪ ،‬وكّنّ ا اس توقفهتا واس هتوهتا‪ ،‬لشدّة ش ّبها بس ّيد الورى ‪.‬‬
‫عفّتها عليها السّالم‬
‫وملّا اكن أعظم ما يف املرأة عفّهتا وصوّنا حلرمهتا‪ ،‬وهذا أصل امجلال فهيا‪،‬‬
‫الشارع احلكمي عىل هذا فقال ‪« : ‬ا ّإن فاطم َة أحصن َ ْت فَ ْر َهجا‪،‬‬ ‫مدهحا ّ‬
‫هللا و مذ ّ تريــهتا عىل النّار« ‪.‬‬
‫حفر َمها م‬
‫خاصة هبا‪ ،‬فكيف اكنت لها‬ ‫وقد يتساءل البعض أ ّن هذه الفضيّل ليست ّ‬
‫خاص ّية هبا ؟‬
‫لكن الويح يؤكّد لنا معىن اإضافيّا‪ ،‬عىل أّنّ ا أعظم‬ ‫المر ليس عىل ظاهره‪ ،‬و ّ‬
‫حّت أّنّ ا مل يكن لها شهوة ول ميل ّللرجال ولو طرفة عني‪،‬‬ ‫َمن ّعف نفسه‪ّ ،‬‬
‫فلهذا اكنت املثل العىل يف العفّة ‪.‬‬
‫كام روي عن الإمام عيل‪ ‬أن ّه اكن عند رسول هللا ‪ ‬فقال‪« : ‬أي‬
‫يشء خري للمرأة ؟ فسكتوا فلام رجعت قلت لفاطمة ‪ :‬أي يشء خري‬
‫فذكرت ذكل للنيب ‪‬‬ ‫م‬ ‫للنساء؟ قالت ‪ :‬أ ّل ير َين الرجال‪ ،‬ول ير ّ‬
‫اهن الرجال‪،‬‬
‫السالم ِن « ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬اإمنا فاطمة بضعة مين ِن علهيا ّ‬

‫رواه الحاكم وابن خزيمة ‪.‬‬


‫الحاكم ‪.‬‬
‫البزار والحاكم ‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫وأْعب من هذا ما روي «أ ّن الس ّيدة فاطمة ريض هللا عهنا ملا حرضهتا‬
‫الوفاة أمرت س ّيدان عليا فوضع لها غسال‪ ،‬فاغتسلت وتطهرت‪ ،‬ودعت‬
‫بثياب أكفاّنا فأتيت بثياب غال خشن فلبس هتا‪ ،‬ومست من احلنوط مث‬
‫أمرته أن ل تكشف اإذا قبضت‪ ،‬وأن تدرج كام يه يف ثياهبا «‪.4‬‬
‫ويف رواية أخرى َع ْن أ ّتم َسلْ َمة ريض هللا عهنا قَال َ تت‪ْ « :‬اش َت َك ْت فَا تط َم مة تبن ْ تت‬
‫اَّلل ‪َ ‬ش ْك َواهَا ال تّت مقبتضَ ْت تفي ته‪ ،‬فَ مكنْ مت أ َم ّ ترضم هَا‪ ،‬فَأَ ْص َب َح ْت ي َ ْو ًما‬ ‫ول ت‬ ‫َر مس ت‬
‫كل‪ ،‬قَال َ ْت ‪َ :‬وخ ََر َج عَ ت ٌّىل تل َب ْع تض َحا َج تت ته‪ ،‬فَ َقال َ ْت‪:‬‬ ‫َ َك ْمث تَل َما َر َأ ْيهتم َا تِف َش ْك َواهَا تت ْ َ‬
‫َّي أم ته ْاس مك تِب تىل غم ْس ًال‪ ،‬فَ َس َك ْب مت لَهَا غم ْس ًال فَا ْغت َ َسل َ ْت َ َك ْح َس تن َما َر َأ ْيهتم َا‬
‫اِب الْ مجدم ة‪ ،‬فَأَع َْط ْيهتم َا فَلَب َتس ْهتَا‪ ،‬ممث قَال َ ْت‪َّ :‬ي‬ ‫تَ ْغت َ تس مل‪ ،‬ممث قَال َ ْت‪َّ :‬ي أم ْه َأع تْط تيىن ثت َي ت َ‬
‫أم ْه قَ ّتد تمى تىل تف َر تاِش َو َسطَ الْ َبيْ تت‪ ،‬فَ َف َعلْ مت َواضْ َط َج َع ْت َوا ْس َت ْق َبل َ تت الْ تق ْب َ َّل‬
‫َو َج َعل َ ْت يَدَ هَا َ ْحت َت َخ ّتدهَا‪ ،‬ممث قَال َ ْت‪َّ :‬ي أم ْه ا ت ّّن َم ْق مبوضَ ة ال َن‪َ ،‬وقَ ْد ت ََطه ْر مت‬
‫ِ‬
‫فَ َال يَ ْك تش مف تىن َأ َحد‪ ،‬فَ مقبتضَ ْت َم َاكّنَ َا‪ ،‬قَال َ ْت‪ :‬فَ َجا َء عَ ت ٌّىل فَأَخ َ ْْربتم مه » ‪.‬‬
‫حّت بعد اإنتقالها‪ ،‬كام روي عن أم جعفر ‪ :‬أن فاطمة بنت‬ ‫ولقد تعدّت عفّهتا ّ‬
‫رسول هللا ‪ ‬قالت ‪ّ :‬ي أسامء ِن بنت معيس ِن اإين قد اس تقبحت ما يصنع‬
‫ابلن ّساء أن يطرح عىل املرأة الثوب فيصفها‪ ،‬فقالت أسامء‪ :‬أبنة رسول هللا‪‬‬
‫أل أريك شيئا رأيته ابحلبشة‪ ،‬فدعت جبرائد رطبة حفنهتا‪ ،‬مث طرحت علهيا‬
‫ثواب‪ .‬فقالت فاطمة ‪ :‬ما أحسن هذا وأمجهل تعرف به املرأة من الرجل‪.‬‬
‫بل ولقد تعدّت عفّهتا هذه ادلّ ار اإىل ادلّ ار الخرة‪ ،‬حيث يقول س يدان ومولان‬
‫العرش‪ّ ،‬ي أه َل‬ ‫رسول هللا ‪« : ‬اإذا اكن يو مم القيام تة اندى منا ٍد من ب م ْطنان ت‬
‫الحاكم في مستدركه ‪.‬‬
‫رواه أحمد ‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫بنت محم ٍد ‪ ‬فتر مع‬


‫حّت متر فاطم مة م‬ ‫امجلع ت نَ تكّ مسوا َ‬
‫رءوسمك‪ ،‬و مغضوا أ َ‬
‫بصارمك‪ّ ،‬‬
‫‪4‬‬
‫الربق« ‪.‬‬
‫مكر ت‬ ‫س بعني أ تلف جاري ٍة من احلو تر ت‬
‫العني ّ ت‬
‫صدقها عليها السّالم‬
‫الصدق‪ ،‬واكنت‬ ‫حّت يف ّالرجال‪ ،‬خلق ّ‬ ‫ومن أُسى الخالق واليت تفتقد ّ‬
‫ابلصديقة‪ ،‬كام‬ ‫حّت ُسيت ّ‬ ‫الصدق‪ّ ،‬‬ ‫السالم) يه أ ّم ّ‬ ‫الس ّيدة البتول (علهيا ّ‬
‫رسه ‪« :‬اكنت فَا تط َمة تسمى‬ ‫الصادق قدس هللا ّ‬ ‫روي عن س ّيدان جعفر ّ‬
‫الصديقة « ‪.‬‬
‫الصدق هيدي‬ ‫ابلصدق‪ ،‬فاإن ّ ت‬
‫الرشيف يقول ‪« :‬عليمك ّ ت‬ ‫ول غرو فاحلديث ّ‬
‫الرب‪ ،‬وإان الرب هيدي اإىل اجلنة‪ ،‬وما يزال الرجل يصدق‪ ،‬ويتحرى‬ ‫اإىل ّت‬
‫الصدق حّت مي ْكتَب عند هللا ص ّتديقًا« ‪.‬‬ ‫ّت‬
‫فال جرم أن هداها صدقها اإىل الرب فاكنت من البرار‪ّ ،‬مث ترقّت عن هذا‬
‫اإىل درجة املقربني‪ ،‬فاكنت صديقة هذه ال ّمة ‪.‬‬
‫ِض هللا َع ْهنا ‪« :‬رمح هللا فَا تط َمة‪ ،‬ما‬
‫وهايه شهادة أم املؤمنني فهيا‪ ،‬قالت َر ت َ‬
‫اكن أحد بعد النيب َصىل هللا عَل َ ْي ته َوأ ت تهل َو َس َّل أصدق لهجة مهنا « ‪..‬‬
‫ِض هللا َع ْهنا‪ ،‬أّنّ ا قالت ‪« :‬ما رأيت أحدا قط هو أصدق‬ ‫وروي عهنا َر ت َ‬
‫لهجة من فَا تط َمة غري أبهيا‪ ،‬قال ‪ :‬واكن بيهنام يشء ‪ ،‬فقالت عَائتشَ ة ‪ :‬سلها ّي‬
‫رسول هللا ‪ ،‬فاإّنا ل تكذب« ‪.1‬‬

‫رواه الطبراني والحاكم وصححه ‪.‬‬


‫رواه الحاكم ‪.‬‬
‫رواه الحاكم ‪.‬‬
‫‪ 2‬رواه الحاكم ‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫حلمها ومروءتها‬
‫السالم‪ ،‬يتضح لنا أّنّ ا اكنت عىل‬ ‫وابس تقراء شامئل الس ّيدة الزهراء علهيا ّ‬
‫جانب من املروءة مل يتفق لحد من النساء‪ ،‬بل ول ّالرجال حاشا ساداتنا‬
‫السالم ‪.‬‬
‫النبياء علهيم ّ‬
‫ِض هللا َع ْهنا ‪« :‬ما رأيت أحدا اكن أش به‬ ‫وتأمل كيف تصفها أم املؤمنني َر ت َ‬
‫الكما‪ ،‬وحديثا من فَا تط َمة برسول هللا ‪ ‬واكنت اإذا دخلت عليه رحب هبا‪،‬‬
‫وقام اإلهيا فأخذ بيدها وقبل يدها‪ ،‬وأجلسها يف جملسه‪ ،‬واكن رسول هللا ‪‬‬
‫اإذا دخل علهيا رحبت‪ ،‬وقامت وأخذت بيده فقبلته‪ ،‬فدخلت عليه يف مرضه‬
‫اذلي تويف فيه‪ ،‬فرحب هبا‪ ،‬وقبّلها‪ ،‬وأرس اإلهيا فبكت‪ ،‬مث أرس اإلهيا‬
‫فضحكت‪ ،‬فقلت ‪ :‬كنت أحسب لهذه املرأة فضال‪ ،‬فاإذا يه مهنن‪ ،‬بينا يه‬
‫تبيك اإذ يه تضحك‪ ،‬فسألهتا فقالت‪ :‬اإين اإذا لبذرة‪ .‬فلام تويف رسول هللا ‪‬‬
‫سألهتا‪ ،‬فقالت ‪ :‬أرس اإيل و َأخ َ َْرب تين أنه ميت‪ ،‬فبكيت‪ ،‬مث أرس اإيل و َأخ َ َْرب تين‬
‫أين أول أههل حلوقًا به« ‪.4‬‬
‫ويف رواية ‪« -‬دخلت فاطمة فأكـ ّبت عليه فقبلته‪ ،‬مث رفعت رأسها‬
‫فبكت‪ ،‬مث أكبت عليه مث رفعت رأسها فضحكت‪ ،‬فقلت‪ :‬اإن كنت لظن أن‬
‫هذه من أعقل نسائنا‪ ،‬فاإذا يه من النساء «‪.‬‬
‫فكل أن تتوقف يف هذه احلادثة التارخي ّية مع ثالثة مالحظ‪ ،‬أ ّول ‪ :‬حفاوة‬
‫س ّيد الوجود ‪ ‬هبا‪ ،‬وما ذكل ا ّإل ملاكنهتا وعظمة خشصيهتا ‪.‬‬

‫رواه ابن خزيمة في صحيحه ‪.‬‬


‫‪15‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫اثنيا ‪ :‬شهادة أ ّم املؤمنني ويه من يه‪ ،‬حيامن شهدت للس ّيدة الزهراء بفخامة‬
‫القدر‪ ،‬ورجاحة العقل ‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬انتخاب احلرضة النبويّة اب إلرسار لها‪ ،‬وكامتن الس ّيدة الزهراء (علهيا‬
‫للرس النبوي ‪.‬‬
‫السالم) ّ‬
‫ّ‬

‫كرمها وجودها‬
‫وأ ّما عن خساءها مبال ادلّ نيا ّالزائف‪ ،‬فهيي أعظم من أن متدح أو حتمد عليه‪،‬‬
‫لك يوم ابلنوار والرسار‪ ،‬فال ّمة لكّها عيال عىل‬ ‫ويه اليت تتفضّ ل علينا ّ‬
‫براكهتا ونفحاهتا ‪.‬‬
‫ون الط َعا َم عَ َىل مح تبّ ته‬ ‫ويكفيك يف كرهما احليس‪ ،‬قصة نزول أية ‪َ ( :‬ويم ْط تع مم َ‬
‫اَّلل َل نم تريدم تم ْن م ْمك َج َز ًاء َو َل‬ ‫تم ْس تكينًا َوي َ تتميًا َو َأ تس ًريا (‪ )8‬ان َما ن ْمط تع مم م ْمك تل َو ْج ته ت‬
‫ِ‬
‫السالم ‪.‬‬ ‫مش مك ًورا) فاإّنّ ا نزلت فهيا ويف زوهجا الكرمي علهيام ّ‬
‫فقد روي َع تن س ّيدان ا ْب تن عَب ٍاس ‪َ « :‬أن الْ َح َس َن َوالْ مح َس ْ َني عَل َ ْ تهي َما الس َال مم‬
‫اَّلل ‪ ‬تيف أانَ ٍس َم َعهم‪ ،‬فَ َقالموا‪َّ :‬ي َأ َاب الْ َح َس تن ل َ ْو ن َ َذ ْر َت‬ ‫ول ت‬ ‫َم ترضَ ا فَ َعاد م ََُها َر مس م‬
‫اَّلل تَ َع َاىل َأ ْن‬
‫اُها م‬ ‫عَ َىل َو َ تدلكَ ‪ ،‬فَنَ َذ َر عَ ت ٌّيل َوفَا تط َم مة َو تفض مة َجا تريَة لَهم َما‪ ،‬ا ْن َش َف م َ‬
‫ِ‬
‫ت‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يشء‪ ،‬فَ ْاس َت ْق َرضَ ا ثَالثَة َأ ْص موعٍ م ْن َشع ٍري‬ ‫ي َ مصو مموا ث َ َالث َ َة َأّي ٍم فَ مش تف َيا َو َما َم َعهم ْم َ ْ‬
‫فَ َط َحنَ ْت فَا تط َم مة َصاعًا َوا ْختَ َ ََبتْه َو َوضَ معوهَا ب َ ْ َني َأيْ تد تهي ْم تل مي ْف تط مروا‪ ،‬فَ َوقَ َف عَلَ ْ تهي ْم‬
‫َسائتل فَقَا َل‪ :‬الس َال مم عَلَ ْي م ْمك َأ ْه َل ال َبيْ تت‪ ،‬تم ْس تكني تم ْن َم َسا تك تني الْ مم ْس تل تم َني‬
‫اَّلل تم ْن َم َوائت تد الْ َجن تة فَأث مَرو مه َو َابتموا َول َ ْم ي َ مذوقموا ال الْ َما َء‬ ‫َأ ْط تع مم توين َأ ْط َع َم م ممك م‬
‫ِ‬
‫َو َأ ْص َب محوا َصائت تم َني‪ ،‬فَلَما َأ ْم َس ْوا َو َوضَ معوا الط َعا َم ب َ ْ َني َأيْ تد تهي ْم َوقَ َف عَلَ ْ تهي ْم يَتميت‬
‫‪16‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫فَأث مَرو مه َو َجا َء م ُْه َأ تسري تيف الثا تلث َ تة‪ ،‬فَ َف َعلموا تمثْ َل َذ ت َكل فَلَما َأ ْص َب محوا َأ َخ َذ عَ ت ٌّيل عَلَ ْي ته‬
‫ول ‪ ،‬فلام أبرصُه َو م ُْه‬ ‫الس َال مم تب َي تد الْ َح َس تن َوالْ مح َس ْ تني َو َد َخلموا عَ َىل الر مس ت‬
‫ون َاكلْ تف َراخت تم ْن تشد تة الْ مجوعت قَا َل‪َ :‬ما أَ َشد َما ي مَسو مء تين َما َأ َرى تب م ْمك َوقَا َم‬ ‫يَ ْرتَ تع مش َ‬
‫فَان َْطل َ َق َم َعهم ْم فَ َر َأى فَا تط َم َة تيف تم ْح َراهبت َا قَ تد الْتَ َص َق ب َ ْطهنم َا ب َتظهْ ترهَا َوغَ َار ْت َع ْينَاهَا‬
‫فَ َسا َء مه َذ ت َكل‪ ،‬فَ َ ََن َل تج ْ تربي مل عَلَ ْي ته الس َال مم َوقَا َل‪ :‬خ ْمذهَا َّي رسول هللا ‪ ‬هَناكَ‬
‫ور َة»‪.4‬‬ ‫اَّلل تيف َأه تْل بَيْ تت َك فَأَ ْق َر َأهَا الس َ‬‫م‬
‫ِنوح أ ْم تم ِنِنِنن تجن ِنِن ت‬
‫ِنان‬ ‫تم ِنِنِنن َرتبي ِنِنِنع ٍ تَ مف ِنِن م‬ ‫أي َأ ْخِنِنِنِنِنِنِن ٍ‬
‫ِنالق أي َمِنِنِنِنِنِنِنِنا إا ْحسِنِنِنِنِنِنِن ت‬
‫ِنان‬
‫ِنت ّال نَسِنِنِنِنِنِنِنا ت م ال مكثْبِنِنِنِنِنِن ت‬
‫ِنان‬ ‫لَي َْسِنِنِنِنِنِن ت‬ ‫ِنيس تمِنِنِنِنِنن ن َ ْشِنِنِنِنِنأ تة الكِنِنِنِنِنو تان‬‫الك لَِنِنِنِن َ‬
‫فَتَنَشِنِنِنِنِنِن ِْنق َِ تَت تصِنِنِنِنِنِن ِْنل تابل َب متِنِنِنِنِنِن ت‬
‫ِنول‬
‫ِنور‬
‫ِنيض الن ِنِنِنِنِن ت‬ ‫ه ِنِنِنِنِنِنذا د ٌّمر وذاكَ فَ ِنِنِنِنِن م‬ ‫مجِنِنِنود ممُه ي َ ْط مفِنِنِنو فَِنِن َ‬
‫ِنوق تبِنِن ّ تِنر ال مب محِنِنِنو تر‬
‫َم ِنِنِنِنن يف إا ْماك تنن ِنِنِنِنا مم ِنِنِنِن تد مير ال مم ِنِنِن ت‬
‫ِنور‬ ‫ّيتم ِنِنرى َم ِنِنن َ مجي ِنِنو مد َخلْ ِن َِنف الس ِنِن متو تر‬
‫َم ِنِنِنِنن مه ِنِنِن َِنو اجلمِنِنِنِنو مد مه ِنِنِن َِنو أ مل ال َب مت ِنِنِن ت‬
‫ِنول‬

‫نبذة من أحواهلا عليها السّالم‬


‫ا ّإن الحوال الباطنة يه معيار التفاضل عند أهل هللا تعاىل‪ ،‬فاإن أردان أن‬
‫السالم) يف املقام عىل من سواها من‬ ‫تفوق الس ّيدة (علهيا ّ‬
‫رس ّ‬‫نقف عىل ّ‬
‫شدّهن تعلّقا بأبهيا‬
‫يقهنن ابهلل تبارك‪ ،‬وأ ّ‬ ‫نساء العاملني‪ ،‬فلّنّ ا اكنت أ ّ‬
‫تقاهن وأ ّ‬
‫احلبيب ‪. ‬‬

‫الرازي‪ ،‬والواحدي ‪ّ ..‬‬


‫بعدة روايات ‪.‬‬ ‫تفسير الفخر ّ‬

‫‪17‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ولكن وللسف مل يروى لنا الاكيف من أحوال س ّيدة العاملني‪ ،‬ولكن اإذا عرفنا‬
‫أ ّن مقاهما اكن بتكل ال ّعزة و ّالرفعة‪ ،‬سنس تنتج بأ ّن أحوالها الباطن ّية اكنت عىل‬
‫قدس ّية قطيعة النّظري ‪.‬‬
‫وممّا جيب التّنبيه اإليه هنا‪ ،‬أ ّن الحوال واملقامات القلبية‪ ،‬من شأّنا الإخفاء‬
‫تسّت‪ ،‬وهذا سبب أخر من أس باب ّقّل املصادر‪ ،‬وهذه مناذج مهنا ‪:‬‬ ‫وال ّ‬

‫نسكها عليها السّالم‬


‫وأ ّما عن شؤون عبادهتا هلل تعاىل‪ ،‬فهذا اذلي ّقرصت فيه الرواّيت‪ ،‬فّل‬
‫لكن مقاهما ينبينا عن‬ ‫السري‪ ،‬و ّ‬ ‫تعطى هذه الس ّيدة حقّها من الإهامتم يف ّ‬
‫لرب العاملني ‪.‬‬ ‫تفاصيل عبوديهتا ّ‬
‫وكيف ل وإاّنّ ا نشأت يف جحر اإمام احلرضة ‪ ،‬وهذا س ّيدان أبو‬
‫امحلراء ‪ ‬يصف لنا املسكل فيقول ‪ :‬رابطت املدينة س بعة أشهر عىل عهد‬
‫رسول هللا ‪ ، ‬فرأيت رسول هللا ‪ ‬اإذا طلع الفجر جاء اإىل ابب عيل‬
‫وفاطمة الزهراء‪ ،‬فقال ‪" :‬السالم عليمك أهل البيت " " الصالة الصالة"‬
‫َنمك ّ تالر ْج َس َأ ْه َل الْ َبيْ تت َويم َطهّ َترم ْمك ت َْطه ًتريا( «‪.4‬‬
‫اَّلل تل مي ْذ ته َب ع م م‬
‫(ان َما يم تريدم م‬
‫ِ‬
‫رسه‪ ،‬عن الس ّيدة علهيا السالم‪ ،‬تل َم‬ ‫وملّا مس ئل الإمام الصادق قدس هللا ّ‬
‫رسه ‪َ « :‬لّنّ ا اكنت اإذا قامت يف حمراهبا‬ ‫ُّسيت الزهراء؟ فقال قدّس هللا ّ‬
‫زهر نورها َلهل السامء ‪ ،‬كام يزهر نور الكواكب َلهل الرض» ‪.‬‬

‫أحمد وابن أبي شيبة ‪.‬‬


‫‪18‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫يت أيم فاطمة قامئ ًة‬ ‫وروي عن الامام احلسن عليه السالم أنه قال‪ :‬رأ م‬
‫يف حمراهبا ليّل امجلعة‪ ،‬فّل تزل راكعة ساجد ًة حّت انفلق معو مد الصبح‪ُ ..‬سعهتم ا‬
‫تدعو للمؤمنني واملؤمنات وتمس ّمهيم وتمكرث ادلعا َء هلم‪ ،‬ول تدعو لنفسها‬
‫نفس تك كام تدعني لغ تري تك‪ْ ،‬‬
‫قالت‪ّ :‬ي ب م ّين‪،‬‬ ‫بيشء‪ ،‬فقلت‪ّ :‬ي أ ّماه! ل َ ْم تدعي ل ت‬
‫اجلار‪ ،‬قبل ادلار‪.‬‬
‫الشأن‪ ،‬أّنا اكنت تقول يف ساعة الاس تجابة يوم‬ ‫وممّا روي عهنا يف هذا ّ‬
‫امجلعة أّنّ ا تضيفت الشمس للغروب‪ ،‬قال واكنت فَا تط َمة َر ت َ‬
‫ِض هللا َع ْهنا تأمر‬
‫وصي ًفا لها فتقول ‪ :‬اصعدي عىل الظراب‪ ،‬فاإذا رأيت الشمس تدىل نصفها‬
‫للغرب فأذنيين‪ ،‬فتصعد‪ ،‬فاإذا يه تدلت للغروب أذنهتا فتقوم فَا تط َمة فتذكر‬
‫هللا وتصيل عىل النيب ‪ ،‬وتدعو حّت تغرب ‪.4‬‬
‫وروي عن س ّيدان جعفر بن محمد عن أبيه أن فاطمة بنت النيب ‪‬‬
‫اكنت تزور قرب معها محزة يف الّيم فتصيل وتبيك عنده ‪.‬‬
‫تعلقها بالحبيب ‪‬‬
‫السالم‪ ،‬جشون وفنون يف ّ‬
‫الشغف بأبهيا‬ ‫ولقد اكن للس ّيدة فاطمة علهيا ّ‬
‫حب عبوديّة وإاميان ابهلل تعاىل‬ ‫احلبيب ‪ ،‬ليس ّ‬
‫حب أ ّبوة حفسب‪ ،‬بل ّ‬
‫ورسوهل ‪ ،‬مفن ذكل ما روي عن س ّيدان عبد هللا بن احلارث ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫«مكثت فاطمة بعد النيب ‪ ‬س تة أشهر ويه تذوب» ( شغفا به ‪،)‬‬
‫ومثل ذكل عن س ّيدان ابن بريدة ‪ ،‬قال ‪« :‬مكدت فاطمة عىل أبهيا س بعني‬
‫من يوم وليّل »‪.‬‬
‫رواه الحاكم النيسابوري‬
‫رواه الحاكم النيسابوري‬
‫‪19‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ومن ذكل ما روي عن س ّيدان أيب ثعلبة اخلم َش ين ‪ ‬قال‪« :‬قدم رسول هللا‬
‫‪ ‬من غَزاة هل مرة فأىت فاطمة فبدأ هبا‪ ،‬فاس تقبلته عىل ابب البيت جفعلت‬
‫تقبل وهجه و فاه وعينيه وتبيك‪ ،‬فقال لها رسول هللا ‪« ‬ما يبكيك؟»‬
‫قالت‪ :‬أراك ّي أبيت ‪ ‬قد حشب لونك‪ ،‬واخلولقت ثيابك ‪ ..‬احلديث »‪.4‬‬
‫وعن أيب جعفر ‪ ،‬قال ‪ « :‬ما رئيت فاطمة ضاحكة بعد رسول هللا ‪‬‬
‫اإل يوما أفّتت بطرف انهبا‪ ،‬قال ‪ :‬ومكثت بعده س تة أشهر » ‪.‬‬
‫وروى احلامك بس نده عن س ّيدان موىس الاكظم عن أابئه الكرام ‪« :‬أ ّن‬
‫رسول هللا ‪ ‬اكنت م‬
‫تقول ‪ :‬وا أبتاه‬ ‫السالم‪ ،‬مل ّا انتق َل م‬
‫الس ّيدة فاطم َة علهيا ّ‬
‫ّ‬
‫من ربه ما أدانه‪ ،‬وا أبتاه جنان اخلدل مأواه‪ ،‬وا أبتاه ربه يكرمه اإذا أاته‪ ،‬وا‬
‫أبتاه ّالرب ورسهل يسّل عليه حني يلقاه ‪.‬‬
‫وملّا فرغوا قالت فاطمة‪ّ :‬ي أنس‪ ،‬أطابت أنفسمك أن حتثوا عىل رسول هللا‬
‫صىل هللا عليه وسّل الّتاب؟ » ‪.‬‬
‫ويف سنن ادلاريم ‪ :‬حني حدث اثبت البناين هبذا احلديث بىك حّت رأيت‬
‫أضالعه تضطرب‪ ،‬وقال اثبت‪ :‬حني حدث به أنس بىك ‪.‬‬
‫وعن س ّيدان أنس بن ماكل ‪ ‬قال ‪« :‬جاءت فَا تط َمة ومعها احلسن‬
‫واحلسني اإىل النيب ‪ ‬يف املرض اذلي قبض فيه‪ ،‬فأكبت عليه فَا تط َمة‬
‫وألصقت صدرها بصدره وجعلت تبيك فقال النيب ‪ : ‬مه ّي فَا تط َمة وّناها‬

‫ُ‬
‫الطبراني وأبو نعيم والحاكم‬

‫‪21‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫عن الباكء فانطلقت اإىل البيت فقال النيب ‪ ‬وهو يس تعرب ادلّ موع‪ ،‬اللهم‬
‫لك مؤمن ثالث مرات»‪.4‬‬
‫أهل بييت وأان مس تودعهم ّ‬
‫السالم‪ ،‬تريث أابها الكرمي ‪ ،‬كام يف "سرية اليعمري" ‪:‬‬
‫وقالت علهيا ّ‬
‫ََش ِنِن مِنس الهنَ ِنِن تِنار َو َأظ ِنِن َ مِنّل ال َعرصِنِنِنِن تات‬ ‫تاغ ِنِنِن َِنرب أف ِنِنِن مِناق َ‬
‫الس ِنِنِنِنام تء َو مك ِنِنِن ّ تِنو َرت‬
‫َأ َسِنِنِنِنِنف ًا عَلَيِنِنِنِنِن ته َكثِنِنِنِنِنري مة َالرجفِنِنِنِن ت‬
‫ِنان‬ ‫ِنيب َكئي َب ِنِن ًة‬
‫فَ ِنِنا َل مرض تم ِنِنن بَع ِنِندَ الن ِن ت ت ّ‬
‫رض َو ملك ي َِنِنِنِنِنِنِنامين‬ ‫َول َيب تكِنِنِنِنِنِنِن ته َمِنِنِنِنِنِنِنِن َ م‬ ‫فَل َيب تك ِنِنِنِنِن ته َرش مق ال ِنِنِنِنِنبتال تد َوغَرهبم ِنِنِنِنِنا‬
‫تار َوا َلر ت‬
‫اكن‬ ‫ِنت ذو ا َلس ِنِنِنِنِنِن ت‬ ‫َوال َبي ِنِنِنِنِن ت‬ ‫َول َيب تك ِنِنِنِن ته َ‬
‫الط ِنِنِنِنو مد امل م تعظ ِنِنِنِن تم َج ِنِنِنِنو مه‬
‫َصِنِنِنِنِنىل عَلَيِنِنِنِن َ‬
‫ِنك َمِنِنِنِن تِنَن تل ال مفرقِنِنِنِن ت‬
‫ِنان‬ ‫ّي خِنِن ت َ‬
‫ِنامت مالرسِنِنِن تل املمبِنِن َِنار تك ضَ ِنِنِنو مؤ مه‬
‫وقال الإمام عيل ‪ « : ‬ملا دفن رسول هللا ‪ ‬جاءت فاطمة فوقفت‬
‫عىل قربه‪ ،‬وأخذت قبضة من تراب القرب واس تنشقهتا‪ ،‬وأنشأت تقول ‪:‬‬
‫َأ ّل ي مَشِنِنِن مم َمِنِنِندى َالزمِنِن ت‬
‫ِنان غَوا تليِنِنِنا‬ ‫م ِنِناذا عَ ِن َِنىل م ِنِنن َة تمرب َ ِنِن َة َأمح ِنِن ٍد‬
‫مصِنِنِنبت عَِنِنِنىل ا َل ّّي تم عمِنِنِندن لَيا تليِنِنِنا‬ ‫مص ِنِنبت عَ ِن َِنيل َمص ِنِنائتب لَِنِنِنو َأّنِنِنِنا‬
‫ومن تعلّقها علهيا ّ‬
‫السالم ابحلبيب ‪ ،‬أّنّ ا جاءت بكرسة خَب هل ‪‬‬
‫فقال ‪« :‬ما هذه الكرسة قالت قرص خَبته فّل تطب نفيس حّت أتيتك هبذه‬
‫الكرسة‪ ،‬فقال أما اإنه أول طعام دخل بطن أبيك منذ ثالثة أّيم » ‪.‬‬
‫ومن نرصهتا هل ‪ ‬ما جاء يف احلديث الصحيح عن س ّيدان ابن مسعود‬
‫قال‪ :‬كنا مع رسول هللا ‪ ‬نصيل يف ظل الكعبة وانس من قريش وأبو‬
‫هجل قد حنروا جزورا يف انحية مكة فبعثوا جفاءوا بسالها وطرحوه بني‬

‫رواه الحاكم في مستدركه ‪.‬‬


‫املصدر نفسه ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫كتفيه وهو ساجد جفاءت فاطمة فطرحته عنه‪ ،‬فلام انرصف قال‪« :‬اللهم‬
‫عليك بقريش » ‪.‬‬
‫ويف رواية قَا َل س ّيدان ا ْب من َم ْس معو ٍد‪َ « :‬و َأانَ قَا ت َل أ َْس َت تطي مع َأ ْن َأتَ َلك َم لَيْ َس‬
‫اَّلل ‪‬‬ ‫ول ت‬ ‫تع ْن تدي ع تَش َرية تَ ْمنَ مع تين؛ فَأَانَ َأ ْره مَب ا ْذ َ تُس َع ْت فَا تط َم مة تبن ْ مت َر مس ت‬
‫م‬ ‫ِ‬
‫تب َذ ت َكل فَأَ ْق َبل َ ْت َحّت َألْ َق ْت َذ ت َكل َع ْن َأ تبهيَا مث ا ْس َت ْق َبل َ ْت قم َري ْشً ا فَ َش َت َم ْهتم ْم فَ َ ّْل‬
‫يَ ْر تج معوا ال َ ْهيَا َشيْئًا »‪.‬‬
‫ِ‬

‫زهدها عليها السّالم‬


‫السالم‪ ،‬عن عون بن مم َحمد‪ ،‬عن أمه عن‬ ‫وممّا روي من زهدها علهيا ّ‬
‫جدهتا قالت ‪« :‬هجزت جدتك اإىل جدك عيل علهيام السالم‪ ،‬وما اكن حشو‬
‫وسادهتام وفراشهام اإل ليفا‪ ،‬ولقد أومل ل َفا تط َمة مفا اكنت ولمية يف ذكل الزمان‬
‫أفضل من ولميته‪ ،‬رهن درعه عند هيودي بشطر شعري »‪.4‬‬
‫ومهنا ما روى الإمام أمحد ‪ « :‬أن بالل أبطأ عن صالة الصبح فقال هل‬
‫النيب صىل هللا عليه وأهل وسّل ما حبسك ؟ قال ‪ :‬مررت بفاطمة ‪ ،‬ويه‬
‫تطحن والصيب يبيك فقلت ‪ :‬اإن شئت كفيتك الرحا‪ ،‬وإان شئت كفيتك‬
‫الصيب‪ ،‬فقالت أان أرفق ابإبين منك‪ ،‬فذاك اذلي حبس ين عنك »‪.‬‬
‫السالم) ‪« :‬اإييت رسول‬‫وكام روي عن س ّيدان عيل ‪ ‬اإذ يقول لها (علهيا ّ‬
‫هللا ‪ ‬فسليه أن خيدمك خادما‪ ،‬فقد شق عليك اخلدمة‪ ،‬جفاءته‪ ،‬فّل جتده‬
‫يف البيت‪ ،‬قال ‪ :‬فانقلبت ‪ ،‬فأخربته عَائتشَ ة أن فَا تط َمة جاءت تبغيك‪ ،‬فّل‬

‫رواه الحاكم النيسابوري‬


‫‪22‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫يضع رداءه حّت جاءها‪ ،‬وقد دخلت يه‪ ،‬وعيل يف حلاف‪ ،‬فلام رأه عيل‬
‫اس تحيا منه‪ ،‬فكّنام أرادا أن يتنحيا منه ‪ ،‬فقال هلام رسول هللا ‪ : ‬كام أنامت‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فأدخل رجليه بيهنام يف اللحاف‪ ،‬كنه يدفهئام واكنت غداة خرضة‪ ،‬فلام‬
‫ذكرت هل فَا تط َمة شأن اخلادم قال ‪ :‬اخلادم أحب اإليك ؟ أو خري منه ؟‬
‫ثالاث وثالثني‪،‬‬‫فقالت فَا تط َمة ‪ :‬خري منه‪ ،‬قال ‪ :‬اإذا أردت أن ترقدي فس بحي ً‬
‫ثالاث وثالثني فقالت‪ :‬رضيت عن هللا ورسوهل‬ ‫وكربي أرب ًعا وثالثني‪ ،‬وامحدي ً‬
‫مرتني »‪.4‬‬
‫ويف رواية احلامك ‪ ..‬قال عيل بن أيب طالب ‪ّ« :‬ي ابن أعبد أل أعلمك‪ ،‬أل‬
‫أخربك عين وعن فَا تط َمة بنت رسول هللا ‪ ..‬وإامنا رحت الرحا بيدها حّت‬
‫أثر الرحا يف يدها واس تقت القربة حّت أثرت القربة بنحرها ومقت البيت‬
‫حّت اغربت ثياهبا‪ ،‬وأوقدت القدر حّت دنست ثياهبا فقدم عىل رسول هللا‬
‫‪ ‬س يب أو رقيق‪ ،‬فقلت لها لو أتيت رسول هللا ‪ ‬فسألته خاد ًما «‪.‬‬
‫ويقول س ّيدي أبو العباس ابن مرسوق‪ :‬املؤمن يتقوى بذكر هللا تعاىل كام‬
‫وقع لس يدتنا فاطمة ريض هللا عنه‪ ،‬حني طلبت من النيب ‪ ‬خادم ًا‬
‫ليطحن معها فعلمها النيب ‪ ‬التسبيح والتحميد والهتليل والتكبري وقال‪ :‬هن‬
‫كل أحسن من خادم وأما املنافق فال يتقوى اإل ابلطعام والرشاب ‪.‬‬
‫ومنه ما روي عن الإمام عيل ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬زوجه فَا تط َمة‪،‬‬
‫مث بعث معها خبميّل ووسادة من أدم حشوها ليف‪ ،‬وسقاء‪ ،‬ورحا برئ ‪..‬‬

‫صحيح البخاري‬
‫الطبقات الكبرى للشعراني‬
‫‪23‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫فذكر احلديث بنحوه‪ ،‬وزاد فيه ‪ :‬وقد دخال يف قطيفهتام‪ ،‬فاإذا غطيا رؤوسهام‬
‫انكشفت أقداهمام‪ ،‬وإاذا غطيا أقداهمام انكشفت رؤوسهام «‪.4‬‬
‫ومنه ما روي عن س ّيدان عيل ‪ ‬قال ‪« :‬تزوجت فَا تط َمة وما لنا إالّ‬
‫اإهاب كبش ننام عىل انحيته‪ ،‬وتعجن فاطمة عىل انحية «‪.‬‬
‫ومنه ما روي عن س ّيدان ثوابن ‪ ،‬قال ‪« :‬دخل رسول هللا ‪ ‬عىل‬
‫فاطمة وأان معه‪ ،‬وقد أخذت من عنقها سلسّل من ذهب‪ ،‬فقالت ‪ :‬هذه‬
‫أهداها يل أبو حسن‪ ،‬فقال ‪ّ :‬ي فاطمة‪ ،‬أيرسك أن يقول الناس ‪ :‬هذه فاطمة‬
‫بنت رسول هللا ‪ ‬ويف يدها سلسّل من انر‪ ،‬مث خرج‪ ،‬فاشّتت ابلسلسّل‬
‫غالما‪ ،‬فأعتقته فقال النيب ‪ ‬امحلد هلل اذلي ّجنى فاطمة من النار« ‪.‬‬
‫ومنه ما روي عن س ّيدان ثوابن ‪ : ‬اكن رسول ّاَّلل ‪ ‬اإذا سافر أخر‬
‫عهده ابنسان من أههل فاطمة‪ ،‬وأول من يدخل علهيا اإذا قدم فاطمة‪ ،‬فقدم‬
‫ِ‬
‫من غزا ٍة هل وقد علقت مسح ًا أو سّت ًا عىل ابهبا‪ ،‬وحلت احلسن واحلسني‬
‫قملْ َب ْ تني من فض ٍة‪ ،‬فقدم فّل يدخل‪ ،‬فظننت أن ما منعه أن يدخل ما رأى‪،‬‬
‫فهتكت السّت وفككت القلبني عن الصبيني وقطعته بيهنام‪ ،‬فانطلقا اإىل رسول‬
‫ّاَّلل ‪ ‬وهام يبكيان‪ ،‬فأخذه مهنام وقال‪ّ" :‬يثوابن‪ ،‬اذهب هبذا اإىل أل ٍ‬
‫فالن"‬
‫أهل بيت ابملدينة "اإن هؤلء أهل بييت أكره أن يألكوا طيباهتم يف حياهتم‬
‫عصب وسوارين من عاج« ‪.‬‬ ‫ادلنيا‪ّ ،‬ي ثوابن‪ ،‬اشّت لفاطمة قالد ًة من ٍ‬

‫رواه الحاكم النيسابوري‬


‫رواه أبو داوود ‪.‬‬
‫أبو داود وابن حبان ‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ويف رواية (ابن حبان) جفاء حّت دخل علهيا فاعتنقها‪ ،‬وقال هكذا كوين‬
‫فداك أيب وأيم «‪.‬‬
‫ومنه ما روي عن س ّيدان جابر ‪ ‬قال ‪« :‬دخل رسول هللا ‪ ‬عىل‬
‫فَا تط َمة ويه تطحن ابلرىح فلام نظر اإلهيا بىك وقال ّي فَا تط َمة تنقيل من ذلة‬
‫ادلنيا لنعمي اجلنة غدً ا « ‪.‬‬
‫وروى ابن حبان يف حصيحه‪ « :‬أ ّن النيب ‪ ‬خرج وأبو بكر ومعر ريض‬
‫هللا عهنام اإىل دار أيب أيوب النصاري ِن فذكر احلديث بطوهل ِن اإىل أن قال‪:‬‬
‫فأخذ رسول هللا ‪ ‬شيئا من حلم اجلدي فوضعه يف رغيف وقال‪ّ :‬ي أاب‬
‫أيوب أبلغ هذا فاطمة فاإّنا مل تصب مثل هذا منذ أّيم فذهب به أبو أيوب‬
‫اإىل فاطمة «‪.‬‬
‫قال‪ :‬قد فعلت‪ ،‬فداها أبوها‪ -‬ثالث مرات‪ -‬ليست ادلنيا من محمد ‪‬‬
‫ول من أل محمد ‪ ،‬ولو اكنت ادلنيا تعدل عند هللا جناح بعوضة ما سقى‬
‫‪4‬‬
‫مهنا اكفرا رشبة «‪.‬‬
‫وجاء يف السري ‪ :‬قدم رسول هللا ‪ ‬من غزوة فدخل عىل فاطمة ريض‬
‫رسك أن يسّتك هللا يوم القيامة‬ ‫هللا عهنا فرأى سّتا معلقا يف بيهتا‪ ،‬فقال‪ :‬اإن ّ‬
‫فأعطينيه‪ ،‬فأعطته‪ ،‬خفرج به فشقه للك اإنسان ذراعني يف ذراع‪.‬‬
‫ول ْعب من هذه الحوال عند س ّيدة الن ّساء و ّالرجال‪ ،‬فاإّنّ ا بضعة‬
‫النّ ّبوة‪ ،‬ونسخة ّالرساةل‪ ،‬وما خفي أجل وأعظم ‪.‬‬

‫ابن النجار‬
‫‪25‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫صبرها عليها السّالم‬


‫وكفى بزهدها يف ادلنيا صربا‪ ،‬فقد ّرابها املعصوم ‪ ‬وسكل هبا مساكل‬
‫السالم‪ ،‬ولقد رأها احلبيب ‪ ‬ذات ّمرة وعلهيا‬‫اليقني من أ ّول حياهتا علهيا ّ‬
‫كساء من أوابر الإبل ويه تطحن فبىك وقال ‪ّ « :‬ي فاطمة اصربي عىل مرارة‬
‫ادلنيا لنعمي الخرة غدا«‪. 4‬‬
‫وحتيك لنا أ ّم املؤمنني ريض هللا عهنا‪ ،‬قالت ‪« :‬كنا أزواج النيب ‪ ‬اجتعنا‬
‫عنده‪ ،‬جفاءت فاطمة متيش ما ختطئ مشيهتا مش ية رسول هللا ‪ ،‬فلام‬
‫رأها‪ ،‬رحب هبا‪ ،‬قال ‪ :‬مرحبا اببنيت‪ .‬مث أقعدها عن ميينه‪ ،‬مث سارها ‪،‬‬
‫فبكت؛ مث سارها الثانية ‪ ،‬فضحكت ‪ ..‬فذكرت احلديث املشهور ومنه ‪:‬‬
‫فقالت فاطمة ‪ :‬يف املرة الوىل حدثين أن جربيل اكن يعارضه ابلقرأن لك‬
‫س نة مرة ‪ ،‬وأنه عارضين العام يف هذه الس نة مرتني ‪ ،‬وإاين ل أحسب ذكل‬
‫اإل عند اقّتاب أجيل ‪ ،‬فاتقي هللا واصربي‪ ،‬فنعم السلف كل أان‪ ،‬فبكيت‪،‬‬
‫فلام رأى جزعي‪ ،‬قال ‪ :‬أما ترضني أن تكوين س يدة نساء العاملني‪ ،‬أو س يدة‬
‫نساء هذه المة ؟ قالت ‪ :‬فضحكت « ‪.‬‬
‫وكن ّه ‪ ‬رت ّب س يادهتا عىل شدّة مصاهبا وعظم صربها‪ ،‬لن ّه قال‪ ‬يف‬
‫الصحيح ‪« :‬من أصابته مصيبة فليتذكر مصيبته يب فاإّنا من أعظم‬ ‫احلديث ّ‬
‫املصائب« ‪.‬‬

‫الحاكم وابن النجار وابن مردويه ‪.‬‬


‫رواه البخاري ‪.‬‬
‫رواه ابن سعد ‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫وملّا انتقل احلبيب ‪ ‬اإىل ّالرفيق العىل‪ ،‬اش ت ّد علهيا املصاب‪ ،‬فاكنت كام‬
‫قال س ّيدان ابن بريدة ‪ : ‬مكدت فاطمة عىل أبهيا س بعني من يوم وليّل ‪.‬‬
‫مقامها العظيم عليها السّالم‬
‫ولقد اش هتر عند مجهور أهل الس نّة وامجلاعة‪ ،‬ورحج ابدلّ ليل النّقيل والعقيل‬
‫والكشفي‪ ،‬أ ّن أفضل نساء العاملني عىل الإطالق يه الس ّيدة فاطمة علهيا‬
‫السالم‪ ،‬ومل مياري يف هذا ا ّإل النّواصب واخلوارج‪.‬‬‫ّ‬
‫ورصح بأفضليهتا عىل سائر النساء حّت الس يدة مرمي (علهيا ّ‬
‫السالم)‬
‫الس بيك‪ ،‬واجلالل الس يوطي‪ ،‬والبدر‬ ‫كثري من العلامء احملققني مهنم ‪ :‬التقي ّ‬
‫الزركيش‪ ،‬والتقي املقريزي ‪.‬‬
‫وقال اإمامنا ماكل ريض هللا عنه ‪ :‬ل أفضل عىل بضعة من النيب صىل‬
‫هللا عليه واهل وسّل أحدا‪. 4‬‬
‫وملّا س ئل احلافظ ابن أيب داوود رمحه هللا عن الّتجيح يف أفضل ّية‬
‫النساء‪ ،‬قال ‪ :‬اإن رسول هللا ‪ ‬قال ‪ ":‬فاطمة بضعة مين " ول أعدل‬
‫ببضعة رسول هللا‪ ‬أحدا‪.‬‬
‫وذكر الإمام عّل ادلين العرايق رمحه هللا " شارح املهذب" أن الس ّيدة فاطمة‬
‫السالم‪ ،‬أفضل من اخللفاء ابتفاق ‪.‬‬ ‫وأخاها اإبراهمي علهيام ّ‬
‫حّت الش يخني‪،‬‬ ‫ورصح بأفضلية الس يدة فاطمة عىل مجيع الصحابة ّ‬
‫الشمس العلقمي ‪.‬‬

‫الحاوي للفتاوي لإلمام السيوطي ‪.‬‬


‫‪27‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫قال احلافظ املناوي ‪ :‬أما نساء هذه المة فال ريب يف تفضيلها علهين‬
‫مطلقا‪ ،‬بل رصح غري واحد أّنا وأخوها اإبراهمي أفضل من مجيع الصحابة‬
‫حّت اخللفاء الربعة‪.‬‬
‫ويقول الإمام الس بيك رمحه هللا ‪ :‬اذلي أتاره وندين هللا به‪ :‬أن فاطمة‬
‫أفضل مث خدجية مث عائشة‪ ،‬ومل خيف عنّا اخلالف يف ذكل‪ ،‬ولكن اإذا جاء‬
‫ّنر هللا بطل ّنر العقل ‪.‬‬
‫وقال الش يخ شهاب ادلين بن جحر الهيتي‪ :‬ولوضوح ما قاهل الس بيك تبعه‬
‫عليه احملققون‪..‬‬
‫وممن حىك الإجامع احلافظ ابن جحر ِن رمحه هللا ِن فقال ‪ :‬فاطمة أفضل‬
‫‪4‬‬
‫من خدجية وعائشة ابلإجامع‪ ،‬مث خدجية مث عائشة ‪.‬‬
‫وقال يف موضع أخر ِن رمحه هللا ِن ‪ :‬يه مقدمة عىل غريها من نساء عرصها‪،‬‬
‫ومن بعدهن مطلقا‪.‬‬
‫معرض األدلّة‬
‫ولكيال يكون الالكم عفو ّّي‪ ،‬س نعرض هنا لبعض ا إلس تدللت النّقل ّية‬
‫والعقل ّية والكشفيّة‪ ،‬لتتّضح هذه احلقيقة علم ّيا ‪:‬‬

‫الدّليل النّقلي ‪:‬‬


‫قال س يدان ومولان رسول هللا ‪ّ : ‬ي فاطمة أبْرشي‪ ،‬فا ّإن َ‬
‫هللا‬
‫دين« ‪.‬‬
‫خري ٍ‬‫العاملني‪ ،‬وعىل نسا تء الإسالم وهو م‬
‫اصطفاك عىل نسا تء َ‬
‫ت‬

‫مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح‬


‫رواه الخطيب والحاكم ‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫سادات عال َ تمهن ‪ :‬مر ممي م‬


‫بنت‬ ‫م‬ ‫وقال س يدان رسول هللا ‪ « : ‬أرب مع نسو ٍة‬
‫بنت محم ٍد ‪،‬‬
‫بنت خويدل‪ ،‬وفاطم مة م‬ ‫ت ْمع َر َان‪ ،‬وأس ي مة امرأ مة َ‬
‫فرعون‪ ،‬وخدجي مة م‬
‫‪4‬‬
‫وأفضلمهن عامل ًا فاطمة «‪.‬‬

‫ويقول مولان رسول هللا ‪ّ : ‬ي فاطم مة أل تَ َ‬


‫رضني أن تكوين س ّيد َة‬
‫نسا تء العاملني‪ ،‬وس ّيد َة نسا تء هذه ال ّم تة‪ ،‬وس ّيدة نسا تء املؤمنني « ‪.‬‬
‫وعن س ّيدان محمد بن أسامة ‪ ،‬عن أبيه ‪ :‬س ئل النيب صىل هللا عليه‬
‫وسّل ‪ :‬أي الناس أحب اإليك ؟ قال ‪ :‬فاطمة ‪.‬‬
‫يت قطٌّ أحد ًا‪ ،‬أفض َل تمن‬
‫وعن أ ّمنا عائشة ريض هللا عهنا ‪ :‬قالت ‪ :‬ما رأ م‬
‫‪1‬‬
‫فاطم َة علهيا السالم غري أبهيا‪.‬‬
‫اكن أحب اإىل ت‬
‫رسول‬ ‫و مس ئتلَت أمنا عائشة ريض هللا عهنا ‪ :‬أي النّ تاس َ‬
‫اكن‬
‫زوهجا‪ ،‬اإن َ‬‫هللا ‪ ‬؟ قالت ‪ :‬فاطمة ‪ .‬فقيل و تمن الرجال ؟ قالت ‪ :‬م‬ ‫ت‬
‫صوام ًا ّقوام ًا»‪.5‬‬ ‫م‬
‫ماعلمت ّ‬
‫ويقول لها مولان رسول هللا ‪ّ : ‬ي بنية أما ترضني أنك س يدة نساء‬
‫العاملني؟ قال‪ :‬تقول‪ّ :‬ي ليهتا فأين مرمي ابنة معران ؟ قال ‪ -‬صىل هللا عليه‬
‫وسّل ‪ :-‬تكل س يدة نساء عاملها وأنت س يدة نساء عاملك » ‪.‬‬

‫رواه البيهقي وابن عساكر ‪.‬‬


‫رواه الحاكم في مستدركه على الصحيحين ‪.‬‬
‫رواه ابن اسحاق‬
‫‪ 2‬الطبراني بإسناد صحيح على شرط الشيخين‬
‫‪ 8‬رواه الترمذي والحاكم ‪.‬‬
‫رواه ابن منيع والحاكم ‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫وعن س ّيدان عامثن بن بشري قال‪ :‬اس تأذن أبو بك ٍر عىل رسول هللا ‪،‬‬
‫فت أ ّن عل ّي ًا وفاطم َة أ َحب‬ ‫صوت عائشة عالي ًا ويه تقول‪ :‬و ت‬
‫هللا لقد َع َر م‬ ‫َفس تمع َ‬
‫ومين! فدخل أبو بكر ‪ ‬فأهوى اإىل عائشة قائ ًال‪ّ :‬ي َ‬
‫بنت‬ ‫اإليك تمن أيب ّ‬
‫فمالنة! ألّ َأُس مع تك ترفعني صوت تَك عىل رسول هللا ‪.4«‬‬
‫ِض هللا َع ْهنام أنه قال ‪ :‬كنا ذات يوم‬ ‫وعن س ّيدان عبد هللا بن عباس َر ت َ‬
‫عند رسول هللا ‪ ‬اإذ قال ‪ :‬أل أخربمك خبري الناس أ ًاب وأم ًا ؟ قالوا ‪ :‬بىل ّي‬
‫رسول هللا ! قال ‪ :‬احلسن واحلسني ‪ ،‬أبوهام عيل بن أيب طالب‪ ،‬وأهمام‬
‫فَا تط َمة بنت رسول هللا ‪ ،‬س يدة نساء العاملني « ‪.‬‬
‫وعن أيب هاة‪ ،‬عن أمه‪ ،‬واكنت خادمة رسول هللا ‪ ،‬قالت ‪ :‬جاء‬
‫رسول هللا ‪ ‬وعيل وفَا تط َمة قامئان قد أحضت علهيم الشمس ‪ ،‬وعليه كساء‬
‫خيربي ‪ ،‬مفده دوّنام مث قال ‪ :‬أحب حارض وابد اإيل ‪.‬‬
‫وعن س ّيدان عامر بن واثّل‪ ،‬قال ‪ :‬كنت عىل الباب يوم الشورى‪ ،‬وعيل‬
‫يف البيت فسمعته يقول‪ :‬أنشدمك هللا‪ ،‬أمنمك أحد هل زوجة مثل زوجيت‬
‫‪1‬‬
‫فَا تط َمة بنت رسول هللا ‪ ،‬س يدة نساء هذه المة‪ ،‬غريي ؟ قالوا ‪ :‬ل ‪.‬‬
‫ِض هللا َع ْهنام قال ‪ :‬نظر عيل َر ت َ‬
‫ِض هللا َع ْنه‬ ‫وعن س ّيدان ابن عباس َر ت َ‬
‫يف وجوه الناس ‪ ،‬فقال ‪ :‬اإين لخو رسول هللا ‪ ‬ووزيره ‪ ،‬ولقد علممت أين‬

‫رواه النسائي والحاكم ‪.‬‬


‫الحاكم ‪.‬‬
‫الحاكم ‪.‬‬
‫‪ 2‬رواه الحاكم النيسابوري‬
‫‪31‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫أولمك اإمياان ابهلل وبرسوهل ‪ ،‬وأبو ودليه ‪ ،‬وزوج ابنته س يدة ودله ‪ ،‬وس يدة‬
‫‪4‬‬
‫نساء العاملني ‪ ،‬وس يدة نساء أهل اجلنة ‪.‬‬
‫وخري ش با تبمك ‪:‬‬ ‫خري رجا تلمك ‪ٌّ :‬‬
‫عيل ‪ ،‬م‬ ‫ويقول س ّيدان ومولان رسول هللا ‪ « : ‬م‬
‫وخري نسائتمك ‪ :‬فاطمة « ‪.‬‬
‫احلسني ‪ ،‬م‬
‫احلسن و م‬ ‫م‬

‫الدّليل العقلي ‪:‬‬


‫التّرجيح على نساء األمّة‬
‫نسمع من يَنع اإىل تفضيل بعض أ ّمهات املؤمنني عىل الس ّيدة ّالزهراء (علهيا‬
‫لكن احلق ل‬‫السالم) مبحض العصب ّية والهوى‪ ،‬ودعوى اخملالفة ّللروافض‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬
‫يدرء لتلبّس املبطلني به‪ ،‬وإان ّنا ابس تقراء النّصوص املاض ّية‪ ،‬س نخلص اإىل ما‬
‫صادق عليه امجلهور ‪:‬‬
‫‪ ‬ففي قوهل ‪« : ‬س يدة نساء هذه المة« دليل حصيح رصحي‪ ،‬ول اجهتاد‬
‫مع النّص‪ ،‬ويدخل يف هذا أ ّمهات املؤمنني (ريض هللا عهنن) ‪.‬‬
‫ّنن‬ ‫‪ ‬ويف قوهل ‪« : ‬س يدة نساء أهل اجلنّة« يدخل فيه نساء ّ‬
‫لك المم‪ ،‬ل ّ‬
‫جمتعات يف جنّة واحدة‪ ،‬والتفاضل ّ‬
‫بيهنن أنذاك‪ ،‬نتيجة للتّفاضل هنا‪ ،‬فهيي‬
‫من ابب أوىل س ّيدة نساء ادلّ نيا ‪.‬‬
‫السالم) بضعة احلبيب ‪ ،‬وهذه اخلاص ّية ل تشاركها فهيا‬ ‫‪ ‬أّنّ ا (علهيا ّ‬
‫سواها من الاكمالت ‪.‬‬

‫رواه الحاكم النيسابوري‬


‫رواه أبو داوود وابن ماجة ‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫التّرجيح على نساء العالمين‬


‫السالم) عىل الس ّيدة‬ ‫ولقد انزع بعض أهل العّل يف أفضل ّية الزهراء (علهيا ّ‬
‫اَّلل ْاص َط َف تاك َو َطه َر تك َو ْاص َط َف تاك‬
‫السالم) حمت ّجا بأية ( َّي َم ْر َ ممي ان َ‬
‫ّ‬ ‫مرمي (علهيا‬
‫ِ‬
‫عَ َىل تن َسا تء الْ َعال َ تم َني) واملناقشة س تكون بوهجني ‪:‬‬
‫‪ )4‬نبدأ أ ّول بنقد ّجحهتم املبنيّة عىل الية‪ ،‬فقد قال أهل التّفسري بأ ّن العاملني يف‬
‫الية ل تفيد الإطالق‪ ،‬بل نساء عاملها فقط‪ ،‬ويقيّد ذكل حديث «تكل‬
‫س يدة نساء عاملها وأنت س يدة نساء عاملك » ويؤيّد هذا قوهل تعاىل يف قوم‬
‫س ّيدان لوط‪( :‬أتأتون اذلكران من العاملني) وُه ذكران قريهتم فقط ‪.‬‬
‫) فاإذا بطلت جحّة املعارض‪ ،‬فس نثبت اإذا أفضل ّية الس ّيدة ّالزهراء (علهيا‬
‫السالم) من عدّة هجات ‪:‬‬
‫ّ‬
‫بنت ت ْمع َر َان‪ ،‬وأس ي مة امرأ مة‬‫سادات عال َ تمهن‪ :‬مر ممي م‬
‫م‬ ‫‪ ‬قوهل ‪ « : ‬أرب مع نسو ٍة‬
‫بنت محم ٍد ‪ ،‬وأفضلمهن عامل ًا‬ ‫بنت خويدل‪ ،‬وفاطم مة م‬ ‫فرعون‪ ،‬وخدجي مة م‬
‫َ‬
‫فاطمة «‪ 4.‬وهذا احلديث وأمثاهل معه‪ ،‬رصحيو ادلّ لةل ‪.‬‬
‫السالم) لجل ابهنا املس يح (عليه‬ ‫‪ ‬اإن اكنت أفضل ّية ّ‬
‫الصديقة مرمي (علهيا ّ‬
‫السالم) لجل س ّيد الوجود ‪‬‬ ‫السالم) فا ّإن أفضل ّية الزهراء (علهيا ّ‬
‫ّ‬
‫وهذا أكرب وأبرك ‪.‬‬
‫رواه البيهقي وابن عساكر ‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫السالم) لجل أ ّمة بين إارسائيل‪ ،‬فانامتء‬


‫الصديقة (علهيا ّ‬ ‫‪ ‬اإن اكنت فضيّل ّ‬
‫السالم) لل ّمة احمل ّمديّة‪ ،‬وهذا أجمد وأقدس ‪.‬‬
‫ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫‪ ‬وحيسم النّقاش حديث ‪« :‬س يدة نساء أهل اجلنّة« ول شك أ ّن الس ّيدة‬
‫السالم) داخّل حتت معوم نساء اجلنّة‪ ،‬فهيي منطويّة حتت‬ ‫مرمي (علهيا ّ‬
‫الس ّيادة الفاطم ّية ‪.‬‬

‫الدّليل الكشفي ‪:‬‬


‫الرصحي‪ ،‬ومعرفهتم‬
‫وقد ات ّفق أهل العرفان عىل هذا‪ ،‬ومذهّبم فيه الكشف ّ‬
‫بعّل املراتب واملقامات يف احلرضة القدس ّية‪ ،‬وحقّقوا ذكل من هجتني‪:‬‬
‫‪ -‬الوىل من هجة الكشف وهو أل ّية ترج ّية وثيقة عند ّ‬
‫الصاحلني‪ ،‬مفا شهدوا‬
‫ا ّإل مبا شاهدوا من رتبهتا ومقاهما يف القرب من هللا ورسوهل ‪. ‬‬
‫‪ -‬اجلهة الثّان ّية يف خالفهتا للنّ ّبوة احمل ّمديّة‪ ،‬بعد اإنتقال احلبيب ‪ ‬اإىل ّالرفيق‬
‫العىل‪ ،‬وأثبتوا أن ّه مل يرحش ذلكل ا ّإل أفضل ال ّمة قاطبة ‪.‬‬
‫ولقد جاء يف كتاب [ جواهر املعاين وبلوغ الماين يف ترمجة الإمام الت ّجاين ]‬
‫جِن ‪ 4‬ص ‪: 2 – 52‬‬
‫وسألته ريض هللا تعاىل عنه عن الس ّيدة مرمي وس ّيدتنا فاطمة ريض هللا‬
‫عهنام أهيّ ام أفضل ؟ فأجاب ريض هللا عنه مبا ّنصه ‪:‬‬
‫‪ ..‬ا ّإن جامعة من العارفني أمجعوا تمن طريق الكشف‪ ،‬ل من طريق السمع‪،‬‬
‫كت تمن بعد أبهيا ‪ ‬مرتبة القطبان ّية العظمى ‪..‬‬‫عىل أ ّن الس ّيدة فاطمة أدر ْ‬
‫‪33‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫وإاذا قال س بحانه وتعاىل ( ان َأ ْك َر َم م ْمك تع ْندَ ت‬


‫اَّلل َأتْقَ م ْامك )‪ ،‬فليس يف خلق هللا‬
‫ِ‬
‫ّعز وج ّل لكّها معوما من بعد النبياء من البرش واملالئكة َم ْن يتأ ّىت منه أ ْن‬
‫لت‬‫ي َ تص َل اإىل مقدار ألف جزء تمن تقوى قطب القطاب ولو بلغ‪ .. ،‬فاإذا تعقّ َ‬
‫هذا ففاطمة أفضل من الس ّيدة عائشة ْقطعا ومن مرمي وأس ية‪.‬‬
‫كت القطبان ّية دون سائر النساء لكوّنا ل حتيض‬ ‫وكوّنا ريض هللا عهنا أدر ْ‬
‫عط َي ْت مرتبة الكامل من أبهيا‪ ‬ما ل مطمع فيه للنساء‪ ،‬فذلكل‬ ‫و تمن كوّنا أ ت‬
‫أدركت القطبان ّية ‪.‬‬
‫ْ‬
‫وصلت مرتبة القطبان ّية لّنّ ا‬ ‫وقال ‪ : ‬وأ ّما فاطمة ريض هللا عهنا فاإّنّ ا‬
‫اس تد ّْت الكاملت ا إلله ّية اليت تتح ّمل هبا ترس الامس العظم‪ ،‬والثبوت يف‬
‫مرتبة القطبان ّية‪ ،‬فبذكل اكنت يه أفضل النساء عىل الإطالق‪.‬‬

‫من فضائلها عليها السّالم‬

‫الشارع احلكمي ‪ ،‬ينّبنا عىل قدر ابنته العظمية بوسائل م ّ‬


‫تنوعة‪،‬‬ ‫وإان ّنا جند ّ‬
‫متفرقة‪ ،‬وهو احلريص علينا يف ديننا‪ ،‬وما‬‫ويف أحوال خمتلفة‪ ،‬ويف أوقات ّ‬
‫ذكل ا ّإل ملعرفته بأ ُّه ّية اإعتقادان وولءان للس ّيدة ّالزهراء‪ ،‬ول ريب أ ّن اذلي‬
‫أظهره مهنا ل يساوي قطرة ممّا أبطنه فهيا من حقائق قدس ّية‪ ،‬ل ّن النّفوس مل‬
‫تتأهّل ذلكل‪ ،‬مفن ذكل ‪:‬‬
‫بضعة النبوّة‬
‫ا ّإن أعظم منقبة‪ ،‬وأخفم خصوص ّية‪ ،‬متدح هبا الس ّيدة الزهراء علهيا ّ‬
‫السالم‪ ،‬هو‬
‫الرشيف‪ ،‬فهذا يقدم عىل ّ‬
‫لك‬ ‫انتساهبا اخلاص والوثيق ابجلناب النّبوي ّ‬
‫‪34‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الفضائل الخرى‪ ،‬واليت تعترب فرع عن هذا الكامل اللكّي‪ ،‬ف إان ّه لول هذه‬
‫النس بة احمل ّمديّة‪ ،‬ملا اكنت تكل الفضائل الفاطم ّية هبذه املزيّة ‪.‬‬
‫الرشيف كثريا ما يؤكد عىل هذا الساس‪ ،‬فيقول‬ ‫ومن هنا جند الويح ّ‬
‫‪4‬‬
‫س ّيدان ومولان رسول هللا ‪« : ‬فاطمة ب َضعة تم ّين « ‪.‬‬
‫السالم‪ ،‬بأن ّه مش تق من مقام النّ ّبوة‪ ،‬فال‬ ‫ويف هذا تنويه مبقام الزهراء علهيا ّ‬
‫الصاحل اكنوا يقولون ‪ :‬ل نفضل‬ ‫السلف ّ‬ ‫تقاس مبوازين سائر النّاس‪ ،‬ولهذا جند ّ‬
‫عىل بضعة س ّيدان النيب‪ ‬أحدا ‪.‬‬
‫وتأ ّمل يف هذا ا إلس تدلل النبوي‪ ،‬حيامن سأل احلبيب ‪ ‬إابنته الكرمية‬
‫علهيا السالم ‪ «:‬أي يشء خري للمرأة قالت أن ل ترى رجال‪ ،‬ول يراها‬
‫رجل‪ ،‬فضمها اإليه وقال‪ :‬ذرية بعضها من بعض « ‪.‬‬
‫للرس اذلي بث ّه س ّيدان احلبيب ‪ ‬فهيا‪ ،‬ليبقى يرسي إارثه يف‬ ‫وما ذكل ا ّإل ّ‬
‫نبوة‪ ،‬أن ل هيمل هذا‬ ‫ّذريهتا أبدا‪ ،‬فال ب ّد عىل النّاظر يف فضائل بضعة ال ّ‬
‫الساس يف معيار القياس ‪.‬‬
‫تنبيه هام‬
‫مفن هنا نقول ملن يس تعظم عىل الس ّيدة أّنّ ا خملوقة من ماء اجلنّة‪ ،‬وير ّد عىل‬
‫حديث ‪ « :‬ملا أرسي يب دخلت اجلنة‪ ،‬فناولين جربئيل تفاحة فألكهتا‬
‫فصارت نطفة وفاطمة مهنا‪ ،‬ولكام اش تقت اإىل رحي اجلنة قبلهتا« واحلديث هذا‬
‫السالم ودلت قبل ا إلرساء‪.‬‬‫حمك عليه أهل العّل ابلوضع ل ّن الس ّيدة علهيا ّ‬

‫رواه أحمد والحاكم ‪..‬‬


‫رواه البزار والدارقطني في ألافراد‬
‫‪35‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ولكن نقول هلم ‪ " :‬ل يلزم من اإبطال ادلّ ليل اإبطال مدلوهل"‪ ،‬ف إالن استثقلمت‬
‫السالم) خملوقة من اجلنّة‪ ،‬فاإّنّ ا أعظم من ذكل فهيي‬‫أن تكون مولتنا (علهيا ّ‬
‫خملوقة من النّور احمل ّمدي‪ ،‬واذلي هو أصل اجلنان الامثن ّية‪ ،‬ومن اكنت بضعة‬
‫محمّديّة‪ ،‬لهيي أكرب وأقدس وأمجل من الكون لكّه‪ ،‬علوه وسفهل ‪.‬‬
‫مزاجها مزاج النّبوّة‬
‫واقدس هبا حيامن يقول س يدان النيب ‪« : ‬فاطمة ب َضعة تم ّين ي َق تبضم ين ما‬
‫الرشيف يؤسس ملعنيني‪:‬‬ ‫بسطين ما ي َ مبسطها«‪ ،4‬وهذا النّص ّ‬
‫ي َق تبضم ها‪ ،‬وي َ م‬
‫‪ )4‬فاإن نظران اإليه من كونه أسلواب خربّي‪ ،‬ففيه مزية لس ّيدة ال ّمة (علهيا‬
‫السالم)‪ ،‬عىل أ ّن مزاهجا نوراين مقدّس‪ ،‬مكزاج أبهيا املعصوم من‬ ‫ّ‬
‫الهواء‪ ،‬فيصح أن نقول ملن يسأل عن خلقها‪ :‬اكن خلقها النّ ّبوة‪ ،‬كام‬
‫قيل يف حقه ‪« : ‬اكن خلقه القرأن« ‪.‬‬
‫الرشيف عىل أن ّه أسلوب اإنشايئ‪ ،‬فهو يأمران‬ ‫) وإاذا نظران اإىل احلديث ّ‬
‫أن نراعي ملزاهجا وشعورها‪ ،‬فا ّإن رضاها رضا لبهيا الكرمي ‪ ‬وخسطها‬
‫خسط هل ‪ ،‬والعياذ ابهلل من خسط مولان رسول هللا ‪. ‬‬
‫تبعث على القصواء‬
‫السالم ‪« :‬اإذا اكن يو مم القيام تة‬ ‫وهاهو س يد الورى ‪ّ ‬‬
‫يرصح يف شأّنا علهيا ّ‬
‫ومحلت فاطم مة عىل انقيت القصوا تء «‪.‬‬ ‫م تمحلْ مت عىل م َ‬
‫الرباق‪ْ ،‬‬

‫رواه أحمد والحاكم ‪..‬‬


‫رواه ابن عساكر في تاريخه ‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫يورهثا من مقامه احملمود‪ ،‬اذلي س يظهر به يف اليوم املوعود‪ ،‬ول‬ ‫وكن ّه ‪ّ ‬‬
‫لك من ات ّصل ابحملمود س تحمد عقباه‪ ،‬ففي اليوم اذلي يفر‬ ‫غرو من هذا‪ ،‬ف ّ‬
‫فيه املرء من أ ّمه وأبيه‪ ،‬س يظهر مقام الزهراء جبنب أبهيا العظمي‪ ،‬وأنذاك‬
‫س يعرف مقاهما احملمود‪ ،‬كام ل يعرف مقام أبهيا الكرمي ‪ ‬ا ّإل يوهما ‪.‬‬
‫تنكيس الرّؤوس لها‬
‫ومن مظاهر مقاهما احملمود يوم القيامة‪ ،‬ما ّبرش به مولان رسول هللا ‪: ‬‬
‫العرش‪ّ ،‬ي أه َل امجلع ت نَ تكّ مسوا‬
‫«اإذا اكن يو مم القيام تة اندى منا ٍد من بم ْطنان ت‬
‫بنت محم ٍد ‪ ‬فتر مع س بعني أ تلف‬ ‫حّت متر فاطم مة م‬‫بصارمك‪ّ ،‬‬‫رءوسمك‪ ،‬و مغضوا أ َ‬
‫َ‬
‫‪4‬‬
‫الربق« ‪.‬‬
‫مكر ت‬ ‫جاري ٍة من احلو تر ت‬
‫العني ّ ت‬
‫ويف رواية « فتر علهيا ريطتان خرضاوان« ‪.‬‬
‫س بحان هللا ما أقدسه من حال‪ ،‬عفة ما بعدها عفّة‪ ،‬وطهر ما فوقه‬
‫لك اخلالئق بغض‬ ‫طهر‪ ،‬حّت يف ذكل اليوم اذلي ما فيه تلكيف‪ ،‬س يلكّف ّ‬
‫الطاهرة ‪.‬‬ ‫أبصارُه عن القديسة ّ‬
‫ومع صفاء اجلو ذكل‪ ،‬اذلي ما فيه ش ياطني ول اإغراءات‪ ،‬ولكن‬
‫يتوج جناهبا‪،‬‬ ‫جو أصفى وأُسى‪ ،‬لي ّتزي مقاهما‪ ،‬و ّ‬ ‫الصديقة ّ‬ ‫يخصص للس ّيدة ّ‬ ‫س ّ‬
‫أمام العاملني قاطبة ‪.‬‬
‫السالم)‪ ،‬حيث تظهر‬ ‫ابلزهراء (علهيا ّ‬
‫وك ّن هذا املوقف معرض احتفال ّ‬
‫بكسوة خرضاء زه ّية‪ ،‬ويه حمشودة حمفودة ابحلور العني‪ ،‬وما ابكل بشمس‬
‫حيففن هبا الكواكب ّالزاهرة‪ ،‬فاللّهم ل حترمنا من رؤية ذكل املشهد النّوراين‪،‬‬
‫ول تلكّفنا بغض أبصاران يوهما ‪.‬‬
‫حلّة الكرامة‬
‫رواه الطبراني والحاكم وصححه ‪.‬‬
‫رواه الطبراني وأبو نعيم والحاكم وصححه ‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫بل ويف اليوم اذلي حيرش النّاس فيه حفاة عراة س متخل َ مع عىل الس ّيدة‬
‫السالم‪ ،‬ثياب خرضاء قدس ّية‪ ،‬سّتا ومنظرا ومظهرا‪ ،‬كام جاء‬ ‫البتول علهيا ّ‬
‫يف تتّة احلديث املايض « فتر علهيا ريطتان خرضاوان« ‪. 4.‬‬
‫ويؤيّد هذا ما روي عن س ّيد الوجود ‪ ،‬مبرشا لبضعته الطاهرة بقوهل ‪:‬‬
‫«حترش ابنيت فَا تط َمة وعلهيا حّل الكرامة قد ْعن مباء احليوان« ‪.‬‬
‫حّل الكرامة) وعبارة‬ ‫تتبرص ما الإشارة املكنونة حتت عبارة ( ّ‬ ‫وكل أن تتدبّر و ّ‬
‫(ماء احليوان) أي مصدر احلياة‪ ،‬فا ّإن حتت العبارات النّبويّة أرسارا رابن ّية ‪.‬‬
‫قدم الصّدق‬
‫ومن مقاهما احملمود يف اليوم املشهود‪ ،‬ما روي عن س ّيد الوجود ‪ ‬قوهل ‪:‬‬
‫«أان وفاطمة وعيل جمتعون‪ ،‬ومن أحبنا يوم القيامة نألك ونرشب حّت يفرق‬
‫بني العباد » ‪.‬‬
‫الشاهد واملشهود ‪ ،‬ول‬ ‫ول غرو فاإّنّ ا تس تد من املقام احملمود من ّ‬
‫السابق من مرورها برسعة اإىل‬ ‫تعارض هنا بني هذا احلديث واحلديث ّ‬
‫اجلنان‪ ،‬فا ّإن نزولها يف احلرش هنا‪ ،‬إانّام هو لشفاعهتا يف من أحّبّ ا‪ّ ،‬مث بعد‬
‫املكرم‪ ،‬كام جاء يف حديث س ّيدان عيل ‪ ‬قال‪:‬‬ ‫ذكل ّمتر اإىل مأواها ّ‬
‫شكوت اإىل رسول هللا‪ ‬حسد الناس اإّيي فقال ‪« :‬أما ترِض أن أول‬
‫من يدخل اجلنة أان وأنت وفاطمة واحلسن واحلسني‪ ،‬قلت‪ّ :‬ي رسول هللا‬
‫مفحبوان؟ قال‪ :‬من ورائمك »‪.1‬‬

‫رواه الطبراني وأبو نعيم والحاكم وصححه ‪.‬‬


‫الحاكم ‪.‬‬
‫رواه الطبراني ‪.‬‬
‫‪ 2‬رواه الحاكم والطبراني وابن عساكر والقطيعي وابن ألاعرابي‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫أوّل من يدخل الجنّة‬


‫الس ّيدة العظمية يف مدارج املقام احملمود‪ ،‬خالفة لس ّيد‬ ‫وهكذا تتدرج ّ‬
‫الوجود ‪ ،‬فكام قال لنا أن ّه هو من يفتح ابب اجلنّة‪ ،‬فقد قال لنا رويح هل‬
‫الفداء ‪َ « :‬أانَ َأو مل َم ْن ي َ ْد مخ مل الْ َجن َة َو َل فَخ َْر‪َ ،‬و َأانَ َأو مل َشا تفع ٍ َو َأو مل ممشَ فع ٍ َو َل‬
‫فَخ َْر‪َ ،‬و َأانَ تب َي تدي تل َوا مء الْ َح ْم تد ي َ ْو َم الْ تقيَا َم تة َو َل فَخ َْر‪َ ،‬و َأانَ َس ّيتدم َو َ تدل أ َد َم ي َ ْو َم‬
‫اَّلل ‪‬‬ ‫ول ت‬ ‫خش ٍص ي َ ْد مخ مل عَ َيل الْ َجن َة فَا تط َم مة تبن ْ مت َر مس ت‬ ‫الْ تق َيا َم تة َو َل فَخ َْر‪َ ،‬و َأو مل َ ْ‬
‫‪4‬‬
‫َو تمثْلمهَا تيف َه تذ ته ْالم تة تمثْ مل َم ْر َ َمي تيف ب َ تين ا ْ َ‬
‫رسائتي َل‪»،‬‬
‫ِ‬
‫ومثهل ما روي عن س ّيدان عيل‪ ‬قال‪ :‬أخربين رسول هللا ‪ ‬أ ّن أول من‬
‫يدخل اجلنة أان وفاطمة « ‪.‬‬
‫أجل حفيامث اكن احلبيب ‪ ‬س تكون بضعته‪ ،‬ا ّإل أّنّ ا تظهر يف بعض احلضائر‪،‬‬
‫وختتفي يف أخرى‪ ،‬عىل حسب الحوال ‪.‬‬
‫سيّدة نساء الجنّة‬
‫السالم حقيقة‪ ،‬وس تظهر‬ ‫ويف دار التّحقيق‪ ،‬سينجيل مقام البتول علهيا ّ‬
‫الصحيحني من قول‬ ‫س يادهتا عىل نساء أهل اجلنّة‪ ،‬بشاهد ما ورد يف ّ‬
‫املعصوم ‪« : ‬فا تط َمة تس ّيتد مة تنسا تء َأه تْل اجل َ تنّة« ‪.‬‬
‫وإاذا قلت اجلنّة معناها‪ ،‬أّنّ ا يف ادلّ نيا من ابب أوىل‪ ،‬ل ّن ادلّ نيا ل تساوي‬
‫عند هللا جناح بعوضة ‪.‬‬

‫رواه ابو نعيم في دالئل النبوة‬


‫رواه ابن سعد‬
‫متفق عليه ‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ومعناها أ ّن ّ‬
‫لك ما فيه نساء أهل اجلنّة من امجلال والقدس ّية‪ ،‬من احلور‬
‫أو ا إلنس يات‪ ،‬ف إان ّه ملعة من حماسن الزهراء علهيا ّ‬
‫السالم ‪.‬‬
‫تَر مج ِنِنِنِنوا تم ِنِنِنِنن ازها تره ِنِنِنِنا مملْ َت َمس ِنِنِنِنا‬ ‫ِنور تمِنِنِنِنِنن اميا ت ِنِنِنِنِنا‬ ‫م‬ ‫كيِنِنِنِن َِنف ل واحلمِنِنِنِن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَس ِنِنِنِن ِْنِن َت تقي د َْوم ِنِنِنِنِنِن ًا وإا ّل ا ْحتَبَ َس ِنِنِنِنِنِنا‬ ‫ِنوض اإل قَط ِنِنِن َِنرة‬ ‫ِنوض احل َ ِنِنِن ت‬ ‫م ِنِنِنِنا فمي ِنِنِن م‬
‫َظِنِنِنِنِنل لَولهِنِنِنِنِنا َج تحميًِنِنِنِنِنا َ تخبسِنِنِنِنِنا‬ ‫وض تمِنِنِنِنِنِنن َرحياّنت ِنِنِنِنِنِنا‬ ‫َو َرو ماح الِنِنِنِنِنِنر ت‬
‫ومعناه أ ّن حقيقة س يادهتا لن تظهر يف دنيا احلجاب‪ ،‬ولكهنا س تظهر يف‬
‫اللك ‪ ( : ‬أان س ّيد الناس يوم القيامة)‪ ،‬أي أ ّن‬ ‫دار احلقائق‪ ،‬كام قال س ّيد ّ‬
‫مقاهما احملمود‪ ،‬سينجيل يف تكل ادلّ ار‪.‬‬
‫ومعناه أ ّن جاملها ّالروحاين ّالرابين لن ينجيل ا ّإل ملن اكن من أهل اجلنّة‪،‬‬
‫فلو ظهر هنا لرأه من ليس أهال هل ‪.‬‬
‫براءتها وذريتها من النّار‬
‫السلب‬ ‫ومل يكتفي احلبيب ‪ ‬ابإعالن تكل املناصب لكّها‪ ،‬بل زاد ونفى عهنا ّ‬
‫بنص الويح‪ ،‬ل ميحقق املعادةل املنطقيّة من طرفهيا‪ ،‬فقال رويح لنعهل الفداء‬
‫أمام امل إال لكّهم ‪« :‬ا ّإن فاطم َة أحصن َ ْت فَ ْر َهجا‪ ،‬حفر َمها م‬
‫هللا و مذ ّ تريــهتا عىل‬
‫غري مع تذبتك‪ ،‬ول َو َ َدل تك‬ ‫النّار«‪ ،4‬وقال لها ذات ّمرة بيهنا وبينه ‪ «: ‬ا ّإن َ‬
‫هللا م‬
‫«‪.‬‬
‫وحاشاها ويه بضعة من نور النوار‪ ،‬أن متسها النار‪ ،‬ولكهنا لو دخلهتا‬
‫لرسها َشلت بربكهتا أبناءها من بعدها‪ ،‬حفرهمم هللا‬ ‫لزهرهتا ابزدهارها‪ ،‬بل و ّ‬
‫لك ا ّذلريّة‪ ،‬فهذه الكرامة‬ ‫تعاىل عىل النّار‪ ،‬مفا أوفرها من حرمة اليت تشمل ّ‬
‫رواه الدارقطني وأبونعيم والحاكم وصححه ‪.‬‬
‫رواه الطبراني‪ ،‬وقال الهيثمي رجاله ثقات ‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الرسّين عىل املاء‪ ،‬ولكهنا الكرامة‬


‫حقا‪ ،‬ل كرمة الطريان يف الهواء‪ ،‬ول كرامة ّ‬
‫اليت تشمل برمحهتا وشفاعهتا قروان من اخللق بعدها ‪.‬‬
‫في معيّة الوسيلة‬
‫تتدرج يف معارج الوراثة احمل ّمديّة‪ ،‬حّت اكنت معه‬‫الس ّيدة الزهراء ّ‬‫ومل تربح ّ‬
‫يف املع ّية العنديّة‪ ،‬وهذا ما يشري اإليه الاكمل ‪ ‬بقوهل ‪« :‬يف اجلنة درجة‬
‫تمدعى الوس ي مّل‪ ،‬فاإذا سألمت هللا فسلموا َيل الوس ي َّل‪ ،‬قالوا ّي رسول هللا ‪‬‬
‫‪4‬‬
‫احلسني «‪.‬‬
‫احلسن و م‬ ‫عيل وفاطمة و م‬‫من يسكن معك فهيا ؟ قال ‪ٌّ :‬‬
‫ويعضده قول س ّيد الرباّي ‪« : ‬اإن فاطمة وعليا واحلسن واحلسني يف‬
‫حظرية القدس يف قبة بيضاء سقفها عرش الرمحن « ‪.‬‬
‫هللا ‪ ‬دخل عىل ابنته فَا تط َمة وابناها‬‫ويؤكده ما روي أ ّن س ّيدان مرسول ت‬
‫اإىل جانّبا‪ ،‬وعيل ان ‪ ،‬فاستسقى احلسن فأىت انقة هلم حفلب مهنا مث جاءته‬
‫منازعة احلسن أن يرشب قبهل حّت بىك فقال يرشب أخوك مث ترشب فقالت‬
‫فَا تط َمة كنه أبر عندك منه ‪ ،‬قال ‪ :‬ما هو بأبر عندي منه وإاّنام عندي مبَنةل‬
‫واحدة وإانك وهام وهذا املضطجع معي يف ماكن واحد يوم القيامة « ‪.‬‬
‫وهذا غاية مقاهما احملمود‪ ،‬حيث يظهر للخالئق شأوها وشأو أهل بيهتا الكرام‬
‫السالم‪ ،‬وحيهنا ندرك يقينا بأّنم وس يلتنا اإىل هللا ورسوهل ‪.‬‬ ‫علهيم ّ‬

‫رواه ابن مردويه ‪.‬‬


‫رواه ابن عساكر ‪.‬‬
‫رواه الحاكم النيسابوري‬
‫‪41‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫حبيبة الحبيب ‪‬‬


‫السالم أّنّ ا أحب اخللق اإىل احلبيب‪ ،‬اإذ يقول وهو‬ ‫وإا ّن من عظمهتا علهيا ّ‬
‫املعصوم الاكمل ‪« : ‬أحب أهيل ا َىل ‪ :‬فاطم مة «‪.4‬‬
‫ِ‬
‫اكن أحب اإىل‬ ‫وملّا مس تئلَت أمنا عائشة ريض هللا عهنا ‪ « :‬أي النّ تاس َ‬
‫هللا ‪ ‬؟ قالت ‪ :‬فاطمة ‪ .‬فقيل و تمن الرجال ؟ قالت ‪ :‬م‬
‫زوهجا‪ ،‬اإن‬ ‫رسول ت‬
‫ت‬
‫صوام ًا ّقوام ًا» ‪.‬‬
‫علمت ّ‬‫اكن ما م‬ ‫َ‬
‫الس ّيدة علهيا‬‫وقال س يدان عيل ‪ ‬للحبيب ‪ ،‬مل ّا جلس بينه وبني ّ‬
‫السالم وهام مضطجعان ‪ :‬أيّنا أحب اإليك أان‪ ،‬أو يه ؟ فقال ‪« : ‬يه‬
‫أحب اإيل‪ ،‬و أنت أعز عيل مهنا » ‪.‬‬
‫السنن أ ّن س ّيدان أاب بك ٍر‪ ‬اس تأذن عىل رسول هللا ‪َ ،‬فس تمع‬ ‫وجاء يف ّ‬
‫فت أ ّن عل ّي ًا وفاطم َة أ َحب‬ ‫صوت عائشة عالي ًا ويه تقول ‪« :‬و ت‬
‫هللا لقد َع َر م‬ ‫َ‬
‫تني أو ثال ًاث‪ .‬فدخل فأهوى اإىل عائشة قائ ًال‪ّ :‬ي َ‬
‫بنت‬ ‫ومين! ِن ّمر ت‬ ‫اإليك تمن أيب ّ‬
‫فمالنة! ألّ َأُس مع تك ترفعني صوت تَك عىل رسول هللا ‪.1« ‬‬
‫وروى احلامك‪ ،‬عن أيب هاة‪ ،‬عن أمه ريض هللا عهنا‪ ،‬واكنت خادمة‬
‫لس ّيدان رسول هللا ‪ ،‬قالت ‪« :‬جاء رسول هللا ‪ ‬وعيل وفَا تط َمة قامئان‬
‫قد أحضت علهيم الشمس‪ ،‬وعليه كساء خيربي‪ ،‬مفده دوّنام مث قال ‪ :‬أحب‬
‫حارض وابد اإيل« ‪.5‬‬
‫رواه الحاكم والترمذي وقال حديث حسن ‪.‬‬
‫رواه الترمذي والحاكم ‪.‬‬
‫رواه أحمد في مسنده ‪.‬‬
‫‪ 2‬رواه النسائي والحاكم ‪.‬‬
‫‪ 8‬الحاكم ‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫وعن أم سلمة قالت‪« :‬بينا رسول هللا ‪ ‬يف بييت اإذ قال اخلادم‪ :‬اإن عليا‬
‫وفاطمة ابلباب فقال‪ :‬قوىم فتنحى عن أهل بييت‪ ،‬فدخل عيل وفاطمة ومعهام‬
‫احلسن واحلسني‪ ،‬فأخذ الصبيني فوضعهام يف جحره‪ ،‬واعتنق عليا ابإحدى‬
‫يديه‪ ،‬وفاطمة ابلخرى فقبل فاطمة‪ ،‬وقبل عليا«‪.4‬‬
‫ومن ذكل أن ّه اكن يتفداها ‪ ‬كام جاء يف حديث ثوابن أ ّن س ّيدان رسول‬
‫هللا ‪ ‬أراد أن يدخل اإىل بيهتا فوجد فهيا س تارا فرجع‪ ،‬فلام علمت بذكل‬
‫نزعته وتصدّقت به‪ ،‬جفاء حّت دخل علهيا فاعتنقها‪ ،‬وقال هكذا كوين فداك‬
‫أيب وأيم ‪.‬‬
‫الس ّيدة‬‫ومعرفة هذه احلقيقة تس تلزم منّا أمرين‪ ،‬أوهلام اعتقادي يف اإنزال ّ‬
‫حب اخللق اإىل صاحب النّ ّبوة‬ ‫مَنلها من اجملد و ّ‬
‫الرشف واملاكنة‪ ،‬لكوّنا أ ّ‬
‫و ّالرساةل ‪ ،‬وحاشاه أن يكون حبّه جمرد عاطفة أ ّبوة‪ ،‬مفا أحّبّ ا ا ّإل ل ّن هللا‬
‫تعاىل حيّبّ ا‪ ،‬ولّنّ ا بلغت من الكامل ما اس توجبت به هذه احمل ّبة ‪.‬‬
‫واثنهيا أمر تلكيفي يف وجوب حّبّ ا وولءها‪ ،‬فلنا يف صاحب ادلّ ين‪‬‬
‫لك من يؤمن ابهلل ورسوهل ‪.‬‬ ‫أسوة يف حّبّ ا‪ ،‬مفن هنا وجب حّبّ ا عىل ّ‬
‫البركة المحمّديّة‬
‫ومن التّجليات النبويّة اليت جلببت الس ّيدة الزهراء ابلعظمة‪ ،‬جتيل الربكة‬
‫احمل ّمديّة‪ ،‬اذلي أفاضه علهيا بال تواين‪ ،‬واذلي أابن بعضا منه ليّل عرسها‬
‫املميون‪ ،‬حيامن قال لها احلبيب ‪ ‬ائتيين ابخملضب فاملئيه ماء‪ ،‬فأتته أسامء‬
‫ابخملضب مفلته ماء مث مج احلبيب ‪ ‬وغسل فيه قدميه ووهجه‪ ،‬مث دعا‬
‫رواه أحمد في مسنده ‪.‬‬
‫رواه ابن حبان في صحيحه ‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫فَا تط َمة فأخذ كفا من ماء فصبه عىل رأسها وكفا بني ثديهيا وبني رجلهيا مث‬
‫الزتهما‪ ،‬مث قال ‪:‬‬
‫(اللهم اإّنا مين وأان مهنا اللهم كام أذهبت عين الرجس وطهرتين تطهريا‪،‬‬
‫فطهرها‪ ،‬مث دعا مبخضب أخر‪ ،‬مث دعا لعيل فصنع به كام صنع لها ودعا هل كام‬
‫دعا لها‪ ،‬مث قال قوما اإىل بيتكام‪ ،‬مجع هللا َشلكام وابرك لكام يف مجعكام وأصلح‬
‫ابلكام ) مث قام فأغلق علهيام اببه بيده ‪.‬‬
‫قال س ّيدان ابن عباس ‪ :‬فأخربتين أسامء بنت معيس أّنا رمقت رسول‬
‫هللا ‪ ،‬فّل يزل يدعو لها خاصة ل يرشكها يف دعائه أحدً ا حّت توارى يف‬
‫احلجرة ‪.‬‬
‫ومن مجّل ما دعا لها ‪ ‬ليّل ادلخول بقوهل ‪ ":‬اللهم اإين أعيذها بك‬
‫وذريهتا من الش يطان الرجمي "‪.‬‬
‫وبقوهل صىل هللا عليه وأهل وسّل خماطبا هلام ‪ ":‬ابرك هللا لكام‪ ،‬وابرك‬
‫فيكام‪ ،‬وأعز جدكام‪ ،‬وأخرج منكام الكثري الطيب "‪ .‬قال س ّيدان أنس ‪: ‬‬
‫فو هللا لقد أخرج مهنام الكثري الطيب ‪.‬‬
‫المطهرة من الطمث‬
‫السالم‪ ،‬أّنّ ا طاهرة نظيفة نزهية‪ ،‬بل لقد تعدّت طهارهتا‬ ‫ومن خصائصها علهيا ّ‬
‫من الباطن اإىل الظاهر‪ ،‬خفرقت عادة جنسها من الإانث‪ ،‬فأثىن علهيا احلبيب‬
‫الطاهر ‪« : ‬اإبنيت فاطمة‪ ،‬حوراء أدميّة‪ ،‬مل َ تحت ْض ومل تَط مم ْث«‪.4‬‬
‫ّ‬
‫فقال احلافظ الس يوطي ِن رمحه هللا ِن يف اخلصائص ‪ :‬ومن خصائص ابنته‬

‫رواه الخطيب والصيداوي ‪.‬‬


‫‪44‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫السالم أّنا اكنت ل حتيض‪ ،‬واكن اإذا ودلت طهرت من نفاسها‬ ‫فاطمة علهيا ّ‬
‫بعد ساعة حّت ل تفوهتا صالة‪ ،‬وذلكل ُسيت الزهراء ‪.‬‬
‫ول غرو من نزاههتا عن عوائد النساء‪ ،‬فقد قال عهنا س ّيدان ‪ ‬بأّنّ ا قد‬
‫مكلت مثل ّالرجال‪ ،‬فقد نزهها هللا تعاىل عن أن تبقى ابلّيم ويه غائبة عن‬
‫حرضته‪ ،‬من دون عبادة هل‪ ،‬فاكنت دامئة يف اتصال وحضور معه ‪.‬‬
‫بل ولقد َمكمل جسمها وهيأهتا‪ ،‬حّت اس تغنت عن رضورة احليض‬
‫والنفاس‪ ،‬لن ّه ل دم فاسد فهيا‪ ،‬بل ّ‬
‫لك ما فهيا صاحل وانفع ‪.‬‬
‫ويف هذا اإْعاز علمي‪ ،‬ننادي به الخصائيني أن يدرسوه‪ ،‬فاإذا قلمت أ ّن‬
‫احليض والنّفاس رضوري للمرأة‪ ،‬وإا ّل لصيبت بأمراض خطرية‪ ،‬مفاذا تقولون‬
‫يف هذه الكرامة العجيبة لس ّيدة النّساء ‪.‬‬
‫الكوثر‬
‫السالم)‪ ،‬أّنّ ا محلت يف بطهنا أنوار ا ّذلريّة النّبويّة‪،‬‬ ‫ومن أنفس مناقّبا (علهيا ّ‬
‫فتناسل مهنا أبناؤه الرشاف‪ ،‬اذلين جعلهم هللا تعاىل خالئف عن رسوهل‬
‫العظم‪ ،‬يف أ ّمته اإىل يوم ادلّ ين ‪.‬‬
‫السورة‪ ،‬حيث‬ ‫بل وإاّنّ ا يه املقصودة حتقيقا بِن ( الكوثر) اذلي نزلت فيه ّ‬
‫أ ّن سبب نزول سورة الكوثر اكن يف شأن ا ّذلريّة‪ ،‬حّت قال هلم س بحانه‬
‫بعدما حتدّاُه ابلكوثر (ا ّإن شانئك هو البّت) أي املقطوع النّسل‪ّ ،‬‬
‫فالس ياق‬
‫العريب يقتيض أن يكون مقابل البّت هو الكوثر‪ ،‬مفا هو الكوثر ؟‬

‫‪45‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الكوثر عىل وزن فوعل وهو مأخوذ من الكرثة‪ ،‬ول ريب أّنّ ا هنا تعين‬
‫الس يدة ّالزهراء‪ ،‬مفن هنا اكنت‬ ‫كرثة ذريته ‪ ،‬واليت تناسلت لكّها من بطن ّ‬
‫يه الكوثر اليت ودلت الكثري ‪.‬‬
‫ويشهد لهذا قول س ّيد الكوان ‪ّ« : ‬ي بني مة إان ّه ليس تمن نسا تء املسلمني‪،‬‬
‫الصادق املصدوق ‪ ،‬فا ّإن الإحصائيات‬ ‫‪4‬‬
‫منك « ‪ ،‬وصدق ّ‬ ‫عظم مذري ّ ٍة ت‬
‫اإمرأة أ َ‬
‫اليوم تشري بأن ّه يوجد حوايل ثالثني مليون رشيفا يف العامل‪ ،‬مفا ابكل ابلقرون‬
‫السابقة و ّالالحقة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الرشيف أشار اإىل الن ِّنِنِنِنِنِنوع ّية ل اإىل المك ّية‪ ،‬فقال ‪: ‬‬‫ولو أ ّن احلديث ّ‬
‫( أعظم ذريّة) ومل يقل أكرث حفسب‪ ،‬وإان اكنت العظمة تشمل الكرثة كذكل‪،‬‬
‫السالم)‪ ،‬وانظروا مك يف أهل البيت‬ ‫فعظمة ذريهتا فرع عن عظمهتا يه (علهيا ّ‬
‫من قطب وصاحل وعامل ومصلح وجماهد وشهيد ‪ّ ،..‬‬
‫حّت ختمت ادلّ ائرة هبم كام‬
‫بدأت هبم‪ ،‬مصداقا لقول احلبيب احملبوب ‪« : ‬أ تبرشي ّيفاطم مة‪ ،‬املهدي‬
‫تمن َ ت‬
‫ودل تك« ‪.‬‬
‫إختيار المحيط لها‬
‫الس ّيدة البتول (علهيا ّ‬
‫السالم)‪ ،‬س يجد أ ّن العظمة‬ ‫ا ّإن املتأ ّمل يف خشص ّية ّ‬
‫لك اجلوانب‪ ،‬فأبوها س ّيد الوجود ‪ ،‬وأ ّمها ّ‬
‫الس ّيدة خدجية‬ ‫تكتنفها من ّ‬
‫الكربى س ّيدة نساء عاملها‪ ،‬وبعلها س ّيد العرب ويعسوب املؤمنني ‪،‬‬
‫وابناها س ّيدا أهل اجلنّة علهيا ّ‬
‫السالم ‪.‬‬

‫رواه الطبراني والبيهقي ‪.‬‬


‫رواه أبو نعيم وابن عساكر ‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫تفطن ال ّشاعر محمد اقبال الباكس تاين ذلكل فقال ‪:‬‬ ‫وقد ّ‬
‫نسب املس يح بِنِنِنِنِننِنى ملريــــم سِنِنِنِنِنري ًة بقيـت علِنى طِنِنول املــــدى ذكراهـا‬
‫والنجم يرشق مِنِنِنِنِنِنن ثالث مِنِنِنطالـع فِني همــــد فاطمة مفــــا أعِنِنِنِنِنالهــــا‬
‫يه بنت َمن يه زوج ّمن يه ما ّم ّمن من ذا يدانِني فِني الفخـار أابهــا‬
‫الرشيف ‪« : ‬أما تَرضَ َني‬ ‫الرشيف‪ ،‬حيامن قال لها أبوها ّ‬ ‫وهذا ما حققه الويح ّ‬
‫فاختار مهنم َر مجل َ تني جفع َل‬ ‫رض‪َ ،‬‬ ‫هل ال ت‬ ‫هللا ّعز وج ّل ّاطل َع اإىل أ ت‬ ‫ّي فاطم مة‪ ،‬أ ّن َ‬
‫خر ب َ ْع َكل «‪ ،4‬يعين س ّيدان عيل ‪. ‬‬ ‫ابك‪ ،‬وال َ‬ ‫أحدَ هام أ ت‬
‫وقَا َل لها ‪ ‬يف ّمرة أخرى ‪َ « :‬أ َو َما تَ ْرضَ ْ َني َأ تّن َزو ْج مت تك َأ ْقدَ َم أم تّت تسلْ َما‪،‬‬
‫َو َأ ْك َ َرث م ُْه تعلْ ًما‪َ ،‬و َأع َْظ َمهم ْم تحلْ ًما «‪.‬‬
‫بل وقال ‪« : ‬اإن هللا أمرين أن أزوج فاطمة من عيل« كتوكيد منه عىل‬
‫أ ّن المر ويح‪ ،‬وليس جمرد رأي ‪.‬‬
‫وقال لها ‪ ‬يطمئهنا ذلكل ‪ّ« :‬ي فاطمة أما اإين ما أليت أن أنكحتك خري‬
‫‪1‬‬
‫تزوجت‪ ،‬ولهذا‬ ‫ّ‬ ‫ملا‬ ‫مهنا‪،‬‬ ‫ة‬‫املرجو‬ ‫ة‬‫ّ‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫اذل‬ ‫تناسل‬ ‫رس‬
‫ّ‬ ‫لول‬ ‫نه‬ ‫أ‬ ‫عين‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫أهيل«‬
‫جاء يف بعض الاثر‪ ،‬أن ّه قال لها ‪( :‬لو مل أزوجك بعيل مل أجد كل كفؤا) ‪.‬‬
‫ولقد توسع النّطاق اإىل أكرث من ذكل فامي روته الس ّيدة فاطمة‪ ،‬أن أبوها‬
‫الكرمي ‪ ‬قال لها‪ " :‬نبينا خري الانبياء وهو أبوك‪ ،‬وشهيدان خري الشهداء‬
‫وهو مع أبيك محزة‪ ،‬ومنا من هل جناحان يطري هبام يف اجلنة حيث يشاء وهو‬

‫رواه الطبراني والخطيب والحاكم وصححه ‪.‬‬


‫رواه أحمد في مسنده ‪.‬‬
‫رواه الطبراني ‪.‬‬
‫‪ 2‬رواه ابن سعد مرسال ‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫اإبن مع أبيك جعفر‪ ،‬ومنا س بطا هذه الامة احلسن واحلسني وهام اإبناك‪ ،‬ومنا‬
‫املهدي «‪. 4‬‬
‫الس ّيدة زوجا عظامي‪ ،‬وإان‬ ‫فاإن شئت أن تقول أ ّن هللا تعاىل اختار لهذه ّ‬
‫شئت أن تقول أ ّن تكل العظمة و ّالرفعة اكتس ّبا هو من هذه الس ّيدة‪ ،‬ومثل‬
‫ذكل يقال يف أ ّمها الكربى‪ ،‬فاإن شئت أن تقول أ ّن هللا اختارها لها‪ ،‬ملّا اكنت‬
‫اإحدى المكل الربعة من النّساء‪ ،‬وإان شئت أن تقول أ ّن الس ّيدة خدجية‬
‫ريض هللا عهنا انلت هذه املاكنة بربكة ابنهتا س ّيدة نساء العاملني‪ ،‬ومثل ذكل‬
‫يقال يف ابنهيا احلس نني علهيام ّ‬
‫السالم ‪.‬‬
‫وأكِنِنِنِن ترم هبِنِنِنِنا أ ّمِنِنِنِنا وبتنتًِنِنِنِنا َوز ْو َجِنِنِنِن ًة وأ ْ تْع ِنِنِن ِْنز هب ِنِنِنِنا ذاات َو َو ْص ِنِنِنِن ًفا ون َ ْس ِنِنِنِن َج ًة‬
‫وأ ْع ِنِن تز ْز هب ِنِنا قَا ًم ِنِنا وق ِنِندرا و َع ْر َجِنِنِن ًة وأ تلطِنِن ِْنف هبِنِنِنا مروحِنِنِن ًا ون َ ْفسِنِنِن ًا و ممهْ َجِنِنِن ًة‬
‫ف َغ ِنِنِنِنِنواث مه ّي أم ِنِنِنِنِنا مه مج ِنِنِنِنِنو تدي تَ َفض ِنِنِنِن ًِنال‬
‫يسر المهر من بركة القدر‬
‫الرشيف ‪َ « :‬أع َْظ مم ال تن ّ َسا تء بركة أيرسهن صداقا« ولقد ط ّبق‬
‫جاء يف احلديث ّ‬
‫السالم‪ ،‬فاكن همرها جمرد درع‬ ‫املعصوم‪ ‬هذا يف حق فذلة كبده علهيا ّ‬
‫حرب‪ ،‬قدمه الإمام عيل‪ ‬بني يدي س ّيدة نساء العاملني علهيا ّ‬
‫السالم‪،‬‬
‫ويف هذا دلةل عىل أّنّ ا أعظم النّساء بركة‪ ،‬وأخفمهن قدرا ‪.‬‬
‫السالم‪،‬‬‫ويد ّل أيضا عىل أ ّن ادلنيا بلكّها‪ ،‬لن تساوي همر بضعة النّور علهيا ّ‬
‫بل لو اكنت املهور مبزيان القدار‪ ،‬لاكنت اجلنّة بر ّمهتا دون همرها‪.‬‬

‫الطبراني والدارقطني ‪.‬‬

‫رواه ابن حبان في صحيحه ‪.‬‬


‫‪48‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ويف ذكل دلةل عىل أ ّن موىل الوجود ‪ ‬ل يطلب لهل بيته أجرا‪ ،‬كام مل‬
‫يطلب ذلاته هو‪ ،‬فال جرم أن قال س بحانه ‪ ( :‬قل ل أسألمك عليه أجرا ا ّإل‬
‫املودّة يف القرِب) فأجره علينا هو يف مودة أهل بيته الكرام ‪.‬‬
‫السالم‪ ،‬هو مودّهتا‬ ‫فاكن املهر ّالالزم للس ّيدة الزهراء عىل س ّيدان عيل علهيام ّ‬
‫ومالطفهتا والإحسان اإلهيا‪ ،‬وكذكل اكن احلال من بعلها الويف ‪.‬‬
‫بل وفيه اإشارة اإىل أ ّن املهر من حق سائر الن ّساء‪ ،‬ولكن ليس يف شأن‬
‫يعنهين بيشء‪ ،‬والزهراء س ّيدهتن‬ ‫ّ‬ ‫المكّل الربعة املس تثنني مهنن‪ ،‬فهو ل‬
‫مفهورهن تمن عطاء القلوب ل تمن عطاء اجليوب ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مجيعا‪،‬‬
‫إذا رضيت يرضى موالها‬
‫ومن دللها وكرهما عىل هللا تعاىل‪ ،‬أ ّن رضاها صار رضا ّللرب تبارك‪ ،‬وخسطها‬
‫الرشيف قول احلبيب ‪ّ« : ‬ي‬ ‫خسط هل ّعز وج ّل‪ ،‬كام ورد يف احلديث ّ‬
‫رضاك «‪.4‬‬
‫غضب لغضب تتك‪ ،‬ويرِض تل ت‬ ‫فاطم مة ا ّإن َ‬
‫هللا ي َ م‬
‫وكفى هبذا سؤددا وعزما‪ ،‬مفن هجة يتضح لنا مقاهما عند رهبّ ا ‪ ‬واذلي‬
‫ورثته من أبهيا العظمي ‪ ،‬فاكن يقول ‪«: ‬فاطمة ب َضعة تم ّين ي َق تبضم ين ما‬
‫بسطين ما ي َ مبسطها« وهنا عالقة تعدي منطقيّة‪ ،‬أي ‪ :‬فاإذا رضيت‬ ‫ي َق تبضم ها‪ ،‬وي َ م‬
‫يه سأرِض أان‪ ،‬وإاذا رضيت أان سريِض هللا تعاىل ‪.‬‬
‫ومن هجة أخرى فاحلديث فيه تلكيف لنا‪ ،‬أن نتقي هللا يف مزاهجا وشعورها‪،‬‬
‫فال نفعل معها ول مع ذريهتا ا ّإل ما يرضهيا‪ ،‬لريِض هللا عنّا ورسوهل ‪. ‬‬

‫رواه الطبراني وأبو يعلى والحاكم ‪.‬‬


‫‪49‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫السالم‪ ،‬اكنت مرض ّية عند هللا‬


‫لك شؤوّنا علهيا ّ‬ ‫ومن هجة اثلثة ندرك أ ّن ّ‬
‫ورسوهل ‪ ،‬مفا وافق مزاهجا خفري‪ ،‬وإا ّل ّ‬
‫فرش‪.‬‬
‫المرأة الكاملة‬
‫وملّا اكن الكامل يف احلرضة خلواص الرجال‪ ،‬اإس تثىن س ّيد الورى‪‬‬
‫السالم)‪ ،‬فقال ‪: ‬‬
‫الس ّيدة املباركة (علهيا ّ‬ ‫بعض النّسوة‪ ،‬وعىل رأ ّ‬
‫سهن ّ‬
‫« َمكم َل تم َن ّ تالرجال َكثتري‪َ ،‬ول َ ْم يَ ْمكم ْل تم َن النّسا تء الّ َأ ْربَع‪َ :‬م ْرمي َوأ تس َية َوخَد َجية‬
‫ِ‬
‫َوفا تط َمة «‪.4‬‬
‫الرس‬‫فهيي املرأة الاكمّل بل المكل يف العاملني‪ ،‬ومعىن كاملها هو هتيؤها لوراثة ّ‬
‫النّبوي من بعده ‪ ،‬فاكنت نسخة من أبهيا ‪ ‬بعد غيابه اجلسامين‪ ،‬فهيي‬
‫أ ّول من فتح دائرة القطب ّية يف ال ّمة احمل ّمديّة ‪.‬‬
‫عاداهتن‪ ،‬مكثل ما‬
‫ّ‬ ‫ويدلنا معىن الكامل فهيا عىل أّنّ ا ليست كسائر النّسوة يف‬
‫رص ْت فيه الإانث‬ ‫خاطّبن املعصوم بقوهل ‪ ( : ‬انقصات عقل ودين) مفا قَ م َ‬
‫الس ّيدة اكمّل‬‫يف الهيئة أو يف النفس ّية أو يف العقل ّية أو يف ّالرتبة ‪ ،..‬فا ّإن هذه ّ‬
‫فيه‪ ،‬وما فهيا نقص حاشاها‪ ،‬فكيف وقد شهد لها الإنسان الاكمل‪ ‬بذكل‬
‫فقال ‪« :‬فا تط َمة لَي َْس ْت َك تنسا تء الدَميّني» ‪.‬‬

‫رواه أحمد والطبراني ‪.‬‬


‫رواه الدراقطني والخطيب والطبراني ‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫إعالن الحرب على من آذاها‬


‫ومن خفمي قدرها عند هللا ورسوهل‪ ،‬أ ّن صاحب التّرشيع قد أعلن أن ّه‬
‫حمارب ملن عاداها‪ ،‬حيث يقول ‪ : ‬للس ّيدة فاطمة وبعلها وابنهيا علهيم‬
‫السالم ‪ « :‬أان حرب ملن حاربمت وسّل ملن ساملمت«‪. 4‬‬
‫ّ‬
‫فيضاف هذا اإىل الثنني َاذل تين حارهبام هللا ورسوهل‪( ،‬ألك الراب ومؤذي‬
‫الولياء) وإان شئت أن تدخهل حتت معىن "مؤذي الولياء"‪ ،‬عىل أ ّن أهل‬
‫بيت احلبيب ‪ُ ‬ه أهل هللا ابلوىل‪ ،‬فيكون معىن (من أذى يل وليا فقد‬
‫أذنته ابحلرب) هذا لهل البيت بتخصيص النّص‪ ،‬أ ّما لسواُه فبالجهتاد يف‬
‫التّحديد ‪.‬‬
‫شدّة عناية الحبيب‪ ‬بها‬
‫السالم‪ ،‬شدّة اعتناء س ّيد الوجود هبا ‪ ،‬عناية مل‬ ‫ومن أخفر مناقّبا علهيا ّ‬
‫يعتنهيا بغريها قط‪ ،‬حّت أن ّه اكن ينادهيا بأ ّمي‪ ،‬فيقول لها " أ ّم أبهيا " واكن‬
‫يقبّلها وتقبّهل‪ ،‬ويعانقها وتعانقه‪ ،‬ويداعّبا ويالطفها مبا تعجب هل العقول‪،‬‬
‫ويراعي حّت ملزاهجا وخاطرها ‪..‬‬
‫فلقد جاء يف احلديث املشهور أن ّه دخل ذات ليّل علهيا ويه يف فراشها مع‬
‫مولان الكرار ‪ ، ،‬فلام رأّيه اس تحييا منه‪ ،‬فكّنام أرادا أن يتنحيا‪ ،‬فقال‬
‫هلام املعصوم ‪ : ‬كام أنامت ‪ .‬قال ‪ :‬فأدخل رجليه بيهنام يف الل ّحاف‪ ،‬كنه يدفهئام‬
‫واكنت غداة خرضة ‪»..‬‬

‫رواه ابن ماجه وابن أبي شيبة وأحمد ‪.‬‬


‫رواه البخاري في صحيحه ‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫وعن أ ّمنا عائشة ريض هللا عهنا‪ ،‬أّنّ ا قالت يف وصفها للس ّيدة ا ّلزهراء علهيا‬
‫السالم ‪ .. :‬و اكنت اإذا دخلت عىل النيب ‪ ‬أخذ بيدها فقبلها‪ ،‬و ر ّح َب‬ ‫ّ‬
‫جلسها يف جملسه‪ ،‬و اكن اإذا دخ َل علهيا ْ‬
‫قامت اإليه‪ ،‬ور ّح َب ْت به‪،‬‬ ‫هبا‪ ،‬و أ َ‬
‫خذت بيده فقبّلَ ْهتا»‪.4‬‬ ‫وأ ْ‬
‫السفر‪ ،‬كام قال س ّيدان ابن‬ ‫ولشدّة اعتناءه هبا أّنّ ا اكنت أخر وأ ّول عهده يف ّ‬
‫خر عه تد ته فاطم َة‪ ،‬وإاذا رج َع اكن‬ ‫النيب ‪ ‬اكن اإذا خرج‪َ ،‬‬
‫اكن أ م‬ ‫معر ‪ : ‬أ ّن ّ‬
‫ول عه تد ته فاطم َة علهيا السالم« ‪.‬‬ ‫أ م‬
‫وعن س يدان أنس بن ماكل ‪ ‬أن رسول هللا ‪ ‬اكن مير ببيت فاطمة بعد‬
‫الصالة " ‪ ( :‬إانّام يمريدم م‬
‫هللا‬ ‫أن بىن هبا عىل ‪ ‬بس تة أشهر يقول " ّ‬
‫الصالة ّ‬
‫تل ميذ ته َب عن ممك ّ تالر ْج َس َأ ْه َل ال َبيْ تت ويمطهّ َترممك ت َْطهتريا) « ‪.‬‬
‫وعن س ّيدان أيب سعيد قال ‪ « :‬ملا نزلت هذه الية ( وأت ذا القرِب حقه)‬
‫دعا النيب صىل هللا عليه وسّل فاطمة وأعطاها غنا فدك »‪. 1‬‬
‫أوّل أهله لحوقا به ‪‬‬
‫وتتجىل لنا ماكنهتا عند احلبيب‪ ‬وماكنة احلبيب‪ ‬عندها‪ ،‬يف كوّنا أ ّول‬
‫ّالالحقني به من أههل‪ ،‬وهذا المر مل يكن ذا شأن لو مل يذكره الويح‪ ،‬حيامن‬
‫انجاها س يدان رسول هللا ‪ ‬برسه فقال ‪ :‬ا ّإن جربيل اكن يعارضين القرأن‬

‫رواه الحاكم والترمذي ‪.‬‬


‫رواه أحمد وابن شاهين والحاكم ‪.‬‬
‫رواه مسلم في صحيحه ‪.‬‬
‫‪ 2‬رواه ابو يعلى والحاكم ‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫لك س نة مرة وإانه عارضين العام مرتني ول أراين اإل حرض أجيل‪ ،‬وإان ّك أول‬ ‫ّ‬
‫أهل بييت حلاقا يب »‪. 4‬‬
‫فيا ترى ملاذا بقيت بعده دون ابيق أولده ‪ ،‬وملاذا أرسعت الل ّحوق به يف‬
‫بضعة أشهر ؟‬
‫أجل فاإّنّ ا بقيت بعده لّتثه وتؤدي الماانت بعده‪ ،‬حيث ل يس تطيع محلها‬
‫بعده ا ّإل بضعة منه‪ ،‬كام يشري اإليه حديث ‪ ( :‬ل يبلغ عين ا ّإل أان أو رجل‬
‫عيل ‪ ‬ظاهرا‪ ،‬وللس ّيدة البتول ابطنا‪.‬‬‫ّمين) فاكنت لس يدان ّ‬
‫أرسعت اللّحاق به لثقل المانة اليت حت ّملهتا عن أبهيا‪ ،‬وما جرى من‬
‫الرس من النّ ّبوة اإىل‬
‫حتول ّ‬‫انفعالت روحان ّية‪ ،‬وتو ّهجات نوران ّية‪ ،‬يف حلظة ّ‬
‫الولية‪ ،‬فلهذا عظم امحلل عىل تكل ا ّذلات اللّطيفة‪ ،‬حفملته س تّة أشهر‬
‫وانتقلت ‪.‬‬
‫وأرسعت يف اللّحاق به لشدّة تعلقها به‪ ،‬ولإلتحام البضعة بأصلها‪ ،‬فاجنذبت‬
‫حنوه اجنذااب خارقا للعادة‪ ،‬حبيث أّنّ ا اكنت يف العرشينيات من معرها‪ ،‬ومل‬
‫تكن تش تيك من داء سوى فقداّنا حلبيّبا ‪. ‬‬
‫وكل أن تتأ ّمل يف قوهل ‪ ( : ‬أ ّول أهل بييت حلاقا يب) ومل يقل وفاة أو ‪،..‬‬
‫ففيه اإشارة اإىل التحاق الفرع ابلصل‪ ،‬واندماج اجلزء يف اللك ‪. ‬‬
‫أشبه الخلق بالحبيب‪‬‬
‫وممّا يضفي عىل خشص ّية البتول علهيا ّ‬
‫السالم تكل القدس ّية‪ ،‬كوّنا اكنت شبهية‬
‫ابلشامئل النبويّة‪ ،‬اخللقيّة مهنا واخللقيّة‪ ،‬جامل وجالل وكامل‪ّ ،‬‬
‫حّت قالت أ ّم‬

‫رواه البخاري ‪.‬‬


‫‪53‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ودل وهد ًّي برسول هللا‬ ‫يت أحد ًا أش ب مه َُست ًا ّ ً‬ ‫املؤمنني ريض هللا عهنا‪ :‬ما رأ م‬
‫رسول هللا ‪.4» ‬‬ ‫بنت ت‬ ‫‪ ‬يف قيا تمها وقعو تدها‪ ،‬من فاطم َة ت‬
‫ول غرو من بعدما شهد لها املعصوم ‪ ‬بأّنّ ا بضعة منه‪ ،‬كتلوحي منه ‪ ‬اإىل‬
‫أ ّن هذه املشاهبة يه فطريّة يف ذاهتا‪ ،‬فلن تتلكف يف متابعة ّنجه ‪ ،‬لّنّ ا‬
‫السالم عينه وهمجته ‪.‬‬ ‫علهيا ّ‬
‫الش به هو اذلي رسى مهنا اإىل ّذريهتا الطاهرة‪ ،‬اإبتداء من ّالرحيانتني وما‬ ‫وهذا ّ‬
‫الرشيف‪ ،‬حّت روي أ ّن س ّيدان‬ ‫اكان يتتعان به من مشاهبة ومشالكة للجناب ّ‬
‫الس بط ‪ ‬اكن ل مي ّل النّاس من النظر فيه‪ ،‬واكنوا يشمون منه‬ ‫احلسن ّ‬
‫أنفاس احلبيب ‪. ‬‬
‫وملّا جاء رجل اإىل أمري املؤمنني‪ ‬يسأهل عن صفة احلبيب ‪ ،‬قال هل‬
‫أنظر اإىل احلسن من العىل‪ ،‬وإاىل احلسني من السفل‪ ،‬وكيف ل وقد ثبت‬
‫السالم أتت اببنهيا‪ ،‬فقالت ّي رسول هللا‪ ‬احنلهام‬ ‫أ ّن الس يدة فاطمة علهيا ّ‬
‫فقد حنل مت مه َجنديت‬
‫احلسني ْ‬
‫م‬ ‫فقد َ َحنل مت مه تحلْ تمي و َه ْيبَيت‪ ،‬وأ ّما‬
‫احلسن ْ‬
‫م‬ ‫فقال ‪ :‬أ ّما‬
‫و مجودي» ‪.‬‬
‫وهذا الوراثة احمل ّمديّة ظهرت جل ّية يف ا ّذلريّة الفاطم ّية‪ ،‬حّت صار العرب‬
‫الرشيف بأحد المرين ‪ :‬اخللقة احلس نة أو الخالق احلس ىن‪،‬‬ ‫يتفرسون يف ّ‬
‫بل ا ّإن المر تعدى هذا‪ ،‬حّت صار بعض الرشاف يظهر عىل جسده أثر‬

‫رواه الترمذي والحاكم ‪.‬‬


‫رواه الطبراني ‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫خلامت النّ ّبوة اذلي اكن عىل جده املعصوم ‪ ،‬ولقد ظهر هذا عىل حسب ما‬
‫السادة‪ ،‬مهنم عىل سبيل املثال ‪:‬‬
‫حتكيه كتب الّتامج يف عدّة من ّ‬
‫حّت لقب من‬ ‫‪ ‬س يدي محمد الشبيه اجلوطي العمراين احلس ين الإدرييس‪ّ ،‬‬
‫ينسب اإليه ّ‬
‫ابلشبهييي‪ ،‬وذكل لن ّه اكن بني كتفيه أثر خلامت النّ ّبوة‪ ،‬وراثة‬
‫من جده العظم ‪. ‬‬
‫‪ ‬والقطب س يدي محمد بن عبد الواحد الكتاين قدس هللا ّ‬
‫رسه ‪.‬‬
‫رسه‪ ،‬وقال‬‫‪ ‬والعارف ابهلل س يدي عامثن بن محمد الكتاين قدس هللا ّ‬
‫الش يخ الكتاين ويه عديدة يف أهل بيتنا‪..‬‬
‫فيا ليت شعري ما العالمات الوراث ّية اليت اكنت يف جسد الس ّيدة (علهيا‬
‫السالم)‪ ،‬بيد أّنّ ا لكّها أية من أّيت النّ ّبوة‪ ،‬فهيي بضعة من النّور ‪. ‬‬
‫ّ‬
‫ملك ينزل ببشارتها‬
‫ولقد تعدّت فضائلها شهرة وصيتا يف الرض‪ ،‬فشاع جمدها يف أفاق امل إال‬
‫حّت نزل مكل يزور بيت النّ ّبوة‪ ،‬متبارشا بقدر البتول وابنهيا علهيم‬
‫العىل‪ّ ،‬‬
‫السالم‪ ،‬ويشري مولان احلبيب ‪ ‬اإىل هذا بقوهل ‪« :‬اإن ً‬
‫ملاك من السامء مل‬ ‫ّ‬
‫يكن زارين فاس تأذن هللا يف زّيريت فبرشين أ ّن فاطمة س يدة نساء أميت‪،‬‬
‫وأن احلسن واحلسني س يدا ش باب أهل اجلنة« ‪. 4‬‬
‫أجل فا ّإن قدر هذا البيت اجمليد اكن حديث أهل احلضائر ول يزال‪ ،‬وكيف‬
‫ل وُه بيت س ّيد احلرضة‪ ،‬وإاماهما‪ ،‬بل وقطب رحاها ‪. ‬‬

‫رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم ‪.‬‬


‫‪55‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫تذوق هذه اللّطائف‪ ،‬فاس تأنس حبديث وضع القبول‬ ‫وإان غلظ طبعك عن ّ‬
‫حيب فالانً‬
‫هللا ّ‬ ‫اذلي جاء فيه ‪ « :‬اإذا أحب هللا عبدً ا اندى جربي مل‪ ،‬اإن َ‬
‫هللا م تحيب فم َالانً فأ تحبوه‪،‬‬
‫فأ تحبه‪ ،‬ف مي تحب مه ج ترب ميل‪ ،‬مث يمنَا تدي يف املالئكة ‪ :‬اإن َ‬
‫ف مي تحبه أه مل الس َما تء‪ ،‬مث يملقَى هل ال َق م‬
‫بول يف الرض» ‪.‬‬
‫مفن ّي ترى أوىل من أهل الكساء هبذه املزيّة‪ ،‬ل س ّيام من بعدما أحّبّ م‬
‫احلبيب ‪ ،‬بل وك ّن نزول املكل لزّيرهتم والتبشري هلم‪ ،‬هو دليل تطبيقي‬
‫حلديث وضع القبول ‪.‬‬
‫ال ضرة لها‬
‫السالم‪ ،‬أن ّه ل جيوز لبعلها أن ّ‬
‫يزتوج علهيا‪ ،‬مع أ ّن‬ ‫ومن خصائصها علهيا ّ‬
‫تعداد الزوجات اكن من س نّة س ّيد املرسلني ‪ ،‬ولكن للبتول شأن أخر‪،‬‬
‫فلقد جاء عن الس ّيدة أسامء بنت معيس ريض هللا عهنا قالت‪« :‬خطبين‬
‫السالم‪ ،‬فأتت رسول هللا ‪ ‬وقالت ‪ :‬اإن أسامء‬ ‫عيل فبلغ ذكل فاطمة علهيا ّ‬
‫مزتوجة عليا‪ ،‬فقال ‪ : ‬ما اكن لها أن تؤذي هللا ورسوهل ‪.4« ‬‬
‫وعن س ّيدان ابن الزبري‪« : ‬أ ّن عليا ذكر ابنة أيب هجل‪ ،‬فبلغ ذكل رسول‬
‫هللا ‪ ‬فقال ‪ « :‬اإمنا فَا تط َمة بضعة مين‪ ،‬يؤذيين ما أذها‪ ،‬وينصبين ما أنصّبا‬
‫« ‪ ،‬ويف هذا عدّة معاين مهنا ‪:‬‬

‫رواه الطبراني ‪.‬‬


‫رواه الحاكم ‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫رضة لها يؤذي شعورها‪ ،‬ومن ماكنهتا عند هللا ورسوهل ‪ ،‬أن ّه‬ ‫‪ -‬أ ّن وجود ّ‬
‫ل جيوز تكدير خاطرها‪ ،‬لهذا قال ‪ " : ‬يؤذيين ما أذاها"‪ ،‬فيا هل من‬
‫مقام عظمي جس مي ‪.‬‬
‫لرضة معها يف مقاهما‬ ‫الرضة معها‪ ،‬اإشارة اإىل أن ّه ل وجود ّ‬ ‫‪ -‬ويف منع وجود ّ‬
‫ورتبهتا يف احلرضة ‪.‬‬
‫رس يرسي من النّور احمل ّمدي اإىل س ّيدان‬ ‫‪ -‬ويف ذكل تنويه اإىل أن ّه هناك ّ‬
‫عيل‪ ‬ليجري منه اإىل الس ّيدة الزهراء‪ ،‬ليتناسل مهنام ا ّذلريّة الطاهرة‪،‬‬
‫فال جيوز حتقيقا أن خيلّط بغريها‪ ،‬وملّا انتقل س ّيد الورى‪ ‬ذهب ذكل‬
‫الس ّيدة بعد ذكل ‪.‬‬ ‫الساري‪ ،‬لهذا مل تنجب ّ‬ ‫الرس ّ‬
‫ّّ‬
‫لك نيب يف‬ ‫الرس هو املشار اإليه يف حديث ‪« :‬ا ّإن هللا جعل ذرية ّ‬ ‫وهذا ّ‬
‫صلبه‪ ،‬وإا ّن هللا جعل ذرييت ِف صلب عيل بن أِب طالب«‪.4‬‬
‫وإان شئت أن تقول أ ّن النور ذاك اكن يرسي من الس ّيدة الزهراء اإىل‬
‫السالم)‪ ،‬توافقا مع حديث ‪« :‬ا ّإن تّ‬
‫للك ب َ تين أ ٍ ّب معص َبة‬ ‫الكرار (علهيام ّ‬
‫ون اإلهيا‪ ،‬ا ّإل ودلم فا تط َم َة ؛ فأان َو تلهيمم‪ ،‬وأان معص َبهتم مم‪ ،‬وُه تع ْ َّتيت‪ ،‬مخ تلقوا‬
‫ي َنتَ مم َ‬
‫الرس معها‪ ،‬فاكنت ذريّة أمري املؤمنني‬ ‫تمن تطين َيت« ‪ ،‬و لهذا ارتفع هذا ّ ّ‬
‫بعدها ليسوا من الرشاف ‪.‬‬
‫أعظم من رزء بالحبيب ‪‬‬
‫وإاذا اكن فقد احلبيب ‪ ‬هو أعظم مصيبة أصيبت هبا ال ّمة احمل ّمديّة‪،‬‬
‫السالم‪،‬‬ ‫فا ّإن أوىل من حت ّمل هذه الفاجعة الكربى يه الس ّيدة الزهراء علهيا ّ‬
‫رواه الطبراني والخطيب ‪.‬‬
‫رواه الحاكم وابن عساكر‬
‫‪57‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الرشيف‪ ،‬فاكنت كّنّ ا فقدت روهحا ويه‬ ‫ملا لها من صّل وثيقة ابجلناب ّ‬
‫متيش عىل وجه الرض‪ ،‬لهذا شهد لها س ّيد الرباّي ‪ ‬بذكل فقال عهنا ‪:‬‬
‫«يه خري بنايت أّنا أصيبت يب«‪. 4‬‬
‫وجاء يف حديث املناجاة لها‪ ،‬عند الإنتقال اإىل الرفيق العىل قوهل ‪: ‬‬
‫« أحسب أين ميت يف عايم هذا‪ ،‬وأنه مل ترزأ امرأة من نساء العاملني مثلها‪،‬‬
‫فال تكوين دون امرأة مهنن صربا‪ ،‬فبكيت‪ ،‬فقال‪ :‬أنت س يدة نساء أهل‬
‫اجلنة فضحكت« ‪.‬‬
‫وذهب احلافظ ابن جحر رمحه هللا أّنا أفضل من بقية أخواهتا؛ لّنن منت‬
‫فكن يف حصيفته؛ وانتقل هو‪ ‬يف حياهتا فاكن يف حصيفهتا!‬ ‫يف حياته ‪ّ ،‬‬
‫قال‪ :‬وكنت أقول ذكل اس تنباطا اإىل أن وجدت الإمام ابن جرير الطربي‬
‫نص عليه ‪ .‬اهِن‬
‫قلت ويف احلديث شهادة من احلبيب ‪ ‬عىل أ ّن أعلق النّاس وأشغفهم‬
‫به حبّا‪ ،‬يه هذه الس ّيدة القديسة‪ ،‬وهو الشأو اذلي اكن يتنافس فيه كبار‬
‫الصديق مع س ّيدان عيل يف‬ ‫الصحابة علهيم ّالرضوان‪ ،‬كام يف ّقصة تنازع س ّيدان ّ‬ ‫ّ‬
‫أهيّ ام أكرث حزان وأسفا عىل فراق احلبيب ‪ ،‬و ّ‬
‫لكن النّص يشهد لها (علهيا‬
‫السالم) بأّنّ ا يه الوىل بذكل جبدارة واس تحقاق ‪.‬‬‫ّ‬

‫رواه البزار عن أم املؤمنين رض ي هللا عنها ‪.‬‬


‫رواه ابن جرير الطبري ‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫البيت المرفوع‬
‫الكثري منّا يسمع لفظ أهل البيت‪ ،‬ول يدري معىن البيت ما هو‪ ،‬و ما‬
‫دروا أ ّن البيت هذا هو بيت النّ ّبوة‪ ،‬وراكئز هذا البيت ُه ساداتنا أهل‬
‫الكساء امخلسة‪ ،‬كام ورد يف حديث "حصيح مسّل" ‪« :‬ملّا نزلت أية ‪ ( :‬إانّام‬
‫يت ويمطهّ َترممك تَ ْطهتريا) يف بيت أ ّم سلمة‬ ‫هللا تل ميذ ته َب عن ممك ّ تالر ْج َس أه َل ال َب ت‬
‫يمريدم م‬
‫وعيل خلف‬ ‫ريض هللا عهنا‪ ،‬دعا فاطم َة وحس ن ًا وحسين ًا وخلّلهم بكساء‪ٌّ ،‬‬
‫الرجس‬‫َ‬ ‫ظهره‪ّ ،‬مث قال‪ :‬الله ّم هؤلء أه مل بييت‪ ،‬وخاصيت فأذ ته ْب عهن مم‬
‫وطهّ ْترُه تطهريا«‪.‬‬
‫لك من‬ ‫فل ّما اكن قدر س ّيد الوجود ‪ ‬مرفوعا عند ربه تعاىل‪ ،‬رفع به ّ‬
‫انتسب اإليه‪ ،‬فلزم أن يكون بيته عظامي جميدا‪ ،‬فشمل هذا الفضل هذه‬
‫الطاهرة اإىل يوم ادلّ ين‪ ،‬فصاروا يس ّمون " أهل البيت" والفضل يف‬ ‫ا ّذلريّة ّ‬
‫الرشف ‪.‬‬ ‫الطاهرة‪ ،‬اليت يه واسطهتم اإىل هذا ّ‬ ‫ذكل لكّه يرجع ل ّمهم ّ‬
‫ومن مناقب الس ّيدة ّالزهراء اليت جيهلها كثري من النّاس‪ ،‬أ ّن بيهتا اكنت‬
‫الرشيفة‪ ،‬اليت نزلت فهيا سورة " احلجرات"‬ ‫جحرة من احلجرات النبويّة ّ‬
‫حفجرات أ ّمهات املؤمنني اكنت تسعة والعارشة يه جحرة الس ّيدة فاطمة‬
‫السالم) ‪.‬‬ ‫وس ّيدان عيل (علهيام ّ‬
‫اُس مه)‬‫اَّلل َأ ْن تم ْرفَ َع َوي م ْذ َك َر فهيا ْ م‬ ‫بل ملّا نزل قوهل تعاىل ‪( :‬يف ب م ٍ‬
‫يوت َأ تذ َن م‬
‫س ئل س ّيدان رسول هللا ‪ « : ‬أي البيوت هذه ؟ فقال ‪ :‬بييت وبيت‬
‫فاطمة وعيل «‪.4‬‬

‫رواه ابن مردويه ‪.‬‬


‫‪59‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫اكل ‪َ « : ‬أ ّن‬ ‫وهذا البيت هو اذلي جاء فيه َع ْن س ّيدان َس ْع تد ْب تن َم ت ٍ‬


‫الن تيب ‪َ - -‬سد َأبْ َو َاب الن تاس تيف الْ َم ْس تج تد َوفَتَ َح َاب َب عَ ت ٍ ّيل‪ ،‬فَ َقا َل الن ماس تيف‬
‫َذ ت َكل فَقَا َل‪َ : ‬ما َأانَ فَتَ ْح مت مه َولَ تكن َ‬
‫اَّلل فَتَ َح مه«‪. 4‬‬
‫الصحيح ‪ « :‬اكن بني عيل وبني فاطمة علهيام السالم الكم خفرج من‬ ‫وجاء يف ّ‬
‫بيهتا فأىت املسجد فنام يف الّتاب‪ ،‬فأىت رسول هللا ‪ ‬املسجد‪ ،‬وقال هل ّي‬
‫أاب تراب ما نميك هل يف الّتاب وهللا حلجرة بنت رسول هللا ‪ ‬خري من‬
‫الّتاب‪ ،‬فقام » ‪.‬‬
‫السالم‪ ،‬ومل يسمهيا ابمس‬ ‫وانظر كيف سامها جحرة الس ّيدة فاطمة علهيا ّ‬
‫السالم ‪.‬‬‫الرس هنا جاء من هجهتا علهيا ّ‬ ‫زوهجا الكرمي‪ ،‬ل ّن ّ‬
‫السالم‪ ،‬أفضل من‬ ‫وهنا اإشارة خفيّة اإىل أ ّن جحرة الس ّيدة فاطمة علهيا ّ‬
‫املسجد النّبوي‪ ،‬ول غرابة يف هذا‪ ،‬اإذ أ ّن العلامء ات ّفقوا عىل أ ّن أفضل بقعة‬
‫الرشيف‪ ،‬واحلجرات العرشة لكّها مقام كرمي‬ ‫الرضحي ّ‬ ‫يف الكون يه اليت حوت ّ‬
‫الرشيف اليوم س يجده جحرة واحدة‪ ،‬ولها ابابن ‪ :‬ابب‬ ‫هل ‪ ،‬ومن زار املقام ّ‬
‫الرشيفة‪ ،‬والباب اذلي يسمى "ابب فاطمة" ‪.‬‬ ‫من هجة الواهجة ّ‬
‫ول غرو فأهل الكساء ُه املقدّسون اذلين هبم رفعت املساجد‪ ،‬وذواهتم نور‬
‫عىل نور‪ ،‬لس ّيام بعدما قال احلبيب ‪« : ‬أل ل َ تحيل هذا املسجدم ‪ ،‬تل مج من ٍب‬
‫احلسني‪ ،‬أل قد‬ ‫احلس تن و ت‬ ‫وعيل وفاطم َة و َ‬ ‫رسول هللا ‪ّ ٍ ‬‬ ‫حائض ا ّإل ‪ :‬تل ت‬ ‫ول ٍ‬
‫نت لمك الش يا َء أن ت َضلوا» ‪.‬‬ ‫ب ّي م‬

‫رواه أحمد وأبو يعلى ‪.‬‬


‫رواه البخاري وأحمد ‪.‬‬
‫الترمذي وأحمد ‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫آية المباهلة‬
‫ومن عظمة قدرها وخصوص ّية ماكنهتا‪ ،‬عند هللا ورسوهل ‪ ،‬أ ّن هللا‬
‫س بحانه وتعاىل انتخّبا ويه امرأة ملباهّل الكفار‪ ،‬وما ذكل ا ّإل لطول جاهها‪،‬‬
‫وعرض وجاههتا ‪.‬‬
‫وذكل كام قال الإمام الشعيب رمحه هللا ‪« :‬اكن أهل جنران أعظم قوم من‬
‫اُها‬‫النصارى قولً يف عيىس بن مرمي‪ ،‬فاكنوا جيادلون النيب‪ ‬فيه‪ .. ،‬فَدَ عَ م َ‬
‫اَّلل ‪َ ‬و َأ َخ َذ تب َي تد‬ ‫ول ت‬ ‫ا َىل الْ مم َال َعنَ تة فَ َواعَدَ ا مه عَ َىل َأ ْن يمغَا تد َّي مه تابلْغَدَ ا تة فَغَدَ ا َر مس م‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل َع ْهنم ْم‪ ،‬مث َأ ْر َس َل ال َ ْ تهي َما فَأَب َ َيا أَ ْن‬ ‫يض م‬ ‫عَ ت ٍ ّيل َوفَا تط َم َة َوال َح َس تن َوال مح َس ْ تني َر ت َ‬
‫ِ‬
‫اَّلل ‪َ : ‬و تاذلي ب َ َعث تَين تابلْ َح ّ تق ل َ ْو فَ َع َال َ َل ْم َط َر‬ ‫ول ت‬ ‫م تجيي َبا مه َو َأقَرا َ مهل فَقَا َل َر مس م‬
‫الْ َوا تدي عَلَ ْ تهي َما انَ ًرا قَا َل َجا تبر‪ :‬تف تهي ْم نَ َزل َ ْت‪( :‬فَ مق ْل ت َ َعال َ ْوا ن َْد مع َأبْنَا َءانَ َو َأبْنَا َء ممكْ‬
‫َو تن َسا َءانَ َو تن َسا َء م ْمك َو َأنْ مف َس نَا َو َأنْ مف َس م ْمك) ‪.‬‬
‫اَّلل ‪َ ‬وعَ ت ٌّيل‪َ ،‬و ( َأبْنَا َءانَ َو َأبْنَا َء م ْمك)‬ ‫ول ت‬ ‫قَا َل َجا تبر‪َ ( :‬و َأنْ مف َس نَا َو َأنْ مف َس م ْمك) َر مس م‬
‫اَّلل َع ْهنم ْم »‪.4‬‬
‫يض م‬ ‫الْ َح َس من َوالْ مح َس ْ مني‪َ ( ،‬و تن َسا َءانَ َو تن َسا َء م ْمك) فَا تط َم مة َر ت َ‬
‫السالم‪ ،‬لن ّه‬ ‫أجل فا ّإن أهل الكتاب اكنوا يعرفون قدر أهل البيت علهيم ّ‬
‫يتجرؤوا عىل‬ ‫السالفة‪ ،‬فلهذا مل ّ‬ ‫السامويّة ّ‬ ‫اكن مشهورا عندُه يف الكتب ّ‬
‫املباهّل‪.‬‬
‫الثقل األصغر عليها السّالم‬
‫وجند ماكل جوامع اللكم ‪ ‬يصف أهل البيت بِن"الث ّقل " فيقول ‪ « : ‬إا ّين‬
‫هللا َحبل َم ْمدم ود‬ ‫يب‪ ،‬وإا ّين ات ترك تف ميمك الث َقل َ تني ‪َ :‬‬
‫كتاب ت‬ ‫أ ْو تش مك َأن أدعى فأ تج م‬
‫رواه أحمد وابن ابي شيبة والبيهقي ‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫رض‪ ،‬و تع ْ َّتيت أه َل بَييت‪ ،‬وإان الل تط َيف َ‬


‫اخلبري أخ َ َْربين ‪ :‬أّنام‬ ‫السام تء اإىل ال ت‬
‫تم َن ّ‬
‫َوض‪ .‬فان مْظروا َكيف م َخت تل ّ مفوين تفهيام»‪.4‬‬
‫عيل احل َ‬ ‫ْلن ي َ َت َفرقا ّ‬
‫حّت يَ تردا ّ‬
‫وعليه فا ّإن ساداتنا أهل البيت ُه الث ّقل الصغر‪ ،‬وعىل رأسهم أ ّمهم ّالزهراء‬
‫السالم‪ ،‬ولكن ّي ترى ما معىن " الث ّقل " هنا ؟‬ ‫علهيا ّ‬
‫يرجع لفظ الث ّقل ملعنني ‪( :‬القدر‪ ،‬واحلق) فأ ّما قدرُه فهو ثقيل املزيان عند‬
‫هللا ورسوهل ‪ ،‬دلرجة أّنّ م ق نروا ابلقرأن العظمي ‪.‬‬
‫وأ ّما حقوقهم فاإّنّ ا ثقيّل الإلزام عىل املؤمنني‪ ،‬فولؤُه ميثاق غليظ‪ ،‬أخذه هللا‬
‫تعاىل علينا رصحيا ‪( :‬قل ل أسألمك عليه أجرا ا ّإل املودّة يف القرِب) ويكفيك‬
‫يف ثقل حقّهم علينا أن ّه مقابل ملاكفأة احلبيب ‪ ‬عىل ما أمدّان به ‪.‬‬
‫وهنا يبدوا وجه املناس بة يف القرن ما بني الث ّقلني (القرأن والقرِب) حيث مل‬
‫الش َكر للث ّقل الصغر‪ ،‬فكل‬ ‫يسأل احلبيب ‪ ‬أجرا عىل الث ّقل الكرب‪ ،‬ا ّإل ّ‬
‫تتبرص هبذه املعادةل الث ّقيّل املعيار ‪.‬‬
‫أن ّ‬
‫أخت التّنزيل‬
‫الرشيفة مل تصل‬‫الكثري منّا ل يدرك صّل ّالزهراء ابلكتاب املبني‪ ،‬ل ّن سريهتا ّ‬
‫اإلينا ات ّمة اكمّل‪ ،‬ولكن اإذا نظران اإىل حديث الث ّقلني‪ ،‬وتأ ّملنا يف لفظ ‪« :‬وإان‬
‫َوض» س يدرك أ ّن‬ ‫عيل احل َ‬‫حّت يَ تردا ّ‬ ‫الل تط َيف َ‬
‫اخلبري أخ َ َْربين ‪ :‬أّنام ْلن ي َ َت َفرقا ّ‬
‫هناك وشاجئ نوران ّية‪ ،‬اكنت ترسي ما بني الث ّقلني ِن القرأن و ّالزهراء ِن مل تسلّط‬
‫علهيا أضواء ّالّتامج ‪.‬‬

‫رواه مسلم في صحيحه ‪.‬‬


‫‪62‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫السالم) يه أخت التَّنيل‪ ،‬من بعدما قرن‬ ‫فال جرم أ ّن ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫الرشيف بيهنام‪ ،‬ونس ّبام اإليه حيث قال ‪« : ‬وإا ّين ات ترك تف ميمك‬ ‫احلديث ّ‬
‫الرشيف‪ ،‬و ّالزهراء من صلبه املنيف‪،‬‬‫الث َقل َ تني» فهام إارثه فينا‪ ،‬القرأن من قلبه ّ‬
‫بل وأكّد أّنّ ام متالزمان اإىل أن يعودوا اإليه ّمرة أخرى‪ ،‬فقال ‪ْ « : ‬لن‬
‫عيل احل َ‬
‫َوض» ‪.‬‬ ‫حّت يَ تردا ّ‬‫ي َ َت َفرقا ّ‬
‫ويف هذا التّالزم اإشارة اإىل أ ّن نور القرأن العظمي س يظ ّل مكنوان يف أهل‬
‫البيت اإىل يوم ادلّ ين‪ ،‬فأقدس بباطن الزهراء اذلي اكن ول زال ولن ّ‬
‫ينفك‬
‫عن وعاية ورعاية أرسار الكتاب املقدّس‪ ،‬اذلي رسى من القلب احمل ّمدي‬
‫اإلهيا‪ّ ،‬مث اإىل بنهيا‪ ،‬اإىل أبد الابد ‪.‬‬

‫أبناؤها ينسبون للحبيب ‪‬‬


‫ا ّإن من اخلصائص الفاطم ّية اليت ّبزت هبا غريها‪ ،‬أ ّن بنهيا ل ينس بون اإىل أبهيم‪،‬‬
‫وإانّام ينس بون اإىل أبهيا س ّيد النبياء واملرسلني ‪ ،‬فأضيفوا اإليه حتقيقا بأمر‬
‫هللا تعاىل‪ ،‬واكنوا ُه ذريته الباقيّة اإىل يوم يبعثون ‪.‬‬
‫وهذا ما اكن يعنيه مولان رسول هللا ‪ ‬بقوهل ‪« :‬ا ّإن ل تّ‬
‫لك ب َ تين أ ٍ ّب‪ ،‬معص َبة‬
‫ون اإلهيا‪ ،‬ا ّإل ودلم فا تط َم َة ؛ فأان َو تلهيمم‪ ،‬وأان معص َبهتم مم‪ ،‬وُه تع ْ َّتيت‪ ،‬مخ تلقوا تمن‬
‫يَنتَ مم َ‬
‫تطينَيت »‪. 4‬‬
‫بنوة من أ ّبوة‪ ،‬فهذا جتيل من جتليات‬ ‫رس ّنبوة‪ ،‬قبل كونه اإرث ّ‬ ‫فا ّإن المر ّ‬
‫النّ ّبوة اليت ل ندرك ماهيهتا‪ ،‬وهو ما عرب عنه ابجلعل يف احلديث الخر‪ ،‬فقال‬

‫رواه الحاكم في مستدركه على الصحيحين ‪.‬‬


‫‪63‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫رويح هل الفداء ‪ « :‬ا ّإن هللا جعل ذرية ّ‬


‫لك نيب يف صلبه‪ ،‬وإا ّن هللا جعل‬
‫ذرييت ِف صلب عيل بن أِب طالب«‪.4‬‬
‫احلس ِنِنِن مب جم ِنِندم ّالرس ِنِنا تةل م ِنِنا الع ِنِن مّل وم ِنِنا الرت ِن م‬
‫ِنب‬ ‫ع ِنِنِنز النّب ِنِن ِّنوة ل امل ِنِن م‬
‫ِنكل ول َ‬
‫ذامك ه ِنِنِنو اجمل ِنِنِندم والفخ ِنِنِنار وال ِنِنِنـ ّرش مف س ِنِنالةل تم ِنِنن ش ِنِنعاعت ال مق ِنِندس تلهت ِن م‬
‫ِنب‬
‫فالعادة تقول أ ّن ا ّذلريّة يه ما تناسل من هجة ّاذلكور‪ ،‬ولكن احلقيقة النّبويّة‬
‫تقول أ ّن ّالزهراء ليست اكلنّساء‪ ،‬ولكهنا مكلت وصار لها حمك المكّل من‬
‫ّالرجال‪ ،‬فاكنت مبثابة الإبن لس ّيد الوجود ‪ ،‬واكن أبناؤها ذريّة ابلتّحقيق‬
‫للحبيب ‪ ،‬فالتّأنيث يف الس ّيدة البتول جمازي فقط‪ ،‬فهيي اإمرأة ولكهنا‬
‫فضلت عىل رجال ال ّمة مجيعا ‪:‬‬
‫لفضلت النساء عِنِنِنِنِنىل ّالرجال‬ ‫ولو كِنِنِنِنِنِن ّن النساء مكثِنِنِنِنِنل هذه‬
‫ول التّذكِنِنِنِنِنري خفِنِنِنِنِنِنِنر للهالل‬ ‫الشمس عيب‬ ‫مفا التّأنيث لمس ّ‬
‫الطّاهرة من الرّجس‬
‫ا ّإن من أعظم ما نزل يف أهل البيت أية التّطهري‪ ،‬ويه قوهل تعاىل ‪ ( :‬إانّام يريد‬
‫هللا ليذهب عنمك ّالرجس أهل البيت ويطهرمك تطهريا) واليت ملا نزلت س ئل‬
‫التطهت تري ‪ ( :‬إانّام يريد هللا ليذهب‬ ‫عهنا س ّيدان الورى ‪ ‬فقال ‪ « :‬أنْ تزل َ ْت أي َ مة ْ‬
‫عنمك ّالرجس أهل البيت ويطهرمك تطهريا) ت ْيف َ َْخ َس ٍة تيف‪َ ،‬و ت ْيف عَ ٍ ّيل َو َح َس ٍن‬
‫َو مح َس ْ ٍني َوفا تط َمة» ‪.‬‬

‫رواه الطبراني والخطيب ‪.‬‬


‫رواه مسلم في صحيحه ‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ولكن وللسف مل يغص النّاس يف أعامق هذه الية‪ ،‬ولكهنم لبثوا يتجادلون‬
‫الش يعة‪ ،‬هل أهل البيت معصومون أم ل‪ ،‬من دون طائل ول جدوى‬ ‫مع ّ‬
‫من وراء ذكل ‪.‬‬
‫السالم‪ ،‬مل تكن معصومة عصمة ّنبوة‪ ،‬ولكهنّ ا‬ ‫أجل فالس ّيدة ّالزهراء علهيا ّ‬
‫الرشيف‪ ،‬ومن شهد هل‬ ‫اكنت حمفوظة حفظ ولية‪ ،‬فهيي مطهّرة بنص الويح ّ‬
‫ابلطهارة أليس هو مقدّس الباطن ؟ بىل فهذه الس ّيدة قبس من‬ ‫هللا تعاىل ّ‬
‫اإشعاعات النّ ّبوة‪ ،‬فاكنت زهرا َء الظاهر والباطن‪ ،‬والسرية عنوان ّ‬
‫الرسيرة ‪.‬‬
‫لب البليغ‪ ،‬حيث أ ّن هللا‬ ‫ويف الية من معاين العظمة والتّبجيل ما حيار فيه ّ‬
‫تعاىل يقول أ ّن إاراديت تسهر عىل تطهريمك ّي أهل البيت‪ ،‬وهمام علق يشء من‬
‫أغيار ادلّ ان بمك‪ ،‬ف إان ّين سأطهرمك ابلنّورانية احمل ّمديّة الاكمنة فيمك ‪.‬‬
‫وات ّفق أهل العّل يف فهمهم للية الكرمية‪ ،‬عىل أن ّه لن ميوت أحد من بين‬
‫ّالزهراء ا ّإل عىل التّوبة والصالح‪ ،‬وأّنّ م مطهرون من الكفر والنّفاق ‪.‬‬
‫السالم يف‬ ‫ولهذا ملّا رأى الإمام الهناوندي رمحه هللا الس ّيدة فاطمة علهيا ّ‬
‫املنام‪ ،‬واكن قد زجر بعض أولدها الكرام‪ ،‬عىل ارتاكب الااثم‪ ،‬فّل تلتفت‬
‫اإليه فل ّما اتب اإلهيا‪ ،‬قالت هل ‪:‬‬
‫حاشا بِنِنِنِنِنِنين فاطمة لكِنِنهم من خسة يف العرض أو من خنا‬
‫وإامنا الّيم يف غِنِنِنِنِنِندرهـا وفــــعلها السِنِنِنِنِنوء أساءت لـنا‬
‫فتـب اإىل هللا مفِنِنن يقّتف ذنــــبا بِنِنِنِنِنِننا يأمِنِنِنِنِنن مما جـنا‬

‫‪65‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫مختلف المالئكة‬
‫ومن خصائص هذا البيت النبوي اذلي يتكون من أهل الكساء‪ ،‬أن ّه مأرز‬
‫لتَنلت املالئكة الكرام‪ ،‬وأّنّ م عاشوا ما بيهنم يف حياة روحان ّية نبويّة‪ ،‬وكيف‬
‫ل هيفو اإلهيم املل العىل‪ ،‬وإا ّن اإمام احلرضة ‪ ‬معهم ‪.‬‬
‫فعن س يدان جابر بن عبد هللا النصاري ‪ ‬قال‪ :‬ملا جاء رسو َل هللا ‪‬‬
‫الج مل‪ ،‬فهبط مكل املوت‪ ،‬فوقف ش به أعرايب ّمث قال‪ :‬السال مم عليمك ّي أه َل‬
‫خمتلف املالئكة‪ ،‬أدخ مل ؟ فقالت عائشة‬ ‫معدن الرساةل‪ ،‬و َ‬ ‫بيت النّبوة‪ ،‬و َ‬
‫‪4‬‬
‫لفاطمة ( علهيا السالم ) ‪ :‬أجييب الرج َل "‬
‫بل ا ّإن المر يف أقرب من ذكل‪ ،‬حّت يف مداعبة الصبيان‪ ،‬كام روي َع ْن َأ تيب‬
‫حسن‪،‬‬ ‫هللا ‪ ‬يه َ‬ ‫َج ْع َف ٍر‪ ،‬قَا َل ‪ْ :‬اص َط َر َع الْ َح َس من َوالْ مح َس ْ مني‪ ،‬فَ َقا َل َر مس م‬
‫ول ت‬
‫ول ‪ :‬يه‬ ‫فَقَال َ ْت فَا تط َم مة ‪َ َ :‬كن مه َأ َحب إال َ ْيك ؟ قَا َل ‪َ :‬ل َولَ تكن تج ْ تربي َل ي َ مق م‬
‫مح َس ْني‪.‬‬
‫لكن العارفني يدركون‬ ‫جمرد مداعبة ومالطفة‪ ،‬و ّ‬ ‫فالظاهريون يفهمون أ ّن المر ّ‬
‫أبعادا عرفان ّية روحان ّية‪ ،‬لتكل اجملالسات واجملانسات ‪..‬‬
‫بحر الزّهراء عليها السّالم‬
‫السالم‪ ،‬قول هللا‬ ‫ومن الّيت اليت ّ‬
‫وهجت يف حق الس ّيدة ّالزهراء علهيا ّ‬
‫تعاىل ‪( :‬مرج البحرين يلتقيان بيهنام برزخ ل يبغيان خيرج تم ْهنم َما الل ْؤلمؤ‬
‫السالم‪،‬‬ ‫واملرجان ) أ ّن البحرين ُّها س ّيدان عيل والس ّيدة فاطمة علهيام ّ‬

‫رواه الطبراني في معجمه ‪.‬‬


‫رواه ابن أبي شيبة ‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫والربزخ اذلي بيهنام هو نور النّ ّبوة‪( ،‬واللّؤلؤ واملرجان) هام احلس نان علهيام‬
‫السالم‪ ،‬وهذا من هجة التّفسري الإشاري ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ويؤيّده ما أخرجه ا ْبن ْمرد ََويْه والث ّعليب َعن س ّيدان ا ْبن عَباس ‪{ : ‬مرج‬
‫الْ َب ْحرين يَلْ َت تق َي تان} عيل َوفَا تط َمة {بَيهن َما برزخ َل يبغيان} الن تيب ‪{ ‬خيرج تم ْهنم َما‬
‫‪4‬‬
‫الل ْؤلمؤ واملرجان} الْحسن َوالْ مح َس ْني‪.‬‬
‫ووجه الإشارة يف هذا‪ ،‬أ ّن س ّيدان عيل ‪ ‬ورث جالل النّ ّبوة‪ ،‬والس ّيدة‬
‫السالم ورثت جامل النّ ّبوة‪ ،‬وبيهنام برزخ كامل النّ ّبوة‪ ،‬وخرج‬ ‫فاطمة علهيا ّ‬
‫مهنام نسل جامع ملظاهر النّ ّبوة الثالثة‪ ،‬اإىل يوم ادلّ ين ‪.‬‬
‫ولقد أخرج الثعليب عن محمد بن سريين قال ‪ :‬نزلت هذه الية‪( :‬وهو‬
‫اذلين خلق من املاء برشا جفعهل نس با وصهرا) يف النيب ‪ ‬وفاطمة وعيل‬
‫السالم) ‪.‬‬ ‫(علهيام ّ‬
‫أكثر األسماء شيوعا بين النساء‬
‫السالم) اليت دخلت هبا اإىل موسوعة‬ ‫ومن خصائص الس ّيدة ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫الرشيف هو أكرث السايم تسم ّيا ما بني النّساء‪ ،‬يف‬ ‫الإْعاز‪ ،‬هو أ ّن اإُسها ّ‬
‫مجيع أحناء العامل‪ ،‬بل ومنذ ظهور الإسالم‪ ،‬فال تاكد جتد بيتا مسلام خيلو من‬
‫السالم)‪ ،‬بل قد جتد أكرث من اإمس لها يف عائّل واحدة ‪.‬‬ ‫اإُسها (علهيا ّ‬
‫ولقد تتبعنا الإحصائيات يف كثري من البدلان‪ ،‬فوجـــدان أ ّن اإمس الس ّيدة‬
‫" فاطمة " هو أكرث أسامء النساء اإنتشارا‪ ،‬كام أ ّن اإمس س ّيدان "محمّد" ‪‬‬

‫ّ‬
‫الدر املنثور في التفسير باملأثور ـ الحافظ السيوطي ـ رحمه هللا ‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫هو أكرث السامء اإنتشارا بني ّالرجال‪ ،‬مفثال يف (اجلزائر‪ ،‬تركيا‪ ،‬سلطنة عامن‪،‬‬
‫قطر) بل حّت يف اس بانيا ويه دوةل غربية مبعدل ( ‪. )18.493‬‬
‫السالم) ما أش ّبها به‪ ،‬حّت يف كرثة انتشار اإُسها‬
‫فلهل ّدرها أ ّم أبهيا (علهيا ّ‬
‫الطاهر‪ ،‬حفقّا اإّنّ ا بضعة منه ‪. ‬‬
‫ّ‬

‫من كماالهتا عليها السّالم‬


‫السالم)‪،‬‬‫مركزي يف خشص ّية الس ّيدة البتول (علهيا ّ‬ ‫ّ‬ ‫وإا ّن هناك منطلق‬
‫السطح ّية‪ ،‬مفن قبل أن تلكّم عىل‬ ‫ولكنّه ق ّل ما يعرج عليه ذوو ادلراسات ّ‬
‫فضائلها الصفات ّية ومناقّبا املكتس بة‪ ،‬فال ب ّد أن نتوقّف هنهية مع ذاهتا قبل ّ‬
‫لك‬
‫يشء‪ ،‬فنتساءل من يه ؟‬
‫يه بضعة من ا ّذلات احمل ّمديّة‪ ،‬وهل هذه املزيّة ه ّينة ؟ فلو عرفنا قدر ا ّذلات‬
‫احمل ّمديّة‪ ،‬س نعرف قدر البضعة الفاطم ّية ‪.‬‬
‫أليست يه ابنة ا ّذلات المحديّة املعجونة ابلنّ ّبوة‪ ،‬واملمزوجة ّ‬
‫ابلرساةل‪،‬‬
‫ابلصبغة‬
‫واملغموسة يف أنوار القرأن‪ ،‬واملشحوذة ابلرسار الصفات ّية‪ ،‬واملشحونة ّ‬
‫ا ّذلات ّية ‪ ،..‬فيا ترى كيف س تكون تكل البضعة ّ‬
‫املتودلة عن تكل ا ّذلات‬
‫املقدّسة ؟ ‪.‬‬
‫نعرج هنا عىل بعض تكل الكاملت الفاطم ّية‪ ،‬املس توحاة من القرأن‬ ‫وس ّ‬
‫والس نّة‪ ،‬عىل قدر ما تتقبّهل الفهام ‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫زهراء بين أزهرين‬


‫الصورة‪ ،‬فاإّنّ ا حقيقة مس تغرقة يف‬ ‫تبرص يف امس ّالزهراء جيده أمعق من ّ‬ ‫ا ّإن امل ّ‬
‫الغيب‪ ،‬منذ أن بزغت الرواح من حرضة النّور احمل ّمدي‪ ،‬فاخللق يف ذكل‬
‫متفاوتون فأقرهبم منه هنامك أقرهبم منه هنا ‪.‬‬
‫حفيامن يقول املعصوم ‪ ‬عهنا ‪" :‬بضعة ّمين" فا ّإن املعىن أبلغ من الولدة‬
‫احلس ّية‪ ،‬بل هو يشري اإىل الولدة النّوران ّية هناك ‪.‬‬
‫ويشهد لهذا ما رواه س يدان سلامن قال ُسعت حبييب رسول هللا ‪ ‬يقول ‪:‬‬
‫«كنت أان وعيل نورا بني يدي هللا ‪ ،‬قبل أن خيلق أدم بأربعة عرش ألف‬
‫‪4‬‬
‫عام‪ ،‬فلام خلق هللا أدم قسم ذكل النور جزءين‪ ،‬جفزء أان وجزء عيل «‬
‫الصّل‬ ‫أجل فالزهراء اكنت برزخا ما بني هذين النّورين‪ ،‬فهيي واسطة هذه ّ‬
‫ّالروحان ّية‪ ،‬فلولها ما وصل النّور احمل ّمدي اإىل احلرضة العلويّة‪ ،‬ولهذا عاشت‬
‫هاهنا ما بيهنام‪ ،‬فّتعرعت يف جحر احلبيب ‪ّ ‬مث زفّت اإىل جحرة الإمام عيل‬
‫‪ ،‬ومن عاشت مابني الزهرين فهيي ّالزهراء ‪.‬‬
‫جش ٍر َش ّت‪َ ،‬و َأانَ َوعَ ت ٌّيل تم ْن‬ ‫ويقول ‪ ‬مؤكدا لهذا املغزى ‪ « :‬الن ماس تم ْن َ َ‬
‫َجش ََر ٍة َوا تحدَ ٍة «‪.‬‬
‫الشجرة اليت ذكرت يف قول هللا تعاىل‪:‬‬ ‫الرشيف يشري اإىل ّ‬ ‫لعىل احلديث ّ‬ ‫و ّ‬
‫اَّلل َمث َ ًال َ تلك َم ًة َط ت ّي َب ًة َكشَ َج َر ٍة َط ت ّي َب ٍة َأ ْصلمهَا َاثبتت َوفَ ْر معهَا‬ ‫( َأل َ ْم تَ َر َك ْي َف َ َ‬
‫رض َب م‬

‫رواه إلامام أحمد في الفضائل ‪ ،‬وابن عساكر ‪ ،‬والديلمي ‪..‬‬


‫الحاكم ‪ ،‬والطبراني والخطيب وابن عساكر ‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫تيف الس َما تء تم ْؤ تيت أ ملكَهَا ملك تح ٍني تاب ْذ تن َر ت ّهبَا) واليت ّفرسها احلبيب ‪ ‬بقوهل ‪:‬‬
‫‪4‬‬ ‫ِ‬
‫« أان الشجرة وفاطمة فرعها وعيل لقاهحا واحلسن واحلسني مثرهتا«‬
‫ويقول اللويس رمحه هللا يف «روح املعاين» ‪ :‬مر تو َي عن الإمام الباقر قدس‬
‫الشجرة الط ّيبة يه جشرة س ّيدان محم ّ ٍد ‪ ‬وأهل ‪.‬‬ ‫رسه ‪ :‬أ ّن ّ‬ ‫هللا ّ‬
‫مستودع األسرار النبويّة‬
‫رس النّ ّبوة‪ ،‬وقد جتىل هذا يف‬ ‫السالم‪ ،‬أّنّ ا اكنت مس تودع ّ‬ ‫ومن كاملهتا علهيا ّ‬
‫رس عندها احلبيب‪ ‬خرب اإنتقاهل اإىل ّالرفيق العىل‪ ،‬دون‬ ‫أخر العهد‪ ،‬حيامن أ ّ‬
‫ِض هللا َع ْهنا‪ ،‬أّنا قالت ‪ :‬ما رأيت‬ ‫الصحابة‪ ،‬كام روي عن أم املؤمنني َر ت َ‬ ‫بقيّة ّ‬
‫أحدا اكن أش به الكما‪ ،‬وحديثا من فَا تط َمة برسول هللا ‪ .. ‬فدخلت عليه‬
‫يف مرضه اذلي تويف فيه‪ ،‬فرحب هبا‪ ،‬وقبلها‪ ،‬وأرس اإلهيا فبكت‪ ،‬مث أرس اإلهيا‬
‫فضحكت‪ ،‬فقلت ‪ :‬كنت أحسب لهذه املرأة فضال‪ ،‬فاإذا يه مهنن‪ ،‬بيامن يه‬
‫تبيك اإذ يه تضحك‪ ،‬فسألهتا فقالت ‪ :‬اإين اإذا لبذرة ‪.‬‬
‫رس اإيل و َأخ َ َْرب تين أنه ميت‪،‬‬
‫فلام تويف رسول هللا ‪ ‬سألهتا ‪ ،‬فقالت ‪ :‬أ ّ‬
‫رس اإيل و َأخ َ َْرب تين أين أول أههل حلوقًا به فضحكت « ‪.‬‬ ‫فبكيت‪ ،‬مث أ ّ‬
‫ويف رواية عن أم املؤمنني َر تيض هللا َع ْهنا قالت ‪ :‬فلام قام رسول هللا ‪‬‬
‫قلت أخصك رسول هللا ‪ ‬من بيننا بيشء‪ ،‬اإين رأيتك تبكني‪ ،‬أخربيين ما‬
‫قال كل‪ ،‬قالت ‪ :‬ما كنت لفيش عىل رسول هللا ‪ ‬رسه ‪.‬‬

‫رواه الحاكم في مستدركه على الصحيحين ‪.‬‬


‫الحاكم وابن خزيمة في صحيحيهما‪.‬‬
‫رواه الحاكم النيسابوري‬
‫‪71‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫رس الجل من الغيوب املكنونة املضنونة‪ ،‬واليت ل يؤاتها‬ ‫وإاذا علمنا أ ّن ّ‬


‫الرس‬
‫السالم هبذا ّ ّ‬ ‫ا ّإل املاكشفون الكبار‪ ،‬فس ندرك أ ّن ختصيص الس ّيدة علهيا ّ‬
‫هو لشأن فهيا ‪.‬‬
‫بل هذا يفتح أمامنا أفاقا لس تنتاج ما اكن يدور ما بني الس ّيدة ّالزهراء‬
‫وأبهيا العظمي ‪ ،‬من رسائر وحقائق غيبيّة‪ ،‬مل يطالع علهيا غريها علهيا‬
‫السالم‪ ،‬ومل تطالع يه علهيا غريه ‪. ‬‬ ‫ّ‬
‫ا ْإن ي َ مقِنِن ِْنل مذو ال معلمِنِنِنو تم ل َمِنِنِنا َر َويْنَِنِنِنا َأ ْو ي َ مق ِن ِْنل مذو الش ِنِنهمو تد قَ ِنِنطْ م ِنِنا َر َأيْنَ ِنِنا‬
‫قم ِنِنِن ِْنل لَهم ِنِنِن ِْنم اإّن ِنِنِنِنا َح ِنِنِنِنرام عَلَين ِنِنِنِنا َ ّ‬
‫الك َل لَِنِن ِْنن تَِنِن َِنر ْوا لَهِنِنِنا ادل ْهِنِن َِنر َع ْينَِنِنِنا‬
‫رس ت ّ ت‬
‫رس َم ِنِنِنِنِنولانَ أ ْ َمح ِنِنِنِن ِْند‬ ‫تت ِنِنِنِن َ‬
‫ِنكل تم ِنِنِنِنِنن ت ّ ت‬
‫حاملة األثقال‬
‫ومن دقائق الإشارات اليت وعهتا جوامع اللكم‪ ،‬ما رواه س ّيدان َم ْع تقل بْن‬
‫ي ََس ٍار‪ ،‬قَا َل‪َ « :‬وضأْ مت الن تِب ‪َ ‬ذ َات ي َ ْو ٍم‪ ،‬فَ َقا َل‪ :‬ه َْل َ َكل تِف فَا تط َم َة تَ معو مدهَا؟‬
‫ون‬‫فَ مقلْ مت‪ :‬ن َ َع ْم‪ ،‬فَ َقا َم ممتَ َو تكّئًا عَ َىل‪ ،‬فَقَا َل‪َ :‬أ َما ان مه َس َي ْح تم مل ثت َقلَهَا غَ ْ مريكَ َويَ مك م‬
‫ِ‬
‫ِشء َحّت َد َخلْنَا عَ َىل فَا تط َم َة عَل ْهيَاَ‬ ‫َأ ْج مرهَا َ َكل‪ .‬قَا َل‪ :‬فَ َكَن مه ل َ ْم يَ مك ْن عَ َىل َ ْ‬
‫اَّلل لَقَ تد ْاش تَد مح ْز تين‪َ ،‬و ْاش تَد ْت‬ ‫السالم‪ ،‬فَقَا َل لَهَا‪َ :‬ك ْي َف َ تجت تدينَ تك؟ قَال َ ْت‪َ :‬و ت‬
‫‪4‬‬
‫فَاقَ تيت‪َ ،‬و َطا َل َس َق تمي‪.‬‬
‫وبيت القصيد هو يف قول ّالراوي ‪ « :‬فَقَا َم ممتَ َو تكّئًا عَ َىل‪ ،‬فَ َقا َل‪َ : ‬أ َما ان مه‬
‫ِ‬
‫ون َأ ْج مرهَا َ َكل» فيا ترى ما هو هذا الث ّقل ؟ ومن‬ ‫َس َي ْح تم مل تث َقلَهَا غَ ْ مريكَ َويَ مك م‬
‫هو اذلي س يحمل عنه الث ّقل ؟‬

‫رواه أحمد في مسنده ‪.‬‬


‫‪71‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫فالقصة فهيا تلوحي وتلميح اإىل‬ ‫ا ّإن س ياق احلادثة هو اذلي حيدّد لنا املعين هنا‪ّ ،‬‬
‫فالظاهر أن ّه ثقل جسم احلبيب ‪ ،‬وحيمهل س ّيدان معقل ‪،‬‬ ‫معان ابطنة‪ّ ،‬‬
‫لكن املشار اإليه‪ ،‬هو ثقل الإرث النّبوي‪ ،‬واذلي يتحمهل حقيقة يه الس ّيدة‬ ‫و ّ‬
‫السالم‪ ،‬فهيي وحدها اليت تس تطيع أن حتمل ثقل النّ ّبوة ‪.‬‬ ‫البتول علهيا ّ‬
‫ولهذا ملّا دخل علهيا وجدها تعاين شدّة من البالء‪ ،‬وذكل بقدر الإرث‬
‫الرشيف ‪ « :‬أش ّد النّاس بالء النبياء ّمث المثل‬ ‫النّبوي‪ ،‬مصداقا للحديث ّ‬
‫فالمثل» ول ريب أ ّن الس ّيدة يه المثل يف هذه ال ّمة احمل ّمديّة ‪.‬‬
‫علوها‪ ،‬وأ ّن لها رسيرة مكنونة يه اليت أهّلهتا لتكل ّالرتبة‬ ‫رس ّ‬ ‫مفن هنا ندرك ّ‬
‫القعساء‪ ،‬ويه ابختصار وراثة احلال النّبوي‪ ،‬ممّا وراء دلئل ّالرساةل ‪.‬‬
‫وكل أن تتدبّر يف ّالرابط ما بني لفظ ‪َ « :‬س َي ْح تم مل تث َقلَهَا غَ ْ مريكَ » وبني لفظة ‪:‬‬
‫«وإا ّين ات ترك تف ميمك الث َقل َ تني» فسّتى ّاحتادا يف لفظ الث ّقل‪ ،‬فالث ّقالن هام ِن القرأن‬
‫وأهل البيت ِن واذلي يف احلديث ال ّول هو الث ّقل الكرب ِن القرأن أي النّ ّبوة ِن‬
‫واذلي ل يس تطيع أن حيمهل ا ّإل الث ّقل الصغر‪ ،‬وُه أهل البيت ‪.‬‬
‫تجلي الكساء النبوي‬
‫ومن الرسار احمل ّمديّة اليت تقدّست هبا ا ّذلات الفاطم ّية‪ ،‬جتيل الكساء‬
‫النّبوي‪ ،‬واذلي حيار العارفون يف ماهيته وكهنه‪ ،‬ومن ذا اذلي يدرك ما حيويه‬
‫كساؤه املقدّس من النوار والرسار‪ ،‬س ّيام وأن ّه خاص بأهل الكساء الربعة‪،‬‬
‫اذلين ل يضاهون يف مقاهمم العزيز ‪.‬‬
‫ِنت تع ِنِنِن ّ تز تُه َولَ ِنِنِنِب‬ ‫ِناف تب َبي ِنِن ت‬ ‫ط ِنِن َ‬ ‫فامل َ ْج ِنِنِنِنِندم يف مح مجِنِنِنِنِنِنو تر تُه تَ ِنِنِنِن َِنرِب‬
‫فاحتِنِنِنِنِنِنِندم وا مجِنِنِنِنِنِن ِْنز ًءا تبِنِنِنِنِنِنِن ته م ً‬
‫والك‬ ‫َ‬ ‫َوزاد مَُه َم ْج ِنِنِنِنىل ال تكس ِنِنِنِنا تء فَضْ ِنِنِن ًِنال‬
‫فَِنِن َ ِْنّل يَِنِن َِنز ْل تلِنِنِنلل د َْو ًم ِنِنِنا يمِنِن ِْنر توي‬ ‫ِناب تف ِنِنِنامي َ ْحي ِنِنِن توي‬
‫ِنب ال معج ِنِن م‬ ‫وال َع َج ِنِن م‬
‫‪72‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫جمرد اإخبار‬ ‫الرابن ّية‪ ،‬ولو اكنت ّ‬ ‫ولقد تعدّدت هذه احلادثة ملا فهيا من التجليات ّ‬
‫تكررت هكذا‪ ،‬مفن رواّيهتا ‪:‬‬ ‫بفضل ملا ّ‬
‫ما روي عن أيب هاة‪ ،‬عن أمه‪ ،‬واكنت خادمة لس ّيدان رسول هللا ‪،‬‬
‫قالت ‪ :‬جاء رسول هللا ‪ ‬وعيل وفَا تط َمة قامئان قد أحضت علهيم الشمس‪،‬‬
‫وعليه كساء خيربي‪ ،‬مفده دوّنام مث قال ‪ :‬أحب حارض وابد اإيل« ‪.4‬‬
‫وما ورد يف حصيح مسّل عن أم املؤمنني عائشة قالت‪ :‬خرج النيب ‪‬‬
‫غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود‪ ،‬جفاء احلسن واحلسني فأدخلهام‬
‫معه‪ ،‬مث جاءت فاطمة فأدخلها ‪ ،‬مث جاء عيل فأدخهل معهم مث قال ‪ " :‬ان َما‬
‫ِ‬
‫َنمك ّ تالر ْج َس َأ ْه َل الْ َبيْ تت َويم َطهّ َترم ْمك ت َْطه ًتريا " «‪.‬‬
‫اَّلل تل مي ْذ ته َب ع م م‬
‫يم تريدم م‬
‫وعن س ّيدان واثّل ابن السقع قال ‪ :‬طلبت عليا يف مَنهل فقالت فاطمة‪:‬‬
‫ذهب يأيت برسول هللا‪ ‬قال ‪ :‬جفاءا مجيعا فدخال ودخلت معهام فأجلس‬
‫عليا عن يساره‪ ،‬وفاطمة عن ميينه واحلسن واحلسني بني يديه‪ ،‬مث التفع علهيم‬
‫َنمك ّ تالر ْج َس َأ ْه َل الْ َبيْ تت َويم َطهّ َترممكْ‬ ‫اَّلل تل مي ْذ ته َب ع م م‬‫بثوبه قائال ‪( :‬ان َما يم تريدم م‬
‫ِ‬
‫ت َْطه ًتريا) اللهم هؤلء أهيل‪ ،‬اللهم أهيل أحق قال واثّل ‪ :‬فقلت من انحية‬
‫البيت ‪ :‬وأان من أهكل ّي رسول هللا ؟ قال ‪ " :‬وأنت من أهيل " قال واثّل‪:‬‬
‫فذكل أرجا ما أرجو من معيل « ‪.‬‬
‫هللا تل ميذ ته َب عن ممك‬ ‫وما ورد يف "حصيح مسّل" أن ّه ملّا نزلت أية ( إانّام يمريدم م‬
‫يت ويمطهّ َترممك تَ ْطهتريا) يف بيت أ ّم سلمة ريض هللا عهنا‪ ،‬دعا‬ ‫ّ تالر ْج َس أه َل ال َب ت‬

‫الحاكم ‪.‬‬
‫الطبراني وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم‬
‫‪73‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫وعيل خلف ظهره‪ّ ،‬مث قال‪( :‬الله ّم‬ ‫فاطم َة وحس ن ًا وحسين ًا وخلّلهم بكساء‪ٌّ ،‬‬
‫الرجس وطهّ ْترُه تطهريا) ‪.‬‬ ‫هؤلء أه مل بييت‪ ،‬وخاصيت فأذ ته ْب عهن مم َ‬
‫وما ورد عن اإسامعيل بن عبد هللا بن أيب جعفر‪ ،‬عن أبيه قال ‪ :‬ملا نظر‬
‫رسول هللا ‪ ‬اإىل الرمحة هابطة قال ‪ " :‬ادعوا يل ادعوا يل " فقالت صفية‬
‫‪ :‬من ّي رسول هللا ‪‬؟ قال ‪ " :‬أهل بييت عليا وفاطمة واحلسن واحلسني "‬
‫جفئي هبم فألقى علهيم النيب‪ ‬كساءه مث رفع يديه مث قال ‪ " :‬اللهم هؤلء أيل‪،‬‬
‫فص ّل عىل محمد ‪ ‬وعىل أل محمد ‪ " ‬وأنزل هللا عز وجل ‪ " :‬ان َما يم تريدم‬
‫ِ‬
‫َنمك ّ تالر ْج َس َأ ْه َل الْ َبيْ تت َويم َطهّ َترم ْمك ت َْطه ًتريا " ‪.4‬‬
‫اَّلل تل مي ْذ ته َب ع م م‬
‫م‬
‫ويف مرة أخرى عن أم سلمة أن رسول هللا‪ ‬قال لفاطمة‪ :‬اإيتين‬
‫بزوجك وإابنيك قالت ‪ :‬جفاءت هبم فألقى علهيم كساء مذكيا‪ ،‬مث وضع يده‬
‫علهيم فقال ‪ " :‬اللهم اإن هؤلء أل محمد فاجعل صلواتك و براكتك عىل محمد‬
‫وعىل أل محمد اإنك محيد جميد " قالت أم سلمة ‪ :‬فرفعت الكساء لدخل‬
‫فهيم جفذبه من يدي وقال ‪ " :‬إان ّك عىل خري "‪.‬‬
‫ومرة أخرى تقول أ ّمنا أ ّم سلمة ريض هللا عهنا ‪ :‬اعتنق رسول هللا ‪‬‬ ‫ّ‬
‫عليا وفاطمة بيده وحس نا وحسينا بيده وعطف علهيم َخيصة اكنت علهيم‬
‫سوداء وقبل عليا وقبل فاطمة مث قال ‪ :‬اللهم اإليك ل اإىل النّار أان وأهل بييت‬
‫قلت ‪ :‬وأان قال‪ :‬وأنت ‪.‬‬

‫رواه الحاكم ‪ :‬وقال صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬

‫الطبراني وأبو الشيخ وأحمد والدوالبي‬


‫‪74‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫فباس تقراء هذه الرواّيت اخملتلفة‪ ،‬نس تنتج أ ّن هذا ّ‬


‫التجيل الكسايئ قد‬
‫تعدّد‪ ،‬وهذا يعين تعدّد التّجليات بتعدّد القابليات والاس تعدادات‪ ،‬ول ّ‬
‫لك‬
‫جت ّل مذاقه اخلاص ‪.‬‬
‫طوبى مظهر للزهراء‬
‫دا تنيِنِنِنِنِنِنِنة تظ َاللمهِنِنِنِنِنِنِنا ْاز تدهِنِنِنِنِنِنِنارا‬ ‫فَ مطِنِنِنوِب تمِنِنِنن تثِنِنِنام تر ن َ ْعِنِن تِنل الز ْهِنِنِنرا‬
‫ّيض‬‫و تمِنِنِنِنن َع تبيِنِنِن تِنق َع ْرتقهِنِنِنِنا الِنِنِن ّ تِنر م‬ ‫و تمِنِنِنِنن َر تحيِنِنِن تِنق تري تقهِنِنِنِنا ا تحليِنِنِن م‬
‫ِناض‬
‫يقول العارف ابهلل س يدي أفضل ادلين المحدي‪ :‬جشرة طويب يف مَنل‬
‫الإمام عيل بن أيب طالب ‪ ،‬ويه جحاب مظهر نور فاطمة الزهراء ريض‬
‫هللا عهنا مفا من جنة‪ ،‬ول درجة‪ ،‬ول بيت‪ ،‬ول ماكن اإل وفيه فرع من جشرة‬
‫لك درجة ونصيب لك ويل فهيا من نورانية‬ ‫طويب وذكل ليكون رس نعمي ّ‬
‫فاطمة يف جحاب ذكل الفرع‪.4‬‬
‫لعزهتا ورد ذكر طوِب يف القرأن الكرمي ّمرة واحدة‪ ،‬يف سورة ّالرعد حيث‬ ‫و ّ‬
‫قال تعاىل ‪ ( :‬تاذل َين َأ َمنموا َوت َْط َم تِئ قملموهبم م ْم تب تذ ْك تر ت‬
‫اَّلل َأ َل تب تذ ْك تر ت‬
‫اَّلل ت َْط َم تِئ‬
‫وِب لَهم ْم َو مح ْس من َمأَ ٍب) ‪.‬‬
‫ات مط َ‬ ‫وب‪ ،‬تاذل َين َأ َمنموا َو َ تمعلموا الصا تل َح ت‬ ‫الْ مقلم م‬
‫وِب َجش ََرة تيف الْ َجن تة غَ َر َسهَا م‬
‫اَّلل تب َي تد ته‬ ‫الرشيف ‪ « :‬مط َ‬ ‫وورد يف احلديث ّ‬
‫تم ْن تب مت الْ مح تيل َوالْ محل َ َل َوان َأ ْغ َصاّنَ َا تل م َّتى تم ْن َو َرا تء مسو تر الْ َجن تة» ‪.‬‬
‫ِ‬
‫وجاء اعرايب اىل س ّيدان رسول هللا ‪ ‬فقال ‪ّ« :‬يرسول هللا ‪ ‬أيف‬
‫اجلنة فاكهة قال ‪ :‬نعم فهيا جشرة تدعى طوِب يه نطاق الفردوس »‪.‬‬

‫الطبقات الكبرى للشعراني‬


‫‪75‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫َص رمحه هللا‪:‬‬ ‫َويشهد لهذا احلقيقة الكشفيّة ما روي عن الإمام َأيب بَ ْك ٍر ْ َال َ ّ‬
‫َأن َأ ْص َل َه تذ ته الش َج َر تة تيف دَا تر س ّيدان الن ت ت ّيب ‪َ ‬و تيف دَا تر م ت ّ‬
‫لك مم ْؤ تم ٍن تم ْهنَا‬
‫مغ ْصن ‪.4‬‬
‫ويقول العارف ابهلل اسامعيل حقي اخللويت ‪ :‬إان هللا تعاىل خلق جنة‬
‫عدن بيده من غري واسطة‪ ،‬وجعلها هل اكلقلعة للمكل وجعل فهيا الكثيب مقام‬
‫جتىل احلق س بحانه وفهيا مقام الوس يّل مقام املصطفى‪ ‬وغرس جشرة طوِب‬
‫بيده ِف جنة عدن وأطالها حّت علت فروعها سور جنة عدن ونزلت مظلّل‬
‫عىل سائر اجلنات لكها‪ ،‬وليس ِف أكامهما مثر الا احليل واحللل لباس اهل‬
‫اجلنة وزينهتم زائدة ِف احلسن والّباء‪ ،‬وىه امجع احلقائق اجلنانية نعمة وأمتها‬
‫بركة‪ ،‬فاّنا اصل مجليع أجشار اجلنة‪ ،‬وما ِف اجلنة ّنر الا وهو جيرى من‬
‫اصل تكل الشجرة‪ ،‬وىه محمدية املقام وىه ِف ادلار النيب ‪ ‬مث تنقسم‬
‫فروعها عىل مجيع منازل اهل اجلنة‪ ،‬كام انترش منه العّل والاميان عىل مجيع‬
‫اهل ادلنيا ‪ .‬اهِن‬
‫ول تعارض هنا بني كوّنا ِن جشرة طوِب ِن يف املقام احمل ّمدي واملقام‬
‫الفاطمي‪ ،‬لّنّ ا حرضة واحدة‪ ،‬ل فرق بيهنام ‪.‬‬
‫حضورها عليها السّالم للدّيوان‬
‫وهذا الغوث س يدي عبد العزيز ادلّ ابغ يكشف لنا حقيقة من حقائق‬
‫الصاحلني فيقول ريض هللا عنه‪ :‬وإاذا حرض س يد الوجود ‪ ‬مع غيبة‬
‫ديوان ّ‬

‫تفسير " فتح الغيب " للفخر ّ‬


‫الرازي رحمه هللا ‪. .‬‬
‫ّ‬
‫روح البيان في تفسير القرآن ـ بش يء من التصرف ـ ‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الغوث‪ ،‬فاإنه حيرض معه أبو بكر ومعر وعامثن وعيل واحلسن واحلسني وأهمام‬
‫فاطمة الزهراء‪ ،‬اترة لكهم واترة بعضهم ريض هللا عهنم أمجعني‪.‬‬
‫قال‪ :‬وجتلس مولتنا فاطمة مع جامعة النسوة الاليت حيرضن ادليوان يف‬
‫هجة اليسار كام س بق‪ ،‬وتكون مولتنا فاطمة أماهمن ريض هللا عهنا‪.‬‬
‫وقال ريض هللا عنه‪ :‬وُسعهتا ريض هللا عهنا تصيل عىل أبهيا ‪ ‬ليّل‬
‫من الليايل وهو تقول‪ :‬اللهم صل عىل من روحه حمراب الرواح واملالئكة‬
‫والكون‪ ،‬اللهم صل عىل من هو اإمام النبياء واملرسلني‪ ،‬اللهم صل عىل من‬
‫هو اإمام أهل اجلنة عباد هللا املؤمنني‪ .‬واكنت تصيل عليه ‪ ‬لكن ل هبذا‬
‫اللفظ‪ ،‬وإامنا أان اس تخرجت معناه‪ ،‬وهللا أعّل اهِن ‪.4‬‬
‫لك زمان‪ ،‬وأ ّن‬‫قلت ويف هذا دلةل عىل أ ّن لها التّرصيف التّام يف ّ‬
‫سلطهتا أكرب من سلطة أهل ادليوان‪ ،‬اذلين ُه مس ئولون عن نواميس‬
‫التّرصيف يف ادلّ نيا وادلّ ين ‪.‬‬
‫أوّل قطب في األمّة‬
‫السالم‪ ،‬واليت كشف عهنا أهل‬ ‫ومن كاملت الس ّيدة البتول علهيا ّ‬
‫البصائر‪ ،‬أّنّ ا أ ّول من حاز رتبة القطبية الكربى‪ ،‬بعد انتقال س ّيدان ومولان‬
‫احلبيب ‪ ،‬وغياب َشس النّبوة عن ال ّمة‪ ،‬حيث أن ّه لن يرث ّ‬
‫رس النّ ّبوة‬
‫مبارشة ا ّإل ّنيب أو بضعة نيب‪ ،‬كام يقول أهل هللا تعاىل‪ ،‬وهذا مع غري س ّيدان‬
‫النيب ‪ ، ‬فكيف مبن سريث س ّيد النبياء واملرسلني ‪ّ ،‬ي ترى كيف‬
‫س يكون مقاهما ‪.‬‬

‫إلابريز من كالم سيدي عبد العزيز ‪.‬‬


‫‪77‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫تم ِنِنِنِن ِْنن قَ ِنِنِنِنِنوا تم تس مك ْ تهن ِنِنِنِنِن ته َ ْجت تن ْهيَ ِنِنِنِنِنا‬ ‫قَِنِنِن ِْند غَِنِنِنِندَ ْت تَ ْقتَِنِنِن تِنين مك منِنِنِن َ‬
‫ِنوز َأ تب ْهيَِنِنِنِنا‬
‫ملك َمِنِنِنِنِنِنِنا ي َِنِنِنِنِنِنِند تيل فَ تم ْهنِنِنِنِنِنِنِنا إالَ ْهيَِنِنِنِنِنِنِنا‬ ‫ِنون يَ ْمكمِنِن مِنن تفهيِنِنِنا‬ ‫حِنِن ِّنّت صِنِن َِنار الب مطِنِن م‬
‫ِنول َأ ْق ِنِنِنِنِنِن َِنوى و َأ ْو َىح‬ ‫ج ِنِنِنِنِنِنِنا تذ م‬
‫ابت ال َب مت ِنِنِنِنِنِن ت‬
‫رسه ‪ :‬وأول من‬ ‫ويقول القطب س يدي محمّد عبد الكبري الكتاين قدّس هللا ّ‬
‫حصل عىل مقام اخلالفة الباطنية املمعرب عهنا ّ‬
‫ابلرس اذلايت‪ ،‬وبقطبية العامل‪،‬‬
‫ومبركز كِن ّرة ادلوائر‪ :‬مولتنا فاطمة الزهراء رضوان هللا علهيا‪ ،‬وقد أرشد‬
‫س يدان ‪ ‬لهذا حيث اكن يممصها لسان َه‪ ،‬و مجيلسها يف جملسه‪.‬‬
‫الصديق الكرب‪ ،‬ومن مولتنا‬ ‫وأما اخلالفة الظاهرية فأول من ورهثا ّ ت‬
‫الرس اذلايت الباطين‪ ،‬وقـد أومأ س يدان ‪ ‬بقوهل ‪ :‬مروا‬ ‫فاطمة اإليه انتقل ّ‬
‫أاب بكر فليصل ابلناس اإىل رتبته يف اخلالفة الظاهرية امللكية‪ ،‬وأما اخلالفة‬
‫املمعنون عهنا برس اذلات وهو مضمون ما للموروث يف امجلّل هنا مفا ظفر به‬
‫إالّ بعدها‪ ،‬وقد أرشدان جلت عظمته بقوهل ‪( :‬ووادل وما ودل) لهذا املعىن ومل‬
‫‪4‬‬
‫يقل وما صا َح َب‪ .‬اهِن‬
‫وارثة النّبوّة‬
‫حتقّق عندان أ ّن الولية احمل ّمديّة قد رست يف العّتة‪ ،‬كام رست النّ ّبوة يف‬
‫يورث الاثر والغيار‪ ،‬ولكن و ّرث‬ ‫بين ارسائيل‪ ،‬وأ ّن س ّيد الوجود ‪ ‬مل ّ‬
‫النوار والرسار‪ ،‬لقوهل ‪ « : ‬اإن النبياء مل يورثوا دينارا ول درهام‪ ،‬وإان ّام‬
‫ورثوا العّل‪ ،‬مفن أخذه أخذ حبظ وافر« ‪.‬‬

‫الطالسم لالمام الكتاني‬


‫‪78‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫فلهذا مل يرث أهل بيته منه ل مال ول دارا‪ ،‬ل ّن إارثه من جنس ّالرساةل‬
‫والنّ ّبوة والعبوديّة‪ ،‬فزيول الإشاكل عندئذ‪ ،‬يف قض ّية املرياث النّبوي اليت‬
‫َش َغل َ تت الطوائف حينا من ادلّ هر ‪.‬‬
‫ِنني اجلَ ِنِن َِنال َ ْهل‬‫ذات اجل َ ِنِنِنام تل عَ ِنِن م‬ ‫ِناهل فَهْ ِنِن َِنيي م‬ ‫َم ْجِنِنِندم ها ال َفِنِن ِْنر مع َعِنِن ِْنن َمقِنِنِنا تم ّ تالرسِنِن َ ْ‬
‫توذلا لَِنِنِنِن ِْنم تَِنِنِنِنِن تر ْث مهنَِنِنِنِنِنا َأ ْمِنِنِنِنِنو َ ْاهل‬ ‫ِنت َك ِنِنِنِن ْ َِنَن ذا تت ِنِنِنِنِن ته اب َلص ِنِنِنِن َ ْ‬
‫ِناهل‬ ‫َو َرثَ ِنِنِنِن ْ‬
‫تَ َت َغ ِنِنِنِنِنِنِنِنِنِنِنِنىن اب ّذل تات وال َق ِنِنِنِنِنِنِنِنِنِنِن ِْند مر ر ت ْ‬
‫اخس‬
‫لكن القرأن الكرمي‬ ‫يظن أ ّن مواريث النّ ّبوة متساويّة يف ال ّمة‪ ،‬و ّ‬ ‫وجند البعض ّ‬
‫حيرص اإرث النبياء اخلاص يف ذريّهتم‪ ،‬فيقول تعاىل ‪( :‬ذريّة بعضها من بعض)‪،‬‬
‫ويقول تبارك ‪َ ( :‬و َو تر َث مسلَ ْي َم مان د مَاوو َد َوقَا َل َّي َأهيَا الن ماس عم تل ّ ْمنَا َم ْن تط َق الط ْ تري‬
‫يش ٍء ان َه َذا لَه َمو الْ َفضْ مل الْ ممب متني) ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َوأو تتينَا تم ْن م ت ّ‬
‫لك َ‬
‫ِ‬
‫وهاهو س ّيدان زكرّيء‪ ‬يقول ‪ (:‬فَه َْب تيل تم ْن َ مدلن َْك َو تل ًيا يَ ترثم تين َويَ تر مث تم ْن‬
‫وب َوا ْج َع ْ مهل َر ت ّب َر تضيًا) وانظر كيف حرص الإرث الباطين اخلاص يف‬ ‫َأ تل ي َ ْع مق َ‬
‫السابق ‪( :‬وإانّام ورثوا العّل)‬ ‫شك أ ّن املرياث املعين يف احلديث ّ‬ ‫ذريته‪ ،‬فال ّ‬
‫هذا مرياث عام‪ ،‬ولكن املرياث اخلاص فهل خواص‪ ،‬وُه أهل الكساء الكرام‬
‫السالم‪ّ ،‬مث المثل فالمثل ‪..‬‬ ‫علهيم ّ‬
‫وتأ ّمل يف قوهل تعاىل ‪( :‬يرثين ويرث من أل يعقوب) فيا ترى أين أل س ّيدان‬
‫محمّد ‪‬؟‪ ،‬وأين اإرث س ّيدان محمّد ‪‬؟‬

‫‪79‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الرس‪ ،‬أتت اببنهيا يف اللّحظة‬ ‫السالم) هذا ّ‬ ‫وملّا أدركت الس يدة فاطمة (علهيا ّ‬
‫فقد َ َحنل مت مه‬
‫احلسن ْ‬
‫م‬ ‫الخرية‪ ،‬فقالت ّي رسول هللا‪ ‬احنلهام‪ ،‬قال نعم ‪ :‬أ ّما‬
‫‪4‬‬
‫فقد حنل مت مه َجنديت و مجودي ‪.‬‬
‫احلسني ْ‬
‫م‬ ‫تحلْ تمي و َه ْيبَيت‪ ،‬وأ ّما‬
‫حّت جزم‬ ‫ومن هنا ابتت الرسار احمل ّمديّة ترسي يف ا ّذلريّة ّ‬
‫الطاهرة‪ّ ،‬‬
‫بعض العارفني ابهلل تعاىل‪ ،‬أ ّن الغوث ّية ل تكون ا ّإل فهيم‪ ،‬لكوّنا متث ّل القدم‬
‫احمل ّمدي‪ ،‬وقال أخرون ل بأس أن تكون يف غريُه‪ ،‬ودفعت هذا الإعّتاض‬
‫فقلت ‪:‬‬
‫والغوث اإن مل يأيت مهن مم فه ْمو ينِنِنِنِنوب يف التّرصيف عن موله‬
‫ؤىت ا ّإل ت َذل توي ال مف متِنِنِنِنِنِنوه‬
‫ل تمِنِنِنِنِنِن َ‬ ‫تل َكِنِنِنِنوّنت ا تمِنن مرتْ َبِنِنِنِنِنِن تة الن مبوه‬
‫ولهذا اكن مهنا الإمام املهدي ‪ ‬واذلي هو خامت الولية‪ ،‬كام أ ّن س ّيد‬
‫الوجود ‪ ‬هو خامت النّ ّبوة‪ ،‬فقال لها ‪ : ‬أ تبرشي ّيفاطم مة‪ ،‬املهدي تمن‬
‫َت‬
‫ودل تك ‪.‬‬
‫ويف حديث أيب داوود ‪ :‬الْ َمهْ تدى تمن تعّتيت‪ ،‬تمن َ ت‬
‫ودل فاطم َة‪.‬‬
‫عيل ‪ ‬قال ‪ :‬قلت‪ّ :‬ي رسو َل هللا ‪ ‬أّ تمنا‬ ‫ويف حديث أبو نعمي عن س ّيدان ّ‬
‫أ مل محم ّ ٍد املهدي ‪ ،‬أم تمن غ تريان ؟ فقال رسول هللا ‪ : ‬ل‪ ،‬بل تمنّا‪ ،‬بنا َخيمت‬
‫هللا به ادلّ ين‪ ،‬كام فتَ َح بنا ‪.‬‬

‫رواه الطبراني وابن عساكر ‪.‬‬


‫رواه ابو نعيم وابن عساكر ‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫فصل منه‬
‫ادلابغ يقول كام يف [ الإبريز ] ‪ :‬يف تأويل‬ ‫بل ا ّإن س يدي الغوث عبد العزيز ّ‬
‫ّالرؤّي اليت من حديث س ّيدان ابن عباس يف البخاري ‪:‬‬
‫« َأن َر مج ًال َأ َىت الن تيب ‪ ‬فَ َقا َل‪ :‬ا ت ّين َر َأيْ مت الل ْي َ َّل تيف الْ َمنَا تم ‪َ ..‬وا َذا َسبَب َو تاصل‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫تم َن ْ َال ْر تض ا َىل الس َما تء فَأَ َراكَ َأخ َْذ َت تبه فَ َعل َ ْو َت‪ ،‬مث َأ َخ َذ تبه َر مجل أخ مَر فَ َع َال‬
‫ت‬ ‫ت‬
‫ِ‬
‫تب ته‪ ،‬ممث َأ َخ َذ مه َر مجل أخ مَر فَ َعال تبه‪ ،‬مث َأ َخ َذ تبه َر مجل أخ مَر فَان ْ َق َط َع مث َو َص َل ‪.‬‬
‫م‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫رسه ‪َ :‬و َذ َه َب ْت َطائت َفة أخ َْرى تم َن ا َل ْو تل َيا تء‪َ ،‬ويم َق مال لَهم ْم‪ّ :‬‬
‫الطائت َف مة‬ ‫فقال قدّس هللا ّ‬
‫رشاف تم ْن مذ ّ تري تة الن ت ت ّيب ‪َ ،‬و تم ْن بَيْ تت الن مبو تة‬ ‫احلم َس ْي تني مة ا َىل َأن َه مؤ َل تء ال َم َرا تء َأ ْ َ‬
‫وجت َت تم مع عَ َىل الثا تل تث‪ ،‬مثم‬ ‫ِ‬
‫اللك َم مة ال ْس َال تميَ مة عَ َىل اثْنَ ْ تني تم ْهنم ْم‪ْ َ ،‬‬ ‫َو ّ تالر َس َ تاةل‪ْ َ ،‬جت َت تم مع َ ت‬
‫مِ‬
‫تَ ْف َ تّت مق‪ ،‬ممث َ ْجت َت تم مع‪َ ،‬وه َمو امل َرا مد‪ " :‬تابل َق ْطع ت َو َالو ْص تل"‪.‬‬
‫قَا َل‪َ :‬وامل َ ْق مصو تد تابلر ْؤ َّي َما عَلَ ْي ته َه تذ ته الطائت َف مة؛ فَان َم َقا َم الن ت ت ّيب ‪َ ‬ع تظمي‪َ ،‬و َل‬
‫ِ‬
‫ي َ َطأ تيف َم ْو تض تع ته‪َ ،‬وي َ ْص َعدم تيف تم ْرقاتته‪ ،‬ال ن ت ٌَّيب َأ ْو َو مدل ن ت ٍَّيب؛ َولما َاك َن احل َ ْب مل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َوا تحد ًا‪َ ،‬و َص تعدَ تفي ته ال َم َرا مء الث َالث َ مة َك مص معو تد ته ‪ ‬تفي ته‪ ،‬أ َذ َن َذ ت َكل تبأَن بَيْنَ مه َوب َ ْ َني‬
‫الاك تم مل َل م َجيا تن مس مه تفي ته َأ َحد‪ ،‬فَ َ ّْل‬ ‫ال َم َرا تء الث َالث َ تة مم َجان َ َسة‪َ ،‬وقَ ْد عم ت َّل َأن اميَان َ مه َ‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫رش تاف املَذ مكو تر َين‪ ،‬فَان‬ ‫يه َاث تبتَة تيف ال َم َرا تء ا َل ْ َ‬ ‫َ‬ ‫تَ ْب َق امل م َجان َ َس مة ال تيف ن َ َس تب ته‪َ ،‬و ت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َم ْو تض َع َالوا تح تد َود ََار مه‪َ ،‬ل ي َ ْدخ ممهل ال ه َمو َأ ْو َو َدل مه"‪.‬‬
‫ِ‬
‫َ َمح ِنِنِنِنِنِنِن َ م‬
‫ِنّل الن ِنِنِنِنِنِنِنِنو تار وال ْرس تار‬ ‫َأل َ ميس ِنِنِنِنِنِنِنو م ُْه ب َ تقي ِنِنِنِنِنِنِن مة اخملت ِنِنِنِنِنِنِنا تر‬
‫فَ َق ْس ِنِن مم مه ع ِنِنىل ي َ ِنِندَ تهيم َ ْجي ِنِن تري‬ ‫اث تف ِنِن تهيم ي ْ ت‬
‫َرسِنِنِني‬ ‫قَ ِنِند تَ ِن َِنركَ ا تمل ِنِنري َ‬
‫ت ْمض ِن َِنن ن َ ِنِنوا تم ٍيس تم ِن َِنن الط ِن ت ْ‬
‫ِنالمس‬ ‫فهم ِنِنِنِنِنِنم َخ ِنِنِنِنِنِنزائتن َ مهل قَِنِنِنِنِنِنو ت ْ‬
‫امس‬

‫‪81‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫من كراماهتا عليها السّالم‬


‫يقول ساداتنا العارفون ‪ " :‬ا إلس تقامة أعظم من ألف كرامة " ولكن همام يكون‬
‫املقربون عن عامة‬ ‫الرابين‪ ،‬اليت هبا ي ّتزي ّ‬ ‫فا ّإن الكرامة يه من فصيّل الفتح ّ‬
‫اخللق ‪.‬‬
‫وخاصة مع‬ ‫السالم فيه شؤون وجشون‪ّ ،‬‬ ‫وإان ّه ما من زمان ا ّإل وللزهراء علهيا ّ‬
‫اخلاصة‪ ،‬وس نرضب هنا مناذج‬ ‫الطاهرة‪ ،‬حيث ل زالت ترعاُه بعنايهتا ّ‬ ‫ذريّهتا ّ‬
‫مفرقة حسب قرون ال ّمة احمل ّمديّة ‪:‬‬ ‫من كراماهتا ّ‬
‫مفن ذكل ما روي َع ْن مولتنا أ ّتم َسلْ َمة ريض هللا عهنا قَال َ تت‪ْ :‬اش َت َك ْت‬
‫اَّلل ‪َ ‬ش ْك َواهَا ال تّت قمبتضَ ْت تفهيا‪ ،‬فَ مكنْ مت أ َم ّ ترضم هَا‪.. ،‬‬ ‫ول ت‬ ‫فَا تط َم مة تبن ْ تت َر مس ت‬
‫َواضْ َط َج َع ْت َوا ْس َت ْق َبل َ تت الْ تق ْب َ َّل َو َج َعل َ ْت يَدَ هَا َ ْحت َت َخ ّتدهَا‪ ،‬ممث قَال َ ْت‪َّ :‬ي أم ْه‬
‫ا ت ّّن َم ْق مبوضَ ة ال َن‪َ ،‬وقَ ْد ت ََطه ْر مت فَ َال يَ ْك تش مف تىن َأ َحد‪ ،‬فَ مقبتضَ ْت َم َاكّنَ َا‪ ،‬قَال َ ْت‪:‬‬
‫ِ‬
‫فَ َجا َء عَ ت ٌّىل فَأَخ َ ْْربتم مه » ‪ ،‬وهذا يد ّل عىل ماكشفهتا لساعة وفاهتا ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫ومهنا ما روي عن س ّيدان معِنِنران بن حصني ‪ ،‬قال ‪ :‬كنــــت مع‬


‫رسول هللا ‪ ‬اإذ أقبلت فَا تط َمة علهيا السالم فوقفت بني يديه‪ ،‬فنظر اإلهيا‬
‫رسول هللا ‪ ،‬وقد ذهب ادلم من وهجها‪ ،‬وعلت الصفرة عىل وهجها من‬
‫شدة اجلوع‪ ،‬فقال ‪ : ‬ادين ّي فَا تط َمة‪ ،‬فدنت حّت قامت بني يديه‪ ،‬فرفع‬
‫يده‪ ،‬فوضعه عىل صدرها يف موضع القالدة وفرج بني أصابعه‪ ،‬مث قال ‪ :‬اللهم‬
‫مش بع اجلاعة‪ ،‬ورافع الوضعة‪ ،‬لجتع فَا تط َمة بنت مم َحمد ‪. ‬‬

‫رواه أحمد ‪.‬‬


‫‪82‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫قال معران ‪ :‬فنظرت اإلهيا وقد ذهبت الصفرة من وهجها‪ ،‬وغلب ادلم كام‬
‫اكنت الصفرة غلبت عىل ادلم ‪ ،‬قال معران ‪ :‬فلقيهتا بعد فسألهتا ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ما‬
‫جعت بعدم ّي معران‪ ( .‬احلامك )‬
‫فكن ّه قوهل ‪ : ‬أورهثا من مقام (اإين أبيت عند ريب يطعمين) فاكن ألكها‬
‫الساريّة من أبهيا ‪ ‬اإلهيا‪.‬‬ ‫ورشهبا أنوار النّ ّبوة ّ‬
‫اَّلل ‪َ ‬أقَا َم َأّي ًما ل َ ْم‬ ‫وروى احلافظ أبو يعىل َع ْن س ّيدان َجا تب ٍر َأن َر مسو َل ت‬
‫يم ْط َع ْم َط َعا ًما َحّت َشق َذ ت َكل عَلَ ْي ته‪ ،‬فَ َط َاف تيف َمنَا تز تل َأ ْز َو تاج ته فَ َ ّْل ي م تص ْب تع ْندَ‬
‫يشء أ م ملك مه فَا ت ّين‬ ‫َوا تحدَ ٍة تم ْهنمن َشيْئًا‪ ،‬فَأَ َىت فَا تط َم َة فَقَا َل‪َّ :‬ي بمنَي مة ه َْل تع ْندَ تك َ ْ‬
‫ِ‬
‫اَّلل ‪‬‬ ‫ول ت‬ ‫اَّلل تبأَ تيب َأن َْت َوأ تّمي‪ ،‬فَلَما خ ََر َج تم ْن تع ْن تدهَا َر مس م‬ ‫َجائتع؟ فَقَال َ ْت‪َ :‬ل َو ت‬
‫بم تعث مْت ال َ ْهيَا َجارة لَهَا تب َر تغي َف ْ تني َو تق ْط َع تة ل َ ْح ٍم فَأَ َخ َذتْ مه تم ْهنَا فَ َوضَ َع ْت مه تيف َج ْفنَ ٍة لَهَا‬
‫ِ‬
‫اَّلل ‪ ‬عَ َىل ن َ ْف تيس َو َم ْن‬ ‫اَّلل َلو تث َرن هبت َ َذا َر مسو َل ت‬ ‫َوغَط ْت عَلَ ْهيَا َوقَال َ ْت‪َ :‬و ت‬
‫تع ْن تدي‪َ ،‬و َاكنموا َ تمجي ًعا مم ْح َت تاج َني ا َىل َش ْب َع تة َط َعا ٍم‪ ،‬فَ َب َعث َْت َح َس نًا َأ ْو مح َسيْنًا ا َىل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يش ٍء‬ ‫اَّلل ‪ ‬فَ َر َج َع ال َ ْهيَا‪ ،‬فَقَال َ ْت‪ َ :‬مهل تبأَ تيب َأن َْت َوأ تّمي قَ ْد أَ َىت م‬
‫اَّلل بت َ ْ‬ ‫ول ت‬ ‫َر مس ت‬
‫ِ‬
‫م‬
‫يه َم ْملو َءة خ ْ ًمَبا‬ ‫ت‬ ‫ْ‬
‫فَخَبأْتم مه َ َكل‪ ،‬قَا َل‪َ :‬هلم تّمي َّي بمنَية‪ ،‬فَكشَ َف ْت َع تن ال َج ْفنَة فَ ِا َذا ت َ‬
‫َ‬ ‫م‬
‫اَّلل فَ َح تمدَ تت َ‬
‫اَّلل‬ ‫َول َ ْح ًما‪ ،‬فَلَما ن ََظ َر ْت ال َ ْهيَا هبم ت تَ ْت َو َع َرفَ ْت أَّنَا بَ َر َكة تم َن ت‬
‫ِ‬
‫اَّلل َوقَا َل‪:‬‬ ‫َو َصل ْت عَ َىل ن َ تب تيّ ته ‪ ‬وقدمته اإىل رسول هللا ‪ ،‬فَلَما َرأ مه َ تمحدَ َ‬
‫اَّلل يَ ْر مز مق َم ْن‬ ‫اَّلل‪ ،‬ان َ‬ ‫تم ْن َأ ْي َن كل هذا ّي بنية؟ قالت‪ّ :‬ي أبت ه َمو تم ْن تع ْن تد ت‬
‫ِ‬
‫يَشَ ا مء تبغ ْ تَري تح َس ٍاب‪ ،‬فَ َح تمدَ َ‬
‫اَّلل َوقَا َل‪:‬‬
‫رسائتي َل فَاّنَا َاكن َْت‬ ‫كل َّي بمنَي مة َش تبهيَ َة َس ّيتدَ تة تن َسا تء ب َ تين ا ْ َ‬ ‫الْ َح ْمدم ت تَّلل تاذلي َج َع َ ت‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل يَ ْر مز مق َم ْن‬ ‫اَّلل ان َ‬ ‫اَّلل َشيْئًا فَ مس تئل َ ْت َع ْن مه قَال َ ْت‪ :‬ه َمو تم ْن تع ْن تد ت‬ ‫ا َذا َر َزقَهَا م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪83‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ول ت‬
‫اَّلل ‪‬‬ ‫اَّلل ‪ ‬ا َىل عَ ت ٍ ّيل ممث َأ َ َ‬
‫لك َر مس ت‬ ‫ول ت‬ ‫يَشَ ا مء تبغ ْ تَري تح َس ٍاب‪ ،‬فَ مب تع َث َر مس م‬
‫ِ‬
‫اَّلل ‪َ ‬و َأ ْه مل بَيْ تت ته‬‫ول ت‬ ‫َوعَ َىل َوفَا تط َم مة َو َح َسن َو مح َس ْني‪َ ،‬و َ تمجي مع َأ ْز َواجت َر مس ت‬
‫َ تمجي ًعا َحّت َش تب معوا‪ ،‬قَال َ ْت‪َ :‬وب َ تقيَ تت الْ َج ْفنَ مة َ َمَك ت َ‬
‫يه‪ ،‬فَأَ ْو َس َع ْت ب َ تقيهتَ َا عَ َىل َ تمجيع ت‬
‫اَّلل تفهيَا تب ْر َك ًة َوخ ْ ًَريا َك تث ًريا ‪.‬‬
‫تج َرياّنت َا‪َ ،‬و َج َع َل م‬
‫ومهنا عن س ّيدان أنس بن ماكل‪ ،‬عن أمه قالت ‪ :‬مل تر فَا تط َمة َر ت َ‬
‫ِض هللا‬
‫َع ْهنا دما يف حيض ول نفاس ‪.‬‬
‫وعن مولتنا زينب بنت جش ريض هللا عهنا‪ ،‬أن النيب ‪ ‬دخل عىل‬
‫متغرية النفس‪ ،‬فقال لها ‪ّ :‬ي ابنيت مايل أراك‬ ‫فَا تط َمة غداة من الغدوات‪ ،‬ويه ّ‬
‫خبيثة النفس ؟ قالت ‪ّ :‬ي أبتاه قد أصبحنا‪ ،‬وليس عندان يشء‪ ،‬وحسن‬
‫وحسني بني أيدينا قامئني‪ ،‬وعيل جاث‪ .‬حفمد هللا‪ ،‬مث قال ‪ :‬أيقظهيم‪،‬‬
‫جفلسوا ‪ ،‬فقال ‪ :‬هايت ذاك الطرابن ‪ .‬فالتفتت ‪ ،‬فاإذا طرابن خلفها‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫ضعيه‪ ،‬فوضعته ‪ ،‬مث قال ‪ :‬لكوا بسم هللا ‪ .‬فبينا ُه يألكون ‪ ،‬اإذ جاء سائل ‪،‬‬
‫فقام عىل الباب ‪ ،‬فقال ‪ :‬السالم عليمك أهل البيت أطعموان مما رزقمك هللا ‪،‬‬
‫فرد عليه النيب ‪ : ‬يطعمك هللا ّي عبد هللا ‪.‬‬
‫مفكث غري بعيد ‪ ،‬مث رجع ‪ ،‬فقال مثل ذكل‪ ،‬مث ذهب‪ ،‬مث رجع ‪ ،‬فقالت‬
‫فَا تط َمة ‪ّ :‬ي أبتاه سائل ؟! فقال ‪ّ :‬ي ابنيت ! هذا الش يطان ‪ :‬جاء ليألك من‬
‫‪4‬‬
‫هذا الطعام ‪ ،‬ومل يكن هللا ليطعمه من طعام اجلنة ‪.‬‬

‫رواه الحاكم النيسابوري‬


‫‪84‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫رؤياها في اليقظة‬
‫السالم) ظهورها ملن اس تغاث هبا هجارا‪ ،‬ولقد‬
‫ومن أْعب كراماهتا (علهيا ّ‬
‫اجتعت ِن وهلل امحلد ِن بكثري من ّ‬
‫الصاحلني رجال ونساء‪ ،‬ممّن شاهدوا س ّيديت‬
‫السالم) يقظة مبارشة‪ ،‬ومثال ذكل ‪:‬‬ ‫ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫ما حيك عن الش يخ محمد الفايس الشاذيل احلس ين ‪ 4‬أنه رأى جدته‬
‫ّالزهراء (علهيا السالم) يقظة يف احلجرة النبوية‪ ،‬ابملدينة املنورة ‪.‬‬
‫الصاحلني من أهل بدلان‪ ،‬واكن شديد‬ ‫وحىك يل بعض من التقيته من ّ‬
‫التّعلق بأهل البيت‪ ،‬أن ّه ّ‬
‫يّتِب عىل يد الس ّيدة (علهيا ّ‬
‫السالم) ومك من ليّل‬
‫ينام عىل جحرها املبارك ‪.‬‬
‫الصاحلني من أهل ليبيا‪ ،‬أن ّه اكن يف أش ّد الاشتيّاق اإىل‬
‫وحىك يل بعض ّ‬
‫رؤية احلبيب ‪ ،‬وذات ّمرة أصابه وعك شديد‪ ،‬طرح به فراشا يف‬
‫املستشفى‪ ،‬حفار الط ّباء يف حالته‪ ،‬وبيامن هو كذكل بال حركة ول الكم‪ ،‬اإذ‬
‫ُسع هاتفا ّرابنيا خياطبه‪ ،‬فقال يف نفسه أ ّّن يل هبذا‪ ،‬فال ب ّد يل من واسطة‬
‫س ّيد الوجود ‪ ،‬مفا أن أ ّمت خاطره‪ ،‬اإذ دخل عليه احلبيب ‪ ‬اإىل غرفته‬
‫عياان‪ ،‬فأرشق املاكن بأنواره‪ ،‬وارتعدت فرائصه من عظمته‪ ،‬وقال لول أن ّين‬
‫طرحي فراش لهربت من هول ما رأيت‪ّ ،‬مث قال يف نفسه ل ب ّد يل من واسطة‬
‫حّت دخلت عليه‪ ،‬من ابب‬ ‫السالم) فّل ي ّمت خاطره ّ‬‫س ّيديت ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫الغرفة‪ ،‬ويقول يل وهو يبيك ‪:‬‬

‫ً‬
‫هـ‪ ،‬وهو شيخ ألامير عبد القادر ‪.‬‬ ‫كان حيا سنة ‪52‬‬
‫‪85‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫س بحان من خلقها وأبدعها‪ ،‬فلقد ذهلت وهتت يف جاملها‪ ،‬وبقيت‬


‫شاخصا ببرصي يف مالحمها اللّطيفة‪ ،‬فو هللا لو مجع جامل نساء العامل لكّه‪ ،‬مل‬
‫القصة طول‪ ،‬ولقد اس تأذنته يف حاكيهتا فأذن‬ ‫يساوي طرفة أشفارها ‪ ..‬ويف ّ‬
‫يل‪ ،‬وهو الن ل زال حيّا‪ ،‬ويعمل موظفا يف أحد املؤسسات ‪.‬‬

‫رؤياها في المنام‬
‫وأ ّما رؤّيها يف املنام واليت تع ّد من مبرشات النّ ّبوة‪ ،‬فال تاكد تنقطع‬
‫ساعة عن هذه ال ّمة‪ ،‬سواء ملن حيبوّنا‪ ،‬أو ملن يس تغيثون هبا‪ ،‬أو ملن‬
‫يّتبّون عىل جحرها ‪ ،..‬ومن ذكل مثال ‪:‬‬
‫قال س يدي ابن عريب قدس هللا ّ‬
‫رسه [ الفتوحات املكيّة ] ‪ :‬لقد أخربين‬
‫الثقة عندي مبكة‪ ،‬قال‪ :‬كنت أكره ما تفعهل الرشفاء مبكة يف الناس‪ .‬فرأيت يف‬
‫النوم فاطمة بنت رسول هللا ‪ ‬ويه معرضة عين‪ ،‬فسلمت علهيا وسألهتا‬
‫عن اإعراضها‪ ،‬فقالت‪ :‬اإنك تقع يف الرشفاء؛ فقلت لها‪ّ :‬ي س يت أل ترين ما‬
‫بين؟ فقلت‪ :‬من الن؛ وتبت؛ فأقبلت‬ ‫يفعلون يف الناس؟ فقالت‪ :‬أليس ُه ّ‬
‫عيل واستيقظت‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فأهِنِنِنل البيِنِنِنت ُه أهِنِنِنل السِنِنِن يادة‬ ‫ف ِنِنال تع ِنِندل بأه ِنِنل البي ِنِنت خلق ِنِن ًا‬
‫حقيقِنِنِنِنِنِنِنِن ِّني وحِنِنِنِنِنِنِنِنِنّبم عبِنِنِنِنِنِنِنِنِناده‬ ‫فبغضِنِنِنهم مِنِنِنن ا إلنسِنِنِنان خِنِنِنـرس‬
‫وحىك العالمة ابن جحر الهيتي عن التقي الفاريس عن بعض المئة أنه‬
‫اكن يبالغ يف تعظمي الرشاف‪ ،‬فس ئل عن سبب تكل املبالغة فقال‪ :‬اإن خشصا‬
‫من الرشاف يقال هل مطري قد مات واكن كثري اللعب واللهو فتوقف‬

‫‪86‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الس تاذ عن الصالة عليه فرأى النيب ‪ ‬يف املنام ومعه فاطمة الزهراء‬
‫فأعرضت عنه فاس تعطفها حّت أقبلت عليه وعاتبته وقالت هل ‪ :‬أما يسع‬
‫جاهنا مطريا ‪.‬‬
‫وحيك عن الش يخ امحمد الكنيت رمحه هللا أن ّه اكن ي ّتىن أن يرى الس ّيدة‬
‫السالم) ولكن بال جدوى‪ ،‬فأىت ببعض أبناء الرشاف اذلين‬ ‫الزهراء (علهيا ّ‬
‫السالم) ابملنام‪ ،‬تنترص لبهنا‬ ‫يدرسون عنده ورضبه‪ ،‬جفاءته الس ّيدة (علهيا ّ‬
‫الرشيف‪ ،‬فطفق الش يخ يعتذر لها‪ ،‬وقال ما فعلت ذكل ا ّإل لراك فقط‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فا ّإنين ُسعت أن ّك ل بدّ وأن تنترصي ذلريّتك‪ ،‬فلام أفاق قام ابإكرام ذكل‬
‫الرشيف واعتذر هل ‪..‬‬ ‫ّ‬
‫السالم) عىل ما تتقبّهل العقول‪ ،‬لن ّنا يف‬
‫ولقد اقترصت يف كراماهتا (علهيا ّ‬
‫زمان كرث فيه التّنكري واجلحود ‪.‬‬

‫والء الزهراء عليها السّالم‬


‫الرشع احلنيف‪ ،‬هو واجب علينا‬
‫ا ّإن ولء ّالزهراء من قبل أ ن يفرضه علينا ّ‬
‫ابلفطرة‪ ،‬حفقيق بصاحبة ذكل احلسن والإحسان‪ ،‬أن تعشق وتشكر‬
‫وتقدّس‪ ،‬ولكن هذا وذاك (ملن اكن هل قلب أو القى السمع وهو شهيد) ومن‬
‫لب هل‪ ،‬فال نقاش لنا معه !‪.‬‬
‫ل قلب ول ّ‬
‫ل َ َعل ِنِنِنِن مِنمك ت م ْس ِنِنِنِنِن َق َ‬
‫ون من ِنِنِنِنِن مه َر ّّي‬ ‫هَي ِنِنِنا ّي قَ ِنِنِنو تمي تلل ِنِن َِنول تء َه ّي ِنِنِنا‬
‫فَ َقِنِن ِْند محِنِنِن تر ْم م ممت ال َق مبِنِنِنو َل وادل مخِنِن ْ‬
‫ِنول‬ ‫فِنِنِنِنان ي َ مفِنِنِنِن ْت م ممك الِنِنِن َِنو َل مء تللْ َب متِنِنِن ْ‬
‫ِنول‬
‫ِندس‬ ‫َو َو ْص ِنِنِنِنلمها قم ِنِنِن ِْندس و َأي قمِنِنِنِن ٍ‬ ‫فَ مح ِّبِنِنِنِنِنِنِنا أنِنِنِنِنِنِنِنس و َأي أنِنِنِنِنِنِنِنسٍ‬

‫‪87‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫ب الزّهراء (عليها السّالم)‬


‫حّ‬
‫حفب هذه الس ّيدة هو حقّها علينا‪،‬‬ ‫اعّل أ ّن ديننا دين حقوق ل واجبات‪ّ ،‬‬
‫لّنّ ا مبثابة ال ّم الكربى لل ّمة‪ ،‬وكيف ل ونفحاهتا ورحامهتا ل زالت تّتى‬
‫علينا‪ ،‬ولهذا فرضها علينا ادلّ ين القومي‪ ،‬حيث يقول احلق تعاىل ‪( :‬قل ل‬
‫أسألمك عليه أجرا ا ّإل املودّة يف القرِب) ‪.‬‬
‫هللا ‪َ ‬من قراب َ مت َك‬ ‫فعن س ّيدان ابن عباس ‪ : ‬أّنم قالوا ّي رسول ت‬
‫‪4‬‬
‫هؤل تء اذلين َو َجبت علينا َمودهتم م؟ قال ‪ٌّ ) :‬‬
‫عيل وفاطمة وابناهام(‪.‬‬
‫وعن س ّيدان أنس ‪ ‬قال ‪ :‬جاءت فَا تط َمة ومعها احلسن واحلسني اإىل‬
‫النيب ‪ ‬يف املرض اذلي قبض فيه فأكبت عليه فَا تط َمة وألصقت صدرها‬
‫بصدره وجعلت تبيك فقال النيب ‪ : ‬مه ّي فَا تط َمة وّناها عن الباكء‬
‫فانطلقت اإىل البيت فقال النيب ‪ ‬وهو يس تعرب ادلموع ‪ :‬اللهم أهل بييت‬
‫وأان مس تودعهم لك مؤمن ثالث مرات ‪.‬‬
‫احلب معىن لطيف يرسي يف القلوب‪ ،‬ول عالقة هل ابجلوارح‬ ‫أل وإا ّن ّ‬
‫حنرره ونستشعره يف أفئدتنا‪ ،‬ويعترب ما دونه من النواّي‬ ‫والعقول‪ ،‬فتحتاج أن ّ‬
‫والعامل لكّهم فرع عنه‪ ،‬وهو ّالروح القا يف ادلّ ين ‪.‬‬
‫السالم) مبجرد القوال أو‬ ‫حب مولتنا ّالزهراء (علهيا ّ‬ ‫فيا من تدّعي ّ‬
‫فاحلب يس تلزم الشواق‬
‫مفرطا يف واجب الوجدان‪ّ ،‬‬ ‫الفعال‪ ،‬فأنت ل زلت ّ‬

‫رواه أحمد والطبراني ‪.‬‬


‫رواه الحاكم في مستدركه ‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الصلوات واملداحئ ‪ ،..‬أ ّما إات ّباعها فهذا يعنيك‬


‫والجشان وادلّ موع واملداحئ و ّ‬
‫أنت‪ ،‬ول يعنهيا يه بيشء ‪.‬‬
‫توقيرها (عليها السّالم)‬

‫ومن حقوق س ّيدتنا الالزمة علينا‪ ،‬أن نعظمها ونب ّجلها لكّام ّمر ذكرها عىل‬
‫ألس نتنا وخواطران‪ ،‬فاإّنّ ا أقدس اإمرأة عربت التارخي‪ ،‬س ّيام وأ ّن احلبيب ‪‬‬
‫حثّنا عىل الزتام الدب معها يف أكرث من ّمرة‪ ،‬مفثال حيامن يقول ‪« :‬فاطمة‬
‫بسطين ما ي َ مبسطها«‪.4‬‬
‫ب َضعة تم ّين ي َق تبضم ين ما ي َق تبضم ها‪ ،‬وي َ م‬
‫غضب لغضب تتك‪ ،‬ويرِض‬ ‫ويقول حبيبنا ‪ّ ‬مرة أخرى ‪ّ« :‬ي فاطم مة ا ّإن َ‬
‫هللا ي َ م‬
‫رضاك « ‪.‬‬‫تل ت‬
‫يؤسس لفريضة التّوقري والإحّتام للس ّيدة الزهراء (علهيا ّ‬
‫السالم)‬ ‫وكن ّه هنا ّ‬
‫الصاحل هذا جيّدا‪ ،‬فاكنوا يراعون لشعورها لئال تغضب‪،‬‬ ‫السلف ّ‬ ‫ولقد وعى ّ‬
‫وجتدُه حيّتمون ذريهتا لكيال تغضب يه يف برزخها ‪.‬‬
‫ولكنّنا اليوم وللسف أبتلينا برشذمة شا ّذة يتع ّمدون الإساءة اإىل جناهبا‬
‫الرشيف‪ ،‬وتراُه ل يروق هلم ا ّإل حديث ‪( :‬لو أ ّن فاطمة بنت محمد‪‬‬ ‫ّ‬
‫لكن هذا احلديث ِن رمغ‬ ‫رسقت لقطعت يدها) وحاشاها ومليار حاشا‪ ،‬و ّ‬
‫حصته ِن ما ُسعناه من مشاخئنا ّالر ّابنني قط‪ ،‬وما ُسعناه ا ّإل يوم خرج علينا‬
‫هؤلء اخلوارج من أنفاق القنوات والإن نّتت ‪.‬‬

‫رواه أحمد والحاكم ‪..‬‬


‫رواه الطبراني وأبو يعلى والحاكم ‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫السّالم عليها (عليها السّالم)‬


‫السالم) علينا‪ ،‬أن نصيل ونسّل علهيا‪ ،‬امتثال لمر‬ ‫ومن حقوق مولتنا (علهيا ّ‬
‫الشارع ‪ ‬حيامن عل ّمنا ّ‬
‫الصالة فقال ‪ ( :‬قولوا اللّهم ص ّل عىل محمّد‪ ،‬وعىل أل‬ ‫ّ‬
‫الصالة البّتاء‪ ،‬يف كثري من الحاديث‬ ‫محمّد ‪ )..‬ولقد ّنيى املعصوم ‪ ‬عن ّ‬
‫الرشيفة ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫جمردا‪ ،‬بل ل ب ّد أن نردفه‬ ‫فلزم من ذكل أن ل نذكر امس مولتنا ّالزهراء ّ‬
‫ابلسالم علهيا‪ ،‬ول غرو من ذكل‪ ،‬فها حنن نسّل عىل الس ّيدة مرمي‪ ،‬وس ّيدان‬ ‫ّ‬
‫السالم‪ ،‬وُه ليسو بأنبياء ‪.‬‬
‫لقامن‪ ،‬وس ّيدان ذي القرنني علهيم ّ‬
‫الصالة‪ ،‬بل من واجباهتا‬ ‫السالم علهيا وعىل عّتهتا من سنن ّ‬ ‫الصالة و ّ‬
‫بل ا ّإن ّ‬
‫الشافعي ‪ ‬حيث يقول ‪:‬‬ ‫عند الإمام ّ‬
‫ف ِنِنِنرض م ِنِنِنن هللا يف الق ِنِنِنرأن أن ِنِنِنزهل‬ ‫ّي أل بي ِنِنِنِنِنت رس ِنِنِنِنِنول هللا ح ِنِنِنِنِنبمك‬
‫م ِنِنِنن مل يص ِنِنِنل عل ِنِنِنيمك ل ص ِنِنِنالة هل‬ ‫يكفِنِنِنيمك مِنِنِنن عظِنِنِنمي الفخِنِنِنر أنِنِنِنمك‬
‫ودليهل يف ذكل احلديث املشهور ‪ " :‬من صىل صالة مل يصل فهيا عيل وعىل‬
‫‪4‬‬
‫أهل بييت مل تقبل منه‪.‬‬
‫الصاحل عىل ذكل‪ّ ،‬‬
‫لك ما ّمر هبم ذكر أهل الكساء (علهيم‬ ‫السلف ّ‬‫ولقد ّنج ّ‬
‫السالم)‪ ،‬ومثال ذكل ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫(حصيح البخاري ) ومن تتبع مواضع التسلمي عىل أهل البيت فيه‪،‬‬
‫الصفحات تكرر أكرث من‬‫س يجدها يف أكرث من ثالثني صفحة‪ ،‬ويف بعض ّ‬
‫مرة‪ ،‬ومثال ذكل ‪:‬‬

‫رواه الدارقطني والبيهقي في سننهما ‪.‬‬


‫‪91‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫حصيح البخاري ( ‪ ) 1 /‬كتاب الكسوف ابب حتريض النيب (‪)‬‬


‫عىل صالة الليل والنوافل من غري اجياب وطرق النيب(‪ )‬فاطمة وعلي ًا‬
‫علهيام السالم ليّل للصالة‪.‬‬
‫(واحلافظ معر بن شاهني) يف كتابه فضائل س يدة النساء ليذكر اُسها‬
‫القدس اإل ويقول (علهيا السالم) ‪.‬‬
‫(والامام ابن منظور) يف لسان العرب ‪ ،‬لكام ذكر الس يدة البتول يسّل‬
‫علهيا‪ ،‬ومهنا ‪ :‬يف مادة " قطب " قم ْط مب الرىح اليت تَدم مور َح ْولَها ال معلْيا ويف‬
‫حديث فاطمة علهيا السالم ويف يدها َأث مَر قم ْط تب الر َىح ‪} ..‬‬
‫لطيفة ‪:‬‬
‫ا ّإن عدد املسلمني اليوم يزيد عىل ( مليار) وما من مسّل ا ّإل وهو ّ‬
‫يصيل‬
‫الصلوات امخلس‪،‬‬ ‫لك يوم عىل القل عرش مرات يف ّ‬ ‫عىل أهل البيت يف ّ‬
‫السالم تزيد عىل (‪ 2‬مليار‬ ‫فس يكون عدد الصلوات عىل مولتنا علهيا ّ‬
‫صالة يف اليوم) وإان قسمناها عىل عدد ثواين يف اليوم س يكون الناجت حوايل‬
‫( ‪ 22‬ألف صالة يف الثان ّية) ‪.‬‬
‫ومعىن هذا أ ّن ال ّمة هتدي (مئيت ألف حت ّية) للس ّيدة الزهراء يف الثّان ّية‬
‫تتجىل عىل‬ ‫الطاهرة‪ ،‬ف ّ‬‫السالم بروهحا ّ‬ ‫الواحدة‪ ،‬والس ّيدة الزهراء ترد علهيم ّ‬
‫ال ّمة بألوف من الرباكت والنّفحات‪ ،‬فهل من مستشعر لهذا !‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫اإلقتداء بها (عليها السّالم)‬


‫الطاهرة علينا‪ ،‬أن نشهدها قدوة لنا ولنسائنا‪ ،‬يف ُسهتا‬‫ومن واجبات مولتنا ّ‬
‫الظاهر والباطن‪ ،‬لس ّيام يف هذا الزمن اذلي اتهت فيه بناتنا مع املوضة‬ ‫ّ‬
‫الصّل بس ّيدة نساء الكون (علهيا ّ‬
‫السالم)‪.‬‬ ‫والفن‪ ،‬فال ب ّد أن جندد لهن ّ‬
‫تعشقهنا فتصري حراكهتن وسكناهتن عىل خطاها‪ ،‬فاإن‬ ‫وما ذكل ا ّإل بعد أن ي ّ‬
‫اكنت البنت اإُسها عىل اإمس ّالزهراء‪ ،‬ويه تنبض بأشواق ّالزهراء‪ ،‬وتتع ّبد‬
‫تكون لنا بيتا فاطم ّيا‪ ،‬ينتج لنا أبناء‬
‫عىل مسكل ّالزهراء‪ ،‬فال شك أّنّ ا س ّ‬
‫عىل قدم احلس نني‪ ،‬وبنات عىل ُست ال ّزينبني علهيم ّ‬
‫السالم‪.‬‬
‫نافلة الوالء لها‬
‫ّمث بعد ذكل ل غاية للتنفّل يف ميدان الولء‪ ،‬فاإذا خالط ّ‬
‫حب ّالزهراء رشايني‬
‫فؤادك‪ ،‬فال تس تفت أحدا‪ ،‬واس تفت قلبك ودعه مييل عليك من جشونه‪،‬‬
‫وعندها س تدرك ما اذلي جعل احملبني يلهجون بذكراها‪ ،‬و ّ‬
‫الصالة علهيا‪،‬‬
‫وسل هبا‪ ،‬وزّيرهتا‪ ،‬والنّصيحة لها ‪..‬‬
‫ومدهحا‪ ،‬والتّ ّ‬
‫حب ومدح ليىل العامريّة‪ ،‬فا ّإن الدب ّ‬
‫الطاهر‬ ‫ف إالن اكن الدب املاجن أشاع ّ‬
‫ل يرِض ا ّإل حبب فاطمة احمل ّمديّة‪ ،‬وهذا هو ّنج ساداتنا ّ‬
‫الصاحلني ‪.‬‬
‫الطاهرة‪ ،‬أو أل ّفت يف‬
‫علام أن ّه مل توجد اإمرأة مدحت‪ ،‬أو ودّت يف القلوب ّ‬
‫مناقّبا التّصانيف‪ ،‬مثل الس ّيدة ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫السالم) ‪.‬‬
‫والء السلف لها‬
‫الص ّتد ميق‪،‬‬ ‫َع تن الش ْع ت ت ّيب رمحه هللا قَا َل‪ :‬لَما َم ترضَ ْت فَا تط َم مة‪َ ،‬أاتَ هَا َأبمو بَ ْك ٍر ّ ت‬
‫فَ ْاس َتأْ َذ َن عَلَ ْهيَا فَقَا َل عَ ت ٌّيل‪َّ :‬ي فَا تط َم مة َه َذا َأبمو بَ ْك ٍر ي َْس َتأْ تذ من عَلَ ْي تك‪ ،‬فَ َقال َ ْت‪:‬‬
‫‪92‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫َأ م تحتب َأ ْن أ َذ َن؟ قَا َل‪ :‬ن َ َع ْم‪ .‬فَأَ تذن َْت َهلم‪ ،‬فَدَ َخ َل عَلَ ْهيَا ي َ َ َّتضاهَا‪َ ،‬وقَا َل‪َ :‬و ت‬
‫هللا َما‬
‫تَ َر ْك مت ادل َار َوالْ َما َل َو ْ َال ْه َل َوالْ َع تش َري َة ال تلبْ تتغَا تء َم ْرضَ ا تة ت‬
‫هللا َو َم ْرضَ ا تة َر مس ت ت‬
‫وهل‬
‫‪4‬‬
‫ِ‬
‫‪َ ‬و َم ْرضَ ا تت م ْمك َأ ْه َل الْ َبيْ تت‪ ،‬ممث تَ َرضاهَا َحّت َر تضي َ ْت‬
‫وروى أسّل أن معر بن اخلطاب دخل عىل فاطمة بنت رسول هللا ‪‬‬
‫فقال ‪ّ :‬ي فاطمة وهللا ما رأيت أحدا أحب اإىل رسول هللا ‪ ‬منك وهللا ما‬
‫اكن أحد من الناس بعد أبيك أحب اإيل منك ‪ " .‬احلامك "‬
‫الشام بعدما رأى احلبيب ‪ ‬يف املنام يعاتبه‬‫وملّا رجع س ّيدان بالل من ّ‬
‫عىل اجلفوة‪ ،‬فلام انهتيى إاىل املدينة ّ‬
‫املنورة تلقاه الناس خبرب موت فاطمة (علهيا‬
‫السالم) فصاح وقال بضعة النيب‪ ‬ما أرسع ما لقيت ابلنيب ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وعن املسور بن خمرمة أنه بعث اإليه حسن بن احلسن خيطب ابنته‪ ،‬فلقيه‬
‫حفمد املسور هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وأثىن عليه وقال ‪ :‬أما بعد مفا من نسب ول‬
‫سبب ول صهر أحب اإيل من نس بمك وصهرمك ‪ ،‬ولكن رسول هللا ‪- -‬‬
‫قال " ‪ :‬فاطمة بضعة مين يقبضين ما يقبضها ويبسطين ما يبسطها وإان‬
‫النساب يوم القيامة تنقطع اإل نس يب وسبيب وصهري ‪ " .‬وعندك ابنته ولو‬
‫زوجتك لقبضها ذكل ‪ ،‬فانطلق عاذرا‪.‬‬

‫البيهقي في الدالئل‬
‫تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس‬

‫أخرجه إلامام أحمد ‪.‬‬


‫‪93‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫قال احلافظ احلامك َحدثَنَا عبيد العجيل احلافظ‪ ،‬قال ‪ :‬كنت يف جملس‬
‫عبد العزيز بن عبد هللا العبايس‪ ،‬حفرض غالم اخلليل‪ ،‬فذكروا فَا تط َمة (علهيا‬
‫السالم ) فقال غالم اخلليل ‪َ :‬حدثَنَا فالن عن فالن‪ ، ..‬عن عَائتشَ ة َر ت َ‬
‫ِض‬
‫هللا َع ْهنا قالت ‪ :‬قال رسول هللا ‪ : ‬أطعمين جربيل ‪ ‬عنقود عنب‬
‫وقال ‪ :‬هذا من مثر اجلنة‪ ،‬فألكته ووقعت عىل خدجية‪ ،‬فأتت ب َفا تط َمة‪ ،‬مفا‬
‫لمثت فَا تط َمة قط‪ ،‬إالّ ذقت طعم ذكل العنب من فهيا ‪.‬‬
‫قال عبد العزيز ‪ :‬أشهد ل أكتب هذا احلديث اإل وأان قا يف ورق‬
‫‪4‬‬
‫بيضاوي‪ ،‬مباء اذلهب‪ ،‬فقام وكتب احلديث مباء اذلهب‪ ،‬مث قعد ‪.‬‬
‫السن‪ ،‬عىل‬ ‫السالم) َوه َمو َح تديث ّ‬ ‫َودخل س ّيدان عبد هللا احملض (عليه ّ‬
‫اخلليفة معر بن عبد الْ َع تزيز (رمحه هللا)‪ ،‬فَرفع معر َم ْج تلسه َو َأ ْقبل عَل َ ْي ته‪،‬‬
‫دثين َحّت َ َك ت ّين أُسع مه من تيف َر مسول هللا ‪: ‬‬ ‫فالمه قومه‪ ،‬فَقَا َل ا ّن ال تث ّقَة َح ت‬
‫ِ‬
‫(ان َما فَا تط َمة بض َعة مين يرسين َما يرسها) َو َأان أعّل َأن فَا تط َمة لَو َاكن َت َحية‬
‫ِ‬
‫لرسها َما فعلت اببهنا ‪.‬‬

‫رواه الحاكم النيسابوري‬


‫ّ‬
‫الصواعق املحرقة ـ لإلمام ابن حجر الهيثمي ـ رحمه هللا تعالى ‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫خاتمة‬

‫لك ا إلعتبارات‬
‫السالم) من وراء ّ‬ ‫هذا وتبقى ملولتنا الزهراء (علهيا ّ‬
‫فلك من ّعرب‬ ‫واحليثيات رسيرة محمّديّة رابن ّية‪ ،‬ل يشاركها يف مرشهبا أحد‪ّ ،‬‬
‫عهنا ف إانّام هو عىل ح ّد اإدراكه‪ ،‬ل عىل ماه ّية كهنها املكنون املصون ‪.‬‬
‫حّت ختمت هنا‪ ،‬بل يه منذ العهد ّالروحاين ال ّول‬ ‫خفصوصيهتا مل تبتدء هنا‪ّ ،‬‬
‫يف مواصالت نبويّة‪ ،‬وجماذابت قدس ّية‪ ،‬وإاىل الن مل تزل تعرج يف مع ّية أبهيا‬
‫العظمي ‪ ‬بال حدود ول قيود ‪.‬‬
‫فلعمري بأ ّي لسان سرنجتم لتكل الرسار الزل ّية‪ ،‬وإاذا اكن الفتح‬
‫ابملعاينة احمل ّمديّة لن ينال ا ّإل بعد قطع ثالثة ألف مقام‪ ،‬وذكل تضيق عنه‬
‫القالم والفهام‪ ،‬وهو يعترب أ ّول قدم فاطمي‪ ،‬فكيف مبا وراءه من الفتوحات‬
‫المحديّة‪ ،‬والتحققات ّالرحامن ّية‪ ،‬فس تنهتيي العداد دون غايهتا القعساء ‪.‬‬

‫ِنت مم ِنِنِنِنرا تدي وال ِنِنِنِنورى َورا مء‬ ‫أن ِنِنِن ت‬ ‫زهِنِنِنِنِنرا مء ّي عَِنِنِنِن ِْنذرا مء ّي َحِنِنِنِنِنورا مء‬
‫ِنان وال مكثبِنِنِنِنِن ت‬
‫ِنان‬ ‫ّي َز ْهِنِنِنِنِن َِنر َة ا تجلنِنِنِنِنِن ت‬ ‫ِندان‬
‫ِنان ابل تو ْج ِنِنِنِن ت‬ ‫ّينمز َهِنِنِنِنِنِن َة اجلَنِنِنِنِنِن ت‬
‫تَع ِنِناىل َم ِنِنن ع ِنِنىل ال مع ِنِنال أ ْع ِن ت‬
‫ِنالك‬ ‫ّيغمِنِنِنِنر َة ال ْمجِنِنِنِنا تد مِنِنِنِنا أ ْغِنِنِن ت‬
‫ِنالك‬
‫فَ تريِنِنِنِنِنِندَ مة الِنِنِنِنِن مِنو مرو تد والصِنِنِنِنِنِندم تور‬ ‫ِنت الي تت ْي َمِنِنِنِن مة َم ِنِنِندى ادل مهِنِنِنِنو تر‬ ‫أنِنِنِن ت‬
‫َ َمحا َمِنِنِنِنِنِنِن مة املَجِنِنِنِنِنِنِنا تمع ت احلَ ْم تديِنِنِنِنِنِنِنه‬ ‫َح ترمي َِنِنِنِنِنِنِن مة املَخِنِنِنِنِنِنِنا تدعت ال تعن تديِنِنِنِنِنِنِنه‬

‫‪95‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫َم ْرقمو َم ِنِنِنِنِنِنِنة ب متس ِنِنِنِنِنِن َِنو تر ال مق ِنِنِنِنِنِنِنرأ تن‬ ‫ل تز َمِنِنِنِنِنِن مة اخلِنِنِنِنِنِندو تر والبطنِنِنِنِنِنِن تان‬
‫محن‬ ‫فاإّنّ ِنِنِنِنِنِنِنِنا َ تلكمِنِنِنِنِنِنِنِن مة الِنِنِنِنِنِنِن ِّنر ت‬ ‫بم ِنِنـرشى لن ِنِنا هبت ِنِنا ب َ ِن تِنين ا إلم ِن ت‬
‫ِناكن‬
‫تصِنِنِنِن ْب َغ مة تتِنِنِنِنكل ال مقِنِنِن ِْند َر تة الب تدي َعِنِنِنِنه‬ ‫فيِنِنِنِنا لَهِنِنِنِنا تمِنِنِنِنن محت َفِنِنِنِن ٍة َو تدي َعِنِنِنِنه‬
‫و َمِنِنِنِنن دَرى َمنِْنِنِن َِنذا ّ تاذلي َر ّابهِنِنِنِنا‬ ‫ل غَِنِنِن ِْنر َو تمهنِنِنِنِنا أ ْن َز َىه مرابهِنِنِنِنا‬
‫ع ِنِنِنِنىل تمه ِنِنِنِنا تد ال َع ِنِنِن ِْنز تم و ّالرس ِنِنِن َ ْ‬
‫ِناهل‬ ‫ِندس واجل ِنِنِن َ ْ‬
‫ِنالهل‬ ‫َر ّابه ِنِنِنِنا َرب ال مق ِنِنِن ت‬
‫ولت تح ِنِنِن َ‬
‫ِنني ب َِنِنِنِننيت‬ ‫ت م ْس ِنِنِنِن َقى الان َ‬ ‫فَ َرضَ ِنِنِنِن َع ْت ول َِنِنِنِنم تَِنِنِن َِنز ْل ابل َعِنِنِنِننيت‬
‫تل َت ْم ِنِنِنِنِن مِنز َج الشِنِنِنِنِنِنِنهو َد ابحملا تتِنِنِنِنِنِن ِْند‬ ‫تمسِنِنِنِنِن َِنِن ّب متح الحِنِنِنِنِنِنِنا َد ابملَحا تمِنِنِنِنِنِن ِْند‬
‫تل َت ْقتَ ِنِنِنِنِنِن تِنين نَف ِنِنِنِنِنِنِنائت َس ال ِنِنِنِنِنِنِنليل‬ ‫ِنون تم ِنِنِنِنن الز تال‬ ‫تَس ِنِن ِْنِن َب مح يف الن ِنِنِن ت‬
‫ِنون‬ ‫ِنون ابلب مط ِنِنِنِنِن ت‬ ‫معص ِنِنِنِنِن َِنار مة ال مع مي ِنِنِنِنِن ت‬ ‫ِنون‬ ‫كس لَه ِنِنِنا تم ِنِنِنن َ َْخ ِنِنِن تر ته امل َ ْكنم ِنِن ت‬
‫ابلص ِنِنِنباب َ ْه‬ ‫ِنرش َ‬ ‫فه ِنِنِنا مموا َح ِنِنِنو َل ال َع ِنِن ت‬ ‫ابلص ِنِنِنباب َ ْه‬ ‫ع ِنِنِنادَت ع ِنِنِنىل الم ِنِن ت‬
‫ِنالك م‬
‫ِنون‬ ‫المكم ِنِن م‬ ‫ِنون َحيثم َم ِنِنِنا م‬ ‫ِنث اجلم من ِنِن م‬ ‫حي ِنِن م‬ ‫ِنون‬ ‫إا ًذا فَ َم ِنِنِنِنِنا أدراكَ م ِنِنِنِنِنا ال معي ِنِنِنِن م‬
‫ِنال‬ ‫مم َرصِنِنِنِنِنِنِنِنع ابل تعِنِنِنِنِنِنِن ّ تِنز واجلَ َمِنِنِنِنِنِنِن ت‬ ‫ِنول غاي َ ِنِنِنِنِنِن مة ال َك ِنِنِنِنِن ت‬
‫ِنامل‬ ‫اتج ال َب مت ِنِنِنِنِن ت‬
‫م‬
‫ِنـرش مق اكلهنّ ِنِنِنِنِن تِنار ابل ْحس ِنِنِنِنِن تِنار‬ ‫ي مِنِنِنِنِن ْ ت‬ ‫يَ ّْبَِنِنِنِن مِنر لمِنِنِنِنِنب الفِْنِنِنِن تِنق ابلنِْنِنِنِنِنوا تر‬
‫ِنت ال معِنِنِنِنىل ي َ ْع تشِنِنِنِن مقها ال تكِنِنِنِنرا مم‬ ‫تبنِنِنِن م‬ ‫ي َ تتيِنِنِنِنِن مه تفهيِنِنِنِنِنا احلمِنِنِنِنِنب وال َغِنِنِنِنِنرام‬
‫ِناب‬ ‫ِنوب ل ال تثي ِنِنِنِن م‬ ‫َوقم ِنِنِنِنِند تت ال مقلم ِنِنِنِن م‬ ‫ِناب‬ ‫ِنت اللب ِنِنِن م‬ ‫طاش ِنِنِن ت‬
‫ِنت َ‬ ‫اإذا َ َجتل ّ ِنِنِن ْ‬
‫و َك تّح ِنِنِنِنِنِنِنِن تِنل ال مف ِنِنِنِنِنِنِنِنِنؤا َد ابل ْرس تار‬ ‫ِنك َع ِنِن تِنن ال ْغيِنِنِنِنا تر‬ ‫فَ مغ ِنِن َِنض َط ْرفَِنِنِن َ‬
‫واح ابلفِْنِنِنِنِنِنِنِنِنراحت‬ ‫َوز تّمِنِنِنِنِنِنِنِن تِنل ال ْر َ‬ ‫ِندان ابل تكف ِنِنِنِنِناحت‬ ‫وأ ْس ِنِنِنِنِن تك تر ال تو ْج ِنِنِنِن َ‬
‫َور تت ِّنِنِنِنِنِن تِنل الِنِنِنِنِنِن َِنول َء اب َل ْشِنِنِنِنِنِن ت‬
‫ِنعار‬ ‫ورس تم ِنِنِنِنِن تد ال ْ َُس ِنِنِنِن َِنار ابل ْحس ِنِنِنِنِنا تر‬ ‫َْ‬
‫ِناجدً ا عِنِنِنِنىل أعْتاهبت ِنِنِنِنا‬ ‫و َخِنِنِنِنر سِنِنِن ت‬ ‫فه ِنِنِنِنِناهمو اجلَ َم ِنِنِنِنِنا مل َك ِنِنِنِن َِنرب هبت ِنِنِنِنِنا‬

‫‪96‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫تشوق اإىل فضاء النوار‪ ،‬ويه‬ ‫تشوف م ّ‬ ‫ويف اخلتام‪ ،‬ماهذه ا ّإل اإطالةل من م ّ‬
‫السالم) ‪.‬‬‫أ ّول قدم يف مسكل التّعرف عىل موليت ّالزهراء (علهيا ّ‬
‫الطاهرة‪ ،‬وأرجوا هبا أن تقبلين ّمث‬ ‫أقدّهما بني يدي جنواي لس ّيديت البتول ّ‬
‫تتقبّلها ّمين‪ ،‬و َأ َميل أن تصادف قلواب لهفانة مثيل‪ ،‬فّتوي غليلهم ابلوجدان‬
‫والعرفان‪ ،‬وتبعث مهنم ُهّة اخلدمة جلناهبا ّ‬
‫الرشيف ‪.‬‬
‫فا ّإن أسأت مفن هجيل وقصوري‪ ،‬فالعفو والغفران‪ ،‬وإان أحسنت فاملنّة‬
‫هلل ورسوهل ‪ّ ،‬مث لمئّتنا من العلامء والعارفني‪ ،‬وما أان ا ّإل جامع ملا ّفرقوه‪،‬‬
‫مفصل ملا أمجلوه‪ ،‬وهللا ورسوهل أعّل وأحمك‪ ،‬وصىل هللا عىل س ّيدان‬ ‫أو ّ‬
‫رش‪ ،‬وعىل أهل الط ّيبني وحصابته‬ ‫لك ّ‬‫لك خري‪ ،‬ومغالق ّ‬ ‫ومولان محمّد مفتاح ّ‬
‫العزة ّمعا يصفون وسالم عىل‬ ‫رب ّ‬‫وسّل تسلامي كثريا‪ ،‬س بحان ربّك ّ‬ ‫الكرمني‪ّ ،‬‬
‫رب العاملني ‪.‬‬
‫املرسلني وامحلد هلل ّ‬

‫‪97‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬
‫أنفاس الزهراء‬ ‫اصدارات ااجللس الصويف لدراسة الشؤون ا حلمدية‬

‫الفهرس‬
‫مِنِنِنِنِنِنِنِندخل ‪2 ......................................................................................................‬‬
‫حملة تعريفيّة ‪21 ........................................................................................................‬‬
‫‪2 ......................................................................‬‬ ‫صورة من شامئلها الرشيفة‬
‫لقطة من أخالقها علهيا السالم ‪44 ...............................................................‬‬
‫نبذة من أحوالها علهيا السالم ‪47 ..................................................................‬‬
‫مقاهما العظمي علهيا السالم ‪7 ........................................................................‬‬
‫من فضائلها علهيا السالم ‪1 ...........................................................................‬‬
‫من كاملهتا علهيا السالم ‪8 ............................................................................‬‬
‫من كراماهتا علهيا السالم ‪8 ............................................................................‬‬
‫السالم ‪87 ....................................................................................‬‬ ‫ولؤها علهيا ّ‬
‫خامتِنِنِنِنِنِنِنِنِنِنة ‪25 .......................................................................................................‬‬

‫‪98‬‬
‫جميع الحقوق محفوظة‬

You might also like