Professional Documents
Culture Documents
قبل التطرق الى الموضوعات المتعلقة بمادة القانون الدستوري خاصة المسائل التي لها صلة
بأصل نشأة الدولة والنظرية العامة للدساتير تستلزم المنهجية العلمية الموضوعية االشارة الى
بعض النقاط المتعلقة بالدولة كفكرة.
ان ضرورة االنتماء الى الجماعة بهدف االحتماء بالنظام الجماعي ,الذي من خالله يمكن
الموازنة بين مختلف القوى المتصارعة اكتشفه االنسان من خالل فطرته عبر مختلف العصور
,ذلك أن اختفاء السلطة العامة قد يترتب عنه عبثية اجتماع األفراد على صعيد واحد ,حيث أنه
سريعا ما تتحرك فيهم دوافع الغرائز الفردية وبالتالي تتحكم فيهم منهج القوة من جديد هو ما يهدد
اجماعهم بالتفكك واالنهيار وعلى هذا االساس قيل بأنه ال جماعة من غير حكومة أي سلطة .
وفي داخل كل جماعة سياسية تتم التفرقة بين الحكام والمحكومين حيث ال يتصور أن يكون
جميع األفراد حكاما ومحكومين في نفس الوقت ,بل ان وجود السلطة التي تحكم وتنظم الجماعة
السياسية أمر مفروض ,وبمعنى أخر تنشأ السلطة السياسية مع نشأة وظهور الجماعة ,ففي هذا
المقام يمكن القول بأن السلطة السياسية ظاهرة اجتماعية في المقام األول ألنه ال يتصور وجودها
1
خارج الجماعة .
دائما وفي هذا السياق يؤكد البعض أن كل مجتمع ومهما كانت درجة التطور التي يمر بها
يوجد فرد أو مجموعة من األفراد يملكون قوى كبرى أو سلطة يستعطون بواسطتها فرض ارادتهم
على باقي األفراد داخل المجتمع.
بل يمكن لهؤالء األفراد استعمال القسر المادي إلكراه اآلخرين اذا اقتضى األمر ذلك وهذا من
أجل فرض ارادتهم العليا .
1عادل الحياري ،القانون الدستوري والنظام الدستوري،بدون ذكر دار النشر وسنة النشر ،ص .11
1
ان التمييز بين الحكام والمحكومين موجود في كل المجتمعات كبيرة أم صغيرة ,سواء كانت
بدائية أم متقدمة مادام أنه توافر لبعض األفراد امكانية فرض ارادتهم على باقي أفراد المجتمع ,
وهذا يستطيع الحكام من فرض ارادتهم عن طريق االقناع ,أو ما يعرف برضا المحكومين.
غير أنه يعتبر رضا المحكومين وقبولهم السلطة مسألة هامة خاصة من الناحية الدستورية
ألنه بمثابة األساس أو التبرير السياسي للسلطة وهذا الرضا ينصب أساسا على المؤسسات
2
والتنظيمات التي يتولى من خاللها الحكام السلطة ال على أشخاص الحكام.
بسبب التحوالت التي عرفتها المجتمعات خاصة على األصعدة االقتصادية واالجتماعية وما
صاحب ذلك من تحوالت شملت دور الدولة ,لم تعد مهمة الحكام الدولة قاصرة على حفظ
النظام الداخلي واألمن الخارجي وايجاد مؤسسات يحتكم اليها الناس عندما تثور بينهم نزاعات ,
بل صار على يقع على عاتقهم التزام بضرورة التدخل في أغلب المجاالت من أجل ايجاد حياة
أفضل وأكثر تناسقا واقرب للعدل والمساواة .
ومن أجل القيام بهذه المهام أوكل الحكام لعدد من األفراد القيام بوظائف معينة شريطة أن
يكون هؤالء األفراد تحت متابعة وسلطة الحكام.
ولذلك فان هؤالء األفراد يعدون بمثابة وكالء اليتمتعون بسلطة سياسية بل يزاولون اختصاصا
,أي أهلية محددة في نطاق ماعهد اليهم من طرف الحكام
2
طعيمة الجرف،مبدأ المشروعية،وضوابط خضوع الدولة للقانون ،القاهرة.1791،ص .13
2