You are on page 1of 2

‫المقطع األول‪:‬الدولة‬

‫قبل التطرق الى الموضوعات المتعلقة بمادة القانون الدستوري خاصة المسائل التي لها صلة‬
‫بأصل نشأة الدولة والنظرية العامة للدساتير تستلزم المنهجية العلمية الموضوعية االشارة الى‬
‫بعض النقاط المتعلقة بالدولة كفكرة‪.‬‬

‫المطلب األول فكرة الدولة‬

‫ان ضرورة االنتماء الى الجماعة بهدف االحتماء بالنظام الجماعي ‪ ,‬الذي من خالله يمكن‬
‫الموازنة بين مختلف القوى المتصارعة اكتشفه االنسان من خالل فطرته عبر مختلف العصور‬
‫‪,‬ذلك أن اختفاء السلطة العامة قد يترتب عنه عبثية اجتماع األفراد على صعيد واحد ‪ ,‬حيث أنه‬
‫سريعا ما تتحرك فيهم دوافع الغرائز الفردية وبالتالي تتحكم فيهم منهج القوة من جديد هو ما يهدد‬
‫اجماعهم بالتفكك واالنهيار وعلى هذا االساس قيل بأنه ال جماعة من غير حكومة أي سلطة ‪.‬‬

‫وفي داخل كل جماعة سياسية تتم التفرقة بين الحكام والمحكومين حيث ال يتصور أن يكون‬
‫جميع األفراد حكاما ومحكومين في نفس الوقت ‪ ,‬بل ان وجود السلطة التي تحكم وتنظم الجماعة‬
‫السياسية أمر مفروض ‪,‬وبمعنى أخر تنشأ السلطة السياسية مع نشأة وظهور الجماعة ‪ ,‬ففي هذا‬
‫المقام يمكن القول بأن السلطة السياسية ظاهرة اجتماعية في المقام األول ألنه ال يتصور وجودها‬
‫‪1‬‬
‫خارج الجماعة ‪.‬‬

‫دائما وفي هذا السياق يؤكد البعض أن كل مجتمع ومهما كانت درجة التطور التي يمر بها‬
‫يوجد فرد أو مجموعة من األفراد يملكون قوى كبرى أو سلطة يستعطون بواسطتها فرض ارادتهم‬
‫على باقي األفراد داخل المجتمع‪.‬‬

‫بل يمكن لهؤالء األفراد استعمال القسر المادي إلكراه اآلخرين اذا اقتضى األمر ذلك وهذا من‬
‫أجل فرض ارادتهم العليا ‪.‬‬

‫‪ 1‬عادل الحياري ‪،‬القانون الدستوري والنظام الدستوري‪،‬بدون ذكر دار النشر وسنة النشر‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪1‬‬
‫ان التمييز بين الحكام والمحكومين موجود في كل المجتمعات كبيرة أم صغيرة‪ ,‬سواء كانت‬
‫بدائية أم متقدمة مادام أنه توافر لبعض األفراد امكانية فرض ارادتهم على باقي أفراد المجتمع ‪,‬‬
‫وهذا يستطيع الحكام من فرض ارادتهم عن طريق االقناع ‪,‬أو ما يعرف برضا المحكومين‪.‬‬

‫غير أنه يعتبر رضا المحكومين وقبولهم السلطة مسألة هامة خاصة من الناحية الدستورية‬
‫ألنه بمثابة األساس أو التبرير السياسي للسلطة وهذا الرضا ينصب أساسا على المؤسسات‬
‫‪2‬‬
‫والتنظيمات التي يتولى من خاللها الحكام السلطة ال على أشخاص الحكام‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬عالقة الحكام بالموظفين‬

‫بسبب التحوالت التي عرفتها المجتمعات خاصة على األصعدة االقتصادية واالجتماعية وما‬
‫صاحب ذلك من تحوالت شملت دور الدولة ‪ ,‬لم تعد مهمة الحكام الدولة قاصرة على حفظ‬
‫النظام الداخلي واألمن الخارجي وايجاد مؤسسات يحتكم اليها الناس عندما تثور بينهم نزاعات ‪,‬‬
‫بل صار على يقع على عاتقهم التزام بضرورة التدخل في أغلب المجاالت من أجل ايجاد حياة‬
‫أفضل وأكثر تناسقا واقرب للعدل والمساواة ‪.‬‬

‫ومن أجل القيام بهذه المهام أوكل الحكام لعدد من األفراد القيام بوظائف معينة شريطة أن‬
‫يكون هؤالء األفراد تحت متابعة وسلطة الحكام‪.‬‬

‫ولذلك فان هؤالء األفراد يعدون بمثابة وكالء اليتمتعون بسلطة سياسية بل يزاولون اختصاصا‬
‫‪ ,‬أي أهلية محددة في نطاق ماعهد اليهم من طرف الحكام‬

‫‪2‬‬
‫طعيمة الجرف‪،‬مبدأ المشروعية‪،‬وضوابط خضوع الدولة للقانون ‪،‬القاهرة‪.1791،‬ص ‪.13‬‬

‫‪2‬‬

You might also like