Professional Documents
Culture Documents
يصعب تعريف السلطة بسبب تعدد صفاتها ،وقد كانت ظاهرة السلطة منذ أقدم العصور حتى
الوقت الحاضر موضوع عناية واهتمام المفكرين والفالسفة ،مع ذلك فال يوجد تعريف متفق
عليه من قبل الجميع ،لذلك فإن تشخيص ماهية السلطة ووظائفها وطبيعة العالقات التي تقوم
عبرها وخاللها يختلف من باحث الى آخر ،باختالف مطلقاته النظرية أو االيديولوجية .وعلى
صعيد آخر ان صعوبة تحديد مفهوم السلطة متأت عن كونها ظاهرة تتطور باستمرار وتأخذ
اشكاًالت مختلفة .وقد مرت بمراحل نوعية في تطورها ،اعتبارًا من العنف الناجم عن إرادة
فجة للسيطرة على اآلخر ،الى عمل اقناعي لزج المواطن في عمل جماعي مشترك .ومن
ناحية اخرى امتزجت السلطة بكل اوجه العالقات االنسانية في الحياة االجتماعية المشتركة،
وهي مرتبطة بكل تنظيم مؤسسي ،إذ أن التعاون أو الصراع الناجم عن العالقات السياسية
واالجتماعية واالقتصادية التي تقوم بين األفراد والجماعات ،هي نتيجة مباشرة لوضع السلطة
في المجتمع.1
الفقرة األولى :مفهوم السلطة
إن السلطة بمعناها الواسع ،هي شكل من اشكال القوة ،فهي الوسيلة التي من خاللها يستطيع
شخص ما أن يؤثر على سلوك شخص آخر .إال أن القوة تتميز عن السلطة ،بسبب الوسائل
المتباينة التي من خاللها يتحقق اإلذعان أو الطاعة .فبينما يمكن تعريفها على أنها القدرة على
التأثير على سلوك اآلخرين ،فإن السلطة يمكن فهمها على انها الحق في القيام بذلك .إن القوة
تحقق اإلذعان من خالل القدرة على اإلقناع ،أو الضغط ،أو التهديد ،أو اإلكراه أو العنف .أما
السلطة فهي تعتمد على الحق في الحكم مدرك ومفهوم ،ويحدث اإلذعان من خالل التزام
اخالقي ومعنوي من قبل المحكوم بأن يطيع .ورغم اختالف الفالسفة السياسيين حول األسس
التي ترتكز عليها السلطة ،فانهم مع ذلك اتفقوا على انها ذات طابع اخالقي ومعنوي.
1
صادق األسود ،علم االجتماع السياسي صفحة 125
والقواعد المالئمة التي تحظي بقبول الحكـام واألفراد .ويستمد الحاكم شرعية ممارسته للسلطة
من إلتزامه بهذه القواعد القانونية المقررة .
و يعتبر فيبر أن السلطة القانونية هي أكثر أنواع السلطة استقرارًا ،وأكثرهـا موضوعية
ورشدًا ،وفي رأيه أن المجتمع الذي تسوده ممارسة السلطة القانونية هـو مجتمع أكثر رشدًا
وعقالنية واستقرارًا .
وتناول ماكس فيبر موضوع البيروقراطية ،ومن صفاتها وجود بناء متدرج من السلطة يأخذ
شكًال هرميًا ،بحيث ال يعقل أن يقوم شخص واحد بإدارة منظمـة كاملة ،وتقوم السلطة العليا
بتعيين وترقية األفراد الذين تتوافر لـديهـم المـؤهالت المناسبة عن طريق إختبارات خاصة .
ويتم ذلك في ضوء مجموعـة مـن المعـايير الموضوعية.
ولكل وضع أو وظيفة سلطة محددة ،ولكنها تختلف عن بعضها البعض مـن حيث مالها
سلطات .وتترتب هذه الوظائف في شكل هرمي ،مثل موظـف يشغل وضعًا إشرافيًا يمارس
سلطة على الموظفين الذين يرأسـهم .وهـو بالتـالي مسئول أمام رئيسه عن قراراته وأفعاله ،
فضًال عن قرارات وأفعـال مرؤوسيه ويتطلب ذلك ضرورة توضيح محال وسلطة الرؤساء
على مرؤوسيهم. 2
3
مرجع سابق في القوة و السلطة والنفود،