You are on page 1of 30

‫جامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف‬

‫ك ل ي ة ا ل ع ل و م ا إل ق ت ص ا د ي ة و ا ل ت ج ا ر ي ة و ع ل و م ا ل ت س ي ر‬

‫حول موضوع‪:‬‬

‫النظام اإلقتصادي‬
‫العالمي الجديد‬
‫العام الجامعي‪2021/2020 :‬‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالب‪:‬‬


‫ع ‪ .‬جدادو‬ ‫‪Mokretar Oussama‬‬
‫مقدمة‬
‫إن النظام اإلقتصادي العالمي الجديد يتمحور عىل خصائص ومالمح‬
‫تميزه عن المراحل السابقة‪ ،‬وإن كانت بعضها قد أستمدت جذورها‬
‫من الماضي‪ ،‬حيث أن هذا النظام يهدف عمل ًي ا إىل توحيد أجزاء‬
‫اإلقتصاد العالمي بحيث يقوم عىل تزايد درجة اإلعتماد المتبادل‬
‫بفعل إتفاقيات تحرير التجارة العالمية والتحول آلليات السوق‬
‫وتعميق الثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي حولت العالم إىل‬
‫قرية عالمية متنافسة األطراف تختفي فيها الحدود السياسية للدول‬
‫القومية ويتفق في إطارها الفاعلون الرئيسيون من دول ومنظمات‬
‫دولية وتكتالت إقتصادية وشركات متعددة الجنسيات عىل قواعد‬
‫السلوك لخلق أنماط جديدة من تقسيم العمل الدولي وتكوين‬
‫أشكال جديدة للعالقات اإلقتصادية العالمية بين األطراف الرئيسية‬
‫المكونة له وهذا ما يؤدي إىل تعميق عالمية اإلقتصاد كما تبرز فيه‬
‫عدد من المالمح الهيكلية الجديدة‬
‫بناء عىل ماسبق فإن اإلشكالية التي نسعى إىل بلورتها‪،‬يمكن حصرها‬
‫في طرح السؤال الرئيسي التالي‪:‬‬
‫ما هو النظام اإلقتصادي العالمي الجديد؟‬ ‫▪‬
‫ولمعالجة وتحليل هذه اإلشكالية يتطلب منا البحث واإلجابة عىل عدد من‬
‫التساؤالت الجزئية وذلك بإتباع الخطوات التالية‪:‬‬
‫ما هي المضلة المفاهمية للنظام اإلقتصادي العالمي الجدبد؟‬ ‫▪‬
‫ماهو وضع الدول النامية في ظل النظام اإلقتصادي الجديد؟‬ ‫▪‬
‫بغرض معالجة اإلشكالية المطروحة وتحقيق أهداف نضع مبدئيا جملة من‬
‫الفرضيات نوردها فيما يلي‪:‬‬
‫تتطلب لمعرفة المضلة المفاهمية وضع وصياغة مجموعة من‬ ‫▪‬
‫الفرضيات تبنى عليها الدراسة‪.‬‬
‫قد يغير النظام اإلقتصادي الجديد في وضعية الدول النامية حسب الثروات‬ ‫▪‬
‫اإلقتصادية التي تمتلكها‪.‬‬

‫﴿أ﴾‬
‫أهمية البحث‪:‬‬
‫تكمن أهمية البحث بالدرجة األوىل في التعرف عىل النظام اإلقتصادي‬
‫الحديث ومكوناته األساسية وبذلك نكشف عن مدى تأثيره في دول العالم‪.‬‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫من بين األهداف التي نسعى إىل تحقيقها من وراء القيام بهذا البحث نذكر‬
‫أهمها‪:‬‬
‫عطاء صورة واضحة ومبسطة عن النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫▪‬
‫▪‬
‫إبراز أهميته النظام العالمي الجديد‪.‬‬
‫المنهج المتبع‪:‬‬
‫لإلجابة عىل اإلشكالية المطروحة إعتمدنا في دراستنا عىل المنهج اإلستنباطي‬
‫بإستخدام أدوات الوصف وذلك من خالل دراسة نظام اإلقتصادي العالمي‬
‫الجديد‪.‬‬
‫حدود البحث‪:‬‬
‫الحدود المكانية‪ :‬عىل مستوى دول العالم‪.‬‬
‫الحدود الزمنية‪ :‬منذ نشأة النظام اإلقتصادي العالمي الجديد إىل يومنا هذا‪.‬‬
‫هيكل البحث‪:‬‬
‫إستدعت دراسة الموضوع هيكلية البحث مايلي‪:‬‬
‫في المقدمة تناولنا أهمية الموضوع واألسباب التي دفعتنا إىل إختياره‬ ‫▪‬
‫وأيضا إشكالية البحث‪.‬‬
‫أما في المبحث األول والذي جاء تحت عنوان"النظام اإلقتصادي العالمي‬ ‫▪‬
‫الجديد‪،‬فقد تناولنا فيه ثالث مطالب‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نشأة ومفهوم النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬
‫المطلب الثاني‪:‬خصائصه‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مكوناته‬
‫و بالنسبة للمبحث الثاني جاء تحت عنوان تأثيره عىل العالم‪،‬والذي‬ ‫▪‬
‫تناولنا فيه ثالث مطالب‪.‬‬
‫المطلب األول‪:‬سلبياته عىل الدول النامية‬
‫المطلب الثاني‪:‬إيجابياته عىل الدول النامية‬
‫المطلب الثالث‪:‬أهميته‬

‫﴿ب﴾‬
‫ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث األول‬

‫المبحث األول‪:‬ماهية النظام اإلقتصادي العالمي‬


‫الجديد‬
‫إن مفهوم النظام اإلقتصادي العالمي الجديد يتمحور عىل خصائص‬
‫ومالمح تميزه عن المراحل السابقة‪ ،‬وإن كانت بعضها قد أستمدت جذورها‬
‫من الماضي‪ ،‬حيث أن هذا النظام يهدف عملًي ا إىل توحيد أجزاء اإلقتصاد‬
‫العالمي بحيث يقوم عىل تزايد درجة اإلعتماد المتبادل بفعل إتفاقيات‬
‫تحرير التجارة العالمية والتحول آلليات السوق وتعميق الثورة التكنولوجية‬
‫والمعلوماتية التي حولت العالم إىل قرية عالمية متنافسة األطراف تختفي‬
‫فيها الحدود السياسية للدول القومية ويتفق في إطارها الفاعلون‬
‫الرئيسيون من دول ومنظمات دولية وتكتالت إقتصادية وشركات متعددة‬
‫الجنسيات عىل قواعد السلوك لخلق أنماط جديدة من تقسيم العمل‬
‫الدولي وتكوين أشكال جديدة للعالقات اإلقتصادية العالمية بين األطراف‬
‫الرئيسية المكونة له وهذا ما يؤدي إىل تعميق عالمية اإلقتصاد كما تبرز‬
‫فيه عدد من المالمح الهيكلية الجديدة )‪(1‬‬

‫موسوعة ويكي ويك ‪wiki wic‬‬ ‫)‪-(1‬‬

‫﴿‪﴾2‬‬
‫ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث األول‬

‫المطلب األول‪ :‬نشأته ومفهومه‬


‫من الصعوبة بمكان تحديد الجهة التي أطلقت فكرة إنشاء نظام اقتصادي‬
‫دولي جديد ‪ ،‬وال متى ظهرت هذه العبارة ‪ .‬وبالمقابل ‪ ،‬فإن التكريس الرسمي‬
‫لهذا المفهوم حدث مؤرخ بصورة جيدة ألنه نجم عن قرارين صادرين عن‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪ 1‬أيار ‪ /‬مايو ‪ 1974‬يتعلقان عىل التوالي‬
‫باإلعالن المتعلق بإقامة نظام اقتصادي دولي جديد القرار ‪ ( 3201‬د ‪ -‬سادسا‬
‫وببرنامج العمل المتعلق بإقامة نظام اقتصادي دولي جديد ( القرار ‪ ( 3202‬دا‬
‫‪ -‬سادسا ) ‪ .‬وإىل جانب هذا التكريس الرسمي ‪ ،‬ثمة عالقة تتبعية مع‬
‫االستراتيجيات التي أطلقتها األمم المتحدة من أجل التنمية في أوائل‬
‫ستينات القرن الماضي والمناقشات المتعلقة بالتجارة الدولية والقانون‬
‫الدولي للتنمية‬

‫يقصد بالنظام االقتصادي الدولي مجموعة القواعد والترتيبات التي‬


‫وضعت في أعقاب الحرب العالمية الثانية لضبط قواعد السلوك في‬
‫العالقات االقتصادية الدولية وذلك قصد ترتيب األوضاع االقتصادية في‬
‫العالم عىل نحو معين ‪ ،‬وهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم وتحيط‬
‫العالقات االقتصادية الدولية وتحكم مجموعة المؤسسات التي هدفها‬
‫المساهمة في تنمية البلدان النامية )‪(1‬‬

‫وفي تعريف أخر ُيشير إىل أنه مجموعة القواعد التي وضعت أثناء الحرب‬
‫العالمية الثانية لضبط قواعد السلوك في مجال العالقات االقتصادية بين‬
‫الدول ‪ ،‬والتي بدأت تتبلور مالمحها منذ الثمانينات وتتحدد بوضوح مع بداية‬
‫التسعينات ‪ ،‬وتنظم هذه القواعد سير التفاعالت اإلقتصادية الدولية بين‬
‫الدول كفاعلين رسميين وبين الفاعلين غير الرسميين كالمؤسسات الدولية أو‬
‫العالمية والشركات المتعددة الجنسيات العالمية النشاط‪ ،‬والتكتالت‬
‫االقتصادية العالمية )‪(2‬‬

‫)‪-(1‬أحمد محيو ‪ ،‬إعالن بشأن إقامة نظام إقتصادي عالمي جديد ‪،‬هيئة األمم المتحدة ‪،‬ص‪1‬‬
‫)‪ -(2‬نفس المرجع السابق‬

‫﴿‪﴾3‬‬
‫ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث األول‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مكوناته‬

‫يتكون النظام االقتصادي الدولي من أجهزة تعد بمثابة آلياته في التسيير‬


‫وتتمثل فيما يلي‬

‫النظام النقدي الدولي ‪:‬وهو ذلك النظام الذي يحكم ويضبط قواعد السلوك في‬
‫كل ما يتعلق بأسعار الصرف وموازنين المدفوعات ومصادر تمويل العجز‬
‫ونوعية السياسيات التصحيحية التي يجوز للدولة العضو إتباعها وتطبيقها لعالج‬
‫مثل هذا العجز عند وقوعه‪ ،‬وبالتالي فإن هذا النظام يفترض أنه يكفل تحقيق‬
‫االستقرار النقدي العالمي في النظام االقتصادي العالمي الجيد‪ ،‬ويعتبر صندوق‬
‫النقد الدولي هو الحارس والقائم عىل إدارة النظام النقدي )‪(1‬‬

‫النظام المالي الدولي ‪:‬وهو ذلك النظام الذي يحكم قواعد السلوك في كل ما‬
‫يتعلق بالتحركات أو االنتقاالت الدولية لرؤوس األموال سواء في صورة‬
‫مساعدات أجنبية أو قروض خارجية سواء كانت رسمية أو تجارية أو في صورة‬
‫استثمارات أجنبية مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬ويقوم البنك الدولي بمفهومه‬
‫الشامل بدور قيادي في إدارة النظام المالي الدولي )‪(2‬‬

‫النظام التجاري الدولي ‪:‬وهو ذلك النظام الذي يحكم قواعد السلوك في كل ما‬
‫يتعلق بتصدير واستيراد السلع‪ ،‬وتحديد ما يجوز وما ال يجوز من اإلجراءات‬
‫الحمائية أو إعانات التصدير بل والعمل من خالل هذا النظام عىل تحرير التجارة‬
‫العالمية لزيادة التبادل الدولي‪ ،‬وقد قامت سكرتارية الغات بالمحافظة عىل‬
‫استمرارية هذا المكون من مكونات النظام االقتصادي العالمي‪ ،‬إىل أن قامت‬
‫منظمة التجارة العالمية عىل أثر جولة أوروغواي للمفاوضات التجارية متعددة‬
‫)‪(3‬‬
‫األطراف لتتوىل إدارة النظام التجاري الدولي اعتبارًا من بداية عام ‪1995‬‬

‫)‪ -(1‬سمية فوزي‪ ،‬النظام العالمي الجديد وانعكاساته االقتصادية عىل الوطن العربي ‪ ،‬مجلة البحوث والدراسات‬
‫‪.‬العربية‪ ،‬العدد ‪ ،22‬معهد البحوث والدراسات العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1994 ،‬ص‪44-43‬‬
‫)‪ -(2‬نفس المرجع السابق‬

‫)‪ -(3‬نفس المرجع السابق‬

‫﴿‪﴾4‬‬
‫ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث األول‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مراحل تطور النظام اإلقتصادي العالمي‬


‫الجديد‬
‫شهد النظام اإلقتصادي العالمي الجديد أربع مراحل تطور وهي‪:‬‬
‫المرحلة األوىل الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية إىل ‪ :1973‬حيث‬
‫شهدت تلك المرحلة بداية تكون النظام االقتصادي العالمي بأقطابه ومكوناته‬
‫وآلياته‪ - .‬فمن ناحية القطبية‪ :‬انقسم االقتصاد العالمي إىل قطبية ثنائية من‬
‫ناحية األنظمة االقتصادية حيث أصبح هناك النظام الرأسمالي بأتباعه والنظام‬
‫االشتراكي بأتباعه‪ ،‬والعالم المتقدم والعالم النامي وعالم األغنياء والفقراء مع‬
‫اتساع الهوة االقتصادية بين االثنين عبر الزمن‪ -.‬ومن ناحية المكونات ‪ :‬فقد‬
‫ظهر االتجاه واضحًا إىل قيام نظام اقتصادي عالمي جديد يتكون من ثالثة‬
‫مكونات‪ :‬األول هو النظام النقدي الدولي ممثًال بصندوق النقد الدولي والذي‬
‫أنشئ عام ‪ 1944‬وبدأ مزاولة نشاطه عام ‪ .1947‬والثاني هو النظام المالي‬
‫الدولي ممثًال بالبنك الدولي والذي أنشئ في عام ‪ ،1944‬وبدأ أعماله منتصف‬
‫عام ‪ ،1946‬أما الثالث فهو النظام التجاري الدولي الذي لم يكتمل في تلك‬
‫المرحلة واقتصر فقط عىل إنشاء سكرتارية الغات عام ‪ ،1947‬ولم يكتمل هذا‬
‫النظام إال في منتصف التسعينات بانتهاء جولة أورغواي وإتمام توقيع مراكش‬
‫عام ‪ 1944‬وإنشاء منظمة التجارة العالمية في بداية عام ‪ -.1995‬وقد لوحظ‬
‫عىل ترتيب األوضاع االقتصادية التي سادت العالم بعد الحرب العالمية الثانية‬
‫أن الدول الرأسمالية المتقدمة تسيطر عىل الدول النامية وتعمل عىل استغالل‬
‫ثرواتها‪ ،‬وتجلت العالقات بينهما في حصول األوىل عىل المواد األولية التي‬
‫تنتجها الثانية‪ ،‬بأسعار أو أثمان غير عادلة وبالتالي فإن معدل التبادل الدولي‬
‫في صالح األوىل دائمًا‪ ،‬وكانت سيطرة الدول الرأسمالية المتقدمة عىل‬
‫عمليات اإلنتاج والنقل والتوزيع لكثير من المواد األولية في ذلك الوقت يجعل‬
‫تلك الدول تستحوذ عىل الجزء األكبر من الفائض االقتصادي الذي يتولد من‬
‫الدول النامية‪.‬وقد تكونت عىل كل تلك الترتيبات االقتصادية عدد من النتائج‬
‫من أهمها‪ :‬تفاقم أزمة التنمية في دول العالم الثالث‪ ،‬وتزايد حدة التفاوت بين‬
‫‪.‬الدول الرأسمالية المتقدمة والدول النامية )‪(1‬‬

‫)‪. -(1‬إسماعيل صبري عبد هللا‪ ،‬نحو نظام اقتصادي عالمي جديد‪ ،‬الهيئة العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪ -1977‬ص‪16‬‬

‫﴿‪﴾5‬‬
‫ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث األول‬

‫المرحلة الثانية الممتدة من ‪ 1974‬إىل ‪:1990‬لعل نتائج المرحلة األوىل الممتدة من‬
‫نهاية الحرب العالمية الثانية إىل ‪ 1973‬قد أبرزت الحاجة الشديدة إىل نظام‬
‫اقتصادية دولي جديد وخاصة تلك النتائج المتعلقة بمدى الظلم الواقع عىل الدول‬
‫النامية والتفاوت الذي كانت تتسع هوته بين الدول الرأسمالية والدول النامية‪،‬‬
‫وأدركت عناصر مستنيرة في الغرب أن الرخاء ال يمكن أن يستمر وأن السالم الدولي‬
‫ال يمكن أن يستتب إذا لم تؤخذ تطلعات شعوب العالم الثالث في االعتبار‪.‬وهكذا‬
‫تتبلور شيئًا فشيئًا اإلحساس بأن تعديل نظام العالقات االقتصادية الدولية الراهنة‬
‫تعديًال جوهريًا يقتضي تعديالت جذرية في استراتيجية التنمية والسياسات‬
‫االقتصادية بل واالجتماعية داخل الدول المعنية‪ ،‬وأدى هذا إىل إحساس الدول‬
‫النامية بضرورة إجراء إعادة نظرة شاملة في النظام االقتصادي الدولي‪ ،‬وبالفعل‬
‫تصدرت الدعوة إىل إقامة نظام اقتصادي دولي جديد مقررات مؤتمر القمة الرابع‬
‫لدول عدم االنحياز الذي انعقد في الجزائر العاصمة في عام ‪ 1973‬وقد أسفرت‬
‫المناقشات عن إقرار وثيقين مهمتين هما‪ -]1[ :‬إعالم بشأن نظام اقتصادي دولي‬
‫جديد بالقرار رقم ‪ -.3201‬برنامج عمل من أجل إقامة نظام اقتصادي دولي جديد‬
‫بالقرار رقم ‪.3202‬ثم جاء إعالن ليما وخطة العمل للتنمية الصناعية الذي انعقد في‬
‫ليما في عام ‪ ،1975‬وقد أوصى اإلعالن بضرورة رفع نصيب الدول النامية في‬
‫اإلنتاج الصناعي عام ‪ 2000‬إىل ‪ %25‬من اإلنتاج الصناعي العالمي بدًال من ‪ %7‬عام‬
‫‪.1974‬ولعل من المالحظ أنه إذا كانت تلك المرحلة قد شهدت بداية قوية نحو‬
‫تكوين اقتصاد دولي جديد يكون أكثر عدالة ويحقق السالم الدولي‪ ،‬فإن نهاية هذه‬
‫المرحلة أبرزت نتائج معينة ومتغيرات جديدة وقوى دافعة أخرى يبدو أنها تعلن من‬
‫جديد عن تشكل نظام اقتصادي عالمي جيد قد يختلف عما ُنودي به في بداية هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬حيث أسفرت نتائج المرحلة ‪ 1990-1974‬عن تفاقم أزمة المديونية‬
‫الخارجية للدول النامية عام ‪ 1982‬وتزايد قوة تأثير صندوق النقد الدولي والبنك‬
‫الدولي واتفاقهما عىل ضرورة تنفيذ برامج التثبيت واإلصالح الهيكلي في الكثير من‬
‫الدول النامية من خالل مبدأ المشروطية الدولي المتبادلة بين المنظمتين‪ ،‬بمعنى‬
‫أن الحصول عىل تمويل من أحدهما يرتبط بموافقة المنظمة األخرى‪ ،‬وتعد هذه‬
‫التطورات والتغيرات قوى دافعة نحو دخول االقتصاد العالمي مرحلة جديد يتم فيها‬
‫‪.‬البحث وبعمق عن نظام اقتصادي عالمي جديد بآليات جديدة‬

‫]‪ -[1‬إسماعيل صبري عبد هللا ‪،‬مرجع سبق ذكره‬

‫﴿‪﴾6‬‬
‫ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث األول‬

‫المرحلة الثالثة الممتدة من ‪ 1991‬إىل القرن الواحد والعشرين‪:‬وهي تبدأ منذ‬


‫إعالن الرئيس بوش في خطابه أمام الكونغرس األمريكي في آذار ‪ ،1991‬أن‬
‫حرب الخليج كانت المحك األول لقيام نظام عالمي جديد‪ ،‬ولعل الجديد في هذه‬
‫المرحلة أنه في بداية المرحلة ‪ 1990 -1974‬كانت الدعوة إىل تعميق البحث‬
‫عن قيام نظام اقتصادي عالمي جديد‪ ،‬ولعل الجديد في هذه المرحلة أنه في‬
‫هذه المرحلة أصبحت الواليات المتحدة هي التي تسعى إلرساء نظام اقتصادي‬
‫عالمي جديد بعد أن كانت الدول النامية هي التي تطالب بذلك‪ ،‬ويمكن تحديد‬
‫معالم وآليات هذا النظام الذي ما زال في طور التشكل في األمور التالية‪ -1:‬أن‬
‫هناك إعادة هيكلة للنظام االقتصادي العالمي عىل أساس تكنولوجي بهدف‬
‫تعظيم العوائد وإعادة توطين األنشطة الصناعية والتكنولوجية‪ ،‬فقد بدأ يظهر‬
‫هيكل النظام العالمي من منظور تكنولوجي‪ ،‬تأتي في مقدمته مجموعة من‬
‫الدول الصناعية المركزية‪ - 2.‬انهيار االتحاد السوفيتي السابق وما له من داللة‬
‫اقتصادية في وجود قطبية اقتصادية واحدة‪ -3.‬االتجاه إىل غلبة أيدلوجية‬
‫اقتصادية وسياسية جديدة في عالم ما بعد الحرب الباردة بانتصار المعسكر‬
‫الرأسمالي وبالتالي انتصار اقتصاد السوق وآليات السوق والليبرالية السياسية‬
‫[‪ -4.]2‬التحول نحو الخصخصة والتخلي تدريجيًا عن اقتصاد األوامر والتخطيط‬
‫المركزي والقطاع العام إىل اقتصاد السوق والقطاع الخاص والتخطيط‬
‫التأثيري‪ -5.‬االتجاه إىل عولمة االقتصاد عىل نطاق كل أطراف االقتصاد الدولي‬
‫حيث يتحول العالم إىل قرية صغيرة محدودة األبعاد متنافسة األطراف بفعل‬
‫ثورة التكنولوجيا واالتصاالت‪ -6.‬إنشاء منظمة التجارة العالمية في بداية عام‬
‫‪ 1995‬وبذلك يكتمل الضلع الثالث المكون لمثلث النظام االقتصادي العالمي‬
‫الجديد‪ ،‬ليقوم عىل إدارة النظام االقتصاد العالمي ثالث منظمات عالمية‪:‬‬
‫صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية‬

‫]‪Francis Fakyama. The end of History. The national interest international „Affair. 1991 -[2‬‬

‫﴿‪﴾7‬‬
‫ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث األول‬

‫المرحلة الرابعة الممتدة من فشل مؤتمر سياتل وحتى أحداث الحادي عشر‬
‫من أيلول وما بعدها ‪ :‬ظهرت في تلك المرحلة مجموعة جديدة من القوى‬
‫واالتجاهات الدافعة التي تشكل هي وغيرها عملية االنتقال للنظام االقتصادي‬
‫العالمي الجديد في مرحلته المستقبلية‪ ،‬ويالحظ أن الدعوة إىل نظام اقتصادي‬
‫عالمي جديد تأتي هذه المرة من كل من الدول النامية والدول المتقدمة عدا‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وقد ظهرت هذه الدعوة من خالل مجموعة من‬
‫التغيرات الجذرية التي تعتبر بحد ذاتها قوى دافعة بدأت تعلن عن بداية قيام‬
‫نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر وضوحًا وأكثر عدالة‪ ،‬وهذه المتغيرات هي ‪-1:‬‬
‫فشل مؤتمر سياتل الخاص بمنظمة التجارة العالمية والذي عقد بنهاية عام‬
‫‪،1999‬ومؤتمر سياتل هو المؤتمر الوزاري الثالث منذ نشأة منظمة التجارة‬
‫العالمية‪ ،‬وقد فشل مؤتمر سياتل لعدة أسباب منها تصاعد الخالف بين‬
‫الواليات المتحدة واالتحاد األوروبي عىل موضوع الدعم المقدم للمنتجات‬
‫الزراعية ‪ ،‬حيث كانت الواليات المتحدة تسعى إىل تحقيق أقصى قدر من‬
‫التحرير في القطاع الزراعي‪ ،‬بينما رفض االتحاد األوروبي تحمل التزامات جديدة‬
‫تتطلب تغيير السياسة الزراعية ألعضائه‪ ،‬كما تصاعد الخالف بين الواليات‬
‫المتحدة واليابان‪ ،‬حيث طالبت األخيرة بضرورة مراجعة القوانين األمريكية‬
‫لمكافحة اإلغراق حيث ترى اليابان أن هناك مبالغة في هذه القوانين‪ ،‬ناهيك‬
‫عن معارضة الدول النامية أيضًا لهذه القوانين المتعلقة بقضايا اإلغراق‪ ،‬كما‬
‫تصاعد الخالف بين الدول النامية والواليات المتحدة األمريكية حول قضايا‬
‫صادرات المنسوجات والمالبس الجاهزة وفتح األسواق فيما يتعلق بتلك‬
‫السلع‪ ،‬حيث رفضت الدول النامية هذا المطلب األمريكي بشكل قاطع‬
‫وتمسكت بعدم الربط بين تحرير التجارة وحقوق العولمة‪ -2.‬تصاعد المظاهرات‬
‫المناهضة للعولمة‪ ،‬تلك المظاهرات التي نادت بأن تكون العمالة التي تعتبر‬
‫الناتج الرئيسي للنظام االقتصادي العالمي الجديد أكثر وضوحًا وأكثر عدالة‪،‬‬
‫واألهم أن المظاهرات المناهضة للعولمة انطلقت من سياتل‪ ،‬المدينة التي‬
‫تصدر عىل ما يربو عىل ‪ 42‬مليار دوالر والتي تقع في قلب الواليات المتحدة ‪،‬‬
‫لتشير إىل أن العولمة والنظام االقتصادي العالمي الجديد أصبحا بالنسبة‬
‫للمجتمع المدني في أمريكا وفي الدول المتقدمة رمزًا بعدم العدالة في توزيع‬
‫)‪(1‬‬
‫الدخل وسببًا للبطالة والتعدي عىل حقوق اإلنسان‬

‫)‪Francis Fukuyama. The end of History. The national interest international „Affair. 1991 -(1‬‬

‫﴿‪﴾8‬‬
‫ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث األول‬

‫انضمام الصين إىل منظمة التجارة العالمية‪ ،‬والشك ان انضمام الصين إىل‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫منظمة التجارة العالمية احتاج إىل مفاوضات شاقة وصعبة وهو يحمل دالالت‬
‫كبير فيما يتعلق بالنظام االقتصادي العالمي الجديد‪ ،‬حيث يشير إىل أن هناك‬
‫فاعًال رئيسيًا جديدًا يأخذ مكانه بقوة في االقتصاد العالمي حيث وصل الناتج‬
‫المحلي اإلجمالي الصيني حوالي أكثر من ‪ 2‬تريليون دوالر عام ‪2000‬ليتبوأ‬
‫المرتبة السابعة عالميًا‪ ،‬كما أن االقتصاد الصيني ما يزال يحقق أسرع معدل‬
‫نمو اقتصادي في العالم كله‪ -4.‬أحداث الحادي عشر من أيلول عام ‪ 2001‬والتي‬
‫أثرت سلبيًا بقوة عىل االقتصاد العالمي بسبب موجة المخاوف التي سادت‬
‫العالم في أعقاب تلك األحداث وتداعياتها وتأثيرها السلبي عىل حركة‬
‫االستثمارات والسياحة‪ ،‬وقد أشارت التقديرات الدولية إىل أن معدل نمو‬
‫االقتصاد األمريكي لم يتعد الـ ‪ %1‬في عام ‪ 2001‬وبلغ نحو ‪ %0.7‬في عام ‪2002‬‬
‫وهو يمثل أسوأ أداء منذ الركود األخير في عام ‪1991‬‬

‫﴿‪﴾9‬‬
‫واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث الثاني‬

‫المبحث الثاني‪:‬واقع النظام اإلقتصادي العالمي‬


‫الجديد‬
‫ومن الواضح أن النظام االقتصادي الدولي الذي وضعت أسسه في أعقاب‬
‫الحرب العالمية الثانية قد حقق نموا اقتصاديا عالميا بمعدالت كبيرة‪ ،‬وأدى إىل‬
‫التوصل إىل مستويات إنتاج كان من المستحيل التفكير فيها قبل الحرب وإىل‬
‫أنواع من المعرفة التكنولوجية التي أدهشت العالم‪ ،‬ولكن من الواضح كذلك أن‬
‫هذا النظام قد أدى – في الوقت ذاته – إىل تزايد الهوة التي تفصل بين العالم‬
‫المتقدم والعالم النامي‬

‫المطلب األول‪ :‬خصائصه‬


‫النظامأ‪ -‬االقتصادي العالمي الجديد يتسم بالديناميكية والقطبية‪.‬‬
‫األحادية‪:‬تأكدت الخاصية الديناميكية للنظام االقتصادي العالمي الحديد يومًا‬
‫بعد يوم بدليل احتماالت تبدل موازين القوى االقتصادية القائم وبدليل أيضًا‬
‫وجود أكثر من سيناريو لما سيكون عليه النظام االقتصادي العالمي الجديد‬
‫في القرن الحادي والعشرين‪ ،‬فالبعض يطرح سيناريو القطب الواحد‪،‬‬
‫والبعض اآلخر يطرح سيناريو الشكل الهرمي والبعض الثالث يطرح سيناريو‬
‫الكتل المتوازنة‪.‬يأخذ النظام االقتصادي العالمي الجديد الشكل الهرمي فيما‬
‫يتعلق بترتيب مراكز القوى االقتصادية الثالثة‪ ،‬ويسمح هذا الوضع بأن‬
‫تتوحد هذه القوى فيما بينها بحيث تغلب عىل عالقاتها عوامل التجانس مع‬
‫قبول مبدأ الصراع فيما بينها وخاصة من الناحية التجارية واالقتصادية‬
‫واقتسام أسواق العالم الثالث‪ ،‬ولكنها تترتب الديناميكية التي يتسم بها‬
‫النظام االقتصادي العالمي الجديد فقد يشهد النصف الثاني من القرن‬
‫الحادي تبدًال في األدوار عىل القمة الهرمية للنظام االقتصادي العالمي ‪ ،‬إذ‬
‫من المحتمل أن تنفرد أوروبا أو االتحاد األوروبي بالقمة إذا نجحت المساعي‬
‫األوروبية في استيعاب بقية أوروبا في االتحاد إىل جانب ما يحتفظ به‬
‫االتحاد من عناصر القوة حاليًا ترشحه العتالء القمة االقتصادية العالمية في‬
‫القرن الواحد والعشرين ثم يليه اليابان ثم الواليات المتحدة‪.‬؟ )‪(1‬‬

‫)‪ -(1‬سمية فوزي‪،‬مرجع سبق ذكره‬

‫﴿‪﴾10‬‬
‫واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث الثاني‬

‫العلمية في المعلومات واالتصاالت والتكنولوجيا وتعميق العولمة‬ ‫الثورةب‪-‬‬


‫االقتصادية‪:‬تمثل الثورة الصناعية الثالثة والتي تمثل ثورة علمية في المعلومات‬
‫واالتصاالت والمواصالت والتكنولوجيا كثيفة المعرفة األساس المادي للنظام‬
‫االقتصادي العالمي الجديد في المرحلة الحالية أو المعاصرة‪ ،‬وقد ترتب عىل‬
‫هذه الثورة العديد من النتائج لعل من أهمها‪ ]1[ :‬أ‪ -‬ثورة في اإلنتاج تمثلت في‬
‫احتالل المعرفة والمعلومات األهمية النسبية األوىل في عملية اإلنتاج‪ ،‬كما‬
‫انعكست في ظهور أنماط جديدة لتقسيم العمل الدولي‪ ،‬حيث ظهر تقسيم‬
‫العمل داخل السلعة الواحدة‪.‬ب‪ -‬ثورة في التسويق نتيجة لعجز األسواق‬
‫المحلية عن استيعاب إنتاج المشروعات العمالقة ونتيجة للثورة في عالم‬
‫االتصال والمواصالت‪.‬ج‪ -‬النمو الكبير والمتعاظم في التجارة الدولية والتدفقات‬
‫المالية الناتجة عن الثورة التكنولوجية من ناحية وتحرير التجارة الدولي من ناحية‬
‫أخرى‪.‬د‪ -‬تزايد االتجاه نحو المزيد من االعتماد االقتصادي المتبادل وشاركت في‬
‫ذلك أيضًا الثورة التكنولوجية والنمو المتزيد للتجارة الدولية وحركات رؤوس‬
‫‪.‬األموال عبر الدول‬

‫تعاظم دور الشركات متعدية الجنسيات‪:‬هناك العديد من المؤشرات الدالة‬ ‫ج‪-‬‬


‫عىل تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية النشاط أيضًا في‬
‫تشكيل وتكوين االقتصاد العالمي الجديد‪ ،‬لعل من أهمها‪:‬أ‪ -‬يشير التقرير الذي‬
‫نشرته مجلة فورشن في عام ‪ 1995‬عن أكبر ‪ 500‬شركة متعدية الجنسيات في‬
‫العالم أن إجمالي إيراداتها يصل إىل حوالي ‪ %44‬من الناتج المحلي اإلجمالي‬
‫العالمي وتستحوذ الشركات المتعدية الجنسيات في مجموعها عىل حوالي ‪40‬‬
‫‪ %‬من حجم التجارة العالمية‪.‬ب ‪ -‬أن حوالي ‪ %80‬من مبيعات العالم تتم من‬
‫خالل الشركات متعدية الجنسيات‪.‬ج ‪ -‬كذلك تجاوزت األصول السائلة للذهب‬
‫واالحتياطيات النقدية الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعدية الجنسيات‬
‫حوالي ضعفي االحتياطي الدولي منها‪.‬د ‪ -‬الدور الكبير الذي تلعبه الشركات‬
‫متعدية الجنسيات في الصورة التكنولوجية‪ ،‬فهي مسؤولة عن نسبة كبيرة من‬
‫االكتشافات التكنولوجية التي يرجع معظمها لجهود البحث والتطوير التي‬
‫قامت بها هذه الشركات )‪(1‬‬

‫)‪ -(1‬سمية فوزي‪،‬مرجع سبق ذكره‬

‫﴿‪﴾11‬‬
‫واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث الثاني‬

‫تزايد التكتالت االقتصادية والترتيبات اإلقليمية الجديدة‪:‬يكفي للداللة عىل‬


‫د‪-‬‬
‫تأكيد خاصية تزايد التكتالت االقتصادية والترتيبات اإلقليمية الجديدة أن إحدى‬
‫الدراسات التي أجراها صندوق النقد الدولي خالل عام ‪ 1995‬تشير إىل أنه يوجد‬
‫عىل مستوى العالم حوالي ‪ 45‬من أنظمة التكامل االقتصادي ومن ثم التكتل‬
‫االقتصادي في مختلف مراحلها وصورها‪ ،‬تشمل حوالي ‪ % 75‬من دول العالم‪،‬‬
‫وحوالي ‪ % 80‬من سكان العالم وتسيطر عىل حوالي ‪ % 85‬من التجارة العالمية‬

‫دور المؤسسات االقتصادية العالمية في إدارة النظام االقتصادي‬‫تزايد و‪-‬‬


‫العالمي الجديد ‪:‬لعل من الخصائص الهامة للنظام االقتصادي العالمي الجديد‬
‫هو تزايد دور المؤسسات االقتصادية العالمية في إدارة هذا النظام بعد انهيار‬
‫المعسكر االشتراكي بتفكك االتحاد السوفيتي وبالتالي تالشي المؤسسات‬
‫االقتصادية لهذا المعسكر‪ ،‬حيث أصبحت هناك ثالث مؤسسات تقوم عىل‬
‫إدارة النظام االقتصادي العالمي وهي‪:‬صندوق النقد الدولي‪ :‬وهو المسؤول عن‬
‫إدارة النظام النقدي الدولي‪.‬البنك الدولي وتوابعه‪ :‬وهو المسؤول عن إدارة‬
‫النظام المالي الدولي‪.‬منظمة التجارة العالمية ‪ :‬وهي المسؤولة عن إدارة النظام‬
‫التجاري الدولي‪.‬ويالحظ عىل هذه المؤسسات العالمية في العقد األخير من‬
‫القرن العشرين أنها تتجه إىل إدارة النظام االقتصادي العالمي من خالل آليات‬
‫جديدة في إطار من التنسيق فيما بينها لضبط إيقاع المنظومة العالمية )‪(1‬‬

‫)‪ -(1‬سمية فوزي‪،‬مرجع سبق ذكره‪.‬‬

‫﴿‪﴾12‬‬
‫واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث الثاني‬

‫مالمح هيكلية جديدة للنظام االقتصادي العالمي الجديد‪:‬لم يعد تقسيم الدول‪.‬‬ ‫ي‪-‬‬
‫في ظل النظام العالمي الجديد خاضعًا للنظام القديم‪ ،‬أي وجود دول متقدمة‬
‫ودول نامية فقط أو غنية وفقيرة فقط‪ ،‬بل أصبحت الهيكلة الجديدة للنظام‬
‫االقتصادي العالمي الجديد تستوعب التقسيمات والتكوينات التالية‪:‬أ ‪-‬‬
‫مجموعة الدول األعىل تطورًا‪ :‬وهي عىل وجه التحديد الواليات المتحدة‬
‫األمريكية وأوروبا الغربية واليابان‪ ،‬وتعتبر من البلدان األعىل دخًال‪.‬ب ‪ -‬البالد‬
‫النامية والساعية عىل طريق النمو‪ ،‬وتشمل البالد حديثة التصنيع في شرق آسيا‬
‫باإلضافة إىل الصين وبعض دول أمريكا الالتينية‪ ،‬وتعتبر فئة البلدان ذات‬
‫الدخل المتوسط في العالم‪.‬ج ‪ -‬البالد المتخلفة اقتصاديًا وهي ما يمكن أن يعبر‬
‫عنها بالبالد األقل نموًا وتقع ضمن الشريحة الدنيا من فئة الدخل األوسط‬
‫والشريحة العليا من فئة الدخل المنخفض‪.‬د ‪ -‬البالد المتأخرة اقتصاديًا وتنقسم‬
‫إىل قسمين‪ -:‬أقل البالد نموًا وتقع تقريبًا ضمن الشريحة الوسطى من الفئة‬
‫منخفضة الدخل‪ -‬وفي أدنى القاع يوجد القسم الذي نسميه أقل البالد نموًا وهي‬
‫الشريحة الدنيا من الفئة منخفضة الدخل وتشمل األجزاء األشد فقرًا من العالم‬
‫‪.‬الثالث‬

‫﴿‪﴾13‬‬
‫واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث الثاني‬

‫المطلب الثاني‪:‬وضع الدول النامية في ظل النظام‬


‫اإلقتصادي العالمي الجديد‬
‫التطور التاريخي‬

‫فمن ‪ 60‬عاما منذ القرن ‪ ،20‬والبلدان النامية عىل حماية سيادته واستقالله‬
‫ضد االستغالل الدولي والنهب والسيطرة عىل أساس المساواة والمنفعة‬
‫المتبادلة لتعزيز التعاون االقتصادي للبالد والتنمية واألهداف‬

‫أواخر ‪ 19‬في وقت مبكر القرن ‪ ،20‬مع النظم السياسية واالقتصادية الرأسمالية‬
‫االحتكارية من تشكيل والتنمية في االقتصاد العالمي أنشأت التقسيم الدولي‬
‫الرأسمالي للعمل يقوم نظام اإلنتاج الدولي إىل التبادل غير المتكافئ يعتمد‬
‫النظام التجاري الدولي وإىل عاصمة النظام المالي الدولي القائم عىل احتكار‬
‫المالية الدولية‪ .‬بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وقد اكتسبت عدد كبير من البلدان‬
‫المستعمرة وشبه المستعمرة استقاللها في السياسة‪ ،‬ولكن ال تزال تسيطر عىل‬
‫العالم بقيادة االقتصاد األمريكي عن طريق عدد قليل من البلدان المتقدمة‪.‬‬
‫انهم إدخال االستعمار الجديد‪ ،‬والشركات متعددة الجنسيات إىل البلدان‬
‫النامية من خالل االختراق‪ ،‬الحمائية التجارية‪ ،‬والفجوة االقتصادية بين الشمال‬
‫والجنوب آخذة في االتساع‪ ،‬وقعوا في أزمة الديون في البلدان النامية‪ ،‬المال‬
‫وتدهور شروط التبادل التجاري في موقف صعب‪ .‬ويتميز هذا النظام‬
‫االقتصادي الدولي القديم ال يزال حتى اآلن المهيمنة في االقتصاد العالمي‪.‬‬
‫وهو عائقا خطيرا أمام التنمية االقتصادية للبلدان النامية‪ ،‬فضال عن التقدم‬
‫المشترك للمجتمع البشري )‪(1‬‬

‫‪18:15 ,08/01/2021‬‬ ‫موسوعة ويكي ويك ‪wiki wic‬‬ ‫)‪-(1‬‬

‫﴿‪﴾14‬‬
‫واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث الثاني‬

‫وال تزال البلدان النامية من أجل تحسين وضعهم االقتصادي والنضال‪.‬‬


‫اقترح االجتماع أكتوبر ‪ 1964‬مؤتمر القمة الثاني لبلدان عدم االنحياز‬
‫والحكومة ألول مرة إقامة نظام اقتصادي دولي جديد وشعار‪ ،‬يليه اجتماع‬
‫شدد أيضا عىل أهمية إنشاء نظام جديد‪ ،‬وطرح محددة االقتراح‪ G77 .‬وزاري‬
‫في بلدان عدم االنحياز والترويج الفعال لمجموعة ال ‪ ،77‬في أبريل ‪1974‬‬
‫الدورة االستثنائية السادسة للجمعية العامة لألمم المتحدة اعتمدت "عىل‬
‫إنشاء إعالن النظام االقتصادي الدولي الجديد" و "برنامج العمل"‪ ،‬بمناسبة‬
‫إقامة االقتصادي الدولي دخلت النضال النظام الجديد مرحلة جديدة‬

‫المحتوى األساسي‬

‫عىل إنشاء إعالن دولي جديد النظام االقتصادي" المقترحة ينبغي إقامة"‬
‫النظام االقتصادي الدولي الجديد اتباع المبادئ األساسية لل‪" ،‬برنامج‬
‫‪s،‬العمل" ‪ 20‬لتأسيس نظام جديد لل‪ 10‬األهداف األساسية‪ .‬منذ ‪1970‬‬
‫الدول‬ ‫①‬ ‫وإنشاء نظام جديد للمحتوى مستمرة في التحسن‪ ،‬أساسا ما يلي‪:‬‬
‫عىل مواردهم الطبيعية واألنشطة االقتصادية وممارسة السيادة الدائمة‬
‫زيادة‬‫③‬ ‫التحسن في الوضع الدولي العالقات التجارية وشروط؛‬ ‫②‬ ‫يتمتع؛‬
‫التحويالت المالية إىل البلدان النامية ‪ ،‬وإصالح النظم النقدية والمالية‬
‫تحسين ظروف نقل عن البلدان األكثر نموا‪ ،‬ونقل التكنولوجيا‬ ‫④‬ ‫الدولية؛‬
‫حماية الموارد البحرية والحق في الكفاح من أجل‬ ‫⑤‬ ‫إىل البلدان النامية؛‬
‫تعزيز التعاون فيما بين البلدان النامية‪ ،‬وهي التعاون بين بلدان‬ ‫⑥‬ ‫الشحن؛‬
‫العالم اإلصالحات الهيكلية االقتصادية )‪(1‬‬ ‫⑦‬ ‫الجنوب؛‬

‫‪18:50,08/01/2021‬‬ ‫)‪-(1‬موسوعة ويكي ويك ‪wiki wic‬‬

‫﴿‪﴾15‬‬
‫واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث الثاني‬

‫المطلب الثالث‪:‬إنجازاته‬
‫تحققت في إذا كان نشوء النظام االقتصادي الدولي الجديد يعود إىل نحو‬
‫أربعين عاما ‪ ،‬فإن تقييمات إنجازاته متباينة ‪ .‬وألغراض التبسيط ‪ ،‬يمكن‬
‫التعرف عىل تيارين متعارضين ‪ :‬األول يمجد إسهامات النظام الجديد من خالل‬
‫تسليط الضوء عىل مطالب بلدان العالم الثالث وأوجه التقدم القليلة التي‬
‫العالقات االقتصادية الدولية ‪ ،‬في حين يركز التيار األخر فقط عىل إخفاقات‬
‫استراتيجية تعتبر تهديدا لليبرالية االقتصادية والهيمنة الغربية‬

‫والواقع أن النظام االقتصادي الدولي الجديد ال يخلو من التناقضات ‪ ،‬شأنه‬


‫في ذلك شأن كل مبادرة دولية واسعة النطاق ‪ .‬وإذا كان قد أحدث تغییرات‬
‫هامة يسهل رصدها ‪ ،‬فقد أسفر عن تغييرات أخرى أقل أهمية كثيرا ما‬
‫تالشت في خضم التطورات التي شهدها المجتمع الدولي خالل تلك الفترة‬
‫وعالوة عىل ذلك ‪ ،‬يتعذر تحديد إسهامات النظام االقتصادي الدولي الجديد‬
‫عىل الصعيد العالمي ‪ ،‬كما أن الدول تقيم تلك اإلسهامات في ضوء المزايا‬
‫والعيوب التي تؤثر في كل منها ‪ .‬وإذا كانت الجوانب اإليجابية لهذا النظام ال‬
‫تقبل الجدل ‪ ،‬فإن استراتيجية تطبيقه لم تعد بالفائدة عىل الجميع بصورة‬
‫متساوية ؛ حيث أبرزت الشروخ أو االنقسامات التي تفصل بين أعضاء‬
‫مجموعة ال ‪ ، 77‬إذ تكمن خلف قناع مطالبهم الموحدة اختالفات واقعية‬
‫مهمة تستدعي إجراء تغييرات مناسبة‬

‫ومن بين التغييرات المؤسسية الرئيسية الناجمة عن المطالبة بإقامة نظام‬


‫اقتصادي دولي جديد ‪ ،‬يمكن ذكر ما يلي )‪(1‬‬

‫إصالح معظم القواعد المتعلقة بالتجارة الدولية ‪ ،‬بإضافة الجزء الرابع التجارة‬
‫والتنمية في االتفاقات المنبثقة عن االتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية‬
‫والتجارة ( الغات ) ‪ ،‬ثم الحفاظ عىل هذا النظام المحدد في إطار منظمة التجارة‬
‫العالمية من خالل جولة الدوحة التي تسعى إليجاد حل لمطالب بلدان العالم‬
‫الثالث بالنظر ‪ ،‬ال سيما ‪ ،‬في إدراج الزراعة ضمن عملية تنظيم التبادالت‬
‫الدولية في المستقبل ؛‬

‫)‪ -(1‬أحمد محيو‪،‬مرجع سبق ذكره‬

‫﴿‪﴾16‬‬
‫واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬ ‫المبحث الثاني‬

‫تخفيف صرامة القواعد القائمة أو وضع قواعد جديدة لتيسير تمويل التنمية‬
‫وإدارة الديون في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ‪ ،‬مع اتباع نهج تدريجي‬
‫في مراعاة االنتقادات الموجهة إليهما بصفتهما الحارسين المتشددين للنظام‬
‫االقتصادي الليبرالي الدولي ؛‬

‫إعادة توجيه اآلليات الدولية للمساعدة والتعاون ‪ ،‬سواء تلك المتعددة األطراف‬
‫( من قبيل برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ‪ ،‬ومنظمة األمم المتحدة للتنمية‬
‫الصناعية ‪ ،‬ومؤتمر األمم المتحدة للتجارة والتنمية ولجنة األمم المتحدة للقانون‬
‫التجاري الدولي ‪ ،‬إلخ ‪ ) .‬أو اإلقليمية أو الثنائية ‪ ،‬والقيام أحيانا بإنشاء مؤسسات‬
‫جديدة بالشراكة ال سيما مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية والصندوق‬
‫المشترك للسلع األساسية الذي ينضاف إىل اتفاقات السلع األساسية القائمة ؛‬

‫التأثير الجلي الذي تتم ممارسته في سياق تطوير بعض األنظمة القانونية‬
‫الدولية ‪ ،‬سواء كانت عالمية ( أحكام قاع البحار باعتبارها تراثا جماعيا للبشرية ‪،‬‬
‫ونقل التكنولوجيا وحماية البيئة ‪ ،‬إلخ ‪ ) .‬أو إقليمية اتفاقات التنمية بين أوروبا‬
‫وبلدان أفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ ‪ ،‬وتشجيع مبادرات‬
‫التكامل اإلقليمي بين بلدان الجنوب ) أو ثنائية ( المساعدة اإلنمائية ‪ ،‬واتفاقات‬
‫حماية االستثمارات )‬

‫﴿‪﴾17‬‬
‫المحتويات‪:‬‬

‫‪-‬‬
‫الفهرس‬

‫أ‪،‬ب‬
‫المقدمة‬

‫‪02‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬ماهية النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬

‫‪03‬‬
‫المطلب األول‪:‬نشأته ومفهومه‬

‫‪04‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مكوناته‬

‫‪05‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مراحل تطور النظام اإلقتصادي‬


‫العالمي الجديد‬

‫|‬
‫‪10‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬

‫‪11‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خصائصه‬

‫‪14‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬وضع الدول النامية في ظل النظام‬
‫اإلقتصادي العالمي الجديد‬

‫‪16‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إنجازاته‬

‫‪18‬‬
‫الخاتمة‬

‫‪19‬‬
‫المراجع‬

‫||‬
‫المراجع‪:‬‬

‫الكتب بالغة العربية‪:‬‬


‫أحمد محيو‪،‬إعالن بشأن إقامة النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‪،‬هيئة‬
‫األمم المتحدة‬
‫إسماعيل صبري عبد هللا‪،‬نحو نظام إقتصادي عالمي جديد‪،‬الهيئة العامة‬
‫للكتاب‪،‬القاهرة ‪1977‬‬
‫سمية فوزي‪،‬النظام اإلقتصادي العالمي الجديد وإنعكاساته اإلقتصادية عىل‬
‫الوطن العربي‪،‬مجلة البحوث والدراسات العربية‪،‬القاهرة ‪1994‬‬

‫الكتب بالغة اإلنجليزية‪:‬‬

‫‪Francis Fukuyama. The end of History. The national interest‬‬


‫‪international „Affair. 1991‬‬

‫مواقع اإلنترنيت‪:‬‬

‫موسوعة ويكي ويك ‪wiki wic.com‬‬

‫﴿‪﴾19‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫لقد تطرقنا في بحثنا إىل تبيان ماهية النظام اإلقتصادي الجديد وتوضيح‬
‫مختلف مكوناته‪،‬وإبراز أهم المكونات التي يسعى إىل تحقيقها من إنشائه‬
‫بإعتباره من أهم األنظمة التي تسعى إىل تطور حياة المجتمعات والشعوب‬
‫وخصوصا التطور الذي وصل إليه العالم بفضله ‪،‬وبالرغم من أن البحث كان‬
‫قصيرا إال أننا سعينا إىل توضيح ولو جزء من هذا الموضوع و من خالله إستنجدنا‬
‫بالنظام اإلقتصادي العالمي الجديد وهو ركيزة العالم في تسيير العالقات‬
‫اإلقتصادية بين الدول‪.‬‬

‫من بين النتائج التى توصلنا إليها في بحثنا‪:‬‬

‫ساعد النظام اإلقتصادي العالمي الجديد عىل تحسين ظروف والعالقات‬ ‫▪‬
‫المختلفة من البلدان األكثر نموا ونقل التكنولوجيا إىل البلدان النامية ‪.‬‬

‫▪‬
‫إصالح النظم النقدية والمالية الدولية‬

‫▪تعزيز التعاون فيما بين البلدان النامية التعاون جنوب جنوب وتحسين‬
‫العالقات التجارية الدولية‪.‬‬

‫﴿‪﴾18‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫النظام اإلقتصادي العالمي الجديد يتمحور عىل خصائص ومالمح‬
‫تميزه عن المراحل السابقة‪ ،‬وإن كانت بعضها قد أستمدت جذورها‬
‫من الماضي‪ ،‬حيث أن هذا النظام يهدف عمليا إىل توحيد أجزاء‬
‫اإلقتصاد العالمي بحيث يقوم عىل تزايد درجة اإلعتماد المتبادل‬
‫بفعل إتفاقيات تحرير التجارة العالمية والتحول آلليات السوق‬
‫وتعميق الثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي حولت العالم إىل‬
‫قرية عالمية متنافسة األطراف تختفي فيها الحدود السياسية للدول‬
‫القومية ويتفق في إطارها الفاعلون الرئيسيون من دول ومنظمات‬
‫دولية وتكتالت إقتصادية وشركات متعددة الجنسيات عىل قواعد‬
‫السلوك لخلق أنماط جديدة من تقسيم العمل الدولي وتكوين‬
‫أشكال جديدة للعالقات اإلقتصادية العالمية بين األطراف الرئيسية‬
‫المكونة له وهذا ما يؤدي إىل تعميق عالمية اإلقتصاد كما تبرز فيه‬
‫عدد من المالمح الهيكلية الجديدة‬

‫بناء عىل ماسبق فإن اإلشكالية التي نسعى إىل بلورتها‪،‬يمكن حصرها‬
‫‪:‬في طرح السؤال الرئيسي التالي‬

‫ما هو النظام اإلقتصادي العالمي الجديد؟▪‬


‫ولمعالجة وتحليل هذه اإلشكالية يتطلب منا البحث واإلجابة عىل عدد من‬
‫‪:‬التساؤالت الجزئية وذلك بإتباع الخطوات التالية‬
‫▪‬ ‫ما هي المضلة المفاهمية للنظام اإلقتصادي العالمي الجدبد؟‬
‫▪‬ ‫ماهو وضع الدول النامية في ظل النظام اإلقتصادي الجديد؟‬
‫المبحث األول‪:‬ماهية النظام اإلقتصادي العالمي‬
‫الجديد‬
‫المطلب األول‪:‬نشأته ومفهومه‬
‫من الصعوبة تحديد الجهة التي أطلقت فكرةإنشاء نظام إقتصادي‬
‫دولي جديد وال متى ظهرت هذه العبارة‪،‬فإن التكريس الرسمي لهذا‬
‫المفهوم حدث مؤرخ بصورة جديدة ألنه نجم عن قرارين صادرين عن‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة في ‪1‬ماي ‪ 1974‬يتعلقان عىل التوالي‬
‫بإعالن عن إقامة نظام إقتصادي عالمي جديد‪ .‬وإىل جانب التكريس‬
‫الرسمي ثم عالقة تبعية مع اإلستراتجيات التي أطلقتها األمم‬
‫المتحدة من أجل التنمية في أوائل ستينات القرن الماضي‬
‫ومناقشات المتعلقة بالتجارة الدولية والقانون الدولي للتنمية‬

‫يقصد بالنظام اإلقتصادي الدولي مجموعة القواعد التي وضعت أثناء الحرب‬
‫العالمية الثانية لضبط قواعد السلوك في مجال العالقات االقتصادية بين‬
‫الدول ‪ ،‬والتي بدأت تتبلور مالمحها منذ الثمانينات وتتحدد بوضوح مع بداية‬
‫التسعينات ‪ ،‬وتنظم هذه القواعد سير التفاعالت اإلقتصادية الدولية بين‬
‫الدول كفاعلين رسميين وبين الفاعلين غير الرسميين كالمؤسسات الدولية أو‬
‫العالمية والشركات المتعددة الجنسيات العالمية النشاط‪ ،‬والتكتالت‬
‫االقتصادية العالمية‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مكوناته‬
‫يتكون النظام اإلقتصادي الدولي من ثالث أجهزة تعد بمثابة‬
‫آلياته في التسيير و تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫نظام النقد الدولي‪:‬‬


‫هو ذلك النظام الذي يحكم ويضبط قواعد السلوك في كل ما يتعلق‬
‫بأسعار الصرف و موازين المدفوعات و مصادر تمويل العجز‪،‬ويعتبر‬
‫صندوق النقد الدولي هو الحارس والقائم عىل إدارة النظام النقدي‪.‬‬
‫النظام المالي الدولي‪:‬‬
‫وهو ذلك النظام الذي يحكم قواعد السلوك في كل ما‬
‫يتعلق بالتحركات أو االنتقاالت الدولية لرؤوس األموال سواء في صور‬
‫مساعدات أجنبية أو قروض خارجية سواء كانت رسمية أو تجارية أو في صورة‬
‫استثمارات أجنبية مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬ويعتبر البنك الدولي هو القائم عىل‬
‫إدارة النظام المالي الدولي‬

‫النظام التجاري الدولي‪:‬‬


‫هو ذلك النظام الذي يحكم ويضبط قواعد السلوك في كل مايتعلق‬
‫بتصدير وإستراد السلع‪،‬وتحديد مايجوز وماال يجوز من اإلجراءات‬
‫الحمائية او إعانات التصدير بل والعمل من خالل هذا النظام عىل تحرير‬
‫التجارة العالمية لزيادة التبادل الدولي‪،‬وتعتبر المنظمة العالمية للتجارة‬
‫الممثل اإلداري لنظام التجاري الدولي‬
‫المطلب الثالث‪:‬مراحل تطور النظام اإلقتصادي العالمي‬
‫الجديد‬
‫شهد النظام اإلقتصادي الدولي الجديد أربع مراحل خالل تطوره وهي‪:‬‬
‫المرحلة األوىل الممتدة من نهاية الحرب العالمية الثانية إىل‬
‫‪:1973‬‬
‫حيث شهدت تلك المرحلة بداية تكون النظام اإلقتصادي العالمي‬
‫بأقطابه و مكوناته وألياته ‪-:‬من الناحية القطبية‪:‬إنقسام اإلقتصاد الدولي‬
‫إىل قطبية ثنائية من ناحية األنظمة اإلقتصادية(إشتراكي‪،‬رأس مالي)‬
‫من ناحية مكوناته‪ :‬فقد ظهر اتجاه واضحا اىل قيام نضام إقتصادي‬
‫عالمي جديد يتكون من ثالث مكونات‬
‫المرحلةالثانية الممتدة من ‪ 1974‬اىل ‪:1990‬‬
‫لعل نتائج المرحلة األوىل قد أبرزت الحاجة الشديدة إىل النظام‬
‫اإلقتصادي وخاصة تلك النتائج المتعلقة بمدى النظام الواقع عىل‬
‫الدول النامية ومن اهم اإلنجازات في هذه المرحلة إقرار وثيقتين‬
‫مهمتين هما ‪ :‬إعالن بشأن نظام إقتصادي عالمي جديد ‪.‬إعالن خطة‬
‫العمل للتنمية الصناعية‬
‫المرحلة الثالثة الممتدة من ‪ 1991‬إىل القرن الواحد والعشرين‪:‬‬

‫وهي تبدأ منذ إعالن الرئيس جورج بوش في خطابه امام الكونغرس‬
‫األمريكي في ‪ 1991‬وكانت حرب الخليج هو المحك األول لقيام النظام‬
‫اإلقتصادي الدولي الجديد‪.‬ويمكن تحديد معالم و آليات النظام الذي‬
‫مزال في طور التشكل في األمور التالية‪:‬‬
‫‪-‬إعادة هيكلة النظام اإلقتصادي العالمي الجديد في منظور تكنولوجي‬
‫‪-‬إنهيار اإلتحاد السوفياتي السابق و ما له من داللة إقتصادية في وجود‬
‫قطبية إقتصادية واحدة‬
‫‪-‬اإلتجاه اىل العولمة اإلقتصاد‬
‫المرحلة الرابعة الممتدة من فشل مؤتمر سياتل وحتى أحداث الحادي عشر‬
‫من سبتمبر وما بعدها‪:‬‬

‫وقد ظهرت دعوة إىل نظام إقتصادي عالمي جديد وكل الدول النامية من‬
‫خالل مجموعة من التغيرات الجذرية التي تعتبر بحد ذاتها قةى دافعة‬
‫بدأت تعلن عن قيام النظام ‪.‬وهذه التغيرات هي‪-1 :‬فشل مؤتمل سياتل‬
‫الخاص بالمنظمة العالمية للتجارة‬
‫‪-2‬تصاعد مظاهرات المناهضة للعولمة‬
‫‪-3‬إنضمام الصين إىل منظمة التجارة العالمية‬

‫المبحث الثاني‪:‬واقع النظام اإلقتصادي العالمي الجديد‬


‫المطلب األول‪:‬خصائصه‬
‫‪-‬النظام اإلقتصادي العالمي الجديد يتسم بالدناميكية القطبية األحادبة‬
‫‪-‬الثورة العلمية في المعلومات واإلتصاالت والتكنولوجيا وتعميق‬
‫العولمة اإلقتصادية‬
‫‪-‬تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات‬
‫‪ -‬تزايد التكتالت االقتصادية والترتيبات اإلقليمية الجديدة‬
‫‪-‬تزايد دور المؤسسات االقتصادية العالمية في إدارة النظام االقتصادي‬
‫العالمي الجديد‬
‫‪-‬مالمح هيكلية جديدة للنظام االقتصادي العالمي الجديد‬
‫المطلب الثاني ‪:‬وضع الدول النامية في ظل النظام‬
‫اإلقتصادي العالمي الجديد‬

‫فمن ‪ 60‬عاما منذ القرن ‪، 20‬والبلدان النامية عىل حماية سيادته‬


‫واستقالله‬
‫ضد االستغالل الدولي والنهب والسيطرة عىل أساس المساواة‬
‫والمنفعة‬
‫المتبادلة لتعزيز التعاون االقتصادي للبالد والتنمية واألهداف‬
‫ولقد وضع المحتوى األساسي لهذا النظام لصالح الدول النامية في‬
‫المبادئ التالية‪:‬‬

‫‪-1‬حصول الدول النامية عىل كل مواردها الطبيعية واألنشطة‬


‫اإلقتصادية و ممارسة السيادة الدائمة‬
‫‪-2‬التحسين في الوضع الدولي للعالقات التجارية مع الدول النامية‬
‫‪-3‬زيادة التحويالت المالية إىل البلدان النامية وإصالح النظم النقدية و‬
‫المالية للدول‬
‫‪-4‬تحسين ظروف النقل من البلدان األكثر نموا ونقل التكنولوجيا إىل‬
‫البلدان النامية‪.‬‬
‫‪-5‬تعزيز التعاون بين الدول النامية والتعاون جنوب جنوب‬

‫المطلب الثالث‪:‬إنجازاته‬
‫تمثلت إنجازات النظام اإلقتصادي العالمي في بعض التغيرات‬
‫المؤسسية الرئيسية الناجمة عن المطالبة بإقامته وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إصالح معظم القواعد المتعلقة بالتجارة الدولية‬

‫‪-‬تخفيف صرامة القواعد القائمة أو وضع قواعد جديدة لتيسير تمويل التنمية‬
‫وإدارة الديون في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي‬
‫‪-‬إعادة توجيه اآلليات الدولية للمساعدة والتعاون‬
‫‪-‬التأثير الجلي الذي تم ممارسته في سياق في تطور بعض األنظمة‬
‫القانونية الدولية‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫لقد تطرقنا في بحثنا إىل تبيان ماهية النظام اإلقتصادي العالمي‬
‫الجديد وتوضيح مختلف مكوناته ‪،‬وإبراز أهم األهداف التي يسعى إىل‬
‫تحقيقها من إنشائه بإعتباره من أهم األنظمة التي تسعى إىل تطور حياة‬
‫المجتمعات والشعوب وخصوصا التطور الذي وصل إليه العالم بفضله‬
‫‪،‬وإستنجدنا في هذا الموضوع بالنظام اإلقتصادي العالمي الجديد وهو‬
‫ركيزة العالم في تسيير العالقات اإلقتصادية بين الدول ‪.‬‬

‫من بين النتائج التي توصلنا إليها في بحثنا ‪:‬‬


‫‪-‬ساعد النظام اإلقتصادي العالمي الجديد عىل تحسين ظروف والعالقات‬
‫المختلفة من البلدان األكثر نموا ونقل التكنولوجيا إىل البلدان النامية‬
‫‪-‬إصالح النظم النقدية والمالية الدولية‪.‬‬
‫تعزيز التعاون فيما بين البلدان النامية التعاون جنوب جنوب وتحسين‬
‫‪.‬العالقات التجارية الدولية‬

You might also like