Professional Documents
Culture Documents
جذاذة التعليم
جذاذة التعليم
ال ميكن التعامل مع الدول العربية جميعًا بنفس الطريقة من حيث بحث وحتليل الواقع التعليمي فيها .وميكننا تقسيم الدول العربية
إلى قسمني ،دوٌل حققت جناحات معينة في ميدان تطوير التعليم على املستوى املدرسي واجلامعي .ودول أخرى ال تزال تعاني من
مستوى تعليمي متدن ونظام تعليمي ال يحقق أدنى متطلبات العصر واملجتمع.
فبالنظر إلى الدول التي أحرزت جناحات متقدمة على باقي الدول العربية في ميدان التعليم سنجد أّن بعض دول اخلليج قد استطاعت
أن تسير بامللتحقني بالتعليم املدرسي إلى مستويات متقدمة وأن ترفع من مستوى كفاءة املعلمني وتستريد مناهج تعليمية متقدمة.
ولقد أظهرت العديد من التقييمات الدولية تقدم هذه الدول في امليدان التعليمي مثل حصول قطر على املرتبة الرابعة في جودة التعليم
على مستوى العالم تلتها اإلمارات العربية املتحدة التي جاءت في املرتبة 10عامليًا والبحرين 33والسعودية .54
بينما جند بعض الدول العربية قد غرقت في احلروب واملشكالت التي حتتاج إلى سنوات طويلة حللها انطالقًا من حل مشكالتها
السياسية .ونذكر على سبيل املثال سوريا التي دمرت فيها نسبة مهمة من املدارس )أكثر من %33من املدارس( وانفصل فيها ماليني
األطفال عن املدرسة وتناهز نسبة األطفال املشردين داخل سوريا وخارجها 5,5مليون طفل.
ومن بني املشاكل العويصة األخرى التي يعرفها العالم العربي مشكلة األمية :فنسبة األميني ممن يزيد عمرهم عن 15سنة يصل إلى
) % 29,7تسعة وعشرين و سبعة أعشار باملائة( .وحسب البيانات فإنه و حتى عام 2024يتوقع أن يكون هناك 49مليون أمي
في العالم العربي .من بينهم حوالي 15,5مليون ذكر و 33,5مليون أنثى.
لكن بغض النظر عن هذه الفوارق الكبيرة التي نالحظها بني الدول العربية فيمكن الكالم عن مشاكل عامة تعيشها معظم الدول
العربية وعن حلول ميكن اقتراحها للرفع من مستوى التعليم في املنطقة العربية.
-ال تنفق مجموع الدول العربية إال % 2‚5من دخلها على التعليم مقابل % 5لدى الدول املتقدمة و % 4لدى الدول املتوسطة
الدخل بينما تنفق إسرائيل %8من دخلها على التعليم أي أكثر من الواليات املتحدة األمريكية ) (%7حسب إحصاءات تعود إلى
.2013
1
م ل ف الت ع ل ي م ج ذ اذ ة 6
ـــ تعد قطر من أكثر الدول العربية إنفاقا على التعليم ) (%6وهذا ما يفسر تبوأها الصف األول عربيًا من حيث جودة التعليم
والرابع عامليُا حسب مؤشر جودة التعليم العاملي الصادر عن املنتدى االقتصادي العاملي في دافوس لعام 2016 - 2015م في 30
سبتمبر .2015
* الوضعية السياسية
ـــ احلروب في بعض الدول العربية تؤدي إلى حرمان األطفال من التعليم :فقد انهارت بشكل كبير إن لم نقل متاما عملية التعليم في
اليمن وسوريا مثال .فقد ارتفع عدد األطفال املحرومني من التعليم في 2015إلى أكثر من 13مليون طفل في كل من العراق وسوريا
واليمن وليبيا ِوفق إحصاءات اليونسكو.
ـــ قصور مجموعة من السياسات على جعل التعليم في مقدمة األولويات وغياب استراجتيات على املدى البعيد وانعدام وضوح في
الرؤية يفضي إلى حرمان ماليني عديدة من األطفال من التعليم.
ـــ ضعف االستثمار في العملية التعليمية من طرف احلكومات وسوء إدارة املوارد املالية وضعف رواتب املدرسني والنتيجة أّن املدرس ال
يجد ما يحِّفزه على العمل ونفس الشيء بالنسبة للطالب خصوصا في املدارس العمومية.
ـــ الفقر يدفع عددا كبيرا من األسر لسحب أطفالهم من املدرسة جللب دخل تستفيد منه األسرة التي ال تتوفر على اإلمكانيات لإلنفاق
على تعليم األبناء.
ـــ 300ألف متعِّلم ومتعِّلمة ينقطعون عن الدراسة سنويا باملغرب حسب بعض الدراسات قامت بها اليونيسيف بالرباط -حوالي
مليون طفل ما بني التاسعة والرابعة عشرة لم يلجوا املدرسة أصال.
ـــ غياب البنية التحتية خاصة في املناطق الريفية واجلبلية .فبعض األطفال عوض الذهاب إلى املدرسة فهم يقضون أوقاتهم في مساعدة
عائالتهم بجلب املاء مثال من نقطة تبعد عن منازلهم بكيلومترات عديدة.
ـــ بعض العادات االجتماعية تخلق فجوة في التعليم بني اإلناث والذكور وحترم البنات من إمتام تعليمهن بسبب الزواج املبكر أو العمل
كخادمات في البيوت مثال.
-۳املشاكل املرتبطة بالعامل البيداغوجي املحض أي طرق التدريس وُقُدرات اجلهاز التعليمي:
ـــ ضعف التكوين وغياب التكوين املستمر في بعض األحيان :فاألساتذة املتخرجون منذ عشرين سنة يعانون من غياب مؤهالت
للتعليم في القرن الواحد والعشرين ويبقى تعليمهم تقليدي ال يواكب تطورات العصر.
2
م ل ف الت ع ل ي م ج ذ اذ ة 6
ـــ االنفصام بني الواقع واملقررات التعليمية التي تكون في بعض األحيان نظرية أكثر منها عملية وتطبيقية فال يرى الطالب جدواها
ونفعها في حياته الشخصية واملهنية وفي مساعدته على االندماج في سوق العمل.
ـــ اعتماد البيداغوجية على احلفظ وإعادة إنتاج املعرفة كما تلقاها الطالب عوض استعمال العقل واحلس النقدي في عملية التعلم كما
هو احلال في الدول الناجحة في ميدان التعليم.
-بتحسني ودعم البنية التحتية حتى نقرب املدرسة من املتعِّلمني خصوصا في األرياف ومننح األطفال أحسن الظروف املادية
للتَعُّلم،
-بدعم التكوين املستمر لألساتذة حتى يكونوا على إملام بالطرق احلديثة للتعليم،
-بإعادة النظر في املقررات والتقليص من الفجوة بني التعليم وحاجيات سوق العمل وذلك بربط املقررات والتكوين
بالواقع االقتصادي لكل بلد حتى نساعد الشباب على االندماج في سوق الشغل،
-بإنشاء مختبرات وورشات لألعمال التطبيقية حتى ال يتحول العلم إلى دروس نظرية محضة على أّن التجربة هي إحدى
أسسه املهمة في عصرنا،
-مبنح الدولة لدروس خصوصية يكون الهدف منها الدعم املدرسي بالنسبة لألطفال الذين يالقون صعوبات وال تستطيع
عائالتهم دفع أجرة أستاذ خصوصي،
ل املجتمع وهناك
-بالقيام بعمليات حتسيسية لتوعية العائالت بأهمية التعليم في عصرنا والنفع املرجو منه بالنسبة لك ّ
جتارب كثيرة ناجحة تدل على أّن هذا النوع من العمليات يحّد بشكل كبير من التسرب املدرسي،
-بإصالح إدارة التربية وحتفيز العاملني بها ألّنه ال ميكن تطبيق أي سياسة بدون جتنيد اإلدارة الساهرة عليها.
3