Professional Documents
Culture Documents
لجنة المناقشة:
رئيسا -عالق المنور أستاذ مساعد أ جامعة محمد لمين دباغين –سطيف2
مشرفا ومقر ار -بوزيد سليمة أستاذ مساعد ب جامعة محمد لمين دباغين –سطيف2
ممتحنا أستاذ مساعد أ جامعة محمد لمين دباغين –سطيف2 -ذيب زكرياء
ك إِ اَّل ِرج ً
َاَّل س ْلنَا َق ْبلَ َ ﴿ َومَا أَ ْر َ
الذ ْك ِر إِ ْن ُك ْن ُت ْ
م ََّل ل ِ ه َاسأَ ُلوا أَ ْ م َف ْ حي إِلَ ْي ِه ْ
ُنو ِ
ون ﴾ م َ تَ ْعلَ ُ
الحمد هللا الذي أنار لنا درب العلم واملعرفة وأعاننا على أداء هذا الواجب
إنجاز هذا العمل وفي تذليل ما واجهته من صعوبات ،وأخص بالذكر األستاذة
إلى األساتذة األفاضل الذين سننال شرف مناقشتهم لبحثنا هذا ،فلهم مني كل
الشكر والتقدير واالحترام.
ص :صفحة.
ط :طبعة.
د ط :دون طبعة.
د ص :دون صفحة.
ع :العدد.
مقدمة:
تعتبر حوادث المرور من بين أعقد وأخطر المشكالت اإلنسانية ،االجتماعية
واالقتصادية التي تواجه المجتمعات الحديثة ،حتى أصبحت توصف بإرهاب الطرقات،
نتيجة لما تخلفه من خسائر بشرية تتمثل في فقدان األرواح أو الشلل والعجز الجزئي أو
الكلي ،كما ينجم عنها خسائر مادية تتمثل في تدمير وتحطيم المركبات والمعدات
والمنشآت المادية ،باإلضافة إلى ضياع الوقت للسائقين اآلخرين جراء التوقف اإلجباري
نظ ار لإلزدحام الذي يترتب عن هذه الحوادث.
كما تعد حوادث المرور من أهم معوقات التنمية في الوطن العربي ،إذ تتكبد الدول
العربية ما يقارب خمسة وعشرين ( )25مليار دوالر من الخسائر كل عام ،إذ تشير أرقام
المنظمة العربية للسالمة المرورية إلى أن حوادث المرور في العالم العربي تخلف سنويا
أربعين ألف ( )40.000قتيل %85 ،منها ناتجة عن أخطاء بشرية ،وأن سلوكيات
السائقين مسؤولة عنها بنسبة ،%73ويقع %4منها على عاتق األحوال الجوية السيئة،
ونسبة %2إلى %7مرجعها سوء حالة الطرقات وعدم سالمتها وطريقة تصميمها وإنارتها،
وللهاتف المحمول نصيب يبلغ 6 %نتيجة استعماله أثناء القيادة.
أمام هذه األرقام المهولة كان على الدول أن تتحرك وهذا بسن قوانين وتنظيمات
خاصة للحد من المشاهد الدامية التي تشهدها الطرقات كل يوم ،وقد قامت الجزائر على
غرار باقي الدول بوضع قوانين ردعية وقائية ،الهدف منها تجنب وقوع مثل هذه الحوادث،
كقانون المرور ،والمراسيم المتضمنة تنظيم حركة المرور عبر الطرقات ،إال أن اآلثار
المترتبة على تطبيق هذه القوانين يبقى غير كافي ،خاصة فيما يتعلق بمحو آثار الحادث،
وما يخلف للضحايا من أضرار مادية وخاصة جسدية ،لهذا كان ال بد من فرض نظام
قانوني يؤدي إلى تعويض وجبر المتضررين من حوادث المرور ،وبالفعل فقد سارع
المشرع الجزائري بتطبيق هذا النظام من خالل إصدار األمر 15-74المؤرخ في 30
جانفي 1974المتعلق بإلزامية التأمين على السيارات وبنظام التعويض عن األضرار،
المعدل والمتمم بالقانون 31-88المؤرخ في 19جوان .1988
1
املقدمة
تتمثل أهمية الموضوع في التكلفة المادية والبشرية الكبيرة التي تخلفها حوادث المرور،
بما تشكله من ضغط اجتماعي واقتصادي على المجتمع ،جعلتنا نحاول وضع هذا
الموضوع في الميزان ،من خالل إلقاء نظرة على النظام القانوني الذي يقوم عليه
التعويض عن حوادث المرور في التشريع الجزائري ،وذلك من خالل معرفة األساس
القانوني الذي يقوم عليه ،إضافة إلى التعويضات التي يقرها المشرع لصالح ضحايا
حوادث المرور ،ومدى كفاية وجدية هذه التعويضات الممنوحة في محو آثار الحادث ،مع
بيان آليات وطرق الحصول على هذه التعويضات.
-تسليط الضوء على النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في التشريع الجزائري.
-توضيح آ ليات استيفاء التعويض عن االضرار المادية والجسمانية الناتجة عن حوادث
المرور وتقديرها.
-معرفة مدى مساهمة التعويض عن حوادث المرور في التخفيف من آثار حوادث
المرور.
يرجع اختيارنا لهذا الموضوع ألسباب ذاتية وأخرى موضوعية ،وتتمثل األسباب
الذاتية فيما يلي:
-الميول الشخصية لدراسة المسائل والقضايا المرتبطة بمجال الحوادث التي يندرج
ضمنها بطبيعة الحال موضوع التعويض عن حوادث المرور في التشريع الجزائري.
-اإلستفادة من الموضوع في الحياة العملية من خالل االطالع على نظام وطرق
التعويض عن حوادث المرور.
-أما األسباب الموضوعية ،فنوجزها من خالل النقاط التالية:
2
املقدمة
خالفا لمبدأ سلطان اإلرادة الذي يمنح لألفراد حرية التعاقد من عدمه ،ألزم المشرع من
خالل نص المادة األولى من األمر 15-74المعدل والمتمم بالقانون 31-88المتعلق
بإلزامية التأمين على السيارات وبنظام التعويض عن حوادث المرور ،كل مالك عربة
باكتتاب عقد تأمين يغطي األضرار الجسدية والمادية التي سببتها تلك المركبة للغير،
وذلك قبل إطالقها للسير ،وهو ما يجعلنا نطرح اإلشكالية التالية :ما مدى نجاعة النظام
القانوني للتعويض عن حوادث المرور في التشريع الجزائري؟
هذه اإلشكالية الرئيسية تثير العديد من التساؤالت الفرعية تتمثل باألساس في:
اعتمدنا في هذا البحث على المنهج االستقرائي التحليلي ،وذلك من خالل استقراء
مختلف المواد التي تتصل بالموضوع من قريب أو من بعيد ،وخاصة األمر 15-74
المعدل والمتمم والمراسيم التطبيقية له ،ومحاولة تحليل النصوص القانونية ،لبيان قيمتها
القانونية والعلمية ومكامن النقص فيها ،وكذلك تحليل موقف الفقهاء من بعض األمور
التي يثيرها موضوع البحث.
3
املقدمة
من بين الدراسات السابقة التي استعنا بها في إعداد هذه المذكرة ،نذكر:
-سمية بولحية :مذكرة ماجستير النظام القانوني لعقد التأمين على المركبات في التشريع
الجزائري.
-بحماوي الشريف :مذكرة ماجستير بعنوان التعويض عن األضرار الجسمانية بين
األساس التقليدي للمسؤولية المدنية واألساس الحديث.
-محمودي فاطمة :أطروحة دكتوراه بعنوان المسؤولية المدنية عن حوادث المرور.
الفصل األول بعنوان :النظام القانوني لتعويض عن حوادث المرور في الجزائر ،والذي
تضمن مبحثين ،يتعلق األول ب األساس القانوني للحق في التعويض عن حوادث المرور
في التشريع الجزائري ،أما المبحث الثاني فتطرقنا فيه إلى اإلستثناءات الواردة على تطبيق
مبدأ التعويض عن حوادث المرور.
أما الفصل الثاني فقد وسم ب :آليات استيفاء التعويض عن األضرار الجسمانية
والمادية في حوادث المرور وتقديره ،تناولنا في المبحث األول منه إجراءات الحصول
على التعويض ،أما المبحث الثاني خصصناه للتقدير القانوني للتعويض عن األضرار
الجسمانية والمادية في حوادث المرور.
وختمنا الموضوع بخاتمة عرضنا فيها أهم النتائج واإلقتراحات التي تم التوصل اليها من
خالل هذه الدراسة.
4
الفصل األول:
النظام القانوني للتعويض
عن حوادث املرور في
الجزائر
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
لم يترك المشرع الجزائري الفرصة إلثارة النقاش حول النظام القانوني للتعويض عن
حوادث المرور بصفة عامة بل قام بتخصيص أحكام خاصة لها ،فقد أخضع حوادث المرور
لقواعد األمر 15-74المؤرخ في 30جانفي 1974المتعلق بإلزامية التأمين على السيارات
وبنظام التعويض عن حوادث المرور ،ولمراسيمه التطبيقية التي صدرت في 16فيفري
1980وهي المرسوم رقم 34-80المتضمن تحديد شروط تطبيق المادة السابعة من
األمر ،15-74والمرسوم رقم ،35-80والمرسوم رقم ،36-80كما تخضع للتميمات التي
جاءت الحقا بموجب قانون رقم 07-80المتعلق بالتأمينات ،والقانون رقم 31-88المعدل
والمتم لألمر ،15-74والقانون الجديد رقم 04-06المتعلق بالتأمينات .1ولهذا سوف نقوم
بدراسة االساس القانوني لتعويض للحق في التعويض عن حوادث المرور في التشريع
الجزائري (المبحث األول) واالستثناءات الواردة عن تطبيق مبدأ التعويض عن حوادث
المرور (المبحث الثاني).
المبحث األول :األساس القانوني للحق في التعويض عن حوادث المرور في التشريع
الجزائر
يخضع تعويض ضحايا حوادث المرور في الجزائر لألمر رقم 15-74الذي يمثل الركيزة
االساسية في مجال التعويض عن حوادث المرور ،بناءا على أسس مختلفة عن األسس
العامة والمتعارف عليها في مجال التعويض التي بناء فيها المسؤولية المدنية على أساس
مجموعة من العناصر وهي الخطأ والضرر الفعلي المحقق والعالقة السببية بينهما ،وعليه
من خالل هذا المبحث سنبين المصادر القانونية لنظام التعويض عن حوادث المرور بخالف
األمر ( 15-74مطلب اول) وشروط تطبيق التعويض عن حوادث المرور (مطلب ثان)
وميدان تطبيق هذا التعويض (مطلب ثالث).
1ـ علي بوحجيلة "،تأمين المسؤولية الناتجة عن حوادث المرور ومسألة وقوع الحادث بسبب القيادة في حالة سكر أو تحت
تأثير الكحول أو المخدرات أو المنومات المحظورة" ،جامعة وهران ،الجزائر ،أفريل،2003ص ص.161-160،
6
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
المطلب األ ول :المصادر القانونية لنظام التعويض عن حوادث المرور في التشريع
الجزائري
بعد االستقالل بقت المحاكم تطبق القوانين الفرنسية ،بما في ذلك القوانين المتعلقة بنظام
المسؤولية المدنية و التأمين االلزامي عن حوادث السيارات ،تطبيقا القانون 157-62القاضي
بتمديد العمل بالتشريعات النافذة ،إلى أن أصدر المشرع الجزائري األمر 15-74المتعلق
بإلزامية التأمين على السيارات وبنظام التعويض عن األضرار ،محاوال من خالله تنظيم عملية
تعويض االضرار الجسمانية الناشئة عن حوادث المرور و حل المشكالت الكبيرة التي
أصبحت تعترض ضحايا حوادث المرور في سبيل حصولهم على التعويض ،وهذا التشريع
هو الحد الفاصل بين أحكام التعويض حسب النمط القديم والتعويض القائم على النظرية
الجديدة.1
وبالفعل فان القانون الصادر سنة 1974يشكل داخل النظام القانون الجزائري مجموع تقنينا
مستقال يدون خاصة الناجمة بالتعويض عن األضرار عن حوادث المرور.
نذكر منها:
وهذا القانون يحتوي على ثالثة أقسام :القسم األول يتعلق بإلزامية التامين على السيارات
والقسم الثاني تناول مسألة التعويض بما في ذلك التعويض عن االضرار الجسمانية واالضرار
المادية التي تتمثل خاصة في الخسائر المادية التي تلحق السيارة والقسم الثالث ينظم صندوق
الضمان الخاص بالتعويض.
وقد أضيف إلى النص ملحق يتضمن المعايير لمنح التعويض للمتضرر من حوادث.
1ـ سمية بولحية ،النظام القانوني لعقد التأمين على المركبات في التشريع الجزائري .مذكرة لنيل شهادة الماجستيرحقوق،
تخصص قانون العقود المدنية ،جامعة أم البواقي ،الجزائر2010 ،ـ ،2011ص.30
7
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
والقرار الوزاري الصادر بتاريخ 1981/03/18عن وزير المالية والذي يحدد شكل الوثائق
التي نص عليها البند السابع والتاسع من األمر .115-74
ضف الى ذلك وباستقراء المادة الثامنة من األمر 15-74التي تنص على ان كل حادث
ار جسمانية يترتب عليه التعويض لكل ضحية أو ذوي حقوقها وإن لم تكن
سير يسبب أضر ا
الضحية صفة الغير تجاه الشخص المسؤول مدنيا عن الحادث ،ويشمل هذا التعويض كذلك
المكتتب في التأمين ومالك المركبة كما يمكن أن يشمل سائق المركبة ومسبب الحادث ضمن
نفس الشروط المنصوص عليها في المادة .13
باستقرائنا لمختلق النصوص القانونية السابقة ،نجد أن المشرع الجزائري طبع التعويض عن
حوادث المرور بطابعين ،هما طابع العمومية وطابع التلقائية ،والمقصود بالطابع العام أو
الشامل للمستفيد من التعويض ،هو ان المادة الثامنة من األمر 15-74ألغت صفة الغير،
والغير حسب القواعد العامة هو كل من لم يكن طرفا في العقد وال خلفا عاما او خاصا
للمتعاقدين.
1الغوثي بن ملحة"،نظام التعويض عن االضرار الناجمة عن حوادث المرور في القانون الجزائري" ،المجلة الجزائرية
للعلوم القانونية والسياسية" ،العدد ،4ص.974
8
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
من أجل الحصول على التعويض بعد أن كان شرطا أساسيا ،بحيث يستطيع كل مكتتب
التأمين ومالك المركبة أن يطالبا بجبر الضرر الذي أصابهما ،بل إن المشرع ذهب أبعد من
ذلك إذ أنه أعطى السائق الحق في التعويض ،وإن كان قد تسبب في الواقعة بفعله خاطئ،1
إال في حاالت استثنائية نصت عليها المواد 15،14،13من نفس األمر وهي تطبيقات من
المبدأ سنتطرق إليها.
وقد كرست المحكمة العليا ما جاء في نص المادة 8من األمر 15-74في ق ارراتها ،ومن
ذلك القرار رقم 228214الصادرة بتاريخ 1999/11/16و الذي جاء فيه" :حيث أن المادة
الثامنة من أمر 15-74الصادرة في 1974/01/30يفتح تلقائيا حق في التعويضات لكل
ضحايا حوادث المرور أو ذوي حقوقهم ...حيث بتبين من تالوة الوثائق المرفقة بالملف
السيما ورقة الجلسة أن الطاعن لم يناقش أين وكيف تم خرق قانون 31-88الصادر في
1988/07/19بل اكتفى في مرافعته أمام قضاة الموضوع طلب تقسيم المسؤولية التي لم
يكن لها اي تأثير على التعويض الممنوح كون أن أمر 15-74مبني على نظرية المخاطر
وليس نظرية الخطأ أو أن كل ضحايا حوادث المرور أو ذوي حقوقهم يعوضون مهما كانت
مسؤولياتهم.2
أ ما المقصود بالطابع التلقائي للتعويض ،أنه يكفي الحصول على التعويض أن يثبت الضحية
أو ذوي حقوقها في حالة الوفاة أنه أصيب بأضرار جسمانية ،بسب حادث مرور تسببت به
مركبة ذات محرك ،بغض النظر عن تصرف السائق أثناء الحادث سواء كان تصرفه مخطئا
أو غير مخطئ بل إن خطأ الضحية نفسه يفتح حق التعويض ،حيث لم يعد الخطأ دور في
قيام المسؤولية ،اي أن حق الضحية في التعويض أصبح حقا مكتسب بمجرد وقوع الحادث
دون الحاجة إلثبات مسؤولية المتسبب في الحادث ،والتباع طريق التسوية الودية من اجل
الحصول على التعويض دون إلزامية إتباع إجراءات قضائية معقدة قد تطول معها مدة
1سفيان زرقط ،نظام تعويض األضرار الجسمانية الناشئة عن حوادث المرور في الجزائر ،الدفعة الثانية عشرالمدرسة
العليا للقضاء ،2005،2004ص.12
2نبيل صقر ،حوادث المرور نصا وفقها وتطبيقا (قرارات المحكمة العليا حول حوادث المرور) ،دار الهدى ،الجزائر،
،2009ص.236
9
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
التعويض ،إضافة إلى ذلك فقد جعل المشرع من خالل األمر 15-74عملية تقدير التعويض
تتم بطريقة خيالية طبقا للجدول الوارد في ملحق القانون ، 15-75وبالتالي فلم يعد للقاضي
سلطة تقدير التعويض كما هو الحال في القواعد العامة.1
باإلضافة إلى ما تم تناوله من رغبة المشرع في منح حماية أكبر لضحايا حوادث المرور فإن
هناك عدة مبررات عملية أدت إلى صدور األمر ،15-74ومن تلك المبررات أن المفهوم
السابق للمسؤولية لم يعد يتالءم مع المفاهيم االقتصادية واالجتماعية الحديثة وخصوصا في
موضوع األضرار التي تسببها وسائل النقل ،وبالتالي البد من األخذ بالمفهوم الحديث الذي
يتفق مع مبدأ ضرورة توفير الحماية للمتضرر من حوادث الطرق على أساس أن من يتضرر
من استعمال مركبة يجب أن ينال التعويض فور إثبات الضرر.
كما أن عدد كبير من ضحايا حوادث المرور حرموا من االستفادة من التعويض بسبب
مسؤوليتهم في الحادث ،مما جعل هؤالء الضحايا أو ذوي حقوقهم يعيشون مشاكل اجتماعية
حادة في غياب تشريع يحمي األشخاص المصابين في الحادث أو ذوي الحقوق في حالة
الوفاة.
تجدر االشارة إلى أنه الكثير من المحاكم رفضت تطبيق األمر 15-74المتعلقة بالمسؤولية
المدنية الناجمة عن حوادث المرور فيما التزمت بعض المحاكم بتطبيقه ،وسبب هذا التناقض
هو عدم صدور المراسيم التطبيقية و التي أحالت إليها المواد ( )34،32،20،19،7من األمر
15-74و المتعلقة بالوثائق المتبقية لتلبية االلتزام بالتأمينوالعقوبات التي توقع علي
األشخاص الذين لم يمثلوا لهذا االلتزام ،واجراءات التحقيق وطريقة تقدير نسبة العجز
2بوجمعة بن قارة" ،النظام القانوني للمسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المرور في الجزائر" ،محاضرات ألقيت على
طلبة الدفعة العشرون المدرسة العليا للقضاء ،2010 -2009،ص.50
10
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
ومراجعتها ،وقواعد الصندوق الخاص بالتعويضات ،فالمواضيع التي أحالت إليها هذه المواد
ذات أهمية ،إذ ليس للقاضي إصدار حكمه إال بعد اطالعه على نسبة عجز الضحية و التي
على أساسها يمنح المضرور التعويض المستحق.1
أمام هذا التجاذب ،حسمت الغرفة الجنائية للمجلس األعلى (المحكمة العليا حاليا)هذا الخالف
بقرار أصدرته بتاريخ 1978/12/5في إحدى القضايا برفضها تطبيق األمر 15-74إلى
غاية صدور المراسيم التطبيقية ،وقد كان المجلس األعلى للقضاء سابقا يبطل كل قرار يعمل
بمقتضيات هذا األمر قبل صدور المراسيم التطبيقية له ،والتي مع صدورها بتاريخ
1980/02/16بدأ التطبيق الفعلي لألمر .215-74
11
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
سعى الفقه الفرنسي منذ فترة زمنية إلى توفير أكبر قدر ممكن من الحماية الفعالة لضحايا
حوادث المرور ،ولكي يصل إلى هذا الهدف تم االعتراف بمعنى موسع للحادث المروري،
بحيث يمتد ليشتمل كافة الحوادث التي تقع على الطريق دون استثناء سواء كانت طرقات
عامة أو الخاصة ،فكلما كان من معنى حادث المرور أوسع كلما تمكن المضرور من
الحصول على تعويض عادل ،ومن ثم يتفادى إعسار قائد المركبة المسؤول عن الحادث.1
وعليه ومن أجل توفير حماية أكبر لضحايا حوادث المرور دأب القضاء على منح الحادث
معنى أوسع سواء كان في الطريق العام أو الخاص ،بل اعتبر سقوط بعض األشياء من
المركبة البرية أثناء عملية الشحن والتفريغ والحوادث والحرائق واالنفجارات التي تسببها المركبة
والتوابع والمنتجات التي تستعملها واألشياء والمواد التي تنقلها ،إذ أنه يكفي أن تكون المركبة
متدخلة فقط في الحادث سواء في حالة حركة أو سكون.2
ويعرف كذلك حادث المرور وفقا للمعنى الواسع على أنه حادث فجائي يحصل على الطريق
واشتركت فيه مركبة على األقل ،وترتب عليه أضرار بدنية أو مادية .فيعتبر تبعا لذلك حادث
المرور واقعة مادية يترتب عليها أثر قانوني يتمثل في كل من األثر الجزائي مدني.3
لتحديد معنى واضح لحادث المرور يتجه البعض إلى تضيق ذلك المعنى المتعين معه تطبيق
أحكام القوانين الخاصة المتعلقة بالتأمين اإلجباري ضد حوادث المركبات .وترتيبا على ذلك
يرى أنصار االتجاه الضيق أن الحادث المرتكب من جانب مركبة ال يعد حادث مرور
1محمودي فاطمة ،المسؤولية المدنية عن حوادث المرور دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة وهران ،الجزائر ،2011- 2010،ص .38
2راضية مشري "التعويض عن األضرار الجسمانية في حوادث المرور" ،مجلة الباحث للدراسات األكاديمية ،مجلد ،6
ع ،3سبتمبر ،2019ص.167
3محمودي فاطمة ،مرجع سابق ،ص.32
12
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
بالمعنى المقصود إال إذا وقع على طريق السير العامة وال يسري على الحوادث التي تقع في
طريق سير خاصة.1
أي أن حادث المرور بالمعنى الضيق ال يتحقق إال إذا توافرت العناصر التالية وهي وقوع
حادث ،أن يقع الحادث من مركبة محددة بالقانون وأن تكون هذه المركبة في حالة سير،
فالحادث إذن حسب هذا الرأي هو واقعة محتملة الوقوع وغير متوقعة وخارجة عن إرادة
المؤمن له ،لذلك فإن عقد التأمين من العقود االحتمالية حيث يظهر فيها جليا العنصر
االحتمالي للخطر المؤمن ضده.2
الفرع الثاني :مركبة متسببة في الضرر
من أجل تطبق األمر 15-74المعدل و المتمم بالقانون 31-88يجب أن تكون المركبة
بمفهوم األمر هي التي سببت الضرر الالحق بالضحية ،ولهذا يجب ان نتطرق لمفهوم
المشرع الجزائري المركبة أيضا من خالل األمر 03-09المعدل والمتمم للقانون 14-01
المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسالمتها وأمنها من خالل المادة الثانية بأنها":كل
وسيلة نقل بري مزودة بمحرك للدفع او غير مزودة بذلك،تسير على الطريق بوسائلها الخاصة
المركبة التي أخضعها المشرع إللزامية التأمين فقد قضت الفقرة األولى والفقرة الثانية من
األمر 15-74انها كل مركبة برية ذات محرك و كذلك مقطوراتها أو نصف مقطوراتها و
حموالتها ويقصد بالمقطورات ونصف المقطورات ما يلي:
.1المركبات البرية المنشأة بقصد ربطها بمركبة برية ذات محرك وتكون تلك المركبة
مخصصة لنقل األشخاص أو األشياء.
.2كل جهاز بري مرتبط بمركبة برية ذات محرك.
.3كل آلية اخرى يمكن أن تكون مشابهة المقطورات أو نصف المقطورات بموجب مرسوم."3
1سعيد السيد قنديل ،مشكالت تعويض حوادث السير بين استهداف التغطية الشاملة وعدم كفاية المباشر المحدود ،دراسة
مقارنة ،دار الجامعة الجديدة ،مصر 2014،ص .18
2محمود فاطمة ،نفس المرجع ،ص.32
3محمد حسين ،تدخل السيارة في حادث المرورو المسؤولية في حوادث السيارات ،ديوان الطبوعات الجامعية الجامعة
طبعة ،2000ص .278
13
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
وقد استعمل المشرع مصطلح المركبة كونها أعم وأوسع من كلمة السيارة ذلك أن كلمة مركبة
تشمل جميع انواع السيارات والعربات واآلالت األخرى شريطة أن تكون لها محرك.
حيث يجب أن تتدخل السيارة في الحادث والمقصود بذلك أن تكون المركبة قد ساهمت بأي
قدر كان في الحادث ،وتدخل السيارة في الحادث يتحقق سواء كانت متحركة أو ثابتة (ساكنة)
ومع ذلك تحدث الضرر كما لو كانت السيارة واقفة في عرض الطريق أو في الليل مطفأة
االنوار.
وتجدر االشارة أن تدخل السيارة في الحادث ال يعني بالضرورة أن تكون الضرر حدث من
السيارة مباشرة أي من احتكاكها واتصالها ماديا بالمضرور ،بل يمكن اعتبار السيارة متدخلة
في الحادث نتيجة قذف أو تطاير جزء من السيارة وإحداثه الضرر ،أو أن عجلة السيارة قذفت
حج ار فألحقت ضررا.
فاالحتكاك هنا مادي ولكن غير مباشر فتدخل السيارة في الحادث ال يكفي بل يتعين أن تكون
السبب في الحادث بحيث يكون تدخلها إيجابيا منتجا للحادث.
وعليه اليكفي العتبار المركبة سبب في الحادث بدور أي كان بل يتعين أن يكون هذا الدور
منتجا فعاال فقد تتدخل السيارة في الحادث دون أن تحدثه هي وقد تتدخل في حاالت أخرى
وتحدثه ،حينئذ يكون دورها إيجابيا فالمقصود إذن بالتدخل اإليجابي للسيارة بأن يكون الحادث
والضرر نتيجة تدخلها وقيامها بدور رئيسي.
ومن هذا المنطلق يمكن القول أن المركبات هي جميع السيارات الخفيفة بمختلف أنواعها و
الحافالت و الشاحنات و الج اررات وأالت الحصاد و الدرس و الجارفات و الرافعات و
العربات المقطورة بواسطة هذه المركبات والدراجات النارية وغيرها من المركبات و األجهزة
المشابهة ،أما الدراجة التي ليس لها محرك و العربة التي تجر بواسطة الحيوانات فال تخضع
إللزامية التأمين ،وبالتالي ال يطبق عليها األمر .115-74
1
Encyclopaedia Dalloz Civil II Assurance .Assurance Automobile par Catherine Caille. October 1997.p20.
14
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
إال أنه تجدر اإلشارة إلى وجود استثناء من إلزامية التأمين البد من ذكره في هذا الموضع
فنجد أن المشرع في المادة الثانية من األمر 15-74استثنى صراحة الدولة بنصها أن الدولة
معفاة من االلتزام من التأمين.
إال أنه تقع عليها التزامات المؤمن بالنسبة للمركبات التي تملكها والموجودة في حراستها كذلك
المادة الثالثة من نفس األمر والتي قضت بأنه ال تسري إلزامية التأمين على النقل بالسكك
الحديدية.
إذن من خالل تطرقنا ألساس حق التعويض في حوادث المرور وشروط تطبيق األمر -74
15نخلص إلى أنه إذا ما نظرنا من زاوية المضرور فالتعويض تلقائي من جهة وعام من
جهة أخرى.
ويقصد بالتعويض التلقائي ذلك أن كل ضحية لها إمكانية االستفادة من التعويض مهما كان
الدور الذي لعبته الضحية السائق ولوكان هو الذي سبب الضرر فال مجال الستبعاد
التعويض مهما كان الحال ولو تدخل خطأ الغير أو السبب األجنبي فال يطلب من المضرور
إثبات الخطأ من الفاعل وال تحديد الشخص المسؤول أو لعدم وجود عقد تأمين فهناك تعويض
طالما توافرت شروط تدخل الصندوق الخاص بالتعويضات في الحاالت التي تستوجب
تدخله.1
أما التعويض العام فمن خالل المادة الثامنة من األمر 15-74التي تنص على ":وعليه كل
حادث سير سبب أضرار جسمانية ،يترتب عليه التعويض لكل ضحية أو ذوي حقوقها ،وإن لم
تكن للضحية ص فة الغير تجاه الشخص المسئول مدنيا عن الحادث ،ويشمل هذا التعويض
كذلك المكتتب في التأمين و مالك المركبة ،كما يمكن أن يشمل سائق المركبة ومسبب
الحادث ضمن الشروط المنصوص عليها في المادة 13بعده".
المشرع أسقط الخطأ خالف لما هو وارد في المادة 124من القانون المدني فالقاعدة لمنح
التعويض يتميز بالشمولية من حيث األشخاص الذين لهم الحق في التعويض وبالنسبة لمن
1المرسوم رقم 37-80المؤرخ في 16فيفري 1980المتضمن تطبيق المادتين 32و 34من األمر .15-74
15
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
يستحق التعويض يشمل تعويض السائق ومكتتب التأمين ،مالك المركبة ،عائلة السائق مهما
كانت صفة الضحية ولو كان للمضرور صفة الغير.1
الفرع الثالث :أن يكون الضرر جسمانيا
إن البحث في التعويض عن األضرار الجسمانية يستلزم معرفة هذه األض ارر( ،أوال) فاألضرار
التي تصي ب االنسان ليست على درجة واحدة فهي عديدة ومتنوعة تختلف بحسب درجة
جسامة الضرر ،فهذا األخير قد يكلف المضرور حياته ،وهو ما يستلزم البحث في عناصر
هذ الضرر (ثانيا) والتي تختلف تبعا لنتيجة الفعل الضار وما إذا أدى إلى اإلصابة أو الوفاة.
لم يعرف األمر رقم 15-74الضرر الجسماني ،علما أن القانون 31-88المعدل والمتمم
لألمر السابق نص على جميع أنواع األضرار الجسمانية بما فيها ضرر التألم المتوسط والعام
والضرر المعنوي.
يقصد بالضرر بصفة عامة باعتباره أهم ركن تقوم عليه المسؤولية المدنية على أنه األذى
الذي يصيب مال المضرور أو نفسه ،أي هو المساس بمصلحة المضرور ،سواء أكانت هذه
المصلحة مالية أو كانت معنوية.2
وعليه يمكننا القول أن الضرر قد يكون ماديا او معنويا ،أما الضرر الجسماني هو عبارة عن
النتائج المادية أو المالية واألدبية التي تترتب على االعتداء على الجسم ،ذلك كون النتيجة
المترتبة على االعتداء على الجسم هي المساس بالمزايا التي يخولها الحق في السالمة
الجسدية أو الحق في الحياة ،إذ يترتب على هذا المساس بدوره نتائج أو آثار أخرى سواء
كانت آثار مالية ،تتمثل أساسا فيما تكلفه المضرور بسب اإلصابة كنفقات العالج مثال،
إضافة لفقد المزايا المالية التي كان المضرور يحصل عليها قبل اإلصابة .أما فيما يتعلق
بالجانب غير المالي فإن هذه اإلصابة يترتب عليها أضرار أخرى تتمثل فيما عاناه المضرور
1بوزيدي محمد ،المصالحة في مجال تعريض ضحايا حوادث المرور ،المجلة القضائية لسنة 1992العدد ،2ص.87
2ادريس العبد الوي ،شرح قانون مدني -النظرية العامة االلتزام ،د،ط ،د ت ن ،الجزء الثاني ،د ت،ص.176
16
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
من آالم وفيما فاته من جمال وفيما حرم منه من متاع الحياة ،والقول يسري أيضا في حالة ما
إذا وقع االعتداء على الحق في الحياة. 1
فمؤدى ما تقدم يمكن تعريف األضرار الجسدية بتلك األضرار التي تصيب اإلنسان في جسمه
نتيجة االعتداء عليه من الغير سواء اقتصرت هذه األضرار على مجرد المساس بحق اإلنسان
في سالمة جسمه أو حياته ،أو تعدت ذلك وترتب عليها أضرار أخرى ،سواء انطوت على ألم
أو خسارة أو تفويت كسب أو لم تنطو على شيء من ذلك أي الضرر الذي يمس التوازن
والتكامل الجسماني وما يترتب عن ذلك من مسابقات في مسلك حياته الطبيعي ،أي األآلم
التي تنتج عنها تشوهات وعجز يصيب الجسم ويحرمه من إشباع حاجته الطبيعية المألوفة في
الحياة.2
تختلف األضرار الجسمانية التي تصيب المضرور في جسمه بحسب النتيجة التي آل إليها
هذا الشخص ،أي بحسب ما إذا أدى االعتداء إلى اإلصابة أو الوفاة ،وهو ما سنتعرض له
بإيجاز فيما يأتي:
مهما يكن الضرر الجسماني فإنه يرتب نوعين من األضرار تتمثل في كل األضرار المعنوية
التي ليس من السهل تقييمها ،باإلضافة إلى األضرار مادية التي تقبل التقييم المالي.
أ-الضرر المعنوي :يتمثل الضرر األدبي أو المعنوي الناجم عن اإلصابة الجسمانية في كل
ما يعانيه المضرور من آالم ومعاناة أثناء اإلصابة وفترة العالج ،وما ينتج عنها من تشوهات
1عالوة بشوع ،التأمين اإللزامي من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات في الجزائر ،مذكرة لنيل شهادة
17
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
أو عجز في األعضاء والجسم بوجه عام ،والمثال على ذلك فقدان الشخص ألحد حواسه
كعينه أو أنفه ،أو إصابة بالعجز جنسي.1
وإذا كان الضرر األدبي ال يخضع لمعيار واضح ألنه من الصعب تقدير األلم والتشويه ،فإنه
من السهولة بمكان تقدير ،الضرر المادي الذي يرتكز على أسس منطقية من الضروري
بيانها بالحكم.2
ب-الضرر المادي :يشمل الجانب المالي للضرر في حالة اإلصابة كل ما لحق المضرور
من خسارة وما فاته من كسب ،ويضاف إلى ذلك الضرر الذي يصيب ذوي المتوفي في حالة
اإلصابة التي تعجز المضرور عن القيام بأي عمل ،ويمكن حصر على سبيل المثال الخسائر
التي تلحق المصاب في تكاليف العالج الالزمة للمضرور واإلنقاص من قدراته على العمل أو
خسارته األجر أثناء العالج ،إضافة للنفقات اإلضافية التي تترتب عن اإلصابة كضرورة
االستعانة بأجهزة إضافية كالكرسي المتحرك.
إن االعتداء على جسم اإلنسان إذا أدى إلى الوفاة ،فإن هذه األخيرة ذاتها تعد العنصر األول
الذي يتعين أن تكون له أولوية في التعويض وينتقل هذا التعويض إلى الورثة ،لذا يطلق عليه
التعويض الموروث ،كما يرتبط بوفاة المضرور إصابة ذويه بأضرار محددة تسمى بالضرر
المرتد أو الضرر غير المباشر.3
وفي األخير نقول أن ما يالحظ على المشرع الجزائري وفق األمر 15-74قبل التعديل أنه
أخذا باألضرار الجسمانية ككل ولم يتعرض في ذلك ألي تفصيل عن نوعية الضرر مثل
الضرر المادي ،الضرر المعنوي ،الضرر المتأتي عن المساس بالعاطفة أو الضرر
المستقبلي وتمسك فقط بالضرر الجمالي ،لكنه تدارك األمر فيما بعد بموجب القانون رقم
1بحماوي الشريف ،التعويض عن األضرار الجسمانية بين األساس التقليدي للمسؤولية المدنية واألساس الحديث ،مذكرة
لنيل شهادة الماجستيرفي القانون الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة ابوكر بلقايد ،تلمسان ،الجزائر ،2008-2007،ص .25
2علي كحلون ،النظرية العامة االلتزامات ،د ط ،مجمع األطرش للكتاب المختص ،تونس ،2015،ص .219
3بحماوي الشريف ،مرجع سابق ،ص .34
18
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
31-88المعدل والمتمم لألمر السالف الذكر أضاف إليه الملحق حدد فيه جدول
التعويضات الممنوحة عن األضرار الجسمانية والتعويض عن الضرر الناجم عن التألم
والضرر المعنوي.
ولهذا سنتطرق للمبدأ العام في منح التعويض (أوال) وأساس منح التعويض وفقا للمادة الثامنة
من األمر السابق الذكر(ثانيا).
بسبب العراقيل الكبيرة التي عرفتها مرحلة ما قبل 1974بإصالح آثار حوادث المرور
الجسمانية المعتمدة على أساس المسؤولية المدنية القائمة على الخطأ القابل إلثبات العكس
بنفي مسؤولية السائق ،وما يترتب عنها من حرمان جزء هام من ضحايا حوادث المرور من
االستفادة من التعويض بسبب مسؤوليتهم في الحادث ،مما جعل هؤالء الضحايا أو ذوي
حقوقهم يعيشون مشاكل اجتماعية حادة في غياب تشريع يحمي األشخاص المصابين في
الحادث أو ذوي الحقوق في حالة الوفاة.
كل هذا أدى إلى دفع واجبار المشرع الجزائري على إصدار أمر 15-74بتاريخ
1974/01/30المتعلق بإلزامية التأمين على السيارات وبنظام التعويض عن األضرار
المادية والجسمانية الناتجة عن حوادث السيارات ،والذي جعل من خالل المادة الثامنة منه
19
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
التعويض مضمونا قانونا في كل الحاالت ألي متضرر من حادث المرور دون البحث عن
توفر الخطأ أو الشخص المتسبب في الضرر ،ودون اعتبار لصفة الضحية.1
من تحليل نص المادة الثامنة يستنتج القاعدة التي وضعها المشرع لمنح التعويض تتميز
بالشمولية من حيث األشخاص الذين لهم الحق في التعويض:
.1الضحية وذوي حقوقها الذين يصيبهم ضرر من جراء حادث المرور ،وإن لم تكن للضحية
صفة الغير تجاه الشخص المسؤول مدنيا عن الحادث.
.2المكتب في التأمين ومالك السيارة أيضا ،في حين أنهما ال يستفيدان من التعويض في
القواعد العامة للمسؤولية ،بعكس نصوص هذا األمر.
.3سائق المركبة المتسبب في الحادث ضمن الشروط المنصوص عليها في المادة 13من
األمر 15-74وذلك في حالة إذا تحمل سائق السيارة جزء من المسؤولية المدنية ،فإن
التعويض الممنوح له يخفض بنسبة الحصة المعادلة المسؤولية التي وضعت على عاتقه ،إال
في حالة العجز الدائم المعتدل %50فأكثر ،وال يسري هذا التخفيض على ذوي حقوقه في
حالة الوفاة.
وبالتالي فبالنسبة لمن يستحق التعويض حسب نص المادة الثامنة ليس هناك فرق بين
الشخص الذي تسبب في وقوع الحادث والضحية التي لم تكن لها يد في الحادث أو كانت
مسؤولة عنه جزئيا أو كليا.
1سعدي محمد األمين ،التأمين على حوادث المرور في التشريع الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجيستر ،كلية الحقوق
والعلوم السياسية ،جامعة عبد الحميد ابن باديس ،مستغانم ،الجزائر ،2016،ص .93
2مغني دليلة" ،نظام تعويض عن األضرار الجسمانية عن حوادث المرور " ،مجلة الحقيقة ،جامعة أدرار ،الجزائر،
العدد ،26د ت،ص.225
20
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
كذلك وبناء على عمومية النص فأن الحق في التعويض ،هو ثابت رغم وجود العلة التي تدفع
كل مسؤولية في الحادث ،عن مرتكبه والتي تتمثل في عمل الضحية أو عمل الغير أو الحالة
الطارئة ،أو القوة القاهرة حسب ما تقتضيه الفقرة األخيرة من المادة 138من القانون المدني
الجزائري.
ونظ ار القاعدة العامة التي تقضي بإلزامية منح التعويض للمتضرر أو لذويه فلم يبق للقاضي
أي مجال لممارسة سلطته التقديرية في ذلك قاضيا مدنيا كان أو قاضيا جزائيا.1
يتضح لنا من دراسة البند الثامن من األمر رقم 15-74بأن المشرع الجزائري ،سلك في سنه
لنظام التعويض مسلكا لم يأخذ بمذهب المسؤولية الموضوعية التي تتمسك بفكرة المخاطر،
بل اعتمد في ذلك على مذهب الضمان ،على أنه يعتبر أن نظرية المخاطر كنظرية الخطأ
هي شخصية ألنها تبحث عن أسباب الحق من جهة المتسبب بالضرر وتهمل جهة
المتضرر ،فالمتضرر هو الذي مست بالفعل حقوقه وأن كانت هناك حقوق معترف بها فيجب
أن تكون محمية وأن يكون القانون ضامن لها.
حيث أصبح نظام التعويض عن األضرار الجسمانية الناجمة عن الحوادث مبنيا على نظرية
تحمل التبعة أو المسؤولية دون خطأ وتحديدا في المادة الثامنة من األمر 15-74والتي
يستخلص من نصها أنه من اجل الحصول على التعويض يكفي حصول الضرر الجسماني
ويستفيد من التعويض كل شخص أصابه ضرر من جراء حادث مرور.
انطالقا من هذا المبدأ تخلى المشرع الجزائري عن النظام القديم ،والقائم على أساس الخطأ في
المسؤولية المدنية وتبنى نظاما جديدا لتعويض ضحايا حوادث المرور عن األضرار الالحقة
بهم ،وهدف هذا النظام يتمثل في تنظيم تعويض األخطار واألضرار الجسمانية التي تصيب
21
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
الضحايا حوادث المرور وذلك دون أدنى تمييز بين نوع أو ظروف الحادث ودون البحث على
مصدر الخطأ إال في حاالت استثنائية.1
أما القضاء الجزائري فموقفه ظل مستقر فمنذ االستقالل وهو يأخذ بعدم التفرقة بين فعل
الشيء وفعل الشخص ،واستقر على ذلك الموقف معتب ار الضرر ناشئا عن الشيء ،طبقا
المادة 138من القانون المدني ولو كان هذا الشيء وقت حدوث الضرر مسي ار بواسطة
اإلنسان ولم يكن به عيب.2
فعلى المضرور الذي يدعى أن ما أصابه من ضرر يرجع إلى حادث سيارة معينة أن يثبت
فعلها ،ويكتفي القضاء في ذلك بمجرد ثبوت تدخل السيارة في وقوع الضرر ،ويمكن إثبات
هذا األخير ،بصفة عامة بكافة طرق اإلثبات وبالخصوص عن طريق القرائن التي يمكن أن
يستخلصها القاضي من وقائع ظروف كل دعوى.
فهدف المشرع من تقرير النظام وفق المادة الثامنة هو تحقيق عدالة اجتماعية ،إذ أنه لوحظ
كما سبق بيانه أنه نتج عن تطبيق قواعد المسؤولية المدنية طبقا القواعد العامة ،وذلك قبل
صدور هذا األمر ،حرمان جزء كبير من ضحايا حوادث المرور من االستفادة من التعويض
بسبب مسؤوليتهم في الحادث ،مما جعلهم يعيشون مشاكل اجتماعية حادة في غياب تشريع
يحميهم ،وقد جاء أمر 15-74بتحديد لألضرار المعوض عنها كما قرر طريقة يمكن معها
التعويض عن كل ضرر ومن هنا أصبحت المادة الثامنة السابقة الذكر أساس حق التعويض
التلقائي.3
الفرع الثاني :حاالت التعويض عن االضرار المادية
في هذا الفرع سنتناول األساس القانوني لتعويض ضحايا حوادث المرور أي الضحية المؤمن
له وكذا الضحية الغير.
22
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
إن العالقة بين المؤمن والمؤمن له تضبطها الرابطة العقدية المجسدة في عقد التأمين الذي
يحتوي على التزامات لكال الطرفين ،ومن بين أهم االلتزامات المتولدة عن هذا العقد هو التزام
المؤمن بتغطية الخطر والتعويض على الضرر الناجم عن حادث المرور خاصة األضرار
المادية ،فإذا وقع حاد ث مرور مادي خلف أضرار مادية للمركبة المؤمن عليها كان من حق
المؤمن له مطالبة شركة التأمين بتعويضه في هذا الحادث باعتباره طرفا في العقد وال يجوز
لشركة التأمين رفض التعويض نظ ار لكون العقد شريعة المتعاقدين.1
والجدير بالذكر أن عقد التأمين على السيارات ينطوي على ثمانية ضمانات لألضرار المادية
واحدة منها الزامية ال يجوز االتفاق على عدم التعاقد عليها وسبعة اختيارية مثل ضمان
أضرار التصادم ،انكسار الزجاج ،تأمين جميع المخاطر ،التأمين ضد سرق السيارات...الخ
فإذا أمن المؤمن له على واحدة من هذه الضمانات االختيارية كان على شركة التامين
تعويضه حال وقوع حادث مرور مادي مهما كانت مسؤوليته في هذا الحادث ،ومثال ذلك إذا
أمن شخص على ضمان جميع المخاطر على سيارته ووقع له حادث مرور ،فمهما كانت
مسؤوليته يعوض على الخسائر المادية التي لحقت مركبته استنادا للرابطة العقدية التي تجمعه
بشركة ا لتأمين هذا بالنسبة إذا كان الضحية هو مكتتب عقد التأمين فيما يتعلق بالضرر
المادي.
يعرف الغير على أنه ذلك الشخص الذي ال صلة له بعقد التأمين أي أنه ليس طرف في
العقد ،إن تحديد هذا األساس يستوجب الرجوع للقواعد العامة المحددة بموجب القانون المدني
والذي تجسده المادة 124التي تنص على أن كل عمل أين كان يرتكبه المرء ومسبب ض ار ار
للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض.
23
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
وبتحليلنا لهذه المادة نقول أنه للحصول على التعويض يشترط توافر ثالثة شروط أساسية
وهي :الخطأ ،الضرر ،والعالقة السببية.
ويعرف الخطأ اخالل بالتزام سابق يمثل هذا االلتزام كقاعدة عامة بعدم األضرار بالغير ويقوم
الخطأ على عنصرين هما عنصر التعدي وعنصر االدراك ،1والضرر هو ذلك األذى الذي
يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مالية مشروعة ،أما العالقة السببية فتعني
وجود عالقة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه المسؤول والضرر الذي أصاب المضرور.2
وعليه إذا ثبت خطأ السائق فان مسؤوليته تكون ثابتة أما اذا انتفت المسؤولية المدنية عن
السائق لعدم توفر ركن الخطأ فان المتضرر ال يستفيد من التعويض اطالقا ،و هو ما يعبر
عن فكرة المسؤولية التقصيرية التي يمثل مصدر من المصادر غير االرادية لاللتزام حيث أنه
ثمة واقعة مادية تتسم باالنحراف يقوم بها شخص معين تتسبب بذلك ضر ار للغير فيلزمه
القانون أو يلزم من هو مسؤول عنه بتعويض الضرر ،نتيجة الخطأ القائم الذي يمثل اخالل
بالتزام قانوني ،و تحدد مسؤولية السائق اعتمادا على تصريح الطرفين في غياب محضر
الضبطية القضائية إذا لم تكن محل نظر من قبل العدالة مع مراعاة احكام المواد - 04- 03
05من المرسوم رقم .34-80ولكن إذا اعتمد على تصريحات الطرفين في تحديد المسؤولية
الحادث على من تقع فإننا سوف نجد صعوبة في تحديد المسؤول عن الحادث نظر إلمكانية
التناقض في التصريحات بين الطرفين فنصل بذلك إلى:
-كما أن الحالة الثانية التي يمكن أن تواجه شركات التأمين في تحديد المسؤول عن
الحادث حالة التصريح الكاذب المخالف للحقيقة من قبل أحد األطراف وهي األكثر انتشا ار
ليصعب.
24
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
ولذلك فإن شركات التأمين أصبحت تجتهد في القيام ببعض اإلجراءات التي من شأنها
-2كما قد تقوم شركات التأمين باستدعاء الطرفين لالمتثال في الشركة والقيام بالمقابلة بينهما
لمعرفة التصريح األصوب لكن هذا االجراء سبب الكثير من المشاكل والتعقيدات.
-3والحل األخير التي تقوم به شركة التأمين في حالة عدم التحقق من المسؤول عن الحادث
هو عملية التصفية للملفات المادية وهي عملية إجرائية تكون بين شركات التأمين يتم
بمقتضاها تحديد المسؤول عن الحادث من مجريات الظروف المصرح بها والوصول لنسبة
التعويض العادلة.
-4وفي حالة فشل كل هذه اإلجراءات يستطيع المتضرر اللجوء للقضاء لحسم المسؤولية
الناجمة عن الحادث أو تحديد المسؤول عن الحادث من مجريات القضية.
ومن خالل ما سبق نستنج أن المشرع الجزائري مزج بين الطريقة العامة التي تمثل القانون
المدني و بين قانون التأمينات الذي يمثل الشريعة الخاصة بالتأمين في تحديد األساس
القانوني لتعويض األضرار الناجمة عن حوادث المرور سواء كانت جسمانية أو مادية ،ففي
ظل األضرار الجسمانية تجد أساسها في ظل القانون الخاص بإلزامية التأمين على حوادث
السيارات حيث تقوم على أساس نظرية المخاطر متخليا بذلك عن الخطأ كأساس لتعويض
نظ ار لصعوبة تحديد المسؤول في الحادث و تالئم فكرة المخاطر مع طبيعة ما تستلزمه
حوادث المرور رغم أن هذا التخلي عن فكرة الخطأ لم يكن كليا وهو ما أحدثه المشرع
الجزائري في اطار المواد 15-14-13من ذات األمر و أما في ظل األضرار المادية فقد
أبقى المشرع الجزائري على تطبيق القواعد العامة في ظل نص المادة 124قانون مدني
25
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
ومزج بين المسؤولية التقصيرية و بين المسؤولية العقدية التي نطبقها في حالة تعويض
السائق الضحية.1
المبحث الثاني :اإلستثناءات الواردة على تطبيق مبدأ التعويض عن حوادث المرور
األصل أن يتم التعويض مباشرة من قبل المؤمن والذي غالبا ما يتمثل في شركات التأمين،
إال أنه في بعض الحاالت قد يتم دفع التعويض عن الضرر الناجم عن حادث مرور من قبل
هيئة خاصة أوجدها المشرع الجزائري تحقيقا لمبدأ الضمان العام في مجال حوادث المرور
باستقرائنا لنص المادة يتضح لنا أن تطبيقها مرتبط بوجود سلوك خاطئ من قبل السائق ،هذا
الخطأ يجب أن يكون مختلفا عن األخطاء المنصوص عليها في المواد15،14من نفس
األمر ،وبالتالي فان أي خطأ يخرج عن دائرة الخطأ المنصوص عليها في المواد14و،15
يدخل في دائرة األخطاء المنصوص عليها في المادة.13
إضافة إلى هذا الشرط فإن درجة جسامة الخطأ ليست هي المأخوذة بعين االعتبار بل درجة
مشاركة الخطأ في تحقيق الضرر.1
1مراد علي الطراونة ،التأمين اإللزامي من حوادث المركبات ،الطبعة األولى ،دار الوراق للنشر ،عمان ،2011،
ص.248
26
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
حسب األمر 15-74فانه البد من التمييز بين الضحية السائق و الضحية الغير سائق،
ومنه يعتبر ضحية غير السائق :الراجل ،الدراج ،الراكب ،وبعبارة أخرى يعتبر كل ضحية من
لم يكن يقود السيارة فهذه الفئة من الضحايا تعوض بصفة تلقائية وكاملة دون الحاجة للتذرع
بالخطأ لينقص من حقها في التعويض في حين أن الضحية السائق ال يستفيد من نفس النظام
ألن المادة 13من األمر 74-15حملته جزء من المسؤولية الشخصية ،ومن تمة فإن
التعويض الممنوح له ينقص بتناسب طردي مع الحصة المقابلة للمسؤولية التي يتحملها إال
في حالة العجز الدائم النسبي الذي يساوي أو يفوق .%50
وانطالقا من هذا المبدأ فانه لكي يحق للضحية السائق التعويض البد أن يثبت أنه لم يرتكب
أي خطأ.2
.1عندما تكون المسؤولية في الحادث مقسمة بين السائق والضحية غير السائق فالتعويض
الممنوح لألول يخفض حسب حصة مسؤوليته بينما الثاني ال تطبق عليه هذه القاعدة.
.2عندما يكون الضحية السائق غير مسؤول عن الحادث فإنه يعوض بالكامل مثله مثل
الضحية الغير سائق.
.3عندما يكون السائق مسؤوال مسؤولية تامة %100فال يستفيد من أي تعويض إذا ما لحق
به ضرر جسماني إال إذا كانت نسبة العجز الجزئي الدائم لديه تساوي أو تفوق %50وهنا
فإنه يستحق التعويض كامال وال يكون محل أي تخفيض ،اما في حالة وفاته فإن التخفيض
النسبي ال يمس ذويه مهما كانت درجة مسؤوليته.
والمالحظ أنه من الناحية اإلجرائية القضائية إذا كان الضحية ليس هو السائق ال يحتاج لحكم
قضائي يحدد مسؤوليته في الحادث ليحصل على التعويض بل يكفيه إثبات الضرر الالحق
به ،أما الضحية الغير سائق والذي لم تبلغ نسبة عجزه %50فإن تعويضه يخضع إلصدار
1
Boualem Yaici , L’indemnisation des victimes des accidents de la circulation (ordonnance74-15 du 30
janvier 1974), mémoire de magister.université d’Alger,1979 ,p106.
.2زرقط سفيان ،مرجع سابق ،ص .51
27
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
حكم قضائي ويبقى القاضي وحده مؤهل لتحديد درجة مسؤولية السائق من خالل الوثائق
والتحريات والمعاينات.
ومن خالل نص المادة 13يتضح أنه البد من تحقق الفعل الخاطئ للسائق كشرط أولى وفي
نفس اإلطار عرف كل من القضاء والفقه الخطأ بصفة عامة على أنه انحراف عن سلوك
الرجل المعتاد مع إدراك الشخص لذلك ،فإذا انحرف عن سلوك الواجب اعتبر مخطئا واستلزم
مسؤوليته ،كما عرف الخطأ ايضا انه ترك ما وجب فعله أو فعل ما وجب تركه بغير قصد
ضرر .1أما الخطأ في القيادة فقد عرف بأنه الخطأ الذي يقترفه إنسان غير متبصر ويقظ.2
بالرجوع إلى المادة 13من األمر 15-74نجدأن المشرع الجزائري تطرق إلى األخطاء غير
العمدية للسائق حتى ولو كانت األخطاء تختلط ببعضها البعض في الواقع العملي ،لذلك
فضلت بعض التشريعات عدم التفرقة بين الخطأ المؤمن له المقصود و الخطأ الغير المقصود
من جهة أخرى ،وحقيقة األمر أن هذه التفرقة تفتقر إلى الدقة ،إذ أن هذا الفعل المقصود الذي
يؤدي إلى تحقيق الخطر أو الغش الذي يرتكبه المؤمن له ال يمكن أن نسميه خطأ فهو
مقصود ،وإن كانت نتائجه التي أرادها المؤمن له خاطئة فهي مقصودة ،في حين أن تسمية
األفعال غير المقصودة باألخطاء تدل على المراد منها إذا يأتي المؤمن له فعال مقصودا أو
غير مقصود على أن تكون النتيجة غير مقصودة في كل الحاالت .3
في حين تمسك االجتهاد القضائي بعالقة األخطاء المتبادلة لتقرير أنه ،إذا كان السائق
المتورط قد ارتكب خطأ وكذلك سائق الضحية ،في هذه الحالة ال تكون سوى أمام إعفاء
1ـسـليمان مـرقس ،ضـابط معيـار الخطأ فـي المسـؤولية المدنيـة ،مجلـة القضـاء والتشريع ،العدد ،6تونس،1973،
ص.391
2ـ نزيم نعيم شالل ،دعوى حوادث السير مقارنة من خالل الفقه واالجتهاد والنصوص القانونية ،منشورات الحلبي
الحقوقية ،بيروت ،2002،ص.1
3االستاذ جمال فاخر الكناس ،خطأ المؤمن له وآثاره على حقه في الضمان ،دراسة في القانون الكويتي والقانون المقارن،
مجلة الحقوق ،الكويت ،العدد ،1994، 4ص.151
28
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
جزئي وعلى العكس إذا كان السائق الضحية هو الوحيد المخطئ فإن اإلعفاء يجب أن يكون
تاما بدون فرض أن يكون الخطأ من قبله غير متوقع.1
إن األخطاء المنصوص عليها في المادة 13من األمر 15-74هي األخطاء الغير عمدية
وليس األخطاء العمدية ،ألن األضرار التي تسبب فيها المؤمن له بصورة عمدية تعتبر من
المخاطر الغير قابلة للضمان وهذه القاعدة مطبقة في جميع أنواع التأمين.
يختلف الخطأ العمدي عن الخطأ الغير عمدي في عدة زوايا تتمثل فيما يلي:
أ-من حيث سريان عقد التأمين ،بالنسبة لألخطاء المنصوص عليها في المادة 13يبقى عقد
التأمين ساري المفعول بنفس الشروط والظروف المتفق عليها سابقا رغم ارتكاب السائق هذا
الخطأ ،أما في الخطأ العمدي يلغى عقد التأمين بأثر رجعي ويعتبر كأنه لم يكن.
ب-من حيث الجزاء بالنسبة للخطأ العمدي ،الجزاء يكمن في استبعاد الضمان أي ال يستفيد
صاحب الخطأ من التعويض أما بالنسبة للخطأ الغير العمدي فيتمثل في تخفيض التعويض
بدرجة تتالءم ومساهمة الخطأ في إحداث الضرر.
ولكي يتحقق الشرط األول ،أال وهو الفعل الخاطئ السائق البد أن يتميز الخطأ بمميزات
تجعله ينفرد بها عن بقية األخطاء المنصوص عليها في األمر رقم 15-74والمرسوم
التطبيقي له رقم .34-80
وبصدور مرسوم رقم 38-80والذي نص على األخطاء التي يسقط فيها حق السائق أو
المالك في التعويض ،وذلك طبقا للمادتين أعاله 3و 5غير األخطاء المنصوص عليها في
المادتين 14و 15من األمر ،15-74وعليه فيجب استبعاد األخطاء المدرجة في المادتين
3و 5من المرسوم التطبيقي من نطاق األخطاء التي تدخل في حكم المادة 13من األمر
المشار إليه وبالخصوص إذا تعلق األمر بالسائق الذي يتولى نقل األشخاص أو األشياء دون
1
Arrêt de la Cour de Cassation deuxième Chambre Civile, 13/4/1988, des arrêts de la cour
de Cassation, La deuxième Chambre Civile, numéro 15.- Arrêt de la Cour de Cassation
deuxième Chambre Civile, 17/6/1993, des arrêts de la cour de Cassation, La deuxième
Chambre Civile, numéro36- Note Groutel, Dalloz.1995,p,335 et Dalloz, 1997, p,18.
29
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
إذن قانوني مسبق أو السائق الذي يتكفل بنقل األشخاص أو األشياء غير مطابقة لشروط
المحافظة على األمان.1
أما القضاء الفرنسي فكان له موقف مختلفا ومتباعدا بخصوص خطأ السائق ،فلقد رفضت
الغرفة المدنية الثانية تعويض السائق المخطئ (الضحية) إذا كان خطئه السبب الوحيد في
الحادث ،2أما الغرفة الجنائية أجازت إمكانية منح تعويض مخفض لسائق الضحية.3
ومؤخ ار أصدرت الغرفة المدنية الثانية المحكمة النقص الفرنسية قرار رقم 17428-04
الصادر بتاريخ .2005/09/13صدر هذا القرار ضد سائق دراجة نارية ذات محرك الذي
تعرض لحادث مرور ولقد ثبت بأنه كان في حالة سكر ومتعاطي للقنب الهندي في نفس
الوقت.
كما قررت الغرفة المدنية الثانية لمحكمة النقض الفرنسية بعدم تعويض سائق الضحية
تعويضا كامال ألن هناك عالقة ما بين خطئه والضرر الذي ألحق به ،وهذا سوف يؤثر
مباشرة على حقه في التعويض إما بإنقاص من قيمة التعويض أو حرمانه من التعويض
نهائيا.
إذن كل من المشرع الفرنسي والجزائري لم يعرفا مصطلح الخطأ الذي يكون السبب في إلغاء
التعويض بالكامل وهذا السكوت امتد حتى إلى الخطأ الذي يخفض من التعويض ضف الى
ذلك لم يشترط جسامة الخطأ.
ولهذا السبب للقاضي السلطة التقديرية لتحديد جسامة الخطأ وعلى أساسه يتم تعويض سائق
الضحية أو تقليص من قيمة التعويض أو إلغائه وفي هذه الحالة البد من قيام عالقة سببية ما
الذي يتضمن شروط تطبيق المادة من األمر رقم 15 -74المؤرخ في 1المرسوم التطبيقي ، 34-80المادة ، 7المؤرخ في ، 16/02/ 1980
المتعلق بالزامية التأمين على السيارات ونظام التعريض عن األضرار. ، 30/01/ 1974
2
Valerie toulet: Droit civil et les obligations, Iléme édition Paradigme manuel 2006 2007.362 Arrêt
de la Cour de Cassation deuxième Chambre Civile,24novembre 1993,Revue Trimestrielle de Droit
Civil 1994, p,376 et Arrêt de la Cour de Cassation deuxième Chambre Civile 2novembre
1994,Bulletin des Arrêts de la Cour de Cassation deuxième Chambre Civile numéro209.
3
Valérie.Toulet: op.cit.p,362.
30
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
بين الخطأ السائق المخفض أو القصي للتعويض والضرر ،ومثال عن ذلك سائق الضحية
الذي يقذف من سيارته بسبب عدم استعماله حزام األمن فنكون هنا أمام خطأ بإهمال وهو
الوصف الذي جاءت به الغرفة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية في قرارها والفقرة األخيرة
الصادر في .11993/02/03
ومن بين المخالفات المرتكبة في هذا البند مخالفة األحكام المتعلقة بالسياقة بدون رخصة وهي
الحالة المنصوص عليها في المادة 80من األمر 03-09حيث قرر المشرع عقوبات
صارمة لمن يرتكب هذه المخالفة بتوقيع عليه عقوبة الحبس من 6أشهر الى سنة كاملة و
غرامة من 20.000دج إلى 50.000دج ،باإلضافة إلى سقوط حق السائق في هذه الحالة
في الضمان في مواجهة شركة التأمين إال الغير المتضرر من الحادث المرتكب من قبل هذا
السائق بدون رخصة السياقة يمكن له الحصول على التعويض من طرف جهات أخرى
خاصة تتمثل في صندوق ضمان السيارات 2وهذا طبقا للمادة 09من األمر .15−74
وقد قضت الكثير من األحكام القضائية في مثل هذه الحاالت السابقة واعتبرت أن قائد السيارة
المرتكب بواسطتها الحادث و التي كان يقودها دون رخصة سياقة ،أو كان يحوز على رخصة
السياقة ولكنها ال تتعلق بنوع المركبة التي كان يقودها ،أو أنها تتعلق بذلك ،ولكن صالحية
هذه الرخصة قد انتهى مفعولها ولم يقم المعنى بتجديدها قبل وقوع الحادث ،أو غير ذلك من
1
Jehanne Collard- Lacan: Accidentés de la route, vos droits, Éditions Albin Michel,2003 ,page.4.
-قرار صادر بتاريخ 1987/08/03عن الغرفة الجنائية الثانية للمحكمة العليا تحت رقم99و الذي جاء فيه" :لما كان 2
مرتكب حادث المرور قاصرا اوال يحمل رخصة السياقة ،تعين االستدعاء الصندوق كطرف في النزاع و تطبيق المادة 4
من األمر رقم74ـ "15إن إلزامية التأمين يجب أن تغطي المسؤولية المدنية للمكتتب بالعقد و مالك المركبة و كذلك مسؤولية كل
شخص ألت له بموجب إذن منهما حراسة أو قيادة تلك المركبة ،ماعدا أصحاب المرائب و األشخاص الذين يمارسون عادة ً السمسرة
أو البيع أو التصليح أو الرأب أو مراقبة حسن سير المركبات و كذلك مندوبيهم،وذلك فيما يتعلق بالمركبات المعهودة بها اليهم نظرا
لمهامهم".
31
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
الحاالت في مثل هذا الشأن ،ولوكان فيها قائد السيارة هو المؤمن له ،فإنه يسقط عنه الحق
في ضمان التعويض من قبل المؤمن أو صندوق ضمان السيارات ماعدا في حالة ما إذا
سرقت منه السيارة أو أخذت منه عنوة وعنفا ،أو استعملت السيارة دون علم المؤمن له.
وعليه ففي حالة النصوص الواردة آنفا ،باإلضافة على اإلجراءات التي ينبغي اتخاذها في هذا
الشأن ،وفي قيادة المركبة فإن الحق في ضمان التعويض للسائق أو المؤمن له يسقط من قبل
المؤمن ،أو الصندوق الخاص بذلك وفقا المادة الثالثة من المرسوم 34−80وكذلك المادة
السابعة فقرة الثانية من المرسوم ،37−80ومن ثم فإن ما يدفعه كل من المؤمن أو صندوق
ضمان السيارات من تعويض إلى المصاب أو ذويه ،فإن يكون له الحق بعد ذلك في أن يعود
بما دفعه من تعويض على المسؤول على الحادث.1
وانطالقا من مضمون نص المادة 15من األمر 15−74فإن السائق السارق ال يستفيد من
التعويض وكذلك شركاؤه في السرقة بصورة قطعية في حالة ما إذا تعرضوا لحادث مرور
بواسطة السيارة المسروقة ،وال نكون أمام هذا الحرمان إال بصدور حكم اإلدانة الجزائية بجنحة
السرقة ويعتبر هذا الشرط الوحيد لتطبيق الجزاء المدني المنصوص عليه في المادة 15فقد
32
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
علقت هذه المادة عدم االستفادة من التعويض لسارق المركبة وشركاؤه بالنتائج المترتبة عن
تحقق شرط اإلدانة الجزائية بجنحة السرقة.1
نص المادة 15من األمر رقم 74−15على إذا سرقت المركبة فال ينتفع السارق واألعوان
من التعويض وال تسري هذه األحكام على ذوي حقوقهم في حالة الوفاة وكذلك على
األشخاص المنقولين أوذوي حقوقهم إال أن المؤمن ملزم بتغطية المسؤولية المدنية للسائق
السارق وأعوانه في مواجهة األشخاص المضرورين المنقولين وذوي حقوقهم وكذا ذوي حقوق
السائق السارق وشركاؤه في حالة وفاته .ويؤسس هذا االلتزام بناء على نص المادة 03الفقرة
03من المرسوم 34−80المتضمن شروط تطبيق المادة 07من األمر 15−74وكذلك
المرسوم التنفيذي 37−80السيما المادة السابعة منه التي وسعت من دائرة المستفيدين من
التعويض لتشمل السائق السارق وشركاؤه في حالة بلوغ أو تجاوز نسبة عجزه أو عجزهم
الجزئي الدائم %66باعتبار أن هذه النسبة تعيق صاحبها على مواصلة نشاطه المعتاد ،مع
المالحظة أن المدين بالتعويض في حالة العجز الجزئي الدائم الذي بلغ %66أو أكثر هو
صندوق ضمان السيارات مع مراعاة شروط و الحاالت التي يستوجب توفرها لتدخله.
طبقا للمادة 14من األمر 15−74فإنه يحرم من التعويض األشخاص الذين تثبت
مسؤوليتهم الكاملة أو الجزئية في الحادث ،وهم في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول أو
المخدرات أو المنومات المحظورة باعتبارهم ارتكبوا خطأ جسيما ،وال يسري حكم هذه المادة
على ذوي الحقوق في حالة الوفاة.
وبالتالي فإن المشرع كان صارما في إلغاء التمييز ما بين حالة السكر واإلدمان على الكحول
والمخدرات ،ويؤدي تناول المسكرات سواء المواد الكحولية أو المخدرات التي تحدث تغيرات
داخلية في خاليا المخ خاصة في األجزاء التي تقوم بعمليات السيطرة على اإلرادة الواعية،
بحيث يفقد اإلنسان الخاضع لتأثيرها القدرة على وزن األمور وتقديرها فال يستطيع من ثم تفهم
33
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
النتائج التي يمكن أن تترتب على أفعاله ،وتنطلق رغباته المكبوتة في صور إهمال وتصرفات
غير خاضعة لرقابة العقل الواعي.1
وهذا ما عبر عنه المشرع الجزائري في المادة 18من األمر رقم ،03-09لما أشار إلى
مضاعفات الناجمة عن تناول أو تعاطي مسكر أو أي مادة أخرى شبيهة له ،وتتمثل هذه
المضاعفات في التأثير على ردود أفعال السائق وقدراته أثناء السياقة.
ولكن من الناحية العملية هل هناك فرق ما بين هذه الممنوعات ،ولمعرفة ذلك البد من تعريف
كل حالة على حده:
يعرف اإلدمان بأنه حالة نفسية ،وفي بعض األحيان جسمية تنتج عن التفاعل بين الفرد
والكحول وتتميز باستجابات سلوكية ،وغير سلوكية تحتوي على شعور قسري لتناول الكحول،
على أساس استمراري أو فتري ،أما اإلدمان على الكحول فتترجم بنسبة كمية معينة من
الكحول في الدم ،وتقدير نسبة الكحول في الدم ب 0.20غ في األنف طبقا لقانون المرور
رقم ،03-09مما يترتب على هذه النسبة من اضطرابات عقلية وحسية خاصة في العقل.
مع العلم كانت تقدر هذه النسبة في ظل القانون القديم الملغى رقم 09-87في مادته 25ب
0.08غ في األنف أما في قانون رقم 14-01تقدر ب 0.80غ في األنف وعدلت هذه
النسبة في ظل األمر رقم 03-09وأصبحت تقدر ب 0.20غ في األنف ،وتثبت هذه النسبة
بموجب خبرة تتم عادة في مخابر الشرطة العلمية التي تصنف كمؤسسات عمومية صحية
والتي تعتبر ضرورية حتى ولو اعترف الجاني بأنه في حالة سكر.
1عامل قورة ،محاضرات في قانون العقوبات (قسم العام الجريمة) ،الطبعة الثانية ،ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر
،1988،ص.150
34
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
السكر هو غيبة العقل من جراء تناول خمر أو ما يشبه الخمر ويعتبر اإلنسان سكرانا إذا فقد
عقله فلم يعقل قليال وال كثيرا ،وعند محمد وأبى يوسف من فقهاء مذهب الحنفية أن السكران
هو الذي يغلب على كالمه الهذيان ،فالسكر في حد ذاته حالة نفسية وإن كان مرجعه تأثير
مواد معينة على الجسم وخاصة خاليا المخ.1
وفي مجال المسؤولية الجزائية ،يقسم فقهاء القانون الجنائي السكر إلى قسمين:
السكر اإلرادي:
يكون بتناول شخص مادة مخدرة أو مسكرة عن طواعية ،فإذا ما ارتكب جريمة فإنه بال شك
يعاقب ،والعلة في مساءلة السكران أنه مادام أقدم على تعاطي مواد مسكرة وهو علم بما
يفعل ،فإن عليه أن يتوقع أنه يمكن أن يرتكب أخطاءجسيمة ،إذن فهو يكون سلفا قد قبل
بالمخاطر ،ومن ثم تترتب عليه مسؤولية كاملة ،باعتباره نتيجة محتملة للسكر.2
السكر القهري:
وذلك حين يتناول شخص مادة يجهل طبيعتها ،فإذا بها مسكرة تلغي اإلدراك تماما وتمنعه من
حسن توجيه إ اردته ،ومن الحاالت األكثر وقوعا أن يتناول الشخص دواء فيه مادة مسكرة
بنسبة أكثر من طاقة تحمله ،أو تدس له مادة مخدرة في طعام أو شراب من قبل الغير دون
أن يعلم بذلك ،فمثل هذا الشخص إذا ارتكب جريمة ،وكان أثناء الفعل واقعا تحت تأثير المادة
المسكرة أو المخدرة ،بصورة ال يستطيع معها أن يفرق بين الخير والشر فإنه ال يسأل وهذا ما
أكد عليه القضاء الجزائري.3
1عبد الخالق النواوي ،جرائم القذف والسب وشرب الخمر بين الشريعة والقانون ،كلية االنجلو المصرية ،مصر ، 1981
ص.94
-2محمد السعيد رشدي ،أثر فقد اإلدراك الناتج عن حالة السكر أو تعاطي المواد المخدرة على حق ضحية حادث السير
في الضمان (تعليق على حكم محكمة التميز الكويتية في الدعوى رقم 112/85تجاري) مجلة محكمة شهرية تصدر عن
جمعية المحامين الكويتية ،الكويت ،السنة السابعة عشر أعداد أكتوبر نوفمبر ديسمبر ، 1993ص.32
3ملف رقم9895قرار بتاريخ ،1975/01/21منقول عن بلخضر مخلوف ،ص ص، 28-27.إن حالة سكر ليست من
العوامل الناتية للركن المعنوي في الجريمة ،ولو كان فقد اإلدراك ،حين اقترافها طالما أن السكر حصل باختيار الفاعل
ألن القول بخالف تلك يتعارض مع أحكام دينينا الحنيف وقواعد األخالق و األداب العامة وما تقتضيه السياسية الجنائية
لمكافحة اإلجرام أو اإلنسان و يترتب على ذلك ان المسؤولية الجزائية للفاعل تزول و تنتمي متى ثبت انه القد اإلدراك و
الشعور وقت ارتكاب الفعل كان راجعا إلى حالة سكر ناتجة – عن مواد مسكرة أو مخدرة أعطيت للمتهم قهرا أو أخذها
35
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
ولإلشارة فإنه بعد صدور المرسومين 34-80و 37-80تم توسيع تطبيق المادة 14من
األمر 15−74وأصبح السائق في حالة سكر أو تحت تأثير المخدرات يستفيد من التعويض
في حالة تجاوز نسبة عجزه الدائم ،%66باعتبار أن هذه النسبة تعيق صاحبها على مواصلة
نشاطه المعتاد.1
المطلب الثالث :التعويض في حالة األخطاء بتوفر القصد و األخطاء دون قصد السائق
في حاالت متعددة تكون حوادث المرور بسبب أخطاء عمدية من السائق كما هناك حاالت ال
يقصد السائق حدوث تلك النتيجة.
وقد جاء في المادة الثالثة الفقرة االولى من المرسوم 34−80المتضمن تطبيق المادة السابعة
من األمر 15-74أنه تستثنى من الضمان االضرار التي تسبب فيها المؤمن قصدا .
و تنص المادة 12من األمر 07-95المتعلق بالتأمينات والتي تقضي" :يلتزم المؤمن:
1ـ تعويض الخسائر واالضرار ،الناتجة عن الحاالت الطارئة ،الناتجة عن خطأ غير متعمد
من المؤمن له".
بمفهوم المخالفة من نص المادة يتضح لنا جليا أن االخطاء العمدية مستثناة من
الضمان ،وأن المؤمن غير ملزم بتعويضها.
على غير علم منه ،فإن مسؤوليته الجزائية تسقط ألننا أمام ما يسعى بالسكر اإلجباري الذي يلفي اإلدراك الالزم لقيام
األهلية الحرائية مثله مثل المجنون".
1انظر المادة السابعة من المرسوم ،37-80مرجع سابق.
36
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
تجدر االشارة إلى وجود اختالف بين نص المادة الثالثة فقرة أولى من المرسوم ،45-80
ونص المادة السادسة من المرسوم التطبيقي ،37-80ففي حين نصت االولى على أن
المؤمن (شركة التأمين في هذه الحالة) يبقى ملزم بتعويض ذوي حقوق السائق المخطئ عمدا
المتوفى ،نجد المادة السادسة من المرسوم 37-80تنص على أنه إذا كان الصندوق الخاص
بالتعويضات هو المدين فإن الخطأ العمدي يسري على مسبب الضرر وذوي الحقوق.
فالسؤال الذي يطرح في هذه الحالة ،هو لماذا هذا التمييز بين الصندوق الخاص بالتعويضات
وشركة التأمين فيما يتعلق بتعويض ذوي الحقوق؟
تتجسد صورة الخطأ الغير معذور في النصوص التشريعية والتنظيمية المتعمقة بتعويض
ضحايا حوادث المرور بالضبط في نص المادة الثالثة الفقرة الثالثة من المرسوم التطبيقي
، 34-80هي حالة السائق الذي يتولى السياقة بدون رخصة ،أو في حالة لـم يبلغ الشخص
السن المطلوب للحصول على رخصة أثناء الحادث أو حالة إذا لم يكن السائق مكلف بقيادة
نوع من المركبات.
ففي حالة توافر أحد الحاالت المذكورة سابقا فإن السائق يتعرض إلى جزاء مدني يتمثل في
استبعاد تعويض عن االضرار التي لحقته نتيجة خطأه الغير معذور.
الى أن المشرع أقر تعويض السائق المضرور الغير حامل لرخصة السياقة ولكن بشروط
وذلك حسب المادة 7من المرسوم التطبيق 37-80بنصه" :يستثنى من االنتفاع بالتعويض
من قبل الصندوق الخاص بالتعويضات :السائق الذي لم يبلغ السن المطلوبة حين وقوع
الحادث أو لم تتوفر لديه الوثائق السارية المفعول والتي تنص عليها االحكام القانونية
والتنظيمية الجاري بها العمل لقيادة المركبة ،غير أنه ال يحتج بهذه االحكام على المصاب أو
37
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
ذوي حقوق ،وعالوة على ذلك ال تسري على ذوي الحقوق في حالة وفاة االشخاص المذكورين
في في الفقرات السابقة ،أو على االشخاص الذين يعيلونهم في حالة العجز الدائم الجزئي
الذي يزيد.66
وبالتالي فال تعويض للسائق الذي يقود المركبة والغير حائز على رخصة لقيادتها أو لم يبلغ
السن القانوني لقيادة المركبة أو إذا لم يكن مكلف بسياقة نوع من المركبات إال إذا بلغت نسبة
عجزه الدائم الجزئي %66أو أكثر وال يسري استبعاد الضمان على ذوي حقوقه ،مع العلم ان
الصندوق الخاص لتعويضات هو المدين بالتعويض في هذه الحالة وليست شركة التأمين.1
1عيسى لحاق .االستثناءات الواردة على مبدأ تعويض ضحايا حوادث المرور .مذكرة ماجستير ،جامعة الجزائر.
2005،ـ ،2004ص.76
38
النظام القانوني للتعويض عن حوادث المرور في الجزائر الفصل األول:
39
الفصل الثاني:
آليات استيفاء التعويض
عن األضرار الجسمانية
واملادية في حوادث املرور
وتقديره
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
وعليه سوف ندرس طريقة التسوية الودية (مطلب اول) وإجراءات الحصول على التعويض
امام القضاء الجزائي (مطلب ثان) مرو ار الى إجراءات الحصول على التعويض امام القضائي
المدني.
41
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
الطريق للمضرور في الحصول على التعويض عن الضرر الذي أصابه وفي ذات الوقت
تبعده عن المصاريف القضائية من جهة أخرى.1
ويختلف أسلوب المصالحة في الحادث الجسماني (فرع أول) عن الحادث المادي (فرع ثاني)
حسب طبيعة كل منها.
انطالقا من هذه النص نستشف أن المشرع الجزائري قسم إجراءات التعويض في الحوادث
الجسمانية إلى قسمين طريق المصالحة ( التراضي) والطريق القضائي في حالة عدم االتفاق
بالتراضي بين المضرور و شركة التأمين باعتبارها ضامنة للتعويض ،وتنطلق المصالحة في
الحوادث الجسمانية من إجراءات التحقيق التي يقوم بها ضباط الشرطة القضائية أو األعوان
المؤهلين لذلك ،حيث نصت المادة نصت المادة 19من ذات األمر على أنه يتخذ مرسوم
يصدر بناءا على تقرير وزير الدفاع الوطني ،وزير الداخلية ،وزير العدل ،و وزير المالية
تحدد بموجبه اإلجراءات المتعلقة بالتحقيق و معاينة األضرار.
وفعال صدر المرسوم رقم 35-80الذي يتضمن تحديد شروط التطبيق الخاصة بإجراءات
التحقيق في األضرار و معاينتها المتعلقة بالمادة 19من األمر رقم 15-74و الذي نص في
المادة األولى منه على أن كل حادث مرور يسبب أض ار ار جسمانية ،يجب أن يكون موضوع
تحقيق يقوم به ضباط الشرطة أو أعوان الشرطة أو أعوان األمن العمومي أو كل شخص آخر
يؤهله القانون لذلك ،2ومنه ففي حالة وقوع حادث مرور أدى إلى إلحاق أضرار جسمانية
1عبد المجيد عامر شيبوب ،التعويض عن األضرار البدنية الناشئة عن حوادث المرور ،دار الكتب القانونية ،مصر،2006،
ص .426
2المرسوم رقم 35-80المؤرخ في 16فبراير 1980المتضمن شروط التطبيق الخاصة بإجراءات التحقيق في االضرار
ومعاينتها ،المتعلقة بالمادة 19من االمر 15-74المؤرخ في 30يناير 1974المتعلق بإلزامية التأمين على السيارات
وبنظام التعويض عن االضرار
42
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
بالغير فإنه ال محالة سوف يكون م حل أو موضوع تحقيق ابتدائي من طرف رجال الضبطية
القضائية و تحرير محضر بذلك ثم ترسل نسخة من المحضر ( )PV de policeإلى شركة
التأمين خالل مدة ال تتجاوز 10أيام ،1و يتضمن هذا المحضر على ما يلي:
أ −ظروف الحادث
واستنادا لنص المادة 16من األمر 15-74فإن شركة التأمين بمجرد وصولها محضر
الضبطية القضائية خالل 10أيام يجب عليها المبادرة الى دعوة المصاب من جراء حادث
43
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
مرور جسماني ،وتقترح عليه التعويض المقرر قانونا أو لذوي حقوقه وإذا تطلب األمر إجراء
خبرة بعد الشهادة الطبية تندب له خبي ار لفحصه وتقدير العجز المستحق بأنواعه وعلى أساس
هذه الخبرة يتم تقدير التعويض وفقا ألحكام األمر رقم.15-74
إذن فالمصالحة في جوهرها إل ازمية على شركات التامين واختيارية بالنسبة للمضرور او ذوي
حقوقه ،حيث لهم الخيار بين قبول التراضي وتقدير التعويض أو رفضه وقرار اللجوء إلى
القضاء ،ومنه إذا قبل المتضرر أو ذوي حقوقه التسوية الودية يتم عندئذ تحرير محضر
يسمى محضر المخالصة ويمنح له التعويض المستحق.1
ج – المعلومات المتعلقة بالسيارة محل الحادث (رخصة السياقة ،البطاقة التقنية ،الرقم
التسلسلي......الخ)
1طالب محمد ،النظام القانوني لتعويض المؤمن لهم والغير ،مداخلة في إطار يوم دراسي حول المنازعات القضائية في
ميدان التأمين بالشركة الوطنية للتأمين ،باتنة ،2013،ص.10
2المادة 15من األمر ، 07-95المؤرخ في 25جانفي 1995المعدل والمتمم بالقانون رقم 04-06المؤرخ في 20فيفري
( 2006ج ر عدد 15المؤرخة في 12مارس .)2006
44
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
و – وقبل دراسة التصريح من طرف شركة التأمين يتعين إرسال المؤمن له الى خبير ليجري
خبرته المسبقة ويحدد فيها مبلغ الخسائر التي يستلزم تعويضها وهذا انطالقا من المادة 21
من األمر رقم 15-74التي تشترط عدم تسديد أي ضرر مادي لحق مركبة مالم تكن هذه
األخيرة موضوع خبرة مسبقة بعد إعالم المؤمن بمكان وجود المركبة لمعاينة األضرار وإجراء
الخبرة عليها.1
وبعد دراسة الخبرة المقدمة من طرف الخبير ودراسة ملف الحادث المادي تقوم شركة التأمين
بتسوية الملف دون حاجة للجوء إلى القضاء وهو ما يعرف بالمصالحة ،وإذا لم تحقق
المصالحة أو اإلجراءات الودية تعويض صاحب المركبة بصورة عادلة جاز له اللجوء إلى
القضاء من أجل استيفاء جميع حقوقه.
الفرع األول :كيفية اتصال وكيل الجمهورية بالقضية وطريقة التصرف فيها
حسب المادة 29من قانون اإلجراءات الجزائية "تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم
المجتـمع وتطالـب بتطبـيق القانون ،"2وباعتبار أن الدعوى العمومية ملك المجتمع يمارسها
ويباشرها وكيل الجمهورية ،فبمجرد وقوع حادث جسماني سببه حادث مرور تقوم مصالح
الضبطية القضائية بالتحريات األولية الالزمة لمعاينة الحادث و تحرير محضر بشأنه توضح
فيـه مكـان الـحـادث و المتسبب فيـه و أسماء الضحايا و الوضعية القانونية للسيارة و المسؤول
45
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
المدني و ذلك حسب المادة األولى من المرسوم رقم ،31−88بحيث يجب أن يكون كل
حادث مرور جسماني موضوع تحقيق يقوم بـه ضابط الشرطة القضائية أو األعوان و يرسل
بعدها أصل المحضر و نسخة مصادقة علـيها مـع جميع الوثائق الثبوتية وخاصة خريطة
الحادث خالل مهلة عشرة أيام ابتداء من تاريخ انتهاء التحقيق إلى نيابة العامة ،و نسخة من
المحضر المحرر إلى شركات التأمين المعنية و يمكن أن يتحصل المضرور أو ذوي حقوقه
على نسخة منها من وكيل الجمهورية خالل مهلة أقصاها ثالثون يوما ابتداء من تاريخ طلبها
و يجب أن يسعي المضرور للحصول ع لى أول شهادة طبية تثبت مدى الضرر الذي لحقه و
ينبغي أن ترسل هذه الشهادة خالل ثمانية أيام ابتداء من تاريخ الحادث إلى السلطة التي
شرعت في التحقيق ،هذا في حالة الجرح الخطأ.
أمـا فـي حـالـة القتل الخطأ فيقدم المتهم إلى السيد وكيل الجمهورية الذي تقدم لـه محضر
التحريات األولية عن الحادث الذي تكون قد حررته بعد إجراء التحقيق.1
بعد دراسة محضر الضبطية القضائية و الوثائق المرفقة به من طرف وكيل الجمهورية يكيف
هذا األخير وقائع الجريمة و يحرك الدعوى العمومية ،ثم يحيل القضية أمام محكمة الجنح إذا
كان عجز الضحية عن العمل يفوق ثالثة أشهر أو أصيب بعاهة مستديمة بتهمة الجرح
الخطأ المنصوص و المعاقب عليهـا بـنص المادة 289من قانون العقوبات أو إذا كان
الضحية توفى إثر الحادث بتهمة القتل الخطأ المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 288من
قانون العقوبات أما أن يحيل الضحية على قسم المخالفات إذا كان العجز يقل عن ثالثة
أشهر عمال بأحكام المادة 442من قانون العقوبات.
بهذه الكيفية يتصرف وكيل الجمهورية في الملف ويصبح طرفا في الدعوى العمومية ويمارس
الصالحيات المخولة له قانونا إلثبات التهمة والتماس العقوبة ضد المتهم أثناء المحاكمة.2
46
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
الفرع الثاني :الحكم في الدعوى العمومية والمدنية بالتبعية أمام القضاء الجزائي
بعد أن يتصرف وكيل الجمهورية في الملف المحال إليه من طرف الضبطية القضائية ،ويحدد
له الجلسة بعد إحالته على محكمة الجنح أو المخالفات كما أشرنا سلفا ،تأتي مرحلة المحاكمة
باعتبار أن المحكمة هي صاحبة االختصاص في ذلك ،فالقاضي الجزائي عند فصله في
الدعوى العمومية يستند إلى وقائع القضية والنتيجة التي خلص من التحقيق والمناقشات التي
دارت بالجلسة واألدلة الثبوتية في الملف كي يحدد بعدها من المسؤول عن الحادث فقد يحكم
حينئذ بإدانة المتهم أو براءته ،مع العلم أن ارتكاب الجريمة ينشأ عنه حقان ،أحدهما للدولة
وهو حقها في حماية المجتمع واقتضاء العقاب والذي يتمثل في الدعوى العمومية والحق
اآلخر خاص هو حق المضرور في اقتضاء التعويض والمتمثل في الدعوى المدنية.1
وذلك في حالة فصل القاضي الجزائي ببراءة المتهم من التهمة المتابع بها فإن القضاء ذهب
بالحكم بعدم االختصاص النعدام الخطأ الجزائي في الدعوى المدنية ،ولقد ذهبت المحكمة
العليا في اجتهاد أول إلى اعتبار الدعويين مستقلين ،وأن الحكم الذي صدر بهذا الشأن خطا
في قرارها رقم 24418بتاريخ 1983/ 04/ 05والذي ذكر أنه ال يمكن للقاضي الجزائي أن
يفصل في الدعوى المدنية في حالة قضائه بالبراءة ،وهذا رغم صدور األمر 74− 15الذي
يهدف إلى تلقائية التعويض دون النظر للمسؤولية وذلك على أساس أن الجريمة ستبقى دوما
1
بن عبيدة عبد الحفيظ ،إلزامية تأمين السيارات ونظام تعويض األضرار الناشئة عن حوادث المرور في التشريع
الجزائري، 2002 .ص .27
2الجياللي بغدادي االجتهاد القضائي فـي المـواد الجزائيـة الجـزء األول – الديوان الوطني لألشغال التربوية – طبعة
،الجزائر ،ص.175 2002
47
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
األساس القانوني والضروري إلقامة الدعوى المدنية أمام المحكمة الجزائية ،وباعتبار أن
الدعويين مستقلين في العالقة وفي اإلثبات و في المسؤولية و حتى من حيث الحكم ،ألن
اساس الحكم في الدعوى الجزائية هو اقتناع القاضي طبقا للمادتين 213 ،212من قانون
اإلجراءات الجزائية.
أما أساس التعويض في حوادث المرور حسب المادة الثامنة والملحق التابع لألمر 74/ 15
مادام أن األساس يختلف فإن الواقع يفرض تحديد اختصاص محكمة الجنح عند حكمهـا
بـالبراءة وهو اختصاص لم يعد يرتكز على المسؤولية الناتجة عن الخطأ إنما أصبح يرتكز
على عنصر مادي وهو الضرر أي إثبات الضرر من جراء حادث المرور.
والتعويض يتم بصفة تلقائية على أساس المسؤولية دون خطا ولعل هذا ما أقرته المحكمة
العليا في القرار الصادر يوم 09/07/ 1990عن القسم الثالث للغرفة الثانية تحت رقم /203
66والذي جاء فيه "أنه يستفاد من األمر 74−15وقانون 88− 31المعدل له أن نظرية
المسؤولية التي كانت مبنية على أساس الخطأ ،استبدلت بنظرية الخطر التي تتمثل في
التعويض التلقائي دون مراعاة مسؤولية أي طرف في حادث المرور".
وعلى ذلك تراجعت المحكمة العليا عن اجتهادها واستقرار رأيها حاليا على اختصاص محكمة
الجنح بالفصل في الدعويين دون الربط بينهما ال في اإلثبات وال في الحكم حيث جاء في
قرارها رقم 41078الصادر بتاريخ 1986/12/09على ان المجلس يفصل في الدعوى
المدنية ولو انتهت الدعوى العمومية بالبراءة معتبرة أن عدم وجود نص صريح يحدد
اختصاص القاضي الجزائي ما هو إال مجرد سهو من المشرع إذ أن مضمون األمر15-74
يدعو لتمديد هذا االختصاص.
برجوعنا أيضا إلى نص المادة 16من قانون 31-88والتي جاء فيها ضرورة استدعاء جميع
األطراف بما فيهم المؤمن (شركة التأمين) لحضور الجلسات ذات الطابع الجزائي وتمكينهم
من حق الدفاع على مصالحهم كان يقصد منح الصالحية للقاضي الجزائي الحكم بتعويض
الضحايا وذوي حقوقهم ويحميهم ،طول إجراءات التقاضي.
48
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
من خالل طرح الموقفين المتباينين للمحكمة العليا فيما يخص فصل القاضي الجزائي في
الدعوى المدنية بعد التصريح ببراءة المتهم في الدعوى العمومية نقول إن االجتهاد الثاني هو
األقرب للصواب ،وهو ما ذهب إليه المشرع من خالل صياغته األمر 74− 15وقانون
المكمل له 88−31والن التسليم بهمن شانه أن يخدم العدالة االجتماعية يحمي المجتمع.1
إذن في األخير نقول أن القاضي الجزائي يبقى مختصا بالفصل في الدعوى المدنية حتى ولو
نطق ببراءة المتهم في الدعوى العمومية وهذا االختصاص يرتكز على الضرر الحاصل جراء
حادث مرور والتعويض يتم بصفة تلقائية على أساس المسؤولية بدون خطأ.
وقد يجد المؤمن نفسه ،بالرغم من تحقق استثناءات الضمان ملزما بوفاء مبلغ التأمين
للمضرور ،في حين أنه غير ملزم المؤمن له بهذا الوفاء ،ومن ثم يجوز للمؤمن الرجوع على
المؤمن له بما دفعه للمضرور.2
وتثار هنا إشكالية بخصوص القانون الواجب التطبيق على الحوادث عند االلتجاء إلى الدعوى
من أجل المطالبة بالتعويض ،فيمكن اعتبار القانون الواجب التطبيق هو قانون مكان الجنحة،
بعبارة أخرى لو أخذنا مثال الجزائري الذي يسير بسيارته في تونس وقد اصطدام بها أحد
الجزائريين المستوقفين ،فإذا فرض وأن هذه السيارة قد انحرفت بما أدى بهما إلى إصابة
49
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
المستوقف المنقول مجانا بجروح ،فإن القانون التونسي هو الذي يطبق كقاعدة عامة بحسب
مفهوم المادة ( ) 20من القانون المدني الجزائري التي تنص " :يسري على كل االلتزامات
غير التعاقدية ،قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ لاللتزام ،..ما لم تكن هناك نصوص
خاصة أو اتفاقيات دولية أو معاهدات ثنائية ،أو متعددة األطراف ،كل ذلك في حالة المطالبة
القضائية من الضحية المتضررة المصابة في تلك الحادثة ،فاالختصاص من حيث المبدأ إذن
1
هو للقانون المدني ،وهذا الحل يجد في الوقت الراهن قبوال واسعا في مختلف النظم القانونية.
ويختلف أساس التعويض بين الضرر الجسماني والضرر المادي لذا سوف نعالج في هذا
المبحث كيفية تقدير التعويض في الحوادث الجسمانية (المطلب األول) ثم كيفية تقدير
التعويض في الحوادث المادية (المطلب الثاني) ثم كيفية تعويض االضرار الجسمانية الالحقة
بذوي حقوق الضحية المتوفاة (المطلب ثالث).
50
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
وقد قسم المشرع الجزائري التعويض عن األضرار الناجمة عن حادث جسماني إلى :التعويض
عن األضرار الالحقة بالمصاب جسديا أو التعويض في حالة وفاة الشخص لذوي حقوقه
وفرق بين رفاة الضحية البالغة أو بين الضحية القاصرة على النحو التالي:
الفرع األول :أساس حساب التعويض عن العجز الكلي المؤقت وحالة العجز الجزئي الدائم
بالنسبة لحالة العجز الكلي المؤقت فإنه يتم احتساب التعويض عن الضرر على أساس الدخل
السنوي للمصاب وإذا كان بدون عمل فيحسب على أساس األجر الوطني األدنى المضمون
لعمل .بحيث يتحصل ( )SNMGالمصاب على تعويض مساوي لمـقـدار األجر أو الدخل
الوطني األدنى المضمون في األيام أو الشهور أو السنوات التي يكون فيها عاطال عن
العمل.1
مثال1
أجر العامل 6000دج شهريا أصيب بعجز كلي لمدة 4أشهر فالتعويض المستحق له هو:
24000 = 4 × 6000دج.
مثال 2
شخص بدون عمل ،والدخل الوطني األدنى المـضـمـون هو 4000دج اصيب بعجز كلي
لمدة 8أشهر ،فالتعويض المستحق له هو32000=8×4000 :دج.
1معراج جديدي ،محاضرات في قانون التأمين الجزائري ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2004 ،ص.150
51
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
مثال3
شخص يتقاضى أجرة شهرية7000،دج أصيب بعجز كلي لمدة سنة واحدة ،فيكون التعويض
المستحق له هو 12 ×7000 :شهرا= 84000دج.
يتم تقدير التعويض عن األضرار بناء على الدخل السنوي للضحية ،هذا الدخل السنوي حدد
له المشرع في القانون رقم 31-88قيمة تتمثل في النقطة المرجعية أو المطابقة الموجودة في
الجداول المعدة لهذا وتضرب هذه النقطة المرجعية في نسبة العجز ،فيتحصل بناء على ذلك
الضحية على تعويض ،وإذا كانت الضحية بدون عمل فيحسب الدخل السنوي على أساس
األجر الوطني األدنى المضمون.
مثال:1
أصيب عامل يتقاض مرتب شهري 6000دج بعجز جزئي دائم بنسبة %40بسبب حادث
مرور .فيكون مبلغ التعويض المستحق على النحو التالي:
نبحث عن الدخل السنوي للضحية 12 × 6000 :شه ار = 72000دج بالرجوع إلى الجداول
الملحقة بالقانون المذكور أعاله نجد أن مبلغ 72000دج تقابله نقطة مرجعية هي ،3180
فيكون التـعـويـض المستـحق للضحية 127.200 = 40 × 3180دج.
مثال 2
أصيب شخص بعجز جزئي دائم بنسبة % 30بسبب حادث مرور وكان هذا الشخص بدون
عمل ،فيكون مبلغ التعويض المستحق مثل ما ورد في المثال األول ،بحيث نبحث عن المبلغ
السنوي للدخل الوطني األدنى المضمـون ،وهو 4000د ج وقت وقوع الحادث ثم يضرب في
12شهرا 48000 = 12 × 4000 :دج ،هذا المبلغ تقابله نقطة مرجعية الجدول 2540
فيكون التعويض المستحق للضحية هو:
76 200 = 30 × 2540دج.
وإذا كانت الجداول الموضوعة تنتهي عند مبلغ 77 000دج ،والتي تقابلها نقطة مرجعية
تاجر دخله السنوي أكبر من 77 000دج؟
ا بقيمة ،3280فكيف يكون الحل إذا كان الضحية
52
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
سوف نعطي الحل هنا بالنسبة لشخص دخله السنوي 200.000دج اصيب بعجز دائم بنسبة
30 %إن الحل في هذه الحـالـة يكمن في انتـقـاص المـبـلغ 77 000دج من الدخل السنوي
لذلك الشخص ،واستخدام القاعدة الثالثية للحصول على النقطة المرجعية
أي 200.000دج _77000دج= 123000دج ،فماهي النقطة المرجعية للمبلغ األخير ،إذا
علمنا أن 500دج تساوي 10نقاط مرجعية حسب الجداول المعدة لهذا الغرض؟
واآلن نقوم بحساب النقطة االستداللية اإلجمالية للمبلغ 200000دج ،والتي هي مجموع
النقطتين االستداللـيـتـين للمبلغين 123 000 + 77 000فتكون كاآلتي:
5740 = 2460 + 3280نقطة استداللية ،وتضرب هذه النقطة في نسبة العجز فيكون
التعويض كالتالي( 30 × 5740 :نسبة العجز) = 172 200دج ،إذن مبلغ التعويض
المستحق للتاجر الذي دخله السنوي 200 000دج.
53
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
- 7مصاريف الذهاب إلى الطبيب إذا بررت ذلك حالة الضرورة ،لكن في حالة ما إذا كانت
الحالة الصحية للضحية تستدعي أن يتم عالجها في الخارج ،بعد التحقق من ذلك من طرف
الطبيب المستشار للمؤمن ،تكون مصاريف هذه المعالجة موضوع ضمان طبقا للتشريع
الجاري به العمل.1
الفرع الثالث :التعويض عن األضرار الجمالية والتألم وعن تفقمها.
يعتبر الضرر الجمالي سهل ضرر بسبب حسن المالمح الخلفية للصحية ومعدا مشكل ضرر
ينعكس على مهنة المصاب مما يسبب له نبات أو تشوهات يتم اثباتها بالخبرة.
والتعويض عن الضـرر الجمالي ال يكون عن الضرر بحد ذاته وانما عن العمليات الجراحية
الالزمة إلصالح ،مبلغ مالي تقرره الخبرة الطبية أو تسديدها بالكامل ،فوفقا لألمر 15-74
فيعوض المصاب عن األضرار الجمالية لغاية 200000دج أما إذا زادت قيمة التعويضات
المستحقة عن الضرر الجمالي عن المبلغ 2000000دج وإلى غاية 100000دج تدفع
شركة التامين %50من التعويض المستحق عـن ذلـك الضرر وال يمكن ان يتجاوز ذلك
المبلغ 6000دج.
أما بالنسبة للقانون 31-88فإنه يقضي على تعويض كامل المصاريف والتكاليف المترتبـة
فـي العمليات الجراحية الالزمة إلصالح الضرر الجمالي المقرر بموجب خبرة طبية.
التعويض عن ضرر التألم بالرجوع إلى األمـر 15-74فنجـد انـه لـم يتناول التعويض عن
ضرر التألم ،وقد تدارك المشرع ذلك في التعديل بموجب القانون 31-88حيث حدد الضـرر
بنوعيه المتوسط ويتم بموجب الخبرة الطبية وهذا بعد وصفه في تقرير الخبرة برموز أو ارقام
كان يرمز مثال للضرر الخفيف بـ 11وغالبا ما يوصف الضرر بأرقام إما من 1إلى 20
وبعض األحيان من 1إلى .7
1زيتوني طارق ،التعويض عن األضرار الجسمانية والمادية الناجمة عن حوادث المرور في القانون الجزائري ،مجلة
البحوث القانونية واالقتصادية ،العدد ،2012، 01ص ص.358 -354 ،
54
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
وتقدير تفـاقم الضـرر يرجـع الـى األطباء المختصين ،بموجب تقرير الخبرة والذي على اساس
تاريخه يحسب تعويض تفاقم الضرر.
مثال تعرض شخص لحادث مرور في ماي 2001وتم تعويضه من نسبة عجزه المقدرة بـ 30
%وفي جوان 2011طلب مراجعة نسبة العجز وثبت أن الضرر أصبح %40اي تفاقم
بنسبة " % 10ففي هذه الحالة يتم تفسير التعويض وفقا لنسبة التفاقم فقط على أساس األجر
الشهري أو الدخل أو األجر الوطني األدنى المضمون وقت التفاقم الضرر"" أي في سنة
.12011
أما بالنسبة لموقف المشرع الجزائري من هذه األضرار ال حظنا أنه قداكتفى في القسم الثاني
من الباب الثاني من األمر رقم 15-74المعدل والمتمم بالنص على شرط توافر تقرير
الخبرة ،3لكي يتم التعويض لمالك المركبة المتضررة جراء حادث مرور ،4ولم ينص على
شروط ممارسة مهنة الخبراء لدى شركة التأمين ،ولم يتناول النص على كيفية حساب
التعويض عن األضرار المادية ،عكس األضرار الجسمانية التي بين كيفية حسابها ،وحدد في
الملحق المرفق به النقاط االستداللية التي يتم االعتماد عليها لحساب التعويض ،وعليه يمكن
القول أن المشرع الجزائري قد أولى أهمية بالغة لهذا التعويض كونه تعويضا عن األضرار
الالحقة بالشخص في جسده ،وما هو إال تكريسا منه للحق في السالمة الجسدية ،وهذا إذا ما
قارناه بالتعويض عن األضرار المادية ،الذي ترك أمر حساب التعويض المستحق جرائها
1حلتييم سراح ،التقدير القانوني للتعويض عن األضرار الجسمانية الناجمة عن حوادث السيارات ،مجلة دراسات وابحاث
المجلة العربية في العلوم االنسانية واالجتماعية ،العدد 20مارس 2017السنة التاسعة ،ص .7
2
زيتوني طارق ،مرجع سابق ،ص.363
3
المادة 21من الأمر 15-74بقولها ":لا يجوز تسديد أي ضرر مادي مسبب لمركبة إذا لم تكن المركبة المتضررة
موضوع خبرة مسبقة".
4
Société Nationale d’Assurance, Assurance auto, Op.cit, p10 .
55
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
الختصاص شركة التأمين ،إذ تقوم هذه األخيرة بحساب هذا التعويض بناء على أركان أربعة
( )04التي يقتضي األمر التعريف بها (الفرع األول) قبل اللجوء إلى شرح عملية حساب
التعويض (الفرع الثاني).
الفرع األول :تعريف األركان التي تعتد بها شركة التأمين لحساب التعويض المادي
أوال :ركن األساسيات
هي مجموعة من العناصر التي يستحيل إصالح الضرر المادي بغيابها وانعدامها ،أو بمعنى
آخر في مجموعة من العناصر الواجب توافرها إلصالح الضرر المادي الذي لحق بالمركبة،
وتتلخص هذه العناصر فيما يلي :أ ـ ثمن قطع الغيار المستبدلة :هي مجمل قطع الغيار في
المركبة التي أصبحت غير قابلة لالستعمال بعد الحادث ،حيث تقوم شركة التأمين بالتعويض
عن ثمنها بأكمله دون اإلنقاص منه بصفة مباشرة.
ب ـ ثمن الصباغة الالزمة إلعادة دهن الجزء الذي لحقه ضرر جزاء الحادث
ج – أجرة اليد العاملة :المتمثلة في الثمن الذي يجب دفعه للميكانيكي أو اللحام الذي
يتلخص هذا الركن في تلك المدة التي تتوقف فيها المركبة عن السير بسبب الضرر المادي
الالحق بها بسبب الحادث أو ب سبب تواجدها عند صاحب المرآب إلصالحها ،حيث يتحصل
مالكها على تعويض معادل للمدة التي تعطلت المركبة خاللها عن السير.
هو نتيجة حتمية لقدم السيارة واستعمالها لمدة معينة من الزمن ،أو بسبب عدم االعتناء بها،
وركن القدم واالستعمال يتم تحديده من طرف خبير السيارات ،وبناء على ذلك التقدير يتم
1
إنقاص الثمن
1
محمودي فاطمة ،مرجع سابق ،ص . 35
56
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
يتمثل هذا الركن في مبلغ من األموال التي يتحملها مالك المركبة بموجب عقد التأمين الذي
ينص على ذلك ،ويقبل بموجبه المؤمن له تحمل جزء من األضرار الناجمة عن حوادث
المرور ،لكن في حالة ما إذا قامت شركة التأمين بالمبالغة في تقدير األعباء التي يتحملها
مالك المركبة ،لهذا األخير حق الطعن أمام مدير هذه الشركة لتحميله النسبة العادية فقط
واإلنقاص من نسبة األعباء التي تحملها اياه الشركة تنقسم هذه األعباء إلى أقسام ثالثة هي:
أ ـ االمتياز المطلق :هو النوع األكثر استعماال في الواقع العملي ،حيث يتم اإلنقاص من
ثمن التعويض بغض النظر عن جسامة الضرر المادي.
ب ـ االمتياز البسيط أو النسبي :في هذا النوع تكون مساهمة المؤمن له سلبية ،حيث أن
شركة التأمين في التي تتحمل كل األضرار ومهما كانت درجتها.
ج ـ االمتياز المحدد :تقوم شركات التأمين فيه بتحديد نسبة األعباء التي يتحملها مالك
المركبة ،بأن تحدد الحد األدنى واألقصى لالمتياز الذي يتحمله هذا األخير ،وتجدر المالحظة
هنا إلى أن تحديد الحد األقصى واألدنى لالمتياز يكون بالنظر إلى حال المركبة.
وعليه فإن شركة التأمين تستفيد من عدم دفع االمتياز الذي يتحمله مالك المركبة والذي يشكل
بالمقابل عباء عليه.1
57
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
المضـرور سواء كان المؤمن له او الغير ,و القول بعكس ذلك من شانه إغراء مالك المركبة
على التعجيل بوقوع الخطر المؤمن منه بافتعال حادث كان يفتح باب سيارته عمدا عند
اقتراب سيارة اخرى منه فلتطمه ،وهو ما يأباه النظام النظام العام ،وتأباه عدالة المجتمع.
والعبرة في تقدير الضرر بقيمة الشيء المضرور او جزء منه تبعا لما إذا كان هالك کليا او
جزئيا ،وقت وقوع الحادث سواء زادت هذه القيمة او نقصت عن قيمة لشيء وقت الشراء أو
إبرام عقد التأمين والقيمة التي تؤخذ بعين االعتبار هـي القيمة السائدة في االشياء حسب
السوق الوطنية و االسعار الرسمية ،كما تدخل في حساب مبلغ التعويض جميع تعرضت
للتلف أو الهالك بسبب الحادث ،وكذلك مدة تعطيل المركبة بسبب التصليح ال سيما إذا كانت
شاحنة أو حافلة أو سيارة اجرة.
والتعويض إذا لم يكـن مـقـدر في العقـد بنـص القـانون كمـا هـو الحـال في حـوادث السيارات
يتولى القاضي تقديره ويناط هذا التقدير ،بعنصريـن ،مـا لحـق الدائـن اي المضرور من خسارة
وما فاته من كسب،وهو ما نصت المادة 182من القانون المدني الجزائري التي نصت أنه
إذا لم يكـن التعويض مقدر في العقد او القانون فالقاضي هو الذي يقدره ،و يشمل التعويض
ما لحق الدائن من خسارة و ما فاته من كسب.
وبما ان تحديد عناصر الضرر في حوادث السيارات تعتبر من المسائل الفنية فإن المشرع
الجزائري اوجب ان تكون المركبة المتضررة موضوع خبره فنية مسبقة يقوم بها خبير مختص
في السيارات ومسجل في جدول الخبراء المعتمدين ،يبين هذا االخير بدقة نوع االضرار
وقيمتها ،مع تحديد مدة تعطيل السيارة عند االقتضاء ،حيث تنص المادة 21من االمر -74
15علـى انه ال يجوز تسديد اي ضرر مادي مسبب لمركبـة ،إذا لم تكن المركبـة المتضررة
موضـوع خـبرة مسبقة.
كما ان الملزم يدفع التعويض عن االضرار المادية هو ،امـا المؤمـن إذا كـان الضـرر مغطي
عند التامين ،واما المسؤول المدني المتسبب في الضرر في الحاالت األخرى ،وال يمكن
مطالبة الصندوق الخاص بالتعويضات بدفع مبلغ التعويـض عـن االضرار المادية ،ألنه غير
58
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
ملزم إال بالتعويضات المقررة لضحايا الحوادث الجسمانية او ذوي حقوقهـم في الحـاالت بينة
في األمر المذكور اعاله.1
في حالة سرقة السيارة مع مراعاة الظروف الطارئة والقوة القاهرة ،يقوم المؤمن له بتزويد شركة
التأمين بكل اإليضاحات الصحيحة التي تتصل بهذا الحادث وأيضا كل الوثائق الضرورية من
شهادة السياقة ،البطاقة الرمادية للمركبة المتضررة ،شهادة تأمين المركبة ،مع التصريح
بالحادث الذي يتضمن كل المعلومات عن طرفي الحادث وظروفه وزمانه بالضبط ،وغالبا ما
يأخذ التصريح شكل محضر معاينة ودي موقع من سائقي المركبتين المتصادمتين ،وقد أكدت
المحكمة العليا في ق ارراها رقم 554399الصادر بتاريخ 2010/05/ 20أن المعلومات
المدونة في محضر المعاينة تبقى صحيحة ،ما لم تقم شركة التأمين عكس ذلك ،وقد جاء في
1بن عبيـد عبـد الحـفيـظ ،إلـزامية تـأمين السيـارات ونظام تعويض األضرار الناشئة عن حوادث المـرور فـي التشـريع
الجزائـري .ص .52
"2المادة 15الفقرة الخامسة من األمر 07- 95مرجع سابق.
3مجلة المحكمة العليا العدد الثاني ،2010ص ص .167-108 ،
59
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
القرار" :حيث بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أن قضاة الموضوع قد أعطوا أساسا
لقضائهم من محضر المعاينة الودي للحادث الذي وقعه كال السائقين واعتبروا المعلومات
الواردة به صحيحة ما دامت الطاعنة لم تقدم ما يثبت عكس ذلك المعلومات.1
بعد ذلك تقوم شركة التأمين بتعين أحد الخبراء المعتمدين لديها ،هذا األخير مطالب بعد إجراء
المعاينة تسليم محضره في ظرف 10أيام ،ويكون في 4نسخ ،إحداها تبقي عند الخبير،
الثانية لوكالة التأمين ،الثالثة للخصوم ،والرابعة للزبون أو المؤمن له.2
يعتمد تقييم األضرار الالحقة بالمركبات على أربع محاور رئيسية؛ األول يشكل النسبة
الكبرى من التعويضات والمتعلق بقطع الغيار المتضررة من الحادث ،وثانيها فهو أتعاب
إصالح األضرار أي ما يتقاضاه الميكانيكي أو مصلح الهيكل ،وثالثها وهي نسبة التقادم
وآخرها التعويض عن مدة تعطل المركبة (الحرمان من التمتع بالمركبة) ،فيما يتعلق بتقييم
قطع الغيار فيعتمد على جدول يتضمن كل أنواع قطع الغيار لكل أنواع السيارة ومعمول به
في السوق مع تماشي هذا الجدول مع تطور األسعار في السوق ،أما التقدير الثاني الذي
يقوم به الخبير فيتعلق بأتعاب خدمات اإلصالح (الميكانيكي أو كهربائي السيارات أو
مصلح الهيكل) فيكون بناء على عدد الساعات التي يتطلبها إصالح المركبة.3
التقدير الثالث يتناول تقادم السيارة ومدى اهتالكها ،وبالتالي اقتطاع نسبة معينة من قيمة
التعويض ،مع التأكيد أن المعمول به من طرف الخبراء في هذه الحالة هو التقدير الشخصي
للخبير والذي يتوقف باألساس على حالة السيارة وليس عمرها ،وأخي ار التعويض عن مدة
الحرمان من استغالل السيارة وهذا التقدير أيضا متوقف على التقدير الشخصي للخبير.4
بعد أن يقوم الخبير بعملتي المعاينة والتقييم ،يقوم بتحرير محضر ،يتضمن كل المعلومات
التقنية المطلوبة من قيمة كل ضرر والمبالغ المستحقة للتعويض بعد فحص كل الوثائق
1قرار منشور بمجلة المحكمة العليا ،العدد األول .2011 .ص .910
2سمية بولحية ،مرجع سابق ص.17
3محي الدين شبيرة ،تأمين السيارات بين التسعيرة أو التعويضات حالة األضرار المادية -دراسة ميدانية شركة ،saa
مذكرة ماجستير ،جامعة قسنطينة ،2005/2004،ص.240
4محي الدين شبيرة ،مرجع سابق ،ص .201
60
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
المقدمة ،ودراسة ظروف الحادث اعتمادا على محضر المعاينة الودي ،تحدد مسؤولية كل
طرف في الحادث للقيام بمتابعة مؤمن الطرف اآلخر إذا كان هو المتسبب في الحادث،
ومراسلته بواسطة وثيقة تمأل من طرف وكالة المتضرر توجه إلى وكالة المتسبب في الحادث،
مرفقة بكل الوثائق الضرورية ،وهنا على مؤمن الطرف المتسبب في الحادث الرد على
المتابعة في ظرف 15يوما.1
تجدر اإلشارة إلى توقيع متعاملي قطاع التأمين في الجزائر على اتفاقية جماعية سميت
"اتفاقية التعويض المباشر للمؤمن لهم" وهذا بعد موافقتهم جميعا وبدون تحفظ على بنود
االتفاقية وبدء العمل بها من الفاتح جانفي ،2001تقضي هذه االتفاقية بتعويض مباشر
لألضرار المادية للسيارات ،وذلك بمناسبة حادث واقع في الجزائر بين سيارتين فقط على أال
يتجاوز مبلغ هذه التعويضات الـ 20ألف دينار جزائري.2
وكان من بنود االتفاقية نص المادة 19الذي يقضي بضرورة إجراء خبرة مضادة كل الحوادث
التي يفوق مبلغها 30.000دج ،غير أن المحكمة العليا اعتبرت هذه االتفاقية غير ملزمة
للقضاة ،وهذا ما أقرته المحكمة العليا في قرارها رقم 230684الصادر بتاريخ
حيث أن القضاة ليسوا ملزمين إال بتطبيق القانون ،فإنهم قد سببوا قرارهم تسبيا سليما باالستناد
إلى المواد 23 ،22 ،21من األمر .15-74
حيث أنه يذكرهم في قرارهم بأن المبالغ الممنوحة على سبيل التعويض على الضرر المادي
المسبب لسيارة الضحية مؤسسة على خبرة أجريت من قبل خبير معين من شركة التأمين طبقا
للنصوص القانونية المذكورة أعاله فإن قضاء الموضوع سببوا قرارهم تسبيبا كافيا.
61
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
حيث في األخير ،فإن األمر بخبرة مضادة متروك لسيادة تقدير قضاة الموضوع ،فإنه يتعين
أن هذين الوجهين غير مؤسسين ،وبالتالي فهي رفض الطعن .1
المطلب الثالث :تعويض األضرار الجسمانية الالحقة بذوي حقوق الضحية المتوفاة
سنتطرق من خالل هذا المطلب كيفية تقدير التعويض وطريقة دفعه
10لالب
10لألم
وال يمكن أن يتجاوز مجموع المعامالت لذوي الحـقـوق ،100وال يمكن أن يتجاوز الدخل
الذي يعتمد في إخراج النقطة المرجعية ثماني مـرات األجـر الوطني األدنى المـضـمـون وقت
وقـوع الـحـادث في كالحاالت.
مثال:
توفي شخص راشد بسبب حادث مرور ترك زوجة ثالثة أوالد قصر واألم ،والسؤال الذي يطرح
ما هو مبلغ التعويض المستحق لكل واحد من هؤالء إذا كان المتوفي بدون عمل؟
62
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
إذا كان األجر الوطني األدنى الـمـضـمـون شهريا هو 4000د ج وقت وقوع الحادث ،فيكون
الدخل السنوي هو 48000 =12×4000 :دج ،وهذا للمبلغ تقابله نقطة استداللية هي
2540دج.
نقوم بضرب هذه النقطة في معامل كل واحد من ذوي الحقوق :الزوجة= 2540 × 30 :
76 200دج ،هذا المبلغ هو المستحق للزوجة.
الولد الواحـد 38 100 = 2540 × 15 :دج ،وهو المبلغ المستحق لكل ولد قاصر
األم 25 400 = 2540 × 10 :دج وهو المبلغ المستحق لألم.
وفي الحالة األخيرة ،المتمثلة في وفاة قاصر ،فإن مبلغ التأمين (التعويض) المستحق لوالديه،
يقدر بناء على سنه.1
أما إذا كـان المـتـوفي القـاصـر يـتـراوح عمـره بين ست ( )06سنوات وتسعة عشر ( )19سنة
فإن والديه يتحصالن على تعويض قدره ثالث مـرات الدخل السنوي لألجـر الوطني األدنى
المـضـمـون وقت وقوع الحادث ،وفي حالة وفاة أحـد األبوين ،يعـود التـعـويـض كـامـال إلى من
يبقى على قيد الحياة .والذي يالحظ ،أن هذا التعويض المقـدم للوالدين يأخذ شكل تعويض
معنوي أكثر منه مادي.2
63
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
وذلك حسب الشروط المحددة ،فقد اعتمد المشرع على أساليب لتقدير التعويض الواجب األداء
للصحية أو ذوي حقوقه في صورة رأسمال تأسيسي او على شكل ابراد (ريع).
الرأسمال التأسيسي وهو تقدير مبلغ التعويض علـى أسـاس تقديمه لدفعة واحدة وللحصول على
الرأسمال التأسيسي لضرب النقطة االستداللية المقابلة لألجر أو المرتب السنوي للضحية
العامـل ،أو األجر السنوي الوطني في مقدار العجز وفقا لما سبق لتفصيله.
ويقصد بالريع :يمكن تعريف الريع أنه ذلك الراتب أو المنحة التي يتم دفعها للمصاب ننتجه
إصابته بحادث سير الذي سبب له عجز مؤقت أو دائم أو عاهة مزمنة تبعده عن العمل
الريع الموقت في حالة إذا كان المستفيد قاصر أي كانت صفته فيتحصل إلزاميا على
التعويض في شكل ريع موقت عندما يتجاوز مبلغه أربعة أضعاف المبلغ السنوي لألجر
الوطني األدنى المضمون اي اذا تجاوز التعويض270000=4×15000 :فيدفع في شكل
ريع موقت وهذا بلسمة الرأسمال التأسيسي على معامل الربع المؤقت حسب سن الضحية من
0إلى 19سنة.
الريع العمـري أما فيما يتعلق بالضحايا او ذوي حقوقهم السالفين السن المعترف بأنهم عجـرة
إلزاميا في شكل ريع عمري عندما يتجاوز التعويض المستحق لهم أربع أضعاف المبلغ
السنوي لألجر الوطني األدنى المضمون ،الذي يتحول بقوة القانون إلى ريع مدى الحياة
وللحصول على مبلغ المعاش يقسم مبلـغ الرأسمال التأسيسي على معامل المعاش حسب سن
الضحية والمحدد بين 0إلى 19سنة.
ان التعويض المنصوص عليـه فـي األمـر 15-74المعدل والمتمم بالقانون 31-88ال يمكن
أن يجمع بين التعويضات التي يستحقها نفس الضحايا من نفس الحادث بعنوان التشريع
المتعلق بالتعويض عن حوادث العمل واالمراض المهنية فال يمكن للضحايا االستفادة من
التعويضات المقررة على أساس أنه حدث عمل وهي نفس الوقت االستفادة من مبلغ التأمين،
كما تجدر اإلشارة إلى ان التعويض عن المصاريف الطبيـة والصيدالنية المستحق لضحايا
64
آليات استيفاء التعويض عن األضرار اجلسمانية واملادية يف حوادث املرور وتقديره الفصل الثاين:
حوادث المرور أو لذوي حقوقيهم ،غير مرتبط بالتشريع المتعلق بحوادث العمل وباألمراض
1
المهنية.
وقد حدد طريقة احتساب قيمة التعويضات صراحة قانونا ،معتمدا على األجر الوطني
األدنى المضمون كأساس ومرجع لحساب قيمة ومقدار التعويض ،سالبا بذلك كل سلطة
تقديرية من القاضي ،والذي ليس له هو إال مراقبة تطابق التعويضات الممنوحة مع ما هو
مقرر قانونا.
وتكمن الحكمة من توضيح كيفية حساب التعويض عن حوادث المرور في رغبة المشرع
لتيسير عملية حصول المضرور على التعويض إما عن طريق التسوية الودية ،وإما عن
طريق التقاضي ،وذلك طبعا في حالة فشل أسلوب المصالحة أو التسوية الودية في حل
النزاع.
65
الخاتمة
الخاتمة
خاتمة
من خالل دراستنا لموضوع التعويض عن حوادث المرور في نطاق التشريع الجزائري،
توصلنا إلى مجموعة من النتائج ،نذكر أهمها كما يلي:
-التعويض عن حوادث المرور يرد في إطار ما يعرف بمبدأ التعويض التلقائي الذي جسده
المشرع الجزائري صراحة من خالل المادة الثامنة من األمر 15-74المعدل والمتمم ،وهذا
يعكس التغيير الجذري الذي أحدثه المشرع الجزائري في التعويض عن الضرر الذي قد
يكون جسمانيا أو ماديا ناجما عن مركبة ذات محرك و مقطوراتها ونصف مقطوراتها.
-جسد المشرع الجزائري من خالل 15-74السالف الذكر مبدأ ازدواجية الهيئات المكلفة
بالتعويض ،فجعل من شركات التأمين الجهة الضامنة األصيلة في حال وقوع حداث مرور
عن مركبة مؤمن عليها ،وذلك انطالقا من الرابطة العقدية التي يحكمها مبدأ العقد شريعة
المتعاقدين مما يحتم على هذه الشركات التقيد بمقتضيات هذا العقد واعالم المؤمن لهم بكافة
حقوقهم و كافة واجباتهم قبل وقوع الحادث ،أما الهيئة الثانية فتتمثل في صندوق ضمان
السيارات كجهة استثنائية مفعلة في تعويض ضحايا الحوادث الجسمانية دون المادية ،وذلك
في حالة غياب التغطية التأمينية أو في حاالت استثنائية أخرى تتعلق أغلبها باستثناءات
الضمان المنصوص عنها في المادة السادسة من المرسوم 37-80أو حالة بقاء المتسبب
في الحادث مجهول أو الحالة التي يكون فيها المتسبب في الحادث غير مؤمن على مركبته،
وهذا يدل على أن المشرع الجزائري قد وسع من دائرة الحماية القانونية المقررة لضحايا
حوادث المرور من خالل هذه االزدواجية ،بالرغم من عدم استبعاده الكلي لمبدأ المسؤولية
الجزئية والخطأ العمدي ودوره في قيام المسؤولية المدنية التي تمثل التزام المتسبب بالخطأ
الذي أحدث ضر ار بالتعويض عن خطئه.
-إن التعويض عن حوادث المرور في الجزائر عبارة عن تعويض محدد بمقتضى القانون،
ويقصد بذلك عدم اخضاع التعويض المستحق لضحايا حوادث المرور للسلطة التقديرية
67
الخاتمة
للقاضي وإنما لنصوص القانون ،وهو ما كرسه المشرع الجزائري من خالل جدول
التعويضات الممنوحة لضحايا حوادث المرور كملحق للقانون 31-88المعدل والمتمم
لألمر ،15-74وهو ما يدفعنا إلى القول أن التعويض عن حوادث المرور ينفرد بقواعد
خاصة تختلف عن تلك المقررة في إطار القواعد العامة.
-نقترح على المشرع الجزائري إعادة النظر في مسألة إقرار الحق في التعويض عن الضرر
المعنوي لذوي حقوق الضحية المتوفاة فقط ،وذلك بتمديد نطاق التعويض عن الضرر
المعنوي ليشمل كل المتضررين من حوادث المرور دون استثناء ،وهو ما يتطلب تعديل البند
الخامس من الملحق الخاص بكيفية احتساب التعويض في مجال الحوادث المرورية.
-إن فكرة المساواة المقررة في تقدير التعويض لضحايا حوادث لها إيجابياتها ،إال أنها في
نفس الوقت لها مساوئ ،كونها تساوي بين المضرورين باإلعتماد على النقطة اإلستداللية
التي تؤخذ كأساس لحساب قيمة التعويض ،والتي تحدد على أساس األجر السنوي للعامل،
وبالتالي يتضرر ال محالة ذوي الدخل الضعيف ،وال يحصلون على ذات التعويض الذي
يحصل عليه ذوي الدخل المرتفع ،وإن كان الضرر نفسه ،وبالتالي نقترح إعادة النظر في
فكرة احتساب التعويض على أساس األجر فقط ،وإضافة معايير أخرى كم ارعاة الظروف
الشخصية واإلقتصادية للضحية.
68
قائمة املصادر واملراجع
69
قائمة املصادر واملراجع
النصوص القانونية
70
قائمة املصادر واملراجع
قائمة المراجع:
الكتب:
احمد طالب ،بهاء بهيج شكري ،التأمين من المسؤولية بين النظرية والتطبيق ،الطبعة )1
االولي ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان.
ادريس العبد الوي ،شرح قانون مدني -النظرية العامة االلتزام ،د،ط ،دون دار نشر، )2
الجزء الثاني ،د،ت.
بن عبيدة عبد الحفيظ ،إلزامية تأمين السيارات و نظام تعويض األضرار الناشئة عن )3
حوادث المرور في التشريع الجزائري .ط .2002
بهاء بهيج شكري ،التأمين من المسؤولية بين النظرية والتطبيق ،الطبعة األولى ،دار )4
الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان.2010،
راشد راشد ،التأمينات البرية الرامية في النوء قانون التأمينات الجزائري ،ديوان )5
المطبوعات الجامعية الجزائر.1992،
سعيد السيد قنديل ،مشكالت تعويض حوادث السير بين استهداف التغطية الشاملة )6
وعدم كفاية المباشر المحدود ،دراسة مقارنة ،دار الجامعة الجديدة ،مصر.2014،
عابد قايد ،التعويض التلقائي لألضرار بواسطة التأمين وصناديق الضمان ،دراسة )7
مقارنة في القانون المصري والفرنسي ،د.ط ،دار الجامعة الجديدة ،مصر.2014،
عامل قورة :محاضرات في قانون العقوبات (قسم العام الجريمة) ،الطبعة الثانية، )8
ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر .1988،
71
قائمة املصادر واملراجع
عبد الخالق النواوي ،جرائم القذف والسب وشرب الخمر بين الشريعة والقانون ،كلية )9
االنجلو المصرية ،مصر.1981 ،
)10عبد المجيد عامر شيبوب ،التعويض عن األضرار البدنية الناشئة عن حوادث
المرور ،دار الكتب القانونية ،مصر.2006،
)11مراد علي الطراونة ،التأمين اإللزامي من حوادث المركبات ،الطبعة األولى ،دار
الوراق للنشر ،عمان .2011،
)12معراج جديدي ،محاضرات في قانون التأمين الجزائري ،ديوان المطبوعات الجامعية
الساحة المركزية-بن عكنون الجزائر.
)13نبيل صقر ،حوادث المرور نصا وفقها وتطبيقا (ق اررات المحكمة العليا حول حوادث
المرور) ،دار الهدى ،الجزائر.2009،
)14نزيم نعيم شالل ،دعوى حوادث السير مقارنة من خالل الفقه واالجتهاد والنصوص
القانونية ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت.2002،
المذكرات:
بحماوي الشريف ،التعويض عن األضرار الجسمانية بين األساس التقليدي للمسؤولية )1
المدنية واألساس الحديث ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،كلية الحقوق والعلوم اإلنسانية،
جامعة تلمسان ،الجزائر.2008-2007،
حلتييم سراح ،التقدير القانوني للتعويض عن األضرار الجسمانية الناجمة عن حوادث )2
السيارات ،مجلة دراسات وابحاث المجلة العربية في العلوم االنسانية واالجتماعية ،العدد 20
،مارس .2017
زيتوني طارق ،التعويض عن األضرار الجسمانية والمادية الناجمة عن حوادث )3
المرور في القانون الجزائري ،مجلة البحوث القانونية واالقتصادية ،العدد.2021 ، 01
سعدي محمد األمين ،التأمين على حوادث المرور في التشريع الجزائري ،مذكرة لنيل )4
شهادة الماجيستر ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة مستغانم ،الجزائر،2016،
سفيان زرقط ،نظام تعويض األضرار الجسمانية الناشئة عن حوادث المرور في )5
الجزائر ،مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،2005،2004ص.12
72
قائمة املصادر واملراجع
سمية بولحية ،النظام القانوني لعقد التأمين على المركبات في التشريع الجزائري. )6
مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،تخصص قانون العقود المدنية ،جامعة أم البواقي ،الجزائر،
2010ـ 2011ص.30
عالوة بشوع ،التأمين اإللزامي من المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات في )7
الجزائر ،مذكرة لنيل شهادة الماجيستر ،جامعة قسنطينة ،الجزائر.2006/2005،
عالوة بشوع ،التأمين في المسؤولية المدنية عن حوادث السيارات في الجزائر ،مذكرة )8
ماجستير في القانون الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة متنوري قسنطينة ،الجزائر ،سنة
.2006/2005
محمودي فاطمة ،المسؤولية المدنية عن حوادث المرور ،دراسة مقارنة ،أطروحة لنيل )9
شهادة الدكتوراه ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،جامعة وهران ،الجزائر.2011- 2010،
)10محي الدين شبيرة ،تأمين السيارات بين التسعيرة أو التعويضات حالة األضرار المادية
-دراسة ميدانية شركة ،saaمذكرة ماجستير ،جامعة قسنطينة.2005/2004،
المقاالت:
االستاذ جمال فاخر الكناس ،خطأ المؤمن له وآثاره على حقه في الضمان ،دراسة )1
في القانون الكويتي والقانون المقارن ،مجلة الحقوق ،الكويت ،العدد .1994، 4
بوزيدي محمد ،المصالحة في مجال تعريض ضحايا حوادث المرور ،المجلة )2
القضائية العدد ،2لسنة .1992
راضية مشري "التعويض عن األضرار الجسمانية في حوادث المرور" ،مجلة الباحث )3
للدراسات األكاديمية ،مجلد ،6ع ،3سبتمبر .2019
ـسـليمان مـرقس ،ضـابط معيـار الخطأ فـي المسـؤولية المدنيـة ،مجلـة القضـاء )4
والتشريع ،العدد ،6تونس،1973،
علي بوحجيلة "،تأمين المسؤولية الناتجة عن حوادث المرور ومسألة وقوع الحادث )5
بسبب القيادة في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول أو المخدرات أو المنومات المحظورة"،
مجلة الباحث ،العدد ،7جامعة وهران ،الجزائر ،افريل.2003
73
قائمة املصادر واملراجع
74
فهرس المحتويات
75
فهرس احملتوايت
فهرس المحتويات
المبحث االول :األساس القانوني للحق في التعويض عن حوادث المرور في التشريع الجزائر 7 .........................................
المطلب االول :المصادر القانونية لنظام التعويض عن حوادث المرور في التشريع الجزائري 7 .......................................
المطلب الثاني :شروط تطبيق التعويض وفقا األمر 11 ............................................................................ 15-74
المبحث الثاني :االستثناءات الواردة عن تطبيق مبدأ التعويض عن حوادث المرور 26 ....................................................
المطلب األول :حالتي السائق المتسبب في الحادث والسائق بدون وثائق 26 ............................................................
المطلب الثاني :حالتي السائق السارق وشركاؤه والسائق في حالة سكر 32 .............................................................
المطلب الثالث :التعويض المترتب عن األخطاء بتوفر القصد واألخطاء بدون قصد لدى سائق 36 ..................................
المطلب الثاني :إجراءات الحصول على التعويض أمام القضاء الجزائي 45 ...............................................................
المطلب الثالث :إجراءات الحصول على التعويض أمام القضاء المدني 49 ...............................................................
المبحث الثاني :التقدير القانوني للتعويض عن األضرار الجسمانية والمادية في حوادث المرور 50 .....................................
المطلب الثالث :تعويض األضرار الجسمانية الالحقة بذوي حقوق الضحية المتوفاة 62 ................................................
76
:ملخص المذكرة
يتطلب القانون من ضحايا حوادث المرور كي يكتسبوا حق المطالبة بالتعويض عن
أن يثبتوا أن األضرار قد وقعت فعال جراء،األضرار التي لحقت بهم جراء تلك الحوادث
إال أنه للحصول على هذا التعويض من شركة التأمين يجب أن،تدخل المركبة في ذلك
لكن في حالة،يكون مالك المركبة قد أمن عن األضرار التي تلحق بها أو قد تلحقها بالغير
كون هذا األخير غير مؤمن عنها فال يضيع حق المتضررين في الحصول على تعويض
إذ كرس لهم القانون إمكانية الحصول على هذا التعويض،إلصالح األضرار الالحقة بهم
.من صندوق ضمان السيارات أو المطالبة به أمام القضاء
Abstract :
The law requires the victims of traffic accidents to gai n the right to claim
compensation for the material damage caused by these accidents to prove that
the damage has really occurred as a result of the vehicle involvement. However,
in order to obtain such compensation from the insurance company, the owner of
the vehicle must have been insured against the damage on the vehicle or caused
to the others, but if the latter is not the insured, the victims do not lose the right
to receive compensation for repair of the damage suffered; where the law
allowed them obtaining the compensation from the vehicle insurance fund or
claiming it in the courts, following a set of legal procedures and after the
assessment of the compensation amount, according to the table attached to
amended and completed order n°74-15 Modified and supplemented by law 31-
88