You are on page 1of 6

‫الفكر االقتصادي الكالسيكي‬

‫أوال‪ -‬رواد المدرسة الكالسيكية‪ :‬يعتبر الفيلسوف االسكتلندي آدم سميث (‪)1790-1723( )Adam Smith‬‬
‫مؤسس المدرسة الكالسيكية في االقتصاد‪ .‬نُشر بحثه الشهير في طبيعة وأسباب ثروة األمم عام ‪ ،1776‬وقد‬
‫اعتبر هذا العام بداية الفترة الكالسيكية التي استمرت حوالي مائة عام‪.‬‬

‫يُنظر أحيانًا إلى األيرلندي جون إليوت كايرنز (‪ )1875-1823( )John Elliot Cairnes‬على أنه آخر كاتب‬
‫كالسيكي مهم‪ ،‬حيث قام بنشر مبادئه الرائدة لالقتصاد السياسي التي تم شرحها عام ‪ .1874‬وبين سميث‬
‫وكايرنز نجد الكاتب الفرنسي جان باتيست ساي (‪ .)1832-1767( )Jean-Baptiste Say‬والبريطانيون توماس‬
‫روبرت مالتوس (‪ )1834-1766( )Thomas Robert Malthus‬وديفيد ريكاردو ‪-1772( David Ricardo‬‬
‫‪ )1823‬وناساو ويليام سينيور ‪ )1864-1790( Nassau William Senior‬وجيمس ميل ‪-1773( James Mill‬‬
‫‪ )1836‬وابنه جون ستيوارت ميل (‪.)1873-1806( )John Stuart Mill‬‬

‫ثانيا‪ -‬الخصائص المشتركة لدى معظم االقتصاديين الكالسيكيين‪ :‬رغم وجود تباين في الرؤى بين االقتصاديين‬
‫الكالسيك اال أن ما يجمعهم ثالث اهتمامات رئيسية‪ :‬االهتمام بالنمو والتنمية‪ ،‬التركيز على تكلفة اإلنتاج كمحدد‬
‫رئيسي لألسعار‪ ،‬االهتمام بتوزيع الدخل بين العمل واألرض ورأس المال على شكل أجور وريوع وارباح‪.‬‬
‫ومن خالل الجمع بين هذه العناصر الثالث‪ ،‬حاول االقتصاديون الكالسيك تقديم تفسير ثابت للعالقات المتغيرة‬
‫بين توزيع الدخل واألسعار في سياق التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬فكر آدم سميث‪ :‬لدى ادم سميث عملين أساسيين‪ :‬بحث في طبيعة وأسباب ثروة األمم (‪ ،)1776‬ونظرية‬
‫المشاعر األخالقية (‪ .)1759‬ويعتبر المؤلف األول عمال اقتصاديا في األساس يدافع فيه عن األطروحات‬
‫الليبرالية‪ :‬عدم تدخل الدولة‪ ،‬تقسيم العمل‪ ،‬السوق‪ ،‬اليد الخفية‪ ،‬المصلحة الشخصية‪ .‬من المالئم االشارة إلى أن‬
‫سميث كتب في بداية الثورة الصناعية‪ ،‬فهناك نوع من التفاؤل في تفكير سميث‪ ،‬ألنه أمل في تحقيق نتائج‬
‫إيجابية منها‪.‬‬

‫نقطة البداية للبحث في ثروة األمم هي التفكير والتساؤل عن مفهوم الثروة‪ ،‬وهي مسألة كان قد طرحها‬
‫التجاريون والطبيعيون قبل سميث‪ ،‬لكن اجابته تختلف عن إجابتهم‪ ،‬فقد اعتبر تعريفاتهم للثروة مقيدة للغاية‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬كما ال تقوم الثروة على الزراعة فقط‪ ،‬ألن‬
‫فليست النقود وحدها مصدر الثروة ألنها تشمل الثروة المادية أي ً‬
‫ضا‪ .‬وبالتالي فإن الثروة تتكون من كل األشياء الضرورية والمريحة (الزائدة) للحياة‪،‬‬
‫الصناعة تخلق الثروة أي ً‬
‫والتي يتيح العمل السنوي لألمة الحصول عليها‪ ،‬فالثروة هي كل ما أنتجه هذا العمل‪ .‬هذه الثروة تعتمد على‬
‫العمل بشكل مزدوج‪ :‬فالعمل ينتج سلعًا لها قيمة‪ ،‬كما أن تقسيم العمل هو الذي يسمح بزيادة القدرات اإلنتاجية‬
‫للعمال‪ ،‬وبالتالي يجعل من الممكن زيادة ثروة األمة‪.‬‬

‫‪ -1‬تقسيم العمل‪ :‬إن تقسيم العمل يزيد اإلنتاجية من ثالث جوانب مختلفة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬تخصص العاملين في مهمة معينة؛ تقليل الوقت الضائع المرتبط بتغيير المهام؛ استخدام االالت‪.‬‬

‫‪ -2‬الحرية الطبيعية واليد الخفية‪ :‬كان آدم سميث على دراية جيدة بأفكار فالسفة القانون الطبيعي‪ ،‬ويعد‬
‫مؤشرا على هذا التأثر‪ .‬وهي تعني عنده الحرية في‬
‫ً‬ ‫استخدامه لمصطلح الحرية الطبيعية (والتعبيرات المماثلة)‬
‫تغيير المهنة‪ ،‬وحرية العيش مع من اختار االنسان العيش معهم‪ ،‬كان يعني الحرية في كل من التجارة الداخلية‬
‫والدولية‪ .‬واذا ألحقت الحرية الطبيعية الضرر بالمجتمع فيجب تقييدها‪ .‬ولكن يجب تطبيق القاعدة األساسية‬
‫للحرية في جميع الحاالت األخرى‪.‬‬

‫سيتم دمج تقسيم العمل مع آلية أخرى وهي آلية اليد الخفية‪ ،‬التي توضح كيف يمكن لألفراد‪ -‬المهتمين فقط‬
‫بمصلحتهم الشخصية ‪ -‬أن يساهموا مع ذلك في الصالح العام والثروة الجماعية‪ .‬فاليد الخفية هي استعارة‬
‫للظروف التي تنتج هذا التوافق بين المصلحة الذاتية والمصلحة األفضل للمجتمع‪ .‬تشير هذه النظرية الى أن‬
‫النظام الحاصل هو نتيجة غير متوقعة وغير مقصودة للتفاعالت بين االفراد‪.‬‬

‫‪ -3‬واجبات الحكومة‪ :‬في رأي سميث يجب على الحكومة أن تتدخل بدرجة أقل في الحياة االقتصادية مما كانت‬
‫عليه في بريطانيا‪ ،‬حيث كان مذهب التجاريين هو المسيطر‪ .‬وكان يرى بأن للحكومة ثالث مهام رئيسية‪:‬‬
‫الواجب األول هو حماية المجتمع من الغزو‪ ،‬أي الحفاظ على الدفاع الوطني؛ الواجب الثاني هو حماية كل فرد‬
‫في المجتمع من الظلم من قبل األفراد اآلخرين‪ ،‬أي إقامة العدل؛ الواجب الثالث هو إقامة وصيانة المؤسسات‬
‫العامة واألعمال العامة‪ ،‬مثل الطرق والجسور والقنوات والموانئ والخدمات البريدية‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‬
‫مؤسسات التعليم‪.‬‬

‫‪ -4‬نظرية قيمة العمل ( ‪ :)La théorie de la valeur travail‬يقترح آدم سميث نظرية لقيمة العمل‬
‫(القيمة بالعمل)‪ ،‬حيث يفرق بين قيمة االستخدام وقيمة التبادل‪ ،‬ويرفض أن يبني القيمة على المنفعة بد ًءا من‬
‫التناقض الشهير لقيمة الماء والماس‪ ،‬وقد كرس سميث الكثير من الجهد لشرح القيمة في التبادل‪ .‬فاألشياء التي‬
‫لها أكبر قيمة في االستخدام لها قيمة ضئيلة أو معدومة في كثير من األحيان؛ وعلى العكس من ذلك‪ ،‬فإن تلك‬
‫كثيرا ما يكون لها قيمة قليلة أو معدومة في االستخدام‪.‬‬
‫التي لها أكبر قيمة في التبادل ً‬

‫سر إما بندرته أو بتكاليف إنتاجه‪ ،‬والقيمة التبادلية لسلعة ما ال يمكن تحديدها من خالل‬
‫وبالتالي فإن السعر يُف َّ‬
‫المنفعة التي يحصل عليها المستهلك‪ ،‬ومن ثم سيتم تأسيس القيمة على العمل‪ .‬في هذا االطار تقاس قيمة السلعة‬
‫بكمية العمل المطلوبة إلنتاج هذه السلعة‪.‬‬

‫‪ -5‬توزيع المداخيل‪ :‬يعتبر الكالسيك أن هناك نوعين من الدخل‪ :‬الدخل األولي والثانوي‪ .‬الدخول األولية ترتبط‬
‫مباشرا بعملية اإلنتاج‪ ،‬مثل األجور المدفوعة للعمال المنتجين‪ ،‬واألرباح وإيجارات األراضي‪ .‬الدخل‬
‫ً‬ ‫ارتبا ً‬
‫طا‬
‫الثانوي هو الدخل من إعادة التوزيع والتحويل الذي يتوافق مع الضرائب والفوائد واألجور المدفوعة للعمال‬
‫غير المنتجين‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المداخيل التي يهتم بها االقتصاديون الكالسيكيون هي المداخيل األولية‪ .‬في هذا االطار يعتبر سميث بأن مستوى‬
‫سا الزدهار المجتمع ومقدار رأس المال؛ والربح يزداد مع المخاطرة وينخفض من حيث‬
‫األجور نتيجة أسا ً‬
‫ي يحدده المالك‪ .‬وعلى كل حال‬
‫القيمة النسبية إذا نما رأس المال؛ أما الريع (سعر إيجار األرض) فانه احتكار ً‬
‫فالعمل هو أساس كل دخل‪ ،‬وبالتالي هو أساس ثروة األمم‪ ،‬ومن العمل واألجور سيعيش المجتمع‪.‬‬

‫ضا على المستوى الدولي‪ ،‬وهو‬


‫‪ -6‬التراكم والنمو والتجارة الخارجية‪ :‬ان تقسيم العمل واليد الخفية ينطبقان أي ً‬
‫ما يبرر سياسة عدم التدخل داخل البلدان وحرية التنقل بينها‪ .‬ويبني سميث حجته على النحو التالي‪ :‬نقطة البداية‬
‫هي التراكم أي االستثمار‪ ،‬هذا االستثمار ممكن فقط إذا كان هناك مدخرات مسبقة‪ ،‬وال يستطيع االدخار اال‬
‫الرأسماليون‪ ،‬وبالتالي فإن مدخرات الرأسماليين هي أساس النمو االقتصادي‪ .‬تكمن المشكلة في أن الربح‬
‫ينخفض على المدى الطويل ألنه كلما زاد رأس المال زاد االستثمار وقلت إمكانية االستثمار المربح‪ ،‬أي‬
‫ضا حتى يتوقف تما ًما‪ .‬عندما ال يكون هناك المزيد من‬
‫ينخفض معدل الربح وبالتالي ينخفض معدل النمو أي ً‬
‫ضا نمو أو ربح محتمل‪ :‬نجد أنفسنا في حالة ثابتة‪ .‬هذه الحالة الثابتة هي‬
‫فرص االستثمار لن يكون هناك أي ً‬
‫الوضع الذي يميل إليه أي اقتصاد على المدى الطويل‪ .‬لتجنب هذا الوضع فالحل في التجارة الخارجية والحرة‪،‬‬
‫ألن هذا يفتح إمكانيات جديدة لالستثمار والربح وبالتالي للنمو‪.‬‬

‫سيصاحب التجارة الدولية تقسيم دولي للعمل يقود كل بلد إلى التخصص في إنتاج السلع التي يتمتع فيها بميزة‬
‫مطلقة‪ ،‬هذه الميزة المطلقة تجعل من الممكن إنتاج سلع بسعر أقل من البلدان األخرى‪.‬‬

‫رابعا‪ -‬اسهامات المفكر ‪:David Ricardo‬‬

‫سمسارا في بورصة لندن (مثل والده) ودخل‬


‫ً‬ ‫ولد ديفيد ريكاردو في عائلة ثرية في لندن عام ‪ .1772‬عمل‬
‫البرلمان عام ‪ .1819‬كتب مقالته األولى عام ‪ 1815‬عن تأثير سعر الذرة على األرباح‪ ،‬وصدر كتابه الثاني عام‬
‫‪ 1817‬بعنوان مبادئ االقتصاد السياسي والضرائب‪.‬‬

‫من أهم مالمح مساهمات ريكاردو تجديد طريقة التفكير‪ ،‬لقد عمل على النماذج النظرية وقام بتطوير الطريقة‬
‫االستنتاجية في الفكر االقتصادي‪ ،‬فعادة ما كان يبدأ بعدد من االفتراضات التي يستنتج منها نظرياته في خطوات‬
‫منطقية واضحة‪ .‬تقابل هذه الطريقة بالتفكير االستقرائي لدى سميث‪ ،‬الذي يبدأ غالبًا من مالحظات العالم‬
‫الحقيقي من أجل مناقشة المبادئ واستخالص االستنتاجات العامة‪.‬‬

‫‪ -1‬نظرية قيمة العمل‪ :‬يتفق ريكاردو مع سميث على أن العمل هو أساس القيمة‪ ،‬ولكنه يختلف معه في أن قيمة‬
‫السلعة تتحدد بكمية العمل الضروري النتاجها‪ ،‬وهي تشمل بذلك قيمة األدوات المستخدمة في انتاجها‪.‬‬

‫‪ -2‬توزيع الدخل‪ :‬هذه مسألة مهمة للغاية في فكر ريكاردو‪ ،‬ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه في بداية القرن التاسع‬
‫ً‬
‫سؤاال موضوعيًا‬ ‫عشر مع الثورة الصناعية كانت هناك توترات قوية بين العمال والصناعيين‪ ،‬وبالتالي كان‬
‫مه ًما يسعى ريكاردو إلى االجابة عنه‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -3‬نظرية الريع‪ :‬تعتبر نظرية ريكاردو عن ريع األرض مهمة من الناحية التاريخية‪ ،‬ألنها مثال مبكر ومفصل‬
‫عن المبدأ الحدي والعوائد المتناقصة‪ ،‬والتي أصبحت فيما بعد محور اهتمام الفكر الكالسيكي الجديد‪.‬‬

‫كما هو الحال لدى مالتوس‪ ،‬يعارض ريكاردو فكرة أن الريع يمكن استخالصه من احتكار األرض‪ ،‬ولكنه‬
‫مرتبط باختالف الخصوبة بين األراضي‪ .‬ومن ثم فإن الريع هو فائض يختلف من أرض إلى أخرى حسب‬
‫الكميات التي يمكن إنتاجها على هذه األراضي‪ .‬لفهم هذه النظرية من الضروري فهم فرضيتين‪:‬‬

‫ندرة األرض أو فكرة محدودية مساحة األرض الخصبة؛‬ ‫‪-‬‬

‫تناقص العوائد الحدية‪ ،‬حيث ينتج عن مزيج متزايد من العمالة ورأس المال المستخدم في مساحة ثابتة من‬ ‫‪-‬‬
‫األرض نواتج ضعيفة بشكل متزايد‪.‬‬

‫يبني ريكاردو استنتاجه على النحو التالي‪ :‬مع زيادة تراكم رأس المال سيزيد الطلب على السلع الزراعية‪ ،‬ألن‬
‫تطور الصناعة وتطور االستثمار وتراكم رأس المال تؤدي إلى زيادة الطلب على العمالة من جانب‬
‫الرأسماليين‪ ،‬وبالتالي زيادة في األجور فوق مستواها الطبيعي‪ ،‬مما يؤدي (كما لدى مالثوس وسميث) إلى زيادة‬
‫في عدد السكان‪ ،‬وهذا سيحفز بدوره الطلب على السلع الزراعية‪.‬‬

‫لذلك ولتلبية الزيادة في الطلب على السلع الزراعية‪ ،‬يجب أن تمتد الزراعة من أكثر األراضي خصوبة إلى‬
‫األراضي األقل خصوبة‪ .‬المشكلة هي أنه في أقل األراضي خصوبة تكون اإلنتاجية أقل مما هي عليه في أكثر‬
‫األراضي خصوبة‪ .‬مع تناقص خصوبة األراضي المزروعة يظهر فرق بين المنتج واإلنتاج المحقق؛ سيشكل‬
‫هذا االختالف الريع الذي يتقاضاه المالك‪.‬‬

‫‪ -4‬سياسة عدم التدخل لدى ريكاردو‪ :‬في بداية القرن ‪ 19‬بدأت إنجلترا في اتخاذ تدابير حمائية لضمان ارتفاع‬
‫سعر القمح (قوانين الذرة)‪ .‬كان ريكاردو معارضا لهذه القوانين فهو من دعاة التجارة الحرة‪ .‬حيث اعتبر بأن‪:‬‬

‫‪ -‬التجارة الحرة تسمح بالعودة التلقائية لتوازن ميزان المدفوعات؛‬

‫‪ -‬التجارة الحرة مفيدة ألن جميع البلدان تتخصص في إنتاج السلع التي تتمتع فيها بميزة نسبية‪ ،‬وهذا التخصص‬
‫يسمح بتحقيق مكاسب متبادلة؛‬

‫‪ -‬التجارة الحرة تحول دون تحقيق حالة توقف االقتصاد‪ ،‬لذلك من الضروري منع ارتفاع أسعار القمح من‬
‫خالل تبني سياسات التجارة الحرة لخفض سعر القمح‪.‬‬

‫‪ -5‬التجارة الخارجية على أساس المزايا النسبية‪ :‬الجزء األكثر شهرة في المساهمة الخاصة بالتجارة‬
‫الخارجية لريكاردو هو تحليله للمزايا النسبية (أو التكاليف المقارنة)‪ .‬في مثاله عن التخصص والتبادل الدولي‬
‫بين انجلترا والبرتغال اعتبر بأن انجلترا أكثر كفاءة نسبيًا في إنتاج القماش من النبيذ‪ ،‬في حين تعتبر البرتغال‬
‫أكثر كفاءة نسبيًا في إنتاج النبيذ من القماش‪ ،‬رغم أن كال من المنتجين يوجدان في كال البلدين‪ .‬وبالتالي يمكن‬
‫ألنجلترا أن تتخصص في انتاج القماش وتصدره الى البرتغال‪ ،‬في المقابل هذه االخيرة تتخصص في انتاج‬
‫‪4‬‬
‫النبيذ وتصدره الى انجلترا وتستورد منها القماش‪ .‬وهذا يؤدي إلى استنتاج مفاده أنه يمكن زيادة اإلنتاج‬
‫اإلجمالي بالتخصص والتجارة‪.‬‬

‫خامسا‪ -‬مساهمات االقتصادي ‪:Jean-Baptiste Say‬‬

‫نشر ساي رسالته (كتابه) في االقتصاد السياسي (‪ )Traité d’économie politique‬سنة ‪ .1803‬ويمكن‬
‫تلخيص المساهمات الفكرية لهذا االقتصادي في عنصرين أساسيين‪:‬‬

‫‪ -‬يُنظر إليه أحيانًا على أنه رائد النظرية الذاتية‪ ،‬حيث يرى بأن المنفعة هي أساس السعر‪ ،‬وبالتالي فهو‬
‫يختلف عن معظم الكتاب الكالسيك اآلخرين وخاصة ريكاردو‪ ،‬الذين شددوا على أن العمل المنفق في‬
‫اإلنتاج هو العامل األساسي لخلق القيمة‪.‬‬

‫‪ -‬صياغة قانون (قانون المنافذ) الذي ينص على أنه بمجرد إنتاج سلعة فإنها تقدم سوقًا لسلع أخرى تتوافق‬
‫صا به"‪ ،‬بحيث ال‬
‫مع قيمتها اإلجمالية‪ .‬وغالبًا ما تتم صياغة هذا القانون على أن "العرض يخلق طلبًا خا ً‬
‫يمكن أن ينقص إجمالي الطلب في االقتصاد عن اجمالي العرض‪ .‬قانون ‪ Say‬يرفض الحجة القائلة بأن‬
‫األزمات االقتصادية يمكن تفسيرها على أنها نتيجة نقص في الطلب الكلي على السلع‪.‬‬

‫سادسا‪ -‬مساهمات المفكر الكاللسيكي ‪Thomas Robert Malthus‬‬

‫درس مالتوس الرياضيات في كامبريدج وتخرج عام ‪ ،1788‬وعين أستاذًا للتاريخ واالقتصاد السياسي منذ العام‬
‫ضا مساهمات مهمة في مجاالت أخرى‬
‫‪ .1805‬ورغم أنه اشتهر بدراساته السكانية (منذ ‪ ،)1798‬اال أنه قدم أي ً‬
‫من االقتصاد السياسي‪ ،‬حيث نشر مبادئه في االقتصاد السياسي سنة ‪ .1820‬وعلى عكس آدم سميث الذي كان‬
‫متفائال بخصوص مصير النظام الرأسمالي فإ ن مالتوس (وكذلك ريكاردو) لم يكن كذلك‪ ،‬حيث شهد هذا النظام‬
‫في زمنه مشاكل وصراعات‪.‬‬

‫بدأ مالتوس عمله بالتفكير في تطور السكان الذي كان مستوحى من التشريعات التي كانت موجودة في إنجلترا‬
‫في ذلك الوقت بشأن مساعدة الفقراء‪ .‬وقد أثارت تلك التشريعات الكثير من الجدل حول ما إذا كانت شرعية‬
‫وفعالة‪ .‬وردا على االراء االيجابية كتب مالتوس "مقال عن مبدأ السكان والطريقة التي يؤثر بها على المجتمع"‪.‬‬

‫لقد رأى بأن عدد السكان يتضاعف كل ‪ 25‬سنة‪ ،‬وأن معدل النمو السكاني يتم على أساس متتالية هندسية في‬
‫حين يزيد الغذاء على أساس متتالية حسابية‪ .‬وكان االفتراض األساسي أن كوكب األرض يضم مليار شخص‪،‬‬
‫وخالل قرنين سيكون على الكوكب ‪ 256‬مليار شخص‪ ،‬ولكن سيتوفر غذاء يكفي ‪ 9‬منها فقط‪.‬‬
‫خبيرا اقتصاديًا وقد طور عددًا من النظريات‬
‫ً‬ ‫فضال عن رأيه الشخصي في المسألة السكانية‪ ،‬كان مالثوس‬
‫االقتصادية‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬من خالل المناقشة مع ريكاردو والتبادل مع ساي‪ .‬فالقيمة بالنسبة اليه تعتمد‬
‫على العمل المطلوب‪ ،‬والريع هو الفرق بين عائدات بيع المحاصيل وتكلفة اإلنتاج‪ .‬كما تطرق مالتوس‬
‫لموضوع الطلب الفعال وانتقد قانون ساي القائل بأن العرض يخلق طلبا خاصا به‪ ،‬ورأى بأن المهم هو الطلب‬

‫‪5‬‬
‫الذي يقدمه أولئك الذين لديهم الوسائل واإلرادة لدفع ثمن كافٍ للسلعة‪ ،‬وهناك خطر من المدخرات المفرطة التي‬
‫تؤدي إلى نقص االستهالك‪ ،‬مما يؤدي إلى اختالالت العرض ‪ /‬الطلب‪.‬‬
‫سابعا‪ -‬نقد الفكر الكالسيكي‪:‬‬
‫على الرغم من األثر الواضح للفكر الكالسيكي في المجال االقتصادي الى غاية اليوم فقد تعرض للكثير من النقد‬
‫من قبل مفكرين اقتصاديين بارزين من مشارب فكرية مختلفة‪ ،‬سواء في اطار الفكر الرأسمالي مثل جون‬
‫ماينارد كينز أو خارجه مثل كارل ماركس‪ ،‬نذكر منهم‪،Pierre-Joseph Proudhon،Jean de Sismondi :‬‬

‫‪ .Louis Blanc ،Friedrich List‬ورغم أن اليات العرض والطلب والمنافسة الحرة واليد الخفية (وغيرها كما‬
‫قدمها الكالسيك) قد حلت العديد من المشاكل االقتصادية إال أنها وقفت عاجزة تماما أمام أزمة الكساد الكبير‬
‫لسنة ‪1929‬؛ وال تزال األزمات االقتصادية (والمالية خصوصا) تضرب أركان النظام الرأسمالي الى اليوم‪.‬‬
‫بشكل أكثر تحديدا‪ ،‬يمكن تلخيص أهم االعتراضات على النظرية الكالسيكية في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اعتمد التحليل الكالسيكي على قانون ساي (العرض يخلق طلبا مساويا له) وأن العرض يتجه تلقائيا‬
‫نحو التشغيل الكامل لتحقيق التوازن الكلي‪ ،‬في حين أن هذا االخير (كما بينه كينز) يتحقق عند مستوى‬
‫أقل من التشغيل الكامل؛‬

‫‪ -‬اعتبر الكالسيك أن العرض الكلي للسلع متغير مستقل وأن الطلب متغير تابع‪ ،‬في حين أن الواقع (كما‬
‫حدث) بين العكس‪ ،‬فالطلب الكلي الفعلي هو المتغير المستقل في حين أن العرض متغير تابع؛‬

‫‪ -‬اعتقد الكالسيك أن سعر الفائدة هو الذي يحقق التوازن بين االدخار واالستثمار وأنه الوحيد في تحديد‬
‫قرار االستثمار‪ ،‬غير ان كينز أدخل معدل الربح المتوقع كأساس عند اتخاذ قرار االستثمار؛‬

‫‪ -‬طلب النقود عند الكالسيك يكون بغرض التبادل فقط وهي ال تؤثر على النمو االقتصادي‪ ،‬ولكن تحليل‬
‫كينز بين بأن للنقود دورا في تحديد مستوى الدخل والتشغيل في االقتصاد؛‬

‫‪ -‬يرى الكالسيك في ظل النظرية الكمية للنقود أن أي زيادة في كمية النقود تعتبر خطرا على االقتصاد‬
‫يجب تفاديه‪ ،‬بحيث تؤدي الى انخفاض قيمة النقود من خالل ارتفاع تضخمي في المستوى العام‬
‫لألسعار؛ بينما يرى كينز أنه يجب النظر الى المرحلة التي يعيشها االقتصاد‪ ،‬فاذا أرادت الدولة أن‬
‫تقضي أو تقلل من البطالة فانها نزيد من كمية النقود وبالتالي يزداد الطلب النقدي ويرتفع التشغيل‬
‫واالنتاج؛‬

‫‪.‬‬

‫‪6‬‬

You might also like