You are on page 1of 14

‫ﺧﻄﺔ اﻟﺒﺤﺚ‪:‬‬

‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‬
‫اﳌﺒﺤﺚ اﻻول‪� :‬ﺸﺄة وﻣﻔهﻮم اﻟﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ‬
‫اﳌﻄﻠﺐ اﻷول‪� :‬ﺸﺄة اﻟﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬
‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎ�ﻲ‪ :‬ﻣﻔهﻮم اﻟﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬
‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎ�ﻲ ‪ :‬اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬
‫اﳌﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﻣﻔهﻮم اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ و اﻟﻔﺮق ﺑ�ن اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ و ا��ﺎرﺟﻴﺔ واﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ‬
‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎ�ﻲ ‪:‬أﺳﺒﺎب ﻗﻴﺎم اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ و أهﻤﻴ��ﺎ‬
‫ﺧﺎﺗﻤﺔ‬
‫ﻗﺎﺋﻤﺔ اﳌﺮاﺟﻊ‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ‪:‬‬
‫تعبر التكتالت االقتصادية اإلقليمية عن السمة األساسية التي تميز النظام االقتصادي العالمي‬
‫الجديد‪ ،‬رغم أنها كظاهرة لم تكن حديثة ‪ ،‬إذ باإلمكان القول أنها تمتد على القرن الثامن عشر فهي‬
‫نتاج لربط الدول الحاكمة (المستعمرة) بمستعمراتها وهذا من أجل إستغالل وإلستنزاف الموارد‬
‫األولية لهذه الدول المستعمرة والتي إستمرت حتى بداية القرن العشرين‪.‬‬

‫]‪[2‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ اﻻول‪� :‬ﺸﺄة وﻣﻔهﻮم اﻟﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ‬

‫اﳌﻄﻠﺐ اﻷول‪� :‬ﺸﺄة اﻟﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬

‫تعد محاولة تحديد أقدم فكرة نحو التكتل االقتصادي اإلقليمي أمر ال جدوى منه فلطالما‬
‫كانت هناك دول قومية ذات سياسات اقتصادية تميل لبعض الجيران وتنفر من البعض اآلخر؛‬
‫تتكتل مع بعض وتتنافس مع البعض اآلخر‪ .‬واليوم ال تمر فترة زمنية إال وسمعنا فيه خبر قيام‬
‫تكتل جديد أو إبرام اتفاق آخر بين مجموعة من الدول‪ ،‬أو بين تكتل وآخر وذلك من أجل تعزيز‬
‫الروابط االقتصادية فيما بينها‪ ،‬السيما عن طريق إزالة الحواجز أمام التجارة واالستثمار‪ ،‬إن‬
‫الترتيبات الحديثة للتكتالت االقتصادية لم تكن المرة األولى في التاريخ التي تسير فيها اإلقليمية‬
‫نحو نهج التكتالت‪ ،‬بل كانت هناك محاوالت واسعة النطاق لترتيبات التكتالت اإلقليمية في‬
‫الستينيات‪ ،‬والتي فشلت إلى حد كبير قبل ذلك في الثالثينات أين كان هناك انقسام كبير في نظام‬
‫التجارة العالمي إلى كتل متنافسة )‪.(1‬‬
‫لكن رغم هذه الصعوبة في تحديد األصول األولى للتكتالت االقتصادية إال أنه يمكن القول أن‬
‫الفكرة تعود إلى القرن التاسع عشر ‪،‬فقد نشأ أول تكتل في الواليات األلمانية (‪ ،)2‬وهو ما عرف‬
‫باالتحاد الجمركي األلماني(الزولفرين‪ )ZOLLVEREIN -‬والذي ضم ‪ 19‬مقاطعة ألمانية صغيرة سنة‬
‫‪ ،1934‬ثم أعقبتها تكتالت أخرى مثل تكتل المستعمرات االنجليزية مع الدولة األم‪ ،‬وكذلك تكتل‬
‫فرنسا ومستعمراتها وغير ذلك من التكتالت األخرى (‪ )3‬؛ إال أن خصائص هذه التكتالت القديمة‬
‫كانت تتسم بسياسة ربط المستعمرات بالدولة الحاكمة ومحاولة استغالل موارد هذه‬
‫المستعمرات وذلك لتحقيق الرخاء للدولة األم‪.‬‬
‫أما في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية فقد ظهرت التكتالت االقتصادية في صورة مشاريع‬
‫مثل مشروع (مارشال) وأيضا عام ‪ 1151‬فقد ظهر تكتل دول أوربا الغربية‪ ،‬ومن ثمة انتشر ظهور‬

‫‪1‬‬ ‫‪- Jeffrey A. Frankel and others, "Regional trading blocs in the world economic system",Peterson‬‬
‫‪institut, Washington, 1997, P 1.‬‬
‫‪ ، -2‬إلياس بن عبدالرحمن ‪ ،‬المرجع السابق ص‪.2‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪- Jeffrey A. Frankel and others, loc.cit, p 1.‬‬


‫التكتالت من قارة إلى أخرى مثل (السوق المشتركة لدول أمركا الوسطى)‪ ،‬وما تجدر بنا اإلشارة له‬
‫هنا هو أن التكتالت االقتصادية نشأت في ظل البلدان الصناعية‪ ،‬كما شهدت القارات اإلفريقية‬
‫واألوروبية‪ ،‬واآلسيوية واألمريكيتين ظهور العديد من التكتالت والتجمعات االقتصادية (‪.)1‬‬

‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎ�ﻲ‪ :‬ﻣﻔهﻮم اﻟﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ‬

‫يعكس التكتل االقتصادي كمفهوم الجانب التطبيقي لعملية التكامل االقتصادي ويعبر عن‬
‫درجة من درجاته فيما بين الدول األعضاء‪ ،‬كما أن التكتل ما كان ليقتصر على الوحدات الدولية‬
‫الرسمية (الدول) فقط بل شمل أيضا الشركات التي أخذت تندمج وتتكتل في صورة اتحادات حتى‬
‫تستطيع الحفاظ على وجودها في ظل التطورات التكنولوجية المتتالية والمتسارعة (‪.)2‬‬

‫يمكن توضيح بعض التعاريف التي شملت مصطلح التكتل االقتصادي فيما يلي‪:‬‬
‫‪ " .1‬درجة من التكامل االقتصادي الذي يقوم بين مجموعة من الدول المتجانسة اقتصاديا‬
‫وجغرافيا وتاريخيا وثقافيا واجتماعيا والتي تجمعها مجموعة من المصالح االقتصادية‬
‫المشتركة بهدف تعظيم تلك المصالح وزيادة التجارة الدولية البينية لتحقيق أكبر عائد‬
‫ممكن من التبادل فيما بينها ومن ثمة الوصول إلى أقص ى درجة من الرفاهية االقتصادية‬
‫لشعوب تلك الدول" (‪.)3‬‬
‫‪ " .2‬التكتل االقتصادي يعبر عن مرحلة من مراحل التكامل االقتصادي؛ بهدف الوصول إلى‬
‫التكامل االقتصادي عن طريق دمج اإلمكانيات الموزعة بين مختلف الدول المتكاملة‪،‬‬
‫لتكون نطاقا مشتركا تتضاءل فيه القيود والحواجز الجمركية (‪.)4‬‬

‫‪ -1‬عبد القادر بلة محمد أحمد‪" ،‬التكتالت االقتصادية الدولية (االتحاد األوروبي نموذجا) في الفترة ‪،"7092-7000‬بحث تخرج لنيل شهادة‬
‫البكالوريوس‪ ،‬كلية الدراسات التجارية‪ ،‬جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا‪ ،0202 ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ -2‬علي سيد إسماعيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.53-51‬‬
‫‪ -3‬عبد المطلب عبد الحميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -4‬علي سيد إسماعيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫من هذه التعاريف نجد أن التكتل االقتصادي يعبر في أساسه عن واقع عملية التكامل‬
‫االقتصادي‪ ،‬وهو يرتبط به في صورة من صوره ومستوياته التي تم ذكرها سابقا‪ ،‬وهذا أيضا ما عبر‬
‫عنه في عالقة التكامل بالمفاهيم األخرى المتالمسة معه وأولها التكتل االقتصادي‪ ،‬لذلك‬
‫فالباحث عن شروط التكتل االقتصادي سيصادفه أن هذه الشروط هي نفسها شروط التكامل‬
‫االقتصادي‪.‬‬
‫اﳌﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎ�ﻲ ‪ :‬اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫ركزت جل التكامالت االقتصادية والتكتالت اإلقليمية على حركة التجارة الدولية وتحرير‬
‫التبادل التجاري بين الدول األعضاء‪ ،‬كحلقة أساسية للتفاعالت الدولية وهذا ما نشط التعاون‬
‫الدولي ونمى جهود التنسيق الدولي بين الوحدات الدولية خاصة ذات الروابط اإلقليمية وبالتالي‬
‫انتشار نظام اقتصادي جديد معولم‪ .‬وسنتعرف في هذا المبحث على هذه الحلقة األساسية‬
‫(التجارة الدولية)‪.‬‬

‫اﳌﻄﻠﺐ اﻷول‪ :‬ﻣﻔهﻮم اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ و اﻟﻔﺮق ﺑ�ن اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ و ا��ﺎرﺟﻴﺔ واﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ‬

‫يرتبط تحديد مفهوم التجارة الدولية بالتعرف على الجذور التاريخية لهذه الظاهرة ونشأتها األولى‬
‫والحدود بين المصطلح وباقي المصطلحات المشابهة‪.‬‬

‫ﻣﻔهﻮم اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫يتطلب تحديد مفهوم التجارة الدولية وتعريفها‪ ،‬تحديد الحدود الفاصلة بينها وبين التجارة‬
‫الخارجية كمفهومين يخلط الكثيرين بينهما‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تحديد المفهوم‬

‫أدت الثورة الصناعية التي قامت ببريطانيا في منتصف القرن الثامن عشر إلى التطور في‬
‫األساليب اإلنتاجية وعالقات اإلنتاج‪ ،‬وهذا ما ساعد دول أوربا الغربية في إنتاج السلع بكميات‬
‫كبيرة‪ ،‬وبتكلفة أقل نسبيا عن ذي قبل‪ ،‬وهذا ما جعل الدول تتبادل جزءا من ناتجها لتحصل مقابل‬
‫ذلك على ناتج من دولة أخرى‪ .‬وهذا ما يشير إلى أصل التجارة الدولية (الخارجية) (‪ .)1‬فمن هنا جاءت‬
‫التسمية األولى للتجارة الخارجية وفي هذه الفترة سادت نظرية التجارة الحرة وأصبحت الدول دائمة‬
‫البحث عن منافذ خارجية لمنتوجاتها‪ ،‬وعن مصادر أكثر للمواد األولية سواء في المستعمرات أو‬

‫‪ -1‬بن أحمد الحاج‪ "،‬قانون التجارة الدولية"‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬سعيدة‪ ،‬الجزائر‪ ،0202 ،‬ص ‪.00‬‬
‫في البلدان األجنبية (‪ .)1‬ونشير هنا إلى أن األفراد يتعاونون في استخدام مواردهم الشحيحة بالتبادل‬
‫الداخلي للسلع والخدمات بين المقيمين في نفس البلد وهذا ما يصطلح عليه باسم التجارة‬
‫الداخلية أما التعاون والتبادل التجاري الذي يتم خارج البلدان فهو ما يصطلح عليه بالتجارة‬
‫الدولية (‪.)2‬‬

‫ويمكن تحديد المفهوم العام للتجارة الخارجية في‪ :‬هو أن المعامالت التجارية الدولية في صورها‬
‫الثالثة المتمثلة في انتقال السلع‪ ،‬واألفراد‪ ،‬ورؤوس األموال‪ ،‬تنشأ بين أفراد يقيمون في وحدات‬
‫سياسية مختلفة‪ ،‬أو بين حكومات أو منظمات اقتصادية تقطن وحدات سياسية مختلفة (‪.)3‬‬

‫وكتعريف محدد نجد أنا التجارة الخارجية يقصد بها‪ ":‬عملية التبادل التجاري في السلع‬
‫والخدمات وغيرها من عناصر اإلنتاج املختلفة بين عدة دول بهدف تحقيق منافع متبادلة ألطراف‬
‫التبادل" (‪ .)4‬وللتجارة الخارجية مجموعة من املجاالت نوضحها في الشكل التالي‪:‬‬

‫ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺸ�ﻞ اﻟﺘﺎ�� ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ‬

‫مجاالت التجارة الدولية‬

‫الخدمات – الصادرات –‬ ‫السلع ‪ ،‬الصادرات‬


‫الواردات غيرالمنظورة‬
‫عناصر االنتاج‬
‫والواردات والمعامالت‬
‫المنظورة‬

‫رأس المال ‪ ،‬وإستثمارات‬


‫التكنولوجيات وحقوق‬ ‫العمل والهجرة الدولية‬
‫القروض‬
‫الملكية‬

‫‪ -1‬زير مي نعيمة‪ ،‬أثر التحرير التجاري على النمو االقتصادي في الجزائر‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬المالية الدولية‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‪،‬‬
‫جامعة أبو بكر بلقايد‪ ،0202 ،‬ص ‪.2‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Miltiades Chacholiades, The Pure Theory of International Trade, Aldine Transaction, Editionn 02,‬‬
‫‪(U.S.A), 2009, pp 7-8.‬‬
‫‪ -3‬بن أحمد الحاج‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ -4‬زير مي نعيمة‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.2‬‬
‫ثانيا‪ :‬الفرق بين التجارة الدولية‪ ،‬والخارجية والداخلية‬

‫هناك من المفكرين من يضع مصطلح التجارة الدولية في إطار الفهم الكالسيكي الضيق فيعرف‬
‫التجارة الدولية على أنها هي نفسها التجارة الخارجية ويعتبرهما وجهان لذات العملة وهناك من‬
‫المفكرين من يفرق بين المصطلحين ويعتبر االختالف بينهما كبير إذ يقولون أن التجارة الخارجية‬
‫ما هي إال جزء من التجارة الدولية‪ ،‬وأن هذه األخيرة (التجارة الدولية) تشمل كل صور التبادل‬
‫الدولي التي نراها في عالمنا المعاصر حيث تشمل كل من‪:‬‬
‫تبادل السلع المادية املختلفة (سلع استهالكية‪ ،‬سلع إنتاجية‪ ،‬مواد أولية نصف‬ ‫‪‬‬

‫مصنعة)‪.‬‬
‫تبادل الخدمات (كالنقل‪ ،‬األمين‪ ،‬الشحن‪.... ،‬إلخ)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تبادل النقود (تبادل رؤوس األموال من أجل االستثمار‪ ،‬تفعيل القروض الدولية)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تبادل األفراد (الهجرة الدولية وانتقال عنصر العمال عبر الدول)‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ ‬التوافق البيني الذي تقرر ضمن منجزات "جولة األرجواي" الثامنة للمفاوضات التجارية‬
‫المتعددة األطراف التي تم إطالقها في يناير ‪ ،2222‬والتي أصبح بعدها مصطلح التجارة‬
‫الدولية هو المصطلح الرسمي أكثر من مصطلح التجارة الخارجية‪.‬‬

‫أما فيما تعلق بالتجارة الداخلية والخارجية فاالقتصاديين يجمعون أن كالهما سببهما قيام‬
‫التخصص وتقسيم العمل‪ ،‬ويوضحون الفوارق بينهما فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬اختالف طبيعة المشاكل االقتصادية داخليا وخارجيا‪ :‬كمشاكل النقود‪ ،‬البنوك واألجور‬
‫واألسعار لها عالج في املجال الدولي يختلف عنه في املجال املحلي‪.‬‬
‫‪ ‬قدرة عوامل اإلنتاج على االنتقال‪ :‬هناك مجموعة من الحواجز القانونية واالقتصادية‪،‬‬
‫وأخرى ثقافية وإعالمية تعترض انتقال عوامل اإلنتاج وتحد من حريتها في االنتقال من دولة‬
‫إلى أخرى‪ ،‬بينما تكون هذه العوامل متحررة داخل الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬ت مايز النظم النقدية‪ :‬لكل دولة نظامها النقدي وعملتها الخاصة‪ ،‬فيتم انتقال النقود في‬
‫التجارة الداخلية بسهولة‪ ،‬بينما هذا االنتقال على المستوى الدولي تخضع للرقابة وتفرض‬
‫عليها قيود دولية‪.‬‬
‫‪ ‬التأثر بالنظم السياسية واالقتصادية‪ :‬تقوم التجارة الداخلية ضمن نفس النظام‬
‫االقتصادي والسياس ي‪ ،‬بينما التجارة الخارجية تتأثر باختالف هذه األنظمة من دولة‬
‫ألخرى‪ ،‬ما يسبب اختالف درجة التأثر بمراحل النمو االقتصادي بين المستويين املحلي‬
‫والعالمي‪ ،‬مع االختالف في توفر فرص التكتالت االقتصادية في حالة التجارة الخارجية بينما‬
‫تعتمد هذه الفرص على طبيعة السلع المنتجة في السوق املحلي في حالة التجارة الداخلية‪.‬‬
‫‪ ‬اختالف السياسات الوطنية‪ :‬مجمل النظم القانونية والتشريعات االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬الضرائب وغيرها على اختالفها تفرض نظاما خاصا لتعامل الدول مع الخارج‬
‫في التجارة الخارجية كفرض الرسوم الجمركية‪ ،‬ونظام الحصص‪ ،‬والرقابة على النقد‬
‫األجنبي وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬انفصال األسواق‪ :‬صعوبة المواصالت والقيود التي تفرضها كل دولة على تجارتها الخارجية‪،‬‬
‫وكذا االختالف في األذواق‪ ،‬اللغة والعادات والتقاليد لهم تأثير بهذا الخصوص رغم التقدم‬
‫العلمي في االتصال والمواصالت ومحاولة تقريب أذواق الدول وتقليل الفصل بين األسواق‬
‫(‪.)1‬‬

‫اﳌﻄﻠﺐ اﻟﺜﺎ�ﻲ ‪:‬أﺳﺒﺎب ﻗﻴﺎم اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺪوﻟﻴﺔ و أهﻤﻴ��ﺎ‬

‫أوال‪ :‬أسباب قيام التجارة الدولية‬

‫ترتبط أسباب قيام التجارة الدولية بين الدول بجذور المشكلة االقتصادية‪ ،‬وهي ما يتعارف عليها‬
‫بمشكلة الندرة النسبية (‪)2‬؛ والتي تتمثل في ندرة الموراد بمختلفأنواعها مقابل ال نهائية الحاجات‬

‫‪ -1‬زير مي نعيمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.00-2‬‬


‫‪ -2‬روابح عبد الرحمان وآخرون‪" ،‬دور التكامل االقتصادي اإلقليمي في التجارة الخارجية"‪ ،‬مقال منشور على مجلة االقتصاد الدولي والعولمة )‪،(JIEG‬‬
‫المجلد ‪ ،25‬العدد ‪ ،20‬تاريخ النشر‪ 20 :‬مارس ‪ ،0202‬ص ‪.51‬‬
‫وال نهائية الحاجات‪ ،‬ومشكلة الندرة النسبية هي أهم أسباب وأركان المشكلة االقتصادية‪ ،‬إذ تعتبر‬
‫الموارد الموجودة في الكون أقل من حاجات اإلنسان ورغباته‪ ،‬وعليه أن يختار ويوجه ويحاول‬
‫تنمية هذه الموارد (‪ .)1‬هذا ما جعل عالم اليوم مهما اختلفت فيه النظم السياسية وتطورت تظل‬
‫دوله ال يمكنها إتباع سياسة االكتفاء الذاتي بصورة كاملة ولفترة طويلة من الزمن‪ ،‬ألن تحقيق‬
‫االكتفاء الذاتي يتطلب من كل دولة أن تنتج كل احتياجاتها من السلع والخدمات مهما كانت ظروفها‬
‫االقتصادية والجغرافية‪ ،‬وهذا ما ال يمكن تحقيقه وال تستطيعه أي دولة مهما توفرت لها ثروة‬
‫طبيعية ومهما بلغت من تقدم صناعي وتكنولوجي‪ ،‬فالدول كأفراد ال يمكنها إنتاج كل ما تحتاجه من‬
‫السلع والخدمات وال يمكنها العيش في عزلة عن العالم‪.‬‬
‫إنما يقتض ي األمر أن تتخصص في إنتاج السلع والخدمات التي تؤهلها ظروفها الطبيعية‬
‫واالقتصادية ألن تنتجها (‪ ،)2‬فكل بلد يميل إلى التخصص في إنتاج السلع التي يمكن أن ينتجها بسعر‬
‫أرخص نسبيا من البلدان األخرى‪ ،‬واستبدال فائضه بفائض البلدان األخرى من السلع والخدمات‬
‫المغايرة والتي تنتج أيضا فيها بسعر أقل نسبيا أو التي ال تستطيع الدولة األخرى إنتاجها على‬
‫اإلطالق‪ ،‬وتؤدي هذه العملية إلى تقسيم دولي للعمل يجعل من الممكن إتاحة المزيد من السلع‬
‫والخدمات لجميع البلدان لذلك فإن التقسيم الدولي للعمل والتخصص يزيد من مستوى المعيشة‬
‫لجميع سكانه بنفس الطريقة التي يقتض ي بها تقسيم العمل والتخصص داخل اقتصاد واحد مغلق‬
‫كما في التجارة املحلية (‪.)3‬‬
‫تجدر بنا اإلشارة هنا إلى أن كل من التجارة الدولية والتجارة املحلية لهما األسباب والمبررات‬
‫االقتصادية نفسها المتلخصة في رفع مستوى المعيشة (‪.)4‬‬

‫‪ -1‬محمد عبد الله شاهين محمد‪" ،‬أصول علم االقتصاد والحل األمثل للمشكلة االقتصادية من منظور إسالمي"‪ ،‬شركة دار األكاديميون للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬د‪.‬م‪.‬ن‪ ،0202 ،‬ص ‪.521‬‬
‫‪ -2‬روابح عبد الرحمان وآخرون‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪- Miltiades Chacholiades, loc.cit, p 8.‬‬
‫‪ -4‬روابح عبد الرحمان وآخرون‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫ثانيا‪ :‬أهمية التجارة الدولية‬

‫تعد التجارة الدولية هي املحرك األكبر واألهم لالقتصاد العالمي الحديث وتنبع أهميتها من درجة‬
‫التخصص الواسعة حتى في أكثر املجتمعات بدائية‪.‬‬
‫ونذكر فيما يلي حقيقتين تساهم من خاللهما التجارة الدولية في رفع مستوى المعيشة‪:‬‬

‫ليس لكل دولة نفس اإلمكانيات التي تكفي إلنتاج كل السلع والخدمات والحقيقة أن‬ ‫‪‬‬

‫عالمنا في غاية التنوع‪ ،‬فبعض الدول غنية بالموارد التي تعمل بها والبعض اآلخر فقير في‬
‫موارده‪.‬‬
‫نظرا لالختالفات في البيئة فإنه يوجد اختالف في تكاليف إنتاج العديد من السلع‬ ‫‪‬‬

‫والمؤسسات من دولة إلى أخرى بشكل ملحوظ‪ ،‬وهذه الحقيقة بعينها هي السبب الرئيس ي‬
‫في قيام التجارة الدولية (‪.)1‬‬

‫ويمكن تفصيل أهمية التجارة الدولية في النقاط التالية (‪:)2‬‬

‫التجارة الدولية تساعد في إنشاء وتحقيق التوازن املحلي والعالمي‪ ،‬وذلك من خالل تحقيق‬ ‫‪‬‬

‫التوازن في أسعار عنصر اإلنتاج‪ ،‬والزيادة في الدخول الحقيقية للدول المتاجرة‪،‬‬


‫واالستخدام األمثل للموارد‪.‬‬
‫التجارة بصفة عامة هي العامل الرئيس ي املحفز والمنشط للنمو االقتصادي‪ ،‬كما تعمل‬ ‫‪‬‬

‫على زيادة االستهالك املحلي‪ ،‬واملخرجات املحلية‪ ،‬وتعمل على جعل األسواق تتسع‪.‬‬
‫في عالقة وطيدة ترتبط التجارة الدولية بالتنمية إذ تشجع قطاعات االقتصاد التي تمتلك‬ ‫‪‬‬

‫الدول فيها ميزة نسبية‪ ،‬كما أن وجود سياسة عالمية لحرية التجارة يساعد على زيادة‬
‫النمو والتنمية‪.‬‬

‫‪ -1‬روابح عبد الرحمان وآخرون‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.51‬‬


‫‪ -2‬زير مي نعيمة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫في عالم التجارة الحرة تتحدد األسعار‪ ،‬وتكاليف اإلنتاج‪ ،‬وحجم التجارة التي يجب أن‬ ‫‪‬‬

‫تتبعها لزيادة الرفاهية االقتصادية‪ ،‬وعليها أن تتبع الطرق التي تمليها مبادئ الميزة النسبية‬
‫وال تحاول التدخل في آليات السوق؛‬
‫تعمل التجارة الدولية على تعزيز التنمية الشاملة وبناء اقتصاديات متينة وذلك من خالل‬ ‫‪‬‬

‫نقل التكنولوجيات والمعلومات األساسية‪.‬‬


‫تساعد التجارة الدولية في رفاهية البلد عن طريق توسيع مجاالت االستهالك واالستثمار‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫تعد التجارة الدولية مؤشرا هاما على قدرة الدولة اإلنتاجية والتنافسية في السوق‬ ‫‪‬‬

‫الدولية‪ ،‬وذلك الرتباط هذا المؤشر باإلمكانيات اإلنتاجية المتاحة‪ ،‬وقدرة الدولة على‬
‫التصدير‪ ،‬ومستويات الدخل فيها وقدرتها كذلك على االستيراد‪ ،‬وانعكاس ذلك على رصيد‬
‫الدولة من العمالت األجنبية وما لها من آثار على الميزان التجاري؛‬
‫تلعب التجارة الدولية دورا هاما في تصدير المنتجات الفائضة عن حاجة السوق املحلية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫وبالتالي تساهم في معالجة الركود االقتصادي الذي يشكل أكبر تهديد القتصاديات بعض‬
‫الدول‪ ،‬كما تساهم في تصحيح ميزان المدفوعات للدول‪ ،‬وتعمل محليا على تمويل‬
‫المشروعات االقتصادية‪.‬‬
‫ﺧﺎﺗﻤﺔ‬
‫ﺧﻠﺼﻨﺎ �� هﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﳌﺘﻮاﺿﻊ أن هﻨﺎ ك أهﻤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻟﻠﺘﻜﺘﻼت اﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ‬
‫من جانب آخر كانت التجارة الدولية بركائزها املختلفة (تبادل السلع والخدمات‪ ،‬تبادل رؤوس‬
‫األموال‪ ،‬تبادل العمالة البشرية) تمثل القلب النابض إلنماء االقتصاد العالمي وضرورة اقتصادية‬
‫من ضروريات العالم المتقدم اليوم‪ ،‬الذي تغزوه العولمة في جميع مجاالته‪ ،‬وتخدمه التجارة‬
‫متعددة األطراف‪ .‬وقد تبين أنه هناك عالقة بين التكتالت اإلقليمية والتجارة الدولية على اعتبار‬
‫كل منهما يمثل مستوى مختلف عن األخر للتعامالت االقتصادية الدولية‪ ،‬لكنهما يلتقيان في عدة‬
‫أمور كاألهداف والترتيبات المتعلقة بتنظيم كل ظاهرة منهما‪.‬‬

‫يمكن التميز في أثر التكتالت االقتصادية اإلقليمية على التجارة الدولية بين اتجاهين أساسيين‬
‫ال يمكن تغليب أحدهما على اآلخر‪ ،‬األول يعتبر أنه للتكتالت اإلقليمية أثر سلبي على التجارة‬
‫الدولية فهو يحد من دورها‪ ،‬إذ يمثل خطرا يهدد النظام العالمي المتعدد األطرف‪ ،‬بينما االتجاه‬
‫الثاني يقر بوجود تفاعل إيجابي بين التكتالت اإلقليمية والتجارة الدولية من خالل أن التكتالت‬
‫اإلقليمية ما هي إال حافز للتعددية وطريق لتشجيع تحرير التجارة العالمية‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪ .0‬إبراهيم مسعود محمد رشدي‪ ،‬توحيد العمالت النقدية وأثره في اقتصاد الدول المتقدمة والنامية دراسة‬
‫مقارنة بين االقتصاد الوضعي واالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬ط‪ ،0‬دار النشر للجامعات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.0222‬‬

‫‪ .2‬أحمد صدقي دجاني ‪ ،‬زلزلة في العولمة وسعي نحو العالمية تحرير وعدل فسالم‪ ،‬دار المستقبل‬
‫العربي‪ ،‬القاهرة‪.2223 ،‬‬

‫‪ .3‬أدهم إبراهيم جالل الدين‪ ،‬التكامل االقتصادي بين البالد اإلسالمية‪ ،‬مركز الكتاب‬
‫للنشر‪ ،‬د‪.‬ن‪.2211 ،‬‬

‫‪ .4‬أسامة املجدوب‪ ،‬العولمة واإلقليمية مستقبل العالم العربي في التجارة الدولية‪،‬‬


‫الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪.2221 ،‬‬

‫‪ .5‬إسماعيل صبري مقلد‪ ،‬العالقات السياسية الدولية النظرية والو اقع‪ ،‬ط‪ ،1‬المكتبة‬
‫األكاديمية‪ ،‬الجيزة‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪.2211 ،‬‬

‫‪ .6‬الحاج بن أحمد‪ ،‬قانون التجارة الدولية‪ ،‬مركز الكتاب األكاديمي‪ ،‬سعيدة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬
‫‪.2211‬‬

‫‪ .1‬حازم الببالوي‪ ،‬النظام االقتصادي الدولي المعاصرمن نهاية الحرب العالمية الثانية‬
‫إلى نهاية الحرب الباردة‪ ،‬املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‪ ،‬الكويت‪ ،‬ماي ‪.2222‬‬

‫‪ .9‬سيد إسماعيل علي‪ ،‬معوقات التكامل االقتصادي بين البالد اإلسالمية‪ ،‬دار التعليم‬
‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2211 ،‬‬

You might also like