Professional Documents
Culture Documents
الصفات الالهية
الصفات الالهية
المسلمون اختلفوا في صفات هللا اختالفا كبيرا ،اذ يعتقد الحنابلة وهم من المجسمة بأن هلل يدا ووجها
وساقا يكشفها يوم القيامة وأنه يرى بالعين في اآلخرة .وآخرين خلطوا بين صفات الذات واألفعال
فجعلوا له أجزاء تنفي عنه البساطة .وهكذا نجد كيف أن عدم فهم الصفات االلهية بشكل صحيح يمكن
أن يؤدي باإلنسان الى الكفر الصريح أو المستتر ،وهو انحراف خطير في العقيدة وفي معرفة هللا جل
.وعال
الجوهر:
-1الصفات الثبوتية
وهي صفات الكمال والجمال له سبحانه وتعالى ،وتشمل صفات الذات االلهية المقدسة وصفات االفعال ،
وهي من الكماالت التي البد أن تكون له جل وعال بالشكل الكامل والمطلق ،وسلبها عنه تعالى يؤدي الى
النقص والحاجة ،تعالى هللا عن ذلك علوا كبيرا .وتقسم الصفات الثبوتية الى صفات الذات وصفات
األفعال .
وهي الصفات التي يكون اثباتها كمال وسلبها نقص وتقسم الى قسمين :
أ -الصفات الذاتية الحقيقية :وهي صفات وجودية ثابتة للذات المقدسة ثبوتا حقيقيا ومتحدة مع الذات ،
وحقائقها عين حقيقة الذات من غير اختالف بينهما اال في االلفاظ والمداليل على سبيل االلفاظ المترادفة
المختلفة لفظا ومفهوما مع ما بينها من وحدة حقيقية (كلفظي االنسان والبشر مثال ) .ويكفي في وصف
الذات االلهية بها تصور نفس الذات وحسب من دون تصور شيىء آخر .ولذلك فأنها تجري على الذات
باإلثبات دائما وال يمكن سلبها عنه تعالى .وهذه الصفات مثل الحياة والقدم والعظمة ،فإنها ثابتة بشكل دائم
للذات االلهية وال يمكن سلبها عنه سبحانه وتعالى .
ب -الصفات الذاتية ذات االضافة :وهذه الصفات ثابتة للذات االلهية ولكن لتصور مفهومها نحتاج الى
تصور طرف ثان ،مثل العلم والقدرة اذ لتصور العلم نحتاج الى تصور المعلوم الذي يقع عليه العلم ،
ولتصور القدرة نحتاج الى تصور المقدور عليه .وهللا سبحانه وتعالى ال شك أنه عالم وال معلوم ،وقادر
وال مقدور ،ولكن االنسان يحتاج لتصور العلم الى تصور طرف ثان وهو المعلوم.
وهي الصفات المنتزعة من أفعاله جل وعال ولذلك يصح نفيها أو اثباتها له تعالى ألن صدورها
يكون حسب الحكمة والمصلحة ،مثل الخالق والرازق والمحيي والمميت والقابض والباسط وغيرها .فاذا
رزق هللا انسانا يتحقق معنى الرازق واذا لم يرزقه لحكمة فهو غير رازق له ولكنه تعالى رازق لغيره .
وهذا معنى جواز سلبها عنه تعالى تمييزا لها عن صفات الذات التي ال يمكن سلبها ،فاهلل سبحانه وتعالى
حي وعظيم دائما ،ولكن قد يحيي انسانا وال يحيي انسانا آخر غيره .
ويمكن ارجاع صفات األفعال جميعها الى صفة واحدة وهي ( القيومية ) ،ألن الرزق والخلق وغيرها
من أفعال تعود الى أنه تعالى قيوم ،أي قائم بنفسه وكل شيىء في الوجود قائم به .قال تعالى ( هللا ال اله
اال هو الحي القيوم ) سورة البقرة آية. 255
ونجد في علم الكالم تقسيما خاصا للصفات الثبوتية يحددها بثمانية والصفات السلبية ويحددها بسبعة
وهي كما يلي :
-1العلم
-2القدرة
-3الحياة
-4السمع
-5البصر
-6االرادة
-7التكلم
-8الغنى
ويضيف آخرون (االدراك ) ألنه مدرك وهو من أقسام العلم .وكذلك يضيف بعض العلماء (االزلي )
و( األبدي أو السرمدي ) ألنه واجب الوجود .
-2ليس بجوهر
-3ليس بعرض
-4غير مرئي
ان نفي التحيز والحلول واالتحاد يعني عدم امكانية تحقق التثليث الذي يعتقد به بعض النصارى وذلك
لألسباب التالية :
-1ان الحلول يقتضي أن نحدد هللا جل وعال في مكان معين ،اذ يوجد حيث يوجد الجسد الذي حل
فيه ،فلو قلنا بأن هللا حل في المسيح (ع) ،فان المسيح انسان مادي والحلول فيه يعني تحديد هللا
في مكان واحد وعدم وجوده في األماكن االخرى من السماوات واالرض ،وهذا ال يصح ألن هللا
ال يحتويه مكان وهو في كل مكان ،فقد كان هللا قبل أن يوجد المكان ثم خلق سبحانه وتعالى
المكان والزمان .
-2ان الحلول يعني التركيب في ذات هللا ،وهللا بسيط ومنزه عن كل تركيب ال في الخارج المادي
وال في الفكر .ألن األجزاء المركبة تحتاج الى المكان وهللا غني عن المكان .كما ان كل جزء
يحتاج الى األجزاء االخرى ليرتبط بها وهللا غني عن كل حاجة ،حتي من الحاجة ألجزائه .
وكذلك فان التثليث يعني التركيب ،والتركيب يعني امكانية التقسيم الى أجزاء ،وهذه من صفات
المادة وهللا منزه عن ذلك ،فهو البسيط الذي ال ينقسم ال في الخارج وال في الذهن االنساني .
-3التثليث يعني أن هللا حادث وليس بقديم وهذا ال يصح للذات االلهية ألنها قديمة وغير مسبوقة
بحالة العدم .فاالتحاد أو الحلول الذي أّد ى الى التثليث اما أن يكون قديما وهذا يعني تعدد القدماء
وهو محال ،أو يكون قد حدث في حياة عيسى (ع) فيكون هللا حادث وهو محال أيضا .
-4ان التثليث يعني التغير في الذات اإللهية اذ كانت واحدة قبل الحلول أو االتحاد ثم اتحدت ,وهذا
أيضا محال ألن الالمادية ال تتغير وال تطرأ عليها األعراض المختلفة ،فهي تبقى كما هي ال
تتغير بمرور الزمان .
-5التثليث يفترض أنه حدث في زمن معين ،ومعنى ذلك حاجة الذات االلهية الى الزمان وهو محال
،ألنه تعالى كان قبل أن يكون هناك شيىء اسمه الزمان ،ثم خلق الزمان الذي يتولد من حركة
المكان .وكما ذكرنا فان الالمادية ال تحتاج الزمان لوجودها .
صفات هللا في القرآن الكريم والسنة الشريفة
وصف هللا سبحانه وتعالى نفسه في آيات كثيرة من القرآن الكريم نذكر منها ما يلي
( -1هللا ال اله اال هو الحي القيوم ) سورة البقرة آية 255وهذه اآلية تنفي الشريك له سبحانه وتعالى
.
( -2ليس كمثله شيىء وهو السميع البصير ) سورة الشورى آية 11وهذه اآليه تنفي الشبيه له تعالى .
( -3بسم هللا الرحمن الرحيم .قل هو هللا أحد .هللا الصمد .لم يلد ولم يولد .ولم يكن له كفوا
أحد ) .وهذه السورة تشير الى أن هللا أحد ال شبيه له وال مثيل ،وهو صمد ال جزء له ،كما انه
السيد الذي يحتاج الوجود له وهو منزه عن كل حاجة ،وهو لم يلد أحدا المتناع مجانسته
واحتياجه للولد ،ولم يولد من أحد المتناع حدوثه ألنه قديم ،وليس له كفؤ وال مثيل .
-4وروى أبو اسحاق السبيعي ،عن الحارث األعور قال :خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
(ع) يوما خطبة بعد العصر ،فعجب الناس من حسن صفته وما ذكر من تعظيم هللا جل جالله ،
فقال ( :الحمد هلل الذي ال يموت ،وال تنقضي عجائبه ،ألنه كل يوم في شأن من احداث بديع لم
يكن .الذي لم يولد فيكون في العز مشاركا ،ولم يلد فيكون موروثا هالكا ،ولم يقع عليه األوهام
فتقّد ره شبحا ماثال ،ولم تدركه األبصار فيكون بعد انتقالها حائال .الذي ليست له في أولّيته نهاية
،وال في آخرته حّد وال غاية ،الذي لم يسبقه وقت ولم يتقدمه زمان ،ولم يتعاوره زيادة وال
نقصان ،ولم يوصف بأين وال بمكان .الذي بطن من خفّيات االمور ،وظهر في العقول بما يرى
في خلقه من عالمات التدبير . )....