You are on page 1of 71

‫موقف الشيعة من صفات اهلل تعالى‬

‫ومن صفتي اليد والوجه‬


‫عرض ونقد‬
‫الدكتور صالح حسين الرقب‬

‫أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة‬


‫كلية أصول الدين‪ -‬الجامعة اإلسالمية‬
‫غزة‪ -‬فلسطين‬
‫نشر في مجلة الجامعة اإلسالمية‪ -‬غزة‬

‫‪1433‬هـ ‪2012 -‬م‬


‫الر ِح ِيم‬ ‫سِم اللَّ ِه َّ‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫ِب ْ‬
‫إن الحمد هلل‪ ،‬نحمده ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات‬ ‫ّ‬
‫أن ال إل ه إال اهلل‪،‬‬
‫يهده اهلل فال مض ّل ل ه‪ ،‬ومن يض لل فال ه ادي ل ه‪ .‬وأشهد ّ‬
‫أعمالن ا‪ ،‬من ّ‬
‫أن محمداً عبده ورسوله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫وأشهد ّ‬

‫المقدمة‪...‬‬
‫يرى أهل السنة أن صفات الباري عز وجل قسمان‪:‬‬
‫‪ -1‬الصفات الذاتية‪ :‬وهي التي ال تنفك عن الذات اإللهية‪ ،‬بل هي الزمة لها أزالً وأبداً‬
‫وال تتعلق بها مشيئته تعالى وقدرته‪ ،‬كصفات الحياة‪ ،‬والعلم‪ ،‬والسمع‪،‬واإلرادة‪،‬والقدرة‪،‬‬
‫والقوة‪ ،‬والعزة‪ ،‬والملك‪ ،‬والعظمة‪ ،‬والكبرياء‪ ،‬واليد‪،‬والوجه‪ ،‬والرجل‪.‬‬
‫‪ -2‬الصفات الفعلية‪ :‬وهي تتعلق باإلرادة والمشيئة واالختيار‪ ،‬أي تحدث بمشيئة اهلل‬
‫واختياره وقدرته‪ ،‬كالخلق واإلحياء واإلماتة‪ ،‬واالستواء على العرش‪،‬والمجيء‪ ،‬واإلتيان‬
‫(‪)1‬‬
‫والنزول إلى السماء الدنيا‪ ،‬والضحك‪ ،‬والرضا‪ ،‬والغضب‪.‬‬
‫وتنقسم الصفات عند أهل السنة من حيث أدلة ثبوتها إلى قسمين‪:‬‬
‫القســم األول‪:‬الصــفات الشــرعية العقلية ‪:‬وهي ال تي يش ترك في إثباته ا ال دليل الش رعي‬
‫الس معي وال دليل العقلي‪ ،‬والفط رة الس ليمة‪ .‬وهي أك ثر ص فات اهلل تع الى‪ ،‬ب ل أغلب‬
‫(‪)2‬‬
‫الصفات الثبوتية يشترك فيها الدليالن السمعي والعقلي‪.‬‬
‫القســم الثــاني‪:‬الصــفات الخبرية‪ :‬وتس مى النقلي ة والس معية‪َّ ،‬‬
‫ألن طري ق إثباته ا هلل تع الى‬
‫الخبر الصادق الذي جاءت به نصوص الكتاب الكريم والسنة الصحيحة‪ ،‬أما العقل فليس‬
‫(‪)3‬‬
‫له دور في إثبات هذه الصفات سوى التصديق بها بعد ثبوتها بطريق الدليل السمعي‪.‬‬
‫وتنقسم الصفات الخبرية إلى قسمين‪ ،‬هما‪-:‬‬
‫الذاتيـ ــة‪ :‬كالوج ه‪ ،‬والي دين‪ ،‬والعين‪ ،‬والق دم‪ ،‬والنفس واإلص بع‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -1‬الصـ ــفات الخبرية‬
‫والساق‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر مجم وع الفت اوى‪:‬ابن تيمي ة ‪ .6/68،5/410‬ش رح العقي دة الواس طية‪:‬اله راس ص ‪ .89‬ش رح‬
‫العقيدة الواسطية‪:‬ابن عثيمين ص ‪.79‬‬
‫‪ -2‬الصفات اإللهية في الكتاب والسنة في ضوء اإلثبات والتنزيه ص‪.207‬‬
‫‪ -3‬المصدر السابق نفسه‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الفعليــة‪ :‬مث ل ال نزول‪ ،‬واالس تواء‪ ،‬واإلتي ان‪ ،‬والمجيء‪ ،‬والمحب ة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -2‬الصــفات الخبرية‬
‫والرضا‪ ،‬والغضب‪ ،‬والضحك‪.‬‬
‫المطلب األول‪:‬أقسام الصفات عند الشيعة‪:‬‬
‫يقسم الشيعة صفات اهلل تعالى إلى قسمين‪،‬الصفات السلبية وهي صفات الجالل‪،‬‬
‫والصفات الثبوتية وهي صفات الجمال والكمال(‪-:)1‬‬
‫أوال‪:‬الص ــفات الس ــلبية(ص ــفات الجالل)‪ :‬وهي ال تي يجب س لبها عن ال ذات‪ ،‬باعتب ار أن‬
‫اتصاف الذات بها يلزم منه محال من المحاالت‪ ،‬ألنها تتنافى مع وجوب الوجود‪ .‬وهي‬
‫(‪)2‬‬
‫اإللهي ة المقدسة تج ّل عن االتصاف بها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بالجاللي ة ألن الذات‬
‫ّ‬ ‫عدمي ة‪ ،‬ووصفها‬
‫ّ‬ ‫صفات‬
‫أو هي‪:‬الصفات التي يج ّل اهلل تعالى عن الوصف بها‪ ،‬الَّنها تد ّل على نقص الموصوف‬
‫(‪)3‬‬
‫كل نقص وعيب‪.‬‬ ‫ومنزه عن ِّ‬‫نى مطلقاً‪ّ ،‬‬ ‫ِ‬
‫غني غ ً‬
‫بها وعجزه‪ ،‬واهلل تعالى ٌ‬
‫وتعود الصفات السلبية إلى صفة ثبوتية هي‪:‬أن اللّه بسيط مجرد‪ .‬وتتفرع عن هذه‬
‫الصفة السلبية‪:‬أنه تعالى ليس بمرئي‪ ،‬وليس بمتحيز‪ ،‬وليس بمتحد‪ ،‬وال حا ّل في غيره‪،‬‬
‫َّ‬
‫بمركب‪ .‬ووجه وجوب سلب هذه الصفات عنه سبحانه َّأنه لو اتصف بها لكان‬ ‫وأنه ليس‬
‫(‪)4‬‬
‫جسماً‪َّ ،‬‬
‫فإن جميع هذه األمور من لوازم إثبات الجسمية له سبحانه‪.‬‬
‫ويعب ُِّر الشيعة عن الصفات السلبية بقولهم‪":‬فليس هو بجسم‪ ،‬وال صورة‪ ،‬وليس‬
‫جوهراً وال عرض اً‪ ،‬وليس ل ه ثق ل أو خف ة‪ ،‬وال حرك ة أو س كون‪ ،‬وال مك ان وال زم ان‪،‬‬
‫وال يش ار إلي ه‪ .‬كم ا ال ن َّد ل ه‪ ،‬وال ش به‪ ،‬وال ض ّد‪ ،‬وال ص احبة ل ه وال ول د‪ ،‬وال ش ريك‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ق ال ش يخهم محم د‬ ‫ولم يكن ل ه كف واً أح د‪ ،‬ال تدرك ه األبص ار وه و ي درك األبص ار"‪.‬‬
‫الحس يني الش هير ب القزويني ق ال في وص ف اهلل س بحانه‪":‬ال ج زء ل ه‪ ،‬وم ا ال ج زء ل ه ال‬

‫‪ -1‬انظر أقس ام الص فات عن د الش يعة‪:‬كت اب علم العقائد‪،‬الب اب الح ادي عشر‪ :‬العالمة الحلي‪،‬ص ‪،45‬‬
‫ق اليقين‪ .1/41:‬عقائ د اإلمامي ة‪:‬محمد‬
‫تص حيح اعتق ادات اإلمامي ة‪ :‬الص دوق للش يخ المفيد ص‪ .41‬ح ّ‬
‫رضا المظفر ص‪ ،34-33‬دراس ات في العقي دة اإلس المية‪:‬محمد جعفر ش مس ال دين ص‪،167-165‬‬
‫الشيعة بين األشاعرة والمعتزلة‪:‬هاشم معروف الحسني ص ‪ ،153‬موجز عقائد اإلمامية‪:‬الشيخ محسن آل‬
‫فات اهلل‬
‫عص فور ص‪ .5-4‬العقي دة اإلس المية على ض وء مدرسة أهل ال بيت‪:‬الش يخ جعفر الس بحاني‪ ،‬ص ُ‬
‫السلبيةُ‪-‬األصل الثاني واألربعون‪ :‬ص ‪ ،81-80‬العقائد الحقّة‪:‬السيد على الحسيني الصدر ص ‪.65‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬موجز عقائد اإلمامية‪:‬الشيخ محسن آل عصفور ص ‪.6‬‬
‫‪ -3‬العقيدة اإلسالمية على ضوء مدرسة آل البيت‪ :‬الشيخ جعفر السبحاني ص ‪.65‬‬
‫‪ -4‬عقائد اإلمامية‪ :‬محمد رضا المظفر ص ‪.34‬‬
‫‪ -5‬االعتقادات‪ :‬محمد بن علي بن بابويه القمي‪ ،‬ص‪ .22‬عقائد اإلمامية‪ :‬محمد رضا المظفر ص ‪.23‬‬

‫‪3‬‬
‫ت ركيب في ه‪ ،‬وم ا ليس بم ركب ليس بج وهر‪ ،‬وال ع رض‪ ،‬وم ا ليس بج وهر ليس بعق ل‪،‬‬
‫وال نفس‪ ،‬وال م ادة‪ ،‬وال ص ورة‪ ،‬وال جس م‪ ،‬وم ا ليس بجس م ليس في مك ان‪ ،‬وال في‬
‫زم ان‪ ،‬وال في جه ة‪ ،‬وال في وقت‪ ،‬وم ا ليس في جه ة‪ ،‬ال كم ل ه‪ ،‬وال كي ف وال رتب ة‪،‬‬
‫وما ال كم له‪ ،‬وال كيف له‪ ،‬وال جهة ال وضع له‪ ،‬وما ليس له وضع وال في وقت‪ ،‬وال‬
‫في مكان‪ ،‬ال إضافة له وال نسبة‪ ،‬وما ال نسبة له ال فعل فيه وال انفعال‪ ،‬وما ليس بجسم‬
‫(‪)1‬‬
‫وال لون وال في مكان‪ ،‬وال جهة ال يرى‪ ،‬وال يدرك‪"..‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫يالحظ الشيعة أنهم بقولهم عن اهلل أنه ليس بجسم وال صورة وما ليس في جهة‪ ،‬ال‬
‫كم له‪...‬الخ‪ .‬يقولون في التوحيد بنفس قول المعتزلة‪ ،‬وهذه األلفاظ ليست منصوصة في‬
‫الكتاب‪ ،‬وال السنة‪ ،‬كما يتضمن إنكار لبعض ما وصف اهلل به نفسه ووصفه به رسوله‬
‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬حيث فيه أنكار علوه سبحانه‪ ،‬وأنكار رؤيته سبحانه‪ ،‬كما يضمن‬
‫وصف اهلل تعالى بألفاظ مبتدعة مستحدثة‪ ،‬مع اإلعراض عن األلفاظ الشرعية الدينية‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪":‬وأما الشرع‪ :‬فمعلوم أنه لم ينقل عن أحد من األنبياء‬
‫وال الصحابة وال الت ابعين وال سلف األم ة أن اهلل جسم‪ ،‬أو أن اهلل ليس بجس م‪ ،‬ب ل النفي‬
‫(‪)2‬‬
‫واإلثبات بدعة في الشرع"‪.‬‬
‫إن الطريقة الصحيحة هي طريقة القرآن الكريم‪ ،‬فالنفي في القرآن الكريم‬ ‫ويقال َّ‬
‫ص ُير(‪.‬‬ ‫الس ِميع الب ِ‬ ‫يك ون ُم ْج َماَل ً (لَْي َس َك ِم ْثِل ِه َش ْي ٌء(‪َّ ،‬‬
‫ص اَل ً ) َو ُه َو َّ ُ َ‬‫وأن اإلثب ات يك ون ُمفَ َّ‬
‫وه ذا بخالف طريق ة الش يعة ونح وهم من أه ل الب دع‪ ،‬ف إنهم يجعل ون اإلثب ات ُم ْج َماَل ً‪،‬‬
‫بح وال بص ور ٍة‬ ‫ص اَل ً‪ ،‬فيقول ون في ص فات اهلل تع الى‪:‬إن اهلل ليس بجس ٍم وال بش ٍ‬ ‫والنفي ُمفَ َّ‬
‫وال بذي أعضاء وال بذي جوارح‪...‬إلى آخر ما يذكرونه من ألفاظ للسلبيات‪ ،‬وإ ذا أتى‬
‫ت علي ه اآلي ة‪(:‬لَْي َس‬ ‫اإلثب ات إنم ا أثبت وا ُم ْج َماَل ً‪ .‬فص ار نفيهم وإ ثب اتهم على خالف م ا َدلَّ ْ‬
‫الم ْج َم ْل في ه م دح‪ ،‬واإلثب ات‬ ‫الس ِميع ِ‬ ‫ِِِ‬
‫البص ُير)‪ .‬ف المعلوم أن النفي ُ‬ ‫َكم ْثل ه َش ْي ٌء َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫َّل فيه مدح‪.‬‬ ‫المفَص ْ‬
‫ُ‬

‫‪ -1‬قالئد الخرائد في أص ول العقائد ص‪ ،50‬وانظ ر نهج المسترش دين‪:‬ابن المطهر ص‪،47-45‬‬


‫مجالس الموحدين في أصول الدين‪:‬الطبطبائي ص‪.21‬‬

‫‪ -2‬مجموع الفتاوى‪.5/434:‬‬

‫‪4‬‬
‫ثانيا‪:‬الصفات الثبوتية(صفات الجمال والكمال)‪:‬‬
‫المراد من الصفات الثبوتية عند الشيعة نفي أضدادها‪ ،‬إذ صفاته تعالى ال كيفية لها‬
‫وال سبيل إلى إدراكها‪ )1(.‬والمقصود من الصفات الكمالية عند الشيعة هي الصفات التي‬
‫واالرادة ِ‬
‫واالختي ار وم ا‬ ‫ال اهلل في وج وده وذلك ك العلم والق درة‪ ،‬والحي اة‪ِ ،‬‬
‫ت د ّل على كم ِ‬
‫ش ابه ذل ك‪ ،)2(.‬وي رون أن كم ال التوحي د ه و إثباته ا هلل تع الى‪ ،‬ألن ال ذات الفاق دة له ذه‬
‫الص فات تك ون مح دودة لخروجه ا عن تل ك ال ذات‪ ،‬وال ش يء من المح دود ب واجب وال‬
‫(‪)3‬‬
‫خالق‪ ،‬فمن وصف اهلل تعالى بالصفات الكمالية التي هي عين ذاته فقد وحده‪.‬‬
‫يق ول محم د رض ا المظف ر‪":‬ص فاته تع الى الثبوتي ة الحقيقي ة الكمالي ة ال تي تس مى‬
‫بصفات الجمال والكمال كالعلم‪ ،‬والقدرة‪ ،‬والغنى‪ِ ،‬‬
‫واالرادة‪ ،‬والحياة ـ هي كلّها عين ذاته‪،‬‬
‫ليست هي صفات زائدة عليها‪ ،‬وليس وجودها إالّ وجود الذات؛ فقدرته من حيث الوجود‬
‫حياته‪ ،‬وحياته قدرته‪ ،‬بل هو قادر من حيث هو حي‪ ،‬وحي من حيث هو قادر‪ ،‬ال إثنينيه‬
‫الكمالية‪.‬نعم‪ ،‬هي مختلفة في معانيها‬
‫ّ‬ ‫في صفاته ووجودها‪ ،‬وهكذا الحال في سائر صفاته‬
‫(‪)4‬‬
‫ومفاهيمها‪ ،‬ال في حقائقها ووجوداتها"‪.‬‬
‫والصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين اثنين‪ :‬صفات الذات‪ ،‬وصفات األفعال‪.‬‬
‫‪ -1‬صــفات الــذات‪ :‬هي كونه ا مس تحقة لل ذات اإللهي ة اس تحقاقاً الزم اً‪ ،‬ال لش يء س واها‪.‬‬
‫وهي وص فه بأن ه حي‪ ،‬ع الم‪ ،‬ق ادر‪ ،‬وإ ن ه لم ي زل مس تحقاً له ذه الص فات‪ )5(.‬ق ال الش يخ‬
‫المفي د‪":‬والمع نى في قولن ا ص فات ال ذات‪:‬أن ال ذات مس تحقة لمعناه ا اس تحقاقا الزم ا ال‬
‫لمعنى سواها‪..‬فصفات الذات هلل تعالى هي الوصف له بأنه حي‪ ،‬قادر‪ ،‬عالم أال ترى أنه‬
‫(‪)6‬‬
‫لم يزل مستحقا لهذه الصفات وال يزال"‪.‬‬
‫‪ -2‬صفات األفعال‪ :‬هي ما تجب بوجود الفعل‪ ،‬وال تجب قبل وجوده‪ ،‬ووصفه بصفات‬
‫األفع ال معن اه أن ه قب ل ص دور الفع ل ال يص ح وص فه س بحانه بتل ك الص فة‪ ،‬فالص فات‬

‫‪ -1‬حق اليقين كتاب التوحيد(الفصل الثالث)‪:‬عبد اهلل شبر‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫‪ -2‬العقيدة اإلسالمية على ضوء مدرسة آل البيت‪ :‬الشيخ جعفر السبحاني ص ‪.65‬‬
‫‪ -3‬علي بن موسى الرضا عليه السالم والفلسفة اإللهية‪ :‬عبد اللّه الجوادي ص ‪.46-47‬‬
‫‪ -4‬عقائد اإلمامية‪ :‬محمد رضا المظفر ص ‪.33‬‬
‫‪ -5‬البي ان في تفس ير الق رآن‪:‬آية اهلل العظمى الس يد أبو القاسم الخ وئي ص ‪ .406‬العقي دة اإلس المية على‬
‫ضوء مدرسة آل البيت‪ :‬الشيخ جعفر السبحاني ص ‪.68‬‬
‫‪ -6‬تصحيح إعتقادات اإلمامية‪:‬اإلمام الشيخ المفيد ص ‪.41‬‬

‫‪5‬‬
‫الفعلية ترجع إلى اهلل تعالى‪ ،‬بمعنى أنه خلقها ونسبها إلى نفسه‪ ،‬فال يقال له خالق‪ ،‬إال‬
‫بعد أن يخلق‪ ،‬وال يقال له رازق‪ ،‬إال بعد أن يرزق‪ ،‬أي قبل خلقه الخلق ال يوصف بأنه‬
‫خالق‪ ،‬وقبل إماتته الخلق ال يقال عنه مميت‪ .‬إلى غير ذلك من الصفات التي ال يصح‬
‫حمله ا على ال ذات إال بع د وق وع الفع ل من اهلل تع الى‪ .‬يق ول جعف ر الس بحاني في‬
‫والرازقي ة والغفاري ة‬
‫ّ‬ ‫توض يحها‪":‬وبعب ار ٍة ُأخ رى م الم يص در من اهلل فع ل كالخالقي ة‬
‫والراحمية‪ ،‬ال يمكن وصفه فعالً بالخالق والرازق وبالغفّار والرحيم‪ ،‬وإ ن كان قادراً ذات اً‬
‫(‪)1‬‬ ‫على الخلق ِ‬
‫واالرزاق والمغفرة والرحمة"‪.‬‬
‫وصفات األفعال يوصف اهلل تعالى بضدها‪ ،‬كما يصح خلوه عنها‪ ،‬ويصح أن يقال‬
‫فيه إنه غير خالق اليوم وال رازق لزيد‪ ،‬وال محيي للميت الفالني‪ ،‬وال مبدئ لشيء في‬
‫(‪)2‬‬
‫هذه الحالة‪.‬‬
‫المناقشة‪-:‬‬
‫إن اعتقاد الشيعة َّ‬
‫بأن اتصاف اهلل تعالى بالصفات الفعلية ال يتحقق هلل تعالى إال‬
‫بعد صدور الفعل منه‪ ،‬فمثال ال يوصف بالخلق إال بعد صدور الخلق عنه‪ ،‬يعني أن اهلل‬
‫تعالى‪(:‬للَّ ِه َما ِفي‬
‫ِ‬ ‫استفاد صفات الكمال من غيره‪ ،‬فال يكون اهلل الغني بذاته وصفاته‪ ،‬قال‬
‫الى‪(:‬ي ا َأيُّهَ ا‬
‫َ‬ ‫ض ِإ َّن اللَّهَ ُه َو اْل َغنِ ُّي اْل َح ِمي ُد) س ورة لقم ان‪ ،26:‬وق ال تع‬ ‫اَأْلر ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاوات َو ْ‬ ‫َّ‬
‫يد) سورة فاطر‪ ،15:‬واعتقاد الشيعة هذا‬ ‫اس َأنتُُم اْلفُقََراء ِإلَى اللَّ ِه َواللَّهُ ُه َو اْل َغنِ ُّي اْل َح ِم ُ‬‫الن ُ‬ ‫َّ‬
‫ال‪،‬‬‫ات اْل َكم ِ‬ ‫ص فَ ِ‬ ‫ص فًا بِ ِ‬ ‫مخالف لمعتقدات المسلمين‪ ،‬الذين أجمعوا بأن اهلل تعالى لَم ي َز ْل متَّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬
‫ص فًا بِه ا‪ِ ِ ِ َّ ،‬‬ ‫َأن لَم ي ُك ْن متَّ ِ‬ ‫ص َ ِ ِ ٍ‬ ‫َأن اللَّه و ِ‬
‫َأِلن ص فَاته ُس ْب َح َانهُ‬ ‫َ‬ ‫ف بصفَة َب ْع َد ْ ْ َ ُ‬ ‫َأن ُي ْعتَقَ َد َّ َ ُ‬ ‫وز ْ‬ ‫َواَل َي ُج ُ‬
‫ان‬ ‫ص فَةُ َن ْق ٍ‬ ‫ال‪ ،‬وفَ ْق َد َها ِ‬‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َأن َك َ‬ ‫ص َل لَ هُ اْل َك َم ا ُل َب ْع َد ْ‬
‫ون قَ ْد َح َ‬‫َأن َي ُك َ‬ ‫وز ْ‬ ‫ص‪َ ،‬واَل َي ُج ُ‬ ‫ات َك َم َ‬ ‫صفَ ُ‬
‫اء واِإْل ماتَ ِة‪ ،‬وااِل س تِو ِ‬ ‫ق والتَّص ِو ِ ِإْل ِ‬ ‫صفَ ُ ِ‬ ‫ض ِّد ِه‪ .‬ومن ذلك ِ‬ ‫صفًا بِ ِ‬ ‫متَّ ِ‬
‫اء‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ير‪َ ،‬وا ْحَي َ َ‬ ‫ات اْلف ْع ِل‪َ ،‬كاْل َخْل ِ َ ْ‬ ‫ُ‬
‫ك ِم َّما وص َ ِ‬ ‫ضا‪َ ،‬وَن ْح ِو َذِل َ‬ ‫ض ِب َو ِّ‬ ‫الن ُز ِ‬ ‫ان واْلم ِج ِ‬
‫ص فَهُ‬‫ف بِ ه َن ْف َس هُ َو َو َ‬ ‫َ َ‬ ‫الر َ‬ ‫ول‪َ ،‬واْل َغ َ‬ ‫يء َو ُّ‬ ‫َوا تَْي ِ َ َ‬
‫ِإْل‬
‫بِ ِه َر ُسولُهُ صلى اهلل عليه وسلم من صفات الكمال‪ ،‬فالعقالء من الناس يقولون محال أن‬
‫(‪)3‬‬
‫يتصف اهلل تعالى بصفة لم تكن‪ ،‬وإ ال كان خاليا من الكمال ثم اتصف به‪.‬‬
‫يقول صاحب الطحاوية في بيان معتقد أهل السنة والجماعة‪":‬ما زال بصفاته قديما‬
‫قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفاته وكما كان بصفاته أزليا كذلك ال‬

‫‪ -1‬العقيدة اإلسالمية على ضوء مدرسة آل البيت‪ :‬الشيخ جعفر السبحاني ص ‪.68‬‬
‫‪ -2‬انظر تصحيح اعتقادات اإلمامية‪ :‬الشيخ المفيد ص‪.41‬‬
‫‪ -3‬شرح العقيدة الطحاوية ‪.1/96‬‬

‫‪6‬‬
‫يزال عليها أبديا‪ ،‬ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق وال بإحداث البرية استفاد اسم‬
‫الب اري‪ ،‬ل ه مع نى الربوبي ة وال مرب وب ومع نى الخالقي ة وال مخل وق‪ ،‬وكم ا أن ه مح يي‬
‫الم وتى بع دما أحي اهم اس تحق ه ذا االس م قب ل إحي ائهم ك ذلك اس تحق اس م الخ الق قب ل‬
‫(‪)1‬‬
‫إنشائهم"‪.‬‬
‫والصواب في تعريف الصفات الفعلية‪ ،‬أن يقال‪:‬هي التي تتعلق بمشيئة اهلل تعالى‬
‫واختياره‪ ،‬ويمكن أن تنفك عن الذات على معنى إن شاء فعلها وإ ن شاء لم يفعلها‪ ،‬وتقوم‬
‫ب ذات اهلل تع الى بمش يئته واختي اره وقدرت ه‪ ،‬ك الخلق والمجيء‪ ،‬وال نزول‪ ،‬ال رزق‪،‬‬
‫اإلحسان‪ ،‬العدل‪ ،‬وقد تسمى االختيارية‪ ،‬أو األفعال االختيارية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نفي الشيعة للصفات الذاتية‪:‬‬
‫َّ‬
‫إن من يطالع ما كتبه الشيعة االثنى عشرية في باب الصفات‪ ،‬يجدهم قد نفوا عن‬
‫اهلل تع الى جمي ع ص فاته‪ ،‬وزعم وا َّ‬
‫أن ال ذات عين الص فات‪ ،‬بمع نى أن ه ليس وراء ذات ه‬
‫شيء يسمى صفة‪ .‬فصفاته عندهم ليست معنى زائدا على ذاته‪ ،‬فاهلل عالم وسميع‪ ،‬وقادر‬
‫وبصير‪ ،‬وحي بذاته‪ ،‬ال بشيء زائد عن ذاته يقتضي ثبوت وصف العلم والسمع والقدرة‬
‫(‪)2‬‬
‫والبصر والحياة‪.‬‬
‫فالصفات الذاتية الثبوتية عندهم هي‪:‬عين ذاته‪ ،‬فهو قادر بالذات‪ ،‬وعالم بالذات‪،‬‬
‫أن ص فاته س بحانه ليست زائ دة على‬
‫وحي بال ذات‪ ،‬أي إن ه ذاته وص فته شيء واح د‪ .‬أي ّ‬‫ّ‬
‫أن له ا الص فة‪ ،‬فالص فات نفس ال ّذات‪ ،‬وليس وجوده ا‬
‫ذات ه‪ ،‬بمع نى ّأنه ا نفس الص فة‪ ،‬ال ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫إال وجود الذات‪.‬‬
‫يق ول في ذل ك العالم ة الحلي‪ :‬ذهب الش يعة قاطب ة إلى الق ول ب أن ال ذات عين‬
‫(‪)4‬‬
‫الصفات‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق نفسه‪.‬‬


‫‪ -2‬انظر ش رح تجريد االعتق اد‪:‬العالمة الحلي ص‪ ،229‬عقائد اإلمامي ة‪ :‬محمد رضا المظفر ص ‪،27‬‬
‫الشيعة بين األشاعرة والمعتزلة‪:‬هاشم معروف الحسني ص‪. 165‬‬
‫محمد مكي العاملي ص ‪ .85‬وانظر عقيدتنا‪ :‬محمد المظفر حسين ص ‪.39-38‬‬
‫‪ -‬اإللهيات‪:‬حسن ّ‬
‫‪3‬‬

‫‪ -4‬انظر شرح تجريد االعتقاد‪:‬العالمة الحلي ص ‪.229‬‬

‫‪7‬‬
‫وقد أش ار إلى ذل ك بعض مش ايخ الش يعة المتق دمين‪ ،‬ومنهم الش يخ المفي د(‪ )1‬وبعض‬
‫مشايخ الشيعة المعاصرين‪ ،‬ومنهم هاشم معروف الحسني(‪ ،)2‬ومحمد جعفر شمس الدين‪.‬‬
‫(‪)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫والكوراني الذي قال‪":‬يعتقد الشيعة إجماعا أن صفات اهلل هي عين ذاته"‪.‬‬
‫يقول الشيعي محمد جعفر شمس الدين‪":‬وقد ذهب االمامية قاطبة إلى القول بعينية‬
‫َّ‬
‫اف‪":‬إن الح ق م ا‬ ‫ال ذات والص فات‪ .‬كم ا ذهب إلى نفس الق ول بعض المعتزل ة"‪ )5(.‬وأض‬
‫عليه الشيعة اإلمامية من القول بتجريد الذات اإللهية عن الصفات‪ .‬ونحن نختار ما عليه‬
‫اإلمامية وبعض المعتزلة‪ ،‬من القول بأن صفاته تعالى عين ذاته‪ ،‬متحدة معها مستدلين‬
‫(‪)6‬‬
‫بحكم العقل‪ ،‬وبما ورد من النقل"‪.‬‬
‫يقول الشيخ الشيعي مالك مهدي السويعدي‪":‬نحن عندما نقول اهلل حي‪ ,‬اهلل قادر‪,‬‬
‫عالم الى غيره من الصفات‪ .‬سميع‪ ،‬بصير‪،‬قادر‪ ،‬مختار‪ ,‬عالم‪ ,‬حي‪ ,‬مريد كاره‪ ,‬مدرك‪,‬‬
‫(‪)7‬‬
‫قديم باق أبدي‪ ,‬متكلم ‪ ،‬صادق‪ .‬هذه الصفات هي عين الذات"‬
‫ومعنى عينية صفات الذات عند الشيعة‪:‬أنها أجمع ناشئة من مقام الذات محض اً‪،‬‬
‫بال دخ ول أم ر آخ ر وراء ال ذات في ه ذا النش وء‪ .‬ق ال عالم ة الش يعة المعاص ر‬
‫الطباطب ائي‪":‬الص فات الذاتي ة هي عين ال ذات المتعالي ة‪ ،‬من غ ير أن تتف رع على أم ر‬
‫غيرها"‪ )8(.‬وإ لى ذلك يشير كالم أمير المؤمنين علي ‪-‬كما تزعم روايات الشيعة‪":‬وكمال‬
‫توحيده اإلخالص له‪ ،‬وكمال اإلخالص له نفي الصفات عنه‪ ،‬لشهادة كل صفة أنها غير‬
‫الموصوف‪ .‬وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة‪ .‬فمن وصف اللّه فقد قرنه‪ ،‬ومن قرنه‬
‫(‪)9‬‬
‫فقد ثناه‪ ،‬ومن ثناه فقد جزأه‪ ،‬ومن جزأه فقد جهله"‪.‬‬

‫‪ -1‬أوائل المقاالت في المذاهب والمختارات‪:‬الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري ص ‪.52‬‬
‫‪ -2‬الشيعة بين األشاعرة والمعتزلة‪:‬هاشم معروف الحسني ص ‪. 11-10‬‬
‫‪ -3‬انظر دراسات في العقيدة اإلسالمية ص‪.147-146 ،135‬‬
‫‪ -4‬االنتصار‪:‬الكوراني ‪ .2/144‬نقال عن يلزم الرافضة‪:‬إعداد عبد الرحمن دمشقية‪ ،‬نشر موقع الفرقان (‬
‫‪.)www.frqan.com‬‬
‫‪ -5‬دراسات في العقيدة اإلسالمية ص ‪.186‬‬
‫‪ -6‬المصدر السابق ص ‪.187‬‬
‫‪ -7‬اآللوهية عند الفرق اإلسالمية الشيخ مالك مهدي السويعدي‪ ،‬شبكة البتول‪،‬مكتبة العقائدية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -8‬تفسير الميزان‪ :‬محمد حسين الطباطبائي ‪.7/27‬‬
‫‪ -9‬مق ال العلم االلهي‪:‬آية اهلل الش يخ محمد ه ادي معرفة‪ ،‬مركز اإلش عاع اإلس المي للدراس ات والبح وث‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وموقعه على شبكة المعلومات الدولية( ‪.)/http://www.islam4u.com‬‬

‫‪8‬‬
‫وج اء في تفس ير الم يزان‪:‬التعليم الق رآني‪...‬يثبت من الوح دة م ا ال يس تقيم مع ه‬
‫فرض أي كثرة تمايز ال في الذات وال في الصفات‪ ،‬وكل ما فرض من شيء في هذا‬
‫الباب كان عين اآلخر لعدم الحد‪ ،‬فذاته تعالى عين صفاته‪ ،‬وكل صفة مفروضة ل ه عين‬
‫(‪)1‬‬
‫األخرى‪.‬‬

‫المناقشة‪-:‬‬
‫وأن صفاته سبحانه ليست‬‫إن ما ذهب إليه الشيعة من أن الصفات هو عين الذات ّ‬
‫أن لها الصفة‪ ،‬هو من االعتقادات الفاسدة‪.‬‬
‫زائدة على ذاته‪ ،‬بمعنى ّأنها نفس الصفة‪ ،‬ال ّ‬
‫ولبيان تهافته وبطالنه نذكر ما يلي‪-:‬‬
‫أوال‪ :‬داللة النصوص الشرعية‪:‬‬
‫لقد أثبتت نصوص الكتاب والسنة أن اهلل عز وجل متصف بالصفات الذاتية‪.‬‬
‫أ‪ -‬بعض هذه الصفات جاءت بها النصوص صراحة‪ :‬كقوله تعالى‪(:‬لَّ ِـك ِن اللّ هُ َي ْش هَ ُد بِ َم ا‬
‫َأنزلَ هُ بِ ِعْل ِم ِه) س ورة النس اء‪( ،166:‬ب ْل َك َّذُبوْا بِ َم ا لَ ْم ُي ِحيطُ وْا بِ ِعْل ِم ِه) س ورة‬ ‫ك َ‬ ‫َأن َز َل ِإلَْي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يس َم ا‬ ‫ِّك ُذو اْل َجاَل ل َواِإْل ْك َرام) س ورة ال رحمن‪(،27:‬قَ ا َل َي ا ِإْبل ُ‬ ‫‪(،‬وَي ْبقَى َو ْج هُ َرب َ‬ ‫ي ونس‪َ 39‬‬
‫ي) سورة ص‪.75:‬‬ ‫ك َأن تَ ْس ُج َد ِل َما َخلَ ْق ُ‬
‫ت بَِي َد َّ‬ ‫َمَن َع َ‬
‫تعالى‪(:‬م ا‬
‫َ‬ ‫ب‪ -‬بعض الصفات تأخذ من النصوص الشرعية بطريق الداللة عليها‪:‬كقوله‬
‫ِ‬
‫ون) سورة البقرة‬ ‫تَ ْف َعلُ وْا م ْن َخ ْي ٍر َي ْعلَ ْم هُ اللّ هُ) سورة البقرة‪(،197 :‬اللّ هُ َي ْعلَ ُم َوَأنتُ ْم الَ تَ ْعلَ ُم َ‬
‫ين قَ الُوْا ِإ َّن اللّ هَ فَِق ٌير) سورة آل عمران‪ ،181 :‬فداللة هذه‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬
‫‪(،216‬لقَ ْد َس م َع اللّ هُ قَ ْو َل الذ َ‬
‫َّ‬
‫النصوص على صفتي العلم والسمع ظاهرة‪ .‬وهكذا معظم صفاته تعالى‪.‬‬
‫اهيم اْلقَو ِ‬
‫اع َد‬ ‫ِإ ِ‬
‫الى‪(:‬وِإ ْذ َي ْرفَ عُ ْب َر ُ َ‬
‫َ‬ ‫ج‪ -‬بعض النص وص أثبتت األس ماء هلل تع الى‪ ،‬كقول ه تع‬
‫‪(،‬واللّ هُ ُه َو‬ ‫ِ‬ ‫َأنت َّ ِ‬ ‫َّل ِمَّنا ِإَّن َ‬ ‫ِمن اْلب ْي ِت وِإس م ِ‬
‫يم) سورة البقرة‪َ 127:‬‬ ‫الس ميعُ اْل َعل ُ‬ ‫ك َ‬ ‫اعي ُل َربََّن ا تَقَب ْ‬ ‫َ َ َ َْ‬
‫دل على ثب وت الص فات ل ه تع الى‪،‬‬ ‫الس ِميع اْلعِليم) س ورة المائ دة‪ ،76 :‬وأس ماؤه تع الى ت ُّ‬
‫َّ ُ َ ُ‬
‫ألن األس ماء تتض من مع اني ثبوتي ة‪،‬هي الص فات‪ .‬وال مع نى أن يتس مى اهلل باس م العلم‬
‫(‪)2‬‬
‫دون أن يتضمن صفة العلم‪ ،‬أو يتسمى بالسميع دون أن يتصف بالسمع‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬دليل اإلجماع‪:‬‬

‫نهج البالغة‪ :‬ابن أبي الحديد المعتزلي‪ ،‬تحقيق وشرح محمد عبده‪ ،‬الخطبة األولى ص ‪،68‬‬
‫‪ -1‬تفسير الميزان‪ :‬محمد حسين الطباطبائي ‪.6/91‬‬
‫‪ -2‬األسماء والصفات‪:‬البيهقي ص ‪.163-162‬‬

‫‪9‬‬
‫لقد اجمع المسلمون قبل حدوث طوائف نفاة الصفات على أن هلل تعالى صفات لم‬
‫يزل متصفا بها‪ ،‬فكانوا يقولون‪ :‬علم اهلل لم يزل وعلم اهلل سابق في األشياء‪ ،‬وإ ذا نزلت‬
‫حادث ة ق الوا ك ان ه ذا س ابق في علم اهلل‪ ،‬وق ولهم ه ذا دل على اتص اف اهلل بص فة العلم‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وأن العلم ليس هو ذاته أو عين ذاته‪ ،‬ومن قال ذلك كان مناقضا إلجماع المسلمين‪.‬‬
‫يقول ابن قتيبة‪ :‬لقد تعمق نفاة الصفات بزعم تصحيح التوحيد بنفي التشبيه‪ ،‬وقالوا‬
‫اهلل هو العالم وال نقول بعلم‪ ،‬وهو القادرة وال نقول بقدرة والحليم وال نقول بحلم‪ ،‬وكأني‬
‫به ؤالء لم يس معوا إجم اع الن اس ال ذين يقول ون‪:‬أس الك عف وك‪ ،‬وه و يعف و بحلم‪ ،‬ويع اقب‬
‫(‪)2‬‬
‫بقدرة‪ ،‬فالعليم هو ذو العلم‪ ،‬والحليم هو ذو الحلم‪ ،‬والعفو هو ذو العفو‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬داللة العقل‪:‬‬
‫‪ -1‬إن العقل ال يتصور وجود وصف ال يقوم بموصوف‪ ،‬كما أنه ال يتصور موصوفاً‬
‫ال وصف له‪ ،‬ومثل الصفة والموصوف في ذلك كمثل الفعل والفاعل‪ ،‬فلو جاز وجود‬
‫فاعل ليس له فعل‪ ،‬لجاز وجود فعل بدون فاعل‪ ،‬وإ ذا استحال وجود الفاعل بدون فعل‪،‬‬
‫استحال أيضاً وجود فعل ال فاعل له‪ .‬وإ ذا استحال ذلك استحال أيض اً وجود صفة بدون‬
‫موص وف‪ ،‬كم ا اس تحال وج ود موص وف ب دون ص فة‪ .‬ألن العق ل يج زم بأن ه ال مع نى‬
‫لموصوف إال من قامت به الصفة‪ ،‬وال معنى لصفة إال إذا كانت قائمة بموصوف‪ ،‬فبطل‬
‫ب ذلك ق ول الش يعة‪(:‬يس تحيل بحكم العق ل زي ادة الص فات على ال ذات‪ ،‬وأن الص فات عين‬
‫الذات)‪.‬‬
‫يم) مشتمل على صفة العلم‪ ،‬والعلم ُأثبِت له جل وعال كغيره‬ ‫ِ‬
‫فمثال‪:‬اسم اهلل (اْل َعل ُ‬
‫يم) وبالص فة يع ني المج ردة‪ ،‬وك ذلك باألفع ال ال تي تش تق منه ا‬ ‫ِ‬
‫من الص فات باالس م (اْل َعل ُ‬
‫أن العلم الحاصل هلل تعالى شيء زائد عن الذات‬ ‫صفات الباري تعالى‪ ،‬وهذا َّ‬
‫يدل على َّ‬
‫(‪)3‬‬
‫وليس هو عين الذات كما تزعم الشيعة‪.‬‬
‫‪ -2‬إل زام الش يعة بالمناقض ة‪ :‬وه و أن يق ال لهم إذا كنتم تقول ون إن الص فة عين ال ذات‬
‫فاهلل هو عين العلم‪ ،‬فقولوا يا علم اهلل اغفر لنا وارحمنا‪ ،‬فإن أبيتم ذلك لزمكم المناقضة‪،‬‬

‫‪ -1‬انظر اإلبانة في أصول الديانة‪:‬أبو الحسن األشعري ص ‪.46‬‬


‫‪ -2‬انظر االختالف في اللفظ‪ :‬ابن قتيبة ص ‪.23-22‬‬
‫‪ -3‬انظر ال بيهقي وموقفه من اإللهي ات‪:‬أحمد بن عطية الغام دي‪ ،‬الناش ر‪:‬عم ادة البحث العلمي بالجامعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪،‬الطبعة الثانية‪1423 ،‬هـ‪2002/‬م‪ ،‬ص‬

‫‪10‬‬
‫فمن قال عالم وال علم كان مناقضا‪ ،‬كما أن من قال علم وال عالم كان مناقضا‪ .‬وما يقال‬
‫(‪)1‬‬
‫في العلم يقال في بقية الصفات‪.‬‬
‫‪ -3‬إن ق ول الش يعة حي بال حي اة أو ع الم بال علم‪ ،‬ممتن ع بص ريح العق ل‪ ،‬فه و تمام ا‬
‫ممتنع كقول من يقول‪ :‬فالن مصلي بال صالة‪ ،‬أو صائم بال صوم‪ ،‬أو ناطق بال نطق‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وهذا يجزم العقل بداهة بإبطاله ونفيه‪ ،‬إذا أن مدلوله وجود ذات بدون صفات‪.‬‬
‫‪ -4‬إن ق ولكم الص فة هي عين ال ذات‪ ،‬يلزم ك ب ان يك ون الس مع ه و البص ر‪ ،‬وهم ا نفس‬
‫العلم‪ ،‬وهي نفس الق درة والحي اة‪ .‬وه ذا مح ال في ح ق اهلل تع الى‪ ،‬ب ل مح ال في ح ق‬
‫المخل وق‪ ،‬وإ ذا زعمتم التمي يز بين ه ذه الص فات‪ ،‬بق ال لكم‪ :‬ف إن ه ذا يس تلزم ال تركيب‪،‬‬
‫وهو محال عندكم‪ ،‬فعلى هذا يبطل قولكم في الصفات مطلقا‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬موقف الشيعة من نصوص الصفات الذاتية‪:‬‬


‫يالح ظ أن الش يعة تع املوا م ع نص وص الكت اب والس نة ال تي وردت فيه ا ص فات اهلل‬
‫الذاتية من خالل ما يلي‪-:‬‬
‫‪ -1‬تأويل نصوص القرآن الكريم بما بعطل الذات اإللهية عن صفاتها‪.‬‬
‫‪ -2‬رد األحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬االعتماد على راويات أئمتهم المناقضة لنصوص الكتاب والسنة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تأويل نصوص القرآن الكريم بما يعطل الذات اإللهية عن صفاتها‪:‬‬
‫جاء في كتاب العقائد اإلسالمية‪:‬التأويل آليات وأحاديث الصفات هو مذهب أهل‬
‫البيت عليهم السالم‪ ،‬ويجعلون األساس اآليات المحكمة في التوحيد مثل قوله تعالى‪(:‬ليس‬
‫كمثل ه ش يء) و(ال تدرك ه األبص ار)‪ ،‬ويقول ون بتأوي ل ك ل نص يظه ر من ه التش بيه أو‬
‫(‪)3‬‬
‫الرؤية بالعين‪ ،‬لينسجم مع حكم العقل وبقية اآليات واألحاديث‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلبانة في أصول الديانة‪:‬أبو الحسن األشعري ص ‪.64‬‬


‫‪ -2‬انظر مجم وع الفت اوى‪:‬ابن تيمية أب و العب اس تقي ال دين أحمد بن عبد الحليم ‪ ،3/336‬منه اج الس نة‬
‫النبوية له ‪ .489-2/486‬الصفدية‪ :‬له ‪ ،1/104‬درء تعارض العقل والنقل له ‪.5/22‬‬
‫‪ -3‬كتاب العقائد اإلسالمية‪ :‬المجلد الثاني‪ ،‬تأليف‪:‬مركز المصطفى للدراسات اإلسالمية ص ‪.51‬‬

‫‪11‬‬
‫وقال الشيخ عالء الحسون‪":‬قول اإلمامية‪:‬عدم األخذ بظواهر هذه الصفات وإ ثباتها‬
‫على نحو المج از من غير تأوي ل‪.‬أي‪ :‬حم ل هذه الص فات على معانيه ا اللغوي ة من ب اب‬
‫(‪)1‬‬
‫الكناية عن مفاهيم عالية ال من باب التأويل"‪.‬‬
‫والشيعة يعدون َّ‬
‫أن مذهبهم هو الحق‪ ،‬يقول الشيخ الشيعي صائب عبد الحميد‪ :‬إن‬
‫أئم ة اله دى من آل ه‬
‫الش يعة اتّبع وا في الص فات س ّنة الن بي ص لى اهلل علي ه وآل ه وبيان ات ّ‬
‫فردوه ا إلى‬
‫عليهم الس الم‪ ،‬ف أثبتوا المحكم ات أص وال للعقي دة‪ ،‬وعم دوا إلى المتش ابهات ّ‬
‫ثم أثبتوا له تعالى الصفات‬
‫أصولها المحكم ة‪ ،‬فنفوا ك ّل ما يد ّل على التشبيه والتجسيم‪ّ ،‬‬
‫الثبوتية‪ ،‬على أنها صفات قائمة بذاته‪ ،‬وليست هي أشياء منفصلة عنه زائدة عليه كما‬
‫زعمت األش اعرة‪ .‬وق الوا بوج ود المج از في اللغ ة‪ ،‬واعتم دوه في إرج اع المتش ابه إلى‬
‫المحكم‪ ،‬فعملوا بالتأويل في هذه الحدود مقتفين األثر الصادق الذي وجدوه كلّ ه منسجماً‬
‫الص ِ‬
‫فات‬ ‫م ع المحكم‪ .‬ومن ذل ك ق ول اإلم ام علي علي ه الس الم‪":‬وكم ا ُل اإلخالص ل ه نفي ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ِّ‬
‫فم ْن‬
‫غير الصفة‪َ ،‬‬ ‫الموصوف‪ ،‬وشهادة كل موصوف َّأنه ُ‬ ‫عنهُ؛ لشهادة كل صفة ََّأنها ُ‬
‫غير َ‬
‫وم ْن ّثن اهُ فَق ْد ج ّزَأهُ‪ ،‬ومن ج ّزَأهُ فَق ْد‬
‫قرن هُ فَق ْد ّثن اهُ‪َ ،‬‬
‫وم ْن َ‬
‫قرن هُ‪َ ،‬‬
‫ف اهلل س بحانه فَق ْد َ‬
‫ص َ‬
‫َو َ‬
‫َج ِهلَ ه"‪ .‬فقول اإلمام علي هو ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫رد صريح على من ُيجري أخبار الصفات وآياتها على‬
‫(‪)3‬‬
‫ظواهرها وعلى الحقيقة دون المجاز‪.‬‬
‫ونود أن ننبه هنا بأن ما ذهب إليه الشيعة من القول َّ‬
‫بأن الذات عين الصفات‪ ،‬هو‬
‫نفس ما تقوله المعتزلة‪ .‬فمذهب المعتزلة َّ‬
‫أن صفات اهلل عين ذاته‪ ،‬وليس وراءها صفة‬
‫أخرى قائمة بالذات‪ ،‬بنحو تكون الصفات قائمة بالذات اإللهية‪ ،‬كما يعتقد مثبتة الصفات‪.‬‬
‫جاء في شرح التجريد للعالمة الحلي‪":‬إن اهلل يستحيل أن يتصف بصفة زائدة على ذاته‬
‫بأي نحو كانت‪ ،‬ألن وجوب الوجود يقتضي االستغناء عن كل شيء‪ ،‬فال يفتقر في كونه‬

‫‪ -1‬التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السالم)‪ :‬عالء الحسون ص ‪.349‬‬
‫‪ -2‬المذاهب والفرق في اإلسالم النشأة والعالم‪:‬صائب عبد الحميد ‪-‬بتصرف‪ -‬ص ‪ .107-106‬وانظر‬
‫كالم علي رضي اهلل عن ه‪:‬نهج البالغ ة‪ :‬الش ريف الرضي أبي الحسن محمد بن الحس ين‪ ،‬ص ‪ ،27‬نهج‬
‫البالغ ة‪ ،‬الخطبة األولى‪ ،‬تحقيق د‪ .‬ص بحي الص الح ‪ ،‬ب يروت‪ -‬لبن ان ص‪ .40‬االحتج اج‪:‬الح ديث رقم‬
‫‪.473|2 ،113‬‬
‫‪ -3‬المذاهب والفرق في اإلسالم النشأة والعالم‪:‬صائب عبد الحميد‪ ،‬ص‪.107‬‬

‫‪12‬‬
‫ق ادراً إلى ص فة الق درة‪ ،‬وال في كون ه عالم اً إلى ص فة العلم‪ ،‬وال إلى غ ير ذل ك من‬
‫(‪)1‬‬
‫المعاني واألحوال"‪.‬‬
‫يقول الشيخ المفيد‪":‬وأقول‪ :‬إن اهلل عز وجل اسمه حي لنفسه ال بحياة‪ ،‬وأنه قادر‬
‫لنفسه وعالم لنفسه ال بمعنى كما ذهب إليه المشبهة من أصحاب الصفات‪...‬وهذا مذهب‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلمامية كافة والمعتزلة"‪.‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫إن التأويل الشيعي للصفات اإللهية باطل لما يأتي‪-:‬‬
‫‪-1‬إن التأوي ل ال ذي س لكوه في ه حم ل للحقيق ة على المج از‪ ،‬وه ذا الحم ل خ روج عن‬
‫الظ اهر وعن األص ل بال م وجب‪ ،‬كم ا أن المج از ال يمتن ع نفي ه‪ ،‬فعلى ه ذا ال يمتن ع أن‬
‫يق ال مثال‪ :‬ليس هلل علم أو ليس هلل س مع‪ ،‬وال حقيق ة لعلم ه وس معه‪ ،‬وفي ه ذا تك ذيب‬
‫ص ريح لم ا أخ بر اهلل ب ه عن نفس ه‪ ،‬وم ا اخ بر ب ه رس وله علي ه الص الة والس الم‪ .‬من‬
‫وصف اهلل تعالى بالعلم والسمع ونحو ذلك من صفات الكمال‪.‬‬
‫‪ -2‬إن مم ا ي بين بطالن التأوي ل ال ذي س لكته الش يعة‪ ،‬أن ه تأوي ل مبت دع لم ي رد في كالم‬
‫العرب‪ ،‬ولغة القرآن الكريم‪ .‬فالتأويل في كالم العرب‪ ،‬فتأويل الشيعة هو‪:‬صرف اللفظ‬
‫عن ظاهره وحقيقته إلى مجازه وما يخالف ظاهره‪ ،‬أي تفسيره بالمعنى المجازي الذي‬
‫يتوهموه‪ .‬يقول ابن تيمية‪":‬هذا التأويل المذموم الباطل هو تأويل أهل التحريف والبدع‪،‬‬
‫وال ذين يتأولون ه على غ ير تأويل ه‪ ،‬وي دعون ص رف اللف ظ عن مدلول ه إلى غ ير مدلول ه‬
‫(‪)3‬‬
‫وفي لغة القرآن الكريم الذي جاءت به النصوص هو بمعنى‬ ‫بغير دليل يوجب ذلك"‪.‬‬
‫منظور‪":‬األول الرجوع‪ ،‬آل الشيء يؤول‬
‫ْ‬ ‫يعود على العاقبة والرجوع والعود‪ ،‬يقول ابن‬
‫ت عن الش يء‪:‬ارت ددت‪ .‬يق ال‪:‬طبخت النبي ذ‬
‫وأول إلي ه الش يء‪َ :‬ر َج َع هَ‪ .‬وأْل ُ‬
‫وم آال رج ع‪ّ ،‬‬
‫واألي ل من الوحش‪ :‬الوعل‪ ،‬قال الفارسي‪ :‬سمي‬
‫حتى آل إلى الثلث أو الربع أي رجع‪ّ ،‬‬
‫بذلك لمآله إلى الجبل يتحصن فيه"‪ )4(.‬كما ويأتي التأويل في لغة العرب بمعنى التفسير‪،‬‬

‫‪ -1‬شرح تجريد االعتقاد‪:‬العالمة الحلي ص‪ ،410‬وانظر الشيعة بين األشاعرة والمعتزلة‪:‬هاشم معروف‬
‫الحسني ص‪. 167‬‬
‫‪ -2‬أوائل المقاالت في المذاهب والمختارات‪ :‬الشيخ المفيد ص ‪.52‬‬
‫‪ -3‬مجموع الفتاوى‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.3/67‬‬
‫‪ -4‬لسان العرب البن منظور ‪.1/130‬‬

‫‪13‬‬
‫وهذا المعنى ليس بعيد عن المعنى األول‪ ،‬فالتفسير تأويل‪ ،‬ألن المفسر يراجع نفسه عند‬
‫(‪)1‬‬
‫الشرح والبيان ويدبر الكالم ويقدره‪ ،‬ففيه معنى العود والرجوع‪.‬‬
‫يقول شارح الطحاوية‪":‬التأويل في كتاب اهلل وسنة رسوله صلى اهلل عليه وسلم‬
‫هو الحقيقة التي يؤول إليه الكالم‪ ،‬فتأويل الخبر هو عين المخبر به‪ ،‬وتأويل األمر‪:‬نفس‬
‫(‪)2‬‬
‫الفعل المأمور به"‪.‬‬
‫‪ -3‬يق ال للش يعة َّ‬
‫إن حم ل الص فات على المج از يل زمكم أن تك ون أس ماء اهلل تع الى‬
‫كالسميع والبصير والقدير والحي وسائر أسماؤه مجازا‪ ،‬ال حقيقة لها‪ ،‬وهذا باطل‪ ،‬ألنه‬
‫يؤدي إلى تعطيل األسماء كما عطلتم الصفات‪ ،‬وإ ذا كان هذا باطال فما يؤدي إليه يعتبر‬
‫َأس َمآِئ ِه‬
‫ون في ْ‬
‫مثل ه‪ ،‬واهلل تع الى‪(:‬وِللّ ِه اَألس ماء اْلحس َنى فَ ْادعوه بِه ا و َذروْا الَِّذين يْل ِح ُد ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ َ َ ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ق اْلَب ِارُئ‬‫ول‪(:‬ه َو اللهُ اْل َخ ال ُ‬
‫ُ‬ ‫ون) س ورة األع راف‪.180:‬ويق‬ ‫َس ُي ْج َز ْو َن َم ا َك ُانوْا َي ْع َملُ َ‬
‫ِ‬ ‫اَأْلر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّح لَ هُ َم ا ِفي َّ‬
‫يم)‬‫ض َو ُه َو اْل َع ِزي ُز اْل َحك ُ‬ ‫الس َم َاوات َو ْ‬ ‫اَأْلس َماء اْل ُح ْس َنى ُي َس ب ُ‬
‫ص ِّو ُر لَ هُ ْ‬ ‫اْل ُم َ‬
‫سورة الحشر‪24:‬‬
‫‪-4‬إن تأوي ل الص فات بحمله ا على المج از ي ؤدي إلى تحري ك العقي دة في القل وب‪ ،‬ف إن‬
‫القلوب تطمئن إلى معبودها إذا عرفته بصفاته وأسمائه كما جاءت في نصوص الكتاب‬
‫والس نة‪ ،‬ف إذا أص بحت ه ذه النص وص مج االً للتأوي ل وحمله ا على المج از بعي دا عن‬
‫الحقيقة‪ ،‬فإنها تفقد هيبتها‪ ،‬وتضعف الثقة بها‪ ،‬وهذا حتما يؤدى إلى الجهل باهلل تعالى‪،‬‬
‫يقول شارح الطحاوية في بيان ذلك‪":‬أن تتخلى القلوب عن الجزم بشيء تعتقده مما أخبر‬
‫ب ه الرس ول ص لى اهلل علي ه وس لم‪ ،‬إذ ال يوث ق ب أن الظ اهر ه و الم راد‪ ،‬والت أويالت‬
‫مض طربة‪ ،‬فيل زم ع زل الكت اب والس نة عن الدالل ة واإلرش اد إلى م ا أنب أ ب ه العب اد‪،‬‬
‫وخاصة أن النبوة هي اإلنباء‪ ،‬ولهذا نجد أن أهل التأويل إنما يذكرون نصوص الكتاب‬
‫والس نة لالعتق اد ال لالعتم اد‪ ،‬إن وافقت م ا ادع وا أن العق ل َّ‬
‫دل علي ه قبل وه‪ ،‬وإ ن خالفت ه‬
‫(‪)3‬‬
‫أولوه وهذا فتح باب الزندقة"‪.‬‬
‫‪ -5‬إن التأوي ل الش يعي يفتح أله ل الش رك وأص حاب الب دع الب اب إلفس اد دين اهلل‪ ،‬يق ول‬
‫ش ارح الطحاوي ة مخاطب اً أه ل التأوي ل الفاس د‪":‬لق د فتحتم عليكم باب اً ألن واع المش ركين‬
‫والمبت دعين‪ ،‬ال تق درون على س ّده‪ ،‬ف إنكم إذا س وغتم ص رف آي ات الق رآن عن داللت ه‬

‫‪ -1‬التأويل خطورته وآثاره‪:‬الدكتور عمر بن سليمان األشقر ص ‪.5‬‬


‫‪ -2‬شرح العقيدة الطحاوية ‪.1/252‬‬
‫‪ -3‬المصدر السابق ‪.1/258‬‬

‫‪14‬‬
‫المفهومة بغير دليل شرعي فما الضابط فيما يسوغ تأويله وما ال يسوغ؟ فإن قلتم‪ :‬ما دل‬
‫ال دليل الق اطع على اس تحالته تأولن اه‪ ،‬وإ ال أقررن اه‪ .‬قي ل لكم‪:‬وب أي عق ل ن زن الق اطع‬
‫العقلي؟ ف إن الق رمطي الب اطني ي زعم قي ام القواط ع على بطالن ظ واهر الش رع‪ ،‬وي زعم‬
‫الفيلسوف قيام القواطع على بطالن حشر األجساد‪ .‬ويزعم المعتزلي قيام القواطع على‬
‫(‪)1‬‬
‫امتناع رؤية اهلل تعالى‪ ،‬وعلى امتناع قيام علم أو كالم أو رحمة به تعالى"‪.‬‬
‫‪ -6‬يقال للشيعة بأن اهلل تعالى ‪ -‬وال ريب‪ -‬وصف نفسه بصفات الكمال‪ ،‬فوصف نفسه‬
‫بأنه يحب ويكره ويمقت ويرضى ويغضب‪ ،‬ويأسف ويسخط‪ ،‬ويجيء ويأتي وينزل إلى‬
‫الس ماء ال دنيا‪ ،‬وأن ه اس توى على عرش ه‪ ،‬وأن ل ه علم ا وحي اة‪ ،‬وق درة وإ رادة وس معا‬
‫وبصرا ووجها‪ ،‬وأن له يدين‪ ،‬وأنه فوق عباده‪ ،‬وأن السموات مطويات بيمينه‪ ،‬ووصفه‬
‫رسوله صلى اهلل عليه وسلم بأنه يفرح ويضحك‪ ،‬وأن قلوب العباد بين أصابعه‪ ،‬وغير‬
‫ذل ك مم ا وص ف ب ه نفس ه ووص فه ب ه رس وله ص لى اهلل علي ه وس لم‪ ،‬فيق ال لكم ألس تم‬
‫تأولون هذه الصفات كلها على خالف ظاهرها وتمنعون حملها على حقيقتها؟ وهذا هو‬
‫مذهبكم كما تجاهرون به‪ ،‬فعندئذ يقال لكم‪:‬إن تأويل جميع الصفات وحملها على خالف‬
‫حقيقتها – رغم تكاثر النصوص من الكتاب والسنة بها‪ -‬كان منكم عنادا ظاهرا وكفرا‬
‫ص راحا وجح دا للربوبي ة‪ .‬وحينئ ذ فال تس تقر لكم ق دم على إثب ات ذات ال رب تع الى‪ ،‬وال‬
‫صفة من صفاته‪ ،‬وال فعل من أفعاله‪ ،‬فإن أعطيتم هذا من أنفسكم ولم تستهجنونه التحقتم‬
‫(‪)2‬‬
‫بإخوانكم الدهرية المالحدة‪ ،‬الذين ال يثبتون للعالم خالقا وال ربا‪.‬‬
‫‪ -7‬إن الش يعة المؤول ة للنص وص يل زمهم الوق وع في ع دة مح اذير‪ ،‬وك ل مح ذور في ه‬
‫خطورة على عقيدة سالكيه‪-:‬‬
‫األول‪:‬الطعن في علم المتكلم بنص وص الص فات‪ ،‬باعتق ادهم َّ‬
‫أن ظ اهر كالم اهلل تع الى‬
‫وكالم رس وله ص لى اهلل علي ه وس لم من المح ال الباط ل‪ ،‬ففهم وا أن ظ اهر النص وص‬
‫التشبيه‪ ،‬فلزم تأويلها عندهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تعطيلهم النصوص عن حقائقها‪ ،‬بصرفها للمجاز‪ ،‬بناء منهم على ذلك الفهم الذي‬
‫يليق بهم‪ ،‬وال يليق باهلل جل جالله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬اتهام المتكلم بالنصوص بعدم البيان والهدى واإلرشاد‪ ،‬والقدح في نصحه‪.‬‬

‫‪ -1‬شرح العقيدة الطحاوية‪.1/257 :‬‬


‫‪ -2‬انظر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة‪:‬ابن القيم محمد بن أبي بكر أيوب‪.1/147 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الرابع‪ :‬التالعب بالنصوص‪ ،‬وانتهاك حرماتها‪.‬‬
‫ويبين ابن قيم الجوزية المحاذير الثالثة األخيرة بقوله‪":‬وتقرير ذلك أن يقال إما أن‬
‫يكون المتكلم بهذه النصوص عالما أن الحق في تأويالت النفاة المعطلين أو ال يعلم ذلك‪،‬‬
‫فإن لم يعلم ذلك والحق فيها كان ذلك قدحا في علمه‪ ،‬وإ ن كان عالما أن الحق فيها فال‬
‫يخلو إما أن يكون ق ادرا على التعبير بعباراتهم ال تي هي تنزيه هلل بزعمهم عن التشبيه‬
‫والتمثي ل والتجس يم‪ ،‬وأن ه ال يع رف اهلل من لم ينزه ه به ا أو ال يك ون ق ادرا على تل ك‬
‫العبارات‪ ،‬فإن لم يكن قادرا على التعبير بذلك لزم القدح في فصاحته‪...‬وإ ن كان قادرا‬
‫(‪)2‬‬
‫على ذلك ولم يتكلم به وتكلم دائما بخالفه وما يناقضه كان ذلك قدحا في نصحه"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رد األحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬
‫الش يعة ي َّ‬
‫ردون جمل ةً وتفص يالً كتب الس نة النبوي ة ال تي بين أي دي المس لمين فال‬
‫يعتبرونه ا وال ُي ِق ّرونها‪ )3(،‬واستبدلوها ب أقوال األئم ة المعصومين عندهم‪ ،‬والمنسوبة لهم‬
‫ك ذباً وزوراً‪ ،‬ل ذلك ال تج د لهم فـي كتبهم من األح اديث م ا ه و مرف وع للن بي ص لى اهلل‬
‫عليه وسلم إال نادراً‪ ،‬فمعظم الروايات تسند عن أئمتهم‪ .‬وبالتالي ذهب الشيعة إلى القول‬
‫بعدم صحة األحاديث الصفات الثابتة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والتي أثبتت‬
‫هلل صفات الكمال على الوجه الذي يليق بجالله وعظمته‪ ،‬ألمرين اثنين‪-:‬‬
‫األول‪ :‬يرى الشيعة أن األحاديث الثابتة عن النبي صلى اهلل عليه وسلم برواية أهل السنة‬
‫ال تص لح لالحتج اج‪ ،‬لك ون رواته ا ال يؤمن ون بعقائ د الش يعة ال تي عرف وا به ا دون‬
‫بقوله‪":‬إنهم‪-‬أي‬
‫ّ‬ ‫محمد الحسين آل كاشف الغطاء‬
‫المسلمين‪ .‬يعبر عن ذلك عالمة الشيعة ّ‬
‫صح لهم من طرق أهل‬ ‫الشيعة‪-‬ال يعتبرون من السنة‪ -‬أعني األحاديث النبوية‪ -‬إال ما ّ‬
‫ال بيت عليهم الس الم عن ج دهم ص لى اهلل علي ه وآل ه‪ ،‬يع ني‪:‬م ا رواه الص ادق عن أبي ه‬
‫الباقر عن أبيه زين العابدين عن الحسين السبط عن أبيه أمير المؤمنين عن رسول اهلل‬
‫أم ا م ا يروي ه مث ل‪:‬أبي هري رة‪ ،‬وس مرة بن جن دب‪ ،‬وم روان بن‬
‫س الم هلل عليهم جميع اً‪ّ ..‬‬
‫الحكم‪ ،‬وعم ران بن حط ان الخ ارجي وعم رو بن الع اص ونظ ائرهم فليس لهم عن د‬

‫‪ -1‬انظر المصدر السابق ‪1/324‬‬


‫‪ -2‬مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة‪:‬ابن القيم ‪.1/56‬‬
‫‪ -3‬انظرالفرق بين الفرق‪:‬عبد القاهر البغدادي ص ‪.346 ،327 ،322‬‬

‫‪16‬‬
‫صرح كثير‬
‫اإلمامية من االعتبار مقدار بعوضة وأمرهم أشهر من أن يذكر‪ ،‬كيف وقد ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫من علماء السنة بمطاعنهم‪ ،‬ودل على جائفة جروحهم"‪.‬‬
‫الثــاني‪ :‬زعم الش يعة أن رواي ات الح ديث عن د أه ل الس نة وال تي تص ف اهلل بالص فات‬
‫الخبري ة الذاتي ة كالي د والوج ه وجب رده ا ألنه ا في زعمهم تنس ب هلل الص فات بش كل‬
‫خ رافي ومض حك‪ ،‬لكونه ا تنس ب األعض اء للّ ه س بحانه‪ ،‬وهي في زعمهم من الرواي ات‬
‫(‪)2‬‬
‫وي دعو الش يعة علم اء أه ل الس نة إلى‬ ‫المكذوب ة عن رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫تطهير كتب الحديث مما فيها من األكاذيب والموضوعات المنفرة لإلنسان من الدين‪.‬‬

‫المناقشة‪-:‬‬
‫إن الشيعة الروافض ُّ‬
‫يردون سنة النبي صلى اهلل عليه وسلم ال ألنها سنة ثابتة عن‬
‫الن بي ص لى اهلل علي ه وس لم‪ ،‬ب ل ألنه ا ال تص ح عن دهم؟! وه ذا عين الجه ل والك ذب‬
‫والتلفي ق‪ .‬فهم لم يناقش وا أس انيد الس نة ومتونه ا على أص ول وض وابط علم الح ديث‬
‫والج رح والتع ديل‪ ،‬ألنهم من أبع د الن اس عن ه ذا العلم الجلي ل‪ ،‬وهم ُّ‬
‫ردوه ا َّ‬
‫ألنه ا ال‬
‫تنس جم م ع أص ولهم الباطل ة الفاس دة‪ ،‬وعقائ دهم المنحرف ة‪ .‬فالض ابط عن د الش يعة لقب ول‬
‫الرواي ة أو ِّ‬
‫رده ا‪:‬ه و م ا واف ق أص ولهم الباطل ة الفاس دة أو عارض ها‪ ،‬فك ل رواي ة تواف ق‬
‫أصولهم الفاسدة يحتجون بها‪ ،‬وإ ن كانت موضوعة مكذوبة‪ ،‬وكل رواية تخالف أصولهم‬
‫الفاس دة‪ ،‬أو ك انت تواف ق أص ول أه ل الس نة والجماع ة فهي عن دهم ض عيفة وموض وعة‪،‬‬
‫بغض النظر عن السند والرواة وعدالتهم!‬
‫إضافة إلى ذلك َّ‬
‫فإن رواة الحديث ونقلة العلم النبوي الشريف هم كفار عند الشيعة‬
‫الروافض‪ .‬وهذه العقيدة الفاسدة الخبيثة ألزمتهم برد رواياتهم عن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬رغم صحة وثبوت ما نقلوه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬االعتماد على روايات أئمتهم المناقضة لنصوص الكتاب والسنة‪.‬‬


‫روى الشيعة عن اإلمام علي بن موسى الرضا (ع) كما في رواية الحسين بن خالد‬
‫ق ال‪ :‬س معت الرض ا يق ول‪:‬لم ي زل اهلل س بحانه عليم اً ق ادراً حي اً ق ديماً س ميعاً بص يراً‪،‬‬

‫محمد الحسين آل كاشف الغطاء ص ‪.236‬‬


‫‪ -‬أصل الشيعة وأصولها‪ّ :‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -2‬انظر دراسات في العقيدة اإلسالمية‪ :‬محمد جعفر شمس الدين ص ‪.150‬‬


‫‪ -3‬انظر المصدر السابق ص ‪.157‬‬

‫‪17‬‬
‫قلت‪:‬يا ابن رسول اهلل (ص) أن قوم اً يقولون انه عالم بعلم‪ ،‬وقادر بقدرة‪ ،‬وحي بحياة‪،‬‬
‫وق ديم بق دم‪ ،‬وس ميع بس مع‪ ،‬فق ال(ع)‪ :‬من ق ال ب ذلك ودان ب ه‪ ،‬فق د اتخ ذ م ع اهلل آله ة‬
‫أخرى‪ ،‬وليس من واليتنا على شيء‪ ،‬ثم قال‪:‬لم يزل اهلل سبحانه عليم اً قادراً حي اً سميعاً‬
‫(‪)1‬‬
‫بصيراً لذاته‪ ،‬تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علواً كبيراً"‪.‬‬
‫وقد أورد الصدوق في كتابه التوحيد‪ ،‬طائفة من المرويات عن األئمة حول هذا‬
‫الموضوع‪ ،‬وكلها تنص على اتحاد صفاته مع ذاته‪ ،‬فالتغاير الذي ال بد منه بين الصفة‬
‫والموص وف بالنس بة إلي ه تع الى‪ ،‬يك ون اعتباري اً ال غ ير‪ .‬والى ذل ك يرج ع م ا ج اء في‬
‫بعض النصوص الصريحة في نفي الصفات عنه‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬الم روي عن علي (ع)‬
‫في بيان حقيقة التوحيد‪ ،‬قال(ع)‪ :‬وكمال توحيده اإلخالص له‪ ،‬وكمال اإلخالص له نفي‬
‫الص فات عن ه‪ ،‬بش هادة ك ل ص فة أنه ا غ ير الموص وف‪ ،‬فمن وص ف اهلل فق د قرن ه‪ ،‬ومن‬
‫قرن ه فق د ثن اه‪ ،‬ومن ثن اه فق د ج زأه‪ ،‬ومن ج زأه فق د جهل ه‪ ،‬إلى كث ير من كالم ه في نهج‬
‫(‪)2‬‬
‫البالغة الذي يؤكد هذا المعنى‪.‬‬
‫وزادت الش يعة على المعتزلة فيما ذهبوا إليه ب أن ألص قوا أسماء اهلل تعالى وصفاته‬
‫ب أئمتهم كم ا روى إم امهم الكلي ني قول ه‪:‬ق ال جعف ر بن محم د (ع) في قول ه تع الى‪(:‬وهلل‬
‫األس ماء الحس نى ف ادعوه به ا)‪:‬نحن واهلل األس ماء الحس نى يعني األئم ة‪ ،‬ال تي ال يقب ل اهلل‬
‫(‪)3‬‬
‫من عباده عمالً إال بمعرفتنا‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫إن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين – الذين هم خير القرون– رضي اهلل عنهم‬
‫حمل وا الص فات على ظاهره ا‪ ،‬ولم يص رفوها عن الظ اهر‪ ،‬ولم يتعرض وا لتأويله ا‪ ،‬ول و‬
‫كان التأويل جائزا لكانوا أسبق إليه لما فيه من إزالة التشبيه والتمثيل‪ ،‬ورفع الشبهة‪.‬‬
‫يقول الفقيه يحيى بن إبراهيم بن مزين‪-‬أحد األعالم باألندلس‪":-‬والنجاة في‬
‫ه ذا‪:‬االنته اء إلى م ا ق ال اهلل ع ز وج ل ووص ف ب ه نفس ه بوج ه وي دين وبس ط واس تواء‬
‫وكالم فق ال‪(:‬فأينم ا تول وا فثم وج ه اهلل) س ورة البق رة‪ ،115:‬وق ال‪(:‬ب ل ي داه مبس وطتان)‬
‫سورة المائدة‪ ،64:‬وقال‪(:‬واألرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه)‬

‫‪ -1‬الشيعة بين األشاعرة والمعتزلة ص ‪.168‬‬


‫‪ -2‬انظر التوحيد‪:‬الصدوق ص ‪ .130‬الشيعة بين األشاعرة والمعتزلة‪:‬هاشم معروف الحسني ص‪168‬‬
‫‪ -3‬األصول من الكافي‪:‬الكليني ‪ .1/143‬وسنتعرض لهذا األمر في المطلب األخير من هذا البحث‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫سورة الزم ر‪ ،67:‬وق ال‪(:‬ال رحمن على الع رش اس توى) سورة ط ه‪ ،5:‬فليق ل القائ ل بما‬
‫قال اهلل‪ ،‬ولينته إليه‪ ،‬وال يعدوه‪ ،‬وال يفسره‪ ،‬وال يقل كيف‪ ،‬فإن في ذلك الهالك َّ‬
‫ألن اهلل‬
‫(‪)1‬‬
‫كلَّف عبيده اإليمان بالتنزيل‪ ،‬ولم يكلِّفهم الخوض في التأويل الذي ال يعلمه غيره"‪.‬‬
‫وقال أبو عمر بن عبد البر‪":‬أهل السنة مجمعون على اإلقرار بالصفات الواردة‬
‫كلها في القرآن والسنة‪ ،‬واإليم ان بها‪ ،‬وحملها على الحقيقة ال على المج از‪ ،‬إال أنهم ال‬
‫يكيف ون ش يئا من ذل ك‪ ،‬وال يجح دون في ه ص فة محص ورة"‪ .‬ويض يف‪":‬وأم ا أه ل الب دع‬
‫والجهمي ة والمعتزل ة كله ا والخ وارج فكلهم ينكره ا‪ ،‬وال يحم ل ش يئا منه ا على‬
‫الحقيق ة‪...‬والح ق فيم ا قال ه الق ائلون بم ا نط ق ب ه كت اب اهلل وس نة رس وله‪ ،‬وهم أئم ة‬
‫(‪)2‬‬
‫الجماعة والحمد هلل"‪.‬‬
‫وق ال ابن تيمي ة‪":‬إن م ذهب الس لف إثباته ا كم ا ج اء في الكت اب والس نة‪،‬‬
‫وإ جراؤها على ظواهرها‪ ،‬ونفي الكيفية والتشبيه عنها‪...‬ألن اهلل ليس كمثله شيء‪ ،‬وعلى‬
‫هذا ج رى قول الس لف في الص فات‪..‬ونعلم أن ما وصف اهلل ب ه من ذل ك فهو حق ليس‬
‫فيه لغز وال أحاجي‪ ،‬بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكالمه‪ ،‬ال سيما‬
‫إذا ك ان المتكلم أعلم الخل ق بم ا يق ول‪ ،‬وأفص ح الخل ق في بي ان العلم‪ ،‬وأفص ح الخل ق في‬
‫(‪)3‬‬
‫البيان والتعريف والداللة واإلرشاد"‪.‬‬
‫ويق ول الش وكاني‪":‬إن م ذهب الس لف من الص حابة رض ي اهلل عنهم والت ابعين‬
‫وتابعيهم هو‪:‬إيراد أدلة الصفات على ظاهره ا من دون تحريف له ا وال تأويل متعسف‬
‫(‪)4‬‬
‫لشيء منها‪ ،‬وال جبر وال تشبيه‪ ،‬وال تعطيل يفضي إليه كثير من التأويل"‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪:‬أدلة الشيعة في نفي الصفات الذاتية‪:‬‬
‫يقول الشيخ الش يعي جعفر السبحاني‪:‬تص ُّح االس تفادة من أداتين للتَ َع ّرف على‬
‫المرجع ان يص فان اهلل تع الى بأفض ل‬
‫َ‬ ‫ص فات اهلل‪:‬أح دهما‪:‬العق ل‪ ،‬واآلخ ر ال َوحي‪ ،‬وه ذان‬
‫(‪)5‬‬ ‫ِ‬
‫الصفات‪.‬‬

‫‪ -1‬التمهيد شرح الموطأ‪:‬أبو عمر يوسف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد البر‪،‬الحديث الخامس والعشرون‬
‫‪.7/151‬‬
‫‪ -2‬المصدر السابق ‪.7/145‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬الفتوى الحموية الكبرى ص ‪.1‬‬
‫‪ -4‬التحف في مذهب السلف‪:‬محمد بن علي الشوكاني ص ‪.64‬‬
‫‪ -5‬العقيدة اإلسالمية على ضوء مدرسة أهل البيت‪:‬الشيخ جعفر السبحاني ص ‪.66‬‬

‫‪19‬‬
‫أوال‪:‬األدلة النقلية‪:‬‬

‫‪-1‬القرآن الكريم‪:‬‬
‫عرفن ا َّ‬
‫أن الش يعة ال يؤمن ون بص فات اهلل تع الى ال واردة في الق رآن الك ريم‪ ،‬ل ذا‬
‫فمنهجهم في التعامل مع القرآن الكريم قائم على تأويل آيات الصفات بما يخدم موقفهم‬
‫في نفي الصفات‪ .‬زاعمين أن التمسك بظواهرها يؤدي إلى التجسيم‪.‬‬
‫يق ول محم د جعف ر ش مس ال دين الش يعي‪:‬إن جمي ع اآلي ات ال تي اس تدل ب ه مثبت ة‬
‫الص فات ال يمكن قبوله ا على ظاهره ا‪ ،‬ب الجمود على نفس األلف اظ ال واردة فيه ا‪ .‬وذل ك‬
‫لمص ادمتها م ع حكم العق ل باس تحالة أن يك ون اهلل تع الى جس ماً‪ .‬ولكونه ا من متش ابه‬
‫اآلي ات ال ذي يع ارض المحكم من اآلي ات‪ ،‬كقول ه تع الى‪(:‬ليس كمثل ه ش يء)‪ ،‬فال ب د من‬
‫إرج اع المتش ابه إلى المحكم وعرض ه علي ه‪ ،‬ل ذلك ّأول علم اء الش يعة جمي ع آي ات‬
‫(‪)1‬‬
‫الص فات‪ ،‬بص رفها عن ظاهره ا‪ ،‬لتك ون موافق ة م ع حكم العق ل‪ ،‬ومحكم اآلي ات‪.‬‬
‫ويض يف‪":‬والحقيق ة أن المجس مة‪ ،‬حيث جم دوا على ظ اهر ألف اظ ه ذه اآلي ات‪ ،‬من دون‬
‫تحكيم للعقل‪ ،‬بل وال تدقيق في النواحي اللغوية والنحوية‪ ،‬التي لو حاولوا إعمالها‪ ،‬لما‬
‫(‪)2‬‬
‫وقعوا فيما وقعوا فيه من سخف"‪.‬‬
‫وق ال في موض ع آخ ر‪":‬أم ا كت اب اهلل فيكفين ا من ه آي ة واح دة فق ط‪ ،‬وهي قول ه‬
‫(‪)3‬‬
‫ص ُير) سورة الشورى‪."12:‬‬ ‫َّميع اْلب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫تعالى‪(:‬لَْي َس َكم ْثله َش ْي ٌء َو ُه َو الس ُ َ‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫ص ُير) سورة الشورى‪ 12:‬دليل مجمل‬ ‫َّميع اْلب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫إن قوله‪(:‬لَْي َس َكمثْله َش ْي ٌء َو ُه َو الس ُ َ‬
‫ال داللة فيه على نفي الصفات كما تزعم الشيعة‪ ،‬إنما فيه تنزيه اهلل سبحانه وتعالى عن‬
‫مماثلة غيره في الذات والفعال والصفات‪ ،‬وهذا مما استقر عند سائر المسلمين‪.‬‬
‫ص ُير) س ورة الش ورى‪ 12:‬يتض من نفي ا‬ ‫الس ِميع اْلب ِ‬ ‫ِِِ‬
‫وقول ه‪(:‬لَْي َس َكم ْثل ه َش ْي ٌء َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫مجمال‪ .‬نفي للمثيل عن اهلل تعالى فال‬ ‫ِ ِِ‬
‫وإ ثباتا‪،‬فقوله تعالى‪(:‬لَْي َس َكمثْله َش ْي ٌء) يتضمن نفيا َ‬
‫شيء مثله في الوجود ال في علمه وال في سمعه‪ ،‬وال في بصره‪ ،‬وال في قدرته‪ ،‬وغير‬

‫‪ -1‬دراسات في العقيدة اإلسالمية –بتصرف‪ -‬ص ‪.150‬‬


‫‪ -2‬المصدر السابق ص ‪.170‬‬
‫‪ -3‬المصدر السابق ص‪.137‬‬

‫‪20‬‬
‫ذلك من صفاته‪ .‬فاهلل لَْي َس َك ِمثِْل ِه َش ْي ٌء ال في ذاته وال في صفاته‪ ،‬وال في أفعاله‪ .‬وقوله‬
‫ص ُير) يتض من إثبات ا‪ ،‬الس مين من أس ماء اهلل الحس نى‪ ،‬فاهلل ه و‬ ‫الس ِميع اْلب ِ‬
‫الى‪(:‬و ُه َو َّ ُ َ‬
‫َ‬ ‫تع‬
‫الس ميع‪ ،‬وه و البص ير‪ .‬وهم ا يتض منان إثب ات لص فتين من ص فات اهلل‪ ،‬هم ا الس مع‬
‫والبص ر‪ ،‬فه و الس ميع وذو س مع‪ .‬س ميع بس مع خالفً ا للش يعة ال ذين يعطل ون ص فات اهلل‬
‫ويقولون سميع بال سمع بصير بال بصر‪ .‬وهذا القول جهل وضاللة وإ لحاد في أسماء‬
‫اهلل تع الى‪ .‬فمن اإللح اد في أس ماء اهلل تع الى تعطي ل م ا دلت علي ه من المع اني ال تي هي‬
‫الس ِميع اْلب ِ‬
‫ص ُير) س ورة‬ ‫ِِِ‬
‫ص فات هلل تع الى‪ .‬إذن قول ه تع الى‪(:‬لَْي َس َكم ْثل ه َش ْي ٌء َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫الشورى‪ 12:‬حجة على الشيعة ال حجة لهم‪.‬‬
‫"فهذه اآلية َّدلت على الحق ورد الباطل‪ ،‬في باب األسماء والصفات‪َّ ،‬‬
‫فدلت على أنه‬
‫(‪)1‬‬
‫تعالى موصوف بصفات الكمال منزه عن مماثلة المخلوقات"‪.‬‬
‫إن تأويل الشيعة آليات الصفات بحجة أنه من المتشابه‪ ،‬هو من التأويل المذموم‬
‫ال تي ح اولت ك ل الف رق الض الة أن تج د ل ه م ا يؤي ده من كت اب اهلل أو اللغ ة يتناس ب م ع‬
‫أهوائه ا‪ ,‬ومن ذل ك نفي ص فات الب اري ع ز وج ل‪ .‬ويتض ح فس اد ت اويلهم من خالل‬
‫مناقشتنا لتأويالتهم لصفتي الوجه واليد الواردتين في كتاب اهلل تعالى‪.‬‬

‫‪ -2‬السنة‪:‬‬
‫قبل أن نذكر أدلة الشيعة من السنة في نفيهم للصفات البد أن نبيٌّن مراد الشيعة‬
‫من السنة وما معناها عندهم‪.‬‬
‫ول أو فع ٍل أو تقري ٍر"‪)2(.‬‬
‫فالسـنة عنـدهم هي‪":‬ك ل م ا يص در عن المعص وم من ق ٍ‬
‫والمعصوم هو رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؛ واألئمة االثنا عشر‪ ،‬أي ال فرق عندهم‬
‫فـي هذا بين هؤالء االث نى عشر وبين رس ول اهلل الذي ال ينط ق عن الهوى‪ ،‬إن هو إال‬
‫وحي ي وحى‪ .‬وال ف رق فـي كالم ه ؤالء االث نى عش ر بين س ن الطفول ة‪ ،‬وس ن النض ج‬
‫العقلي؛ إذ ّإنهم‪ -‬فـي نظ رهم‪ -‬ال يخطئ ون عم داً وال س هواً وال نس ياناً ط وال حي اتهم‪،‬‬
‫رين‪":‬إن االعتق اد بعص مة األئم ة جع ل األح اديث ال تي‬
‫ّ‬ ‫وله ذا ق ال أح د ش يوخهم المعاص‬

‫‪ -1‬شرح الرسالة التدمرية‪:‬الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك ص ‪.60‬‬


‫‪ -2‬األصول العامة للفقه المقارن‪ :‬محمد تقي الحكيم ص‪.122‬‬

‫‪21‬‬
‫تصدر عنهم صحيحة‪ ،‬دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫(‪)1‬‬
‫كما هو الحال عند أهل السنة"‪.‬‬
‫وهم يعتقدون أن األئمة كالرسل "قولهم قول اهلل وأمرهم أمر اهلل وطاعتهم طاعة اهلل‬
‫(‪)2‬‬
‫ومعصيتهم معصية اهلل وإ نهم لم ينطقوا إال عن اهلل تعالى وعن وحيه"‪.‬‬
‫محمد الحسين آل كاشف الغطاء‪":‬ال يعتبرون من السنة ‪-‬‬ ‫يقول عالمة الشيعة ّ‬
‫أعني األح اديث النبوي ة‪ -‬إال ما ص ّح لهم من ط رق أهل ال بيت عليهم الس الم عن جدهم‬
‫صلى اهلل عليه وآل ه‪ ،‬يعني‪:‬م ا رواه الصادق عن أبيه الب اقر عن أبي ه زين العابدين عن‬
‫الحسين السبط عن أبي ه أمير المؤمنين عن رس ول اهلل سالم هلل عليهم جميع اً"‪ .‬ويضيف‬
‫اء‪":‬أم ا م ا يروي ه مث ل‪:‬أبي هري رة‪ ،‬وس مرة بن جن دب‪ ،‬وم روان بن الحكم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫كاش ف الغط‬
‫وعمران بن حطان الخارجي وعمرو بن العاص ونظائرهم فليس لهم عند اإلمامية من‬
‫االعتب ار مق دار بعوض ة وأم رهم أش هر من أن ي ذكر‪ ،‬كي ف وق د ص ّرح كث ير من علم اء‬
‫(‪)3‬‬
‫السنة بمطاعنهم‪ ،‬ودل على جائفة جروحهم"‪.‬‬
‫وقد جاء فـي الكافـي ما يعدونه حجة لهم فـي هذا المذهب‪ ،‬وهو قول أبي عبد‬
‫اهلل‪-‬كم ا ي زعم ص احب الكافـي‪"-‬ح ديثي ح ديث أبي‪ ،‬وح ديث أبي ح ديث ج دي‪ ،‬وح ديث‬
‫ج دي ح ديث الحس ين‪ ،‬وح ديث الحس ين ح ديث الحس ن‪ ،‬وح ديث الحس ن ح ديث أم ير‬
‫المؤمنين‪ ،‬وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وحديث رسول‬
‫(‪)4‬‬
‫يقول آية اهلل البرقعي‪:‬هذا الحديث ضعيف السند‪ ،‬بسبب سهل‬ ‫اهلل قول اهلل عز وجل"‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫بن زياد الكذاب ‪.‬‬
‫وذكر شارح الكافـي أن هذا القول ُّ‬
‫يدل على َّ‬
‫أن حديث كل واحد من األئمة الظاهرين‬
‫‪)6‬‬
‫قول اهلل عز وجل‪ ،‬وال اختالف فـي أقوالهم‪ ،‬كما ال اختالف فـي قوله تعالى"‪(.‬‬

‫‪ -1‬تاريخ اإلمامية‪:‬عبد اهلل فـياض ص ‪.140‬نقال عن الشيعة هم العدو فاحذرهم‪ :‬شحاتة محمد صقر ص‬
‫‪.11‬‬
‫‪ -2‬االعتقادات ابن بابويه ص ‪.106‬‬
‫محمد الحسين آل كاشف الغطاء النجفـي ص ‪.236‬‬
‫‪-‬أصل الشيعة وأصولها‪ّ :‬‬
‫‪3‬‬

‫‪ -4‬أصول الكافـي‪ ،‬كتاب فضل العلم‪ ،‬باب رواية الكتب والحديث‪ ،1/53‬مرآة العقول في شرح أخبار آل‬
‫محمد باقر المجلسي‪ .‬وسائل الشيعة‪.18/58 :‬‬
‫الرسول‪ّ :‬‬
‫‪ -5‬كسر الصنم‪:‬آية اهلل البراقعي ص ‪.21‬‬
‫‪-6‬شرح جامع على الكافـي‪ :‬المازندراني ‪.2/272‬‬

‫‪22‬‬
‫َّ‬
‫فالسنة عندهم ليست سنة النبي عليه السالم فحسب؛ بل سنة األئمة االثنى عشر‪،‬‬
‫وأق وال ه ؤالء األئم ة ك أقوال اهلل ورس وله‪ ،‬وله ذا اع ترفوا ب َّ‬
‫أن ه ذا مم ا ألحقت ه الش يعة‬
‫بالس نة المطه رة‪ ،‬يق ول محم د تقي الحكيم‪":‬وألح ق الش يعة اإلمامي ة ك ّل م ا يص در عن‬
‫(‪)1‬‬
‫أئمتهم االثنى عشر من قول أو فعل أو تقرير بالسنة الشريفة"‪.‬‬
‫لقد رأى الشيعة االثنى عشرية أنفسهم أمام عدد كثير من األحاديث المروية عن‬
‫رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم‪ ،‬والرواي ات الم أثورة عن الص حابة رض ي اهلل عنهم‬
‫جمعيا‪ .‬وفى تلك األحاديث وهذه الروايات ما يخالف عقائدهم مخالفة صريحة‪ ،‬لذا كان‬
‫بدهياً أن يتخلص الشيعة من جميع األحاديث والروايات‪ ،‬إما بطريق‪ :‬ردها‪ ،‬وإ ما بطرق‬
‫تأويلها تأويال فاسداً‪.‬‬
‫جرحون معظم الصحابة‪ ،‬بل‬ ‫ُّ‬
‫وردهم لألحاديث والروايات سهل ميسور‪ ،‬لكونهم ُي ِّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ويكفرونهم لمبايعتهم الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر عثمان‪.‬‬
‫تصرح بنفي الصفات وتقول بالتعطيل‪ ،‬مع‬
‫ّ‬ ‫ولقد أسند الشيعة روايات إلى األئمة‬
‫أنهم كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية قد‪":‬أسسوا دينهم على أن باب التوحيد والصفات ال‬
‫(‪)3‬‬
‫وهذا تلمسه في طريقة احتجاجهم على مذهبهم في‬ ‫يتبع فيه ما رأوه بقياس عقولهم"‪.‬‬
‫التعطي ل كم ا في النكت االعتقادي ة للمفي د‪ ،‬ونهج المسترش دين البن المطه ر وغيره ا من‬
‫(‪)4‬‬
‫كتبهم الكالمية حيث اعتمدوا المنهج العقلي الكالمي البحث في صفات اهلل‪.‬‬
‫يالح ظ َّ‬
‫أن الش يعة ج اءوا برواي ات كث يرة عن أئمتهم يس ندون به ا م ذهبهم في‬
‫التعطي ل‪ ،‬ويف ترون على أم ير المؤم نين علي رض ي اهلل عن ه وبعض علم اء أه ل ال بيت‬
‫كمحمد الباقر وجعفر الصادق بأنهم يقولون بالتعطيل‪،‬واعتبر بعض شيوخهم المعاصرين‬
‫َّ‬
‫أن ه ذا ه و عم دتهم في نفي الص فات؛ حيث ق ال ‪-‬تحت عن وان طريق ة معرف ة‬
‫الصفات‪": -‬هل يبقى مجال للبحث عن الصفات؟ وهل له طريق إال اإلذعان بكلمة أمير‬
‫(‪)5‬‬
‫المؤمنين رضي اهلل عنه‪ :‬كمال اإلخالص نفي الصفات عنه"‪.‬‬

‫‪ -1‬سنة أهل البيت‪ :‬محمد تقي الحكيم ص‪.9‬‬


‫‪ -2‬التفسير والمفسرون‪ :‬د‪ .‬محمد حسين الذهبي ‪.143/ 1‬‬
‫‪ -3‬منهاج السنة‪:‬ابن تيمية ‪.79-2/78‬‬
‫‪ -4‬أصول مذهب الش يعة اإلمامية الاثني عشرية‪،‬عرض ونقد‪:‬ال دكتور ناصر بن عبد اهلل بن علي القفاري‬
‫‪.2/54‬‬
‫‪ -5‬الزنجاني‪:‬عقائد اإلمامية االثني عشرية ص‪.28‬‬

‫‪23‬‬
‫استدلت الشيعة على نفيهم التصاف اهلل بالصفات الذاتية الخبرية بروايات زعموا‬
‫أنها وردت عن أئمة أهل البيت‪.‬‬
‫منها‪-:‬‬
‫‪ -‬روى الحسين بن خالد عن اإلمام الرضا (ع) قال‪:‬سمعت الرضا (ع) يقول‪(:‬لم يزل‬
‫اهلل س بحانه عليم ا‪ ،‬ق ادرا‪ ،‬حي ا‪ ،‬ق ديما‪ ،‬س ميعا‪ ،‬بص يرا)‪ ،‬قلت‪:‬ي ا ابن رس ول اهلل أن قوم ا‬
‫يقول ون‪:‬إن ه ع الم بعلم‪ ،‬وق ادر بق درة‪ ،‬وحي بحي اة‪ ،‬وق ديم بق دم‪ ،‬وس ميع بس مع‪ ،‬فق ال‪:‬‬
‫(ع)‪":‬من قال بذلك ودان به فقد اتخذ مع اهلل آلهة أخرى‪ ،‬وليس من واليتنا على شيء)‬
‫ثم ق ال‪(:‬لم ي زل اهلل س بحانه عليم ا‪ ،‬ق ادرا‪ ،‬حي ا‪ ،‬س ميعا‪ ،‬بص يرا لذات ه) تع الى عم ا يق ول‬
‫(‪)1‬‬
‫المشركون والمشبهون علوا كبيرا"‪.‬‬
‫ين َم ْع ِرفَتُ هُ‪َ ،‬و َك َم ا ُل َم ْع ِرفَتِ ِه‬ ‫‪ -‬ج اء في نهج البالغ ة عن أم ير المؤم نين(ع)‪ََّ ":‬أو ُل ال ِّد ِ‬
‫يدهُ‪َ ،‬و َك َما ُل تَ ْو ِح ِيد ِه اإلخالص لَهُ‪َ ،‬و َك َم ا ُل اإلخالص‬ ‫ق بِ ِه تَ ْو ِح ُ‬‫ص ِدي ِ‬ ‫التَّص ُ ِ‬
‫ديق بِه‪َ ،‬و َك َما ُل التَّ ْ‬ ‫ْ‬
‫وف‪ ،‬و َش ه َ ِ‬ ‫ص فَة ََّأنها َغْي ر الموص ِ‬ ‫اد ِة ُك ِّل ِ‬ ‫ات َع ْن هُ‪ِ ،‬ل َش هَ َ‬
‫الص فَ ِ‬
‫ص وف ََّأنهُ‬ ‫ادة ُك ِّل َم ْو ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َْ ُ‬ ‫ي ِّ‬ ‫لَهُ َن ْف ُ‬
‫‪،‬و َم ْن ثََّناهُ فَقَ د َج َّزَأهُ‪،‬‬ ‫َغْي ر ِّ ِ‬
‫ف اهللَ ُس ْب َح َانهُ فَقَ ْد قََرَن هُ‪َ ،‬و َم ْن قََرَن هُ فَقَ ْد ثََّناهُ َ‬ ‫ص َ‬ ‫الص فَة‪ ،‬فَ َم ْن َو َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫أش َار ِإلَْي ه فَقَ ْد َح َّدهُ‪َ ،‬و َم ْن َح َّدهُ فَقَ ْد‬ ‫ِ‬
‫أش َار ِإلَْي ه‪َ ،‬و َم ْن َ‬ ‫َو َم ْن َج َّزَأهُ فَقَ ْد َج ِهلَ هُ‪َ ،‬و َم ْن َج ِهلَ هُ فَقَ ْد َ‬
‫(‪)2‬‬
‫َأخلَى ِمُنهُ"‪.‬‬ ‫"عالَ َم؟" فَقَ ْد ْ‬‫ض َّمَنهُ‪َ ،‬و َم ْن قَا َل‪َ :‬‬ ‫يم" فَقَ ْد َ‬
‫ِ‬
‫َع َّدهُ‪َ ،‬و َم ْن قَا َل‪" :‬ف َ‬
‫إن نسبة هذا الكالم لعلي بن أبي طالب فيه من أكاذيب الشيعة لمخالفته الواضحة‬
‫إلجماع الصحابة وسلف األئمة الذين أثبتوا هلل صفات الكمال على الحقيقة‪ ،‬وبين مؤلف‬
‫الكتاب وبين علي رضي اهلل عنه سبع طبقات من الرواة وقد قام بحذفهم كلهم‪ ،‬ولهذا ال‬
‫(‪)3‬‬
‫ق ال اإلم ام ال ذهبي في ترجم ة مؤل ف نهج البالغ ة‬ ‫يمكن قب ول كالم ه من غ ير إس ناد‪.‬‬
‫المرتضى أبي طالب علي بن حسين بن موسى الموسوي‪":‬ومن طالع كتابه نهج البالغة‬
‫ُ‬
‫جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي رضي اهلل عنه ففيه السب الصراح والحط‬
‫(‪)4‬‬
‫على السيدين أبي بكر وعمر رضي اهلل عنهما وفيه من التناقض واألشياء الركيكة"‪.‬‬

‫‪ -1‬الشيعة بين األشاعرة والمعتزلة‪:‬هاشم معروف الحسني ص ‪.168‬‬


‫‪ -2‬نهج البالغة‪ ،‬الخطبة األولى ص ‪.27‬‬
‫‪ -3‬انظر موقع اإلسالم سؤال وجواب‪ :‬الشيخ محمد صالح المنجد(‪)www. islamqa.com/ar‬‬
‫‪ -4‬ميزان االعتدال‪:‬اإلمام الذهبي ‪ ،3/124‬لسان الميزان ‪.4/223‬‬

‫‪24‬‬
‫وأيض ا فإن شيخ اإلسالم ابن تيمية يقول‪":‬أكثر الخطب ال تي ينقلها صاحب "نهج‬
‫وعلي رض ي اهلل عن ه أج ُّل وأعلى ق درا من أن يتكلم ب ذلك‬
‫ٌّ‬ ‫البالغ ة "ك ذب على علي ‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الكالم‪ ،‬ولكن هؤالء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح ‪ ،‬فال هي صدق وال هي مدح"‪.‬‬
‫ولم ا ك ان إثب ات الص فات هلل تع الى حقيق ة يس تلزم التجس يم لل ذات اإللهي ة وج دنا‬
‫الشيعة ينسبون ألئمتهم روايات في تحريم التجسيم والصورة هلل تعالى‪ .‬ومن ذلك‪-:‬‬
‫ان‬
‫قال‪":‬س ْب َح َ‬
‫ُ‬ ‫ي عن َعِل ِّي ْب ِن اْل ُح َس ْي ِن عليه السالم‬
‫ور ِّ‬ ‫‪-‬عن َس ْه ٌل َع ْن بِ ْش ِر ْب ِن َب َّش ٍار َّ‬
‫الن ْي َس ُاب ِ‬
‫الس ِميع اْلب ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ص ُير"‪ )2(.‬قال‬ ‫ف َواَل ُي ْشبِهُهُ َش ْي ٌء َولَْي َس َكم ْثل ه َش ْي ٌء َو ُه َو َّ ُ َ‬ ‫وص ُ‬‫َم ْن اَل ُي َح ُّد َواَل ُي َ‬
‫(‪)3‬‬
‫المجلسي وغيره من علماء الشيعة‪:‬هذا الحديث ضعيف‪.‬‬
‫َّ ِ ِ‬ ‫ت ِإلَى َأبِي ُم َح َّم ٍد علي ه الس الم ق ال‪َ ":‬س َأْل َ‬
‫‪-‬و َه َذا َعْن ُك ْم‬‫ت َع ِن الت ْوحي د َ‬ ‫‪-‬عن َس ْه ٌل قَ ا َل َكتَْب ُ‬
‫ق‪،‬‬ ‫ق ولَْي َس بِ َم ْخلُ و ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫َأح ٌد‪َ ،‬خ ال ٌ َ‬ ‫َأح ٌد لَ ْم َيل ْد َولَ ْم ُيولَ ْد َولَ ْم َي ُك ْن لَ هُ ُكفُ واً َ‬ ‫َم ْع ُزو ٌل‪ -‬اللهُ َواح ٌد َ‬
‫اء‪،‬‬‫ص ِّو ُر َم ا َي َش ُ‬
‫ٍ‬
‫ك‪َ ،‬ولَْي َس بِ ِج ْس م‪َ ،‬وُي َ‬ ‫اَأْلج َس ِام َو َغ ْي ِر َذِل َ‬
‫اء ِم َن ْ‬ ‫ك َوتَ َع الَى َم ا َي َش ُ‬ ‫ق تََب َار َ‬ ‫َي ْخلُ ُ‬
‫ون لَ هُ ِش ْبهٌ‪ُ ،‬ه َو اَل َغ ْي ُرهُ‪ ،‬لَْي َس َك ِم ْثِل ِه‬ ‫َأن َي ُك َ‬ ‫َأس َماُؤ هُ ْ‬
‫ت ْ‬ ‫ور ٍة‪َ ،‬ج َّل ثََن اُؤ هُ َوتَقَ َّد َس ْ‬ ‫ص َ‬ ‫َولَْي َس بِ ُ‬
‫ص ُير"‪ )4(.‬ق ال المجلس ي وغ يره من علم اء الش يعة‪:‬ه ذا الح ديث‬ ‫الس ِميع اْلب ِ‬
‫َش ْي ٌء َو ُه َو َّ ُ َ‬
‫(‪)5‬‬
‫ضعيف‪ ،‬ووفيه سند ربعي بن عبد اهلل الذي تالعب بالقرآن قدر ما استطاع‪.‬‬
‫ت ََأبا َعْب ِد اللَّ ِه عليه السالم َيقُ و ُل‬ ‫ضْي ِل ْب ِن َي َس ٍار قَا َل َس ِم ْع ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫‪-‬ع ْن ِر ْبع ِّي ْب ِن َعْبد الله َع ِن اْلفُ َ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ق قَ ْد ِر ِه‪ ،‬فَاَل‬‫ال ِفي ِكتَابِ ِه وم ا قَ َد ُروا اللَّهَ َح َّ‬ ‫ف َوقَ ْد قَ َ‬ ‫وص ُ‬ ‫ف ُي َ‬ ‫ف‪َ ،‬و َك ْي َ‬ ‫وص ُ‬ ‫َّ‬
‫ِإ َّن اللهَ اَل ُي َ‬
‫َ‬
‫ك"‪ )6(.‬والحديث ضعيف السند كما قال المجلسي وغيره‬ ‫ظ َم ِم ْن َذِل َ‬ ‫َأع َ‬
‫ان ْ‬ ‫اَّل‬
‫ف بِقَ َد ٍر ِإ َك َ‬ ‫وص ُ‬ ‫ُي َ‬
‫(‪)7‬‬
‫من علماء الشيعة‪.‬‬
‫ان ْب ِن َي ْحَيى َع ْن َعِل ِّي ْب ِن َأبِي َح ْم َزةَ عن َأبِي َع ْب ِد اللَّ ِه علي ه الس الم‬ ‫ص ْف َو َ‬ ‫‪-‬ع ْن َ‬ ‫َ‬
‫الس ِميع اْلب ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ص ُير اَل‬ ‫ف ُه َو ِإاَّل ُه َو لَْي َس َكمثْل ه َش ْي ٌء َو ُه َو َّ ُ َ‬ ‫َأح ٌد َك ْي َ‬‫ان َم ْن اَل َي ْعلَ ُم َ‬ ‫‪":‬س ْب َح َ‬
‫َقَ ا َل ُ‬

‫‪ -1‬منهاج السنة النبوية ‪. 8/55‬‬


‫‪ -2‬أصول الكافي‪:‬الكليني‪ ،‬باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى ‪.1/103‬‬
‫‪ -3‬كسر الصنم ص ‪.38‬‬
‫‪ -4‬أصول الكافي‪:‬الكليني‪ ،‬باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى ‪.1/103‬‬
‫‪ -5‬كسر الصنم ص ‪.38‬‬
‫‪6‬‬
‫ف بِ ِه َن ْف َسهُ تَ َعالَى‬
‫ص َ‬ ‫ِ‬
‫الن ْه ِي َع ِن الصِّفَة بِ َغ ْي ِر َما َو َ‬
‫اب َّ‬
‫‪ -‬انظر هذه الروايات أصول الكافي‪:‬الكليني‪َ ،‬ب ُ‬
‫‪.1/102‬‬
‫‪ -7‬انظر كسر الصنم ص ‪.38‬‬

‫‪25‬‬
‫اس َواَل ُي ِحي طُ بِ ِه َش ْي ٌء َواَل ِج ْس ٌم‬
‫ص ُار َواَل اْل َح َو ُّ‬ ‫ُي َح ُّد َواَل ُي َح ُّس‬
‫َواَل ُي َج ُّس َواَل تُ ْد ِر ُك هُ ْ‬
‫اَأْلب َ‬
‫يد‪ )1(.‬والحديث سنده ضعيف‪ ،‬لوجود علي بن أبي حمزة‬ ‫تَ ْخ ِطيطٌ َواَل تَ ْح ِد ٌ‬ ‫ورةٌ َواَل‬
‫ص َ‬‫َواَل ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫البطائني الواقفي الصانع للمذهب‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ِ ِإ ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪ِ":‬إ َّن اللهَ‬ ‫يم علي ه الس الم قَ َ‬ ‫‪َ -‬ع ْن ُم َح َّمد ْب ِن َحكيم عن اإلم ام موس ى الك اظم َِأب و ْب َراه َ‬
‫اَأْلش ي ِ‬
‫اء بِ ِج ْس ٍم َْأو‬ ‫ف َخ ِال َ‬ ‫ظم ِم ْن قَ و ِل م ْن ي ِ‬ ‫تَ َعالَى اَل ُي ْشبِهُهُ َش ْي ٌء ُّ‬
‫َأي فُ ْح ٍ‬
‫ق َْ‬ ‫ص ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َأع َ ُ‬
‫ش َْأو َخناً ْ‬
‫ك ُعلُ ّواً َكبِ يراً"‪ )3(.‬والح ديث‬ ‫اء تَ َع الَى اللَّهُ َع ْن َذِل َ‬
‫َأعض ٍ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫ور ٍة َْأو بِخْلقَ ة َْأو بِتَ ْحدي د َو ْ َ‬‫ص َ‬ ‫ُ‬
‫(‪)4‬‬
‫ضعيف لكونه من المرسل‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫لق د ثبت أن الش يعة لهم س نة خاص ة يستش هدون به ا في الدالل ة على معتق داتهم‬
‫الفاسدة خالفوا بها إجماع المسلمين الذين يرون أن السنة ما صحت نسبته للرسول صلى‬
‫اهلل علي ه وس لم‪ ،‬وأن م ا يض يفونه ألئمتهم من األك اذيب واألقاوي ل الس خيفة ال تي تناس ب‬
‫ض الالتهم ومعتق داتهم الفاس دة ال تي خ الفوا به ا جمي ع المس لمين‪ .‬وق د ت بين من تخ ريج‬
‫الرواي ات المنس وبة ألئمتهم في نفي اتص اف اهلل بص فات الكم ال هي من الرواي ات‬
‫المكذوبة‪،‬كما بين بعض علماء الشيعة أنفسهم‪.‬‬
‫وزعم الشيعة بأن السنة عندهم ما روي عن أئمتهم دون التحقق من صحة السند‬
‫والمتن يخالف كل ما قرره علماء الحديث وغيرهم لثبوت صحة الحديث المنسوب إلى‬
‫رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم من اتص ال الس ند وعدال ة روات ه‪ ،‬وموافقت ه لألص ول‬
‫العام ة في متن ه‪ ،‬وع دم غرابت ه ونكارت ه‪ ،‬وع دم مخالفت ه للق رآن واألح اديث الص حيحة‬
‫(‪)5‬‬
‫األخرى‪.‬‬
‫إذن ثبت أن روايات الشيعة الروافض عن أئمتهم في موضوع الصفات اإللهية‬
‫هي من المتناقض ات‪ ،‬والمخالف ات الص ريحة لكت اب اهلل تع الى مخالف ة كب يرة وواض حة‪،‬‬

‫‪ -1‬أصول الكافي‪:‬الكليني‪ ،‬باب النهي عن الجسم والصورة ‪.1/103‬‬


‫‪ -2‬كسر الصنم ص ‪.38‬‬
‫‪ -3‬أصول الكافي‪:‬الكليني‪ ،‬باب النهي عن الجسم والصورة ‪.1/105‬‬
‫‪ -4‬انظر كسر الصنم ص ‪.38‬‬
‫‪ -5‬انظر قراءة في عقيدة الشيعة اإلمامية‪ :‬فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب ص ‪.48‬‬

‫‪26‬‬
‫وإ ذا كان ال يعول عليها في غير القضايا الدينية‪ ،‬فمن باب أولى أال يعول عليها في باب‬
‫العقيدة باهلل تعالى‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬األدلة العقلية‪:‬‬
‫يستدل الشيعة بالعقل في نفي الصفات‪ ،‬والمالحظ أنهم يسوقون نفس األدلة العقلية‬
‫التي استدل بها المعتزلة في نفيهم للصفات‪ ،‬وتعطيل الذات اإللهية عن صفاتها‪ .‬ويمكن‬
‫إجمال األدلة العقلية الشيعية كما جاءت في مصنفات علماء الشيعة في األدلة التالية‪-:‬‬

‫‪ -1‬إثبات الصفات يؤدي إلى القول بتعدد القدماء‪:‬‬


‫زعمت الشيعة َّ‬
‫أن الصفات لو كانت غير الذات ال تخلو‪ ،‬أما أن تكون قديمة‪ ،‬أو‬
‫حادثة‪ .‬فلو كانت صفات اهلل قديمة للزم تعدد القديم‪ ،‬وهو أسوأ من قول النصارى الذين‬
‫قالوا بثالثة قدماء‪:‬األب‪ ،‬واالبن‪ ،‬وروح القدس‪ .‬وإ ثبات الصفات يلزم إثبات قدماء أكثر‬
‫(‪)1‬‬
‫ول و ك انت الص فات حادث ة ل زم خل و ال ذات عن ه ذه الص فات‪ ،‬ول و آن اً م ا‪.‬‬ ‫من ذل ك‪.‬‬
‫ويل زم افتق ار ذات اهلل إلى العلم‪ ،‬ليص ح وص فه بالع الم‪ .‬وافتقاره ا إلى الق درة‪ ،‬ليص ح‬
‫وصفه بالقادر‪ ،‬وهكذا بقية الصفات‪ .‬فيكون ناقص اً بذاته‪ ،‬وكامالً بغيره‪ .‬وال يمكن ألحد‬
‫(‪)2‬‬
‫أن يلتزم بذلك‪.‬‬
‫يقول عالمة الشيعة محمد رضا المظفر‪":‬ال ينقضي العجب من قول من يذهب‬
‫أن ص فاته الثبوتي ة زائ دة على ذات ه؛ فق ال بتع ّدد الق دماء‪ ،‬ووج ود الش ركاء ل واجب‬
‫إلى ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫الوجود‪ ،‬أو قال بتركيبه ‪ -‬تعالى عن ذلك"‪.‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫إن مثبتي الصفات لم يذهبوا إلى أن الصفات غير الذات‪ ،‬بل قالوا‪ :‬الصفات ليست‬
‫عين الذات‪ ،‬وال غير الذات‪ ،‬وال يلزم من هذا تعدد القدماء‪ ،‬وال قدم الغير‪ .‬وهم يقولون‪:‬‬
‫ال ذات واح دة بص فاتها القديم ة القائم ة به ا‪ .‬وليس ت عن دهم ال ذات منفك ة عن الص فات أو‬
‫مج ردة عنه ا‪ ،‬وال ذي يض ر قائلي ه ه و تع دد ذوات الق دماء ال تع دد الص فات م ع اتح اد‬

‫‪ -1‬انظر نهج الحق وكشف الص دق‪:‬الحسن بن يوسف المطهر الحلي‪،‬ص‪ ،64‬الش يعة بين األش اعرة‬
‫والمعتزلة‪:‬هاشم معروف الحسني ص ‪.166‬‬
‫‪ -2‬انظر كشف الحق ونهج الص دق‪:‬الحلي ص‪ .21‬الش يعة بين األش اعرة والمعتزلة‪:‬هاشم مع روف‬
‫الحسني ص ‪ .166‬دراسات في العقيدة‪ :‬محمد جعفر شمس الدين ص ‪.175‬‬
‫‪ -3‬عقائد اإلمامية‪ :‬محمد رضا المظفر ص ‪.35‬‬

‫‪27‬‬
‫ال ذات‪ .‬ولق د كف ر اهلل تع الى النص ارى إلثباته ا ثالث ة ذوات ق دماء متغ ايرة‪ ،‬وق د ج وزوا‬
‫عليها االنتقال واالنفكاك‪ ،‬وهذا لم يقل به أحد من العقالء‪ ،‬ال من المسلمين الموح دين وال‬
‫(‪)1‬‬
‫من غيرهم‪.‬‬
‫يق ول القرط بي‪:‬إن النص ارى مجمع ون على التثليث‪ ،‬فق الوا االبن إل ه‪ ،‬واألب إل ه‪،‬‬
‫وروح القدس إله‪ ،‬فاإلله عندهم يتعدد‪ ،‬ويسمون اإللهة أقانيم‪ ،‬ويعنون األقانيم‪ :‬الوجود‬
‫(‪)2‬‬
‫والحياة والعلم‪ .‬ولقد كفرهم اهلل تعالى بقولهم هذا‪.‬‬
‫ويقول فخر الدين الرازي‪":‬إن اهلل تعالى إنما كفر النصارى ألنهم أثبتوا صفات‬
‫ثالث ة هي في الحقيق ة ذوات‪ ،‬آال ت رى أنهم ج وزوا انتق ال أقن وم الكلم ة من ذات اهلل إلى‬
‫بدن عيسى عليه السالم‪ ،‬والشيء الذي يكون مستقال باالنتقال من ذات إلى ذات أخرى‬
‫يك ون مس تقال بنفس ه قائم ا بذات ه‪ ،‬فهم وإ ن س موها ص فات إال إنهم ق ائلون في الحقيق ة‬
‫بكونها ذوات‪ ،‬ومن أثبت كثرة في الذوات المستقلة بأنفسها فال شك في كفره‪ ،‬فلم قلتم َّ‬
‫إن‬
‫(‪)3‬‬
‫من أثبت الكثرة في الصفات لزمه الكفر"‪.‬‬
‫َّ‬
‫استدل الجهمية على نفي الصفات بنفس حجة الشيعة والمعتزلة فإن اإلمام‬ ‫ولما‬
‫أحم د ين حنب ل رد عليهم بم ا يقط ع حجتهم ويجعله ا داحض ة‪ ،‬ق ال رحم ه اهلل‪ ":‬ق الت‬
‫الجهمي ة لم ا وص فنا اهلل به ذه الص فات‪ :‬إن زعمتم أن اهلل لم ي زل ون وره‪ ،‬واهلل وقدرت ه‪،‬‬
‫واهلل وعظمت ه‪ ،‬فق د قلتم بق ول النص ارى حين زعمتم أن اهلل لم ي زل ون وره‪ ،‬ولم ي زل‬
‫وقدرته‪ .‬قلنا‪":‬ال نقول إن اهلل لم يزل وقدرته‪ ،‬ولم يزل ونوره‪ ،‬ولكن نقول‪ :‬لم يزل اهلل‬
‫بقدرته ونوره‪ ،‬ال متى قدر‪ ،‬وال كيف قدر‪ .‬فقالوا‪ :‬ال تكونون موحدين أبدا حتى تقولوا‪:‬‬
‫كان اهلل وال شيء‪ .‬فقلنا‪ :‬نحن نقول قد كان اهلل وال شيء‪ .‬ولكن إذا قلنا‪ :‬إن اهلل لم يزل‬
‫بص فاته كله ا‪ ،‬أليس إنم ا نص ف إله ا واح داً بجمي ع ص فاته‪ .‬وض ربنا لهم في ذل ك مثال‪،‬‬
‫فقلن ا‪ :‬أخبرون ا عن ه ذه النخل ة‪ :‬أليس له ا ج ذع وك رب ولي ف وس عف وخ وص وجم ار‬
‫واسمها اسم شيء واحد‪ ،‬وسميت نخلة بجميع صفاتها‪ .‬فكذلك اهلل ‪ -‬وله المثل األعلى‪-‬‬
‫بجمي ع ص فاته إل ه واح د‪ .‬ال نق ول إن ه ك ان في وقت من األوق ات وال يق در ح تى خل ق‬
‫قدرة‪ ،‬والذي ليس له قدرة هو عاجز‪ .‬وال نقول‪ :‬قد كان في وقت من األوقات وال يعلم‬

‫‪ -1‬انظر األربعين في أص ول ال دين‪:‬فخر ال دين ال رازي ص ‪ ،165‬المواق ف‪:‬اإليجي ص ‪ ،280‬منه اج‬


‫السنة النبوية‪:‬ابن تيمية ‪.496-2/489‬‬
‫‪ -2‬انظر الجامع ألحكام القرآن‪:‬القرطبي ‪.6/23،250‬‬
‫‪ -3‬األربعين في أصول الدين‪ :‬فخر الدين الرازي ص ‪.165‬‬

‫‪28‬‬
‫ح تى يخل ق لنفس ه علم ا‪ .‬وال ذي ال يعلم ه و جاه ل‪ .‬ولكنن ق ول‪:‬لم ي زل اهلل عالم ا ق ادرا‬
‫مالك ا ال م تى وال كي ف‪ .‬وق د س مى اهلل رجال ك افرا اس مه الولي د بن المغ يرة المخ زومي‬
‫فق ال‪(:‬ذرني ومن خلقت وحي دا) س ورة الم دثر‪ ،11:‬وق د ك ان ه ذا ال ذي س ماه وحي داً ل ه‬
‫عين ان وأذن ان ولس ان وش فتان‪ ،‬وي دان‪ ،‬ورجالن‪ ،‬وج وارح كث يرة‪،‬فق د س ماه اهلل وحي داً‬
‫(‪)1‬‬
‫بجميع صفاته‪ ،‬فكذلك اهلل –وله المثل األعلى– هو بجميع صفاته إله واحد"‪.‬‬
‫وقد َّ‬
‫رد على دليل الشيعة كل من شيخ اإلسالم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم‪.‬‬
‫قال ابن تيمية‪:‬إن مثبتة الصفات لم يقولوا بوجود موجودات منفصلة قديمة مع اهلل‬
‫تعالى‪ ،‬إنما أثبتوا هلل صفات الكمال القائمة به كالحياة‪ ،‬والعلم‪ ،‬والقدرة‪ .‬وصفات الكمال‬
‫ليس ت خارج ة عن مس مى اس م اهلل تع الى‪ ،‬وإ ذا ق الوا بأنه ا ص فات زائ دة على ال ذات‪،‬‬
‫فمراده من هذا القول‪ :‬أنها زائدة على الذات المجردة عن الصفات التي يثبتها النفاة‪ ،‬ال‬
‫بمعنى أنها زائدة على الذات المتصفة بالصفات‪ .‬فاسم اهلل تعالى يتناول الذات المتصفة‬
‫بالص فات‪ ،‬وليس ه و اس ما لل ذات المج ردة ح تى يقول وا‪ :‬نحن نثبت ق دماء ك ثر م ع اهلل‬
‫تعالى‪ .‬وإ ن اهلل عز وجل لم يكفر النصارى بقولهم‪ :‬القدماء ثالثة‪ ،‬بل كفرهم بقولهم إنه‬
‫(‪)2‬‬
‫ثالث ثالثة آلهة‪ :‬هو‪ ،‬والمسيح‪ ،‬وأم المسيح‪.‬‬
‫وق ال ابن القيم‪ ":‬فأنظر إلى هذا التدليس والتلبيس الذي يوهم السامع أنهم أثبتوا‬
‫قدماء مع اهلل تعالى‪ ،‬وإ نما أثبتوا قديما واحد بصفاته‪ ،‬وصفاته داخلة في مسمى اسمه‪،‬‬
‫كم ا أنهم أثبت وا إله ا واح دا‪ ،‬ولم يجعل وا ك ل ص فة من ص فاته أله اً‪ ،‬ب ل ه و اإلل ه الواح د‬
‫بجمي ع أس مائه وص فاته‪ .‬وق ال اهلل‪(:‬ق ل ادع وه اهلل أو ادع وا ال رحمن أي ا م ا ت دعوا فل ه‬
‫األسماء الحسنى) سورة اإلسراء‪ ،110:‬فأي اسم دعوتموه به فإنما دعوتم المسمى بذلك‬
‫االس م‪ .‬ف أخبر اهلل س بحانه أن ه إل ه واح د‪ ،‬وإ ن تع ددت األس ماء الحس نى المش تقة من‬
‫(‪)3‬‬
‫صفاته‪...‬فدلت اآلية على توحيد الذات وكثرة النعوت والصفات"‪.‬‬

‫‪ -2‬إثبات الصفات يؤدي إلى التجسيم والتشبيه‪:‬‬


‫ي زعم الش يعة أن اآلي ات ال تي ظاهره ا خالف العق ل أو النق ل ال يأخ ذ بظاهره ا‪,‬‬
‫عدة معاني في اللغة العربية‪ .‬ألنها تستلزم التجسيم‬
‫خصوصا إذا كان الظاهر يحمل على ّ‬

‫‪ -1‬الرد على الجهمية والزنادقة‪:‬أحمد بن حنبل ص‪.134-133‬‬


‫‪ -2‬انظر منهاج السنة النبوية‪:‬ابن تيمية ‪.297-2/288‬‬
‫‪ -3‬مختصر الصواعق المرسلة‪:‬ابن قيم الجوزية ‪.175-1/173‬‬

‫‪29‬‬
‫يقبح كون اهلل عز وجل له جسم‪,‬‬ ‫على اهلل تعالى وهو باطل‪َّ ,‬‬
‫ألنه يخالف العقل‪ ,‬فالعقل ّ‬
‫الس تلزام الجس مية للتح يز‪ ،‬والنقص والفق ر والحاج ة‪ ،,‬ولم ا انف ك عن الح وادث‪ ،‬واهلل‬
‫(‪)1‬‬
‫تعالى منزه من ذلك‪.‬‬
‫المجس مة على أه ل الس نة مثبت ة الص فات الذاتي ة‬
‫ّ‬ ‫وذهب الش يعية إلى إطالق اس م‬
‫الخبري ة‪ ،‬كالي د والعين والوج ه والس اق‪ )2(.‬ورووا عن علي رض ي اهلل عن ه ق والً يوض ح‬
‫موق ف اإلمامي ة من ذل ك‪":‬ك ذب الع ادلون ب ك‪ ،‬إذ ش ّبهوك بأص نامهم‪ ،‬ونحل وك نحل ة‬
‫المخل وقين بأوه امهم‪ ،‬وج ّزؤوك تجزئ ة المجس مات بخ واطرهم‪ ،‬وأش هد أن من س اواك‬
‫بشيء من خلقك فقد عدل بك والعادل بك كافر بما نزلت به محكمات آياتك‪ ،‬ونطقت به‬
‫(‪)3‬‬
‫شواهد حجج بيناتك"‪.‬‬

‫المناقشة‪-:‬‬
‫إذا كان الشيعة تتهم مثبتة الصفات بأنهم مجسمة فقد ثبت َّ‬
‫أن التجسيم كان منتشراً‬
‫لدى الشيعة األوائل‪ ،‬ففي أصول الكافي‪ :‬يروي القمي الصدوق عن سهل قال‪":‬كتبت إلى‬
‫أبي محمد سنة ‪255‬هـ قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد منهم من يقول هو جسم‪،‬‬
‫ومنهم من يقول هو ص ورة‪ ،‬ف إن رأيت ي ا س يدي أن تعلم ني من ذل ك م ا أقف علي ه وال‬
‫(‪)4‬‬
‫أجوزه فعلت متطوالً على عبدك؟‪...‬الخ"‪.‬‬
‫وق د ن اقش ش يخ اإلس الم ابن تيمي ة ق ول الرافض ة‪:‬إن إثب ات الص فات ي ؤدي إلى‬
‫التجس يم والتش بيه‪ ،‬واهلل ليس جس ما‪ ،‬فق ال‪":‬لف ظ الجس م في ه إجم ال‪ ،‬ق د ي راد ب ه الم ركب‬
‫الذي كانت أجزاؤه مفرقة فجمعت‪ ،‬أو ما يقبل التفريق والانفصال‪ ،‬أو المركب من مادة‬
‫وص ورة أو الم ركب من األج زاء المف ردة ال تي تس مى الج واهر الف ردة واهلل تع الى م نزه‬
‫عن ذلك كله‪ ،‬عن أن يكون كان متفرقا فاجتمع‪ ،‬أو أن يقبل التفريق والتجزئة التي هي‬
‫مفارقة بعض الشيء بعضا وانفصاله عنه‪ ،‬أو غير ذلك من التركيب الممتنع عليه‪ .‬وقد‬

‫‪ -1‬دراس ات في العقي دة‪ :‬محمد جعفر ش مس ال دين ص‪ .136‬الش يعة بين األش اعرة والمعتزل ة‪:‬هاشم‬
‫معروف والمعتزلة ص ‪.146-143‬‬
‫‪ -2‬دراس ات في العقي دة‪ :‬محمد جعفر ش مس ال دين ص‪ .135‬الش يعة بين األش اعرة والمعتزل ة‪:‬هاشم‬
‫معروف والمعتزلة ص ‪.147-143‬‬
‫‪ -3‬نهج البالغة‪ :‬أبو الحسن محمد الرضي بن الحسن الموسوي ص ‪.126‬‬
‫‪ -4‬أصول الكافي‪ ،1/103:‬والتوحيد البن بابويه ص‪.102-101‬‬

‫‪30‬‬
‫ي راد بالجس م م ا يش ار إلي ه أو م ا ي رى أو م ا تق وم ب ه الص فات واهلل تع الى ي رى في‬
‫اآلخ رة‪ ،‬وتق وم ب ه الص فات‪ ،‬ويش ير إلي ه الن اس عن د ال دعاء بأي ديهم وقل وبهم ووج وههم‬
‫وأعينهم‪ ،‬فإن أراد بقوله‪(:‬ليس بجسم) هذا المعنى قيل له هذا المعنى الذي قصدت نفيه‬
‫به ذا اللف ظ مع نى ث ابت بص حيح المنق ول‪ ،‬وص ريح المعق ول‪ ،‬وأنتم لم تقيم وا دليال على‬
‫نفي ه‪ ،‬وأم ا اللف ظ فبدع ة نفي ا وإ ثبات ا فليس في الكت اب وال الس نة‪ ،‬وال ق ول أح د من س لف‬
‫(‪)1‬‬
‫األمة وأئمتها إطالق لفظ الجسم في صفات اهلل تعالى ال نفيا وال إثباتا"‪.‬‬
‫رد على الشيعة بما يلي‪-:‬‬ ‫ويمكن أن ُي َّ‬
‫‪ -1‬إن أه ل الس نة يعتق دون ب أن اهلل تع الى م نزه عن مش ابهة المخلوق ات‪ ،‬وهم أح ق‬
‫بتنزيهه عن المشابهة من الشيعة‪ ،‬فإن التشبيه والتجسيم المخالف للعقل والنقل ال يقول به‬
‫أح د من الطوائ ف أك ثر من طوائ ف الش يعة‪ ،‬وه ذه كتب علم اء الف رق والمق االت كله ا‬
‫تخبر عن أئمة الشيعة المتقدمين من المقاالت المخالفة للعقل والنقل في التشبيه والتجسيم‬
‫(‪)2‬‬
‫إن أه ل الس نة والجماع ة متفق ون‬ ‫بم ا ال يع رف نظ يره عن أح د من س ائر الطوائ ف"‪.‬‬
‫على أن اهلل تع الى ليس كمثل ه ش يء ال في ذات ه‪ ،‬وال في ص فاته‪ ،‬وال في أفعال ه‪ .‬وهم‬
‫يثبت ون ص فات اهلل تع الى بال تمثي ل‪ ،‬وينزهون ه عن مش ابهة الخل ق بال تعطي ل كم ا ق ال‬
‫تعالى‪(:‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) سورة الشورى‪.11:‬‬
‫يق ول ش يخ اإلس الم‪":‬وم ذهب س لف األم ة وأئمته ا أن يوص ف اهلل بم ا وص ف ب ه‬
‫نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف‪ ،‬وال تعطيل‪ ،‬ومن غير تكييف وال تمثيل‪،‬‬
‫يثبت ون هلل م ا أثبت ه من الص فات‪ ،‬وينف ون عن ه مماثل ة المخلوق ات‪ ،‬يثبت ون ل ه ص فات‬
‫الكم ال‪ ،‬وينف ون عن ه ض روب األمث ال‪ ،‬ينزهون ه عن النقص والتعطي ل وعن التش بيه‬
‫والتمثي ل إثب ات بال تش بيه وتنزي ه بال تعطي ل‪ ،‬وقول ه تع الى‪(:‬لَْي َس َك ِم ْثِل ِه َش ي ٌء) ُُّ‬
‫رد على‬ ‫ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫رد على المعطلة)‪ .‬وق ال‬ ‫ص ُير) س ورة الش ورى‪ُّ ،11 :‬‬ ‫الس ِميع اْلب ِ‬
‫الممثل ة‪ ،‬وقول ه‪َ (:‬و ُه َو َّ ُ َ‬
‫البخاري‪:-‬من شبَّه اهلل تعالى بخلقه‪َ :‬كفَر‪ ،‬ومن جحد‬
‫َ‬ ‫نعيم بن حماد وهو أحد شيوخ اإلمام‬
‫(‪)4‬‬
‫ما وصف اهلل نفسه فقد كفر‪.‬‬

‫‪ -1‬منهاج السنة النبوية ‪ ،135 -2/134‬انظر ‪ 212 ،2/211‬وانظر بمعناه ‪.224 ،198 -2/192‬‬
‫‪ -2‬منهاج السنة النبوية ‪.2/102،103‬‬
‫‪ -3‬المصدر السابق ‪.2/111‬‬
‫‪ -4‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة‪ :‬الاللكائي ‪.3/532‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -2‬إن لف ظ "التش بيه" في ال دليل الش يعي لف ظ مجم ل يحت اج إلى توض يح‪ ،‬وق د َّ‬
‫دل علي ه‬
‫ص ريح العق ل فهذا ح ق‪ .‬فاهلل تع الى ال يتصف بش يء من ص فات المخل وقين‪ ،‬وال يماثل ه‬
‫ش يء من المخلوق ات في ص فاته‪ ،‬وخصائص ه تع الى تختل ف عن خص ائص غ يره من‬
‫الموجودات‪ .‬ومن جعل شيئا من صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل‬
‫المذموم‪.‬‬
‫َّ‬
‫إن الذي يجب نفيه عن الخالق تعالى هو اتصافه بشيء من خصائص المخلوقين‪،‬‬
‫كم ا أن المخلوق ال يتصف بش يء من خص ائص الخ الق‪ ،‬وأيض ا ال ذي يجب نفي ه إثب ات‬
‫ش يء من الص فات للعب د يماث ل في ه ص فات ال رب ع ز وج ل‪ ،‬وأم ا إذا قي ل‪ :‬العب د حي‬
‫وال رب حي‪ ،‬والعب د ع الم وال رب ع الم‪ ،‬والعب د ق ادر وال رب ق ادر‪ ،‬أو قي ل للعب د ق درة‪،‬‬
‫ولل رب ق درة‪ ،‬وله ذا علم وله ذا علم‪ ،‬ك ان نفس علم ال رب تع الى لم يش ركه في ه العب د‪،‬‬
‫ونفس علم العبد ال يتصف به الرب تعالى‪ ،‬تعالى عن المشابهة والمماثلة لصفات عباده‪،‬‬
‫وك ذلك س ائر الص فات‪ ،‬وإ ذا اتف ق العلم اء في مس مى العلم‪ ،‬والعالم ان في مس مى الع الم‪،‬‬
‫فمث ل ه ذا التش بيه ليس ه و المنفي ال بالش رع وال بالعق ل‪ ،‬وال يمكن نفي ذل ك إال بنفي‬
‫(‪)1‬‬
‫وجود اهلل العالم الحي القادر‪ .‬وهذا ال يقوله عاقل‪.‬‬
‫‪َّ -3‬‬
‫إن الشيعة نفاة الصفات يوافقون أهل السنة على أن اهلل تعالى موجود حي عليم ق دير‬
‫س ميع بص ير متكلم‪ .‬والمخل وق يق ال ل ه‪:‬موج ود حي عليم ق ادر س ميع بص ير متكلم‪ .‬وال‬
‫يق ال‪:‬ه ذا تش بيه باط ل يجب نفي ه‪ .‬وه ذا األم ر مم ا ي َّ‬
‫دل علي ه الكت اب والس نة وص ريح‬
‫العق ل‪ ،‬فلق د س مى اهلل تع الى نفس ه بأس ماء‪ ،‬وس مى بعض عب اده بأس ماء‪ ،‬وس مى ص فاته‬
‫بأس ماء‪ ،‬وس مى ببعض ها ص فات خلق ه‪ .‬وليس المس مى كالمس مى‪ .‬فمثال س مى اهلل تع الى‬
‫نفس ه حي ا ق ال تع الى‪(:‬اهلل ال إل ه إال ه و الحي القي وم) س ورة البق رة‪ ،255:‬وس مى بعض‬
‫عب اده حي ا‪ ،‬فق ال‪(:‬يخ رج الحي من الميت ويخ رج الميت من الحي) س ورة ال روم‪،119:‬‬
‫وسمى نفسه عليما فقال‪(:‬إنه عليم قدير) سورة الشورى‪ ،50 :‬وسمى بعض عباده عليما‬
‫فق ال‪(:‬وبش روه بغالم عليم) س ورة ال ذاريات‪ ،28:‬وس مى نفس ه حليم ا فق ال‪(:‬واهلل غف ور‬
‫حليم) س ورة البق رة‪ ،225:‬وس مى بعض عب اده حليم ا فق ال‪(:‬فبش رناه بغالم حليم) س ورة‬
‫الص افات‪ ،101:‬وس مى نفس ه س ميعا بص يرا فق ال‪(:‬إن اهلل ك ان س ميعا بص يرا) س ورة‬
‫النس اء‪ ،58:‬وس مى بعض عب اده س ميعا بص يرا فق ال‪(:‬فجعلن اه س ميعا بص يرا) س ورة‬

‫‪ -1‬انظر منهاج السنة النبوية ‪ ،596-2/595‬الصفدية ‪.1/100‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلنس ان‪ ،2:‬ومن المعل وم أن ه ال يماث ل الحي الحي‪ ،‬وال العليم العليم‪ ،‬وال الحليم الحليم‪،‬‬
‫وال الس ميع البص ير الس ميع البص ير‪ .‬كم ا أن اهلل س مى ص فاته بأس ماء‪ ،‬وس مى ص فات‬
‫عباده بنظير ذلك‪ ،‬فقد وصف اهلل تعالى نفسه بالعلم فقال‪(:‬وال يحيطون بشيء من علمه‬
‫إال بم ا ش اء) س ورة البق رة‪ .)255:‬وق ال‪(:‬أنزل ه بعلم ه) س ورة النس اء‪ ،166:‬ووص ف‬
‫بعض عب اده ب العلم فق ال‪(:‬فرح وا بم ا عن دهم من العلم) س ورة غ افر‪ ،83:‬وليس العلم‬
‫كالعلم‪ .‬ووصف نفسه بالقوة فقال‪(:‬إن اهلل هو الرزاق ذو القوة المتين) سورة الذاريات‪:‬‬
‫‪ ،58‬وقال في صفة اإلنسان‪(:‬اهلل الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم‬
‫(‪)1‬‬
‫جعل من بعد قوة ضعيفاً وشيبة) سورة الروم‪ ،54:‬وليست القوة كالقوة‪.‬‬
‫‪ -4‬يق ال للش يعة‪:‬إن إثب ات الص فات هلل ال يل زم من ه التماث ل بين اهلل والمخل وقين‪ ،‬لك ون‬
‫المخلوقين متصفين بهذه الصفات‪ ،‬ألن الصفات التي يتصف بها القديم ال يمكن أن تكون‬
‫كص فات المح دثات‪ .‬ويق ال لهم أيض ا‪ :‬أنتم تثبت ون هلل تع الى األس ماء الحس نى مث ل‪ :‬حي‬
‫وعليم وق دير‪ ،‬والعب د يس مى به ذه األس ماء‪ .‬وإ ن ك ان م ا تثبتون ه ال يل زم من ه مماثل ة اهلل‬
‫تعالى لعباده‪ ،‬فيلزمكم إثبات الصفات هلل تعالى إذ هي مسمى أسمائه‪ ،‬وإ ثباتها ال يقتضي‬
‫(‪)2‬‬
‫ذلك‪ .‬وإ ن نفيتم بحجة التشبيه والمماثلة فيلزمكم نفي األسماء بنفس الحجة‪.‬‬
‫‪ -4‬إن التش بيه والتجس يم في الش يعة أعظم من غ يرهم‪ ،‬كم ا ذك ر أه ل العلم ال ذين نقل وا‬
‫أن ج َّل‬
‫عن الطوائ ف مق االتهم في الص فات‪ ،‬يق ول ابن المرتض ى اليم اني الزي دي‪":‬ب َّ‬
‫(‪)3‬‬
‫اإلمامية على التجسيم‪ ،‬إال من اختلط منهم بالمعتزلة"‪.‬‬
‫وكتب الشيعة االثنى عشرية شاهدة على ذلك‪ ،‬حيث تكثر فيها الروايات التي تبين‬
‫اعتقاد أئمة الشيعة التجسيم في اهلل تعالى‪.‬‬
‫ففي كتاب األصول الستة عشر‪-‬عند الشيعة‪ -‬يروون‪":‬عن زيد عن عبد اهلل بن‬
‫سنان قال سمعت أبا عبد اهلل (ع) يقول إن اهلل ينزل في يوم عرفة في أول الزوال إلى‬
‫األرض على جمل أفرق‪ ،‬يصال بفخذيه أهل عرفات يمينا وشماال‪ ،‬وال يزال كذلك حتى‬
‫إذا كان عند المغرب ونفر الناس وكل اهلل ملكين بجبال المازمين‪ ،‬يناديان عند المضيق‬

‫‪ -1‬انظر منهاج السنة النبوية ‪ ،113-2/112‬الرسالة التدمرية ‪ ،16-14‬شرح العقيدة الطحاوية ‪.1/58‬‬
‫‪ -2‬انظر منهاج السنة النبوية ‪ ،116-2/115‬الرسالة التدمرية ‪ ،24-23‬شرح العقيدة الطحاوية ‪.1/61‬‬
‫‪ -3‬المنية واألمل‪:‬ابن المرتضى اليماني الزيدي ص ‪.19‬‬

‫‪33‬‬
‫ال ذي رأيت ي ا رب س لم س لم وال رب يص عد إلى الس ماء ويق ول ج ل جالل ه أمين أمين ي ا‬
‫(‪)1‬‬
‫رب العالمين‪ ،‬فلذلك ال تكاد ترى صريعا وال كسيرا"‪.‬‬
‫وذكر الشيخ الشيعي جعفر بن محمد بن قولويه رواية عن ابن أبي يعفور عن أبي‬
‫عبد اهلل عليه السالم‪ ،‬قال‪ :‬بينما رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله في منزل فاطمة عليها‬
‫ثم قال‪:‬يا فاطمة يا بنت محمد إن العلي‬
‫السالم والحسين في حجره إذ بكى وخر ساجداً‪َّ ،‬‬
‫األعلى ت راءى لي في بيت ك ه ذا في س اعتي ه ذه في أحس ن ص ورة وأهي أ هيئ ة‪ ،‬وق ال‬
‫لي‪:‬يا محم د أتحب الحس ين عليه الس الم‪ ،‬فقلت‪ :‬نعم قرة عيني وريحانتي وثمرة فؤادي‬
‫وجل دة م ا بين عي ني‪ ،‬فق ال لي‪:‬ي ا محم د ‪-‬ووض ع ي ده على رأس الحس ين علي ه الس الم‪-‬‬
‫بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني‪ ،‬ولعنتي وسخطي وعذابي‬
‫وخزيي ونكالي على من قتله وناصبه وناوأه ونازعه‪ ،‬أما إنه سيد الشهداء من األولين‬
‫(‪)2‬‬
‫واآلخرين في الدنيا واآلخرة"‪.‬‬
‫وروى الكليني عن أبي عبد اهلل األشعري عن معلى بن محمد‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن‬
‫حم اد بن عثم ان ق ال‪":‬جلس أب و عب د اهلل علي ه الس الم متورك ا رجل ه اليم نى على فخ ذه‬
‫اليسرى‪ ،‬فقال له رجل‪:‬جعلت فداك‪ ،‬هذه جلسة مكروهة‪ ،‬فقال‪:‬ال‪ ،‬إنما هو شيء قالته‬
‫اليه ود لم ا إن ف رغ اهلل ع ز وج ل من خل ق الس موات واألرض‪ ،‬واس توى على الع رش‬
‫وج ل‪(:‬اهلل ال إله إال هو الحي القيوم ال تأخذه‬
‫عز ّ‬
‫جلس هذه الجلسة ليستريح‪ ،‬فأنزل اهلل ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫سنة وال نوم) وبقي أبو عبد اهلل عليه السالم متوركا كما هو"‪.‬‬
‫يقول ابن تيمي ة‪":‬أه ل السنة أحق بتنزيه ه عن مش ابهة المخلوق ات من الشيعة ف إن‬
‫التشبيه والتجسيم المخالف للعقل والنقل ال يعرف في أحد من طوائف األمة أكثر منه في‬
‫طوائف الشيعة‪ ،‬وهذه كتب المقاالت كلها تخبر عن أئمة الشيعة المتقدمين من المقاالت‬
‫المخالف ة للعق ل والنق ل في التش بيه والتجس يم بم ا ال يع رف نظ يره عن أح د من س ائر‬
‫الطوائ ف‪ ،‬ثم ق دماء اإلمامي ة ومت أخروهم متناقض ون في ه ذا الب اب فق دماؤهم غل وا في‬
‫التش بيه والتجس يم ومت أخروهم غل وا في النفي والتعطي ل فش اركوا في ذل ك الجهمي ة‬

‫النرسي ص‪.54‬‬
‫‪ -‬كتاب اُألصول الستة عشر أصل زيد ّ‬
‫‪1‬‬

‫‪ -2‬كامل الزيارات‪ :‬جعفر بن محمد بن قولويه ص ‪.142-141‬‬


‫‪ -3‬األصول من الكافي‪:‬الكليني‪،‬كتاب العشرة ‪ -‬باب الجلوس ‪. 2/662‬‬

‫‪34‬‬
‫والمعتزلة‪ ،‬دون سائر طوائف األمة‪ ،‬وأما أهل السنة‪..‬فجميع أئمتهم وطوائفهم المشهورة‬
‫(‪)1‬‬
‫متفقون على نفي التمثيل عن اهلل تعالى"‪.‬‬
‫‪ -3‬إثبات الصفات يؤدي إلى التكثر والتركيب في الذات اإللهية‪:‬‬
‫قالت الشيعة‪:‬لو كان اهلل تعالى موصوفا بهذه الصفات‪ ،‬وكانت قائمة بذاته‪ ،‬كانت‬
‫حقيق ة اإللهي ة مركب ة‪ ،‬وك ل م ركب محت اج إلى جزئ ه‪ ،‬وج زء غ يره‪ ،‬فيك ون اهلل تع الى‬
‫محتاج ا إلى غ يره‪ ،‬فيك ون ممكن ا‪ .‬يل زم الق ول بالزي ادة أن يك ون اهلل مر ّكب اً من ذات‬
‫ألن ك ّل مر ّكب محتاج إلى جزئه‪،‬‬
‫ولكنه تعالى يستحيل أن يكون مر ّكباً; ّ‬
‫وصفات قديمة‪ّ ،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وك ّل محتاج يكون ممكناً‪.‬‬
‫وزعموا َّ‬
‫أن أمير المؤمنين رضي اهلل عنه‪:‬قال‪":‬أول الدين معرفته‪ ،‬وكمال معرفته‬
‫التصديق به‪ ،‬وكمال التصديق به توحيده‪ ،‬وكمال توحيده اإلخالص له‪ ،‬وكمال اإلخالص‬
‫له نفي الصفات عنه‪ ،‬لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف‪ ،‬وشهادة كل موصوف أنه‬
‫غير الصفة‪ ،‬فمن وصف اهلل سبحانه فقد قرنه‪ ،‬ومن قرنه فقد ثناه‪ ،‬ومن ثناه فقد جزأه‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ومن جزأه‪ ،‬فقد جهله"!‬

‫المناقشة‪-:‬‬
‫‪ -1‬إن مثبتي الصفات ال يسلمون لكم أن إثبات المعاني يعني أن هناك تركيبا من أجزاء‬
‫بح ال‪ ،‬وإ نم ا ذات قائم ة بنفس ها مس تلزمه للوازمه ا ال تي ال يص ح وجوده ا إال به ا‪ .‬أم ا‬
‫إثب ات ذات مج ردة عن الص فات الالزم ة له ا ف ان العق ل ال يتص ور وجوده ا‪ .‬وليس ت‬
‫صفات الموصوف أجزاء له وال أبعاضا يتميز بعضها عن بعض‪ ،‬أو تتميز الصفات عن‬
‫الموصوف حتى يصح أن يقال‪ :‬هي ذات مركبة أو غير مركبة‪ ،‬فإثبات التركيب أو نفيه‬
‫(‪)4‬‬
‫فرع عن تصوره‪ ،‬وتصور التركيب هنا منتف‪.‬‬
‫‪ -2‬ول و س لمنا ج دالً أن إثب ات الص فات يس مى تركيب ا‪ ،‬فليس مس تلزما لإلمك ان وال‬
‫للحدوث حتى يقال إنه مفتقر إلى ما تركب منه‪ ،‬فمن المعلوم بالضرورة أن الخالق عز‬

‫‪ -1‬منهاج السنة النبوية ‪.2/102،103‬‬


‫‪ -2‬انظر‪:‬كشف الفوائد‪:‬العالّمة الطوسي الحلّي‪،‬الباب الثاني‪ ،‬الوحدانية‪ ،،‬ص ‪.197‬‬
‫‪ -3‬نهج البالغة ش رح ابن أبي الحديد ‪ ،1/23‬نهج الحق وكشف الص دق‪:‬الحسن بن يوسف المطهر‬
‫الحلي ص ‪.65‬‬
‫‪ -4‬انظر مختصر الصواعق المرسلة‪:‬ابن قيم الجوزية ‪.1/173‬‬

‫‪35‬‬
‫وج ل ال يفتق ر إلى المخل وق‪ ،‬فه و س بحانه الحي القي وم‪ ،‬الف رد األح د الص مد‪ ،‬الغ ني عن‬
‫العالمين‪ ،‬وهو القائم بنفسه الموجود بذاته‪ ،‬ومن كان هذا غناه فال يتصور عاقل افتقاره‬
‫إلى غيره‪ ،‬وهل يقال في شأنه‪:‬إنه مفتقر إلى نفسه‪ ،‬أو هو محتاج إلى نفسه‪ ،‬ألن نفسه ال‬
‫تقوم إال بنفسه؟ وإ ذا كان هذا في نفسه‪ ،‬فإن القول في صفاته القائمة بنفسه الداخلة في‬
‫(‪)1‬‬
‫مسمى نفسه‪ ،‬هو القول في نفسه بال فرق‪.‬‬
‫‪ -3‬إن ال تركيب ال ذي تنف ون معن اه عن اهلل تع الى‪ ،‬ورتبتم على ذل ك نفي الص فات يق ال‬
‫دل الوحي والعقل والفطرة على إثباته‪ ،‬ولم يدل على نفيه‪ ،‬وتسميتكم‬ ‫لكم في شأنه‪ :‬لقد َّ‬
‫له بالمركب تسمية باطلة‪ ،‬فليست موافقة للغة العرب‪ ،‬أو لغة أحد من األمم‪ ،‬فال يسمى‬
‫مثل هذا في اللغة تركيبا‪ ،‬فالمركب في اللغة هو‪:‬الذي ركب مركب‪ ،‬وهذا المعنى ممتنع‬
‫في الموجود القائم بنفسه الغني عما سواه‪ ،‬الفاعل لكل ما عداه‪ ،‬فكل ما سواه مخلوق له‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وإ ذا قدر أنه متصف بصفات متعددة فال يقال أن أحداً ركبه‪ ،‬وال ركبها فيه‪.‬‬
‫‪ -4‬إذا كان إثبات الصفات هلل تعالى تركيبا‪ ،‬ثم نفيتم هذا التركيب في حق اهلل تعالى فإنه‬
‫يق ال لكم‪:‬إن ه ذا معن اه إثب ات ذات مج ردة عن الص فات‪ .‬وعلى ه ذا فاهلل ‪-‬تع الى عن‬
‫قولكم علوا كبيرا‪ -‬ال يبصر وال يسمع‪ ،‬وال يعلم وال يتكلم‪ ،‬وال يريد‪ ،‬وال يقدر‪ ،‬وليس‬
‫ل ه حي اة وال مش يئة‪ .‬وعلى م ذهبكم يك ون المخل وق المتص ف به ذه الص فات أعظم وأج ل‬
‫من اهلل تعالى‪ ،‬وهذا غاية الكفر والتعطيل‪ .‬والصواب أن يقال‪ :‬إن التركيب االعتباري‪،‬‬
‫يفرضه الذهن فحسب‪ ،‬وليس له وجود في الخارج‪ ،‬إذ ليس في الخارج ذات مجردة عن‬
‫(‪)3‬‬
‫الصفات‪.‬‬
‫‪ -5‬إن التركيب له معنيان في اللغة‪ ،‬أحدهما‪ :‬بمعنى أنه ينفصل بعضه عن بعض‪ ،‬كما‬
‫تنقس م األجس ام‪ ،‬ك الخبر واللحم والثي اب ونح و ذل ك‪ .‬وثانيهم ا‪ :‬بمع نى أن ه ينفص ل من ه‬
‫بعض أو جزء‪ ،‬كما ينفصل عن الحيوان من عضالته‪ .‬وهذان المعنيان اتفق المسلمون‬
‫(‪)4‬‬
‫على نفيه عن اهلل تعالى‪ ،‬فإن ذاته المقدسة ال تقبل االنقسام والتبعيض واالنفصال‪.‬‬
‫‪ -6‬يقال للشيعة‪ :‬أنتم تقولون اهلل عالم وقادر وخالق وسميع وبصير‪ ،‬وغيرها من أسماء‬
‫اهلل التي تثبتون هلل تعالى‪ ،‬وهذه يجزم العقل بداهة بأنها معان متعددة‪ ،‬فمفهوم كونه عالم‬

‫‪ -1‬انظر بيان تلبيس الجهمية‪:‬ابن تيمية ‪ ،1/607‬مجموع الفتاوى ‪.6/348،350‬‬


‫‪ -2‬انظر الصفدية‪:‬ابن تيمية ‪.161‬‬
‫‪ -3‬انظر مختصر الصواعق المرسلة‪:‬ابن قيم الجوزية ‪180-1/179‬‬
‫‪ -4‬انظر بيان تلبيس الجهمية‪:‬ابن تيمية ‪ ،475-1/474‬مجموع الفتاوى ‪.6/346‬‬

‫‪36‬‬
‫يختلف عن مفهوم كونه قادر ويختلف عن مفهوم كونه سميعا بصيرا‪ ،‬فعلى هذا يلزمكم‬
‫أن يكـون مركـبا من ذاته وهذه المعاني المتعددة‪ ،‬فإن قلتم‪:‬هذا ليس بتركيب‪ ،‬بل توحيد‬
‫حقيقة‪ ،‬قلنا لكم‪ :‬إن اتصـاف ذات اهلل تعالى بالصفات القائمـة بها ال يعد تركيبا‪ ،‬بل‬
‫(‪)1‬‬
‫توحي ـد حقي ـقة‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪:‬موقف الشيعة من الصفات الذاتية الخبرية‪:‬‬


‫الصــفات الخبريــة عنــد الشــيعة‪:‬هي‪:‬م ا وصف س بحانه ب ه نفس ه في الق رآن الك ريم من‬
‫ت على اهلل س بحانه بمعانيه ا المتب ادرة عن د‬
‫ري ْ‬
‫اَأللف اظ ال واردة في الق رآن ال تي لو ُأج َ‬
‫العرف لزم التجسيم والتشبيه‪ .‬كالعلو‪ ،‬والوجه‪ ،‬واليدين‪ ،‬والعين‪ )2(.‬أو هي‪":‬الصفات ال تي‬
‫ؤدي األخ ذ بظاهره ا‬
‫يتم إثباته ا إالّ عن طري ق إخب ار الكت اب والس ّنة‪ ،‬وهي ال تي ي ّ‬
‫لم ّ‬
‫‪)3(.‬‬
‫العرفي إلى التجسيم والتشبيه"‬
‫يقول عالمة الشيعة جعفر السبحاني‪":‬إن المقصود من الصفات الخبرية التي أخبر‬
‫به ا الق رآن الك ريم‪ ،‬وأثبته ا ال وحي للّ ه س بحانه كعين اللّ ه‪ ،‬وي د اللّ ه‪ ،‬واس توائه على‬
‫العرش‪ ،‬والشيعة اإلمامية تحملها على المعاني اللغوية‪ ،‬ولكن تجعلها كناية عن المفاهيم‬
‫(‪)4‬‬
‫ومقصوده أن الشيعة‬ ‫فإن كالم العرب مشحون بالمجاز"‪.‬‬ ‫العالية‪ ،‬وال ترى ذلك تأويالً‪ّ ،‬‬
‫ال ت ؤمن بالص فات الخبري ة حقيق ة كم ا ج اءت في الكت اب والس نة‪ ،‬وكم ا ي ذهب إلى ذل ك‬
‫أهل السنة والجماعة‪ ،‬بل تأولها بالمعنى المجازي‪.‬‬
‫وحسية ال يمكن نسبتها إلى اهلل تعالى‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الخبرية كما لها معان ظاهرية‬
‫ّ‬ ‫"وأن الصفات‬
‫ّ‬
‫فإن لها أيض اً معان أخرى مجازية‪ ،‬يعرفها العربي من غير تأويل وال محاولة تفسير‪.‬‬ ‫ّ‬
‫جداً في اللغة العربية‪.‬‬
‫المتضمنة للمعاني المجازية بال تأويل كثيرة‪ ،‬ومتعارفة ّ‬
‫ّ‬ ‫والكلمات‬
‫الحسية التي يحمل بها اإلنسان األشياء‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ذلك‪:‬إن كلمة "اليد"‪ ،‬كما تطلق على اليد‬
‫ّ‬ ‫مثال‬
‫(‪)5‬‬
‫فإنها تطلق أيضاً على معنى القدرة والسيطرة"‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬انظر بيان تلبيس الجهمية ‪ ،1/605‬مجموع الفتاوى ‪.245 ،6/23‬‬
‫‪ -2‬انظر بحوث في الملل والنحل‪:‬جعفر السبحاني‪(،‬المكتبة اإلسالمية) بموقع شبكة رافد للتنمية الثقافية‬
‫على شبكة المعلومات الدولية ‪.3/85‬‬
‫‪ -3‬التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السالم)‪ :‬عالء الحسون ص ‪.347‬‬
‫‪ -4‬مقال أصول الشيعة اإلمامية‪:‬جعفر السبحاني‪,‬إثارات عقائدية‪،‬بموقع المعصومون األربعة عشر(‬
‫‪.)www.14masom.com/index.html‬‬
‫‪ -5‬التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السالم)‪ :‬عالء الحسون ص ‪.354‬‬

‫‪37‬‬
‫ولتوضيح موقف الشيعة من الصفات الخبرية نذكر تأويلهم لصفتين من هذه الصفات‪،‬‬
‫وهما صفتا الوجه واليدين‪.‬‬
‫وننوه هنا أنا نعرض موقف الشيعة الروافض المحدثين‪ ،‬ذلك أن قدماء هؤالء الشيعة‬
‫ك انوا ممن يقول ون بالتجس يم في ص فات اهلل تع الى‪ ،‬فق دماؤهم ومت أخروهم متناقض ون‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فقدماؤهم غلو في التشبيه‪ ،‬التجسيم‪ ،‬ومتأخروهم غلو في النفي والتعطيل"‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ":‬فهذه المقاالت التي نقلت في التشبيه والتجسيم لم نر‬
‫الناس نقلوها عن طائفة من المسلمين أعظم مما نقلوها عن قدماء الرافضة‪ .‬ثم الرافضة‬
‫حرموا الصواب في هذا الباب كما حرموه في غبره‪ ،‬فقدماؤهم يقولون بالتجسيم الذي‬
‫هو قول غالة المجسمة‪ ،‬ومتأخروهم يقولون بتعطل الصفات موافقة لغالة المعطلة من‬
‫المعتزل ة ونح وهم‪ ،‬ف أقوال أئمتهم دائ رة بين التعطي ل والتمثي ل‪ ،‬لم تع رف لهم مقال ة‬
‫(‪)2‬‬
‫متوسطة بين هذا وهذا"‪.‬‬
‫وقد ذكر أهل العلم َّ‬
‫أن متأخري الشيعة اإلمامية القائلين بالتعطيل في باب الصفات‬
‫قد بدأوا في هذه المقالة من عهد بني بويه ونحوهم من أوائل المائة الرابعة هجرية‪ ،‬وقد‬
‫(‪)3‬‬
‫صاروا في ذلك يوافقون المعتزلة في التوحيد ‪-‬ومنه باب الصفات‪ -‬والعدل‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬موقف الشيعة من صفتي الوجه واليدين‪.‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬موقف الشيعة من صفة الوجه‪.‬‬


‫يعتقد الشيعة أن اآليات التي وردت فيها صفة الوجه يجب تأويلها‪ ،‬ألن ظاهرها‬
‫يوجب التشبيه والتجسيم هلل تعالى‪ ،‬يقول الشيعي محم د جعفر ش مس الدين‪ :‬ك ل اآلي ات‬
‫(‪)4‬‬
‫التي ورد فيها لفظ الوجه مضافاً إليه سبحانه وجب تأويلها‪.‬‬
‫لكنا نجد لهم في تأويلها عدة آراء للشيعة‪ ،‬فمنهم من يرى َّ‬
‫أن قوله تعالى‪(:‬كل‬
‫(‪)5‬‬
‫وعلى هذا يكون معنى اآلية (كل‬ ‫شيء هالك إال وجهه) أن المراد بالوجه فيه الذات‪،‬‬

‫‪ -1‬منهاج السنة‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية ‪.2/103‬‬


‫‪ -2‬منهاج السنة‪ :‬له ‪.2/217‬‬
‫‪ -3‬بيان تلبيس الجهمية ‪.1/54‬‬
‫‪ -4‬دراسات في العقيدة‪ :‬محمد جعفر شمس الدين ص ‪.142‬‬
‫‪ -5‬انظر أمالي المرتضى‪ ،1/591:‬مجمع البيان‪ :‬الطبرسي‪ ،7/270‬العقيدة اإلسالمية على ضوء‬
‫الثالث واألربعون ص ‪.87‬‬
‫ُ‬ ‫رية‪-‬األصل‬
‫الخَب ّ‬
‫مدرسة أهل البيت‪:‬الشيخ جعفر السبحاني‪ ،‬الصِّفات َ‬

‫‪38‬‬
‫شيء هالك إال وجهه) أي كل شيء فان بائد إال ذاته‪ .‬أي تَبقى ذاته المقدسة‪ ،‬وال تفنى‬
‫أبداً‪ .‬كما يقال‪:‬هذا وجه الرأي‪ ،‬ووجه الطريق‪ )1(.‬وزعموا أن ابن عباس وعطاء وأبو‬
‫العالية والكلبي قد ذهبوا إلى أن معنى اآلية‪(:‬كل شيء هالك) إال ما أريد به وجه اللّ ه‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أي يبقى ثوابه‪.‬‬
‫وأن المراد بلفظ الوجه في قوله تعالى‪(:‬إنما نطعمكم لوجه اللّ ه) وهو أن إطعام‬
‫هؤالء الطعام للفقراء والمساكين‪ ،‬إنما يكون موجهاً إليه سبحانه لطلب رضا اللّه‪ ،‬خالصاً‬
‫(‪)3‬‬
‫للّه‪ ،‬مخلصاً من الرياء وطلب الجزاء‪.‬‬
‫بينما ذهب شيخ الشيعة الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي إلى تأويل آخر‬
‫فيقول‪":‬واألخبار التي يتوهمها الجهال تشبيها هلل تعالى بخلقه فمعانيها محمولة على ما‬
‫في الق رآن من نظائرها‪.‬ألن في الق رآن‪ُ (:‬ك ُّل َش ْي ٍء َه ِال ٌ‬
‫ك ِإاَّل َو ْجهَ هُ لَ هُ) س ورة القصص‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ،88‬ومعنى الوجه‪:‬الدين‪ ،‬والدين هو الوجه الذي يؤتى اهلل منه‪ ،‬ويتوجه به إليه"‪.‬‬
‫وروت كتب الش يعة عن أئمتهم تأوي ل ص فة الوج ه في قول ه تع الى‪(:‬ك ل شيء‬
‫هال ك إال وجه ه)‪ ،‬ومن ذل ك م ا روي عن أبي حم زة‪ ،‬ق ال‪:‬قلت ألبي جعف ر علي ه‬
‫الس الم‪:‬ق ول اهلل ع ز وج ل (ك ل ش يء هال ك إال وجه ه)؟ ق ال‪ :‬فيهل ك ك ل ش يء ويبقي‬
‫الوج ه‪ ،‬إن اهلل ع ز وج ل أعظم من أن يوص ف بالوج ه‪ ،‬ولكن معن اه ك ل ش يء هال ك إال‬
‫دين ه والوج ه ال ذي ي ؤتى من ه‪ )5(.‬ومن ذل ك م ا ورواه الكلي ني َع ِن اْل َح ِار ِث ْب ِن اْل ُم ِغ َير ِة‬
‫ك‬
‫هال ٌ‬‫ك وتَع الَى ُك ُّل َش ي ٍء ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِئ‬ ‫ص ِر ِّ‬ ‫َّ‬
‫ْ‬ ‫ي قَا َل ُس َل َُأب و َعْب د الله عليه السالم َع ْن قَ ْول الله تََب َار َ َ َ‬ ‫الن ْ‬
‫ان اللَّ ِه‬
‫ال ُس ْب َح َ‬ ‫ك ُك ُّل َش ْي ٍء ِإاَّل َو ْج هَ اللَّ ِه فَقَ َ‬
‫ون َي ْهِل ُ‬‫ت َيقُولُ َ‬ ‫يه ُقْل ُ‬ ‫ِإاَّل و ْجهه فَقَا َل ما يقُولُ ون ِف ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ‬
‫(‪)6‬‬
‫ك َو ْجهَ اللَّ ِه الَِّذي يُْؤ تَى ِم ْنهُ‪.‬‬
‫لَقَ ْد قَالُوا قَ ْواًل َع ِظيماً ِإَّن َما َعَنى بِ َذِل َ‬

‫‪ -1‬مجمع البيان‪:‬الطبرسي‪ .7/269‬العقيدة اإلسالمية على ضوء مدرسة أهل البيت‪:‬الشيخ جعفر‬
‫الثالث واألربعون ص‪.87‬‬
‫ُ‬ ‫رية‪-‬األصل‬
‫الخَب ّ‬
‫الصفات َ‬
‫السبحاني‪ِّ ،‬‬
‫‪ -2‬مجمع البيان‪ :‬الطبرسي ‪.7/270‬‬
‫‪ -3‬مجمع البيان‪ :‬الطبرسي ‪ .10/408‬وقد وردت عن أئمة أهل البيت (ع) روايات كثيرة في تفسير وجه‬
‫اللّه في اآلية الكريمة وأمثالها بهذا المعنى‪ .‬فراجع الكافي ‪.143‬‬
‫‪ -4‬االعتقادات‪:‬الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي‪ ،‬باب في صفة اعتقاد اإلمامية في التوحيد‪،‬‬
‫ص ‪.23‬‬
‫‪ -5‬التوحيد‪:‬الشيخ الصدوق‪ 12 ،‬باب تفسير قول اهلل عز وجل(كل شيء هالك إال وجهه)‪،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ -6‬الكافي باب النوادر ‪.1/143‬‬

‫‪39‬‬
‫فإن‬
‫ومنها‪:‬أن ك ّل شيء من أعمال العباد هالك وباطل إالّ ما أريد به اهلل تعالى‪ّ ،‬‬
‫ال َع ْن َأبِي َع ْب ِد اللَّ ِه علي ه الس الم ِفي قَ ْو ِل اللَّ ِه َع َّز‬ ‫ان اْل َج َّم ِ‬ ‫ص ْف َو َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ذل ك يبقى ثواب ه‪ .‬روى َ‬
‫اع ِة ُم َح َّم ٍد صلى اهلل‬ ‫ط َ‬‫ُأم َر بِ ِه ِم ْن َ‬
‫ك ِإاَّل و ْجه ه" قَ ا َل م ْن َأتَى اللَّه بِم ا ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬
‫وج َّل‪ُ ":‬ك ُّل َش ي ٍء ِ‬
‫هال ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫َّ (‪)2‬‬
‫َأطاع اللهَ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ول فَقَ ْد‬ ‫ال َم ْن ُي ِط ِع َّ‬
‫الر ُس َ‬ ‫ك قَ َ‬ ‫ك َو َك َذِل َ‬ ‫عليه وآله فَهَُو اْل َو ْجهُ الَِّذي اَل َي ْهِل ُ‬
‫محمد بن علي الباقر(عليه السالم) حول هذه اآلية‪(:‬ك ّل شيء هالك)"إالّ دينه‬ ‫قال اإلمام ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫محم د الصادق(عليه السالم) حول هذه‬
‫والوجه الذي يؤتى منه"‪ .‬وقال اإلمام جعفر بن ّ‬
‫(‪)4‬‬
‫اآلية‪" :‬ك ّل شيء هالك إالّ من أخذ طريق الحق"‪.‬‬
‫ومنها‪:‬المراد بوجه اهلل األئمة أنفسهم‪ ،‬ولهم في ذلك عدة روايات نسبوها لألئمة‬
‫أنفسهم وسنعرض لها في المطلب األخير في هذا البحث‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬

‫أوال‪:‬إثبات صفة الوجه هو مذهب أهل السنة والجماعة‬


‫َّ‬
‫إن صفة الوجه من الصفات الخبرية التي أثبتها أئمة السلف إثباتا حقيقيا على‬
‫وجه يليق بجالل الرب وعظمته وكماله‪ .‬الوجه معناه معلوم‪ ،‬ولكن كيفيته مجهولة‪ ،‬فإنا‬
‫ال نعلم كيف وجه اهلل عز وجل كما ال نعلم كيفية سائر صفاته‪ ،‬نؤمن بأن هلل عز وجل‬
‫وجهاً موصوفاً بالجالل واإلكرام‪ ،‬وأن له من البهاء والعظمة والنور العظيم ما لو كشف‬
‫حجابه ألحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره‪ ،‬وهو محجوب عن أبصار أهل‬
‫الدنيا بحجب ال يعلمها إال اهلل تعالى‪ ،‬ونفى اهلل عز وجل عنه الهالك إذا أهلك اهلل ما قد‬
‫قضى عليه الهالك مما قد خلقه اهلل للفناء ال للبقاء‪ ،‬وجل اهلل عن أن يهلك شيء منه مما‬
‫هو من صفات ذاته‪ ،‬وعز وجهه سبحانه عن أن يشبه وجوه المخلوقين‪ ،‬ووجهه سبحانه‬
‫(‪)5‬‬
‫وتعالى يتلذذ بالنظر إليه في اآلخرة من َم َّن اهلل عليه وتفضل بذلك‪.‬‬
‫وقد استدلوا إلثبات هذه الصفة بالكتاب والسنة‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر أمالي المرتضى‪ .1/592،‬مجمع البيان‪ ،‬الشيخ الطبرسي‪ ،‬تفسير آية ‪ 88‬من سورة القصص‪،‬‬
‫‪.7/421‬‬
‫‪ -2‬الكافي باب النوادر ‪.1/143‬‬
‫‪ -3‬التوحيد‪:‬الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي (الصدوق)‪ ،‬باب ‪ ،12‬باب تفسير قول اهلل عز وجل‪:‬‬
‫(كل شيء هالك إال وجهه) ‪.1/149‬‬
‫‪ -4‬المصدر السابق نفسه‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫فمن الكتاب‪:‬قوله تعالى‪(:‬ويبقى وجه ربك ذو الجالل واإلكرام) سورة الرحمن‪:‬‬
‫‪ ،27‬ففي اآلية إخب ار ب أن ل ه س بحانه وجه ا ال يف نى وال يلحق ه الهالك‪ .‬يق ول اإلم ام‬
‫ال بيهقي‪" :‬فأض اف الوج ه إلى ال ذات‪ ،‬وأض اف النعت إلى الوج ه‪ ،‬فق ال ذو الجالل‬
‫واإلكرام ولو كان ذكر الوجه صلة ولم يكن للذات صفة لقال ذي الجالل واإلكرام‪ ،‬فلما‬
‫(‪)1‬‬
‫قال ذو الجالل واإلكرام علمنا َّأنه نعت للوجه وهو صفة للذات"‪.‬‬
‫وقوله‪(:‬كل شيء هالك إال وجهه) سورة القصص‪ ،88:‬فهذه اآلية دلَّت على صفة من‬
‫صفات الذات وهى صفة الوجه‪ ،‬ودلت على بقاء الصفة ببقاء الذات‪ ،‬فأثبتت بقاء الذات‬
‫بصفاتها‪ ،‬وقوله‪(:‬وما آتيتم من زكاة تريدون وجه اهلل) سورة الروم‪ ،39:‬وقوله‪(:‬واصبر‬
‫نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) سورة الكهف‪ ،28:‬وقوله‪:‬‬
‫(وما تنفقون إال ابتغاء وجه اهلل) سورة البقرة‪.272:‬‬
‫ومن السنة‪-:‬‬
‫‪-‬حديث جابر بن عبد اهلل رضي اهلل عنه قال‪:‬لما نزلت على رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وس لم‪(:‬ق ل ه و الق ادر على أن يبعث عليكم ع ذابا من ف وقكم) ق ال‪:‬أع وذ بوجه ك‪(،‬أو من‬
‫تحت أرجلكم) ق ال‪ :‬أع وذ بوجه ك‪( ،‬أو يلبس كم ش يعا وي ذيق بعض كم ب أس بعض)‬
‫(‪)2‬‬
‫قال ‪:‬هاتان أهون وأيسر‪.‬‬
‫‪ -‬ومنه ا ح ديث أبي بك ر بن عب د اهلل بن قيس عن أبي ه ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ص لى اهلل‬
‫عليه وسلم‪":‬جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما‪ ،‬وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما‪ ،‬وما‬
‫بين الق وم وبين أن ينظ روا إلى ربهم ع ز وج ل إال رداء الكبري اء على وجه ه في جن ة‬
‫(‪)3‬‬
‫عدن"‪.‬‬
‫‪-5‬‬
‫انظر التوحيد‪ :‬ابن خزيمة ‪ ،57-45،51-1/24‬الرد على الجهمية للدارمي ص‪ ،62‬مجموع‬
‫الفتاوى‪:‬ابن تيمية ‪.6/10‬‬
‫‪-1‬‬
‫االعتقاد‪:‬البيهقي ص ‪.31‬‬
‫‪ -2‬رواه البخاري‪ ،‬رقم‪ 4628‬كتاب تفسير سورة األنعام‪ ،‬باب قوله تعالى"قل هو القادر على أن يبعث‬
‫عليكم عذابا من فوقكم"‪ ،‬ورقم ‪ ،7312‬كتاب االعتصام‪ ،‬باب قوله اهلل تعالى"أو يلبسكم شيعا" ورقم‬
‫‪ ،7406‬كتاب التوحيد‪ ،‬باب قوله تعالى"كل شيء هالك إال وجهه"‪ .‬وأحمد في المسند‪ ،‬رقم‪،14355‬‬
‫‪.3/309‬‬
‫‪ -3‬رواه البخاري‪ ،‬رقم ‪ ،4878‬كتاب تفسير سورة الرحمن‪،‬باب من دونهما جنتان‪،‬وباب حور عين‬
‫مقصورات في الخيام‪ ،‬رقم‪ ،7444‬كتاب التوحيد‪ ،‬باب قوله تعالى‪":‬وجوه يومئذ ناضرة‪ .‬ورواه مسلم رقم‬
‫‪ ،296‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -‬ومنها حديث عامر بن سعد عن أبيه قال‪:‬مرضت بمكة عام الفتح‪...‬قال‪:‬قلت يا رسول‬
‫اهلل أتخل ف عن هج رتي؟ فق ال‪:‬أن ك لن تخل ف بع دي فتعم ل عمال تري د ب ه وج ه اهلل إال‬
‫(‪)1‬‬
‫ازددت به رفعة ودرجة"‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها‪:‬حديث صهيب رضي اهلل عنه‪:‬عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪":‬إذا دخل أهل‬
‫الجن ة الجن ة ق ال‪ :‬يق ول اهلل تب ارك وتع الى تري دون ش يئاً أزي دكم؟ فيقول ون‪:‬ألم ت بيض‬
‫شف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب‬‫قال‪:‬في ْك ُ‬
‫ُ‬ ‫وجوهنا‪ ،‬ألم تدخلنا الجنة‪ ،‬وتنجنا من النار‪،‬‬
‫إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل"‪.‬وفي رواية ثم تال هذه اآلية (للذين أحسنوا الحسنى‬
‫وزيادة)‪)2(.‬‬
‫‪ -‬ومنها حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪":‬لن يوافى عبد يوم القيامة يقول ال اله‬
‫إال اهلل يبتغى به وجه اهلل إال حرم اهلل عليه النار"‪)3(.‬‬
‫‪ -‬ومنه ا ج اء في دع اء الن بي ص لى اهلل علي ه وس لم‪":‬وأس ألك ل ذة النظ ر إلى‬
‫(‪)4‬‬
‫وجهك‪."..‬الحديث‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬حديث أبى موسى األشعري رضي اهلل عنه قال‪:‬قام فينا رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم بأربع كلمات فقال‪":‬إن اهلل ال ينام وال ينبغي له أن ينام‪ ،‬يحفظ القسط ويرفعه‪،‬‬
‫ويرفع إليه عمل الليل والنهار‪ ،‬وعمل النهار قبل الليل‪ ،‬حجابه النار لو كشفها ال حرقت‬
‫(‪)5‬‬
‫سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره"‪.‬‬
‫‪-‬ومنها‪ :‬حديث طويل‪..‬وفيه أنه سئل عن مالك بن ُّ‬
‫الدخشن فقال بعضهم‪:‬ذلك منافق ال‬
‫يحب اهلل ورسوله‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪":‬ال تقل أال تراه قال‪:‬ال إله إال‬
‫اهلل يريد بذلك وجه اهلل؟ قال‪:‬اهلل ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪:‬قلنا فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى‬
‫(‪)6‬‬
‫المنافقين‪ ،‬فقال‪ :‬فإن اهلل حرم على النار من قال‪:‬ال إله إال اهلل يبتغي بذلك وجه اهلل"‪.‬‬

‫‪ -1‬رواه أحمد في المسند رقم ‪.1546‬قال الشيخ شعيب األرنؤوط‪:‬إسناده صحيح على شرط الشيخين‪.‬‬
‫‪ -2‬رواه مسلم رقم‪ ،180‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب إثبات رؤية المؤمنين في اآلخرة‪.‬‬
‫‪ -3‬رواه البخاري رقم ‪،6423‬كتاب الرقاق‪ .‬باب العمل الذي يبتغى به وجه اهلل‪.‬‬
‫الدع ِ‬
‫اء‪ ،‬ترقيم الشيخ أبي غدة‪ ،‬قال‬ ‫‪ -‬رواه النسائي رقم ‪ ،1305‬كتاب السهو‪َ )62(،‬باب نوع آخر في ُّ َ‬
‫‪4‬‬

‫الشيخ ناصر الدين األلباني‪:‬صحيح‪ .‬ورواه البيهقي في األسماء والصفات‪ ،‬رقم ‪.226،1/243‬‬
‫‪ -5‬رواه مسلم‪ ،‬رقم ‪ ،293،294،295‬كتاب اإليمان‪ ،‬باب في قوله تعالى"إن اهلل ال ينام"‪.‬‬
‫‪ -6‬رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه‪:‬كتاب الصالة‪ ،‬باب المساجد في البيوت‪،‬رقم ‪ 1187‬كتاب‬
‫التهجد‪ ،‬باب صالة النوافل جماعة‪،‬رقم ‪ ،1653‬رقم ‪ ،5401‬كتاب األطعمة‪ ،‬باب الخزيرة‪ ،‬ورقم ‪،6938‬‬

‫‪42‬‬
‫‪-‬ومنه ا‪:‬م ا نق ل عن الص حابة رض ي اهلل عنهم والت ابعين وجمي ع أه ل الس نة والح ديث‬
‫واألئم ة األربع ة وأتب اعهم من اإليم ان ب أن المؤم نين ي رون وج ه ربهم في الجن ة‪ ،‬وهي‬
‫الزيادة التي فسر بها النبي صلى اهلل عليه وس لم والص حابة قول ه تعالى‪(:‬للذين أحسنوا‬
‫(‪)1‬‬
‫الحسنى وزيادة)‪.‬‬
‫وق د ثبت أن جمي ع علم اء أه ل الس نة في كاف ة األقط ار‪:‬يقول ون إن لمعبودن ا ع ز‬
‫وجل وجها‪ ،‬كما أعلم اهلل عز وجل في محكم التنزيل‪ ،‬وذواه بالجالل واإلكرام‪ ،‬وحكم له‬
‫بالبقاء‪ ،‬ونفى عنه الهالك‪ ،‬ويقولون إن لوجه ربنا عز وجل من النور والضياء والبهاء‬
‫(‪)2‬‬
‫ما لو كشف حجابه الحترقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بطالن ما نسبوه ألئمتهم في تأويل صفة الوجه‪:‬‬


‫إن الروايات المنسوبة ألئمة الشيعة في تأويل صفة الوجه ال يصح االحتجاج بها‪،‬‬
‫وذلك لما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إن الروايات المنسوبة ألئمتهم في تأويل الوجه روايات ضعيفة‪ ،‬فلقد ضعفَّها علماء‬
‫(‪)3‬‬
‫الشيعة أنفسهم‪ ،‬وخاصة ما رواه الكليني في الكافي‪.‬‬
‫‪-2‬إنه ا مخالف ة ل ِّ‬
‫رد األئم ة لك ل ق ول ينس ب إلى رس ول ص لى اهلل علي ه وس لم أو إليهم‬
‫يخالف القرآن الكريم‪ ،‬ومن ذلك‪-:‬‬
‫ال َر ُسو ُل اللَّ ِه صلى اهلل عليه وآل ه‬ ‫‪ -‬ما رواه الكافي عن َأبِي َعْب ِد اللَّ ِه عليه السالم قَا َل‪":‬قَ َ‬
‫ف‬‫اب اللَّ ِه فَ ُخ ُذوهُ‪َ ،‬و َم ا َخ الَ َ‬ ‫اب ُنوراً‪ ،‬فَما وافَ َ ِ‬
‫ق كتَ َ‬ ‫َ َ‬
‫صو ٍ‬ ‫ِّ‬
‫ق َحقيقَةً‪َ ،‬و َعلَى ُكل َ َ‬
‫ِإ َّن علَى ُك ِّل ح ٍّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اب اللَّ ِه فَ َد ُعوهُ"‪.‬‬ ‫ِ‬
‫كتَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -‬وم ا رواه َع ْن َع ْب ِد اللَّ ِه ْب ِن َأبِي َي ْعفُ ٍ‬
‫ض َر‬‫ور قَ ا َل َو َح َّدثَني ُح َس ْي ُن ْب ُن َأبِي اْل َعاَل ء ََّأنهُ َح َ‬
‫يث‬‫ف اْلح ِد ِ‬ ‫اختِاَل ِ‬
‫ت ََأب ا َع ْب ِد اللَّ ِه عليه السالم َع ِن ْ‬ ‫ور ِفي َه َذا اْل َم ْجِل ِ‬
‫س قَ ا َل َس َأْل ُ‬ ‫ْاب َن َأبِي َي ْعفُ ٍ‬
‫َ‬

‫كتاب الرقاق‪ ،‬باب العمل الذي يبتغي به وجه اهلل‪ ،‬رقم ‪ ،6938‬كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم‪،‬‬
‫باب ما جاء في المتأولين‪.‬‬
‫‪ -1‬انظر التوحيد‪:‬ابن خزيمة ص‪ ،181-180‬الشريعة‪:‬اآلجري ص ‪ ،262-261‬االعتقاد‪:‬البيهقي ص‬
‫‪.48‬‬
‫‪ -2‬انظر التوحيد‪:‬ابن خزيمة ص ‪.11-10‬‬
‫‪ -3‬انظر كتاب الكافي تحقيق المجلسي والبهبودي هدية الدمشقية‪:‬عبد الرحمن دمشقية ص ‪ .143‬وكسر‬
‫الصنم ألية اهلل البراقعي ص ‪.104-103‬‬

‫‪43‬‬
‫اهداً ِم ْن‬
‫يث فَوج ْدتُم لَ ه َش ِ‬ ‫ِ‬
‫ق بِ ه قَ ا َل ِإ َذا َو َر َد َعلَْي ُك ْم َح د ٌ َ َ ْ ُ‬
‫ق بِ ِه و ِم ْنهم م ْن اَل َنثِ ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫َي ْر ِويه َم ْن َنث ُ َ ُ ْ َ‬
‫ِ‬
‫اء ُك ْم بِ ِه َْأولَى بِه"ِ‪.‬‬ ‫َّ َِّ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِكتَ ِ َّ ِ ِ‬
‫اب الله َْأو م ْن قَ ْول َر ُسول الله صلى اهلل عليه وآله‪ ،‬وِإال فَالذي َج َ‬
‫ت ََأب ا َع ْب ِد اللَّ ِه علي ه الس الم‬ ‫ُّوب ْب ِن اْل ُح ِّر قَ ا َل َس ِم ْع ُ‬
‫‪ -‬وم ا رواه َع ْن َي ْحَيى اْل َحلَبِ ِّي َع ْن َأي َ‬
‫ف"‪.‬‬ ‫اب اللَّ ِه فَهَُو ُز ْخ ُر ٌ‬ ‫يث اَل يو ِاف ُ ِ‬
‫ق كتَ َ‬ ‫َُ‬
‫اب والسَُّّن ِة‪ ،‬و ُك ُّل ح ِد ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫ود لَى اْلكتَ َ‬
‫َيقُو ُل ُك ُّل َشي ٍء م ْر ُد ٌ ِإ‬
‫ْ َ‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -3‬بالرجوع للكتاب والسنة الصحيحة نجد النصوص الواضحة في إثبات صفة الكمال‬
‫ومنها صفة الوجه هلل تعالى على الوجه الذي يليق بجالله وكماله‪ ،‬وقد سبق أن ذكرنا‬
‫بعضها‪ .‬ونذكر بعض ما روته كتب الشيعة أنفسهم عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫وعن السيدة فاطمة الزهراء رضي اهلل عنها في إثبات صفة الوجه هلل تعالى‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬دعاء النبي صلى اهلل عليه وسلم‪":‬اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أعلنت وما‬
‫أسررت‪ ،‬وإ سرافي على نفسي‪..‬والرضا بالقضاء‪ ،‬وبرد العيش بعد الموت‪ ،‬ولذة النظر‬
‫(‪)2‬‬
‫إلى وجهك الكريم‪ ،‬وشوقا للقائك من غير ضراء مضرة‪ ،‬وال فتنة مضلة"‪.‬‬
‫‪ -‬دع اء الس يدة فاطم ة الزه راء رض ي اهلل عنه ا عقيب ص لواتها الخمس‪ ،‬ووم ا ك انت‬
‫(‪)3‬‬
‫تدعو به‪":‬وأسألك الرضا بعد القضاء‪ ،‬وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم"‪.‬‬
‫يقال للشيعة ففي دعاء النبي صلى اهلل عليه وسلم ودعاء السيدة فاطمة رضي‬
‫اهلل س ؤال ل ذة النظ ر مض افا لوج ه اهلل‪ ،‬ومث ل ه ذا يس تحيل أن يق ال في ه أن المقص ود ب ه‬
‫الثواب‪ ،‬أو ما أريد به وجه اهلل كما تزعم الشيعة‪ .‬ولو كان النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫ولما ذك ر الوج ه َّ‬
‫دل على َّأنه أراد الوج ه‬ ‫يقص د ال ذات ‪-‬كم ا ت زعم الش يعة‪ -‬لق ال ذل ك‪َّ ،‬‬
‫حقيقة‪َّ ،‬‬
‫ألن تأخير المراد عن البيان ال يتناسب مع مقام صاحب الشريعة المبلغ عن ربه‬
‫عز وجل‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬إبطال تأويالت الشيعة‪:‬‬


‫وأما التأويل الشيعي لهذه الصفة فإنه باطل لما يأتي‪-:‬‬
‫‪-1‬إن ه ذا التأوي ل في ه حم ل للحقيق ة على المج از‪ ،‬وه ذا الحم ل خ روج عن الظ اهر‬
‫واألص ل بال م وجب‪ ،‬كم ا أن المج از ال يمتن ع نفي ه‪ ،‬فعلى ه ذا ال يمتن ع أن يق ال‪:‬ليس هلل‬

‫اه ِد اْل ِكتَ ِ‬


‫اب ص ‪.69‬‬ ‫اَأْلخ ِذ بِالسَُّّن ِة و َشو ِ‬
‫اب ْ‬ ‫‪ -‬انظر هذه الروايات الثالث كتاب الكافي‪َ ،‬ب ُ‬
‫‪1‬‬
‫َ َ‬
‫‪ -2‬بحار األنوار‪ :‬المجلسي ‪.2/83‬‬
‫‪ -3‬فالح السائل‪:‬علي بن موسى بن طاوس ص ‪.204‬‬

‫‪44‬‬
‫وجه‪ ،‬وال حقيقة لوجهه‪ ،‬وفي هذا تكذيب صريح لما أخبر اهلل به عن نفسه‪ ،‬وما اخبر به‬
‫رسوله عليه الصالة والسالم‪ .‬ويقال للشيعة إن حمل الوجه على المجاز يلزمكم أن تكون‬
‫أسماء اهلل تعالى كالسميع والبصير والقدير والحي وسائر أسماؤه مجازا‪ ،‬ال حقيقة لها‪،‬‬
‫وهذا باطل‪ ،‬ألنه يؤدي إلى تعطيل األسماء كما عطلتم الصفات‪ ،‬وإ ذا كان هذا باطال فما‬
‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ِ‬
‫ون‬
‫ين ُيْلح ُد َ‬ ‫اَألس َماء اْل ُح ْس َنى فَ ْاد ُعوهُ بِهَ ا َو َذ ُروْا الذ َ‬
‫تعالى‪(:‬وِللّه ْ‬
‫َ‬ ‫يؤدي إليه يعتبر مثله‪،‬واهلل‬
‫ول‪(:‬ه َو اللَّهُ اْل َخ ِال ُ‬
‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ون) س ورة األع راف‪.180 :‬ويق‬ ‫ِئ ِ‬
‫َأس َمآ ه َس ُي ْج َز ْو َن َم ا َك ُانوْا َي ْع َملُ َ‬
‫في ْ‬
‫ِ‬
‫ض َو ُه َو اْل َع ِزي ُز‬‫اَأْلر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّح لَ هُ َم ا ِفي َّ‬
‫الس َم َاوات َو ْ‬ ‫اَأْلس َماء اْل ُح ْس َنى ُي َس ب ُ‬
‫ص ِّو ُر لَ هُ ْ‬ ‫اْلَب ِارُئ اْل ُم َ‬
‫يم) سورة الحشر‪24:‬‬ ‫ِ‬
‫اْل َحك ُ‬
‫‪ -2‬وأما تأويل الشيعة للوجه بالذات فيرد عليه بما يلي‪:‬‬
‫إن تأويل الوجه بالذات ليس معروفا في لغة من لغات األمم‪ ،‬وإ ذا قلتم إن الوجه‬ ‫َّ‬
‫اش تهر في اللغ ة بمع نى ال ذات إذ يق ال‪ :‬وج ه الحائط‪ ،‬ووج ه الثوب‪ ،‬ووج ه النه ار‪ ،‬فإن ه‬
‫يقال لكم‪:‬ليس الوجه الوارد في أمثلكم بمعنى الذات‪ ،‬فوجه الثوب هو أحد جانبيه‪ ،‬أو هو‬
‫ما واجه به وأقبل به‪ ،‬ومثله وجه األمر‪ ،‬وهو ما ظهر منه فيه الرأي الصحيح دون ما‬
‫(‪)1‬‬
‫لم يظهر‪ .‬وكذلك القول في وجه الحائط‪ ،‬ووجه النهار أوله كما ثبت عن ابن عباس‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والث ابت في اللغ ة أن الوج ه معن اه‪ :‬مس تقبل ك ل ش يء‪ ،‬ألن ه أول م ا يواج ه من ه‪.‬‬
‫والصواب أن يقال‪:‬إنه يستعمل في كل محل بحسب ما يضاف إليه‪ .‬وإ ن أضيف الوجه‬
‫(‪)3‬‬
‫إلى اهلل تعالى الذي ليس كمثله شيء كان وجهه تعالى كذلك‪.‬‬
‫ويقال أيضاً َّ‬
‫‪":‬بأنه لو لم يكن هلل عز وجل وجه على الحقيقة لما جاز استعمال هذا‬
‫اللف ظ في مع نى ال ذات‪ ،‬ف إن اللفظ الموض وع لمع نى ال يمكن أن يس تعمل في مع نى آخر‬
‫إال إذا كان المعنى األصل ثابتا للموصوف‪ ،‬حتى يمكن للذهن أن ينتقل من الملزوم إلى‬
‫(‪)4‬‬
‫الزمه"‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر تفسير الطبري ‪ ،6/508‬تفسير البغوي ‪ ،1/315‬تفسير ابن كثير‪.1/373‬‬


‫‪-2‬انظر تهذيب اللغة‪:‬األزهري ‪ ،6/351‬معجم مقاييس اللغة‪:‬ابن فارس ‪ ،6/88‬القاموس المحيط‪:‬الفيروز‬
‫آبادي‪.4/295:‬‬
‫‪ -3‬انظر مشكل الحديث وبيانه‪:‬ابن فورك ص ‪ ،132‬مختصر الصواعق المرسلة‪:‬ابن القيم ‪-2/175‬‬
‫‪.176‬‬
‫‪ -4‬شرح العقيدة الواسطية‪:‬خليل هراس ص ‪.65‬‬

‫‪45‬‬
‫فرق في أقواله بين الوجه‬‫وأيضا‪:‬لقد ثبت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم َّأنه َّ‬
‫أن الوج ه ص فة لل ذات‪ ،‬وليس ه و ال ذات كم ا ذهب إلي ه‬ ‫وال ذات‪ ،‬والتفري ق ي ُّ‬
‫دل على َّ‬
‫الش يعة‪ .‬فق د ورد عن ه علي ه الص الة والس الم قول ه‪":‬من اس تعاذ باهلل فأعي ذوه ومن س ألكم‬
‫بوجه اهلل فأعطوه"‪ )1(.‬وروى ْاب ِن َعب ٍ‬
‫َّاس عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أنه إذا أراد‬
‫أن ي دخل المس جد يق ول‪":‬أع وذ باهلل العظيم وبوجه ه الك ريم وس لطانه الق ديم من الش يطان‬
‫الرجيم"‪ .‬فقوله أعوذ باهلل العظيم يدل على الذات‪ ،‬وقوله‪ :‬بوجهه الكريم يدل على الوجه‬
‫(‪)2‬‬
‫الذي هو صفة له عز وجل‪.‬‬
‫وأيضا فإن المضاف إلى اهلل تعالى في القرآن الكريم وعلى لسان الرسول عليه‬
‫الصالة والسالم نوعان‪:‬أحدهما‪:‬أعيان قائمة بذاتها‪ ،‬كبيت اهلل وناقة اهلل‪ ،‬وثانيهما‪ :‬صفات‬
‫ال تقوم بنفس ها‪ ،‬كعلم اهلل وحيات ه وقدرت ه وسائر ص فاته‪ ،‬وورودها مض اف هلل في سائر‬
‫(‪)3‬‬
‫المواضع مضافة للرب عز وجل‪ ،‬فتكون صفة له‪.‬‬
‫‪ -3‬وأم ا تأوي ل الوج ه بمع نى الث واب أو الج زاء فإن ه باط ل‪ ،‬فاللغ ة ال تي أن زل اهلل به ا‬
‫الق رآن الك ريم ال تحتم ل ذل ك‪ ،‬ولم يع رف أن الج زاء يس مى وجه ا للمج ازي‪ ،‬وإ ن ك ان‬
‫اللفظ يحتمل الجزاء أو الثواب بالمعنى المجازي فإنه في قوله تعالى‪(:‬ويبقى وجه ربك‬
‫ذو الجالل واإلك رام) س ورة ال رحمن‪ ،27:‬وفي قول ه‪(:‬وم ا ألح د عن ده من نعم ة تج زى)‬
‫سورة الليل‪ 19:‬ال يحتمل ذلك‪ .‬والثواب أمر معنوي مخلوق‪ ،‬وقد ثبت عنه صلى اهلل أنه‬
‫(‪)4‬‬
‫ومن‬ ‫اس تعاذ بوج ه اهلل تع الى‪ ،‬فق ال‪":‬اللهم إني أع وذ بوجه ك الك ريم وكلمات ك التام ة"‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫المحال أن يستعيذ الرسول عليه الصالة والسالم أو أنة يسأل بمخلوق‪.‬‬

‫الر ُج ُل ِع ْن َد ُد ُخوِل ِه اْل َم ْس ِج َد‪ .‬قال الشيخ ناصر الدين‬


‫يما َيقُولُهُ َّ‬ ‫ِ‬
‫‪ -‬الحديث رواه أبو داود رقم ‪ ،466‬باب ف َ‬
‫‪1‬‬

‫األلباني‪:‬حسن صحيح‪.‬‬
‫‪ -2‬انظر مختصر الصواعق المرسلة ص ‪ .2/180‬والحديث رواه اإلمام أحمد رقم ‪.2248،4/113‬‬
‫الر ُج ِل َي ْستَ ِعي ُذ ِم َن َّ‬
‫الر ُج ِل‪ .‬قال الشيخ ناصر الدين األلباني‪:‬حسن صحيح‪.‬‬ ‫وأبو داود رقم ‪ ،5110‬باب في َّ‬
‫‪ -3‬انظر تفسير الطبري ‪ ،6/508‬تفسير البغوي ‪ ،1/315‬تفسير ابن كثير‪.1/373‬‬
‫‪ -4‬رواه أبو داوود رقم ‪ ،5052‬كتاب األدب‪ ،‬باب ما يقول عند النوم‪ ،‬قال ابن القيم‪ :‬ورجال إسناده كلهم‬
‫ثقات‪.‬مختصر الصواعق ‪.2/177‬والنسائي في السنن الكبرى رقم ‪،7732‬كتاب النعوت‪،‬باب قوله‬
‫سبحانه‪(:‬كل شيء هالك إال وجهه)‪ ،‬كنز العمال في سنن األقوال واألفعال‪:‬عالء الدين علي المتقي بن‬
‫حسام الدين الهندي‪،‬رقم ‪.41988،15/510‬‬
‫‪ -5‬انظر رد الدارمي على بشر المريسي ص ‪ ،160‬مختصر الصواعق ‪.178-2/176‬‬

‫‪46‬‬
‫يتبين من خالل ما عرضناه سابقا أن التأويل الشيعي للوجه بالمجاز تأويل باطل‬
‫شرعاً ولغة‪ ،‬وأنه مخالف لما عليه سلف األمة وأئمتها‪ ،‬وبذلك يكون أمراً مبتدعاً‪ ،‬قد‬
‫ذهب وا إلي ه نتيج ة تق ديمهم الرواي ات المكذوب ة عن أئمتهم وتق ديم ال رأي‪ ،‬والمعق والت‬
‫الفاسدة على صحيح الشرع وصريح العقل‪.‬‬

‫المطلب السابع‪ :‬موقف الشيعة من صفة اليدين‪:‬‬


‫زعمت الش يعة أن اآلي ات التي ظاهرها خالف العق ل أو الكت اب والس نة ال يأخ ذ‬
‫بظاهره ا‪ ,‬خصوص ا إذا ك ان الظ اهر يحم ل على ع ّدة مع اني في اللغ ة العربي ة‪ .‬فقول ه‬
‫تع الى‪(:‬ي د اهلل ف وق أي ديهم) ال يأخ ذ على ظ اهره‪ ,‬ألنه ا تس تلزم التجس يم على اهلل تع الى‬
‫يقبح كون اهلل عز وجل له جسم‪ ,‬الستلزام الجسمية‬ ‫وهو باطل‪ ,‬ألنه يخالف العقل‪ ,‬فالعقل ّ‬
‫المحدودي ة‪ ,‬والمحدودي ة ت دل على النقص والحاج ة‪ ,‬واهلل تع الى م نزه من ذل ك‪ .‬ل ذا ف إن‬
‫اآليات التي ورد فيها لفظ اليد‪ ،‬فقد ّأولها علماء الشيعة بالنعمة أو القوة والقدرة‪ ،‬فاليد في‬
‫قول ه تع الى‪(:‬وق الت اليه ود ي د اللّ ه مغلول ة) تع ني النعم ة‪ ،‬وزعم وا أن لف ظ الي د في لغ ة‬
‫العرب له عدة معان‪ ،‬منها النعمة‪.‬وزعموا أن اليد وردت بلفظ التثنية في قوله تعالى‪(:‬بل‬
‫يداه مبسوطتان) إما من باب المبالغة في معنى الجود اإلنعام‪ ،‬أو لكونه أراد نعم الدنيا‬
‫(‪)1‬‬
‫ونعم اآلخرة‪.‬أو أراد من تثنية النعمة‪:‬النعم الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫وق د ذهب بعض علم اء الش يعة(‪ )2‬إلى تفس ير الي د في قوله‪(:‬ب ل ي داه مبس وطتان)‬
‫قوتيه بالثواب‬
‫بالقوة والقدرة‪ .‬وعليه يكون المراد من تثنية لفظ اليد في اآلية الكريمة أن ّ‬
‫والعقاب مبسوطتان‪ ،‬بخالف قول اليهود أن يده مقبوضة عن عذابنا‪ .‬وأولوا اليد في قوله‬
‫دي) ب القوة والق درة‪ ،‬وزعم وا أن تثني ة‬
‫تع الى‪(:‬ي ا إبليس م ا منع ك أن تس جد لم ا خلقت بي ّ‬
‫الي د مبالغ ة في الق وة والق درة‪ )3(.‬وق ال الطوس ي‪:‬معن اه‪:‬ت وليت خل ق آدم بنفس ي من غ ير‬
‫(‪)4‬‬
‫واسطة‪ ،‬وذكر اليدين هنا لتحقيق اإلضافة لخلقه‪.‬‬
‫ومن أمثلة تأويالت الشيعة لصفة اليد الواردة في القرآن الكريم ما ذهب إليه شيخ‬
‫الش يعة الص دوق محم د بن علي بن بابوي ه القمي‪ ،‬فالي د في قول ه تع الى‪(:‬ب ل ي داه‬

‫‪ -1‬انظر مجمع البيان‪:‬الطبرسي ‪.3/220‬‬


‫‪ -2‬انظر المصدر السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬انظر المصدر السابق ‪.3/218‬‬
‫‪ -4‬انظر المصدر السابق ‪.3/337‬‬

‫‪47‬‬
‫ال َي ا‬
‫مبسوطتان) سورة الزمر‪ 56:‬يؤولها بنعمة الدنيا ونعمة اآلخرة‪ ،‬وفي قوله تعالى‪(:‬قَ َ‬
‫ت بَِي َديَّ) س ورة ص‪ 75:‬يؤولها بالق درة والق وة‪ ،‬وفي‬ ‫ك َأن تَ ْس ُج َد ِل َم ا َخلَ ْق ُ‬ ‫ِ‬
‫ِإْبل ُ‬
‫يس َم ا َمَن َع َ‬
‫ام ِة) سورة الزمر‪ ،67:‬يقول‪ :‬يعني ملكه ال‬ ‫ِ‬
‫ضتُهُ َي ْو َم اْلقَي َ‬
‫ِ‬
‫ض َجميعاً قَْب َ‬ ‫اَأْلر ُ‬
‫تعالى‪(:‬و ْ‬
‫َ‬ ‫قوله‬
‫َّات بَِي ِمينِ ِه) يؤولها بالقدرة‪)1(.‬‬
‫ط ِوي ٌ‬
‫ات َم ْ‬
‫َّماو ُ‬
‫تعالى‪(:‬والس َ‬
‫َ‬ ‫يملكها معه أحد‪،‬واليمين في قوله‬
‫وذهب الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان إلى تأويل اليد في قوله تعالى‪(:‬بل‬
‫يداه مبسوطتان) بالنعمتين العامتين في الدنيا واآلخرة‪ )2(.‬وفي قوله تعالى‪(:‬ما منعك أن‬
‫ال‪:‬إن الم راد‪:‬بق درتي وق وتي ‪ )3(.‬وق ال‪:‬وفي تأوي ل اآلي ة وج ه‬
‫َّ‬ ‫تس جد لم ا خلقت بي دي)‪،‬ق‬
‫آخر‪ ،‬وه و‪:‬أن المراد بالي دين فيه ا هم ا‪:‬القوة والنعم ة‪ ،‬فكأن ه ق ال خلقت بقوتي ونعم تي‪،‬‬
‫وفيه وجه آخر وهو‪:‬أن إضافة اليدين إليه إنما أريد به تحقق الفعل له وتأكيد إضافته‬
‫إليه‪ ،‬وتخصيصه به دون ما سوى ذلك من قدرة أو نعمة أو غيرهما‪)4(.‬‬
‫يقول الشيعي محمد جعفر شمس الدين‪":‬وقس على هذا كل اآليات التي ورد فيها‬
‫لفظ اليد مفرداً أو مثنى مضافاً إليه سبحانه"‪)5(.‬‬
‫ورووا أن أئمتهم نف وا اتص اف اهلل تع الى بالي د‪ ،‬فعن عب د اهلل بن قيس عن أبي‬
‫الحسن الرضا عليه السالم قال‪ :‬سمعته يقول‪(":‬بل يداه مبسوطتان) فقلت‪:‬له يدان هكذا‪،‬‬
‫وأشرت بيدي إلى يده‪ ،‬فقال‪:‬ال؟ لو كان هكذا لكان مخلوقا"‪)6(.‬‬
‫أن بوجود الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) حول تفسير ما المراد‬ ‫وزعموا َّ‬
‫من يد اهلل تعالى‪ ،‬فمنهم من أولَّها بالنعمة‪ ،‬ومنهم من أولَّها بالقدرة والقوة‪ .‬فعن محمد بن‬
‫مس لم ق ال س ألت أب ا جعف ر (ع) فقلت قول ه ع ز وج ل(ي ا إبليس م ا منع ك أن تس جد لم ا‬
‫خلقت بيدي) فقال اليد في كالم العرب القوة والنعم ة‪....‬ويقال لفالن عندي أيادي كثير‬

‫‪ -1‬انظر االعتقادات‪:‬الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي‪ ،‬باب في صفة اعتقاد اإلمامية في‬
‫التوحيد‪ ،‬ص ‪.24-23‬‬
‫‪ -2‬تصحيح اعتقادات اإلمامية‪ :‬الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان ابن المعلم أبي عبد اهلل‪ ،‬العكبري‪،‬‬
‫البغدادي‪ ،‬فصل‪ :‬في صفات الذات وصفات األفعال ص ‪.30‬‬
‫‪ -3‬تصحيح اعتقادات اإلمامية‪ :‬الشيخ المفيد‪ ،‬حكمة الكناية واالستعارة‪ ،‬ص ‪ ،23 ،34‬مجمع البيان‬
‫‪.4/485‬‬
‫‪ -4‬تصحيح اعتقادات اإلمامية‪ :‬الشيخ المفيد‪ ،‬حكمة الكناية واالستعارة‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ -5‬دراسات في العقيدة‪:‬محمد جعفر شمس الدين ص ‪.144‬‬
‫‪ -6‬التوحيد‪:‬الشيخ الصدوق‪ ،25،‬باب معنى قوله عز وجل‪(:‬وقالت اليهود يد اهلل مغلولة غلت أيديهم‬
‫ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان) ص ‪.168‬‬

‫‪48‬‬
‫أي فواضل وإ حسان وله عندي يد بيضاء أي نعمة‪ )1(.‬وعن محمد بن عبيدة قال‪:‬سألت‬
‫الرض ا (ع) عن ق ول اهلل ع ز وج ل إلبليس (م ا منع ك أن تس جد لم ا خلقت بي دي‬
‫أستكبرت) قال‪:‬يعني بقدرتي وقوتي‪)2(.‬‬
‫كم ا اختلفت الرواي ات عن أئمتهم في تأوي ل القبض ة واليمين‪ ،‬فمنه ا‪ :‬م ا رواه‬
‫الكلي ني عن محم د بن عيس ى بن عبي د ق ال‪:‬س ألت أب ا الحس ن علي بن محم د العس كري‬
‫عليهم ا الس الم عن ق ول اهلل ع ز وج ل‪(:‬واألرض جميع اً قبض ته ي وم القيم ة والس موات‬
‫مطوي ات بيمين ه)‪ ،‬فق ال‪:‬ذل ك تعب ير اهلل تب ارك وتع الى لمن ش بهه بخلق ه‪ ،‬أال ت رى أن ه‬
‫ق ال‪":‬وم ا ق دروا اهلل ح ق ق دره"‪ ،‬ومعن اه إذ ق الوا‪:‬إن األرض جميع اً قبض ته ي وم القيام ة‬
‫والس موات مطوي ات بيمين ه‪ ،‬كم ا ق ال ع ز وج ل‪":‬وم ا ق دروا اهلل ح ق ق دره‪ ،‬إذ ق الوا‪:‬م ا‬
‫ثم َّنزه عز وجل نفسه عن القبضة واليمين‪ ،‬فقال‪":‬سبحانه‬
‫أنزل اهلل على بشر من شيء"‪َّ ،‬‬
‫وتعالى عما يشركون"‪)3(.‬‬
‫ومنها‪:‬عن سليمان بن مهران قال‪:‬سألت أبا عبد اهلل عليه السالم عن قول اهلل عز‬
‫وجل‪(:‬واألرض جميعاً قبضته يوم القيامة)‪ ،‬فقال‪:‬يعني ملكه ال يملكها معه أحد‪ ،‬والقبض‬
‫من اهلل تبارك وتعالى في موضع آخر المنع‪ ،‬والبسط منه اإلعطاء والتوسيع‪ ،‬كما قال‬
‫ع ز وج ل‪":‬اهلل يقبض ويبس ط وإ لي ه ترجع ون"‪ ،‬يع ني يعطي ويوس ع‪ ،‬ويمن ع ويض يق‪،‬‬
‫والقبض من ه ع ز وج ل في وج ه آخ ر اآلخ ذ في وج ه القب ول من ه كم ا ق ال‪ :‬ويأخ ذ‬
‫(‪)4‬‬
‫الصدقات‪ ،‬أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها‪.‬‬
‫ورووا عن رسول اهلل عليه الصالة والسالم أنه قال‪":‬أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم‪ ،‬فإن‬
‫(‪)5‬‬
‫ثم زعم وا أن ه ذا القول صدر عن رس ول اهلل‬ ‫أحدهم ليع ثر وإ ن ي ده بي د اهلل يرفعه ا"‪.‬‬
‫علي ه السالم على سبيل المج از‪ ،‬والمراد (ي د اهلل) معونة اهلل تعالى‪ ،‬فكأن ه عليه الصالة‬

‫‪ -1‬التوحيد‪:‬الشيخ الصدوق‪ ،13،‬باب تفسير قول اهلل عز وجل‪(:‬يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت‬
‫بيدي) ص‪.153‬‬
‫‪ -2‬المصدر السابق ‪.1/153‬‬
‫‪ -3‬المصدر السابق ‪.1/161‬‬
‫‪ -4‬االعتقادات‪:‬الشيخ الصدوق باب في صفة اعتقاد اإلمامية في التوحيد‪ ،1/21،‬التوحيد‪:‬الشيخ الصدوق‪،‬‬
‫‪ 17‬باب تفسير قوله عز وجل‪(:‬واألرض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه) ص‬
‫‪ .161‬تفسير الصافي ‪.5/339‬‬
‫‪ -5‬المجازات النبوية‪:‬الشريف الرضى ص ‪.229‬‬

‫‪49‬‬
‫والسالم أراد أن أحدهم ليعثر‪ ،‬وأن معونة اهلل من ورائه‪ ،‬تنهضه من سقطته‪ ،‬وتقيله من‬
‫(‪)1‬‬
‫عثرته‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬

‫أوال‪:‬إثبات صفة اليد هو مذهب أهل السنة والجماعة‪:‬‬


‫لقد أثبت أهل السنة والجماعة هلل تعالى صفة اليدين حقيقة هلل تعالى‪ ،‬دون أن‬
‫تشبهان شيئا من أيدي المخلوقين‪ ،‬وليستا جارحتين‪ ،‬وال قدرتين‪ ،‬وال نعمتين‪ ،‬بل يدان ال‬
‫كاأليدي‪ ،‬وهما صفة ذاتية هلل تعالى على ما يليق بعظمته وكماله‪ .‬وقد أخبر اهلل تعالى‬
‫في محكم التنزيل عن هذه الصفة‪ ،‬كما أخبر بذلك رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫َّإنه ال يوجد في القرآن الكريم والسنة الشريفة وال في كالم أحد من أئمة المسلمين‬
‫أن الم راد بالي د ال واردة في النص وص خالف الظ اهر‪ ،‬أو َّ‬
‫أن الظ اهر غ ير‬ ‫م ا ي دل على َّ‬
‫مراد‪ ،‬كما تزعم الشيعة‪ ،‬كما ليس في القرآن الكريم آية تدل داللة ظاهرة أو خفية على‬
‫(‪)2‬‬
‫انتفاء وصفه تعالى باليد حقيقة‪.‬‬
‫وليس في العقل الصريح م ا يدل دالل ة ظ اهرة على أن اهلل تع الى ال يد ل ه حقيق ة‬
‫ألبتة‪ .‬بل النصوص الشرعية‪ ،‬وأقوال األئمة متضافرة على إثبات اليد صفة على الحقيقة‬
‫هلل تع الى‪ ،‬كم ا ان ه ليس من المعق ول أن ي أتي ذك ر الي د في الكت اب والس نة بص ورة‬
‫مستفيضة ثم لم يأت نص واحد أو دليل واحد يصرفها عن ظاهرها‪ ،‬وهل من المعقول‬
‫أن يغفل النبي صلى اهلل عليه وسلم عن بيان ما يدل على أن (اليد) الواردة في كالم اهلل‬
‫تعالى ال يراد بها ظاهرها‪ ،‬إنما يراد بها معنى آخر‪ ،‬خاصة وأنه عليه الصالة والسالم‬
‫(‪)3‬‬
‫علَّم أصحابه رضي اهلل عنهم َّ‬
‫كل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم‪.‬‬
‫ومن أدلة القرآن الكريم‪ :‬والقرآن مملوء من األدلة في إثبات صفة اليد هلل تعالى‪ ،‬وأنها‬
‫من صفات اهلل الثابتة قطعاً‪ ،‬وأنها يد حقيقية تليق بعظمة الرب وقدره‪ .‬واألص ل في كالم‬
‫اهلل تع الى أن يحم ل على حقيقت ه‪ ،‬فال يج وز الع دول عن ذل ك‪ ،‬إال إن ك انت هن اك قرين ة‬
‫تمنع الحمل على الحقيقة‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق نفسه‪.‬‬


‫‪ -2‬انظر مختصر الصواعق المرسلة ‪.2/171‬‬
‫‪ -3‬انظر مجموع الفتاوى‪:‬ابن تيمية ‪.17-3/193،6/15‬‬

‫‪50‬‬
‫وقد وردت صفة اليد في كتاب اهلل عز وجل بصيغة اإلفراد‪ ،‬ومن ذلك‪:‬قوله‪(:‬يد اهلل‬
‫فوق أيديهم) سورة الفتح‪ ،10:‬وقوله‪(:‬سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإ ليه ترجعون)‬
‫سورة يس‪ ،83:‬وقوله‪(:‬وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء‬
‫قدير) سورة آل عمران‪.26:‬‬
‫كم ا وردت ص فة الي د كت اب اهلل ع ز وج ل بص يغة التثني ة‪ ،‬ومن ذل ك‪:‬قول ه تع الى‬
‫إلبليس‪(:‬م ا منع ك أن تس جد لم ا خلقت بي دي) س ورة ص‪ ،75:‬وقول ه تع الى‪(:‬ب ل ي داه‬
‫مبس وطتان ينف ق كي ف ش اء) س ورة المائ دة‪ .64:‬ووردت ص فة الي د كت اب اهلل ع ز وج ل‬
‫بصيغة الجمع كما في قوله‪(":‬أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما) سورة يس‪:‬‬
‫‪ ،71‬ووردت بص يغ أخ رى ومن ذل ك‪ :‬قول ه‪(:‬واألرض جميع ا قبض ته ي وم القيام ة‬
‫َِّ‬
‫الى‪(:‬من َذا الذي ُي ْق ِر ُ‬
‫ض اللّ هَ‬ ‫َّ‬ ‫والس موات مطوي ات بيمين ه) س ورة الزم ر‪ .67:‬وقول ه تع‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قَرض اً حس ناً فَيض ِ‬
‫ون) س ورة‬ ‫َأض َعافاً َكث َيرةً َواللّ هُ َي ْقبِ ُ‬
‫ض َوَي ْب ُس طُ َوِإلَْي ه تُْر َج ُع َ‬ ‫اعفَهُ لَ هُ ْ‬ ‫ََ ُ َ‬ ‫ْ‬
‫البقرة‪.245:‬‬
‫كل هذه الصيغ دالَّة على إثبات معنى واحد‪:‬هو إثبات صفة اليد هلل تعالى حقيقة‬
‫إن َّ‬
‫َّ‬
‫على م ا يلي ق بجالل ه‪ ،‬دون تش بيه وال تمثي ل له ا بي د المخل وقين‪ ،‬ودون تحري ف له ا وال‬
‫تعطيل‪ ،‬فكما أن له تعالى ذاتاً حقيقة ال تشبه ذوات العباد فصفاته ال تشبه صفاتهم‪(.‬لَْي َس‬
‫ص ُير) الشورى‪.11‬‬ ‫َّميع الب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َكمثْله َش ْي ٌء َو ُه َو الس ُ َ‬
‫َّ‬
‫إن تأويل صفة اليد بالقدرة أو النعمة يؤدي إلى تعطيل هذه النصوص القرآنية ‪-‬‬
‫على ه ذه الص فة‪ -‬عن داللته ا على المع نى المس وق ألجل ه‪ ،‬وه و إثب ات ص فة الي د‪ ،‬ف إذا‬
‫حملت على خالف ذل ك بتأويله ا ك ان ذل ك نفي ا للمع نى ال ذي ج اءت من أجل ه‪ ،‬وإ ثبات ا‬
‫(‪)1‬‬
‫لمعنى آخر‪ ،‬لم تدل عليه نصوص القرآن ال نصا وال ظاهرا‪.‬‬
‫وأما من السنة النبوية‪ :‬فهناك الكثير من األحاديث الثابتة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم جاءت فيها صفة اليدين هلل تعالى‪ ،‬ونذكر هنا بعضا منها‪-:‬‬
‫‪ -‬ما رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه قال‪:‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪":‬احتج آدم‬
‫وموسى‪ ،‬فقال موسى آلدم‪:‬أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة‪ .‬قال له آدم‪:‬أنت موسى‬
‫(‪)2‬‬
‫اصطفاك اهلل بكالمه وخط لك التوراة بيده‪"...‬الحديث‪.‬‬

‫‪ -1‬أصول الدين عند اإلمام أبي حنيفة‪ :‬محمد بن عبد الرحمن الخميس ص ‪.583‬‬
‫آدم وموسى ِع ْن َد ِ‬
‫اهلل‪ ،‬رواه مسلم رقم ‪ ،2652‬كتاب‬ ‫اب تَ َح َّ‬
‫اج َ ُ َ ُ َ‬ ‫‪ -‬رواه البخاري‪:‬رقم‪ ،6614‬كتاب القدر‪َ،‬ب ٌ‬
‫‪2‬‬

‫وسى َعلَْي ِه َما َّ‬


‫السالَ ُم‪.‬‬ ‫آد َم َو ُم َ‬ ‫القدر‪ ،‬باب ِح َج ِ‬
‫اج َ‬

‫‪51‬‬
‫‪ -‬ما رواه أبو هريرة رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪":‬لما خلق‬
‫(‪)1‬‬
‫اهلل الخلق كتب بيده على نفسه أن رحمتي تغلب غضبي"‪.‬‬
‫‪ -‬ما رواه أبو موسى األشعري رضي اهلل عنه قال‪:‬إن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫قال‪":‬إن اهلل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار‪ ،‬ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حتى تطلع الشمس من مغربها"‪.‬‬
‫‪ -‬ما رواه عبد اهلل بن عمر بن العاص أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬إن المقس طين‬
‫عند اهلل على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل‪ ،‬وكلتا يديه يمين‪ ،‬الذين يعدلون‬
‫(‪)3‬‬
‫في حكمهم وأهليهم وما ولوا"‪.‬‬
‫ال َر ُس و ُل اللَّ ِه صلى‬ ‫‪ -‬وما رواه ثقة الشيعة الكليني َع ْن َأبِي َج ْعفَ ٍر عليه السالم قَ ا َل‪:‬قَ َ‬
‫اء ِفي ِظ ِّل َع ْر ِش ِه‬ ‫ض َزَب ْر َج َد ٍة َخ ْ‬
‫ض َر َ‬ ‫ام ِة َعلَى َْأر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل عليه وآله اْلمتَحاب ِ َّ ِ‬
‫ُّون في الله َي ْو َم اْلقَي َ‬‫ُ َ َ‬
‫س الطَّ ِال َع ِة‪َ ،‬ي ْغبِطُهُ ْم‬ ‫َأض وُأ ِم َن َّ‬
‫الش ْم ِ‬ ‫وههُ ْم َ ُّ‬
‫َأش د َبَياض اً َو ْ َ‬ ‫ين‪ُ ،‬و ُج ُ‬ ‫ـن َي ِمينِ ِه‪َ ،‬و ِكْلتَ ا َي َد ْي ِه َي ِم ٌ‬
‫َع ْ‬
‫ـن َه ُؤ اَل ِء؟ فَُيقَ ا ُل َه ُؤ اَل ِء‬
‫اس َم ْ‬ ‫الن ُ‬‫ـل َملَ ٍك ُمقَ َّر ٍب َو ُك ُّل َنبِ ٍّي ُم ْر َس ٍل‪َ ،‬يقُ و ُل َّ‬ ‫بِم ْن ِزلَتِ ِهم ُك ُّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫أن المراد من قول النبي صلى اهلل‬ ‫يصح أن يقال َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّون ِفـي الله‪ .‬يقال للشيعة هل‬
‫َّ ِ (‪)4‬‬
‫اْل ُمتَ َحاب َ‬
‫علي ه وس لم‪:‬وكلت ا قوتي ه يمين؟! فه ل للق وة يمين؟!فمن زعم ج واز ذل ك‪ ،‬خ الف أه ل‬
‫العقول‪ ،‬وصار من البله والجهال! وإ ن قال بعدم جواز ذلك وجب عليه التسليم‪ ،‬وإ ثبات‬
‫اليدين تعالى صفة حقيقة هلل تعالى‪ ،‬وإ ال ليس بعد ذلك إالَّ العناد‪.‬‬
‫‪ -‬ما رواه أنس بن مالك رضي اهلل عنه عن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪":‬يجمع اهلل‬
‫الن اس ي وم القيام ة‪ ،‬فيقول ون‪:‬ل و استش فعنا على ربن ا ح تى يريحن ا من مكانن ا‪ ،‬في أتون آدم‬

‫‪ -1‬رواه البخاري رقم ‪َ ،7404‬باب قَ ْو ِل اللَّ ِه تَ َعالَى‪َ (:‬وُي َح ِّذ ُر ُك ْم اللَّهُ َن ْف َسهُ) َوقَ ْوِل ِه َج َّل ِذ ْك ُرهُ‪(:‬تَ ْعلَ ُم َما ِفي‬
‫ك)‪.‬ورواه مسلم رقم ‪ ،2750‬باب في سعة رحمة اهلل تعالى وأنها سبقت غضبه‪.‬‬ ‫َأعلَ ُم َما ِفي َن ْف ِس َ‬
‫َن ْف ِسي َواَل ْ‬
‫ِ ُّ‬ ‫ول التَّوب ِة ِمن ُّ‬
‫وب َوالتَّ ْوَبةُ‪.‬‬
‫وب َوِإ ْن تَ َك َّر َرت الذُن ُ‬ ‫الذُن ِ‬ ‫‪ -‬رواه مسلم رقم ‪ ،7165‬كتاب التوبة‪ ،‬باب قَُب ِ ْ َ َ‬
‫‪2‬‬

‫وأحمد في المسند‪ 19635،19619 ،19529،19547‬قال‪:‬الشيخ شعيب األرنؤوط‪:‬إسناده صحيح على‬


‫شرط الشيخين‪.‬‬
‫‪ -3‬أخرجه أحمد رقم ‪ ،)2/160(،6492‬ومسلم رقم ‪ ،1828‬كتاب اإلمارة‪،‬باب فضيلة اإلمام العادل‬
‫وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم‪ .‬والنسائي رقم ‪ ،94‬كتاب‬
‫آداب القضاة‪،‬باب فضل الحاكم العادل في حكمه‪ .‬ورواه الحاكم رقم ‪ ،7006‬وقال‪ :‬صحيح على شرط‬
‫الشيخين‪.‬‬
‫ض ِفي اللَّ ِه ‪ .2/126‬بحار األنوار ‪.71/398 .66/243‬‬
‫ب ِفي اللَّ ِه واْلُب ْغ ِ‬
‫َ‬ ‫اب اْل ُح ِّ‬
‫‪ -‬أصول الكافي‪َ :‬ب ُ‬
‫‪4‬‬

‫‪52‬‬
‫فيقولون يا آدم أنت أبالذي خلقك اهلل بيده‪ ،‬ونفخ فيه من روحه‪ ،‬وأمر المالئكة فسجدوا‬
‫(‪)1‬‬
‫لك‪،‬فاشفع لنا عند ربنا‪"...‬الحديث‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إبطال تأويالت الشيعة‪:‬‬


‫‪ -1‬ق د أثبت علم اء أه ل الس نة الي د ص فة هلل على الحقيق ة‪ ،‬وأبطل وا تأوي ل الي د بالق درة‬
‫والنعمة كما ذهب إلى ذلك الشيعة وغيرهم من معطلة الصفات بحجة أن إثباتها يؤدي إلى‬
‫التجسيم‪ ،‬أو التشبيه‪ .‬فتأويل اليد إلى المجازر تحريف يؤدي إلى التعطيل‪.‬‬
‫يقول اإلم ام أبو حنيف ة‪":‬ول ه يد ووج ه ونفس‪ ،‬كما ذك ره اهلل تع الى في القرآن‪ ،‬فما‬
‫ذك ره اهلل تع الى في الق رآن من ذك ر الوج ه والي د والنفس فه و ل ه ص فات بال كي ف‪ ،‬وال‬
‫يق ال إن ي ده قدرت ه أو نعمت ه‪ ،‬ألن في ه إبط ال الص فة‪ ،‬وه و ق ول أه ل الق در واالع تزال‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ولكن يدي صفة بال كيف"‪.‬‬
‫ويقول اإلمام أحمد‪:‬إن هلل تعالى يد على الحقيقة كما جاءت في الكتاب والسنة‪ ،‬دون‬
‫المج از‪ ،‬ومن َعطَّل هذه الص فة ونحوها من ص فات اهلل تع الى فق د ألح د‪ ،‬وإ ن ه ال ب د من‬
‫إثب ات الص فات كم ا ج اءت في الكت اب والس نة دون تغي ير معناه ا‪ ،‬ومن غ ير مع نى‬
‫(‪)3‬‬
‫الصفات التي نطق بها القرآن وصحت عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقد كفر‪.‬‬
‫ويق ول محم د ص ديق حس ن خ ان عن د تفس يره لقول ه تع الى‪(:‬وق الت اليه ود ي د اهلل‬
‫مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان) سورة المائدة‪":64:‬إن اليد صفة‬
‫قائم ة ب ذات اهلل‪ ،‬وهي ص فة س وى الق درة‪ ،‬من ش أنها التك وين على س بيل االص طفاء‪،‬‬
‫والذي يدل عليه أن اهلل تعالى أخبر عن آدم أنه خلقه بيده على سبيل الكرامة‪ ،‬ولو كان‬
‫معن اه بقدرت ه أو نعمت ه أو ملك ه لم يكن لخصوص ية آدم ب ذلك وج ه مفه وم‪ ،‬وامتن ع ك ون‬
‫آدم مص طفى ب ذلك‪ ،‬ألن حاص ل في جمي ع المخلوق ات‪ ،‬فال ب د من إثب ات ص فة أخ رى‬
‫(‪)4‬‬
‫وراء ذلك يقع بها الخلق والتكوين على سبيل االصطفاء‪."...‬‬

‫صفَ ِة اْل َجَّن ِة َو َّ‬


‫الن ِار‪ .‬ورواه مسلم رقم ‪،193‬باب َْأدَنى‬ ‫‪ -1‬رواه البخاري رقم ‪ ،6565‬كتاب الرقاق‪،‬باب ِ‬
‫َ ُ‬
‫َأه ِل اْل َجَّن ِة َم ْن ِزلَةً ِفيهَا‪.‬‬
‫ْ‬
‫‪ -2‬الفقه األكبر‪:‬أبو حنيفة ص‪،2‬وانظر أقاويل الثقات‪:‬مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي‪،‬ص‪.63‬‬
‫‪ -3‬انظر طبقات الحنابلة‪:‬أبو الحسن محمد بن أبي يعلي ‪.2/294‬‬
‫‪ -4‬فتح البيان في مقاصد القرآن‪:‬محمد صديق حسن خان ‪.58-3/57‬‬

‫‪53‬‬
‫ويقول عالء الدين بن العطار‪:‬وجب اإليمان بصفة اليدين هلل تعالى لورود األخبار‬
‫بذلك‪ ،‬ويجب الكف عن تأويل اليدين بالنعمتين أو القدرتين‪َّ ،‬‬
‫ألن في ذلك تحريف يؤدي‬
‫(‪)1‬‬
‫إلى التعطيل‪.‬‬
‫ويق ول أب و عثم ان الص ابوني‪ :‬إن أئم ة اإلس الم ال يعتق دون تش بيها لص فات اهلل‬
‫بص فات خلق ه‪ .‬فيقول ون‪:‬إن ه تع الى خل ق آدم بي ده كم ا نص علي ه في كتاب ه‪(:‬ي ا إبليس م ا‬
‫يحرف ون الكلم عن مواض عه‬
‫منع ك أن تس جد لم ا خلقت بي دي) س ورة ص‪ ،75:‬وال ِّ‬
‫تحرف الشيعة والمعتزلة والجهمية‪ ،‬وال‬
‫فيحملون اليدين على النعم تين أو القوتين‪ ،‬كم ا ِّ‬
‫(‪)2‬‬
‫يشبهون يد اهلل تعالى بأيدي المخلوقين كما ذهبت المشبهة‪.‬‬
‫مما يدل على إبطال تأويل الشيعة لصفة اليد في قوله تعالى(خلقت بيدي) سورة‬ ‫‪َّ -2‬‬
‫إن َّ‬
‫ص‪ 75:‬بمعنى النعمة أنه لم يرد في اللغة وال في عادة أهل الخطاب أن يقال‪:‬عملت كذا‬
‫بي دي‪ ،‬ثم يع ني ب ذلك النعم ة‪َّ ،‬‬
‫وأنه ال يج وز أن يق ول الم رء رفعت الش يء بي دي أو‬
‫وضعته بيدي أو توليته بيدي وهو يعنى بذلك النعمة‪ ،‬كما ال يجوز أن يقال لي عند فالن‬
‫يدان وهو يعني نعمتين‪ ،‬وإ نما يقال‪:‬لي عنده يدان بيضاوان‪ ،‬فالقول‪:‬يد ال يعني سوى اليد‬
‫ال تي هي ص فة ل ذات على الحقيق ة‪ .‬ففي قول ه تع الى‪(:‬لم ا خلقت بي دي) س ورة ص‪،75:‬‬
‫أضاف اهلل تعالى الفعل إلى الفاعل‪ ،‬وعدى الفعل إلى اليد بحرف الباء‪ ،‬وما كان كذلك‬
‫فإنه ال يمكن إال أن يكون نص في أنه فعل الفعل بيده حقيقة فعلى هذا تكون اآلية نص‬
‫صريح في إثبات صفة اليد هلل تعالى‪ ،‬وعدم جواز تأويلها بالنعمة والقدرة‪ .‬وإ ذا كان اهلل‬
‫تعالى قد خاطب العرب بلغتها وما يجري مفهوما في كالمها ومعقوال في خطابها‪ ،‬وكان‬
‫ال يج وز في لس ان أه ل البي ان َّ‬
‫أن يق ول القائ ل فعلت بي دي‪ ،‬ويع ني ب ه النعم ة‪ ،‬بط ل أن‬
‫(‪)3‬‬
‫يكون معنى قوله تعالى‪":‬بيدي" النعمة‪ ،‬وإ نما المراد الصفة على الحقيقة‪.‬‬
‫ٍّ‬
‫ويدل على فساد تأويل الشيعة بالقدرة والنعم ة أن يغفل عدو اهلل إبليس عن ذلك‪،‬‬
‫علي يقتض ي أن أس جد ل ه‪ ،‬وأن ا أيض اً بي دك خلقت ني‪ ،‬ال تي هي‬
‫ولق ال‪:‬وأي فض ل آلدم ّ‬
‫ق درتك‪ ،‬وبنعمت ك خلقت ني؟ ومن المعل وم أن اهلل تع الى فض ل آدم على إبليس بخلق ه بي ده‪،‬‬
‫وهذا دليل على فساد ما قالوه‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر كتابه االعتقاد الخالص من الشك واالنتقاد ص ‪.25‬‬


‫‪ -2‬انظر عقيدة السلف أصحاب الحديث ص ‪.4-3‬‬
‫‪ -3‬انظر اإلبانة في أصول الديانة‪:‬أبو الحسن األشعري ص ‪ ،41‬التمهيد‪ :‬الباقالني ص ‪ ،297‬مجموع‬
‫الفتاوى‪:‬ابن تيمية ‪ ،6/371‬مختصر الصواعق المرسلة‪:‬ابن القيم ‪.170-1/169‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ -3‬ومما يبن بطالن تأويل اليد بالقدرة والنعمة في قوله تعالى‪( :‬لما خلقت بيدي) سورة‬
‫ص‪َّ 75:‬أنه من المعروف في لغة الع رب استعمال الواحد في الجمع كقوله تعالى‪( :‬إن‬
‫اإلنسان لفي خسر)العصر‪ ،2:‬والجمع في الواحد ‪:‬كقوله تعالى‪(:‬الذين قال لهم الناس إن‬
‫الن اس ق د جمع وا لكم فاخش وهم) س ورة آل عم ران‪ ،173 :‬والجم ع في االث نين ‪:‬كقول ه‬
‫تعالى‪(:‬إن تتوبا إلى اهلل فقد صغت قلوبكما) سورة التحريم‪ ،4:‬ولكنها لم تستعمل الواحد‬
‫في االثنين فال تقول عندي رجل وأنت تعنى رجلين‪ ،‬ولم تستعمل االثنين في الواحد فال‬
‫تق ول عن دي رجالن وأنت تع نى ب ه جنس الرج ال‪ ،‬فال يج وز تأوي ل الي دين بالق درة ألن‬
‫الق درة ص فة واح دة‪ ،‬وال يج وز أن يع بر ب االثنين عن الواح د‪ ،‬وال يج وز تأوي ل الي دين‬
‫بالنعم ة‪ ،‬وال يج وز أن يك ون خل ق اهلل آدم بنعم تين‪ ،‬ألن نعم اهلل على آدم وغ يره ال‬
‫تحص ى وال تع د‪ ،‬وعن د ذل ك فال يج وز أن يع بر ب االثنين عن الجم ع‪ ،‬وه ذا مم ا يبط ل‬
‫(‪)1‬‬
‫تأويل الشيعة لليدين بالنعمة أو القدرة‪.‬‬
‫‪ -4‬إن الش يعة المفت ونين بالتأوي ل يؤول ون الي دين ت ارة بالق درة‪ ،‬وت ارة ب القوة‪ ،‬وت ارة‬
‫بالنعمة في قوله تعالى‪( :‬قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) سورة ص‪:‬‬
‫‪ 35‬وأرادوا بذلك أن ال تد ّل على يدين حقيقيتين كما أراد اهلل تعالى من اآلية‪ ،‬بل أرادوا‬
‫شيئا معنوي ا‪ ،‬واخت اروا له ا أي مع نى يواف ق أصولهم في التأوي ل‪ ،‬ولو ك ان ذل ك ب اطال‪،‬‬
‫وال دليل عليه‪ ،‬فهذا قول على اهلل تعالى بال علم‪ ،‬فاألصل عدم صرف اللفظ عن ظاهره‬
‫إال بدليل واضح‪ ،‬وقد تنوعت النصوص من الكتاب اهلل والسنة النبوية على إثبات اليدين‬
‫هلل تبارك وتعالى‪ ،‬ووصفها بأوصاف تمنع تأويلها بالقدرة أو النعمة‪.‬‬
‫يقول أبو الحسن األشعري‪:‬ال يجوز عندنا وال عند خصومنا أن نعني جارحتين وال‬
‫يج وز عن د خص ومنا أن يع ني ق درتين‪ .‬فص ح أن مع نى قول ه تع الى‪(:‬بي دي) إثب ات ي دين‬
‫ليس تا ج ارحتين وال ق درتين وال نعم تين‪ ،‬ال يوص فان إال ب أن يق ال‪:‬إنهم ا ي دان‪ ،‬ليس تا‬
‫(‪)2‬‬
‫كاأليدي‪ ،‬خارجتان عن سائر الوجوه التي سلفت‪.‬‬
‫إن تأويل الشيعة لليمين والكف والقبضة بالنعمة أو القدرة‪ ،‬فباطل ويرد عليه‪َّ :‬‬
‫بأن‬ ‫‪َ -5‬‬
‫ه ذا التأوي ل مخ الف ص راحة للغ ة الع رب ال تي أن زل اهلل به ا الق رآن الك ريم‪ ،‬ومخ الف‬
‫لغيرها من لغات األمم‪ ،‬حيث لم يستعمل أحد من أهل اللغة اليمين والكف أو القبضة في‬

‫‪-1‬انظر التمهيد‪:‬الباقالني ص‪ ،297‬التوحيد‪:‬ابن خزيمة‪ ،‬ص‪،85‬االعتقاد‪ :‬البيهقي ص‪ ،69‬مجموع‬


‫الفتاوى‪:‬ابن تيمية ‪ ،6/365‬مختصر الصواعق المرسلة‪:‬ابن القيم ‪.2/170‬‬
‫‪ -2‬اإلبانة في أصول الديانة‪:‬أبو الحسن األشعري‪-‬بتصرف‪ -‬ص ‪.134‬‬

‫‪55‬‬
‫النعمة أو القدرة‪ ،‬ثم إن سياق النصوص الشرعية التي وردت فيه هذه األلفاظ ال يمكن‬
‫أن يك ون له ا مع نى مفه وم إذ أولت بالنعم ة أو الق درة‪ ،‬فمثال في قول ه ص لى اهلل علي ه‬
‫وسلم‪":‬إن المقسطين عند اهلل على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل‪ ،‬وكلتا يديه‬
‫(‪)1‬‬
‫يمين‪ ،‬الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا"‪.‬‬
‫ولو كانت اليمين هي النعمة أو القدرة‪ ،‬واليدين كانت النعمة أو القدرة‪ ،‬فهل يستقيم‬
‫المع نى إذا قي ل‪ :‬نعم ة ال رحمن أو ق درة ال رحمن‪ ،‬وكلت ا قدرتي ه‪ ،‬أو نعمتي ه ق درتين أو‬
‫نعمتين‪.‬‬
‫يقول ابن خزيمة في الرد على الجهمية الذين ذهبوا إلى نفس تأويالت الشيعة‪ :‬قال‬
‫اهلل ع ز و ج ل‪" :‬واألرض جميع ا قبض ته ي وم القيام ة والس موات مطوي ات بيمين ه"‪ ،‬أفال‬
‫أن األرض جميع ا ال تك ون قبض ة إح دى نعمتي ه ي وم القيام ة‪ ،‬وال َّ‬
‫أن‬ ‫يعق ل أه ل اإليم ان َّ‬
‫الس موات مطوي ات بالنعم ة األخ رى‪ ،‬أال يعق ل ذوو الحج ا من المؤم نين َّ‬
‫أن ه ذه الدعوى‬
‫التي يدعيها الجهمية جهل أو تجاهل شر من الجهل‪ ،‬بل األرض جميعا قبضة ربنا جل‬
‫وعال بإح دى يدي ه يوم القيام ة والس موات مطوي ات بيمين ه وهي اليد األخرى وكلت ا يدي‬
‫(‪)2‬‬
‫ربنا يمين"‪.‬‬
‫أن التأوي ل الش يعي للي د بالق درة أو النعم ة باط ل‪َّ ،‬‬
‫أن هن اك كث يراً من‬ ‫مما ي د ّل على َّ‬
‫‪َّ -6‬‬
‫النصوص واألخبار وردت بشأن إثبات اليمين والشمال واألصابع والكف‪َّ ،‬‬
‫وأن لفظ اليد‬
‫ورد في الكتاب والسنة وكالم الصحابة والتابعيين أكثر من مائة موضع مقرونا بما يدل‬
‫على َّأنه ا ي د حقيق ة‪ ،‬ف ورد اإلمس اك والطي‪ ،‬والقبض‪ ،‬والبس ط‪ ،‬والمص افحة‪ ،‬والحثي ات‪،‬‬
‫والنص ح بالي د‪ ،‬والخلق باليدين والمباش رة بهم ا‪ ،‬وكتب التوراة بي ده‪ ،‬وغرس الجن ة بيده‬
‫(‪)3‬‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬وأما تأويل اليد بالنعمة في قوله تعالى‪( :‬بل يداه مبسوطتان) سورة المائدة‪ ،64:‬فقد‬
‫بين بطالن ه ابن خزيم ة بقول ه‪ :‬ل و ك ان مع نى الي د النعم ة لق رئت‪:‬ب ل ي داه مبس وطة أو‬
‫منبس طة‪ ،‬ألن نعم اهلل أك ثر من أن تحص ى‪ ،‬ومن المح ال أن تك ون نعم تين ال أك ثر‪ .‬إذا‬
‫فلله تعالى يدان على الحقيقة كما جاء في اآلية الكريمة رداً على اليهود لما قالوا‪(:‬يد اهلل‬
‫مغلول ة) ف اليهود لم يري دوا من ه ذا الق ول أن نعم اهلل مغلول ة‪ ،‬وال أراد اهلل تع الى من‬

‫‪ -1‬انظر مختصر الصواعق المرسلة ص ‪ .2/171‬والحديث سبق تخريجه‪.‬‬


‫‪ -2‬التوحيد‪:‬ابن خزيمة ص ‪.86‬‬
‫‪ -3‬انظر مختصر الصواعق المرسلة ‪.173-2/171‬‬

‫‪56‬‬
‫قوله‪ ":‬غلت أيديهم" أي غلت نعمهم‪ ،‬بل أراد أن يرد عليهم مقالتهم وكذبهم في قولهم "يد‬
‫(‪)1‬‬
‫اهلل مغلولة" فهو تعالى أراد أيديهم حقيقة كما أرادوا هم يده حقيقة‪.‬‬
‫‪ -8‬وأما تأويل اليد بالقدرة أو القوة في قوله تعالى‪(:‬ما منعت أن تسجد لما خلقت بيدي)‬
‫سورة ص‪ ،75:‬فباطل‪ ،‬لوجوه‪ :‬منها‪-:‬‬
‫أ‪ -‬أن ه ل و ك ان الم راد بالي د في قول ه تع الى‪(:‬لم ا خلقت بي دي) الق درة أو الق وة لم ا ك انت‬
‫هن اك خصوص ية تفض يل آلدم على إبليس‪ ،‬إذ أن إبليس خلق ه اهلل تع الى بقدرت ه وقوت ه‪،‬‬
‫كم ا خل ق اهلل تع الى س ائر المخلوق ات بقوت ه وقدرت ه‪ ،‬وال احتج إبليس على رب ه تع الى‬
‫بقوله‪:‬أنا خلقتني بيديك التي هي قدرتك كما بيدك خلقت آدم؟ فلما أراد اهلل تعالى تفضيل‬
‫آدم على إبليس بخلق ه ل ه بي ده‪ ،‬خ اطب إبليس موبخ اً اس تكباره على آدم أن يس جد ل ه‪(:‬ما‬
‫أن َّ‬
‫اليد صفة هلل‬ ‫منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت) سورة ص‪َّ ،75:‬‬
‫دل هذا على َّ‬
‫على الحقيق ة‪ ،‬وليس معناه ا الق درة ألن األش ياء كله ا مخلوق ة بالق درة‪ )2(.‬ومم ا ي بين‬
‫تخص يص اهلل آلدم ب الخلق بي ده ح ديث المحاج ة بين موس ى وآدم عليهم ا الس الم‪ ،‬إذ ثبت‬
‫(‪)3‬‬
‫وأيض ا ح ديث الش فاعة ي وم الموق ف‬ ‫أن موس ى ق ال آلدم‪:‬أنت ال ذي خلق ك اهلل بي ده‪،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫العظيم‪ ،‬إذ سأل أهل الموقف آدم الشفاعة قائلين‪:‬أنت الذي خلقك اهلل تعالى بيده‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن قوله تعالى‪(:‬ما منعت أن تسجد لما خلقت بيدي) سورة ص‪ ،75:‬هو خطاب من ه‬
‫تعالى إلبليس على سبيل التقريع والتوبيخ‪ ،‬ألن إبليس امتنع عن السجود آلدم الذي خلقه‬
‫اهلل تعالى بيده‪ ،‬ولو كان معنى اليد في هذه اآلية النعمة لما كان آلدم مزيد فضيلة آلدم‬
‫على إبليس‪ ،‬ولم ا اس تحق إبليس الت وبيخ المتناع ه عن الس جود آلدم المفض ل لكون ه‬
‫مخلوقا يب د اهلل ع ز وج ل‪ .‬ولق د ج اء الخ بر عن رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم مفس راً‬
‫ومؤكداً لما خرج به القرآن الكريم من خلق آدم بيده‪ ،‬حيث صح عنه عليه السالم أنه‬
‫(‪)5‬‬
‫قال‪:‬إن اهلل خلق آدم بيده‪ ،‬وخلق جنة عدن بيده‪ ،‬وكتب التوراة بيده‪.‬‬

‫‪ -1‬التوحيد‪ :‬ابن خزيمة‪،‬بتصرف ص ‪.87-86‬‬


‫‪ -2‬انظر اإلبانة في أصول الديانة ص ‪ ،42‬التمهيد‪:‬الباقالني ص ‪ ،298‬االعتقاد‪:‬البيهقي ص‪.69‬‬
‫صفَ ِة اْل َجَّن ِة َو َّ‬
‫الن ِار‪ ،‬ورواه أحمد في المسند رقم ‪،2546‬‬ ‫‪ -3‬رواه البخاري‪:‬رقم ‪ ،6565‬كتاب الرقاق‪ ،‬باب ِ‬
‫َ‬
‫‪ .13590 ،9176 ،2692‬وانظر التوحيد‪ :‬ابن خزيمة ص ‪.250،253-241‬‬
‫آدم وموسى ِع ْن َد ِ‬
‫اهلل‪ ،‬رواه مسلم رقم ‪ ،2652‬كتاب‬ ‫اب تَ َح َّ‬
‫اج َ ُ َ ُ َ‬ ‫‪ -‬رواه البخاري‪:‬رقم‪ ،6614‬كتاب القدر‪َ،‬ب ٌ‬
‫‪4‬‬

‫السالَ ُم‪.‬وانظر التوحيد‪:‬ابن خزيمة ص ‪.250،253-241‬‬ ‫وسى َعلَْي ِه َما َّ‬


‫آد َم َو ُم َ‬ ‫القدر‪ ،‬باب ِح َج ِ‬
‫اج َ‬

‫‪57‬‬
‫‪ -9‬وإ ذ ق الت الش يعة نحن ن ؤول الي د بالق درة أو النعم ة‪َّ ،‬‬
‫ألن الي د ال تك ون إال الجارح ة‪،‬‬
‫والجوارح من خصائص األجسام‪ ،‬واهلل تعالى منزه عنة التجسيم والتشبيه‪ ،‬فإنه يقال لهم‪:‬‬
‫إذا كنتم بنيتم ذلك على الشاهد المخلوق وقضيتم به على اهلل عز وجل‪ ،‬فإن هذا مردود‬
‫عليكم‪ ،‬إذ من المعلوم أن ه لم نج د قائما بذات ه في الش اهد إال ج وهراً أو جس ما‪ ،‬ف إذا قلتم‪:‬‬
‫نحن نثبت موجودا ال كالموجودين‪ ،‬قلنا لكم‪ :‬ونحن نثبت هلل تعالى يداً ال كاأليدي‪ ،‬وليس‬
‫لكم أن تمنع وا إثب ات ي دين ليس تا نعم تين وال ج ارحين‪ ،‬إذ ليس في العق ل الص ريح أو‬
‫(‪)1‬‬
‫السمع الصحيح ما يمنع ذلك‪.‬‬
‫َأن تَ ْس ُج َد ِل َما َخلَ ْق ُ‬
‫ت بَِي َديَّ) فال‬ ‫ك ْ‬ ‫يس َما َمَن َع َ‬ ‫ِ‬
‫وجل‪(:‬يا ِإْبل ُ‬
‫َ‬ ‫يقول البيهقي‪":‬فأما قوله عز‬
‫يج وز أن يحم ل على الجارح ة‪ ،‬ألن الب اري ج ل جالل ه واح د‪ ،‬ال يج وز علي ه التبعيض‪،‬‬
‫وال على الق ّوة والمل ك والنعم ة والص لة‪ ،‬ألن االش تراك يق ع حينئ ذ بين ولي ه آدم‪ ،‬وع دوه‬
‫إبليس‪ ،‬فيبطل ما ذكر من تفضيله عليه لبطالن معنى التخصيص‪ ،‬فلم يبق إال أن يحمال‬
‫على صفتين تعلقتا بخلق آدم‪ ،‬تشريفاً له‪ ،‬دون خلق إبليس‪ ،‬تعلق القدرة بالمقدور‪ ،‬ال من‬
‫طري ق المباش رة‪ ،‬وال من حيث المماس ة‪ ،‬وك ذلك تعلقت بم ا روين ا في األخب ار من خ ط‬
‫التوراة وغرس الكرامة ألهل الجنة‪ ،‬وغير ذلك تعلق الصفة بمقتضاها‪...‬فلم يجز حملها‬
‫(‪)2‬‬
‫على غير الصفة"‪.‬‬
‫‪ -10‬لقد وردت صفة اليد في أحاديث روتها كتب الشيعة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وعن بعض أئمة الشيعة‪ .‬فمن ذلك‪-:‬‬
‫ان ْب ِن َي ْحَيى َع ْن َأبِي َح ْم َزةَ َع ْن َأبِي‬ ‫ص ْف َو َ‬
‫َأح َم َد َع ْن َ‬
‫افي‪":‬ع ْن ْ‬
‫َ‬ ‫أ‪ -‬م ا رواه الكلي ني في الك‬
‫ط َع َم ثَاَل ثَ ةَ َنفَ ٍر ِم َن‬ ‫َّ ِ‬
‫َج ْعفَ ٍر علي ه الس الم قَ ا َل‪ :‬قَ ا َل َر ُس و ُل الله ص لى اهلل علي ه وآل َ‬
‫ه‪:‬م ْن َأ ْ‬
‫ِ‬ ‫ات اْل ِف ْر َد ْو ِ‬
‫وت السَّماو ِ‬ ‫ان ِفي ملَ ُك ِ‬ ‫ط َع َمهُ اللَّهُ ِم ْن ثَاَل ِث ِجَن ٍ‬ ‫ِِ‬
‫وبى‬ ‫س َو َجَّنة َع ْد ٍن َوطُ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ين َأ ْ‬
‫اْل ُم ْسلم َ‬
‫ِ ِ (‪)3‬‬
‫َش َج َر ٍة تَ ْخ ُر ُج ِم ْن َجَّن ِة َع ْد ٍن َغَر َسهَا َربَُّنا بَِيده"‪.‬‬

‫‪ -5‬انظر مختصر الصواعق المرسلة ص ‪ .173-2/171‬ورويت عدة أحاديث في ذلك‪ :‬انظر المعجم‬
‫األوسط‪:‬الطبرسي رقم ‪ ،3701‬واألسماء والصفات للبيهقي رقم ‪ ،676‬والصفات‪:‬الدارقطنى‪،‬رقم ‪،28‬‬
‫‪.1/26‬‬
‫‪ -1‬انظر اإلبانة في أصول الديانة‪:‬األشعري ص ‪ ،44‬التمهيد‪:‬الباقالني ص ‪ ،298‬مجموع الفتاوى‪:‬ابن‬
‫تيمية ‪ ،6/376‬مختصر الصواعق المرسلة ‪.2/171‬‬
‫‪ -2‬انظر األسماء والصفات‪:‬البيهقي ص‪.418‬‬
‫‪ -3‬الكافي‪:‬الكليني باب إطعام المؤمن‪.2/201،‬‬

‫‪58‬‬
‫ِ‬ ‫يم َع ْن َأبِي ِه َع ْن ْ‬ ‫ِإ ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ٍر‬ ‫َأح َم َد ْب ِن ُم َح َّمد ْب ِن َأبِي َن ْ‬ ‫ب‪ -‬وم ا رواه الكلي ني‪":‬عن َعل ُّي ْب ُن ْب َراه َ‬
‫َّ‬ ‫ان َع ْن ُم َح َّم ِد ْب ِن َعِل ٍّي اْل َحلَبِ ِّي َع ْن َأبِي َعْب ِد اللَّ ِه عليه السالم قَ َ‬
‫ال‪ِ :‬إ َّن اللهَ‬ ‫ان ْب ِن ُعثْ َم َ‬ ‫َع ْن ََأب ِ‬
‫ض ةً‬ ‫ض قَْب َ‬
‫ين‪ ،‬ثَُّم قََب َ‬ ‫اء َعلَى الطِّ ِ‬ ‫آد َم علي ه الس الم َْأر َس َل اْل َم َ‬ ‫ق َ‬ ‫َأن َي ْخلُ َ‬ ‫َع َّز َو َج َّل لَ َّما ََأر َاد ْ‬
‫ِ‬ ‫فَ َع َر َكهَا ثَُّم فََّرقَهَا ِف ْرقَتَْي ِن بَِي ِد ِه‪ ،‬ثَُّم َذ َر ُ‬
‫َأه ْم فَِإ َذا ُه ْم َيدب َ‬
‫(‪)1‬‬
‫ُّون‪...‬الخ"‪.‬‬
‫ج‪ -‬عن أبي عبد اهلل أن اهلل قال‪":‬يا محمد إني خلقتك وعليا نورا (يعني روحا) قبل أن‬
‫أخل ق س ماواتي وأرض ي وعرش ي‪ .‬ثم جمعت روحيكم ا وجعلتهم ا واح دة‪ .‬ثم قس متها‬
‫اثن تين وقس مت اثن تين اثن تين فص ارت أربع ة‪ :‬محم د واح د‪ .‬وعلي واح د‪ .‬والحس ن‬
‫والحس ين اثنت ان‪ .‬ثم خل ق اهلل فاطم ة من ن ور ابت دأها روح ا بال ب دن‪ .‬ثم مس حنا بيمين ه‬
‫(‪)2‬‬
‫فهذه الرواي ة تثبت ص فة الي د هلل تع الى‪ ،‬وأن ه يمسح بها األئم ة‪،‬‬ ‫فأفض ى نوره فين ا"‪.‬‬
‫فيفضي نورهم فيها‪.‬‬

‫المطلب الثامن‪ :‬اتصاف أئمة الشيعة بصفات اهلل الذاتية الخبرية‪:‬‬


‫لقد أنكرت الشيعة اتصاف اهلل تعالى بالصفات الخبرية وغيرها من صفات الكمال‪،‬‬
‫وأعط وا ه ذه الص فات ألئمتهم ‪-‬واألئم ة من ذل ك ب راء‪ -‬وه ذا من أك اذيب الق وم‬
‫وأساطيرهم ولقد تناقل علماء الشيعة اتصاف األئمة بصفات اهلل تعالى في عدة روايات‬
‫(‪)3‬‬
‫نسبوها زوراً ألبي عبد اهلل جعفر الصادق وغيره‪.‬‬
‫َّ‬
‫ادق‪":‬إن اهلل خلقن ا فأحس ن ص ورنا‪ ،‬وجعلن ا عين ه في‬ ‫فعن أبي عب د اهلل جعف ر الص‬
‫عب اده‪ ،‬ولس انه الن اطق في خلق ه‪ ،‬وي ده المبس وطة على عب اده بالرأف ة والرحم ة‪ ،‬ووجه ه‬
‫الذي يؤتى منه‪ ،‬وبابه الذي يدل عليه‪ ،‬وخزانه في سمائه وأرضه‪ ،‬بنا أثمرت األشجار‬
‫وأينعت الثمار‪ ،‬وجرت األنهار‪ ،‬وبنا ينزل غيث السماء وينبت عشب األرض‪ ،‬وبعبادتنا‬
‫(‪)4‬‬
‫عبد اهلل ولوالنا ما ُعبد اهلل"‪.‬‬

‫‪-1‬أصول الكافي‪:‬الكليني‪ ،‬باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف األول ‪ .2/6‬قال المجلسي في مرآة‬
‫العقول‪ :‬حسن موثق كالصحيح ‪.7/2‬‬
‫‪-2‬أصول الكافي‪:‬الكليني‪ ،‬كتاب الحجة‪ .‬باب مولد النبي ووفاته‪.1/365،‬‬
‫‪ -3‬انظر تفسير العياشي ‪،2/42‬االختصاص‪ :‬المفيد ص‪ ،252‬بحار األنوار‪:‬المجلسي‪،9/234‬‬
‫‪ ،5/25،40/97 ،24/147‬البرهان له ‪ ،2/52‬تفسير الصافي ‪ .255-2/254‬أصول الكافي‪،1/143‬‬
‫البرهان ‪.3/240‬‬
‫الن َو ِاد ِر ‪،1/144‬ابن بابويه‪:‬التوحيد ص‪ ،152-151‬بحار األنوار‪،5/25‬البرهان‬
‫اب َّ‬
‫‪ -‬أصول الكافي‪َ ،‬ب ُ‬
‫‪4‬‬

‫‪.241-3/240‬‬

‫‪59‬‬
‫َأص َحابَِنا َع ْن َأبِي َج ْعفَ ٍر عليه السالم‬ ‫ض ْ‬ ‫اس َع ْن َب ْع ِ‬ ‫الن َّخ ِ‬‫وروى الكليني َع ْن َأبِي َساَّل ٍم َّ‬
‫َّ ِ َّ‬ ‫َأع َ َّ‬ ‫قَا َل َن ْح ُن اْل َمثَانِي الَِّذي ْ‬
‫ب‬ ‫طاهُ اللهُ َنبِيََّن ا ُم َح َّمداً صلى اهلل عليه وآله َوَن ْح ُن َو ْج هُ الله َنتََقل ُ‬
‫الر ْح َم ِة َعلَى ِعَب ِاد ِه‬
‫طةُ بِ َّ‬‫نح ُن َع ْي ُن اللَّ ِه ِفي َخْل ِق ِه َوَي ُدهُ اْل َم ْب ُس و َ‬‫ظهُ ِر ُك ْم َو ْ‬ ‫اَأْلر ِ‬
‫ض َب ْي َن َأ ْ‬ ‫في ْ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫امةَ اْل ُمتَّق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪)1‬‬
‫ين ‪.‬‬ ‫َعَرفََنا َم ْن َع َرفََنا َو َجهلََنا َم ْن َجهلََنا َوِإ َم َ‬
‫علي ا قال‪":‬أنا عين اهلل‪ ،‬وأنا يد اهلل‪ ،‬وأنا حبيب اهلل‪ ،‬وأنا‬ ‫وزعموا أن أمير المؤمنين ً‬
‫(‪)2‬‬
‫الن اطق‪ ،‬وعين اهلل‬
‫ب اب اهلل"‪ .‬وق ال‪":‬أن ا علم اهلل‪ ،‬وأن ا قلب اهلل ال واعي‪ ،‬ولس ان اهلل ّ‬
‫(‪)3‬‬
‫الناظرة‪ ،‬وأنا جنب اهلل وأنا يد اهلل"‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد ذكر عالمتهم المجلسي ستًا وثالثين رواية تقول‪:‬إن األئمة هم وجه اهلل‪ ،‬ويد‬
‫(‪)4‬‬
‫الكش ي وغيره قال علي رضي اهلل عنه‪" :‬أنا وجه اهلل‪ ،‬أنا جنب‬
‫اهلل"‪ .‬وجاء في رجال ّ‬
‫(‪)5‬‬
‫األول‪ ،‬وأنا اآلخر‪ ،‬وأنا الظّاهر‪ ،‬وأنا الباطن"‪.‬‬
‫اهلل‪ ،‬وأنا ّ‬
‫ق ال أب و الحس ن الع املي‪" :‬إن األخب ار المستفيض ة‪ -‬يع ني أخب ار الش يعة‪ -‬ت دل على‬
‫(‪)6‬‬
‫وق د ذك ر المجلس ي جمل ة من ه ذه األخب ار في‬ ‫تأوي ل وج ه اهلل باألئم ة عليهم الس الم"‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫باب عقده بعنوان‪":‬باب أنهم عليهم السالم جنب اهلل ووجه اهلل ويد اهلل وأمثالها"‪.‬‬

‫المناقشة‪:‬‬
‫لق د س بق معن ا أن الش يعة ينف ون اتص اف اهلل ع ز وج ل بالي د والوج ه‪ ،‬ويؤول ون‬
‫نص وص الق رآن الك ريم والس نة الش ريفة ال تي أثبتت الي د والوج ه ص فات هلل تع الى‪،‬‬
‫والعجيب أنهم لم يكتف وا بتعطي ل اهلل تع الى عن ص فاته‪ ،‬ب ل نس ج لهم الكذب ة وال دجالون‬
‫رواي ات مكذوب ة نس بوها ألئم ة آل ال بيت‪ ،‬جعلتهم يغ الون كث يرا في أنفس هم‪ ،‬ويخرج ون‬
‫عن مقتضى الفطر السليمة والعقول الصحيحة‪ ،‬فجعلوا أنفسهم هم وجه اهلل ويده‪ .‬وهذا‬
‫وال ريب من الشركيات التي سوغها أهلها بسلوك التأويل الباطني الذي سلكه أمث الهم من‬

‫أصول الكافي‪:‬الكليني‪ ،‬كتاب التوحيد‪ :‬باب جوامع التوحيد ‪.1/111‬‬ ‫‪-1‬‬


‫الن َو ِاد ِر ‪ ،1/145‬بحار األنوار‪.24/194‬‬
‫اب َّ‬
‫أصول الكافي‪َ ،‬ب ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫ابن بابويه‪ :‬التّوحيد ص‪ ،164‬بحار األنوار ‪.24/198‬‬ ‫‪-3‬‬
‫بحار األنوار‪.203-24/191 :‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الدرجات ص‬
‫‪ -‬رجال الك ّشي ص‪ 221‬رقم ‪ ،374‬وانظر‪ :‬بحار األنوار‪:‬المجلسي ‪ ،94/180‬بصائر ّ‬
‫‪5‬‬

‫‪.151‬‬
‫‪ -‬مرآة األنوار ومشكاة األسرار‪ :‬أبو الحسن العاملي ص ‪.324‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -7‬انظر بحار األنوار‪ :‬المجلسي ‪.203-24/191‬‬

‫‪60‬‬
‫أئم ة مالح دة االتحادي ة ك ابن ع ربي ص احب فص وص الحكم‪ ،‬وابن الف ارض ص احب‬
‫التائي ة الش ركية‪ .‬وق د أثبت المحقق ون من علم اء الش يعة ك ذب ه ذه الرواي ات وع دم‬
‫(‪)1‬‬
‫صدورها عن األئمة‪.‬‬
‫وخط ورة ه ذه الت أويالت أنه ا عن د الش يعة ليس ت آراء اجتهادي ة قابل ة لألخ ذ وال رد‬
‫والمناقشة والتصويب‪ ،‬بل هي في معتقداتهم نصوص شرعية لها سمة الوحي وأهميته‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ألنها صادرة عن األئمة الذين يعتقدون أن أقوالهم لها‬ ‫وقدسية النص النبوي وشرعيته‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫من المكانة واألهمية كأقوال اهلل تعالى ورسوله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫ويقال للشيعة إذا كانت أئمتكم وجه اهلل ويده وغير ذلك من خصائص الرب سبحانه‬
‫وتعالى ‪ -‬كما تزعمون‪ -‬فإن هاهنا أسئلة يطرحها من أنعم اهلل عليهم بالعقل والبصيرة‪،‬‬
‫منها‪:‬هل كان اهلل تعالى متصفا بالوجه واليد قبل خلق أئمتكم؟ وهل سيبقى الرب تعالى‬
‫متص فا بهم ا بع د وف اة األئم ة؟ ثم أي رب ه ذا ال ذي يحت اج بعض عب اده ليكون وا هم ي ده‬
‫غني عن العالمين) آل عمران‪.97‬‬
‫ووجهه‪،‬أليس سبحانه هو القائل‪(:‬فإن اهلل ِّ‬

‫‪ -1‬انظر كتاب الكافي تحقيق المجلسي والبهبودي هدية الدمشقية‪:‬عبد الرحمن دمشقية ص ‪ 143‬وما‬
‫بعدها‪ .‬وكسر الصنم ألية اهلل البراقعي ص ‪.104-103‬‬
‫‪ -2‬انظر أصول مذهب الشيعة اإلمامية االثنى عشرية عرض ونقد‪:‬الدكتور ناصر بن عبد اهلل القفاري ص‬
‫‪.196‬‬
‫‪ -3‬جاء فـي الكافـي ما يعدونه حجة لهم فـي هذا المذهب‪ ،‬وهو قول أبي عبد اهلل‪" :‬حديثي حديث أبي‪،‬‬
‫وحديث أبي حديث جدي‪ ،‬وحديث جدي حديث الحسين‪ ،‬وحديث الحسين حديث الحسن‪ ،‬وحديث الحسن‬
‫حديث أمير المؤمنين‪ ،‬وحديث أمير المؤمنين حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وحديث رسول اهلل‬
‫قول اهلل عز وجل"‪(.‬أصول الكافـي‪ ،‬كتاب فضل العلم‪ ،‬باب رواية الكتب والحديث‪ ،1/53‬مرآة العقول في‬
‫محمد باقر المجلسي‪ .‬وسائل الشيعة‪ ،)18/58 :‬وذكر شارح الكافـي أن هذا‬ ‫شرح أخبار آل الرسول‪ّ :‬‬
‫أن حديث كل واحد من األئمة الظاهرين قول اهلل عز وجل‪ ،‬وال اختالف فـي أقوالهم‪ ،‬كما‬
‫القول يدلُّ على َّ‬
‫ال اختالف فـي قوله تعالى"‪(.‬شرح جامع على الكافـي‪:‬المازندراني ‪.)2/272‬‬

‫‪61‬‬
‫ِ‬ ‫ِّك ر ِّ ِ‬
‫ون)الص افات ‪.180‬أوليس م ا‬ ‫ب اْلع َّز ِة َع َّما َيص فُ َ‬ ‫ان َرب َ َ‬
‫الى‪(:‬س ْب َح َ‬
‫ُ‬ ‫لق د ص دق اهلل تع‬
‫ض‬‫اَأْلر ِ‬ ‫ِ‬ ‫اَأْلعلَى ِفي َّ‬
‫الس َم َاوات َو ْ‬ ‫تزعمه الشيعة مخالف لصريح قول اهلل تعالى‪َ ):‬ولَهُ اْل َمثَ ُل ْ‬
‫الس ِميع الب ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُير)الش ورى‬ ‫يم(ال روم‪ ،27‬وقول ه‪(:‬لَْي َس َكم ْثل ه َش ْي ٌء َو ُه َو َّ ُ َ‬ ‫َو ُه َو اْل َع ِزي ُز اْل َحك ُ‬
‫‪.11‬‬

‫الخـاتمـة‬
‫وتتضمن أهم نتائج البحث‪ ،‬وهي‪-:‬‬
‫‪ -‬الشيعة االثنى عشرية قد نفوا عن اهلل تعالى جميع صفاته‪ ،‬وزعموا َّ‬
‫أن الذات عين‬
‫الصفات ‪ ،‬بمعنى أنه ليس وراء ذاته شيء يسمى صفة‪ .‬فصفاته عندهم ليست معنى زائدا‬
‫على ذاته‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -‬التأويل الذي سلكته الشيعة تأويل مبتدع لم يرد في كالم العرب‪ ،‬ولغة القرآن الكريم‪.‬‬
‫فتأويل الشيعة هو‪:‬صرف اللفظ عن ظاهره وحقيقته إلى المجاز الذي وافق عقائدهم‬
‫الفاسدة‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد الشيعة في موقفهم من الصفات على روايات ضعيفة بل موضوعة‪ ،‬نسبوها‬
‫ألئمتهم المناقضة لنصوص الكتاب والسنة‪ .‬كما اعتمدوا على أدلة تخيلوا أنها من‬
‫العقليات‪ ،‬وهي في الحقيقة مما دل العقل الصريح على فسادها‪.‬‬
‫‪ -‬إن موقف الشيعة من الصفات اإللهية هو نفس موقف أهل البدع والضالل كالمعتزلة‬
‫والجهمية‪ ،‬الذين رد عليهم أهل السنة والجماعة وبينوا فساد معتقداتهم‪.‬‬
‫‪ -‬أن الشيعة تعاملوا مع نصوص الكتاب والسنة التي وردت فيها صفات اهلل تعالى من‬
‫خالل تأويل نصوص القرآن الكريم بما بعطل الذات اإللهية عن صفاتها‪ .‬ورد األحاديث‬
‫الص حيحة الثابت ة عن رس ول اهلل ص لى اهلل علي ه وس لم‪ .‬واالعتم اد على رواي ات أئمتهم‬
‫المناقضة لنصوص الكتاب والسنة‪.‬‬
‫إن الشيعة االثنى عشرية قد نفوا عن اهلل تعالى جميع صفاته‪ ،‬وزعموا َّ‬
‫أن الذات عين‬ ‫‪َّ -‬‬
‫الصفات ‪ ،‬بمعنى أنه ليس وراء ذاته شيء يسمى صفة‪ .‬فصفاته عندهم ليست معنى زائدا‬
‫على ذاته‪.‬‬
‫‪ -‬إن موقف الشيعة من الصفات الخبرية اإللهية هو نفس موقف أهل البدع والضالل‬
‫كالمعتزلة والجهمية‪ ،‬الذين َّ‬
‫رد عليهم أهل السنة والجماعة‪ ،‬وبينوا فساد وضالل‬
‫معتقداتهم‪.‬‬
‫‪ -‬إن التأويل الذي سلكته الشيعة للصفات الخبرية اإللهية ومنها‪ :‬صفتا الوجه واليد هو‬
‫تأويل مبتدع مخالف لما أثبته اهلل تعالى لنفسه وأثبته له رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫من الصفات‪ ،‬ولمنهج أهل الحق من سلف األمة‪.‬‬
‫‪ -‬أن الشيعة تعاملوا مع نصوص الكتاب والسنة التي وردت فيها صفتا الوجه واليد بما‬
‫يعطل الذات اإللهية عنها‪ .‬وهو نفس المسلك الذي ذهبت إليه المعتزلة نفاة الصفات‪.‬‬
‫‪ -‬لقد غالت الشيعة االثنى عشرية في اتصاف أئمتهم بخصائص الرب سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬إنهم وجه اهلل تعالى ويده وجنبه وعينه‪ ،‬وهذا من شركياتهم التي كثرت في كتبهم‬
‫المعتمدة‪.‬‬
‫واهلل تعالى نسأل الثبات والسداد لما يحبه ويرضاه‬

‫‪63‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ -‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪-1‬الإبانة عن أصول الديانة‪:‬أبو الحسن األشعري‪،‬المطبعة السلفية ومطبعتها‪-‬القاهرة‪-‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1397‬هـ‪.‬‬
‫‪-2‬األسماء والصفات‪:‬أبو بكر الحسين بن علي البيهقي‪،‬تحقيق ناصر البخاري الدمياطي‪،‬‬
‫دار ابن رجب‪،‬الطبعة األولى ‪1425‬هـ‪2004-‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬أصول الدين عند اإلمام أبي حنيفة‪ :‬محمد بن عبد الرحمن الخميس‪ ،‬دار الصميعي‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‬
‫‪-4‬األصول من الكافي‪:‬أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني‪ ،‬دار صعب‪-‬دار‬
‫التعارف للمطبوعات ‪-‬بيروت‪ -‬الطبعة الرابعة ‪1401‬هـ‪.‬‬
‫‪ -5‬أم الي المرتض ى‪ :‬علي بن الحس ين الموس وي العل وي الش ريف المرتض ى‪،‬ترجم ة‬
‫محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬المكتبة العصرية للطباعة‬
‫والنشر‪2004،‬م‪.‬‬
‫‪-6‬بحار األنوار الجامعة لدرر أخبار األئمة األطهار عليهم السالم‪:‬محمد باقر المجلسي‪،‬‬
‫تحقيق آية اهلل الشيخ محمد هادي معرفة‪ ،‬مؤسسة الوفاء ‪-‬بيروت‪ -‬لبنان الطبعة الثانية‬
‫‪1403‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬بح وث في المل ل والنح ل‪:‬جعف ر الس بحاني‪(،‬المكتب ة اإلس المية) موق ع ش بكة راف د‬
‫للتنمية الثقافية على شبكة المعلومات الدولية(‪.)http://www.rafed.net‬‬
‫‪ -8‬بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكالمية‪ :‬أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني‬
‫أب و العب اس‪ ،‬تحقي ق‪ :‬محم د بن عب د ال رحمن بن قاس م‪ ،‬مطبع ة الحكوم ة ‪ -‬مك ة‬
‫المكرمة‪،‬الطبعة األولى ‪1392‬م‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -9‬البي ان في تفس ير الق رآن‪:‬آي ة اهلل العظمى الس يد أب و القاس م الخ وئي‪ -‬زعيم الح وزة‬
‫العلمي ة في النج ف‪ -‬دار الزه راء للطباع ة والنش ر والتوزي ع ‪-‬ب يروت– لبن ان‪ ،‬الطبع ة‬
‫السادسة ‪1041‬هـ‪.‬‬
‫‪ -10‬تص حيح اعتق ادات اإلمامي ة‪ :‬الش يخ المفي د محم د بن محم د بن النعم ان ابن المعلم‬
‫أبي عب د اهلل‪ ،‬العك بري‪ ،‬البغ دادي‪ ،‬تحقيق حس ين درگ اهى‪ ،‬سلس لة الكتب العقائدي ة (‬
‫‪،)189‬إعداد مركز األبحاث العقائدية‪.‬‬
‫‪ -11‬تفس ير الط بري(ج امع البي ان عن تأوي ل آي الق رآن)‪:‬أب و جعف ر محم د بن جري ر‬
‫الطبري‪ ،‬تحقيق محمود شاكر‪ ،‬ومراجعة أحمد شاكر‪ ،‬دار المعارف‪،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -12‬تفس ير الق رآن العظيم‪:‬أب و الف داء إس ماعيل ابن كث ير الدمش قي‪ ،‬دار إحي اء الكتب‬
‫العربية‪-‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -13‬تفس ير العياش ي‪:‬الش يخ محم د بن مس عود بن عياش ي المع روف(بالعياش ي)‪،‬المكتب ة‬
‫العلمية اإلسالمية ‪ -‬طهران‪.‬‬
‫‪ -14‬تفسير الميزان‪:‬محمد حسين الطباطبائي‪ ،‬منشورات جماعة المدرسين في الحوزة‬
‫العلمية‪،‬قم‪.‬‬
‫‪ -15‬معالم التنزيل‪:‬أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي‪،‬حققه وخرج أحاديثه محمد عبد‬
‫اهلل النمر‪ -‬عثمان جمعة ضميرية ‪ -‬سليمان مسلم الحرش‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الطبعة الرابعة ‪1417‬هـ‪1997 -‬م‬
‫‪-16‬تفس ير الص افي‪:‬الم ولى محس ن الفيض الكاش اني‪،‬المطبع ة‪:‬مؤسس ة اله ادى‪ -‬قم‬
‫المقدسة الناشر‪ :‬مكتبة الصدر– بطهران‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1416‬هـ‪.‬‬
‫‪-17‬التمهي د في ال رد على الملح دة المعطل ة والرافض ة والخ وارج والمعتزل ة‪:‬أب و بك ر‬
‫محمد بن الطيب بن الباقالني‪،‬ضبطه وقدم له وعلق عليه محمود الخضري ومحمد عبد‬
‫الهادي أبو ريدة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ -‬القاهرة‪1366 -‬هـ‪1947-‬م‪.‬‬
‫‪-18‬التوحيد عند مذهب أهل البيت (عليهم السالم)‪ :‬عالء الحسون‪.‬‬
‫‪-19‬التوحي د‪:‬الش يخ محم د بن علي بن بابوي ه القمي (الص دوق)‪ ،‬تحقيق الس يد هاش م‬
‫الحسيني الطهراني‪ ،‬إيران‪ ،‬طهران‪ .‬مركز األبحاث العقائدية‪.‬‬
‫‪-20‬تهذيب اللغة‪:‬أبو منصور محمد بن أحمد األزهري‪،‬تحقيق عدد من األساتذة‪،‬مراجعة‬
‫محمد على النجار‪،‬الدار المصرية للتأليف والترجمة‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪-21‬الج امع الص حيح المس مى ص حيح مس لم‪:‬أب و الحس ين مس لم بن الحج اج بن مس لم‬
‫القش يري النيس ابوري‪ ،،‬اعت نى ب ه محم ود بن عي ادين بن عب د الحليم‪،‬مكتب ة الص فا‬
‫‪1424‬هـ‪2004-‬م‪.‬‬
‫‪-22‬الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وسننه‬
‫وأيامه‪:‬محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري‪ ،‬اعتنى به أبو عبد اهلل محمود‬
‫بن الجميل‪،‬مكتبة الصفا ‪1423‬هـ‪2002-‬م‪ .‬موافق لترقيم وتبويب الشيخ محمد فؤاد عبد‬
‫الباقي‪.‬‬
‫ق اليقين في معرف ة أص ول ال دين‪:‬عب د اهلل ش بر‪،‬مؤسس ة األعلمي للمطبوع ات‬
‫‪-23‬ح ّ‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫‪-24‬االختصاص‪:‬أبو عبد اهلل محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقب بالشيخ المفيد‪،‬‬
‫موق ع مؤسس ة اإلم ام الك اظم علي ه الس الم‪،‬المكتب ة العام ة‪-‬مكتب ة الح ديث وعلوم ه‪ ،‬على‬
‫شبكة المعلومات الدولية (‪.)www.alkadhum.org‬‬
‫‪ -25‬دراسات في العقيدة اإلسالمية‪:‬محمد جعفر شمس الدين‪ ،‬دار الكتاب اللبناني‪-‬دار‬
‫الكتاب المصري‪،‬الطبعة األولى ‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ -26‬رجال الك ّشي‪:‬أبو عمر محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي‪ ،‬مؤسسة األعلمي‬
‫للمطبوعات‪،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -27‬رد اإلمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد‪،‬تحقيق محمد حامد‬
‫الفقي‪،‬أنصار السنة المحمدية‪ ،‬الطبعة األولى ‪1358‬هـ‪.‬‬
‫‪ -28‬سنن النسائي‪:‬أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني النسائي‪ ،‬تحقيق‬
‫عبد الفتاح أبو غدة‪ ،‬مكتب المطبوعات اإلسالمية–حلب‪،‬الطبعة الثانية ‪1406‬هـ‪-‬‬
‫‪1986‬م‪.‬‬
‫‪ -29‬سنن أبي داوود‪:‬أبو داوود سليمان بن األشعث السجستاني‪ ،‬شرح وتحقيق د‪.‬السيد‬
‫محم د س يد ود‪.‬عب د الق ادر عب د الخ ير واألس تاذ س يد إب راهيم‪ ،‬دار الح ديث‪-‬الق اهرة‪،‬‬
‫‪1420‬هـ‪1999-‬م‪.‬‬
‫‪ -30‬شرح العقيدة الواسطية البن تيمية‪:‬شرحه محمد الصالح بن عثيمين‪ ،‬خرج أحاديثه‬
‫واعتنى به سعد بن فواز الصميل‪ ،‬العلمية للنشر والتوزيع‪-‬بنها بمصر‪ -‬الطبعة الثانية‬
‫‪1415‬هـ‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫هراس‪،‬ض بط نص ه وخ َّرج أحاديث ه‬
‫‪ -31‬ش رح العقي دة الواس طية‪:‬محم د بن خلي ل حس ن ّ‬
‫ووضع الملحق علوي بن عبد القادر السقاف‪ ،‬دار الهجرة للنشر والتوزيع–الخبر‪،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪1415 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -32‬الشريعة‪:‬أبو بكر محمد بن الحسين اآلجري‪ ،‬تحقيق محمد حامد الفقي‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪-‬بيروت‪ -‬الطبعة األولى ‪1403‬هـ‪1983-‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬الشيعة بين األشاعرة والمعتزلة‪:‬هاشم معروف الحسني‪ ،‬دار القلم‪-‬بيروت‪ -‬الطبعة‬
‫األولى ‪1978‬م‪.‬‬
‫‪ -34‬طبق ات الحنابل ة‪:‬أب و الحس ين ابن أبي يعلى ‪ ،‬محم د بن محم د‪ ،‬تحقي ق محم د حام د‬
‫الفقي‪ ،‬دار المعرفة – بيروت‪.‬‬
‫‪ -35‬االعتق ادات‪ :‬محم د بن علي بن بابوي ه القمي‪ ،‬تحقي ق عص ام عب د الس يد‪ ،‬من‬
‫منشورات المؤتمر العالي أللفية الشيخ المفيد‪ ،‬باب في صفة اعتقاد اإلمامية في التوحيد‪.‬‬
‫‪ -36‬االعتق اد الخ الص من الش ك واالنتق اد‪:‬عالء ال دين بن العط ار‪ ،‬تحقي ق وتعلي ق علي‬
‫حسن علي عبد الحميد‪ ،‬دار الكتب األثرية‪-‬عمان‪ -‬األردن‪.‬‬
‫‪-37‬عقائد اإلمامية االثني عشرية‪:‬إبراهيم الزنجاني ‪-‬بيروت‪ -‬الطبعة الثانية‪1393 ,‬هـ–‬
‫‪1973‬م‪.‬‬
‫‪-38‬عقائد اإلمامية‪:‬محمد رضا المظفر‪ ،‬تحقيق وتعليق عليه محمد جواد الطريحي‪،‬‬
‫مؤسسة اإلمام علي عليه السالم‪.‬مركز األبحاث العقائدية‪.‬‬
‫‪ -39‬العقائ د الحقّ ة‪:‬الس يد على الحس يني الص در‪ ،‬الطبعة‪  ‬األولى‪ ،‬دار العل وم للتحقيق‬
‫والطباعة والنشر والتوزيع‪1426،‬هــ‪ 2006 -‬م‪.‬‬
‫‪ -40‬عقائ دنا‪:‬ناص ر مك ارم الش يرازي‪،‬موق ع مرك ز اإلش عاع اإلس المي على ش بكة‬
‫المعلومات الدولية(‪.)www.islam4u.com‬‬
‫‪ -41‬العقيدة اإلسالمية على ضوء مدرسة أهل البيت‪:‬الشيخ جعفر السبحاني‪ ،‬نقله إلى‬
‫العربية جعفر الهادي‪،‬إعداد مركز األبحاث العقائدية‪-.‬النجف األشرف‪ -‬العراق‪ ،‬موقع‬
‫المركز على شبكة المعلومات الدولية(‪.)http://aqaed.info‬‬
‫‪ -42‬عقي دة الس لف أص حاب الح ديث‪ :‬أب و عثم ان إس ماعيل بن عب د ال رحمن‬
‫الصابوني‪،‬تحقيق وتخريج بدر البدر‪ ،‬الدار السلفية الكويت‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ -43‬علي بن موس ى الرض ا علي ه الس الم والفلس فة اإللهي ة‪ :‬عب د اللّه الج وادي‪ .‬ال دار‬
‫اإلسالمية للطباعة والنشر‪2002،‬م‪.‬‬
‫‪ -44‬فتح البيان في مقاصد القرآن‪:‬محمد صديق حسن خان‪،‬مطبعة العاصمة‪-‬القاهرة‪-‬‬
‫‪1965‬م‪.‬‬
‫‪ -45‬الفقه األكبر‪:‬أبو حنيفة‪ .‬طبع حيدر آباد‪ ،‬الهند‪.‬‬
‫‪ -46‬فالح السائل‪:‬علي بن موسى بن طاوس‪ ،‬إعداد وإ خراج أسرة موقع الحكمة للثقافة‬
‫اإلسالمية(‪.)http://www.alhikmeh.com‬‬
‫‪-47‬القاموس المحيط‪ :‬مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي‪ ،‬شركة مكتبة ومطبعة‬
‫مصطفى ألبابي الحلبي‪،‬الطبعة الثانية ‪1371‬هـ‪1952 -‬م‪.‬‬
‫‪ -48‬كنز العمال في سنن األقوال واألفعال‪:‬علي بن حسام الدين المتقي الهندي‪ ،‬ضبطه‬
‫وفسر غريبه‪:‬الشيخ بكري حياني‪،‬صححه ووضع فهارسه ومفتاحه‪ :‬الشيخ صفوة السقا‪.‬‬
‫‪ -49‬المجازات النبوية تأليف الشريف الرضى‪ ،‬تحقيق وشرح الدكتور طه محمد‬
‫الزينى‪ ،‬منشورات مكتبة بصيرتي‪ -‬قم‪.‬‬
‫‪ -50‬مجم وع الفتاوى‪ :‬تقي ال دين أحم د بن عب د الحليم بن تيمي ة الحراني‪،‬جم ع وت رتيب‬
‫عيد الرحمن بن محمد بن قاسم‪ ،‬مكتبة النهضة الحديثة‪،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -51‬مختص ر الص واعق المرس لة على الجهمي ة والمعطل ة‪:‬ابن قيم الجوزي ة‪ ،‬اختص ار‬
‫محم د الموص لي‪ ،‬توزي ع رئاس ة إدارات البح وث العلمي ة واإلفت اء وال دعوة‬
‫واإلرشاد‪،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -52‬مسند اإلمام أحمد بن حنبل‪:‬أبو عبد اهلل أحمد بن محمد بن حنبل بن هالل بن أسد‬
‫الش يباني‪ ،‬تحقي ق ش عيب األرن ؤوط‪ ،‬مؤسس ة الرس الة ‪-‬ب يروت‪ -‬الطبع ة األولى‪،‬‬
‫‪1421‬هـ‪2001 -‬م‬
‫‪ -53‬مشكل الحديث وبيانه‪:‬أبو بكر محمد بن الحسين ابن فورك‪ ،‬مطبعة جمعية دائرة‬
‫المعارف العثمانية‪-‬حيدر آباد الدكن‪ -‬الطبعة األولى ‪1362‬هـ‪.‬‬
‫‪ -54‬مقال أصول الشيعة اإلمامية‪:‬جعفر السبحاني‪ ,‬إثارات عقائدية‪ ،‬بموقع المعصومون‬
‫األربعة عشر(‪.)www.14masom.com/index.html‬‬
‫‪ -55‬معجم مقاييس اللغة‪:‬أبو الحسن أحمد ابن فارس‪،‬تحقيق عبد السالم هارون‪ ،‬مطبعة‬
‫مصطفى ألبابي الحلبي‪-‬القاهرة‪ -‬الطبعة الثانية ‪1389‬هـ‪1969-‬م‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ -56‬منهاج السنة النبوية‪ :‬شيخ اإلسالم بن تيمية‪ ،‬تحقيق د محمد رشاد سالم‪ ،‬مؤسسة‬
‫قرطبة‪،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫‪ -57‬موجز عقائد اإلمامية‪:‬الشيخ محسن آل عصفور‪ ،‬موقع المؤلف على شبكة‬
‫المعلومات الدولية (‪.)www.al-asfoor.org‬‬
‫‪ -58‬نهج البالغة‪:‬الشريف الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين‪ ،‬تحقيق الشيخ فارس‬
‫الحس ون‪ ،‬إعداد مركز األبحاث العقائدية‪ ،‬ص ‪ ،27‬نهج البالغة‪ ،‬الخطبة األولى‪ ،‬طبعة‬
‫ّ‬
‫د‪ .‬صبحي الصالح ‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪.‬‬

‫الفهرست‬

‫المقدمة‪2.......................................................................... ...‬‬
‫المطلب األول‪:‬أقسام الصفات عند الشيعة‪3........................................... :‬‬
‫المناقشة‪4........................................................................... :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نفي الشيعة للصفات الذاتية‪7........................................:‬‬
‫المناقشة‪9.......................................................................... -:‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬موقف الشيعة من نصوص الصفات الذاتية‪11........................:‬‬
‫أوال‪ :‬تأويل نصوص القرآن الكريم بما يعطل الذات اإللهية عن صفاتها‪11............:‬‬
‫ثانيا‪ :‬رد األحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪16...........:‬‬
‫المناقشة‪17........................................................................ -:‬‬
‫ثالثا‪ :‬االعتماد على روايات أئمتهم المناقضة لنصوص الكتاب والسنة‪17...............‬‬
‫المناقشة‪18.......................................................................... :‬‬
‫المطلب الرابع‪:‬أدلة الشيعة في نفي الصفات الذاتية‪19...............................:‬‬
‫أوال‪:‬األدلة النقلية‪19................................................................ :‬‬
‫‪-1‬القرآن الكريم‪20................................................................. :‬‬
‫المناقشة‪26.......................................................................... :‬‬
‫ثانيا‪:‬األدلة العقلية‪27................................................................ :‬‬
‫‪ -1‬إثبات الصفات يؤدي إلى القول بتعدد القدماء‪27.................................. :‬‬

‫‪69‬‬
‫المناقشة‪27......................................................................... :‬‬
‫‪ -2‬إثبات الصفات يؤدي إلى التجسيم والتشبيه‪29....................................:‬‬
‫المناقشة‪30........................................................................ -:‬‬
‫‪ -3‬إثبات الصفات يؤدي إلى التكثر والتركيب في الذات اإللهية‪35...................:‬‬
‫المناقشة‪35........................................................................ -:‬‬
‫المطلب الخامس‪:‬موقف الشيعة من الصفات الذاتية الخبرية‪37........................:‬‬
‫المطلب السادس‪ :‬موقف الشيعة من صفة الوجه‪38................................... .‬‬
‫المناقشة‪40.......................................................................... :‬‬
‫أوال‪:‬إثبات صفة الوجه هو مذهب أهل السنة والجماعة‪40.............................‬‬
‫ثانيا‪ :‬بطالن ما نسبوه ألئمتهم في تأويل صفة الوجه‪43............................... :‬‬
‫ثالثا‪:‬إبطال تأويالت الشيعة‪45....................................................... :‬‬
‫المطلب السابع‪ :‬موقف الشيعة من صفة اليدين‪47.................................... :‬‬
‫المناقشة‪50.......................................................................... :‬‬
‫أوال‪:‬إثبات صفة اليد هو مذهب أهل السنة والجماعة‪50............................... :‬‬
‫ثانيا‪ :‬إبطال تأويالت الشيعة‪53...................................................... :‬‬
‫المطلب الثامن‪ :‬اتصاف أئمة الشيعة بصفات اهلل الذاتية الخبرية‪59....................:‬‬
‫المناقشة‪61.......................................................................... :‬‬
‫الخـاتمـة ‪63...........................................................................‬‬
‫المصادر والمراجع ‪65................................................................‬‬

‫‪70‬‬
71

You might also like