Professional Documents
Culture Documents
Sara,+43480 118040 1 CE
Sara,+43480 118040 1 CE
شوقي البالج
جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بمراكش
مختبر السياسة الجنائية والقانون المقارن
Chaoukibellaj4@gmail.com
مــــــقدمــــــة:
تعد المسؤولية الجنائية بصفة عامة المحور األساس الذي تدور حوله السياسة الجنائية ،ومن ثم كانت النهضة العلمية
والفكرية التي لحقت بالقانون الجنائي وليدة لالتجاهات الفكرية المختلفة حول نظرية المسؤولية الجنائية ،كما أن هذه األخيرة
تمثل نقطة التحول الجذري بالنسبة للتشريع الجنائي المعاصر ،وبالتالي فإن تطور القانون الجنائي مقترن دائما بتطور نظرية
المسؤولية الجنائية وما تتضمنه من تيارات فكرية ،بيد أن ذلك لم يكن وليد فراغ أو مصادفة ،بل كان انعكاسا حتميا للثورة
وإذا كان األمر كذلك فان المسؤولية الجنائية للشخص االعتباري تمثل في الوقت الحاضر نقطة تحول ثانية في تطور
القانون والفقه الجنائي الحديث ،ذلك ألن المسؤولية الجنائية للشخص االعتباري تعد هي األخرى وليدة ما يشهده العصر من
تغيرات يفرضها التقدم الحضاري في مختلف جوانب الحياة االجتماعية واالقتصادية ،هذا التقدم يتطلب استم ارره ضرورة وجود
ما يعرف باألشخاص االعتباريين أو المعنويين ،وذلك من أجل تحقيق أهداف مهمة بالنسبة للمجتمع يصعب الوصول إليها
بغير وجود مثل هؤالء األشخاص ،ولهذا فقد انتشر األشخاص االعتباريون بشكل لم يسبق له مثيل ،وتنوعت األنشطة التي
يقومون بها في مختلف ميادين الحياة االجتماعية واالقتصادية ،وسواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو الخارجي ،وقد
أضحى الشخص االعتباري في وقتنا الراهن ذا أهمية متعاظمة نظ اًر لما ينهض به من أعباء جسيمة يعجز غيره من األشخاص
الطبيعيين عن القيام بها ،كما يمكن أن يكون مصد ار للجريمة أو االنحراف أو الخطورة ،مما يشكل خط اًر وتهديدا على أمن
المجتمع وسالمته ،وذلك بسبب طبيعة الشخص االعتباري وطبيعة النشاط المنوط به ،وما لديه من إمكانات وقدرات ضخمة.
323
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
فطبيعة الشخص االعتباري قد جعلت من نشاطه حك ار على أعضائه من األشخاص الطبيعيين الذين يعملون باسمه
ولمصلحته ،إذ يستحيل عليه ممارسة نشاطاته بنفسه ،وهؤالء األفراد الذين يمثلون الشخص اإلعتباري ،يمكن أن يتخذوا من
طبيعته وطبيعة نشاطه أداة سهلة الرتكاب الجرائم ،ثم يلقون بالمسؤولية عليه ،بينما هم ال يستطيعون ذلك فيما لو كانوا
يعملون بأسمائهم الشخصية ،وهذا يعني أن الجرائم التي تقع من الشخص اإلعتباري ،إنما تقع في الحقيقة من قبل أعضائه
الذين ارتكبوا الجرائم باسمه أو لحسابه أو مصلحته ،والذين تكون مسؤوليتهم قائمة طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في
مجموعة القانون الجنائي المغربي ،كما ثبت أن كثير من األشخاص اإلعتباريين -شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها –
الذين يرمون في الظاهر إلى غايات مشروعة تجارية أو مالية أو اقتصادية ،قد تكون ستا ار ترتكب من ورائه جرائم خطيرة
كالتزوير ،والتزييف ،والنصب ،وخيانة األمانة ،والتداول غير المشروع للمخدرات ،وجرائم غسل األموال ،وإصدار شيكات بدون
يعتبر موضوع الطبيعة القانونية للشخص المعنوي ومسؤوليته الجنائية من المشكالت القانونية التي ثار الجدل حولها
وتشعبت اآلراء بشأنها سواء على مستوى الفقه او التشريع او القضاء على حد سواء.
كما أن الفقه الحديث في معظم بلدان العالم قد تحول منذ منتصف هذا القرن ،إلى المطالبة بتقرير المسؤولية الجنائية
لألشخاص االعتباريين ،إثر انتشار األبناك والشركات المالية وشركات التأمين ،وغيرها من المؤسسات المالية واإلقتصادية
التي اعتمدت على تجميع األفراد والثروات والتقنيات الحديثة وتركيزها ،وما أفرزته من جوانب سلبية كالجرائم اإلقتصادية،
األمر الذي رجحت معه ضرورة إخضاع هؤالء األشخاص االعتباريين ألحكام المسؤولية الجنائية إسوة باألشخاص الطبيعيين،
وهو االعتبار ذاته الذي دفع العديد من التشريعات المعاصرة ،ذات األصول الالتينية إلى التخفيف من مواقفها المتشددة إزاء
مبدأ المسؤولية الجنائية لألشخاص اإلعتبارية ،لمواكبة المتغيرات والتطور الذي أصاب نمط العالقات اإلقتصادية التقليدية،
إذ ذهب بعضها إلى تقرير مسؤولية الشخص اإلعتباري كمبدأ عام ومن بينها التشريع المغربي ،1بينما قصرتها تشريعات
أخرى ومنها التشريع الفرنسي والمصري على جرائم بعينها ،يندرج معظمها في عداد الجرائم المالية واإلقتصادية.2
وكيفما كانت الطبيعة القانونية للشخص المعنوي ،فإنه يتمتع بمجموعة من الخصائص التي تمنحه التمتع بالحقوق والتحمل
بااللت ازمات ومنها وجود ذمة مالية مستقلة ،وأهلية قانونية في حدود الغرض الذي أنشئ من أجله ،وموطن مستقل يتحدد غالبا
-1ينص الفصل 721من مجموعة القانون الجنائي على '':ال يمكن ان يحكم على االشخاص المعنوية اال بالعقوبات المالية والعقوبات االضافية الواردة في االرقام 5
و 6و 1من الفصل 66ويجوز ايضا ان يحكم عليها بالتدابير الوقائية العينية الواردة في الفصل .''62
-2شريف سيد كامل ،المسؤوليـة الجنائية لألشخاص المعنوية ،دار النهضة العربية ،7991 ،ص .52
324
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
بمركز إدارته ،وتتنوع األشخاص المعنوية بتنوع الجهات المنشئة لها ،ويمكن في هذا الصدد الحديث عن األشخاص المعنوية
العامة كالدولة والمؤسسات العمومية ،واألشخاص المعنوية الخاصة كالشركات والجمعيات والمؤسسات الخاصة.
تحديــد المفاهيــم:
-)1المسؤولية الجنائية:
تعتبر المسؤولية الجنائية تحمل الشخص للجزاء الذي ترتبه القواعد القانونية ،كآثار للفعل المرتكب خروجا على أحكامها،
وهناك من يرى بان المسؤولية الجنائية تمثل رد الفعل االجتماعي الواجب اتجاه المخالفات التي تنتهك حرمة العالقات
االجتماعية ،وتعتبر المسؤولية القانونية الجنائية من اكثر المسؤوليات صرامة بالنسبة لألفراد ألنها ال تقف عند اللوم والشجب
االجتماعي فقط ،الموجه للتصرف المنحرف الصادر من الشخص ،بل في غالب االحيان تترتب نتائج تنال الشخص في
حياته او حريته او شرفه او امواله ،1ومن هذا المنطلق يتضح أن المسؤولية الجنائية هي القدرة على تحمل اآلثار المترتبة
عن الفعل ،أو االمتناع المخالف للقانون الجنائي والمعاقب عليه بمقتضاه.
-)2الشخص المعنوي:
يقصد بالشخص المعنوي أو االعتباري في هذه الدراسة ،جماعة من األشخاص أو مجموعة من األموال ،يضفي عليها
القانون الشخصية القانونية لتحقيق أهداف معينة ،ويعدها كشخص من األشخاص الطبيعيين من حيث الحقوق والواجبات،
فالشخص اإلعتباري إذن هو تكتل من األشخاص أو األموال يحظى باعتراف القانون له بالشخصية والكيان المستقل.2
فمن المعلوم أن الشركة تكتسب الشخصية المعنوية ابتداء من تاريخ تقييدها في السجل التجاري ،وذلك حسب مقتضيات
المادة 7من ق.ش.م ،3والمادة 2من ق 46..5المتعلق بباقي الشركات ،4فمتى اكتسبت الشركة الشخصية القانونية ،فإنها
تصبح أهال لتحمل االلتزامات والوفاء بالواجبات التي قد تترتب عن مزاولة نشاطها ،وإذ نحن في إطار تناول المسؤولية
الجنائية للشخص المعنوي ،والتي تسند من حيث األصل إلى أعضاء أجهزة اإلدارة أو التسيير أو التدبير حسب مقتضيات
-1لطيفة الداودي الوجيز في القانون الجنائي المغربي ،القسم العام ،المطبعة والوراقة الوطنية ،الطبعة الثانية , 2176ص .726
-2محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات اللبناني (القسم العام) ،دار النهضة العربية ،7991 ،ص ،117.شرح قانون العقوبات (القسم العام) ،دار النهضة العربية،
,7999ص.571
-3يتعلق االمر بالظهير الشريف رقم 721.96.7صادر بتاريخ 71من ربيع االخر 7171الموافق 61غشت ،7996بتنفيذ القانون رقم 95.71المتعلق بشركات
المساهمة منشور بالجريدة الرسمية عدد 1122بتاريخ 1جمادى االخرة ( 71اكتوبر ،)7996وتنص المادة 1منه على ":تتمتع شركات المساهمة بالشخصية االعتبارية
ابتداء من تاريخ تقييدها في السجل التجاري .وال يترتب عن التحويل من شر كة مساهمة إلى شركة ذات شكل آخر ،أو العكس إنشاء شخص اعتباري جديد .ويسري
نفس الحكم في حالة التمديد".
-6يتعلق االمر بالظهير الشريف رقم 19.91.7صادر في 15شوال 7171الموافق 76فبراير 7991بتنفيذ القانون رقم 5-96المتعلق بباقي الشركات ،المعدل
بالظهير الشريف رقم 27.6.7الصادر في 75محرم 7121الموافق 71فبراير 2116بتنفيذ القانون رقم ،27.15وتنص المادة 2منه على ":تعتبر الشركات موضوع
األبواب الثاني والثالث والرابع من هذا القانون ش ركات تجارية بحسب شكلها وكيفما كان غرضها .وال تكتسب الشخصية المعنوية إال من تاريخ تقييدها في السجل
التجاري .وال يترتب عن التحويل القانوني للشركة إلى شكل آخر ،إنشاء شخص معنوي جديد .ويسري نفس الحكم في حالة التمديد".
325
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
المادة 373من ق.ش.م 1والمتعلقة بالقسم المتعلق بالعقوبات الزجرية ،مما يجعل مجال دراستنا ينحصر في المسؤولية
أهمية الموضوع:
تتجلى أهمية الموضوع من الناحية النظرية ،في كونه ال يزال يتسم بالدقة ويثير العديد من المشاكل عند التطبيق والراجعة
أساسا إلى صعوبة ترجمة النصوص وإسقاطها على مفهوم وطبيعة الشخص المعنوي ،مما يطرح عدة إشكاالت تتطلب الحل
السريع لمواكبة التطورات المتسارعة التي يعرفها مجال األعمال ،ذلك أن اإلقرار بمبدأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي
في التشريع المغربي يتطلب التحليل لإلجابة على بعض اإلشكاالت التي افرزها الواقع العملي.
ومع تطور الحياة االقتصادية واالجتماعية ،فقد ازدادت أعداد األشخاص المعنوية إزاء تدخل الدولة في مجال النشاط
الصناعي والتجاري واتسع نطاق األشخاص المعنوية ،حتى أصبحت تستوعب معظم نشاطات المجتمع ،مما جعل فكرة
المسؤولية الجنائية تتطور باستمرار ،وإذا كان مبدأ مسؤولية الشخص المعنوي أصبح مسلما به ،فإن مسؤوليته الجنائية تقتضي
توافر القصد الجنائي عند تقرير هذه المسؤولية وهو أمر ال يمكن تصوره بالنسبة للشخص المعنوي ،إال فيما يتعلق ببعض
العقوبات التي توقع عليه كجزاء عن اإلخالالت الصادرة من ممثليه أو تشكل جرما يعاقب عليه القانون.
لعل الطبيعة القانونية للشخص المعنوي تعد من المسائل التي أثارت جدال كبي ار ونقاشا مستفيضا بين أوساط الفقه القانوني،
وذلك نتيجة للغموض الذي يكتنف هذه الفكرة ،خاصة وأن مسؤولية الشخص المعنوي قد أثارت إشكاال كبي ار بين الفقهاء حول
إمكانية مساءلته قانونا ،وقد ولد هذا الجدال نظريات متعددة حاولت مالمسة اإلشكالية كل بحسب األسس التي انطلقت منها،
وذلك في سبيل تأسيس مسؤولية جنائية للشخص المعنوي ،السيما أمام التضارب الفكري والجدال الحاد بين الفقهاء حول
أسس مسؤولية الشخص المعنوي ،وهو ما يطرح العديد من التساؤالت الفرعية تتمحور باألساس في مدى تعارض إقرار
المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي مع بعض المبادئ األساسية في القانون الجنائي ،وما هو أساس مساءلة الشخص
المعنوي جنائيا ،وما هو نطاقها ،وماهي الجزاءات الجنائية التي توقع على الشخص المعنوي ،وكيف طبقها المشرع المغربي،
-1تنص المادة 616من القانون رقم 71.95المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 721.96.7على ان '':يقصد بتعبير ''اعضاء اجهزة االدارة
او التدبير او التسيير'' في مفهوم هذا القسم:
-في شركات المساهمة ذات مجلس االدارة ،اعضاء المجلس االداري بما في ذلك الرئيس والمديرون العامون غير االعضاء في المجلس،
-في شركات المساهمة ذات مجلس االدارة الجماعية ومجلس الرقابة ،اعضاء هذين الجهازين''.
326
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
المنهج المتبع:
سوف نعتمد في دراستنا للموضوع على المنهج الوصفي التحليلي ،وذلك من خالل القراءة الموضوعية للنصوص القانونية
ذات الصلة بالموضوع ،كما سنعتمد المنهج االستقرائي وذلك من خالل التطرق للمسؤولية الجنائية بصفة عامة ،وإبراز
خصوصيات المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي بصفة خاصة ،بهدف مالمسة مختلف جوانب الموضوع ،وإلقاء الضوء
على أساس هذه المسؤولية ومقوماتها ،والتحليل المتعمق لمختلف اتجاهات الفقه والقضاء المغربيين.
تعتبر الشخصية القانونية لصيقة بالشخص الطبيعي منذ والدته حيث تمكنه من التمتع بالحقوق وااللتزام بالواجبات ،فهو
يتمتع باإلرادة واإلدراك وله الحق في امتالك األموال والتصرف فيها حسب مصالحه وأهدافه الخاصة ،غير أنه يوجد إلى
جانب الشخص الطبيعي مجموعة من األموال واألشخاص المنتظمين في إطار تنظيم معين ويستعملون وسائل محددة ،وإدارة
منظمة لتدبير وتسيير شؤونهم قصد تحقيق الغرض المشترك الذي يعتبر سببا رئيسيا لهذا التكتل أو التجمع ،وهذا األخير هو
ما يصطلح عليه بالشخص المعنوي ،وقد تنوعت ضرورة وجود الشخصية المعنوية وتعددت لتشمل عدة اعتبارات قانونية
واقتصادية وسياسية وعملية ،وهي أغراض تتعلق بالتجمع اإلنساني ممثال في تجمع أشخاصه في أشكال مختلفة أو اجتماع
ومن المتفق عليه فقها وقضاء أن األشخاص المعنوية تسأل مدنيا عن أفعالها التي تسبب ضر ار للغير ،2لكن المسؤولية
الجنائية لهذه األشخاص هي التي أثارت خالفا كبي ار في الفقه 3حيث ظهر اتجاهان ،االتجاه التقليدي الذي يذهب إلى عدم
إمكانية مساءلة هذه األشخاص المعنوية جنائيا (الفقرة األولى) ،واالتجاه الحديث الذي ينادي بضرورة إقرار هذه المسؤولية
(الفقرة الثانية).
-1أحمد محمود الخولي :نظرية الشخصية االعتبارية بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي ،دار السالم للطباعة والنشر ،2003 ،القاهرة ،ص.8،
-2عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،نظرية االلتزام ،المجلد االول ،رقم ،517الصفحة .916
-3احمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات ،القسم العام ،الطبعة السادسة ،7996،الصفحة .191
327
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
ظل الفقه طوال القرن الماضي يردد القول بعدم مسؤولية الشخص المعنوي جنائيا ،إال انه في نهاية القرن 9.بدا يعتنق
صراحة فكرة مسائلته جنائيا ،فمؤيدي هذا الرأي يرون انه ال يمكن مسائلة الشخص المعنوي جنائيا ،بعلة أن المسؤولية الجنائية
تبنى على اإلرادة واإلدراك ،أي على عناصر ذهنية ال تتوفر إال في الشخص الطبيعي ،فمن الناحية القانونية يستحيل مسائلة
الشخص المعنوي جنائيا ،لكونه ال يتوفر على وجود حقيقي وال يتمتع باإلرادة ،والمسؤولية الجنائية تستلزم لقيامها خطا شخصيا
يتمثل في إمكانية إسناد هذا الخطأ للشخص الذي ارتكبه ،حيث يرفض أنصار هذا الرأي مساءلة الشخص المعنوي جنائيا
عن الجرائم التي ترتكب باسمه ولحسابه ،من قبل ممثليه أثناء قيامهم بأعماله ،ويقرون بمساءلة وعقاب الممثل القانوني
للشخص المعنوي عن الجريمة التي اقترفها ،وسندهم في ذلك أن الشخص المعنوي هو مجرد افتراض قانوني ،ال يتصور أن
يرتكب الركن المادي للجريمة ،وال يتوفر على الركن المعنوي للجريمة ،وهي إحدى الركائز والمبادئ الراسخة في القوانين
الجنائية الحديثة ،كما أن توقيع العقوبة على الشخص المعنوي سيجعلها تصيب األشخاص الطبيعيين المكونين له دون تفرقة
بين من اتجهت إرادته إلى ارتكاب الجريمة ومن لم يرتكبها ،وهذا يتنافى مع مبدأ شخصية العقوبة الذي يقضي بأنه ال يسأل
كما أن أغلب العقوبات غير قابلة للتطبيق على الشخص المعنوي وبالخصوص عقوبة اإلعدام ،والعقوبات السالبة للحرية،
وان أمكن توقيع بعضها فسوف تطال بال شك األشخاص الطبيعيين (مساهمين أو أعضاء) ،وليس الشخص المعنوي في حد
ذاته ،وعلى الرغم من ذلك فإن أنصار هذا االتجاه يسلمون بجواز اتخاذ التدابير االحت ارزية كالمصادرة ،والحل ،ووقف النشاط،
والوضع تحت الحراسة أو الرقابة ،في مواجهة الشخص المعنوي الذي يثبت أنه يشكل خطورة على المجتمع.1
أخذت المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي تتبلور شيئا فشيئا ،حتى أصبحت حقيقة واقعية في عدد كثير من التشريعات
الحديثة ،وقد طرح الموضوع للمناقشة أول مرة في بعض المؤتمرات الدولية ،ففي أكتوبر سنة 9.2.بحثه المؤتمر الدولي
الثاني لقانون العقوبات في بوخاريست ،والذي أشار إلى التزايد المستمر في عدد وأهمية األشخاص المعنوية وما تمثله من قوة
اجتماعية ضخمة في العصر الحديث ،وأن أنشطتها التي تخالف أحكام قانون العقوبات يمكن أن تحدث بالمجتمع أض ار ار
بالغة الخطورة ،وخلص إلى توصية بأن يتضمن قانون العقوبات الداخلي التدابير الفعالة للدفاع االجتماعي ضد األشخاص
المعنوية بالنسبة للجرائم التي ترتكب لمصلحتها أو بوسائلها وبالتالي تتحمل مسؤوليتها ،وأن تطبيق هذه التدابير يجب أن ال
-1خالد الدك ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ،مقال منشور بموقع العلوم القانونية االلكتروني بتاريخ ،2176/19/71تاريخ الزيارة ،2127/11/26الساعة
الواحدة زواال.
328
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
يحول دون معاقبة األشخاص الطبيعيين الذين يتولون إدارة الشخص المعنوي ،كما ناقشه أيضا المؤتمر الدولي السابع لقانون
العقوبات الذي عقد في أثينا سنة 9.67بصدد بحثه " االتجاهات الحديثة في تعريف الفاعل والشريك في الجريمة " وأوصى
بأنه " ال يسأل الشخص المعنوي عن الجريمة إال في األحوال التي يحددها القانون ،وعندئذ يكون الجزاء الطبيعي هو الغرامة،
وهو جزاء مستقل عن التدابير األخرى كالحل والوقف وتعيين حارس ،على أن يظل ممثل الشخص المعنوي مسؤوال شخصيا
عن الجريمة التي ارتكبها ،وعلى الرغم من أن المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية قد تقررت في التشريعات التي تنتمي
إلى النظام األنجلوسكسوني وفي مقدمتها القانون اإلنجليزي منذ منتصف القرن 9.الميالدي ،فإن القوانين ذات النظام الالتيني
كالقانون الفرنسي لم تقر قوانينها الجنائية بهذه المسؤولية إال مؤخ ار ،غير أن الدول ذات النظام االشتراكي أجمعت على عدم
مساءلة الشخص المعنوي جنائيا ،ألن خطاب المشرع بالتكليف موجه إلى الشخص الطبيعي دون غيره.1
ويذهب الرأي الغالب في الفقه الحديث إلى القول بوجوب مساءلة الشخص المعنوي جنائيا إلى جانب الشخص الطبيعي،
الذي ارتكب الجريمة أثناء ممارسة عمله لدى الشخص المعنوي ،وسند الفقه الحديث في ذلك أن جوهر المسؤولية في الحالتين
هو اإلرادة ،وأن الشخص المعنوي يمكنه أن يرتكب الركن المادي لكثير من الجرائم كالنصب ،وخيانة األمانة ،والتزوير،
والتهرب الضريبي ،باإلضافة إلى حقيقة اإلرادة الجماعية التي تتجسد باالجتماعات ،والمداوالت والتصويت في مجلس اإلدارة،
األمر الذي يعني أنه يتصور أن يتوفر لديه الركن المعنوي للجريمة ،باإلضافة إلى تطبيق معظم العقوبات عليه كالغرامة،
والمصادرة ،والحل ،وحرمانه من مزاولة نشاط معين ،أو نشر الحكم الصادر باإلدانة ،وهذه العقوبة من شأنها المساس بسمعته.
وعموما فقد ميز الفقه بين صورتين للمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،الصورة األولى والتي تتعلق بالمسؤولية المادية
بدون خطأ وهي التي يكفي لقيامها مجرد تحقق الركن المادي ،دون تطلب الركن المعنوي ،ومن بين هذه الجرائم في القانون
العام والتي أقرها القضاء اإلنجليزي هي جرائم اإلزعاج العام ،األعمال الماسة بالراحة والصحة العامة ،وتعريض األمن العام
للخطر ،وبالنسبة للجرائم التنظيمية هناك جرائم التلوث ،جرائم مخالفة لوائح المرور ولوائح بيع المشروبات الكحولية.
اما الصورة الثانية :والمتعلقة بالمسؤولية الجنائية المبنية على الخطأ الشخصي التي تتطلب توافر الركن المعنوي لدى
الجاني ،وهي تقوم على أساس نظرية التشخيص أو التطابق التي تفيد أن الشخص الطبيعي الذي يتصرف لحساب الشركة
فإرادته هي إرادة الشركة وأفعاله هي أفعالها ،فهو يجسد الشركة فإذا توافرت لديه اإلرادة اآلثمة فإن هذا اإلثم يكون إثم الشركة
ذاتها ،إال أن جانبا من الفقه يرى بعدم جواز مساءلة الشخص المعنوي ،إذا كان الشخص الطبيعي قد تصرف في حدود
-1شريف سيد كامل ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،دراسة مقارنة دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة االولى ،7991ص .26-22
329
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
وظيفته لكن بقصد إلحاق ضرر بالشخص المعنوي ،كما أن قيام مسؤولية الشخص المعنوي ال تحول دون معاقبة الشخص
المطلب الثاني :موقف التشريع والقضاء المغربيين من مبدأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي:
لقد أثار موضوع المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي نقاشا حادا كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ،بين مؤيد ومعارض بإسناد
المسؤولية إليه ،ويرجع هذا النقاش إلى اختالف وجهة نظر كل اتجاه بين من يرى أن أساس المساءلة في القانون الجنائي
هو العلم واإلرادة ،وبالتالي ال يمكن مساءلة الشخص المعنوي النعدام اإلرادة لديه ،في حين أن االتجاه اآلخر يسلم بكون
الشخص المعنوي له جميع مقومات المساءلة الجنائية ،كما أن التشريعات الجنائية انقسمت إلى فئتين من حيث موقفها من
مبدأ إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،بحيث أن فئة تقر بهذه المسؤولية وهي االتجاه الحديث ،أما الفئة األخرى
فقد تمسكت بالمذهب التقليدي الذي ينفي المسؤولية الجنائية عن األشخاص المعنوية ،إال انه وانسجاما مع موضوع البحث
سنحاول االقتصار على إبراز موقف التشريع والقضاء المغربيين من مبدأ إقرار المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي من خالل
إبراز المرجع القانوني للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في (الفقرة األولى) ،على أن نتناول موقف الفقه والقضاء المغربيين
نص المشرع المغربي على مسؤولية الشخص المعنوي منذ سنة 9.52كمبدأ عام بمقتضى الفصل 927من مجموعة
القانون الجنائي الغربي ،والذي جاء فيه '':ال يمكن أن يحكم على األشخاص المعنوية إال بالعقوبات المالية والعقوبات اإلضافية
الواردة في األرقام 6و 5و 7من الفصل 35ويجوز أيضا أن يحكم عليها بالتدابير الوقائية العينية الواردة في الفصل ،52
فباستقرائنا لمقتضيات الفصل المذكور اعاله ،نجد ان المشرع المغربي قد نص على انه يمكن تطبيق العقوبات الواردة في
الفصل 35من القانون الجنائي على االشخاص المعنوي ،2باإلضافة إلى ذلك أجاز المشرع في الفصل 927إمكانية تطبيق
التدابير الوقائية العينية المنصوص عليها في الفصل 52من مجموعة القانون الجنائي.3
-1شريف سيد كامل ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،م س ،ص .11-61
-2ينص الفصل 66من ق.ج على:
1)-المصادرة الجزئية لألشياء المملوكة للمحكوم عليه؛
2)-حل الشخص المعنوي؛
3)-نشر الحكم الصادر باإلدانة.
-3ينص الفصل 62من ق.ج على:
1)-مصادرة األشياء التي لها عالقة بالجريمة أو األشياء الضارة أو الخطيرة أو المحظور امتالكها؛
2)-إغالق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة.
330
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
انطالقا من مقتضيات الفصل 927من مجموعة القانون الجنائي ،يتضح أن المشرع حدد طبيعة العقوبات التي يمكن
تطبيقها على األشخاص المعنوية مع اإلحالة على الفصل 35في فقراته 6و 5و 7وكذا الفصل 52من ذات القانون ،لكن
المالحظ أن المشرع المغربي لم يشر في الفصل صراحة إلى المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ،بل اقتصر فقط على
تحديد نوع العقوبات التي يمكن أن نطبقها على األشخاص المعنوية ،وبالتالي فالنص المذكور هو نص معاقب وليس نصا
مجرما او واضع ألسس وقواعد عامة للمسؤولة الجنائية للشخص المعنوي ،وهو ما يجعله ينطوي على غموض ولبس وعدم
الوضوح في الصياغة ،وعالوة على ذلك تطرق المشرع المغربي للمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في القوانين الزجرية
الخاصة ،كالقانون رقم 33-93المتعلق بزجر الغش في البضائع ،1والقانون رقم ،2.7-97المتعلق بحماية الملكية الصناعية،
ومن النصوص الجنائية الخاصة أيضا والتي أقرت المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ،ما جاء في
المادة 937من القانون البنكي المؤرخ في 2225/22/94من قانون رقم 334-23المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات
المعتبرة في حكمها.4
وبالرجوع إلى القانون الجنائي المغربي نجد أن المرجع الوحيد للمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ،هو الفصل 927
المنصوص أعاله ،غير انه قبل التطرق إلى مدى كفايته للتطبيق على الشخص المعنوي ،البد وان نشير إلى أن مقتضياته
أثارت نقاشات فقهية انقسمت إلى اتجاهين ،االتجاه األول يؤكد أن مسؤولية الشخص المعنوي جاءت على سبيل االستثناء
فقط من القاعدة العامة التي تستنتج أساسا من مقتضيات الفصل 932من مجموعة القانون الجنائي ،التي تنص على أن
المسؤولية الجنائية ال تقع إال على الشخص المتمتع بالعقل واإلرادة والتمييز أي الشخص الذاتي فقط ،ولكن الفقرة األخيرة من
هذا الفصل أشارت إلى انه '':ال يستثنى من هذا المبدأ إال الحاالت التي ينص فيها القانون صراحة على خالف ذلك''،
ومعنى ذلك أن المشرع المغربي يجيز استثناء مساءلة الشخص المعنوي الذي ال يتمتع بالعقل والتمييز في حالة ما إذا وجد
نص خاص يصرح بذلك ،5واالتجاه الثاني 6يرى أن المشرع المغربي وضع قاعدة عامة لمساءلة الشخص المعنوي دون تحديد
-1ظهير شريف 7.96.719صادر في 9محرم 5( 7115اكتوبر )7991بتنفيذ القانون رقم 76-96المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع منشور بالجريدة الرسمية
عدد 6111بتاريخ 21جمادى االخرة 21( 7115مارس .)7995
-2القانون رقم 71.91المتعلق بحماية الملكية الصناعية الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 7.11.79صادر في 9ذي القعدة 75( 7121فبراير )2111منشور
بالجريدة الرسمية عدد 1116بتاريخ 2ذي الحجة 9( 7121مارس ،)2111كما تم تعديله بالقانون رقم 26.76الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 7.71.799
بتاريخ 21محرم 27( 7166نوفمبر )2171؛ الجريدة الرسمية عدد 6679بتاريخ 25صفر 79( 7166ديسمبر ،)2171ص 9165؛
والقانون رقم 67.15الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 7.15.791بتاريخ 75من محرم 71( 7121فبراير )2116؛ الجريدة الرسمية عدد 5691بتاريخ 27محرم
21( 7121فبراير ،)2116ص .156
-3ظهير شريف رقم 7.71.796صادر في فاتح ربيع األول 21( 7166ديسمبر )2171بتنفيذ القانون رقم 716.72المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة
في حكمها منشور بالجريدة الرسمية عدد 5661مكرر بتاريخ 29شعبان 61 7162يوليوز .)2177
-4تنص المادة 761من القانون البنكي المؤرخ في 2116/12/71من قانون رقم 61-16على '':يجوز للمحكمة في الحاالت المنصوص عليها في المادة 765و766
أعاله أن تأمر بإغالق المؤسسة المرتكبة فيها المخالفة ونشر الح كم في الجرائد التي تعيقها على نفقة المحكوم علي''.
-5محي الدين امزازي ،العقوبة ،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية ،مطبعة االمنية الرباط .7996
-6عاتق ابو زيد ،معضلة الركن المعنوي في جرائم الشركات التجارية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي،
كلية الحقوق طنجة ،الصفحة 726السنة الجامعية .2116-2115
331
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
قواعد هذه المسؤولية وال شروطها ،أي انه نص معاقب وليس مجرم ،باإلضافة إلى انه لم يحدد أنواع األشخاص المعنوية التي
يمكن مساءلتها جنائيا ،باإلضافة إلى الحكم على األشخاص المعنوية بالعقوبات األصلية كالغرامة والتدابير الوقائية العينية:
كإغالق المؤسسة ،أو المصادرة ،أو الحل ونشر الحكم ،وقد أشار الفقيه احمد الخمليشي إلى انه:
'' في حالة ارتكاب الشخص المعنوي لجناية فانه يقدم إلى المحكمة الجنائية التي تصدر الحكم عليه بالعقوبات الواردة في
الفصل 927أي انه ال يجوز لها الحكم عليه بأية عقوبة غير منصوص عليها في هذه المادة''.1
كما أشار المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية 2في بابه السادس المتعلق بأحكام خاصة ببطائق األشخاص المعنوية
من المادة 573إلى المادة ،535الهدف منها جمع المعلومات المتعلقة بالعقوبات او التدابير الصادرة في حق األشخاص
المعنوية أو في حق األشخاص الذاتيين المسيرين لها ،وطبقا لقواعد المسؤولية الجنائية التقليدية ال يجوز مساءلة شخص إال
عن فعله الشخصي ،ولكن في مجال القانون الجنائي لألعمال ظهرت مسؤولية القائم على إدارة الشخص المعنوي أو ممثله
القانوني ،حيث اخذ المشرع المغربي عند تنظيم مجال األعمال واالقتصاد نصوص قانونية تهم الشركات ،ويهدف من خاللها
إلى توفير الحماية القانونية للنظام العام االقتصادي واالجتماعي الذي تضطلع به المقاوالت والشركات التجارية ،بالرغم من
تقوية هذه الضمانة بالتدابير الزجرية التي شكلت قانونا جديدا هو القانون الجنائي للشركات أو القانوني الجنائي لألعمال ،وقد
قوبل هذا الجانب الزجري في الشركات بالرفض من طرف رجال األعمال الذين راو فيه عرقلة قانونية للمبادرة الحرة وقيدا
على حريتهم في التجارة ،3وعموما فان المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي أضحت من الثوابت فقها وتشريعا في ظل القانون
الجنائي عامة والقانون الجنائي لألعمال على وجه الخصوص ،إال أن هذا الثبات اليزال في حاجة إلى تدقيق وتحديد في
مجال األعمال ،وال سيما إدارة وتسيير الشركات ورقابتها ،حيث أن المقتضيات الجنائية المنصوص عليها في قوانين الشركات
تلتزم الصمت فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي وتقتصر على تحميل المسؤولية لألشخاص الطبيعيين ،او
تنطوي على خلط فرضه المنطق العملي بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي ،اذ يبدو وكان االمر يتعلق بشخص واحد
اثناء المساءلة الجنائية ،وكمثال على ذلك ما نصت عليه المادة 936من القانون البنكي المؤرخ في .42225/22/94
الفقرة الثانية :موقف الفقه والقضاء المغربيين من المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي:
-1احمد الخمليشي ،شرح القانون الجنائي ،القسم العام ،مكتبة المعارف الرباط ،الطبعة االولى .7995
-2قانون رقم 22- 17ال متعلق بالمسطرة الجنائية الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 7-12-255بتاريخ 16اكتوبر ,2112منشور بالجريدة الرسمية عدد 5911
بتاريخ 2116/17/61صفحة .675
-3محمد كرم المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركة المساهمة على ضوء القانون المغربي والمقارن ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة الحسن
الثاني ،الدار البيضاء السنة الجماعية .2117-2111
-4تنص المادة 765من القانون البنكي على " :يعاقب بالحبس من 6أشهر الى سنة وبغرامة من 5111درهم الى 711ألف درهم او بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل
شخص عامل لحسابه الخاص او لحساب الشخص المعنوي."...
332
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
لقد استقر قضاء المجلس األعلى قبل صدور القانون الجنائي الحالي على رفع المسؤولية الجنائية عن الشخص المعنوي،
وبصدور القانون الجنائي سنة 9.52أقر المشرع مبدأ مساءلة الشخص المعنوي جنائيا في الفصل 927منه ،1وقد أثارت
مقتضيات الفصل 927من مجموعة القانون الجنائي المفصلة أعاله مناقشات فقهية كما سبقت اإلشارة إلى ذلك ،والتي نتج
عنها تضارب في األحكام القضائية إذ تارة يتابع الشخص المعنوي وتارة الشخص الطبيعي ،نظ ار لما يكتنف هذا الفصل من
غموض وثغرات ونقائص أوجدت صعوبات في تطبيقه لدى النيابات العامة وقضاء الحكم.
فإذا كانت النيابة العامة هي المحرك الرئيسي للدعوى العمومية ،2إال أن المشرع جعل سلطتها مقيدة ببعض الشكليات ،وهذا
ما جعل هذا المفهوم يتبلور بشكل كبير في ميدان األعمال ،حيث أصبح تحريك الدعوى العمومية في القانون الجنائي للشركات
محكوما بشروط خاصة تقتضي تدخل بعض األشخاص وبعض المؤسسات ،فقرار النيابة العامة بتحريك المتابعة في بعض
جرائم الشركات يقتضي ضرورة وجود شكاية من الضحية أو اإلدارة المختصة ،غير أن القضاء استقر على تقرير مسؤولية
الممثل القانوني للشخص المعنوي في العديد من الجرائم ،ال سيما منها جرائم الشيك وذلك بالنظر لطبيعة هذه الجرائم وما
أضحت تثيره من نقاش قانوني في الوقت الحاضر ،وذلك لكون األشخاص المعنوية تضطر في معامالتها إلى التعامل بالشيك
لضبط حساباتها وتمنح لوكالئها سواء كانوا مدراء أو مسيرين صالحية إصدار هذه الشيكات والتعامل بها باسمها ،ويحدث
أحيانا أن يصدر ويوقع هؤالء الوكالء شيكات باسم األشخاص المعنوية لكنها بدون رصيد ،وهنا يطرح التساؤل والنقاش
القانوني حول من يتحمل المسؤولية الجنائية عن الفعل الجرمي والمتمثل في إصدار شيك بدون مؤونة ،هل يتحملها الشخص
المعنوي صاحب الرصيد المسحوب عليه ،أم يتحملها الشخص الذاتي الذي أصدر الشيك ووقع عليه بصفته وكيال عن
الشخص المعنوي.
ان الجواب عن هذا التساؤل يقتضي تحديد طبيعة العالقة القانونية التي تربط ما بين هذين الشخصين :الشخص المعنوي
صاحب الرصيد والشخص الذاتي المصدر والموقع على الشيك ،ولقد حدد الفقه طبيعة هذه العالقة في نطاق مقتضيات عقد
الوكالة بحيث أن الشخص المعنوي يوكل الشخص الذاتي بالتوقيع على الشيكات نيابة عنه ويبلغ البنك باسم هذا الوكيل و
بنموذج من توقيعه ،يكون ملزما عند قيامه بالمهمة الموكولة إليه في نطاق عقد الوكالة بالتقيد بمقتضيات هذا العقد الذي
يسمح له في نطاق مقتضيات الفصول 37.إلى 3.6من قانون اإللتزامات والعقود بالقيام فقط باألعمال المشروعة لفائدة
موكله ،فإذا أقدم الوكيل على إصدار شيك بدون مؤونة نيابة عن موكله فإنه يعتبر في هذه الحالة قد ارتكب عمال غير
333
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
مشروع خالف فيه مقتضيات عقد الوكالة ،1وأحكام عقد الوكالة وإن وردت في القانون المدني إال أن الربط بينها وبين الموضوع
الذي نناقشه ،والذي له صبغة جنحية يجد سنده في الفصل 2.2من قانون المسطرة الجنائية الذي ينص على أنه '' :إذا كان
إثبات الجريمة متوقفا على حجة جارية عليها أحكام القانون المدني فيراعي القاضي في ذلك قواعد القانون المذكور'' ،وفي
هذا اإلطار ينص الفصل 37.من ظهير االلتزامات والعقود على أن :
'' الوكالة عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه'' ،كما ينص الفصل 3.6من نفس الظهير
على أن '':الوكيل عليه أن ينفذ بالضبط المهمة التي كلف بها وال يسوغ له أن يجري أي عمل يتجاوز أو يخرج عن حدود
الوكالة''.
وتأسيسا على المقتضيات القانونية والراي الفقهي المذكوران أعاله ،فان الشخص الذاتي عندما يصدر شيكا بدون مؤونة
بصفته وكيال ،يكون قد خرج عن حدود الوكالة المسندة إليه ويرتكب عمال غير مشروع في حق موكله ،والعمل الغير المشروع
حسب الفصل 77من ظهير االلتزامات والعقود يتضمن الجرائم وأشباه الجرائم ،وفعل إصدار شيك بدون مؤونة يصنف في
خانة الجرائم ،ألنه جريمة عمدية تتحقق بتوجيه إرادة مرتكبها إلى إصدار شيك مع علمه بعدم وجود الرصيد ،وهما أمران ال
يمكن تصورهما إال في الشخص الذاتي ،فهو وحده المؤهل ألن يعلم ما إذا كان للشخص المعنوي رصيد بالبنك أم ال قبل
إصدار الشيك ،أما الشخص المعنوي فهو ليس بشخص آدمي يتمتع باإلدراك وباإلرادة ،وإنما هو شخص اعتباري يوكله الغير
ليدير أموره ،وبذلك فإن الوكيل الذي يصدر شيكا بدون مؤونة نيابة عن الشخص المعنوي يتحمل المسؤولية الجنائية بمفرده،
والسند في ذلك أن أحد عناصر المسؤولية الجنائية لهذه الجريمة وهو عنصر سوء النية أي القصد الجنائي المتمثل في العلم
بعدم وجود الرصيد ال يمكن تصوره إال في الشخص الذاتي ،لذلك كان من الطبيعي أن ال يسأل جنائيا الشخص المعنوي عن
هذه الجريمة النتفاء قصده الجنائي ،أما الوكيل فإنه هو الساحب الفعلي للشيك ولو بصفة الوكالة وهو الذي يتوفر في جانبه
القصد الجنائي أو سوء النية أي العلم بعدم وجود الرصيد وهو الذي يتحمل إذن المسؤولية الجنائية ،وهذا الرأي يساير فلسفة
المشرع بخصوص هذه الجريمة التي لم يشترط فيها القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية اإلضرار بالمستفيد أو اإلثراء
على حسابه ،وإنما اشت رط فيها القصد الجنائي العام المتمثل في سوء النية بعلم الساحب بعدم وجود الرصيد ،والمؤكد أن
المشرع كان هدفه من وراء موقفه هذا زجر المتالعبين بإصدار شيكات بدون مؤونة وزجر المحتالين بخلق شركات وهمية أي
أشخاص معنوية ،والقيام بأعمال غير مشروعة تحت مظلتها والنصب على المتعاملين معها باسمها.2
-1محمد لفروجي ،الشيك واشكاالته القانونية والعملية ،الطبعة األولى ماي ،7999مطبعة النجاح الجديدة ،ص .616
-انظر كذلك امحمد جعكيك ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة اصدار شيك بدون رصيد ،مقال منشور بمجلة المرافعة ،عدد مزدوج 75-71دجنبر
مطبعة النجاح الجديدة ،ص .51
- 2امحمد جعكيك ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة اصدار شيك بدون رصيد ،م س.
334
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
وإذا كان الساحب صاحب الحساب ال تثير مسؤوليته الجنائية أي إشكال قانوني بخصوص إصدار الشيكات ،فإن التساؤل
أثير عمليا أمام المحاكم حول المسؤولية الجنائية للممثل القانوني للشخص المعنوي بخصوص جنحة عدم توفير مؤونة شيك،
لكونه ليس صاحب الحساب البنكي وال يستفيد شخصيا من التعامل به على اعتبار ان الشخص المعنوي المذكور ال يمكن
الحكم عليه إال وفق العقوبات المذكورة في الفصل 927من القانون الجنائي ،وقد استقر العمل القضائي المغربي وعلى رأسه
محكمة النقض على تقرير مسؤولية الممثل القانوني بخصوص الشيك الذي قام بسحبه دون التوفر على المؤونة الكافية ليساير
بذلك مقتضيات المادة 395من مدونة التجارة التي تتحدث عن الساحب الذي ال يمكن أن يكون إال الشخص الطبيعي الذي
وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي ":و حيث إن ما أثاره الدفاع من استقالل ذمة الظنين المالية عن ذمة الشركة
التي يمثلها و إن كان في محله إال أن مسؤولية عدم توفر حساب الشركة على مقابل الشيكات التي سحبها باسمها تقع عليه
العترافه تمهيديا بتوقيع الشيكات التي أثبتت الشواهد البنكية أنها ال تتوفر على مؤونة و لكون الفصل 395إنما يعاقب ساحب
وبالرجوع الى المقتضيات القانونية الزجرية المتعلقة بالشيك يتضح انها ال تميز بخصوص المسؤولية الجنائية عن سحب
الشيك بدون مؤونة ما بين وضعيتي الشخص الطبيعي عندما يسحب شيكاته الشخصية أو حينما يمضي شيكات غيره بتفويض
منه كحالة الوكيل عن الشخص المعنوي ،مما يستوجب معاقبته في كلتا الحالتين باعتباره ساحبا في كل منهما ،2اما بخصوص
العقوبات المنصوص عليها بمقتضى المادة 395من مدونة التجارة نجد انها جاءت مقرونة بعقوبة سالبة للحرية ولم تجعل
المادة المذكورة إمكانية الخيار بين الحكم بإحدى العقوبتين فقط ،وهو ما ال يستقيم مع مقتضيات الفصل 927من مجموعة
القانون الجنائي الذي عاقب الشخص المعنوي بالعقوبة المالية فقط ،3كما ان التوجه الذي استقرت عليه محكمة النقض في
تقريرها لمبدأ المسؤولية الجنائية لممثل الشخص المعنوي ،سارت عليه العديد من محاكم الموضوع'' ،4وعموما فان الفقه
- 1قرار عدد 71/7915صادر في الملف الجنحي عدد 2111/5917بتاريخ ،2111/11/71منشور بمؤلف محمد لفروجي "جرائم الشيك
وعقوبتها الجنائية والمدنية" مطبعة النجاح الجديدة ص .761
-2أنظر في هذا الشأن قرار محكمة النقض بغرفتين عدد 2717المؤرخ في 2112/77/21في الملف عدد 99/7199منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 711ص
271وما يليها.
-3انظر في هذا االتجاه قرار محكمة النقض الصادر في الملف عدد 2119/71/6/75796منشور بمجلة "النشرة اإلخبارية للمجلس األعلى" مركز النشر والتوثيق
القضائي .مطبعة األمنية – الرباط العدد 21مارس 2119ص. 26
- 4وفي هذا اإلطار نذكر حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بأسفي بتاريخ 2171/72/71في الملف الجنحي عدد 71/922:غير منشور ،والذي من ضمن ما جاء
في حيثياته ما يلي:
'' وحيث ان الشخص المعنوي ال يتحمل المسؤولية الجنائية عن جنحة إصدار شيك دون التوفر على المؤونة الالزمة ،وان الذي يتحملها هو وكيل هذا الشخص المعنوي
أي الشخص الذاتي الذي أصدر بفعله وإرادته الشيك دون أن يتأكد من وجود الرصيد من عدمه ب اعتباره صاحب العلم و اإلرادة و بحكم العالقة القانونية التي تربطه
مع موكله للقيام باألعمال المشروعة لفائدته ،وبالتالي فإن مقتضيات الفصل 721من القانون الجنائي ال تجد لها سندا للتطبيق في نازلة الحال لكونها تحدد إطارا قانونيا
للعقوبات التي يمكن صدورها في حق الشخص المعنوي وال تتعلق أبدا بتجريم األفعال أو تحديد المسؤوليات الجنائية التي يجب الرجوع في شانها إلى مختلف
النصوص القانونية األخرى التي تحدد عناصر وأركان كل جريمة على حدة كما هو الشأن بالنسبة للمادة 676من مدونة التجارة محل المتابعة في هذه النازلة.
وحي ث إنه لما كان األمر كذلك ووفقا لما انتهت إليه المحكمة أعاله فإن المتهم ....باعتباره ممثال قانونيا لشركة .....يتحمل مسؤولية جنائية شخصية بخصوص الشيكات
التي قام بسحبها باسم الشركة المذكورة والتي تبين فيما بعد انها ال تتوفر على المؤونة الكافية.
335
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
والقضاء مجمعان على اعتبار الممثل القانوني للشخص المعنوي مسؤوال جنائيا عن الشيك الذي قام بسحبه دون التوفر على
مؤونة.
خاتمة:
تعرضنا عبر هذه الدراسة للمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية في مجال االعمال منذ بداية الفكرة نتيجة للتطور
االقتصادي والمالي الذي عرفه العالم وما صاحبه من ظهور وانتشار المؤسسات المالية الى غاية التكريس الفعلي لهدا المبدأ
وفقا للقانون الجنائي المغربي ،حيث تبين لنا بان المشرع المغربي قد احاط مجال االعمال بحماية قانونية كبير اخذا بعين
تلعبه الشركات التجارية وغير من المؤسسات ذات الصلة بمجال األعمال في تطوير االقتصادية االعتبار الدور الذي
وقد خلصنا الى انه لقيام المسؤولية الجنائية البد أن يتم ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي عن طريق أحد أعضائه
أو ممثليه ،وان المشرع المغربي قد حدد العقوبات التي يمكن تطبيقها في إطار تكريس هذه المسؤولية على الجرائم محل
المساءلة.
وفي كل األحوال فإننا نستطيع إبداء مجموعة من المالحظات على قواعد المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي على ضوء
إن المشرع المغربي وإن أقر المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،إال أنه لم يحدد قواعد هذه المسؤولية وال شروطها،
مما يجعل الفصل 927اساس مساءلتها يظل نصا معاقبا وليس مجرما ،اضافة الى انه لم يحدد انواع االشخاص المعنوية
إن المشرع المغربي وان اقر مبدا مسالة االشخاص المعنوية ،إال انه لم يحدد مسؤولية هؤالء األشخاص في مرحلة التكوين
والتصفية ومسؤولية األشخاص المعنوية الواقعية وشركات المحاصة ،ويصعب الركون إلى الحلول التي قدمها فقهاء القانون
في هذا المجال فما يصلح في نطاق القانون المدني أو التجاري قد ال يصلح في نطاق قانون العقوبات الذي يحكمه مبدأ
التفسير الضيق.
إن المشرع المغربي قد حصر مسؤولية الشخص المعنوي في حالة ارتكاب الجريمة لحسابه و بواسطة أحد ممثليه أو
أعضائه ،وقد كان حريا به تحقيقا للعدالة أن يحدد بدقة االشخاص المسؤولين عن ارتكاب تلك الجرائم ,وان يمدد هذه المسؤولية
وحيث إنه يعتبر مرتكبا لجنحة إصدار شيك دون مؤونة طبقا للمادة 676مدونة التجارة ساحب الشيك الذي أغفل أو لم يقم بتوفير مؤونة الشيك قصد أدائه عند تقديمه
لالستخالص.
336
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
حتى في حالة ارتكاب الفعل الجرمي بواسطة أحد العاملين فيه الذي لهم تأثير على اتخاد القرار ,فمن ناحية نجد أن بعض
الموظفين ليسوا من أعضاء الشخص المعنوي أو ممثليه و على الرغم من ذلك لهم تأثير كبير في اتخاذ القرار ،ومن ناحية
ثانية فقد يترتب على تصرف عامل بسيط وقوع كارثة بحيث تلقى المسؤولية الجنائية على عاتقه وحده على الرغم من أن
إن المشرع الغربي وإن استحدث المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي إال انه لم يحدث انسجام من حيث العقوبات بين
النصوص التي تحكم الجرائم المتابع بها فيما بينها وبين القاعدة العامة الواردة في الفصل 927من مجموعة القانون الجنائي.
إن المشرع المغربي وإن أقر مسؤولية الشخص المعنوي الجنائية وهي خطوة جريئة فرضتها التحوالت االقتصادية والسياسية
واالجتماعية ،إال انه تسرع في إقرارها دون النظر إلى تعديل باقي النصوص القانونية األخرى وفق ما يتماشى مع طبيعة
الشخص المعنوي ،وهو ما سيرتب إشكاالت عملية عند التطبيق تفرزها ذات النصوص في غياب إمكانية إسقاط القواعد
الئحـــــة المراجـــــع
الكتب العامة:
-احمد الخمليشي ،شرح القانون الجنائي ،القسم العام ،مكتبة المعارف بالرباط ،الطبعة األولى.9.36 ،
-احمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات ،القسم العام ،الطبعة السادسة.9..5،
-عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،نظرية االلتزام ،المجلد االول ،رقم .649
-عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي ،القسم العام ،الطبعة الثالثة.222.،
-لطيفة الداودي ،الوجيز في القانون الجنائي المغربي ،القسم العام ،المطبعة والوراقة الوطنية ،الطبعة الثانية .2293
-محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات (القسم العام) ،دار النهضة العربية.9.3. ،
-محي الدين الذين امزازي ،العقوبة ،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية ،مطبعة األمنية ،الرباط .9..3
الكتب المتخصصة:
-أحمد محمود الخولي :نظرية الشخصية االعتبارية بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي ،دار السالم للطباعة والنشر،
،2223القاهرة.
337
ISSN 2605-6496. Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 4, No°2,pp 323-338 Oct2023
-امحمد لفروجي" ،جرائم الشيك وعقوبتها الجنائية والمدنية" مطبعة النجاح الجديدة.
-امحمد لفروجي ،الشيك واشكاالته القانونية والعملية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة األولى ماي .9...
-شريف سيد كامل ،المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،دراسة مقارنة دار النهضة العربية ،القاهرة ،الطبعة األولى،
.9..7
الرسائل واألطروحات:
-عاتق ابو زيد ،معضلة الركن المعنوي في جرائم الشركات التجارية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون
الخاص ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية الحقوق طنجة ،السنة الجامعية .2225-2226
-محمد كرم المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركة المساهمة على ضوء القانون المغربي والمقارن ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في الحقوق جامعة الحسن الثاني ،الدار البيضاء السنة الجماعية .2229-2222
المقاالت:
-امحمد جعكيك ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي عن جريمة اصدار شيك بدون رصيد ،مقال منشور بمجلة المرافعة،
المقاالت االلكترونية:
-خالد الدك ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ،مقال منشور بموقع العلوم القانونية االلكتروني بتاريخ ،2293/23/94
المجالت:
-مجلة "النشرة اإلخبارية للمجلس األعلى" مركز النشر والتوثيق القضائي ،مطبعة األمنية – الرباط العدد 22مارس 222.
-مجموعة القانون الجنائي ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،العدد 3فبراير .222.
338