You are on page 1of 19

‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.

‬‬

‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‬

‫الدكتور رقولي كريم‪ ،‬أستاذ محاضر‪.‬أ‬


‫جامعة سطيف ‪ -02‬الجزائر‬

‫الملخص‪ :‬هتدف ىذه الدراسة إىل التعريف بالسياسة اخلارجية للواليات ادلتحدة األمريكية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل الًتكيز على ماىية السياسة اخلارجية وعالقاهتا دبختلف ادلصطلحات ادلشاهبة ذلا على‬
‫غرار السياسة الداخلية‪ ،‬العالقات الدولية‪ ،‬والدبلوماسية‪ ،‬وكذا سلتلف احملددات الداخلية واخلارجية‬
‫اليت تتحكم يف عملية رسم وصنع السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫كما مت التطرق أيضا إىل السياسة اخلارجية من الناحية النظرية وادلعرفية وذلك من خالل‬
‫التطرق إىل مؤسسات صنع القرار يف السياسة اخلارجية‪ ،‬وكذا إىل اخللفية النظرية ادلفسرة لظاىرة‬
‫السياسة اخلارجية األمريكية‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬السياسة اخلارجية‪ ،‬السياسة اخلارجية األمريكية‪ ،‬مؤسسات صنع السياسة‬
‫اخلارجية األمريكية‪.‬‬
‫‪Le résumé:Cette étude a pour objectif de définir la politique‬‬
‫‪étrangère des États-Unis d’Amérique en mettant l’accent sur :‬‬
‫‪1-la nature de la politique étrangère et ses relations avec divers‬‬
‫‪termes similaires tels que: la politique intérieure, les relations‬‬
‫‪internationales, la diplomatie, ainsi que divers déterminants internes et‬‬
‫‪externes relative au processus de la prise de décision en matière de la‬‬
‫‪politique étrangère.‬‬
‫‪2- le cadre théorique et cognitive de la politique étrangère des‬‬
‫‪États-Unis d’Amérique a travers les institutions de prise de décision en‬‬

‫‪287‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫‪matière de politique étrangère, ainsi le cadre théorique expliquant le‬‬


‫‪phénomène de la politique en question.‬‬
‫‪Mots-clés: politique étrangère, les déterminants de la politique‬‬
‫‪étrangère, politique étrangère des États-Unis, institutions d élaboration‬‬
‫‪des politiques étrangères des États-Unis.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫تعترب عملية السياسة اخلارجية إحدى أىم ادلرتكزات اليت تعتمد عليها الدولة من‬
‫أجل ربقيق أىدافها‪ ،‬عرب سلتلف األدوات والوسائل اليت تستعملها‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫ما سبتلكو من إمكانيات وقدرات على التأثَت اخلارجي‪ ،‬فبعض الدول تلجأ إىل ربقيق‬
‫أىدافها عرب الوسائل السلمية كالدبلوماسية‪ ،‬بينما تلجأ دوال أخرى إىل الوسائل‬
‫العدوانية كاحلرب‪ ،‬وىذا بدافع ربقيق غاياهتا‪ ،‬ووفقا دلا تتطلبو مصاحلها‪.‬‬
‫ولعلّ ربديد مفهوم السياسة اخلارجيّة لدولة مثل الواليات ادلتحدة األمريكية‪،‬‬
‫أمر يف غاية الصعوبة‪ ،‬وذلك دلا تتميز بو من ناحية ادلساحة اجلغرافية الكبَتة نسبياً‬
‫ٌ‬
‫وكذلك من حيث ادلتغَتات السياسية واالجتماعية اليت رافقت نشوء الواليات‬
‫ادلتحدة منذ استقالذلا عن ادلملكة ادلتحدة يف حىت يومنا ىذا‪ ،‬وما يزيد يف صعوبة‬
‫ربديد اإلطار العام للسياسة اخلارجية األمريكية؛ ىو حجم تأثَتىا وفاعليتها على‬
‫الساحة الدولية وكذلك مكانتها يف سلم القوى الدولية ‪ ،‬و من مث توجب على ىذه‬
‫الدراسة طرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫‪288‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫ما هي األطر المحددة للسياسة الخارجية األمريكية؟‬


‫و قد تمخضت عن هذه اإلشكالية عدة أسئلة فرعية‪ ،‬و هي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ ‬ماذا يقصد بالسياسة اخلارجية؟‬
‫‪ ‬ما ىي احملددات و ادلؤسسات ادلؤثرة يف السياسة اخلارجية األمريكية؟‬
‫‪ ‬ما ىي األطر النظرية ادلفسرة للسياسة اخلارجية األمريكية؟‬
‫و لإلجابة عن ما سبق طرحو من أسئلة سيتم تناول ادلوضوع يف اإلطار‬
‫الناضم التايل‪:‬‬
‫المحور األول‪ :‬تأصيل مفاهيمي معرفي حول السياسة الخارجية‬
‫أوال‪ -‬التعريف بالسياسة اخلارجية‬
‫ثانيا‪ -‬عالقة السياسة اخلارجية ببعض ادلفاىيم األخرى‪.‬‬
‫ثالثا‪-‬زلددات السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬السياسة الخارجية األمريكية‬
‫ثانيا‪ -‬مؤسسات صنع القرار يف السياسة اخلارجية األمريكية‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬اخللفية النظرية ادلفسرة للسياسة اخلارجية األمريكية‪.‬‬
‫المحور األول‪ :‬تأصيل مفاهيمي معرفي حول السياسة الخارجية‬
‫أوال‪ :‬التعريف بالسياسة الخارجية‬
‫على الرغم من احملاوالت العديدة ادلبذولة من طرف العديد من ادلهتمُت دبوضوع‬
‫السياسة اخلارجية‪ ،‬وزلاولة التعريف هبا تعريفا أكثر موضوعية وأقرب إىل الدقة‪ ،‬ويتسم‬
‫‪289‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫لعل السبب يف ىذا‬


‫بالتوافق‪ ،‬إال أن األمر مازال يتعذر ربقيقو على أرض الواقع‪ ،‬و ّ‬
‫يرجع إلىتعدد الزوايا والرؤى ادلختلفة‪ ،‬اليت ينطلق منها ادلفكرون يف النظر إىل موضوع‬
‫السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫و الواقع‪ ،‬أن تنوع التعريفات وتفاوت نواحي الًتكيز فيها‪ ،‬إظلا يعكس ظاىرة‬
‫السياسة اخلارجية‪ ،‬وصعوبة التوصل إىل رلموعة األبعاد اليت تندرج يف إطارىا والعالقة‬
‫(‪.)1‬‬
‫بينها‬

‫ولقد أ ْ‬
‫ُعطيت تعريفات ع ّدة لظاىرة السياسة اخلارجية‪ ،‬و لكن سيتم التطرق إىل‬
‫تعريفات بعض علماء السياسة‪ ،‬منهم‪:‬‬
‫‪ ‬يعرف " هارتمن " ‪ HARTMAN‬السياسة اخلارجية بأهنا‪ " :‬تقرير منتظم‬
‫بادلصاحل الوطنية ادلنتقاة بشكل مقصود "(‪ ،)2‬وما يالحظ على ىذا التعريف أن‬
‫الغموض يكتنفو‪ ،‬من جانب أنو يقصر مفهوم السياسة اخلارجية على متغَت‬
‫واحد ووحيد‪ ،‬أال وىو ادلصلحة الوطنية‪ .‬واحلال أن السياسة اخلارجية ال ميكن‬
‫أن يستقيم مدلوذلا على متغَت واحد فحسب‪.‬‬
‫‪ ‬وىناك من يعرفها على أساس أهنا‪ " :‬سياسة الدولة ذباه بيئتها الدولية"(‪.)3‬‬
‫ادلالحظ على ىذا التعريف‪ ،‬أنو يركز على الدولة‪ ،‬باعتبارىا فاعال رئيسا يف العالقات‬
‫الدولية‪ ،‬بينما يقوم بتهميش بقية الفواعل األخرى‪ ،‬أو على أقل تقدير يقلل من دورىا‪.‬‬
‫يعرف " باتريك مورغان " السياسة اخلارجية بأهنا " التصرفات الرمسية‬
‫‪ ‬يف حُت ّ‬
‫احملددة اليت يقوم هبا صانعوا القرار السلطويون يف احلكومة الوطنية‪ ،‬أو شلثلوىم‬
‫(‪.)4‬‬
‫هبدف التأثَت يف سلوك الفاعلُت الدوليُت اآلخرين"‬

‫‪290‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫و دبوجب ىذا التعريف ميكن القول‪ :‬إن السياسة اخلارجية ُّ‬


‫تعد دبثابة تصرفات و‬
‫سلوكيات سبثل صانعي القرار يف احمليط اخلارجي‪.‬‬
‫إذن ومن خالل ما سبق ذكره يف التعاريف يتبُت أن الباحثُت مل ػلددوا كل‬
‫األبعاد اليت ربتويها السياسة اخلارجية‪ ،‬وإظلا اقتصروا على جزء واحد فقط من أجزائها‪،‬‬
‫سواء على مستوى السلوك‪ ،‬أو األىداف‪ ،‬والواقع أن تعدد التعاريف إظلا يعكس تعقيد‬
‫ظاىرة السياسة اخلارجية‪ ،‬وصعوبة التوصل إىل رلموعة األبعاد اليت تندرج يف إطارىا‪،‬‬
‫والعالقة فيما بينها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عالقة السياسة الخارجية ببعض المفاهيم األخرى‪.‬‬
‫‪ /1‬عالقة السياسة الخارجية بالعالقات الدولية ‪.‬‬
‫ميكن القول‪ :‬إنو على الرغم من االعتقادات اليت تدعو إىل ضرورة التوحيد بُت‬
‫السياسة اخلارجية وعلم العالقات الدولية‪ ،‬السيما منها يف الفًتة ادلمتدة بُت ‪ 1648‬إىل‬
‫خضعت لتطور نظري‬
‫ْ‬ ‫غاية احلرب العادلية الثانية‪ ،‬إال أن الفًتة اليت تلت ىذه احلرب قد‬
‫ىائل يف ميدان العالقات الدولية‪ ،‬وىو األمر الذي دفع باذباه اعتماد مبدأ التخصص يف‬
‫دراسة ظواىر ىذا احلقل(‪.)5‬‬
‫و ميكن التمييز بينهما يف كون أن‪ ،‬العالقات الدولية هتتم بدراسة الظاىرة‬
‫السياسية الدولية‪ ،‬اليت تنشأ نتيجة التفاعالت بُت الوحدات السياسية ادلختلفة يف إطار‬
‫النسق الدويل‪ ،‬بينما ينحصر اىتمام السياسة اخلارجية على السلوك اخلارجي ذلذه الدول‬
‫(‪.)6‬‬
‫أو ادلواقف اليت تواجهها يف البيئة الدولية‬

‫‪291‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫وما ميكن قولو خبصوص العالقة ادلوجودة بُت ظاىرة السياسة اخلارجية وظاىرة‬
‫العالقات الدولية‪ ،‬أن ىذه األخَتة أعم وأمشل من السياسة اخلارجية‪ ،‬ومعٌت ذلك أن‬
‫السياسة اخلارجية ىي أداة ووسيلة إلدارة العالقات الدولية‪ ،‬فإذا كانت السياسة‬
‫اخلارجية تقع داخل إقليم الدولة‪ ،‬فإن العالقات الدولية تقع خارج اإلقليم لتحقيق‬
‫أىداف عامة أي أن العالقات الدولية تعٍت دبا ىو كائن‪،‬يف حُت أن السياسة اخلارجية‬
‫تعٌت دبا غلب أن يكون‪.‬‬
‫‪ /3‬عالقة السياسة الخارجية بالدبلوماسية ‪:‬‬
‫تعترب الدبلوماسية إحدى األدوات الرئيسية لتنفيذ السياسة اخلارجية للدول‪،‬‬
‫والسيما يف أوقات السلم(‪ ،)7‬ويف ىذا الصدد يعرفها " روبرت كانًت " بأهنا‪ " :‬فن‬
‫وشلارسة إدارة ادلفاوضات مع الدول األخرى يف عملية تنفيذ السياسة اخلارجية" وىو ما‬
‫يوضح جليا أن الدبلوماسية زبضع كلية للسياسة اخلارجية‪.‬‬
‫و بذلك ميكن القول‪ ،‬بأنو ىناك عالقة تكاملية بينهما ؛ فإذا صلحت‬
‫الدبلوماسية انعكس ذلك باإلغلاب على السياسة اخلارجية‪ ،‬وعلى العكس من ذلك يف‬
‫حالة إذا ما فشلت فإهنا تؤدي إىل قصور السياسة اخلارجية وتبعيتها(‪.)8‬‬
‫‪ /4‬عالقة السياسة الخارجية بالسياسة الداخلية‪.‬‬
‫إن صنع السياسة اخلارجية يتقيد كثَتا بالسياسة الداخلية‪ ،‬إىل حد اعتبار أن‬
‫السياسة اخلارجية ىي استمرارية للسياسة الداخلية‪ ،‬وبالتايل فهي تتأثر باحمليط‬
‫الداخلي‪ ،‬حيث يرى " كارل فريدريك " ‪ :‬إن السياسة اخلارجية تتأثر بالسياسة‬
‫الداخلية والسيما يف النظم الدميقراطية‪ ،‬وإىل أن كل مشكلة داخلية تتضمن بالضرورة‬

‫‪292‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫أبعادا خارجية " وأكثر من ىذا يشَت " ىانريدر " إىل ‪ ":‬أهنما أصبحتا متشاهبتُت إىل‬
‫حد بعيد‪ ،‬وىو ما يطلق عليو تعبَت مدخالت السياسة اخلارجية "(‪.)9‬‬
‫كما كتب "غريغوري فالين" عن العالقة ادلتكاملة بينهما قائال ‪ ":‬ال ميكن‬
‫فصل السياسة الداخلية عن السياسة اخلارجية يف عامل اليوم "‬
‫وحسب التعريفات السابقة فإن السياسة اخلارجية‪ ،‬ىي انعكاس للسياسة‬
‫الداخلية‪ ،‬فكلما كان ىناك استقرارا داخل الدولة‪ ،‬كلما كان ىناك انسجاما واستقرارا‬
‫يف السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫وعليو فإن مثل العالقة ادلوجودة بينهما‪ ،‬ىي مثل العالقة بُت وجهي العملة‬
‫الواحدة‪ ،‬حيث يقول "جالدستون"‪ " :‬إن السياسة الداخلية الصاحلة ىي أول شرط‬
‫من شروط السياسة اخلارجية الرشيدة"(‪.)10‬‬
‫ثالثا‪ :‬محددات السياسة الخارجية‪.‬‬
‫و يقصد دبحددات السياسة اخلارجية رلموعة من العوامل ادلؤثرة يف توجيو السلوك‬
‫اخلارجي للوحدة الدولية‪ ،‬وىناك من يسمي ىذه احملددات بالعناصر ادلفسرة للسياسة‬
‫اخلارجية‪ ،‬ويطلقون عليها ادلتغَتات التفسَتية للسياسة اخلارجية(‪.)11‬فالسياسة اخلارجية‬
‫تتأثر دبجموعة من العوامل اليت " تساىم يف تشكيل وتوجيو تلك السياسة سواء كانت‬
‫داخلية أم خارجية‪.‬وعليو ميكن التطرق إليها بوضوح يف ما يلي ‪:‬‬

‫‪293‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫أوال‪ -‬المحددات الداخلية ‪.‬‬


‫ونظرا ألعلية احملددات الداخلية لدولة ما و ذلك لتأثَتىا ادلباشر يف عملية‬
‫السياسة اخلارجية‪ ،‬فإنو سيتم التطرق إليها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ /1‬العوامل الجغرافية ‪:‬‬
‫تعد العوامل اجلغرافية من أىم العوامل ادلؤثرة يف توجيو السلوك السياسي‬
‫اخلارجي‪ ،‬وتعرف ىذه العوامل وما تفرزه من انعكاسات ونتائج يف أدبيات العالقات‬
‫الدولية باجلغرافيا السياسية‪.‬‬
‫وتنحصر العوامل اجلغرافية يف ثالثة عناصر أساسية ىي(‪":)12‬‬
‫‪-‬التضاريس أو الطبيعة الطبوغرافية لألرض‪ :‬يلعب ىذا العامل أيضا دورا‬
‫مهما وادلمثل يف ربديد طبيعة االتصال والنقل داخل الدولة ‪ ،‬فكلما كان ىذا‬
‫االتصال سهال زادت درجة التجانس واالرتباط الثقايف بُت ادلواطنُت يف سلتلف‬
‫أجزاء مناطقها‪.‬‬
‫‪ -‬الموقع الجغرافي للدولة‪ :‬ويعد ىذا العنصر من بُت أىم العوامل اليت سبارس‬
‫تأثَتا كبَتا على مدى مشاركتها يف اجملتمع الدويل وعلى قوهتا القومية‪.‬‬
‫‪ -‬الحدود‪:‬كما حظيت مسألة احلدود بأعلية بالغة لدى دراسي العلوم السياسية‪،‬‬
‫لذلك فهم يرون أن احلدود الدولية ىي أحد العوامل ادلؤثرة يف الصراعات‬
‫الدولية‪ ،‬حيث أنو كلما كانت ىناك حدودا طويلة لدولة ما تكون أكثر عرضة‬
‫(‪.)13‬‬
‫للدخول يف الصراعات‪ ،‬مقارنة مع تلك الدول ذات احلدود القصَتة‬

‫‪294‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫ويف مقابل ذلك يرى البعض اآلخر أنو على الرغم من الصراعات اليت تطرأ بُت‬
‫سلتلف الوحدات نتيجة اجلوار اجلغرايف‪ ،‬فإن الدولة اليت ذباور دولة أكرب منها قد ذبٍت القوة‬
‫واألمن نتيجة ىذا التجاور‬
‫وتكمن أعلية ىذه العوامل وما تزخر بو من مزايا شلا غلعل الدولة يف موقع‬
‫أفضل‪ ،‬فيتوجو سياستها اخلارجية إىل الوحدات الدولية األخرى ‪،‬وذلك من منطلق "‬
‫إن الزعيم ال يستطيع ان يسلك سياسة خارجية غَت اليت سبليها عليو جغرافية‬
‫بالده"(‪.)14‬‬
‫‪ /2‬المحددات االقتصادية‪:‬‬
‫تلعب احملددات االقتصادية دورا مركزيا يف التأثَت على النظام السياسي لدولة‬
‫معينة ‪ ،‬يف إطار سلوكياهتا ذباه زليطها اخلارجي‪ ،‬إذ تأيت قوة الدولة من خالل ما تزخر‬
‫بو من سلتلف ادلوارد االقتصادية و اليت سبثل قوة نفوذىا يف سلتلف اجملاالت االقتصادية‬
‫والسياسية خارج حدودىا اإلقليمية(‪ ،)15‬ألن الدول اليت تعاين من نقص ادلوارد ال ميكن‬
‫ذلا أن تلعب دور الدولة الكربى‪ ،‬حىت إذا أرادت أن تلعب ىذا الدور(‪.)16‬‬
‫‪ -3‬المحددات العسكرية‬
‫تعد العوامل العسكرية من أىم العوامل اليت تعتمد عليها الدولة يف تنفيذ‬
‫سياستها اخلارجية‪ ،‬وذلك من منطلق أن القوة العسكرية ما تزال سبثل ادلظهر الرئيسي‬
‫لقوة الدولة(‪ ،)17‬السيما تلك اليت سبتلك ترسانات عسكرية ضخمة ومتطورة وسلتلف‬
‫القواعد العسكرية ذبعلها تتبٌت سياسات سلالفة عن تلك اليت تتبناىا دول أخرى‪ ،‬تفتقر‬

‫‪295‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫إىل تلك ادليزات ادلذكورة آنفا(‪)18‬وىذا ما يدفع الدول ادلتقدمة إىل إتباع سياسات‬
‫التدخل واذليمنة‪ ،‬شلا غلعلها تفرض إرادهتا يف سلتلف احملافل الدولية ‪.‬‬
‫‪ /6‬المحددات السياسية‬
‫من بُت احملددات اليت غلب أن تؤخذ بعُت االعتبار النظام السياسي للدول وكيفية‬
‫تأثَته على عملية صناعة السياسية اخلارجية‪ ،‬حبيث يشَت البناء السياسي إىل ادلؤسسات‬
‫السياسية وادلنظومة الدستورية‪ ،‬حيث تتخذ القرارات السلطوية(‪.)19‬فالنظم اليت تتسم‬
‫بالتعددية السياسية عادة ما تعكس سياسات خارجية سلمية‪ ،‬عكس األنظمة الشمولية‬
‫واليت تفتقر إىل التعددية اليت تعكس سياسات توسعية‪ ،‬وتكون مرتبطة بشخصية القائد‬
‫السياسي وذلذا فإن شكل النظام السياسي‪ ،‬ىو الذي ػلدد بو متغَت من ادلتغَتات السابقة‬
‫الذكر اليت ستؤثر على صانع قرار السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫إال أنو ىناك من يرى أن األنظمة السياسية اليت تتميز بالشمولية أو ىي أكثر‬
‫صلاحا يف رلال السياسة اخلارجية من النظم الدميقراطية‪ ،‬ألن النظم الشمولية ىي أكثر‬
‫ديناميكية يف عملية صنع القرار‪ ،‬إضافة إىل أهنا أكثر دقة يف أدوات االتصال واتسامها‬
‫بطابع السرية(‪.)20‬‬
‫‪/7‬المحددات الشخصية (العوامل الذاتية)‬
‫تلعب احملددات الشخصية دورا مركزيا يف توجيو السياسة اخلارجية للدولة‪ ،‬و يف‬
‫التأثَت عليها فيما يتصل بتحديد األىداف واختيار أساليب تنفيذىا(‪.)21‬‬
‫ويربز دور القادة السياسيُت يف التأثَت على السلوك اخلارجي وباخلصوص يف دول‬
‫عامل اجلنوب حيث تتميز أنظمتها بالشمولية‪ ،‬وينعدم فيها دور ادلؤسسات السياسية‬

‫‪296‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫الرمسية يف رسم السياسة اخلارجية للدولة‪ ،‬وىو ما يؤدي إىل تغَت توجهات يف ىذه‬
‫السياسة مع تغَت القادة‪ ،‬عكس النظم الدميقراطية اليت تتسم سياستها بالثبات‬
‫النسيب(‪.)22‬كما يظهر العامل الشخصي أيضا يف السياسة اخلارجية للدول يف القيادات‬
‫الكاريزمية‪ ،‬فالقائد الذي يتمتع بشخصية ملهمة (قوية) يستطيع أن ػلصل على تأييد‬
‫شعيب كبَت لسياستو عموما‪ ،‬وبالتايل يكون تأثَته مطلقا‪ ،‬فخربة القائد السياسي بالشؤون‬
‫اخلارجية تلعب دورا مهما يف السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫ب‪ -‬المحددات الخارجية ‪:‬‬
‫تتمثل احملددات اخلارجية يف ىيكل النظام الدويل واإلقليمي الذي تنتمي إليو‬
‫الدولة‪ ،‬سواء أكانوا فرادى أم مجاعات‪ ،‬وذلك من حيث توزيع القوة يف النظام‪ ،‬وعليو‪،‬‬
‫ال ميكن ألي دولة ‪-‬مهما بلغت من قوة‪ -‬إتباع سياسة العزلة يف النظام الدويل الذي‬
‫يتميز باستقطاب حاد(‪.)23‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فالسلوك اخلارجي للدولة يتأثر بسلوك الوحدات األخرى‪ ،‬وىذا ما عرب‬
‫عنو أنصار ادلدرسة الواقعية عندما تطرقوا يف تفسَتىم لظاىرة السياسة اخلارجية إىل‬
‫االعتماد على سلتلف احملددات الشخصية‪ ،‬وطبيعة النظام السياسي‪ ،‬وحسب رأيهم‬
‫أهنم جد مقصرين يف رلال البحث ألهنم يفسرون ما ػلدث يف النظام الدويل‪ ،‬ومن‬
‫أجل فهم موضوعي السياسة اخلارجية‪ ،‬غلب وصف وربديد بنية النظام الدويل اليت‬
‫تتصرف الدول يف إطاره(‪.)24‬‬

‫‪297‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬السياسة الخارجية األمريكية‬


‫بعد استقالل الواليات ادلتحدة األمريكية واعًتاف القوى الكربى هبا‪ ,‬كان‬
‫الب ّد ذلذه الدولة أن تتبٌت سياسات خارجية زلددة وخصوصاً ذباه القضايا وادللفات‬
‫ادلثارة يف بيئتها احمليطة‪ ،‬فتبنت الواليات ادلتحدة منذ ذلك احلُت رلموعة من‬
‫التوجهات العامة عرب ع ّدة مراحل واكبت تطورىا‪ ،‬و كانت لكل مرحلة من ىذه‬
‫ادلراحل ميزهتا وأثرىا يف بناء السياسة اخلارجيّة األمريكية‪ ،‬و تتمثل ىذه ادلراحل يف ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬التطور التاريخي للسياسة الخارجية األمريكية‬
‫‪/1‬مرحلة العزلة ‪: 1114 - 1776‬‬
‫تفطن القادة األمريكيون بعد االستقالل إىل ضرورة مفادىا وجوب بناء دولة‬
‫قوية قادرة على محاية استقالذلا ودرء األخطار اخلارجية عنها‪ ،‬واعتقد الساسة‬
‫ادلوج و‬
‫يتم إال عرب البناء االجتماعي‪ ،‬والثقايف‪ ،‬واالقتصادي ّ‬
‫األمريكيون أ ّن ىذا ال ّ‬
‫ضلو الداخل‪ ،‬واالبتعاد عن كل ادللفات وادلشاكل اخلارجية‪ ،‬وىذا ما يفسر عزوف‬
‫الواليات ادلتحدة عن االرتباط السياسي بالدول األوربية‪ ،‬اليت تشهد نزاعات‬
‫ومشكالت فيما بينها يف تلك احلقبة خوفاً من انتقال آثارىا إىل الداخل‬
‫األمريكي(‪.)25‬‬
‫و قد سبكنت الواليات ادلتحدة يف ىذه الفًتة بناء استقرار داخلي وقاعدة‬
‫للتوجو ضلو االنفتاح‬
‫اقتصادية ال بأس هبا‪ ،‬واليت ستشكل أحد ادلرتكزات األساسية ّ‬
‫على العامل اخلارجي‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫‪ /2‬مرحلة االنخراط المحتشم ‪:1147 – 1114‬‬


‫و ىي مرحلة احلربُت األوىل و الثانية و بداية االطلراط ادلتحفظ ألمريكا يف‬
‫الشؤون الدولية لكن بتحفظ القانون والشرعية الدولية وربقيق السلم واألمن‬
‫الدوليُت(‪.)26‬‬
‫‪ /3‬مرحلةالقوة العظمى أثناء الحرب الباردة‪:1110-1147‬‬
‫وىي مرحلة خروج أمريكا كقائد للنظام الدويل لزعامة ادلعسكر الغريب‪ ،‬مع‬
‫االرباد السوفيايت سابقا‪ ،‬ربت إطار القطبية الثنائية(‪.)27‬‬
‫‪ /4‬مرحلة القوة المهيمنة منذ ‪:1110‬‬
‫وىي مرحلة زيادة استعمال القوة العسكرية من طرف الواليات ادلتحدة األمريكية‬
‫و خوض عدة حروب خاصة بعد سقوط االرباد السوفيايت ومعو ادلعسكر الشرقي ‪،‬و‬
‫انتصار الثقافة األمريكية واألسلوب االقتصادي الليربايل األمريكي‪ ،‬و طغيان النموذج‬
‫الليربايل األمريكي(‪.)28‬‬
‫و ىكذا مرت السياسة اخلارجية األمريكية بأربع مراحل بداية ب مرحلة العزلة و‬
‫االبتعاد عن العامل اخلارجي يف زلاولة البناء الداخلي ذلا‪ ،‬مرورا دبرحلة االنفتاح التدرغلي‬
‫ضلو العامل و صوال إىل آخر مرحلة سبيزت بكثرة التدخالت األمريكية بالشؤون الداخلية‬
‫للدول و استعمال القوة العسكرية و شن احلرب ‪...‬‬
‫ثانيا‪ -‬مؤسسات صنع القرار في السياسة الخارجية األمريكية‪:‬‬
‫‪ -‬المؤسسات الرسمية(‪:)29‬‬

‫‪299‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫‪ /1‬الكونجرس‪ :‬بدأ دور الكوصلرس يأخذ مكانة ىامة يف صنع السياسة اخلارجية بعد‬
‫حرب الفيتنام‪ ،‬منذ ذلك الوقت بدأ الكوصلرس يف مواجهـة ادلؤسـسة الرئاسية خاصة‬
‫بعد إصداره لقانون سلطات احلـرب عـام ‪ 1973‬كخطـوة لتحديـد صالحيات الرئيس‬
‫وأعلية رجوعو إىل الكوصلرس يف القرارات اإلسًتاتيجية‪.‬‬
‫‪/2‬الرئيس‪ :‬مسح الكوصلرس للرئيس بإدارة السياسة اخلارجية على اعتبـار أن الرئيس‬
‫يعمل بادلشاركة مع األجهزة والوكاالت اليت تقاسـمو أراء العديـد مـن ادلهام بشكل‬
‫صحيح‬
‫‪ /3‬الحزب المسيطر في الكونجرس‪ :‬يلعـب ىذا األخَت دور ىام يف تأثَته على‬
‫الكوصلرس وبالتايل تأثَته علـى ازبـاذ القـرارات فـي السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫‪ -4‬مجلس األمن القومي‪ :‬ويتوىل وضع اخلطط واألطر العامة للسياسة اخلارجيـة إلـى‬
‫جانب تقدمي ادلشورات للرئيس يف رلال السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫‪ /5‬وكالة المخابرات المركزية‪ :‬تتميز االستخبارات ادلركزية بالسرية والدقة وقوة‬
‫احلصول على ادلعلومات‪ ،‬فهي تقوم بدور فعال يف تنفيذ السياسة اخلارجية من حيث‬
‫مجع ادلعلومات النادرة مث ربليلها و تقدميها غالبا لرئيس اجلمهورية‪.‬‬
‫‪ -6‬وزارة الدفاع‪ :‬و اليت تعمل على إعطاء النصح و توفَت ادلعلومات العسكرية و‬
‫قدراهتا اجلوية لرئيس الدولة‪ ،‬تلعب دورا مهما جدا خاصة أثناء احلروب‪ ،‬كما أهنا‬
‫تلعب دورا استشاريا للرئيس‬

‫‪300‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫المؤسسات غير الرسمية‪:‬‬


‫‪ /1‬األحزاب السياسية‪ :‬تعترب األحزاب السياسية من أبرز ادلؤسسات اليت تساىم يف‬
‫صنع السياسة اخلارجية األمريكية‪ ،‬و يتوقف دور احلزب يف صنع السياسة اخلارجية‬
‫على مدى قدرتو يف ادلشاركة والتأثَت بادلوافقة يف األجهزة احلكومية سواء كان يف‬
‫السلطة أو يف ادلعارضة‪ ،‬حيث يعترب احلزب اجلمهوري والدميقراطي أكرب حزبُت يف‬
‫الواليات ادلتحدة األمريكية ‪ ،‬و عادة ما تكون مواقفها اذباه القضايا الدولية غامضة‬
‫وعامة تتسم بالًتدد واحلذر(‪.)30‬‬
‫‪ /2‬جماعات المصالح‪ :‬من السمات ادلميزة للنظام األمريكي الدور الواضح دلا يعرف‬
‫جبماعات ادلصاحل يف التأثَت يف السياسة الداخلية واخلارجية للدولة؛ وىو دور كفلو ذلا‬
‫الدستور األمريكي‪ ،‬فقد عٍت الدستور بأن تكون للمؤسسات اجلماىَتية قوة ذات أثر‬
‫واضح يف صنع القرار ورسم السياسات‪ ،‬حيث تقوم ىذه اجلماعات بالضغط على‬
‫النواب والرئيس حلماية مصاحلها ادلختلفة؛ كما أن لبعض ىذه اجلماعات قوة مجاىَتية‬
‫واقتصادية كبَتة تؤثر بواسطتها يف من يصنع القرار(‪.)31‬‬
‫‪ /3‬وسال اإلعالم‪ :‬تؤدي وسائل اإلعالم األمريكية وظائف متعددة يف عملية زبطيط‬
‫وتنفيذ السياسة اخلارجية األمريكية عرب وسائل سلتلفة‪ ،‬وتأيت يف مقدمة ىذه الوسائل‬
‫الصحافة‪ ،‬فمن ناحية يستخدمها صانعوا القرار السياسيُت لتفسَت مواقفهم وسياساهتم‬
‫ومجع التأييد دلواقفهم احلكومية‪ ،‬ويف إيصال آراء قادة الرأي ومجاعات ادلصاحل واجلمهور‬
‫بصفة عامة إىل القادة احلكوميُت وصانعي السياسة‪ ،‬ومن ناحية أخرى ميكن من‬
‫خالذلا شلارسة الضغط على صانعي السياسة عرب مجاعات الضغط وادلصاحل ادلؤثرة فيها‪،‬‬

‫‪301‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫كما أن وسائ ل اإلعالم األمريكية تتدخل يف عملية صياغة السياسة اخلارجية‪ ،‬ولكنها‬
‫تبقى رلرد جزء يف آلة صنع القرار وليست ادلصدر الذي تُشتق منو السياسات(‪.)32‬‬
‫و من خالل ما سبق ميكن استنتاج أن ىناك رلموعة من ادلؤسسات تؤثر يف‬
‫رسم السياسة اخلارجية األمريكية من بينها ادلؤسسات الرمسية و غَت الرمسية و بذلك‬
‫فالسلطات و ازباذ القرارات ليست بيد الرئيس وحده‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬الخلفية النظرية المفسرة للسياسة الخارجية األمريكية(‪:)33‬‬
‫‪ /1‬تفسير النظرية الواقعية للسياسة الخارجية األمريكية‪:‬‬
‫إن ادلصلحة ىي اذلدف األول يف السياسة اخلارجية األمريكية‪ ،‬و تعترب مبدأ ىام‬
‫يف ىذه األخَتة‪ ،‬فأساس اإلدارة األمريكية على ادلستوى اخلارجي ىو ربقيق ادلنفعة‬
‫ادلادية‪ ،‬كما تستخدم السياسة اخلارجية األمريكية القوة الصلبة و الناعمة يف سبيل‬
‫ربقيق أىدافها بأحسن الطرق و أقل التكاليف‪.‬‬
‫‪ /2‬تفسير النظرية الليبرالية للسياسة الخارجية األمريكية‪:‬‬
‫حيث تتجلى مضامُت الفكر الليربايل يف العديد من توجهات السياسة اخلارجية‬
‫األمريكية و برز ذلك يف‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد مبدأ السالم الدميقراطي و ذلك بنشر الدميقراطية و اعتماد حجة محاية‬
‫حقوق اإلنسان كذريعة للتدخل العسكري‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد الدبلوماسية االقتصادية على صيغة ادلساعدات ادلالية ادلشروطة للدول غَت‬
‫الدميقراطية‪ ،‬حيث ربطت ادلساعدات دبشروطية سياسية تساىم غي صياغة نظام دويل‬
‫جديد ػلقق مصاحلها بالدرجة األوىل‬
‫‪302‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫‪ /3‬تفسير النظرية البنائية للسياسة الخارجية األمريكية‪:‬‬


‫تطبق األفكار البنائية يف السياسة اخلارجية األمريكية غلد تفسَتا لو منذ احلرب‬
‫الباردة‪ ،‬حيث كانت الصراعات أساسها ثقايف قيمي‪ ،‬مربرة ذلك حبماية قيمها و‬
‫ىويتها الوطنية‪.‬‬
‫الخاتمة‪ :‬عند دراسة السياسة اخلارجية األمريكية يتضح للباحث رلموعة من ادلبادئ‬
‫األساسية اليت الزمتها منذ االستقالل ووجهت سلوكها اخلارجي إىل يومنا ىذا‪ ،‬إال أ ّن‬
‫دراسة تطور السياسة اخلارجية األمريكية ما بُت الفًتات السابقة تكشف بوجود‬
‫زلددات و أطر تساىم يف رسم السياسة اخلارجية األمريكية‪ ،‬لتحقيق ادلصلحة القومية‬
‫بالدرجة األوىل‪ ،‬وفقا حملددات سلتلفة سبثلت يف تأثَت ادلؤسسات الرمسية و غَت الرمسية‪،‬‬
‫باإلضافة إىل بعض العوامل األخرى كادلوقع اجلغرايف‪ ،‬و العامل الديٍت و غَتىا‪...‬‬
‫فمعظم اىتمامات السياسة اخلارجية األمريكية وجهت حول قضايا االقتصاد واألمن‬
‫الداخليُت‪ ،‬و تعظيم القوة‪.‬‬
‫َ‬
‫التهميش ‪:‬‬

‫‪1‬زلمد السيد سليم‪ ،‬ربليل السياسة اخلارجية‪(،‬القاىرة ‪:‬مكتبة النهضة ادلصرية ‪ ،)1989 ،‬ص‪.11.‬‬
‫‪2‬أمحد شليب‪ ،‬السياسة اخلارجية األردنية ذباه عملية تسوية الصراع العريب اإلسرائيلي ( ‪ ( ،)1994-1979‬مذكرة‬
‫زبرج لنيل شهادة دكتوراه دولةيف العالقات الدولية ‪ ،‬جامعة اجلزائر‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم‬
‫السياسية‪ ،)2010 ،‬ص‪.18.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪WiliamWallace :foreigenpolicy and the political process, ( Londan : the‬‬
‫‪macmillanited , 1971, p 17.‬‬
‫‪4‬امحد نوري النعيمي‪ ،‬السياسة اخلارجية‪ ( ،‬عمان ‪ :‬دار وىران للنشر والتوزيع ‪ ،)2009 ،‬ص‪.20.‬‬

‫‪303‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫‪5‬حسُت بوقارة‪ ،‬السياسة اخلارجية‪ :‬دراسة يف عناصر التشخيص واالذباىات لنظرية التحليل‪ ( ،‬اجلزائر‪ :‬بوزريعة‪ ،‬دار‬
‫ىومة‪ ،)2012 ،‬ص ص‪.26-25‬‬
‫‪6‬ىشام زلمود األقداحي‪ ،‬السياسة اخلارجية وادلؤسبرات الدولية‪ ( ،‬مصر ‪ :‬اإلسكندرية ‪ ،)2012 ،‬ص‪.14.‬‬
‫‪ 7‬إمساعيل صربي مقلد‪ ،‬العالقات السياسية الدولية ‪،‬دراسة يف األصول والنظريات ‪ ،‬ط‪ 4‬الكويت‪ :‬منشورات دارا‬
‫لسالسل ‪ ،)1985 ،‬ص‪.130.‬‬
‫‪8‬زايد عبد اهلل مصباح‪ ،‬الدبلوماسية‪ ( ،‬بَتوت‪ :‬دار اجلبل ‪ ،)1999 ،‬ص‪.11.‬‬
‫‪9‬امحد نوري النعيمي‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص‪.47.‬‬
‫‪10‬مرجع سابق ذكره‪،‬ص‪.50.‬‬
‫‪11‬زلمد شليب‪،‬السياسة اخلارجية األردنية ذباه عملية تسوية الصراع العريب اإلسرائيلي ( ‪:(،)1994-1979‬رسالة‬
‫دكتوراه دولة يف العالقات الدولية ‪ ،‬قسم العلوم السياسية ‪ ،‬جامعة (اجلزائر‪،)2006،‬ص‪.28.‬‬
‫‪12‬إمساعيل صربي مقلد‪ ،‬مرجع سبق ذكره ‪ ،‬ص ص‪.178-175‬‬
‫‪13‬زلمد السيد سليم‪،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.247.‬‬
‫‪14‬مقولة لـ ‪ :‬نابوليون بونابرت‪ :‬امحد شليب‪ ،‬مرجع سبق ذكره ـ ص‪.35.‬‬
‫‪15‬امحد نوري النعيمي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪،‬ص‪.209.‬‬
‫‪16‬زلمد السيد سليم‪ ،‬و زلمد بن أمحد مفيت‪ ،‬مًتمجا‪،‬تفسَت السياسة اخلارجية‪ ( ،‬ادلملكة العربية السعودية‪ :‬عمادة‬
‫شؤون ادلكتبات ‪ ،‬جامعة ادللك سعود‪ ،)1989 ،‬ص‪.246.‬‬
‫‪17‬صربي مقلد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.185.‬‬
‫‪18‬امحد شليب‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪94.‬‬
‫‪19‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص‪.36.‬‬
‫‪20‬إبراىيم بودلكاحل‪ " ،‬تأثَت ربوالت ومتغَتات البيئة الداخلية على السياسة اخلارجية الروسية ضلو اإلرباد األورويب‬
‫لفًتة ما بعد احلرب الباردة "‪( ،‬جامعة باتنة‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية ‪ ،)2009، 2008 ،‬ص‪.22.‬‬
‫‪21‬ىشام األقداحي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪41‬‬
‫‪22‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ادلكان نفسو‪.‬‬
‫‪23‬ناصف يوسف حيت‪ ،‬النظرية يف العالقات الدولية‪( ،‬بَتوت‪ :‬دار الكتاب العريب ‪ ،)1985 ،‬ص‪.35-34.‬‬
‫‪24‬بدر عبد العاطي‪ ،‬أثر العامل اخلارجي على السياسات اخلارجية للدول ‪ :‬دراسة حالة اليابان‪ ،‬إسرائيل"‪ ،‬رللة‬
‫السياسة الدولية‪( ،153 ،‬جويلية ‪ ،2003‬ص ص ‪.)9 – 8‬‬
‫‪25‬زلمد السيد سليم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪304‬‬
‫د‪ .‬رقولي كريم‬ ‫السياسة الخارجية الواليات المتحدة األمريكية‪ :‬مدخل نظري‪.‬‬

‫‪ 26‬رياض محدوش‪"،‬تأثَت السياسة اخلارجية األمريكية على عملية صنع القرار يف اإلرباد األورويب بعد أحداث ‪11‬‬
‫سبتمرب ‪ ( ،" 2001‬مذكرة زبرج لنيل شهادة الدكتوراه يف العلوم السياسية و العالقات الدولية‪ ،‬جامعة منتوري‬
‫قسنطينة‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،)2012 ،‬ص‪.85.‬‬
‫‪27‬ادلرجع السابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪28‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ادلكان نفسو‪.‬‬
‫‪ 29‬أبو بكر ادلربوك بشَت أبو عليجة‪" ،‬أثر أحداث احلادي عشر من سبتمرب يف السياسة اخلارجية للواليات ادلتحدة‬
‫األمريكية ذباه منطقة الشرق األوسط ‪ (،"2008-2001‬مذكرة زبرج لنيل شهادة ماجستَت يف العلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة نيوكاسيل بريطانيا‪ ،‬كلية الدراسات االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬فسم العلوم السياسية‪ ،)2010 ،‬ص ص‬
‫‪.71-70‬‬
‫‪30‬ماجد عرسان الكالين‪ ،‬صناعة القرار األمريكي ‪ ( ،‬عمان‪ :‬دار الفرقان للنشر والتوزيع‪ ،)2005 ،‬ص‪.55.‬‬
‫‪ 31‬زلمد شعيب‪ :‬السياسة اخلارجية األمريكية يف القرن احلادي و العشرين‪ ،‬ادلوقع اإللكًتوين‪:‬‬
‫‪ ،http://www.masralarabia.com‬مت التصفح يوم‪.16:46 – 2018/02/19 :‬‬
‫‪32‬سليم كاطع علي‪ ،‬وسائل اإلعالم و السياسة اخلارجية األمريكية‪ ،‬ادلوقع اإللكًتوين‪:‬‬
‫‪ ،http://mcsr.net/news229‬مت التصفح يوم‪.16:57 – 2018/02/19 :‬‬
‫‪ 33‬شاىر إمساعيل الشاىر‪ ،‬الشرق األوسط يف ظل السياسة اخلارجية األمريكية‪ :‬دراسة ربليلية للفًتة االنتقالية بُت‬
‫حكم أوباما و ترامب‪ ،‬ط‪ ( ،1‬أدلانيا‪: :‬ادلركز الدميقراطي العريب للدراسات اإلسًتاتيجية والسياسية واالقتصادية‪،‬‬
‫‪ ،)2017‬ص ص ‪.25-24‬‬

‫‪305‬‬

You might also like